
المثل الإسلامي بين الفكر القديم والفكر الجديد
رنا شاهين ـ طالبة ماجستير في جامعة البعث قسم أدبيات ـ سوريا
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 40 الصفحة 81.
ملخص البحث :يحاول البحث رصد التطورات التي حققها النص المثلي– بوصفه فنّاً نثرياً شديد اللصوق بالواقع – بانتقاله من الجاهلية إلى صدر الإسلام. ولتحقيق هذه الغاية سيسير البحث على وفق المحورين الآتيين :
- يدرس المحور الأول تطور المثل على المستوى الفني .
- ويدرس المحور الثاني تطوره على المستوى الفكري .
مقدمة:
حقق المثل الإسلامي حضوراً قوياً على الساحة الثقافية في صدر الإسلام؛ إذ واكب مرحلة التحول والانتقال من الجاهلية إلى الإسلام، فعبَّر عن روح العصر الجديد تعبيراً دقيقاً. فكيف تجلَّى أثرُ الانتقال من طور الجاهلية إلى طور الإسلام في النص المثلي؟
- المثل:
المثل صيغة نصيَّة تضيق على مستوى منظومة اللغة المادية, وتتسع على مستواها المعنوي؛ إذ إن الاقتضاب الذي تحققه اللغة في مستواها المادي يرافقه انفتاح في مستواها المعنوي. يقول الزمخشري (ت538 هــ) : “إنها ( أي الأمثال ) أوجزت اللفظ، فأشبعت المعنى, وقصّرت العبارة, فأطالت المغزى”([1]). يحرّر هذا الانفتاح المعنوي نص المثل من المباشرة, ويدفع به إلى فضاء التأويل جاعلاً منه نصَّاً طافحاً بطاقة شعرية جعلته يعدُّ ” قُصارى فصاحة العرب … وجوامع كلمها “([2]).
وقد بيّن ابن الأثير الجزري ( ت637هــ ) حَدَّ المثل بقوله : ” هو القول الوجيز المرسَل؛ ليُعْمَلَ عليه “([3]). وهو ما أبطله ابن أبي الحديد ( ت656هــ ) مبيناً أن ” الصحيح أن يقالَ : المثلُ يُطلق على نوعين : أحدهما ما قُصِدَ به المبالغة بلفظة أفعل, كقولهم : ” أشغلُ من ذات النِّحْيَيْن “(4), والثاني كلُّ كلام وجيز منثور, أو منظوم, قيل في واقعة مخصوصة تَضَمَّنَ معنى وحكمة, وقد تهيَّأ بتضمُّنه ذلك لأن يُستَشهد به في نظائر تلك الواقعة “(5).
وقد تعاظمت العناية بالأمثال جمعاً وتدويناً منذ زمن مبكر. وقد عرض د. عبد الفتاح محمد الحلو في مقدمة تحقيقه كتاب ” التمثيل والمحاضرة ” للثعالبي ( ت439هــ )(6)طائفة كبيرة من الكتب التي عُنيت بجمع الأمثال, وتدوينها منذ أن نشطت حركة التدوين عند العرب (حوالي منتصف القرن الأول الهجري), حتى العصر الحديث.
وقد أفرد د. عبد المجيد قطامش في كتابه ” الأمثال العربية “(7) فصلاً تحدث فيه عن مصنفات الأمثال العربية منذ نشاط حركة التدوين حتى نهاية العصر العباسي الثاني.
وقد اقتصرت تلك الكتب على الجمع والتدوين, وإن كان بعض مؤلفيها حاول في مقدمة كتابه وضع تعريف للمثل, وتحديد خصائصه(1)، وقلّما وُجدت دراسة أخضعت النص المثلي للدراسة والتحليل, ويأتي هذا البحث؛ ليخص مثل صدر الإسلام بدراسة تحليلية تبين التطورات التي حققها بانتقاله من الجاهلية إلى الإسلام.
- تطور المثل في صدر الإسلام :
إن عملية استقرائية موسّعة للأمثال منذ نشأتها الجاهلية تُظهر تميّز المثل من غيره من الفنون من جهة شدَّةِ لصوقه بحياة الناس, حتى يمكن وصفه بأنه وليد الواقع المُعاش. بناء على ذلك يمكن القول : إنّ تطور الواقع سيؤدّي حتماً إلى تطور المثل؛ لذا سنستثني هذا الفن النثري من قول بعض الباحثين(2) “إنّ الفن يتمتع باستقلال نسبي عن حركة المجتمع”، وإنه “ليس ضرورة, أو حتماً أن يتطابق تطور الفن, وتطور المجتمع”.
وستقوم الدراسة بإظهار التطور الكبير الذي أصاب بنيتي المثل الفكرية, والفنية بانتقاله من العصر الجاهلي إلى صدر الإسلام.
- تطور المثل على المستوى الفني :
ظلَّ الأسلوب المثلي في صدر الإسلام محتفظاً ببنائه الفني القائم على خصيصتي : الإيجاز, والتكثيف. وقد رافق هذا الأسلوبُ المثلي ظهورَ نوعٍ من الأمثال أطلق عليه العلماء اسم : الأمثال القياسيّة(3). وقد حققت بنية المثل القياسي تطوّراً فنيّاً مهمّاً يمكن رصده في مستويين بلاغيين :
- تطور على مستوى علم البيان :
إذ تمً إخضاع بنية المثل القياسيّ للنظام الذي تقوم عليه تقنية التشبيه. وقد كان لصوغ المثل على وفق هذه التقنية أهمية عظمى في تأدية المنظومة المثلية مهامها الإبلاغية المتمثِّلة في توضيح الحقائق المعرفية التي حملها الفكر الجديد؛ نظراً للخصوصيَّة التركيبية لتقنية التشبيه القائمة على جمع المشبه, والمشبه به في سياق تشبيهي واحد من دون تغييب لأحدهما, ممّا يسمح لذهن المتلقي بإجراء عملية مقايسة يتمُّ من خلالها فَهْمُ الرّكن الأول “المشبه” بقياسه على الركن الثاني “المشبه به”، فتسهم آلية التفكير القياسي تلك في كشف المعاني, وتوضيحها. ففي المثل الآتي : يقول النبي (ص) : ” مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغَنَمَيْن, تَعير إلى هذه مرة, وإلى هذه مرة “(1).
يصوّر المثل حالة المنافق, وما يعانيه من تذبذب, واضطراب نفسي؛ نتيجةَ افتقاده ثوابتَ ينطلق منها في حياته, فيُشبِّهه بالشاة الحائرة بين الغنمين. الهدف من هذا التشبيه تقريب المعنى من أذهان المتلقين, فكلمةُ “المنافق” بمدلولها الذي وردت فيه في الحديث إسلاميَّةٌ, لم تعرفها العرب بهذا المدلول قبل الإسلام, فأصلها اللغوي المتعارف عليه في الجاهلية : النُّفَقَةُ والنافقاء: جُحر الضب, واليربوع. ونَفَّقَ اليَرْبوع تنفيقاً, ونافق؛ أي دخل في نافقائه. وقد سُمي المنافق منافقاً؛ لأنه نافق كاليربوع, وهو دخوله نافقائه. وله جحر آخر يقال له القاصعاء, فهو يدخل في النافقاء, ويخرج من القاصعاء, أو يدخل في القاصعاء, ويخرج من النافقاء. وهكذا يفعل المنافق يدخل في الإسلام, ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه(2). فاكتسبت الكلمة بانتقالها إلى صدر الإسلام مدلولاً جديداً, قد يُشْكِلُ هذا المدلول المُكتسَب على المتلقي, ويعسر تصوّره, فيقرّبه الرسول من خلال وضعه في إطار تشبيهي, فيتوضّع المشبه “المنافق”, والمشبه به “الشاة العائرة” على مستوى البنية السطحيّة للنص المثلي, فيقدمُ النصُّ المعنى في الركن الأول, ثم يقرّبه للذهن عن طريق الركن الثاني من خلال التمثيل له بصورة حسية منتزعة من حياة الناس فيُنقل المشبه من مستوى الخفاء إلى مستوى التجلي بوساطة المشبه به، ما يحقِّقُ ارتباطاً دلاليّاً متبادلاًCorrelation Semantique(3) بفضل التوافق بين الدلالات في ذهن المتكلِّم, وذهن المتلقي, ما يسهم في نجاح عملية التواصل بين المرسِل, والمرسَل إليه.
