
الأبعاد التداوليّة في تمثيليات محمد الأخضر عبد القادر السائحي: مقاربة في الاستراتيجيات
د.صالح قسيس ـ جامعة محمد البشير الابراهيمي برج بوعريريج ـ الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 44 الصفحة 9.
الملخص :
يعدّ الفن المسرحيّ أكثر الفنون اتصالا بالواقع ، كونه ناتج عن علاقة بينه وبين المجتمع ،يعكس ثقافته القائمة بين كاتب و ممثل ومتفرج ،في بيئة يعكس من خلالها ذاكرة المجتمع من خلال علاقاته المتداخلة والمتشعبة التي تتخللها جملة من الوحدات الدالة والمفاهيم القائمة على شبكات ذات محتوى دلالي متجانس ومتكامل.
وعلى هذا الأساس تحاول هذه المقالة الوقوف علي الأبعاد التداولية في تمثيليات محمد الأخضر عبد القادر السائحي، وهذا من خلال جملة من الاستراتيجيات ذات الصلة المباشرة بالخطاب الدرامي في مختلف تمظهراته ،فكلما تعدّدت الخطابات اللغوية تتعدّد معها الآليات التي تعنى بدراسة اللّغة في الاستعمال فلا يستطيع المخاطب أن يقتصر على ملمح واحد منها ،فعندما يعمد إلى التّعبير عن مقاصده وتحقيق أهدافه فإنّه يسطر لتحقيق ذلك جملة من الخطط ،تطّرد بعينها من خلال أنساق لغوية وأدوات معينة تجسدها كفاءة المرسل التداولية في خطابه ،لتمارس فعاليتها وقوّتها بناء على معرفة سياق أطراف الخطاب والعلاقة القائمة بينهم، وتأسيسا عليه تطرح هذه المقالة إشكالية الأبعاد التداوليّة في الخطاب الدرامي.
الكلمات المفتاحية : الدراما ، التداولية ، الاستراتيجية ، المقصدية ، كفاءة المرسل ، التمثيلية ،
تمهيد
يعدّ الفن المسرحيّ أكثر الفنون اتصالا بالواقع ، كونه ناتج عن علاقة بينه وبين المجتمع ،يعكس ثقافته القائمة بين كاتب و ممثل ومتفرج ،في بيئة يعكس من خلالها ذاكرة المجتمع من خلال علاقاته المتداخلة والمتشعبة التي تتخللها جملة من الوحدات الدالة والمفاهيم القائمة على شبكات ذات محتوى دلالي متجانس ومتكامل.
وعلى هذا الأساس تحاول هذه المقالة الوقوف علي الأبعاد التداولية في تمثيليات محمد الأخضر عبد القادر السائحي·وهذا من خلال جملة من الاستراتيجيات ذات الصلة المباشرة بالخطاب الدرامي في مختلف تمظهراته ،فكلما تعدّدت الخطابات اللغوية تتعدّد معها الآليات التي تعنى بدراسة اللّغة في الاستعمال فلا يستطيع المخاطب أن يقتصر على ملمح واحد منها ،فعندما يعمد إلى التّعبير عن مقاصده وتحقيق أهدافه فإنّه يسطر لتحقيق ذلك جملة من الخطط ،تطّرد بعينها من خلال أنساق لغوية وأدوات معينة تجسدها كفاءة المرسل التداولية في خطابه ،لتمارس فعاليتها وقوّتها بناء على معرفة سياق أطراف الخطاب والعلاقة القائمة بينهم، وتأسيسا عليه تطرح هذه المقالة إشكالية الأبعاد التداوليّة في الخطاب الدرامي
استراتيجيّات الخطاب المسرحيّ وأبعادها التداولية :
أولا:الاستراتيجيّة الإقناعيّة:
أ/ الإقناع لغة:ورد في باب قنع:أقنع الرّجل بيديه في القنوت: مدها واسترحم ربه مستقبلا ببطونها وجهه ليدعو، وفي حديث تقنع بيدك في الوعاء أي ترفعهما وأقنع بيده في الصلاة إذا رفعهما في القنوت قال: الأصمعي في قول الأسود بن جعفر يهجوا فقال بن محمد بن سقين:
فتدخل أيد في أقنعت، لعادتها من الغزير المعرف.
قال: أقنعت أي مدت ورفعت للفم، أقنع رأسه وعنقه رفعه وشخص ببصره نحو الشيء لا ينصرف عنه.
والإقناع: في الصّلاة من تمامها، أقنع حلقه وفمه رفعه لاستيقاء ما يشربه من ماء أو لبن أو غيرهما.
والإقناع: أن تضع الناقة عثنونها في الماء وترفع من رأسها قليلا إلى الماء لتجتذبه اجتذابا([1]).
وجاء في معجم المنجد في اللغة والاعلام في باب قنع” قَنعَ قُنُوعًا: سألَ وتذلَّلَ: قَنِعَ قنَعًا و قُنعانًا : رضي بما قسم له، قنّعَ هُ :رضّاه ، أقنع بيديه في الصّلاة مدّهما واسترحم ربّه. والإناء : استقبل به جرية الماء ليمتلئ، يقال:” أقنع الإناء في النّهر”، تقنّع: تكلّف القناعة ، اقتنع بالشيء : رضيّ به “([2])
ب- اصطلاحا:الإقناعConviction:هو محاولة إحداث حالة ذهنيّة متطوّرة ومشتركة، بين المرسل والمتلقّي من خلال استخدام الإشارات الرّمزيّة (الكلّمات وإشارات الجسم المعبرة)، بغرض جعل أحدهم يقتنع بشيء ما([3])، والاقتناع بالشّيء هو الرّضا به “ويطلق على اعتراف الخصم بالشّيء عند إقامة الحجّة عليه، وهو على العموم إذعان نفسيّ لما يجده المرء من أدلّة تسمح له بقدر من الرّجحان والاحتمال كاف لتوجيه عمله، إلاّ أنّه دون اليقين في دقّته ووضوحه، والفرق بين الاقتناع والاعتقاد أنّ الاقتناع يستند إلى أسباب فكريّة، على حين أن الاعتقاد قد يكون مجرد قبول، أو نتيجة بواعث عملية أو شخصيّة، والاقتناع مقابل للإقناعلأن الاقتناع إذعان نفسيّ مبني على أدلة عقليّة، على حين أنّ الإقناع يتضمن السماح للمتكلّم باستعمال الخيال والعاطفة في حمل الخصم على التّسليم بالشيء”([4])،فالتّأثير هو غاية هذه الاستراتيجيّة، الّذي ينشأ من مواقف كثيرة، توظّف بغية تحقيق أهداف المرسل النّفعيّة، حيث يستعملها التّاجر لبيع بضاعته، والمرشّح للاستحقاقات الانتخابيّة لحمل النّاخبين على تزكيّته، كما يستعملها المسرحيّ لحمل النّاس على اعتناق فكرته،وهو ما يعبّر عنه في المسرح بالأخلاقيات moralité تقدّم عبرة يبرز فيها موضوعان:هما تصوير مسار روح الإنسان نحو الخلاص أو الهلاك، وطرح صراع بين قوّتين متعارضتين كالفضيلة والرّذيلة، الحياة والموت([5])، وواقع الأمر أنّ غاية المسرح في جوهرها هي الإقناعالّذي يحقّق تأثيرا عبر الحدث أو الشّخصيّة على المتفرّج([6]،وهذا التّأثير هو تأثير التّنفيس والتّطهير الّذي تحدث عنه أرسطو في كتابه فنّ الشّعر، وعلم البلاغة والسّياسة.
