أقام قسم الدراسات الأدبية والفكرية بمركز جيل البحث العلمي أمسية يوم الجمعة 28 جانفي 2022 ندوة علمية افتراضية احتفاء بعضو اللجنة التحكيمية بمجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية الناقد العراقي الأستاذ الدكتور فاضل عبود التميمي حيث تمت فيها مناقشة كتابه”دراسات ثقافية في الرواية والرحلة والمقالة” وذلك بمشاركة باحثين ونقاد وطلبة دكتوراه حيث حاضر في الكتاب كل من: د. عبد الواحد الدحمني من المغرب ـ د.طارق بوحالة ،أ.شاهين دواجي ،أ.قلولي بن ساعد ،أ.بوصيود ماجدة من الجزائر، وتحت اشراف رئيسة المركز أ.د. سرور طالبي وبحضور قامات النقد العربي والجزائري، وقد ادارت الحوار الدكتورة غزلان هاشمي التي رحبت بالحضور ثم أحالت الكلمة إلى د.عبود التميمي الذي قدم ملخصا حول كتابه وأهم قضاياه ومحتوياته، حيث قال: “بدءا لا بد لي أن أوجه شكري وتقديري إلى مركز جيل البحث العلمي على هذه الاحتفالية الكريمة التي تدل على كرم اللسان واليد… ولي أن أشكر الزميلة المحترمة د.غزلان هاشمي ابنة الجزائر الحبيبة، وسوق اهراس الطيبة التي كانت وراء هذه الاحتفالية العطرة، شكري وتقديري إلى الأستاذة سرور التي ستسهم في إدارة الاحتفال، وشكري ومحبتي غير المتناهية الى الزملاء الذين سيتداخلون بعد قليل، والشكر موصول الى من حضر الآن من النقاد وأساتذة الجامعات، وطلاب الدراسات العليا فلهم جميعا خالص المودة والتقدير.
بُني الكتاب من العتبات الآتية:
أولا: العنوان: عنوان الكتاب (الدراسات الثقافية) وهو عنوان يفتقر إلى الوضوح والدلالة التامة ؛ تلك التي تحققت في العنوان الموازي (في الرواية والرحلة والمقالة)، وهذا يعني أن الكتاب دراسات ثقافية في أنواع أدبية واضحة الشكل والمضمون.
ثانيا: الإهداء: كان إهداء الكتاب إلى (الروائي سعد محمد رحيم و(بعقوبة) أيضا)، وهو إهداء خاص موجه إلى الروائي سعد -رحمه الله- ابن بعقوبة وديالى، أعز الأصدقاء، روائي وقاص ، وله كتابات في الثقافة، والفكر حاصل على جائزة (كتارا) عن روايته (ظلال جسد…ضفاف الرغبة) 2006، أما بَعْقوُبة فهي مدينة آرامية قديمة ، هي الآن مركز محافظة دَيالى التي عاش فيها سعد، وما زلت أعيش فيها.
ثالثا: مقدمة الكتاب: وفيها تحدثتُ عن اعتمادي الدراسات الثقافيّة رؤية في تحليل مجموعة من النصوص المعاصرة، وهدفي الكشف عن التمثّلات الثقافيّة التي لها صلة بتصوّرات الإنسان، ومواقفه من الحياة، وحركيّة المجتمع، وما يُنتج من إجراءات، وتقاليد، وأعراف باتت في حساب الثقافة اليوم عرضة للمساءلة، والقراءة، والوضع تحت مجهر التكبير الثقافي.
رابعا: الفصول:
كان الفصل الأول من الكتاب (الروايات) معنيّا بدراسة خمس من الروايات التي استجابت متونها للرؤى الثقافيّة أولها: رواية (الصندوق الأسود لكُليزار أنور) التي كان صوت المرأة فيها قد مثّل مكابدات نفسيّة في ظل ثقافة ذكوريّة لا تتسامح مع حالات الاستثناء القصوى للجسد غير المنتج، فكان حضور المحنة بشكلها الإنسانيّ كشفا لتهم جاهزة ابتلت المرأة فيها، وردعا لمن يعتقد بنقص المرأة غير المنجبة.
