تكريس الحقوق الاقتصادية في الصكوك الدولية والقوانين الوطنية
The application of economic law in international covenant and national laws
Dr Boussena Zineb د/ بوسنة زينب
/université d’Alger1 كلية الحقوق جامعة الجزائر 1
مقال منشور في كتاب أعمال الملتقى الدولي حول حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية الصفحة 41.
ملخص:
تمثل الحقوق والحريات ذات المضمون الاقتصادي الجيل الثاني من قائمة الحقوق والحريات التي نصت عليها المواثيق والإعلانات والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وذلك باعتبار أن الحقوق والحريات ذات المضمون السياسي والمدني تمثل الجيل الأول في هذا الخصوص.
ولما كانت معظم الدساتير قد صدرت في أعقاب ذلك، فقد تضمنت قدرا كبيرا من حقوق وحريات الإنسان المنصوص عليها في المواثيق والأعراف الدولية بصفة عامة والعهد الدولي للحقوق والحريات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية بصفة خاصة، وإن اختلفت في ذلك القدر وفي مستوى الضمانات التي قدمتها من دستور إلى آخرعلى غرار الجزائر.
على هذا الأساس تعتبر الحريات و الحقوق الاقتصادية وقعت على عاتق الدول كمهمة واسعة و كبيرة نوعا ما ذلك شملها التدوين و التقنين و السعي للتطور التدريجي لجعل هذه القوانين تطبق على أرض الواقع، و عليه تم تفعيل آليات عالمية و إقليمية لضمان و حماية حسن تكريس الحقوق الاقتصادية، دون أن ننسى الآليات الوطنية التي أسست خصيصا في هذا المجال.
Abstract:
Rights and freedoms of economic content represent the second generation of the list of rights and freedoms stipulated in international charters, declarations and covenants related to human rights, given that rights and freedoms with political and civil content represent the first generation in this regard.
As most constitutions were enacted in the aftermath, they included a great deal of human rights and freedoms stipulated in international charters and norms in general and the International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights and Freedoms in particular, even if they differed in that amount and in the level of the guarantees it provided from one constitution to another, similar to Algeria.
It is on this basis that economic freedoms and rights have fallen to States as a broad and rather large task, including codification, legalization and the pursuit of progressive development to make these laws apply on the ground, Global and regional mechanisms have been put in place to ensure and protect the proper enshrinement of economic rights, without forgetting the national mechanisms specifically established in this area.
مقدمة:
تمثّل الحقوق الاقتصادية مصدراً للحياة الكريمة و العدالة الاجتماعية للبشر عموماً، فهي تقوم على توفير المتطلبات الأساسية كحق الملكية سواء الخاصة أو الاقتصادية، و حق العمل و حرية الدخول للسوق و ممارسة الأنشطة الاقتصادية و التجارية و الحصول على الخدمات و العمل النقابي و حق الإضراب ….الخ، و هذا ما يجعلها من أهم حقوق الإنسان نظراً لكونها تلبّي احتياجات حيوية لا بد منها في حياة الإنسان تمنحه الطمأنينة و الاستقرار حتى يصبح قادرا على المساهمة في حركة التنمية و التطوير، كما أن تلك الحقوق تشكّل في الواقع منطلقاً اساسياً للحقوق المدنية و السياسية حيث لا يمكن للإنسان أن يمارس حقوقه السياسية و هو يعاني البطالة و الفقر و التشرد و الجهل و المرض. و من هنا فرضت تلك الحقوق نفسها كمبادئ أساسية ثابتة في جميع دساتير العالم، لكن تطبيق تلك الحقوق يتفاوت بين الدول بحسب درجة التطور السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و مدى احترام حقوق الإنسان .
على إثر ما سبق نطرح الإشكالية التالية: كيف تم تنظيم و حماية الحقوق الاقتصادية دوليا و وطنيا؟
و للإجابة على هذه الإشكالية نقترح الخطة التالية التي تأسس على مبحثين، المبحث الأول نتناول فيه تكريس و حماية الحقوق الاقتصادية على المستوى الدولي، و المبحث الثاني نتطرق فيه لتكريس و حماية الحقوق الاقتصادية على المستوى الوطني.
المبحث الأول: تكريس و حماية الحقوق الاقتصادية على المستوى الدولي
لقد كان للجهود الدولية دور مهم في إرساء قواعد الحقوق الاقتصادية، لما اتخذته المنظمات الدولية من إجراءات ونصوص ذات طابع دولي كانت و لا زالت تمثل الحجر الأساس لتبني هذه الحقوق من قبل السلطات في النصوص الداخلية للدول.
المطلب الأول: الاعتراف بالحقوق الاقتصادية في الصكوك الدولية
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وليدة القرن العشرين، ففيه ترعرعت واستقرت خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، وتعتبر الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة الحقل الأكثر خصوبة لنمو بذرة حقوق الإنسان، وقـــد جاء إقرار العهدين الدوليين لحقوق الإنسان كتتويج للمجهودات المبذولة في إطار الأمم المتحدة لتكريس حقوق الإنسان في وثيقة واحدة تلتزم بها الدول، بعدما أدركوا أن الإعلان العاملي لحقوق الإنسان ما هو إلا بداية لعملية طويلة وانطلاقه لمجهود مكثف يتوج بمعاهدات دولية عديدة، وبالفعل فقد استغرقت عملية التحضير سنوات طويلة من 1948إلى 1966، بسبب تنوع المفاهيم وتضارب وجهات النظر.
الفرع الأول:ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الانسان
صدر ميثاق الأمم المتحدة في 26 جوان 1945 في سان فرانسيسكو بعد ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية و أصبح نافذا في 24 أكتوبر 1945 حيث نص هذا الميثاق على ضرورة تعزيز احترام حقوق الانسان و الحريات الأساسية المتعلقة بالفرد و الجماعات و للناس جميعا و الالتزام بالعمل الجاد من اجل الحفاظ عليها حسب ما جاء في المادة الثانية من الميثاق في مقاصد الهيئة و مبادئها على ان تعمل الهيئة و أعضاءها على تحقيق السلم و الأمن الدولي وحفظ حقوق و حريات الإنسان، كما يدعو كل الدول لبذل كل ما في وسعهم و تقديم الإعانة للأمم المتحدة في أي عمل تتخذه وفق الميثاق، و نصت المادة 55 الفقرة ج من الميثاق بالعمل على إشاعة احترام حقوق الانسان و الحريات الأساسية للجميع بدون أي تمييز بسبب الجنس او الدين أو اللغة و دون تفريق بين الرجال و النساء و ضرورة مراعاة هذه الحقوق فعلا.
