الزّراعة التسويقيّة وآفاق الاستدامة في الواحات المغربيّة:
– حالة هوامش واحات فم زكيد بإقليم طاطا بالجنوب الشرقي بالمغرب–
Marketing agriculture and sustainable prospects in the Moroccan oases-The case of Foum Zguid oases in the Tata province; the southeast of Morocco-
محمد نبو – محمد محي الدين، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك/جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، المغرب
Mohamed Nebbou – Mohamed Mouhiddine, Hassan II University of Casablanca, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 83 الصفحة 9.
Abstarct :
Moroccan oases have known rapid developments since the seventies of the last century, which have had multiple and varied economic, social, environmental and field repercussions. Proposals have varied about reading their extent, causes and results, according to the intellectual and theoretical backgrounds of each approach to its issues. This article falls within the works concerned with the development of the relationship between man and the environment, and aims at investigating the unnatural causes of the deterioration and disruption of oasis ecosystems in general, and the relationship between the recent development in economic patterns in oasis areas in Morocco through the example of marketing agriculture and its effects on fragile environmental balances. In these areas, in particular, by presenting some cases of the oases of the front of the Sahara in the southeast of Morocco. It aims at clarifying the extent of interdependence between the current status of the oasis ecosystem in the studied field and the developments that affected its economic and social pattern by highlighting the characteristics of marketing agriculture in intersection with the components of the oasis ecosystem and clarifying the limits of interpreting the nature of this modern economic pattern of the environmental dynamism within the study of oases. To answer the problem, we have adopted a methodology based on consulting bibliographic work on the subject on the one hand, and field work based on field visits, direct observation, form, reports and studies carried out by some institutions and departments on the other hand.
Keywords: oases, marketing agriculture, sustainable development, ecological balances, basin, local knowledge.
ملخص:
تعرف الواحات المغربية تطورات متسارعة منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت لها انعكاسات اقتصادية واجتماعية وبيئية ومجالية متعددة ومتنوعة تباينت الطروحات حول قراءة مداها ومسبباتها ونتائجها، تبعا للخلفيات الفكرية والنظرية لكل متناول لقضاياها. وتندرج هذه المقالة ضمن الأعمال التي تهتم بتطور العلاقة بين الإنسان والبيئة، وتروم البحث في الأسباب غير الطبيعية لتدهور واختلال المنظومات البيئية الواحية بشكل عام، وفي العلاقة القائمة بين التطور الحاصل حديثا في الأنماط الاقتصادية بالمجالات الواحية بالمغرب من خلال مثال الزراعة التسويقية وآثارها على التوازنات البيئية الهشة بهذه المجالات بشكل خاص من خلال عرض بعض حالات واحات مقدمة الصحراء بالجنوب الشرقي المغربي. وتهدف إلى توضيح مدى الترابط بين الوضعية الحالية للمنظومة البيئية الواحية بالمجال المدروس والتطورات التي مست نمطه الاقتصادي والاجتماعي من خلال إبراز خصائص الزراعة التسويقية في تقاطع مع مقومات المنظومة البيئية الواحية وتبيان حدود تفسير طبيعة هذا النمط الاقتصادي الحديث للدينامية البيئية داخل واحات الدراسة. وقد اعتمدنا للإجابة عن الإشكالية المطروحة منهجية تقوم على استشارة العمل الببليوغرافي حول الموضوع من جهة والعمل الميداني القائم على الزيارات الميدانية والملاحظة المباشرة والاستمارة والتقارير والدراسات المنجزة من قبل بعض المؤسسات والإدارات من جهة ثانية.
الكلمات المفتاحية: الواحات، الزراعة التسويقية، التنمية المستدامة، التوزانات البيئية، الحوض، الدرايات المحلية.
مقدمة:
شهدت الواحات المغربية تحولات مهمة منذ عقود من الزمن، لاسيما مع دخول المستعمر وتسارعت وتيرة هذه التحولات خلال العقود الأخيرة نتيجة أسباب متعددة; اقتصادية واجتماعية وثقافية وجيوسياسية ومناخية وغيرها.
وهمت هذه التحولات الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعمرانية والبيئية، ومن جملتها التحول الذي مس الاقتصاد الواحي بحيث استوطنت بهذا المجال أنشطة اقتصادية جديدة كالفلاحة التسويقية والسياحة الواحية وغيرها.
ويعدّ مجال الجنوب الشرقي من المجالات الواحية المغربية التي شهدت هذه الظواهر الاقتصادية والمجالية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي بشكل أساس وترتبت عنها نتائج اجتماعية وبيئية مست أركان نظامها البيئي وتوزانه الموروث على مدى قرون من الزمن.
وتعتبر واحات فم زكيد نموذجا (أنظر الخريطتين) لهذه الواحات التي احتضنت نشاطا اقتصاديا تخارجيا قائم على الزراعة التسويقية والنشاط السياحي بالواحات كمخرجات للأزمة المركبة التي باتت تعيشها هذه الواحات منذ عقود، غير أن هذه الإجابة الاقتصادوية المحضة، غير المستحضرة للجوانب البيئية والاجتماعية، عن وضعية الأزمة التي دخلت فيها هذه الواحات تولد عنها تأثيرات سلبية على المنظومة البيئية الواحية وعلى المحيط الحيوي الطبيعي المجاور، مما يهدد عموم المجال بخطر التصحر والإرمال والاندثار.
وعلى هذا الأساس تتولد إشكالية هذه المقالة التي تروم العمل على:
- تقديم لمحة عن تطور الزراعة التسويقية كنمط اقتصادي جديد بهذا المجال.
- إبراز مقومات وخصائص الزراعة التسويقية بالمجال المدروس.
- توضيح تأثيرات هذا النمط الاقتصادي الجديد على عناصر المنظومة البيئية بواحات المجال المدروس ومساهمته في الإخلال بالتوازن البيئي الهش بهذا الوسط.
وقد ارتكزت الإجابة عن هذه الإشكالية وتحقيق الأهداف المتوخاة على منهجية انطلقت من العمل الببليوغرافي حول الموضوع من جهة، واعتماد دراسة حالة وتجميع المعطيات والمعلومات الرسمية وغير الرسمية المستخلصة من دراسات وتقارير ومونوغرافيات والعمل الميداني من جهة ثانية.
مجال الدراسة: تقع واحات فم زكيد ضمن النفوذ الترابي لجماعة فم زكيد بالجنوب الشرقي المغربي ،وتتحدد إداريا بكونها وحدة ترابية تمتد على مساحة 40 كلم 2 وتنتمي لإقليم طاطا التابع لجهة سوس ماسة ،يحدها شمالا وشرقا جماعة ألوكوم، وغربا جماعة تليت وجنوبا جماعة تيسنت(الخريطة 1)، ويبلغ عدد هذه الواحات سبعة واحات رئيسية وهي واحات السميرة وأولاد جامع و أمزرو والمحاميد التي تمثل واحات عالية الحوض النهري لفم زكيد، فيما تمثل واحة تمزوروت، وأم حنش، وبوكير-بودلال-تابية واحات سافلته.
تبلغ ساكنة هذه الجماعة 8986 نسمة حسب إحصاء 2014، يشكل النشاط الفلاحي والأنشطة الإدارية والحرفية والسياحة بدرجة أقل إلى تحويلات الهجرة مصدر العيش الرئيسي للساكنة.