وكانت ثاني الروايات: (أحببتُ حمارا) لرغد السهيل، التي قُرئت على وفق ما قدّمته الدراسات الثقافيّة من فهم للظواهر الثقافيّة المعاصرة التي تعنى أساسا بالصلات المتبادلة بين الإنسان والمكان في ظلّ المؤثرات التي تُعنى بالخطاب الثقافي، وهو يرصد المجتمع، وسؤالات الثقافة فيه.
وثالث الروايات (مقتل بائع الكتب) لسعد محمد رحيم التي حاولت أن تسبر حال الثقافة في مدينة (بَعْقوبَة) بالإحالة على سيرة بائع الكتب (محمود المرزوق)، وتحديد مفهوم الثقافة عنده تلك التي ارتبطت بكتابات محدودة، ورسومات قليلة، وسفر غير منتج، ووعي مبتسر يخلط بين ما هو سياسيّ وفنيّ لخلق وهم عام أراد من خلاله (المرزوق) و (مريدوه) صناعة نجم كبير في الفن والأدب، وهذا ما لم يكن؛ لأنّ صناعة الفن الحقيقي، والأدب تتمّ في الحياة ضمن شروط الوعي الخاص بالفن والحياة، وليس بالمحاكاة القاصرة.
وكانت الرواية الرابعة:( ترنيمة امرأة… شفق البحر) للروائي سعد محمد رحيم التي كشفت قراءتها عن تمثيلات سرديّة لثيمتين مهمّتين سابحتين في فضائها السردي أعني: (الاستشراق) الذي بدا واضحا في تفوّهات بطلة الرواية الايطاليّة (كلوديا) التي مثّلت في الرواية نمطا من التفكير الاستشراقي الجديد ، و(الحوار الحضاري) بين الشرق والغرب الذي بدت دلالاته ظاهرة في الحوارات التي دارت بين بطل الرواية العراقي (سامر)، ومجموعة من الأوروبيين ، وقد اشتملت على رؤى سياسيّة: ثقافيّة فرضتها طبيعة العلاقات التي تريد للجميع أن يتعايش على الرغم من الاختلاف الثقافي، والإثني.
أمّا الرواية الخامسة الأخيرة (العشق المقدنس) للروائي الجزائري د. عزالدين جلاوجي، فقد انطوت على إظهار وإضمار في متنها، لكنّ المضمر منها كان قارّا في خطاب الرواية، له موجّهاته ومرجعيّاته، وهو بدلالاته المتخفية، وارتباطه بمجموعة علاقات، وشروط، حرٌّ في حركته المعتادة بين اللغة والذهن، وهذا يعني أنّ له قدرة في التأثير، والمعارضة، وهذا ما كشفت عنه الدراسة التي يقتضي المقام -هنا- التنويه أنّها كانت دراسة نقد ثقافي لا درس ثقافيّ، والنقد الثقافي (النسقي) توأم الدراسات الثقافيّة الذي ولد بعدها وبسببها.
لقد تبيّن أنّ الروايات الخمس قد استجابت لرؤى الوعي الثقافي الذي لا يمتُّ بصلة إلى الثقافة المتعالية، والخطابات الجماليّة المحضة، وتفوّهات السلطة، وكتابات التمييز بين البشر، بمعنى أنّه منظور حاول الاقتراب من متون الثقافة ذات النفس الإنسانيّ غير المنحاز إلى الطبقيّة، والنصوص الرسميّة، والجماليّة، وهذا ما أتاح للفصل أن يقرأ الروايات من زاوية علاقاتها بالأفكار، والتأريخ، والرؤى الاجتماعيّة، وما يتّصل بها من تأثير يتّسع لمزيد من الدلالات التي تخضع لسلطة الثقافة.
