
المصطلحيات واللِّسانيات: في علاقة تبادل الخدمات
أ.د. يوسف مقران ـ المركز الجامعي مرسلي عبد الله ــ تيبازة (الجزائر)
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 39 الصفحة 9.
ملخصيعنى هذا المقال بوصف جوانب من العلاقة القائمة بين المصطلحيات واللِّسانيات والتي هي متعدِّدةُ الأوجه ومتداخِلة، ويحكمها قانون التأثير الحاصل في كلا الاتجاهين. ويمكن فحص هذه العلاقة من خلال ثلاث زوايا على الأقلّ هي: الطابع اللساني للمصطلح والتطبيق المصطلحي اللساني والدرس المصطلحي الوصفي المستعين باللسانيات. بيد إن الجدير بالتّركيز عليه هو الجانِب العملي الرّابِط بينهما والذي يلخِّص أهمَّ شيءٍ في تلك الصلة. ونتخيَّر هذا الجانب لمُباشرة تحليل المفاهيم الرّابِطة انطِلاقاً مِنها، أملاً منّا أن يتماشى هذا الأمر بما يوحي به ذلك العنوان قطعاً من عمليّة العلاقة التي تربط بين المصطلحيات واللّسانيات، لذا يهمّنا أن نتناول وجهاً مِن ذلك التقاطع المتمثل في الخدمات التي تُسديها المصطلحيات لصالِح اللِّسانيات، إذ هي تحلِّل مَفاهيمَها وتَسمياتِها، وتدرس انشِغالاتِها، بل وتنقد استعمالاتِها، وتخوض في خطاباتها وتقف عند أهمّ مشكِلاتها التي تصدر عن مصطلحاتها. كما لا نغفل بالمطلق الوجهة المعاكِسة للوجهة السابقة، أي على مقالنا هذا أن يرضى بحقيقة كونه مَشروطاً بمراعاة خدمات اللِّسانيات لفائدة المصطلحيات.
الكلمات المفاتيح /
المصطلحيات ــ اللسانيات ــ المصطلحية ــ المفاهيم ــ التسمية ــ التعيين ــ المقاربة المفهومية ــ المقاربة اللفظية ـــــــــــــــــــــ
Résumé /
Le présent article s’intéresse à quelques aspects du rapport existant entre la terminologie et la linguistique. Lequel rapport tend à être d’un caractère pluriel et interdépendant tant qu’il est gouverné par la loi de l’influence qui règne entre les deux disciplines. On peut l’analyser au moins sous trois angles différents : le caractère linguistique des termes, l’exercice terminologique appliqué à la terminologie linguistique et enfin la science de la terminologie fondée sur la linguistique. Or l’essentiel de ce rapport réside dans l’aspect pratique qui résume tout en termes d’interaction qui ne cesse de se développer entre les deux courants, si bien qu’on focalise sur cet aspect afin d’analyser les concepts qui s’y rapportent. Tout en attribuant au titre choisi pour cet article le pouvoir de souligner les portées bénéfiques de ce côté pratique. Aussi, il est intéressant d’envisager l’intersection des deux branches de point de vue des commodités qu’offre la terminologie à la linguistique. Et ce, dans la mesure où elle se préoccupe aussi bien de l’analyse de ses concepts et ses dénominations que de la critique de ses usages, tout en centrant ses intérêts sur ses discours qui sont à vocation de résoudre quelques uns de ses problèmes terminologiques. En revanche, et en allant dans le sens opposé, on ne tardra pas à découvrir le rôle qu’a la linguistique dans l’épanouissement de la terminologie, une condition sine qua non autant en matière de l’acquisition de son statut scientifique que dans l’enrichissement de ses visées pratiques.
Mots-clès /
Terminologie – Linguistiue – Termes – Concepts – Ontologie – Dénomination – Désignation – Approche onomasiologique – Approche sémasiologique ـــــــــــــــــــــ
Abstract /
This paper focuses on some aspects of the relationship between terminology and linguistics. Which relationship tends to be of a plural and interdependent character as long as it is governed by the law of influence which prevails between the two disciplines. It can be analyzed at least from three different ways: the linguistic character of the terms, the terminological practise applied to linguistic terminology, and finally the science of terminology based on linguistics. The essence of this relationship lies in the practical aspect, which summarizes everything in terms of the interaction that is constantly developing between the two currents, so that we focus on this aspect in order to analyze the concepts which are related to. While awarding the title chosen for this article the power to emphasize the beneficial scope of this practical side. Also, it is interesting to consider the intersection of the two branches from the point of view of the conveniences offered by terminology to linguistics. So, while it is concerned as much with the analysis of its concepts and denominations as with the criticism of its uses, while concentrating its interests on its discourse which are intended to solve some of its terminological problems. On the other hand, and in the opposite direction, it will soon be discovered the role that linguistics plays in the development of terminology, a sine qua non as much in the acquisition of its scientific status as in the enrichment of its practical aims.
Keywords /
Terminology – Linguistics – Terms – Concepts – Ontology – Denomination – Designation – Onomasiological Approach – Semiosiological Approach ـــــــــــــــــــــ
مقدمة
إنّ العلاقة القائمة بين المصطلحيات واللِّسانيات ليست وحيدة الجانب بل متعدِّدةُ الأوجه؛ وذلك على عكس ما توهِم به زاوية احتضان المصطلحيات لمهمة نقد منجزات الدرس اللساني[1]. وهي أوجهٌ فارِقة ومُتداخِلة في آنٍ وبعيدة كلَّ البعد عن السطحيّة التي غلبت على محاولات لا تزال تقام في مجال الدرس المصطلحي العربي الفتي. لكن والحال هذه وتحرياً للتبسيط، مِن الأجدر وضع فرضٍ يُسلِّم بوجود ما يحكم تلك العلاقة مِن ناموس التأثير الحاصل في كلا الاتجاهين والتعاون المتبادَل بينهما[2]: لذا فمِن المتوقَّع أن تخضع لقانون الانسِجام، لكي تُشكِّل أيضاً ــ وفي نهاية المَطاف ــ شيئاً منتظَماً يُستساغ تمثّلُه في كلِّ دراسة ذات طموح تطبيقيٍّ أصيلٍ وعلى دِرايةٍ بما يمكن أن تؤول إليه مِن الناحية التعليميّة والتكوينيّة. ويمكن تحليل هذه العلاقة من خلال ثلاث زوايا على الأقلّ؛ هي: أولاً، اعتبار الطابع اللِّساني للمصطلح؛ وثانياً، التطبيق المصطلحي اللِّساني؛ وقد يحدث النظر في هذا الأخير من أجل فحص إمكانية البناء عليه، وهي زاوية قد طرقها أكثرُ مِن باحِث لأسبابٍ مختلِفة وفي سياقاتٍ متبايِنة زمنياً ومكانياً؛ أمّا الزاوية الثالثة فتتأتّى عبر الدرس المصطلحي الوصفي في حد ذاته[3].
1 في العلاقة العمَليّة
1.1 واقِع تمدُّد جهاز اللسانيات التسموي وتوقُّع تجدّد نظامها المفهومي
يمكِن الذّهاب قبل كل شيء إلى أنّ الجانِب العملي الرّابِط بين المصطلحيات واللِّسانيات هو الجدير بالتّركيز عليه. هذا هو المَقصود أيضاً مِن عَنونة هذا المبحث ﺑ العلاقة العمَليّة التي تلخِّص أهمَّ شيءٍ في صلة المصطلحيات باللِّسانيات. ونتخيَّر هذه البوّابة (العلاقة العمَليّة) لمُباشرة تحليل المفاهيم الرّابِطة انطِلاقاً مِنها، بدلَ استعراض المصطلحيات مِن باب التقديم النّظري ــ على الرغم مِن تعلّق الأمر أكثر ﺑ دور هذه الأخيرة في اللّسانيات ومِن وجاهة هذا الباب ــ أملاً منّا أن يتماشى هذا الأمر بما يوحي به ذلك العنوان قطعاً من عمليّة العلاقة التي تربط بين المصطليات واللّسانيات[4]، إذ يجري فيها وضع اللّسانيات مِن قِبل المصطليات وجهاً لوجه أمامَ مُفارقة عويصة شيئاً ما، وهي: واقِع تمدُّد جهازها التسموي وتوقُّع تجدّد نظامها المفهومي. وما كان ذلك ليحصل لو لم يقع تقاطعٌ في اهتمامات كلٍّ من المجالين (المصطلحيات واللِّسانيات) وفي مصالحهما إلى حد نشوء تداخل في الصلاحيات وهو الأمر الذي يجدر تناوله بشيء من التحفظ. وذلك على الرغم من أنّه لابدّ أن تسود هناك دينامية (حركية) تدفع كلاًّ منهما إلى الاستقلاليّة[5]، وأن تتعلّق قيمٌ خاصّة بكلٍّ منهما، وتبرز تطلّعات ذاتية عوض الخضوع للسلطات الخارجية (إملاءات الباحِثين). ولذا يهمّنا أن نتناول وجهاً مِن ذلك التقاطع ــ لا لتفهّم تلك الدينامية والقيم والتطلعات فحسب ــ لكن هذه المرّة بهدف حصر وحدة المصطلح اللِّساني مصطلحياً ولسانياً (أي بالإفادة مِن المصطلحيات واللِّسانيات معاً) ﮐ وحدة معاضِدة للتفكير اللِّساني ومُدمَجة في الخطابات والنصوص المتخصِّصة النَّاقِلة لذلك التَّفكير بشكلٍ قاطِعٍ. فهذه الناحية التي ابتعدت عن حيِّز مشاهدة مؤسِّسي (علم المُصطلح) لفترةٍ ليست بهيِّنة، بانت أهميّتُها وتعاظمت حينما التقت الدراسات المصطلحيّة بتلك التي أخذت تعالِج لغات الاختصاص، ولاسيما مِن قِبل لسانيين على غرار بيار لوراه (Pierre Lerat) الذي تأسّف كثيراً على تماطل الباحثين في معالجة هذه الأخيرة بهاجِس إقامة نظريّة لسانيّة تُغلِّف قضايا تلك اللّغات من حيث المقام والطبيعة والأبعاد والوظائف على الأقلّ، شأنها في ذلك شأن ما اتّسعت إليه دائرة اللِّسانيات، فَهَمَّت باشتِمالها بعدما هُمِّشت[6]. وذلك أحد أصداء لما سبق أن شخصناه مِن هموم تفريع اللِّسانيات[7].
2.1 امتزاج اللّسانيات بالتحليلات المصطلحيّة
فنحن هنا أمامَ شاهِدٍ صارخٍ ومُفارِق على أنّ للتفريع شأناً في تسيير القضيّة المصطلحيّة المرتبِطة باللّسانيات أولاً، ثمّ تأثُّراً بغيرِها من الفروع المعرفيّة وتأثيراً فيها. وهكذا يتّضح، بناءً على ما سبق، أنّ أطراف التّطبيق المُصطلحي يمكن أن ترتمي في حيِّزٍ علميٍّ تعليمي شبه نظريٍّ، وذلك لتفسير تلك المُفارقة المشار إليها أعلاه وفق ما يرسمه مدخلان يمسّان اللِّسانيات مهما تكن اللّغة المكتوب بها وعليها، ويتّصِلان ــ لا ريبَ فيه ــ باللِّسانيات التي تُحرَّر بالعربيّة وتَضطلع بهذه الأخيرة؛ وهما: حاجة الدّرس اللِّساني إلى النَّقد ورعاية الدّرس اللِّساني العَربي المُترجِم.
غير أنّ الإمعان في دراسة ما اكتنف الدّرس اللِّساني الغربي خليقٌ بأن يُحسِّسَ المرء بأنّ هذا الأخير تأسّسَ هو الآخر على معالجاتٍ مصطلحيّة مُحتواة ومَحتومَة. فبالتالي، من شأن كلِّ تطبيق مبرمَج على مدى مقالنا هذا أن ينسف في الأخير ميزة الفرادة العربيّة في شأن امتزاج اللّسانيات بالتحليلات المصطلحيّة، والتي كان يُعتَقَد بأنّها خاصيةٌ يتحلّى بها الدّرس اللِّساني العربي فحسب. هذا وإن كان مِن الصّعب إنكار الفردية التي شاعت في غياب المصطلح القياسي (الذي مِن المفروض أن يقع حوله الإجماع)، فتمخّضت عن تلك الفرديّة مشكلةُ التباين وعدم توخّي الدقة في الترجمة. ويجدر التذكيرُ هنا بأنّ هذه البوابة ــ أي التّطبيق مع عدم تجانس مظاهِره ــ قد طرقها أكثرُ مِن باحِثٍ لأسبابٍ مختلِفة وفي سياقاتٍ متبايِنة زمانياً ومكانياً ولخلفياتٍ مَعرفيّة مُعيّنة. وإذ نطمح إلى مراقبتها (البوابة)، بطريقة واعِية ويقِظة ــ قد ندّعي في ذلك طريقة نظاميّة: فالهدف جليل، لكن الحيلة المرفقة قاصِرة في هذا الظرف ــ يهمّنا أن نستنسِخ منها ضوابطَ العمل المصطلحي، ونتلمَّس ملامِح البحث المصطلحي المُمَنهَج هذه المرّة في رحاب اللِّسانيات التي استطاعت صياغةَ تطوّر المصطلحيات واستساغت تدخّل هذه الأخيرة في شؤونها. كما يهمّ توظيف حصيلة الرّصيد المَعرفي والمنهجي التي آلت إليها دراسات أولئك الذين طرقوا هذه البوابة. فهكذا يُستشفّ مِن تكرار كلمة بوابة في المبحث الرّاهن رغبتنا في الإحالة إلى نظريّة البوّابات (Théorie des portes)، التي تُعدّ، أوّلاً وقبل كلّ شيء، مِن بين الإسهامات النّقديّة التي تقدَّمت بها ماريا تريزا كابري التي تطالب نظريّتُها المصطلحيّات العامّة (TGT) بمراعاة الجوانب الثّلاثة الأساسيّة (البوّابات) المشكِّلة لطابعها التوسُّطي: الجانب المعرفي، والجانب اللّسانيّ، والجانب الاجتماعيّ التّداوليّ الإعلاميّ. وقد عرضتها في مقالٍ لها وهو: Terminologie et linguistique : la théorie des portes؛ أمّا بذور هذه النّظريّة فتوجد بشكل واضح في مؤلَّفها الهامّ: La terminologie : théorie, méthode et application[8].