الفرع الثاني: الإعلان العالمي لحقوق الانسان
بعد ان تكونت لجنة حقوق الانسان و التي كلفت بإعداد مشروع الإعلان، و في فترة المناقشات قدمت بريطانيا مشروع يتضمن إعلانا للحقوق مرفق بطلب انشاء جهاز دولي أو محكمة دولية لمعالجة الانتهاكات التي تقع على الإعلان إلا أن هذه الفكرة واجهت الكثير من الاعتراضات و اختصرت اللجنة عملها في دراسة اقتراح الإعلان و إقراره، و بالفعل تم إقرار الإعلان وتم عرضه على الأمم المتحدة و صادقت عليه في 10 ديسمبر 1948، حيث تمت الموافقة عليه بأكثرية الأصوات المقدرة ب 40 صوت و امتناع 8 أصوات هم :
1/ الاتحاد السوفيتي و البلدان الاشتراكية ذلك لأن المنظمة قد تتدخل في القضايا الداخلية للدول و لاعتقاد الاتحاد السوفيتي أن الحريات مجرد وهم.
2/ أما في إفريقيا الجنوبية فرفضت المشروع لأنها اعتبرت أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا مكان لها في الإعلان.
3/ المملكة العربية السعودية حيث تعتبر الدين الإسلامي ينص على حقوق الانسان للأفراد أوسع من ذلك في الإعلان بالتالي حق الانسان في اختيار عقيدته لا تتماشى مع مبادئ دين الدولة الإسلامية.
تضمن الإعلان العالمي مقدمة وثلاثين مادة تكرس حقوق وحريات الانسان ويمكن تصنيفها الى 4 فئات كالتالي:
- الفئة الأولى: الحقوق الشخصية للأفراد كالحق في الحياة، الحرية والأمن.
- الفئة الثانية: حقوق الأفراد في مواجهة الجماعة كحق الجنسية وحق اللجوء وحق التنقل… الخ.
- الفئة الثالثة: وتضمنت الحريات العامة والسياسية كحق الاجتماع والتجمع وحق المشاركة في الانتخابات…الخ.[1]
- أما الفئة الرابعة فقد تضمنت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كحق العمل وحق الانضمام إلى النقابات م 23، حق الراحة وحق التعليم م 26، بطبيعة الحال إن حق العمل يعتبر من الحقوق الاجتماعية إلا أن الإعلان يتحدث عن العمل بصيغة عامة حيث يمكن ان يكون العمل عبارة عن تجارة أو استثمار، أما فيما يخص الملكية فقد جاءت المادة 17 من الإعلان كالآتي:” لكل شخص حق التملك بمفرده او بالاشتراك مع غيره ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا”.[2]
الفرع الثالث: الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية
إن هذه الاتفاقيات يطلق عليها اتفاقيات الجيل الثاني لحقوق الإنسان و هي تعتني بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية، حيث امتدت هذه الاتفاقيات لشمل جميع مناحي الحياة الخاصة بالإنسان من ابرز هذه الاتفاقيات العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في 16 ديسمبر 1966.
حيث يعتبر أحد أهم اتفاقيتين دوليتين حولتا الحقوق الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى قواعد قانونية ملزمة، و قد بدأ العمل به في 3 كانون الثاني 1976، و بلغ عدد الدول التي انضمت إليه في 1977 إلى 90 دولة من بينها 10 دول عربية.
حيث وقعت عليه الجزائر في 10 ديسمبر 1968 و المغرب في 19 يناير 1977 و تونس في 30 افريل 1968 ، تضمن هذا العهد مقدمة و أقسام نلخصها فيما يلي:
1/ القسم الأول: (المواد من 1 إلى 5): تضمن هذا القسم حق الشعوب في تقرير مصيرها وضمان المساواة وعدم التمييز بينها، مع الاعتبار الكافي لحقوق الانسان واقتصادها وحريتها في التصرف بثرواتها ومواردها الطبيعية، كما تناولت مدى التزام الدول بأحكام الميثاق.
2/ القسم الثاني: (المواد من 6 إلى 15): تضمنت الحق بالعمل، تشكيل النقابات والحق في الإضراب، والضمان الاجتماعي، الأمن الغذائي والصحي، حق الأسرة والأمهات…الخ.
3/ القسم الثالث: (المواد من 16 إلى 31): تضمن هذا الجزء تنظيم الاشراف الدولي على تطبيق الميثاق وإجراءات التصديق والتنفيذ.[3]
كما هناك بعض الاتفاقيات الأخرى بشأن الحقوق الاقتصادية كالاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16 ديسمبر 1966 ودخلت حيز التنفيذ في 15 يوليو 1967 وتضمنت حقوق الإنسان في العمل، الضمان الاجتماعي، المستوى المعيشي كاف للصحة والرفاهية، الحق في التعليم وحق الاشتراك في المجتمع الثقافي وغير ذلك من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بالإنسان.[4]
المطلب الثاني: الآليات الدولية لحماية الحقوق الاقتصادية
إن الحريات والحقوق الاقتصادية وقعت على عاتق الدول كمهمة واسعة وكبيرة نوعا ما ذلك شملها التدوين والتقنين والسعي للتطور التدريجي أو أيضا لجعل هذه القوانين تطبق على أرض الواقع ويوجد هنالك آليات عالمية وإقليمية وهذا ما سنحاول طرحه.
