![](https://jilrc.com/wp-content/uploads/2018/06/مجلة-جيل-الدراسات-الادبية-والفكرية-العدد-42.png)
تعبيرات (يجري مَجرَى، بمنزلة، يحُلُّ محَل) في التأليف النحوي
نصوص المقتضب لأبي العباس المبرد أنموذجًا
علاء عبده سالم حسن، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 42 الصفحة 147.
ملخص:
يتناول البحث تعبيرات (يجري مجرى، بمنزلة، يحل محل) التي استعملها النحاة القدماء في عرضهم للقضايا النحوية والصرفية في تأليفهم النحوي، ويأتي هذا البحث ساعيا لبيان مقاصد النحاة ومنهجيتهم في ذلك الاستعمال من واقع نصوص كتاب المقتضب لأبي العباس المبرد (285هـ)، وقد اتبع الباحث في سبيل ذلك المنهج الوصفي مستخدما التحليل فضلا عن أداة الإحصاء، وقد بدأ البحث بتساؤلاتٍ يسعى إلى الإجابة عنها ثم أردفها بقراءة إحصائية مجملة لجميع التعبيرات المقترحة في كتاب المقتضب، ثم انتُخبت بعض المواطن والقضايا ممثلة لكل تعبير، وتم الكشف عن معانيها اعتمادا على السياق، ثم خلصت الدراسة إلى مقاربة بين التعبيرات وفق استعمال المبرد في كتابه، وهذه المقاربة هي نتائج البحث.
الكلمات المفتاحية: الإجراء، الإحلال، التأليف النحوي، القياس، كتاب المقتضب، المبرد. تمهيد:اعتمد النحويون القدماء في مجهودهم لبناء النظام المعياري، الذي يؤطر اللغة ويحفظها، على أصول محددة متفق عليها، ومنها القياس، وفي سبيل ذلك استعملوا تعبيرات للتعبير عن قياسهم اللفظَ على اللفظ، والحكم على الحكم، وفي حملهم على النظائر، فضلا عن حرصهم على الاقتراب من القارئ بالتمثيل والتقريب، ومن هذه التعبيرات التي استعملوها: (يجري مجرى، بمنزلة، يحلُّ محل، كالجزء الواحد، كالكلمة الواحدة، في موضع كذا، مكان كذا)، وهذه التعبيرات المستعملة في تأليفهم لم ترقَ – كما يرى الباحث-إلى مستوى المصطلح اللغوي أو النحوي، ولذلك لم تحظَ باهتمام الدارسين كما حظي المصطلح اللغوي لاسيما ما كان من خلاف بين البصريين والكوفيين، مع أن دراسة هذه التعبيرات تكشف عن الفكر اللغوي لدى القدماء ومنهجهم في التعامل مع اللغة وقضاياها النحوية والصرفية وغيرها، وأسلوبهم في مخاطبة القارئ والاقتراب منه.
من هنا تأتي هذه المحاولة البحثية للكشف عن معاني استعمال هذه التعبيرات في التأليف النحوي والصرفي، ورأى الباحث انتخاب نصوص ممثلة لهذا الاستعمال من نموذجٍ في القرن الثالث الهجري وهو كتاب المقتضب لأبي العباس المبرد (285هـ)، الذي يعد من بواكير التأليف النحوي.
وسيقتصر البحث على تناول ثلاثة تعبيرات من التعبيرات المذكورة، وهي (يجرى مجرى) و(بمنزلة) و(يحل محل)، ومن المتوقع أن يجيب البحث عن التساؤلات الآتية:
- ما المعاني التي قدمها المعجم لألفاظ هذه التعبيرات؟ وهل خرج النحويون في استعمالها عن المعنى اللغوي المعجمي إلى معانٍ أخرى؟
- هل استعمل المبرد هذه التعبيرات للدلالة على مقصود واحد أم أن لكل تعبير منها معنىً مغايرًا عن معنى الآخر؟
- ما نقاط الاتفاق والافتراق بين هذه التعبيرات بالنظر لمواطن ورودها في سياق نصوص المقتضب؟
قراءة إحصائية:
بقراءة إحصائية عامة للتعبيرات المذكورة في كتاب المقتضب للمبرد تبيَّن الآتي:
- ورد تعبير (يجري مجرى) في مائة وأربعين موضعًا، وذلك على صيغٍ ثلاث (يجري مَجرَى، أُجريَ مُجرَى، جَرى مَجرَى).
- ورد تعبير (حَلَّ محلَّ) في ثمانٍ وعشرين موضعًا، وذلك على صيغٍ أربع (حل محل، تَحُل محل، يَحُل محل، حالة محل).
- ورد تعبير المنزلة (بمنزلة) في مائتين وواحد وستين موضعا.
- ورد تعبير (في موضع) في مائة وثمان وخمسين موضعا.
- ورد تعبير (مكان كذا) في تسع وثلاثين موضعا.
- ورد تعبير النظير (نظير كذا) في تسعة عشر موضع.
- ورد تعبير الحمل (محمول على) في ستة مواضع.
- أما ألفاظ (كالكلمة الواحدة، وكالجزء الواحد، وموافق له) فلم ترد في كتاب المقتضب.
ويمكن تناول الثلاثة التعبيرات الأولى من واقع نصوص الاستعمال عند المبرد في كتابه على النحو الآتي:
أولا: الإجراء (يَجري مَجرى)
للوقوف عند المعنى اللغوي للفظ فإن البحث أمام نصين معجميين؛ الأول لأبي نصر الفارابي (339هـ)، والآخر لأحمد بن فارس (395هـ)، فيقول الفارابي: «جرى الماءُ وغيره جريًا وجرياناً، وأجريته أنا، يقال: ما أشد جرية هذا الماء، بالكسر. وقوله تعالى: (بسم الله مجراها ومرساها) هما مصدران من أجريت السفينة وأرسيت. و(مجراها ومرساها) بالفتح، من جرت السفينة ورست… والجارية: السفينة. وجاراه مجاراة وجراء، أي جرى معه. وجاراه في الحديث، وتجاروا فيه»([1])، ويقول ابن فارس: «جري: الجيم والراء والياء أصل واحد، وهو انسياح الشيء. يقال: جرى الماء يجري جرية وجريًا وجرياناً. ويقال للعادة: الإجريا، وذلك أنه الوجه الذي يجري فيه الإنسان. والجريُّ: الوكيل،…. وسمي الوكيل جرياً لأنه يجري مجرى موكِّله، والجمع أجرياء»([2]).
وبالنظر إلى النصين فإن أول معنى يقوم عليه اللفظ هو حركة الشيء؛ ومنه جريان الماء؛ أي حركته، وجريان السفينة فسميت جارية، ومنه يمكن القول إن الطريق الذي يجري فيه الماء أو تسير فيه السفينة يكون (مَجرى) معتادًا ومعلومًا.
ويتقدَّم ابن فارس أكثر في نصه على معنى الجريِّ: الوكيل؛ الذي يجري مجرى موكله، أي يقوم مقامه في العمل، ويكون حاله كحاله فيأخذ حكمه، ومن هنا جاء المعنى الذي قدمه معجم اللغة العربية المعاصرة حديثًا؛ إذ جاء فيه: «جرَى مَجْراه: احتذاه وسار على منواله، أخذ طريقه وتبعه، كان حاله كحاله»([3])، وفي المعجم الوسيط: «ويُقال جرى فلانٌ مجْرى فلانٍ كانت حاله كحاله»([4])، ويمكن الاعتماد على هذا المعنى اللغوي في الانطلاق نحو الاستعمال النحوي لتعبير (يجري مَجرى).