2 أعمال النّزعة التّطبيقيّة
ومِن المؤكَّد كذلك أنّ النّزعة التّطبيقيّة لم تبرح الدّرس المصطلحي العربي على الخصوص ــ ولن تبرحه ــ بل لا يزال بعضُ المصطلحيّين يفضِّلون تقديمَ الطّابع التطبيقي على أيِّ همٍّ تنظيريّ[9]، بل هذا يكاد يكون منزعاً شامِلاً في المصطلحيات، لكن بشرط أن تتحدّد التطبيقات، كأن يقال التطبيقات المصطلحيّة الترجميّة[10]؛ ذلك أنّ كثيرة هي الحتميات التي أحوج ما تكون إلى ملاحظاتِ المصطلحيّين المطبِّقين الذين يُشكِّلون حلقةَ وصل بين اللِّسانيين والمتعامِلين مع المفاهيم اللّسانيّة[11]. أوضح ما يمثّل هذه النّزعة أعمالٌ توزّعت على مُستوياتٍ شتى، ولمّا كان ظاهِرُها محاطاً بهالة الإجماع بينما يموج باطِنُها بالاختِلافات نظراً لذلك التشتّت، فما انفكّت الحاجة تلوِّح بإلحاحها. وباستحضار تلك الأعمال يتقدّمها كلٌّ مِن:
1.2 اقتِراح مقابلاتٍ مصطلحيّة
ويتم ذلك في ظروف الترجمة المختلِفة وما يعقبها مِن تأمّلاتٍ مباشِرة. وقد ظهر في ظلِّ ظروف الترجمة هذه نوعٌ من المصطلحية تسمّت عند الغربيين (Terminologie traductive)[12]. وهي ترمي إلى وضع ثبتٍ لمجموع المقابلات الموجودة فعلاً وتلك الممكِنة في ظلِّ التوقّع. وقد تصدر القوائم المثبتة عن الترجمات الفعليّة وتنشر في معجماتٍ مصطلحيّة. كما تتصدّر بعضُ المقترحات المصطلحيّة كتباً متخصِّصة في مجالٍ ما على سبيل التوطئة مِن أجل إزالة اللّبس الحاصل على إثر الفوضى المصطلحيّة التي تكون قد وقعت على مدى تعاقب المبادرات الفرديّة. ذلك أنّه لا شكَّ في أنّ المترجِم تَعرِض له خياراتٌ يتفاوت عددُها من مترجِم إلى آخر، والأحسن في هذه الحالة هو أن يُعمَد إلى الوقوف على الاختيار الموفِّق إلى تمثيل المفهوم توفيقًا لا بأسَ فيه. وهذا قد يؤدّي إلى التضحية بالجانب المصطلحيّ لحساب الجانب المفهوميّ أو العكس، وقد يُصيبهما (المُصطلح والمَفهوم) على حدٍّ سواء: وهو ما يُغري المترجِم بأن يتردّد بين عدّة مصطلحاتٍ لتمثيل مفهوم ما، ثم يتناوله بطريقته الخاصّة الكفيلة بتقريب المفهوم لا غير؛ وحينه يتمّ تسجيل ذلك كلِّه في تلك المعجمات المصطلحيّة المشار إليها هنا.
2.2 متابعة الأعمال المعجميّة
ويحدث ذلك مِن خلال ما يُشرِف عليه واضِعو المعاجِم مِن جمع المصطلحات المتوفِّرة والمتداوَلة، ومِن التّوليد المصطلحي بنوعيه الرئيسيّين، أي التّوليد التّأهيلي (Néologie primaire) والتّوليد التّرجمي (Néologie traductive)[13]؛ مع العِلم أنّ للتّوليد مُطبِّقين يحتكّون به في الميدان وأخصائيِّين يُنظِّرون له ويَعتنون بتفهّم موادّه ومبادئه ووظائفه؛ ما يفضي إلى تقسيماتٍ أخرى له كأن يُقال التوليد الصوري والتوليد الدلالي، أو التوليد بالاشتِقاق والتوليد بالمجاز[14]. وكذلك أدلى الغربيون في هذا الإطار كل مِن مَنظوره؛ ولاسيما في سياق مُعالجة ظاهِرة احتِكاك اللّغات[15]، بتقسيماتٍ أكثر ما تُنبِئ عنه هو أنّ المصطلح ذو أبعادٍ شتّى إذ يرى غي روندو (Guy Rondeau) أنّ التوليد ثلاث كلياتٍ: التوليد الصوري والتوليد الدلالي والتوليد عن طريق الاقتِراض[16]؛ وكذلك يُفرِّعه ألان رِي (Alain Rey) إلى ثلاثة أنواع بينما يسمِّيها بطريقة مُغايِرة شيئاً ما[17]: التوليد الصوري (بما فيه التوليد عن طريق الاقتِراض) والتوليد الدلالي والتوليد التَّداولي.
وبعد هذا العرض علينا أن نُلاحِظ أنّه إذا كان أحدُ عوامِل ظهور التّرجمة مُرتبِطاً بالحاجة العمليّة التي تقضي بالاستغناء عن قِراءة النصّ الأصلي لتعذّره أو لأسبابٍ أخرى ــ كما اقتنع بذلك جان رونيه لادميرال (Jean-René Ladmiral) في النّهاية[18]، فلا يبقى لنا سوى أن نستغرب كيف يعزف الناس عن قراءة الترجمات العربيّة وهي متوفِّرة ــ وقد تكفي ــ لتنقل ما تنقله النصوص في لغاتها الأصليّة، ويبادرون إلى اقتناء هذه الأخيرة وذلك ليس مِن باب الفضول وحسب: بل لرفع ما يعتوِر الترجمات من لبسٍ عند بعضهم، ومن أجل المزيد من الفهم المفقود عند الآخرين؛ وفي سبيل التدارس والمقارنة في أحسن التقدير حيث تُصبِح الترجمات مثار المناقشات والجدل بل تستحيل مدوّنات تُنتقَد (كما قد يستفاد منها دروسٌ في التّرجمة). ويُسوِّغ الاحتمال الأخير مدى تحوّل (علم) الترجمة من مجالٍ نظريٍّ إلى مجالٍ ينشد المقاربة التطبيقيّة للترجمات التي تُسخَّر كمدوّناتٍ يصبح الكشف عن العيوب التي تكتنِفها غايةً لا في نفسِها بل من أجل تعلّم كيفيّة الترجمة. ويُمكِن تشبيه الأمر بالتّرجمة البيداغوجيّة[19] والتّعليميّة الّتي ترمي إلى نقل المعنى مِن اللّغة المصدر إلى اللّغة الهدف لا بهدفٍ تبليغيٍّ بقدر ما هو توضيحيّ، كتسخير عمليّة التّرجمة في سبيل تعليم لغةٍ ما، إذ تُستعمَل اللّغة المصدر لشرح قضايا تخصّ اللّغة الهدف[20]، بما أنّ الأولى ترمي إلى وصف الثّانية، فنحن هنا في صميم المُقاربة المفهوميّة في واقِع الأمر على الرّغم مِن أنّ الظّاهِر يوحي بعكس ذلِك أي المقاربة اللّفظيّة.
ولا نغادِر هذا العمل مِن دون التنويه بفضل دوريّة اللِّسان العربي التي لم تفسح منبرَها لكلِّ مَن يعرض تجربته في تأليف المعجمات فحسب[21]، بل استرعت اهتمام الباحِثين الذين أعملوا قِراءات على تلك المنتجات المعجميّة التي كانت لا تزال قيد التّجريب.
3.2 صناعة المصطلح
إنّ تلك النزعة الاقتراحيّة ــ المعروضة أعلاه[22] ــ تتطوّر إلى نوعٍ مِن صناعة المصطلح. وهو ما يمثِّل البحثَ الذي يتجاوز مجرّد العمل المصطلحيّ، لكي يتحوّل إلى القسيم الثاني مِن عموم الدَّرس المصطلحي ــ بجانب قسيم البحث المصطلحيّ المقصود. لكنّه يتميّز بكونه جاء في سياقات النَّقل الصّريح لأفكارٍ ولمفاهيم هي أحوج ما تكون إلى صناعة المصطلح وعلى الهامِش، لكنّه هامِش قليلاً ما يحكم على المتن. ولمّا كانت صناعة المصطلح تهتمّ بتوثيق المصطلحات وتيسير استعمالها سواء أكان هذا التَّوثيق آليّاً بالحاسوب أم كتابيّاً بنشر المعاجم المتخصِّصة الورقيّة، فإنّ الصّنيع الحكيم مِن أجل تكريس الهامِش المفيد، هو أن توضَع مثل تلك المصطلحات التي تُناقَش على الهوامش موضعَ البحث والتّحليل مِن قبل المصطلحيِّين للخلوص إلى نتائج تتراءى من خلالها العوامل التي ترجع إليها المشكلات التي يعاني منها المترجمون حين تأدية عملهم التَّرجمي ولاسيما في مجال اللِّسانيات، وتتضمّن صيّاغة الحلول المتوقّعة على شكل مقترحات تقدّم ــ في الأقل ــ للعاملين في ميادين اللِّسانيات والترجمة على السواء. لعلَّ هذا ما جعل علي القاسمي يُطلِق تسمية صناعة المصطلح على ما يُعنى بالجانب العملي من المصطلحيات؛ حيث يقول:
« نفضِّل أن يكون لفظ (المصطلحيّة) اسماً شاملاً لنوعين من النشاط: (علم المصطلح) الذي يعنى بالجانب النظريّ، و(صناعة المصطلح) التي تُعنى بالجانب العملي […] وهذا ما فعلناه في دراسة المعجم وإنتاجه، إذ أطلقنا عليهما اسم (المعجميّة) الذي يضم فرعين هما: الأول، (علم المعجم) أو ما يُسمَى أحياناً بعلم المفردات الذي يُعنَى بدراسة الألفاظ من حيث اشتقاقها، وأبنيتها، ودلالاتها، ومرادفاتها، والتعابير الاصطلاحيّة والسياقيّة التي تتألف منها؛ أما الفرع الثاني فهو (صناعة المعجم) الذي يشير إلى جمع المادة اللغويّة، واختيار المداخل، وترتيبها طبقاً لنظام معين، وكتابة المواد، ثم النشر النهائي للمعجم، ورقياً كان أم إلكترونياً »[23].
وهو ما نقصده في مقالنا هذا باستخدامنا لتسمية التطبيق المصطلحي ثمّ يبقى تقييده بنعتٍ يفيد الحقل الذي يجري فيه ذلك التطبيق. فكما قلنا التطبيق المصطلحي اللِّساني يجوز قول التطبيق المصطلحي الطبّي. فنلاحِظ في كلام علي القاسمي أنّه في صدد تناول مجاليْ المصطلحيات (المصطلحيّة). وفيما يتعلَّق بمقالنا هذا، يمكِن أن يُلحَق بالأهداف التّطبيقيّة السابِقة عمَلٌ هو معاينة الواقِع وإعمال التوقّع (وليس إهماله) وهو ما عملنا على تطبيقه على الخطاب اللِّساني العربي فيما سبق لنا أن نشرناه من أعمالنا المصطلحية[24]. حيث يحدونا في هذه المُزاوجة بين اللِّسانيات والمصطلحيات منهجٌ يقوم على تشخيص حقائق عمَليّة ملموسة، ترسّمت لدى بعض الدّارسين صوراً نمطيّةً لم يعبأ كثيرٌ منهم بمواجهة الأسئلة الجديدة المُتعاقِبة والمتوَقَّعة، التي ما انفكّت تُطرَح عليهم.
فمِن جهتنا علينا أن ننظر إلى تلك الأسئلة نظرةً نافِذة، لأنّها لا تعكِس بالضّرورة انسِجاماً على الرغم مِن تلك النمطيّة المستشرية، التي لم تأتِ من رحِم التفاعُل الحيّ، الذي كان من المتوقَّع أن يسري في نمطها الطبيعي (النصوص اللِّسانية المؤهّلة والمترجَمة). فتلك الحقائق تتجزّأ وتتبدّل باستِمرارٍ لو يعلم أولئك الدّارسون الذين تعاقبوا على تكوين الصورة المَعنية: لهذا جاز اعتبار منهجنا وصفياً يقوم من حيث معاينة الواقِع على استقصاء ينصبّ على ظاهرة من الظواهر كما هي قائمة في الحاضر قصد تشخيصها؛ وبالمحاذاة لذلك نستعين بلسانيات المتون المعتبِرة للتنوعات الخطابيّة (اللِّسانيّة) التي شدَّ ما يُسهم اللِّسانيون المترجِمون في تشكيلها، لذا حرصنا كثيراً على الإشارة إلى تلك النّصوص الأصلية (المؤهّلة) والمترجمة وتحديد كيفية تعامل أصحابها مع المشكلات المصطلحية ووضعهم تحت المساءلة الاختباريّة، ودراسة مواقفهم وقراءة أطروحاتهم واستخلاص منها فوائد جمّة تهمّ من ناحية التوقّع الذي يجدر بناؤه بكلِّ رصانة وجديّة. هذا لكي نفرغ شيئاً ما مِن مشكِلة عدم تجانُس المظاهر المصطلحيّة اللِّسانيّة المَدروسة في أحد أعمالنا السابقة أيضا[25].