الخريطة (1) : التحديد الإداري لواحات فم زكيد
المصدر: خريطة الجهات الإدارية للمغرب 2015 بتصرف
يسود بها مناخ شبه قاري، جاف وحار صيفا وبارد وجاف شتاءً حيث تصل درجة الحرارة صيفا إلى º49 خلال شهر غشت وº12 درجة حرارية دنيا خلال فصل الشتاء، فيما لا تتعدى معدلات التساقطات 100 ملم سنويا والتي تتميز بصفة اللاانتظام السنوي والفصلي، فضلا عن قوة التشميس والتبخر وتقوي من هذا الأخير رياح الشركي والزوابع الرملية الخفيفة التي تهب على الجماعة.
أما الشبكة المائية، فهي موسمية الجريان وتتشكل من المسيلات والأودية كواد فم زكيد، بالمقابل يتميز المجال بغنى الفرشات الباطنية وإن كانت تبقى موروثة في أغلبها وضعيفة التجدد.
أما الغطاء النباتي، فهو ضعيف الانتشار ومتميز بالتركز على مستوى الأودية والمجاري والفايجات[1]، وإن كان متنوعا ويغلب عليه النوع الجفيف، ويتألف على العموم من سفانا الطلح الصحراوي والطرفاء إلى جانب المواكب النباتية الألفحجرية والملحية ونبيت الكثبان الرملية، فيما تتميز التربة بندرتها وبضعف تطورها وفقرها وشدة عرضتها لعوامل التعرية الريحية منها والمائية بالنظر لمحدودية الحواجز البيولوجية وقساوة الظروف المناخية، ويتركز الجيد منها على ضفاف وادي فم زكيد الذي يتطابق مع الصالح منها للزراعة التي تقوم عليها الواحات بالجماعة.
وتبين الإطلالة على الخصائص الطبيعية لهذه الواحات أن المجال يتميز بقساوة ظروفه الطبيعية وهشاشة منظوماته البيئية، وهي خاصيات بنيوية في المجالات قرب صحراوية.
الخريطة(2): موقع مجال الدراسة اعتمادا على الخريطة الطبوغرافية
المصدر: الخريطة الطبوغرافية لفم زكيد بتصرف
1-الزراعة التسويقية كنمط اقتصادي جديد بواحات فم زكيد
عرفت واحات فم زكيد تطورات متعددة ومتنوعة مجالية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية منذ النصف الثاني من القرن العشرين- دون إغفال تلك المستحدثة عند دخول المستعمر لهذا المجال-، وتجسد الزراعة التسويقية جزءا من التحولات التي طالت النظام الاقتصادي الواحي وانعكست على المجال والبيئة.
- الزراعة التسويقية أساس الواحات الجديدة بهوامش الواحات التقليدية:
تعتبر الزراعة التسويقية نمط اقتصاديا جديدا وظاهرة مجالية حديثة بالحوض النهري لفم زكيد، وقد ظهرت بداية الثمانينات من القرن الماضي[2]، وتطابق ما يعرف بالواحات الجديدة أو الممتدة.
وتغطي هذه الظاهرة المجالات المحاذية للواحات التقليدية والمجالات الرعوية أومجالات فيضية ظلت مخصصة لزراعة الحبوب خلال الفترات المطيرة.
- مراحل تطور الزراعة التسويقية بواحات فم زكيد:
شهدت الزراعة التسويقية تطورا كميا ونوعيا منذ نشأتها إلى اليوم من خلال ثلاثة مراحل أساسية :
-مرحلة ماقبل التسعينات من القرن الماضي: وفيها برزت البوادر الأولى لهذا النمط الزراعي من خلال مبادرات فردية اعتمدت على التحويلات المالية للمهاجرين أساسا، والشروع في استعمال المكننة في عملية الحرث والدرس وتعبئة الموارد المائية باعتماد الآبار الخاصة المزودة بمحركات الديزل والكازوال لضخ المياه الجوفية، كما تميزت ببنية زراعية مشابهة لماهو سائد في الواحات التقليدية من خلال غراسة النخيل والأشجار المثمرة والمرزوعات العلفية خاصة الفصة و”أشامي” إلى جانب الحبوب والخضروات فضلا عن غراسة الحناء بمساحات أوسع، أما عملية السقي فقد ظلت هي الأخرى تعتمد على الري بالغمر/الإغراق أو ما يعرف بـ”الربطة”.
–مرحلة مابين بداية التسعينات إلى منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة: خلال هذه المرحلة شملت الظاهرة الاقتصادية المجالية مناطق أخرى بعيدة شيئا ما عن الواحات التقليدية، واتسعت لتغطي مجالات حصوية وضفاف الشعاب والمسيلات وارتفعت وتيرة حفر الآبار الخاصة والضخ الآلي. ولم تعد العملية حكرا على الأسر التي تستفيد من دعم أموال الهجرة سواء الداخلية أو الخارجية بل امتدت لتشمل أسرا أخرى.وفي هذه المرحلة كذلك استمر تعاطي الفلاحين لغراسة الحناء من أجل التسويق بالنظر لازدهار سوقها بالمغرب إلى جانب التمور والمنتوجات العلفية.
-مرحلة منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة إلى الآن: تميزت هذه الفترة بتطور مساحي كبير لهذا النمط الزراعي لاسيما زراعة البطيخ الأحمر وشملت مجالات جديدة في غالبتها حصوية، واتسمت هذه المرحلة بدخول مستثمرين جدد وافدين على المجال من مناطق متعددة : سوس ومراكش وبني ملال وزاكورة…وغيرها، ولم يتجاوز عدد المستثمرين المحليين في هذه الزراعة بهذه الواحات الجديدة نسبة 6 بالمئة من مجموع الاستثمارات خلال سنة 2016[3] خلافا للمرحلتين السابقتين اللتين كان يطبعهما هيمنة الفلاح المحلي دون غيره، وقد اكتفى الفلاح المحلي في بدايات هذه المرحلة بعملية كراء الأرض للوافدين بالنظر للإكراهات المالية واللوجستيكية ونقص الخبرة والتجربة في مجال النشاط الزراعي التسويقي وخاصة هذا النوع من المزروعات ولم ينخرط بشكل فردي أو بشراكة مع الوافدين إلا في الخمسة سنوات الأخيرة بشكل كبير .
وفي هذه المرحلة كذلك تقوت العلاقة بين هذه الواحات والسوق سواء الداخلي أو الخارجي بفعل انتشار زراعة البطيخ الأحمر من أجل التسويق بشكل ملفت منذ سنة 2006 لتغطي مئات الهكتارات فيما بعد بحيث انتقلت كما يتضح من الجدول(1) من 5 هكتارات حتى حدود 2011 إلى ما يزيد عن 265 هكتار سنة 2014.
ويزيد عدد الضيعات المخصصة للزراعة التسويقية بعالية فم زكيد عن 237 ضيعة تزيد عن 5 هكتارات لكل ضيعة، أغلبها مخصصة لزراعة البطيخ الأحمر أي ما يعادل 1100 هكتار مزودة بآبار ومضخات وصهاريج[4]. كما عرفت هذه المرحلة ارتفاعا في التعاطي مع التقنيات الهيدروفلاحية العصرية في تعبئة المياه الجوفية وجلبها وتوزيعها على مستوى المشارات واعتماد تقنية التنقيط إلى جانب السقي الانجذابي أو مايعرف بالسقي بـ”الإغراق”، وكذا بروز الضخ بتقنية الطاقة الشمسية بالموازاة مع الضخ العصري المعتمد على المحركات بالكازوال، واستعمال مكثف للمبيدات الفلاحية…وغيرها من مظاهر العصرنة القوية، وفي هذه المرحلة تعززت بشكل ملحوظ الفلاحة القائمة على المنتوج الواحد وتراجع بشكل قوي التكامل مابين تربية الماشية والزراعة مقارنة بالمرحلتين السابقتين.