الفرع الأول: الآليات العالمية لحماية الحقوق الاقتصادية
تشمل الآليات العالمية الأمم المتحدة و الأجهزة التابعة لها وهي كالآتي:
أولا:المجلس الاقتصادي والاجتماعي: یعد هذا المجلس من أهم الأجهزة التي تهتم بمسألة حقوق الإنسان إلى جانب الجمعية العامة فقد أجازت المادة 62/2 من میثاق الأمم المتحدة:” تقدیم توصیات تختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة ومراعاتها…”، وحسب الفقرة 3 “أن یعد مشروعات اتفاقیات لتعرض على الجمعیة العامة بشأن المسائل التي تدخل في دائرة اختصاصه.” وحسب الفقرة4″ كما یحق له أن یدعو إلى عقد مؤتمرات دولیة لدراسة المسائل التي تدخل في دائرة اختصاصه” بالإضافة إلى هذه الاختصاصات المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.[5]
ثانيا:لجان الأمــم المتحــدة ودورهــا فــي حمايــة الحقوق الاقتـصـادية
بمقتضى المـــــادة 68 مــــن ميثــــاق الأمــــم المتحـــــدة فـــــإن المجلـــــس الاقتصــــادي والاجتماعي له الحق في أن ينشئ لجانا في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز حقوق الإنسان، وتطبيقا لهذا الـنص أنشـأ المجلـس العديـد مـن اللجـان مـن أبرزها لجنة حقوق الإنسان سنة 1946 بالقرار رقم 05 المعــدل بــالقرار رقم 09 لعــام 1946،ومهمتها هي تقديم التوصيات الى الجمعية العامة حول كل ما يتعلق بهذا الموضوع ، وشملت هذه اللجنة الدول الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإحدى عشرة دولة تمثل مختلف الحضارات والمناطق الجغرافية عبر العالم، حيث اتخذت من لبنان ومصر ممثلين للدول العربية.[6]
وتتجســد مهــام اللجنة فيما يلي: إعداد إعلان عالمي لحقوق الإنسان، إعـداد إعلانات واتفاقيات دوليـة بخصـوص الحريات المدنيـة و وضع المـرأة وحرية المعرفة والمسائل المتشابهة، حماية الأقليات منع التمييز الذي يستند إلى الجنس أو اللغة أو الدين، أية مسألة أخرى تتعلق بحقوق الإنسان.[7]
و هذا دون إغفال الدور الذي تلعبه كل من الأمانة العامة للأمم المتحدة و محكمة العدل الدولية و بعض الوكالات المتخصصة كمنظمة العدل الدولية منظمة الأغذية والزراعة(الفاو) و الاتحاد الدولي للمواصلات السلكیة واللاسلكیة والمنظمة الدولیة للملكية الفكرية في حماية الحقوق الاقتصادية.
المطلب الثاني: الآليات الإقليمية لحماية الحقوق الاقتصادية
كان لظهور المواثيق والاتفاقيات الإقليمية الخاصة بحقوق الانسان أثرها المباشر على الدول في حماية الحقوق الاقتصادية، فبالنسبة لأوروبا بموجب الاتفاقية الأوروبیة لحمایة حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة، تم التوقیع على الاتفاقیة الأوروبیة في روما بتاریخ 4/11/1950 ودخلت حیز التنفیذ في 3/9/1953 والميثاق الاجتماعي الأوروبي سنة 1961،الاتفاقیة الأمریكیة لحقوق الإنسانسنة 1969، و بعد ميلا منظمة الوحدة الإفريقية ( الاتحاد الأفريقي حاليا) اعتمد الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسانسنة1981، إضافة إلىالميثاق العربيالذي اعتمد في 1994 بموجب قرار رقم 5437 الصادر بتاریخ 10/9/1994 من طرف الجامعة العربیةشملت الحريات الاقتصادية نفسها التي اعتمدت في الاتفاقيات الدولية.[8]
الفرع الأول: الأجهزة الأوروبیة لحمایة حقوق الإنسان: وفق الاتفاقیة الأوروبیة لحمایة حقوق الإنسان تم وضع الأجهزة التالية:
أولا: اللجنة الأوروبیة لحقوق الإنسان: أنشئت بموجب الاتفاقیة الأوروبیة لحقوق الإنسان وتتمثل في تلقي الشكاوي المقدمة من قبل الأفراد والدول الأعضاء(المادة 24 من الاتفاقیة) وهیئات معترف بها ( المادة 25 من الاتفاقیة)، ووظائفها هي: مراقبة حسب تطبیق أحكام الاتفاقیة من قبل الدول الأعضاء – مراقبة احترام التشریعات الوطنیة في الدول الأطراف لأحكام الاتفاقیة – مراقبة احترام المحاكم الوطنیة في الدول الأطراف لأحكام الاتفاقیة.[9]
ثانيا: المحكمة الأوروبیة لحقوق الإنسان: وهي جهاز قضائي ومهمته السهر على احترام الدول المتعاقدة لأحكام الاتفاقیة، تعتبر أحكامها نهائیة وملزمة التنفیذ و تمارس نوعين من الاختصاصات اختصاص قضائي واختصاص استشاري.[10]
الفرع الثاني: الأجهزة الأمریكیة حمایة حقوق الإنسان: یرتكز النظام الأمریكي لحمایة الحقوق الإنسان على دعامتین أساسیتین وهما میثاق منظمة الدول الأمریكیة لعام 1948 والاتفاقیة الأمریكیة لحقوق الإنسان لعام 1978 ، وتعتمد على جهازین وهما:
أولا: اللجنة الأمریكیة لحقوق الإنسان: تتكون من 7 أعضاء منتخبون من قبل المنظمة لمدة 4 سنوات وأنشئت بموجب قرار سنة 1959 ویبرز دول هذه اللجنة في مجال حمایة حقوق الإنسان في تلقي الدعاوي والشكاوي إما من الأفراد أو جماعات.
