
دور مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي في التقليل من حدّة التنمر المدرسي
The role of the school counselor in reducing school bullying
د. أميطوش موسىsد. سكاي سامية/ جامعة تيزي وزو الجزائر
Dr. Amitouche Moussa s Dr. Sekkai Samia /University of Tizi Ouzou, Algeria
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 61 الصفحة 141.
(حمل المقال للاطلاع على الأشكال)
ملخص:تعد ظاهرة التنمر أو الاستقواء المدرسي من أخطر الظواهر التي اكتشفها العالم “دان ألووس” عام (1980)، وهي ظاهرة متفشية كثيرا في مدارسنا، وأمام غياب دراسات ميدانية تتناول درجة حدتها، وأسبابها، ومخاطرها في المدرسة الجزائرية، أصبحت هذه الظاهرة تهدد الأمن المدرسي بأكمله، لكونها تؤثر على البناء الأمني لشخصية التلميذ، سواء كان متنمرا أو ضحية أو متفرجا، وهذا ما ينعكس سلبا على المسار الدراسي للتلميذ مما يخلق لديه الرسوب والفشل المدرسي، وبالتالي التخلي كلية عن الدراسة، لذلك على وزارة التربية الوطنية أن تولي أهمية بالغة لهذه الظاهرة، وضرورة تزويد مستشار التوجيه والارشاد المدرسي بمقومات نظرية وتطبيقية من أجل احتوائها.
Abstract:
The phenomenon of school bullying is one of the most serious phenomena discovered by “Dan Olweus” in (1980). This is a widespread phenomenon in our schools, and in the absence of studies addressing its causes and severity, this phenomenon has become a threat to the safety of the entire school. It affects the personality of the student, be it bully, victim or spectator, it has a negative impact on his school career, which creates a failure, and subsequently abandoned his studies. Therefore, the Ministry of National Education should attach great importance to this phenomenon, and provide school guidance counselors with the theoretical and practical elements necessary to contain it.
Key words: school bullying, school guidance counselor.
مقدمة:
التنمر أو الاستقواء المدرسي (l’intimidation scolaire) بما يحمله من عدوان تجاه الآخرين سواء كان بصورة جسدية، أو لفظية، أو نفسية، أو اجتماعية، أو إلكترونية، من المشكلات التي لها آثار سلبية سواء على المتنمر، أو على ضحية التنمر، أو على البيئة المدرسية بأكملها، حيث يؤثر في البناء الأمني والنفسي والاجتماعي للمجتمع المدرسي بأسره.
ويتميز الأفراد المتنمرين بضعف التقمص العاطفي، وضعف القدرة على تحمل الإحباط، وضعف التحصيل الدراسي، ويفترضون وجود نوايا عدوانية لدى الآخرين[1]، أما الأفراد الضحايا فيتصفون بالإذعان، والقلق، والضعف، والحذر، والحساسية الزائدة، والهدوء، وتقدير ذات منخفض، وقلة الشعبية، وضعف المهارات الاجتماعية، والافتقار إلى المهارات التوكيدية[2]، بينما يتصف الأفراد الذين يكونون متنمرين وضحايا بأنهم أكثر قلقاً وأقل شعبية، وغير مستقرين انفعالياً، كما نجد أن المتنمرين يظهرون نسبا أعلى من المشكلات النفسية، ومشكلات سوء التصرف، والسرقة، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، ويشكلون مصادر إزعاج أكثر لرجال الشرطة، وتتسم علاقاتهم المستقبلية بدعم انفعالي أقل، وغالبا ما يدانون كراشدين لأن جرائمهم أكثر من أقرانهم[3].