ولعلَّ أهم ما ينبغي الوقوف عنده قبل معالجة الاستعمال النحوي للتعبير هو ما ورد مفصلا عند ابن سيده (458هـ) وهو يتحدث عن لفظ (المجرى)، فيقدِّم معناه من وجهتين؛ عروضية ونحوية؛ إذ يقول في معنى المجرى عند العروضيين: «قال الأخفش: والمجرى في الشعر: حركة حرف الرَّوي: فتحته وضمته وكسرته، وليس في الرَّوي المقيد مجرى؛ لأنه لا حركة فيه فتسمى مجرى، وإنما سمي ذلك مجرىً لأنه موضعُ جري حركات الإعراب والبناء. والمجاري: أواخر الكلم؛ وذلك لأن حركات الإعراب والبناء إنما تكون هنالك. قال ابنُ جني: سمي بذلك لأن الصوت يبتدئ بالجريان في حروف الوصل منه، ألا ترى أنك إذا قلت:
قتيلان لم يعلم لنا الناس مصرعا
فالفتحة في العين هي ابتداء جريان الصوت في الألف، وكذلك قولك:
يا دار مية بالعلياء فالسندي
تجد كسرة الدال هي ابتداء جريان الصوت في الياء، وكذلك قوله:
هريرة ودعها وإن لام لائم
تجد ضمة الميم منها ابتداء جريان الصوت في الواو»([5]). فالمجرى في العروض إذن هو حركة حرف الرَّوِي دون السكون، ولذلك فإن المجاري عندهم تقتصر على الحركات الثلاث المعروفة.
وتفسيرًا لاستعمال سيبويه لفظ (مجارٍ) جمع (مجرى) في قوله: «هذا باب مجارى أواخر الكلم من العربية، وهي تجري على ثمانية مجار: على النصب والجر والرفع والجزم، والفتح والضم والكسر والوقف»([6])، ذهب ابن سيده نحو بيان معنى (الـمَجرى) عند النحويين مشيرًا إلى اتساعه عما هو عند العروضيين ليشمل ما يُبنى على ذلك من أحوال وأحكام وصور وفق النظام اللغوي فيقول: «فأما قول سيبويه: هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية، وهي تجري على ثمانية مجارٍ، فلم يقصر المجاري هنا على الحركات فقط كما قصر العروضيون المجرى في القافية على حركة حرف الروي دون سكونه، لكن غرض صاحب الكتاب في قوله: مجاري أواخر الكلم: أي أحوال أواخر الكلم وأحكامها والصور التي تتشكل لها، فإذا كانت أحوالاً وأحكامًا فسيكون الساكن حال له، كما أن حركة المتحرك حال له أيضًا، فمن هنا سقط تعقب من تتبعه في هذا الموضع فقال: كيف ذكر الوقف والسكون في المجاري، وإنما المجاري، فيما ظنه، الحركات، وسبب ذلك خفاء غرض صاحب الكتاب عليه، وكيف يجوز أن يسلط الظن على أقل أتباع سيبويه فيما يلطف عن هذا الجلي الواضح فضلا عنه نفسه فيه، أفَتراه يريد الحركة ويذكر السكون؟ هذه غباوة ممن أوردها، وضعف نظر وطريقة دل على سلوكه إياها. قال: أولم يسمع هذا المتتبع بهذا القدر قول الكافة: أنت تجري عندي مجرى فلان، وهذا جارٍ مجرى هذا. فهل يراد بذلك، أنت تتحرك عندي بحركته، أو يراد: صورتك عندي صورته، وحالك في نفسي ومعتقدي حاله؟»([7])، وتفسيره هذا رغم طوله إلا أنه وضع الباحث أمام المعاني المقبولة في سياق الاستعمال النحوي، وعليها يستقر رأي الباحث في تناوله لتعبير (يجرى مجرى) من واقع نصوص المبرد في المقتضب.
مما سبق ذكره يمكن القول إنَّ أمام الباحث افتراضَ ثلاثة معانٍ لتعبير (يجري مجرى)، وهي:
- يكون حاله كحاله في الوظيفة النحوية.
- يكون حكمه كحكمه في الإعراب والعمل.
- تكون صورته كصورته أو شكله كشكله.
ويمكن الاتكاء على هذه المعاني في المضي مع نصوص المقتضب؛ لنرى هل عناها المبرد في استعماله لتعبير (يجري مَجرى) أم أنه خرج به إلى معانٍ أخرى؟
إنَّ أوَّل ما لفت الانتباه في نصوص المقتضب مسألةٌ مصطلحية في غاية الأهمية وهي استعمال المبرِّد مصطلح (ما يُجرَى وما لا يُجرَى)([8]) بصيغة البناء للمجهول متابعًا بذلك الكوفيين، وهو مصطلح يقابل (ما ينصرف وما لا ينصرف)([9]) عند سيبويه، وينسبه بعضهم([10]) إلى الفراء (207هـ) مستندا إلى قوله: «وقوله: (اهْبِطُوا مِصْراً) كتبت بالألف، وأسماء البلدان لا تنصرف خفت أو ثَقُلت، وأسماء النساء إذا خَفَّ منها شيءٌ جرى إذا كان على ثلاثة أحرفٍ وأوسطها ساكن مثل دعد وهند»([11])، فالفعل (جرى) معناه انصرف ونُوِّن، فيكون الاسم (مُجرى) بضم الميم، وهذا المصطلح الذي ورد في المقتضب يختلف عما يتناوله هذا البحث؛ فلزم التفريق بين تعبير (يَجري مَجرى) ومصطلح (ما يُجرَى وما لا يُجرى).
فمما ورد فيه تعبير (يجري مجرى) قول المبرد في (باب مخارج الأفعال واختلاف أحوالها) بعد أن ذكر للفعل أحوالاً تسعة: «والعاشر: ما أُجرِيَ مَـجرى الفعل وليس بفعل، ولكنه يشبه الفعل بلفظ، أو معنى، فأما ما أشبه الفعل فدلَّ على معناه مثل دلالته فـ (ما) النافية، وما أشبهها، تقول: ما زيد منطلقاً؛ لأنَّ المعنى: ليس زيدٌ منطلقًا، وما أشبهه في اللفظ، ودخل على الابتداء والخبر دخول (كان) ، و(إن) وأخواتهما»([12])، فواضح أن الإجراء المعبَّر عنه بـ (أجري مجرى) في النص يقصد به الحكم النحوي، أي أن حال (ما) النافية الحجازية حال الفعل لأنها تشبهه من جهة الدلالة؛ إذ هي بمعنى (ليس) لنفي الحال، فهذا الشبه المعنوي كان سببًا في جريانها مجرى الفعل حكمًا وعملاً، ولذا عملت عمل (ليس) فرفعت اسماً ونصبت خبرًا.
