
مراحل وضع النحو العربيّ (العلماء والمجهودات والسمات)
Stages of setting the Arabic grammar Scientists, efforts and features
د. محمد الطيب البشير بابكر، أستاذ مساعد بجامعة الخرطوم ـــ كلية التربية ـــ قسم اللُّغة العربية
Dr .Mohammed Altayeb Albeshier Babikir, Assotant professer – khartoum university -faculty of Education – Deparment of Arabic
د. سليمان إبراهيم عبد الله إبراهيم، أستاذ مساعد بجامعة الخرطوم ـــ كلية التربية ـــ قسم اللُّغة العربية
Dr.Suleimam Ibrahim Abdalla Ibrahim, Assotant professer – khartoum university -faculty of Education – Deparment of Arabic
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 63 الصفحة 127.
Abstract
The Arabic syntax castle was constructed by the great efforts done by coherent series of men and scholars who devoted their efforts and used their minds to serve Arabic language in order to keep “the Holy Quran” save and preserve “the Suna” (the sayings and doings of the prophet Mohammed peace upon him).
Also to keep the Arabic tongue safe from the lesion of solecism and foreign. This construction of Arabic syntax went through four stages, each stage is distinct, and they are all important to each other. Therefore, the two researchers dedicated this study to reveal the reality of those stages. The study aimed at tracking those stages so as to uncover their most prominent characteristics and identify the scholars of those stages and their efforts in
Arabic syntax. The study adopted the descriptive methodology. It has come out with a group of findings, the most important are: Arabic syntax went through four stages: the evolution, development, maturity and classification. The findings also showed that the first of what was set in syntax rules was full of mistakes and the syntax rules that are close to minds and used in speech. Each stage has its own characteristics that made it distinct from the other stages.
Key words : Arabic syntax – stages – Maturity .
مستخلص :
شُيِّدَ صرحُ النحو العربيّ بمجهودات جبارة من قبل سلسلة متساوقة من الرجال العلماء الذين كرسوا جهودهم ووظفوا عقولهم لخدمة اللغة العربية حفاظاً على كتاب الله وصيانة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحماية للسان العربيّ من آفة اللَّحن والعجمى . هذا التشييد مرَّ عبر مراحل أربعة لكل مرحلة منها ما يميزها ولا غنى لإحداها عن الأخرى ؛ لهذا رأى الباحثان تخصيص هذه الدراسة لتكشف عن حقيقة تلك المراحل، وقد هدفتْ الدراسةُ إلى تتبع تلك المراحل إبراز خصائصها وسماتها والتعرف على علمائها ومجهوداتهم في النحو العربي . واتَّبعت الدراسةُ في ذلك المنهجَ الوصفي ، وتوصلتْ إلى جملة من النتائج ولعلَّ من أهمها : مرور النحو العربي بأربع مراحل هي : (النشأة)، (التطور)، (النضج)، (التصنيف والتبويب)، ومن النتائج كذلك إنَّ أول ما قُعِّد من القواعد النحوية هو ما كثر فيه الخطأ ، و ما كان قريباً من الذهن وكثر دورانُهُ في اللسان، لكلِّ مرحلة سمات خاصة بها تميزها عن غيرها من المراحل .
الكلمات المفتاحية : النحو ـ التقعيد ـ التطور ـ النضج
تمهيد :
إنَّ النحو العربي ما هو إلا عصارة الألسنة العربية الفصيحة عبر مئات السنين ، ويُعتبر وجود قواعده دليلاً على نظام الأمة العربية واحترامها لتاريخها وثقافتها ، كما يعد دليلاً على أصالتها ، ولكن وجود هذا النحو كلف الكثير ، فقد بُذل في سبيل تقعيده مجهودات بشرية تفوق الوصف ، وتعاقب على صنعه وإنتاجه أجيال وأجيال ، وكان وضعه نتيجةً لأسباب اللحن وغيره، فشرع النحاةُ ينظرون في كلام العرب حتى تمَّ لهم مع الزمن هذا الفن ــــــ فن النحو ــــــ فوصل إلى ما وصل إليه بعد مروره بأربع مراحل، تمثلت في مرحلة النشأة ومرحلة التطور ومرحل النضج ومرحلة التصنيف والتبويب ، وفيما يلي تفصيل تلك المراحل.
من المعلوم أنَّ كلَّ علمٍ من العلوم يبدأ صغيراً كالطفل الوليد ثم ينشأ ويترعرع حتى يبلغ مرحلة النضج ، وهكذا الشأن في علم النحو العربي الذي بدأ كمعالجة لبعض الظواهر الجديدة التي طرأتْ على المجتمع العربي في صدر الإسلام ، وعليه فإنَّ علمَ النحوِ العربيّ قد مرَّ بأربع مراحل على نحو ما ذكرنا في التمهيد ، وعلينا تبيان ذلك وتفصيله قبل أن يجفَّ مداد هذه الورقة ، وسنبدأُ بأولى تلك المراحل ـــ إنْ شاء الله تعالى ـــ وهي مرحلة نشأة النحو العربي .
أولاً : مرحلة النشأة :
بدأتْ هذه المرحلة من مراحل تقعيد القواعد النحوية نتيجة لما مسَّتْ إليه الحاجة من ضرورة وجود علاج سريع لظاهرة اللحن التي أخذت في التفشي خصوصاً عندما طالت كتاب الله الحكيم .
وتعد هذه المرحلة خطوة أولى من خطوات عملية التقعيد النحوي تتماشى مع قانون النشوء ؛ إذ بدأت بوضع بعض القواعد إجمالاً لا تفصيلا ، فكان الغرض الأول منها صيانة كتاب الله تعالى من اللحن ، وقد ذكرت المصادر والمراجع التي اعتنت بعلوم العربية مسألةَ نشأة التقعيد النحوي بشيءٍ من التفصيل واستفاضت فيها ، وإذا كان بسط التاريخ أقدر على الاستيعاب والتبيين من إيجازه فإنَّ الإيجاز أقدر منه على الجمع والتقريب ؛ لأنَّه اختيار وانتقاء ، ولهذا سأتخذُّ من الإيجاز مطيَّة لعرض ما يتعلق بنشأة التقعيد الأولى .
نشأت عملية وضع النحو الأولى للقواعد النحوية بالبصرة ؛ لأنَّها تقع على حدود البادية وملتقى العرب بالأعاجم حيث منشأ اللحن ، فكان أمراً طبيعياً أنْ تنشأ فيها البداية الأولى في منتصف القرن الثاني الهجري.
وإنَّ أول ما قُعِّد من القواعد النحوية ما كثر فيه الخطأ ، وقيل ما كان قريباً من الذهن وكثر دورانُهُ في اللسان.[1]
بدأت عملية نشأة النحو الأولى على يد أبي الأسود الدؤلي ، وقال بذلك جمعٌ غفير من الأقدمين والمحدثين، وعلى رأس الأقدمين ابن سلَّام الجمحي بقوله : “وكان أول من أسس العربية وفتح بابها وأنهج سبيلها ووضع قياسها أبو الأسود الدؤلي”[2] وتبعه في ذلك أبو الطيب اللغوي بعبارة واضحة صريحة وهي قوله: “كان أول من رسم للناس النحو أبو الأسود الدؤلي”[3] وذهب إلى أنَّه أخذه من أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.[4] ولحقهم في الرأي أبو سعيد السيرافي الذي ذكر أنَّ بعض الروايات تنسبه إلى نصر بن عاصم الليثي ، وبعضها إلى عبد الرحمن بن هرمز ، ورجح الرأي القائل بأنَّ واضعه أبو الأسود الدؤلي .[5]
أمَّا صاحبُ الفهرست فقد وضع عنوانا في كتابه أسماه (سبب يدل على أنَّ أولَّ من وضع في النحو كلاماً أبو الأسود الدؤلي)[6] ، ومضى على خطوهم ياقوت الحموي مستشهداً بقول المبرد : “أول من وضع العربية ونقط المصحف”[7] قاصداً أبا الأسود الدؤلي ، وحذا حذوهم جلال الدين السيوطي بقوله : “تطابقت الروايات على أنَّ أوَّل من وضع النحو أبو الأسود الدؤلي وأنَّه أخذه أولاً عن عليّ رضي الله عنه”[8] .
ومن المحدثين الذين ذهبوا إلى أنَّ واضعه أبو الأسود إبراهيم السامرائي[9]، وشوقي ضيف[10]، وعبده الراجحي[11]، وأحمد أمين الذي قال في كتابه ضحى الإسلام : “ويظهر لي أنَّ نسبة النحو إلى أبي الأسود لها أساس صحيح”[12]، ووافقهم الرأي الطنطاوي .
أمَّا من خالفهم الرأي من المتقدمين في أنَّ واضع علم النحو عليّ بن أبي طالب وليس أبا الأسود القفطي إذ يقول : “الجمهور من أهل الرواية على أنَّ أول من وضع النحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب”[13]، وأبو البركات بن الأنباري الذي ذهب إلى “أنَّ أول من وضع علم العربية وأسس قواعده وحدَّ حدوده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه”[14] .
من تلك الروايات السابقة يتبين لنا أنَّ المقعد الأول للنحو هو أبو الأسود الدؤلي بوضعه للحركات الإعرابية وبعض الأبواب ؛ وذلك لكثرة الروايات القائلة بذلك ، رغم وجود بعض الآراء التي تشكك في صحتها ، ولكن بالمقابل هنالك آراءٌ أخرى تشكك في صحة الروايات القائلة بأنَّ المقعد الأول هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، إضافة لمشاغله بأمور الدولة والفتنة .
رجالُ مرحلةِ النشأة وأبرزُ مجهوداتِهم في التقعيد :
من المعلوم أنَّ هذه المرحلة هي أولى المراحل التي نشأ فيها النحو وليداً فقد حمل عبأها مجموعة من العلماء الأفذاذ يتمثلون في أبي الأسود الدؤلي ، عطاء ابن أبي الأسود ، عنبسة بن معدان الفيل ، ميمون الأقرن ، يحيى بن يعمر ، نصر بن عاصم . وسأبدأُ بأولهم ومعلمهم أبي الأسود الدؤلي .
أ/ أبو الأسود الدؤلي :
هو ظالم بن عمرو بن سليمان ، ينتهي نسبه عند بكر بن كنانة ، كان من سكان البصرة وصديقاً للإمام علي رضي الله عنه ومحباً له .[15] وقد ذكرتُ فيما سبق الروايات التي أكدتْ أنَّه المقعد الأول للنحو .
