(التلبس في قضايا المخدرات) “دراسة وفق قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي مقارناً بالأنظمة العربية”
(Corruption in drug cases) “A study according to the UAE Criminal Procedures Law in comparison with the Arab systems”
الأستاذ فضل الله محمد الحسن فضل الله، مستشار قانوني بدولة الإمارات وسلطنة عمان
Mr. Fadlallah Muhammad Al-Hassan Fadlallah, Legal Adviser in the United Arab Emirates and the Sultanate of Oman
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة العدد 15 الصفحة 89.
ملخص:تناولت الدراسة مفهوم التلبس وحالاته والأساس القانوني له، وآثار التلبس في قضايا المخدرات من سلطات التحقيق الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج من بينها أن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي والقوانين العربية المقارنة -محل الدراسة- لا تبيح لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس ماعدا التشريع البحريني فقد سمح لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس؛ لذا تمت التوصية للتشريعات محل الدراسة النص على تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس– على غرار المشرع البحريني – سواء كان بإذن من النيابة العامة أن كانت حضوراً للواقعة وإلا بدون إذن منها في حالة التلبس وبالأخص في جريمة المخدرات للمساعدة في الكشف عن تجار المخدرات لكون بمجرد القبض على التاجر في حالة تلبس إذا لم يتم تفتيش مسكنه فمن الممكن إخفاء المخدرات لا سيما وأن الحصول على الإذن بالتفتيش قد يستغرق وقت طويل نسبياً.
كلمات مفتاحية: الإجراءات الجزائية، التلبس، المخدرات.Abstract This study deals with Concepts, conditions and legal basis of flagrante delicto in drug cases from the extraordinary investigative authorities of the supervisory officers, The study concluded that the study concluded that the UAE Code of Criminal Procedure and the comparative Arab laws do not permit judicial seizures to search the accused’s home in case of flagrante delicto except Bahraini legislation, Therefore, it was recommended that the legislation in question provide for the search of the accused’s home in case of flagrante delicto – similar to the Bahraini legislature – whether it is authorized by the Public Prosecutor’s Office to be present or not without authorization, particularly in the case of drug offences, to help detect drug traffickers, since once the dealer is arrested in case of flagrante delicto, drugs can be concealed.
Key words: Criminal proceedings, flagrante delicto, drugs.
المقدمة:
مما لا شك فيه أن المخدرات باتت من أكبر المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع فهي تُعد من أخطر المشكلات الاجتماعية وبجانب جرائم المخدرات هنالك جرائم أخرى تستدعي التدخل السريع من مأموري الضبط القضائي للحيلولة دون ضياع المصلحة من اتخاذ بعض الإجراءات في وقتها الملائم كالأدلة الظاهرة والآثار المادية أثناء مقارفة الجاني للجريمة لذا أناط الشارع مأموري الضبط القضائي ببعض سلطات التحقيق (كالقبض والتفتيش) وبعض إجراءات التحقيق إذا ندبوا لها من الجهة المختصة، ويعد ذلك خروجاً على القواعد العامة في الإجراءات الجنائية إذ يُعد القبض أو التفتيش بحسب الأصل إجراء من إجراءات التحقيق التي تطلع به النيابة العامة أو الادعاء العام بحسب الأحوال[1]، لما يتضمنه من مساس بحرية المقبوض عليه واستثناء من ذلك فإنه في حالة توافر إحدى حالات التلبس يكون لمأموري الضبط القضائي سلطة القبض والتفتيش إذ أن الخصومة لا تنعقد ولا تتحرك الدعوى الجنائية إلا بالتحقيق الذي تجريه النيابة دون غيرها بوصفها سلطة التحقيق سواء بنفسها أو بمن تندبه لهذا الأمر من مأموري الضبط القضائي إذ لا تعتبر الدعوى قد بدأت بأي إجراء آخر تقوم به سلطات الاستدلال ولو في حالة التلبس بالجريمة أضف لذلك إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى الجزائية فيها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها.[2]
- أهمية البحث:
تستمد الدراسة أهميتها من أهمية القبض والتفتيش بوصفه إجراء يفضي للحصول على الدليل المادي الكاشف للجريمة بالأخص جرائم المخدرات، فمن الناحية النظرية ستوضح الدراسة حالات التلبس المنصوص عليها حصراً في القوانين محل الدراسة وكذا ستبين الإجراءات الاستثنائية لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس وضوابطها وشروطها؛ بينما من الناحية العملية ستبين الدراسة موقف القضاء من حالات التلبس وإجرائي القبض والتفتيش كخروج عن القاعدة القانونية بالإجراءات الجنائية ومن ثم بحث مواطن القصور أو عمليات التعديل اللازمة لمقتضيات العمل القانوني وبالتالي مساعدة مأموري الضبط القضائي في توظيف سلطاتهم الاستثنائية بالوجه الأمثل في قبض وتفتيش المجرمين في قضايا المخدرات.
- مشكلة البحث:
تكمن مشكلة الدراسة في أن القبض والتفتيش هي سلطات استثنائية لمأموري الضبط القضائي تُعد خروجاً عن القواعد العامة في الإجراءات الجنائية وعادة من الناحية العملية -في بعض الأحيان- قد يصاحب ممارسة هذه السلطات الاستثنائية انتهاكات لحقوق وحريات المتهم لذا لابد من العمل على دراسة ضبط الجوانب المتعلقة بحالات التلبس وضمانات تطبيقها وما يصاحبها من إجراءات استثنائية لمأموري الضبط القضائي حتى لا يشوبها البطلان وعليه يمكننا صياغة إشكالية البحث في سؤال رئيسي ماهي السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي والقوانين العربية المقارنة في حالة التلبس بقضايا المخدرات؟ وينبثق منه عدة أسئلة فرعية:
- ماهي الأحكام القانونية للقبض والتفتيش في الإجراءات الجزائية الإماراتي والعُماني والإجراءات الجنائية البحريني والمصري ؟
- هل يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة؟
- هل يحق لمأموري الضبط القضائي القبض والتفتيش عند قيام حالة التلبس حتى دون توافر دلائل كافية على مقارفة المتهم للجريمة؟
- أهداف البحث:
- التعرف على السلطات الاستثنائية (القبض والتفتيش) لمأموري الضبط القضائي في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي وبعض الأنظمة العربية.
- بيان مفهوم الدلائل الكافية التي تبيح الإجراءات الاستثنائية (القبض والتفتيش) لمأموري الضبط القضائي في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي وبعض الأنظمة العربية.
- التعريف بمفهوم وصور حالات التلبس وآثارها.
- التعرف على التلبس في جرائم المخدرات.
- منهج البحث:
جاء منهج البحث وصفي تحليلي، كما نستخدم المنهج المقارن للمقارنة بين قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي والعُماني والإجراءات الجنائية المصري والبحريني بوصف وتحليل ومقارنة النُصوص القانونية التي نظمت الإجراءات الاستثنائية (القبض والتفتيش) لمأموري الضبط القضائي في حالة التلبس.
- خطة البحث:
تم تقسيم الدراسة على النحو التالي:
المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للتلبس بالجريمة
المطلب الأول: مفهوم التلبس بالجريمة
الفرع الأول: تعريف التلبس لغةً وإصطلاحاً
الفرع الثاني: موقف القضاء في التلبس
المطلب الثاني: حالات التلبس بالجريمة
الفرع الأول: الأساس القانوني لحالات التلبس
الفرع الثاني: صور حالات التلبس
المبحث الثاني: آثار التلبس في قضايا المخدرات
المطلب الأول: الإجراءات التحفظية في موقع الجريمة
الفرع الأول: الانتقال الفوري إلى محل الجريمة
الفرع الثاني: منع الحاضرين مغادرة محل الواقعة
المطلب الثاني: سلطات التحقيق الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي
الفرع الأول: القبض كسلطة استثنائية في حالة التلبس في قضايا المخدرات
الفرع الثاني: : التفتيش كسلطة استثنائية في حالة التلبس في قضايا المخدرات
المبحث الأول
الإطار المفاهيمي للتلبس بالجريمة
تقتضي طبـيعة بحث التلبس بيان ماهيته، لذلك سيتم تناول الإطار المفاهيمي للتلبس بالجريمة من عدة نواحي وذلك بالتطرق لمفهوم التلبس في المطلب الأول بينما سنفرد المطلب الثاني لحالات التلبس بالجريمة.
المطلب الأول: مفهوم التلبس بالجريمة
الفرع الأول: تعريف التلبس لغة وإصطلاحاً:
التلبس في اللغة: قد يأتي التلبس بمعنى تغطية الجسم، كأن يقال لبس الثوب، أى وضعه على جسمه وقد يعني الاختلاط فيقال لبس عليه الأمر ، وقد يوصف بالشبهة فيقال في الأمر لبس أي شبهة أي ليس بواضح.
وتقول: ” إلتبس على الأمر إذا اختلط”[3] وجاء في مختار الصحاح من: لبَسَ علي الأمر خلط، ومنه قوله تعالى ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾[4] وفي الأمر لُبسه بالضم أي شبهة یعني لیس بواضح.