وهذا وجهٌ آخر مِن تلاقي المُصطلحيات باللِّسانيات. فعلاوةً على ما سبق ذكرُه، فإنّ عبارتيْ الدرس المصطلحي والتطبيق المصطلحي قديمتان قياساً بتواجد المصطلحيات[26] كتسمية تغطّي مفهومَ العِلمِ الفتيِّ الذي لا يزال يبحث عن مسوِّغات تواجده. كما أنّ بين العمل المصطلحي داخِلَ اللِّسانيات والبحث المصطلحي المؤطَّر مِن قِبل هذه الأخيرة تبايُناً دقيقاً جداً[27]: لهذا شِئنا الحديثَ عن شيئيْن مختلِفيْن مع تصوّر علاقة تكامليّة تُبرَم بينهما. ومُناشدة البحث المصطلحي مُمَنهَجاً نتيجة لقائه باللِّسانيات هو ما سنسعى للرقيّ عبر مراقيه؛ وسيأتي تفصيلُ ذلك في ثنايا المقال. وكذلك تحقّقنا من اختلاف هذه المصطلحات الثلاثة على مستوى المصطلحيِّين العرب، فوجدنا الباحِثَ المغربي خالد اليَعبودي يقيم خطَّ التمايُز بينها[28]. فكثيرًا ما يقابَل البحثُ المصطلحيّ بالعمل المصطلحيّ[29]. فالأوّل يعني ما يأتي من خارِج الاختصاص ويستنِد إلى نظريّة مستمَدّة من المصطلحيات ومتداولة فيها، على خلاف العَمَل المصطلحيّ الذي أشبه ما يكون بالتطبيق الرّاهِن الذي نحن في صدد تجلية معالمه: ما يعني أنّ هناك بحثاً مصطلحيّاً مقصوداً وآخر هو عمَلٌ معمولٌ به من غير وعيٍ، لكنّه فعّال وناجع ـ كما سيكشف الفصل الخامس عن بعض مَظاهِره ـ نريد أن نعمل عليه نوعًا من الاستقراء فنستنتج منه قواعد مصطلحيّة مدعِّمة لبحثنا بل ولجميع أبحاث المصطلحيات أيًّا كان موضوعُها. وقد أوردنا ضِمنَ هذا النّوع مِن العمَل المصطلحيّ فئةً من الباحِثين في مجال اللّسانيات، على الخصوص أولئك الذين يكونون قد أعملوا، إلى جانب عملهم اللّسانيّ المحض، نوعًا آخر من التأمّل في اللّغة الواصِفة التي يستعملونها أثناء عرضهم للمعطيات اللّسانية ومن غير قصدٍ منهم إلى بناء رؤية مصطلحيّة ولكنها لا تزال تنبِئ عن ضرورة تأسيس دعائم البحث المصطلحيّ، كما يعمدون في أبحاثهم إلى إجراءات تفيد هذا الأخير.
3 المصطلحيات في خدمة اللسانيات
إنّ المرحلةَ تفرض علينا، حسب الأطروحة المعروضة أعلاه والمرفَقة بالفرض الموضوع والوضعيّة المشخَّصة والزوايا المقترحة، التعرّضَ إلى تلك العلاقة (المصطلحيات واللِّسانيات) على مدى مقالنا، أوّلاً مِن جانب الخدمات التي تُسديها المصطلحيات لصالِح اللِّسانيات، إذ هي تحلِّل مَفاهيمَها وتَسمياتِها، وتدرس انشِغالاتِها، بل وتنقد استعمالاتِها، وتخوض في خطاباتها وتقف عند أهمّ مشكِلاتها التي تصدر عن مصطلحاتها. وقد سبق للويك ديبيكر أن طرح هذه الإمكانيّة إذ كان يعالج فضل اللِّسانيات على المصطلحيات، وكذلك عرّج بسرعة على فضل هذه الأخيرة على الأولى تاركاً المجال لغيره ليتناول ذلك الفضل[30]. فنقع حينئذٍ في صميم الموضوع الذي اخترناه لبحثنا (دور المصطلحيات على اللِّسانيات) وقد بحث غيرُنا في فضل المصطلحيات على فروعٍ علميّة أخرى على غرار ما قامت به ماريفون هولتزم (Maryvonne Holzem) حينما تناولت فضل البحوث في المصطلحيات على تبليغ العلوم[31].
1.3 تحليل المفهوم اللساني
إنّ المصطلحيات تُعنى بالمفاهيم من حيث طبيعتها وخصائصها وأنظمتها والعلاقات فيما بينها، وتتجلّى في النّظر إلى المفهوم في علاقته بالمفاهيم المجاورة، وفي مطابقته لعناصر حقله، وتعيين المصطلحات وفقاً لنظام المفاهيم الذي تندرج فيه[32]. بما أنّ علاقة المصطلحيات بالمفاهيم هي على هذه الشّاكِلة الموصوفة هنا، فالمرتقَب في هذا الصدد هو التركيز على تحليل المفهوم (اللساني) مصطلحياً أوّلاً ــ ولسانياً بعد ذلك ــ كما أفاد جون هامبلاي (John Humbley) وهو يقرأ الحصيلة التي حقّقتها المصطلحيات خلال عقدٍ من الزمن (1998 ــ 2009)؛ إذ جعل مِن الاشتِغال على المفهوم واسِطةَ عقد كلّ عملٍ مصطلحيٍّ، ورأى فيه قمّة التنظيم العلمي[33]. ويتّفق كلُّ مَن يؤيِّده في ذلك على أنّ التحليل يتمّ بعد اقتناص ذلك المفهوم واقتباسه ضمن النصوص المتخصِّصة بالاستناد دائماً إلى المقاربة المفهوميّة (Approche onomasiologique) التي تولي اهتماماً كبيراً للتوصيف بناءً على شبكاتٍ موضوعة مسبقاً بمراعاة الموجودات التي يهمّ جردُها وتصنيفُها تصنيفاً مَوجوديّاً (Classification ontologique)[34].
وهذا الأمر يزكّيه كذلك ما يراه جلُّ الباحِثين في سياقٍ آخر من أنّ المصطلحيات إنّما تستقي شرعيّتها في تناول مباحث اللِّسانيات وغيرها مِن العلوم، مِن استقلاليّتها بذاتها؛ لكنّها استقلاليّةٌ راجِعةٌ بالدّرجة الأولى إلى أصالتها في تناول المفهوم[35]. لا ننسى مقولة هلموت فيلبر (Helmut Felber) الآتية: « يجدر التذكير بأنّه على العمل المصطلحي أن يقوم على المفاهيم لا على المصطلحات »[36]. وهو ما يذهب إليه لويك ديبكير (Loïc Depecker) وهو يلحّ على نهضة المصطلحيات بدافع (إعادة الاعتبار للمفهوم) بعدما هُمِّش وذلك حينما كانت المصطلحيات ترزح تحت شفقة اللِّسانيات التي شدّ ما بالغت بدورها في تناول المصطلح بعدما استرجعت مكانتها ضمن الدراسات المصطلحيّة[37]. بل هناك مَن يُشبِع فرادة البحوث المصطلحيّة بما تتوقّف به على المفهوم، ويصرّ على تحويل الاهتمام مِن المصطلح نحو هذا الأخير[38]. ولكن سيادة المفهوم في مجال المصطلحيات بالذات وبهذا الشكل البارِز، لا يعني إزاحة الوجهة المقارنة (بين التسميات) بالكامل طبعاً، وعلى الرغم مِن الملاحظة الأولى السابِقة ــ وهي تدعو في الحقيقة إلى ضرورة الخروج من منطِق هذه الثنائية المُتعارَف عليها فرنسياً أيضاً ﺑ (La logique binaire)، أي (المصطلح / الكلِمة) ــ بل هناك مَن يفرض الزاوية المقارِنة كمنهجيّة لا يمكن تجنّبُها بسهولة في مجال المصطلحيات المسترفدة باللِّسانيات، إذ يُعوَّل عليها ــ في الوقت الذي يرفضها فيه التوحيديون[39] ــ في سبيل تبيّن خصائص المصطلحات، ولاسيما ما يرجع منها إلى طابعها اللّغوي[40]. مِن هنا وجدنا حتى الدارسين المهتمِّين بنقل الموضوع من الوحدة الصغرى (المصطلح) إلى الوحدة الكبرى (النص) ــ ما مِن شأنه أن يغيِّر هيكليّة الثنائيّة برمّته ــ قد وقف أحدهم[41] عند التمييز بين ما أسماه النص العلمي التخصصي والنص العلمي غير التخصصي بناءً على إعمال هذه الثنائيّة ومِن وجهة نظر مقارِنة.
وهذه لن تكون المرّة الأولى حيث يحدث نقل الموضوع من أبعاده الإفراديّة المعجميّة التي تمثِّلها الكلمة (المصطلح) إلى أبعادٍ نصيّة خطابيّة سياقيّة (متخصِّصة)، بل سنراه عند بيار لوراه الذي تناول النصّ التشريعي (القانوني) من خلال المخطّط الحجاحي الذي يقوم عليه حيث دعا حينَه إلى ضرورة إعادة النّظر في شأن دراسة المصطلحات بعزلها عن سياقاتها[42]. وقبلَه سبق لدوريّة Terminologies nouvelles أن خصّصت في عددها العاشِر دراساتٍ لقضايا العبارات المسكوكة (Phraséologie)[43]، وهي التي مِن المعلوم أنّها غير قابلة للدّراسة مِن غير اعتبارها داخل النصّ لأنّها غير حرّة، وأكثر مِن ذلك فهي محتواة كذلك في الخطابات العامِرة بالاستِعمالات الشّعبيّة[44]. ويرى أسوالد ديكرو (Oswald Ducrot) أفضليّة جمعها وحفظها ريثما تُستبصَر المعايير التي تتحكّم فيها فتُستعمَل كنماذج استدلاليّة على القدرة التي حظيت بها في تركيز المعنى وفي الحجاج وعلى الإيحاء بنظرتها إلى العالَم والأشياء، فمثَّل لذلك بأمثِلة كالعبارة المستعمَلة في اللّغة الفرنسيّة (C’est un brouillard « à couper au couteau »)[45]. وكذلك كثيراً ما حقّق علي القاسمي في استعمال كلٍّ من محمود تيمور وإبراهيم أنيس ﻟ ألفاظ الحضارة بدل كلمات الحضارة رابطاً ذلك بين التحصيل الآني وتسمية اللّفظ التي كانت ذات حظوة عند محمود تيمور على الأخصّ ــ رائد البحث في ألفاظ الحضارة على حدّ تعبير علي القاسمي[46] ــ إذ يفضِّلها على كلٍّ من الكلم أو الكلمة بل حتى المصطلح الذي يرى فيه الاختصاص الدّقيق الذي لا يكفل الاقتِراب مِن الجمهور بخلاف ما سيبلغه هذا (المصطلح عليه) على إثر تحوّله إلى اللّفظ عن طريق دورةٍ تقوم بين الأخصّائيين وعامّة الناس الذين تجري على ألسِنتهم، ثمّ تكرَّس قاموسيّاً على أساس أنّها تمثِّل ألفاظ الحضارة[47]. أمّا إبراهيم أنيس فيغلب عليه التدقيق في التفريق بين الكلمة واللّفظ على أساس أنّ الكلمة ما هي إلا صورة صوتية مفردة صامتة تتحول إلى لفظٍ حينما تستعمل للدلالة على معنى محدَّدٍ لأنّها بذلك تتحول من الصورة إلى الحقيقة الحسية[48]. وهو ما يُدعى التحصيل أو التحيين (Actualisation) وهو ما تفاضل ضمن ما يتعلّق بمنعرج عناية المصطلحيين بالمدوّنة النصيّة المصطلحيّة. في الحقيقة حتى عندما تُفصِح المصطلحياتُ عن طبيعة المصطلح فهي حينئذٍ مُستكمِلة لعمَل اللِّسانيات، مِن غير التغافل عن كون هذه الأخيرة حاولت أكثر مِن مرّة أن تحتوي موضوع المصطلح وتحيط بشؤونه، ذلك أنّ موضوعها متعدِّد الأبعاد ومطاطيٌّ إلى حدٍّ ما[49].
هكذا فإذا قصَد أيُّ باحِثٍ التأمّلَ في المظاهر التقنية الدقيقة لعلاقة المصطلحيات باللِّسانيات التي تخلو من المضامين الفِكريّة الكامنة فيها أي بغضِّ الطّرف عن المسائلَ الابستيمولوجيّة التي لا نزال نثيرها، سيعود ــ لا غرو ــ بحصيلة إحصائيّة تُقنِعه بأنّ المصطلحيات تقدِّم أكثرَ مِن مَنظورٍ هامٍّ في مَشهد الدّرس اللِّساني القائم أساساً على دراسة وقائع اللّغة، وأنّها تُعدّ ميداناً للبحث أصبح مع تدفّق الكتابات المتخصِّصة مِن الضروري الخوضُ فيه، ولاسيما على مستوى فحص تلك الكِتابات فحصاً مصطلحياً مُقَنْوَناً يطمح بدوره إلى أن يحظى بالتَّقنِين لئلاَّ يظلّ شبه مؤقّت ولا يقع خارج الاهتمامِ العلميِّ المسجَّلةِ علامتُه[50]. ثمّ إنّ النظريّة العامّة للمصطلحات قد سبق لها أن تصدّت ــ في مَنحاها المعياري المُفرِط للأسف ــ لصبِّ ذلك النّمَط الكِتابي في قالب ثنائيّة (مثالية الواقع والمعرفة والتّواصل / حصر حقل التّطبيق المصطلحيّ في التّقييس). ذلك لأنّ في تصوّر بعض المصطلحيِّين المنتصرين دوماً لتلك النظريّة، ليس أفضل مِن تحقيق نوع مِن نِظاميّة تسجِّل توازناً أمامَ حالة تشتّت مجال المصطلحيات، وذلك تبعاً لهمِّهم التَّنظيمي المعتاد. إنّ الاختلاف الجوهري بين هذه النظريّة التي مِن الطبيعي أن نستفيد منها كثيراً وبين ما سنعتمده في هدفنا الساعي ــ هو الآخر ــ على حَدْوِ الهمّ التنظيمي لكلا المجالين في تداخلهما، يكمن في العدّة الاختصاصيّة التي يقتضيها مسعى إدراج المصطلحيات في خدمة اللِّسانيات. وهي كذلك العدّة التي يتمّ في إطارها الاغتنام من الاختصاصات الضاربة في أعماق قضايا المفهوم والمصطلح من تحليل الخطاب والإعلام الآلي والسيميولوجية والتعليميات، بل حتّى الرافد الذي يلجأ إلى علم الاجتماع أو (Sociologie de la traduction) كما اعتاد المتتبِّعون لهموم الترجمة أن يسموه[51]، مع التذكير دائماً أنّ شؤون المصطلح في العالم العربي تابِعة لقضايا الترجمة. وكذلك الشأن بالنسبة للمصطلحيات التي يقول عنها ألان رِي: « إنّ المصطلحيات بوصفها خادِمة الاحتياجات الاجتماعيّة تفرض جهازاً معرِفيّاً يتّصل مباشرةً بالتفكير الذي لابدّ أن ينشغل عن الاهتمامات الخاصّة لفائدة تلكم الاحتياجات »[52]. ولكن، وعلى الرغم مِن تنوّع خدمات المصطلحيّات، وخاصّة في أبعادها الاجتماعيّة؛ فإنّ البعد الذي يهمّنا في خصوص خدمتها للِّسانيات هو تحليلها لمفاهيمها وفق ما يُدعى المقاربة المفهوميّة المشار إليها.
