الحق في الضمان الاجتماعي في الاتفاقيات الدولية و الإقليمية
Le droit syndical dans les conventions internationales et régionales
د. ادرنموش أمال Dr Adrenmouche Amel
جامعة مولود معمري، تيزي وزو – Université Mouloud Mamari, Tizi Ouzou
مقال منشور في كتاب أعمال الملتقى الدولي حول حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية الصفحة 31.
ملخص:
يندرج الحق في الضمان الاجتماعي ضمن الحقوق الاجتماعية التي تكفلها الاتفاقيات الدولية و الإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان, وهو من الحقوق ذات الأهمية المعتبرة, ذلك أن القانون الدولي لحقوق الإنسان قد أولى أهمية خاصة لهذا النوع من الحقوق.
من خلال هذه الدراسة نتطرق إلى تحديد مفهوم الحق في الضمان الاجتماعي بالتطرق إلى مختلف التعريفات الواردة بالإضافة إلى دراسة أهمية الحق في الضمان الاجتماعي, إلى جانب الخصائص التي تميزه , هذا في القسم الأول من الدراسة . أما القسم الثاني نخصصه لدراسة نماذج من الاتفاقيات الدولية و الإقليمية و البحث في مدى تكريسها لحق الضمان الاجتماعي ضمن الحقوق الواردة فيها ودراسة مضمون هذا الحق عبر هذه النصوص الدولية.
Résumé :
Le droit à la sécurité sociale fait partie des droits sociaux, consacrés à travers les conventions internationales et régionales relatives aux droits de l’homme, le droit à la sécurité sociale fait partie des droits les plus importants pour l’être humain. A travers cette étude nous allons essayer de traiter la définition du droit à la sécurité sociale, ainsi que ces caractéristiques au début puis une deuxième partie, dans laquelle on va essayer d’analyser l’existence ou la concrétisation du droit à la sécurité sociale dans quelques exemples de conventions internationales et régionales relatives aux droits de l’homme .
مقدمة :
يتمتع الإنسان بمجموعة من الحقوق المكفولة له سواء بموجب نصوص دولية مكتوبة أو تلك التي يعترف بها المجتمع الدولي حتى و لو لم تكن مكتوبة، حقوق اتفقت و أجمعت عليها ديانات و حضارات مختلفة ومتعاقبة , و هي حقوق ضرورية للإنسان منها ما هو مرتبط بالإنسان منذ ولادته و أهمها الحق في العيش بكرامة ودون تمييز بسبب اللون أو العرق والجنس أو الانتماء , ومنها حقوق تنتج عن ظروف اقتصادية و اجتماعية يعيشها الإنسان .
من بين هذه الحقوق حق الفرد في الضمان الاجتماعي والذي يتعين على الدول ضمان تحقيقه للأشخاص خاصة الأكثر ضعفا منها كفئة المرضى والشيوخ و العاطلين عن العمل و الأمهات و الأشخاص المتعرضين للحوادث.
يندرج الحق في الضمان الاجتماعي ضمن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و هي حقوق نظمها القانون الدولي من خلال مجموعة من النصوص الدولية المختلفة وهو ليس من الحقوق الحديثة فقد ظهر في أوروبا في القرون الماضية وكان حقا إجباريا , ثم تطور ليشمل أنحاء العالم , و ظهر بعد ذلك في الاتفاقيات و الصكوك الدولية , كما قامت الدول بتضمينه ضمن دساتيرها باعتباره من الحقوق المكفولة نظرا لأهميته الاقتصادية. [1]
من خلال ما تقدم وجب البحث في مفهوم الحق في الضمان الاجتماعي ودراسة أهميته و البحث في خصائصه بالدرجة الأولى , ثم دراسة موقف الاتفاقيات و النصوص الدولية من الحق في الضمان الاجتماعي .وعليه لا بد من طرح الإشكالية التالية :
ما مفهوم الحق في الضمان الاجتماعي و ما موقف الاتفاقيات الدولية و الإقليمية منه ؟
نتناول الإجابة عن هذه الإشكالية في قسمين , نتطرق في القسم الأول لمفهوم الحق في الضمان الاجتماعي , أما القسم الثاني تناول فيه دراسة الحق في الضمان الاجتماعي عبر الاتفاقيات الدولية و الإقليمية المختلفة .