كما جاء فيه أیضا، لَبِسَ الثوب بكسر الباء، یلبسه بالفتح، لبسا بالضم، ولباس الرجل امرأته، وزوجها لبسها، قال تعالى﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ﴾[5] وتلبس بالأمر وبالثوب وغیرها من المعاني وعليه فإن لفظ التلبس یوحي بشدة الاقتراب والالتصاق[6].
التلبس في الاصطلاح: التلبس لدى فقهاء الشريعة الإسلامية هو:” كشف الجريمة وقت إرتكابها وليس في الشريعة الإسلامية ما يمنع من اعتبار حالة التلبس طبقاً لوجهة (القانون المصري) خصوصاً وأن المقصود من اعتبار هذه الحالة قائمة هو تسهيل الإجراءات لكشف الحقيقة”.[7]
التلبس لدى فقهاء القانون هو: “مشاهدة مأمور الضبط القضائي الجريمة حال ارتكابها أو مشاهدته آثارها بعد ارتكابها ببرهة يسيرة إذ يجب لاعتبار الجريمة في حالة التلبس أن يشاهد مأمور الضبط القضائي حالة التلبس بنفسه لا أن يتلقى نبأها من الغير وإذا توافر التلبس بالجريمة فإن القانون خول له ببعض السلطات الاستثنائية الماسة بالحرية كالقبض والتفتيش وذلك لكون أن أدلة الجريمة في حالة التلبس واضحة بذاتها لا تحتاج إلى تنقيب بجانب ان الحفاظ على هذه الأدلة يقتضي منحه هذه السلطات الاستثنائية”.[8]
ويعرف البعض التلبس بالجريمة بأنه: “وصف يفيد التقارب الزمني بين لحظة وقوع الجريمة واكتشافها إما بمشاهدة ارتكاب الجريمة حال ارتكابها وإما بعد ارتكابها ببرهة يسيرة فهو وصف ينصب على الجريمة وليس على فاعلها، حيث تعد حالة التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، بما يتيح لمن شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم ضده دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة”.
بينما يعرفه البعض:” حالة يتم فيها اكتشاف الجريمة أثناء ارتكابها أو عقب ارتكابها مباشرة فالتقارب الزمني بين وقوع الجريمة وكشفها هو مدلول التلبس”.[9]
لم تعرف القوانين محل الدراسة التلبس وتركت المجال واسعاً لاجتهادات القضاء ونرى أنها أصابت محجة الصواب إذ أن تعريف التلبس من قبل الشارع يقيد القضاء في تكييف حالة التلبس وتطبيقها.
التلبس يفيد ان الجريمة واقعة وأداتها ظاهرة بادية ومظنة احتمال الخطأ فيها طفيفة والتأخير في مباشرة الإجراءات الجنائية قد يعرقل سبيل الوصول إلى الحقيقة، ومتى كان هذا هو معنى التلبس فلا محل للخشية من المساس بحريات الأفراد وضماناتها لو منح مأمور الضبط القضائي عندئذ بعض سلطات التحقيق[10] كالقبض والتفتيش بل وقد أباح المشرع الإماراتي وكذا القوانين محل الدراسة لكل من شاهد الجاني متلبساً أن يقوم بتسليمه للسلطات العامة، إزكاء لدور المجتمع في مكافحة الجريمة.[11]
ومن المتعين على مأموري الضبط القضائي عند القبض او التفتيش في حالات التلبس – بغير إذن من النيابة العامة (الادعاء العام)- توخي توافر دلائل كافية.
وفي شأن الدلائل الكافية[12] فقد مضت محكمة التمييز البحرينية بالقول بأن:
“الدلائــل الكافيــة المشــار إليهــا في المــادة 56 مــن قانــون الإجــراءات الجنائيــة ليسـت دليـلاً بـل هـي مجـرد اسـتنتاج علـى سـبيل الاحتمـال بمـا يسـمح لمأمـور الضبـط القضائـي اتخــاذ إجــراء تحقيــق مــن أجــل تمحيــص هــذا الاســتنتاج وتحــري مــا إذا كان يمكــن أن يتحــول اسـتنتاج علـى سـبيل الجـزم مـن عدمـه، وكان تقديـر تلـك الدلائـل ومبلـغ كفايتهـا يكـون بـداءة لرجـل الضبــط القضائــي علــى أن يكــون تقديــره هــذا خاضعــاً لرقابــة ســلطة التحقيــق تحــت إشــراف محكمـة الموضـوع”[13].
ولما كان ما تقدم فإن الدلائل يقصد بها العلامات الخارجية أو الشبهات المقبولة دون ضرورة التعمق في تمحيصها وتقليب وجه الرأي فيها وهي لا ترقى لمرتبة الدليل؛ فعلى سبيل المثال يعد من الدلائل الكافية مشاهدة إنسان يعدو في الطريق وهو يحمل سكيناً تقطر دماً.
ونخلص إلى أنه لا يجوز القبض على متهم بغير توافر دلائل كافية حتى وإن كان ذلك تمهيداً لاستصدار أمر من النيابة بتفتيشه وإلا كان القبض باطلاً كما لو تم القبض على شخص لمجرد ظهور الحيرة والارتباك ووضع يده في جيبه عندما شاهد مأمور الضبط القضائي إذ لا تعتبر دلائل كافية على تبرير القبض عليه وتفتيشه[14] ولا يكفي للقول بتوافر الدلائل الكافية على الاتهام مجرد الشبهات الظنية أو البلاغ المقدم من المجني عليه حيث من المتعين أن يصل الأمر إلى حد توافر بعض الدلائل المعقولة التي تحمل على الاعتقاد بوقوع الجريمة ونسبتها إلى المتهم وتقدير كفاية هذه الدلائل يتولاه مأمور الضبط القضائي[15] تحت رقابة سلطة النيابة العامة وإشراف محكمة الموضوع.[16]
الفرع الثاني: موقف القضاء في التلبس
- فقد استقر قضاء محكمة نقض أبوظبي على أن:
” التلبس حالة تلحق بالجريمة المتلبس بها لا بشخص مرتكبها”
(الطعن رقم (400) لسنة 2012 س6 ق.أ جزائي جلسة 17/9/2012م).
- واستقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن:
” يكفى في حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة معينة “[17]
(الطعن رقم 309 لسنة 25 ق جلسة 21/6/1955م).
- واستقر قضاء محكمة التمييز البحرينية على أن:
” المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح لمأمور الضبط القضائي الذي شاهد الجريمة أن يقبض على كل من ساهم فيها فاعلا أو شريكا، وأن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة”
(الطعن رقم 408 لسنة 2018 جلسة 7/10/2019م).
- وقد استقر قضاء المحكمة العليا العُمانية على أن:
” يكفي لقيام حالة التلبس وجود مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع الجريمة مع عدم لزوم تبين ماهية الشيء المشاهد ويكفي الاعتقاد بأنه جريمة “
(قرار رقم 33 في الطعون أرقام 408 212و213و214/2002 جلسة 1/4/2003م).
لما كان ما تقدم فإن البين أن ما استقر عليه قضاءً أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها فيمكن أن تشاهد الجريمة دون أن يشاهد فاعلها[18] إذ يكفي لقيام حالة التلبس وجود مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع الجريمة وفي بيان ذلك يتضح الأمر جلياً في جريمة حيازة المخدرات إذ ليس بالضرورة أن يتم ضبط جوهر المادة المخدرة مع المتهم حتى تقوم حالة التلبس إذ يكفي بسط سلطان المتهم عليه حتى ولو لم تتحقق الحيازة المادية للمادة المخدرة.
فمن المقرر في أحكام محكمة التمييز بدبي أن:
” من المقرر أن مناط المسؤولية في حالة إحراز وحيازة المواد المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالا مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة، اما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية…”.
(الطعنان رقمي 6 و7 لسنة 1997م جزاء جلسة 22/11/1997م).
وهدياً بما تقدم أنه لا يلزم ضبط المخدر بالفعل كشرط للحكم بالإدانة بما يتضح معه أن حالة التلبس تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها وحالة التلبس بالجريمة غير مقصورة على الجريمة وقت ارتكابها بل تشمل الجريمة التي ارتكبت وقبض على فاعلها فوراً [19] علاوة على ذلك لا تكون حالة التلبس صحيحة من الناحية القانونية إذا تدخل مأمور الضبط القضائي بفعله في خلق الجريمة أو قام بالتحريض على ارتكابها.
فمن المقرر في أحكام محكمة التمييز بدبي أن:
” من المقرر أن مهمة مأمور الضبط القضائي بمقتضى المادة (30) من قانون الإجراءات الجزائية الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبيها وكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما دام لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على ارتكابها … “.
(الطعنان رقمي 573 و623 لسنة 2018م جزائي جلسة 19/11/2018م).
(الطعنان رقمي 573 و581 لسنة 2019م جزائي جلسة 16/12/2019م).
