
ألقيت هذه المداخلة خلال المؤتمر العلمي الدولي الثامن الذي اقامته كلية التربية بجامعة الواسط بالعراق يومي 11 و12 مارس 2015.
مفهوم المواطنة لدى أساتذة التعليم الابتدائي وعلاقته بمسؤوليتهم الاجتماعية: دراسة ميدانية-
أ. جمال بلبكاي، رئيس قسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بمركز جيل البحث العلمي ورئيس تحرير مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية
ملخص:
هدفت الدراسة إلى فحص طبيعة العلاقة بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، وقد تكونت عينة الدراسة من (134)أستاذا وأستاذة، ولجمع البيانات تم استخدام أداتين علميتين: مقياس مفهوم المواطنة المصمم من طرف “العزاوي”(2011)، ومقياس المسؤولية الاجتماعية للكبار المصمم من طرف عثمان(1983)، وإعادة تقنين من طرف “سميرة كردي(2003)، وبعد المعالجة الإحصائية أسفرت الدراسة على النتائج التالية :
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الانتماء والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
– لا توجد فروق بين الجنسين فيما يتعلق بمفهوم المواطنة لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
الكلمات المفتاحية: مفهوم المواطنة، المسؤولية الاجتماعية، أساتذة التعليم الابتدائي.
Abstract:
The study aimed to examine the nature of the relationship between the concept of citizenship and social responsibility among a sample consisted of (123) male and female teachers at the primary school stage, and to collect information used the scale the concept of citizenship designed by Alazaoui (2011), and a scale of social responsibility prepared by Athman (1983), and after the statistical analysis of the results. The latter showed the following:
-There is a correlation between the concept of citizenship and social responsibility among teachers of primary school stage.
-There is a correlation between the concept of identity and social responsibility among teachers of primary school stage.
-There is a correlation between the concept of belonging and social responsibility among teachers of primary school stage.
-There is a correlation between the concept of political participation and social responsibility among teachers of primary school stage.
– There are no differences between the sexes with regard to the concept of citizenship among teachers of primary school stage. Key words: the concept of citizenship, social responsibility, teachers of primary school stage.
مقدمة:
تعددت مظاهر التربية في المجتمع المعاصر وتنوعت أهدافها، من هذه الأهداف التربية على المواطنة التي تُمثل الحجر الأساس للتنمية الشاملة، هذا بالنظر إلى ما تتضمنه هذه الأخيرة من سلوكيات كالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات،والهوية والانتماء والمشاركة السياسية والحفاظ على مؤسسات الدولة. وتُعد فئة الأساتذة من الفئات الاجتماعية التي يُعوَّل عليها في تحقيق هذه التنمية في كل مظاهرها لما تحمله من طاقات وقدرات تسمح بالمشاركة في مشاريع الدولة والمساهمة في حل مشكلاتها وممارسة هذه السلوكيات من خلال ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية التي تُعبر فعلاً عن روح المواطنة الصحيحة من خلال التأكيد على ضرورة المساهمة الفعالة في كافة مظاهر الحياة الاجتماعية.وعلى هذا الأساس، جاءت الدراسة الحالية للكشف عن طبيعة العلاقة مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
01-إشكالية الدراسة:
تشهد مختلف دول العالم اليوم تحولاً ملحوظاً في فلسفتها الاقتصادية، ولقد أصبح الاهتمام برأس المال البشري من أهم مطالب النهوض بالاقتصاد، ولعلَّ من أولى الفئات الاجتماعية التي يُعوَّل عليها في تحقيق هذا المسعى فئة الأساتذة في قطاع التربية والتعليم التي تُعتبر الثروة الحقيقية التي يُمكن استخدامها في تجسيد مختلف المشاريع التي تطمح إليها الدولة من خلال إنشاء جيل قادر على المساهمة في تطوير المجتمع الذي ينتمي إليه.[1]
وتُشكل التربية على المواطنة أداة لبناء مواطن قادر على تحقيق التنمية في ظل التغيرات الذي يشهدها العالم اليوم، حيث أصبحت من القضايا التي تفرض نفسها بقوة عند معالجة أبعاد الإصلاح والتطوير الشامل للمجتمع، كما تُعد من الأهداف التي تكفل المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات، وهي من ناحية أخرى وسيلة لبناء مواطنين مساهمين ايجابيين في تنمية وطنهم والحفاظ على العيش المشترك، فضلاً عن أنها تُشكل موروثاً مشتركاً من المبادئ والقيم والعادات والسلوكيات التي تسهم في تشكيل شخصية المواطن المنتج والفعال، وهي بذلك تجعل من الموروث المشترك حماية وأماناً للوطن والمواطن.[2]
إنَّ المواطنة – في حقيقتها- سلوك حضاري يقوم به المواطن لصالح وطنه أو المكان الذي يعيش فيه، كما قد تكون التزام ديني وأخلاقي أكثر من كونها سلوك يخضع أو يرتبط بنظام رسمي، فالمواطنة مبنية على قيم ومبادئ الإنسان السوي تجاه وطنه ومجتمعه، وهي ممارسة يومية في حياته وضميره، بل تُشكل جزءاً من شخصيته وتكوينه. فالمواطنة بهذه الصورة لن تظهر على هذا النحو إلا عندما تتوفر مقوماتها، المتمثلة في تمتع جميع أفرادها بحقوقهم مقابل أداء الواجبات المطلوبة منهم، وبالتالي سيكون لدى المواطن شعوراً داخلياً بشرف الانتماء للوطن بل ينظر إلى وطنه على أنَّه بيته الكبير الذي يجب الحفاظ عليه وحمايته من جميع الأخطار، والحرص على تحقيق المصلحة العامة، والتصدي لكل ما يُخل باستقرار وأمن الوطن والمجتمع حاضراً ومستقبلاً.[3]
وعلى الرغم من السلوكات الايجابية التي يتضمنها مفهوم المواطنة إلا أنَّ المتأمل للواقع المعاصر يجد أنَّها في الدول العربية والإسلامية عامة والجزائر خاصة تُعاني من أزمة نتيجة انتشار قيم وسلوكات مخلة بالأمن ومعيقة للتنمية في جميع أبعادها، لذا فإنَّ للأزمة التي تعيشها المواطنة اليوم عوامل ومتغيرات منها ما هو داخلي بحت كتعثر الدولة في إشباع الحاجات الأساسية لمواطنيها، وعدم حل مشكلة البطالة فضلاً عن عدم إيجاد فرص عمل مناسبة أو التهميش لشريحة الشباب وانتشار ظاهرة الفساد وغيرها من السلوكيات التي تعوق تحقيق مبادئ وقيم المواطنة لدى كافة شرائح المجتمع. [4]
وفي سياق الدراسات التي مفهوم المواطنة نجد دراسة العزاوي(2011)[5]،ودراسة “الجبوري” (2010) في العراق، ودراسة كل من “بن أعراب”(2009) في الجزائر، ودراسة “وود” Wood(2009)[6]التي أكدت على دور المواطنة في إرساء وبناء القيم الاجتماعية والثقافية والحضارية لدى أفراد المجتمع. كما تناول “العصفور”(2009) في دراسته التعرف على آراء المواطنين الكويتيين حول العوامل التي تزيد من الإحساس والشعور بالمواطنة، فضلا عن دراسة”خذايرية”(2006) التي تناولت تصورات أساتذة الجامعة للمواطنة في المجتمع الجزائري، وكذلك دراسة “العامر”(2005) التي استهدف معرفة أثر الانفتاح الثقافي على مفهوم المواطنة لدى الشباب السعودي، وفي نفس السياق أكدت دراسة “الصبيح”(2005)[7]التي تناولت تصورات طلاب المرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية أنَّ 80 % من الطلاب يدركون حقوق المواطنة وواجباتها، ضف إلى ذلك دراسة “الشرقاوي”(2005)[8]حول وعي طلاب الجامعة ببعض قيم المواطنة، والتي انتهت إلى أنَّ هناك وعي بقيم حب الوطن والانتماء والمشاركة السياسية لديهم.ودراسة “الشويحات”(2003)[9]التي تناولت درجة تمثل طلبة الجامعات الأردنية لمفاهيم المواطنة الصالحة، والتي أسفرت على أن النسبة الكلية لتمثل أفراد العينة لمفاهيم المواطنة تساوي (62%)، وحصل مفهوم الوحدة الوطنية على الرتبة الأولى بنسبة تعادل (70%) وكانت نسب المفاهيم الأخرى كالمسؤولية (66%) والمشاركة السياسية (65%) والانتماء (63%)، وكذلك دراسةEntwistle (1994)[10]،ودراسةWoyach (1992)[11]التي تناولت اهتمام القائمين على الدراسات الاجتماعية بالمواطنة في الولايات المتحدة الأمريكية إذ أشارت إلى أنَّ ما يزيد عن نصف مليون طالب في المدارس الثانوية يشاركون في برامج تشجيع ثقافة وسلوك المواطنة كمظهر من مظاهر المسؤولية الاجتماعية نحو المجتمع الأمريكي.
