
الضبط الإداري كآلية لتحقيق الحماية البيئية في الجزائر
ط/د. بن دياب مسينيسا، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة عبد الرحمان ميرة –بجاية- الجزائر
مداخلة نشرت في كتاب أعمال المؤتمر الدولي الخامس عشر لمركز جيل البحث العلمي حول أليات حماية البيئة، الذي نظم في طرابلس لبنان يومي 26 و27 ديسمبر 2017. ص 125.
حمل من هنا: كتاب أعمال المؤتمر الدولي
ملخص باللغة العربية:يعتبر الضبط الإداري البيئي أحد الآليات المستحدثة من طرف المشرع الجزائري من أجل تحقيق الحماية البيئية، ولتجسيد ذلك كان لزاما إتباع سياسة بيئية هدفها الرئيسي تحقيق الحماية، ولتوفير هذه الأخيرة لا بد من وضع وسائل قانونية وقائية وكذا ردعية لتجنب كل الكوارث التي قد تمس بالبيئة نتيجة الأضرار التي تسببها المشاريع الصناعية والعمرانية التي تعد الأكثر خطورة على البيئة، ولحماية النظام البيئي أيضا لابد من مناقشة فعالية الآليات القانونية الوقائية والردعية، وكذا دور الإدارة البيئية بشقيها المركزي والمحلي في سعيها للحد من الجرائم البيئية، لكن الإشكال المطروح في هذا المقام هل تعد آليات الضبط الإداري المستحدثة من طرف المشرع الجزائري كفيلة لتحقيق الحماية البيئية؟.
الكلمات المفتاحية: الضبط البيئي، الآليات الوقائية، الآليات الردعية، حماية البيئة.
Résumé en langue française:
La régulation administrative environnementale est l’un des mécanismes développés par le législateur algérien pour assurer la protection de l’environnement , et pour ce faire il est nécessaire de suivre une politique environnementale dont l’objectif principal est la protection de l’environnement, et pour atteindre cette protection il est évident de mettre en place des moyens légaux préventifs et dissuasifs pour éviter toutes les catastrophes pouvant affecter l’environnement a la suite de dommages causés par des projets industriels et urbains considérés comme les plus dangereux pour l’environnement . Et il est aussi nécessaire de discuter de l’efficacité des mécanismes juridiques préventifs et dissuasifs afin de protéger l’écosystème, ainsi le rôle de la gestion de l’environnement au niveau centrale et locale dans ses efforts pour réduire les crimes contre l’environnement. Cependant, le problème présenté ici est de savoir si les mécanismes de contrôle administratif développés par le législateur algérien sont suffisants pour assurer la protection de l’environnement ?
Les mots clés : régulation environnementale, mécanismes préventives, mécanismes dissuasifs, protection de l’environnement.
مقدمة:يعد موضوع الحماية البيئية انشغال الساعة سواء على المستوى الدولي وحتى على الصعيد الداخلي، لذا سعى المشرع الجزائري على غرار التشريعات الأخرى إلى وضع تدابير قانونية على المستوى الداخلي من أجل تحقيق الحماية البيئية، كما كلف الإدارة بتنظيمها وتفعيلها في مختلف جوانبها سواء فيما تعلق منها بحماية الموارد المائية أو المجال الطبيعي أو الإطار المعيشي، من خلال الإجراءات القانونية التي تناولتها القوانين التي تصب في الإطار العام لحماية البيئة على حساب متطلبات التنمية وتأثيرها على الحماية البيئية، ولتحقيق ذلك وضع المشرع عملية مهمة تتمثل في الضبط الإداري البيئي، لكن الإشكال المطروح في هذا المقام: ما هي آليات الضبط الإداري المستحدثة من طرف المشرع الجزائري من أجل تحقيق الحماية البيئية في الجزائر؟
ولدراسة هذه الإشكالية يستدعي منا البحث الإعتماد على منهج تحليلي نقدي لتقييم سلطات الضبط الإداري البيئي أثناء ممارسة مهامها بالوسائل القانونية المتعددة الممنوحة لها سواء الوقائية (المبحث الأول) أو الردعية (المبحث الثاني) لاستنتاج مدى مواكبة هذه الآليات الممنوحة لها لإستراتيجية تحقيق الحماية البيئية.
المبحث الأول: الآليات الإدارية الوقائية لحماية البيئة في التشريع الجزائري:
تضطلع الإدارة البيئية بصلاحيات واسعة في تطبيق السياسة الوقائية في مجال حماية البيئة، كما تعد في نفس الوقت النواة المحورية لإيجاد وإنجاح مختلف الآليات البيئية ذات الطابع الوقائي غير الردعي، وبذلك تتحدد فعالية تدخلها بمدى فعالية مختلف الآليات الوقائية لحماية البيئة[1].
نجد من بين الإجراءات و الوسائل الوقائية الفعالة لحماية البيئة الواردة على سبيل الحصر نظام الترخيص (الفرع الأول) نظام الحظر والإلزام (الفرع الثاني) و نظام الحوافز والإعانات (الفرع الثالث)
المطلب الأول: نظام التراخيص الإدارية كوسيلة وقائية لحماية البيئة:
تعتبر وسيلة الترخيص أهم هذه الوسائل كونها الوسيلة الأكثر تحكما و نجاعة لما تحققه من حماية مسبقة على وقوع الاعتداء كما أنه يرتبط بالمشاريع ذات الأهمية والخطورة على البيئة سيما المشاريع الصناعية و أشغال النشاط العمراني، والتي تؤدي في الغالب إلى استنزاف الموارد الطبيعية و المساس بالتنوع البيولوجي[2].
يمكن تعريف الترخيص على أنه الإذن الصادر من الإدارة المختصة بممارسة نشاط معين و لا يجوز ممارسته بغير هذا الإذن، و تقوم الإدارة بمنح الترخيص إذا توفرت الشروط اللازمة التي يحددها القانون[3].
يتضمن التشريع الجزائري الكثير من التطبيقات في مجال التراخيص الإدارية المتعلقة بحماية البيئة وسنقتصر في هذا المجال على بعض الأمثلة فقط، كما هو الشأن بخصوص التراخيص المتعلقة بالنشاط الصناعي و كذا التراخيص المتعلقة بالنشاط العمراني بالإضافة إلى التراخيص المتعلقة باستغلال الموارد البيئية .