من المتوجب على مأمور الضبط القضائي أن يلتزم المشروعية في أدائه لواجباته ومن ثم لا يجوز له ان يحرض على ارتكاب الجريمة من أجل ضبطها فمهمة مأمور الضبط القضائي الكشف عن الجرائم والتوصل إلى معاقبة مرتكبها فكل إجراء يقوم به في هذا السبيل يعتبر صحيحاً منتجاً لأثره ما لم يتدخل بفعله في خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت إرادة الجاني حرة غير معدومة ولا تثريب على مأمور الضبط القضائي ان يصطنع في تلك الحدود الوسائل البارعة ما يغير لمقصودة في الكشف عن الجريمة.
فمن المقرر في أحكام محكمة النقض المصرية أن:
” لا يجوز إثبات حالة التلبس بناء على مشاهدات يختلسها رجال الضبط من خلال ثقوب أبواب المساكن لما فى هذا من المساس بحرمة المساكن و المنافاة للآداب وكذلك لا يجوز إثبات تلك الحالة بناء على اقتحام المسكن فإن ذلك يعد جريمة في القانون فإذا كان الظاهر مما ذكره الحكم أن مشاهدة الخفير للمتهمين وهم يتعاطون الأفيون بواسطة الحقن كانت من ثقب الباب، و أن أحد الشهود احتال عليهم لفتح الغرفة التي كانوا فيها على هذ الحالة ثم اقتحمها الخفير وضبط المتهمين و فتشهم فعثر معهم على المخدر فإن حالة التلبس لا تكون ثابتة، ويكون القبض والتفتيش باطلين”.
(الطعن رقم 1625 لسنة 11 ق ، جلسة 16/6/1941م).
المطلب الثاني: حالات التلبس بالجريمة
الفرع الأول: الأساس القانوني لحالات التلبس
الأساس القانوني لحالات التلبس في التشريع الإماراتي جرى به نص المادة (42) من قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي وتعديلاته على أن: “تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو بعد ارتكابها ببرهة يسيرة. وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو متاع أو أشياء يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك”.
وهو ذات النص الذي ركن اليه المشرع البحريني كأساس قانوني لحالات التلبس.[20]
والأساس القانوني لحالات التلبس في التشريع العُماني جرى به نص المادة (38) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني وتعديلاته على أن: ” تعتبر الجريمة متلبسا بها في الأحوال الآتية:
- حال ارتكاب الجريمة.
- عقب ارتكابها ببرهة يسيرة.
- إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها.
- إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أي شيء يستدل منه أنه فاعل أو شريك في الجريمة أو إذا وجدت به في هذا الوقت علامات أو آثار تفيد ذلك.”
وهو ذات النص تقريباً الذي قرره المشرع المصري – مع اختلاف طفيف في عبارات النص- كأساس قانوني لحالات التلبس.[21] والبين أن هذه القوانين قد حددت حالات التلبس حصراً إذ لا يجوز التوسع فيها لما تنطوي عليه من مساس بالحرية.
الفرع الثاني: صور حالات التلبس
الصورة الأولى: تتوافر هذه الصورة عند مشاهدة الجاني حال اقترافه للفعل أو الأفعال التي يتكون منها الركن المادي للجريمة أو الشروع فيها إذا كان الشروع معاقياً عليه:
حالة التلبس ذات طابع عيني فيكفي مشاهدة ماديات الجريمة ترتكب ولو لم يشاهد الجاني أثناء وقوعها ومشاهدة الجريمة أثناء وقوعها تتحقق بأي حاسة من الحواس متى كان الإدراك بطريقة يقينية لا تتحمل الشك إذ لابد من أن يكون مأمور الضبط القضائي قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه، أو حضر إلى مكان الواقعة عقب ارتكاب الجريمة بوقت قليل أو شاهد أثر من آثار الجريمة أما إذا كانت آثار الجريمة قد انقضت عند حضوره فلا تتوافر حالة التلبس[22]، فمن الممكن إدراك حالة التلبس بحاسة النظر مثل مشاهدة مأمور الضبط القضائي المتهم يحمل جوهر المادة المخدرة، ويمكن إدراك حالة التلبس عن طريق حاسة الشم بواسطة شم رائحة الحشيش، وتقوم حالة التلبس بحاسة السمع كأن يسمع مأمور الضبط القضائي عبارات السب والقذف الموجهة للمجني عليه أو يسمع صوت العيارات النارية قادماً من الجهة التي شوهد المتهم يجري منها[23]
فمشاهدة الجريمة لا تعني ضرورة المشاهدة الفعلية للجريمة بل يكفي لقيام حالة التلبس وجود مظاهر خارجية تنبئ ذاتها عن وقوع الجريمة
فمن المقرر في أحكام محكمة النقض المصرية أن:
” التلبس حالة تلازم الجريمة نفسها، و يكفي لتوفرها أن يكون شاهدها قد حضر ارتكابها بنفسه وأدرك وقوعها بأية حاسة من حواسه متى كان هذا الإدراك بطريقة يقينية لا تحتمل شكاً فإذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الضابط اشتم رائحة الحشيش تنبعث من مقهى فدخله، وما أن استدار المتهم وعرف شخصية الضابط حتى ألقى لفافة من يده على الأرض تبين أنها تحوى حشيشاً فإن الحكم – إذ استدل من ذلك على قيام حالة التلبس التي تجيز القبض و التفتيش – إنما يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً”[24].
وقضت أيضاً أن:
” … يكفي لقيام حالة التلبس ان يشاهد المخدر عند قدمي المتهم، فإذا وجدت لدى الضابط قرائن وأمارات كافية تفيد صلة المتهم بهذا المخدر حق له القبض عليه وتفتيشه”[25].
وقضت أيضاً أن:
” إذا كان المتهم قد أخرج ورقة من جيبه عند رؤيته لرجال الشرطة ووضعها بسرعة في فمه ولم يكن ما حوته الورقة ظاهراً حتى يستطيع رجال البوليس رؤيته فإن هذه الحالة لا تعتبر حالة تلبس بإحراز مخدر”[26].
وقضت محكمة الجنايات بمحكمة الإسكندرية في العام 2019م بأن:
” ترتاب المحكمة في أقوال شاهد الإثبات في الدعوى الملازم/ …. ولا يطمئن وجدانها لصدق راويته وتصويره لكيفية ضبط المخدر موضوع الاتهام وترى أن لواقعة الدعوى صورة مغايرة لما ذكره الشاهد لم تهتد التحقيقات عن الكشف عنها الأمر الذي يتعذر معه الجزم بصحة إجراءات القبض على المتهم وتفتيشه المنعي عليها بالبطلان لانعدام حالة التلبس من المدافع عنه ذلك انه لا يستقيم في منطق العقل ولا يتأتى مع المجرى العادي للأمور ان يقف المتهم في الطريق العام للإتجار في المواد المخدرة بصورة ظاهرة دون أن يتخذ ثمة احتياطات للتخفي عن عين رقيبه (الشرطة) كما أنه من غير المعقول وهو مسجل إجرامياً أن يظل على هذا الوضع دون أن يشعر بضابط الواقعة والقوة المرافقة له وهم ملتفون حوله ويتمكن ضابط الواقعة من القبض عليه وانتزاع علبه السجائر الحاوية للمخدر في يده دون ان يحاول الفرار أو التخلص مما كان يحرزه الأمر الذي يحيط أقوال الشاهد بالشك والريبة إذا أضيف لما سبق أنه من غير المعقول أن يتمكن العميل من الفرار رغم وجود ضابط الواقعة والقوة المرافقة له ورغم وجوده مع المتهم على مسافة واحدة كما ان انفراد ضابط الواقعة بالشهادة رغم وجود قوة أفراد الشرطة السريين ترافقه واشتركوا معه في ضبط المتهم الأمر الذي يقطع بمشاهدتهم للواقعة ومن ثم يكون إبعادهم مقصود الأمر الذي يلقي بالمزيد من الشك والريبة على أقوال شاهد الواقعة الوحيد كما أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد تدوين المأمورية قياماً وعودة وضبط المتهم في الميعاد المناسب بأياً من دفاتر الأحوال المخصصة لهذا الغرض في أقسام الشرطة وحيث أنه لما كان ما تقدم فإن المحكمة تطرح أقوال الشاهد ولا تعول على ما جاء بالإقرار الشفهي المنسوب للمتهم بإحراز جوهر الحشيش المخدر بالإتجار لورود ذلك الإقرار على لسان الضابط المرتاب في صحة أقواله ولمبادرة المتهم بإنكار الاتهام حال استجوابه في التحقيقات واعتصامه بالإنكار بجلسة المحاكمة الأمر الذي يضحى معه الاتهام المسند اليه محاطاً بالشك والريبة مفتقراً إلى دليل يوازره فتقضي المحكمة ببراءته”.[27]
بينما لا تكون حالة التلبس صحيحة من الناحية القانونية إذا شاهد مأمور الضبط القضائي الجريمة بصورة غير مشروعة، مثل تجسسه على المتهم في مكان خاص، أو دخوله منزل دون إذن مسبق من النيابة العامة أما إذا دخل المنزل بناء على سماعه صوت استغاثة وطلب المجني عليه المساعدة عندئذ يكون الدخول للمنزل بناء على حالة الضرورة وبالتالي يكون إجراء التلبس مشروع من ناحية قانونية.[28]
الصورة الثانية: مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة:
يتوافر التلبس في هذه الحالة باكتشاف الجريمة خلال وقت قصير لاحق على ارتكابها فيتحقق بذلك معنى التقارب الزمني بين وقوعها واكتشافها ومؤدى ذلك أن تكون ما زالت آثارها بادية تنبئ عن وقوعها كمشاهدة المجني عليه يقطر دماً ومشاهدة السارق عقب مغادرته المنزل الذي قام بسرقته[29] ويتوافر التلبس أيضاً إذا عاين مأمور الضبط القضائي جثة المجني عليه وهي غارقة في الدماء ودلت التحريات على تحديد هوية المتهم فتوجه إليه وقام بالقبض عليه وإذا لم يتخلف عن الجريمة أثر لا تتوافر حالة التلبس، ولذلك لا يتوافر التلبس إذا حضر مأمور الضبط بعد وقوع السرقة فأخبره المجني عليه بما وقع من الجاني، ذلك أن هذه الأقوال لا تعدل الآثار المادية[30] التي يستشف منها عن وقوع الجريمة منذ برهة يسيرة[31].