أمَّا عن أبرز مجهوداته في عملية التقعيد فإنَّه يأتي في مقدمتها نقط الإعراب ، ويقصد به الحركات الإعرابية، فهو أول من اهتدى إليها ؛ إذ وضع لها علامات ، هذه العلامات عبارة عن نقاط وضعها على ألفاظ آياتِ كتابِ الله تعالى، والتي عُرفت فيما بعد بالحركات الإعرابية ، وفي ذلك يقول المبرد : “أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود الدؤلي”[16] . أمَّا كيفية وضع ذلك النقط فقد أوردها السيرافي أنَّ أبا الأسود الدؤلي طلب من زياد أن يرسل له كاتباً لقناً ، فأرسل له كاتباً من عبد القيس ، فلم يرضه ، فأرسل له آخر من قريش .[17] فقال له أبو الأسود : “إذا رأيتني قد فتحتُ فمي بالحرف فأنقط نقطةً فوقَه على أعلاه ، فإن ضممتُ فمي فأنقط نقطةً بين يدي الحرف ، وإن كسرتُ فاجعل النقطةَ تحتَ الحرفِ ، فإنْ أتبعتُ شيئاً من ذلك غنةً فاجعل مكان النقطة نقطتين”[18] ، فعقَّبَ السيرافي بقوله : “فهذا نقط أبي الأسود”[19] .
ولا يخفى على أحد عظمة هذا الصنيع ؛ إذ كان ضربةَ البداية لعملية وضع النحو العربي ، علماً بأنَّ علم النحو هو العلم الذي يهتم بضبط آخر الكلمة ، وهذا الضبط هو ما اهتدى إليه أبو الأسود وحُوِّلَ فيما بعد إلى تلك الحركات الإعرابية .
ومن مجهوداته تقعيده لـــ (إنَّ) وأخواتها ، فقد رُوي أنَّ أبا الأسود قال : “فكان ما وقع إليَّ (إنَّ) وأخواتها ما خلا (لكنَّ) ، فلما عرضتُها على عليٍّ رضي الله عنه قال لي : وأين (لكنَّ) ؟ فقلتُ : ما حسبتها منها ، فقال : هي منها فألحقها، ثم قال : ما أحسن هذا النحو الذي نحوت !” .[20]
ونعتقدُ بصحة تقعيد أبي الأسود لــــ (إنَّ) وأخواتها لأمرين : أولهما أنَّ الرواية جاءت على لسان أبي الأسود نفسه، وقد يُشكُّ في صحة تلك الرواية وهذا ما سيدحضه الأمر الثاني وهو : إنَّ من المنطق أن يكون أبو الأسود قد اهتدى لباب (إنَّ) وأخواتها ؛ إذ أنَّها ممَّا يكثر دورانه في اللسان ، وممَّا يكون اللحنُ فيها وفي أخواتها واضحاً بيناً تدركه الآذان بلا عناء ، خصوصا أنَّ دافع أبي الأسود الأساسي لتقعيد النحو اللحن .
وكذلك من مجهوداته وضعه لباب الفاعل والمفعول ، وبذلك قال السيرافي[21] وابن النديم[22] وياقوت الحموي[23] والقفطي[24] . وكذلك من مجهوداته تقعيده لباب التعجب ، وبذلك قال بن الأنباري[25] وياقوت الحموي[26] والقفطي[27] وابن خلكان[28] . وكذلك ــــ أيضا ـــ من مجهوداته تقعيده لباب المضاف والمضاف إليه ، وبذلك قال القفطي .[29]
تلك الأبواب الخمسة السابقة هي ما قعَّده أبو الأسود الدؤلي ، وأُرِيدُ أن أُنبِّهَ إلى أنَّ وضع أبي الأسود لتلك الأبواب الخمسة لا يعني أنَّه أحاط بها كما في كتب النحو اليوم ، إلا أنَّه وضع بدايات تلك الأبواب ، فأُكْمِلَتْ بعد أجيالٍ وطول زمان .
ب/ عطاء بن أبي الأسود الدؤلي :
كل ما ذكرتْه المصادرُ عنه إنَّه ممن تتلمذ علي يد والده أبي الأسود الدؤلي ، وأضاف القفطي أنَّه اتفق بعد موت أبيه مع يحيى بن يعمر على بسط النحو وتعيين أبوابه وبعج مقاييسه ، فاستوفيا جزءاً متوافراً من النحو .[30]
ج/ عنبسة بن معدان الفيل وميمون الأقرن :
كل ما ذُكِرَ عنهما أنَّهما تتلمذا على يد أبي الأسود الدؤلي واستوعبا علمه جيدا ، ثم أضافا فيه ما أضافا ، وعلماه لمن جاء بعدهما ، وقيل إنَّ عنبسة هو أبرع أصحاب أبي الأسود ، وبعض الروايات تقدم عنبسة وبعضها يقدم ميمون الأقرن .[31]
أمَّا عن أبرز مجهوداتهما وضع علم العربية ؛ والمراد به تقعيد بعض القواعد ، أو تطوير ما وضعه أبو الأسود ، وكذلك يُعزا إليهما تعليم ما قُعِّدَ من النحو لخلفهم .
د/ يحيى بن يعمر العدواني :
هو أحد كبار التابعين ، لقي بعض الصحابة كعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان عالماً بالقراءة والحديث والفقه والعربية ولغات العرب ، كان فصيحاً بليغا ، يستعمل الغريب في كلامه، أخذ علم العربية عن أبي الأسود الدؤلي ، توفي سنة (129ه) .[32]
أمَّا عن أبرز مجهوداته تصويب كثيرٍ من الأخطاء التي سمعها خصوصاً ما يتعلق بكتاب الله تعالى ، ومن ذلك ما روي من أمر تصويبه للحجاج بن يوسف.[33] وكذلك اشتراكه مع عطاء بن أبي الأسود الدؤلي في بسط النحو وتعيين أبوابه وبعج مقاييسه ،[34] إضافة إلى نقط الإعجام ، وذلك أنَّ بعض الروايات تذكر أنَّه اشترك في تنقيط الحروف الهجائية المتشابهة مع نصر بن عاصم الليثي .[35]
ه/ نصر بن عاصم الليثي :
كان فقيهاً عالماً بالعربية ، من فقهاء التابعين ، وأحد أعلام القراء ، كان يسند لأبي الأسود الدؤلي في القرآن والنحو ، وله كتاب في العربية ، وقيل أخذ عن يحيى بن يعمر العدواني ، وأخذ عنه أبو عمرو بن العلاء ، وكان يرى رأي الخوارج فعدل عنه ، توفي بالبصرة سنة (89هـ) وقيل سنة (90هـ) .[36]
أمَّا عن أبرز مجهوداته فإنَّهُ وضع نقط الإعجام ، وهو عبارة عن نقاط توضع على الحروف الهجائية المتشابهة في كتاب الله تعالى ، ووضع هذه النقاط إفراداً وأزواجا ، وقال بذلك كلٌ من ابن خلكان[37] والذهبي[38] والأفغاني[39] والهاشمي[40] .
وكذلك قيل عنه أنَّه وضع العربية أو علم العربية ، والمراد به وضع بدايات علم النحو .[41] ولم تذكر المصادر ولا كتب التراجم نسبة وضع أبواب في النحو بعينها لنصر بن عاصم ، وإنَّما جاء الكلام عمَّا وضعه جملة بقولهم (واضع علم العربية) ، إلا أنَّ الطنطاوي قد خطَّأ عزو وضع النحو لنصر بن عاصم وعبد الرحمن بن هرمز بقوله : “فأمَّا عزو الوضع إلى نصر بن عاصم الليثي أو عبد الرحمن بن هرمز فبمعزل عن الاختيار والتأييد”[42] وقال أيضاً : “فأمَّا من زعم أنَّ أولَّ من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز أو نصر بن عاصم فليس بصحيح”[43] .
وفي ذلك نقولُ : إنَّ أرجح الظن أنَّ نصر بن عاصم اشترك مع يحيى بن يعمر في وضع نقط الإعجام ونظر فيما وضعه أبو الأسود الدؤلي .
أبرز سمات مرحلة النشأة :
إنَّ المجهودات التي بُذلتْ في هذه المرحلة مهمة وإن لم تكن واضحة ، وهذا أمرٌ طبيعي يتماشى مع قانون النشوء ، ويمكن القول إنَّ رجال هذه المرحلة وضعوا بذرة تقعيد النحو ، وتلك البذرة أتت أُكلها فيما يلي من مراحل ، وقبل الولوج في المراحل التالية يجب ذكر أبرز سمات مرحلة النشأة وفيما يلي بيانها :
1/ القواعد التي قُعِّدتْ في هذه المرحلة كانت قواعد عامة مجملة .
2/ ما وضع من قواعد في هذه المرحلة أشبه بالمسموع ، ولم تنبت بينهم فكرة القياس ولا التعليل .
3/ معظم القواعد التي قعدت في هذه المرحلة لم تأخذ شكلها العلمي الممنهج .
4/ اعتمد مقعدو هذه المرحلة في تقعيدهم على سلائقهم التي لم يشبها الانحراف بعد ، ولم يلتفتوا إلى جمع اللغة أو مشافهة الأعراب كما فعل خلفهم ؛ إذ لم تدعُ الحاجةُ بعدُ إلى ذلك .
5/ معظم قواعد هذه المرحلة وُضعتْ بدافع معالجة الأخطاء التي تتعلق بقراءة كتاب الله تعالى ومن ثم أخطاء عامة الناس .
6/ معظم رجال هذه المرحلة من قراء آي الذكر الحكيم .
7/ كل رجال هذه المرحلة لم يدركوا العصر العباسي .
8/ بُعْد نحاة هذه المرحلة عن الخلاف ؛ لقربهم من عهد سلامة السليقة .
9/ ضعف حركة التصنيف في هذه المرحلة .
ثانياً : مرحلة التطور :
بعد أنْ وضع أبو الأسود بذرة التقعيد الأولى وسقاها تلاميذه بالرعاية والدراية والنقل اتضحت فكرة التقعيد في الأذهان ، فاستلم كلٌ من عبد الله بن أبي إسحق الحضرمي وأبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفي وأبو الخطاب الأخفش الأكبر راية التقعيد من تلاميذ أبي الأسود الدؤلي ، وساهموا أيما مساهمة في دفع عملية التقعيد ، بل مثلوا حلقة مهمة من حلقات وضع النحو العربي ، فقعَّدوا وأصَّلوا وعلَّلوا وقاسوا وخطَّأوا وصوَّبوا . فإذا كان تلاميذ أبي الأسود الدؤلي وضعوا لبنة النحو الأولى فإنَّ هؤلاء الثلاثة وضعوا أحجار زاوية النحو العربي .