وقد طوى النبي (ص) ذكر وجه الشبه, فجاء التشبيه مجملاً, ولعلّ الهدف من ذلك إطلاق التشبيه, وعدم تقييده بصفة دون غيرها؛ لمزيد من التنفير من صورة المنافق, في محاولة لحمل المسلم على التمسّك بالثوابت الدينية, فلا يحيد عنها.
وكثيراً ما كان يقع في التشبيه تصرُّفٌ إلى وجوه تزيد فاعليّته, كأن يضمَّ النص المثلي الواحد تشبيهات متعددة, كلُّ تشبيه كيانٌ فنيٌّ مستقل في ذاته غير مرتبط بغيره, وهو ما يسميه علماء البلاغة بالتشبيه المتعدد. كما في المثل الآتي :
يقول النبي (ص) : ” مَثَل المؤمنِ الذي يقرأُ القرآنَ كمثل الأُترُجَّةِ ريحها طيب وطعمها طيب, ومَثَلُ المؤمن الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو, ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الرَّيحانة ريحها طيب وطعمها مر, ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحَنْظَلة ليس لها ريح وطعمها مر”(1).
وكثيراً ما تأتي التشبيهات متداخلة فيما بينها بما يطلق عليه علماء البلاغة اسم التشبيه المركب, كما في قوله (ص) فيما يرويه علقمة عن عبد الله قال : دخلت على رسول الله (ص), وهو على حصير, قد أثّر الشريط في جنبه, فقلت : لو نمتَ يا رسول الله على ما هو ألين من هذا. فقال: ” ما لي وللدُّنْيا, إنَّما مَثَلي ومَثَلُ الدنيا كمثل راكب ٍقال في ظلِّ شجرة ٍفي يوم ٍصائِفٍ ثم راح وتركَها “(2).
لقد استدعى التطور البلاغي المتحقق على المستوى البياني تطوّراً بلاغيّاً آخر تحقق على مستوى علم المعاني.
2-1-2- تطورٌ على مستوى علم المعاني :
تَمثّل في انتقال منظومة المثل المادية من مستوى الإيجاز إلى مستوى الإطناب كما تبيّن من خلال الأمثلة السابقة.
لقد أنتجت هذه التطورات البلاغية هذا النوع المثلي الجديد الذي أطلق عليه العلماء اسم : المثل القياسي.
لم يقتصر التطور على مستوى بنية المثل الفنية, بل طال بنيته الفكرية.
2 -2- تطور المثل على المستوى الفكري :
ستتمُّ دراسةُ تطور المضمون الفكري لنص المثل من خلال قوانين(1) لاحظنا خضوع مثل صدر الإسلام لها, تُظهر على نحو جلي هذا التطور.
- قانون التحول الحضاري :
وهو قانون فرضه التغيير الذي أحدثه الإسلام في تركيب المجتمع الجاهلي, والعلاقات, والنُّظُم التي كانت سائدة فيه في طور الجاهلية, فيتمُّ على أساسه استدعاء المثل جاهلي النشأة, وتحويله إلى مثل إسلامي من خلال إخضاعه لعملية تتمُّ على مستوى منظومة المثل اللغوية, فيتمُّ فصلُ منظومة المثل المعنوية ذات الطابع الجاهلي عن منظومته المادية, ودمج الأخيرة في منظومة معنوية جديدة ذات طابع إسلامي.
فالمثلُ القائلُ : ” انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً “(2) مثل جاهلي النشأة, يُظهر طبيعة العلاقات التي كانت سائدة في المجتمع القبلي القائمة على عصبية مقيتة تدفع أبناءَ القبيلة الواحدة الذين يجمعهم دمٌ واحد, ونسبٌ واحد إلى نُصرة أي فرد من أفرادها على أي حال : سواء أكان ظالماً ، أم مظلوماً. وقد جاء الإسلام حاملاً فكراً يقوم على رفض الظلم, فمن الطبيعي أن يتعرّض مثل هذا المثل للإقصاء, لكنَّ الرسول (ص) يلجأ إلى هذا المثل فيدخله دائرة الفكر الإسلامي بأن يُخضع منظومته المعنوية لتحويل يقوم على نقل كلمة “ظالم” من مستوى التّحقُّق بوصفها اسم فاعل مشتق من الفعل المبني للمعلوم؛ للدلالة على مَن وقع منه الفعل إلى مستوى استباقي يمنع وقوع الظلم. فالظلم على وفق المنظومة المعنوية الجاهلية واقع مُحقّقٌ, في حين تستبق المنظومة المعنوية الجديدة وقوعه ؛ إذ تُلزم المسلم أن يمنع أخاه المسلم من الإقدام على الظلم. فيتوافق المثل بمنظومته المعنوية الجديدة مع التشريعات الإسلامية.
وإنَّ إبقاء النبي على وعاء المثل المادي زاد فاعليّته التأثيريّة؛ بسبب إحداثه صدمة عند المتلقي؛ إذ يتساءل سائل: ننصره مظلوماً, فكيف ننصره ظالماً؟ فيأتي جواب النبي ( ترُدُّهُ عن الظلم ) مبيِّناً طبيعة التحويل التي تعرض لها المثل, ليدخل بذلك نطاق الأمثال الإسلامية.
وإذا استطاع المثل السابق الدخول في دائرة الأمثال الإسلامية بعد خضوعه لعملية التحويل المذكورة, فإنَّ هناك أمثالاً بقيت خارج نطاق هذه الدائرة مما يقودنا للحديث عن القانون الثاني :
- قانون الإقصاء :
لا يختلف هذا القانون عن سابقه من جهة أنه نتيجة للتغيير الذي أحدثه الدين الجديد في النظم الاجتماعية السائدة في المجتمع الجاهلي. وإذا كان المثل نتاجاً شعبياً يستقي مادته من العادات, والنظم السائدة في المجتمع, فهذا يجعله عُرضة للإقصاء بتغيُّر تلك النظم, وذلك في حال الانتقال من عصر إلى آخر؛ إذ يُلغي العصر الجديد نُظُماً, ويحل محلها نظماً أخرى تتوافق مع مبادئه. وقد كان من النظم السائدة بين العرب قبل الإسلام أنّ الراهن إذا لم يؤدِّ ما عليه في الوقت المعيّن ملك المرتهنُ الرهنَ. فصارت العرب تضرب بذلك المثل, فتقول لكل مَن وقع في أمر لا يرجو منه انتياشاً : “غَلَقَ الرَّهْنُ بما فيه”(1). وبالانتقال من الجاهلية إلى الإسلام تمّ إبطال هذا النظام الاجتماعي بحديث عن رسول الله (ص) : ” لا يغلق الرهن “(2). فلما كان نظام المثل السيميائي التقريري مما يتناقض مع كلام الرسول الكريم, فقد تحرّزَ المسلمون من جريانه على ألسنتهم, ومن ثمّ تعرّض المثل للإقصاء.