فمن المقرر في أحكام محكمة النقض المصرية أن:
” أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو بمشاهدته أثراً من آثارها ينبئ بنفسه عن وقوعها أو بإدراكها بحاسة من حواسه، وإذ كان الحكم المطعون فيه – فيما خلص إليه من بطلان القبض على المطعون ضدهما وتفتيشهما – قد ألتزم هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجه الصحيح وأصاب محجة الصواب بما يضحى معه منعى الطاعنة غير سديد”[32].
الصورة الثالثة: تتبع المتهم أثر وقوع الجريمة:
وتتحقق هذه الصورة من حالات التلبس بان يتبع المجني عليه الجاني أو تبعته العامة بالصياح إذ يعد ذلك قرينة على قيام حالة التلبس بالجريمة ولا يشترط أن يكون التتبع بالجري خلف الجاني بل يكفي أن يكون بالصياح والإشارة إليه بالأيدي[33] ولا يتوافر التلبس مع ذلك إذا مضى وقت طويل بين وقوع الجريمة ومطاردة المتهم بارتكابها كما لو صادفه المتهم في اليوم التالي لوقوعها وتتبعه بالصياح بغرض الإمساك به.[34]
الصورة الرابعة: مشاهدة أدلة الجريمة:
يتحقق التلبس في هذه الحالة متى شوهد الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب وهو يحمل أشياء كآلات أو أسلحة أو أمتعة أو غير ذلك مما يكون له صلة بالجريمة التي ارتكبها أو أن توجد به آثار أو علامات يستدل منها على انه فاعل الجريمة او كان شريكاً فيها كوجود بقع دموية على ملابسه أو وجود تسلخات أو جروح نتيجة مقاومة المجني عليه له وعلى كل حال يجب ان يكون ذلك في وقت قريب لارتكاب الجريمة.[35]
ونخلص إلى أن التلبس نوعان الأول حقيقي والثاني حكمي فالتلبس الحقيقي يكون عند مشاهدة الجريمة وقت مقارفتها أو عقب ارتكابها ببرهة يسيرة أما الحكمي لا يتم فيه مشاهدة الجريمة وإنما آثارها ويتم ذلك إذا إتبع المجني عليه الجاني أو تبعته العامة بالصياح أو وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا أشياء أو وجدت به آثار أو علامات تفيد ارتكابه للجريمة.[36]
المبحث الثاني: آثار التلبس في قضايا المخدرات
تخول حالة التلبس مأمور الضبط القضائي اتخاذ الإجراءات التحفظية في موقع الجريمة بجانب سلطة القبض والتفتيش إلا أن ذلك اقتصاره على حالة الجريمة المتلبس بها دون غيرها فإن امتداد الإجراءات المتخذة بشأن حالة التلبس إلى جريمة أخرى ولو كانت وثيقة الصلة بها أثره البطلان.
فقد استقر قضاء محكمة نقض أبوظبي على أن:
“ضبط الطاعن متلبساً في جريمة شرب الخمر. اعترافه بها وعرضه على النيابة العامة التي أمرت بحبسه وقيد الأوراق برقم جزائي. أخذ عينة منه لتحليلها لمعرفة ما إذا كان متعاطياً لمواد مخدرة من عدمه دون أمر من سلطة التحقيق مؤداه البطلان”[37]
لذا سنتطرق في هذا المبحث لبيان آثار التلبس في قضايا المخدرات وسنفرد المطلب الأول إلى الإجراءات التحفظية في موقع الجريمة أما المطلب الثاني لسلطات التحقيق الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي.
المطلب الأول: الإجراءات التحفظية في موقع الجريمة
الفرع الأول: الانتقال الفوري إلى محل الجريمة:
إن حالة التلبس الجنائية توجب على مأمور الضبط القضائي الانتقال فوراً إلى محل الواقعة ومعاينة الآثار المادية للجريمة والمحافظة على هذه الآثار وإثبات حالة الأماكن والأشخاص وكل ما يفيد كشف الحقيقة وسماع أقوال الأشخاص الحاضرين في محل الواقعة وكل ما يمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الجريمة ومرتكبها ويجب ان يخطر النيابة فوراً بانتقاله[38] وهذا ما جرى به نص المادة (43) من قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي ونص المادة (52) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته ونص المادة (31) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته وذات نص المادة (39) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني وتعديلاته من أن:” على مأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجريمة أن ينتقل فوراً لمحل الواقعة ويعاين الآثار المادية للجريمة ويحافظ عليها ويثبت حالة الأماكن والأشخاص وكل ما يفيد في كشف الحقيقة ويسمع أقوال من كان حاضراً أو من يمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الواقعة ومرتكبيها، وعليه إخطار النيابة العامة فوراً بانتقاله.
وعلى النيابة العامة الانتقال فوراً إلى محل الواقعة بمجرد إخطارها بجناية متلبس بها “.
البين أن التشريعات قد نصت بأن على النيابة العامة الانتقال فوراً إلى محل الواقعة بمجرد إخطارها بجناية التلبس إلا أنه بالنظر للواقع العملي نجد في معظم الأحيان لا وجود للنيابة العامة في محل واقعة التلبس أو قد يحدث تأخير في حضورها.
يرى الباحث بضرورة النص في التشريعات محل الدراسة صراحة ببطلان القبض والتفتيش في حالة عدم حضور النيابة العامة (الادعاء العام) لواقعة التلبس والغرض من ذلك إضفاء الشرعية على حالة التلبس وضمان إثباتها – بالأخص في حالة التلبس في قضايا المخدرات- وحتى لا يكون الأمر برمته لمأموري الضبط القضائي الذي في كثير من الأحيان قد تثأر مسالة الشك حول الواقعة بما يصعب على المحكمة تكوين عقيدتها واطمئنانها لواقعة التلبس لا سيما وأن عقوبة الإتجار بالمخدرات قد تصل للإعدام أو السجن المؤبد لذا لا بد من التثبت من واقعة التلبس بجريمة الإتجار بالمواد المخدرة.
الفرع الثاني: منع الحاضرين من مغادرة محل الواقعة:
أن حالة التلبس تجيز لمأمور الضبط القضائي منع الحاضرين محل الواقعة من مغادرة هذا المحل أو الابتعاد عنه حتى يتم تحرير هذا المحضر وأن يستحضر في الحال من يمكن الحصول منه على استيضاحات بصدد الواقعة محل التلبس وهذا عين ما جرى به نص المادة (44) من قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي ونص المادة (53) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته ونص المادة (32) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته وذات نص المادة (40) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني وتعديلاته من أن:” لمأمور الضبط القضائي عند انتقاله في جريمة متلبس بها أن يمنع الحاضرين من مبارحة محل الواقعة أو الابتعاد عنه حتى يتم تحرير المحضر وله أن يستدعي في الحال من يمكن الحصول منه على إيضاحات في شأن الواقعة”.
المطلب الثاني: سلطات التحقيق الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي
الفرع الأول: القبض كسلطة استثنائية في حالة التلبس في قضايا المخدرات
نصت المادة (45) من قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي على أن:” لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على ارتكابه جريمة في أي من الأحوال الآتية:
أولاً: في الجنايات.
ثانيًا: في الجنح المتلبس بها المعاقب عليها بغير الغرامة…”.
ونصت المادة (42) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني وتعديلاته على أن:” لمأمور الضبط القضائي في حالات التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالسجن أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر إذا قامت أدلة قوية على ارتكابه الجريمة، فإذا لم يكن حاضرا جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويثبت ذلك في المحضر”.
ونصت المادة (55) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن: ” لمأمور الضبط القضائي في الجنايات والجنح المتلبس بها التي تزيد مدة الحبس فيها على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه وإذا لم يكن المتهم حاضرا جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويثبت ذلك في المحضر، وينفذ الأمر بواسطة أحد أفراد السلطة العامة”.