رجال مرحلة التطور وأبرز مجهوداتهم :
أ/ الحضرمي :
هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحق الحضرمي ، مولى آل الحضرمي ، وهم حلفاء بني عبد شمس بن مناف، أخذ القراءة من يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم ، توفي سنة (117ه) .[44] وفي فضله سُئِلَ يونس بن حبيب عنه وعن علمه فقال : “هو والنحو سواء”[45] ، وكان أشدَّ تجريداً للقياس من أبي عمرو بن العلاء .[46] وكان له عقل ثابت وقدم راسخة، فهذا صديقه أبو عمرو بن العلاء يقول : “اجتمعتُ أنا وهو عند بلال بن أبي بردة في زمن هشام بن عبد الملك فتكلمنا في الهمز فغلبني فيه”[47] . الأمر الذي دلَّ على اتساع علمه ورجاحة عقله ، وكان حريصاً على تتبع الأخطاء وتصويبها خاصةً في شعر الشعراء ومن ذلك ما جرى بينه وبين الفرزدق.[48] ويُعدُّ ابن أبي إسحق أول نحوي بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة .[49]
أمَّا عن أبرز مجهوداته فهو أوَّل من مدَّ القياس ؛ أي حمل ما لم يُسمع عن العرب على ما سمع .[50] وشرح العلل[51]، وصوب الأخطاء [52]، وألف في الهمز ، وخالف جمهور القراء في قراءة بعض آي الذكر الحكيم ، إذ كان يطبق على قراءته للقرآن أقيسة النحو ، مع أنَّ القراءة سنة متبعة ، فقد كان يقرأ قوله تعالى : (الزانيةُ والزاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ ولا تأخذْكم بهما رأفةٌ في دينِ اللهِ إنْ كنتم تؤمنون باللهِ واليومِ الآخر وليشهدْ عذابهما طائفةٌ من المؤمنين) [53] بنصب كلمة (الزانية) ، وكذلك قوله تعالى : (والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من اللهِ واللهُ عزيزٌ حكيمٌ) [54] بنصب كلمة (السارق) وهو خلاف ما قرأ به القراء ، حيث كانوا يقرؤون بالرفع في الجميع.[55]
ب/ أبو عمرو بن العلاء :
هو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن عبد الله المازني النحوي ، ولد سنة (70ه) وتوفي سنة (154ه) بالبصرة، وهو أحد القراء السبعة المشهورين ، واختلف في اسمه على واحدٍ وعشرين قولاً ، وأرجحها (زبان) ؛ وسبب الاختلاف في اسمه أنَّه كان لجلالته لا يُسأل عنه ، فكان إمام أهل البصرة في القراءة والنحو واللغة ، أخذ عن جماعة من التابعين ، وقرأ القرآن على سعيد بن جبير ومجاهد ، وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، وهو من أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب ، وكانت دفاتره تملأ بيته إلى السقف ، ثم تنسَّك فأحرقها ، وتتلمذ على يد يحيى بن يعمر ، وكان محلَّاً لثقته ، كما تتلمذ على يد نصر بن عاصم .[56]
أمَّا عن أبرز مجهوداته فقد قام بجمع اللغة واهتمَّ بها أيَّما اهتمام .[57] ودرس القراءات القرآنية حتى صار إمام البصرة فيها ، وقد أخذها ــــــ كما ذكرتُ ـــــ من سعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم حتى عُدَّ أحد القراء السبعة .[58] وروى الأحاديث إذ روي عن أنس بن مالك وأبي صالح السمان وعطاء وغيرهم .[59] كما وقف على إعراب كثير من الآيات القرآنية ، والمراد بالإعراب هنا المعنى الدقيق لهذه الكلمة ، ومن ذلك ما دار بينه وبين عيسى بن عمر من اتفاق حول نصب كلمة (الطير) في قوله تعالى : (ولقد آتينا داؤود منا فضلاً يا جبالُ أوِّبي معَهُ والطيرَ وألنَّا لَهُ الحديدَ)[60] . ولكنهما اختلفا في تعليل نصبها ، فعلل أبو عمرو بن العلاء النصب على إضمار (وسخرنا الطير) ؛ لقوله تعالى : (ولسليمانَ الريحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَوَاحُها شَهْرٌ)[61] . بينما علل عيسى بن عمر النصب على النداء كما تقول : (يا زيدُ والحارثَ) .[62]
ومن مجهوداته التعليل ، فقد اتَّسم تعليله بأنَّه مفسر للحكم ، وكذلك من مجهوداته استخدام القياس على الأعم الأغلب ، فإذا كان الحضرمي هو أوَّل من استخدم القياس فإنَّ أبا عمرو هو أول من أصَّل مسألة القياس على الأعم الأغلب من كلام العرب ، ولم يقس على ما قلَّ أو ندر منه ، ومن ذلك ما يروي من قول أبي نوفل له : “أخبرْني عما وضعْتَ مما سميتَ عربية أيدخلُ في كلام العرب كلِّه؟ فقال : لا ، فقلتُ : كيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وهم حجة ؟ فقال : أحملُ على الأكثر وأُسمي ما خالفني لغات”[63] . وهذا ما سلكه البصريون من بعد ؛ إذ كانوا لا يلتفتون إلى الشاذ وإنَّما يشيرون إليه بخلاف الكوفيين ، وعلى الرغم من أنَّ أبا عمرو بن العلاء ممن يعظمون كلام الأعراب إلا أنَّه لم يقسْ على ما ندر وشذَّ ولكنه في ذات الوقت لم يهمله وإنَّما أطلق عليه اسم (لغات) . وبهذا يمكن القول إنَّه أصَّل للبصريين أصلاً مهمَّاً في عملية التقعيد.
وكذلك من أبرز مجهوداته التأويل ؛ إذ أوَّل الكثير من كلام العرب ليتلاءم وقواعدهم التي قعدوها . ومن ذلك تأويله لبيت الفرزدق الذي خطأه فيه الحضرمي بقوله : على أي شيء ترفع (أو مجلف) في قولك :[64] (الطويل)
وعضَّ زمانٌ يابنَ مروانَ لم يدعْ **** من المالِ إلا مُسْحَتَاً أو مجلفُ
فقال الفرزدق على ما يسؤك وينؤك ، فقال أبو عمرو للفرزدق أصبتَ وهو جائز على المعنى أي (لم يبقَ سواه).[65] وعليه فإنَّ أبا عمرو بن العلاء قد صوَّب قول الفرزدق وجوزه بناءً على التأويل ؛ أي حملاً على قصد ومراد الشاعر . وليس من الغلو في شيء إذا قلتُ إنَّ أبا عمرو قد فتح باب التأويل لمن أتى من بعده من النحاة.
ولأبي عمرو بن العلاء العديد من الآراء النحوية التي تحسب ضمن مجهوداته وهي أكبر من أن تحصى في هذا المقام إلا أنَّي سأذكر بعضها .
من تلك الآراء النحوية ترك صرفه لكلمة (سبأ) في قوله تعالى : (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيْدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بما لم تُحطْ بِهِ وجئتُكَ منْ سبأٍ بنبأٍ يقينٍ)[66] ؛ لأنِّه جعلها اسماً للقبيلة حملاً على المعنى .[67] ومن تلك الآراء قوله إنَّ المنصوب في قولهم (حبذا محمداً رجلاً) تمييزاً لا حالاً .[68]
وممَّا توصل إليه أنَّ التميميين قد يرفعون ما ينصبه الحجازيون في مثل قولهم : (ليس الطيبُ إلا المسكُ) فعندما سمع عيسى بن عمر بقوله هذا جاءه مستنكراً إذ قال : يا أبا عمرو ما شيء بلغني أنك تجيزه ؟ قال أبو عمرو: وما هو قال عيسى : بلغني أنك تجيز (ليس الطيبُ إلا المسكُ) بالرفع ، فقال له أبو عمرو : هيهات نمتَ وأدلج الناس ، ليس في الأرض حجازيٌ إلا وهو ينصب ، ولا في الأرض تميمي إلا وهو يرفع ، وأثبت له ذلك .[69]
ولعلَّ من أبرز مجهوداته تحديده للقبائل الفصيحة التي يُؤخذ منها اللغة إذ قال : “أفصحُ الناس عُليا تميم وسفلى قيس”[70] ثم سمى تلك القبائل وفصَّل فيها .[71]
أمَّا حديثه في اللغة فهو لا يُحصى ولا يُعد ، فهو لغوي في المقام الأول ، وليس المقام يتسع لذكر ذلك.
وبعد ، فهذه خطوط عريضة أو لنقل لمحة سريعة لقليلٍ من مجهودات أبي عمرو الضخمة في عملية التقعيد ، وقد عَرف أهلُ زمانه مكانتَهُ فأعطوه حقَّهُ من التقدير والإجلال .
ج/ عيسى بن عمر الثقفي :
هو عيسى بن عمر الثقفي ، وكنيته أبو عمر ، وهو مولى خالد بن الوليد ، نزل في ثقيف فنُسب إليهم، يُعدُّ من مقدمي نحويي البصرة ، أخذ علمه من عبد الله بن أبي إسحق الحضرمي ، ومنه أخذ الخليل بن أحمد الفراهيدي ، وكان يحفظ الغريب ويتقعَّر في الكلام ، وله كتابان في النحو أحدهما يسمى (الجامع) والآخر يسمى (الإكمال) ، وهذان الكتابان قد عُرفا من بيتي الخليل وهما من الخفيف :[72]
بطلَ النحوُ جميعاً كلَّه **** غير ما أحدثَ عيسى بن عمر
ذاكَ إكمالٌ وهذا جامعٌ **** فهما للناسِ شمسٌ وقمر
يقول السيرافي في ذلك : “وهذان الكتابان ما وقعا إلينا ولا رأيتُ أحداً يذكر أنه رآهما”[73] غير أنَّنا عثرنا في معجم الأدباء على أنَّ المبرد قرأ أوراقاً عن أحد كتابي عيسى بن عمر .[74]
كان عيسى بن عمر كثيراً ما يخطِّئ الأعراب كأستاذه الحضرمي ، توفي سنة (149ه) ، قال عنه ياقوت الحموي : “عالم بالنحو والعربية والقراءة مشهورٌ بذلك”[75] .