الجدول (1): تطور استثمارات زراعة البطيخ الأحمر بعالية الحوض النهري لفم زكيد مابين 2011-2014
السنة | عدد الاستثمارات | المساحة المستثمرة بالهكتار |
قبل 2011 | 1 | 5 |
2012 | 2 | 10 |
2013 | 35 | 187.5 |
2014 | 17 | 62.5 |
المجموع | 55 | 265 |
المصدر: بحث ميداني 2016
ويستخلص من عملية تتبع نشأة وتطور النمط الزراعي بالحوض النهري لفم زكيد أنه شهد نقلة مساحية من جهة، وأخرى نوعية ومرفولوجية مرتبطة بعملية بالتجديد الذي طرأ على التقنيات الهيدروفلاحية والبنية الزراعية من جهة ثانية. ويتضح ذلك من خلال المقارنة بين هذه المجالات الزراعية الجديدة والواحات التقليدية وكذا فيما بين مراحل تطور بنية هذا النمط الزراعي كما يتضح من الرسم البياني(1).
الرسم (1): تطور مكانة الزراعات التسويقية الأساسية بالمجالات الزراعية بهوامش الواحات التقليدية بفم زكيد
المصدر: إنجاز شخصي 2022
واعتمادا على الرسم البياني، يتضح أن الزراعة التسويقية بهوامش الواحات التقليدية بعالية الحوض النهري لفم زكيد انتقلت من بنية متنوعة تجمع النخيل والخضروات والمزروعات العلفية والحناء خلال الفترة السابقة لسنة 1990 إلى بنية أقل تنوع منذ عقد التسعينات إلى النصف الثاني من العقد الأول من الألفية الثالثة ثم إلى بنية مرتكزة على المنتوج الواحد المتجسد أساسا في البطيخ الأحمر، فيما ستبقى باقي المزروعات التي ظلت سائدة من ذي قبل ثانوية ضمن البنية الزراعية بهذه المجالات.
- أسباب وعوامل بروز الأنماط الاقتصادية الجديدة بواحات فم زكيد
تعود نشأة النمط الواحي الجديد وتطوره مساحيا ونوعيا ومرفولوجيا على مدى هذه العقود الأربعة إلى أسباب وعوامل متباينة ومتداخلة، نقف من ضمنها على ثلاثة أسباب أساسية شكلت دوافعا لنشأة هذه الواحات وحوافزا لتطورها، وهي:
- أزمة الواحات الأصيلة:
تشكل الواحات الجديدة واحدة من الاستراتيجيات التي اهتدى إليها الفلاح الواحي بهذا الحوض إلى جانب أخرى كتنويع مصادر الدخل والهجرة الداخلية والدولية… لتجاوز آثار الأزمة المتعددة الأبعاد الذي بدأت تعيشها الواحات التقليدية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وازدادت حدتها مع توالي العقود جراء عوامل طبيعية وبيئية وبشرية مختلفة ومتعددة، حيث إلى جانب تزايد حدة إكراه قساوة المناخ جراء طول مدة الجفاف البيسنوي الذي انضاف إلى ضعف التساقطات وعدم انتظامها فقد دخلت الواحات التقليدية عامة، وإن بدرجات مختلفة، أزمات سوسيومجالية[5]وهي: الأزمة البيئية البارزة في تدهور الغطاء النباتي وزحف الرمال، والأزمة الفلاحية جراء نقص الموارد المائية الضرورية للنشاط الزراعي وتراجع النخيل بفعل مرض البيوض وغيره وتملح الأتربة وتدني عملية التتريب(la pédogenèse) والبوار الفلاحي نتيجة الهجرة القروية، والأزمة المائية بسبب تردي التجهيزات الهيدروفلاحية التقليدية وضعف الصيانة وتراجع الوظيفة التدبيرية للمؤسسات التقليدية بهذه الواحات، والأزمة الاقتصادية الناجمة عن فقدان التوازن بين الموارد المحدودة والحاجيات المتزايدة جراء الانفجار الديمغرافي، والأزمة الاجتماعية المتمثلة في التحول القيمي والثقافي وما نجم عنه من تراجع في الأدوار الاجتماعية للمؤسسات التقليدية وانحسار قيم التضامن والتعاون والتآزر واتساع دائرة العمل المأجور وغير الفلاحي بهذه الواحات. وقد تعمقت حدة هذه الأزمة المركبة خلال عقدي الثمانيات والتسعينات من القرن الماضي[6].
- الانفتاح على المحيط والتحويلات المالية للهجرة :
في الوقت الذي تضررت الواحات التقليدية من النتائج السلبية للهجرة، حيث فقدت يد عاملة مهمة كانت الدعامة البشرية لهذه الواحات بعد موجة هجرات الشباب التي عرفتها سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي نحو الدول الأوروبية، وفي اتجاه دول الخليج فترة الثمانينات بعد الصعوبات التي أصبحت تعتري الهجرة نحو أوروبا[7].
كما كانت الأحواض الواحية تحتضن احتياطيا حقيقيا من اليد العاملة المغذية للمناطق الداخلية…و ما ترتب عن ذلك من فقدان عامل قوة في نمو الواحات واستدامتها وتوسعها، بالنظر لما تقوم به هذه الفئة من أنشطة إعداد وتهيئة فلاحية من خلال عمليات الحرث والحصاد والغراسة والبناء والصيانة المستمرة للمشارات والتجهيزات الهيدروفلاحية من سواقي وخطارات…وبناء للسدود التحويلية التقليدية وترميمها واستصلاح الأراضي وحمايتها، وبالتالي تقوية هامشية هذا المجال وتبعيته[8]، فإن ظاهرة الهجرة كانت لها نتائج إيجابية على الواحات الجديدة حيث كانت الهجرة عاملا لبزوغ هذا النمط الواحي وتطوره بالحوض النهري لفم زكيد من خلال التحويلات المالية من جهة واستثمارات المهاجرين العائدين من جهة ثانية.
لقد كان للمهاجرين دور في التجديد الزراعي الذي عرفته العديد من الواحات المغربية، حيث مكنت عائدت الهجرة من تكسير الحاجز الثقافي والاقتصادي الذي كان يقف أمام تجديد أنظمة السقي والزراعة، كما أن المهاجرين هم السباقون إلى تبني التجديد الزراعي ونشره[9]، ونجد هذا الأمر على مستوى الواحات الجديدة بالحوض النهري لفم زكيد، إذ عمل بعض المهاجرين العائدين على استثمار ثرواتهم وخبراتهم المكتسبة في النشاط الفلاحي العصري من خلال إنشاء ضيعات خارج الواحات التقليدية، كما أن عائلات أخرى عملت على استثمار جزء من تحويلات هؤلاء المهاجرين إما من الداخل أو الخارج في تجديد زراعي لمشارتهم من داخل الواحات التقليدية أو بالإقدام على تهيئة وإعداد أراضي جديدة محاذية لهذه الواحات لممارسة نشاط زراعي مستخدم لتقنيات عصرية من قبيل أبار مجهزة بمحركات ووسائل عصرية في عملية الحرث والحصاد وغيرها.