ونصت المادة (34) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته على أن:” لمأمور الضبط القضائي فى أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه”.
لما كان ما تقدم وكان البين أن هذه القوانين قد أعطت لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بالجريمة سلطة القبض على المتهم كسلطة استثنائية لكون القبض في الأساس إجراء من إجراءات التحقيق الذي تقوم به النيابة العامة (الادعاء العام) وبالتالي لا يحتاج إلى ثمة إذن من النيابة العامة (الادعاء العام) طالما وجدت دلائل كافية ويجب أن تكون الجريمة موضوع التلبس جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر وهذه الجرائم هى الجرائم التى يجوز إصدار الأمر فيها بالحبس الاحتياطي.
فمن المقرر في أحكام محكمة النقض المصرية أن:
” أعطى القانون للمأمور القضائي في احوال التلبس بالجرائم المعدودة من قبيل الجنايات او الجرائم المعدودة من قبيل الجنح والمعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر حق إلقاء القبض على المتهم متى وجدت دلائل كافية على إتهامه”[39].
ومن المقرر في أحكام محكمة التمييز البحرينية أن:
“المقـرر أن التلبـس صفـة تـلازم الجريمـة ذاتهـا لا شـخص مرتكبهـا وتوافـره يبيـح لمأمـور الضبـط القضائـي في الجنايـات والجنـح التـي تزيـد مـدة الحبـس فيهـا علـى ثلاثة أشـهر القبـض علـى المتهـم الحاضـر الـذي توجـد دلائـل كافيـة علـى اتهامـه دون حاجـة إلـى صـدور إذن النيابـة العامـة بذلـك عملاً بنـص المـادة 1/55مـن قانـون الإجـراءات الجنائيـة”[40].
ومن الملاحظ أن جرائم المخدرات هي من الجرائم التي يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية لإتهامه وإذا توافرت حالة التلبس بجريمة منها جاز من باب أولى القبض على المتهم[41]
فمن المقرر في أحكام محكمة النقض بأبوظبي أن:
“جريمة تعاطي المواد المخدرة من الجرائم التي لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر متى وجدت دلائل كافية على ارتكابها”[42].
وقضت بأن:
“القضاء ببراءة المطعون ضده من جريمة تعاطي المواد المخدرة لعدم توافر الدلائل الكافية والجادة للقبض عليه في غير حالة التلبس وأخذ عينة منه للتحليل أسفرت عن تعاطيه للمخدر لا عيب”[43].
وقضت أيضاً بأن:
“إدانة الطاعن بجريمة تعاطي المواد المخدرة تأسيساً على القبض عليه إثر ارتكابه مخالفة مرورية ومشاهدة رجل الضبط له في حالة غير طبيعية مما يبيح القبض والتفتيش عليه. صحيح”[44].
بينما التخلي طواعية عن جوهر المادة المخدرة من قبل المتهم كافي لقيام التلبس بالجريمة بما يبيح معه لمأمور الضبط القضائي القبض عليه طالما كان التخلي الذي ينبني عليه قيام حالة التلبس بالجريمة قد وقع عن إرادة طواعية واختيار، أما إذا كان وليد إجراء غير مشروع فإن الدليل المستمد منه يكون باطلا لا أثر له وإن إبطال القبض على المتهم لكونه وليد إجراء غير مشروع لازمة بالضـرورة إهدار كل دليل أنكشف نتيجة القبض الباطل وعـدم الاعتداد به في إدانته.
فمن المقرر في أحكام محكمة النقض المصرية أن:
” مجرد تخوف المتهم وخشيته من رجلي الشرطة وتوهمه بأن أحدهما قد يقدم على القبض عليه أو التعرض لحريته ، لا يصح اتخاذه ذريعة لإزالة الأثر القانوني المترتب على تخليه الصحيح عن المخدر، ومن ثم يكون الحكم إذ قضى برفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش قد أصاب صحيح القانون”[45].
وقضت بأن:
” … فإن الواقعة حسبما اوردها الحكم لا توافر في حق الطاعن الأول حالة التلبس المنصوص عليها في المادتين 34،35 من قانون الإجراءات الجنائية ولا تبيح بالتالي حق القبض عليه وإجراء تفتيش لمركبته، كما لا تبيح له حق القبض على الطاعن الثاني حال تخيله عن كيس به مخدر الحشيش حينما طالبه بتقديم تحقيق شخصيته، ذلك انه يشترط في التخلي الذي ينبني على قيام حالة التلبس بالجريمة أن يكون وليد إجراء مشروع، فإذا كان وليد إجراء غير مشروع – كما هو الحال في الدعوى الراهنة- فإن الدليل المستمد منه يكون باطل لا أثر له ذلك أن تخلي الطاعن الثاني عن الكيس الذي عثر على قطع المخدر بداخله لم يحصل إلا عقب القبض على الطاعن الأول وبتفتيش مركبته الباطلين حسبما إنتهت إليه المحكمة فيما سلف –وفوق ذلك- فإن إستيقاف الضابط للطاعنين وهما يستقلان المركبة التي كان يقودها الطاعن الأول ودون أن يصدر عنهما ما يثير الريبة والشك، فإن إستيقافهما أيضاً يتسم بعدم المشروعية ومشوب بالبطلان وباطل أيضاً ما ترتب عليه من قبض وتفتيش وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على صحة ما قام به الضابط من إجراءات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وكان بطلان تلك الإجراءات مقتضاه قانوناً عدم التعويل في الحكم بالإدانة على أي دليل مستمد منها، وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بتلك الإجراءات الباطلة ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سواها فإنه يتعين الحكم بنقض الحكم المطعون فيه وببراءة الطاعنين …”[46].
وقضت أيضاً بأن:
” … ان للاستيقاف شروط ينبغي توافرها قبل اتخاذ هذا الإجراء وهي أن يضع الشخص نفسه طواعية منه واختيارا في موضع الشبهات والريب وأن ينبئ هذا الوضع عن صورة تستلزم تدخل المستوقف للكشف عن حقيقته، لما كان ذلك، وكانت صورة الواقعة – كما حصلها الحكم المطعون فيه التي سلف بيانها – لا تنبئ عن أن جريمة إحراز المخدر الذي دين الطاعن بها كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية إذ أن تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير لا يكفي لقيام حالة التلبس ما دام لم يشهد أثرا من آثارها ينبئ بذاته عن وقوعها قبل إجراء القبض، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه – على السياق المتقدم – من محاولة الطاعن الفرار بمجرد أن رأي ضابط الواقعة يقترب منه تتوافر به حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي إلقاء القبض عليه، ليس صحيحا في القانون وذلك لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه ليس في مجرد ما يعتري الشخص من مظاهر الحيرة والارتباك مهما بلغا ما يوفر الدلائل الكافية على اتهامه بالجريمة المتلبس بها ويبيح من ثم القبض عليه وتفتيشه، ويكون إلقاء الطاعن ما كان يحمله وتخليه عنه – سواء تناثرت منها اللفافات أو اشتم ضابط الواقعة منها رائحة المخدر – وليد إجراء غير مشروع إذ اضطر إليه اضطرارا عند محاولة القبض عليه – في غير حالاته – لا عن إرادة وطواعية واختيارا من جانبه ومن ثم فإن ضبط المخدر على أثر ذلك الإجراء الباطل تنتفي معه حالة التلبس بالجريمة لوقوعه على غير مقتضى القانون، فضلا عن أن تخلي الطاعن عما يحمله عند مشاهدته مأموري الضبط القضائي – الضابط وأمين الشرطة – أيهما باللحاق به لا ينبئ بذاته عن توافر جريمة متلبس بها تجيز لمأموري الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه، من ثم فإن ما وقع في حق الطاعن هو قبض باطل، ولا محل لما أورده الحكم المطعون فيه في معرض إطراح دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش توافر مبرر لاستيقاف ضابط الواقعة للطاعن، إذ أن الاستيقاف على هذه الصورة هو القبض الذي لا يستند إلى أساس في القانون ومن ثم فهو باطل، ويبطل معه – ما ترب عليه من تخلي الطاعن عن المخدر إثر فراره عند ملاحقة…”[47].
الفرع الثاني: التفتيش كسلطة استثنائية في حالة التلبس في قضايا المخدرات
لا يجوز لمامور الضبط القضائي تفتيش المتهم إلا في حالة التلبس بجناية أو بجنحة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر بجانب توافر دلائل كافية على ارتكابه للجريمة.
فقد نصت المادة (51) من قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي على أن:” لمأمور الضبط القضائي أن يفتش المتهم في الأحوال التي يجوز فيها قانونًا القبض عليه ويجرى تفتيش المتهم بالبحث عما يكون بجسمه أو ملابسه أو أمتعته من آثار أو أشياء تتعلق بالجريمة أو تكون لازمة للتحقيق فيها”.