إنَّ الوصول إلى مجتمع المواطنة يُشكل هماً أساسياً على عاتق المنظومة السياسية والتربوية التي تنتهجها الجزائر في تنمية الشعور بالمواطنة لدى المواطن الجزائري وخاصة فئة الأساتذة، وقد أدى غياب المواطنة إلى إحلال الهويات الفرعية والعرقية، وغياب روح الانتماء عن المجتمع والتنصل منه، الأمر الذي أفرز ظواهر سلبية يمكن ملاحظتها بسهولة، من هجرة للكفاءات والأدمغة، والرغبة المستشرية في الهجرة بأي شكل من الأشكال كظاهرة الحرڤة، وغيرها من الظواهر الكثيرة المعروفة من مثل عدم الثقة بالآخرين والاغتراب النفسي، والجهوية والانتماءات القبلية العائلية الأمر الذي يحول دون تحقيق الدولة لأهدافها المنشودة.[12]
ويتفق الكثير من الباحثين على الأهمية البالغة لموضوع المسؤولية الاجتماعية، والاهتمام بها وخاصة لدى الشباب والأساتذة التي يتم من خلالها القيام بأدوارهم في الحياة الاجتماعية، وذلك بتحمل المسؤوليات والإحساس والشعور بها تجاه الآخرين من أفراد المجتمع، وبذلك فهي تُمثل مطلباً حيوياً ومهماً في إعداد المواطن لتحمل أدوراه والقيام بها على أكمل وجه من أجل المشاركة الفعالة في بناء المجتمع، وهي بهذا المعنى من الصفات الإنسانية التي يجب غرسها داخل الفرد، حيث أنَّ الفرد المتسم بتحمل المسؤولية الاجتماعية يُحقق فائدة لأفراد المجتمع، وما يلمسه المجتمع من خلل واضطراب يرجع في جانب كبير منه إلى النقص في نمو المسؤولية الاجتماعية لدى أفراده، بل إن اختلال المسؤولية الاجتماعية عند الأفراد يعد من أخطر ما يهدد حياة الفرد والمجتمع معاً. [13]
فمن الصعب في كثير من الأحيان تحديد تعريف جامع ومانع لمفهوم معين في ميدان العلوم الإنسانية والاجتماعية بما في ذلك مفهوم المسؤولية الاجتماعية، فلقد تنوعت تعريفات العلماء تنوعاً كبيراً في تحديد مدلولها، وفي هذا الصدد يعرف “عثمان”(1996)المسؤولية الاجتماعية على أنَّها: “المسؤولية الفردية عن الجماعة، وهي مسؤولية الفرد أمام ذاته عن الجماعة التي ينتمي إليها أو المجتمع الذي يعيش فيه أي أنها مسؤولية شخصية، أخلاقية، وطنية يغلب عليها التأثير الاجتماعي”. [14]
وفي سياق الدراسات التي تناولت مفهوم المسؤولية الاجتماعية نجد دراسة “جابر ومهدي”(2011)[15]في فلسطين التي تناولت دور الجامعات في تعزيز مفاهيم المسؤولية الاجتماعية لدى طلبتها، ودراسة “مشرف” (2009)[16] حول علاقة التفكير الأخلاقي بالمسؤولية الاجتماعية وبعض المتغيرات لدى طلبة الجامعة الإسلامية بغزة، ودراسة “حميدة”(1996)[17] التي تناولت المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب شعبة التاريخ بكلية التربية، والتي أسفرت عن اكتساب طلاب شعبة التاريخ لقيمة المسؤولية الاجتماعية، فضلا عن دراسة “أحمد” (1989) التي تناولت العلاقة بين المسؤولية الاجتماعية ووجهة الضبط لدى بعض طلاب الثانوي العام، التي انتهت إلى وجود علاقة موجبة بين المسؤولية الاجتماعية ووجهة الضبط لدى طلاب بمرحلة التعليم الثانوي، والملاحظ مما استعرضناه من دراسات لم نعثر على دراسات تناولت فئة الأساتذة في التعليم الابتدائي، بالرغم من أهمية هذه الفئة بالنظر إلى حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقها وحجم التأثير الذي تتركه في المحيط المهني أو على التلاميذ أو المجتمع بكامله، وهذا ما دفعنا إلى محاولة تسليط الضوء على هذه الفئة.
إنَّ المجتمع الجزائري شأنه شأن بقية المجتمعات الأخرى مازال يُفسر مفهوم المواطنة بتفسيرات خاصة به، وهي تفسيرات وتأويلات نجدها في الخيال الجمعي للمواطنين أو في تصوراتهم واتجاهاتهم، والواقع أنَّ الاتجاهات نحو المواطنة تكتسي أهمية بالغة لأنها تحدد منظومة من العمليات كالهوية والانتماء والتعددية وقبول الآخر والمشاركة السياسية في الشؤون العامة، وبما أنَّ مفهوم المواطنة هو من المفاهيم المتداولة بكثرة اليوم في الأوساط الرسمية والمراكز والجامعات ومخابر البحث العلمي. فهي بهذا المعنى امتلاكٌ لصفة المواطن المساهم والمتمتع بمجموع الحقوق المدنية والاجتماعية ضمن مجتمع ديمقراطي. هذا وقد أدركت كل الشعوب والأمم بما فيها الجزائر أهمية المواطنة، حيث سخرت جهودها على أرض الواقع من خلال تدعيم الوئام المدني والمصالحة الوطنية، إلا أنًّ كل هذا لا يكفي بل يبقى بحاجة إلى العمل لتشكيل اتجاه ايجابي نحو مفهوم المواطنة لدى شرائح المجتمع وخاصة فئة الأساتذة وإرساء دعائمها في المؤسسات الاجتماعية لاسيما الأسرة، ولأنَّ المواطنة معارف وسلوكات وقيم وممارسات، فهي لا تخلو من تصورات تكشف واقع الممارسات المتعلقة بها.[18]
وإذا اعتبرنا أن الأستاذ هو جزء من المنظومة التعليمية أو التربوية، وهو مساهم فعال في بناء المجتمع، في تربيته للنشء، من خلال الرسالة التربوية التي يحملها ويقدمها لتلاميذه، فهذه الرسالة يجب أن تكون مشبعة بقيم المواطنة كممارسة وليس كمفهوم نظري، وهذا لكي نصل بجيل مدرك وواع بالمفاهيم التي تحملها المواطنة، لذا فإن الأستاذ اليوم في حاضرنا هذا ومستقبلنا لا يحمل رسالة واحدة ألا وهي رسالة العلم والمعرفة، بل هو حامل لرسالتين، والثانية هي كيف ننشئ جاء قادر على ممارسة مواطنته بشكل فعال وإيجابي، فالأستاذ اليوم يجب عليه أن يمارس انتماءه على مرأى من المجتمع وأما تلاميذه مبرزا هويته ومعتزا بثقافتنا وبتقاليدنا، متسامح مقبل على الآخر غير مقصي لأحد، معارض لكل ما يهدد هويتنا ويشكك في انتماءنا مواجها لكل ما يحاول أن يغربنا وهذا من خلال غرس ثقافة المواطنة في نفوس التلاميذ وممارسا لكل ما يعبر عن التعددية وقبول الآخر في جو ديمقراطي، وناشرا ذلك في المجتمع الذي يعيش فيه ومشاركا سياسيا فاعلا في وطنه، لذا فإن على الأستاذ اليوم أن تكون له مسؤوليات مجتمعية مضاعفة نتيجة المركز الذي يحتله.