وسعى الفصل الثاني (الرحلات) إلى الوقوف عند مصطلح (التمثيل) وهو من أكثر نظم التشكيل السردي التي تعيد انتاج المرجعيّات عند الشاعر (باسم فرات) في رحلاته الخمس: (مسافر مقيم: عامان في أعماق الإكوادور) ، و(الحلم البوليفاري: رحلة كولومبيا الكبرى)،و(لا عشبة عند ماهونا: من منائر بابل إلى جنوب الجنوب)،و(طوفان بوذا: رحلاتي إلى جنوب شرق آسيا)،و(لؤلؤة واحدة وألف تل: رحلات بلاد أعالي النيل)، وهو ينفتح على (أنا) الرحّال الناطقة بثقافته، وأنا (الآخر) البعيد ذي الثقافة المختلفة لتكون الرحلة نصّا ثقافيّا يبتكر التواصل الجديد بين العالم ، فأنا (باسم فرات) ، وأنا (الآخر) لم تتصارعا بحثا عن الأنموذج الأشمل في الحياة ، بعيدا عن صدمة الحضارة المعاصرة، وخطاباتها الموغلة في التسامح، فقد أمسكت (أنا) الرحال بعصا الاعتراف منذ البداية حين أقرّت بفلسفة التعلّم ، والنزوع نحو السلام ، لتظل ثنائيّة (الأنا: الآخر) تعمل في إطارها الثقافيّ الفاعل الكاشف عن أسلوب التشارك بينهما ، فهما كينونة واحدة ذات غطاء ثقافي متعدد الرؤى.
أمّا الفصل الثالث (المقالات) فقد سعى إلى قراءة مقالات (د. علي جواد الطاهر) في كتابه الشهير (وراء الأفق الأدبي) بهدف رصد تحوّلات المعالجات الأكاديميّة التي سلكها (المؤلّف) في الكتاب من خلال نشاط مغاير متنوع في قراءاته الخاصّة بالظواهر الثقافيّة المختلفة الراصدة لسياق العلاقات الثقافيّة ، والاجتماعيّة معا ، قبل أن يُعرف مصطلح (الدراسات الثقافيّة) في العراق، أي أنّ هدف الفصل الوقوف عند مقالات (الطاهر) التي تجاوز فيها التخصص النقدي إلى ما وراء التخصصيّة النقديّة المحضة التي تحتفل بالثقافة بمفهومها الشامل.
خامسا: الخاتمة:
لم تكن الخاتمة تكرارا لما كان من خواتيم ظهرت في فصول الكتاب، فليس من المعقول أن أعيدها فيها، ولكن لي أن أقول بما يشبه اعلان الختام إنّ الدراسات الثقافيّة بعامّة هي رؤى تقرأ المؤثرات التي تفعل فعلها في حياة الإنسان، ولا سيّما الذي تكون الثقافة جزءا من فاعليّته الاجتماعيّة، والاطار الذي يعيش فيه، حينها تكون معيارا يسهم في تحديد درجات السلم الحضاري في الحياة ، من هنا أفهم امتلاك الدراسات الثقافيّة للقراءات الواعية للحياة مهما تعدّدت أشكالها ، ومقترباتها ، ووسائل الاتصال فيها، وإنتاجها، على فرض أنّ الثقافة واحدة وإن تعدّدت صفحاتها.
لقد غدت الثقافة الرابط الإنساني الذي يوحّد المجتمعات في شكل حياة جامعة، بخلاف السياسة، والاقتصاد، والحروب التي تدعو جميعها إلى ذاتيّة مفرطة تمجّد الأنا، وتستبعد الآخر، فالثقافة في كينونتها الإنسانيّة الأولى كانت قد نشأت في ظل مطابقات الإنسان والطبيعة، وظلّت هكذا مع تطوّر الآلة الصناعيّة، ووسائل تدمير البشريّة، وظهور وسائل الإعلام الكبرى، وستبقى جسرا رابطا بين الإنسان وأخيه مهما بعد، أو تغاير شكله.
وشكرا لكم جميعا.
- قدم د. عبد الواحد الدحمني من (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان /المغرب) مداخلة موسومة بـ”معالم النقد الثقافي في كتاب دراسات ثقافية في الرواية والرحلة والمقالة للدكتور فاضل عبود التميمي”.