- دعم الدولة المالي والتقني :
لقد كان لتدخل الدولة في المجالات الواحية أوجه متعددة منها التهيئة الهيدروفلاحية، كإنشاء السدود وتهيئة وبناء وترميم قنوات الري وتعبئة وتوزيع المياه، وتشجيع الفلاحة السقوية والدفع بهذه المجالات نحو التحديث الفلاحي والتعاطي للمكننة في عمليات الإعداد والتهيئة الفلاحية بهذه المناطق منذ الثمانينات من القرن الماضي، بما في ذلك واحات الحوض النهري لفم زكيد من خلال ثلاثة مظاهر:
- المظهر الأول: تدخلها عبر الدعم التقني للفلاحين بالمجالات الموجودة خارج الواحات التقليدية، إذ عملت على تشجيع الفلاحين على استعمال التقنيات العصرية في عمليتي الحرث والدرس من خلال عملية كراء الجرار وآلة الدرس بأثمنة مناسبة.
- المظهر الثاني: العمل على دعم الفلاحين للتعاطي مع المزروعات الجديدة والمختارة (البذور المنتقاة) واعتماد الأسمدة الكيماوية…للرفع من المردودية والإنتاجية.
- المظهر الثالث: العمل على تقديم الدعم المالي للفلاحين من أجل القيام بعمليات تعميق الأبار وترميمها وتجهيزها بهذه الواحات الجديدة خلال مرحلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي.
وفضلا عن مظاهر الدعم التقني والمالي المقدم خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ومدى مساهمته في بروز هذا النمط الواحي وترعرعه، فإن النصف الثاني من العقد الأول من الألفية الثالثة وحتى الآن يعد مرحلة ساهم فيها الدعم المالي والتقني للدولة في تدعيم مسار توسع هذا النمط الواحي وازدهاره، حيث منذ سنة 2008 عملت الدولة من خلال برنامج المخطط الأخضر، وخاصة الدعم المالي المقدم في إطار الدعامة الثانية من هذا المخطط على المساهمة في تطوير هذا النمط الواحي من خلال المساعدات المالية التي استهدفت بالأساس رصد مساعدات مالية:
- تتعلق بدعم عمليات استصلاح الأراضي وتوسيعها من خلال العمل على تنقيتها من الأحجار وتطويعها وجعلها صالحة للزراعة. الشيء الذي ساهم في توسع الواحات الجديدة لتشمل المجالات الحصوية والأراضي التي لم تكن من قبل ضمن المجالات الصالحة للنشاط الزراعي.
- تهم دعم حفر الآبار وتعميقها وبناء صهاريج لتجميع مياه الري. والتي ساهمت في تطور عدد الآبار داخل هذا الحوض والإقدام على تعميقها بشكل كبير.
- تتعلق بتشجيع اعتماد تقنيات “اقتصاد الماء” من خلال تقنية الري بالتنقيط، مما نجم عنه الإقبال على هذه التقنية من قبل الفلاحين داخل هذه الواحات بشكل مكثف.
- تستهدف دفع الفلاحين نحو تحسين الإنتاج الحيواني، خاصة الدمان والماعز الدرعي.
- تهم التشجيع على التعاطي لتربية النحلة الصفراء بالمنطقة.
2- خصائص ومقومات الزراعة التسويقية بواحات فم زكيد
- الخصائص الهيدروفلاحية للزراعة التسويقية
أ-الإعداد والتهيئة بمجالات الزراعية التسويقية:
سنتطرق في عملية الإعداد والتهيئة بمجالات الزراعة التسويقية إلى جانبين من العملية : التهيئة والإعداد المائي ثم تهيئة وإعداد الأراضي لأغراض زراعية.
- التهيئة والإعداد المائي:
تقوم مجالات الزراعة التسويقية على الفرشات الباطنية كمصدر وحيد من خلال تعبئة هذه المياه لري المشارات الزراعية، وتعتبر الآبار والثقوب الاستغلالية التقنيات المعتمدة في هذه التعبئة من خلال تجهيزها بالضخ الألي. ويتم استغلال هذه الموارد المائية المعبأة إما مباشرة أو بعد تجميعها في صهاريج إسمنتية أو ترابية، وقد صارت هذه الطريقة الأخيرة هي السائدة في الوقت الراهن حيث ساعد في ذلك الدعم المالي المقدم من قبل الدولة للفلاحين في إطار المخطط الأخضر.
ويعتبر التدبير الفردي للموارد المائية الباطنية خاصية هذه المجالات تعبئة وتوزيعا، حيث تهيمن الآبار الخاصة ولا يخضع حفرها وتجهيزها لأعراف جماعية بل يظل مرتبطا فقط برغبة الفلاحين وقدراتهم المالية واللوجستيكية مع اتباع الضوابط القانونية لذلك، كما هي منصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل وخاصة الحصول على رخص استغلال الفرشات الباطنية من قبل وكالة الحوض المائي، وإن يسجل هناك بعض من عمليات التنقيب والاستغلال غير المراقبة.
وتتأثر عملية الإعداد والتهيئة المائية بهذه المجالات بعدة متغيرات كمساحة المشارات، وموقعها ووضعها الطبوغرافي، والتغيرية المناخية، ونوعية المزروعات. وتبعا لهذه المتغيرات إلى جانب القدرات المالية للفلاحين يحدد عدد الآبار بالنسبة لكل مشارة وعمق هذه الآبار وتجهيزاتها.
وقد عرفت تقنيات تعبئة المياه من الفرشات الباطنية تطورا نوعيا، فقد انتقلت من تعبئة يدوية تعتمد تقنيات تقليدية كـ”الدلو” إلى الاعتماد على المضخات بالكازوال والغاز ثم الاتجاه خلال السنوات الأخيرة نحو الضخ الآلي بالطاقة الشمسية الذي ما يزال ضعيفا مقارنة بباقي الوسائل الأخرى.
وشهدت أعماق الآبار وعددها ارتفاعا مهما بهذه الواحات حيث فرضت الاتجاهات الزراعية الجديدة القائمة على التسويق بشكل كامل كزراعة البطيخ الأحمر على الفلاحين الاهتمام بتوفير موارد مائية كافية في فترة زمنية محددة تفاديا للخسائر الاقتصادية، كما يضعون آبارا احتياطية لذات الغاية.
ويختار الفلاحون بهذا المجال مواقع قريبة من المسيلات والشعاب أو عند أقدام السلاسل الجبلية لحفر الآبار قصد الاستفادة من الموارد المائية التي توفرها هذه المواقع بالنظر لطبيعتها الطبوغرافية والصخرية حيث تتميز برطوبة هيدرولوجية مهمة ونسبة نفاذية أكبر ووفرة نسبية مقارنة مع الوضع العام بالحوض.
أما على مستوى توزيع المياه فقد انتقل من السقي بالغمر/الربطة كتقنية وحيدة خلال المراحل الأولى من بروز هذه الواحات إلى الازدواجية في تقنيات السقي بعد ظهور تقنية السقي الموضعي أو بالتنقيط خلال العشر سنوات الأخيرة، غير أن بعضا من الفلاحين وعلى الرغم من تعاطيهم لهذه التقنية فهم لا يحترمون معاييرها التقنية بحيث يجرون عليها تعديلات من قبيل توسيع قطر الأنابيب وإضافة أثقاب دون احترام المسافة فيما بينها مما يجعل من هدف الاقتصاد في الماء الموجه للري الذي أعدت من أجله غير محقق.
ويمكن تقسيم هذه المجالات الزراعية الجديدة (الواحات الجديدة) تبعا لوسائل الري إلى ثلاثة أصناف هي:
- واحات تعتمد السقي بالغمر ويطابق انتشارها المراحل الأولى من بروز هذه الواحات.