أما (كان) و(إنَّ) وأخواتهما فشبهها بالفعل لفظيٌّ، ولذا يقول النحويون في (كان) إنها فعل من جهة لفظها وتصريفها، وفي (إن) وأخواتها إنها حروف مشبهة بالفعل من جهة بنائها على الفتح كالأفعال الماضية([13])، فجرت مجراه في العمل النحوي؛ إذ نصبت اسماً ورفعت خبراً.
والملاحظ من خلال النص أن الإجراء يأتي نتيجة لشبهٍ بين طرفين على أساس الأصل والفرع، فيجري الفرع مجرى الأصل لشبه بينهما لا يصل إلى حد التطابق، فالأصل في الفعل أنه يرفع فاعلا، وينصب مفعولا، والأصل في (ما) عدم عملها في شيء بعدها، ولذا يقول سيبويه في (باب ما أجري مجرى ليس في بعض المواضع…): «وأما بنو تميم فيجرونها مجرى أما وهل، أي لا يعملونها في شيء وهو القياس؛ لأنه ليس بفعل وليس ما كليس، ولا يكون فيها إضمار»([14])، فلما خرجت (ما) عن أصلها – كما يرى الحجازيون – أشبهت الفعل فكان حالها كحاله وحكمها كحكمه، وهذا ما قصده المبرد في قوله: (ما أجري مجرى الفعل وليس بفعل) في أصله وحقيقته.
وليس ببعيد عن ذلك المعنى ما ورد في نصٍّ آخر من المقتضب في (باب ما جرى مجرى الفعل وليس بفعل ولا مصدر)، إذ يقول المبرِّد فيه: «ولكنها أسماء وضعت للفعل تدل عليه، فأجريت مجراه ما كانت في مواضعها؛ ولا يجوز فيها التقديم والتأخير؛ لأنها لا تصرف تصرف الفعل؛ كما لم تصرف (إن) تصرف الفعل، فألزمت موضعاً واحداً، وذلك قولك: صه ومه، فهذا إنما معناه: اسكت، واكفف، فليس بمتعدٍّ، وكذلك: وراك وإليك، إذا حذرته شيئا مقبلا عليه، وأمرته أن يتأخر، فما كان من هذا القبيل فهو غير متعدٍّ»([15])، ويقصد المبرد هنا ما اصطُلِح عليه بـ (اسم الفعل) أو ما اصطَلَح عليه بعض المحدثين (الخالفة)، وهي أسماء من جهة أنها تقبل بعض علامات الاسم كالتنوين، وأفعال من جهة أنها تحمل معناها، فالإجراء في النص يقرِّبها من الأفعال في حالتها، ولا يخلصها للاسمية؛ فهي تجري مجرى الفعل من حيث بناؤها؛ إذ «إنَّ وقوع هذه الأسماء موضع ما أصله البناء، وجريها مجراه في الدلالة سببٌ كافٍ في البناء. ولا خلافَ عند الجميع في أن أصل ما وقعت هذه الكلم موقعه البناء، وهو الفعل على الإطلاق، فكان مبنياً لهذه العلة»([16])، ومن حيث عملها؛ إذ إنها ترفع فاعلا، غير أنه لا يجري فيها كل ما يجري في الأفعال من التصرف وتغير الرتبة في الجملة.
إن الإجراء أتى بسبب الوظيفة الدلالية التي تؤديها هذه الأسماء؛ فمقصد المبرد في قوله: (ما جرى مجرى الفعل …) إنما هو ما كان حاله حال الفعل في حكمه الإعرابي وعمله فيما بعده، وذلك لعلةٍ ظاهرة وهي الشبه بينهما في بعض ما يختص به الفعل؛ فالاسم تضمن معناه، وزمنه، وعمله، من غير أن يقبل علامته، أو يتأثر بالعوامل([17]).
ويستمر المبرِّد في استعماله للإجراء (يجري مجرى) بمعنى الحال والوظيفة النحوية في مواضع أخرى كثيرة، ومنها قوله في (باب النداء): «اعلم أن البدل في جميع العربية يحل محل المبدل منه، وذلك قولك: مررت برجل زيد وبأخيك أبي عبد الله، فكأنك قلت: مررت بزيد ومررت بأبي عبد الله، فعلى هذا تقول: يا زيد أبا عبد الله، فتنصب أبا عبد الله نعتاً كان أو بدلاً؛ لأنك إذا أبدلته منه فكأنك قلت: يا أبا عبد الله، وتقول: يا أخانا زيداً أقبل؛ لأن البيان يجري مجرى النعت، فكأنك قلت: يا أخانا الظريف أقبل، لا يكون في الظريف إلا النصب ولا في زيد إذا كان تبيينا»([18])، ويقصد بالبيان والتبيين هنا البدل، فالمصطلح فيه تداخل واضطراب بين بابين؛ هما التمييز والبدل، وربما يعود هذا التداخل إلى أن هذه المصطلحات بينها نسبة معنوية، فالتمييز: يعني الفرز والعزل، والتفسير: يعني الإبانة، وكشف المغطى، والتبيين: يعني التوضيح، فالمعنى بينها قريب([19])، والذي يعنينا هنا هو الإجراء الواقع بين البيان (البدل) والنعت؛ إذ يجري الأول مجرى الثاني في الحكم الإعرابي (حال أواخر الكلم)، والمبرد بذلك يربط التوابع مع بعضها، فمن المعلوم أنها قريبة من بعضها في وظيفتها النحوية والدلالية، فهي مفسرة ومخصصة وموضحة لما قبلها، فالشبه حادث بينها، فكان الإجراء في الحكم الإعرابي نتيجة لتلك العلة.
ولهذه العلة ذاتها كان الإجراء واقعًا بين عطف البيان والصفة (النعت) في قول المبرد في الباب ذاته: «فأما قوله:
إني وأسطار سطرن سطرا |
لقائل يا نصرُ نصرٌ نصرا |
فإن هذا البيت ينشد على ضروب فمن قال: يا نصرُ نصرًا نصرا فإنه جعل المنصوبين تبييناً لمضموم، وهو الذي يسميه النحويون عطف البيان ومجراه مجرى الصفة؛ فأجراه على قولك: يا زيد الظريف، وتقديره تقدير قولك: يا رجل زيداً أقبل، جعلت زيداً بياناً للرجل على قول من نصب الصفة…»([20]).
ومن أوضح مواضع الإجراء وأوجزها ما ورد في (باب اسم الفاعل الذي مع الفعل المضارع)؛ إذ يقول المبرد فيه: «فإن جعلت اسم الفاعل في معنى ما أنت فيه ولم ينقطع أو ما تفعله بعد ولم يقع جرى مجرى الفعل المضارع في عمله وتقديره لأنه في معناه»([21])، فالإجراء واقع بين الفعل المضارع باعتباره أصلاً واسم الفاعل باعتباره فرعاً، وذكر المبرد شرطاً يجب أن يتحقق في الثاني ليجري مجرى الأول، وهو أن يكون في (معنى ما أنت فيه ولم ينقطع أو ما تفعله بعد ولم يقع)، ويكون الإجراء حينئذٍ في أمرين؛ عمله فيما بعده كعمل الفعل المضارع، وفي تقدير معناه، أي «أن اسم الفاعل لا يتعدى إلا إذا كان دالاً على الحال أو الاستقبال، فإن لم يدل على الحال أو الاستقبال بأن كان ماضياً أضيف»([22]) ولم يُجرَ مجرى الفعل المضارع.