المبحث الأول : مفهوم الحق في الضمان الاجتماعي
يندرج الحق في الضمان الاجتماعي ضمن الحقوق الأساسية التي يتمتع بها الإنسان, وهو من الحقوق الاجتماعية التي كرسها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بالدرجة الأولى, تعددت المفاهيم حول الحق في الضمان الاجتماعي باعتباره حقا متميزا مما يستدعي البحث في مفهومه و ما يترتب عن تجسيد هذا الحق من آثار.. .
المطلب الأول: تعريف الحق في الضمان الاجتماعي
هو برنامج حماية اجتماعية وضع بموجب التشريع أو النصوص القانونية وهو نظام يوفر للأفراد أمنا من حيث الدخل في حالة تعرضهم لحالات طارئة و قد يرتبط كذلك بالحق في الحصول على الرعاية الطبية و العلاجية والوقائية، يعرف الضمان الاجتماعي بأنه مجموعة البرامج التي تقوم بها الحكومة أو الفئة المسئولة في مجتمع ما , من أجل تعزيز رفاهية السكان و ويتم ذلك عن طريق اتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن حصولهم على ما يلزمهم من مواد غذائية و مأوى وخدمات صحية و حماية , و يشمل الضمان الاجتماعي كذلك التامين الاجتماعي و الذي يوفر المنافع و الخدمات منها رواتب التقاعد و التأمين و العجز و تعويضات البطالة , و يشمل كذلك الخدمات التي تقدمها الحكومة أو الهيئات المكلفة بالضمان الاجتماعي , كالخدمات الطبية و الدعم المالي و تعويضات إصابات العمل و الصحة وجوانب العمل الاجتماعي .[2]
يعرف كذلك الضمان الاجتماعي بأنه نظام لضمان عيش الفرد في الحد الأدنى المعقول عن طريق تأمين العمل له, وحماية قدرته عليه و تعويضه عن دخله المفقود في حالة انقطاعه لأسباب خارجة عن إرادته و وتغطية النفقات الاستثنائية التي تترتب عن المرض أو الإصابة أو العجز أو الوفاة و كذلك نفقات الأعباء العائلية. [3]
عرف الضمان الاجتماعي بأنه نظام قانوني يرمي إلى ضمان عيش المواطنين في حد أدنى يليق بالكرامة الإنسانية عن طريق حماية قدرتهم على العمل وتأمين دخل بديل يعوضهم عن الدخل المنقطع بسبب البطالة أو المرض أو الإصابات أو العجز أو الشيخوخة و مساعدتهم على تغطية الأعباء العائلية الناشئة عن الزواج و الولادة و النفقات الاستثنائية الناشئة عن العجز و المرض و الوفاة و كل ذلك ضمن الحدود التي يقررها القانون .[4]
ويمكن تحديد مفهوم الضمان الاجتماعي بالنظر إلى الهدف الذي يرمي إليه , وهو أن هذا الأخير يعتبر ضرورة اجتماعية في جميع الحالات من جهة وحق شرعي لجميع المواطنين من جهة أخرى.[5]
يتميز الضمان الاجتماعي عن الخدمات الاجتماعية, ففي الحقيقة هناك علاقة و ثيقة بينهما , فالخدمات الاجتماعية تكون مبنية هي كذلك على اعتبارات اجتماعية , وتهدف لتعزيز الرفاه و التنمية وهي مجموعة من الخدمات الموجهة للأطفال و الشباب و كذلك لفئة المسنين , بالإضافة للمصابين بالأمراض المزمنة كما توجه الخدمات الاجتماعية لفئات من المجتمع يعانون من مشاكل مثل الإدمان و التشرد أو من مشاكل داخل الأسر أو في محيطهم الاجتماعي .