وإذا كانت المنظومة المعرفية التي يحملها الدين الجديد تقتضي إقصاءَ بعض الأمثال، وتحويل مدلول بعضها الآخر، فإنها لا بدّ تتطلّب ابتداع أمثال تتوافق مع الأفكار التي تحملها. ما يقودنا للحديث عن القانون الثالث الموسوم بقانون الابتداع .
- قانون الابتداع :
يتيح هذا القانون دراسة الأمثال التي ابتدعها الرسول (ص), وصحبه, والتي تمثّل الجدّة في المضمون الإيديولوجي؛ بسبب ارتباطها بالمرحلة الجديدة ذات الطابع الفكري الجديد. وقد أُنيط بالمثل منذ ظهور الإسلام مهمّة إبلاغية كبرى, فقد اتّكأ عليه النبي (ص)؛ لنقلِ أفكار المنظومة الإيمانية الجديدة؛ لِمَا للمثل من قدرة على تقريب المعنى, وإيصاله بطريقة فنية قادرة على التأثير في المتلقي. فحاول النبي إبانة الحقائق المعرفية, والقضايا الفكرية المجرّدة التي حملها الدين الجديد بنماذج حسيَّة مُنتَزَعة من البيئة اللصيقة بحياة الناس؛ بهدف تقريبها, وترسيخها في أذهانهم(1)؛ لذا كثرت الأمثال التي استحدثها الرسول (ص), والتي يمكن إدراجها تحت ما أسميناه بقانون الابتداع. بناء على ذلك يمكن تعريف المثل المُبتَدَع بأنه المثل الذي ابتدأه قائله, فهو بذلك يشكّل مورداً, ويُضرب في كل حال تشبه ذلك المورد.
وقد صنف العلماء الأمثال التي ابتدعها الرسول (ص) إلى : أمثال قياسية ، وأمثال موجزة(2).
2-2-3-1- المثل القياسي :
سجَّل هذا النوع المثلي حضوراً مكثّفاً في صدر الإسلام؛ لما له من قدرة إيضاحيّة, وفاعليَّة تأثيريّة نَجَمَتَا عن طبيعته التركيبيَّة المُبَيَّنة آنفاً. من ذلك قوله (ص): ” إنَّ مثَلي ومَثل الأنبياءِ من قبلي كمثل رجلٍ بنى بيتاً فأحسَنَهُ, وأجمله, إلا مَوضِعَ لَبِنَةٍ من زاوية. فجعلَ الناسُ يطوفون به, ويعجبون له ، ويقولون : هلّا وُضِعَتْ هذه اللبنةُ؟ فأنا اللَّبنة, وأنا خاتمُ النَّبيين”(3).
يبيّن النبي موقعَ نبوّته بين النبوات السابقة, وصلة رسالته بما جاء به الرسل السابقون, عليهم الصلاة والسلام، هذه الصلة هي صلة الموافقة للدعوات السماوية السابقة, ثم تكميلها؛ لتكون الشريعة الإلهية على أكمل وضع. فالنبوات ذات أصول واحدة, فكلها تدعو إلى الإيمان بالله وتوحيده، سبحانه, وتؤمن باليوم الآخر, وكلها تقوم على أساس الخضوع لله, وطاعته, والعمل بشريعته, وإن اختلفت في بعض تفاصيل المعارف الإلهية, وتطبيق الواجبات الدينيَّة، لكنّها كلها عالجت المشاكل الإنسانية لمدة محددة, تأتي بعد كلِّ نبوةٍ نبوةٌ تالية تستمرّ في الشوط الذي سارت فيه السابقة من قبل, حتى بقي لبنيان دعوة الله أن يُخْتم بما يُحْكِمُ تلك الدعوات, ويكمّلها, ويستوفي كل ما تحتاج إليه الإنسانية في مرحلتها الجديدة؛ لتنتقل إلى مرحلة النهضة, والرقي الشامل، فكان ذلك الإتمامُ, وهو تلك اللبنة الأخيرة, بعثةَ محمد(ص) الذي جاء مصدقاً للأنبياء كلهم, وليس بعده نبوّة قط(1).
يعرض النبي (ص) هذه الأمور المعنوية في صورة مادية شديدة اللصوق بحياة الناس من خلال أسلوب التشبيه المركَّب؛ لينتقل المشبه بوساطة المشبه به من مستوى المجرد إلى مستوى المحسوس؛ ليستقرّ في أذهان المتلقين صورة ثابتة راسخة تحملهم على التأمل, والتفكُّر في بعثة النبي(ص), دافعة إياهم إلى الإيمان برسالته.
ومن أمثلته (ص) : ” مَثَل المؤمن مَثَلُ الخَامَة من الزرع, تُفيئُها الريح مرةً ههنا, ومرةً ههنا. ومَثَل الكافر مثل الأرزةِ المُحْدَبَة على الأرض حتّى يكونَ انجِعَافُها مرةً واحدة “(2).
وقوله (ص) : ” مَثَلُ الذي يسمع الحكمة ثم لا يُخبرُ عن صاحبه إلا بشرِّ ما سَمِعَ كمثل رجل أتى راعِيَ غنم، فقال: أجْزِرْني شاةً من غَنَمِك. فقال: اخترْ. فأخذ بأُذُنِ كلب الغَنَم “(3).
2-2-3-2- المثل الموجز :
وكذلك فقد اعتمد النبي (ص) الأمثالَ ذات البناء الفني الموجز؛ ليعبِّر عن القضايا التي حملها الفكر الجديد, كقوله : ” المرء بخليله, فلينظر امرؤٌ مَنْ يخالل “(4).
صبَّت السُّنَّة النبوية اهتمامها على توجيه المسلمين لاختيار قرنائهم؛ لمَا للصاحب من قدرة تأثيرية كبيرة في صاحبه. فيقول النبي في إحدى خطبه : ” طوبى لمن … جالس أهل الفقه, والحكمة “(1). فهي دعوة لانتقاء الجليس. ويقول : ” إنما مثل الجليس الصالح, وجليس السوء كحامل المسك, ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يُحذِيك, وإما أن تبتاع منه, وإما أن تجد منه ريحاً طيباً. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك, وإما أن تجد منه ريحاً خبيثةً “(2). ولمزيد من التأثير يجعل النبي (ص) المرءَ مقيساً بخليله, فيقول : ” المرء بخليله … ( المثل ).
ينهض البناء النصي للمثل السابق على كتلتين (أ) و (ب), كما يبيّن الشكل الآتي :
المرء بخليله فلينظر امرؤٌ من يخالل
كتلة (أ) كتلة (ب)
تتبع الكتلةُ (ب) الكتلةَ (أ) نحويّاً بوساطة الفاء العاطفة التي أفادت معنى السببية. وقد اتّخذت الكتلةُ (أ) تشكُّلاً اسميّاً؛ إذ ابتدأت بالمسند إليه “المرء” الذي جاء معرّفاً بأل؛ لأن الإسناد إلى مجهول لا يفيد. وتدخل (أل) التعريف ههنا فيما يسميه علماء البلاغة ” لام الحقيقة “, وهي ما يُشار بها إلى الحقيقة نفسها من دون ما ينطوي تحتها من أفراد.