وقد يقع الإجراء في جملة أحكامٍ تكون في المجرَى عليه، ومن طريقة المبرد أن يبسطها ثم يجري عليها غيرها سعيًا نحو الاختصار والإيجاز وتجنبا للتكرار والإسهاب، ومن ذلك قول المبرد في (باب إضمار جمع المذكر): «واعلم أن المذكر الواحد لا تظهر له علامة في الفعل، وذلك قولك: زيد قام، وإنما ضميره في النية، وإنما كان للمخاطب علامة الجهة حرف المخاطبة، فإن ثنيتَ الغائب ألحقته ألفاً فقلت: فعلا، وإن جمعته ألحقت واوًا فقلت: فعلوا؛ لأن الألف إذا لحقت في التثنية لحقت الواو في الجمع… واعلم أن المؤنث يجري فيما ذكرنا مجرى المذكر؛ إلا أنَّ علامة المؤنث المخاطب أن يلحقه الكسرة؛ لأن الكسرة مما تؤنث»([23])، فبدأ يبسط القول في أحكام المذكر الواحد، ومنها ألا تظهر علامة تدل عليه في الفعل؛ بل يعود عليه ضمير مستتر، بخلاف الفعل المذكر للمخاطب ففيه علامة الجهة التي تدل على أن المخاطب مذكر فضلا عن دلالتها على الجهة، ومن أحكام المذكر أنه في التثنية والجمع تلحقه ضمائر الرفع المتصلة التي تدل فيما تدل عليه على المذكر تثنية وجمعاً، ثم أتبعه بالمؤنث فأجراه مجرى المذكر الواحد فيما ذكر من أحكام، فيجري مجراه مع افتراق في علامة المخاطب.
ولا يتوقف استعمال تعبير (يجري مجرى) على المسائل النحوية عند النحاة عامة والمبرد في مقتضبه خاصة؛ بل كان في المسائل الصرفية أكثر استعمالا، وذلك بإجراء الصيغ والألفاظ (الأمثلة) بعضها على بعض في العلل الصرفية وما يتعلق بها من ظواهر، ويمكن أن يأخذ المجرى في هذا المنحى معنى (الصورة الشكلية) التي تظهر فيها صيغة الكلمة على اختلاف تقلباتها.
ومما جاء في هذا الباب؛ قول المبرد في باب (هذا باب ما جاء من هذا في ذوات الياء والواو التي يائتهن وواواتهن لامات): «وذلك قولك في رمية رميات وفي غزوة غروات وفي قشوة قشوات كما تقول في فعلة نحو حصاة وقناة حصيات وقنوات لأنك لو حذفت لالتقاء الساكنين لالتبس بفعال من غير المعتل فجرى ها هنا مجرى غزوا ورميا لأنك لو ألحقت ألف غزا وألف رمى ألف التثنية للزمك الحذف لالتقاء الساكنين فالتبس الاثنان بالواحد فكنت تقول للاثنين غزا ورمى فلما كان هذا على ما ذكرت لك لم يحذف»([24])، فالمسألة هنا تتعلق بإجراء حصَيَات وقنَوَات (جمع حصاة وقناة) في قلب الألف إلى أصله على ما جرى في (غزا و رمى)، فعندما ألحقتهما ألف التثنية قلب الألف إلى أصله هروباً من الحذف لالتقاء الساكنين؛ لأن الحذف يؤدي إلى لبس بين الفعل للمفرد والفعل للمثنى، فالإجراء هنا يكون في الصيغة والصورة؛ لأنه مرتبط بالبناء الصرفي، وهو أحد معاني الإجراء كما تقدَّم.
ومن ذلك أيضاً ما ورد في نصٍّ آخر في (باب ذوات الياء التي عيناتها ولاماتها ياءات)؛ إذ يقول المبرد: «وذلك نحو قولك: عييت بالأمر وحييت، فما كان من هذا الباب فإن موضع العين منه صحيح؛ لأن اللام معتلة، فلا تُجمع على الحرف علتان، فيلزمه حذف بعد حذف واعتلال، فالعين من هذا الفعل يجري مجرى سائر الحروف تقول: حيِيت ويحيَا، كما تقول: خشِيت ويخشَى»([25])، ويكون الجريان في صورة الحرف (عين الفعل) بين معتل اللام وصحيحه، فالأول يجري مجرى الثاني، وهذا يظهر في إجراء الياء الأولى الصحيحة من (حيِيت) مجرى الشين من (خشِيت)، من حيث أنهما صحيحان أولا، ومكسوران ثانيا، وكذا في المضارع منهما (يحيَا و يخشَى) فكلا الحرفين مفتوحان، فاقتصر الإجراء هنا على شكل اللفظين، وهو معنىً من معاني استعمال تعبير (يجري مَجرى).
ومما ورد في إجراء الصيغ الصرفية قول المبرد في (باب جمع ما لحقته الهمزة في أوله من الثلاثة): «وذلك نحو أَفْكَلٍ وأَيْدَعٍ وإِصْبَعٍ وإِثْمَدٍ وأُبْلُمٍ، فهذه الأسماء كلها تجمع على (أفاعل) نحو أَفاكِلَ وأَصابِعَ وأَبالمَ، وكذلك (أَفْعَلُ) الذي لا يتمُّ نعتاً إلا بقولك: من كذا، يجري مجرى الأسماء تقول: الأصاغر الأكابر، وكل (أفْعَلٍ) مما يكون نعتا سميت به فإلى هذا يخرج، تقول: الأحامر والأحامس»([26])، فقد أجرى (أفعل) التفضيل الذي لا يكون نعتاً إلا بوجود (مِن) بعده، إذا أريد جمعه، مجرى الأسماء المذكورة فيكون على وزن (أفاعل)، وهذا معنى قول سيبويه: «وأما الأصغر والأكبر فإنه يكسر على أفاعل. ألا ترى أنك لا تصف به كما تصف بأحمر ونحوه، لا تقول: رجل أصغر ولا رجل أكبر… فلما لم يتمكن هذا في الصفة كتمكن أحمر أجري مجرى أجدل وأفكل، كما قالوا: الأباطح والأساود حيث استعمل استعمال الأسماء»([27])، فالإجراء في الجمع وقع بين صيغتين؛ صيغة الاسم الذي تلحقه الهمزة في أوله على وزن (أَفْعَلُ) وصيغة النعت باسم التفضيل المتبوع بـ (مِن) وهو على وزن (أَفْعَلُ) أيضا، فالثاني يجري مجرى الأول إذا أريد جمعه، وعلة الإجراء هي اتفاق وزنهما في الإفراد، وإن اختلفت دلالتهما، وشرط الإجراء أن يكون الثاني مما (لا يتمُّ نعتاً إلا بقولك: من كذا).
وقد يأتي (مجرى) بمعنى (موضع) فيكون الإجراء بمعنى الموضع، ومن ذلك قول المبرد في (باب كم): «اعلم أن (كم) اسم يقع على العدد، ولها موضعان: تكون خبرا، وتكون استفهاما، فمجراها مجرى عدد منوَّن، وذلك قولك: كم رجلاً عندك؟ وكم غلاماً لك؟ تريد: أعشرون غلاما أم ثلاثون، وما أشبه ذلك؛ كما أنك إذا قلت: أين عبد الله؟ فمعناه: أفي موضع كذا أو في موضع كذا؟»([28])، أي فموضعها موضع عدد منوَّن، وليس حكمها كحكمه؛ لأن العدد له أحكامه الخاصة ليس هنا مجال ذكرها.