فالضمان الاجتماعي تعبير شامل يعني كل أنواع الحماية الاجتماعية التي تقدم للمواطنين سواء عن طريق التأمينات الاجتماعية أو المساعدات الاجتماعية أو غيرها من صنوف الخدمات و الرعاية التي تكفل رفاهية المجتمع و أمنه الاقتصادي، أما التأمينات الاجتماعية فهي إحدى و سائل الضمان الاجتماعي في مجال تحقيق الحماية والأمن الاجتماعيين و هي تهدف لتغطية خطر اجتماعي معين مقابل اشتراكات [6]
المطلب الثاني: خصائص الضمان الاجتماعي
تتنوع الحقوق الواردة في الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان, دولية كانت أو إقليمية و أو حتى تلك المكرسة في التشريعات الوطنية, إلا أن كل حق من هذه الحقوق يتمتع بمميزات تجعله يختلف عن غيره من الحقوق الأخرى.
يتميز الضمان الاجتماعي بمجموعة من الخصائص و المميزات تنعكس على تطبيقه من جهة و على الآثار المترتبة على تكريس الحق في الضمان الاجتماعي من جهة أخرى , نحاول الإحاطة بأهم هذه الخصائص في ما يلي :
1-الضمان الاجتماعي نظام قائم على التكافل الاجتماعي :
وذلك ضد المخاطر الاجتماعية التي تلحق بالأفراد , فالمتحملين لعبء الضمان لا يكونون بالضرورة من المستفيدين منه بل القادرين على المساهمة فيه لا سيما و أن الفئات المحتاجة إلى الضمان هي أقل الفئات قدرة على دفع نفقاته [7]
و بالتالي يمكن القول أن الضمان الاجتماعي قد جاء أساسا لتحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع أفراد المجتمع و هذا ما يؤكد أن الضمان الاجتماعي يعتبر مظهرا من مظاهر التكافل الاجتماعي.
2-نظام الضمان الاجتماعي نظام سريع التطور :
باعتباره يتكيف بسرعة مع الواقع الاجتماعي و الاقتصادي للدولة , فقطاع الضمان الاجتماعي هو القطاع الذي يتعرض لتعديلات مختلفة و ينتج عن ذلك كثرة النصوص التشريعية و التنظيمية و بالتالي يصعب تفسير و تطبيق نصوصه حتى من طرف المختصين [8]
3-الضمان الاجتماعي نظام إلزامي :
ذلك بالنظر لطبيعة الدور الذي يؤديه من خلال إضفاء الحماية على أشخاص و فئات تقتضي مصلحة المجتمع حمايتهم و لا يتحقق هذا القصد إلا إذا كان هذا النظام إلزاميا من خلال إجبار الفئات على دفع اشتراكات إجبارية. [9]
4-الضمان الاجتماعي نظام قانوني
و يكون بموجب قانون صادر عن السلطة التشريعية في الدولة, و يتضمن هذا القانون نطاق تطبيقه سواء من حيث الأشخاص المستفيدين منه أو من حيث الأخطار التي يتضمنها .
5-الضمان الاجتماعي من النظام العام :
فالضمان الاجتماعي يعمل على تحقيق أهداف المجتمع من خلال تحقيق العدالة و الأمن الاجتماعيين مما جعل قواعده آمرة بل و أكثر من ذلك يعتبر من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع .
المطلب الثالث :أهمية الحق في الضمان الاجتماعي
صرحت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان, أن تأثير أزمة الكوفيد وعالم العمل المتغير يجعلان الحق في حصول الجميع على الضمان الاجتماعي مسألة ذات أهمية قصوى , فالضمان الاجتماعي يسهل الوصول إلى الرعاية الصحية و يحمي الناس من الفقر و يضمن الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الأساسية , بما في ذلك الغذاء و السكن والصحة والتعليم.[10]
كما تكمن أهمية الحق في الضمان الاجتماعي في أنه يوفر مصدر دخل للإنسان عندما لا يكون قادرا على العمل و كسب رزقه ,مثلما يحدث في حالات العجز التام أو بعد التقاعد في سن الشيخوخة أو البطالة , فهي حالات إنسانية تتطلب من الدولة التدخل لحفظ كرامة الإنسان ومنعه من طلب المساعدة من الغير.