الفرع الأول :التراخيص المتعلقة بالنشاط الصناعي
دلت العديد من الدارسات على أن الصناعة تولد ملاين الأطنان من النفايات الصلبة والسوائل الخطيرة بالإضافة إلى الغازات السامة، وتنتج غالبية هذه النفايات من الصناعات المعدنية و الإنشائية والكيمائية، ولاسيما في مرحلتي استخراج المواد الخام ومعالجتها، وانطلاقا من هذا كان لابد من وضع ضوابط قانونية تكفل ضمان إدارتها بشكل سليم[4]، وتتكرس هذه الضوابط من خلال مستويين التراخيص المتعلقة باستغلال المنشآت المصنفة والتراخيص المتعلقة بإدارة و تسير النفايات الناجمة عن استغلال المنشات المصنفة.
أولا: الترخيص المتعلق باستغلال المنشآت المصنفة
عرف المشرع الجزائري المنشآت المصنفة في المادة 18 من قانون 03/10[5] على أنها تلك المصانع والورشات والمشاغل ومقالع الحجارة والمناجم وبصفة عامة المنشآت التي يستغلها أو يملكها كل شخص طبيعي أو معنوي عمومي أو خاص، والتي قد تتسبب في أخطار على الصحة العمومية والنظافة والأمن والفلاحة والأنظمة البيئية والموارد الطبيعية والمواقع والمعالم والمناطق السياحية أو قد تسبب في المساس براحة الجوار.
المشرع الجزائري في الحقيقة لم يكتفي بهذا التعريف العام للمنشآت المصنفة، وإنما قام بتحديد هذه المنشآت عن طريق وضع قائمة دقيقة لكل أنواع المنشآت التي تخضع إلى ضرورة الترخيص، أما فيما يتعلق بإجراءات الحصول على الترخيص باستغلال المنشات المصنفة يتعين إتباع مجموعة من الشروط و الأحكام و المتمثلة في :
– إعداد دارسات التقييم البيئي :ربط المشرع الجزائري في المادة 5 من المرسوم التنفيذي 06-198 بين عملية منح الترخيص لإنشاء واستغلال المنشآت المصنفة، وضرورة إعداد و تقديم دارسة تقييم للأثر البيئي من طرف صاحب المنشأة أو المشروع للجهة الإدارية مانحة الترخيص بهدف تقييم هذه الدراسة والمصادقة عليها قبل منح الرخصة المطلوبة[6].
– إيداع ملف طلب الحصول على رخصة الاستغلال :ويكون هذا أمام اللجنة الولائية للمنشات المصنفة ويشمل هذا الملف :
- دراسة التقييم البيئي المشار اليه سابقا.
- اسم صاحب المشروع و لقبه و عنوانه إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي أو اسم الشركة و شكلها القانوني و عنوان مقر الشركة إذا تعلق الأمر بشخص معنوي.
- طبيعة وحجم النشاطات المقترح ممارستها من طرف صاحب المشروع وكذا فئة أو فئات قائمة المنشآت المصنفة التي تتضمنها المؤسسة المصنفة .
- مخططين الأول مخطط تفصيلي للمشروع والثاني أجمالي يبين فيه موقع المشروع بالنسبة للمعالم المجاورة لأرض المشروع.
– إجراء تحقيق عمومي ودراسة تتعلق بأخطار وانعكاسات المشروع: إلا أن المشرع لم يحدد كيفية إجراء هذا التحقيق، كما أنه لم يحدد الجهة المكلفة بالقيام به.
تجدر الإشارة أنه وباستقراء أحكام المادة 03 من المرسوم التنفيذي 06-198فإنه يسبق تسليم رخصة استغلال المنشآت المصنفة من طرف السلطات الإدارية المختصة تسليم الموافقة المسبقة لإنشائها من قبل للجنة الولائية لمراقبة المؤسسات المصنفة وهذا طبعا بعد استفاء جميع الشروط المشار إليها سابقا ولا يستطيع صاحب المشروع أن يشرع في أشغال بناء منشأة مصنفة ما لم يتحصل على مقرر الموافقة المسبقة.
قسمتها إلى ثلاثة أصناف:
حيث تخضع المنشآت من الصنف الأول إلى ترخيص من الوزير المكلف بالبيئة، ويخضع الصنف الثاني إلى ترخيص من الوالي المختص إقليميا، في حين يخضع الصنف الثالث إلى ترخيص من رئيس المجلس الشعبي البلدي، أما عن وقت طلب الترخيص فيتعين تقديمه في الوقت الذي يقدم فيه طلب رخصة البناء.
ثانيا: الترخيص المتعلق بإدارة و تسير النفايات:
تعتبر مسألة معالجة النفايات والتخلص منها مسألة في غاية الأهمية و الحساسية، و ذلك بالنظر إلى تأثيرها السلبي على البيئة الذي يمكن أن ينجر عنها عند محاولة معالجتها، الأمر الذي يقتضي وضع ضوابط رقابية تحول دون حدوث تلك الآثار السلبية و تتنوع التراخيص المتعلقة بإدارة و تسير النفايات بتنوع الأخيرة وهي كما يلي :
-1 ترخيص نقل النفايات الخاصة الخطرة :
هي كل النفايات الخاصة التي بفعل مكوناتها وخاصية المواد السامة التي تحتويه يحتمل أن تضر بالصحة العمومية أو بالبيئة، و بالنظر إلى خطورة الموقف في عمليات نقل النفايات الخاصة الخطرة تم تبني واعتماد ضوابط تتعلق بفرض رقابة محكمة على هذه العمليات، ومن بين هذه الضوابط ضرورة الحصول على ترخيص و في هذا الإطار نجد أن المشرع الجزائري في المادة 24 من القانون 01-19 فرض ضرورة الحصول على ترخيص من خلال نصه على أن عملية نقل النفايات الخاصة الخطرة تخضع لترخيص من طرف الوزير المكلف بالبيئة بعد استشارة الوزير المكلف بالنقل[7].
أما فيما يخص كيفية نقل النفايات الخاصة الخطرة فقد حددها المرسوم التنفيذي رقم 04-409[8] حيث تنص المادة 14 منه على أن رخصة نقل النفايات الخاصة الخطرة تثبت تأهيل الناقل لنقل النفايات الخاصة الخطرة، أما المادة 15 منه فقد أحالت على قرار وزاري مشترك يحدد محتوى ملف طلب الرخصة و كيفيات منحها و خصائصها التقنية، يتخذ من طرف الوزير المكلف بالبيئة و الوزير المكلف بالنقل.