2.3 المقاربة المفهوميّة
بعدما فصلنا بين العمل المصطلحي والبحث المصطلحي، نضيف أنّ العمل المصطلحي يقوم على تحديد المفهوم فتمييزه تمييزاً اختصاصيّاً ثمّ تعريفه مقارنةً مع غيره مِن المفاهيم فتصنيفه وفق المجال الذي ينتمي إليه. فنحن هنا في صلب المقاربة المفهوميّة التي وإن تبدو أنها منصفة تجاه المصطلح (التسمية) بحيث لا تتجاهله، فهي تجعل مِن المدخل في المعجميات المصطلحيّة وكذا المصطلحيات (النظريّة) لا يتشكّل من ذلك المصطلح بل مِن الموضوع (الواقِع) الذي يتمّ وصفه أو بالأحرى مِن تمثّل الأفراد لمفهومه الرّاسِخ في الأذهان. ويتمّ تنظيم ذلك كلّه وفق تعريفات مصطلحيّة تعدّ بنىً مفاهيميّة يمكن صَوْرَنَتُها ثمّ حفظها في بنوك المعطيات والرجوع إليها كلّما اقتضت الحاجة[53]. ويحدِّد الباحِثُ الحاج بن مومن وجهَ تطبيق هذه المقاربة في العمل المصطلحي العربي ــ ولاسيما في صناعة المصطلح ــ ضمن النصّ الآتي:
« إنّ المنظور الحديث لوضع المصطلح العلمي والتقني يقتضي: ــ من جهة، مقاربة مسمّياتية (أي أنومزيولوجية) تُعنى بفنّ المصطلح (أو المصطلحيات) وتنطلِق هذه العمليّة من تفحّص المفهوم الأجنبي وضبط سماته والإحاطة بعلاقاته مع المفاهيم المجاورة له في نفس الحقل المعرفي (تحديد المحتوي والمحتوى) حتى تتأتّى عمليّة مَوْضَعَتِه داخل ذلك الحقل. عندئذ يمكن مباشرة عمليّة تسميّة المفهوم الأجنبي حسب ضوابط وضع المصطلحات العربيّة؛ ــ ومن جهة أخرى ربط كلّ تسمية مفهوم جديد بشبكة مصطلحيّة صرفيّة ودلاليّة يمثِّل فيها المصطلح تارة نواة (Noyau ou base) للوحدة المصطلحيّة وتارة أخرى امتداد لتلك النواة […] »[54].
وهذا المنظور كما يعرضه الباحِث هنا بمقتضياته، يدعِّم ما سنكشف عنه لاحِقاً مِن أنّ العمل المصطلحي العربي يطغى عليه المخطَّط التقليدي[55] الذي يقوم في الغالب على استحضار المصطلح الأجنبي ــ المستحدَث عموماً ــ بما أنّه المدخل إلى المفهوم المستقدَم والمرجع الذي نشأت مِن صلبه كلُّ التنويعات والاشتقاقات التابعة. لاحِظ مثلاً علاقة النسب بين مصطلحيْ (Didactique) و(Didactologie)؛ وكذلك بين (Objet) و(Objectivation)؛ وبين (Objectif) و(Objectivité). فبينها علاقات ومسالك تخصّ التسميات وأخرى تتعلّق بالمفاهيم قد لا توازيها تلك الموجودة في اللّغة التي تُقابل فيها المصطلحات ندّاً لندّ. لهذا فيهمّ مقاربة التّعريفات المصطلحيّة بالحدود الدلاليّة (التحليل التكويني) التي تفيد في توضيح بنية المفاهيم التابِعة للمجال المراد دراسته، وذلك عن طريق فسح المجال أمامَ العلاقات النابِعة عن تعدديّة الاختصاصات، ومنح التكوين للراغبين فيه (الطلبة الجامعيين)، من أجل معرفة بناء التعريفات السليمة. ومِن هنا فإنّ المقاربة المفهوميّة تستدعي اعتبار الحقول الدلاليّة. والحال إنّ عِلاقة التّحليل التّكوينيّ بِتحديد الحُقول الدّلاليّة تكمن في مُراعاة المُحلِّل لِهذه الأخيرة مِن أجلِ التّوصُّل إلى تقيِيد السّمات المُشتركة بين مَفهوميْن مَثلاً. هذا ما يُؤكِّده أحمد مختار عمر بِقولِه: « أوّلُ خطوةٍ يتّخِذها الباحِثُ [ لِتَحديد العناصِر التّكوينيّة ] هي استِخلاصُ مَجموعة مِن المَعاني (بِصورةٍ مَبدئيّة) تبدو الصِّلة القويّة بيْنها بِحيْث تُشكِّلُ مَجالاً دلاليًّا خاصًّا نتيجةَ تَقاسمها عناصِر تكوينيّة مُشتركة »[56].
ثم إنّ المصطلح في تقاليد العمل المصطلحي الغربي هو أسيرُ نظامٍ خاصٍّ أي يدلّ وفق علاقات معيّنة وداخل اختلافاتٍ مضبوطة: ما يساعِد على تحقيق تلك البنى المفاهيميّة المنشودة. لهذا يسلم اتّباع المقاربة المفهوميّة من أجل تبيّن المآزق التي قد يؤدّي إليها التعامي عن رؤيّة واقع ذلك الأسر ومخاطره والتغافل عن اعتبار تلك البنى المفاهيميّة. وإذا كان التعريف المصطلحي ــ مِن جهةٍ أخرى وكما يحدِّده رونيه لاغان (René Lagane) ــ « هو تنظيم ذهني لواقِعٍ لسانيٍّ ما »[57] فلا يمكن التعامي مرّة أخرى عن واقِعه اللّغوي أي إنّه يحصل ويتحقّق بوساطة اللّغة. فهكذا فقط يتسنّى للعمل المصطلحي العربي أن يحذَر الوقوع في الترجمة الحرفيّة وفي النقل المباشِر على الرغم ما يكلِّفه ذلك من الوقت والجهد ــ ولاسيما فيما يخصّ التنسيق. وهو ــ على كلِّ حال ــ ما صعّب دائماً مهام الترجمة الفوريّة في العالم العربي. ويمكن الانطلاق مِن المفاهيم أيضاً في مجال اللِّسانيات والعمد إلى تجليّة آفاقها وتجليّاتها في مدرسة لسانيّة ما وفي اتّجاه معيّن والنظر في المناقشات التي تمخّضت عن اختلاف الرؤى حول تلك المفاهيم المتشعِّبة بعضها عن بعض والآيِلة إلى تراكماتٍ يمكن صبُّها في بوتقة مدرسة معيّنة. مع العلم أنّ بعض المفاهيم تكاد تكون لا تختلِف من مدرسة إلى أخرى، وإنّما كلّ ما في الأمر هو أنّ هذه الأخيرة بعدما تشكَّلت أصبحت في حاجة إلى جهازٍ مصطلحيٍّ مِن شأنه أن يميِّز ما اعتُبِر من مفاهيمها الخاصّة فيتميّز بذلك الاتّجاه. ويمكِن في هذا الصدد التمثيل بما حدث لثنائية (اللّغة/الكلام).
4 اللِّسانيات لفائدة المصطلحيات
إنّنا لا نغفل بالمطلق الوجهة المعاكِسة للوجهة السابقة ــ وعلى الرغم من كلِّ النقائص التي اكتنفت هذه الوجهة في ظلِّ الدراسات العربيّة كما رأينا أثناء تشخيص الوضعيّة ــ أي على تحليلنا هذا أن يرضى بحقيقة كونه مَشروطاً بمراعاة خدمات اللِّسانيات لفائدة المصطلحيات[58]. وإن كانت هذه الوجهة قد غطّتها دراساتٌ نرى أنّها كافيةٌ لكي ننصرف عنها مؤقَّتاً فنُنصف أهلَها. علاوةً على ذلك، فهي مطروقة في عدّة مجالاتٍ تتّصِل بموضوعنا كأن يبحث دارسٌ ما في فضل اللِّسانيات على الترجمة[59]، بل حركة الترجمة في سياق العالم العربي[60]. وكذلك سُلكت هذه الوجهة مِن باب تبيان حلفاء اللِّسانيات كالإعلام الآلي والإحصائيات ومجال تحليل الخطاب وغير ذلك[61]. كما تقدّمت دراساتٌ بتحليلات مِجهريّة ترنو إلى إبراز المعالم اللِّسانيّة لتواجد المصطلح ضمن الجملة[62]. ولا يمكِن أيضاً أن نتجاهل بعض المحاولات العربيّة المنصبَّة على إظهار فضل اللِّسانيات في دراسة المصطلح اللِّساني ذاته ــ أخذاً بعين الاعتبار كلَّ ما رأيناه في المدخل مِن آيات النّقص في هذه الناحية ــ نذكر على سبيل المثال محاولة محمد قدور المنشورة في مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بدمشق حيث تناول فيها ثلاثة محاور تنمّ كلُّها عن الرغبة في التّنظير والتّطبيق معاً، وهي الآتية: 1. تمهيد في تاريخ اللسانيات، 2. مستويات الدرس اللساني وفروعه، 3. المصطلح اللساني ومشكلاته[63].
بيد إنّ ما ينبغي التأكيد عليه في هذا السياق حقّاً هو أنّ إخراج المصطلحيات من حيِّز اللِّسانيات بغرض التميُّز لم يعُد أمراً ضروريّاً ومُلحّاً كما كان في الماضي؛ بل إنّ استعجال ذلك الإخراج في شبه عنادٍ ــ لبعض المقتضيات المذكورة أعلاه على عجلة[64] ــ أعقب قصوراً في البحث المصطلحي وعجزاً في عمله لا مَثيلَ له ولا يمكن رتقُه من غير استرجاع المصطلحيات حقّها في اللِّسانيات وحقّها منها. وتعود استِّحالة الفصل بين اللِّسانيات والمصطلحيات إلى كون هذه الأخيرة لا تزال تشع في أولويات مشوارها دراسة المصطلحات اللِّسانيّة والعلاقات القائمة بينها، ووسائل وضعها وتوليدها، وكيفية دمجها في بنية العِلم الذي تنتمي إليه. وهذا النَّوع مِن الدِّراسة تقع في صلب علم متن اللّغة (بما فيه المعجميات) وعلم التَّأثيل الذي يتتبَّع تطور دلالات الألفاظ وتغيّر صياغاتها عبر الزِّمن، وهما من مجالات اللسانيات.
1.4 عودة المصطلحيات إلى اللِّسانيات
لقد غرقت المصطلحيات في فترة معيّنة من نشاطها في التزاماتٍ متعاليةٍ أسَّستها النظريّة الكلاسيكيّة فأنستها مشوارها اللّغوي (اللِّساني) الذي يبدو أنّ فيشتر قد سطّره في برنامجه النّظري والعملي معاً، حتى أنّ اللِّسانيات لم تفكِّر بدورها في أن توجِّه إليها إنذار الالتزام بذلك المشوار إلاّ بعد مرور عدّة عقودٍ من الزمن وإلى أن بدت بعض أعراض اليأس. فما أعقب هذا اليأس من تصوّر سبل التعاون بين هذه اللِّسانيات وتلك المصطلحيات والحلم الذي كان يمكن أن يراود هذه الأخيرة، هو بعض ما تهيّأ لنا من البحث فيه هنا تحت عنوان عودة المصطلحيات إلى اللِّسانيات. بيد أنّه تجدر الإشارة إلى أنّ الهمّ التوحيدي هو مِن بين العوامِل الأساسيّة التي أخّرت تدخّل اللِّسانيات في شؤون المصطلح. وعلى الرغم من أنّ هذه الأخيرة قد أجرت على ذلك الهمّ فحصاً مستقصياً شيئاً ما في إطار السياسات اللّغويّة[65]، فإنّ هذا لم يمنع جورج مونان ــ خلال الستينيات من القرن الماضي (1963) ــ مِن أن يؤاخذ مصطلحيات فيشتر على تلك الدلاليّة الاصطناعية (La sémantique artificielle) التي طبعت آلة وضع المصطلحات من دون أدنى إمكانية على وصف ولو مصطلحاً واحداً وصفاً لسانياً، وكذا محدوديّة إجرائيّة تلك الآلة المحصورة في العلوم الفيزيائيّة والطبيعيّة[66].