ونصت المادة (66) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن: ” في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانونًا على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه”
ونصت المادة (77) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني وتعديلاته على أن:” لمأموري الضبط القضائي تفتيش المتهم في الأحوال التي يجوز فيها قانونا القبض عليه، كما يجوز تفتيش غير المتهم إذا اتضح من أمارات قوية أنه يخفي أشياء تفيد في كشف الحقيقة، ويشمل التفتيش جسمه وملابسه وأمتعته”.
ونصت المادة (46) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته على أن:” في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانونًا على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه وإذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي”.
والبين من نصوص المواد بعاليه لم يتم النص صراحة على التفتيش في حالة التلبس كما فعل الشارع في حالة القبض بالتلبس وإنما يفهم ضمناً جواز ذلك من النصوص إذ أن كل قبض يبيح التفتيش بما في ذلك القبض في حالة التلبس إذا تم صحيحاً بوجود حالة تلبس صحيحة وبتوافر دلائل كافية لارتكاب الجريمة.
وتفتيش المتهم يشمل جسمه وملابسه ومتاعه ويجوز أن يمتد التفتيش إلى أعضاء الجسم الداخلية مثل أخذ عينة دم من المتهم للفحص وقضي تطبيقاً لذلك بان ما يتخذه مأمور الضبط القضائي من إجراءات الكشف عن المخدر بمعرفة طبيب المستشفى في موضع إخفائه من جسم المتهم لا يعدو ان يكون تعرضاً له بالقدر الذي يبيحه التفتيش ذاته كما ان قيام الطبيب في المستشفى بإخراج المخدر من الموضع الذي أخفاه فيه المتهم لا تأثير له على سلامة الإجراءات[48] ولما كانت حرمة السيارة الخاصة مستمدة من اتصالها بشخص صاحبها فحيث يجوز تفتيشه قانوناً يجوز ان يشملها للتفتيش أيضاً طالما وجدت في الطريق العام.[49]
ومــن المتفــق عليــه فقهــاً وقضــاءً أن القانــون وإن كان يبيــح لمأمــور الضبــط القضائــي تفتيــش شـخص المتهـم في الأحـوال التـي يجـوز لـه فيهـا القبـض فـإن تلـك الإباحـة لا تتعـدى شـخص المتهـم. فـلا يجـوز أن تمتـد لمنزلـه ولـو كان مأمـور الضبـط القضائـي قـد قبـض علـى المتهـم في منزلـه، أي كان دخولـه المنـزل بوجـه قانونـي[50] إلا إذا قامت أثناء تفتيش منزل المتهم الجاري تفتيشه بإذن من النيابة العامة أو الادعاء العام بحسب الحال قرائن قوية ضده أو ضد شخص موجود فيه على أنه يخفي معه شيئًا يفيد في كشف الحقيقة جاز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه.
وهذا ما اكده نص المادة (57) من قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي ونص المادة (68) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته ونص المادة (49) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته وذات نص المادة (82) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العماني وتعديلاته على أن:” إذا قامت أثناء تفتيش منزل المتهم قرائن قوية ضده أو ضد شخص موجود فيه على أنه يخفي معه شيئًا يفيد في كشف الحقيقة جاز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه”.
وتشير هذه النصوص إلى حالة أخرى غير حالة التلبس التي تجيز لمأمور الضبط القضائي تفتيش المتهم إذا توافرت شروط القبض عليه فهو يخول لمأمور الضبط القضائي في حالة اضطلاعه بتفتيش مسكن المتهم بوجه قانوني حق تفتيش شخصه أو أي شخص آخر موجود معه متى قامت قرائن قوية ضده او ضد هذا الشخص على أنه يخفي شيء يفيد في كشف الجريمة.[51]
ومن الجدير بالملاحظة أن هذه التشريعات لا تبيح لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس ما عدا التشريع البحريني فقد سمح لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس وحسناً فعل المشرع البحريني.
يرى الباحث بضرورة النص في التشريعات محل الدراسة على تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس– على غرار المشرع البحريني – سواء كان بإذن من النيابة (الادعاء العام) أن كانت حضوراً للواقعة وإلا بدون إذن من النيابة وبالأخص في جريمة المخدرات للمساعدة في الكشف عن تجار المخدرات لكون بمجرد القبض على التاجر في حالة تلبس إذا لم يتم تفتيش مسكنه فمن المحتمل أن يتم إخفاء المخدرات من قبل أعوانه لا سيما وأن الحصول على الإذن بالتفتيش قد يستغرق وقت، فمن الأفضل بمجرد القبض على المتهم تلبساً في قضية مخدرات إن برزت أمارات قوية تفيد بانه يتجر في المخدرات يباح لمأمور الضبط القضائي تفتيش سيارته حتى وأن لم تكن في الطريق العام ومنزله بدون إذن من النيابة فهذا يساعد كثيراً على الحد من تجارة المخدرات وفي ذات الوقت أن ما قد يسفر عنه التفتيش لمنزل المتهم من وجود جوهر المخدر يعد إثبات وتعضيد لحالة التلبس ويجعلها قانونية بما يساعد في تكوين عقيدة القاضي وتفادياً للدفع الذي سيبديه المتهم ببطلان التفتيش لكونه بدون إذن من النيابة إن لم يتم أخذ الإذن من النيابة الذي قد يفسد حالة التلبس ويسقطها على الرغم من كونها نشأت صحيحة.
فقد نصت المادة (67) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن:” لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة إذا اتضح له من أمارات قوية أنها موجودة فيه”.
بينما المشرع المصري كان قد نص في المادة (47) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري بأن لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يفتش منزل المتهم إلا أن هذه المادة تم إلغاؤها بحكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم 5 لسنة 4 ق في 2/6/1984م حيث أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمها بعدم دستورية نص المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية بتاريخ 2/6/1984م وذلك بمناسبة إيقاف محكمة جنايات القاهرة للجناية رقم 28 لسنة 1980م مخدرات الأزبكية[52] وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة (47) من قانون الإجراءات الجنائية والتي كانت تنص على: ” لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن يفتش منزل المتهم ويضبط فيه الأشياء والأوراق التي تفيد في كشف الحقيقة إذا أتضح له من إمارات قوية انها موجودة فيه”.
الخاتمة:
بعد التعرض لدراسة هذا الموضوع بالتحليل والتقصي في متن هذه الدراسة فقد خصصنا الخاتمة لبيان أهم النتائج التي توصلنا إليها فضلاً عن بعض التوصيات التي يري الباحث أنها ضرورية وكما يأتي:
أولاً: النتائج : وقد توصلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
- أجاز قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي والقوانين العربية المقارنة لمامور الضبط القضائي سلطات استثنائية (القبض والتفتيش) في حالة التلبس شريطة توافر دلائل كافية على ارتكابه للجريمة.
- تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو بعد ارتكابها ببرهة يسيرة وإذا تبع المجني عليه مرتكبها، أو تبعته العامة مع الصياح أو إذا وجد مرتكبها حاملاً آلات أو أشياء تدل على أنه فاعل أو شريك في الجريمة أو إذا وجدت به آثار تفيد ذلك.
- لقيام حالة التلبس يجب أن تتم المشاهدة من قبل مأمور الضبط القضائي دون سواه إذ لا تقوم إذا تلقى بلاغ من المجنى عليه بالجريمة أو يكتفي بمشاهدة أحد من المارة أو حتى أي من أفراد السلطة العامة.
- والبين أنه سواء في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي أو القوانين العربية المقارنة لم يتم النص صراحة في نصوص أي منهم على التفتيش في حالة التلبس كما فعل الشارع في حالة القبض بالتلبس وإنما يفهم ضمناً جواز ذلك من النصوص إذ أن كل قبض يبيح التفتيش.
- إن حالة التلبس الجنائية توجب على مأمور الضبط القضائي الانتقال فوراً إلى محل الواقعة ومعاينة الآثار المادية للجريمة وإثبات حالة الأماكن والأشخاص بجانب أن له منع الحاضرين من مغادرة محل الواقعة وعليه إخطار النيابة فوراً الذي يتوجب عليه بدوره الانتقال فوراً إلى محل الواقعة وفي الواقع العملي في معظم الأحيان لا وجود للنيابة العامة في محل واقعة التلبس أو قد يحدث تأخير في حضورها.
- أن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي والقوانين العربية المقارنة – محل الدراسة- لا تبيح لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس ماعدا التشريع البحريني فقد سمح لمأمور الضبط القضائي تفتيش منزل المتهم في حالة التلبس.
ثانياً: التوصيات:
- الدعوة للتشريعات محل الدراسة بالنص صراحة بقانون الإجراءات الجزائية (الإجراءات الجنائية) على تفتيش المتهم في نفسه وتفتيش سيارته أثناء توافر حالة التلبس على غرار النص على قبض المتهم في حالة التلبس.
- الدعوة للتشريعات محل الدراسة بالنص صراحة وبالأخص في قضايا المخدرات ببطلان القبض والتفتيش في حالة عدم حضور النيابة العامة ( الادعاء العام) لواقعة التلبس بجانب النص على مناط بطلان القبض والتفتيش على وجه العموم.