– 2 ترخيص تصدير و عبور النفايات الخاصة:
يعود سبب نقل النفايات عبر الحدود إلى أن قدرة التخلص منها في بلد المنشأ غير ممكنة لسبب أو لآخر، كما و أن التخلص منها في بلد أجنبي قد يكون أقل كلفة[9]، وتجدر الإشارة في البداية إلى أن المشرع الجزائري من خلال المادة 25 من القانون 01-19 قد حضر حضرا تاما إستراد النفايات الخاصة الخطرة في حين ربط تصديرها نحو الدول الأخرى بضرورة الحصول على الموافقة الخاصة و المكتوبة من طرف السلطات المختصة في الدولة المستوردة، كما أخضع كل العمليات المذكورة أعلاه إلى ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالبيئة وربط منح هذا الترخيص بتوفر الشروط التالية:
– احترام قواعد و معاير التغليف و الرسم المتفق عليها دوليا.
– تقديم عقد مكتوب بين المتعامل الاقتصادي المصدر و مركز المعالجة.
– تقديم عقد تأمين يشتمل على كل الضمانات المالية اللازمة.
– تقديم وثيقة حركة موقع عليها من طرف الشخص المكلف بعملية النقل عبر الحدود
– تقديم وثيقة تبليغ موقع عليها تثبت الموافقة المسبقة للسلطة المختصة في البلد المستورد.
-3 الترخيص بتصريف النفايات الصناعية السائلة:
يقصد حسب مفهوم المادة 02 من المرسوم التنفيذي رقم 06-141 بتصريف النفايات الصناعية السائلة كل تدفق و سيلان و قذف أو تجمع مباشر أو غير مباشر لسائل ينجم عن نشاط صناعي[10]، و تلعب سلطات الضبط الإداري دور أساسيا في التحكم في آثار النشاطات الملوثة بحيث تتأكد قبل منح أي تراخيص لصب النفايات الصناعية السائلة في الوسط الطبيعي من أن هذا الصب لا يمس بقدرة التجديد الطبيعي للمياه ، وأن لا يؤثر على الصحة والنظافة العمومية وكذا حماية الأنظمة البيئية المائية حسب ما هو منصوص في المادة 45 من القانون رقم 05-12 [11]
حيث يخضع هذا التصريف إلى رخصة يسلمها الوزير المكلف بالبيئة بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالري، و تحدد فيها الشروط التقنية التي يخضع لها.
الفرع الثاني :التراخيص المتعلقة بالنشاط العمراني:
توجد ثلاثة أنواع من التراخيص تتعلق الأولى بالإنشاء و البناء (رخصة البناء)، أما الثانية فإنها تتعلق بتنظيم وتهيئة العقارات غير المبنية (رخصة التجزئة)، في حين تتعلق الثالثة بإنهاء الوجود المادي للبناءات (رخصة الهدم) و نحن سنركز بالدارسة على رخصة
البناء على اعتبار أنها تعد أهم تلك الرخص كون عملية البناء تعد من بين أهم عمليات النشاط العمراني[12]، كما أنها تؤدي إلى إحداث تغيرات كبيرة في البيئة و المحيط الذي سوف تقام في إطاره. [13]و بناءا عليه سوف نعالج موضوع رخصة البناء انطلاقا من تحديد الشروط القانونية المتعلقة بمنحها ثم تحديد كيفيات البت في موضوع رخصة البناء.
أولا: الشروط القانونية المتعلقة برخصة البناء:
لقد حدد المرسوم 91-176 المؤرخ في 28 ماي 1991 الشروط الواجب توفرها للحصول على رخصة البناء، والتي تتمثل في :
– طلب رخصة البناء موقع عليها من المالك أو موكله أو المستأجر المرخص له قانونا أو الهيئة أو المصلحة المخصصة[14] لهذا العقار ويلاحظ أن المشرع الجزائري من خلال المادة 34 من المرسوم التنفيذي رقم 91-176 وسع من دائرة الأشخاص الذين لهم الحق في طلب رخصة البناء و هذا الأمر يبدو من ظاهره أنه سوف يكون له انعكاس على إتساع كثافة النشاط العمراني في مختلف المجالات، الشيء الذي يؤثر على البيئة و مواردها، إلا أن الحقيقة غير ذلك انطلاقا من أن كل هؤلاء الأشخاص و إن كان لهم الحق في طلب رخصة البناء إلا أن حصولهم عليها مرتبط بمدى انسجام مشاريعهم مع الشروط الموضوعية و الإجرائية المتعلقة بقواعد التهيئة و التعمير و حماية البيئة[15].
– تصميم للموقع يعد على سلم 1/5000 على سلم 1/2000 يبين الاتجاه و شبكات التوزيع مع بيان طبيعتها و تسميتها و نقاط الاستدلال و مخطط كتلة البيانات و التهيئة التعمير على سلم200/1 يتضمن جميع البيانات المتعلقة بحدود الأرض و الطوابق و ارتفاعها والمساحة الإجمالية المبنية ونقاط وصل و رسم شبكة الطرق و لقنوات المبرمجة على المساحة الأرضية و جميع الوثائق الفنية التقنية الأخرى، إضافة إلىما هو منصوص في المادة 35 من المرسوم التنفيذي رقم 91-176المتعلقة بمستندات رخصة التجزئة للبنايات المبرمجة على قطعة أرضية تدخل ضمن أرض مجزاة للسكن أو لغرض أخر.
– مذكرة ترفق بالرسوم البيانية الترشيدية والتي تتضمن وسائل العمل وطريقة بناء الهياكل والأسقف ونوع المواد المستعملة، وشرح مختصر لأجهزة تموين بالكهرباء والغاز والتدفئة.
– قرار الوالي المرخص بإنشاء مؤسسات صناعية وتجارية مصنفة في فئة المؤسسات الخطيرة و غير صحية والمزعجة.
ثانيا: البت في طلب رخصة البناء:
بعد إيداع طلب رخصة البناء لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص، على هذا الأخير إرسال الطلب إلى مصالح الدولة المكلفة بالتعمير من أجل دراسته و التحقيق فيه، لتأتي فيما بعد مرحلة البت في الطلب من قبل الجهات الإدارية المختصة إما بالقبول أو بالرفض أو تأجيل البت فيه.