ثانيا: المحكمة الأمریكیة لحقوق الإنسان: تتشكل من 7 قضاة منتخبون من رعایا دول الأعضاء المنظمة وعهدتهم 6 سنوات وتتجدد مرة واحدة فقط وأحكامها نهائیة في غیر قابلة للطعن وإلزامیة واختصاصاتها هي: قضائية و استشارية.[11]
الفرع الثالث: الأجهزة الإفریقیة لحمایة حقوق الإنسان: تعتمد الدول الإفریقیة في مجال حمایة حقوق الإنسان على اللجنة الإفریقیة لحقوق الشعوب و المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان و الشعوب:
أولا: اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان الشعوب: تتكون من 11 عضوا یتم اختیارهم لمدة 6 سنوات من قبل مجلس رؤساء منظمة الوحدة الإفریقیة ویبرز دور اللجنة في هذا المجال في – ـجمع الوثائق وإجراء دراسات وبحوث حول المشاكل الإفریقیة في مجال حقوق الإنسان. – النظر في التقاریر المقدمة من قبل دول الأعضاء، كما تتلقى الشكاوي من أیة دولة طرف في المیثاق أو من طرف الأفراد والجماعات. [12]
ثانيا: المحكمة الإفریقیة لحقوق الإنسان والشعوب: تتكون المحكمة من 11 قاضیا یكون عضوا من اللجنة الإفریقیة وهم قضاة منتخبون من قبل دول أعضاء منظمة الوحدة الإفریقیة لمدة 6 سنوات قابلة لتجدید مرة واحدة ، و للمحكمة الإفریقیة لحقوق الإنسان والشعوب اختصاص قضائي و آخر استشاري.
الفرع الرابع الأجهزة العربیة لحمایة حقوق الإنسان: وفق المیثاق العربي لحقوق الإنسان تعتمد على جهازین وهما:
أولا: اللجنة العربیة الدائمة لحقوق الإنسان: أنشأت اللجنة العربیة لحقوق الإنسان أول مرة في 3 سبتمبر 1968، و تم وضع لائحة داخلية للجنة بموجب القرار 6826 المصادر في 5 سبتمبر2007 المعدلة بالقرار الصادر عن مجلس الجامعة الدول العربية الوزاري رقم 7970 المؤرخ في 13 سبتمبر 2015.[13]تتكون اللجنة العربیة لحقوق الإنسان من ممثلي الدول الأعضاء في الجامعة، مهمتها تتعلق بكل ما له علاقة بحقوق الإنسان بين الدول العربية، سواء بتقديم أراء إستشارية أو التعاون و تقديم الدراسات ….الخ.
ثانيا: المحكمة العربیة لحقوق الإنسان: يعود تاريخ إنشائها في أواخر عام 2011 على غرار المحكمة الأوروبية والأمريكية والإفريقية، إلى أن تم الموافقة عليها 26/03/2013 و صدر نظام المحكمة سنة 2014،تتكون من 7 قضاة منتخبون لمدة 6 سنوات قابلة لتجدید وتتمثل اختصاصاتها في النظر في الشكاوي الأشخاص عن طریق اللجنة، ولا یمكن للأفراد أن یرفعوا شكواهم مباشرة إلى المحكمة فاللجنة هي الوسیطة.
و يعتبر الميثاق الوثيقة التأسيسية الأولى لجامعة الدول العربية عام 1945ويعتبر السند القانوني لكافة الاتفاقيات الجماعية والتي عقدت في إطار الجامعة الدولية خاصة ذات الطابع الاقتصادي التي نذكر بعضها:
– اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية: أثنى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964، لكن لم يتمكن من النجاح في تحقيق السوق العربية المشتركة إلا بمفهومها الواسع ولاقى التغيرات الضيقة لها حيث انصبت كامل جهوده على محاولة إقامة منطقة تجارة حرة بين أعضاءه.
– السوق العربية المشتركة: اتخذ مجلس الوحدة الاقتصادية العربية قراره بشأن انشاء السوق العربية المشتركة سنة 1964، وانحصرت الاتفاقية على 4 دول هي سوريا والعراق ومصر والأردن ثم انضمت ليبيا عام 1975، حيث ركزت الاتفاقية على الوصول لمنطقة تجارة حرة ابتداء من تحرير جداول السلع الملحقة باتفاقية تسهيل التجارة فيما بينها وفق جدول زمني وتحرير باقي السلع بنسب مئوية كل سنة حيث يتم التحرير لكامل السلع الزراعية في موعد غايته 01/01/1969، والتحرير الكلي للسلع الصناعية في موعد 01/01/1974.
– اتفاقية تسيير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية: تم إقرار هذه الاتفاقية في فيفري 1981 ودخلت حيز التنفيذ في بداية عام 1983، اهتمت بشكل أساسي في منح التفصيلات الجمركية في شكل إعفاءات من الرسوم الجمركية للسلع الوطنية المتبادلة بين الدول العربية ذلك لتسهيل المبادلات التجارية والتركيز فيها على مدخل حرية التجارة في التكامل الاقتصادي العربي باعتبار التكامل الاقتصادي له مدلول نظري وحالة مستهدفة من العلاقات الاقتصادية بين الدول.
– و أخيرا تكللت خطوات التعاون الاقتصادي العربي بأول نجاح حققه في هذا المجال تمهيدا لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي و هو تأسيس المنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى بموجب قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية رقم 1317 د.ع 59 بتاريخ 19/02/1997، و ذلك من خلال تطبيق البرنامج التنفيذي والجدول الزمني الذي يهدف إلى التخفيض التدريجي للقيود الجمركية و غير الجمركية و الضرائب و الرسوم ذات الأثر المماثل لإقامة منطقة تجارة حرة عربية كبرى خلال عشر سنوات اعتباراً من أول يناير عام1998، تكون وفقاً لأحكام اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية، وتتماشى مع أوضاع واحتياجات الدول العربية جميعها، كما تتماشى مع أحكام منظمة التجارة العالمية وقواعدها العامة المنظمة للتجارة الدولية. دخلت حيز التنفيذ عام 2005 أي قبل الموعد المحدد بعامين، وقد وبلغ عدد الدول العربية الأعضاء فيها حالياً (18) دولة.[14]
المبحث الثاني: تكريس و حماية الحقوق الاقتصادية على المستوى الوطني
عملت الجزائر منذ استقلالها على الاعتراف بالحقوق الإنسان و حمايتها طبقا للمواثيق الدولية التي انضمت إليها، لكنها كانت مرتبطة بالانتماء الأيديولوجي و السياسي للدولة سواء في مرحلة النظام الاشتراكي أو التوجه نحو اقتصاد السوق، و هذا ما جسدته مختلف الدساتر منذ سنة 1963 إلى التعديل الدستوري لسنة 2020.