إن هذه الظاهرة انتشرت وبشكل كبير في مجتمعنا المدرسي، وأصبحت تشكل خطرا على النظام العام للمدرسة وصعب التحكم فيها، لذا في ظل تخطيط الاستراتيجيات المناسبة لحلها، وكلت لمستشار التوجيه والإرشاد المدرسي صاحب الاختصاص في الارشاد والتوجيه وعلم النفس، مهمة المتابعة النفسية للتلاميذ المتمدرسين، من أجل تحقيق توافقهم وتكيفهم الدراسي، والرفع من تحصيلهم العلمي، فضلا على مساعدتهم في بحث المشكلات التعليمية والأخلاقية والاجتماعية، والصحية، والنفسية، وغيرها من المشاكل، كما يسعى المستشار إلى تنمية قدرات التلاميذ، وتكوين اتجاهات وقيم ايجابية وتقييم ذواتهم تقييما موضوعيا، وانطلاقا مما سبق ما هو الدور الذي يلعبه مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي في التقليل من حدة التنمر المدرسي لدى التلاميذ؟
1- حول مفهوم مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي:
جاء في المعجم الوجيز كلمة “مستشار” بأنه العليم الذي يؤخذ رأيه في أمر هام، علمي أو فني أو سياسي أو قضائي أو نحوه، فالأصل اللغوي لكلمة استشارة تفيد التدخل الإنساني المحض، للتأثير الفعال في الوعي، قصد تغيير سلوك فرد ما.[4]
أما اصطلاحا فقد عرفت خديجة بن فليس (2014) مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي بأنّه: أحد موظفي قطاع التربية، وعضو من أعضاء الفريق التربوي، يساعد على تنفيذ برنامج التوجيه المدرسي، فهو يسعى إلى ملاحظة التلميذ في شخصيته، وتحديد طموحاته، ومعرفة وابراز ميوله، كما يساعده على فهم نفسه، وفهم محيطه، كما يقوم مستشار التوجيه بمتابعة بعض الحالات المرضية وإحالتها على الأخصائيين إذا استدعى الأمر ذلك[5].
ولقد ورد في تعريف آخر لكلمة مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي بأنه: شخص مؤهل، وأخصائي في عملية إعلام التلاميذ والطلبة حول مقترحات عملية التوجيه، بهدف مساعدتهم على اتخاذ أنسب القرارات[6] .
كما ورد أيضا بأنه المورد البشري الذي يمكنه جلب قدر من الرضا لاحتياجات التلميذ، فهو يساعده على إعداد مشروعه المدرسي والمهني[7] .
ويعرفه موريس وروكلان على أنه المسؤول الأول على تنفيذ عملية التوجيه المدرسي والمهني، وهو مختص في التوجيه، ويعتبر أقدر الناس وأكفئهم على جمع المعلومات حول الطالب المراد توجيهه، باعتماده مبادئ وتقنيات علم النفس.[8]
من كلّ ما سبق يمكن القول أنّ مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي هو ذلك المهني الذي تسند إليه مهمة الإعلام، والتوجيه، والتقويم، والمتابعة النفسية والاجتماعية للتلميذ، إضافة الى مهام أخرى، بهدف تحقيق التكيف المدرسي، ويؤدي كل هذه المهام في إطار مكاني وزماني محدد، من أجل مساعدة التلميذ على بناء مشروعه الدراسي والمهني وفق أسس علمية، تعتمد على تحليل ميوله وقدراته واستعداداته من جهة، ومتطلبات الواقع المدرسي والمهني من جهة أخرى، والهدف من كل ذلك تحقيق النجاح المدرسي.
2 – التنمر المدرسي:
ورد في معجم المعاني “الجامع” كلمة تنمَّرَ، تنمُّرًا، فهو مُتنمِّر، والمفعول منها مُتنمَّر له، تنمَّرَ الشَّخصُ: نمِر، غضِب وساء خلقُه، وصار كالنَّمِر الغاضب، تَنَمَّرَ: تشبَّهَ بالنَّمر في لونه أو طبعه، تنمَّر لفلانٍ: تنكَّر له وأودعه، تَنَمَّرَ: مدَّد في صوته عند الوعيد.