فالضمان الاجتماعي بالإضافة لكونه يقدم خدمة اقتصادية للدول من خلال توفير مصادر للأموال تساعد الدولة من الناحية الاقتصادية من خلال الاستثمار في المشاريع و خلق فرص للعمل ,فهو كذلك يعتبر وسيلة لتوفير الأمن السياسي و الاجتماعي و الحماية لكافة أفراد المجتمع .
المبحث الثاني :حق الضمان الاجتماعي على الصعيد الدولي
تعددت الاتفاقيات و المواثيق الدولية و الإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان,وهي تتضمن نصوصا و قواعد تكرس ترسانة من الحقوق التي يتمتع بها الإنسان , ويندرج الحق في الضمان الاجتماعي ضمن هذه الحقوق, حقوق أجمعت جل الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان على أهميتها و ضرورتها , فحق الضمان الاجتماعي لم يعد متوقفا فقط على الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق الاجتماعية , وذلك لارتباطه الوثيق بمجموعة من الحقوق الأخرى , و نحاول البحث في بعض من هذه الاتفاقيات عن وضعية الحق في الضمان الاجتماعي بين الحقوق المكفولة فيه.
المطلب الأول :حق الضمان الاجتماعي في إطار منظمة العمل الدولية
تعتبر منظمة العمل الدولية من أهم التنظيمات العاملة على ترقية الضمان الاجتماعي وفق للاتفاقيات الدولية في هذا المجال .
جاء في ديباجة منظمة العمل الدولية لسنة 1919 على أن الدول الأعضاء تعلن عن رغبتها في أن تحقق من ضمن أهداف عديدة الأهداف الخاصة بالضمان الاجتماعي كمكافحة البطالة وحماية العمال من الأمراض العامة أو المهنية أو الحوادث الناجمة عن العمل , حماية الأولاد و النساء و تأمين معاشات حالتي الشيخوخة و العجز.
الفرع الأول: حق الضمان الاجتماعي من خلال مؤتمر العمل الدولي الدورة 100 سنة 2011 :
من أهم ما جاء في أعمال المؤتمر بداية تحديد المفاهيم المختلفة و منها مفهوم الضمان الاجتماعي, وهو كل التدابير الرامية إلى تقديم الإعانات سواء كانت نقدية أو عينية لضمان الحماية من جملة من الأمور منها :
1-الافتقار إلى الدخل المتأتي عن العمل ( أو عدم كفايته)نظرا للمرض أو العجز أو الأمومة أو إصابة العمل أو البطالة أو تقدم السن أو وفاة احد أفراد الأسرة.
2-الافتقار إلى سبل الوصول إلى الرعاية الصحية و عدم القدرة على تحمل أعباء الوصول إليها.
3-عدم كفاية الدعم الأسري و خاصة و خاصة للأطفال البالغين و المعانين الفقر العام أو الاستبعاد الاجتماعي.
كما جاء في أعمال المؤتمر بخصوص الحق في الضمان الاجتماعي, التأكيد على أن الحاجة العالمية إلى الضمان الاجتماعي حق من حقوق الإنسان , و انه منذ إنشاء منظمة العمل الدولية سنة 1919 ما فتئت تسعى إلى تحقيق الضمان الاجتماعي على الدوام في صميم ولايتها , و يعكس النهج الذي تتبعه على حد سواء وضع الضمان الاجتماعي في القانون الدولي وولاية المنظمة بموجب الدستور و فهي تستعين في إعمال الحق في الضمان الاجتماعي بالصكوك القانونية الدولية باعتبارها نقطة الانطلاق و المرجع الرئيس و الأساس القانوني للإقرار بوجود هذا الحق , وتسعى لغرس جميع أشكال المساعدة والمشورة الخاصة بالسياسات في معايير الضمان الاجتماعي الدولية [11]
الفرع الثاني : اتفاقية الضمان الاجتماعي
والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية , الذي انعقد في جنيف بتاريخ 4جويلية 1952, خلال دورته الخامسة و الثلاثين , و التي تم فيها اعتماد بعض المقترحات المتعلقة بالمعايير الدنيا للضمان الاجتماعي و الواردة ضمن البند الخامس للدورة , وتم اعتمادها على شكل اتفاقية دولية , اعتمدت أخيرا بتاريخ 28 جويلية 1952 , وتضم 87 مادة جاءت في أجزاء , منها أحكام عامة , ثم أحكام تتعلق بالرعاية الطبية , و إعانة المريض , إعانة البطالة, إعانة الشيخوخة , إعانات إصابات العمل , الإعانة العائلية , إعانة الأمومة , إعانات العجز, و إعانة الورثة و أخيرا الجزء المتعلق بحساب المدفوعات الدورية [12]
المطلب الثاني: حق الضمان الاجتماعي في ظل اتفاقيات حقوق الإنسان
إن حقوق الإنسان المعترف بها دوليا , في الأصل لا تحتاج إلى تدوين في النصوص الدولية , فالإنسان يتمتع بها منذ ولادته وهي مرتبطة بالإنسانية أولا قبل أن تربط بأي حضارة أو فترة زمنية معينة , إلا أن الدول و خاصة في إطار الأمم المتحدة قد بذلت جهودا حثيثة من أجل السعي على تجسيد هذه الحقوق و ضمانها , من خلال نصوص دولية وأجهزة و آليات وضعت خصيصا لهذا الغرض .