وتبعاً لما تقدم، فإنَّ المتمعن جيداً للدراسات المشار إليها سابقاً يُلاحظ عدم تناولها للعلاقة بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية، كما أنها لم تتناول فئة الأساتذة، والذين يعتبرون من بين النخبة التي لها مجال تأثير واسع في المجتمع وممارستها لمواطنتها لها حجم تأثير واسع ليس على أنفسهم بل على شريحة واسعة من المجتمع، ونفس الشيء بالنسبة للمسؤولية الاجتماعية، كما أنها عالجت جانباً أو متغيراً كل واحداً على حدا، وهذا هو بالفعل ما نُريد الكشف عنه من خلال الدراسة الحالية التي نحاول الوقوف من خلالها على أهمية مفهوم المواطنة في علاقتها بمسؤوليتهم الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي. وعليه فإنَّ هذه الدراسة جاءت للكشف عن طبيعة العلاقة بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، وهذا من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
-هل توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي؟
-هل توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي؟
-هل توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الانتماء والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي؟
-هل توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم التعددية وقبول الآخر والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي؟
-هل توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي؟
-هل توجد فروق بين الجنسين فيما يتعلق مفهوم المواطنة لدى أساتذة التعليم الابتدائي؟
02- فرضيات الدراسة: في ضوء الدراسات السابقة وما أثير من أسئلة صيغت فرضيات الدراسة على النحو التالي:
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الانتماء والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
– توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم التعددية وقبول الآخر والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
-لا توجد فروق بين الجنسين فيما يتعلق مفهوم المواطنة لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
03- أهداف الدراسة: تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف والكشف عن:
– طبيعة العلاقة بين مفهوم الموطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي،وكذلك معرفة العلاقة بين الأبعاد المكونة لمفهوم المواطنة (الهوية،الانتماء،التعددية وقبول الآخر، المشاركة السياسية).
– طبيعة الفروق بين الجنسين (ذكور/إناث) فيما يتعلق بمفهوم المواطنة والأبعاد المشكلة له (الهوية، الانتماء، التعددية وقبول الآخر، المشاركة السياسية) لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
04- أهمية الدراسة: يُمكن توضيح أهمية الدراسة في النقاط التالية:
– تكتسب الدراسة أهميتها من خلال ما تطرحه من مقترحات لتفعيل مفهوم وقيم المواطنة لدى أساتذة التعليم الابتدائي في ظل المتغيرات التي يشهدها المحيط العالمي والمجتمع المحلي.
– يُعد موضوع المواطنة من القضايا ذات الأبعاد الاجتماعية والسياسية والأمنية التي تعبر عن معايير الانتماء ومستوى المشاركة من قبل الأفراد في الحماية والذود عن الوطن، كما تعكس مدى إدراك المواطن لدوره في مواجهة التحديات التي تواجه المجتمع والدولة في آن واحد.
-الوقوف على واقع الدور الذي تلعبه مفهوم الموطنة في تنمية القيم والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، وكذلك الاهتمام بموضوع المواطنة التي تسعى إلى بناء المواطن الذي هو أداة لبناء الوطن في ظل مسؤوليتهم الاجتماعية.
-يُعد موضوع المسؤولية الاجتماعية من بين أهم المواضيع البحثية التي لاقت اهتماماً واسعاً من قبل علماء النفس وعلم الاجتماع وحتى رجال القانون لأهميته في بناء المجتمع في ظل التوترات الداخلية والخارجية.
– جاءت هذه الدراسة لمدى إدراكنا لأهمية دور الأستاذ في التعليم الابتدائي في إدراكه لمفهوم المواطنة، وكذلك حجم المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه بتوصيل تلك الرسالة لأكبر شريحة ممكنة.
05-تحديد مفاهيم الدراسة إجرائيا:
01- المواطنة: يعرف القحطاني (2010) المواطنة بأنها: ” انتماء الفرد إلى الوطن الذي يعيش فيه وتمتعه بشكل متساو مع بقية المواطنين بالحقوق والتزامه بأداء الواجبات”. (القحطاني، 2010، ص 18)
ويعرفها الباحث بأنها شعور المواطن بهويته وانتمائه للوطن من خلال مشاركته السياسية وانفتاحه على الآخر ومقبل عليه في الشؤون العامة، والتي تقاس بالدرجة الكلية التي يتحصل عليها المبحوث في مقياس الاتجاهات نحو مفهوم المواطنة المستخدم في الدراسة الحالية، والذي يتكون من الأبعاد التالية:
02- المسؤولية الاجتماعية: يعرفها “سيد عثمان”(1998) بأنها :” هي المسؤولية الفردية عن الجماعة، ومسؤولية الفرد أمام ذاته عن الجماعة التي ينتمي إليها.”
يعرف الباحث المسؤولية الاجتماعية إجرائياً على أنها كل الأفعال والمهام والواجبات التي يجب أن يؤديها الشباب الجزائري سواء كانت هذه المسؤولية شخصية أو جماعية أو أخلاقية أو وطنية، والقدرة على أدائها في الحياة من خلال ما يكتسبه ويتعلمه داخل المجتمع، والتي تقاس بالدرجة الكلية التي يحصل عليها المبحوث عند إجابته على عبارات المقياس المستخدم في الدراسة الحالية.
5-5-أساتذة التعليم الابتدائي: هو ذلك الشخص الذي تلقى تكوينا وإعدادا أكاديميا وتحصل على مؤهلات علمية وتربوية قصد القيام بعملية التعليم وتلقين التلاميذ المعارف والمهارات، ويقوم بتدريس جميع المواد.
إجراءات الدراسة الميدانية :
أولاً- منهج الدراسة: تعد الدراسة الحالية من الدراسات الوصفية الارتباطية، حيث تم استخدام المنهج الوصفي، لأنه يُوفر فهماً عن علاقة مفهوم المواطنة بالمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
ثانياً-حدود الدراسة: اقتصرت الدراسة الحالية على الحدود التالية:
1-الحدود المكانية: تم تطبيق هذه الدراسة في الجزائر العاصمة، بومرداس، والبليدة.
2-الحدود الزمانية: تم تحديد زمن إجراء هذه الدراسة ميدانيا خلال 2013-2014.
3-الحدود البشرية: طبقت هذه الدراسة على شريحة أساتذة التعليم الابتدائي.
ثالثاً-مجتمع الدراسة: يشمل مجتمع الدراسة كافة أساتذة التعليم الابتدائي، والذين يمثلون المجتمع الإحصائي للدراسة الحالية.
رابعاً-عينة الدراسة:
تكونت عينة الدراسة من (134) أستاذا وأساتذة تم اختيارها بأسلوب المعاينة غير العشوائية بالطريقة العرضية، والجدول التالي يوضح توزيع أفراد العينة من حيث الجنس والولاية التي ينتمون إليها.
الجدول رقم (01): يوضح توزيع أفراد العينة تبعا لمتغير الجنس والولاية التي ينتمون إليها.
الرقم | الولاية | الجنس | المجموع | النسبة المئوية | |
الذكور | الإناث | ||||
01 | الجزائر العاصمة | 31 | 26 | 57 | 42.53% |
02 | بومرداس | 18 | 11 | 29 | 21.65% |
03 | البليدة | 27 | 21 | 48 | 35.82% |
المجموع | 76 | 58 | 134 | 100% |
خامساً-أدوات الدراسة: ولجمع البيانات قام الباحث بإعداد وبناء الأدوات التالية:
01-مقياس مفهوم المواطنة:
قام “العامر”(2005) بإعداد مقياس مفهوم المواطنة، حيث يتكون من (56) عبارة تقيس أربعة أبعاد لمفهوم المواطنة، وهي: (الهوية،الانتماء،التعددية وقبول الآخر،المشاركة السياسية)، وقد تم حساب صدق الأداة بطريقة الصدق الظاهري من خلال عرضه على مجموعة من الأساتذة المحكمين، أما ثبات المقياس فتم حسابه عن طريق التطبيق وإعادة التطبيق بعد أسبوعين من التطبيق الأول ليحصل على معامل ارتباط قدره (0.84)، كما تم حساب ثبات المقياس بطريقة الاتساق الداخلي ليحصل على معامل تناسق قدره (0.81)، وقد قام العزاوي (2011) بتكييف المقياس على البيئة العراقية، وذلك بعرضه على (06) أساتذة محكمين، حيث اتفق الأساتذة المحكمين على صلاحية (42) عبارة والتحفظ على باقي العبارات مما تطلب استبعادها، وقد تكون المقياس في صورته النهائية من أربعة أبعاد تقيس بمجملها مفهوم المواطنة:
– بعد الانتماء: والذي يتكون من (10) عبارات تحمل الأرقام التالية: (1،2،3،4،5، 6،7،8،9،10).
– بعد التعددية وقبول الآخر: والذي يتكون من (13) عبارة التي تحمل الأرقام التالية: (11،12،13،14،15،16،17،18،19،20،21،22،23).
– بعد المشاركة السياسية: والذي يتكون من(09)عبارات تحمل الأرقام التالية: (24،25،26،27،28،29، 30،31،32).