نشير إلى أن سلطة الفصل في طلب رخصة البناء قد منحها القانون 29-90 لكل من رئيس المجلس الشعبي البلدي، الوالي و الوزير المكلف بالتعمير كل حسب حالته، و تمر عملية البت في رخصة البناء عبر التحقيق في طلب هذه الأخيرة، قبل أن تبت فيها السلطة المختصة بإصدارها والتحقيق يستدعي استشارة كل من الهيئات التالية[16] :
-مصالح الحماية المدنية في حالة تشييد البنايات التي تستعمل لاستقبال الجمهور والبنايات السكنية لاسيما فيما يتعلق بمكافحة الحرائق و البنايات ذات الاستعمال الصناعي أو التجاري.
– المصالح المختصة بالأماكن والآثار التاريخية والسياحية عندما تكون مشاريع البنايات موجودة في مناطق أو أماكن مصنفة.
-مديرية الفلاحة على مستوى الولاية بالنسبة للبنايات و المنشآت المخصصة للاستغلال الفلاحي أو لتعديل البنايات الموجودة.
-و عند الاقتضاء يمكن إضافة أراء الجمعيات المعنية بالمشروع كالمباني الثقافية أو الدينية أو الرياضية.
الفرع الثالث: التراخيص المتعلقة باستغلال الموارد الطبيعية:
يتميز التشريع الجزائري بوجود العديد من التطبيقات الخاصة باستغلال الموارد الطبيعية كما هو الحل بالنسبة لرخصة الصيد، رخصة استغلال المناجم، رخصة استغلال الساحل و الشاطئ، رخصة استعمال و استغلال الغابات و رخصة المياه و سوف نقتصر دراستنا على على الرخصتين الأخيرتين لمالهما من أهمية كبير ة في مجال حماية البيئة.
أولا: رخصة استعمال و استغلال الغابات:
لقد صنف المشرع الجزائري في المواد 12، 13، 14 من قانون 84/12 الغابات ضمن الأملاك الوطنية العمومية[17]، إلا أنه ونظراً لكون أن الأملاك الغابية تتميز ببعض الخصوصيات ونظراً لمنافعها الكثيرة فإنها موضوع استعمال، الذي له خصوصيات فريدة في القانون الجزائري، يكاد يخالف قواعد الإستعمال المتعارف عليه في الأملاك العمومية التقليدية [18]فالاستعمال في الغابات الجزائرية يكون في شكل استعمالي غابي كما يكون على شكل استعمال اقتصادي وهو الاستغلال الغابي.
1 – الاستعمال الغابي :(l’usage forestier)
لقد خص المشرع الفصل الثالث من الباب الثالث لقانون الغابات 84-12 لموضوع الاستعمال داخل الأملاك الغابية مفرداً له ثلاث مواد وهي المواد 34،35 و 36إلا أن المشرع لم يعرف معنى الاستعمال، وإنما اقتصر على ذكر المستعملين باتخاذه للمعيار المكاني وتحديد مجال الاستعمال، وحصره في بعض المنتجات للحاجات المنزلية وتحسين ظروف المعيشة.
كما أن المشرع لم ينص صراحة على وجوب وجود الرخصة من أجل الاستعمال الغابي، ولكن بالرجوع لقواعد الاستعمال كحق عيني فإن الرخصة واجبة، هذا ما يؤدي بنا إلى الأخذ بالقواعد العامة التي تنظم الاستعمال الفردي، والتي توجب الرخصة الممنوحة من طرف الإدارة.
المشرع حدد المستعملين معتمدا في ذلك على معيار مكاني و حصرهم في السكان الذين يعيشون داخل الغابة أو بالقرب منها، ولهذا فالأشخاص الذين لا تتوفر فيهم هذا الشرط لا يستطيعون الاستفادة من هذا الاستعمال.
أما عن نطاق الاستعمال فلقد حصرته المادة 35 من قانون 84/12 في:
-المنشآت الأساسية للأملاك الغابية الوطنية.
-منتوجات الغابة.
-الرعي.
-بعض النشاطات الأخرى المرتبطة بالغابة ومحيطها المباشر.
-تثمين أراضي جرداء ذات طبيعة سبخية عن طريق تطوير الأنشطة الغير ملوثة المعلن عن أولويتها في المخطط الوطني.
– 2 الاستغلال الغابي (l’exploitation forestière):
بجانب الاستعمال الغابي الذي يقتصر على انتفاع سكان الغابات من الثروة الغابية، نظم المشرع الاستغلال الغابي والذي يعني بالمفهوم البسيط قطع الأشجار.
لقد نص القانون 84/12 على الاستغلال بالفصل الثالث مخصصا له مادتين 45 و46 منه، محيلا في الأولى قواعد التطريق والقلع ورخص الاستغلال ونقل المنتجات إلى التنظيم، ويحيل في الثانية إلى التنظيم كيفيات تنظيم المنتجات الغابية وبيعها.
فعلا قد صدر هذا التنظيم في شكل مرسوم 89/170 المؤرخ في 05 سبتمبر 1989 يتضمن الموافقة على الترتيبات الإدارية العامة والشروط التقنية لإعداد دفاتر الشروط المتعلقة باستغلال الغابات، ولقد نص هذا المرسوم على رخصة الاستغلال التي تسلمها إدارة الغابات، بحيث تقوم هذه الأخيرة قبل تسليم الرخصة ببعض الترتيبات الإدارية العامة يشاركها في ذلك الوالي وإدارة أملاك الدولة، أما بالنسبة للتعاقد فهو يخضع لقاعدة التنافس الحر، ولا تسلم إدارة الغابات رخصة الاستغلال إلا بعد أن يقدم المتعاقد معها ملفا كاملا يثبت التزامه التام.
ثانيا: رخصة استغلال المياه:
ضمانا لحماية الموارد المائية المتعلقة بالمياه وتنميتها المستدامة تضمن القانون12-05 و الذي سبق ذكره على نظام قانوني خاص لاستعمال الموارد المائية، بالعودة إلى المادة 71 منه فقد منع القيام بأي استعمال لهذه الموارد من طرف أي شخص طبيعي أو معنوي إلا بموجب رخصة أو امتياز تسلم من طرف الإدارة المكلفة بالموارد المائية والتي تخول لصاحبها التصرف لفترة معينة في منسوب أو حجم الماء المحدد على أساس الموارد الإجمالية المتوفرة حسب معدل سنوي والاحتياجات التي تتوافق مع الاستعمال المعتبر، وتعتبر رخصة استعمال الموارد المائية عقد من عقود القانون العام تسلم لكل شخص طبيعي أو معنوي قدم طلبا بذلك، وتمكن هذه الرخصة القيام بالعمليات التالية
– انجاز آبار أو حفر لاستخراج المياه الجوفية.