انطلاقا مما سبق نتساءل عن موقع الحق في الضمان الاجتماعي ضمن هذه النصوص ,وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (فرع أول) ثم من خلال العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية (فرع ثاني) .
الفرع الأول : الضمان الاجتماعي ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 217 الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1948 بباريس , يعتبر وثيقة هامة في مجال تجسيد حقوق الإنسان الأساسية التي ينبغي أن تكون مكفولة للإنسان و التي يجب حمايتها .يتضمن الإعلان مجموعة من الحقوق الواردة عبر مواده وهي حقوق تجسد للإنسان بغض النظر عن جنسه أو سنه .
ورد في نص المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لكل فرد من أفراد المجتمع بوصفه عضوا في المجتمع الحق في الضمان الاجتماعي وواجب توفير ما يحتاجه عن طريق الدولة التي يقيم فيها بما يتفق مع هيكل كل دولة ومواردها من حقوق اقتصادية و اجتماعية وثقافية التي لاغ نى عنها لكرامته و لتنامي شخصيته و حريته .
وواصلت المادة 23 في نفس السياق بخصوص الحماية الاجتماعية التي يجب أن يتمتع بها الأشخاص , حيث ورد في الفقرة الأولى منها أن لكل شخص الحق في العمل و في حرية اختيار عمله و في شروط عمل مرضية و الحماية من البطالة , أما الفقرة الثالثة منها فقد جاء فيها أنه يحق لكل فرد يعمل مكافئة عادلة و مرضية تكفل له و لأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية وتستكمل عند الاقتضاء بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.[13]
أما المادة 25 من الإعلان ورد في الفقرة الأولى منها أن لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة و الرفاه له و لأسرته , و خاصة على صعيد المأكل و الملبس و المسكن و العناية الطبية و صعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية و له الحق في ما يأمن به من غوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته و التي تفقده سبب عيشه .وجاء في الفقرة الثانية من نفس المادة , للأمومة و الطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين ولجميع الأطفال الحق في التمتع بالحماية الاجتماعية سواء ولدوا في إطار الزواج أو خارجه . إن الإعلان قد أولى أهمية معتبرة لحق الضمان الاجتماعي و ما يترتب عنه , ذلك انه مرتبط بتحقيق غاية أساسية يرمي أليها الإعلان وهي العيش الكريم في منأى عن الحاجة .
الفرع الثاني :حق الضمان الاجتماعي ضمن العهد الولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية[14]
تؤكد هذه الاتفاقية من خلال ديباجتها على ما يتمتع به الإنسان من حقوق وأهمها حق الكرامة الإنسانية , وتمتع البشر بالحرية من الخوف , باعتباره سبيلا لتهيئة الظروف الضرورية لتمكين الإنسان من التمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحقوقه المدنية والسياسية , وتؤكد على ضرورة احترام الدول ومراعاة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتؤكد من جانب آخر على التزام الأفراد بالسعي لتحقيق محتوى العهد ,.