– بعد الهوية: والذي يتكون من(10)عبارات تحمل الأرقام التالية: (33،34، 35،36،37،38،39،40،41،42).
ويصحح المقياس عبارة عبارة، حيث حددت ثلاث بدائل للإجابة على فقرات المقياس، وهي: (موافق،موافق إلى حد ما،غير موافق) لتحصل على الدرجات (2،1،0)في حالة العبارات الايجابية والدرجات(0،1،2) في حالة العبارات السلبية.وقد تم التأكد من ثبات المقياس بطريقتين:
– طريقة التطبيق وإعادة التطبيق: حيث بلغ معامل الارتباط (0.82).
– طريقة الاتساق الداخلي: حيث تم استخدام معامل ألفا كرونباخ ليحصل على معامل اتساق قدره (0.79).
02-مقياس المسؤولية الاجتماعية: هو مقياس من إعداد “عثمان”(1983)، وقد قامت الباحثة “سميرة كردي”(2003) بإعادة تقنينه، وقد اعتمدنا على الصورة المقننة من طرف هذه الأخيرة، ويتكون المقياس من صورة(ت) للثانوي، وصورة(ك) للكبار لقياس المسؤولية الاجتماعية، وتتكون الصورة (ك) من (85) عبارة، وهي عبارات تعكس ألوانا من السلوك، ويوجد في المقياس (59) عبارة صيغة بطريقة إيجابية، و(26) صيغت بطريقة سلبية، ويتم الإجابة عليه وفق إجابات متدرجة لكل عبارة، حيث يتكون من أربع نقاط،( دائما(04) نقاط، في كثير من الأحيان(03)نقاط، قليلا(02) نقطتين، نادرا (01) نقطة واحدة، وهذا يخص العبارات التي صيغت بطريقة إيجابية، ويتم التنقيط بالعكس بالنسبة العبارات التي صياغتها سلبية، وتجمع الدرجات لنحصل في النهاية على الدرجة الكلية للمسؤولية الاجتماعية، والتي تتراوح مابين (0-340)، والدرجة الوسطى(170) درجة.
– صدق وثبات المقياس: قامت “سميرة كردي” (2003) بإعادة حساب صدق وثبات المقياس، وذلك بالاعتماد على صدق المحكمين، وهم أساتذة في علم النفس والصحة النفسية، وقد قاموا بالإدلاء بملاحظاتهم على العبارات التي يضمها المقياس، وقد بلغ الاتفاق على عباراته بـ 90%، كما قامت بحساب صدق المقياس عن طريق حساب صدق الاتساق الداخلي أي مدى ارتباط العبارة بالعبارات المكونة للمقياس ككل، حيث تراوحت مابين (0.65-0.83)، وهي قيم دالة عند مستوى الدلالة (0.01)، كما قامت الباحثة بإعادة حساب ثبات المقياس بطريقة التطبيق وإعادة التطبيق على عينة بلغت(97) فردا، بفاصل زمني قدره (15)يوما، وبلغت قيمة الثبات (0.77)، وهي قيمة دالة عند مستوى الدلالة (0.01).[19]
وأخيراً نشير على أننا اعتمدنا المقياسين في صيغتهما العربية دون إعادة النظر في خصائصهما القياسية باعتبارنا ننتمي إلى نفس السياق الثقافي والحضاري، مع كل ما يمكن أن يوجد من خصوصيات ذات الطابع المحلي التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تحليل وتفسير البيانات، وهذا بعد تأكدنا من وضوح بنود المقياسين وسلامة لغتهما من عملية التطبيق التجريبي.
سادساً: تقنيات المعالجة الإحصائية: لمعالجة البيانات المجمعة قام الباحث باستخدام معامل الارتباط بيرسون Pearson، واختبار ت لدلالة الفروق، وذلك من خلال الاستعانة ببرنامج SPSS.
سابعاً: نتائج الدراسة: بعد المعالجة الإحصائية لكافة البيانات المجمعة نتناول فيما يلي عرض وتحليل ومناقشة نتيجة كل فرضية من فرضيات الدراسة بالاستئناس بالدراسات السابقة والإطار النظري الذي يُفسر متغيرات الدراسة.
7-1-نتيجة الفرضية الأولى:
توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي،وللتحقق من صحة هذه الفرضية تم استخدام معامل ارتباط بيرسون لفحص العلاقة الارتباطية بين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس مفهوم المواطنة، وبين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس المسؤولية الاجتماعية، حيث تحصل الباحث على النتائج التالية:
الجدول رقم (02): يوضح معامل ارتباط بيرسون بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أفراد العينة.
المتغير | العينة | معامل الارتباط | مستوى الدلالة | القرار |
مفهوم المواطنة | 123 | 0.56 | 0.01 | دالة |
– المسؤولية الاجتماعية |
يتضح من الجدول السابق أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة بين مفهوم المواطنة والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط (0.56)عند مستوى الدلالة (0.01). ومعنى ذلك كلما زادت إدراك الأساتذة لمفهوم المواطنة زاد شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية. وتعتبر النتيجة المتوصل إليها جد منطقية لأنَّ ما يعزز مفهوم المواطنة هو الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والعكس صحيح، حيث كلما أدرك الأساتذة حقوق وواجبات المواطنة يجعلهم هذا يضعون على عاتقهم عبء مسؤولية الوطن، والذي يظهر من خلال مسؤوليتهم الاجتماعية، وهي نفس النتيجة التي توصل إليها “العصفور”(2009) عندما تناول دراسة تقصى فيها آراء المواطنين حول العوامل التي تزيد من الإحساس والشعور بالمواطنة، حيث انتهت إلى أنَّ أهم هذه العوامل تتمثل في قدرة المواطن على تحمل مسؤوليته تجاه الوطن والمواطن الآخر.
ويذهب”الحامد” (2004)[20] إلى القول بأن تنمية قيم المواطنة لدى الأفراد تقوم به المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، ومن بينها المؤسسات التعليمية. وهنا يعتقد الباحث أن الفرد الذي يكون له مستوى علمي مرتفع، يجعله ملما بمفهوم المواطنة، وهذا نظير احتكاكه المتواصل مع الطبقة المثقفة، وهذا ما ينطبق على الأساتذة، والذي لا يكتفي بإدراكه لمفهوم المواطنة وممارسته الفعلية على أرض الواقع، إنما من خلال مسؤوليته الاجتماعية الملقاة على عاتقه نتيجة الوظيفة التي يقوم بها، رغم أن مكانة الأستاذ في مجتمعنا فقدت تلك المكانة التي كان يضحى بها، إلا أن الأستاذ لا يجب عليه أن يتنازل على الرسالة التي كلف بها، وهذا يدل على إدراكه بمسؤوليته الاجتماعية، خاصة وأننا نعيش في مجتمع تغريبي يبعدنا عن خصوصيتنا الثقافية و ينزع عنا هويتنا، فمع إدراك الأستاذ لمسؤولياته، ومعرفته لمفهوم المواطنة، يمكن إعداد جيل متشبع بثقافة مجتمعه، معتزا بانتمائه مشاركا فاعلا في بناء الدولة التي ترتقي به وتحافظ على تماسك الوطن.
7-2-نتيجة الفرضية الثانية:
توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، وللتحقق من صحة هذه الفرضية تم استخدام معامل ارتباط بيرسون لفحص العلاقة الارتباطية بين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس مفهوم المواطنة (بعد الهوية)، وبين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس المسؤولية الاجتماعية، حيث تحصل الباحث على النتائج التالية:
الجدول رقم (03): يوضح معامل ارتباط بيرسون بين مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى أفراد العينة.
المتغير | العينة | معامل الارتباط | مستوى الدلالة | القرار |
مفهوم الهوية | 123 | 0.44 | 0.01 | دالة |
المسؤولية الاجتماعية |
ويتضح من الجدول السابق أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة بين مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى الأساتذة، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط (0.44)عند مستوى الدلالة (0.01). ومعنى ذلك كلما زاد إدراك الأستاذ لمفهوم الهوية كلما زاد شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية. فالنتيجة المتوصل إليها جد منطقية لأنَّ شعور الفرد أو المواطن بهويته الوطنية تجاه الوطن يجعله لا يتوانى عن المساهمة الفعالة فيما تطمح إليه سياسة البلاد، وهذا لن يتأتى إلا من خلال المسؤولية الاجتماعية التي تعبر فعلاً عن ماهية هذه الهوية التي تشكل المسعى الحقيقي في تطور وازدهار الوطن الغالي، وهذا فعلاً ما تؤكده كل من دراسة “الكندري”(2007)[21]، ودراسة “حمدان”(2005)[22]التي تناولت إشكالية الهوية لدى المواطن الأردني، حيث لم تختلف نتائج هذه الدراسة على العموم مع ما توصلت إليه الدراسات السابقة، حيث أنًّ المتمعن جيداً في هذه النتائج يستنتج على الفور مدى أهمية الهوية في تحريك الشعور بالمسؤولية الاجتماعية.