والإقناع في عمومه من أهم الاستراتيجيّات في الخطاب،لأنّه يتّصل بالانتصار للغاية الّتي يرسمها المخاطب في ذهنه ويوجهها إلى متلقيه، وتتّصل هذه الآليّة بأهداف المرسل الّتي يودّ تحقيقها،لذا فالمرسل يستعمل من أجل هذا الهدف استراتيجيّة تداوليّة تعرف بإستراتيجيةالإقناع،والّتي تقوم على افتراض مسبق بشأن السيّاق وبخاصة ما يتعلّق بالمرسل،كون هذا الهدف موجّه لتحقيق فعل الإقناع عنده وبذلك فإنّ آليات الإقناع في الخطاب قسمان يمثّل أحدهما العلامات غير اللّغويّة سواء كانت مصاحبة للتّلفظ أم لا مثل ما يصاحب التّلفظ من إرشادات إخراجيّةIndications ScéniquesكالتّنغيمDéclamationوالإشارات الجسديّة،وبهذا فإنّه لزام على الممثّل L’acteurأن تكون حركاته مفعمة بإحساسه محمّلة بتفكيره، سواء أكانت متعلّقة بتعبير الوجه، أو حركة إيمائيّة MémoGesteإشاريّة توكيديّة ” فعليه أن يحدد أوضاع جسمه في فراغ المنصة، وفي علاقته بالممثّل الآخر قربا في حميمية العلاقة، أو عدوانيتها “([7])، فلكلّ حركة إيقاعات نفسيّة تطوّر اللّحظات الدراميّة، كاشفة علاقة الشّخصيّة بالمكان، أو بالشّخصيّات الأخرى وبالتّالي تؤثّر في توجيه المتلقّي، وقد قسّم جوليان هيلتونJulianHilton الحركة المسرحيّة باعتبارها مؤشّراIndexعلى الحركة الّتي تؤديها، ودالا على حركتها النّفسيّة، إلى ثلاثة أنواع رئيسيّة وهي:”حركة تعبيرية بملامح الوجه، حركة إيمائيّة إشارية باستخدام الرأس واليدين أو الجزء الأعلى من الجسد، وحركة انتقاليّة في المكان من خلال الساقين”([8]) فسلوك المرسل من الآليات الّتي تسهم في إقناع المرسل إليه فطبيعته البشريّة تحتّم عليه أن تكون أفعاله في المسرحيّة في حدود الطّاقة البشريّة، فلا يلجأ إلى الأفعال الخارقة الّتي تقتضي لتمثيلها طبيعة غير طبيعة البشر([9])، في حين يمثّل القسم الآخر ممارسة الخطاب بما يناسب العمل الذّهنيّ، وذلك يتجسّد باستعمال اللّغة الطّبيعيّة بوصفها العلامة الرّئيسيّة، المنبثقة من الإرث الاجتماعيّ والحضاريّ المحيط بالمتكلّم، وهي خزّان المعارف والتّجارب لمن سبقونا، فعندما نتبادل الكلام نلتجئ إلى معجم نفهمه ويفهمه المتحدّث الّذي أمامنا، وإلاّ انعدم التّواصل الاجتماعيّ بيننا، وعليه فلا يجوز حصر اللّغة في سحر البيان وربطها فقط بالتّعبير والوصف، فما نتلفّظ به من ملفوظات يتجاوز بكثير ما نظّرته النّظريّة الاسميّة في المعنى للّغة ليصبح فعل القول قولا ينجز فعلا، وبهذا ننتقل من دراسة الكفاية اللّغوّية إلى دراسة الكفاية التّواصليّة([10])، لذلك فالنّشاط اللّغويّ لا يهتمّ باللّغة كموضوع فحسب، وإنّما يجعلها وسيلة لخلق الفعل التّواصليّ، فلا يكفي أن تكون العبارات مالم تترجم فعلا في الحياة اليوميّة ” فالفعل يفرض نوعا من التّداخل بين الذّوات الفاعلة وهذا يتمّ من خلال المشاركة في التّواصل معبّر عنه بواسطة اللّغة“([11])، وفق محور الانتقال Déplacement والكفايّة Métonymie الذي يجعل عنصرا يحلّ محلّ آخر، أو يكسر حلقات السّلسلة ليمرّ إلى شيء آخر مختلف بصورة قاطعة، هذا المحور يرتبط أكثر بجماليات تميل إلى المحاكاة والواقعيّة بحيث تجسّد خشبة المسرح العالم الخارجي وتتوافق معه جوهريا.
مسوّغاتها: للاستيراتيجيّة الإقناعيّة عديد المسوّغات الّتي ترجح استعمالها دون غيرها من الاستيراتيجيّات، نذكر منها:
- تأثيرها التّداوليّ في المرسل إليه أقوى ونتائجها أثبت وديمومتها أبقى، لأنّها تنبع من حصول الإقناع عند المرسل إليه غالبا، حيث يشوبها فرض أو قوّة.
- الرّغبة في تحصيل الإقناع، إذ يغدو هو الهدف الأعلى لكثير من أنواع الخطابات، عندما يفضّل المرسل استعماله، حتى ولو كان ذا سلطة تخوّله استعمال بعض الاستيراتيجيّات الأخرى.
- شموليّة استيراتيجيّة الإقناع، إذ تمارس على جميع الأصعدة من قبل كلّ شرائح المجتمع وأطيافه بوعي منهم، وهذا مايعزّز انتماؤها إلى الكفاءة التّداوليّة بوصفها دليلا على المهارة الخطابيّة.
- الإقناع سلطة عند المرسل، لاتحقق نجاحها إلاّ بعد التّسليم بمقتضياتها إمّا قولا أو فعلا، وما جعله سلطة مقبولة هو كون الحجاج فيه أداة هامّة من بين ما يتوسّل به المرسل من آليّات لغويّةداة أالل.
البعد التداولي في التمثيلية :
المسرحية عبارة عن تمثيليّة ذات أحداث تاريخيّة، نلمس فيها صدق الحب وحرارته ونصاعة المبادئ الإسلامية التي لا تفرق بين الأبيض والأسود إلا بالتّقوى،سّر أحداثها الأبطال الأتية أسماؤهم:
نصيب: هو أبو محجن نصيب ابن رباح المشهور بالشاعر الزنجي، مولى راشد بن عبد العزي، ثم مولى عبد العزيز بن مروان.
صفوان: هو صفوان بن غازي الكناني والد زينب.
راشد: هو راشد بن عبد العزيز، من قبيلة كنانة ومولى نصيب ساكن”ودان”بين مكة والمدينة.
عبد العزيز بن مروان: أمير أموي تولّى ولاية مصر.
زينب: هي زينب بنت صفوان الكناني، محبوبة نصيب، ثم زوجته.
رملة: صديقة زينب واحدى بنات عمّتها.
سليمان بن عبد الملك: الخليفة الأموي، ما بين96 و 99 للهجرة.
فاضلة: رسول نصيب إلى زينب.
/آلياتها:
الحجاج:
يعود الأصل اللّغوي للجذر ( ح ج ج ) في تضاعيف المعاجم اللّغويّة على معان أربعة، ورد ذكرها مفصّلة في مقاييس اللّغة ، وهي:
القصد: وكلّ قصد حجّ، ثمّ اختصّ بهذا الاسم القصد إلى البيت الحرام للنسك.
ومن الباب: المحجّةُ، وهي جادّة الطريق، وممكن أن تكون الحجّة مشتقّة من هذا، لأنّها تقصد، أو بها الحقّ المطلوب، يقال حاججتُ فلانا فحججتُه أي غلبته بالحجّة، وذلك الظّفر يكون عند الخصومةوالجمع حُجَجٌ، والمصدر الحجاج.