- واحات تعتمد السقي الموضعي أو الري بالتنقيط، وهي حديثة النشأة ومعظمها يعرف انتشار زراعة البطيخ الأحمر.
- واحات تعتمد على المزاوجة في تنقية الري بين الري بالغمر وبالتنقيط ونجد بعضا منها حديث العهد وأخر يعود إلى المراحل الأولى تمت إعادة تهيئتها وإعدادها من جديد.
- إعداد وتهيئة الأراضي الزراعية:
تعود معظم الواحات الجديدة بالحوض النهري لفم زكيد في أصلها إلى مجالات طبيعية على شاكلة سهوب أكاسيا ومواكب نباتية من شجيرات ألفحجرية ومن الطرفاء، فضلا عن مجالات حصوية ورقوق أو مسيلات وشعاب كانت تؤدي فيما سبق وظيفة رعوية بهذا المجال ماقبل صحراوي لعقود من الزمن بالإضافة إلى وظيفتها الإيكولوجية.
وقد عمل الفلاحون بهذا الحوض على تحويل هذه المجالات الطبيعية إلى وعاء عقاري للنشاط الزراعي بعد عمليات الاستصلاح المتتالية من خلال التنقية من الأحجار والحصى والعدن والقلب باعتماد الوسائل التقليدية في المراحل الأولى وبالوسائل العصرية خلال مراحل النمو والتوسع.
وتروم عملية تهيئة وإعداد الأراضي بهذه الواحات فضلا عن توسيع الوعاء العقاري الزراعي تحقيق غايتين هما :
- تسهيل عملية الري الفلاحي سواء التقليدي أو العصري.
- توفير أتربة ملائمة مع طبيعة المزروعات والمغروسات التي ظهرت خلال كل مرحلة من مراحل نمو هذه الواحات الجديدة، حيث أن النخيل والحناء والبطيخ الأحمر لا يحتاج إلى أراضي معدة ومهيئة بشكل كبير مقارنة بالخضروات مثلا.
تتميز المشارات في هذه الواحات بكبر مساحتها، ويعزى ذلك لكونها أحدثت لتجاوز عائق المجهرية بالواحات الأصيلة وارتباطا برهانها على التسويق، كما تتميز بعدم تراص البساتين بشكل تام وبالتشتت وهي أراض سلالية ممنوحة من قبل الجماعات السلالية للأفراد قصد الاستغلال المؤقت وليست أملاكا خاصة كما هو الحال بأراضي الواحات الأصيلة.
لقد كلفت عمليات الإعداد والتهيئة لهذه المجالات الطبيعية وضمها للمجالات الصالحة للزراعة القيام بمجهودات كبيرة من قبل الفلاحين بهذه الواحات، وخاصة في البدايات (المرحلة الأولى والثاني من نمو هذه الواحات) حيث يتطلب السقي الإنجذابي وبالغمر وتقسيم المشارات إلى أحواض متوازنة ومستوية جهدا كبيرا في استصلاح وتطويع هذه الأراضي، وتتأثر هذه العمليات بالشروط الطبوغرافية للمجال.
فيما كانت المرحلة الراهنة أقل صعوبة في عملية التهيئة والإعداد لانتشار الوسائل العصرية ( تقنية التنقيط والضخ الآلي) ولكون المزروعات وعمليات السقي لم تعد تتطلب استصلاحا وتطويعا أكبر كما كان من ذي قبل، الشيء الذي كان عاملا مهما في تسارع توسع المجال الزراعي خلال العقد الأخير.
ويتضح من خلال تتبع نمو وتوسع هذه النمط الواحي بالمجال المدروس أن المجالات الأولى التي نشأت وتوسعت فيها الواحات الجديدة كانت مجالات صغيرة وذات تهيئة وإعداد يتماشى وحجم الإمكانيات المادية والتقنية المتواضعة عند الفلاحين آنذاك حيث انتشرت هذه الواحات في بداياتها في مجالات رملية أقل خشونة وصعوبة وتعقيد في التطويع والاستصلاح. فيما كانت مجالات التوسع والنمو الجديد لهذا النمط الواحي قبل 15 سنة تقريبا تغطي مجالات حصوية وخشنة وغير مستوية طبوغرافيا بفضل التطور التقني النوعي الخاص بتهيئة وإعداد الأراضي في هذه الواحات مقارنة بما سبق من جهة، وطبيعة المزروعات الجديدة التي تسود في هذه المجالات الجديدة والتي لا تحتاج إلى عمليات استصلاح كبير خاصة مع بروز تقنية الري بالتنقيط التي لا تحتاج إلى ما تتطلبه عملية الري بالربطة أو السقي الانجذابي من جهة أخرى.
- بنية المزروعات التسويقية:
تشكل بنية المزروعات إحدى ركائز التجديد الأساسية التي ميزت هذا النمط الواحي الجديد بالحوض النهري لفم زكيد، ويمكن الوقوف على عنصرين أساسيين يتضح من خلالهما التجديد في البنية الفلاحية لهذه الواحات هما الجانب المرفولوجي المتجسد أساسا في التراجع عن الطباقة النباتية كأحد مرتكزات المعمار الزراعي ثم الاتجاه المستمر نحو المنتوج الواحد الموجه للتسويق الشيء الذي يوضح التحول الذي طال الجانب النوعي للبنية الزراعية بهذه الواحات.
- الطباقة النباتية ليست عنصرا مركزيا في “المعمار الزراعي” بالواحات الجديدة
يعد خفوت الطباقة النباتية من الفروقات البارزة فيما بين الواحات الجديدة والواحات الأصيلة، ففي مقابل هذه الأخيرة التي يعتبر عنصر الطباقة النباتية العمود الفقري للمعمار الزراعي بداخلها نجد الأولى لا تجعل من هذا العنصر دعامة أساسية في بنيتها.
وإذا كانت هذا النمط الواحي عند ظهوره خلال ثمانينيات القرن الماضي اتسم باستنساخ النمط السائد في الواحات الأصيلة حيث كان الاهتمام بالطباقة النباتية من خلال غراسة النخيل والأشجار المثمرة ثم الزراعات التحتية بعد ذلك، فإنه مع نمو هذه الواحات واتساعها لم يعد هذا العنصر مثار اهتمام كبير من قبل الفلاحين، واختفت في المجالات الجديدة التي اتسعت فيها هذه الواحات.
وكما يتضح من خلال الصورة(5)، فإن البنية الزراعية الحالية لم تعد تنبني على الطباقة النباتية بل أصبحت تعرف انتشار بنية زراعية غير متدرجة عموديا، ويعزى هذا إلى التخلي المتواصل عن التكثيف الزراعي الذي تفرضه مجهرية المساحة الزراعية والدرايات التقليدية في التأقلم مع التغيرية المناخية والظروف المناخية القاسية بهذا المجال، والاتجاه نحو الانتشار المجالي والنزعة الأفقية في استغلال المجال بدل العمودية للواحات الجديدة، كما أن شجرة النخيل كركيزة لهذه الطباقة النباتية ورمز للواحة ودعامة داخلية في بناءها وتوازنها وضمان استدامته[10] لم تعد مكونا حيويا ومحوريا في البنية الزراعية بهذه الواحات كما في السابق.
- بنية زراعية تقوم على المنتوج الواحد وتراجع التنوع في المزروعات
تتميز البنية الزراعية لهذه الواحات عن الواحات الأصيلة أيضا بكونها تعرف تراجعا في النمط الزراعي القائم على التنوع في المزروعات بالمقابل نجد نمط المنتوج الواحد يعرف اتساعا مع مراحل نمو هذه الواحات وتوسعها.