أمَّا عن أبرز مجهوداته تأليفه لكتابي (الجامع والإكمال) ، وقيل وضع كتاباً في النحو على الأكثر ، فبوبه وهذبه ، وسمَّى ما شذَّ عن الأكثر لغات .[76] وأغلب الظن أنَّه أحد كتابيه السابقين . وكان يطعن في كلام العرب ، ومن ذلك محاولته تخطئة المشاهير منهم ، كالنابغة الذبياني الذي خُطِّئ من قبله في قوله من الطويل :[77]
فبتُّ كأنِّي ساورتني ضئيلةٌ **** من الرُّقْشِ في أنيابها السُمُ ناقِعُ
إذ خطأه في كلمة (ناقع) وذهب إلى أنَّ الصواب (ناقعاً) على أنَّها حال من السم .[78]
وكذلك من مجهوداته استخدامه للقياس ، ومن ذلك قياسه النصب في لفظة (يا مطراً) في قول الأحوص من الوافر :[79]
سلامُ اللهِ يا مطراً عليها **** وليسَ عليكَ يا مطرُ السلامُ
على النصب في لفظة (يا مطراً) ، وكأنَّه يجعل (مطراً) في تنوينها ونصبها كالنكرة غير المقصودة .[80] علماً بأنَّ البيت رُوي برفع كلمة (مطر) ، ولم يوافقه الرأي سيبويه.[81] وكذلك نصبه لكلمة (الطير) في قوله تعالى : (ولقد آتينا داؤود منا فضلاً يا جبالُ أوِّبي معَهُ والطيرَ وألنَّا لَهُ الحديدَ) [82] قياساً على النداء كما تقول : (يا زيدُ والحارث)[83] ، على نحو ما ذكرنا سابقاً .
ومن أبرز مجهوداته استخدامه للتأويل كما فعل أبو عمرو بن العلاء ، ومن ذلك تأويله لقولهم : (ادخلوا الأولُ فالأولُ) على تقدير (ليدخلَ) حملاً على المعنى .[84]
ومما يُحسبُ له في عجلة الوضع النحوي تشدده في مسألة اضطراد القواعد النحوية[85] ، ولعلَّ تأويله دليلاً على ذلك . ومن مجهوداته رسوخ قدمه في القراءات القرآنية حتى اشتهر بالوقوف عندها .[86] وكذلك من آرائه النحوية إنكاره لزيادة (ما) ثلاث مرات في بيتٍ شعريٍّ واحد .[87] ومن ذلك إنكاره لبيت أمية بن أبي الصلت وهو قوله من الخفيف :[88]
سَلَعٌ ما ومثلَه عُشَرٌ ما **** عائلٌ ما وعالتْ البيقورا
وله غير ذلك من الآراء .
د/ الأخفش الأكبر :
هو أبو الخطاب عبد الحميد بن عبد المجيد ، مولى قيس بن ثعلبة ، من أهل هجر ، أحد الأخافش الثلاثة المشهورين ، وسادس الأخافش الأحد عشر ، كان إماماً في العربية ، لقي الأعراب وأخذ عنهم وعن أبي عمرو بن العلاء وطبقته ، وقد أخذ عنه يونس بن حبيب وأبو عبيدة وسيبويه والكسائي ، وكان ديناً ورعاً ثقةً ، وهو أول من فسَّرَ الشعر تحت كل بيتٍ ، وما كان الناس يعرفون ذلك قبله ، وإنَّما كانوا إذا فرغوا من القصيدة فسروها .[89] كان نحوياً لغوياً ، وله ألفاظ لغوية انفرد بنقلها عن العرب .[90] وتاريخ وفاته مجهول ، قال بذلك صاحب شذرات الذهب[91]، وصاحب مرآة الجنان[92]، وصاحب وفيات الأعيان [93]، بينما ذهب صاحب النجوم الزاهرة إلى أنَّه توفي سنة (117ه).[94]
أمَّا عن أبرز مجهوداته فهو ممَّن جمعوا اللغة ورووا أحاديث الأعراب .[95] حتى أنَّ سيبويه استشهد بكلامه المأخوذ عن العرب في أكثر من موضع .[96] وعلاقة هذا بوضع النحو العربي هو أنَّ المادة المجموعة من العرب هي أساس عملية التقعيد ، ومن مجهوداته ـــ كذلك ـــ تفسيره للشعر تحت كل بيت وما كان الناس يعرفون ذلك على نحو ما ذكرتُ آنفاً .[97] ومن أبرز مجهوداته إنَّه من أوائل النحاة الذين تحدثوا عن اسم الفعل ، وفي ذلك يقول سيبويه : “وزعم أبو الخطاب أنَّ بعض العرب يقول : (حيهل الصلاة) فهذا اسم ائتْ الصلاة”[98] ، وآراؤه النحوية واللغوية كثيرة زخر بها كتاب سيبويه ، ودونكم الكتاب .[99]
وليس بمنأى عن الحقيقة أنْ يُقال إنَّ الأخفش الأكبر كان راوية لكلام العرب أكثر من أنَّه نحوي إلا أنَّ هذه الرواية عن العرب الفصحاء استفاد منها النحاة في تقعيدهم لقواعد النحو وعلى رأسهم سيبويه ويونس بن حبيب، لذلك عُدَّ ممَّن لعب دوراً مهماً في عملية التقعيد ، وهذا لا يعني أنَّه ليس له آراء نحوية ، بل له أراء إلا أنَّها قليلة إذا ما قورنت بروايته عن الأعراب .
أبرز سمات مرحلة التطور : تميَّزت هذه المرحلة بالآتي :
1/ جمع اللغة ومشافهة الأعراب .
2/ استخدام القياس في التأويل والتعليل .
3/ متابعة الشعراء وتصويب أخطائهم .
4/ بداية التأليف في التقعيد النحوي .
5/ الاعتناء بالقراءات القرآنية .
6/ وضع منهج للتقعيد كالقياس على الأعم الأغلب .
7/ ظهور المناظرات .
8/ عقد الحلقات التعليمية في المساجد كحلقة أبي عمرو بن العلاء .
وأخيراً يمكن القول إنَّ أهمية هذه المرحلة تمثلت في تبيين وتوضيح فكرة التقعيد ، بل أصَّلتْ لها وزادت على ذلك بتقعيد كثيرٍ من القواعد على لغة العرب ومن ثَمَّ فتحتْ البابَ ومهدتْ الطريقَ للمرحلة التالية مرحلة النضج.
ثالثاً : مرحلة النضج :
لقد هيأتْ المرحلة السابقة لهذه المرحلة علماء حملوا أعباءها حق الحمل ، وبذلوا جهداً مضنياً ، كان له الأثر البالغ في نضج عملية التقعيد ، وفي هذه المرحلة استقام التقعيد ، واكتملت الأصول ، وقُعِدت القواعد ، وعُللت الأحكام ، ووضعت معظم المصطلحات ، وصنف كل ذلك في كتابٍ لو كُتب بالإبر على آماق البصر لكان عبرةً لمن اعتبر ، وقد مثل هذه المرحلة كلٌ من يونس بن حبيب والخليل بن أحمد الفراهيدي وسيبويه . وإذا كان رجال المرحلة السابقة وضعوا حجر زاوية التقعيد فإنَّ هؤلاء أقاموا بناء التقعيد وشيدوا صرحه .
رجالُ مرحلة النضج وأبرز مجهوداتهم :
أ/ يونس بن حبيب :
هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي ، مولى بني ضبة ، وقيل مولى بني الليث ، وقيل فارسي الأصل، وحبيب اسم أمه ، ولا يعرف له أب ، ولد سنة (90ه) ببلدة (جَبُّل) ، عاصر الحجاج بن يوسف ولقيه، أخذ اللغة عن أبي عمرو بن العلاء ، وأخذ النحو عن حماد بن سلمة ، وشافه الأعراب حتى غدا مرجعاً للأدباء والنحويين ، وله أراء نحوية ومذاهب تفرد بها ، أخذ منه الكسائي والقراء السبعة وسيبويه ، كانت له حلقة بجامع البصرة يقصدها أهلُ العلم ، توفي سنة (182ه) .[100]
أمَّا عن أبرز مجهوداته فإنَّه قد صنف العديد من الكتب منها : معاني القرآن وكتاب اللغات وكتاب النوادر الكبير وكتاب الأمثال وكتاب النوادر الصغير .[101]
وكانت له آراء نحوية تفرد بها ومن ذلك :
أ/ تجويزه دخول (نون) التوكيد الخفيفة على فعل الاثنين وجماعة النساء فيقال : (اضربانْ زيداً) و (اضربنان زيداً) ، في حين يرى سيبويه أنَّ العرب لم تقل بذلك ، وليس له نظير في ذلك .[102]
ب/ ذهب إلى أنَّ (تاء) أخت وبنت ليست للتأنيث ؛ لأنَّ ما قبلها ساكن صحيح ولأنَّها لا تبدل في الوقف (هاء) ، وعلى ذلك فهي لا تحذف عند النسب ، بينما يرى الخليل وسيبويه حذفها عند النسب .[103]
ج/ يرى يونس جواز مجيء الحال معرفة من غير تأويل بالنكرة .[104]
د/ ذهب يونس بن حبيب إلى حذف (ياء) المنقوص عند النداء ، بينما ذهب الخليل إلى إثباتها ، ووافق سيبويه يونس في هذه المسألة .[105]
ه/ جوَّز يونس الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالظرف أو المجرور غير المستقبل.[106]
ومن مجهوداته في التقعيد صرفه (هند) بقوله : “لأنَّ هذا موضع لا يتغير فيه الساكن ، ولم تدركه علة ، وهكذا سمعنا من العرب”[107] ، ومن مجهوداته استخدام التأويل في التقعيد ، وذلك عندما يجد شاهداً خالف قواعده عندها يلجأ إليه ليوافق بين ذلك الشاهد وبين قواعده ، ومن ذلك تـأويله لقول الأعشى من البسيط :[108]
إنْ تركبُونَ فركُوبُ الخيلِ عادتُنَا **** أو تَنْزِلُوْنَ فإنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ
فكلمة (تنزلون) معطوفة على مجزوم ، والمعطوف على المجزوم مجزوم ، فكان حقها أن تحذف منها النون ، ولما لم تحذف في قول الأعشى أولها على أنَّها خبر ، وتقدير المبتدأ (أنتم) ، في حين ذهب الخليل وسيبويه إلى أنَّ ذلك من باب العطف على التوهم.[109] ونرى أنَّ الحقَّ قد اهتدى إليه يونس في هذه المسألة . ومجهوده في التقعيد غير قليل ، وآراؤه النحوية كثيرة ، وقد أثرى كتاب سيبويه ، وقد أحصى الباحثان ذكرَ اسمِهِ في كتاب سيبويه فوجدتُه قد ورد (167) مرة .