- رام في هذه الورقة تقديم قراءة نقدية في كتاب “دراسات ثقافية في الرواية والرحلة والمقالة”، وحسب قوله :”ليس المقصود بذلك تقديم ملخص شامل للكتاب، وإنّما بيان مدى انتماء هذا العمل النقدي في الدراسات الثقافية العربية، وما المعالم التي تجعله لا يخرج عن الممارسة النقدية للنقد الثقافي.
- ينطلق الكاتب من فرضية مفادها أنّ الدراسات الثقافية تمثل رؤية في تحليل مجموعة من النصوص المعاصرة، وتهدف إلى الكشف عن التمثلات الثقافية التي لها صلة بتصورات الإنسان ومواقفه من الحياة وحركية المجتمع، والنصوص التي سيعمد الباحث الدكتور فاضل التميمي إلى تحليلها تنتمي إلى أجناس أدبية متنوعة ومختلفة، وقد رأى الباحث إمكانية مقاربتها ثقافيا وهي الرواية والرحلة والمقالة.
- والمتأمل في هذه الفرضية يجدها لا تخرج عن غاية النقد الثقافي الذي يهتم باستكشاف الأنساق الثقافية المضمرة في النص الأدبي، أو بمعنى آخر ربط الأدب بسياقه الثقافي غير المعلن. وقبل الانطلاق في تحليل الرواية والرحلة والمقالة، يضع الباحث بساطا نظريا لتصوره، فيتحدث عن نشأة الدراسات الثقافية التي تمثل بالنسبة إليه ثورة ضد المناهج الأدبية والنقدية المعروفة، وتهتم الدراسات الثقافية في نظره بثقافة التهميش والثقافة غير الرسمية والثقافة الشعبية، وتروم في الآن نفسه فهم الظواهر الثقافية المعاصرة، ولهذا تصبح الدراسات الثقافية دراسة تكاملية معرفية لا تعترف بالحدود الفاصلة بين مختلف العلوم الإنسانية، وتعتمد في ممارستها الإجرائية على المقومات الماركسية وعلم الاجتماع والسيميائيات والأنثروبولوجيا المعرفية، وفي هذا التصور أيضا ملمح من ملامح النقد الثقافي، وأحد العناصر المشتركة بينه وبين الدراسات الثقافية، فالنقد الثقافي منفتح على كلّ المناهج الأخرى، مثل المنهج البنيوي والسيميولوجي والتفكيكي وجماليات التلقي والتأويلية ونقد ما بعد الاستعمار (الكولونيالية)، ولا شك في أنّ جميع هذه المناهج ستساعد الباحث في كشف الأنساق المضمرة والتمثلات التي تضمها البنية الداخلية للنصوص.
- ويخلص الدراس لما قدمه الكاتب في الفصل الأول من دراسات ثقافية لمجموعة من الروايات العربية إلى اهتمامه بالمضمر، وابتعاده عن المظاهر الجمالية في الخطاب الروائي، وهو ما يجعلنا نتساءل: أليس في هذا التصور معلم من معالم النقد الثقافي الذي لا يتعامل مع النصوص باعتبارها رموزاً جمالية أو مجازات موحية، بل إنها أنساق معرفية مضمرة.
- وأما د. طارق بوحالة (جامعة ميلة/الجزائر) فقدم مداخلة موسومة بـ ” الرواية العربية المعاصرة موضوعا للدراسات الثقافية…قراءة في منجز الناقد العراقي فاضل التميمي”.