ويختلف تحديد مفهوم التنمر من باحث الى آخر، فلقد عرّفه سليمان وببلاوي (2010) بأنه هجوم من شخص مستأسد على شخص أضعف منه، لديه تلذذ بمشاهدة معاناة الضحية، وقد يسبب للضحية بعض الآلام.[9]
وهو سلوك مقصود لإلحاق الأذى الجسمي، أو اللفظي، أو الجنسي، ويحصل من طرف قوي مسيطر تجاه فرد ضعيف، لا يتوقع أن يرد الاعتداء عن نفسه، ولا يبادل القوة بالقوة، كذلك لا يبلغ عن حادثة الاستقواء للراشدين من حوله، وهذا هو سر الاستقواء على الضحية[10] .
وهو أيضا حالة نفسية تحرك الفرد إراديا ومتعمدا لإيذاء شخص آخر بدنيًا أو نفسيًا، بغية إثارة الرعب لديه وإخضاعه لسيطرته، علماً أن هذا الشخص غير قادر على الدفاع عن نفسه[11] .
وفي الوسط المدرسي يعرفه جيورجيو (Giorgio, 2008) بأنه سلوك متعمد ضد طالب أو أكثر، يتضمن الإيذاء الجسمي أو اللفظي أو الإذلال أو إتلاف ممتلكات طالب آخر، يسببه الجو الأسري العنيف الذي يعيشه المتنمر، وعدم دعمه، ومشاهدته لبعض الأفلام التي تظهر هذه السلوكيات، لذلك يحاول تطبيقها على الآخرين[12].
3- خصائص التنمر:
عرف دان أولووس (Olweus, 1993) التنمر بأنّه شكل من أشكال العدوان المتعمد والمقصود، يصدره الفرد لفظيا، أو ماديا، أو بدنيا، متعلما من البيئة، يهدف إلى إيقاع الأذى بالآخرين، الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم[13] .
وعلى هذا فمفهوم التنمر عند “دان أولووس” يتضمن ثلاث خصائص هامة، وهي:
3-1 الاستطاعة:
يقول “دان أولووس” بأن الشخص الذي يقوم بسلوك التّنمر يكون عادة طفل طويل القامة، قوي البنية الجسدية، ويتلقى التدعيم من جماعة أقرانه.
3-2 الاستمرارية والتشتت:
التّنمر لا يكون بالصدفة، ولكن له ميزة الاستمرارية والتكرار، وهذا ما يولد لدى الضحية الرهبة (la Terreur)، وقد يبقى لدى الطفل طويلا.
3-3 الرغبة في الإيذاء:
الفعل في التنمر يكون عمدي، غايته هو إيذاء الآخر نفسيا وجسديا.
وعلى هذا فالتّنمر سلوك إرادي، واعي ومكتسب، متكرر وعنيف، يصدر من شخص أو جماعة من الأشخاص على فرد معين بهدف إلحاق الأذى به، مما يولد لدى الضحية اضطرابات كثيرة، منها: النفسية والاجتماعية والدراسية.
4- أشكال التنمر:
يتخذ التنمر عدة أشكال وأصناف، ولقد اتفق كل من “دبرا ووندي”[14] على تحديد الأشكال الخمسة التالية:
4-1 التنمر الجسدي: ويشمل الضرب بكل أنواعه، والدفع، والبزق، والسرقة، وتحطيم ممتلكات الأشخاص.
4-2 التنمر اللفظي: ويشمل التنابز بالألقاب، السخرية، تقليل الاحترام، وتهديد الآخر، وأقوال التمييز العنصري، والتحرش.
4-3 التنمر الاجتماعي: ويتضمن:
– طرد الفرد من الجماعة وإطلاق إشاعات حوله، وتقليل احترامه وتحطيم صدقاته.
– السخرية من شخص بسبب شخصيته، أو جماعته.
– السخرية من شخص بسبب معتقداته الدينية، وقول شائعات في ذلك.
– عزل شخص بسبب جنسه فتاة أو طفل.
– السخرية من شخص بسبب إعاقته الجسدية.
– السخرية من شخص بسبب مظهره.
4 -4 التّنمر على الممتلكات: ويتمثل في اخذ أشياء الآخرين والتصرف فيها بدون إرادة صاحبها.
4-5 التّنمر الجنسي: ويتضمن إصدار الألقاب الجنسية، اللمس بطريقة لا أخلاقية، التحرش الجنسي، والإجبار على التحدث في أمور جنسية.