ب/ الخليل بن أحمد الفراهيدي :
هو الخليل بن أحمد بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الفراهيدي الأزدي ، ولد سنة (100ه) ، وتوفي سنة (175ه) ،أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر وغيرهما ، خرج على البادية يشافه أهلها ، فقصد بوادي نجد والحجاز وتهامة ، فهو نادرة من نوادر الدهر ، ويعد من أفذاذ الرجال على مرِّ الزمان والعصور ، وهو من أصحاب الأوليات في العلوم ، آتاه الله حساً لغوياً مدرباً ، وذهناً رياضياً بارعاً ، وذوقاً موسيقياً مرهفاً ، فبلغ الغاية في النحو ، واخترع العروض وخرج به على الناس علماً كاملا ، كما اخترع طريقة تدوين المعاجم ، فأخرج أول معجم لغوي ، واستنبط من النحو في أصوله وفروعه وأقيسته ما لم يسبقه إليه سابق ، ونقل عنه سيبويه الكثير ، وكان عفيفاً زاهداً متقشفاً ، قضى حياته منقطعاً للعلم والتعليم حتى قيل : “لم يكن بعد الصحابة أذكى من الخليل ، ولا أجمع لعلم العرب”[110].
استوعب الخليل الحصيلة العلمية التي توصل إليها سابقوه ، وعززها بذهابه إلى بوادي الحجاز ونجد وتهامة .[111] لذلك اعتمد في تقعيده لقواعد النحو وإقامة بنيانه على السماع والتعليل والقياس ، أمَّا القياس فقد أخذه من مصدرين أصيلين هما : القرآن الكريم وأفواه العرب الخلص الذين يوثق بفصاحتهم ؛ ومن أجل ذلك رحل إلى مواطنهم في الجزيرة يحدثهم ويشافههم ويأخذ عنهم الشعر واللغة ، فجمع مادةً لغويةً و شعريةً ضخمة .
أمَّا التعليل فقد جعله سنداً لما يستنبطه من تلك المادة المجموعة ؛ ليؤكد به دقة فقه الأسرار اللغوية التي استقرت في دواخل العرب من قديم الزمان . وإذا أمعنا النظر في آرائه النحوية وجدنا تعليله فيها قد تماسك عوده ، وتحول من مرحلة النمو والتطور إلى مرحلة النضج ، ويثبت صدق هذا الزعم بالوقوف عند كتاب سيبويه؛ إذ كانت تعليلاته في أحكامه ناضجة مقنعة تمت إلى توضيح الأحكام الموضوعة بصلة قوية لا ينفك عنها . أمَّا غرضها فغرض تعليميٌ محض ، علاوة على دورها في تبيين الحكمة العميقة المتمثلة في انسجام كلام العرب على هذا النهج المنقطع النظير .
أمَّا القياس عند الخليل فلا يقل عن سابقيه ، وفي ذلك يقول شوقي ضيف : “وعلى نحو ما تسيل علل الخليل وتعليلاته في كتاب سيبويه تسيل أقيسته ، ولا نغلو إذا قلنا أنَّها كانت أهمَّ مادة شاد بها النحو الوطيد”[112] ، وبنى قياسه على الأغلب الأعم من كلام العرب كما فعل سابقوه ، ونصَّ على ما شذَّ منه ، بل أخذ يبحث له عن تأويل، وكثيراً ما يوفق إلى ذلك ، ومدار ذلك كله الشواهد الشعرية والأمثال العربية والآيات القرآنية .
وعليه فإنَّ الخليل بسماعه وتعليله وقياسه وتأويله وشواهده واستقرائه للغة العرب وذكائه ودقة ملاحظته مع سلامة ذوقه وهمته العالية بكل ذلك قدم لنا إنتاجاً علمياً ضخماً كُتِبَ له البقاء ، ولا غلو ولا مغالاة إذا قلنا: إنَّ عملية التقعيد نضجت واستوت على يد الخليل بن أحمد الفراهيدي .
أمَّا عن أبرز مجهوداته فحسبنا أن نقول في ذلك إنَّه المؤلف الحقيقي لكتاب سيبويه ؛ إذ بُني معظم الكتاب على آرائه ، إضافة إلى تأليفه كتاب العين وغيره من الكتب ، ووضعه لعلم العروض ، وجمعه اللغة وبلوغه الغاية في استخراج مسائل النحو وتصحيح القياس ، ونَضُجَ التعليل والتأويل على يديه .
ج/ سيبويه :
اسمه عمرو بن قنبر ، وكنيته أبو بشر ، ولقبه سيبويه ويعني رائحة التفاح وقيل ذو الثلاثين رائحة ، فارسي الأصل ، ولد بالبيضاء وهي إحدى مدن فارس ، نشأ وترعرع وأقام بالبصرة ، وكان مولى بني الحرث بني كعب ، أخذ العلم عن الخليل ، وكان أحبَّ تلاميذه إليه ، كما أخذ عن عيسى بن عمر ويونس بن حبيب وغيرهما ، وكان إذا قام على الخليل قال له الخليل : مرحباً بزائرٍ لا يُمل ، وهو صاحب أعظم كتاب في النحو ، توفي سنة (180ه) .[113]
أمَّا كتابُهُ فقد عُرف باسم (الكتاب) ، فهو من أعظم الكتب التي أُلِّفت في النحو على الإطلاق ، ولم يسمه سيبويه، ولم يكتب له مقدمة ولا خاتمة ، وجمع فيه آراء سابقيه وعلى مقدمتهم الخليل ، وكان العلماء يعظمون هذا الكتاب أيما تعظيم ، فكان إذا أراد أحدٌ قراءته على المبرد يقول له : أركبتَ البحرَ؟ تعظيماً واستصعابا ، وبهذا الكتاب نضج النحو ، وتلاقحت فيه آراء السابقين ، واستشهد فيه بكلام العرب ، فانكب عليه العلماء دراسةً وتدريساً وشرحاً وتوضيحا ، وما كثرة شراحه إلا دليلٌ على عظمته .[114] وأبلغُ مِنْ وَصْفِهِ قراءتهُ وتتبع مادته ، وجدير بالذكر أنَّ هذا الكتاب لم يُعرف إلا عن طريق سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط .[115]
أمَّا عن أبرز مجهوداته فيمكن القول إنَّه صنف كتابه (الكتاب) ، وإنْ لم يُحسب لسيبويه غير كتابه لكفاه . وإذا كان الخليل ويونس بن حبيب قد استوعبا كل نتاج مجهودات النحاة السابقين ، واستفادا منه وأضافا إليه ما أضافا ، حتى منحاه صبغة النضج ، فإنَّ هذا كلَّه لم يكن ليصل إلينا لولا سيبويه ، فهو الذي جمع كل تلك الآراء، آراء سابقيه وآراء أساتذته ، فجمعها وصنفها ولاءم بينها ، وأضاف إليها ما أملاه عليه عقله الراجح من طرح بعض التساؤلات ، وذكرِ كثيرٍ من العلل والتبريرات مع إضافة شيء غير قليل من التدريبات ، فكان الكتاب ، وبهذا الكتاب شُيِّدَ صرح بناء النحو. والحق أنَّ سيبويه قد برع وأبدع فيما يتعلق بالمسائل الصوتيَّة والصرفيَّة في كتابه إلا أنَّ كتابه لم يعالج مسألة المصطلح النحويّ على الوجه الذي يمكن أن نصفه بالنضج والكمال.
أبرز سمات مرحلة النضج :[116]
1/ وضع المصطلحات الصرفية والصوتيَّة وكثير من المصطلحات النحوية التي يستخدمها النحاة إلى يومنا هذا.
2/ تسمية علامات الإعراب وحركات البناء الأصلية منها والفرعية .
3/ ابتكار علم العروض .
4/ ابتكار الميزان الصرفي .
5/ الخروج إلى البادية .
7/ ابتكار نظرية العامل وفروعها وأحكامها .
8/ إكمال أصول النحو كالسماع والقياس والتعليل والتأويل .
9/ استخدام الشواهد والأدلة على صحة ما يستنبطونه من القواعد .
10/ بدء وضع المعاجم اللُّغوية لتفسير الغريب من كلام العرب .
11/ اختراع التمارين غير اللُّغوية لشحذ الذهن وإعمال الفكر ، ولتكون بمثابة التطبيق على الإلمام بالقواعد نظرياً وعمليا .
12/ جمع ما قُعَّدَ من قواعد في كتابٍ جامع .
رابعاً : مرحلة التصنيف والتبويب :
نضج النحو ـــــ كما أسلفنا ــــ على أيدي رجال المرحلة السابقة ، ورغم هذا الدور العظيم المبذول ورغم النضج ورغم الكتاب مازال تقعيد النحو في حاجة إلى من يؤلف بين أجزائه ويبوبها ويتكلم في بعض تفاصيله ويضع بعض مصطلحاته، وفي حاجة إلى أن يثبِّت قدمه وينشر أمره ويبث خبره ويعلِّم دروسه ، حتى الكتاب ــــ كتاب سيبويه ــــــ في حاجة إلى من يشرحه ويتم مصطلحاته ويصنف أحكامه، فتكلف كل ذلك جمع غفير ممَّن سُخِّروا لتلك العملية، ذلك أنَّ تاريخ اللغة العربية بطوله وبعرضه لم يشهد جهداً جباراً بُذِلَ كما شهدتْهُ تلك المرحلة مرحلة ما بعد النضج التي ظهر فيها أولئك الرجال باستثناء سابقيهم ، حيث توافر على دراسة اللغة وتتبع مفرداتها وجملها ومعانيها ونظامها وأساليبها جهدٌ بشري خارق ، نهضت به أجيالٌ متساوقة من علماءٍ أفذاذ لم يدعوا لتلك اللغة من ظاهرة إلا وضعوها تحت مجاهر الفحص وأضواء الدراسة، وإنَّ معجزتهم الحقة هي إكمالهم لعملية تقعيد القواعد النحوية ، وفي هذه المرحلة ذيع صيت النحو واكتملت فروعه ، وأكمل رجالها تحديد الحدود مستخدمين العقل والمنطق والنظر والرواية والخبر ، وعليه يمكن القول إنَّها مرحلة التصنيف والترجيح والمناظرات واستخدام المنطق، أو بعبارة أخرى هي مرحلة الثراء الفكري ، وهي المرحلة التي ظهر فيها النحو الكوفي .