- وضح فيها أن مداخلته” تنخرط في مناقشة كتاب الناقد العراقي الدكتور فاضل التميمي الموسوم بسرديات ثقافية: في الرواية والرحالة والمقالة . وقد خصصنا محاورتنا لهذا الكتاب لمبحث الرواية باعتبارها الجنس الأدبي الأكثر حضورا في هذا العمل، حيث اشتغل الباحث على خمس روايات عربية وهي رواية الصندوق الأسود لكليزار أنور ورواية أحببت حمارا لرغد سهيل ورواية مقتل بائع الكتب لسعد محمد رحيم ورواية ترنيمة امرأة…شفق البحر لسعد محمد رحيم ورواية العشق المقدنس لعز الدين جلاوجي محاولا الكشف عن تمثيلات الثقافي داخل الأدبي والجمالي. لهذا فإن مداخلتنا قد ركزت على تقديم قراءة في هذه التمثيلات وأهم مواطنها في كتاب الدكتور فاضل التميمي. مثيرة بعض الأسئلة المتعلقة بمجال الدراسات الثقافية ومدى تحرره من صرامة المنهج النقدي وحرفيته. وهو ما تحقق لقراءة الدكتور فاضل التميمي كونه تخفف قدر الإمكان من القراءة المنهجية الصارمة.
- واستعان بآلية التأويل. من جهة أخرى يحسب للباحث أنه أحسن اختيار النماذج الروائية التي سهلت عليه هذه المهمة كونها نصوص ثرية بالانساق الثقافية والتمثيلات الرمزية التي استطاع البحث كشفها وتأوليها”.
- هذا وقدم أ. شاهين دواجي (جامعة الجيلالي اليابس سيدي بلعباس/الجزائر) مداخلة موسومة بـ” تأملات في كتاب دراسات ثقافية لفاضل التميمي ”وضح فيها أن مداخلته تتغيا تقديم قراءة في الكتاب ،وتحاول “مناقشة المهاد النظري له والذي يقدم تصورا مختلفا عن الريادة بخصوص النقد الثقافي عربيا.في شطرها الثاني ستميل القراءة إلى الجانب التطبيقي،حيث ترصد الخطاب النقدي عند الباحث في بنيته الشكلية ،كما ستحاول تتبع عدد من التخريجات التي قدمها الناقد عن السرد موضوع أبحاثه،وفي كل هذا نحاول تقديم المبررات الذاتية والموضوعية لهكذا خطاب”.
- كما قدمت أ.بصيود ماجدة من جامعة باجي مختار عنابة /الجزائر مداخلة موسومة بـ”قراءة في استثمار تيمة اللامقول في كتاب:دراسات ثقافية في الرواية والرحلة والمقال لفاضل عبود التميمي”.
حيث ذكرت أن الآفاق المعرفيّة لهذه المداخلة تتمحور “حول إشكاليّة حضور تيمة اللاّمقول كمدار نقدي تسفر عنه مجموع المقاربات التي قدّمها النّاقد:عبُّود التّميمي لمجموع المدونات الرّوائيّة، التي تطرّق إليها في الفصل الأوّل من الكتاب تحت عنوان عام هو: الرّوايات، وفي هذا الفصل قام النّاقد بدراسة خمسة روايات أساسيّة تحت العناوين التّاليّة:1ـ إيديولوجيا الجسد المعطّل: قراءة في رواية الصندوق الأسود لكوليزار أنور.
2 ـ حضور النّسويّة وانكسار وعيها في رواية” أحببت حمارا”
3 ـ مقتل بائع الكتب من تمثُّل واقعة القتل إلى تفكيك حالة المثقّف
4 ـ ملامح الاستشراق والحوار الحضاري في رواية”ترنيمة إمرأة.. شفق البحر”.
5 ـ المضمر ودلالته في رواية “العشق المُقدنس”.
وكل هاته الرّوايات كانت متونها قد استجابت من منظور النّاقد للرُّؤى الثّقافيّة.وقد تمّ الوقوف من خلال هذه الرّوايات على ترسانة الآليات النّقديّة المتّبعة من قبل النّاقد في دراسته لهاته النُّصوص ،بناءً على ما اعتبره نقدا ثقافيًا في تحليله لما استغور في مضان هذه النُّصوص من تيمات متداخلة، تعدُّ من المفكّر فيه واللّامقول في الثقافة العربيّة التي سلكت سُبلا متاخمة في استغوارها للدّفين المسكوت عنه،وكان أهمها السّبيل النّقدي.