إنَّ ملمح المواطن الجزائري ومن بينهم أساتذة التعليم الابتدائي يتصف بروح المبادرة والتضامن رغم الواقع المعيش وفي ظل تحديات العولمة وما يعيشه من أزمات وظروف صعبة يعاني منها الأساتذة في التعليم الابتدائي سواء كانت مهنية أو اجتماعية، وغيرها من المظاهر التي تعوقه، و ومن جهة أخرى فإنَّ الشعور بالهوية من أهم عناصر الوطنية، والوطن جزء من هوية المواطن، كما أنًّ الاهتمام بالهوية الوطنية وتحديد ملامحها حاجة من حاجات الإنسان والمجتمع المعاصر، بل هي حاجة ملحة تغذيها وتحركها الحاجة إلى الاتصال والانتماء.وهذا ما أكد عليه”الجبوري”(2010) بقوله أن الهوية الوطنية قضية جوهرية في المجتمعات التي تنشد الحياة الآمنة المنتجة، وتهدف إلى تكوين جيل له عطاء قادر على المساهمة والمشاركة الفاعلة في قضايا ومشكلات المجتمع كالشؤون الاجتماعية والدينية والأخلاقية والاقتصادية التي تُحقق حالة الإدماج والتكيف لدى الفرد مع مجتمعه ووطنه.
والهوية بهذا الشكل تعني مسؤولية الأستاذ في المشاركة الفعالة في قضايا المجتمع، لهذا فإن الأستاذ واستنادا للمسؤوليات الملقاة على عاتقه في المجتمع، فليس الواجب منه أن يحافظ على هويته، بل يجب أن يمارس تلك الهوية التي تدل على انتماءه لوطنه معتزا بأمازيغيته وعروبته وإسلامه، مبرزا تقاليد وثقافة مجتمعه، ناقلا لها للأجيال الأخرى باعتبار المكانة التي يشغلها في تربية الأجيال، وهنا تظهر مسؤوليته الاجتماعية من خلال إدراكه لمفهوم الهوية من خلال أن يولي الاهتمام بالآخرين، محاولا تنوير الآخرين، ومنشئا لجيل متشبع بهويته وبثقافته غير متأثر بثقافة الآخرين، أخدا منها فقط ما ينفع تطوره وتقدمه، لهذا فإن الأستاذ في المرحلة الابتدائية ليس ملقن فقط للمواد التعليمية، بل هو مساهم في تقوية وتدعيم هويتنا، فإدراكه لمفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية سينعكس بالإيجاب على المجتمع الذي يعش فيه ويؤثر فيه، وهذا ما يعبر حقا على المواطنة والمسؤولية الاجتماعية من خلال أن كل فرد يجب أن يمارس مواطنته من خلال الحفاظ على هويته وإدراكه للمسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقه، وهذا ما يساهم في نشر ثقافة المواطنة.
كما أنَّ قوة الانتماء إلى الوطن يعضُد الهوية لدى أفراد المجتمع مما يُكون شعور مشترك بينهم على أنَّهم متميزون عن باقي المجتمعات، فالهوية هي التي تُجسد الطموحات المستقبلية في المجتمع وتبرز معالم التطور، والتي تستند إلى أصول ومبادئ تستمد منها قوتها وضوابطها مما تجعلها مركزاً للاستقطاب العالمي والإنساني.[23]وهذا ما يؤكد فعلاً جوهر العلاقة بين الاتجاه نحو مفهوم الهوية والمسؤولية الاجتماعية لدى الأستاذ في التعليم الابتدائي.
7-3-نتيجة الفرضية الثالثة:
توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم الانتماء والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
وللتحقق من صحة هذه الفرضية تم استخدام معامل ارتباط بيرسون لفحص العلاقة الارتباطية بين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس مفهوم المواطنة (بعد الانتماء)، وبين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس المسؤولية الاجتماعية، حيث تحصل الباحث على النتائج التالية:
الجدول رقم (04): يوضح معامل ارتباط بيرسون بين مفهوم الانتماء والمسؤولية الاجتماعية
المتغير | العينة | معامل الارتباط | مستوى الدلالة | القرار |
مفهوم الانتماء | 123 | 0.49 | 0.01 | دالة |
المسؤولية الاجتماعية |
ويتضح من الجدول السابق أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة بين مفهوم الانتماء والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط (0.49) عند مستوى الدلالة (0.01). ومعنى ذلك كلما زاد إدراك الأساتذة لمفهوم الانتماء كلما زاد شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية. وفي مقابل ذلك وتوازياً مع نتائج الدراسة الحالية التي لم تختلف على العموم عن دراسة Entwistle (1994) التي انتهت إلى أنَّ الانتماء يجعل من المواطن يضحي بالكثير في سبيل الدفاع عن الوطن من أي عدوان مهما كان نوعه ومصدره، فالانتماء الوطني بمدلوله الواسع هو حب الوطن والتضحية من أجله والشعور بالاحترام نحو جميع المواطنين، وهو من جانب عملي يترجم الجانب الوجداني الذي يظهر من خلال بذل الوسع للارتقاء بشأن الوطن وإعلاء مكانته وأداء دورالمواطن الذي يتحمل مسؤولية الوطن والآخرين، وهذا ما يقودنا نحو الحديث عن الشعور بضرورة التضامن والتعاون والعمل المشترك والشعور بأنه جزء لا يتجزأ من وطنه ولبنة ضرورية من لبناته. فالانتماء يزيد من تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية لدى شريحة الأساتذة، حيث أنَّ السلوك الإنساني لا يكتسب معناه إلا في موقف اجتماعي يُعبر حقيقة عن صورة معينة من صور ومظاهر المسؤولية الاجتماعية بوصفه عضواً فعالاً من أعضائها. فالانتماء شعور داخلي يجعل المواطن يعمل بحماس وإخلاص للارتقاء بوطنه والدفاع عنه، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تحمل مسؤوليته الاجتماعية للمجتمع أو الوطن الذي ينتمي إليه.[24]
فالشعور بالانتماء الحقيقي وليس الجغرافي إلى الوطن يُعتبر قاعدة أساسية في تشكيل مواطن قادر على حماية مصالح الدولة، حيث يساهم من خلال اشتراكه في مناقشة القضايا العامة بطريقة مباشرة أو عن طريق اختيار من يمثلونه في المجالس النيابية عن طريق الانتخابات التشريعية والمحلية التي تعتبر مسؤولية حقيقية على عاتق المواطن.[25]
ويمكن تفسير هذه النتيجة كذلك إلى أن الأستاذ في التعليم الابتدائي ينتمي إلى مؤسسة اجتماعية تؤدي رسالة تهدف إلى بناء حياة اجتماعية للأفراد بالشكل الذي ينسجم مع فلسفة الوطن وتوجهاته التي تسعى إلى تحقيق الانتماء الوطني الذي بدوره يحقق التنمية الشاملة المستدامة في جميع جوانب الحياة، وهنا تظهر المسؤولية الاجتماعية للأستاذ، من خلال تعزيز هذه الجوانب عند التلاميذ من خلال تعزيز العمل الجماعي بين التلاميذ وتنمية الاعتزاز الوطني بأخلاقيات المجتمع وخصوصيته الثقافية والحضارية، التي تعكس المجتمع الذي يعيش فيه.
وهنا يشير”آل مبارك”(2004)[26] إلى أن قضية الانتماء محورية في العملية التربوية، إذ أن الانتماء هو النتاج الذي تسعى النظم الاجتماعية المختلفة إلى تعظيمه في نفوس جميع من ينتسب إلى المؤسسات التربوية.
7-4- عرض وتحليل ومناقشة نتيجة الفرضية الرابعة:
توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم التعددية وقبول الآخر والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الإبتدائي.
وللتحقق من صحة هذه الفرضية تم استخدام معامل ارتباط بيرسون لفحص العلاقة الارتباطية بين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس مفهوم المواطنة (بعد التعددية وقبول الآخر)، وبين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس المسؤولية الاجتماعية، حيث تحصل الباحث على النتائج التالية:
الجدول رقم (05) يوضح دلالة العلاقة بين التعددية وقبول الآخر والمسئولية الاجتماعية
المتغير | العينة | معامل الارتباط | مستوى الدلالة | القرار |
مفهوم التعددية وقبول الآخر | 123 | 0.51 | 0.01 | دالة |
المسؤولية الاجتماعية |
نلاحظ من الجدول رقم(05) بأنه توجد علاقة بين مفهوم المواطنة في بعده التعددية وقبول الآخر والمسؤولية الاجتماعية، بلغ الإرتباط(0.51) وهو دال عند مستوى الدلالة(0.01).