ومما تفرَّد به المبرد في استعماله للمجرى في المقتضب تعبير (مجرى الباب) في إحالة إلى أحكام الباب الذي هو في صدد الحديث عنه من أبواب كتابه، وهذا التعبير (مجرى الباب) لم يستعمله غيره من النحاة على حدِّ علم الباحث، وقد ورد في نصوص ضمن خمسة أبواب من أبواب الكتاب، وهي:
- هذا باب تصرف الفعل إذا اجتمعت فيه حروف العلة([29]).
- هذا باب ما كان على فعل من ذوات الياء والواو نحو باب وناب ودار وما أشبه([30]).
- هذا باب ما كانت الواو منه في موضع اللام([31]).
- هذا باب من الذي والتي ألفه النحويون فأدخلوا (الذي) في صلة (الذي) وأكثروا في ذلك([32]).
- هذا باب المفعول الذي لا يذكر فاعله([33]).
ويلاحظ في مواضع ورود هذا التعبير (مجرى الباب) أنه يرد في ختام الحديث عن أحكام الباب أو إحدى المسائل فيه، ويضيق المقام هنا لإيراد تلك النصوص الخمسة، ويمكن الرجوع إليها وفق الإحالات المبينة أعلاه.
وخلاصة القول: يتبيَّن أن استعمال المبرد لتعبير الإجراء (يجري مجرى) لم يخرج عن معانٍ ثلاثة؛ الوظيفة النحوية بين طرفي الإجراء، أو الحكم النحوي بينهما، أو الشكل والصورة في بناء الصيغ الصرفية، ولوحظ أن الإجراء يكون بين طرفين؛ أحدهما يسير على الأصل في الوظيفة أو الحكم أو الصورة، والآخر يخرج عن أصله ليجري مجرى الأول لشبه يقربه منه، هذا فضلا عن معانٍ أخرى كمعنى الموضع وجملة أحكام الباب النحوي، ولعلَّ سعة معنى الإجراء منح المبرد مساحة لاستعماله لهذه المعاني كلها.
ويرى الباحث أنه عندما يستعمل النحاة القدماء – ومنهم المبرد – هذا التعبير (يجري مجرى) في سياق بيانهم لمسائل النحو فهم يستعملونها على سبيل القياس، فهو من تعابير القياس عندهم، فمما يعنيه (يجري مجرى) ـ على سبيل المثال ـ هو إجراء الشيء على شبيهه من باب حمل النظير على النظير لفظا ومعنى، وهذا يتفق مع ما ذكرته خديجة الحديثي في سياق حديثها عن أنواع القياس عند سيبويه، ومنها حمل النظير على النظير فقالت: «ومثل ذلك: في إجراء الشيء على شبيهه لفظًا، إجراؤهم كل ما كان آخره (ألف ونون) على (فعلان): (فعلى) في التصغير»([34])، وهذا التعبير (يجري مجرى) يتطلب علة من العلل النحوية مما يعني أنه حكم جرى عليه القياس بين طرفين.
كما يمكن إضافة بعض المقاصد التي تحققت من استعمال هذا التعبير (يجري مجرى)، وهي:
- الإيجاز والاختصار في تناول المسائل النحوية والصرفية.
- الربط بين الأبواب النحوية بإجراء بعض أحكامها وحالاتها وصورها على بعض بناء على العلل.
- التقريب بين المتشابهات بهدف الإفهام والتعليم وهو منحى في أسلوب المبرد.
ثانيا: المنزلة (بمنزلة)
قبل أن ننظر في نصوص المقتضب في استعمال تعبير (بمنزلة كذا)، نقف عند المعنى اللغوي للفظ المنزلة ليكون أساساً نظرياً في المعالجة، جاء في لسان العرب: «… والمنزل، بفتح الميم والزاي: النزول وهو الحلول، تقول: نزلت نزولاً ومنزلاً… والمنزلة: الرتبة، لا تجمع، واستنزل فلان أي حط عن مرتبته، والمنزل: الدرجة، قال سيبويه: وقالوا هو مني منزلة الشغاف، أي هو بتلك المنزلة، ولكنه حذف كما قالوا: دخلت البيت وذهبت الشام؛ لأنه بمنزلة المكان وإن لم يكن مكانا، يعني بمنزلة الشغاف، وهذا من الظروف المختصة التي أجريت مجرى غير المختصة، وفي حديث ميراث الجد: أن أبا بكر أنزله أباً، أي جعل الجد في منزلة الأب وأعطاه نصيبه من الميراث»([35])، وقال الزبيدي في تاج العروس: «من المجاز: المنزلة: الدرجة والرتبة، وهي في الأمور المعنوية كالمكانة»([36]).
إذن (المنزلة) تعني المكانة والرتبة والدرجة، فهي تدلُّ على قيمة شرفية على سبيل التمثيل والتقريب، لا على سبيل الحكم كالإجراء، وقد استعمل النحويون هذا التعبير في سياق التمثيل بين طرفين، ويمكن توضيح ذلك من خلال نصوص المقتضب التي سننظر إليها.
فقد ورد تعبير (بمنزلة) في المقتضب للمبرد في مواضع كثيرة، لكن هل استعماله كان وفقاً للمعاني السابقة وامتداداً لها أم أن المبرد قصد بهذا التعبير معنىً آخر مختلفاً؟ لنرى ذلك في بعض نصوصه.
قال المبرد في (باب الفاعل): «وهو رفعٌ، وذلك قولك: قام عبدالله وجلس زيد، وإنما كان الفاعل رفعاً؛ لأنه هو والفعل جملةٌ يحسن عليها السكوت، وتجب بها الفائدة للمخاطب، فالفاعل والفعل بمنزلة الابتداء والخبر، إذا قلت: قام زيد، فهو بمنزلة قولك: القائم زيد، والمفعول به نصب إذا ذكرت من فعل به؛ وذلك لأنه تعدى إليه فعل الفاعل …»([37])، فالمنزلة تعني هنا المكانة والرتبة، فمكانة الفعل والفاعل في النحو كمكانة المبتدأ والخبر؛ لأن كليهما أساسٌ يُبنى عليه الإسناد في الجملة العربية، وتتوزع الجملة بناء عليهما بين اسمية وفعلية، كما أن رتبة الفاعل مع فعله كرتبة المبتدأ مع خبره في الإسناد؛ إذ هما محورا الجملة، ولا يخفى ما للفاعل من المكانة الشرفية في الجملة الفعلية، فالمبرد جعل الفاعل وفعله بمنزلة المبتدأ وخبره على سبيل التمثيل والتقريب قاصداً من ذلك مكانتهما ومرتبتهما، وهذا المعنى للمنزلة هو ذاته ما عرف في المعجم.