رجال مرحلة التصنيف والتبويب وأبرز مجهوداتهم :
هذه المرحلة اختلفتْ عمَّا يسبقها من مراحل بكثرة رجالها ؛ والسبب في ذلك يُعزا إلى نضج عملية التقعيد مع وجود كتاب حُصر فيه ما قُعِّدَّ من قواعد أدى إلى تصوير النحو وجمعه فانخرط نفرٌ كريم من الرجال في دراسة تلك القواعد، ومن ثم قاموا بتهذيبها ، وإعادة تصنيفها ، و إتمام ناقصها ، ووضع عللها وأسبابها ومسوغاتها ومجوزاتها ، وسنكتفي هنا بذكر أسمائهم عن ذكر أخبارهم لا تقليلاً لشأنهم ولكن عزوفاً عن الإطالة ، وقد تناولتهم كتب التراجم بما هم أهلٌ له ، وسأبدأُ بأعلاهم فضلاً وأرجحهم عقلاً وأكبرهم سناً الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة وسأستثنيه من بين رجال هذه المرحلة بذكر شيء من أخباره ؛ لأن طبيعة المرحلة حتمت علينا ذلك ، وإليكم خبره:
هو مولى بني مجاشع ، وأحذق أصحاب سيبويه ، وهو أسن منه ، ولقي من لقيه سيبويه من العلماء ، وهو الطريق الوحيد إلى كتاب سيبويه في أول الأمر ، وقرأه عليه مجموعة من العلماء منهم الجرمي والمازني والكسائي ، وله العديد من الكتب في النحو والقوافي والعروض ، وكان أبو العباس ثعلب يفضله على غيره ، توفي سنة (215ه).[117] وكانت له العديد من الآراء النحوية التي خالف بها أستاذه ، وهذه الآراء هي التي بني عليها الكوفيون مذهبهم ، ومن تلك الآراء :[118]
1/ جواز إعمال (إنَّ) إذا لحقتها ما الكافة .
2/ الحال السادة مسد الخبر في نحو (كلامي محمداً مسيئاً) قد تأتي فعلاً نحو : (رأي الناس يعطي الكثير).
3/ جواز دخول لام الابتداء على (نعم وبئس) .
4/ عامل الرفع في المضارع هو تجريده من النواصب والجوازم .
وآراؤه أكثر من أنْ تحصى في هذا المقام ، وقد تبعه الكسائي والفراء في كثيرٍ من آرائه وتبنوها مذهباً لهم ، وأخذوا يدافعون عنها بالتعليل تارة وبالتأويل تارةً أُخرى .
وأمَّا بقية رجال هذه المرحلة فقد صنفهم الباحثان إلى بصريين وكوفيين ، أمَّا البصريون فهم : قطرب محمد بن المستنير المتوفى سنة (206ه) والجرمي أبو صالح بن إسحق المتوفى سنة (225ه) والتوزي أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون المتوفى سنة (230ه) والمازني أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان المتوفى سنة (249ه) والسجستاني أبو حاتم سهل بن محمد المتوفى سنة (255ه) والرياشي أبو الفضل عباس بن الفرج المتوفى (257ه) والمبرد أبو العباس محمد بن يزيد المتوفى سنة (286ه) .
أمَّا الكوفيون يتمثلون في الكسائي علي بن حمزة المتوفى سنة (189ه) وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الكوفي ، والأحمر أبو الحسن علي بن الحسن المتوفى سنة (194ه) ، والفراء أبو زكريا يحيى بن زياد المتوفى سنة (207ه) وهو أبرز علماء المذهب الكوفي ، والضرير أبو عبد الله هشام المتوفى سنة (209ه) واللحياني أبو الحسن علي بن المبارك المتوفى سنة (220ه) وابن سعدان أبو جعفر محمد المتوفى سنة (231ه) والطوال أبو عبد الله محمد بن أحمد المتوفى سنة (243ه) وابن قادم أبو جعفر محمد بن عبد الله المتوفى سنة (251ه) وثعلب أبو العباس أحمد بن يحيى المتوفى سنة (289ه) .
بدأتْ هذه المرحلة بالكسائي المتوفى سنة (189ه) وانتهت بوفاة ثعلب المتوفى سنة (289ه) ، وعليه فإنَّ عمر هذه المرحلة بلغ المائة عام ، فيها اكتمل النحو ، علماً بأنَّها تميَّزتْ بسمات وهي على النحو التالي :
أبرز سمات مرحلة التصنف والتبويب : إنَّ أبرز سمات هذه المرحلة ما يلي :
1/ كثرة علمائها .
2/ الاعتناء بكتاب سيبويه دراسةً ونقداً .
3/ كثرة التصنيف حيث بلغ عدد مصنفات الفراء وحده تسعة عشر كتاباً .
4/ ظهور المذاهب (بصري وكوفي) .
5/ تعدد الآراء .
6/ كثرة المناظرات والمساجلات على نحو ما دار بين المبرد وثعلب .
7/ اهتمام الحكام والأمراء بعلم النحو .
8/ بداية التأليف في التصريف مستقلاً عن النحو على خلاف ما كان سابقاً .
9/ اكتمال المصطلحات النحوية ومغايرتها (مصطلحات نحوية بصرية ومصطلحات نحوية كوفية) .
10/ تعقب آراء السابقين بالتفنيد والمؤاخذة كما في كتاب (مسائل الغلط) الذي ألفه المبرد في بعض المآخذ على كتاب سيبويه .
11/ تأليف الكتب الجامعة بين النحو والصرف واللغة والأدب مثل (المقتضب والكامل) للمبرد .
12/ الاهتمام بأصول النحو كالقياس والسماع والتعليل والعوامل والمعمولات وكثر دورانها في مؤلفاتهم .
13/ كثرة الرواية والإحاطة بأخبار العرب .
تلك هي المراحل التي مرَّ بها النحو العربي ، ولم يكتب للقواعد النحوية الكمال إلا بعد أنْ مرَّتْ بتلك المراحل الأربعة ، حينها فقط انبسط سلطانُها على جميع الألسنة ، بحيث أصبحت ميزان الكلام الدقيق ، الذي لا ينحرف ولا يجور ، مستمدةً صلاحيتها من كلام العرب الفصحاء أو من كتاب الله تعالى .
الخاتمة :
لم يكد أبو الأسود يضع بداية النحو ويعلم الناس حتى أقبل عليه تلاميذه يأخذون عنه ، وأضافوا بدورهم ما أضافوا ، وعلى مقدمة ما أضافوه تعليمهم لعبد الله بن أبي إسحق الحضرمي وأبي عمرو بن العلاء اللذين وضعا الأصول حتى ظهر عيسى بن عمر بكتابيه ويونس بن حبيب والخليل وسيبويه وسعيد بن مسعدة وقطرب والفراء، وهكذا جعل النحاة يتتابعون مع الأيام أفراداً وطبقات ، يأخذ اللاحقون منهم عن السابقين ، وطفق النحو العربي ينمو غرسه مع الأيام ، يوماً بعد يوم وجيلاً بعد جيل ومرحلةً بعد مرحلة ، حتى كأنَّ القوم قد هيأهم اللهُ تعالى له من قبلُ ، وأعدهم على أفضل ما يكون الإعداد ، فما بهم إلا تنطلق ضربة البداية ليمضوا به خفافاً ، فإذا بهم قد بلغوا به مرحلة الكمال ، لم يكن ليبلغها لولا العمل الدائب والجهد المتصل ، ولم يكن ليصدق لولا أنَّهُ واقعٌ موجودٌ بين أيدينا. وفيما يلي ما عنَّ لنا من نتائج :
1/ مرور النحو العربي بأربع مراحل هي : (النشأة) ، (التطور) ، (النضج) ، (التصنيف والتبويب) .
2/ إنَّ أول ما قُعِّد من القواعد النحوية ما كثر فيه الخطأ ، و ما كان قريباً من الذهن وكثر دورانُهُ في اللسان.
3/ القواعد التي قُعِّدتْ في مرحلة النشأة كانت قواعد عامة مجملة ولم تظهر فيها فكرة القياس ولا التعليل .
4/ تميزت مرحلة التطور بجمع اللغة ومشافهة الأعراب واستخدام التعليل والتأويل وتصويب الشعراء والاعتناء بالقراءات .
5/ أبرز ما يميز مرحلة النضج ابتكار نظرية العامل واكتمال أصول النحو ممثلة في السماع والقياس والتعليل والتأويل .
6/ أبرز ما يميز مرحلة التصنيف والتبويب ما يلي : الاعتناء بكتاب سيبويه وكثرة التصنيف وظهور المناظرات العلمية وبداية التأليف في علم التصريف منفصلاً عن النحو .
وفي الختام يوصي الباحثان من خلال هذه الدراسة تتبع علم الصرف منذ استقلاله عن علم النحو ابتداءً بمرحلة التصنيف والتبويب . هذا والله المستعان وعليه التكلان .
المصادر والمراجع :
1/ القرآن الكريم .
2/ أخبار النحويين البصريين ، السيرافي (أبو سعيد الحسن بن عبد الله المزربان) ، تحقيق طه محمد الزيني ومحمد عبد المنعم خفاجي ، مصطفى البابي الحلبي ، بلا م ن ، ط1372هــ ـــ 1966م .
3/ الأصول في النحو ، ابن السراج (أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي) ، تحقيق عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة ، لبنان ـ بيروت ، بلا ط ، بلا ت ط .
4/ الاقتراح في علم أصول النحو ، السيوطي (جلال الدين) ، قرأه وعلق عليه محمد سليمان ياقوت ، دار المعرفة الجامعية ، بلا م ن ، ط1426هـ ـ 2006م .