وتعبر هذه النتيجة أن التعددية وقبول الآخر قد وصلت إلى مختلف شرائح المجتمع منها المتعلم وغير المتعلم، ومن بينهم الأستاذ حيث أن القوانين المتبناة حديثا كان لها إسهاماتها في تعزيز التعددية التي أقرها رئيس الجمهورية، وهذا يدل على وعي الأساتذة بأهمية التعددية وقبول الآخر،ويتجلى ذلك أن الأستاذ أصبح يدافع عن حقوقه بكل الأمورالتي تسمح بها القوانين وأصبح العمل النقابي ليس حكرًا على أحد وهذا يظهر في كثرة النقابات التي تدافع عن حقوق الأستاذ وهذا ما خلق جوا ديمقراطيا، حيث أصبح أفراد المجتمع يعبرعن رأيه بكل حرية، ويظهر هذا جليا من خلال عدد الأحزاب الموجودة في الساحة الوطنية، حيث تنشط بكل حرية رغم الاختلاف في توجهاتها، ضف إلى ذلك أن المجتمع الجزائري انصهر فلم يعد هناك مكان للقبلية والعروشية، وحتى وإن وجدت فهي على نطاق ضيق، كما أن من خصائص شخصية الأستاذ أنه اجتماعي ومنفتح ومقبل على الآخر وهذا نظير العمل الذي يقوم والذي يقوم على التواصل مع الآخرين سواء في العمل أو مع أولياء التلاميذ، وتقبله لأفكار الآخر هو دليل على تمتعه بحس ديمقراطي رغم أنه يعاني من بعض المشاكل المهنية التي تؤثر عليه على جميع النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية، لكن هذا لا يعني أننا قد وصلنا إلى الهدف بل يجب الاستمرار في توعية أساتذتنا من خلال الأحزاب السياسية التي تنشط وهي ليست قليلة، وألا يكون نشاطها منسباتيا يقتصرعلى الانتخابات، وكذلك وسائل الإعلام، يجب أن تقوم بدورها ليس من خلال نشر كل ما هو سلبي بل المساهمة الفعالة في زيادة الحس الوطني بهدف إلى جعل الأستاذ يمارس مواطنته بالشكل السليم، وفي الأخير يمكن القول أن التعددية وقبول الآخر هي مفتاح الأمن لمفهوم المواطنة.
7-5-نتيجة الفرضية الخامسة:
توجد علاقة ارتباطية بين مفهوم المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي.
وللتحقق من صحة هذه الفرضية تم استخدام معامل ارتباط بيرسون لفحص العلاقة الارتباطية بين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس مفهوم المواطنة (بعد المشاركة السياسية)، وبين الدرجات التي تحصل عليها على مقياس المسؤولية الاجتماعية، حيث تحصل الباحث على النتائج التالية:
الجدول رقم (05): يوضح معامل ارتباط بيرسون بين الاتجاه نحو مفهوم المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية
المتغير | العينة | معامل الارتباط | مستوى الدلالة | القرار |
مفهوم المشاركة السياسية | 123 | 0.42 | 0.01 | دالة |
المسؤولية الاجتماعية |
ويتضح من الجدول السابق أنه توجد علاقة ارتباطية موجبة بين مفهوم المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية لدى أساتذة التعليم الابتدائي، حيث بلغت قيمة معامل الارتباط (0.42) عند مستوى الدلالة (0.01). ومعنى ذلك كلما زاد إدراك الأساتذة لمفهوم المشاركة السياسية كلما زاد شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية، وهي النتيجة التي تؤكدها كل من دراسة “المهدي”(1985)[27]، ودراسة “عطا أحمد”(2009)[28]التي انتهت إلى أنَّ المشاركة الشبابية في الشؤون السياسية إحدى دعامات المواطنة، وهي المدخل الحقيقي لتجديد النظام السياسي والاجتماعي للوطن. فضلاً عن دراسة “ماشطي”(2010)التي أسفرت على أنَّ المشاركة السياسية جزء لا يتجزأ من المسؤولية الاجتماعية التي تعتبر أساس الفعل الديمقراطي. فلم تكتف هذه الدراسات بإثبات العلاقة بين المشاركة السياسية والمسؤولية الاجتماعية وإنَّما برهنت كذلك على قوتها التنبؤية، حيث عبرت هذه الدراسات عن نتائج أقل ما يقال عنها أنَّها بينت بوضوح أهمية المشاركة السياسية كمظهر حقيقي من مظاهر المسؤولية الاجتماعية.
فالنتيجة المتوصل إليها جد منطقية لأنَّ الهدف من تعزيز مفهوم المواطنة أن يقوم المواطن بدوره في المشاركة السياسية وربط شريحة الأساتذة والذي هو بالتأكيد أنه مطلع عليها بمشكلات المجتمع وتشجيعها على رسم التطلعات المستقبلية والانضمام إلى المنظمات والجمعيات والأحزاب والنقابات الوطنية لخدمة الوطن والإنسانية. فالمشاركة السياسية إذن صفة المواطن الذي يعرف حقوقه ومسؤوليته تجاه المجتمع الذي يعيش فيه ويشارك بفاعلية في اتخاذ القرارات وحل المشكلات التي تواجه المجتمع. فالمشاركة السياسية تعزز المسؤولية الاجتماعية، فهي الجزء الذي يأخذ العضو (المواطن) في لعب الدور، وذلك من خلال نشاطه البنائي، فهي تساعد المجتمع على تحقيق أهدافه وتزيد من قدرة الفرد على العامل مع المشكلات السياسية والاجتماعية الطارئة على المجتمع الجزائري والمساهمة الايجابية في حلها.[29]
فالمشاركة السياسية تعتبر مسؤولية أفراد المجتمع ومن بينهم أساتذة التعليم الابتدائي، وهذا من خلال التمسك بالحقوق وتحمل الواجبات المترتبة على المواطن تجاه وطنه من أجل المحافظة على وحدته وكرامته تجاه الأخطار والتهديدات الداخلية والخارجية التي تهدد الأمن الوطني، وبالتالي فالدفاع عن الوطن هو الجانب الذي يبرز مفهوم المواطنة، وذلك من خلال التأكيد على المشاركة السياسية في اتخاذ القرار المناسب لأهم قضايا المجتمع الجزائري.[30]
كما تظهر أهمية الأستاذ في مرحلة الابتدائية حول مشاركته السياسية ومسؤوليته الاجتماعية، من عمله فإن توفر عنصر المشاركة السياسية لدى الأستاذ وممارسته لها بشكل مستمر فإنه حتما حجم تأثيره سيصل إلى شرائح واسعة ومن بينها التلاميذ من خلال منح التلاميذ حق التعبير عن آرائهم، من خلال النقاش والحوار والتعبير عن آرائهم، كما تظهر المسؤولية الاجتماعية كذلك من خلال ترك التلاميذ حرية الاختيار في من يقوم بمختلف النشاطات التي تهم القسم، وهذا ما يمنحهم التدرب على تحمل المسؤولية، وإن تحدثنا عن هذه الأشياء لأن الأستاذ لا يمثل نفسه فقط، وإنما هو مسئول على تلاميذ، وهو يدرك حسب المسؤولية الملقاة على عاتقه، وبالتالي بمثل هذه الأمور يساعد في ترسيخ مبادئ الديمقراطية انطلاقا من قدرة الأستاذ على ممارسته لمواطنته.
7-6-نتيجة الفرضية السادسة:
لا توجد فروق بين الجنسين من الأساتذة فيما يتعلق بمفهوم المواطنة.
وللتحقق من صحة هذه الفرضية قام الباحث بالاعتماد على المعالجة الإحصائية T test لدلالة الفروق، بعد التأكد من التجانس بين المجموعتين (الذكور والإناث) من خلال حساب الفروق في الدرجة الكلية للمقياس، حيث تحصل الباحث على النتائج التالية:
الجدول رقم (06): يبين دلالة الفروق بين الجنسين فيما يتعلق مفهوم المواطنة لدى أفراد العينة.