وهو ما عناه أيضاً في نصٍّ آخر في (باب ما كان نعته على الموضع وما كان مكررا فيه الاسم الواحد)؛ إذ يقول المبرد: «اعلم أن النعت على اللفظ، والتكرير بمنزلة واحدة، وذلك قولك في النعت: لا رجلَ ظريفَ لك، ولا رجلَ ظريفًا لك، على ما ذكرت لك، والتكرير على ذلك يجري تقول: لا ماءَ ماءَ بارداً يا فتى، وإن شئت قلت: لا ماء ماءً باردا»([38])، فالطرفان هما النعت والتكرير (التوكيد)، فهذا مثل ذاك في الدرجة، فإذا ما كان النعت على اللفظ يُنوَّن أو لا ينوَّن، فالتكرير مثله في هذا، وفيه يقول سيبويه: «وإن كررت الاسم فصار وصفاً فأنت فيه بالخيار، إن شئت نوَّنت، وإن شئت لم تنوِّن، وذلك قولك: لا ماء ماءَ باردا، ولا ماء ماءً باردا. ولا يكون باردا إلا منوَّنا؛ لأنه وصفٌ ثانٍ»([39])، فالمنزلة هنا في أنهما على درجة واحدة.
ويقصد (بالمنزلة) المكانة الشرفية في قوله: «ومما لا يجوز أن يكون ظرفاً ناحية الدار وجوف الدار؛ لأنها بمنزلة اليد والرجل فكما لا تقول: زيد الدار، لا تقول: زيد جوف الدار حتى تقول في جوفها، فإن قلت: زيد ناحية من الدار أو زيد ناحية عن الدار لا تريد بعضها حسن ذلك»([40])، وهو من باب التمثيل والتقريب؛ ليوضح بذلك حكماً فيما لا يجوز أن يكون ظرفاً وهو (ناحية، وجوف) اللذان هما بمكانة (اليد والرجل) من الجسد، وهذه الطريقة في التمثيل اعتاد عليها النحويون في أسلوبهم التعليمي عندما يعرضون مسائلهم وآراءهم واحتجاجهم لها، ولا يخفى ما للمنطق من أثرٍ في ذلك.
وربما قصد بالمنزلة مقابلة المكانة بين طرفين ووضعهما في درجة واحد على سبيل التعليل، ومن ذلك ما ذكره في (باب الجمع المزيد فيه، وغير المزيد) فقال: «أما ما كان من ذلك على (فَعْلان) الذى له (فعلى) فقد تقدَّم قولنا فيه أنه غير مصروف في معرفة ولا نكرة، وإنما امتنع من ذلك؛ لأن النون اللاحقة بعد الألف بمنزلة الألف اللاحقة بعد الألف للتأنيث في قولك: حمراء وصفراء، والدليل على ذلك أن الوزن واحد في السكون، والحركة، وعدد الحروف، والزيادة، وأن النون والألف تبدل كل واحدة منهما من صاحبتها»([41])، فالنون في (فعلان) تقابل الألف الأخيرة في (فعلاء)؛ فعبر عن ذلك بقوله: (بمنزلة) في سياق التعليل لامتناع الصرف في (فعلان) الذي مؤنثه (فعلى)، ومن هذه المنزلة بين الطرفين أنهما من وزن واحد، فهما متماثلان.
مما سبق يتبيَّن أن المعنى الذي قصده المبرد للمنزلة في تعبير (بمنزلة كذا) أو (بمنزلة واحدة) لا يبعد عما جاء به اللغويون، وأن المعاني التي دار حولها هذا اللفظ هي المكانة أو الرتبة أو الدرجة، وقد استخدمه النحاة كتعبير من تعبيرات التمثيل النحوي كما لوحظ من واقع النصوص، وهذه المعاني من الأمور المعنوية، كما أنها لا تتعدى الكلمة وما هو بمنزلة الكلمة كما يرى الباحث.
ثالثا: الإحلال (يحُلُّ محَل)
(المحَلُّ) في اللغة هو الموضع والمكان الذي يُنزل فيه، فقد جاء في لسان العرب: «ويكون المحلُّ الموضع الذي يُحَلُّ فيه، ويكون مصدرا، وكلاهما بفتح الحاء؛ لأنهما من حلَّ يَحُلُّ أي نزل، وإذا قلت: المحِل، بكسر الحاء، فهو من حلَّ يحِلُّ أي وجب يجب، قال الله عز وجل: (حتى يبلغ الهدي محِله)؛ أي الموضع الذي يحِل فيه نحره، والمصدر من هذا بالفتح أيضاً، والمكان بالكسر وجمع المحل محال، ويقال: محل ومحلة بالهاء كما يقال: منزل ومنزلة»([42])، وزاد ابن منظور: «وفي حديث الهدي: لا ينحر حتى يبلغ محله، أي الموضع أو الوقت اللذين يحل فيهما نحره؛ قال ابن الأثير: وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان»([43])، من هذا التفصيل اللغوي يتبين أن معنى (يحل محل) في اللغة هو أخذ موضعٍ ما، وعندما يقال: حل محل كذا، أي أخذ موضعه ومكانه، هذا في اللغة وأصل الوضع.
أما في الاستعمال النحوي فقد ورد هذا التعبير في كتب النحو لدى القدماء، ويبدو – على حدِّ علم الباحث – أن المبرِّد هو أوَّل من استعمل هذا التعبير (يحل محل)؛ إذ لم يستعمله أستاذه سيبويه بلفظه وإن استعمل ما يؤدي معناه من مثل قوله: «… وضعت أفعل في موضع فاعل. ونظير هذا في العربية كثير…»([44])، وسمى بعض الدارسين المحدثين ذلك بظاهرة (الإحلال) في اللغة حتى أنه قارب بينه وبين مصطلحات (الإنابة والتعاقب)، وهي ظاهرة تحدث في اللغة على جميع مستوياتها، يقول عبد العزيز سفر: «تقوم فكرة الإحلال في الدرس اللغوي على إقامة شيء مكان شيء آخر، سواء كان جملة، أم كلمة، أم حرفا، أم صوتا، أو بتعبير آخر إقامة فرع مكان أصل أو العكس، وذلك على فرضية الأصل والفرع»([45]).
وهذه الظاهرة لم تأتِ إلا من استعمال العرب في كلامهم، فوصفها النحويون ووضحوها، وأشار إلى ذلك سيبويه في قوله: «ومن كلامهم أن يجعلوا الشيء في موضع على غير حاله في سائر الكلام»([46])، وربما ترتبت على الإحلال أحكام بين الطرفين المتناوبين في الحكم الإعرابي والوظيفة النحوية.
وبعد بيان المقصود بالإحلال أو تعبير (يحل محل) في اللغة، واصطلاح النحويين، لا بد من الوقوف أمام نصوص المقتضب لمعرفة معاني استعمال المبرد لـ (يحل محل)؛ هل قصد بذلك الإحلالَ والإنابةَ أم أن التعبير له عنده معنى آخر؟ وهل يعني عنده أن تترتب عليه أحكام بين المتحالَّين؟
لعل من أوضح استعمالات المبرد للإحلال بالمعنى الذي تقدَّم هو قوله في (باب النداء): «اعلم أنَّ البدل في جميع العربية يحُلُّ محلَّ المبدل منه، وذلك قولك: مررت برجلٍ زيدٍ، وبأخيك أبي عبد الله، فكأنك قلت: مررت بزيدٍ ومررت بأبي عبد الله»([47])، فقد حلَّ لفظٌ مكان لفظ، وهو نوعٌ من الإحلال فعبِّر عن ذلك بـ (يحل محل)؛ أي أن البدل يأخذ موضع المبدل منه، وتبعاً لذلك يأخذ حكمه الإعرابي ووظيفته في السياق، ولذا فإنه إذا ما حذف المبدل منه لا يخل حذفه في المعنى كما هو واضح من النص.