وتتمُّ فائدة ذكر المسند إليه بذكر المسند الذي جاء شبه جملة ( جار ومجرور ). وقد أفاد حرف الجر هنا معنى المقابلة, فجعل النبي (ص) المرءَ مقدّراً على مثال صاحبه؛ أي مقيساً به.
وقد أفاد هذا التَّشكُّل الاسمي المجرد من الزمن ثباتاً دلاليّاً جعل الكتلة (أ) سبباً مسلّماً به, ينطلق منه الرسول؛ ليبني عليه نتيجة تمثّلت في الكتلة (ب), تفيد بضرورة تخيُّر المرء صديقَه. فحقق المثل في أثناء الانتقال من السبب إلى المُسَبَّب انتقالاً صياغيّاً؛ إذ تحوّل من التّشكُّل الاسمي في الكتلة (أ) إلى التّشكُّل الفعلي في الكتلة (ب)؛ إذ جُعلت زمانية مرتبطة بإرادة الإنسان, ومسؤوليته في الاختيار.
ولا يزال النبي (ص) يُرسل الأمثال الموجزة المتشرّبة مبادئ الدعوة الإسلامية والمُلْبَسة لبوساً بلاغيّاً يجعلها ذات قدرة على النفاذ إلى وجدان المتلقين, والاستقرار في عقولهم، كقوله :
” اليدُ العليا خيرٌ من اليد السُّفْلى “(1)
” إن المُنْبَتَّ لا أرضاً قَطَعَ ولا ظهراً أبقى “(2)
” الحياءُ من الإيمان “(3)
وقد وردت على لسان النبي (ص) أمثالٌ تعبّر عن الموقف, كقوله – وقد احتدم القتال, واشتدت المعركة يوم حنين (8هــ) – : ” قد حمي الوطيس “(4). وقوله لأبي عزة الشاعر – الذي أسره يوم بدر (2هــ), ثمّ مَنّ عليه, فأطلقه, وأسره يوم أُحد (3هــ) مرة أخرى, فطلب من النبي أن يمنّ عليه – : “لا يُلسَعُ المؤمن من جُحر مرتين”(5).
وغير ذلك الكثير من الأمثال التي تندرج تحت التصنيفين السابقين : القياسيَّة, والموجزة, ولعلّه بالإمكان إضافة تصنيف آخر يمكن وسمه بالمثل المفسّر.
2-2-3-3- المثل المفسَّر :
يقوم البناء النصي للمثل المفسّر على وحدتين سرديتين متضادتين, تقدم الوحدة الأولى معنى غامضاً, تعمل الوحدة الثانية على توضيحه, وإزالة غموضه.
تنفصل الوحدة الأولى – بعد توضُّحها – مشكّلةً عبارة مثلية تجري على الألسنة. من ذلك قول النبي(ص): ” إياكم وخضراءَ الدِّمَن ” . فقيل له : وما ذاك يا رسول الله؟ قال : “المرأة الحسناء في مَنْبِتِ السُّوء”(6).
يضمّ الحديث السابق وحدتين سرديتين تجمعهما علاقةٌ قوامها التضاد المتحقق بين مستويين تعبيريين متضادين : الغموض / الوضوح؛ إذ تُمثّل الوحدة الأولى : ” إياكم وخضراءَ الدمن ” مستوى تعبيريّاً غامضاً يتمُّ توضيحه من خلال الوحدة الثانية التي تمّ بناؤها على وفق ثنائية الاستخبار والإخبار, فيُسأل الرسول : وما خضراء الدمن؟ فيقول : المرأة الحسناء في منبت السوء.
ثم يتمُّ انفصال الوحدة السردية الأولى – بعد اتضاح معناها – لتجري مثلاً على الألسنة. وقد تمّ بناء هذه العبارة المثليَّة على وفق أسلوب التحذير؛ بغرض تنبيه المتلقين على أمر مكروه؛ ليجتنبوه. وقد جاء التحذير بالضمير المنفصل “إياكم”, وجاء المحذر منه والمحذر لأجله متعاطفين, فعَطَفَت الواو جملة على جملة, والتقدير : باعدوا أنفسكم، واجتنبوا خضراء الدمن.
وقد جاء المحذر منه تعبيراً مجازيّاً استعاريّاً علاقته المشابهة, فالفتاة الحسناء في المنبت السوء كخضراء الدمن, منظرها حسن, وباطنها خبيث, فعمد الرسول إلى إسقاط المشبه؛ ليصلَ إلى حد الاتحاد بين المشبه والمشبه به, فكأنهما أمرٌ واحد, مبالغةً في التحذير, ومزيداً من التأثير في المتلقي .
وقد جاءت الاستعارةُ تبعاً للجامع الذي يشترك فيه طرفاها داخليةً, فالظاهر الجميل, والباطن القبيح داخلان في مفهوم الطرفين, فالدمنة في قوله : “خضراء الدمن” : ” هي الأبعار المجتمعة تركبها السوافي ( الريح تثير التراب ), ويعلوها الهابي ( التراب الذي يهب مع الريح ). فإذا أصابها المطر أنبتت نباتاً خَضِراً يروق منظره, ويسوء مخبره “(1). فشُبِّهت المرأة التي منظرها حسن, ومنبتها فاسد بخضراء الدمن. فالظاهر الجميل, والباطن القبيح داخلان في مفهوم المستعار له, والمستعار منه. ويندرج هذا التعبير البلاغي تحت نوع الاستعارة المفيدة ؛ لقدرته على تعميق المعنى, وإثارة خيال المتلقي تاركاً فيه الأثر المطلوب.
لقد ابتدع النبي (ص) المثل القياسي, والمثل الموجز, والمثل المفسَّر.
ونرى مثل هذا التصنيف – باستثناء المثل المفسر – عند الصحابة – رضوان الله عليهم – فقد ابتدع عمر بن الخطاب (ر) المثل القياسي, والمثل الموجز. يظهر المثل القياسي في الخبر الآتي : ” عن الربيع بن زياد الحارثي أنه وفد إلى عمر, فأعجبته هيئته, ونحوه, فشكا عمر طعاماً غليظاً يأكله, فقال الربيع : يا أمير المؤمنين ، إن أحق الناس بمطعم طيب, وملبس لين, ومركب وطيء لأنت. فضرب رأسه بجريدة وقال : والله، ما أردتَ بهذا إلا مقاربتي, وإن كنت لأحسّ أن فيك خيراً. ألا أخبرك بمثلي ومثل هؤلاء, إنما مثلنا كمثل قوم سافروا، فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منهم ، وقالوا أنفقها علينا, فهل له أن يستأثر عليهم بشيء؟ فقال الربيع : لا “(2).
يقوم الخبر على حوار بين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (ر), والربيع بن زياد, فيُبدي الربيع رأياً يعطي من خلاله الخليفةَ حقَّ حرية التصرف في بيت أموال المسلمين, يقابَل هذا الرأي بالرفض الشديد من قبل عمر الذي يسعى لبيان علّة الرفض بمَثَل اتّكأ عليه؛ ليحقق أهدافاً تتجلى فيما يأتي :
1- إقناع الربيع بطريقة جمالية : فقد كان لاستخدام الصيغة المثلية؛ لبيان علة الرفض أثرٌ في خفوت البعد التقريري المنفر؛ إذ أتاحت لعمر إثبات صحة وجهة نظره بطريقة فنية امتلكت القدرة على توجيه الخطاب الوجهة التي يريدها عمر, وحسمِ نتيجة الحوار.