الجنس |
نلاحظ من خلال الجدول أنه لا توجد فروق في الاتجاهات نحو مفهوم المواطنة بين الذكور والإناث، حيث بلغت قيمة ت المحسوبة (01.27) وهي أقل من ت المجدولة (02.61) عند df = (132) ومستوى الدلالة α (0.05)، وهذه النتيجة تعد مقبولة ومنطقية وأكثر ملائمة للواقع، وأكثر اتساقا مع ما سبقها من نتائج دراسات كدراسة “الشرقاوي”(2005) التي انتهت إلى عدم وجود فروق بين الجنسين حول الوعي ببعض مفاهيم وقيم المواطنة لدى طلبة الجامعة، كما تختلف النتيجة المتوصل إليها مع دراسة “الجبوري”(2010) التي أسفرت عن وجود فروق بين الجنسين في مفهوم المواطنة لصالح الإناث.
فلم تختلف نتائج هذه الدراسة على العموم مع ما توصلت إليه بعض الدراسات السابقة التي اهتمت بالكشف عن طبيعة الفروق بين الجنسين فيما يتعلق بمفهوم المواطنة، حيث يُمكن تفسير النتيجة المتوصل إليها في ضوء التنشئة الاجتماعية المعتمدة من قبل الأسرة التي يتلقاها كل من الذكر والأنثى، والتي لها الأثر الكبير في تدعيم الهوية والوعي الوطني والانتماء المجتمعي والمشاركة السياسية الفاعلة، هذا وأنَّ تربية الأبناء من أجل المواطنة لا يتأثر بمتغير الجنس داخل الأسرة الجزائرية التي تتيح تكافؤ للفرص والحرية لكلا الجنسين. ومن ناحية أخرى فقد تم إعطاء المرأة الحقوق السياسية والاجتماعية شأنها شأن الرجل، والتي جعل من كليهما يتقاسم الحقوق والواجبات، وهذا ما يمكن إبرازه حقيقة في مشاركتها في الأحزاب السياسية والتمثيل البرلماني بغرفتيه، حيث أصبحت تنافس الرجل في الكثير من الوظائف والمناصب التربوية وحتى الحكومية والقيادية إلى جانب أنَّها أصبحت تشارك في صنع القرار، فضلاً عن تداعيات وتحديات العولمة وتأثيراتها على التربية والتنشئة الاجتماعية بصفة عامة، وهذا نتيجة الأوضاع والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يعكسها الإطار العام للمجتمع الجزائري والتي تلقي بضلالها على اتجاهات الشباب الذكور والإناث نحو مفهوم المواطنة.
خاتمة:
إنَّ النظرة المتفحصة على ما أسفرت عنه عملية التحليل الإحصائي من نتائج تكشف عن مجموعة من الملاحظات الهامة التي تعكس نظرة الأستاذ نحو مفهوم المواطنة من خلال الواقع النفسي والاجتماعي والفكري والثقافي والسياسي الذي يعيشه هذا الأخير في الآونة الأخيرة في ظل التغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، حيث يشهد المجتمع الجزائري مثل غيره من المجتمعات مجموعة من المتغيرات والمستجدات التي تحدث على مسرح الأحداث الإقليمية والدولية فضلاً عما بدا أنَّ هناك توجهاً نحو زيادة مساحة المشاركة السياسية كمظهر من مظاهر المسؤولية الاجتماعية من خلال المشاركة في الشؤون العامة للوطن، وهو المسعى الحقيقي الذي يؤكد على أنه لا تستقيم المسؤولية الاجتماعية الحقة بدون تفعيل مفاهيمها. فمن الطبيعي أن تكون هناك علاقة ارتباطية بين مفهوم المواطنة والشعور بالمسؤولية الاجتماعية. فالمواطنة بهذا المعنى بوتقة تنصهر فيها كافة الانتماءات الأمر الذي يُشكل أرضية خصبة كافة المسائل التي تقود إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. فهي تهدف إلى تحقيق الانتماء والولاء من خلال التفاعل الايجابي بين الدولة والمواطن بفعل القدرة على المشاركة العملية التي تصبو إلى الارتقاء بالوطن نحو الأمام في ظل التوترات المحلية والإقليمية والعالمية.
مقترحات الدراسة: في ضوء ما انتهت إليه الدراسة الحالية من نتائج، فإنَّه يُمكن الخروج ببعض الاقتراحات العملية، وذلك من خلال التأكيد على النقاط التالية:
– اعتماد قضايا التربية الديمقراطية والتثقيف المدني في مختلف المؤسسات والمناهج وهذا لا يكتمل إلا بمشاركة الأستاذ في التعليم الابتدائي الذي يعتبر من القواعد المتينة التي تبنى عليها المواطنة.
– تكوين الأستاذة حول مفهوم المواطنة وكيفية ممارستها وهذا نتيجة المسؤولية الاجتماعية التي يتحملونها وكذلك نتيجة حجم التأثير الذي يخلفونه في وعي وإدراك التلاميذ، وهذا ما يجعلنا نتطلع إلى جيل متشبع بروح الوطنية وممارسا لمواطنته.
– تقوية العلاقة بين المدرسة والمجتمع المحلي من خلال إشراك التلاميذ في أنشطة ذات طابع اجتماعي مثل المشاركة في الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني مثل حقوق الإنسان أو غيرة وكذا المشاركة في الاحتفالات الوطنية أو النشاط المختلفة
– إعادة الاعتبار للأستاذ وخاصة في المرحلة الابتدائية والتي فقدها نتيجة لبعض المتغيرات المتعددة الحاصلة في المجتمع، وأن أي مشروع لا ينجح إلا بمساهمته الفعالة.
– الاهتمام بتنمية المهارات الاجتماعية التي ترتبط بالمسئولية الاجتماعية للأستاذ، وهذا بالقيام بدورات تدريبية تساعدهم على الإلمام بمختلف الموضوعات والقضايا المجتمعية، مما يحسن من أدائهم عن القيام بعملهم.
– القيام بدراسة حول دور أستاذ التعليم الابتدائي في تعليم التلاميذ ممارسة المواطنة وتحمل المسؤولية الاجتماعية.
– دراسة مقارنة بين الأساتذة العاملين بالأطوار الثلاثة في اتجاهاتهم نحو المواطنة.
قائمة المراجع:
أولا: مراجع باللغة العربية:
01- بن أعراب، عبد الكريم (2009)،”المواطن بين الحلم والواقع”
www.univ-emir.dz/benarab26.htm
02- جابر، محمود زكي ومهدي، ناصر علي (2011)،”دور الجامعات في تعزيز مفاهيم المسؤولية الاجتماعية لدى طلبتها”: دراسة ميدانية مقارنة بين جامعتي حلوان والأزهر بغزة، فلسطين.
03- الحامد محمد بن محجب (2004) ،”الشراكة والتنسيق في تربية المواطنة”، بحث مقدم إلى اللقاء الثالث عشر لقادة العمل التربويين المنعقد في المملكة العربية السعودية، مجلة المعرفة، العدد(120).
04- حمدان، علي (2005)،”إشكالية الهوية والانتماء”، ط1، المركز الأسترالي العربي للدراسات السياسية.
05- حميدة، إمام مختار (1996)،”المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب شعبة التاريخ بكلية التربية، مجلة دراسات في التعليم الجامعي”، المجلد 01، العدد 04.
06- خذايرية، ياسين (2006)،” تصورات أساتذة الجامعة للمواطنة في المجتمع الجزائري”، مذكرة ماجستير، جامعة منتوري قسنطينة.
07- الرويشد، فهد عبد الرحمان (2007)،”الحرية والمسؤولية الاجتماعية لدى طلاب كلية التربية الأساسية بدولة الكويت، مجلة العلوم التربوية”، جامعة القاهرة، العدد 01.
08- سميرة كردي (2003)،”المسؤولية الاجتماعية وعلاقتها بدافع الانجاز، لدى طالبات كلية التربية بالطائف”، مجلة علم النفس، مصر، العدد (65).
09- الشرقاوي، موسى علي (2005)،”وعي طلاب الجامعة ببعض قيم المواطنة”: دراسة ميدانية، مجلة دراسات في التعليم الجامعي، جامعة عين شمس، العدد 09، القاهرة.
10- الشويحات، صفاء نعمة (2003)،” درجة تمثل طلبة الجامعات الأردنية لمفاهيم المواطنة الصالحة”، أطروحة دكتوراه غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن.
11- الصبيح، عبد الله بن ناصر (2005)،”المواطنة كما يتصورها طلاب المرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية وعلاقة ذلك ببعض المؤسسات الاجتماعية”، اللقاء الثالث عشر لقادة العمل التربوي، الباحة، السعودية.