5/ الأمالي ، الزجاجي (أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحق البغدادي النهاوندي) ، تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل ، بيروت ، ط2 ، 1407هـ ـ 1997م .
6/ إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي (جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف) ، المكتبة العصرية، بيروت ، ط1 ، 1424هـ .
7/ الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ، ابن الأنباري ( عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري أبو البركات كمال الدين) ، المكتبة العصرية ، بلا م ن ، ط1 ، 1424هـ ـ 2003م .
8/ بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين) ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، المكتبة العصرية ، لبنان ـ صيدا ، بلا ط ، بلا ت ط .
9/ تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم ، التنوخي (أبو المحاسن المفضل بن محمد بن مسعر المعري) تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ، هجر ، القاهرة ، ط2 ، 1412هـ ـ 1992م .
10/ جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب ، الهاشمي (أحمد بن إبراهيم بن مصطفى) ، تحقيق وتصحيح لجنة من الجامعيين ، مؤسسة المعارف ، بيروت ، بلا ط ، بلا ت ط .
11/ دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها ، صاحب أبو جناح ، دار الفكر ، بلا م ن ، ط1 ، 1419هــ 1998م.
12/ ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس ، شرح وتعليق محمد حسين ، مكتبة الآداب ، الجماميزت ، بلا ط ، بلا ت ط .
13/ ديوان أمية بن أبي الصلت ، جمع وتحقيق وشرح سجيع جميل الجبيلي ، دار صادر ، بيروت ، ط1، 1998م .
14/ ديوان النابغة الذبياني ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ، القاهرة ، ط2 ، بلا ت ط .
15/ سبب وضع علم العربية، السيوطي، ص55 . وانظر من تاريخ النحو العربي، الأفغاني، ص (27و29و34) . وانظر تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، أبو الحجاج (يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف جمال الدين بن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي)، تحقيق بشارة عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت ، ط1 ، 1400هـ ـ 1980م .
16/ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، ابن عماد الحنبلي (عبد الحي بن أحمد العكري أبو فلاح)، تحقيق محمد الأرناؤوط ، دار بن كثير ، دمشق ـ بيروت ، ط1 ، 1406هـ ـ 1986م .
17/ شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو ، الوقاد (خالد بن عبد الله بن أبي بكر محمد الجرجاوي الأزهري زين الدين المصري) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1 ، 1421هـ ـ 2000م .
18/ شرح ديوان الفرزدق ، ضبط معانيه وشرحه إليا الحاوي، دار الكتاب اللبناني، مكتبة المدرسة، لبنان، ط1 ، 1983م .
19/ طبقات فحول الشعراء ، ابن سلام الجمحي (محمد) ، قرأه وشرحه أبو فهر محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة ، مطبعة المدني ، بلا ت ط .
20/ الفهرست، ابن النديم (أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي المعتزلي الشيعي)، تحقيق إبراهيم رمضان، دار المعارف ، بيروت ـ لبنان ، ط2 ، 1417هـ ـ 1997م .
21/ الكتاب، سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر) ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ، مكتبة الخانجي، القاهرة ، ط3 ، 1408هـ ـــ 1988م .
22/ كتاب مراتب النحويين، أبو الطيب اللُّغوي ، تقديم وتعليق محمد زينهم محمد عذب ، دار الآفاق العربية، القاهرة ، ط1423هـ ــ 2003م .
23/ المدارس النحوية أسطورة وواقع ، إبراهيم السامرائي ، دار الفكر ، عمان ، ط1 ، 1987م .
24/ المدارس النحوية، شوقي ضيف ، دار المعارف ، القاهرة ، ط9 ، بلا ت ط .
25/ مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان ، اليافعي (أبو محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي سليمان) ، وضع حواشيه خليل منصور ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1، 1417هــ 1997م .
26/ المزهر في علوم اللُّغة وأنواعها ، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين) ، تحقيق فؤاد منصور، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1 ، 1418هــ ــــ 1998م .
27/ معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ، ياقوت الحموي (شهاب الدين أبو عبد الله بن عبد الله الرومي) ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، ط1 ، 1414هـ ـ 1993م .
28/ معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار ، الذهبي (شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز) دار الكتب العلمية ، بلا م ن ، ط1 ، 1417هـ ـ 1997م .
29/ مغاني الأخبار في شرح أسامي رجال معاني الآثار ، العيني (أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابي الحنفي بدر الدين) ، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1 ، 1427هـ ـ 2006م.
30/ المغتضب ، المبرد (محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي أبو العباس) ، تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة، عالم الكتب ، بيروت ، بلا ط ، بلا ت ط .
من تاريخ النحو العربي ، الأفغاني (سعيد بن محمد بن أحمد) ، مكتبة الفلاح ، بلا م ن ، بلا ط ، بلا ت ط.
31/ مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، ابن هشام (عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن يوسف أبو محمد جمال الدين) ، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر ، دمشق ، ط6 ، 1985م .
32/ من تاريخ النحو ، كمال جميل ولويل ، دار الحامد للنشر ، عمان ، ط1 ، 1419 هـ ـ 1999م .
33/ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، ابن تقري (أبي عبد الله الظاهري بردي الحنفي أبو المحاسن جمال الدين) ، وزارة الثقافة والإرشاد ، دار الكتب ، مصر ، بلا ط ، بلا ت ط .
34/ النحو العربي ـ نشأته ـ تطوره ـ مدارسه ـ رجاله ، صلاح روَّاي ، دار غريب ، القاهرة ، ط2003م
35/ نزهة الألباء في طبقات الأدباء، ابن الأنباري (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري أبو البركات كمال الدين) ، تحقيق إبراهيم السمرائي، مكتبة المنار، الزرقاء ــ الأردن ، ط3 ، 1405هــ ـــ 1985م .
36/ نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة، الشيخ محمد الطنطاوي ، مكتبة إحياء التراث الإسلامي ، بلا م ن، ط1 ، 1426هــ ـــ 2005م .
37/ همع الهوامع في شرح جمع الجوامع، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين)، تحقيق عبد الحميد هنداوي ، المكتبة التوفيقية ، مصر ، بلا ط ، بلا ت ط .
38/ وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان (أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي الإربلي)، تحقيق إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ، ط1900م .
[1] ينظر دراسات في نظرية النحو العربي وتطبيقاتها ، صاحب أبو جناح ، دار الفكر ، بلا م ن ، ط1 ، 1419هـ ـ 1998م ، ص10 .
[2] طبقات فحول الشعراء ، ابن سلام الجمحي (محمد) ، قرأه وشرحه أبو فهر محمود محمد شاكر ، دار المدني ، جدة ، مطبعة المدني ، بلا ت ط ، ج1 ، ص12 .
[3] كتاب مراتب النحويين ، أبو الطيب اللغوي ، تقديم وتعليق محمد زينهم محمد عذب ، دار الآفاق العربية ، القاهرة ، ط1423هـ ــ 2003م ، ص15 .
[4] ينظر المصدر السابق ، ص15 .
[5] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي (أبو سعيد الحسن بن عبد الله المزربان) ، تحقيق طه محمد الزيني ومحمد عبد المنعم خفاجي ، مصطفى البابي الحلبي ، بلا م ن ، ط1 ،1372هــ ـــ 1966م ، ص11 .
[6] الفهرست ، ابن النديم (أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد الوراق البغدادي المعتزلي الشيعي) ، تحقيق إبراهيم رمضان ، دار المعارف ، بيروت ـ لبنان ، ط2 ، 1417هـ ـ 1997م ، ص62 .
[7] معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ، ياقوت الحموي (شهاب الدين أبو عبد الله بن عبد الله الرومي) ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، ط1 ، 1414هـ ـ 1993م ، ج5 ، 2114 .
[8] الاقتراح في علم أصول النحو ، السيوطي (جلال الدين) ، قرأه وعلق عليه محمد سليمان ياقوت ، دار المعرفة الجامعية ، بلا م ن ، ط1426هـ ـ 2006م ، ص431 .
[9] ينظر المدارس النحوية أسطورة وواقع ، إبراهيم السامرائي ، دار الفكر ، عمان ، ط1 ، 1987م ، ص10 .
[10] ينظر المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، دار المعارف ، القاهرة ، ط9 ، بلا ت ط ، ص 14 .
[11] ينظر دروس في كتب النحو ، عبده الراجحي ، دار النهضة العربية ، بيروت ، ط1975م ، ص9 .
[12] ضحى الإسلام ، أحمد أمين ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة ، ط1961 ، ج2 ، ص294 .
[13] إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي (جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف) ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ط1 ، 1424هـ ، ج1 ، ص39 .
[14] نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، ابن الأنباري (عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري أبو البركات كمال الدين) ، تحقيق إبراهيم السمرائي ، مكتبة المنار ، الزرقاء ــ الأردن ، ط3 ، 1405هــ ـــ 1985م . ، ص 17 .
[15] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص11 .
[16] معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج5 ، ص2141 .
[17] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص13 .
[18] المصدر السابق ، ص13 .
[19] المصدر نفسه ، ص13 .
[20] نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، ابن الأنباري ، ص18 .
[21] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص15 .
[22] ينظر الفهرست ، ابن النديم ، ص62 .
[23] ينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج4 ، ص1466 .
[24] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج1 ، ص51 .
[25] ينظر نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، ابن الأنباري ، ص21 .
[26] ينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج4 ، ص1467 .
[27] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج1 ، ص54 .
[28] ينظر وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ، ابن خلكان (أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي الإربلي) ، تحقيق إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت ، ط1900م ، ج2 ، ص537 .
[29] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج1 ، ص51 .
[30] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج1 ، ص381 .
[31] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص20 . وينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج4 ، ص1466 ، ج5 ، ص2132 . وينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص381 ، وج3 ، ص 337 . وينظر سبب وضع علم العربية ، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي جلال الدين ) ، تحقيق مروان العطية ، دار الهجرة ، بيروت ـ دمشق ، ط1 ، 1409هـ ـ 1988م ، ص45 . وينظر الحيوان ، الجاحظ (عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء الليثي أبو عثمان) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط2 ، 1424هـ ، ج7 ، ص51 .
[32] ينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج6 ، 2836 .
[33] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج4 ، ص26 .
[34] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص381 .