– إنجاز منشآت تنقيب عن المنبع غير الموجهة للاستغلال التجاري.
– بناء منشآت و هياكل التحويل أو الضخ أو الحجز، باستثناء السدود لاستخراج المياه السطحية .
– إقامة كل المنشآت أو الهياكل الأخرى لاستخراج المياه الجوفية أو السطحية.
في إطار ترشيد استغلال الموارد المائية أجاز المشرعمن خلال المادة 85من نفس القانون للإدارة المكلفة بهذه الأخيرة رفض طلب الترخيص موضوع العمليات السابقة إذا ما كانت الحاجيات الواجب تلبيتها غير مبررة أو إذا كانت تلبيتها تمس بالحماية الكمية و النوعية للموارد المائية أو إذا كانت تضر بالمنفعة العامة و في نفس الإطار دائما أجاز المشرع أيضا إمكانية تعديل رخصة إستغلال الموارد المائية و تقليصها و حتى إلغاؤها من أجل المنفعة العامة، و لكن مع منح تعويض لصاحبها إذا ما تعرض إلى ضرر مباشر و الذي يحدد في الرخصة أو وفقا لدفتر الشروط .
بناء على ما سبق يتضح أن المشرع الجزائري اعتمد نظام الترخيص كضابط لحماية المياه الجوفية من الهدر و التبديد غير المبرر و الاستغلال غير الرشيد ، بشكل يضمن عدم التعجيل في نفاذها كون هذا النوع من المياه يتسم بمحدوديتها و تجددها البطيء ، ومن ثم كان من الأهمية بمكان العمل على ضمان استدامتها من خلال أسلوب الترخيص باستغلالها .
المطلب الثاني: الحضر والإلزام كوسيلة وقائية لحماية البيئة:
بجانب نظام الترخيص والذي يعتبر أهم وسيلة تستعمله الإدارة في مجال حماية البيئة، نجد نظام الحظر والإلزام الذين يدخلان ضمن الوسائل القانونية الوقائية لحماية البيئة .
أولا: نظام الحظر من القيام بتصرفات الخطيرة على البيئة:
كثيرا ما يلجأ المشرع في حمايته للبيئة إلى حظر أو منع القيام ببعض التصرفات التي يقدر خطورتها و ضررها على البيئة أو يفرض ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات بالنظر إلى أهميتها ، و يتنوع الحظر الذي يلجأ إليه المشرع بين الحضر المطلق الحضر النسبي.
- الحضر المطلق من الأفعال التي لها آثار ضارة على البيئة:
تعد قواعد قانون البيئة في مجملها قواعد آمرة، و يجسد الحظر المطلق صورة واضحة لهذه القواعد، و يمكن القول أن الحظر المطلق يتمثل في منع الإتيان بأفعال معينة لما لها من آثار ضارة بالبيئة منعا تاما لا استثناء فيه و لا ترخيص بشأنه[19]
إذا كان القانون الأساسي لحماية البيئة 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة لا يشتمل على تطبيقات كثيرة لهذا النوع من الحظر، فإن القوانين الأخرى المكملة له تتضمن تطبيقات عديدة لهذا النوع من الحظر حيث نلمس هذا الحظر في القانون المتعلق بحماية الساحل و تنميته عندما نص في المواد 11، 12، 15 من القانون 02-02 على أنه تمنع الأنشطة السياحية (الأنشطة الإستحمامية و الرياضات البحرية و التخييم القار و المتنقل[20] ) على مستوى المناطق المحمية والمواقع الإيكولوجية الحساسة، كما يمنع التوسع الطولي للمحيط العمراني للتجمعات السكنية الموجودة على الشريط الساحلي على مسافة تزيد عن 03 كيلومتر من الشريط الساحلي، وبالعودة إلى المادة 32 من قانون 04-07 يمنع لإقامة أي نشاط صناعي جديد على الساحل[21] كما نلمس هذا الحظر أيضا في القانون المتعلق بالاستعمال و الاستغلال السياحي للشواطئ الذي أشار إلى أنه يمنع فتح الشواطئ للجمهور عندما يتسبب استغلاله في إتلاف منطقة محمية أو فضاء إيكولوجي هش، و أيضا منع رمي النفايات المنزلية أو الصناعية أو الفلاحية بالشواطئ أو بمحاذاتها و الأمثلة كثيرة في التشريع الجزائري التي يتجلى فيها هذا النوع من الحظر.
يمكن القول في هذا الإطار أن المشرع منن خلال اعتماده لإجراءات الحظر المطلق استهدف حماية البيئية و مواردها في مواجهة التنمية، و السبب في ذلك راجع إلى خطورة النشاطات التنموية المحظورة حظرا مطلقا و آثارها السلبية الكبيرة على البيئة و مواردها .
2- الحظر النسبي: وجوب الحصول على إذن:
يتجسد الحظر النسبي في منع القيام بأعمال معينة يمكن أن تصيب البيئة أو أحد عناصرها بالضرر، إلا بعد الحصول على إذن أو إجازة من قبل السلطات الإدارية المختصة و على وفق الشروط الضوابط التي تحددها القوانين و الأنظمة و بهذا الشكل نلاحظ أن الحضر النسبي يتقاطع مع فكرة الترخيص بمعنى أن الحظر النسبي هو السبب في تطلب الحصول على رخصة لممارسة نشاط معين.
الحظر النسبي قد يكون من حيث الزمان أو من حيث المكان، و نلمس الحظر من حيث الزمان في أحكام قانون الصيد عندما قام المشرع بمنع ممارسة أعمال الصيد في فترة تساقط الثلوج و كذا في فترة غلق مواسم الصيد، إلا في ما يخص الأصناف سريعة التكاثر بالإضافة إلى فترة تكاثر الحيوانات و الطيور، كما أجاز المشرع بموجب المادة 25 و 26 من القانون 04-07 توقيع الحظر النسبي للصيد في حالة وقوع كارثة طبيعية يمكن أن يكون لها أثر مباشر على حياة الطرائد، أو عندما تقتضي ضرورات حماية المواقع الصيدية ذلك[22] أما الحظر من حيث المكان فيظهر ذلك من خلال منع المشرع ممارسة أعمال الصيد في مساحات حماية الحيوانات البرية، و في الغابات والأحراش و في الأدغال المحروقة، و التي يقل عمر الأشجار المغروسة فيها 10سنوات و أيضا في المواقع المكسوة بالثلوج يمكن قوله في هذا الصدد أن إجراء الحظر النسبي يقترب إلى إجراء الترخيص المذكور سابقا ، حيث لا يمنع المشرع نشاطا ما إلا بالقدر الكافي الذي يحافظ فيه على المنظومة البيئية و الموارد الطبيعية، و هذا يعني أن إجراء الحظر النسبي ليس الهدف منه المنع النهائي الذي يثبط النشاط التنموي، و إنما يستهدف تنظيم هذا النشاط بشكل لا يؤدي إلى الإضرار بالموارد البيئية.