في إطار حق الضمان الاجتماعي, تضمن العهد في المادة التاسعة منه و التي تقضي بأن الدول الأطراف في العهد تقر بحق كل شخص في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمينات الاجتماعية .فالحق في الضمان الاجتماعي يحظى بأهمية مركزية في ضمان الكرامة الإنسانية لجميع الأشخاص عند تعرضهم لظروف تحرمهم من قدرتهم على إعمال الحقوق المنصوص عليها في العهد إعمالا تاما[15].
المطلب الثالث : حق الضمان الاجتماعي في ظل المواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان
بالإضافة إلى الحقوق المعترف بها على الصعيد الدولي, و بالإضافة للأجهزة و الآليات المعترف بها كذلك , توجد هيئات وآليات على الصعيد الإقليمي تهتم بتجسيد حقوق الإنسان على المستويات الإقليمية منها اتفاقيات على الصعيد الأوروبي أو الإفريقي و الأمريكي و حتى على الصعيد العربي .
من خلال ما يلي نحاول دراسة حق الضمان الاجتماعي من خلال بعض هذه النماذج منها الميثاق العربي لحقوق الإنسان (فرع أول) ثم الميثاق الإفريقي لحقوق الشعوب (فرع ثاني) و أخيرا من خلال مشروع البروتوكول المرفق بالميثاق الإفريقي لحقوق الشعوب (فرع ثالث).
الفرع الأول :حق الضمان الاجتماعي في ظل الميثاق العربي لحقوق الإنسان
اعتمد خلال القمة السادسة عشر لجامعة الدول العربية في تونس في 23 ماي 2004 , أكد في ديباجته على كرامة الإنسان وعلى مبدأ الإخوة و التسامح و على وحدة الوطن العربي , و على حق الأمم في تقرير مصيرها و المحافظة على ثرواتها و تنميتها وعلى سيادة القانون ودوره في حماية حقوق الإنسان و رفض أشكال العنصرية و العنف و وانتهاك حقوق الإنسان و تهديد السلم و الأمن الدوليين و على مبادئ الأمم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهدين الدوليين للحقوق المدنية الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية وعلى إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام .
تنص المادة 36 منه على أن تضمن الدول الأطراف حق كل مواطن في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التامين الاجتماعي.
الفرع الثاني : الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب
وهو معاهدة دولية أبرمتها الدول الإفريقية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية في 27 يوليو 1981.في نيروبي , دخل حيز النفاذ في أكتوبر 1986, يعتمد الميثاق أساس على ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية و ميثاق الأمم المتحدة و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
يتضمن الميثاق نصوصا ككثيرة تؤكد من خلالها الدول الموقعة عليه على الاعتراف بالحقوق و الواجبات الواردة فيه والحريات والسعي نحو اتخاذ كل الإجراءات التشريعية لتطبيقها , إلى جانب مجموعة من الحقوق المكفولة سابقا بموجب نصوص دولية متعلقة بحقوق الإنسان , الحقيقة أنه لا يوجد نص صريح حول الحق في الضمان الاجتماعي في إطار الميثاق الإفريقي لحقوق الشعوب و لكن يستقي من خلال استقراء مختلف النصوص الواردة فيه , إذ تضمنت المادة 15 منه على أن حق العمل مكفول في ظل ظروف متكافئة و مرضية مقابل أجر متكافئ مع عمل متكافئ .
أما المادة 16 منه فإنها تضمنت الحق في التمتع بأفضل صحة بدنية و عقلية , و على تعهد الدول باتخاذ التدابير اللازمة لحماية صحة شعوبها و ضمان حصولها على الرعاية الطبية في حالة المرض , غير أن الميثاق تدارك هذا النقص من خلال البروتوكول الملحق به .