لقد أورد الدستور 2020 لأول مرة بابا كاملا سماه الحقوق لأساسية و الحريات العامة و الواجبات، تضمن فصلا خاصا بالحقوق و الحريات نص فيه حوالي 44 مادة، حيث افتتح الفصل بضرورة و إلزامية احترام الحقوق و الحريات من قبل السلطات و الهيئات العمومية، كما ألزم السلطات بعدم تقييد الحقوق و الحريات إلا بنص تشريعي قانوني لأسباب ترتبط بالنظام العام و الآداب العامة و الثوابت الوطنية.[15]
المطلب الأول: الاعتراف بالحقوق الاقتصادية في النصوص القانونية الوطنية
تتمثل الحقوق الاقتصادية التي كرستها النصوص القانونية الجزائرية في كل من الحق في الملكيةو الحق في العمل و حق في حرية الاستثمار و التجارة و المقاولة و الحق في الإضراب .
الفرع الأول: الحق في الملكية
إن الاعتراف بحق الملكية مسألة قديمة نص عليه القانون الروماني و أقرته الشريعة الاسلامية و هو مبدأ مكرس دستوريا في الجزائر يتيح للفرد حرية اقتناء الأموال وحرية التصرف فيها، بدءا بدستور 1976 الذي أشار أن” الملكية الفردية ذات الاستعمال الشخصي أو العائلي مضمونة”، غير أن هذا الدستور جعل من الملكية الخاصة ذات الطابع الاقتصادي مقيدة و مشروطة، و ذلك تماشيا مع وظيفة الدولة المتدخلة و الفكر الاشتراكي الذي كان سائدا في تلك الفترة.
إلى أن صدر دستور 1989 الذي جاء معبرا عن توجه الدولة نحو اقتصاد السوق كرس الحماية اللازمة لحق الملكية في المادة 49 منه ” الملكية الفردية مضمونة ” وهو الأمر الذي أكده كل من دستور 1996 في المادة 52 و التعديل الدستوري لسنة 2016 في المادة 64 منهو المادة 60 من دستور 2020 ( الملكية الخاصة مضمونة ).[16]
كما عرفها المشرع الجزائري في نص المادة 674 من القانون المدني التي تنص على أن ” الملكية هي حق التمتع والتصرف بالأشياء بشرط ان لا يستعمل استعمالا نحرمه القوانين والأنظمة”،بمعنى أن يكون الاستعمال والاستغلال والتصرف حسب الحدود وضمن الضوابط والقيود التي يسمح القانون والتنظيم، على أن لا يكون هذا القانون أو التنظيم معارض لما هو مقرر ومستقر في القانون الدولي العرفي والاتفاقي.[17]
الفرع الثاني: الحق في حرية الاستثمار و التجارة و المقاولة
تقسم المنظومة الاقتصادية الوطنية إلى مرحلتين: مرحلة الاقتصاد الموجه أين اعتمد فيها على النهج الاشتراكي، ثم مرحلة الانفتاح على الاقتصاد العالمي مع تبني آليات لضبط السوق.
فبالنسبة للمرحلة الأولى و التي بدأت منذ الاستقلال إلى غاية سنة 1988، و التي تميزت باحتكار الدولة لكافة الأنشطة الاقتصادية، متخذة من النهج الاشتراكي أسلوبا لتنظيم المجال الاقتصادي، معتمدة في ذلك على التخطيط المركزي من أجل تحقيق أهداف الدولة الاقتصادية و الاجتماعية، تم استبعاد القطاع الخاص من ممارسة الأنشطة الاقتصادية عن طريق منع المبادرات الفردية إلا في نطاق ضيقو محدود، و هذا ما أكد عليه دستور سنة 1976.[18]
أما عن المرحلة الثانية، فبدأت معالمها بالظهور بعد الأزمة الاقتصادية سنة 1986 بسبب انخفاض أسعار البترول و نقص مداخيل الدولة من العملة الصعبة و تراكم المديونية الخارجية، فبعد فشل النهج الاشتراكي جاءت الاصلاحات الاقتصادية لسنة 1988 لتمنح المؤسسات العمومية الاقتصادية الاستقلالية و تخضعها لقواعد القانون الخاص بموجب قانون رقم 88-01 يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية، فتراجع تدخل الدولة و بدأت بالانسحاب تدريجيا من الحقل الاقتصادي لتعطي حرية أكثر للمبادرات الخاصة و تفتح مجال الاستثمار للقطاع الخاص، حيث يظهر ذلك من خلال مجموعة من النصوص القانونية المجسدة للانفتاح الاقتصادي و التوجه نحو اقتصاد السوق، أهمها قانون رقم 89-12 المتعلق بالأسعار، قانون رقم 90-10 المتعلق بالنقد و القرض، المرسوم التشريعي رقم 95-06 المتعلق بالمنافسة، الأمر رقم 95- 22 المتعلق بخصوصية المؤسسات العمومية.
إلى أن صدر دستور 1996 في مادته 37، أين نصت صراحة على ضمان حرية التجارة و الصناعة، و مع التعديل الدستوري لسنة 2016، حلت المادة 43 محل المادة 37 من دستور 1996 التي حولت الصياغة إلى مبدأ حرية الاستثمار والتجارة و التي تم الاحتفاظ بها في دستور 2020 في المادة 61 مع إضافة حرية المقاولة ( حرية الاستثمار و التجارة و المقاولة مضمونة ).[19]
كما نجد أن المشرع الجزائري و بعد التعديل الدستوري لسنة 2016 باشر جملة من الإصلاحات مختلف النصوص القانونية خاصة تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي، حيث تم إصدار القانون رقم 16-09 المؤرخ في 3 أوت 2016 المتعلق بترقية الاستثمار.[20]
الفرع الثالث: الحق في العمل
كرست الجزائر حق العمل في جمیع الدساتیر، حیث اعترف دستور 1963 ببعض الحقوق الأساسیة للعمال ومنها حق الإضراب والحق النقابي ومشاركة العمال في تسییر المؤسسات في المادة 20 أما دستور1967 فلقد ذكر حق العمل صراحة من خلال المادة 59 منه ” حق العمل مضمون”.