لقد كانت بدايات هذه الواحات تعرف تنوعا على مستوى المزروعات، فنجد أشجار النخيل وبعض الأشجار المثمرة والحناء والخضروات والمزروعات العلفية والحبوب..كما هو سائد في الواحات الأصيلة، غير أن هذا النمط الأصيل سيعرف تحولا مع نموها وتوسعها، حيث مع توالي السنوات نلاحظ تراجع التنوع في البنية الزراعية مقابل الاتجاه نحو النمط الواحد ودخول هذه الواحات في زراعة متخصصة قائمة على المنتوج الواحد، بل إن حتى المشارات الفلاحية التي حافظت على التنوع في المزروعات كنمط أصيل لم تعد تعطي للمزروعات الأصيلة من حناء ونخيل ومنتوجات علفية المساحة التي كانت تشغلها من ذي قبل بالمقابل زادت من المساحات المخصصة للمزروعات الموجه للتسويق وفي مقدمتها البطيخ الأحمر.ويعزى هذا التحول على مستوى بنية المزروعات بالمشارات إلى اتجاه هذه الواحات الجديدة بشكل خاص إلى الفلاحة التسويقية وليس المعاشية كما الواحات الأصيلة.
تجسد الواحات الجديدة بهذا الحوض جيلا جديدا من الواحات لكونها تختلف عن الأصيلة في الكثير من الخصائص والمقومات المرفولوجية والبنيوية والتقنية، خاصة على مستوى التهيئة الهيدروفلاحية للمجال والبنية الزراعية كما يوضح الجدول(3)
الجدول (3): يبين الفروقات بين الواحات الأصيلة والمجالات الزراعية الجديدة
الخصائص الهيدروفلاحية والزرعية لواحات الحوض النهري | الواحات الأصيلة | المجالات الزراعية الجديدة (الواحات الجديدة) |
نمط الامتداد | عمودي | أفقي |
مساحة المشارة | مجهرية | تفوق 4 هكتار |
مصدر الماء الموجه السقي | مشترك | خاص |
طبيعة المشهد الزراعي العام | متراص | متناثر |
التكامل بين الزراعة وتربية الماشية | قوي | ضعيف/منعدم |
القرارات الفلاحية | جماعي/تشاوري/تشاركي | فردي |
العوامل المتحكمة في القرار | مصلحة الفرد مع مراعاة مصلحة الجماعة ( أعراف توزيع الماء) الحاجيات اليومية وطبيعة الظروف المناخية والبيئية | حجم الموارد المالية لكل فلاح رهانات السوق |
البنية الزراعية | متنوعة | ضعيفة التنوع إلى خالصة، قائمة على المنتوج الواحد. |
مصدر الري الرئيسي | الساقية/بئر جماعي | بئر خاص. |
مصدات الرياح | سعف النخيل/ جدران الطين | معظم الحيازات غير مسيجة. |
تقنية الري بالتنقيط | منعدمة | أغلبية الحيازات مجهزة بذلك. |
المكننة | ضعيفة إلى منعدمة | معظم الأعمال الفلاحية تتم بالجرار. |
المصدر: عمل شخصي 2021
وانطلاقا من الجدول(3) يتبين أن مجالات الزراعة التسويقية بالحوض النهري لفم زكيد تتسم بالجدة في مجموعة من العناصر مقارنة بالواحات الأصيلة من خلال مستويين :
- العناصر الهيدروفلاحية:
- البنية الزراعية:
وبالوقوف على هذه العناصر الجديدة في علاقتها بخصائص الهشاشة والندرة التي تميز هذا الوسط، نستخلص أنها تفتقر إلى بعد الاستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية، ويمكن توضيح ذلك من خلال النتائج المترتبة عن عملية التقابل بين الخصائص البيئية للمجال من جهة، والمقومات الهيدرولوجية والبنية الزراعية من جهة ثانية.
الجدول(4): عملية التقابل بين الخصائص البيئية للحوض النهري والمقومات الهيدروفلاحية والبنية الزراعية للواحات الجديدة
الخصائص البيئية للحوض النهري | المقومات الهيدروفلاحية والزرعية للواحات الجديدة |
المناخ شبه جاف/جاف، معامل التبخر مرتفع، قوة التشميس، مدى حراري مرتفع. | واحات تفتقد إلى نظام الطبقات، صهاريج تخزين المياه غير مغطاة، نشاط زراعي شبه دائم غير خاضع للتغيرية المناخية بما في ذلك متغيرة الحرارة. |
تردد للرعود والأمطار الفجائية والعنيفة. | أراضي زراعية على أنقاض مجالات سهوبية ومسيلات وشعاب. |
تربة هشة وفقيرة عملية تتريب ضعيفة. | واحات تعيش على المجالات الحصوية والشديدة الحساسية، استعمال مواد تساعد على تسريع فقدان الخصوبة، عمليات وزراعات تساهم في إنهاك الأتربة خلال مدة قصيرة وتمليحها. |
فرشة مائية ضعيفة التجدد، ملوحة المياه. [11] | الآبار الخاصة والعميقة، تقنية التنقيط، تجميع المياه في صهاريج مكشوفة، مزروعات تحتاج إلى وفرة المياه، اعتماد أسمدة مكثفة ودون استشارة أو دراسة للتربة والماء.[12] |
تردد للرياح. | أراضي زراعية مفتوحة، توقف النشاط الزراعي خلال ذروة تردد الرياح. |
غطاء نباتي نادر وضعيف التجدد، مراعي هشة وضعيفة التوزان. | واحات ممتدة على المجالات الحصوية والسهوبية. |
المصدر: عمل شخصي 2022
- تأثير الزراعة التسويقية على المنظومة البيئية بواحات فم زكيد
1-3-الضغط على الفرشات الباطنية واستنزاف الموارد المائية بهذه الواحات
لقد ساهمت طبيعة الاستثمارات الزراعية التي عرفها المجال في الضغط على موارده المائية الباطنية جراء الاستغلال المكثف للمياه الجوفية اعتمادا على وسائل الضخ الآلي واستنزاف هذا المورد الحيوي النادر والضعيف التجدد حيث لاتتعدى نسبة النفاذية بالمجال 12 في المئة في أقصى الحالات. فضلا عن ضعف التساقطات المطرية السنوية وعدم انتظامها في الزمن وطول مدة الفترات المناخية الجافة وقوة التبخر.
ويتضح هذا الضغط المؤدي إلى استنزاف الموارد المائية الباطنية من خلال تنامي ظاهرة حفر الآبار وتزويدها بمضخات لتعبئة مياه السقي منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي كما يوضح الشكل (5)
الشكل(5): توزيع الآبار الخاصة حسب الواحات بفم زكيد سنة 2009
المصدر: Diagnostic agro ecologique et Typologie des oasis ; PNUD ; 2009
كما يتبين التأثير السلبي لهذ النمط الزراعي الذي عرفه المجال على الفرشات الباطنية من خلال التطور في أعماق الآبار بشكل واضح بحيث يلاحظ منحى تصاعديا في أعماق الآبار مع توالي السنوات، إذ انتقل من معدل 7 أمتار سنة 1956 إلى 14 سنة 2008[13]، كما بلغت نسبة الاستغلال 550 لترا في الثانية في مقابل نسبة تجدد لا تتعدى 400 لترا في الثانية[14].