5- مهام مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي في النصوص التشريعية الجزائرية:
جاء في المنشور الوزاري رقم 432/92، المؤرخ في 14/12/91، المتعلق بالمحاور الاساسية لبرمجة النشاطات في مراكز التوجيه والارشاد المدرسي، على ضرورة مشاركة الموجه المدرسي مع الاساتذة في إعداد الاختبارات الفصلية وما يتبع ذلك من مهام كتحصيل المادة، وتحديد المفاهيم الأساسية، وتحميل نتائج المتعلمين، كما ورد أيضا في المنشور الوزاري رقم269/1241/91 المتعلق بتنظيم عمليات مستشاري التوجيه، في الفقرة المتعلقة ببرامج النشاطات السنوية للمستشار على ضرورة دراسة نتائج عمليات التقييم التربوي، واستثمار هذه النتائج مع الاساتذة، والمساهمة في إعداد وتنظيم كيفية إجراء عملية التقييم.
وعلى هذا فالمشرع الجزائري حصر مهام مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي في: الإرشاد والتوجيه النفسي والتربوي والاجتماعي، والإعلام، والتقويم.
5-1 الإرشاد والتوجيه:
يشمل الإرشاد والتوجيه عدة مهام، نذكر منها ما يلي:
– القيام بالإرشاد النفسي والتربوي لمساعدة التلميذ على التكيف مع النشاط التربوي.
– إجراء مقابلات ضرورية قصد التكفل نفسيا بالتلاميذ الذين يعانون من مشكلات، وتوجيههم عند الضرورة إلى المصالح الخاصة.
– المشاركة في عملية اكتشاف التلاميذ المحتاجين إلى دروس الدعم والاستدراك.
– التحضير والمشاركة في مجالس القبول والتوجيه.
5-2 الإعلام:
حسب المادة (66) من المنشور الوزاري رقم269/1241/91 المتعلق بتنظيم عمليات مستشاري التوجيه، يشكل الإرشاد المدرسي والإعلام الخاص بالمنافذ المدرسية والجامعية والمهنية فعلا تربويا، يهدف إلى مساعدة كل تلميذ طوال تمدرسه، وتحضيره وتوجيهه وفقا لاستعداداته، ورغباته، وتطلعاته، ومقتضيات المحيط الاجتماعي والاقتصادي، لتمكينه تدريجيا من بناء مشروعه الشخصي، والقيام باختياراته الدراسية والمهنية على دراية.
وعلى هذا فمستشار التوجيه والإرشاد المدرسي يزود التلاميذ بمعلومات صحيحة وحديثة عن الحياة المدرسية والمهنية الاجتماعية، ومن ثمة فمهامه الإعلامية تكمن فيما يلي:
– يقدم الموجه السيولة العلمية التي تهم المدرس وتوجه التلميذ، كما يضمن هذه السيولة بين مختلف المتعاملين في المؤسسة التعليمية.
– إعلام التلاميذ والأولياء بكافة الفروع الدراسية، ومختلف التخصصات المهنية المتوفرة في المؤسسات التعليمية، ومراكز التكوين المهني وعالم الشغل، والشريك الاقتصادي بشكل عام.
– ينشط الموجه عمليات الاتصال داخل المؤسسة والمتعاملين معها، وبينهما، وبين الهيئات ذات العلاقة.
– ينشط الموجه حصصا إعلامية جماعية، وينظم لقاءات بين التلاميذ والاولياء والمتعاملين والمهنيين.
– ينشط خلية التوثيق والاعلام والاشراف عليها.
5-3 التقييم:
ورد في المادة (69) من نفس المنشور المذكور أعلاه، أن التقييم عملية تربوية، تندرج ضمن العمل المدرسي اليومي لمؤسسة التربية والتعليم، فالموجه يقيس دوريا مردود كل من التلميذ والمؤسسة المدرسية بمختلف مركباتها، ويحدد كيفية التعميم بموجب قرار من الوزير المكلف بالتربية الوطنية.