ثانيا :إلزام القيام بنشاط من أجل حماية البيئة:
الإلزام هو عكس الحظر، لأن هذا الأخير إجراء قانوني وإداري يتم من خلاله منع إتيان النشاط، فهو بذلك يعتبر إجراء سلبي، في حين أن الإلزام هو ضرورة القيام بتصرف معين، فهو إجراء إيجابي.
لذلك تلجأ الإدارة لهذا الأسلوب من أجل إلزام الأفراد على القيام ببعض التصرفات لتكريس الحماية والمحافظة على البيئة.
نجد في التشريعات البيئية العديد من الأمثلة التي تجسد أسلوب الإلزام، ففي إطار حماية الهواء والجو نصت المادة 46 من قانون 03-10 على أنه يجب على الوحدات الصناعية اتخاذ كل التدابير اللازمة للتقليص أو الكف من استعمال المواد المتسببة في إفقار طبقة الأوزون[23]
فيما يخص النفايات ألزم المشرع في قانون 01-19 كل منتج أو حائز للنفايات أن يتخذ كل الإجراءات الضرورية لتفادي إنتاج النفايات بأقصى قدر ممكن، وذلك بإعتماد واستعمال تقنيات أكثر نظافة وأقل إنتاجاً للنفايات، كما يلزم بالتصريح للوزير المكلف بالبيئة بالمعلومات المتعلقة بطبيعة وكمية وخصائص النفايات، أما النفايات المنزلية فأصبح لزاما على كل حائز للنفايات وما شابهها استعمال نظام الفرز والجمع والنقل الموضوع تحت تصرفه من طرف البلدية، والتي ينشأ على مستواها مخطط بلدي لتسيير النفايات المنزلية.
بالرجوع إلى قانون 03-02 المحدد للقواعد العامة لاستغلال الشواطئ، فنجده ينص على مجموعة من الالتزامات تقع على صاحب امتياز الشاطئ منها حماية الحالة الطبيعية وإعادة الأماكن إلى حالتها بعد إنتهاء موسم الاصطياف، كما يقع عليه عبء القيام بنزع النفايات.
نجد كذلك قواعد الإلزام في قانون 85-05 المتعلق بحماية الصحة، إذ ينص في المادة 46 على أنه يلتزم جميع المواطنين بمراعاة قواعد الوقاية من مضار الضجيج.
كما يلزم قانون المناجم صاحب السند المنجمي أو صاحب رخصة استغلال مقالع الحجارة والمرامل أن يضع نظاماً للوقاية من الأخطار الجسيمة التي يمكن أن تنجم عن نشاطه.
المطلب الثالث: نظام الحوافز الجبائية كوسيلة وقائية لتحقيق الحماية البيئية:
يقصد بالحوافز الجبائية ذات البعد البيئي كل سياسة ضريبية تعمل على تحقيق أهداف بيئية لصالح المجتمع من خلال توجيه الاستثمارات نحو المجالات التي تسهم في تخفيض درجة تلوث البيئة، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى تعديل سلوك الأفراد و المنشآت إيجابيا تجاه البيئة.
يمكن عمليا منح العديد من الحوافز لأجل تشجيع الاستثمارات البيئية أو تحفيز الملوثين على تبني سياسات بيئية حمائية، وتتجسد الأنظمة التحفيزية في كل من نظام الإعفاء الجبائي و نظام الإعانة.[24]
أولا: نظام الإعفاء الجبائي أداة إستراتيجية لتحقيق الحماية البيئية:
الإعفاء الجبائي في المجال البيئي يتمثل في تنازل الدولة عن حقها في قيمة الرسوم والضرائب المستحقة على الاستثمارات التي تساهم في التنمية الاقتصادية بالموازاة مع الحفاظ على البيئة ، بمعنى التنازل عن الحقوق الضريبية للدولة من أجل تحقيق الاستثمارات الإنتاجية و الخدماتية المرتبطة بالبيئة و التي تهدف إلى توفير منتجات نظيفة[25]، وأيضا المشاريع الوقائية لتجنب حدوث تلوث بالبيئة أو تدهور أو نضوب في مواردها، أو تلك الاستثمارات التي تهدف إلى التخلص من ملوثاتها أو في معالجة مشاكل نضوبها .
كأمثلة على ذالك نشير لما أقره المشرع الجزائري في المادة 76 من القانون 03-10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة من خلال إشارته إلى أنه تستفيد من حوافز مالية و جمركية تحدد بموجب قوانين المالية، المؤسسات الصناعية التي تستورد التجهيزات التي تسمح في سياق صناعتها أو منتجاتها بإزالة أو تخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري والتقليص من التلوث في كل أشكاله، كما أشار المشرع أيضا في مضمون المادة 11 من نفس القانون بأنه يستفيد كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بأنشطة ترقية البيئة من تخفيض في الربح الخاضع للضريبة، على أن يحدد هذا التخفيض بموجب قانون المالية.
ثانيا: نظام الإعانات كوسيلة لدعم الحماية البيئية:
نظام الإعانة هو نوع من المساعدة المالية كالهبات أو القروض الميسرة، تحفز مسببي التلوث على تغير ممارساتهم و التصالح مع البيئة، أو تقدم للمؤسسات التي تواجه صعوبات للالتزام بالمعاير المفروضة، و تتجسد الإعانات من خلال الصناديق المكرسة من خلال قوانين المالية المختلفة، كما هو الحال بالنسبة للصندوق الوطني للبيئة و إزالة التلوث، الصندوق الوطني للتراث الثقافي، الصندوق الوطني لحماية الساحل و المناطق الشاطئية[26].
فمثلا يتولى الصندوق الوطني للبيئة و إزالة التلوث تقديم الإعانات الموجهة للأنشطة المساهمة في تحويل المنشآت القائمة نحو التكنولوجيات الخاصة طبقا لمبدأ الوقاية، و كذا تمويل أنشطة مراقبة الوضع البيئي بشكل عام و التلوث عند المصدر بشكل خاص، بالإضافة إلى تمويل الدارسات و البحث العلمي اللذين تقوم بهما مؤسسات التعليم العالي أو مكاتب دارسات وطنية أو أجنبية.