ولقد كان الوقوف على نتائج القراءات والتّحليلات النّقديّة التي قدّمها المؤلّف لهذه الأعمال، بالانطلاق من قاعدة أن قراءة النّاقد لهاته المدوّنات الرّوائيّة ، كانت من زاويّة علاقتها بالأفكار والتّاريخ والرُّؤى الاجتماعيّة ، وما يتّصل بها من تأثيرات تتّسع للمزيد من الدّلالات التي تخضع لسلطة الثقافة، لذلك جاء البحث( بحث النّاقد) في تيمات متداخلة أهمها الكشف عن واحدة من طرائق التمثيل عن إشكالات الجسد النّسوي غير القادر على الانجاب، أو المعطّل -على حدّ تعبير النّاقد-، وما يتّصل بها من رؤى وقراءات ثقافيّة، وكذا إشكاليّة العلاقة بين المثقّف والسُّلطة كجزء من التبئير الرّوائي الرّاهن، هذا بالاضافة إلى إشكاليّة العلاقة الرابطة بين الأنا العربي و الآخر الغربي، وهذه الاشكاليّة كان قد أتاحها التحليل النّقدي لمفهوم الاستشراق من قبل النّاقد.
- فجاء الاشتغال من خلال هذه الأعمال في مجموع آليات القراءة التي قدّمها النّاقد لهذه المدوّنات، من منظور النّقد الثّقافي الذي يتموضع خارج الأحكام المعياريّة التي فتن بها النّقد القديم، وكل هذا بالوقوف على السُّبل النقديّة المنتهجة من قبل مؤلّف الكتاب، والتي مكّنت من تبئير تيمة اللاّمقول من منظور تحليل نقدي ثقافي، يرتقي بالمادة الرّوائيّة إلى حيازة مضامين جوهريّة ، تعدُّ من المفكّر فيه والمسكوت عنه.
وأما الناقد الجزائري أ. قلولي بن ساعد فقد قدم مداخلة بعنوان ب”دراسات ثقافية في الرواية والرحلة والمقالة للدكتور فاضل عبود التميمي بين الدراسات الثقافية والنقد الثقافي”.
حيث قال:”تتناول هذه المداخلة المخصصة لمناقشة كتاب الناقد العراقي الدكتور عبود فاضل التميمي ” دراسات ثقافية في الرواية والمقالة والرحلة ” موقع فصول هذا الكتاب بين الدراسات الثقافية والنقد الثقافي بالنظر إلى أن تيار الدراسات الثقافية الذي تأسس سنة 1964 ببريطانيا لا يعني تحديدا النقد الثقافي .
والنقد الثقافي فرع من فروع الدراسات الثقافية والدكتور فاضل عبود يدرك هذا جيد يتناول الرواية من منظور النقد ومن منظور الدرس الإستشراقي وما بعد الكولولونية كما فعل مع رواية سعد محمد رحيم ” ترنيمة إمرأة شفق البحر ومع رواية ” العشق المقدسن ” لعز الدين جلاوجي عندما يريد أن يستثمر مبدأ نقد الأنساق الثقافية فيما هو يريد التحرر قليلا مما تفرضه المفاهيم المستخدمة في الدرس عندما يريد تحليل النصوص الروائية النسوية فيتعامل مع الجهاز المفاهيمي المستخدم كثيرا في النقد الثقافي بمرونة وإستقلالية ما أمكنه ذلك .
فتتوقف الدراسة عند إطروحة الكتاب الدراسات الثقافية التي يخصص لها مهادا نظريا يحاول أن يأصل لهذا التيار في الثقافة العربية وفي النقد العربي فيضع أمام القارئ عددا من النصوص النقدية العربية التي يحاول البحث فيها عن جذور الدراسات الثقافية في الوقت الذي لا يتجاهل فيه بعض مصادرها كما تأسست في بريطانيا من خلال جهود رايموند وليامز
والدراسة لا تتجاهل بالطبع محكم التأويل الثقافي كما مارسه الدكتور فاضل عبود التميمي عندما فضل قراءة المنجز النقدي للدكتور علي جواد الطاهر من خلال كتابه ( وراء الأفق الأدبي ” في أفق الدراسات الثقافي بالإتكاء على بعض مضمرات المقولات النقدية لعلي جواد التي تجاوز فيها عصره على غرار ما كان بسميه علي جواد الطاهر بالنقد الآخر أوالخروج قليلا عن إملاءات التخصص وغيرها” .