ومثل ذلك قوله في الباب ذاته عن المعطوف: «واعلم أنَّ المعطوف على الشيء يحُلُّ محلَّه؛ لأنه شريكه في العامل نحو: مررت بزيدٍ وعمرٍو، وجاءني زيدٌ وعمرٌو»([48])، لكن الإحلال هنا يختلف عنه في البدل؛ إذ في البدل يقوم مقامه بالكلية دون أن يختلَّ المعنى، أما هنا في المعطوف فيحل محله في الوظيفة النحوية، فهو -كما قال- شريكه في العامل، وحذفه يُذهِب عنه صفة الشراكة فلا ينوب عنه المعطوف عليه.
وقد يأتي الإحلال من جهة أن الطرفين يشتركان في أهميتهما لتمام الكلام، فلا يستغنى عنهما كما هو الحال في الصفة اللازمة – التي تأتي بعد النداء وهي المنادى في الأصل والموصوف بحاجة إليها لإبهامه بدونها – والصلة بعد الموصول التي لا غنى عنها، وهذا في قول المبرد: «وإذا كانت الصفة لازمة تحُلُّ محلَّ الصلة في أنه لا يستغنى عنها لإبهام الموصوف لم يكن إلا رفعا؛ لأنها وما قبلها بمنزلة الشيء الواحد؛ لأنك إنما ذكرت ما قبلها لتصل به إلى ندائها فهي المدعو في المعنى، وذلك قولك: يا أيها الرجل أقبل، أي مدعو، والرجل نعت لها وها للتنبيه»([49])، فالصفة تحل محلَّ الصلة في أهميتها لما قبلها أي في الوظيفة، فهما مفسران له، ولا يعني الإحلال هنا أنها تحل في موضعها في الكلام بقدر ما يعني أنهما متممان لما قبلهما، وهذا يشبه معنى المنزلة كما مرَّ، أي أنهما بمنزلة واحدة في القيمة والمكانة.
ويحمل الإحلالُ في الحرف المقصودَ ذاتَه في قول المبرد في (باب الراء في الإمالة): «فإن قلت: جاءني الكافِر، فاعلم، استوت الإمالة والنصب، فأما الإمالة فمن جهة كسرة الفاء، وأما النصب فإن الراء بعدها كحرفين مضمومين، وكذلك هي في النصب إذا قلت: رأيت الكافِر يا فتى، ولو قلت: فلان باسِط يده، أو ناعِق يا فتى، لم تصلح الإمالة من أجل المستعليين؛ لأن الراء – وإن كان قبلها التكرير – لا تحل محل المستعلية، ولو قلت: هذا قِراب سيفك، لصلحت الإمالة وإن كانت الراء مفتوحة؛ لأنها في الحقيقة في وزن حرف»([50])، فالحديث هنا عن إمالة الألف مع الراء؛ ففرق بين الألف التي تسبق بحرف مستعلٍ لا تصلح فيها الإمالة، والألف التي تسبق بالراء وإن كان الراء في حالة نصب (مفتوحة)، فالراء لا تحل محل الحرف المستعلي في التعامل معها؛ لأنها لها صفات تختلف عن صفات الحروف المستعلية كالقاف والطاء.
ومن الملاحظ أن إحلال حرف مكان آخر كثيرٌ في العربية كما هو واضح في باب الإعلال من كتب الصرف، وقد قصد المبرد بالإحلال في هذا السياق هو الحاصل في مواضع الحروف في الكلمة مما يؤثر على الصوت وينتج ظاهرة الإمالة.
ويمكن القول: إنَّ الإحلال ظاهرة تمتلئ اللغة بها، وهذا ما يفسر كثرة ما ورد عند النحويين بعد المبرِّد من تعبير (حلَّ محل، أو يحلُّ محل)، وهم لا يقصدون بذلك إلا تناوب مواضع وحدات الكلام وتعاقب أجزائه في أداء الوظيفة الدلالية على أي مستوى من مستويات اللغة من الصوت إلى التركيب؛ إذ إن «الوحدات اللغوية لها مواضع خاصة في تركيب الكلام، والموضع تعرف به أجناس هذه الوحدات، تستطيع كل وحدة لغوية أن تدخل في موضع الأسماء أو موضع الأفعال أو موضع حروف المعاني، فيكون مجراها وحكمها مثل مجراها وحكمها، وقد يكون للعنصر الواحد أكثر من موضع فيتحول حكمه ومجراه بحسب الموضع، فيجري مجرى الباب الذي ينتمي إلى ذلك الموضع»([51])، وربما بُني على ذلك أحكام نحوية وصرفية وصوتية.
الخاتمة:
يستخلص من البحث ما يأتي:
- لقد عبر النحويون القدماء عن القياس والتمثيل بألفاظ وتعبيرات متعددة منها (يجري مجرى، وبمنزلة، ويحل محل، وفي موضع كذا، ونظير له…إلخ)، وهم لا يقصدون من ذلك إلا التوضيح والبيان لمسائلهم المطروحة، ورد ما يقولونه إلى كلام العرب.
- استعمل المبرد الإجراء والإحلال والمنزلة – بالتعبيرات المذكورة – بمعانٍ متعددة؛ لكنها لا تبتعد عن معناها اللغوي؛ إذ هي امتداد لها.
- تلتقي تعبيرات (يجري مجرى، وبمنزلة، وحل محل) عند الغاية من استعمالها في كتب النحويين، وهذه الغاية هي الغرض التعليمي من خلال التمثيل والتقريب، وذلك حسن تصرف في أسلوب النحويين، ولعلهم كانوا باستعمالها يهربون من التكرار، فيردون بعض الكلام إلى بعض، ويقيسون صيغاً على صيغ، وأحكاماً على أحكام.
- يتميز الإجراء في النحو بالسعة والشمول مقارنة بالمنزلة؛ إذ إن الإجراء يجري على معانٍ عديدة، وهي الوظيفة النحوية، والحكم الإعرابي والعمل النحوي، والصورة الشكلية، ويكون على مستوى الصيغة والتركيب، أما المنزلة فتقف عند القيمة الشرفية في المكانة، ولا يُبنى على ذلك حكمٌ نحوي إلا ما ندر، ويكون أكثر ورودها على مستوى الكلمة الواحدة أو ما يكون بمنزلة الكلمة الواحدة.
- يلتقي الإحلال مع الإجراء في سعته؛ ليشمل كلَّ أجزاء اللغة من الصوت والصيغة والتركيب، وفي أنه يكون سبباً للإجراء (الحكم)، فيكون الإجراء نتيجة للإحلال، ويمكننا القول: حل محلَّه فجرى مجراه.
- من خلال النصوص المختارة من المقتضب، التي وردت فيها الألفاظ تتضح منهجية المبرد في استعماله لها، وكأنه يعي معاني هذه التعبيرات ومقاصدها، ولذا لم يكن استعماله عفوياً وعشوائياً؛ بل عن إدراك ووعي.
قائمة المراجع:
- الأزهري، محمد بن أحمد: تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001م.
- ابن حجر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ.