وقد قُدِّم المثل في بناء فني يقوم على استثمار الطاقات البلاغية للإطناب, فزاد لفظ المثل على معناه عبر لجوء المبدع إلى تقنية التكرار, فكرّر ذكر المشبه مرتين : ” ألا أخبرك بمثلي ومثل هؤلاء “,” إنما مثلنا “. وكرّر ذكر أداة التشبيه : “الكاف”,”مَثَل”. وقد عمد عمر إلى تكرار ذكر المشبه بهدف شدّ انتباه المتلقي, وإثارة فضوله لمعرفة طبيعة تلك العلاقة بين الحاكم والرعيّة فيما يخصّ الأموال التي تدفعها الرعية إلى بيت مال المسلمين, حتى إذا تحقق له ذلك جاء بالمشبه به بعد أن لجأ إلى عملية تكرار أخرى طالت أداة التشبيه, فجمع عمر بين طرفي التشبيه بوساطة “الكاف” وهي حرف يفيد التشبيه, و”مَثَل” وهي اسم يفيد معنى المماثلة. وكان يُكتفى بإحدى الأداتين للنهوض بعملية التشبيه, لكن توظيفهما معاً تم بشكل قصدي؛ للدلالة على شدة اشتراك ركني التشبيه الأساسيين في المعنى, ليخرج المتلقي بنتيجة تقول إن الحاكم لا ينبغي له التصرف بثروات الدولة إلا بما يعود نفعه على الرعيّة, وليس له أن يستأثر بشيء منها.
2- الانتقال بالخطاب من مستوى خاص إلى مستوى عام : أخرجت الصيغةُ المثلية الحوارَ من أُطره الضيّقة بوصفه حواراً بين شخصين مختلفين فكرياً إلى ما هو عام وكلي وشمولي يبيّنُ طبيعة علاقة الحاكم بثروات الدولة في كل زمان ومكان.
حاول عمر (ر) الاتّكاء على المثل محمّلاً إياه مهمة إيصال فكره السياسي بطريقة مقنعة مؤثرة. وإذا كان المثل في الخبر السابق ينتمي إلى دائرة الأمثال القياسيّة, فإنه في الخبر الآتي ينتمي إلى دائرة الأمثال الموجزة :
يُذكر أن عمر ” مرّ ببناء يُبنى بحجارة وجَصّ, فقال : لمن هذا؟ فذكروا عاملاً له على البحرين ، فقال : أبت الدراهم إلا أن تُخرج أعناقها(1)، فشاطره ماله “(2).
أخضع عمر لغة المثل لنشاط مجازي, فبثّ الحياة في الجماد؛ ليبين أن ” صاحب الغنى لا يستطيع أن يكتمه “([4]).
ومن أمثاله الموجزة : ” شوى أخوك حتى إذا أنضج رَمَّدَ “([5])
” وَلِّ حَارَّها مَن تَوَلَّى قارَّها “([6])
” إنَّ النساءَ لحمٌ على وَضَم “([7])
وقد ابتدع علي بن أبي طالب (ر) المثل القياسي, والمثل الموجز. كقوله :
” إنما مثلي ومثل عثمان كمثل أثوار ثلاثة كُنَّ في أجمة, أبيض وأسود وأحمر, ومعهن فيها أسد, فكان لا يقدر منهن على شيء؛ لاجتماعهن عليه. فقال للثور الأسود, والثور الأحمر : لا يَدلُّ علينا في أجمتنا إلا الثور الأبيض, فإن لونه مشهور, ولوني على لونكما, فلو تركتماني آكله صفت لنا الأجمة. فقالا : دونك فكله. فأكله, فلما مضت أيام قال للأحمر : لوني على لونك, فدعني آكل الأسود؛ لتصفو لنا الأجمة. فقال : دونك فكله. فأكله, ثم قال للأحمر : إني آكلك لا محالة. فقال : دعني أنادي ثلاثاً. قال : افعل. فنادى : ألا إني أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض “.
ويروى أن عليّاً قال بعد ذلك :” ألا إني هنت يوم قُتل عثمان “. ويضرب هذا المثل للرجل يُرزأ بأخيه([8]).
ومن أمثاله الموجزة : ما عدا مما بدا([9])
رأي الشيخ خيرٌ من مشهد الغلام([10])
نِعم المِجَنُّ أجلٌ مُستأخِر([11])
ومن الأمثال الموجزة التي ابتدعها أبو بكر الصديق (ر) :
” صنائعُ المعروف تَقِي مصارعَ السوء”(1)
” ليست مع العزاء مصيبة “(2)
” إن الله قرن وعده بوعيده ؛ ليكون العبد راغباً راهباً “(3)
ومن أمثال معاوية بن أبي سفيان (ر), قوله لجرير بن عبد الله البَجَلي حين استعجل عليه ليأخذه بالبيعة لعلي : ” إنها ليست بخُدعة الصبي “(4).
وقوله حين سمع أن الأشتر سُقي عسلاً فيه سم، فمات : ” إنّ لله جنوداً منها العسل “(5).
ومنها ما ورد على لسان ابن عباس (ر) :
” إذا جاء القدر عشي البصر “(6)
” الهوى إله معبود “(7)
ومنها ما ورد على لسان عبد الله بن مسعود (ر) :
” ما على الأرض شيءٌ أحقُّ بطولِ سِجْنٍ من لسان “(8)
وينسب إلى عمرو بن العاص قوله لمّا بلغه حصر عثمان (ر), ثم قتله :
” إذا حككتُ قَرْحة أدميتُها “(9)
ولم يقتصر الأمر على ابتداع الأمثال, بل كثيراً ما كان يتمُّ توليدها من نصوص قرآنية, أو أحاديث نبوية. وهذا يقودنا لدراسة أمثال صدر الإسلام تحت ما أسميناه بقانون التوليد.
- قانون التوليد :( ولّد الشيءَ من الشيء : أنشأه عنه )
يتيح هذا القانون دراسة العلاقة القائمة بين نصين من خلال مفهوم التوليد القائم على إمكانية إنشاء نص مثلي من النص القرآني, أو النص المحمّدي. وقد تتمُّ عملية التوليد على مستوى منظومة لغة النص الأصلي المعنوية. وإنّ اللُّغة بوصفها منظومة سيميائية توفر إمكانية الانفصال بين المنظومتين : المادية والمعنوية, فيتشكّل المثل المتولِّد بمعلومات دلاليّة توافق النص الأصلي, لكن بماهية مادية مختلفة. من ذلك قول النبي(ص): ” الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة “(1).
معنى المثل : الناسُ كثيرٌ, لكن قلّ منهم من يكون فيه خير؛ أي أن يكون عابداً شاكراً. وهو نصٌّ متولِّد عن النص القرآني : { وقليلٌ من عبادي الشَّكور }(2). فيصفُ النصَّان المهديِّيْن بالقلّة, لكنّ النص المثلي عبّر بوحدة مادية مختلفة عن الأصل. فلغة المثل تتفق مع الأصل في جانبها المعنوي, وتختلف عنه في جانبها المادي.