أما دستور 1989و دستور 1996 تم إدراج حق العمل ” لكل المواطنین الحق في العمل” في المادتين 52 و 24 على التوالي، هذا وقد أكد التعديل الدستوري لسنة 2020على حق العمل في المادة 66 منه، كما أن حق العمل لا یقتصر على فئة معينة فلا يميز بين الجنسين ضمن مبدأ المساواة[21]، و یستتبعه حقوق أخرى متعلقة به وتعد ضمانات له وتشمل الحق في والراحة والحق في الحمایة والأمن والوقایة الصحیة وحق جمیع العمال في الانخراط في النقابات والحق الإضراب في القطاع الحق في الأجر الحق في الراحة و العطل، الحق في الضمان الاجتماعي، و الحق في التقاعد.
و نظم المشرع الجزائري حق العمل في كل من القانون رقم 90/11 المتعلق بعلاقات العمل في المؤسسات الاقتصادية في القطاع العام و الخاص[22]، و القانون 06/03 المتضمن القانون الأساسي للوظیفة العامة الخاص بالموظفین في الإدارات والمؤسسات العمومیة.[23]
الفرع الرابع: الحق في العمل النقابي و الإضراب
يتوجب التذكير بداية أن الدستور والقوانين الجزائرية تكّرس حرية تأسيس الحق النقابي والحق في الإضراب والحق في المشاركة، وتم تأكيد هذا المبدأ الدستوري في أحكام المادة 56 من دستور 1996 على إن الحق النقابي معترف به لجمیع المواطنین، ووضع المشرع الجزائري القانون 90/14 المتضمن كیفیة ممارسة الحق النقابي والمعدل بالقانون 91/30 والأمر 96/12 ،وكذلك بالنسبة لحق الإضراب وهم أیضا مكفول دستوریا المادة 57 من دستور 1996، المادتين 70 و71 من القانون رقم 16-01 المؤرخ في 6 مارس 2016 المتضمن التعديل الدستوري، و أخيرا المادتين 69 و70 من التعديل الدستوري لسنة 2020.
كما أرسى القانون رقم 90-11المتعلق بعلاقات العمل المعدل والمتمم، فضاءات للتفاوض على مستوى المؤسسة وفرع النشاط، من الأهمية الإشارة أيضا إلى أن هذه القوانين استندت على أسس ومبادئ الاتفاقيات الدولية لمنظمة العمل الدولية، ذلك أن الجزائر بادرت منذ استعادة سيادتها إلى التصديق على 17 اتفاقية دولية للعمل، من بينما الاتفاقيات الثمانية 8 الرئيسية، و نذكر منها الاتفاقية الدولية رقم 78 حول الحرية النقابية و حماية الحق النقابي، والاتفاقية رقم 87 حول حق التنظيم و التفاوض الجماعي.[24]
المطلب الثاني: الآليات الوطنية لحماية الحقوق الاقتصادية
إن الاهتمام الوطني بقضايا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من حيث توفير الضمانات اللازمة والمناخ المناسب لكفالة التمتع بها، وإعطائها الاحترام الواجب لها والتزام الدول عموما بالامتثال للقواعد والأحكام التي تقرها، إذ تتجسد حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستوى الداخلي من خلال آليات وميكانيزمات تتقارب وتتشابه في معظم الدول الديمقراطية في العالم، و ذلك من خلال التوكيد على هذه الحقوق وتلك الحريات بوضعها في صلب مواد الدستور والتشريعات والتنظيمات الداخلية المختلفة والمتعاقبة، بما في ذلك التزام السلطة القضائية بمراعاتها في جميع الأحوال والمناسبات أثناء الممارسة العملية، راجع إلى الأهمية الدولية العالمية القارية والإقليمية المقررة لمواضيع حقوق الإنسان.[25]
و تعد هذه الآليات بمثابة الضمانات الحقيقية للحقوق الاقتصادية، و هي كالآتي:
الفرع الأول: الضمانات القانونية
إضافة إلى الترسانة القانونية التي كرست الحقوق الاقتصادية و التي تضمن بدورها تفعيل هذه الحقوق، فإن طموح الدولة في تعزيز الفصل بين السلطات التشريعية و التنفيذية و القضائية لم يتوقف حيث تم تبني آلية الدفع بعدم دستورية القوانين، و تم إسبدال الرقابة السياسية التي كان يقوم بها المجلس الدستوري بالرقابة القضائية، ويقصد بهذا الدفع لذي يقدمه أحد أطراف الخصومة يطعن فيه في النص التشريعي أو التنظيمي الذي بصدد التطبيق غير دستوري، حيث يتم النظر في هذا النوع من الدفوع وفق إجراءات حددتها قوانين عضوية خاصة، و تعتبر هذه الآلية النقطة الفاصلة في تاريخ تجربة الرقابة الدستورية في الجزائر.[26]
حيث نصت المادة 185 من التعديل الدستوري 2020 على إنشاء المحكمة الدستورية كمؤسسة مستقلة مكلفة بضمان احترام الدستور، وأضافت المادة 195إمكانية إخطارها بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة عندما يدعي أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي أو التنظيمي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك حقوقه وحرياته التي يضمنها الدستور.
الفرع الثاني: الضمانات القضائية
یعتبر القضاء إحدى الركائز الأساسیة لحمایة حقوق الإنسان فالسلطة القضائیة تسعى لتطبیق القانون وكذلك إقامة العدل بین أفراد المجتمع من خلال تولیه الفصل في المنازعات بین الأفراد وإنصاف المظلومین وإعطاء كل ذي حق حقه، أوكل الدستور الجزائري للقضاء مهمة حمایة حقوق الإنسان من خلال حمایة المجتمع والحریات ویضمن للجمیع حقوقهم الأساسیة، و هذا ما جاء في نص المادة 164 من الدستور.