الحِجّةُ: وهي السنة.
الحَجاج: وهو العظم المستدير حول العين.
الحجْحجة: النّكوص، يقال حملوا علينا ثمّ حجحجوا(2)
والحجاج في الأبحاث المعاصرة يعدّ من الآلية الرّئيسيّة للإقناع،ارتبط مفهومه بالفعل، يهدف إلى دفع فاعلين معينين في مقام خاص إلى القيام بأعمال إزاء الوضع الّذي كان قائما،وقد أشاربيرلمانPerlmanفي كتاب معنون بدراسة الحجاج انطلاقا من موضوعه، الّذي هو درس تقنيّات الخطاب الّتيمن شأنها أن تؤدّي بالأذهان إلى التّسليم بما يعرض عليها من أطروحات أو أن تزيد في درجة ذلك التّسليم؛غايته جعل العقول تذعن لما يطرح عليها،وأنجعه ما وفّق في جعل حدّة الإذعان تقوّي درجتها لدى السّامعين بشكل يبعثهم على العمل المطلوب إنجازه أو الإمساك عنه وجعلهم مهيئين لذلك العمل في اللحظة المناسبة([12])، وبذلك فقد ميّزهبيرلمان بخمسة ملامح رئيسيّة هي:
– أن يتوجّه إلى المستمع.
– أن يعبّر عنه بلغة طبيعيّة.
– أن تكون مسلّماته لا تعدو عن كونها احتماليّة.
– ألاّ يفتقر تقدمه إلى ضرورة منطقيّة بمعنى الكلمة.
فالمسرحيّ في خطاباته يحاول إقناع الآخرين،من خلال لغته الّتي هي في حدّ ذاتها بعد جماليّ وآخر حجاجيّ في جميع مستوياتها؛ وذلك حسب ما يريد إبلاغه من أفكار وبالقدر المقصود([13])،ويترتّب على سالف الذّكر أنّالحجاج ذو طابع اجتماعيّ،يتمّ بالطّابع التّأثيريّ،تتنازعه الأفعال العقليّة واللّسانيّة تسود فيه الحركة والنّشاط ذهنيّا وبيولوجيّا فهو بحقّ يؤسّس مجالا للتّداوليّة،لا باستعمال المفاتيح اللّغويّة فحسب،بل باستعمال المفاتيح المقاميّة فهو يستجيب لغويا إلى ملامح خاصّة تربط المقطع ككّل،وهي قوالب التّرابط المستقلّة عن البنية التي يشار إليها بالاتّساق،كما يأخذ بعين الاعتبار مقاميّا كلّ ما يعرف عن البنيّة والدّور الّذي تؤدّيه اللّغة.
فالنّص الدّراميّ الجيّد يكون ثريّا لدرجة أنّ قراءه يمكن أن يتفاعلوا معه،ويُحقّق من خلال قراءته له جوهرا للدّراما كفن أدبي ذي لغة جميلة متميّزة بأبعادها الجماليّة ومستوياتها الايقاعيّة ، فمحمد الأخضر السائحي من خلال نصه يعود المؤلّف إلى أزهى عصور الحضارة العربيّةالإسلاميّة،هادفا إلى إبراز نصاعتها الّتي لا تفرّق بين الأبيض والأسود إلاّ بالتّقوى(1) حيث يطرد “نصيب” من قبيلة سيّده،ويباع في الأسواق بتهمة تشبيبه بابنة سيّد كنانة،فيلجأ العبد إلى أمير المؤمنين مدافعا عن مشاعرهالنّبيلة الطّيبة،متجاوزا لونه الأسود،مفتخرا باستقامة أخلاقه،فيقول:
فإن أك حالكا فالمسك أحوى وما لسواد جلـدي من دواء
وبي كرم عن الفحشاء ناء كبعد الأرض عن جوّ السّماء(2)
فيسمعه أمير المؤمنين، ويمشي معه ليزوّجه محبوبته رغم أنف سادة العشيرة، وفي ذلك إشارة إلى قمّة الألفة بين الرّاعي والرّعيّة، فصار الأمير يبلغ العبد الأسود مراده، ويحقّق حلمه، وفيها دعوة ضمنيّة ليكون الحكّام لرعيّتهم كالسّلف الصّالح، وفيه أيضا دعوة للشّباب الجزائريّ كي يعبّر عن أفكاره بطلاقة وحرّية، وأن يثور ضدّ العادات السيّئة والتقاليد الباليّة، والثّبات أمام الخطر مهما كانت النتائج، موظّفا فيذلك عديد الخطابات الإقناعيّة ومن ذلك المشهد التالي:
زينب: ألا ترين أن العرب ستعيرني بالزواج من زنجي.
فاضلة: إنك مخطئة يابنيتي إن العرب لم يكن عند هذا التمايز القبيح، وإنما هم بعض الأفراد المخدوعين، أما العرب فتعرف لكلّ إنسان حسبه ونسبه فكما يوجد في البيض سادة وملوك ورجال وأنذال، كذلك يوجد في الزنوج وغيرهم من سائر الأمم سادة وملوك ورجال أنذال.
زينب: إذن أنت تنصحينني بالزواج منه.
فاضلة: لو كنت ابنتي وجاء يخطبني فيك، وكنت أعرف منه ما أعرف أو بحثت عنه فعرفت ما أعرف الآن، لما تأخرت في قبوله بعلالك.
زينب: أحقا ما تُعدين سأصبح عروسا؟ سأصبح عروساًَ، إنني لا أكاد أصدق
فاضلة: نعم يابنيتي هذه هي البطولة، فليست البطولة في الثّبات أمام الخطر فقط، وإنّما هي أيضا في
التعبير عن الحقائق رغم كل ما يبدو من ضباب وملابسات، فأنت بطلة في معركة المساومة بين الأجناس، ومن تعيير الأشخاص بقيمهم الحقيقية لا بألوانهم(1).
إنّ الحوار المتداول بين كلّ من “زينب” و”فاضلة” قد خلق مجالا واسعا من التّواصل بينهما، كما أنّ الممارسة الحجاجيّة الّتي اعتمدت عليها “فاضلة” كان الهدف منها كشف الحقيقة وإزالة الغموض والتّشتت، الّذي كانت تعانيه “زينب” من جهة، ومن جهة أخرى محاولتها جعل الخطاب الحجاجيّ مترابطا باعتمادها على حجج عقليّة استطاعت من خلالها محاربة الظّن الّتي عايشته، كما أنّها استطاعت اختراق فكرها وإقناعها بالزّواج من “نصيب” وذلك في قول زينب “سأصبح عروسا؟ سأصبح عروسا؟” فكان هدف هذا الخطاب التّواصليّ الإقناع.
ثانيا الاستراتيجية التلميحية :
أ/التّلميح لغة:
ورد في معجم المنجد في اللّغة والأعلام في باب (لمَحَ): لَمَحَ، لمحاً البصر امتدّ إلى الشيء، ولَمَحَ الرّجل الشيء و إلى الشيء أبصره، أو اختلس النّظر، والاسم اللّمحة، ولَمَح الشيء بالبصر صوّب بصره إليه.
ولَمَّحَ تلميحًا إلى الشيء : أشار إليه ، لامح ته: خالستُه البصر، ألْمَحَ إلى فلان : اختلس النظر إليه، وألْمَحَ الشيء أبصره بنظر خفيف.[14]
ب/التّلميح اصطلاحا: التّلميح هو وجه من أوجه الإيحاء، يكون اللّفظ القليل فيه دالا على المعنى الكثير، كالإشارة باليد تشير بحركة واحدة إلى أشياء كثيرة لو عبّر عنها بأسمائها لاحتاج إلى عبارة طويلة وألفاظ كثيرة، إنّها لمحة دالة إمّا دلالة تضمين وإمّا دلالة التزام.