أما في المادة (70) من نفس المنشور السابق فقد ورد أن العمل المدرسي للتلميذ يقيم عن طريق العلامات العددية، والتقديرات التي يمنحها المدرسون من خلال المراقبة الدورية للأنشطة التربوية، كما يحدد الوزير المكلف بالتربية الوطنية طبيعة مراقبة الانشطة التربوية ووتيرتها.
وحسب المادة (41) من نفس المنشور يخضع الانتقال من قسم إلى قسم، ومن مستوى إلى مستوى إلى تتبع خاص للتلميذ من طرف المعلمين والمربيين، وكذلك من طرف مستخدمين مختصين في علم النفس المدرسي، والتوجيه المدرسي والمهني لتحقيق التكيف مع التغيرات في تنظيم التعليم، وضمان الاستمرارية التربوية.
أما المادة (72) فبموجبها يتم إعلام الأولياء بصفة منظمة بعمل أبنائهم ونتائج عمليات التقييم الدورية، والقرارات النهائية [15](بن فليس،2014، ص137- 140).
وعليه نجد أن النصوص التشريعية الخاصة بالتوجيه المهني والمدرسي، ألحت على ضرورة ممارسة مستشار التوجيه لمهامه وفقا لما هو منصوص عليه في النصوص التشريعية دون زيادة أو نقصان، حسب ما جاء في القانون التوجيهي للتربية الوطنية، ومن خلال عرضنا للقوانين المتعلقة بمهام مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي نلاحظ أنها أولت العناية بالجانب النفسي والعلائقي الاجتماعي للتلميذ، من خلال المتابعة النفسية، بهدف تحقيق التكيف والنجاح المدرسي، من خلال المهام التالية:
– تقييم المجهود الدراسي للتلميذ.
– القيام بدراسات وأبحاث تتعلق بالتوجيه والإرشاد عند الحاجة.
– المشاركة في مختلف الدراسات المبرمجة من طرف الهيئات الوصية.
– المشاركة في كل النشاطات اليومية للمؤسسة.
6- دور مستشار التوجيه والإرشاد في التقليل من حدة التنمر المدرسي:
يعد مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي حجر الزاوية في أي مؤسسة تربوية، لذلك قبل أن يبدأ بتدخلاته يتوجب عليه أولا القيام بدراسة استطلاعية لتحديد مستوى انتشار هذه الظاهرة في المؤسسة التي ينتمي إليها، وتحديد العناصر الهامة في عمله، المتمثلة في التلميذ المتنمر، الضحية، المتفرجون، وغيرهم، ثم تسطير برنامج إرشادي وقائي مع كل الذين ينتمون إلى هذه المؤسسة، بالإضافة إلى العناصر المذكورة سابقا تأتي ضرورة العمل في فريق، الذي يتم من خلاله إشراك الأولياء، وهيئة التدريس، والتلاميذ الآخرين في عملية الوقاية، كما يتوجب على مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي أن يستخدم عدة وسائل لجمع المعلومات، وإتباع طرق علمية في عملية الإرشاد، كالمقابلة، والملاحظة، والمقاييس الشخصية، والاستبيانات، والجماعات الكلامية، والإرشاد الفردي، ولعب الأدوار، وغيرها.
ويمكن حصر عناصر وتقنيات التدخل التي يستخدمها مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي في الشكل التالي:
من خلال هذا الشكل تتضح التدخلات التي يقوم بها مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي وهي كالتالي:
1- التدخلات الإجرائية مع التلميذ المتنمر:
– من الضروري أن يدرك التلميذ المتنمر أنّ العنف غير مقبول.
– الاتصال بالأولياء وضرورة إخبارهم بما يقوم به ابنهم أو ابنتهم.
– تدخل مستشار التوجيه والإرشاد يجب أن يكون مكيفا حسب العمر، والجنس، وخطورة الوضع أو الحالة.
– على مستشار التوجيه والإرشاد أن يكيف تدخلاته وفقا لظروف واحتياجات الطفل المتنمر (المعتدي).
– إبعاد التلميذ المتنمر من الأماكن المحفوفة بالمخاطر، وإعادة دمجه تدريجيا، وجعله دائما تحت المراقبة والإشراف.