وهكذا كان ينبغي انتظار بزوغ فترة الثمانينيات من القرن نفسه ــ تاريخ صدور كتاب روتيسلاف كوكوريك (Rostislav Kocourek) ــ لكي تتأكّد إمكانيّة دراسة المصطلحات دراسة لسانيّة[67]. فيتّضح بذلك مقام المصطلح كدليل لغوي وتُدرس كذلك ــ في ضوء هذا المقام نفسه ــ العلاقة بين هذا الأخير (الدليل اللّغوي) وبين المرجع: ما يضطرّ كثيراً مِن اللِّسانيين إلى مراجعة نظرتهم إلى ازدواجيّة الدليل اللّغوي ذاتها. هكذا حدثَ المنعطف اللِّساني في الدّرس المصطلحي بالنزوع إلى إحياء اللِّسانيات نظراً لفضلها كأداة واصِفة. وهو ما كانت النظريّة العامّة للمصلحيات قد عطّلته حقبةً طويلةً من الزمن على الرّغم مِن إدراج الجانِب اللِّساني في برنامجها، حيث سعى المُصطلحيون المؤسِّسون إلى الانفصال عن البحث اللِّساني الذي أخذ ينضح أهميّةً بتزامن مع مساعي أولئك المصطلحيين الرامية إلى تأسيس علمهم. ولا ننسى قيام حلقة براغ اللِّسانيّة وحلقة فينا الفلسفيّة مُتزامِنتين تقريباً، في بدايات ذات العقد الثالث مِن القرن العشرين للميلاد بتفاوت بسيط، ولدواعٍ مختلِفة. لا نحتاج إلى كثيرٍ من التعليل لملامسة الخيط الرابِط بين اجتهادات فيستر كمؤسِّس لمدرسة فينا المصطلحيّة وتفكير الفلاسفة في معاييرَ تتجاوز عراقيل قائمة على درب دراسة المعنى. هذا بالضبط ما استدعى عند المصطلحيين اللِّسانيين التفكيرَ في إعادة النظر في مصطلحيات فيشتر من غير الوقوع في جحودٍ مطلق لأعمال هذا الأخير. إن المدخل الدلالي الذي أغرى المصطلحيين والفلاسِفة معاً في ظلّ مدرسة (وحلقة) فينا لا يتنافى مع المقاربة اللِّسانيّة. هذا، مع العِلم أنّ ما يدعى علم الدلالة التأويلي (Sémantique interprétative) أقرب الفروع اللِّسانيّة إلى المصطلحيات[68]. بل جاءت مثل هذه التفاصيل التي كانت واهنة في عهد المصطلحيات الكلاسيكيّة والمتعلِّقة بالتفريق مثلاً بين التقييس والتوحيد ــ وقد أشرنا إلى ذلك. هكذا صار الأمرُ مع ما سمحت به تلك السياسات اللغويّة أن يتبيَّن أنّ التقييس ـ على خِلاف التوحيد ـ لا يرمي إلى الحدِّ من التنوّعات اللّغويّة والقضاء على كلّ أشكال التنويع في اللّغة بقدر ما تهدف إلى تضييق الخناق على حالات المنافسة الشّكليّة لأنّ هذه الأخير هي غالباً لا وظيفيّة ومصدر الإبهام والغموض. وما مِن شكٍّ في أنّ المصطلحيات بمفهومها الحديث، وإذ هي على أهبة العودة إلى أحضان اللِّسانيات في أبعادِها المعجميّة والدلاليّة والنصيّة بالأساس، توشِك على إيجاد سنَدٍ كفيلٍ بها لم تكن تحلم به بالأمس القريب: ما أدّى إلى بروز دراسات مصطلحيّة تُولي عنايةً قصوى لدلالة المصطلح وأشكاله، وسياقاته داخلَ النصّ العلمي راصِدةً للقرائن اللّغويّة الصرفيّة والتركيبيّة الخالِصة، ولأبعاده الاجتماعية والتداولية: ففرضت نفسَها مقاربةٌ مَوسومةٌ ﺒ المقاربة اللِّسانيّة النصيّة[69]. ومِن المعروف أنّ كثيراً من اللِّسانيين والمصطلحيين قد بحثوا في تعريف المصطلحات انطلاقاً من المصطلحيات النّظريّة. فهذا برونو ديبيسي (Bruno de Bessé) يحدِّد المصطلح بوصفه « وحدة دالّة تعيِّن مفهوماً محدَّداً بطريقة أحاديّة داخل حقلٍ ما. يتكوّن المصطلح مِن كلِمة (مصطلح بسيط) أو عدّة كلِمات (مصطلح مركَّب) »[70]. بيدَ إنّ مثل هذه (الجدران المصطنَعَة) التي سدّت بها المصطلحياتُ الكلاسيكيّة الطريقَ أمامَ التّنوّع، قد ألقت بظِلالِها على الهويّة اللّغويّة اللِّسانيّة التي يحملها المصطلحُ في أصلِه التأهيلي (نتاج استعمال ملموس للّغة في موقِف تواصلي متخصِّص)، ويطمح إليها في فرعه الترجمي (استحضار العناصر اللّغويّة المتحكِّمة في أصل وضعه)؛ كما قدَّمت المصطلح كأنّه علامةٌ محصّنةٌ شفرةً ترنو إلى تصعيد الأسئلة حولها. وإنّ تلك الجدران قد أعقبت مواقفَ حادّةً وبائسةً من مقاربة المصطلح لسانيا. هذا، مع العِلم أنّ تلك الهويّة اللّغويّة (التسمية) مِن شأنها أن تتسلّم العلومُ ــ على يدها ــ مفاتيحَ تلك الشفرة أجوبةً على تلك الأسئلة المصعَّدة وأن تُعطي صكاً مفتوحاً للمفاهيم العلميّة لكي تنتشِر انتشاراً حرّاً بصرف النّظر عن الحدود اللغويّة. مِن هنا انتقل ــ أو عاد ــ الاهتمام بحدّ المصطلح من المصطلحيات إلى اللِّسانيات، وأعاد فتح هذا المجال مصطلحيّون أنفسهم[71]. وهم يقرّون دائماً ــ وعلى الرغم مِن ذلك ــ أنّ انبثاق المصطلحات في كنف التّفاعلات الجارية بين العلماء والتقنيين والصناعيين لا تختلط ولا تتقاطع دائماً مع الخلق التأثيلي والاشتقاقي ولا مع التطوّرات الصوريّة للكلمات (المصطلحات)[72]. لكن يبقى عمل اللِّساني متمحوِراً حولَ هذه الأخيرة أي العلاقات والأشكال، ذلك أنّ مثَل المهمّة التي تتولاّها اللِّسانيات كمَثل ما تقوم به الرياضيات، فإنّ معرِفة الموضوع الرياضي لا تتّصل بالخاصيات التي يمكن عزلها عند كائن بقدر ما ترتبِط بالخصائص الصوريّة المتعلِّق بنظامٍ قائم يجب استكشافه[73].
فالقول بدفع اللِّسانيات لحركة المصطلحيات هو إذن مجالُ البحث المصطلحي اللِّساني بامتياز. سيجد القارئ، على مدى هذا المقال، ذكراً لكوكبة مِن باحثين عملوا أيضاً على المُصارحة بهذا البعد التّكاملي وتجليته وتعزيزه، هم كلٌّ مِن: خوان كارلوس ساجر (J.-C. Sager) وماريا تريزا كابري (M.-T. Cabré) إذن وفرنسوا غودان (François Gaudin). ولقد حوّلت مراجعةُ كلٍّ مِن هؤلاء مركزَ الاهتمام من المعياريّة إلى الوصفيّة تماماً كما حدث للمنعرج اللِّساني الذي خلّفته الانتقاداتُ الموجَّهة ضدّ المعياريّة النحويّة والتصوّر المقارِن والتوجّة التاريخي الطّاغي[74]. إذ تمكَّن فرنسوا غودان على الخصوص، مِن فرض فرع المصطلحيات الاجتماعيّة (Socioterminologie) في ساحة الدّراسات المصطلحيّة متأثِّراً باللِّسانيات الاجتماعيّة[75]. وهو منحىً في الدّراسة ينمّ عن المبالاة بالتنوّعات وتعهّدها بمزيدٍ من الوصف: لهذا تشكّل ملتقى طرق بين ثلاثة اختصاصات هي اللِّسانيات الاجتماعيّة والمصطلحيات وتحليل الخطاب. هذا، وإن كان الهمّ التّعاقبي أشدّ ما استرجع مكانتَه قد تمّ في ظلِّ هذا الفرع مِن المصطلحيات بعدما حصرته النّظريّة المصطلحيّة العامّة في التّحليل التّزامني الذي على الرغم من ذلك يعدّ تمهيداً لأيّ نظريّة بديلة قد تلوح في الأفق. وقد أخطأ مَن ظنّ أنّ التعاقبيّة قد عفا عنها الزمن بل نشهد في أيامنا مراجعات تكاد تقلِّب رأساً كثيراً ممّا أصبح مِن الدَّرس اللِّساني الثابت على إثر تكريس دروس دي سوسير كتقدّم التزامنيّة على التعاقبيّة، إنّ هذا الأخير لم يقل بهذا أو قد أسيئ فهمُه[76].
2.4 تعليميّة المصطلحيات
إنّه كثيراً ما بدت زاوية تعليميّة المصطلحيات هامشيّةً في أعين بعض الباحثين. وهو ما يرجع ــ من جهة ــ إلى الفرديّة المستشرِية، والحال إنّه من المعروف أنّ مهمّة التّعليم لا يمكن النهوضُ بها بدون الاعتداد بروح التعاون. ويرجع ــ من جهة أخرى ــ إلى انهماك الباحثين (المنعزلين) على التوحيد المصطلحي متناسِين مهام التّعليم والتّكوين ــ والذين إذا شاء القدرُ أن يجتمعوا حول شيءٍ فلا ريبَ حولَ هذه الأخيرة. لذا، فحان الأوان أن يُنظَر إلى تعليميّة المصطلحيات بعينٍ رقيبة انطلاقاً مِن أرضيّةٍ سرعانَ ما جسّ نبضَها باحثون نبهاء، في سبيل تنظيم شؤونها في رحاب ما يُدعى التهيئة اللّغويّة والتّعليميّة (Aménagement linguistique et didactique)، وكذا التهيئة اللّغويّة والمصطلحيّة، واستِجابةً للدعوات المتكرِّرة لدى جميع المصطلَحيِّين تقريباً، والمطبِّقين كذلك[77]. وإنّ الهمَّ الجليل الذي يحدونا بدورنا بمراعاة هذا المجال دائماً هو بناء تصوّرٍ مفهوميٍّ تعليميٍّ قابل للتناول والتطبيق في حقل المصطلحيات. ذلك أنّ تعليم المصطلحيات لا يزال يُقام به من قبيل محاولاتٍ فرديّة مغبونة ومِن قِبل أشخاصٍ يستحقّون كلَّ الثناء على طلباتهم الملحّة في كلِّ مناسبة بأن يتحسَّن وضعُ المصطلحيات عالمياً وعربيّاً ولا طريقة أفضل لذلك، حسبَهم، مِن تعليمها[78].
بيدَ إنّه قليلاً ما لوحِظ شخوصُ الأنظار نحو ذلك التّعليم لتأديته بهاجِسٍ منهجيٍّ ونقديٍّ ــ وإن كان مِن الأجدر أن تُستثنى مِن ذلك الخطوةُ الجريئة التي خطتها الدوريّة البلجيكيّة Terminologies nouvelles بتخصيصها عدداً قائماً لقضايا المصطلحيات والتّكوين[79]. لهذا، فالأطروحة التي نستعرِضها تدريجياً في بحثنا تقوم على استنفار دور الدّرس المصطلحي باعتبار المهمّة التي يتناصفها مع نظيره (اللِّسانيات) نظراً لصلتهما التاريخيّة العميقة والحميمة. تلك الصلة التي شدَّ ما عزّزها النزوع المبكِّر إلى تعليم الدّرس اللِّساني. علماً أنّ هذا التعليم غالِباً ما استفزّ القائمين على وصف اللّغة ــ لاعتبارات تفادي المعياريّة ــ وذلك بعدما كاد بعضُهم أن يغرق في مجرّد طرح إشكاليات البحث لولا استفادة الدّرس اللِّساني كثيراً من وعي بعض اللِّسانيين بضرورة التمييز بين اللّغة الواصِفة بوصفها أداة توصيل المَعرفة اللِّسانيّة، وبين اللّغة الموصوفة (الطبيعيّة) كأداة تواصل وموضوع الدراسة. وكذا جراء استشعار الفروق الدقيقة بين اللِّسانيات والخطاب اللِّساني مع تقدير صفة التّلازم السائدة بينهما في التفكير اللِّساني العربي على الخصوص. وقد سبق النحاةُ والأصوليون إلى هذا الصنيع منذ آمادٍ خَلَت، ولاسيما في ظلِّ اهتمامهم بالتّعليل حيث استقرّ المصطلح استقراراً خالِصاً[80]: فأضحى مِن الممكِن أيضاً أنّ اللِّسانيين قد استفادوا من خبرات هؤلاء في موضوع التفريق بين اللّغة الواصِفة واللّغة الموصوفة، لأغراضٍ ليست وصفيّة استقرائيّة فحسب بل تعليميّة تكوينيّة أيضاً[81]، علماً أنّ النحو التعليمي حقيقة قائمة لا مجال لدحضها[82].
إنّه حان الأوان أن تُبعَث تلك الخبرات كرّةً أخرى في ظلِّ المصطلحيات. ولاسيما إذا علمنا أنّ اللِّسانيات اهتمّت ــ من جانبٍ آخر ــ بالخطاب البيداغوجي نفسه فصار لها موضوعاً منشوداً إذ تحاول أن تتفهّم بنيته ووظائفه[83]. سيتكشَّف لنا عن قريب أنّ هذه الدعوة (تعليميّة المصطلحيات) ليست بمثل هذه البساطة الأولية التي تبدو عليها، ولاسيما حينما نتعرّف على الكمّ المعتبَر الذي يُخصَّص لها سنوياً من الملتقيات والأيام الدراسيّة المكرَّسة لغرض دراستها عن قرب وكذا عدد الأطروحات والمذكِّرات الأكاديميّة التي أخذت تتناولها بالدراسة، وما يقع من التفكير والبحث في شأنها حالياً، خاصّة في رحاب المُصطلحيّات المزدهرة بمختبراتها الجامعيّة المتنوِّعة. هذا، وإذا لوحِظ غلبة النزعة الاقتراحيّة على بعض المبادرات العربيّة فقد تمثّلت آخر المراحل التي تطوّرت عبرها الوجهة التعليميّة المتعلِّقة بالدرس المصطلحي على المستوى الأوربي في ظهور مصطلح (Terminodidactique)[84] ظهوراً جليّاً حتى تتمظهر في ضوئه آفاق التمرين على تفكيك الشفرات التي تقوم عليها الخطابات الخاصّة (المهنيّة عموماً ولاسيما القانونيّة والاقتصاديّة والتجاريّة). وذلك لمقاربتها بيداغوجياً وفي سبيل تيسير تعليم نماذج منها للمبتدِئين العازِمين على ممارسة مهنة المحماة والتّسيير والتسويق مثلاً[85]. وكذا ما يقع في هذا الاتجاه بتسخير ما تُجهِّزه المصطلحيات بانطلاقها من المدوّنة وتُعِدّه مِن الاستِعمالات الجاهِزة وتستحضِره من الاصطلاحات والاستعارات والعبارات المسكوكة والمتلازمة وبتحليل السياقات الاصطلاحية المختلفة بغرض تذليل بعض الصعوبات التي كانت تُعنى بها تعليميّة اللّغات أوّلَ الأمر[86].