فالتّلميح إذن ضرب من الإيجاز والاقتصاد في التّعبير يؤتى به للإشارة إلى حدث تاريخيّ مهم أو قّصة مثيرة أو واقعة من الوقائع العجيبة لتكشف الدلالة والأحداث قصد التّأثير ([15]).
2/مسوّغاتها: للإستراتيجية التّلميحيّة عديد المصوّغات أوردها عبد الهادي بن ظافر الشهري في كتابه استراتيجيات الخطاب، نورد منها:
- التّأدب في الخطاب باحترام أذواق الآخرين وأسماعهم أو ما يعرف بالبعد الاجتماعيّ ، إضافة إلى البعد الدينيّ وذلك باحترام الغير في كل ّشيءحتى حريّة المعتقد، وكذا البعد الذّاتيّ وهذا بالتّرفع عما من شأنه أن يسيء للمتكّلم.
- إعلاء المرسل لذاته ، وإضفاء التّفوقعلى الآخرين بذكر معا يبهم أو الانتقاص من شأنهم.
- رغبة المرسل أحيانا في التّملص من مسؤوليّته، وذلك بجعل الخطاب يحتمل أكثر من تأويل فيخرج الخطاب على أنّه ذو قصد آخر.
- يستعمل المرسل هذه الاستيراتيجيّة لئلا يتّخذ المرسل إليه خطابه دليلا عليه، لذلك يجيبه المرسل إليه بخطاب تلميحيّ يشوبه الحذر كي لا يتّهم بالمساومة، استجابة للخوف.
- الاستغناء عن إنتاج عدد من الخطابات والاكتفاء بإنتاج خطاب واحد يؤدي معنيين هما: المعنى الحرفي، والمعنى المستلزمفي الآن نفسه.
مؤشراتها
التّعابير الاصطلاحيّة:
التّعبيرالاصطلاحيّ هو تلك العبارات الّتي لا يفهم معناها الكلّي بمجرّد فهم معاني مفرداتها وضمّ هذه المعاني بعضها إلى بعض، فهو نمط تعبيريّ خاص بلغة ما تتميّز بالثّبات،تتكوّن من كلمة أو أكثر تحولت عن معناها الحرفيّ إلى معنى مغاير لغاية تواصليّة والحديث عن الهدف التّواصلي للاستراتيجيّة التّلميحيّة ، لن ينجح بأيّ حال من الأحوال، ما لم تكن هناك ضوابط صوريّة، وفاعليّة لغويّةRational activitéللّغة الّتي يستعملها الخطاب المسرحيّThéâtral DiscoursللتّواصلCommunication فالنّجاح المرجو منه هو التّفاهم والاتفاق، إنّما يتأتّى من لغة صحيحة وسليمة، ومن ثمّة فكلّ ” شخص يملك القدرة على الكلام والفعل يمكنه أن يشارك في التّواصل، وأن يعلن ادعاءاته للصلاحيّة،ولكن شريطة أن يراعي مقاييس المعقوليّة ، والحقيقة، والدقة والصدق “([16]).
فالهدف هو التّواصل عن طريق الاتفاق بلغة هادفة،ممّا يُنشئ نوعا من التّبادل والتّقارب والمشاركة، وقد احتوت المسرحيّة على الكثير من التّعابير الاصطلاحيّة الجامعة بين التّداوليّة والصّوريّة الّتي يتمّ التّفاعل والتّواصل من خلالها ضمن إطار لغويّ ومعياريّ مناسب ،وهذا إدراك من الكاتب بأنها أدوات يستطيع تسخيرها للتّعبير عن قصده،كما أنّها تساعدنا في فهم المعنى المراد من تعابيرها اللغويّة ” المصاغة جيّدا من النّاحيّة النّحويّة تستجيب لشروط المعقوليّةIntelligibilité، ومن يشارك في التّواصل أن يكون مستعدا للتّفاهم بالتّعبير في كلّ مرّة من ادعاءات الحقيقةVérité والصدقVéracité والدّقةPrécision ، ومفترضا بشكل متبادل أن هذه الادعاءات محترمة،ومن ثمّة فإن الجمل تكون موضوع تحليل لساني،بينما أفعال الكلام تكون موضوع تحليل تداولي“([17])فالذّات المتكلّمة تمارس الفعل اللّغويّ من خلال علاقتها بالعالم الخارجيّ عالم الوقائع،فكلّما كان التّطابق بين الفكرPensée والواقعRéalité حصل الإدراكPerception والفهمComprendre، لذا وجب أن تبدأ وتنتهي إلى الصدق المتعلق بالمصداقيّة .
ثالثا: الإستيراتيجيّة التّوجيهيّة
أ/التّوجيه لغة: ورد في كتاب لسان العرب لابن منظور:”الجهة والوجهة جميعا :الموضوع الّذي تتوجه إليه وتقصده وضل وجهة أمره أي قصده. واتجهت إليك أتجه أي توجهت لأن أصل التاء فيها واو.ووجه إليه كذا: أرسله، ووجهته في حاجة ووجهت وجهي لله وتوجهت نحوك وإليك ويقال في التحضيض: وجه الحجر وجهة ماله وجهة ووجه ماله، وإنّما رفع لأن عن كلّ حجر يركى به فله وجه ويقال: خرج القوم فوجهوا الناس الطريق توجيها إذا وطئوه وسلكوه حتى استبان أثر الطريق لمن سلكه وأجهت لك السبيل أي استبانت”([18]).
وورد في المنجد في اللّغة والأعلام في باب (وَجَهَ): وَجَهَ يَجِهُ وِجَاهَةً: صاروجيها، وَجَّهَ الشيء: أداره إلى جهة ما، ووجَهَ القومُ الطريقَ: سلكوه وصيّروا أثرَهُ بيّنًا، ووَجَّه المطرُ الأرض : قشّر وجهها وأثّر فيها، صيّرها وجها واحدا.
ووجَّهَ البيتَ: جعل وجهه نحو القبلة، ووجَّههُ نحو فلان: أرسله إليه، ووجّهت الريحُ الحصى: ساقته(2)
ب/التّوجيه اصطلاحا: الخطاب ذو الاستراتيجيّة التّوجيهيّة يعدّ ضبطا وتدخلا،ولو بدرجات متفاوتة، على المرسل إليه وتوجيهه لفعل مستقبليّ معيّن؛ وهذا هو سبب تجاوز المرسل لتهذيب الخطاب ومن خلال استعمال بعض الأساليب والأدوات اللّغويّة الّتي لا تتضمّن بطبيعتها ذلك، فتهذيب الخطاب يأتي لديه في المقام التّالي، في حين تتقدّمه مرتبة تبليغ المحتوى وهذا عكس ما تدعو إليه النّظريّات الّتي تناولت التّأدب.
لا يعدّ التّوجيه فعلا لغويّا فحسب،لكنّه يعدّ وظيفة من وظائف اللغة التي تعنى بالعلاقات الشّخصيّة حسب تصنيف هاليدي، فاللّغةتعبّر عن سلوك المرسل وتأثيره في توجهات المرسل إليه وسلوكه وهو التّصنيف نفسه عندجاكبسونJacobson؛ بحيث يسمي وظيفة التّوجيه بالوظيفة الايعازيّة أو النّدائيّةإذ يمكننا أن نتحدّث لنجعل شخص آخر يتصرّف كما في حالة الأمر والنّصيحة أو الرّجاء أو الرفض أو المنع…إلخ، وهذه المقاصد هي ما يبتغي المرسل انجازها عند إنتاجه خطابه[19].