– تزويد التلاميذ الموقوفين أو المطرودين بالدعم التعليمي والنفسي والاجتماعي، وتسهيل إعادة دمجهم (تطبيق القواعد بليونة).
–تطوير العلاقة والحفاظ عليها مع التلميذ المتنمر.
– القيام بجلسات إرشادية لتعليمه كيفية الاهتمام بالآخرين.
– مساعدته في إدارة غضبه.
– تعليمه السلوكات البديلة (تزويده بالمهارات الاجتماعية).
– توفير إطار يتوافق مع احتياجات المعتدي.
– إخراجه من منطقة الخطر، فهو في حد ذاته يحتاج إلى مساعدة.
– إنشاء بطاقة شخصية لمتابعة كل تلميذ متنمر.
2- التدخلات الإجرائية مع التلميذ الضحية:
– تعليم الضحية وتدريبه على بعض المهارات حول كيفية التصرف في مثل هذه المواقف، كالاتصال، وتدريبه على الحزم.
– الاتصال بأولياء الأمور بهدف جمع المعلومات، ووضع برنامج إرشادي معهم.
– لا يجب أن نترك الضحية تحط من معنوياتها، بل يجب أن نشجعها على اتخاذ موقف إيجابي، والعمل على الرفع من معنوياتها.
– تعليم التلميذ الضحية أهمية التحدث عن الموقف، مع ضرورة طمأنته، وعدم التستر على المعتدي لأن ذلك يؤدي إلى استمرار المعاناة.
– تدريس المهارات الاجتماعية.
– حثه على تجنب الاتصال الجسدي مع المعتدين، وقدم له مكانًا للراحة والسلامة.
– تجنب المواجهات بين المعتدي والضحية.
– الاتصال بالأمن عند الضرورة.
3- التدخلات الإجرائية مع التلميذ المتفرج:
– تعليمه التدخل نيابة عن التلاميذ المستهدفين.
– الاتصال بالأولياء.
– رفض قبول التنمر أو الاستقواء (البلطجة).
– تعليمه كيف يؤكد نفسه دون عدوانية.
– تعليمه التمييز بين التنكر والتسلل.
– طلب المساعدة من البالغين[16]
4- التدخلات الإجرائية مع الفريق التربوي:
– عقد مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي اجتماعات ومحاضرات حول كيفية التعامل مع الظاهرة مع كل الفاعلين بالمدرسة من مدير، ومساعدين تربويين، ومراقب عام، وغيرهم.
– تشجيع الفريق التربوي على إصدار سلوكات إيجابية، وإتباع سلوكات يقتدى بها.
– توعية وإشراك الفريق التربوي في انشغالات المدرسة وأهدافها.
– الإشراف على بعض النشاطات التي تساعد على التلاحم بين الفريق التربوي.
– إشراك الفريق التربوي في عملية تقويم مدى نجاح البرنامج المعد للتقليل من حدة هذه الظاهرة، والوقوف عند نقاط الضعف والقوة للبرنامج.
5- التدخلات الاجرائية مع الاولياء:
– إعداد برنامج ارشادي مع الاولياء يهدف الى التقليل من العدوانية لدى الأطفال، وتدريبهم على كيفية التعامل مع ابنائهم كل حسب وضعيته (متنمر، ضحية، متفرج).
– القيام بحصص اعلامية حول أخطار التنمر وتأـثيره على شخصية ومستقبل الطفل.
– حث الاولياء على عدم استعمال اساليب المعاملة المبنية على الاهمال، أو التساهل، أو التسلط، وغيرها مع أبنائهم، لأنها منبع تشكيل وتنامي سلوك التنمر لدى الطفل[17] .
– حث الاولياء على تربية أبنائهم تربية خلقية مبنية على التسامح والتقدير واحترام الغير.
– ضرورة تصحيح بعص المفاهيم والتصورات الخاطئة لدى الاولياء، كالتي يحث فيها الآباء ابناءهم على ضرب الغير وسرقة ممتلكاتهم، تحت راية الدفاع على النفس.