وقد تقترب المنظومة اللغوية للمثل المتولِّد من المنظومة اللغوية للنص الأصلي في جانبيها المادي, والمعنوي, كما في الصيغة المثلية : ” أتبُّ من أبي لهب “(3). التي تمّ إنشاؤها من النص القرآني: { تَبَّت يدا أبي لهب }(4). فلو مَثَّلْنا للنصين بالتمثيل الآتي :
النص القرآني { تبت يدا أبي لهب} ( أ )
النص المثلي المتولِّد عنه ” أتبُّ من أبي لهب ” (ب)
لوجدنا أن المعنى واحدٌ في النصين ( أ ) و (ب), وهو معنى الخسران, لكن تم نقل المعنى في النص (ب) إلى مستوى مبالَغ فيه عبر بنائه على مسند صيغ على وزن ” أفعل “, أفاد المبالغة في إبراز معنى الخسران.
ويغاير الوعاء المادي للنص (ب) الوعاء المادي للنص ( أ ) تركيبيّاً؛ إذ تمّ تركيب النص ( أ ) على مسند ( تبت ), ومسند إليه ( يدا )، فدلَّ على الحقيقة, وزمانها. بينما قام النص (ب) على مسند إليه محذوف (هو)؛ لأن المقام مقام ذم, والعرب تُكثِر حذف المسند إليه في هذا المقام, وذُكر المسند (أتبُّ)، فدلّ النص على الحقيقة دون زمانها.
وهناك عدد غير قليل من الأمثال المتولِّدة عن نصوص قرآنية تقارب في منظومتها اللغوية منظومة النص القرآني, سنمثّل لبعضها بالشكل الآتي :
النص القرآني | النص المثلي المتولِّد عنه |
{ فشارِبُون شُرْبَ الهِيمِ }(1) | أشربُ من الهيم(2) |
{ وأصبح فؤادُ أمِّ موسى فارغاً }(3) | أفرغُ من فؤاد أمّ موسى (4) |
{ وإنَّ أوهنَ البيوت لبيتُ العنكبوت }(5) | أَوهنُ من بيت العنكبوت(6) |
وقد يتولَّد النص المثلي من النص المحمّدي, من ذلك قول عبد الله بن مسعود : ” هو إمّعة “(7). وهو نصٌّ متولِّد عن قول النبي (ص) : ” لا تكونوا إمَّعَة, تقولون : إن أحسن الناس أحسنا, وإن ظلموا ظلمنا, ولكنْ وطِّنوا أنفسكم إن أحسن الناس أنْ تحسنوا, وإن أساؤوا، فلا تظلموا “(8).
ويمكن التمثيل للنصين كما يأتي : النص المحمدي : لا تكونوا إمّعة
النص المتولِّد عنه : هو إمّعة.
فانتقل المثل المتولِّد من مستوى الإنشاء في الحديث النبوي إلى مستوى خبري غرضه الذم.
- قانون التشابه :
يسمح هذا القانون بدراسة علاقة التشابه المعنوي بين نصين مثليين ينتميان لعصرين مختلفين, وإذ تقف العلاقة بين ذينك النصين عند حدود التشابه, فهذا يعني أن هناك تبايناً بينهما, فيتمُّ عبر قانون التشابه رصد نقاط التشابه, والاختلاف بين النصين.
لنأخذ المثلين الآتيين :
ينتمي المثل الأول إلى العصر الجاهلي, وقد ورد على لسان أكثم بن صيفي :
” الحزمُ حفْظُ ما كُلِّفت, وتركُ ما كُفيت “(9)
وينتمي المثل الثاني إلى صدر الإسلام, وقد جاء على لسان النبي الكريم محمد (ص) :
” من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه “(1)
يتشابه المثلان معنوياً؛ إذ يؤكدان ضرورة عدم انشغال المرء فيما لا يعنيه, فإنّ الانشغال بصغائر الأمور يضيع كبائرها؛ لذا فهي دعوة لاهتمام المرء بشؤونه فقط؛ للارتقاء بنفسه.
ويتباين المثلان إيديولوجيّاً, فيربط أكثم بن صيفي أمر ترك الإنسان ما لا يعنيه بمكاسب دنيوية, جاعلاً مقدرة الإنسان على ضبط أمره، وقيامه به من غير تقصير متحققة بانشغاله بشؤونه, وتركه الآخرين وشؤونهم. في حين يجعل النبي (ص) ترك الإنسان ما لا يعنيه من حسن إسلامه, فيربطه بمكاسب دينية ودنيوية. فهدف المثل الجاهلي الارتقاء في الدنيا, وهدف المثل الإسلامي الارتقاء في الدنيا والآخرة.
الخاتمة:
حقق النص المثلي بانتقاله من الجاهلية إلى صدر الإسلام تطورات فنية مهمة؛ إذ تم بناؤه بناءً فنيَّاً جديداً يقوم على التشبيه بهدف تقريب المعاني التي حملها الفكر الجديد, وقد ترتب على هذا البناء الجديد انتقال منظومة المثل المادية من مستوى الإيجاز إلى مستوى الإطناب.
كما حقق تطورات فكرية تم على أساسها إخضاع المثل الجاهلي لتحويل مدلوله وتوجيهه وجهة إسلامية, كما تم إقصاء بعض الأمثال الجاهلية عن دائرة الأمثال الإسلامية؛ لتعارضها مع الاتجاه الفكري الجديد. كما تطلبت المرحلة الجديدة استحداث أمثال تناسب المنظومة المعرفية الجديدة, وكثيراً ما كان يتم توليد النص المثلي من النص القرآني, أو النص المحمدي.
وقد أثبتت الدراسة وجود تشابه معنوي بين المثل الجاهلي والمثل الإسلامي مع وجود اختلاف بينهما يتمثل في أن القيمة النفعية للمثل الجاهلي دنيوية في حين تتسع القيمة النفعية للمثل الإسلامي لتكون دينية، ودنيوية.
لقد أثر ظهور الإسلام في المثل تأثيراً عميقاً وجعله قادراً على استيعاب الفكر الجديد, والتعبير عنه تعبيراً دقيقاً.
المصادر والمراجع
– القرآن الكريم.
– الألسنية ( علم اللغة الحديث) المبادئ والأعلام, ميشال زكريا, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت, لبنان, ط1 1980م, ط2 1983م.
– الأمثال العربية, دراسة تاريخية تحليلية, د. عبد المجيد قطامش, دار الفكر, دمشق, سوريا, ط1 1408هــ = 1988م.
– البرهان في علوم القرآن, بدر الدين الزركشي, تح : محمد أبو الفضل إبراهيم, دار التراث, القاهرة.
– التمثيل والمحاضرة, لأبي منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي, تح : عبد الفتاح محمد الحلو, الدار العربية للكتاب, ط2 1983م.
– جمهرة الأمثال, لأبي هلال العسكري, حققه وعلق حواشيه ووضع فهارسه : محمد أبو الفضل إبراهيم, وعبد المجيد قطامش, دار الجيل, بيروت, دار الفكر, ط2 1408هــ = 1988م.
– جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة, الجزء الأول : العصر الجاهلي, صدر الإسلام, أحمد زكي صفوت, شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر, ط2 1962م.
– سنن الترمذي, للإمام محمد بن عيسى بن سورة الترمذي (ت279هــ), حكم على أحاديثه وآثاره وعلق عليه : محمد ناصر الدين الألباني, اعتنى به : مشهور بن حسن آل سلمان, مكتبة المعارف للنشر والتوزيع, الرياض, ط1.