- الحديثي، خديجة: الشاهد وأصول النحو في كتاب سيبويه، مطبوعات جامعة الكويت، رقم 37، 1394هـ/ 1974م.
- حسن، عباس: النحو الوافي، دار المعارف، ط15.
- ديرة، المختار أحمد: دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء، دار قتيبة للطباعة والنشر، ط1، 1991م.
- السامرائي، فاضل صالح: معاني النحو، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1420هـ/ 2000م.
- سفر، عبد العزيز: سورة البقرة: إحلال الجملة الاسمية محل الاسم المفرد، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، العدد 112/28، 2010م.
- سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان: الكتاب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3، 1408هـ/ 1988م.
- ابن سيده، أبو الحسن علي: المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق: عبدالحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421هـ/ 2000م.
- السيرافي، أبو سعيد: شرح كتاب سيبويه، تحقيق: أحمد حسن مهدلي، علي سعيد علي، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ط1، 2008م.
- صالح، عبد الرحمن الحاج: النحو العربي والبنيوية، اختلافها النظري والمنهجي، مجلة مجمع اللغة العربية، القاهرة، مصر، ج82، مايو، 1419هـ/1998م.
- عمر، أحمد مختار وآخرون: معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، ط1، 1429هـ/ 2000م.
- الفارابي، أبو نصر إسماعيل: الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، ط4، 1407هـ/ 1987م.
- ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر، 1399هـ/ 1979م.
- الفراء، أبو زكريا يحيى: معاني القرآن، تحقيق: محمد علي النجار وآخرون، دار المصرية للتأليف والترجمة، مصر، ط1، د.ت.
- القوزي، عوض: المصطلح النحوي نشأته وتطوره حتى أواخر القرن الثالث الهجري، عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود (الرياض سابقا)، ط1، 1401هـ/ 1981م.
- المبرد، أبو العباس: المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عضيمة، المجلس الأعلى لشؤون الإسلامية، القاهرة، ط3، 1415هـ / 1994م
- مجمع اللغة العربية: المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط4، 1425هـ / 2004م.
- مرتضى الزبيدي، محمد بن محمد: تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الكريم العزباوي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، 1421هـ / 2000م.
- ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم: لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط3، 1414هـ.
- ابن يعيش، موفق الدين أبو البقاء: شرح المفصل، تحقيق: إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ط1، 1422هـ/ 2001م.
([1])الفارابي، أبو نصر إسماعيل: الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، تحقيق: أحمد عبدالغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، ط4، 1407هـ/ 1987م، مادة: جرى، 6/ 2302.
([2])ابن فارس، أحمد: معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر، 1399هـ/ 1979م، مادة: جري، 1/ 448.
([3]) عمر، أحمد مختار وآخرون: معجم اللغة العربية المعاصرة، عالم الكتب، ط1، 1429هـ/ 2000م، مادتا: جري ، أجرى، 1/ 366، 367.
([4]) مجمع اللغة العربية: المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، ط4 ، 1425هـ / 2004م، مادة: جرى ، ص 119.
([5])ابن سيده، أبو الحسن علي: المحكم والمحيط الأعظم، تحقيق: عبدالحميد هنداوي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421هـ/ 2000م، مادة (ج ر ي)، 7/ 505.
([6])سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان: الكتاب، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط3، 1408هـ/ 1988م، 1/ 13. وينظر: السيرافي، أبو سعيد: شرح كتاب سيبويه، تحقيق: أحمد حسن مهدلي، علي سعيد علي، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ط1، 2008م، 1/ 21؛ في رده على المازني الذي غلَّط سيبويه في قوله: «ثمانية مجارٍ».
([7])ابن سيده: المحكم والمحيط الأعظم، مادة (ج ر ي)، 7/ 506.
([8]) عقد له المبرد بابا في المقتضب سماه (هذا باب ما يُجرى وما لا يُجرى)، ينظر: المبرد، أبو العباس: المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عضيمة، المجلس الأعلى لشؤون الإسلامية، القاهرة، ط3، 1415هـ / 1994م 3/ 309.
([9]) عقد له سيبويه بابا سماه (باب ما ينصرف وما لا ينصرف)، ينظر: سيبويه: الكتاب، 3/ 193.
([10]) ينظر: ابن حجر: فتح الباري في شرح صحيح البخاري، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ،8/ 684، وينظر: القوزي، عوض: المصطلح النحوي نشأته وتطوره حتى أواخر القرن الثالث الهجري، عمادة شؤون المكتبات بجامعة الملك سعود (الرياض سابقا)، ط1، 1401هـ/ 1981م، ص166، 167.
([11]) الفراء، أبو زكريا يحيى: معاني القرآن، تحقيق: محمد علي النجار وآخرون، دار المصرية للتأليف والترجمة، مصر، ط1، د.ت، 1/ 42.
([12]) المبرد: المقتضب، 3/ 190.
([13]) ينظر: ابن يعيش، موفق الدين أبو البقاء: شرح المفصل، تحقيق: إميل بديع يعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت/ لبنان، ط1، 1422هـ/ 2001م، 4/ 521.
([15]) المبرد: المقتضب، 3/ 202.
([16]) ابن يعيش: شرح المفصل، 3/ 11.
([17])ينظر: حسن، عباس: النحو الوافي، دار المعارف، ط15، 4/141، 142.
([18]) المبرد: المقتضب، 4/ 211.
([19])ينظر: ديرة، المختار أحمد: دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء، دار قتيبة للطباعة والنشر، ط1، 1991م، ص229، 230.
([20]) المبرد: المقتضب، 4/ 209.
([22]) السامرائي، فاضل صالح: معاني النحو، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 1420هـ/ 2000م، 3/ 172.
([23]) المبرد: المقتضب، 1/ 405.
([24]) المبرد: المقتضب، 2/ 191.
([27]) سيبويه: الكتاب، 3/ 644.
([28]) المبرد: المقتضب، 3/ 55.
([34]) الحديثي، خديجة: الشاهد وأصول النحو في كتاب سيبويه، مطبوعات جامعة الكويت، رقم 37، 1394هـ/ 1974م، ص399.
([35]) ابن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم: لسان العرب، دار صادر، بيروت، ط3، 1414هـ، مادة: نزل، 11/ 659.
([36]) مرتضى الزبيدي، محمد بن محمد: تاج العروس من جواهر القاموس، تحقيق: عبد الكريم العزباوي، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، 1421هـ / 2000م، ، مادة ( نزل ) .
([37]) المبرد: المقتضب 1/ 146 .
([39]) سيبويه: الكتاب، 2/ 289.
([40]) المبرد: المقتضب، 4/ 348، 349.
([42]) الأزهري، محمد بن أحمد: تهذيب اللغة، تحقيق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001م، باب الحاء واللام (حلَّ)، 3/ 279، 280.
([43]) ابن منظور: لسان العرب، مادة: حلل، 11/ 163، 164.
([45]) سفر، عبد العزيز: سورة البقرة: إحلال الجملة الاسمية محل الاسم المفرد، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، العدد 112/28، 2010م، ص 12.
([47]) المبرد: المقتضب، 4/211.
([51]) صالح، عبد الرحمن الحاج: النحو العربي والبنيوية: اختلافها النظري والمنهجي، مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مصر، ج82، مايو، 1419هـ/ 1998م، ص221.