وتتّسم هذه الاستراتيجيّة بالوضوح في التّعبير عن قصد المرسل،وإبعادا للبسعن المرسل إليه، الذي يفعل مضمون التّوجيه المقصود، ممّا يساهم في تحقيق هدف المرسل بنوعيه الكلّي والنّفعيّ،لذا فمن” مميزات التّوجيه الصّريح أنّه لا يستلزم أكثر من قصد للخطاب، وبالتّالي فإنّه لا يدع للمرسل إليه فرصة للتّأويل أو التملص من مضمونه”([20]).
وإلى جانب هذه الاستيراتيجيّة المباشرة، فإنّه يمكن أن يوجه المرسل إليه باستراتيجيّة غير مباشرة بآليات وأدوات لغويّة متعدّدة، لكننا سنقتصر هنا على الآليات والأدوات المباشرة، بحيث اتخذنا مسرحيّة”ابن خلدون” لـ”محمد الأخضر عبد القادر السائحي” نموذجا مع كلّ خطاب من الخطابات الّتي تخضع لهذه الاستراتيجيّة من أسلوب الأمر والنّهي والتّحذير والإغراء والّتعريض والتّحضيض، وذلك بمعونة السيّاق، واستثمار المعرفة الموجودة في المسرحيّة.
2/مسوّغاتها: للاستيراتيجيّة التّوجيهيّة عديد المسوّغات نذكر منها:
– عدم التّشابه في عدد من السّمات، مثل السّمة المعرفيّة.
– عدم وجود تكرار في الاتصال بين طرفي الخطاب، إذ تنحصر اللقاءات في الرّسمية الّتي يؤطرها جو العمل، وبذلك فليس هناك عمق في المعرفة الشخصيّة.
– الشّعور بالتّفاوت في مستوى التّفكير بين طرفي الخطاب، ممّا يؤثّر في فهم كلّ منهما الآخر.
– رغبة المرسل في الاستعلاء بمنزلته الذّاتيّة، وقد يتّضح هذا في خطاب المظلوم الّذي يطلب من صاحب السّلطة منحه حقوقه .
– حصول تحد واضح لتعليمات المرسل، للأنظمة والتّعليمات العامّة، و الإساءة إليها رغم سلطتها.
– تصحيح العلاقة بين طرفي الخطاب غير المتكافئين في المرتبة وإعادتها إلى سيرورتها الأولى.
– إصرار المرسل على تنفيذ قصده عند إنجاز الفعل وعلى حصول أقصى مقتضى خطابه، والتّأكيد على أنّه لا يتوانى عن تعقب خطابه والتّمسّك بمدلوله، فمدلوله الحرفيّ هو الفيصل عند اللّبس في ذهن المرسل إليه، وبالتّالي فإنّ استعمال تلك الاستيراتيجيّة يعدّ احترازا من سوء الفهم .
البعد التداولي في تمثيلية ابن خلدون.
المسرحيّة دراما تاريخيّة تعكس حقيقة الشّعب الّذي يرفض كلّ أشكال الحكم، تدور أحداثها في فترة ما بين سنة 748هـ- 785هـ، في فترة محدّدة من حياة المؤرخ “ابن خلدون” المليئة بالاضطراب ورغبته الشّديدة في تحصيل العلم وتدريسه للنّاس،فعاش رحّالة بين القيروان وبجاية، ومسيلة، وتلمسان فكان في كلّ مرّة سفيرا للملوك، ولأنّها شغلته عن العلم فقد قرّر التّخلي فعلا عن السّياسة والاعتكاف للعلم،و بعد قبول “أبي حمو” الاعتذار أقام “ابن خلدون” في قلعة بني سلامة، ثلاثة سنوات وهو يتأمل ويقارن الأحداث ليصل إلى ما كان يبحث عنه منذ أربعين سنة وهو إنشاء علم العمران ونواة علم الاجتماع، في كتاب عنونه” بكتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من السلطان الأكبر”.
وقد اختار المؤلّف آليات مناسبة لمقام القول من أجل إيصال مقاصده عبر الخطاب، بداية من اللّغة الّتي سخّرها في الكتابة وأسلوب الطرح المعرفي لأفكاره فهي لغة تساهم في “تحقيق التفاعل بين طرفي الخطاب بما يناسب السياق بمجمله“([21])،من أجل إفهام المتلقّي وتحقيق الغرض ، وذلك ما نلمسه من العرض التّدريجي للمسرحيّة عبر فصولها، بحيث سلك سبيل الإقناع للوصول إلى ترسيخ الحجّة لدى المرسل إليه، ونقله من المجال الذّهني إلى التّجسيد الممارساتيّ بالقول والفعل.
فإذا كان ملمح التّضامن في الخطاب يتأسّس وفق التّأدّب والتّخلّق، لوجود علاقة حسنة بين الطّرفين أو محاولة تأسيسها، فإنّ ثمّة خطابات تنزاح عن هذه الآلية نحو آليات أخرى، ومنها تلك الّتي تحتاج على أولويّة التّوجيه على التّأدب، بحسب سياق الخطاب ” فاستعمال اللغة لا يقتصر على البعد التواصلي-الوصفي- أو على التّمثيل أو التبرير بالحجج ولكنه استعمال تفاعلي – مدفوع بالرغبة في تحقيق السلطة والسيطرة في المجتمع“([22])، فتوجه النّاس إلى المسرح غايته ” أن يستحوذ عليهم، أن يسحرهم، وأن يثير فيهم القلق، وأن يسمو بهم، وأن يستهويهم، وأن يحرّرهم، وأن يساعدهم على النّسيان، وأن ينقذهم وأن يثيرهم، وأن يحملهم إلى أزمنة أخرى، وأن يمنحهم الأوهام…إن الفن يكف عن كونه فنا متى ما توقف عن فعل ذلك”([23])،ممّا يقتضي من المرسل بتوجيه المرسل إليه عبر اللّغة الّتي يستعين بها، نحو فعل مستقبليّ معيّن.
وبناء عليه فقد تحدّدت أبعاد المسرحيّة في ترجمة فترة من فترات حياة ابن خلدون، المليئة بالاضطرابات، في فترة شهدت تصعيدا على جميع الأصعدة([24])، هذا فيما يخص المقصديّة الأولى.
أمّا المقصديّة الثانيّة فتكمن في التّعبير والالتزام في الأدب بنقل أفكار الكاتب للمتلقّي، ليمكّنه من إعادة بناء الخطاب انطلاقا من تعدّي المشروع الواقعي للكتابة، على اعتبار أنّ” استعمال ضمير الشخص، هو أدق مؤشّر ومعبّر عن الرّتبة الاجتماعية والسياسية والتداولية، وطبيعتها مقارنة بالمتكلم والضّمير في حد ذاته يعتبر شكلا فارغا ، ويقترن استخدامه بعلاقة المتكلم المرجعية بالسّياق الذي يجري فيه الكلام ، وبمعنى أخر لا نفهم ولا نتصوّر معنى الضمير إلا في استخدامه المرجعي، أي في سياق الاستعمال”([25])، لذا فقد كثّف الكاتب الأحداث في خمسة عشر مشهدا، إيحاء منه بحقيقة الشّعب الذي يرفض كلّ أشكال الحكم التي لا توفر له الحريّة، إنّها جماهير صعبة لا ترضى إلاّ بما تريد، ومن إرادتها انبثقت عبقريّة ابن خلدون، والتّرسيمة التّاليّة فيها توضيح لعلاقة التّخاطب في النّص:
فخطاب البطل في المسرحيّة، يعدّ خطابا نموذجيّا في مسألة هامّة من قواعد التعامل في هذا المقام وفي وضعيّة المخاطبة، بين من هو أشدّ حرصا من المخاطب، ومن هو أعلى مرتبة والتي يلتزم فيها المخاطب بالمواجهة بضمير المخاطب للجميع، ممّا جعل التّفاعل يشتدّ بين شخصيّات المسرحيّة، فتداخلت الأحداث وبرزت لحظات تصادميّة فيما بينها أضفت على الموضوع حركيّة وانفعالا كبيرين.