الفرع الثالث: حق الضمان الاجتماعي في مشروع البروتوكول المرفق بالميثاق الإفريقي لحقوق الشعوب
تضمن أحكاما تتعلق بحق المواطنين في الحماية الاجتماعية و الضمان الاجتماعي , حيث ورد في الفقرة ن منه انه يتم تضمين ” الضمان الاجتماعي ” في مفهوم الحماية الاجتماعية و يشير الإجراءات القطاعين العام و الخاص وإلى الإجراءات فيما بين القطاعين و هي مصممة لحماية الإفراد و الأسر من :
1-انعدام الأمن في الدخل الناجم عن حالات الطوارئ مثل البطالة وإصابات العمل والأمومة والمرض والعجز والشيخوخة ووفاة احد أفراد الأسرة.
2-الافتقار إلى إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية بتكلفة معقولة
3- عدم كفاية الدعم الأسري خاصة للأطفال و الكبار .
4-الفقر العام والاستبعاد الاجتماعي, ويشمل ذلك المساعدة الاجتماعية والتأمينات الاجتماعية, والعلاوات الاجتماعية.
كما ورد في نص المادة 3 منه تحت عنوان ” الحق في الاجتماعية بما في ذلك الحق في الضمان الاجتماعي الذي يمكن الوصول إليه والمناخ والكافي وميسور التكلفة والمقبول والشفاف.
خاتمة :
يكتسي الحق في الضمان الاجتماعي أهمية كبيرة لما له من دور في حفظ الكرامة الإنسانية لجميع الأشخاص , تطهر أهميته من حيث أنه مرتبط بتدعيم الفئات الضعيفة التي قد تحتاج لهذا النوع من الحماية بفعل عارض ما قد يواجهها .
يحمل الحق في الضمان الاجتماعي أبعادا عديدة و هذا ما يظهر من خلال الأهمية التي أولته مختلف الاتفاقيات الدولية والإقليمية المرتبطة به ارتباطا مباشرا أو غير مباشر , و الملاحظ من خلال استقراء نصوص عديدة هو أن الحق في الضمان الاجتماعي يطبق بالموازاة مع مجموعة من الحقوق الأخرى و أهمها الحق في الصحة .
غير أن الحق في الضمان الاجتماعي و للأسف , غير مضمون لنسبة كبيرة من سكان العالم , وذلك بالرغم من الحاجة الكبيرة للحماية الاجتماعية .
من خلال ما سبق يمكن اقتراح بعض التوصيات التي نوجزها فيما يلي :
-ضرورة التوسع في مجال الضمان الاجتماعي ليشمل بعض الفئات غير المشمولة مثل العمال الموسميين و عمال القطاعات غير المنظمة .
-ضرورة تعزيز الحوار الاجتماعي في مجال تطوير التشريعات المتعلقة بالضمان الاجتماعي , و تحديثها لتواكب الأزمات التي قد تحدث .
-ضرورة عقد دورات تكوينية و تدريبية للعاملين في مجال الضمان الاجتماعي.
قائمة المراجع :
-النصوص و الاتفاقيات الدولية و الإقليمية :
1-القرار 2200 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة و المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 , المتضمن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. دخل حيز النفاد في 23 مارس 1967.
2- القرار 217 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
3- الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب 1986
4-الميثاق العربي لحقوق الشعوب23 ماي 2004 .
5-مشروع البروتوكول المرفق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب .
6-اتفاقية الضمان الاجتماعي التابعة لمنظمة العمل الدولية 1952..
2-الكتب :
1-حسين حمدان عبد اللطيف , الضمان الاجتماعي , الدار الجامعية , بيروت 1986.
3-الاطروحات و المذكرات :
1عباسة جمال , تسوية المنازعات الطبية في تشريع الضمان الاجتماعي الجزائري , رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الاجتماعي , كلية الحقوق , جامعة وهران , السنة الجامعية 2011-2012.
4-المقالاتو المداخلات:
1-مظفر جابر إبراهيم الراوي , أضواء على التأمينات الاجتماعية وفقا للقانون الإماراتي و الأردني , تأمينات إصابات العمل و الشيخوخة و العجز و الوفاة و التعطل عن العمل في القطاع الخاص , دفاتر السياسة و القانون العدد 16 الصادر في جانفي 2017,
2- عبيد حليمة , بوحادة سامية , مقال بعنوان الضمان الاجتماعي , الملتقى الوطني الخامس , حماية المستهلك , مشكلات المسؤولية المدنية , جامعة أدرار 9 ديسمبر 2015.