– صحيح البخاري, للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256هــ) , دار ابن كثير, دمشق, بيروت. ط1 1423هــ = 2002م.
– صحيح سنن ابن ماجة, محمد ناصر الدين الألباني, توزيع المكتب الإسلامي, بيروت, ط1 1407هــ = 1986م.
– صحيح مسلم, للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القُشيري النيسابوري, اعتنى به : أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي, دار طيبة, ط1 1427ه=2006م.
– عيون الأخبار, لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري, دار الكتب المصرية, ط2 1996م.
– غريب الحديث, لأبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن الجوزي (ت597هــ). وثّق أصوله وخرّج حديثه وعلّق عليه: د. عبد المعطي أمين قلعجي, دار الكتب العلمية, بيروت، لبنان.
– فصل المقال في شرح كتاب الأمثال, لأبي عُبيد البكري, وهو شرح لكتاب “الأمثال” لأبي عبيد القاسم بن سلام, حققه وقدم له : د. إحسان عباس, د. عبد المجيد عابدين, دار الأمانة, مؤسسة الرسالة, بيروت, لبنان 1391هــ= 1971م.
– القرآن والحديث, علم الحديث والدراسات الأدبية, د. نور الدين عتر, منشورات جامعة دمشق, ط8 2000-2001م.
– قصيدة المدح حتى نهاية العصر الأموي بين الأصول والإحياء والتجديد, د. وهب رومية, منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي, دمشق 1981م.
– الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل, تحقيق وتعليق ودراسة : الشيخ عادل أحمد عبد الموجود, والشيخ علي محمد معوّض, شارك في تحقيقه : د. فتحي عبد الرحمن أحمد حجازي, مكتبة العبيكان, ط1 1418هــ = 1998م.
– كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال, للعلامة علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي, اعتنى به : إسحاق الطيبي, بيت الأفكار الدولية, ط2 2005م.
– المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، لابن الأثير الجزري ( ت637هــ), ويليه كتاب الفَلَك الدائر على المثل السائر لابن أبي الحديد, قدمه وحققه وعلق عليه : د. أحمد الحوفي, د. بدوي طبانة, دار نهضة مصر للطبع والنشر, الفجالة, القاهرة.
– المجازات النبوية أو مجازات الآثار النبوية، للشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن أحمد المُوسَويّ, حققه وعلق عليه : مروان العطية, ود. محمد رضوان الداية, المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق 1987م.
– مجمع الأمثال, لأبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الميداني (ت518هــ), حققه وفصله وضبط غرائبه وعلق حواشيه : محمد محيي الدين عبد المجيد, 1374هــ = 1955م.
– المستقصى في أمثال العرب, لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط2, 1397هـ = 1977م.
– مسند الإمام أحمد بن حنبل ( ت241هــ ), حققه ووضع حواشيه ورقم أحاديثه : محمد عبد القادر عطا, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1 1429هــ = 2008م .
– الهوامل والشوامل لأبي حيان التوحيدي ومسكويه, تقديم : صلاح رسلان, نشره : أحمد أمين, السيد أحمد صقر.
المعاجم
- لسان العرب, محمد بن مكرم بن منظور ( ت711هــ ), دار صادر, بيروت.
([1]) المستقصى في أمثال العرب, لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط2 1397هـ = 1977م . مقدمة الكتاب.
([3]) المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، لابن الأثير الجزري, ويليه كتاب الفَلَك الدائر على المثل السائر، لابن أبي الحديد, قدمه وحققه وعلق عليه : د. أحمد الحوفي, د. بدوي طبانة, دار نهضة مصر للطبع والنشر, الفجالة, القاهرة. 1/55.
(4) مجمع الأمثال، لأبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الميداني (ت 518ه)،حققه وفصله وضبط غرائبه وعلق حواشيه: محمد محيي الدين عبد الحميد. 1/376.
(5) الفلك الدائر على المثل السائر، 4/53.
(6) الدار العربية للكتاب, ط2 1983م.
(7) دار الفكر, دمشق, سوريا, ط1 1408هــ = 1988م. ص41 وما بعدها.
(1) ينظر مقدمات :
– مجمع الأمثال .
– جمهرة الأمثال, لأبي هلال العسكري (ت395هــ), حققه وعلّق حواشيه ووضع فهارسه : محمد أبو الفضل إبراهيم ، وعبد المجيد قطامش, دار الجيل, بيروت, دار الفكر, ط2 1408هــ = 1988م.
– المستقصى في أمثال العرب.
(2) وهو الدكتور: وهب رومية في كتابه : قصيدة المدح حتى نهاية العصر الأموي بين الأصول والإحياء والتجديد, منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي, دمشق 1981م. ص205.
(3) وردت هذه الأمثال على لسان النبي (ص)، وقلَّة منها وردت على لسان صحبه. تشاكل هذه الأمثالُ الأمثالَ القياسيّةَ الواردةَ في القرآن الكريم, يقول الميداني : أما الكتابُ فقد وُجِدَ فيه هذا النهج لحباً مسلوكاً, حيث قال عزّ من قائل: ( ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً ) يعني كلمة التوحيد ( كشجرة طيبة ) يعني النخلة ( أصلها ثابت وفرعها في السماء ) شَبَّهَ ثبات الإيمان في قلب المؤمن بثباتها, وشبَّهَ صعود عمله إلى السماء بارتفاع فروعها في الهواء. ثم قال تعالى : (تؤتي أكُلَهَا كلّ حين ) فشبه ما يكتسبه المؤمن من بركة الإيمان وثوابه في كل زمان بما ينال من ثمرتها كل حين وأوان. وأمثال هذه الأمثال في التنزيل كثير… وأما الكلام النبوي من هذا الفن فقد صنَّفَ العسكريُّ فيه كتاباً برأسه, وأنا أقتصر ههنا على حديث صحيح … قال رسول الله (ص): إنما مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المِسْكِ ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يُحْذيك, وإما أن تبتاع منه, وإما أن تجد منه ريحاً طيباً, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثةً. ينظر مقدمة مجمع الأمثال.
وقد ذكر د. عبد المجيد قطامش في كتابه ” لأمثال العربية ” كتاباً بعنوان ( أمثال الحديث )، لأبي محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي ( المتوفي في حدود 360هــ ) ساق فيه مؤلفه طائفة كبيرة من الأمثال القياسية. ومما يقوله الرامهرمزي في مقدمة كتابه : ” هذا ذكر الأمثال المروية عن النبي (ص) وهي على خلاف ما رويناه من كلامه المشاكل للأمثال المذكورة عن متقدمي العرب, فإن تلك تقع مواقع الإفهام باللفظ الموجَز المجمل, وهذه بيان وشرح وتمثيل, يوافق أمثال التنزيل التي وعد الله، عز وجل، بها وأوعد وأحل وحرَّم ورجّى وخوَّف, وقرّع بها المشركين, وجعلها موعظة وتذكيراً, ودل على قدرته مشاهدةً وعِيانَاً, وعاجلاً وآجلاً …”. ينظر ص164-165.
(1) صحيح مسلم, للإمام أبي الحُسين مسلم بن الحجّاج القُشَيري النيسابوري ( ت261هــ)، اعتنى به: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة، ط1 1427ه =2006م (ح2784). العائرة: المترددة، الحائرة، لا تدري أيهما تتبع. تعير: تتردد، وتذهب.