إلى جانب ذلك فالمؤلّف وظّف في نصّه اللّغة الحجاجيّة وذلك بغية التّأثير في أفكار ومعتقدات المستمع فهو يعمل على إقناعه، على اعتبار أنّه وسيلة إخباريّة غايتها التّأثير على الغير([26])، فلإعطاء الخطاب سلطة وإضفاء المشروعيّة عليه، فإنّه يتضمّن الضّمائر التي تحيل على المرسل وما يتمتّع به من سلطة كإحالته على ذاته الاجتماعيّة أو الوظيفيّةمثل:
ماريا: إذا لم تأت سوف أضع رأس طبيبك في الفرن([27]).
فالفعل المنجز هو فعل تهديد، القصد منه هو توجه أفعال المرؤوسين، لذا فتوفر السّلطة لدى المرسل شرط أساس عند توظيف آليات الاستيراتيجيّة التّوجيه، هذا ويظهر الحجاج كذلك في المقطع التّالي:
الأعرابي: أما بلغك نبأ صديقك ابن خلدون.
ابن مزني: أي نبأ أيها الأعرابي؟ أي كذبة رأيتها في منامك البارحة؟
الأعرابي: إنه الحق أيها الأمير، إنه الحق، جئت الساعة من حي يعقوب بن علي([28]).
فالأعرابي هنا يريد إخبار ابن مزني عن أحوال ابن خلدون، لكن ابن مزني لم يصدق الأعرابي على أنّه استطاع أن يأتي بأخبار صديقه “ابن خلدون“ لكنّ الأعرابي أثبت ذلك بحجة أنّه كان في حي بن يعقوب منذ ساعة، فكان ذلك دليل على صدق خبره وبه استطاع إقناع ابن مزني بصحة خبره.
وإلى جانب ذلك فقد وظّف الاقتباس في بعض المواقف من المسرحيّة بغية إقناع المتلقّي، ولغرض حجاجي كان له أثر على تقوية الخطاب وتثبيت الحقائق التّاريخيّة.
نجد الاستيراتيجيّة التضامنية تجسدت في مناداة “صالح” الخادمة باسمها، وهو أعلى مرتبة منها كونه سيدها، وهذا دليل على تضامنه معها، ليتّضح للمتلقّي أنّها سلطة صوريّة، لأنّ الاستيراتيجيّة التّضامنيّة تأتي لنزع الحواجز بين المخاطِب والمخاطَب ما من شأنه أن يساوي بين درجات أطرافه، وأن يقلّص المسافات ويقلّل الدّرجات .
كما نجد كذلك الاسم الأول في المسرحيّة دلا على التّضامنSolidarité كما هوفي المقطع التّالي:
خالد: يا صالح، يا صالح.
صالح: لا تستعجل الأمور يا خالد فإذا لم يشتر هؤلاء فهناك غيرهم كثير لولا أني كرهت هذا الطريق لما سلمت في نخلة واحدة([29]).
فـ”خالد” لمّا نادى “صالحا” فهذا من قبيل التّضامن ، فعند استعمال المرسل اسم الآخرين في الخطاب التّداولي، فهو ذو دلالات منها قربه منه ماديّا أو عاطفيّا، وفي هذه الحالة هو قرب عاطفيّ فالمخاطب “خالد” هو صديق “صالح” فالقرب موجود من قبل وتنامى التّعامل بينهما فتّجسد التّضامن كونهما صديقين في نفس السّن، لفعل أحدهما أو شعوره تأثير على الآخر.
إلى جانب الاسم نجد اللّقب كمعلم تداوليّ حيثأصبح استعماله تداوليا دليلا على التّضامن شريطة أن يُتلفّظ به بتنغيم مناسب للسّياق وللمعنى أو القصد المراد، وإلاّ انعكس القصد.([30])فألفاظ القرابة تعدّ فرع من الألقاب وهذه الألقاب هي: ابن، أخ، أخت، أب، عم، جد، جدة ، يستعملها المخاطب عندما يكون لديه خيّار باستعمال غيرها ولكنّه يفضلها للدّلالة عن التّضامن مع غيره، كما هو مبيّن في الأمثلة السّابقة، أو فيما ليست حقيقة له، وهي استعمال ألفاظ القرابة فيما ليس له حق،وهو الاستعمال الأغلب الّذي يدل على التّضامن في أثره الأقوى، على اعتبار” أنّ التّضامن واجب خلقيّ مبني على ضرورة طبيعية”([31])ومن ذلك:
صالح: ولكن إذا وجدت من يدفع لي القيمة الّتي أرتضيها فإني لا أنتظرك يا عمي عبو([32]).
فهنا المخاطب”صالح” عندما نادى المخاطب بعمي وهو ليس عمه و لا تربطه أيّ قرابة به،فهو مشتري، من باب الاستراتيجية التّضامنيّة وفي مثال آخر نجد:
خالد: هون عليك يا أخي إنك تكاد تقتل نفسك من شدة الحزن والأسى.
في هذا الخطاب ينادي “صالح” بأخي وهو كذلك بل هو مجرّد صديق يعرفه منذ الصّغر، فهنا يتّضح أنّه يتلفّظ بخطاب يتيح له الكشف عن تضامنه مع صديقه “صالح” عندما استعمل اللّقب أخي، وهو ما ساعده على أن يواصل وقوفه ومساندته واهتمامه بصديقه.
فمن خلال المثالين يتّضح لنا البعد التّضامنيّ،كملمح من ملامح التّقرّب وتوطيد العلاقة بين أطراف الخطاب، تدل على علاقات وجدانيّة ذات اتجاه إنساني، صفته أن يكون أساسا لأحكام خلقيّة تصل الواقع بالمثل العليا.
فبالرّغم من أن ألفاظ القرابة والألقاب الأخرى تنتمي إلى مقولات المعجم الدّلاليّة، إلاّ أنّ المخاطب قد يختار من المعجم ألفاظا تنوب عنها أو تمثّلها للدّلالة على التّضامن والتّقرب من المتلقّي، فيكون “لفعل أحدهما أو شعوره تأثير في الآخر، كالتّعاطف فهو عبارة عن شعور المرء بما يشعر به أخوه”([33]) فيجعلها مؤشّرا لغويا في خطابه من خلال انجاز بعض الأفعال اللّغويّة([34])،فالفعل اللّغويّ يُظهر نيّة المتكلّم، لأنّ لها بنية وتركيبة تعطي المعنى مباشرة، وهذه البنية تظمّ الفعل والكلمة، وهو ما يسميه التدا وليونبالأفعال الكلاميّة، وبصفة إجماليّة فكلّ الأفعال مهما كانت لا يمكن فهمها كنشاطات موّجهة نحو غايات، وبالتّالي لكي يكون هناك تواصل لا بدّ أن يتّجه هذا النّشاط نحو التّفاهم بين طرفي الخطاب، الّذي لا يمكن بلوغه إلاّ بالتّعاونCoopération ، المتوقّف على القبول العقلاني للمخاطب وهكذا فالتّحدث بهذه المعايير اللّغوّية، يسهم في تعزيز أواصر التّرابط في العالم المعاش علائقيا، وبالتّالي تحقيق التّقارب بين أطياف المجتمع ([35]).