3- مؤتمر العمل الدولي تحت عنوان ” الضمان الاجتماعي من أجل العدالة الاجتماعية و عولمة عادلة ” الدورة 100 والتقرير السادس , الطبعة الأولى و جنيف و مكتب العمل الدولي.
4- مقال بعنوان ” الضمان الاجتماعي من أجل العدالة الاجتماعية و عولمة عادلة ,مؤتمر العمل الدولي , مكتب العمل الدولي , التقرير السادس , الدورة 100,سنة 2011.
5- المقالات الإلكترونية :
1-الضمان الاجتماعي و التعريف و الخصائص، آلية عمله و تأثيره على السلوك الاقتصادي, موقع اقتصاديو العرب.
econmist.arab.com
2-مفوضية حقوق الإنسان. الحق في الحصول على الضمان الاجتماعي هو مسألة ذات أهمية قصوى , مقال منشور في موقع أخبار الأمم المتحدة بتاريخ 21 نوفمبر 2021. news.un.org
3- يارا عامرة , مقال بعنوان تعريف الضمان الاجتماعي , مقال منشور بموقع mawdo3.com
4-مقال بعنوان إعادة تأهيل القوى الفاعلة في الضمان الاجتماعي, الضمان الاجتماعي حق من حقوق الإنسان , موقع
– مقال بعنوان ” الضمان الاجتماعي من أجل العدالة الاجتماعية و عولمة عادلة ,مؤتمر العمل الدولي , مكتب العمل الدولي , التقرير السادس , الدورة 100,سنة 2011.
1- مقال بعنوان إعادة تأهيل القوى الفاعلة في الضمان الاجتماعي و الضمان الاجتماعي حق من حقوق الإنسان , موقع www.issa.int/ar/fr
2-يارا نعامرة , تعريف الضمان الاجتماعي , موقع موضوع
mawdo3.com
3-حسين حمدان عبد اللطيف , الضمان الاجتماعي , الدار الجامعية , بيروت 1986 ,ص 17
5–عباسة جمال , تسوية المنازعات الطبية في تشريع الضمان الاجتماعي الجزائري , رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الاجتماعي , كلية الحقوق , جامعة وهران , السنة الجامعية 2011-2012.ص05.
6-مظفر جابر ابراهيم الراوي , أضواء على التأمينات الاجتماعية وفقا للقانون الإماراتي و الأردني , تأمينات إصابات العمل و الشيخوخة و العجز و الوفاة و التعطل عن العمل في القطاع الخاص , دفاتر السياسة و القانون العدد 16 الصادر في جانفي 2017, ص170.
7-عبيد حليمة، بوحادة سامية , مقال بعنوان الضمان الاجتماعي , الملتقى الوطني الخامس , حماية المستهلك , مشكلات المسؤولية المدنية , جامعة أدرار 9 ديسمبر 201, ص 4.
8-عباسة جمال و المرجع السابق , ص 5.
-الضمان الاجتماعي و التعريف و الخصائص, آلية عمله و تأثيره على السلوك الاقتصادي, موقع اقتصاديو العرب9
Economist.arab.com
10-مفوضة حقوق الإنسان : الحق في الحصول على ضمان اجتماعي هو مسألة ذات أهمية قصوى , مقال منشور في موقع أخبار الامم المتحدة بتاريخ 1 نوفمبر 2021.
News.un.org
11- مؤتمر العمل الدولي تحت عنوان ” الضمان الاجتماعي من أجل العدالة الاجتماعية و عولمة عادلة ” الدورة 100 و التقرير السادس , الطبعة الأولى و جنيف و مكتب العمل الدولي 2011., ص6و 7.
12-اتفاقية الضمان الاجتماعي (المعايير الدنيا) 1952.
12- القرار 217 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
13-القرار 2200 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة و المؤرخ في 16 ديسمبر 1966 , المتضمن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية. دخل حيز النفاد في 23 مارس 1967.
14-اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية , الدورة التاسعة و الثلاثون , التعليق رقم 19, الحق في الضمان الاجتماعي , الصادر بتاريخ 23 نوفمبر 2007, ص 2.