كما تتجسد الضمانات القضائية في مجال الحقوق الاقتصادية في تبني قواعد العدالة البديلة الممثلة في نظام التحكيم، إذ يعتبر التحكيم وسيلة لتسوية النزاعات بين الدولة و المستثمر الأجنبي ، و هذا ما نص عليه قانون الإجراءات المدنية و الإدارية في المادة 1039، و القانون 16-09 المتعلق بالاستثمار المادة 24 منه.[27]
الفرع الثالث: الضمانات المؤسساتية
بالإضافة إلى دور السلطات الثلاثة التشريعية و التنفيذية و القضائية اعتمدت الجزائر على إنشاء مجموعة من المؤسسات و الهيئات التي يعتبر من مهامها الرئيسية ضمان تطبيق و احترام جميع الحقوق بصفة عامة و الحقوق الاقتصادية بصفة خاصة، منها من هي مؤسسات تعنى بحقوق الإنسان بصفة عامة كاللجنةالوطنیة الاستشاریة لترقیة حقوق الإنسان وحمایتها[28]، و منها من هي حقوقية كالمنظمات المهنية أو النقابات، و منها من هي ذات طابع استشاري كالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي بالإضافة إلى دور الجماعات الاقليمية و الأجهزة المكلفة بالضبط و الرقابة و هي سلطات الضبط الاقتصادي،تتمثل هذه الهيئات في سلطات إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية و الذمة المالية المستقلة، تكلف بضبط و مراقبة و تنظيم النشاطات الاقتصادية، و تنقسم إلى سلطات ضبط أفقي التي تمارس الرقابة على جميع النشاطات يمارس هذه الوظيفة مجلس المنافسة و سلطات ضبط عمودية قطاعية تختص كل سلطة بضبط قطاع معين في شكل شبكة على سبيل المثال: سلطة ضبط البريد و الاتصالات الإلكترونية، سلطة ضبط المحروقات سلطة ضبط الكهرباء و الغاز، اللجنة المصرفية.[29]
خاتمة:
إن مسألة حقوق الانسان بصفة عامة و الحقوق الاقتصادية بصفة خاصة و ضرورة حمايتها و ترقيتها باتت شأنا دوليا و داخليا و لا نعني بداخلي تحميل المسؤولية على السلطات فحسب، بل وجب نشر الوعي للمواطنين كذلك من خلال منحهم حقوقهم وفرض قيامهم بالواجبات فموضوع الحريات من أكثر المواضيع جدلا في ظل تجليات العولمة وسعي العالم نحو مستقبل أفضل.
إن ممارسة الأفراد لحرياتهم العامة وحقوقهم التي يكفلها القانون لهم يجب ان تكون تعبيرا واعيا عن تمكنهم بروح التنظيم لدى الجماعة السياسية من اجل ديمومتها وارتقاء مؤسساتها. فالمجتمع الفوضوي لا يعرف أي نوع من أنواع الحريات الفردية والجماعية غير العنف والتسلط فالحريات العامة وبالأخص الحريات الاقتصادية لا يمكن تجسيدها إلا من خلال نظام قانوني يرتكز على عقلانية النمو والتطور فالفرد هو أفضل ضامن لحرياته.
قائمة المصادر و المراجع:
أولا النصوص القانونية الدولية و الوطنية:
- ميثاق الأمم المتحدة في 26 جوان 1945.
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اعتمد و نشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د.3) المؤرخ في 10 ديسمبر 1948.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية اعتمدته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966.
- قانون رقم 90/11 المؤرخ في 21 ابریل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، الجریدة الرسمیة العدد 17الصادرة بتاریخ 25/04/ 1990.
- الأمر رقم 06/03 المؤرخ في 15 یولیو2006 المتضمن القانون الأساسي للوظیفة العامة، الجریدة الرسمیة، العدد 46، الصادرة بتاریخ 15 یولیو 2006.
- القانون رقم 16-09 المؤرخ في 3 أوت 2016 المتعلق بترقية الاستثمار، الجريدة رسمية عدد 46 المؤرخة في 03 أوت 2016.
- المرسوم الرئاسي رقم 01/71 المؤرخ في 25 مارس 2001 المتضمن إحداث اللجنة الوطنیة الاستشاریة لترقیة حقوق الإنسان وحمایتها، الجریدة الرسمیة العدد 8، الصادرة بتاریخ 28/03/2001.
- المرسوم الرئاسي رقم 20-442 المؤرخ في 30ديسمبر2020، المتعلق بالتعديل الدستوري 1نوفمبر2020 الجريدة الرسمية عدد 82، المؤرخة في 30 ديسمبر 2020.
ثانيا: الكتب
- أحمد سليم سعيفان، الحريات العامة وحقوق الإنسان، الجزء 2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2010.
- رامز محمد عمار، حقوق الإنسان والحريات العامة، د.د.ن، بيروت، 1996.
- الطعیمات هاني سلیمان، حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة، طبعة 3 عمان، دار الشروق، 2006.
- علوان محمد یوسف ویونس محمد خلیل، القانون الدولي لحقوق الإنسان (المصادر ووسائل الرقابة) الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزیع، 2005.
ثالثا: المقالات:
- بن زيدان زوينة وشيعاوي وفاء، القيمة الدستورية للحريات الاقتصادية، مجلة المجلس الدستوري العدد 18، 2021.
- بوعلام موايسي، حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار المنظمات الإقليمية (جامعة الدول العربية نموذجا(، مجلة الباحث للدراسات الأكادمية، المجلد 1 العدد 2، جامعة باتنة 1 الحاج لخضر، 2014.
- حساين سامية، مفهوم الحريات الاقتصادية بين المؤشر الاقتصادي والتكريس القانوني، مجلة السياسة العالمية، العدد 02، 2019.
- سميرة عسكري و غزلان فليج، الرقابة الأوروبية على الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية المجلد 59 العدد 01 ، كلية الحقوق جامعة الجزائر 1 2022.