إنّ مشاهد مسرحيّة الطريق الأصفر، مليئة باستعمال الألفاظ المعجميّة كصيغ التّلاقي و التّعارف بين أطراف الخطاب،ومنها التّحية المتعارف عليها بأنّها السّلوك الأكثر إخلاصا نحو:
صالح: يومكم سعيد، أهلا وسهلا بكم، هذا شرف عظيم أن تزورونا في هذا المحل المتواضع.
مريم: يا فتاح يا رزاق ها أنا آتية لك مرحبا، مرحبا.
فبفلسفة تواضعيّة وطريقة لبقة، وجّه كلّ مخاطب عبارات ترحيب لغيره، تحمل معاني التّواضع والتّكاتف بين أفراد المجتمع .
إلى جانب صيّغ التّرحيب نجد صيّغ التّوديع الّتي تنمّ عن مدى الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع فهي ملمح من ملامح التّضامن الأخلاقي، ومنها:
خالد: إلى اللقاء، ولكن ألا تذهب لحماتك أولا.
خالد: مع السلامة.
صالح: بحول الله مع السلامة.
عقيلة: مع السلامة.
إذ ينتجها المخاطب في نهاية اللّقاء، أو في نهاية الحوار دون الالتفات إلى محتوى الخطاب، فليس يقصد معناها المعجمي: الأمن لكم وعلى ذلك فإنّ التّحيّة الّتي لا تتضمن قضية غالبا ما تكون محايدة ومجرّدة كقول خالد وصالح وعقيلة ومريم، فهي مجرد إيذان بأنّ المقابلة والاتصال بينهما قد بدأ أو أنّها قد انتهت، فالنّاس يحددون سلوكهم الاجتماعيّ بناء على نوع من التّنازل أو التّوفيق بين ما يشعرون به بالفعل وما يعرفون أنّه متوقّع منهم، للمحافظة على صورتهم لدى الآخرين دون تكلّف، وتختلف التّحيات في درجة الإبداع الشّخصيّ الّتي تعكسها، فالتّحيّة تتضمّن قضيّة هي أقل أنواع التّحيّة من حيث درجة الإبداع الهادفة إلى تحويل المجتمع من عالم الأنساق إلى العالم المعاش، من خلال خلق التّفاهم الفعليّ القائم على أخلاقيّات المناقشة،في عالم غدا فيه التّواصل الاستراتيجيّة الوحيدة القادرة على توحيد عالم فقد كلّ مرجعياته .
إلى جانب ذلك نجد كذلك عنصر المكاشفةإذ إنّ المتخاطبين في الخطابات المسرحيّة المتداولة بينهم بالمكاشفة سواء بعدم الإفصاح بكلّ ما لديهم أو العكس؛ فالمخاطب قد لا يفصح بكلّ ما لديه حتى الّذي يعلم عنه بعض الحقائق وبدلا من التّصريح فهو يخفي الحقيقة بخطابه التّداوليّ، فيظهر من خلال ذلك أنّ اللّغة العاديّة القريبة من النّسق الاصطلاحيّ الرّمزيّ بما تتضمنه من إشارات وحركات جسديّة تحتاج إلى تأويل، لكي يحصل التّفاهم والاتفاق كقول مريم لربيعة الخادمة الّتي هي في دراية بأحوال سيدتها، عندما سألتها:
ربيعة: ماذا تقولين؟ من الّذي سيرحل؟
مريم: سيدك صالح.
ربيعة: لماذا؟ ما الّذي ينقصه هنا؟
مريم: أمره الطيب بالسفر، سأحدثكم في الدار عندما أزوركم.
فمريم وإن عرفت بأنّ “ربيحة” سمعت الخبر كونها تدري كلّ ما يحدث من حولها في البيت، إلاّ أنّها أخفت عليها موضوع سفر زوجها صالح، فلم تصرّح لها وهي تعرف بأنّها ستتحدث أمامها في منزل والديها، إلاّ أنّها فضلت ألاّ تكون هي من يخبرها بالموضوع،فلغتها العاديّة سمحت بخلق علاقة حواريّة بين المتخاطبين، وبالتّعبير عن الفرديّ والخاص اعتمادا على مقولات عامّة، ومن ثمّة فإنّ التّفهم التأويل يجب أن يستعمل فيه البنيّة الّتي تقوم على تطويع التّجربة التّواصليّة اليوميّة والتّفاهم بين الذّات و الآخر([36])،في شكل حوار يجعل المتلقي” يحس إحساسا عميقا بأن ما شاهده أو يقرؤه جزء من الحياة ، كما يحياها الناس خارج المسرح ، لأن كاتب المسرحية يريد أن يقدّم قطعة واقعية أو ممكنة الوقوع في الحياة.
وهذا لا يتسنى بطبيعة الحال إلا إذا احتوت المسرحيّة على شخصيات مختلفة في السن والثقافة والمهنة، والموقف والهدف، وهذا الاختلاف الموجود فعلا في الحياة الواقعية يتطلب لغة مختلفة ومتنوعة”([37]) كما نجد المتخاطبين في مقطع أخر يصرّحون بالحقائق لأشخاص سواء يعرفونهم من قريب أم من بعيد من خلال لغة عاديّة؛وهذا ما جرى بين صالح و أحمد فيما يلي:
أحمد: هيا بنا إلى المقهى أولا، ما الّذي جاء بك؟ هل سمح لك عمك بأن تسافر؟ أم إنك تحايلت عليه؟
صالح: لا هذا ولا ذاك، لقد رأيت أن إقامتي في مدينة صغيرة سوف تضرني أكثر ممّا تنفعني، خاصة إذا كانت مثل ضيعتنا لا شغل لأهلها إلاّ ما يصنعه الآخرون([38]).
فـ”صالح” باح بالحقيقة كاملة لصديقه “أحمد”الّذي التقى به في تونس،فقد كان باستطاعته إخفاء الحقيقة وهذا ينسجم مع قاعدة التّواضع،وقد يكون استعمالها من المزايا الثّقافيّة للمجتمع الّذي تكثر فهي من كفاءة النّاس التّداولية الّتي يستعملونها لقصد أولي، وهنا نجد التّضامن مجسدا في النّص .
لذا فقد فضّل المرسل هنا بالتّصريح لصديقه بالأمر كاملا، وهي أحد أنواع المكاشفة الموجودة فيالنّص الّتي هي نوع من أنواع التّضامن،فهذه الآلية تسمح بالتّقرب سواء إن كان تقرّبا كبيرا أو تقربا تضامنيا بعيدا؛ فالمسرح يوظّف الخطاب العاديّ- اليوميّ- لإظهار الحركيّة الخاصة للعلاقات الإنسانيّة بالطريقة الّتي تتجلّى فيها استيراتيجيّة أفعال الكلام.
على سبيل الختام :
ومنه ومن خلال ما سبق نصل إلى حقيقة مفادها أنّ التّواصل ليس حديثا مونولوجيا وإنّما هو حوار يدور بين ذوات مختلفة، ونقاش مؤسس على الضّوابط التاليّة:
1/ الفعل التّواصليّ هو علاقة تفاعل بين ذاتين أو أكثر داخل مجال العالم المعاش، ولذلك فمن حق أيّ فرد له المقدرة على الفعل المشاركة في التّجربة التّواصليّة .