وعلى أيّة حالٍ، فإنّ كافّة النتائج التي مِن المُنتظَر أن تَفرغ إليها المصطلحيات وهي تخلد إلى دراسة لغة الاختصاص فهي تُعدّ ــ مِن عدّة جوانب ــ تحصيل حاصل الاهتمام المرتكِز على تعليم (لغات) الاختصاص تلك. لذا تنصّ أطروحتُنا مِن جانبٍ آخر على استحسان النّظر إلى المُصطلحيّات على أنّها، أوّلاً وقبل كلِّ شيءٍ، دِراسة لِلُّغة التي وإن يكن من المتوقَّع أيضاً أن تبدو ــ في حدودٍ ما ــ على أنّها (نوعيّة)، فينبغي مواصلة استِقراء سننها ــ لأجل ذلك بالذّات ــ وفهم طبيعتها والتنبّؤ بتطوّراتها وفقَ منهج المُصطلحيّات الخاصّ هذه المرّة[87]. وذلك لكي يتسنّى لهذه الأخيرة أن تتعدّى ــ في طبعتها الحديثة المنقَّحة ــ ما تعوّدت عليه في نسختها القديمة المكرَّسة، من الاضطلاع بقواعد التَّنميط المفهومي ومعايير التَّوحيد المُصطلحيّ، التي طالما أثيرت بإسهابٍ منذ ما مكَّن يوجين فيشتر (Eugène Wüster) للفروض الشكليّة ــ في الثلاثينيات من القرن العشرين وبفضل نزعته المنطقيّة الصارِمة والمعروفة ــ مِن أن تتحكَّم في المصطلح في جميع أبعاده الصوريّة والدلاليّة والمعرفيّة والتواصليّة والموجوديّة (Ontologiques)؛ مروراً بمعالجة الصلات بين التسميات وشيءٍ من تاريخها وتحصيلاتها الآنية وبين هذه الأخيرة والأشياء التي تحيل عليها. وذلك مِن غير الوقوع في جحود فضل تلك القواعد والمعايير والفروض الشكليّة التي قَدِمَت مِن ذلك العهد بل ترسّمت على شكل توصياتٍ عالميّة (ISO) وذلك على الأقلّ في تقويم مسار النقلة الكِتابيّة وتوجيه اهتمام المصطلحي نحو التكوين في ممارسة الكِتابة (العلميّة). فلنَقُل إنَّ هذا بمثابة تطويع الحدود ــ بل فتحه ــ من جهة بين المصطلحيات الحديثة والمصطلحيات الكلاسيكيّة؛ ومن جهة أخرى ــ بين كلّ اللّغات؛ ومن جهة ثالثة ــ بين اللّغة الطبيعيّة واللّغات الواصِفة. وذلك بطبيعة الحال عن طريق ثلاث وسائل كبرى ازدادت أهميّتُها في غرّة القرن الواحد والعشرين وأكثر مِن أيِّ وقتٍ مضى، هي: 1. تعلّم اللّغات (بما فيها لغات الاختصاصات) 2. الترجمة (بين اللغات لكسر حاجز المفهمة الخاصّة والتسمية النوعيّة) 3. خلق مجازاتٍ (بين اللغة العادية واللّغة المتخصِّصة). وكلُّها وسائل مثاليّة تَحفل بها أيُّ لغة داخلياً بفعل التطوّر اللّغوي، كما يُحفَل بها خارجياً بوساطة السياسات اللّغويّة الجادّة[88]. والواسطة الأخيرة تنطبق على كلّ اللغات التي يُكترَث بمصيرها كما حصل لِلُّغة الفرنسيَّة مثلاً أن احتملت تعديلات عدَّة في ظلِّ التَّخطيط اللُّغويّ فيما يَخصُّ تأنيث أسماء الحِرف الّتي كان لها صيغة جامدة مِن حيث النَّوع (المُذكَّر فقط). فَصادق الأكاديميُّون على قيَّاساتٍ لم تَكن مُستَعملة[89].
والحالُ إنّه لم يعد يكفي استظهار خصائص المصطلحات إثر مقارنتها بألفاظ اللّغة العامّة، لتفسير الملكة اللّغويّة للمتحدّثين الذين تشبّعوا بالمعرفة المتخصّصة، فصاروا بالتّالي أخصّائيّين[90]. فهذا بشير إبرير أصبح يحيل في ضوء تعليميّة الخطاب العِلمي إلى ثلاثة أنواعٍ مِن المَلَكات التي تتضافر عنده لمقاربة هذا النوع من الخطاب، هي: المَلكة التقنيّة والمَلَكة التّنظيميّة إلى جانب المَلَكة اللِّسانيّة[91]. صحيحٌ أنّه مِن أجل فهم ألغاز المصطلح يحسن إرجاعُه أوّلاً إلى مصدره اللّغوي، لأنّه ليس أفضل في نظرنا من وضع المصطلح في محكٍّ مع الدليل اللّغوي، وذلك لتفهّم معالم هذا المصدر الذي ما انفكّ كثيرٌ من الباحِثين يتحدّثون في إطاره عن تأصيل المصطلح، وهو صنيعٌ لا يقلّ حكمةً ولكنّه لا يقدِّم شيئًا كثيراً فيما يخصّ المسائل التي يرونها أنّها هامشيّة. ثمّ إنّ جعل المصطلح يدور في فلَك الدليل اللّغوي، قد فعل كذلك أناسٌ على مستوى الدّرس المعجمي بشقّيه النظري والتطبيقي[92] وآخرون في علم الدلالة وهم كثيرون. بيدَ أنّه، في مقابل ذلك، ينبغي علينا ذكرُ ما يروِّجه بعضُ الباحثين العامِلين كلّ من زاويته الخاصّة، من أنّ المصطلح يمثِّل عالَماً مجرّداً أو محسوساً لا يمكِن تحليلُه بمعزلٍ عن ذلك العالَم. لعلّ الخروج إلى هذا العالَم المحيط مِن الضرورة بمكان حتّى أنّ أكثرَ اللِّسانيين اقتناعاً بلغويّة المصطلح في إطار اهتمامه بما يتسمّى لدى فئة من الدارسين العرب الخطاب العِلمي، لا يفتأ يستدرجنا إلى تلك الضرورة القسريّة تحت ذرائع مختلِفة، وعناصِر هي في حدِّ ذاتها من استخراج اللِّسانيين[93]، كأن يرى عبد القادر الفاسي الفهري أنّ « الخِطاب العِلمي ـ كغيره مِن الخِطابات ـ يتحدّد تبعاً للمخاطِب والمخاطَب ووضع الخِطاب »[94].
فهكذا يسهل ملاحظة كيف أنّه مال عن الجوهر اللِّساني للمصطلح المشكِّل بدوره لجوهر ما يدعوه هو الآخر الخطاب العِلمي، قبل ذكر الوضع (Code)، إلى جانب المخاطِب والمخاطَب. وهما عنصران خارجيان. وليس هذا فحسب بل واصل وصفَه قائلاً: « إلاّ أنّ الخِطابَ العِلميّ ـ في جوهرِه ـ خِطابٌ نَظريّ يمكِن تصوّره كبنية تفسيريّة تربط عدداً مِن الظّواهِر بعددٍ مِن المفاهيم والمسلّمات والمبادئ عن طريق جهازٍ استنتاجي أو أكسيومية »[95]. وإذ يُدخِل فِكرةَ (المجال) يرى أنّ البنية التفسيرية التي يعنيها تتحدّد بصفةٍ أدقّ بالنّظر إلى ثلاثة مجالاتٍ هي: مَجال البحث ومَجال التفسير ومجال الاحتجاج[96]. وكان قد برّر بطريقة غير مباشرة شبه انفصال تلك البنية عن اللّغة تحت دواعي ما أسماه أنطلوجيا الخطاب، حيث يقول: « وتمثِّل [ البنية التفسيريّة ] مَجموعة الذوات التي تقدّم بواسطتها التفسيرات والتي لا يمكن استخلاصها مِن ذوات أخرى في البنية الاستِنتاجية أنطلوجيا الخطاب »[97]. ثمّ يشرح هو الآخر تضافر المجالات على هذه الشّاكِلة: « فمجال بحث الخطاب تحدِّده مفاهيم ذلك الخِطاب، وهذه المفاهيم تخصّص مجموعة مِن الظواهِر. ومجال التفسير مجموعة فرعيّة مِن الظّواهِر تنتمي إلى مَجال البحث (بما في ذلك كلّ الظواهِر التي تنتمي إلى مَجال البحث). ومجال الاحتِجاج مَجموعة ظواهِر تُبطِل أو تزكّي التفاسير المقترَحة »[98]. لذلك يربط تعدّد الخطاب العِلمي ونسبيّته وخصوصيته وظرفيّته، باعتبار إمكان تعدّد مَجالات التفسير والبحث والاحتِجاج وإمكان اختلاف وضع الخطاب فضاءً وزمناً، وكذلك بالنّظر إلى الاستِنتاج الملازم لخطابٍ معيّن[99]. وقد اهتمّ العديدُ من الدّارسين الغربيين بتحديد محاور الدرس المصطلحي في رِحاب الجامعات والمعاهد العليا. فجعلوا من أهمّ موضوعاته: التوثيق ورسم قواعد تحرير الجذاذة المصطلحية، والجرد والتصنيف المصطلحيين، وتحديد خصائص التعريف المصطلحي، والتقييس المصطلحي[100]. وهذا ما يصرِّح به محمود فهمي حجازي فيما يأتي:
« هناك وعي متزايد بأهمية إعطاء المصطلحات مكاناً في برامج التعليم والتكوين المهني، ويكون التركيز على المفاهيم والمصطلحات في داخل الفرع العلمي مع الاهتمام بعلاقاتها وبالفروق الكامنة بينها. وقد يؤدي هذا الرأي إلى تقديم مقرر كامل في مصطلحات العلوم الأساسية أو مصطلحات التقنيات أو مصطلحات العلوم الطبية لا يقتصر على قوائم مفردات، بل يقوم في المقام الأول على تقديم منظومة المفاهيم والمصطلحات والوسائل اللغوية لذلك. ويقترح بعض الخبراء العناية بهذا الجانب أيضاً في إعداد معدي البرامج العلمية والثقافية الرفيعة في وسائل الاتصال الجماهيري »[101].
ثمّ إنّ لِلتَّعليم والتَّكوين أهميَّةً في تمكين المُصطلح على الاستِقرار. فالمُصطلح الّذي لا يُتعهَّد بِالتَّعليم لا يَلبث طويلاً حتَّى يَسقُط مِن الاستِعمال رغم الاتّفاق الواسع الّذي قد يَحظى بِه. بل هو السَّبيل إلى تَوطيد دعائم هذا الأخير (الإجماع)[102]. فَمعاهد التَّمهين والتَّكوين المِهنيّ تُمكِّن لِلألفاظ الفنيَّة والفِلاحيَّة والصِّناعيَّة التَّقليديَّة مِنها والحديثة بِطُرقٍ جديرة بِالدِّراسة تتولاّها المصطلحيّات بمعيّة اللِّسانيّات. وذلك قدحاً فيما يُلاحَظ مِن انشغال اللِّسانيين عن المصطلحيات. وإن كان هذا الحكم لا يجانِب الصّواب إذا راعينا تاريخ اللِّسانيات العريق، لكنّه لا يشكِّل الحقيقة المطلقة، إذ عندما نتصفّح الكتب اللِّسانيّة سنجد دراسات عتيقة عنيت فعلاً بالشأن المصطلحي، وهذا قد خفيَ على جمهور القرّاء أو نفروا منه لمدّة طويلة ذلك أنّ اللِّسانيين قد طرقوا الموضوع من جوانبه التقنيّة البحتة، فهذا ما عسّر على أولئك القرّاء مقاربة ذلك الموضوع من زاوية اللِّسانيات[103]. بل بالإضافة إلى المعالجات المصطلحيّة التي تناثرت ولا تزال ضمن كتب لسانيّة، فقد وجدت كتب لسانيّة عالجت تميّز لغات عن بعضها بناء على طابعها العلمي[104]. وكذلك ليست هذه الزاوية النفعيّة أمراً بدعاً إذ وجدنا إرهاصاتٍ لها في العلاقة بين المصطلحيات والتّرجمة.
خاتمة
وخلاصة ما يمكن الانتهاء إليه في هذا المقال هو التأكيد على العلاقة الرّابِطة بين اللِّسانيات والمصطلحيات وهي التي تتجلّى تحت عددٍ كبير مِن أوجهٍ يتصدّرها الوجه التطبيقي العَمَلي ــ كما رأينا أعلاه. مع العلم أنّ كلَّ مختصٍّ يعنيه من تلك الأوجه ما يتّصل بموضوعه، ولكن مهما يكن الأمر فأيّ عطب يصيب أحد أقطاب رحى هذه العلاقة الحسّاسة (الخدمات المتبادَلة بين المصطلحيات واللِّسانيات، بمراعاة أبعادهما التعليميّة) هو ــ لا ريبَ فيه ــ نتيجةَ اختلالٍ لطرق التّعامل معها ولاسيما في حال غياب القوى النقديّة المضطلعة بتوجيههما.
[1] وهي زاوية مشروعة ــ لاشك في ذلك. ينظر: يوسف مقران، تقاطعات المصطلحيات ونظرية المعرفة (في سبيل ممارسة النقد في مجال اللّسانيات)، مجلة المجمع الجزائري للغة العربية، ع.13، الجزائر، جوان 2011، (ص.121 ــ 176).
[2] أتيحت لنا فرصةٌ حيث عرضنا لمحةً عن أوجه هذه العلاقة المتبادَلة بين المصطلحيات واللِّسانيات على المستوى الغربي وفي الساحة العربيّة. يُنظَر: يوسف مقران، الدّرس المصطلحي الغربيّ ــ العَربي: بين الاحترافيّة والهِواية: مجال اللِّسانيات المترجَمة أنموذجاً، المترجِم، ع.19، مخبر تعليميّة التّرجمة وتعدّد الألسن، جامعة وهران ــ السانية، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران (الجزائر)، يناير ــ جوان، 2009، (ص09 ــ 52).