(2) ينظر: لسان العرب, محمد بن مكرم بن منظور (ت711هــ), دار صادر، بيروت, مادة (نفق).
(3) نسمي التوافق بين الدلالات في ذهن المستمع, وفي ذهن المتكلم بالارتباط الدلالي المتبادل. الألسنية ( علم اللغة الحديث ) المبادئ والأعلام, ميشال زكريا, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, بيروت, لبنان, ط1 1980م ، ط2 1983م. ص49.
(1) صحيح البخاري ، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت256ه)، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، ط1 1423ه =2002م. (ح 5427).
(2) مسند الإمام أحمد بن حنبل ( ت241هــ ), حققه ووضع حواشيه ورقم أحاديثه : محمد عبد القادر عطا, دار الكتب العلمية, بيروت, لبنان, ط1 1429هــ = 2008م . ( ح 4294 ).
(1) لا تعدو هذه القوانين أن تكون معبّرة عن وجهة نظر, واجتهاد خاصين.
(2) مجمع الأمثال، 2/334. وينظر الحديث في صحيح البخاري.(ح6952).
(1) مجمع الأمثال، 2/61.
(2) كنز العمال في سُنن الأقوال والأفعال, للعلامة علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي ( ت975هــ ), اعتنى به : إسحاق الطيبي, بيت الأفكار الدولية, ط2 2005م. ( ح15741 ).
(1) يقول مَسْكَوَيْه ( ت421هــ ) : ” إن الأمثال إنما تُضرب فيما لا تدركه الحواس مما تدركه؛ والسبب في ذلك أُنْسُنا بالحواس, وإلْفُنا لها منذ أول كونها, ولأنها مبادئ علومنا, ومنها نرتقي إلى غيرها, فإذا أُخبر الإنسان بما لا يدركه, أو حُدِّث بما لم يشاهده, وكان غريباً عنده, طلب له مثالاً من الحس, فإذا أُعطي ذلك, أنِسَ به, وسكن إليه, لإلْفه له “. الهوامل والشوامل ،لأبي حيان التوحيدي ومسكويه, تقديم : صلاح رسلان, نشره : أحمد أمين, السيد أحمد صقر. ص240.
ويقول الزمخشري : “ولضرب الأمثال, واستحضار العلماء المُثُل والنظائر شأنٌ ليس بالخفيّ في إبراز خبيئات المعاني, ورفع الأستار عن الحقائق, حتى يريك المتخيَّل في صورة المحقَّق, والمتوهَّم في معرض المتيقَّن, والغائب كأنه مشاهد”. الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل, تحقيق وتعليق ودراسة : الشيخ عادل أحمد عبد الموجود, الشيخ علي محمد معوّض, شارك في تحقيقه : د. فتحي عبد الرحمن أحمد حجازي, مكتبة العبيكان, ط1 1418هـ = 1998م. ص190-191.
ويقول بدر الدين الزركشي ( ت794هــ ) : ” وفي ضرب الأمثال من تقرير المقصود ما لا يخفى؛ إذ الغرض من المثل تشبيه الخفيّ بالجليّ, والشاهد بالغائب. فالمرغَّب في الإيمان مثلاً إذا مثِّل له بالنور تأكد في قلبه المقصود، والمزهَّد في الكفر إذا مثِّل له بالظلمة تأكّد قبحُه في نفسه “. البرهان في علوم القرآن, تح : محمد أبو الفضل إبراهيم, دار التراث, القاهرة. 1/488.
(2) وقد حظيت أمثال الرسول الكريم بعناية كبيرة, فقد حرص العلماء على جمعها, وتفسيرها, ومنهم من أفرد لها كتاباً بذاته, ومنهم من خصّص فصلاً من كتابه لها. وقد عرض د. عبد المجيد قطامش تلك الكتب في كتابه ” الأمثال العربية “. ينظر ص164 وما بعدها.
(3) صحيح البخاري ( ح3535 ).
(1)ينظر : القرآن والحديث (علم الحديث والدراسات الأدبية), د. نور الدين عتر, منشورات جامعة دمشق, ط8 2000-2001م. ص301 وما بعدها
(2)مجمع الأمثال،2/277. وينظر الحديث في صحيح البخاري ( ح5643 ).
(3)مسند أحمد ( ح10886 ).
(4) مجمع الامثال، 2/275. وينظر الحديث في سنن الترمذي، للإمام محمد بن عيسى بن سَورة الترمذي (ت279ه)، حكم على أحاديثه وآثاره وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني، اعتنى به: مشهور بن حسن آل سلمان، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، الرياض، ط1. ( ح2378 ).
(1) جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة, الجزء الأول : العصر الجاهلي, صدر الإسلام, أحمد زكي صفوت, شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر, ط2 1962م. ص153.
(2) مجمع الأمثال، 1/2. وينظر الحديث في صحيح البخاري ( ح5534 ).
(1) مجمع الأمثال، 2/414. والحديث في صحيح البخاري ( ح1427).
(2) مجمع الأمثال، 1/7. وينظر الحديث في كنز العمال ( ح5377).
(3) مجمع الأمثال، 1/211. والحديث في صحيح البخاري ( ح24 ).
(4) مجمع الأمثال،2/104. وينظر الحديث في صحيح مسلم (ح1775)
(5) مجمع الأمثال، 2/215. وينظر الحديث في صحيح مسلم (ح2998)
(6) مجمع الأمثال، 1/32 . وينظر المجازات النبوية أو مجازات الآثار النبوية، للشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن أحمد الموسوي (ت406ه)، حققه وعلق عليه: مروان العطية، د.محمد رضوان الداية، المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدمشق 1987م. ص62. وينظر غريب الحديث، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي (ت597ه)، وثق أصوله وخرج حديثه وعلق عليه: د.عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. المجلد الأول، ص284.
(1) المجازات النبوية ,62.
(2) عيون الأخبار, لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ( ت276هــ ), دار الكتب المصرية, ط2 1996م. 1/52.
(1) وهذا كقولهم : إنّ الغنيّ طويل الذيل ميَّاسُ. ينظر : مجمع الأمثال، 1/34.
(2) عيون الأخبار، 1/53.
(1) التمثيل والمحاضرة، ص 28.
(2) م. ن.
(3) م. ن، ص 29.
(4) مجمع الأمثال، 1/60.
(5) م. ن، 1/11.
(6) جمهرة الأمثال، 1/118.
(7) التمثيل والمحاضرة، ص30.
(8) مجمع الأمثال، 2/260.
(9) م. ن، 1/28.
(1)م. س ، 2/340, وينظر الحديث في صحيح سنن ابن ماجة, محمد ناصر الدين الألباني, توزيع المكتب الإسلامي, بيروت ط1 1407ه=1986م (ح 3224).
(2) سبأ : 13.
(3) مجمع الأمثال ،1/150. والتَّبابُ: الخُسرانُ والهلاك.
(4)المسد : 1.
(1) الواقعة : 55. الهيم : الإبل العطاش.
(2) مجمع الأمثال، 1/389.
(3) القصص : 10.
(4) مجمع الأمثال، 2/90.
(5) العنكبوت:41.
(6) مجمع الأمثال، 2/382.
(7) فصل المقال، ص 188. من أمثالهم في وصف الرجل بضعف الرأي.
(8) سنن الترمذي (ح2007) .
(9) مجمع الأمثال، 1/205.
(1)م. س، 2/317, والحديث في سنن الترمذي (ح 2317).