- الدعوة للتشريعات محل الدراسة بالنص على تفتيش مسكن المتهم في حالة التلبس على غرار المشرع البحريني دون شرط الحصول على إذن من النيابة.
- الدعوة للتشريعات محل الدراسة بالنص على بيان الدلائل الكافية التي إرتكنت النيابة العامة عليها في استصدار أمر القبض وتدوينها في أمر القبض (إذن الضبط) لكون في الغالب الأعم يتم الاكتفاء بعبارة الاطمئنان لجدية التحريات الواردة في طلب الإذن بالضبط في حين أن بعض هذه التحريات تكون مستقاة من مصدر سري.
- الدعوة لإخضاع مأموري الضبط القضائي لدورات تدريبية دقيقة لبيان عملية الضبط والتفتيش في واقعة التلبس.
المراجع باللغة العربية:
- أبن منظور: جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة.
- أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الكتاب الأول، الطبعة العاشرة، دار النهضة العربية، القاهرة 2016م.
- أشرف توفيق شمس الدين، شرح قانون الإجراءات الجنائية، طبعة خاصة بالتعليم المفتوح، 2012م.
- حسن صادق المرصفاوي، أصول الإجراءات الجنائية، دار المعارف، الإسكندرية،1981م.
- رؤوف عبيد، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، دار الفكر العربي،1980م.
- سامح السيد جاد، شرح قانون الإجراءات الجنائية، بدون دار نشر،2005م.
- عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي، ج 1، دار الكتاب العربي، بيروت.
- مأمون محمد سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري،ج1، 2000م.
- محمد السعيد عبد الفتاح، الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الأفاق المشرقة ناشرون، الشارقة، الطبعة الثانية،2018م.
- محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر، مختار الصحاح، مكتبة لبنان، بيروت، 1995م.
- محمد عبد العزيز محمد، التفتيش (الإذن-الإجراء)، دار الكتب القانونية، 2009.
- محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الرابعة،2011م.
- نبيل مدحت سالم، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الرابعة، دار الثقافة الجامعية، القاهرة،1990م.
الرسائل:
- إبراهيم معين إحسان أبو حديد، صلاحيات مأموري الضبط القضائي في ملاحقة جرائم المخدرات، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة النجاح الوطنية بفلسطين،2021م.
- سعود عبد القادر الشاعر، حدود سلطات مأموري الضبط القضائي في حالات التلبس، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2017م.
- علي خميس علي التميمي، السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي في الجرائم المعلوماتية، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2019م.
- وليد محمد المرزوقي، السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي (القبض والتفتيش) “دراسة مقارنة”، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2017م.
دوريات:
- محمد حسن إبراهيم، تفتيش الأشخاص في القانون البحريني، مجلة القانونية، العدد السابع،2017م.
القوانين:
- قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي.
- مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني.
- قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري.
- مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العُماني.
[1] المقصود بعبارة بحسب الأحوال لكون الهئية القضائية التي ينطوي عملها على مباشرة الدعوى الجزائية بالنيابة عن المجتمع والتصرف فيها إما بالإحالة للمحكمة أو بصدور قرار بحفظها في دولة الإمارات العربية والمتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية يطلق عليها لفظ (النيابة العامة) بينما في سلطة عمان يطلق عليها لفظ (الإدعاء العام).
[2] فقد نصت المادة (50) قانون إتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي على أن:” إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى الجزائية فيها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة أن تكون الشكوى لمن يكون حاض ًرا من أفراد السلطة العامة”.
ونصت المادة (39) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته على أن:” فيما عدا الأحوال المنصوص عليها بالمادة 9 ( فقرة ثانية ) من هذا القانون فإنه اذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم الا اذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز فى هذه الحالة لمن يكون حاضرا من رجال السلطة العامة”.
ونصت المادة (60) من قانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن:” إن كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها ويجوز في هذه الحالة ان تكون الشكوى لمن يكون حاضراً من قوات الأمن العام”.
ونصت المادة (47) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العُماني وتعديلاته على أن:” إذا كانت الجريمة المتلبس بها مما يتوقف رفع الدعوى العمومية عنها على شكوى فلا يجوز القبض على المتهم إلا إذا صرح بالشكوى من يملك تقديمها”.
[3] أبن منظور: جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري، لسان العرب، دار المعارف، القاهرة، ص 3986.
[4] (سورة الأنعام: الآية (9))
[5] (سورة البقرة: الآية (187))
[6] محمد بن أبي بكر بن عبدالقادر، مختار الصحاح، مكتبة لبنان، بيروت، 1995م، ص 590
[7] عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي، ج 1، دار الكتاب العربي، بيروت، ص85.
[8] بتصرف: أشرف توفيق شمس الدين، شرح قانون الإجراءات الجنائية، طبعة خاصة بالتعليم المفتوح، 2012م، ص154.
[9] محمد السعيد عبد الفتاح، الوجيز في شرح قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الأفاق المشرقة ناشرون، الشارقة، الطبعة الثانية،2018م، ص 119، نقلاً عن علي خميس علي التميمي، السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي في الجرائم المعلوماتية، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2019م، ص 51.
[10] حسن صادق المرصفاوي، أصول الإجراءات الجنائية، دار المعارف، الإسكندرية،1981م، ص270.
[11] فقد نصت المادة (48) قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي على أن:” لكل من شاهد الجاني متلبساً بجناية أو جنحة، أن يسلمه إلى أقرب أفراد السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه”.
ونصت المادة (58) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن: ” لكل من شاهد الجاني في جريمة متلبساً بها يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطي أن يسلمه إلى أقرب عضو من قوات الأمن العام دون حاجة إلى أمر قبض”.
ونصت المادة (37) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته على أن:” لكل من شاهد الجانى متلبسا بجناية أو جنحة يجوز قانونا الحبس الاحتياطي أن يسلمه الى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج الى أمر بضبطه”.
ونصت المادة (43) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العُماني وتعديلاته على أن:” للفرد العادي الحق في القبض على المتهم في الحالات الآتية:
- إذا صدر إليه أمر أو تكليف بذلك طبقا للمادة (27) من هذا القانون.
- إذا كان المتهم فارا أو مطلوبا القبض عليه وإحضاره.
- إذا ضبط المتهم متلبسا في جناية أو جنحة معاقب عليها بالسجن لمدة تزيد على ثلاثة أشهر”.
[12] فقد نصت المادة (45) قانون اتحادي رقم (35) لسنة 1992م بشأن قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي على أن:” لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على ارتكابه جريمة في أي من الأحوال الآتية:
أولاً: في الجنايات.
ثانيًا: في الجنح المتلبس بها المعاقب عليها بغير الغرامة.
ثالثًا: في الجنح المعاقب عليها بغير الغرامة إذا كان المتهم موضو ًعا تحت المراقبة أو يخشى هروب المتهم.
رابعًا: في جنح السرقة والاحتيال وخيانة الأمانة والتعدي الشديد ومقاومة أفراد السلطة العامة بالقوة وانتهاك حرمة الآداب العامة والجنح المتعلقة بالأسلحة والذخائر والمسكرات والعقاقير الخطرة”.
وقد استقرت المحكمة الاتحادية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن بأن “لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم الحاضر . شرطه . وجود دلائل كافية لارتكابه جريمة ” (الطعن رقم (22) لسنة 2017 جزائي جلسة 22/2/2017م).
وقد استقرت أحكام محكمة النقض بأبوظبي في هذا الشأن بأن ” حق مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم وتفتيشه متى وجدت دلائل كافية على جدية اتهامه في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة 45 من الإجراءات الجزائية ومن بينها الجنايات ولو لم تتوافر في حقه حالة التلبس بمعناها المقصود في نص المادة 42 من ذات القانون … مثال في مواد مخدرة ” (الطعن رقم (977) لسنة 2008 س 3 ق.أ جزائي جلسة 30/9/2009م).
ونصت المادة (42) من مرسوم سلطاني رقم 97 / 99 بإصدار قانون الإجراءات الجزائية العُماني وتعديلاته على أن:” لمأمور الضبط القضائي في حالات التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالسجن أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر إذا قامت أدلة قوية على ارتكابه الجريمة، فإذا لم يكن حاضرا جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويثبت ذلك في المحضر”.
وقد استقرت أحكام المحكمة العليا العُمانية في هذا الشأن بأن ” أن القبض على المتهم الذي يرتكب جريمة له حالتان الأولى وهي حالة التلبس وقد تضمنتها المادة (42) من قانون الإجراءات الجزائية وهذه الحالة تمثل الاستثناء من ضرورة إصدار أمر قبض من الادعاء العام حتى يتم القبض على المتهم.