[3] وكذلك تعرَّضنا لهذا التعاون المتبادَل مِن خلال طرحنا هذه الزوايا الثلاث بصورة عامّة؛ يُنظَر: يوسف مقران، الدرس المصطلحي واللِّسانيات، مجلة الأكاديميّة للدِّراسات الاجتماعيّة والإنسانيّة، ع.04، جامعة حسيبة بن بوعلي، الشلف (الجزائر)، السداسي الثاني 2010، (ص.18 ــ 33)، ولاسيما ص.18. حيث ركّزنا على هذه النقطة.
[4] كان ترجيح هذا الخيار مِن وحي ما سبق أن عالجناه في مَوضِعٍ آخر وما استخلصناه عُقباه؛ ينظر: يوسف مقران، المصطلح اللِّساني المترجم: مدخل نظري إلى المصطلحيات، دار رسلان، دمشق، 2007، ص.100 ــ 126.
[5] ينظر: Loïc Depecker, Linguistique et terminologie : problématique ancienne, approches nouvelles, Bulletin de la société de linguistique de Paris, vol. 97, no 1, Paris, 2002, Ed. Peeters, Paris, p.123.
[6] ينظر: بيار لوراه، خِطاب اللّغات المتخصِّصة، ترجمة يوسف مقران، الخِطاب، ع.03، مَنشورات مخبر تحليل الخِطاب، جامِعو مولود معمري ــ تيزي وزو، دار الأمل، تيزي وزو، ماي 2008، (ص.365 ــ 381)، ص.365.
[7] ينظر: يوسف مقران، الخطاب اللّساني وتفريعاته المفهومية والمصطلحية، مجلة البحوث والدراسات العربية، ع.64، معهد البحوث والدراسات العربية، يونيو 2016، (ص.83 ــ 147). http://www.alecso.org/site/2016-02-02-13-47-43/1180-64.html
[8] ينظر: Maria-Teresa Cabré, Terminologie et linguistique : la théorie des portes, Terminologies Nouvelles, n° 21, Rifal, Bruxelles, Juin 2000.. وكذلك كتابها: La terminologie : théorie, méthode et application, Trad. du Catalan par Monique C. Cormier et John Humbley, P. U. Ottawa / Armand Colin, Paris, 1998. وصاحبة النظريّة هي مِن أسبانيا، ومُديرة المَعهد الجامِعيّ لِلِّسانيّات التّطبيقيّة (IULA) لِجامعة بامبو فابرا (Pompeu Fabra) بِبرشلونة (Barcelone) حيث تشتغِل أيضًا بِصِفتِها أستاذة. وتُعدُّ عُضوًا في مَعهد الدِّراسات القشتاليّة.
[9] ينظر: علي القاسمي، المعجم والقاموس: دراسة تطبيقيّة في علم المصطلح، ضمن قضايا المصطلح في الآداب والعلوم الإنسانيّة، ج.2، معهد الدراسات المصطلحيّة (فاس)، (ص.219 ــ 237).
[10] ينظر: Monique Slodzian, Pratiques de la terminologie : la terminologie traductionnelle, in Terminologie et enseignement des langues, Ed. La TILV, Paris, 1991, (p.59-62), p.61-62.
[11] ينظر: ليلى المسعوديّ، ملاحظات حول معجم اللّسانيّات المُوحَّد، اللّسان العربيّ، ع.35، الرباط، 1998، (ص.164 ــ 177)، ص.210 ــ 211.
[12] ينظر: Maarten Janssen & Marc Van Campenhoudt, Terminologie traductive et représentation des connaissances, Langages, n°157 (La terminologie : nature et enjeux), 2005, (p.63-79).
[13] ينظر: Andrien Hermans & Andrée Vansteelandt, Néologie traductive, Terminologies nouvelles, RINT, n° 20 (Nouveaux outils pour la néologie), Bruxelles, Décembre 1999, p.37-43.
[14] رياض قاسم، مستقبل العربيّة الفصحى في تطويرها: رؤية في المَنهج، ضمن اللّغة العربيّة: أسئلة التطوّر الذّاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربيّة، بيروت، 2005، ص.214 ــ 215.
[15] وقد سبق أورييل فاينرايخ (Uriel Weinreich) إلى تفسير ذلك بظاهرة الاحتكاك اللغوي؛ كما في: Uriel Weinreich, Langage en contact, New York, 1953, p.01.
[16] ينظر: G. Rondeau, Introduction à la terminologie, 2e éd Gaëtan Morin, Québec, 1984, p.127. Et Louis Deroy, Néologie et néologisme : essai de typologie générale, Ed. CILF, n° 1, 1971, (p.05-12), p.08.
[17] ينظر: A. Rey, Essays on terminology, Trad. du Français par J. C. Sager, Ed. John Benjamins, Amsterdam, 1995, p.68-69.
[18] ينظر: J.-R. Ladmiral, Traduire : théorèmes pour la traduction, Ed. Payot, Paris, 1979, p.11-15.
[19] ينظر: Elisabeth Lavault, Fonctions de la traduction en didactique des langues, Ed. Didier érudition, Paris, 1985, p.09.
[20] ينظر: Germaine Forges & Alain Braun, Didactique des langues, traductologie & communication, Ed. De Boeck Université, Paris & Bruxelles, 1998, p.13.
[21] وقد نُشِرت مثلاً في عددٍ واحدٍ فقط مقالاتٌ ﻠ: اهيدي محمد، قراءة في المعجم الموحد لمصطلحات الرياضيات، اللِّسان العربي، ع.44، مكتب تنسيق التعريب، الرباط، 1997، (ص179 ــ 181). وكذلك: محمد حمادة، قراءة في المعجم الموحد لمصطلحات الرياضيات والفلك (جزء الرياضيات)، العدد نفسه، (ص182 ــ 186). وكذلك: حميد أوبلال، قراءة في المعجم الموحد لمصطلحات الأحياء، العدد نفسه، (ص192 ــ 193).
[22] ينظر: (1.2 اقتِراح مقابلاتٍ مصطلحيّة).
[23] علي القاسمي، علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 2008.
[24] ينظر مثلاً: يوسف مقران، تحليل الخطاب اللساني العربي: دراسة مصطلحية ابستمولوجية، دار الفكر العربي، الجزائر، 2017.
[25] يوسف مقران، واقِع حال البحث المصطلحي في ضوء اللسانيات(المجال العربي أنموذجاً)، مجلة المجمع الجزائري للغة العربية، ع.14، الجزائر، ديسمبر 2011، (ص.195 ــ 252).
[26] لقد صرَّح عنوانُ مقالنا هذا عن كلمة المصطلحيات واحتفظنا في هذا المَتن ﺒ الدَّرس المصطلحي بل تطبيقه؛ وهذا تحرياً لمبدأ التدرّج وهو ما خضعت له المصطلحيات التي لا تزال تبحث عن الغطاء العلمي
[27] فيما يخصّ الفروق التقنيّة بين هذه الثلاثة (العمل والبحث والدّرس) في الأبحاث المبكّرة التي عرفت كيف تحتضنها الثلاثةَ دونما أيّ وقوعٍ في تزاحمٍ بينها، قد عالجها باحِثون ﮐ: Robert Galisson, Recherches de lexicologie descriptive : la banalisation lexicale (Contribution aux recherches sur les langues techniques), Ed. Nathan, Paris, 1978, p.08-13. مِن حيث استنتجنا أنّ تسمية العمل المصطلحي يغلب استِعمالها للدّلالة على المصراع الذي تُمارس فيه القوانين الإجرائية والمبادئ المنهجية والأصول القواعدية التي تنهض عليها المصطلحيات النّظريّة.
[28] ينظر: خالد اليَعبودي، المُصطلحيّة وواقِع العمَل المُصطلحي في العالَم العَربي، دار ما بعدَ الحَداثَة، فاس، 2004.
[29] لقد ورد هذا التقابل في مقالٍ ﻠ: عز الدّين البوشيخي، عن المصطلح والمفهوم وأشكال التّعالق بينهما، ضمن قضيّة التّعريف في الدّراسات المصطلحيّة الحديثة، أشغال يوم دراسي (كليّة الآداب، ظهر المهراز)، 25 أبريل 1995، إعداد عبد الحفيظ الهاشمي، منشورات كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة محمد الأوّل، وجدة، 1998، (ص.27 ــ 35)، ص.28.
[30] ينظر: L. Depecker, Entre signe et concept : élément de terminologie générale, Ed. Presses Sorbonne Nouvelle, Paris, 2000, p.19. يُنظَر كذلك مقاله: Contribution de la terminologie à la linguistique, Langages, n°157 (La terminologie : nature et enjeux), (p.06-13). يُلاحظ التقاء عنوان هذا المقال مع شقٍّ من العلاقة المدروسة هنا (فضل المصطلحيات على اللّسانيات). والعدد موجود في مكتبة المركز الثقافي الفرنسي CCF بالجزائر.
[31] ينظر: M. Holzem, Apport des recherches en terminologie à la communication des sciences, Thèse de Doctorat en sciences du langage, Université de Rouen, 1997.
[32] H. Felber, Terminology manual, Ed. UNESCO and Infoterm, Paris, 1984, p.96-97.
[33] ينظر: J. Humbley, Présentation, in Revue française de linguistique appliquée, Vol. 19, Ed. De Werelt, Amsterdam, février 2009, (p.05-08).
[34] ينظر: Guy Rondeau, Introduction à la terminologie, Ed. Chicoutimi – Georges Morin, 1984, p.19-21.
[35] ينظر: J.-C. Boulanger et M.-C. L’homme, Les technolectes dans la pratique dictionnairique générale, Meta, vol.36, n°1, Université de Montréal, Québec, mars 1991, (p.23-40), p.23.
[36] ينظر: H. Felber, Manuel de terminologie, Ed. Unesco, Paris, 1987, p.03.
[37] ينظر: L. Depecker, Linguistique et terminologie: problématique ancienne, approches nouvelles.., p.123-152.
[38] ينظر: L.-C. Paquin, Du terme au concept, in Les industries de la langue : perspectives des années 1990, Tome 1, Montréal, 1991, (p.313-333).
[39] التوحيديون ــ نسبةً إلى التوحيد المصطلحي ــ هم الذين ينصبّ اهتمامُهم دائماً على سبل تحقيق ذلك التوحيد؛ يُنظَر: يوسف مقران، المصطلح اللِّساني العربي بين التّوليد والتوحيد (2)، دوريّة مصطلحيّات (دورية متخصِّصة في قضايا المصطلح)، عدد مزدوج: 4/5، فاس (المغرب)، نوفمبر 2013، (ص.29 ــ 52).
[40] ينظر: S. Boutayeb & I. Desmet, Terme et mot: propositions pour la terminologie, La banque des mots, n° 05, (numéro spécial), Conseil international de la langue française, 1993, (p.05-32).
[41] نقصد أحمد الحطاب؛ ينظر مقاله، المصطلحات العلمية وأهميتها في مجال الترجمة (العلوم الطبيعية كنموذج)، اللِّسان العربي، ع.47، مكتب تنسيق التعريب، الرباط، 1999، (ص.211 ــ 224)، ص.217 ــ 218.
[42] ينظر: P. Lerat, Vocabulaire juridique et schémas d’arguments juridiques, Meta, vol. 47, n° 2 (Traduction & terminologie juridiques), 2002, (p.155-162).
[43] ينظر: Terminologies nouvelles, n° 10, Rint-AFCFB, Bruxelles, 1993.
[44] ينظر: Claudia Maria Xatara, La traduction phraséologique, Meta, vol. 47, n° 3, (p.441-444).
[45] ينظر: O. Ducrot, Critères argumentatifs et analyse lexicale, Revue Langages, n°142 (Les discours intérieurs au lexique), 2001, (p.22-40), p.36.
[46] ينظر: علي القاسمي، ألفاظ الحضارة: ماهيتها وأثر توحيدها في تنميّة اللّغة العربيّة، مجلّة المجمع الجَزائري للّغة العربيّة، ع.9، الجزائر، جوان 2009، (ص59 ــ 85)، ص.61.
[47] ينظر: المرجع نفسه، ص.61 ــ 71.
[48] إبراهيم أنيس، دلالة الألفاظ، ط.6، دار المعارف، القاهرة، 1986، ص.38.
[49] يُنظَر ما يدعى (إبستيمولجيّة الطابِع التعدّدي للمصطلح): Béatrice Daille, Repérage et extraction de terminologie pour une approche mixte statistique et linguistique, Traitement automatique des langues (TAL), n° 36, 1995, (101 – 118). وكذلك: يوسف مقران، في تعدُّد أبعاد المُصطلح، مجلَّة اللّغة العربيّة، ع.29، المجلِس الأعلى للّغة العربيّة، الجزائر، 2012، (ص.35 ــ 76).
[50] (مُقَنْوَن= (Canalisé مَصُوغٌ من كلمة (القناة)، ويدلّ على تجميع الجهود وتكثيفها بحيث تسير في اتجاه واحِدٍ كأنها في قناة.
[51] ينظر: Jean-Marc Gouanvic, Ethos, éthique et traduction : vers une communauté de destin dans les cultures, TTR : traduction, terminologie, rédaction, vol.14, n°2 (Antoine Berman aujourd’hui Dir Alexis Nouss), Université de Québec, Ed. Les Presses de l’Université de Québec, Québec, 2001, (p.31-47), p.31.
[52] ينظر: A. Rey, Les fonctions de la terminologie : du social au théorique, in L’ère nouvelle de la terminologie, Ed. OLF, Montréal, 1988, (p.87-108), p.108.
[53] ينظر: B. de Bessé, Le contexte terminographique, Meta, vol.36, mars 1991, (p.111-120), p.111.
[54] الحاج بن مومن، استنساخ مصطلحي داخِل لغات التخصّص، ضمن قضايا المصطلح في الآداب والعلوم الإنسانيّة ..، ص.29 ــ 30.