ويرجع ذلك إلى الطلب المتزايد على الماء الموجه لسقي المزروعات لاسيما البطيخ الأحمر بمقابل توالي سنوات الجفاف وارتفاع حدتها الشيء الذي يسجل معه عجزا متواصلا في الميزانية المائية بالمنطقة.
الشكل(6): توزيع الآبار الخاصة حسب العمق بعالية فم زكيد ب%
المصدر: نتائج بحث ميداني 2019
كما تكمن الآثار السلبية لهذا النمط الاقتصادي على الموارد المائية في اعتماد صهاريج وخزانات مائية ضخمة لجمع المياه قبل توزيعها على المشارات الزراعية دون حمايتها من التبخر القوي الذي يطبع المنطقة.
كما تتجلى الانعكاسات السلبية لتدبير الموارد المائية الباطنية بأراضي هذا النمط الزراعي الجديد في المساس بالمنظومة الواحية التقليدية لاسيما مصادر موارده المائية من عيون وخطارات وسواقي بحيث سبب انخفاض الفرشات الباطنية بعالية الحوض النهري لفم زكيد في تراجع صبيب البعض منها وتوقف البعض الآخر بشكل نهائي[15].
ينضاف إلى هذه المظاهر في استنزاف الفرشات الباطنية المترتبة عن نمط الزراعة التسويقية التي استوطنت المجال، المساس بجودة هذه الفرشات نتيجة الاستعمال المكثف وغير المعقلن للأسمدة الكماوية داخل الضيعات الفلاحية في غياب أي مواكبة للفلاحين في هذا الجانب.
- الزحف على حساب المحيط الحيوي الطبيعي وعلى الأراضي الزراعية بالواحات التقليدية
تشكل الزراعة التسويقية التي انتشرت على هوامش الواحات التقليدية وصارت النوة التي ترتكز عليها الواحات الجديدة ظاهرة مجالية حديثة بالمنطقة ومظهرا من مظاهر التحولات المجالية التي عرفها المجال الواحي لفم زكيد.
ويتضح ذلك من كون هذه المجالات الزراعية هي بمثابة تحول طال المجالات الرعوية الطبيعية وسهوب الطلح الصحراوي ومرفقاته بالمنخفض الشمالي لجبل باني أو ما يعرف بالفايجة[16]، وكذا المجالات الفيضية التي كانت تستغل في زراعة الحبوب خلال السنوات المطيرة.
الجدول(5): وضعية الأراضي الزراعية الجديدة قبل الاستغلال الزراعي بهوامش واحات السميرة والمحاميد بفم زكيد
الأراضي قبل الاستغلال الزراعي الحالي | العدد ( الضيعات) | النسبة% |
مغطاة بالأكاسيا ومرفقاتها | 37 | 78.72 |
عارية | 10 | 21.27 |
المجموع | 47 | 100 |
المصدر: نتائج بحث ميداني 2018
واستنادا إلى المعطيات الواردة في الجدول(5) يتبين أن استثمارات الزراعة التسويقية توسعت بشكل ملحوظ على مجال سهوب الطلح الصحراوي ومرفقاتها بحيث نجد ما يناهز 79 بالمئة من الضيعات الفلاحية الجديدة تقوم على أراضي كانت مغطاة بتشكيلات الطلح الصحراوي وباقي الشجيرات الألفحجرية المعروفة بالمنطقة، فيما نجد فقط 21 بالمئة منها قائم على استغلال مجالات عارية من ذي قبل.
الصورة(5) و(6): مجالات توسع ضيعات الزراعة التسويقية بهوامش واحات: المحاميد، أمزرو، أولاد جامع،السميرة بعالية فم زكيد
المصدر: Google Maps 2021
ومن خلال ما سبق يتضح الانعكاس السلبي لهذا النمط الزراعي الجديد على المحيط الحيوي بالمنطقة وعلى وظائفه البيئية والاقتصادية والاجتماعية، حيث إلى جانب توسعه على حساب المراعي ومساسه بمصدر علف قطعان الماشية القائمة على الرعي الحر والدفع بالأسر الرعوية إلى البحث عن مراعي جديدة أو اللجوء إلى إنتاج الأعلاف أو اقتنائها، فقد ساهم في تأكل الحزام النباتي الذي يساعد على التخفيف من قساوة المناخ ويخلق منيخات محلية رطبة نسبيا بهذه الواحات وعلى عمليات التتريب وإغناء الفرشات الباطنية والحيلولة دون معامل التبخر المرتفع.
- تساهم الزراعة التسويقية في تسريع وتيرة ظاهرة الإرمال والتصحر بالمنطقة
ساهمت خصائص الدورة الزراعية لهذا النمط الجديد وتقنيات إعداد استصلاح الأراضي في تنشيط عمليات التذرية والتراكم الريحي بالمنطقة، يتجلى ذلك في أن النمط الزراعي الجديد يتوقف عن النشاط خلال فصلي الصيف والخريف المصادفين للنشاط الريحي القوي،بحيث في هذين الفصلين تسود رياح الشركي التي تهب على المنطقة لتهاجم سطوح الأراضي الزراعية المتوقفة عن النشاط وغير المحمية ثم تعمل على نقل أتربتها نحو مجالات أخرى، مما يساهم في إفقارها والإخلال بتماسكها الحبيبي ومادتها العضوية من جهة، وإطلاق دينامية الإرمال والتصحر بالمجالات المجاورة من جهة أخرى.
الشكل (7): المناطق المهددة بخطرالإرمال بالمجال المدروس
المصدر: Oudada .Mohamed ;2004 بتصرف
كما ساهم في هذه الدينامية عملية الاجتثات والقلع التي تعرضت لها تشكيلات الطلح الصحراوي ومرفقاته من أجل توسيع مجالات الزراعة التسويقية.
ومن خلال الشكل(7) فإن الإنعكاسات البيئية لهذه الأنماط الاقتصادية ستعرض الواحات التقليدية لخطر الترمل، كما ستتضرر التجهيزات الهيدروفلاحية من سواقي وخطارات وكذا المشارات الزراعية فضلا عن المجالات السكنية والطرق والمسالك القريبة.
خلاصة:
لقد عالجنا في ما سبق من محاور إشكالية الآثار البيئية للأنماط الاقتصادية الجديدة التي عرفتها المجالات الشبه الصحراوية المغربية لاسيما الجنوب الشرقي وبشكل خاص واحات فم زكيد بإقليم طاطا، وذلك بالتطرق إلى الزراعة التسويقية باعتبارها أبرز نمط اقتصادي جديد بهذه المجالات ثم البحث في خصائصها ومقوماتها وإبراز مساهمتها في الإخلال بالعناصر البيئية بهذا المجال وبالتوزان البيئي للمنظومة الواحية.
ويستخلص مما سبق من تحليل ودراسة أن الزراعة التسويقية تشكل نمطا اقتصاديا جديدا وظاهرة مجالية حديثة بهذا المجال، بدأت منذ النصف الثاني من القرن الماضي وتزايدت وتيرة نموها مع توالي السنوات.
ويستنتج أيضا أن هذا النمط الاقتصادي الجديد كان نتاج عوامل وأسباب مركبة، تشكل فيها الأزمة المركبة التي تعانيها الواحات التقليدية عاملا رئيسيا.
كما يستخلص أن مقومات وخصائص الزراعة التسويقية بواحات فم زكيد لاتتلاءم مع الظروف المناخية والطبيعية، لاسيما خاصية الموارد المائية النادرة والضعيفة التجدد.كما انعكست بشكل سلبي على المنظومة البيئية للواحات وساهم في إطلاق دينامية الإرمال والتصحر بالمجال بالرغم من النتائج الاقتصادية والاجتماعية الإيجابية لهذه الأنماط. الشيء الذي يتطلب مراجعة هذا النموذج التنموي المبني على الاقتصاد التخارجي باعتماد نموذج يراعي خصوصيات الهشاشة البيئية التي تطبع المجال وينبني على منظور صون تنموي لموارد هذه الواحات.