- علاوة العايب، حق الملكية حق من حقوق الانسان بين الحريات المدنية و الحقوق السياسية و الاقتصادية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و السياسية، المجلد 50 العدد 05، كلية الحقوق جامعة الجزائر 1، 2013.
- فتاحي محمد، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية بين الحمايتين الدولية والإقليمية، مجلة الحقيقة للعلوم الإنسانية و الاجتماعية، جامعة أدرار، المجلد 03 العدد1، 2004.
- محديد حميد، حقوق الإنسان في ظل دستور 2020 وضمانات حمايتها، مجلة الحقوق والعلوم السياسية جامعة خنشلة، المجلد 09، العدد 1، 2022.
- منصوري صونيا، آليات حماية الحقوق الاقتصادية في النظام العربي مجلة الواحات للبحوث و الدراسات، المجلد 13 العدد 2، 2020.
رابعا: المواقع الإلكترونية
- وزارة العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي، www.mtess.gov.dz، أطلع عليه بتاريخ 25/05/2022 على الساعة 17:30.
(1) رامز محمد عمار، حقوق الإنسان و الحريات العامة، د.د.ن، بيروت، 1996، ص 86-87.
(2) الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اعتمد و نشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د.3) المؤرخ في 10 ديسمبر 1948 ، المواد 17-23-26.
1-العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية اعتمدته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966.
2- احمد سليم سعيفان، الحريات العامة وحقوق الإنسان، الجزء 2، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2010، ص 287.
[5]– علوان محمد یوسف و یونس محمد خلیل، القانون الدولي لحقوق الإنسان (المصادر و وسائل الرقابة)،الأردن، دار الثقافة للنشر والتوزیع، 2005، ص 65.
1- رامز محمد عمار، مرجع سابق، ص 85.
[7]– فتاحي محمد، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية بين الحمايتين الدولية والإقليمية، مجلة الحقيقة للعلوم الإنسانية و الاجتماعية، جامعة أدرار، المجلد 03 العدد1 ، 2004،ص 223.
[8]– بوعلام موايسي، حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار المنظمات الإقليمية (جامعة الدول العربية نموذجا(، مجلة الباحث للدراسات الأكادمية، المجلد 1 العدد 2، جامعة باتنة 1الحاج لخضر، 2014، ص 193.
[9]– الطعیمات هاني سلیمان، حقوق الإنسان وحریاته الأساسیة، طبعة 3 عمان، دار الشروق، 2006، ص 394.
[10]– سميرة عسكري وغزلان فليج، الرقابة الأوروبية على الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية المجلد 59 العدد 01 ، كلية الحقوق جامعة الجزائر 1، 2022، ص 583و584.
[11]– الطعيمات هاني سليمان، مرجع سابق، ص 398 و 399.
[12]– الطعيمات هاني سليمان، نفس المرجع، ص 400.
[13]– منصوري صونيا، آليات حماية الحقوق الاقتصادية في النظام العربي مجلة الواحات للبحوث و الدراسات، المجلد 13 العدد 2، 2020، ص 525.
[14]– و لقد صادقت الجزائر على الاتفاقية و دخلت لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى سنة 2009
[15]– محديد حميد، حقوق الإنسان في ظل دستور 2020 وضمانات حمايتها، مجلة الحقوق والعلوم السياسية جامعة خنشلة، المجلد 09، العدد 1، 2022، ص 48.
[16]– بوسنة زينب، محاضرات في القانون العام الاقتصادي، مطبوعة موجهة لطلبة الطور الأول سنة ثالثة ليسانس نظام LMD، القانون العام، كلية الحقوق جامعة الجزائر 1، 2022، ص 15.
[17]– علاوة العايب، حق الملكية حق من حقوق الانسان بين الحريات المدنية و الحقوق السياسية و الاقتصادية، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 50 العدد 05، كلية الحقوق جامعة الجزائر 1، 2013، ص 25.
[18]– بوسنة زينب، مرجع سابق، ص 12.
[19]– بوسنة زينب، نفس المرجع، ص 13.
[20]– القانون رقم 16-09 المؤرخ في 3 أوت 2016 المتعلق بترقية الاستثمار، الجريدة رسمية عدد 46، المؤرخة في 03 أوت 2016.
[21]– المادة 67 و 68 من المرسوم الرئاسي رقم 20-442 المؤرخ في 30ديسمبر2020، المتعلق بالتعديل الدستوري01 نوفمبر2020 الجريدة الرسمية عدد 82، المؤرخة في 30 ديسمبر 2020.
[22]– قانون رقم 90/11 المؤرخ في 21 ابریل 1990 المتعلق بعلاقات العمل، الجریدة الرسمیة العدد 17،الصادرة بتاریخ 25/04/ 1990.
[23]– الأمر رقم 06/03 المؤرخ في 15 یولیو2006 المتضمن القانون الأساسي للوظیفة العامة، الجریدة الرسمیة، العدد 46، الصادرة بتاریخ 15 یولیو 2006.
[24]– وزارة العمل و التشغيل و الضمان الاجتماعي، www.mtess.gov.dz، أطلع عليه بتاريخ 25/05/2022 على الساعة 17:30.
[25]– علاوة العايب، مرجع سابق، ص 32.
[26]– بن زيدان زوينة و شيعاوي وفاء، القيمة الدستورية للحريات الاقتصادية، مجلة المجلس الدستوري العدد 18 ، 2021 ص 23.
[27]– حساين سامية، مفهومالحريات الاقتصادية بين المؤشر الاقتصادي والتكريس القانوني، مجلة السياسة العالمية، العدد 02، 2019، ص 32.
[28]– المرسوم الرئاسي رقم 01/71 المؤرخ في 25 مارس 2001 المتضمن إحداث اللجنة الوطنیة الاستشاریة لترقیة حقوق الإنسان وحمایتها، الجریدة الرسمیة العدد 8، الصادرة بتاریخ 28/03/2001.
[29]– بوسنة زينب، مرجع سابق، ص 42.