– تزويد الاولياء ببعض التقنيات حول كيفية الاصغاء، والتقرب من أبنائهم من أجل الافصاح عن هذه السلوكات واستنكارها، وكذلك كيفية تهدئة الطفل والتهوين عليه.
خاتمة:
لقد انتشرت في مدارسنا مشاكل عديدة لها علاقة بالتلاميذ وبحياتهم الاجتماعية والنفسية، وأصبحت هذه المشاكل تشكل خطرا على النظام العام للمدرسة، وللتحكم فيها يجب الرجوع إلى مستشار التوجيه والإرشاد المدرسي صاحب الاختصاص في الارشاد والتوجيه وعلم النفس، والذي من أهم أدواره التكفل بمثل هذه المشكلات، ولكي يؤدي هذا الأخير وظائفه على أكمل وجه وجب ما يلي:
– تكوينه في المواضيع الحساسة التي تؤثر على مستقبل المؤسسة والتلميذ (كالتنمر المدرسي، العنف، والتسرب، …الخ).
– تزويده بالوسائل الضرورية كالاختبارات النفسية والشخصية لتحليل شخصية التلميذ.
– كما يجب حث الطاقم التربوي على تحفيز التلاميذ بضرورة الاهتمام بمادة التربية البدنية، والتربية الموسيقية، والتربية الفنية لأنها وسائل تساعد على التنفيس الانفعالي.
قائمة المراجع:
1- أبو غزال، معاوية. (2010). أسباب السلوك الاستقوائي من وجهة نظر الطلبة المستقوين والضحايا، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 7، العدد 2.
2- أحمد، فكري بهنساوي، ورمضان، على حسن. (2015). التنمر المدرسي وعلاقته بدافعية الانجاز لدى تلاميذ المرحلة الإعدادية، مجلة كلية التربية، العدد السابع عشر، جامعة بور سعيد، ص ص 1- 41.
3– أسامة، حميد حسن الصوفي، وفاطمة، هشام قاسم المالكي. (2012). التنمر عند الاطفال وعلاقته بأساليب المعاملة الوالدية، مجلة البحوث التربوية والنفسية، العدد (35)، وزارة التربية، الكلية التربوية المفتوحة، ص ص 146-188.
4- براهمية، صونية. (2005). تأثر الوضعية المهنية على أداء مستشار التوجيه المدرسي. جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة. ص 7.
5– بن فليس، خديجة. (2014). المرجع في التوجيه المدرسي والمهني. (د.ط). الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية.
6- جردات، عبد الكريم. (2008). الاستقواء لدى طلبة المدارس الأساسية انتشاره والعوامل المرتبطة به، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، المجلد 4، العدد 3.
7- الحمداني، عبد الحسن عبد الصاحب. (2012). سلوك التنمر لدى الأطفال والمراهقين وعلاقته بالعمر والجنس والترتيب الولادي، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، كلية التربية ابن رشد.
8- الخوالي، هشام. (2004). التنبؤ بسلوك المشاغبة/الضحية من خلال بعض أساليب المعاملة الوالدية لدى عينة من المراهقين، ورقة عمل مقدمة في المؤتمر السنوي الحادي عشر، مركز الإرشاد النفسي جامعة عين شمس.
9- سليمان، عبد الرحمان سيد، والببلاوي، ايهاب. (2010). الآباء والعدوانية لدى الأبناء العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة. الرياض: دار الزهراء.
9- الصبحيين، علي موسى، ومحمد، فرحان القضاة. (2013). سلوك التنمر عند الاطفال والمراهقين (مفهومه – أسبابه – علاجه). ط1. الرياض: جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
10- غفران، عبد الكريم هادي، وغفران، عزاي حسين، وعذراء، محمد عباس. (2018). دراسة التنمر المدرسي لدى المراهقين من وجهة نظر المدرسين، بحث مقدم إلى مجلس كلية التربية للبنات وهو جزء من متطلبات نيل شهادة البكالوريوس في الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي.