[55] وأسميناه هذه التسمية، وليس المصطلح الرابط لأن التسمية الأخيرة سبقنا إليها محمد مفتاح الذي كرسها في المركب (النص الرابط = كلمات مفاتيح) في مقابل تسمية (Hypertexte). ثم إن وزن (افتعال) هو الأنسب ذلك أنه ينم عن المدلول المقصود وهو التصنّع الذي خصصناه بالذم في معرض هذا البحث. أما سبب اختيار صيغة المصدر واسمه وليس صيغة اسم الفاعل أي (المرتبط) فيرجع إلى متطلبات الاستعمال في السياقات اللغوية التي تتيسر عند المصدر على اسم الفاعل نظرا لقضايا تتعلق بعلاقة الإضافة وعلاقة النعتية ثم إن الرسم الحرفي العربي يخدم صيغة المصدر على صيغة اسم فاعل مشتق من مزيد. ثم إن منطلقات المصطلح الارتباطي محكومة بالمناخ الترجمي. ــ كما سيأتي شرحه بالتفصيل ــ والتشديد على انطواء الخطاب اللساني على مصطلحات هو لتجنب التشكيك في ذلك نظرا لما سوف يأتي من تبعية هذا الأخير للسانيات التي أمر توفرها على المصطلحات (العلمية) ظاهر للعيان ولا يحتاج إلى برهان. أما الخطاب اللساني فقد تنعم جذوته نظرا لكونه يحمل من العموميات وليس متجانس ــ كما سنلاحظ. وقد دقق إبراهيم السّامرائي في هذه المفارقة حينما كان في سياق توضيح مقام ” المصطلحيات “، قائلا: « غَلَب لفظُ (المصطلح) على ما يتّصِل بِالعُلوم سواء في ذلِك الإنسانيّة مِنها والعُلوم الصّرفة. غير أنّ هذه (الغَلَبة) غير صحيحة فالمصطلح اليومَ، وفي عِلم المُصطلح الحديث (Terminology)، هو شيءٌ أوسع مِن أن نُضيِّق عليه فنحصره في مُفردات العُلوم. إنّ عِلم المُصطلح يَبحث في مُصطلحات العُلوم والفُنون وما يتّصِل بِشؤون الحياة ». ينظر: إبراهيم السّامرائي، في شِعاب العربيَّة، دار الفِكر المُعاصر (بروت) ــ دار الفكر (دمشق)، 1990، ص.94.
[56] أحمد مختار عمر، علم الدّلالة، ط.5، عالم الكتب، القاهرة، 1998، ص.122.
[57] R. Lagane, Problèmes de définition : le sujet, Langue française, vol.1-n°1, 1969, (p.58-62), p.58.
[58] وقد طرق هذه الوجهة دارِسون على غرار: Christine Portelance, Fondements linguistiques de la terminologie, Meta, vol. 36, n° 1, (p.64-70). وكما يشهد على ذلك أيضاً عنوان لويك ديبيكر الفرعي: 1.1.3 Interrelations entre terminologie et linguistique (p.19-18) حيث يضع العلاقة المتداخِلة بصيغة الجمع (العلاقات). يُنظَر: L. Depecker, Entre signe et concept : élément de terminologie générale .., p.19.
[59] أفضل مؤلَّف تصدّى لهذه القضيّة: H. Chuquet et M. Paillard, Approche linguistique des problèmes de traduction, Ed. Orphrys, Paris, 1989. كما كان لجورج مونان فضلُ السبق إلى الزاوية اللِّسانيّة في حلِّ المشكِلات الترجميّة؛ يُنظَر: Georges Mounin , Les problèmes théoriques de la traduction, Ed. Gallimard, Paris, 1963.
[60] كما تعرّض إليه مقال: Jarjoura Hardane, La linguistique dans la formation des traducteurs arabes, Meta, vol. 50, n° 1, (p.137-144).
[61] C. Ouellon, La linguistique et l’informatique, des alliées, Meta, vol. 34, n° 3, 1989, (p.552-557).
[62] Jacques Boissy, Pour une analyse linguistique des termes dans la phrase, Terminologies nouvelles, n° 14, décembre 1995, (p.43-46).
[63] ينظر: محمد قدور، اللِّسانيات والمصطلح، مجلّة مجمع اللّغة العربيّة بدمشق، م.81 / ج.4.
[64] M.-T. Cabré, Sur la représentation mentale des concepts : base pour une tentative de modélisation, in Le sens en terminologie (Dir Henri Béjoint et Philippe Thoiron), Ed. Presses Universitaires de Lyon (France), 2000, (p.20-31), p.20-21.
[65] ينظر: لويس جان كالفي، السياسات اللّغويّة، ترجمة محمد يحياتن، الجزائر: 2009، منشورات الاختلاف، ص56.
[66] ينظر: G. Mounin, Clefs pour la sémantique, Ed. Seghers, Paris, 1972, p.42-44.
[67] ينظر: R. Kocourek, La langue française de la technique et de la science : vers une linguistique de la langue savante, présentation d’Alain Rey, 2e éd. Oscar Brandstetter, 1991 [1982].
[68] ينظر: François Rastier, Sémantique interprétative, Ed. PUF (Coll. Formes sémiotiques), Paris, 1987.
[69] ينظر: Youcef Mokrane, Un modèle d’analyse de la terminologie juridique : approche linguistique & textuelle, AL-MUTARĞIM, Revue de Laboratoire « Didactique de la traduction & Multilinguisme », Université d’Oran, Ed. Dar El Gharb.
[70] B. de Bessé, Cours de terminologie, Ed. ETI Université de Genève, 1992, p.75.
[71] حيث يعرض ساجر في الفصل المعنوَن ﺒ (The Linguistic Dimension) الخاصيات الشكليّة للمصطلحات المصوغة بالإنجليزيّة؛ يُنظَر: Juan Carlos Sager, A practical course in terminology processing, Ed. John Benjamins, Amsterdam /Philadelphia, 1990. يُنظَر كذلك: Christine Portelance, Fondements linguistiques de la terminologie, Meta, vol.36, n°1 (La terminologie dans le monde : orientations et recherches), Département de linguistique et de traduction, Université de Montréal, Ed. Les Presses de l’Université de Montréal, Québec, mars 1991, (p.64-70), p.66.
[72] Yves Gambier, Travail et vocabulaire spécialisés : prolégomènes à une socio-terminologie, Meta, vol.36, n°1, (p.08-15), p.09.
[73] ينظر: Gilles-Gaston Granger, Pensée formelle et science de l’homme, 2e éd. Aubier, 1967, Paris, p.03.
[74] يُنظَر مراجع هؤلاء الثلاثة:
- -C. Sager, A practical course in terminology processing, Ed. John Benjamins, Amsterdam /Philadelphia, 1990.
- -T. Cabré, La terminologie : théorie, méthode et application, Trad. du catalan par Monique C. Cormier et John Humbley, P. U. Ottawa / Armand Colin, Paris, 1998.
- Gaudin, Socioterminologie : Une approche sociolinguistique de la terminologie, Ed. Duculot, Bruxelles, 2003.
[75] يُنظَر المادّة المخصَّصة لمدخل (مصطلح) Socioterminologie: Jean Dubois & alii, Dictionnaire de linguistique et des sciences du langage, Librairie Larousse-Bordas, Paris, 1999, p.436. علماً أنّ فرنسوا غودان يعدّ أحد الخبراء الذين شاركوا في إعداد هذا القاموس.
[76] Imen Lafhaj, Diachronie et temporalité en structuralisme saussurien, Les Anales de l’Université d’Alger, n° 17 – t.2, Alger, 2007, (p.87-109), p.87.
[77] محمد العياشي صاري، المصطلح اللساني العربي الحديث من التأسيس إلى التدريس، مجلّة الخطاب الثّقافي، ع.03 (شجون الخطاب التعليمي)، جمعيّة اللّهجات والتراث الشعبي، جامعة الملك سعود، الرياض، خريف 2008، (ص28 ــ 56).
[78] ينظر: Caroline de Schaetzen, Psycholinguistique du mot et enseignement d’une terminologie en langue seconde, in La Tribune internationale des langues vivantes, n°19, mai, 1996, (p.41-46). وكذا: محمد العياشي صاري، المرجع السابق، (ص28 ــ 56).
[79] يُنظَر كلّ الأعمال المنشورة في: Terminologies nouvelles, n° 17 (Terminologie & formation Dir Marc Van Campenhoudt), Rint-AFCFB, Bruxelles, Décembre 1997. مِن حيث ننتقي مجدّداً مقالاً آخر ﻟ: Caroline de Schaetzen, L’enseignement de la terminotique : spécificités et contraintes, Terminologies nouvelles, n° 17 (Terminologie & formation Dir Marc Van Campenhoudt), Rint-AFCFB, Bruxelles, Décembre 1997, (p.14-26), (p.14-26).
[80] ينظر: أبو القاسم الزّجاجيّ، الإيضاح في علل النّحو، تحقيق مازن المبارك، ط.3، دار النّفائس، بيروت، 1979، ص.64.
[81] ينظر: بلقاسم بلعرج، ظاهرة تعليل الألفاظ، اللِّسان العربي، ع.48، مكتب تنسيق التعريب، الرباط، 2000، (ص.31 ــ 39).
[82] ينظر: محمد إبراهيم عبادة، النّحو التّعليمي في التّراث العربي، منشأة المعارف، الإسكندرية، (د. ت)، ص.37.
[83] ينظر: Claude Desirat et Tristan Horde, Formation des discours pédagogiques, Langages, n°45 (Formation des discours pédagogiques), 1977, (p.03-08).
[84] يُنظَر سياق ورود هذا المصطلح في: Manuel Célio Conceição, Concepts et dénominations : reformulations et description lexicographique d’apprentissage, ELA, n°135, Ed. Klincksieck-Didier érudition, Paris, juillet-septembre 2004, (p.371-380), p.371.
[85] يُنظَر على سبيل المثال التوصيات التي انتهى إليها هذا الكتاب: P. Lerat, Décrypter le langage juridique : vocabulaire du juriste débutant, Ed. Ellipses, Paris, 2007, p.230-254.
[86] لمزيد من المعلومات يُنزل مثلاً على: Mojca Pecman, « Les apports possibles de la phraséologie à la didactique des langues étrangères », Alsic, Vol. 8, n° 2 | 2005, [En ligne], mis en ligne le 15 décembre 2005. URL : http://alsic.revues.org/index334.html. Consulté le 25 mars 2007.
[87] لقد أوضحنا بدقّة متى يسلم اللّجوء إلى الوجهة التاريخيّة ــ مِن جهة ــ والاستشرافيّة ــ من جهة أخرى، ولاسيما على مستوى المباحث التي تناولت التوليد المصطلحي. ينظر: يوسف مقران، المصطلح اللِّساني العربي بين التّوليد والتوحيد (1)، مصطلحيّات (دورية متخصِّصة في قضايا المصطلح)، عدد مزدوج: 2/3، فاس (المغرب)، نوفمبر 2012، (ص.41 ــ 66).
[88] عبد القادر الفاسي الفهري، المقارنة والتخطيط في البحث اللِّساني العربي، الدار البيضاء: 1998، دار توبقال للنشر، ص.138.
[89] ينظر: P. Lerat, Op. cit., p.30-33.
[90] ينظر مثلا: الطاهر ميلة، مصطلحات الرّياضيّات في التّعليم المتوسّط والثّانويّ بالجزائر، رسالة لِنيل درجة ماجستير، مُقدّمة لِمعهد اللُّغة والأدب العربي، جامعة الجزائر، 1985، ص.30 ‑ 42، حيث خصّص 13 صفحة من أجل إبراز الفرق بين المصطلحات وبين الألفاظ العامّة، باعتباره الموضوع الأساسيّ للبحث المصطلحيّ. وقد ارتكز في ذلك على: Louis Guilbert, La spécificité du terme scientifique et technique, Langue française, vol.17, 1973, (p.o5-17). لكنّ ” غيلبر ” متخصّص في علم متن اللّغة، ويهتمّ بالمولّد اللّغويّ، ويدرس المظاهر التي تتجلّى في وقت محدّد من تطوّر معجم لغة ما. ينظر: M. -T. Cabré, La terminologie : Théorie, méthode et application, p.252. يُنظَر: يوسف مقران، المصطلح اللّسانيّ المترجِم ..، ص.97.
[91] ينظر: بشير إبرير، الخِطاب العِلمي وبعض خصوصياته: رؤيا تعليميّة، مجلّة المجمع الجزائري للُّغة العربيّة، ع.06، الجزائر، ديسمبر 2007، (ص201 ــ 246)، ص218 ــ 224.
[92] ينظر: Aïno Niklas-Salminen, La lexicologie, Ed. Armand Colin / Masson, Paris, 1997, p.07-13.
[93] مِن المعروف أنّ العناصِر اللّغويّة قد ضبطها رومان ياكبسون من الزاوية اللِّسانيّة وزاد عليها تحديد الوظائف اللّغويّة. يُنظر مثلاً: Roman Jakobson, Essais de linguistique générale : Les Fondations du langage, T.1, Trad. de l’Anglais par Nicolas Ruwet, Ed. Minuit, Paris, 1963, p.213-214.
[94] عبد القادر الفاسي الفهري، عن أساسيات الخطاب العِلمي والخِطاب اللِّساني، ضِمنَ المَنهجيّة في الأدب والعلوم الإنسانيّة، ط.2، الدار البيضاء: 1993، دار توبقال للنشر، (ص43 ـ 63)، ص43.
[95] المرجِع نفسه، ص43.
[96] ينظر: المرجِع نفسه، ص.43.
[97] المرجِع نفسه، ص.43.
[98] المرجِع نفسه، ص.43.
[99] ينظر: المرجِع نفسه، ص.44.
[100] ينظر: Robert Dubuc, Formation des terminologues : théoriciens ou praticiens ?, La Banque des mots, Ed. PUF, no 9, 1975, Paris, (p.13-22).
[101] محمود فهمي حجازي، دور المصطلحات الموحدة في تعريب العلوم ونشر المعرفة، اللِّسان العربي، ع.47، 1999، (ص41 ــ 50)، ص45.
[102] ينظر: P. Lerat, Op. cit., p.21.
[103] ينظر: Jean Maillot, Terminologie et traduction, Meta, vol. 16, n° 1-2, (p.75-81). Et Taïeb Baccouche et وكذلك: Salah Mejri, Terminologie et traduction, Meta, vol. 45, n°3, 2000, (p.437-444).
[104] يُنظَر تعليقات ألبير دوزا (Albert Dauzat) على أقوال فولتير وغيره من الفلاسفة الذين خاضوا في مسألة أفضليّة اللّغة الفرنسيّة، وهو يرى أنّ طابعها العلمي هو العامِل الحاسِم في ذلك: A. Dauzat, Le génie de la langue française, Ed. Payot, Paris, 1943, p.07.