الحالة الثانية هي التي تستوجب توافر دلائل كافية على إتهام شخص بارتكاب جناية أو جنحة معاقب عليها بالسجن مدة تتجاوز الثلاثة أشهر وهذه الحالة تقتضي قيام حالة ضرورة يخشي فيها هروب المتهم أو محاولته الإتلاف أو العبث بأدلة الاتهام او التأثير على سير إجراءات التحقيق في مرحلة جمع الأدلة وتحتاج إلى إصدار أمر من الادعاء العام حتى يتم القبض على المتهم ” (قرار رقم 43 الطعن رقم 278/2003م جلسة 31/12/2003م).
ونصت المادة (34) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته على أن:” لمأمور الضبط القضائي فى أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه.”.
ونصت المادة (55) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن: ” لمأمور الضبط القضائي في الجنايات والجنح المتلبس بها التي تزيد مدة الحبس فيها على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه وإذا لم يكن المتهم حاضرا جاز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره ويثبت ذلك في المحضر، وينفذ الأمر بواسطة أحد أفراد السلطة العامة”.
[13] (الطعن رقم 53 جنائي لسنة 2005 جلسة 27/2/2006م).
[14] بتصرف: رؤوف عبيد، المشكلات العملية الهامة في الإجراءات الجنائية، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، دار الفكر العربي،1980م، ص31.
[15] وقد استقرت أحكام محكمة النقض بأبوظبي في هذا الشأن بأن ” حق مأمور الضبط القضائي في القبض على المتهم الحاضر وتفتيشه دون إذن بذلك في الحالات التي يجوز له ذلك شرطه. قيام دلائل كافية على ارتكاب إحدى الجرائم التي حددها القانون في المادة 45 إجراءات جزائية.
تقدير توافر هذه الدلائل وجديتها وكفايتها لمأمور الضبط تحت رقابة محكمة الموضوع. مادام سائغاً” (الطعن رقم (1482) لسنة 2010 س 4 ق.أ جزائي جلسة 20/1/2010م).
[16] بتصرف: أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الكتاب الأول، الطبعة العاشرة، دار النهضة العربية، القاهرة،2016م، ص705.
[17] وقد استقرت محكمة النقض المصرية في هذا الشأن بأن “لما كان من المقرر أنه يكفى لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ عن وقوع الجريمة ، ولا يشترط في التلبس بإحراز المخدر أن يكون من شاهد هذه المظاهر قد تبين ماهية المادة التي شاهدها بل يكفى في ذلك تحقق تلك المظاهر الخارجية بأي حاسة من الحواس متى كان هذا التحقق بطريقه يقينية لا تحتمل شكاً، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما شهد به الضابط الذى أبصر الطاعنة – وقد دلت تحرياته على أنها تتجر في الأقراص المخدرة – وهى تخرج من ملابسها كيسا من النايلون يشف عن الأقراص التي طلب شرائها منها بعد أن نقدها الثمن بما يكفى لتوافر المظاهر الخارجية التي تنبئ عن وقوع جريمة إحراز مواد مخدرة فإن ما انتهى إليه الحكم من قيام حالة التلبس – التي تسوغ القبض والتفتيش – يكون صحيحا في القانون”. (الطعن رقم (2475) لسنة 51 ق جلسة 4/2/1982م).
[18] الطعن رقم 0579 لسنة 28 ق مكتب فنى 09 صفحة رقم 638 جلسة 9/6/1958م – محكمة النقض المصرية.
[19] الطعن رقم 54 لسنة 46 ق جلسة 6/12/1978م – محكمة النقض المصرية.
[20] الأساس القانوني لحالات التلبس في التشريع البحريني جرى به نص المادة (51) من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002م بشأن قانون الإجراءات الجنائية البحريني وتعديلاته على أن: “تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو بعد ارتكابها ببرهة يسيرة. وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع المجني عليه مرتكبها أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو متاع أو أشياء يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك”.
[21] الأساس القانوني لحالات التلبس في التشريع المصري جرى به نص المادة (30) من قانون رقم 150 لسنة 1950 بشأن قانون الإجراءات الجنائية المصري وتعديلاته على أن: “تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو بعد ارتكابها ببرهة يسيرة.
وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا اتبع المجني عليه مرتكبها، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقاً أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك”.
[22] بتصرف: علي خميس علي التميمي، السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي في الجرائم المعلوماتية، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2019م، ص 53.
[23] بتصرف: وليد محمد المرزوقي، السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي (القبض والتفتيش) “دراسة مقارنة”، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2017م، ص 13.
[24] (الطعن رقم 1753 لسنة 31 ق ، جلسة 1962/4/9).
[25] (نقض 29/10/1945م، مجموعة القواعد القانونية، الجزء السادس، رقم 632، صفحة 783)
[26] (نقض 15/2/1947م، المحاماة س 28، رقم 365، صفحة 942)
[27] الحكم غير منشور.
[28] علي خميس علي التميمي، مرجع السابق، ص 54.
[29] بتصرف: نبيل مدحت سالم، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة الرابعة، دار الثقافة الجامعية، القاهرة،1990م، ص224.
[30] وقد استقرت محكمة النقض المصرية في هذا الشأن بأن “إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أنه وصل إلى علم المحقق من رجال المباحث أن المتهم يتجر بالمخدرات فذهب و معه من أخبره بهذا إلى دكان المتهم الذى إعتاد الجلوس أمامه، فلما رأى المحقق ومن معه قام وجرى يريد الاختفاء أو الهرب فتبعوهم وأمسكوه، و فتشه الضابط وضبط معه المخدر فهذه الواقعة لا تدل على قيام حالة التلبس إلا إذا كان انتقال ضابط البوليس إلى دكان المتهم حصل بناء على أن أحداً شاهد المتهم يبيع المخدرات، أما إذا كان الانتقال قد حصل بناء على مجرد شبهات وظنون لدى رجال المباحث، فإن رؤية المتهم يجرى لا تكفى لإثبات قيام حالة التلبس قانوناً ولذلك يجب أن يعنى الحكم ببيان المعلومات التي حصل الانتقال على أساسها ليمكن التثبت من قيام حالة التلبس قانوناً ولذلك يجب أن يُعنى الحكم ببيان المعلومات التي حصل الانتقال على أساسها ليمكن التثبت من قيام حالة التلبس أو عدم قيامها” ( الطعن رقم 1552 لسنة 8 ق ، جلسة 23/5/1938م)
[31] بتصرف: أشرف توفيق شمس الدين، مرجع سابق، ص156.
[32] (الطعن رقم 2913 لسنة 54 ق جلسة 3/4/1985).
[33] بتصرف: سامح السيد جاد، شرح قانون الإجراءات الجنائية، بدون دار نشر،2005م، ص226.
[34] نبيل مدحت سالم ، مرجع السابق، ص 225.
[35] سامح السيد جاد، مرجع السابق، ص 226.
[36] أنظر في ذات المعنى: مأمون محمد سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري،ج1، 2000م،ص 547
[37] (الطعن رقم (210) لسنة 2010 س4 ق.أ جزائي جلسة 21/4/2010م).
[38] محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجنائية وفقاً لأحدث التعديلات التشريعية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الرابعة،2011م، ص 477.
[39] (نقض 19/12/1981 مجموعة أحكام النقض س 32رقم 205 ص 1144).
[40] (الطعن رقم 216 جنائي لسنة 2012 جلسة 22/10/2012م).
[41] إبراهيم معين إحسان أبو حديد، صلاحيات مأموري الضبط القضائي في ملاحقة جرائم المخدرات، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة النجاح الوطنية بفلسطين،2021م، ص 87.
[42] (الطعنان رقما (1426و1440) لسنة 2010 س4 ق.أ جزائي جلسة 19/1/2010م).
[43] (الطعن رقم (1482) لسنة 2010 س4 ق.أ جزائي جلسة 20/1/2010م).
[44] (الطعن رقم (278) لسنة 2010 س4 ق.أ جزائي جلسة 25/7/2010م).
[45] (الطعن رقم 164 لسنة 39 ق جلسة 19/ 5/1969).
[46] (الطعن رقم 3367 لسنة 87 ق جلسة 24/ 5/2017).
[47] (الطعن رقم 77606 لسنة 76 ق جلسة 28/ 3/2007).
[48] نقض 7 أبريل 1974، مجموعة أحكام محكمة النقض، السنة 25، رقم 82، صفحة 378.
[49] نقض 3 يناير 1966، مجموعة أحكام محكمة النقض، السنة 17، رقم 2، صفحة 5 ونقض 2 يونيو 1969، مجموعة أحكام محكمة النقض، السنة 20، رقم 193، صفحة 976 أورد هذه الإحكام د. نبيل مدحت سالم ، مرجع السابق، ص 236.
[50] محمد عبد العزيز محمد، التفتيش (الإذن-الإجراء)، دار الكتب القانونية، 2009، ص42.
نقلاً عن: محمد حسن إبراهيم، تفتيش الأشخاص في القانون البحريني، مجلة القانونية، العدد السابع،2017م، ص 220.
[51] نبيل مدحت سالم ، مرجع السابق، ص 239.
[52] سعود عبد القادر الشاعر، حدود سلطات مأموري الضبط القضائي في حالات التلبس، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة عجمان،2017م، ص 81.