11- Andréani, F et Boyé, F. (1991). Le Conseiller d’Orientation, Psychologue, Paris : édition Nathan
12- Commission scolaire des hautes ravières. (2014). Plans de lutte contre l’intimidation et la violence a l’école, école du pélican.
13- Debra, P. et Wendy, C. (2014). Prévention de l’intimidation et intervention en milieu scolaire.
14- Giorgio, S. (2008). Bullying and victimization at school: The role of mothers, British Journal of Educational Psychology, v 78, n (1), Pp 109–125.
15 –Silany, Norbert. (2004). Dictionnaire de psychologie. Paris : édition Nathan
[1] – أبو غزال، معاوية. (2010). أسباب السلوك الاستقوائي من وجهة نظر الطلبة المستقوين والضحايا، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، المجلد 7، العدد 2. ص 276
[2] -جردات، عبد الكريم. (2008). الاستقواء لدى طلبة المدارس الأساسية انتشاره والعوامل المرتبطة به، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، المجلد 4، العدد 3. ص 110.
[3]-الخوالي، هشام. (2004). التنبؤ بسلوك المشاغبة/الضحية من خلال بعض أساليب المعاملة الوالدية لدى عينة من المراهقين، ورقة عمل مقدمة في المؤتمر السنوي الحادي عشر، مركز الإرشاد النفسي جامعة عين شمس. ص112-113
[4] – براهمية ، صونية. (2005). تأثیر الوضعیة المهنیة على أداء مستشار التوجیه المدرسي. جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة. ص 7.
[5] – بن فليس، خديجة. (2014). المرجع في التوجيه المدرسي والمهني. (د.ط). الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية. ص 125.
[6] – Silany, Norbert. (2004). Dictionnaire de psychologie. Paris : édition Nathan. P.68
[7] – Andréani, F et Boyé, F. (1991). Le Conseiller d’Orientation, Psychologue, Paris : édition Nathan. P. 7
[8]– عبد الله لبوز، إسماعیل الأعور. (ب-س). ضغوط وعراقيل أداء مستشار التوجیه المدرسي لمهامه في المقاطعة، ملتقى الدولي حول معاناة في العمل، مجلة العلوم الإنسانة، عدد خاص، ورقلة. ص275.
[9] – سليمان، عبد الرحمان سيد، والببلاوي، ايهاب. (2010). الآباء والعدوانية لدى الأبناء العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة. الرياض: دار الزهراء. ص101.
[10] – سليمان، عبد الرحمان سيد، والببلاوي، ايهاب. (2010). الآباء والعدوانية لدى الأبناء العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة. الرياض: دار الزهراء. ص10.
[11] – الحمداني، عبد الحسن عبد الصاحب. (2012). سلوك التنمر لدى الأطفال والمراهقين وعلاقته بالعمر والجنس والترتيب الولادي، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، كلية التربية ابن رشد. ص16.
[12] – Giorgio, S. (2008). Bullying and victimization at school: The role of mothers, British Journal of Educational Psychology, v 78, n (1), P. 110.
[13]– غفران، عبد الكريم هادي، وغفران، عزاي حسين، وعذراء، محمد عباس. (2018). دراسة التنمر المدرسي لدى المراهقين من وجهة نظر المدرسين، بحث مقدم إلى مجلس كلية التربية للبنات وهو جزء من متطلبات نيل شهادة البكالوريوس في الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي. ص8.
[14]– Debra, P et Wendy, C. (2014). Prévention de l’intimidation et intervention en milieu scolaire. P. 2.
[15] – بن فليس، خديجة. (2014). المرجع في التوجيه المدرسي والمهني. (د.ط). الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية. ص 137-140.
[16] – Commission scolaire des hautes ravières. (2014). Plans de lutte contre l’intimidation et la violence a l’école, école du pélican. P 13.
[17] – أسامة، حميد حسن الصوفي، وفاطمة، هشام قاسم المالكي. (2012). التنمر عند الأطفال وعلاقته بأساليب المعاملة الوالدية، مجلة البحوث التربوية والنفسية، العدد (35)، وزارة التربية، الكلية التربوية المفتوحة، ص 182.