المبحث الثاني: الآليات الإدارية الردعية لحماية البيئة في التشريع الجزائري:
إن الوسائل التي تستعين بها الإدارة كجزاء لمخالفة إجراءات حماية البيئة كثيرة، وهي تختلف باختلاف درجة المخالفة التي يرتكبها الأفراد، فقد تكون في شكل (جزاءات إدارية غير مالية (الفرع الأول) أو جزاءات مالية (الفرع الثاني
المطلب الأول: الجزاءات الإدارية المتعلقة بالنشاط كوسيلة ردعية لحماية البيئة :
تتخذ الجزاءات الإدارية في مجال الإضرار بالبيئة عدة صور(كإلاخطار (أولا،( سحب الرخص (ثانيا) ووقف النشاط (ثالثا
الفرع الأول :إخطار إجراء ردعي أولي لتحقيق الحماية البيئية:
نجد في الواقع أن هذا الأسلوب ليس بمثابة جزاء حقيقي، وإنما هو تنبيه أو تذكير من الإدارة نحو المعني على أنه في حالة عدم اتخاذ المعالجة الكافية التي تجعل النشاط مطابقا للشروط القانونية فإنه سيخضع للجزاء المنصوص عنه قانوناً[27]، وعليه فإن الإخطار يعتبر مقدمة من مقدمات الجزاء القانوني.
لعل أحسن مثال عن أسلوب الإخطار في قانون البيئة الجزائري 03-10 هو ما جاءت به المادة 25 منه على أنه يقوم الوالي بإعذار مستغل المنشأة غير واردة في قائمة المنشآت المصنفة، والتي ينجم عنها أخطار أو أضرار تمس بالبيئة، ويحدد له أجلا لاتخاذ التدابير الضرورية لإزالة تلك الأخطار أو الأضرار.
كما نصت المادة 56 من نفس القانون على أنه: ”في حالة وقوع عطب أو حادث في المياه الخاضعة للقضاء الجزائري، لكل سفينة أو طائرة أو آلية أو قاعدة عائمة تنقل أو تحمل مواد ضارة أو خطيرة أو محروقات، من شأنها أن تشكل خطراً كبيراً لا يمكن دفعه، ومن طبيعته إلحاق الضرر بالساحل والمنافع المرتبطة به، يعذر صاحب السفينة أو الطائرة أو الآلية أو القاعدة العائمة باتخاذ كل التدابير اللازمة لوضع حد لهذه الأخطار”.
لقد نصت قوانين أخرى على هذا الأسلوب، منها قانون المياه الجديد 05-12 الذي جاء في مادته 87 على أنه تلغى الرخصة أو امتياز استعمال الموارد المائية، بعد إعذار يوجه لصاحب الرخصة أو الامتياز، في حالة عدم مراعاة الشروط و الالتزامات المنصوص عليها قانوناً.
كذلك ما نصت عليه المادة 48 من قانون 01-19 على أنه: ” عندما يشكل استغلال منشأة لمعالجة النفايات أخطاراً أو عواقب سلبية ذات خطورة على الصحة العمومية و/أو على البيئة، تأمر السلطة الإدارية المختصة المستغل باتخاذ الإجراءات الضرورية فورا لإصلاح هذه الأوضاع”.
الفرع الثاني: سحب الترخيص إجراء ردعي لتحقيق الحماية البيئية:
لقد سبق الإشارة إلى أن نظام الترخيص يعد من أهم وسائل الرقابة الإدارية، لما يحققه من حماية مسبقة على وقوع الاعتداء، ولهذا فسحبه يعتبر من أخطر الجزاءات الإدارية التي خولها المشرع للإدارة[28]، والتي يمكن لها بمقتضاه تجريد المستغل الذي لم يجعل من نشاطه مطابقاً للمقاييس القانونية البيئية من الرخصة[29].
فالمشرع إذا كان قد أقر حق الأفراد في إقامة مشاريعهم وتنميتها، فإنه بالمقابل يوازن بين مقتضيات هذا الحق والمصلحة العامة للدولة، فإذا كان من حق الشخص إقامة مشروعه وتنميته، واستعمال مختلف الوسائل لإنجاحه، فإن ثمة ما يقابل هذا الحق من إلتزامات، تكمن في احترام حقوق الأفراد الأخرين أو المواطنين في العيش في بيئة سليمة [30]
لقد حدد بعض الفقهاء الحالات التي يمكن فيه للإدارة سحب الترخيص، وحصرها في:
– إذا كان استمرار المشروع يؤدي إلى خطر يداهم النظام العام في أحد عناصره، إما بالصحة العمومية أو الأمن العام أو السكينة العمومية.
– إذا لم يستوفي المشروع الشروط القانونية التي ألزم المشرع ضرورة توافرها.
– إذا توقف العمل بالمشروع لأكثر من مدة معينة يحددها القانون.
– إذا صدر حكم قضائي يقضي بغلق المشروع أو إزالته.
من تطبيقات السحب في التشريع الجزائري ما نص عليه المشرع في المادة 153 من قانون المناجم 01-10 على ما يلي: ”يجب على صاحب السند المنجمي، وتحت طائلة التعليق المتبوع بسحب محتمل لسنده…أن يقوم بما يأتي:
– الشروع في الأشغال في مدة لا تتجاوز سنة واحدة بعد منح السند المنجمي ومتابعتها بصفة منتظمة
– إنجاز البرنامج المقرر لأشغال التنقيب و الاستكشاف و الاستغلال حسب القواعد الفنية.”
كما نص قانون المياه 05-12 على أنه في حالة عدم مراعاة صاحب رخصة أو امتياز استعمال الموارد المائية للشروط والالتزامات المنصوص عليها قانوناً، تلغى هذه الرخصة أو الامتياز.
الفرع الثالث: وقف النشاط كحل ردعي للحفاظ على البيئة:
تلجأ أحيانا الإدارة إلى أسلوب توقيف نشاط معين عندما يتسبب هذا الأخير في إلحاق ضرر أو خطر على البيئة، نتيجة عدم امتثال صاحب النشاط باتخاذ جميع التدابير الوقائية اللازمة و ذلك من بعد إنذاره من طرف الإدارة.