- افتتحت الدكتورة غزلان النقاش حيث أحالت الكلمة إلى الناقد العراقي المتخصص في النقد الثقافي أ.د. حسين القاصد والذي بين “أن علي طاهر جواد لم يمنهج الدراسات الثقافية ،حينما تأخذ المفاهيم التي لم يمنهجها صاحبها باعتراف الغذامي الذي أشار إشارة محتشمة له وليس هو فقط بل هناك محمد حسين الأعرجي الذي درس في الجزائر سابقا ،حيث أشار للمضمر الثقافي ،كما أن تحقيقاته في مقدماتها يكشف المضمر وهذا من صميم النقد الثقافي فليس ذنبه أنه لم يمنهج ولا يجب أن تنكر جهوده” ، سأل التميمي عن مقتل بائع الكتب بقوله:” ألا تظن أنه كتب الرواية بعقلية الناقد الثقافي وله محاولات نقدية؟ ،وجه باحث الدكتوراه بدر الدين درارجة أسئلة منها:ماهي أهم العراقيل التي تواجه حقل الدراسات الثقافية في وطننا العربي ؟ ماهو مستوى تلقي الدراسات الثقافية في الجزائر وفي الوطن العربي؟ ،وأما الناقدة الجزائرية أ.د.آمنة بلعلى فقالت:”استنتجت أن التميمي اعتمد على المفاهيم الأساسية في النقد الثقافي في قراءاته للنصوص وقد أشارت المحاضرتان الأخيرتان إلى الخلفية الغربية للنقد الثقافي ،وكأنه يجب على الناقد أن يكون أمينا حينما يستثمر معطيات النقد الغربي ،النقد الثقافي ليس منهجا وإنما جملة مفاهيم مأخوذة من حقول معرفية مختلفة وهو مايفرض علينا عدم إسقاط نفس المفاهيم بنفس الشكل حينما يتعلق الأمر بنصوصنا العربية “،هذا ووجهت سؤالها للناقد بقولها:” وأنت تتعامل مع هذه المقولات هل تعاملت بشكل أمين أم خنت هذه المقولات حيث فرضت عليك النصوص طريقة معينة في تحليل النصوص؟” ، قدم أ.د.عبد القادر فيدوح شهادته في حق التميمي والتي تجمل كل مايستحقه من تقدير ،حيث قال:”عندما يلتقي العلم والتواضع والرقي نجد الصديق فاضل التميمي على صدارة هذه المبادئ وليس بغريب عنه أن تكون له قيم معرفية في مستوى ماعرضه الزملاء في المداخلات”،بينما قدمت الطالبة المغربية نادية زكان سؤالين:” لاحظت أن أغلب المداخلات كانت تقدم مفهوم الدراسات الثقافية والنقد الثقافي على أنهما شيء واحد ،فهل يحق لنا الخلط بينهما واعتبار النقد الثقافي تطور عن الدراسات الثقافية؟،لماذا ركزت على هذه الأنواع بالذات في كتابك:المقالة والرواية والمقامة ؟”.
بعد أن رد الدكتور فاضل التميمي على تساؤلات السادة ختمت د.غزلان هاشمي الجلسة بقولها:”في ختام هذه الجلسة الرائعة والباذخة أشكر كثيرا المحتفى به عضو أسرة مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية د.فاضل التميمي السادة المحاضرين :د.عبد الواحد، الأستاذ قلولي، أ.شاهين،أ. ماجدة د.طارق ،أعلام النقد الثقافي في الجزائر والوطن العربي د.آمنة بلعلى، د.عبد القادر فيدوح ،د.حسين القاصد ،الروائيين وأصحاب المتون السردية التي اشتغل عليها الناقد ،المهتمين وطلبة الدكتوراه وعلى أمل لقياكم في ندوة باذخة أخرى أترككم في رعاية الله ،