12- عبد الله الناجي آل مبارك (2004) ،”قراءة في مفهوم النتماء الوطني”، جريدة الرياض العدد1338.
13- عثمان، سيد أحمد (1996)،”التحليل الأخلاقي للمسؤولية الاجتماعية”، ط1، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة.
14- العزاوي، سامي مهدي (2011)،” مفهوم المواطنة لدى الشباب العراقي”، مركز أبحاث الطفولة والأمومة، العراق.
15- عطاء، أحمد علي (2009)،” تقدير الذات والمشاركة السياسية لدى طلبة الجامعة في غزة”، مذكرة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة.
16- عنصر، يوسف (2010)،”مشكلات الشباب الجزائري:الواقع والتطلعات المستقبلية”، الباحث الاجتماعي، العدد 10، جامعة منتوري قسنطينة.
17- فوزي، سامح (2007)،” المواطنة”، ط1، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مصر.
18- القحطاني، عبد الله (2010)،”قيم المواطنة لدى الشباب وإسهامها في تعزيز الأمن الوقائي”، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية.
19- الكندري، لطيفة حسن(2007)،”نحو بناء هوية وطنية للناشئة”، ط1، المركز الإقليمي للطفولة والأمومة، الكويت.
20- ماشطي، شريفة (2010)،”المشاركة السياسية: أساس الفعل الديمقراطي”، مجلة الباحث الجامعي، العدد10، جامعة منتوري قسنطينة.
21- محفوظ، محمد (2006)،”الآخر وحقوق المواطنة”، ط1، مكتبة بستان المعرفة، جدة، المملكة العربية السعودية.
22- مشرف، ميسون عبد القادر (2009)،”التفكير الأخلاقي وعلاقته بالمسؤولية الاجتماعية وبعض المتغيرات لدى طلبة الجامعة الإسلامية بغزة، مذكرة ماجستير غير منشورة”، فلسطين.
23- المهدي، أحمد محمد (1985)،”العلاقة بين المشاركة والمسؤولية الاجتماعية لدى تلاميذ المرحلة الثانوية”، مذكرة ماجستير غير منشورة، جامعة عين شمس، مصر.
24- موسى، هاني محمد يونس (2012)،”دور التربية في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع العربي”، جامعة بنها، مصر.
25- هلال، فتحي وآخرون (2000)،”تنمية المواطنة لدى طلبة المرحلة الثانوية بدولة الكويت”، مركز البحوث التربوية والمناهج بوزارة التربية، الكويت.
ثانياً: مراجع باللغة الأجنبية:
26-Entwistle,H(1994),Cultural iteracy and Citizenship,The International Journal of Social Education, vol (09), n (01), pp. 55-65.
27-Wood, Janson, John (2009), Young people and active Citizenship: An Investigation, Doctorate thesis, Montfort University, UK.
28-Woyach, Robert, B (1992), Leadership in civic education, ERIC, Digest, Publication.
[1]عنصر، يوسف (2010)،” مشكلات الشباب الجزائري: الواقع والتطلعات المستقبلية”، الباحث الاجتماعي، العدد 10، جامعة منتوري قسنطينة، ص 11.
[2] فوزي، سامح (2007)،” المواطنة”، ط1، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مصر، ص 12.
[3] القحطاني، عبد الله (2010)، “قيم المواطنة لدى الشباب وإسهامها في تعزيز الأمن الوقائي”، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، المملكة العربية السعودية.
[4] محفوظ، محمد (2006)،” الآخر وحقوق المواطنة”، ط1، مكتبة بستان المعرفة، جدة، المملكة العربية السعودية، ص9.
[5] العزاوي، سامي مهدي (2011)، “مفهوم المواطنة لدى الشباب العراقي”، مركز أبحاث الطفولة والأمومة، العراق.
[6] Wood, Janson, John (2009), Young people and active Citizenship: An Investigation, Doctorate thesis, Montfort University, UK.
[7] الصبيح، عبد الله بن ناصر (2005)،” المواطنة كما يتصورها طلاب المرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية وعلاقة ذلك ببعض المؤسسات الاجتماعية”، اللقاء الثالث عشر لقادة العمل التربوي، الباحة، السعودية، ص11.
[8] الشرقاوي، موسى علي(2005)،” وعي طلاب الجامعة ببعض قيم المواطنة: دراسة ميدانية”، مجلة دراسات في التعليم الجامعي، جامعة عين شمس، العدد 09، القاهرة، ص12.
[9] الشويحات، صفاء نعمة (2003)،” درجة تمثل طلبة الجامعات الأردنية لمفاهيم المواطنة الصالحة”، أطروحة دكتوراه غير منشورة، الجامعة الأردنية، عمان، الأردن، ص11.
[10] Entwistle, H (1994), Cultural Literacy and Citizenship, The International Journal of Social Education, vol (09), n (01), p 55.
[11] Woyach, Robert, B (1992), Leadership in civic education, ERIC, Digest, Publication.
[12] بن أعراب، عبد الكريم (2009)،” المواطن بين الحلم والواقع”: www.univ-emir.dz/ benarab26.htm
[13] الرويشد، فهد عبد الرحمان (2007)، “الحرية والمسؤولية الاجتماعية لدى طلاب كلية التربية الأساسية بدولة الكويت، مجلة العلوم التربوية”، جامعة القاهرة،مصر، العدد 01، ص 01.
[14] عثمان، سيد أحمد (1996)،”التحليل الأخلاقي للمسؤولية الاجتماعية”،ط1، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة،ص22.
[15] جابر، محمود زكي ومهدي، ناصر علي (2011)، “دور الجامعات في تعزيز مفاهيم المسؤولية الاجتماعية لدى طلبتها”: دراسة ميدانية مقارنة بين جامعتي حلوان والأزهر بغزة، فلسطين،ص7.
[16]مشرف، ميسون عبد القادر (2009)،”التفكير الأخلاقي وعلاقته بالمسؤولية الاجتماعية وبعض المتغيرات لدى طلبة الجامعة الإسلامية بغزة، مذكرة ماجستير غير منشورة”، فلسطين.
[17] حميدة، إمام مختار(1996)،”المسؤولية الاجتماعية لدى طلاب شعبة التاريخ بكلية التربية، مجلة دراسات في التعليم الجامعي”، المجلد 01، العدد 04، ص 09.
[18] خذايرية، ياسين (2006)،” تصورات أساتذة الجامعة للمواطنة في المجتمع الجزائري”، مذكرة ماجستير، جامعة منتوري قسنطينة، ص74.
[19] سميرة كردي (2003)، “المسؤولية الاجتماعية وعلاقتها بدافع الانجاز، لدى طالبات كلية التربية بالطائف”، مجلة علم النفس، مصر، العدد (65)، ص 31.
[20] الحامد محمد بن محجب (2004)،” الشراكة والتنسيق في تربية المواطنة”، بحث مقدم إلى اللقاء الثالث عشر لقادة العمل التربويين المنعقد في المملكة العربية السعودية، مجلة المعرفة، العدد(120)، ص 46.
[21] الكندري، لطيفة حسن (2007)،” نحو بناء هوية وطنية للناشئة”، ط1، المركز الإقليمي للطفولة والأمومة، الكويت.
[22] حمدان، علي (2005)،” إشكالية الهوية والانتماء”، ط1، المركز الأسترالي العربي للدراسات السياسية، ص15.
[23] موسى، هاني محمد يونس (2012)،” دور التربية في الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع العربي”، جامعة بنها، مصر، ص06.
[24] خذايرية، ياسين ،مرجع سابق ،ص4.
[25] ماشطي، شريفة (2010)،” المشاركة السياسية: أساس الفعل الديمقراطي”، مجلة الباحث الجامعي، العدد10، جامعة منتوري قسنطينة، ص22.
[26] عبد الله الناجي آل مبارك (2004)،” قراءة في مفهوم النتماء الوطني”، جريدة الرياض العدد1338، ص9.
[27] المهدي، أحمد محمد (1985)،”العلاقة بين المشاركة والمسؤولية الاجتماعية لدى تلاميذ المرحلة الثانوية”، مذكرة ماجستير غير منشورة، جامعة عين شمس، مصر.
[28] عطاء، أحمد علي (2009)، “تقدير الذات والمشاركة السياسية لدى طلبة الجامعة في غزة”، مذكرة ماجستير غير منشورة، معهد البحوث والدراسات العربية، القاهرة، ص32.
[29] هلال، فتحي وآخرون (2000)،”تنمية المواطنة لدى طلبة المرحلة الثانوية بدولة الكويت”، مركز البحوث التربوية والمناهج بوزارة التربية، الكويت، ص22.