[35] ينظر مغاني الأخبار في شرح أسامي رجال معاني الآثار ، العيني (أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابي الحنفي بدر الدين) ، تحقيق محمد حسن محمد حسن إسماعيل ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1 ، 1427هـ ـ 2006م ، ج3 ، ص227 .
[36] ينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج6 ، ص2749 .
[37] ينظر وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ج2 ، ص32 .
[38] ينظر معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار ، الذهبي (شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز) دار الكتب العلمية ، بلا م ن ، ط1 ، 1417هـ ـ 1997م ، ص39 .
[39] ينظر من تاريخ النحو العربي ، الأفغاني (سعيد بن محمد بن أحمد) ، مكتبة الفلاح ، بلا م ن ، بلا ط ، بلا ت ط ، ص35 .
[40] ينظر جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب ، الهاشمي (أحمد بن إبراهيم بن مصطفى) ، تحقيق وتصحيح لجنة من الجامعيين ، مؤسسة المعارف ، بيروت ، بلا ط ، بلا ت ط ، ج2 ، ص127 .
[41] ينظر سبب وضع علم العربية ، السيوطي ، ص55 . وينظر من تاريخ النحو العربي ، الأفغاني ، ص (27و29و34) . وينظر تهذيب الكمال في أسماء الرجال ، أبو الحجاج (يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف جمال الدين بن الزكي أبي محمد القضاعي الكلبي المزي) ، تحقيق بشارة عواد معروف ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ، 1400هـ ـ 1980م ، ج29 ، ص348 .
[42] نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة ، الشيخ محمد الطنطاوي ، مكتبة إحياء التراث الإسلامي ، بلا م ن ، ط1 ، 1426هــ ـــ 2005م ، ص22 .
[43] المصدر السابق ، ص24 .
[44] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص105 .
[45] المصدر السابق ، ج2 ، ص105 .
[46] ينظر نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، ابن الأنباري ، ص26 .
[47] تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم ، التنوخي (أبو المحاسن المفضل بن محمد بن مسعر المعري) تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ، هجر ، القاهرة ، ط2 ، 1412هـ ـ 1992م ، ص152 .
[48] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص105 .
[49] ينظر المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، ص22 .
[50] ينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص105 .
[51] ينظر المصدر السابق ، ج2 ، ص105 .
[52] ينظر المصدر نفسه ، ج2 ، ص105 .
[53] النور ، 2 .
[54] المائدة ، 38 .
[55] ينظر النحو العربي ـ نشأته ـ تطوره ـ مدارسه ـ رجاله ، صلاح روَّاي ، دار غريب ، القاهرة ، ط2003م ، ص134 . وينظر المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، ص24 .
[56] ينظر بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين) ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، المكتبة العصرية ، لبنان ـ صيدا ، بلا ط ، بلا ت ط ، ج2 ، ص231 . وينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج1 ، ص2749 .
[57] ينظر من تاريخ النحو ، كمال جميل ولويل ، دار الحامد للنشر ، عمان ، ط1 ، 1419 هـ ـ 1999م ، ص24 .
[58] ينظر بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ، السيوطي ، ج2 ، ص231 .
[59] ينظر المصدر السابق ، السيوطي ، ج2 ، ص231 .
[60] سبأ ، 10 .
[61] سبأ ، 12 .
[62] ينظر المغتضب ، المبرد (محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي أبو العباس) ، تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة ، عالم الكتب ، بيروت، بلا ط ، بلا ت ط ، ج4 ، ص212 .
[63] المزهر في علوم اللُّغة وأنواعها ، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين) ، تحقيق فؤاد منصور ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط1، 1418هــ ــــ 1998م ، ج1 ، ص146 .
[64] ينظر شرح ديوان الفرزدق ، ضبط معانيه وشرحه إليا الحاوي ، دار الكتاب اللبناني ، مكتبة المدرسة ، لبنان ، ط1 ، 1983م ، ج2 ، ص 117 .
[65] ينظر نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، ابن الأنباري ، ص28 .
[66] النمل ، 22 .
[67] ينظر الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين ، ابن الأنباري ( عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنصاري أبو البركات كمال الدين) ، المكتبة العصرية ، بلا م ن ، ط1 ، 1424هـ ـ 2003م ، ج2 ، ص410 .
[68] ينظر المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، ص28 .
[69] ينظر الأمالي ، الزجاجي (أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحق البغدادي النهاوندي) ، تحقيق عبد السلام هارون ، دار الجيل ، بيروت ، ط2 ، 1407هـ ـ 1997م ، ص242 .
[70] المزهر في علوم اللغة وأنواعها ، السيوطي ، ج2 ، ص410 .
[71] ينظر المصدر السابق ، ج2 ، ص410 .
[72] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص61 .
[73] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص26 .
[74] ينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج5 ، ص2141 .
[75] المصدر السابق ، ج5 ، ص2141 .
[76] ينظر وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ج3 ، ص487 .
[77] ينظر ديوان النابغة الذبياني ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ، القاهرة ، ط2 ، بلا ت ط ، ص33 .
[78] ينظر النحو العربي ، صلاح روَّاي ، ص156 . وينظر وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ج3 ، ص487 .
[79] الأمالي ، الزجاجي ، 81 .
[80] ينظر الأصول في النحو ، ابن السراج (أبو بكر محمد بن السري بن سهل النحوي) ، تحقيق عبد الحسين الفتلي ، مؤسسة الرسالة ، لبنان ـ بيروت ، بلا ط ، بلا ت ط ، ج1 ، ص344 .
[81] ينظر الكتاب ، سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر) ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ط3 ، 1408هـ ـــ 1988م ، ج2 ، ص203 .
[82] سبأ ، 10 .
[83] ينظر المقتضب ، المبرد ، ج4 ، ص212 .
[84] ينظر الكتاب ، سيبويه ، ج1 ، ص398 .
[85] ينظر المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، ص366 .
[86] ينظر نزهة الألباء في طبقات الأدباء ، ابن الأنباري ، ص28 .
[87] ينظر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، ابن هشام (عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن يوسف أبو محمد جمال الدين) ، تحقيق مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ، دار الفكر ، دمشق ، ط6 ، 1985م ، ص414 .
[88] ينظر ديوان أمية بن أبي الصلت ، جمع وتحقيق وشرح سجيع جميل الجبيلي ، دار صادر ، بيروت ، ط1 ، 1998م ، ص75 .
[89] ينظر بغية الوعاة ، السيوطي ، ج2 ، ص74 .
[90] ينظر وفيات الأعيان بن خلكان ، ج3 ، ص301 .
[91] ينظر شذرات الذهب في أخبار من ذهب ، ابن عماد الحنبلي (عبد الحي بن أحمد العكري أبو فلاح) ، تحقيق محمد الأرناؤوط ، دار بن كثير ، دمشق ـ بيروت ، ط1 ، 1406هـ ـ 1986م ، ج3 ، ص73 .
[92] ينظر مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان ، اليافعي (أبو محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي سليمان) ، وضع حواشيه خليل منصور ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1 ، 1417هـ ـ 1997م ، ج2 ، ص46 .
[93] ينظر وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ج3 ، ص301 .
[94] ينظر النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، ابن تقري (أبي عبد الله الظاهري بردي الحنفي أبو المحاسن جمال الدين) ، وزارة الثقافة والإرشاد ، دار الكتب ، مصر ، بلا ط ، بلا ت ط ، ج2 ، ص86 .
[95] ينظر بغية الوعاة ، السيوطي ، ج2 ، ص74 .
[96] ينظر الكتاب ، سيبويه ، ج1 ، ص (124 و201) .
[97] ينظر بغية الوعاة ، السيوطي ، ج2 ، ص74 .
[98] الكتاب ، سيبويه ، ج1 ، ص241 .
[99] ينظر المصدر السابق ، ج1 ، ص (259 و255 و304 و324 و353 ) و ج2 ، ص (111 و118 و354) ، وج3 ، ص (410) . وغيرها كثير .
[100] ينظر وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ج7 ، ص244 . وينظر الفهرست ، ابن النديم ، ص64 .
[101] ينظر الفهرست ، ابن النديم ، ص64 .
[102] ينظر الكتاب ، سيبويه ، ج3 ، ص527 .
[103] ينظر شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو ، الوقاد (خالد بن عبد الله بن أبي بكر محمد الجرجاوي الأزهري زين الدين المصري) ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط1 ، 1421هـ ـ 2000م ، ج1 ، ص72 .
[104] ينظر همع الهوامع في شرح جمع الجوامع ، السيوطي (عبد الرحمن بن أبي بكر جلال الدين) ، تحقيق عبد الحميد هنداوي ، المكتبة التوفيقية ، مصر ، بلا ط ، بلا ت ط ، ج2 ، ص301 .
[105] ينظر الكتاب ، سيبويه ، ج4 ، ص184 .
[106] ينظر همع الهوامع ، السيوطي ، ج2 ، ص526 .
[107] الكتاب ، سيبويه ، ج3 ، ص506 .
[108] ينظر ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس ، شرح وتعليق محمد حسين ، مكتبة الآداب ، الجماميزت ، بلا ط ، بلا ت ط ، ص63 .
[109] ينظر الكتاب ، سيبويه ، ج3 ، ص51 .
[110] إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج1 ، ص380 . وينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج3 ، ص1263 .
[111] ينظر المصدر السابق ، القفطي ، ج2 ، ص258 .
[112] المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، ص51 .
[113] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص38 . وينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج5 ، ص2122 . وينظر إنباه الرواة على أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص346 . وينظر وفيات الأعيان ، ابن خلكان ، ج3 ، ص463 . وينظر الفهرست ، ابن النديم ، ص74 .
[114] ينظر إنباه الرواة علة أنباه النحاة ، القفطي ، ج2 ، ص354 . وينظر معجم الأدباء ، ياقوت الحموي ، ج5 ، ص1222 .
[115] ينظر المصدر السابق ، ج1 ، ص41 .
[116] ينظر النحو العربي ، صلاح روَّاي ، ص192 .
[117] ينظر أخبار النحويين البصريين ، السيرافي ، ص42 .
[118] ينظر همع الهوامع ، السيوطي ، ج1 ، ص (506 و591) . وينظر المدارس النحوية ، شوقي ضيف ، ص (97 و98) . وينظر النحو العربي ، صلاح روَّاي ، ص382 .