قائمة المراجع:
- عبد الكبير (باهني)،حسن (رامو) 2017، تقنيات تدبير ندرة الموارد المائية بالمجالات الواحية: نماذج من واحات الجنوب المغربي والتونسي، ورد ضمن الأمن المائي وتدبير الموارد المائية بالواحات المغاربية، تنسيق عبد الكبير باهني، منشورات المعهد الجامعي للبحث العلمي.
- محي الدين (محمد)، 1999″النظام الواحي بين تدهور الموارد الطبيعية وضعف المؤهلات البشرية والسياحية:حالة واحات فم زكيد بدرعة السفلى ورد في “السياحة في الميزان” سلسلة الندوات رقم 11 كلية الاداب والعلوم الانسانية مكناس.
- محي الدين(محمد)، نبو(محمد) 2021، دور النبات الطبيعي في الحفاظ على التوازنات البيئية والمساهمة في التنمية المستدامة : حالة الطلح الصحراوي بدرعة السفلى،ورد في الأقاليم الجنوبية المغربية: بين التحولات السوسيومجالية وتحديات التنمية الترابية، مختبر الجيومرفولوجيا، البيئة والمجتمع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مراكش ومركز نماء للدراسات والأبحاث حول الصحراء، جمع وتنسيق: عبد الله بونعاج /أحمد بوهكو/يوسف الرقاي.
- مهدان (محمد )2013، التحولات الاجتماعية والتنمية: دراسة في النظام المائي لواحة تودغى، منشورات جامعة ابن زهر ،طباعة ونشر سوس أكادير المغرب.
- نبو (محمد) 2021، الهشاشة البيئية والتأقلم بواحات درعة السفلى: دراسة في الأنساق البيئية، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الدار البيضاء، ( غير منشورة)، عدد الصفحات 402.
- نبو( محمد)، محي الدين(محمد)2018، الإعداد التقليدي للموارد المائية والأراضي بالواحات الأصيلة بين تحدي الصون ورهان التنمية الفلاحية –دراسة حالة واحات فم زكيد-، ورد في مجلة المجال والتنمية : الموارد الترابية بين الهشاشة وآفاق الاستدامة، المركز المتوسطي للأبحاث والدراسات المجالية والاجتماعية والبيئية، العدد 1 سنة 2017.
- نبو(محمد)، محي الدين(محمد)2019، أي بدائل اقتصادية مستدامة للتخفيف من آثار التصحر والتأقلم مع التغيرات المناخية بواحات طاطا؟.ورد في الجهة والبيئة وإعداد التراب، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، إشراف: محمد الأسعد، محمد محي الدين تنسيق الحسين بن الأمين.
- جماعة فم زكيد ، مونوغرافية فم زكيد 2012.
- Bahani Abdelkabir ;2010 ; les écosystèmes environnementaux et la mobilité des personnes dans le Draa moyen , quelles relations ?. actes du colloque international « les migrations et les ècosystèmes ;les réfugiés de l’environnement » coordination ; Ahmed Lakmahri § Abdelkabir Bahani ; la Recherche scientifique ; Revue des sciences humaines et sociales ; Un Mohamed5-Souissi ; Pub de l’UNRS.
- -Mouhiddine Mohamed.2013.Protection et valorisation du patrimoine naturel du Bas Draa. Coordonne par Mohamed Ait Hamza &El OUAFI Nouhi. Patrimoine culturel matériel de la Région Souss-Massa-Draa. IRCAM.
- -Oudada .Mohamed ;2004 , Désenclavement et développement dans le sud du Maroc : le cas des pays du BANI » Thèse de doctorat en Géographie ;université Aix-Marseille-Université de Provence .(non pub).
- -PNUD ;2009 .Diagnostic agro écologique et typologie des oasis.MAROC.
- R.M.V.A.OUARZAZAT2009; Etude de la situation actuelle et schéma directeur des aménagement de PMA2009.
- HCEFLCD-DREF SO (2007) ;Etude d’aménagement du Parc National D’IRIQUI Rapport de base.
[1]منخفضات باني
[2]Oudada .Mohamed ;2004 , Désenclavement et développement dans le sud du Maroc : le cas des pays du BANI » Thèse de doctorat en Géographie ;université Aix-Marseille-Université de Provence .(non pub) p81.
[3]نتائج بحث ميداني قمنا به سنة 2016
[4]حسب معطيات مستقاة من قيادة ألوكوم 2021.
[5]Bahani Abdelkabir ;2010 ; les écosystèmes environnementaux et la mobilité des personnes dans le Draa moyen, quelles relations ?. actes du colloque international « les migrations et les écosystèmes ;les réfugiés de l’environnement » coordination ; Ahmed Lakmahri § Abdelkabir Bahani ; la Recherche scientifique ; Revue des sciences humaines et sociales ; Un Mohamed5-Souissi ; Pub de l’UNRS ; p198.
[6] Ibid… ; 203.
[7]Oudada .Mohamed ;2004 , Désenclavement et développement dans le sud du Maroc : le cas des pays du BANI » Thèse de doctorat en Géographie ;université Aix-Marseille-Université de Provence .(non pub) ; p94-95.
[8] Ibid ;292.
[9]مهدان (محمد )2013، التحولات الاجتماعية والتنمية: دراسة في النظام المائي لواحة تودغى، منشورات جامعة ابن زهر ،طباعة ونشر سوس أكادير المغرب، ص 223.
[10]نبو(محمد)، محي الدين(محمد)2019، أي بدائل اقتصادية مستدامة للتخفيف من آثار التصحر والتأقلم مع التغيرات المناخية بواحات طاطا؟.ورد في الجهة والبيئة وإعداد التراب، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، إشراف: محمد الأسعد، محمد محي الدين تنسيق الحسين بن الأمين، ص 161-182.
[11]نسبتها ضعيفة إلى متوسطة ورد في : Typologie des oasis des provinces de Guelmim, Assa-Zag et Tata p17
[12]تبلغ نسبة اعتماد السماد الاصطناعي لدى الفلاحين بواحات فم زكيد 68 بالمئة ورد فيTypologie des oasis des provinces de Guelmim, Assa-Zag et Tata p22
[13]Diagnostic agro ecologique et Typologie des oasis ; PNUD ; 2009.
[14]عبد الكبير (باهني)،حسن (رامو) 2017، تقنيات تدبير ندرة الموارد المائية بالمجالات الواحية: نماذج من واحات الجنوب المغربي والتونسي، ص 32.
[15]نبو( محمد)، محي الدين(محمد)2018، الإعداد التقليدي للموارد المائية والأراضي بالواحات الأصيلة بين تحدي الصون ورهان التنمية الفلاحية –دراسة حالة واحات فم زكيد-، ورد في مجلة المجال والتنمية : الموارد الترابية بين الهشاشة وآفاق الاستدامة، المركز المتوسطي للأبحاث والدراسات المجالية والاجتماعية والبيئية، العدد 1 سنة 2017، ص227.
[16]محي الدين(محمد)، نبو(محمد) 2021، دور النبات الطبيعي في الحفاظ على التوازنات البيئية والمساهمة في التنمية المستدامة : حالة الطلح الصحراوي بدرعة السفلى، ص 201.