2/اللّغة هي روح التّواصل بين الذّوات المشاركة في التّفاعل، وبينهم وبين العالم الخارجيّ، على اعتبار أنّ اللّغة هي أساس التّواصل، سواء أكان المشارك متكلّما أو مستمعا.
3/ مبدأ تكافئ الفرص بين المشاركين في الحوار، بحيث أنّ كل ّواحد منهم له حقّ الدّفاع أو الاعتراض أو السؤال ، مع الاعتراف بإمكانيّة الوقوع في الخطأ، وإمكانيّة تصحيحه فلا شيء غير معرّض للنقد.
وعليه فالخطاب المسرحيّ يوظّف الأدوات المسرحيّة بأنواعها المختلفة، لغايات متعدّدة،ممّا جعل دعائمه تقوم على الحوار الّذي يوظّف فيه المتخاطبان كلّ طاقتهما الفكريّة والجسديّة في كثير من الأحيان، فخصوصيّة التّلفظ المسرحيّ تتجلّى في تركيب وضعيّتين هما: وضعيّة التّلفظ التّخيليّ، ووضعيّة التّلفظ المشهديّ، والكتابة المسرحيّة المعاصرة تولى اهتماما كبيرا بكل ما من شأنه أن يوصل الرّسالة للمتلقّي، بشكل يجعله يتفاعل معها،ممّا جعل دعائم الخطاب المسرحيّ تقوم على الحوار، الّذي يوظّف فيه المتخاطبان كلّ طاقاتهما الفكريّة، والجسديّة في كثير من الأحيان، فخصوصيّة التّلفّظ المسرحيّ تتجلّى في تركيب وضعيّتين للتّلفّظ هما: وضعيّة التّلفّظ الدّاخليّ، ووضعيّة التّلفّظ المشهديّ، والكتابة المعاصرة تولي اهتماما كبيرا بكل ما من شأنه أن يوصل الرّسالة للمتلقّي بشكل يجعله يتفاعل معها.
ولقد استطاعت المقاربات التّداوليّة أن تفتح آفاقا رحبة أمام الخطاب المسرحيّ، كونها اهتمّت بجميع الأطراف المساهمة في العمليّة التّواصليّة، حيث بيّنت أنّ اللّغة مؤسّسة تضمن استمراريّة الأقوال أثناء الخطاب من خلال علاقات بينها وبين المسرح.
- – ولد محمد الأخضر عبد القادر السائحيبتوقرت ، سنة 1933 ، تلقى تعلمه الأول بمدارسها ن ثم هاجر إلى الزيتونة ليكمل دراسته بها ، عاد للوطن ليشارك في الثورة التحريرية ، ألقي عليه القبض وزج في السجن ، عمل بالإذاعة والصحافة له عديد المؤلفات أهمها : مأساة إنسانية في الجزائر ، في الشعر له عديد الدواوين أهمها : ألوان من الجزائر ،ألحان قلبي ، وفي المسرح له الشعر الزنجي و أخواتها .
([1])–ينظر/ ابن منظور: لسان العرب :ج10، مادة (قنع)، ص :292.
([2])–المنجد في اللغة والاعلام : دار المشرق، بيروت، لبنان، ط 23، 1986، مادة ( قَنَعَ)، ص: 657.
([3])–ينظر/ حسين محمد أبو رياش: أصول استراتيجيات التعلم والتعليم النظرية والتطبيق، دار الثقافة للنشر ، عمان، ط1، 2009، ص 174.
([4])- جميل صليبا : المعجم الفلسفي ،ص: 111/112.
([5])– ينظر/ ماري إلياس وحنان قصاب : المعجم المسرحيّ ،ص: 13.
([6])– ينظر/المرجع نفسه، ص :130.
([7])- رضا غالب: الممثّل والدور المسرحيّ، أكاديمية الفنّون الدراميّة ، ص: 134.
([8])- جوليان هيلتون : نظرية العرض المسرحيّ، تر/ نهاد صليحة، هلا للنشر والتوزيع ، مصر،ط 1 ، 2000، ص: 186.
([9])- ينظر / محمد زكي العشماوي:المسرح أصوله واتجاهاته المعاصرة،ص: 22.
([10])- jurgen Habermas le discours philosophique de la modernité , op cit, p ,371.
([11])- حسن مصدق: هابرماس ومدرسة فرانكفورت، النظرية النقدية التواصلية، تقديم برهان غليون، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، ط1، 2005، ص: 127 .
(2)-ابنفارس(أحمدزكريا): معجممقاييس اللغة،تح/ عبدالسلاممحمدهارونج2،دارالجيل،بيروت،لبنان،ط1، 1991،ص:31/29.
([12])–ينظر: محمد سالم محمّد الأمين الطلبة: الحجاج في البلاغة المعاصرة، دار الكتب الوطنية ، بن غازي، ليبيا، ط1 ، 2008، ص: 107.
([13])–ينظر/خليفة بوجادي :في اللسانيات التداولية، ص :87.
(1)محمد الأخضر عبد القادر السائحيّ: الشاعر الزّنجي ّوأخواتها، المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1990ص: 61
(2)– المصدر نفسه، ص: 79..
(1)المصدرالسابق،ص:89/90/91.
[14]– المنجد في اللّغة والأعلام: مادة (لمَح)،ص:733.
([15])- رابح بوحوش: اللسانيات وتطبيقها على الخطاب الشعري، دار العلوم للنشر والتوزيع، ،عنابة، الجزائر، ص: 286.
([16])- محمد نور الدين أفاية : الحداثة والتواصل في الفلسفة النقدية المعاصرة،إفريقيا الشرق ، الدار البيضاء، المغرب،ط2، 1998،ص: 176.
([17]) – Jürgen Habermas logique des sciences sociales et autre essais, Op Cit, P 332.
([18])- ابن منظور: لسان العرب، ، مادة (وَجَهَ)، ص: 217-218.
(2)– المنجد في اللغة والأعلام،مادة، (وَجَهَ)،ص: 889.
[19]– ينظر/ عبد الهادي بن ظافر الشهري: استيراتيجيات الخطاب، ص: 324.
([22])–ريبول: وظائف اللغة، دار توبقال للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، المغرب ،ط2 ، 1988، ص: 54.
([23])–برتولد بريخت: نظرية المسرح الملحمي،تر/ جميل نصيف، مجلة عالم المعرفة،ص: 123
([24])–ينظر/ محمد الأخضر عبد القادر السائحي: الشاعر الزنجي وأخواتها، ص: 161.
([25])–كاميلية وتيكي: بين سلطة الخطاب وقصدية الكتابة،مقاربة تداولية، دار قرطبة،ط1، 2004، ص: 146.
([26])– ينظر/ عمر بلخير: تحليل الخطاب المسرحيّ في ضوء النظرية التداولية ، ص: 121.
([27])- محمد الأخضر عبد القادر السائحي: الشاعر الزنجي وأخواتها، ص: 180.
([29])- محمد الأخضر عبد القادر السائحي: الطريق الأصفر ، ص: 18.
([30])- عبد الهادي بن ظافر الشهري: استراتيجات الخطاب، ص: 275.
([31])-جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ص: 288.
([32])- محمد الأخضر عبد القادر السائحي: الطريق الأصفر، ص:20.
([33])-جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ص: 286.
([34])- عبد الهادي بن ظافر الشهري: استراتيجيات الخطاب، ص: 284.
([35])-ينظر/ جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ص: 289-286.
([36])-ينظر/ محمد نور الدين أفاية: الحداثة والتواصل،ص: 74.
([37])-محمد مصايف: النقد الأدبي الحديث في المغرب العربي،ص:195/194.
([38])- محمد الأخضر عبد القادر السائحي: الطريق الأصفر، ص :37.