نشير في هذا الإطار إلى بعض الحالات كتطبيق لهذا الجزاء، حيث منح المشرع لإدارة المناجم سلطة وقف أشغال البحث أو التنقيب في حالة تسببها في إحداث تلوث بيئي بعد تقديم طلب للجهة القضائية الإدارية المختصة، لأن حماية البيئة تتطلب السرعة في اتخاذ القرارات.
كما أجاز المشرع للإدارة توقيف النشاطات المضرة بالبيئة و التي تمارس من طرف منشآت غير مصنفة، بمعنى المنشآت التي لا تحتاج في نشاطها لا إلى ترخيص و لا إلى تصريح، و نلمس هذه السلطة من خلال أحكام المادة 25 من المرسوم التنفيذي 06-198 سابق الذكر، حيث تتضمن هذه المادة أنه و في حالة عدم امتثال المستغل في الأجل المحدد، يوقف سير المنشأة إلى حين تنفيذ الشروط المفروضة مع اتخاذ التدابير المؤقتة الضرورية
المطلب الثاني: الجزاءات الإدارية المالية: وسيلة ردعية فعالة لتحقيق الحماية البيئية:
نقصد بها الجباية التي تفرضها الإدارة او المصالح الجبائية على الملوثين الذين يحدثون أضرارا بالبيئة من خلال المنتجات الملوثة الناجمة عن نشاطاتهم الاقتصادية المختلفة،وللتطرق لهذه الجزاءات المالية لابد من تبيان الجباية البيئية (فرع أول) ثم دراسة مبدأ الملوث الدافع (فرع ثاني)
الفرع الأول : الجباية البيئية: إجراء مستحدث من أجل الحفاظ على البيئة:
تعد الجباية البيئية من أهم الإجراءات المستحدثة من طرف المشرع الجزائري بغية الحفاظ على البيئة، وذلك بتقريره لعدة رسوم جبائية في قوانين مختلفة (ثانيا)، لكن قبل التطرق لها لابد من تحديد فكرة الجباية البيئية باعتباره مصطلح حديث على المنظومة القانونية (أولا).
أولا: مفهوم الجباية البيئية:
يعبر عن الجباية البيئية بالضرائب الخضراء أو الضرائب الإيكولوجية ، و هي الاقتطاعات النقدية الجبرية التي تدفع للخزينة العامة دون الحصول على مقابل خاص ، فهي إلزامية غير معوضة ، يعود ريعها إلى الميزانية العامة و قد تخصص لغايات غير مرتبطة بأساس الضريبة[31].
الجباية البيئية هي إحدى السياسات الوطنية و الدولية المستحدثة مؤخرا و التي تهدف إلى تصحيح نقائص عن طريق وضع تسعيرة أو رسم بيئي أو ضريبة للتلوث[32].
ثانيا : أهم الرسوم الجبائية في القانون الجزائري:
هناك العديد من الرسوم المقررة من طرف المشرع الجزائري بهدف تحقيق حماية فعالة للبيئة، لكن سنحاول دراسة بعض الرسوم فقط حسب درجة أهميتها في تحقيق الحماية البيئية، لاسيما الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطیرة على البیئة، الرسم على الوقود
1– الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطیرة على البیئة :
تم تأسيس هذا الرسم لأول مرة بموجب المادة 117 من قانون المالية لسنة 1992 و الذي يفرض على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة ، إذ كان يتراوح في بدايته بين 750 دج إلى 30000 دج وهذا حسب طبيعة النشاط و درجة التلوث المنجز عنه غير أن المشرع قام بمراجعة أسعار هذا الرسم بموجب المادة 54 من قانون المالية لسنة 2000.[33]
2– الرسم على الوقود:
بموجب المادة 38 من قانون المالية 2002 تم تأسيس هذا الرسم بقيمة 1 دج على كل لتر بنزين يقتطع من المصدر (نفطال) يوزع 50 % للصندوق الوطني للبيئة و 50 % للصندوق الوطني للطرق الطريق السريع.
الفرع الثاني: مبدأ الملوث الدافع:
يعد مبدأ الملوث الدافع من بين أهم الوسائل المستحدثة من طرف المشرع من أجل الحفاظ على البيئة وتحسيس الجميع على مسؤولية حماية البيئة ويشمل هذا المبدأ عدة مجالات سنطرق لها بالتفصيل (ثانيا) بعد بيان مفهومه (أولا).
أولا : مفهوم مبدأ الملوث الدافع :
تنص المادة 3 ف 7 من القانون 03-10 على مايلي: ”يتحمل كل شخص يتسبب نشاطه أو يمكن أن يتسبب في إلحاق الضرر بالبيئة ، نفقات كل تدابير الوقاية من التلوث و التقليص منه و إعادة الأماكن و بيئتها إلى حالتهما الأصلية”
الهدف الذي سعى إليه المشرع من وراء إدخاله لهذا المبدأ هو إلقاء العبء على التكلفة الإجتماعية للتلوث على الذي يحدثه، فهو صورة من صور الضغط المالي على الملوث يمتنع عن تلويث أو على الأقل تقليص التلوث الناجم عن نشاطه الصناعي[34]
ثانيا : المجالات التي يشملها مبدأ الملوث الدافع
مبدئيا يشمل مبدأ الملوث الدافع التعويض عن الأضرار المباشرة التي يتسبب فيها الملوث للبيئة أو نفقات الوقاية بالنسبة للنشاطات الخطرة أو الخاصة بالإضافة إلى هذا فإن هناك مجالات أخرى يشملها مبدأ الملوث الدافع طبقتها الدول الأوروبية[35] و التي يمكن حصرها في :
1- اتساع مبدأ الملوث الدافع إلى الأضرار المتبقية عن طريق الحوادث: لا يعني دفع الملوث للأقساط المحددة من خلال الرسوم بأنه قد أعفي من مسؤوليته عن الأضرار المتبقية ، بل تبقى مسؤوليته قائمة في حالة عدم احترامه للمقاييس المحددة في التشريع و التنظيم الساري المفعول.
- اتساعه إلى مجال التلوث غير المشروع : فإذا تجاوز أحد الملوثين العتبة المسموح بها للتلوث وسبب ضررا للغير فإنه يلزم بالتعويض ، و يلزم بدفع الغرامة[36]
الفرع الثالث: تقييم فعالية الجباية البيئية في التقليل من التلوث ؟ :
إن تقدير مدى فعالية الجباية البيئية في حث المؤسسات الاقتصادية والأفراد على الحفاظ على البيئة يجب أن ينتقل من النظرة التقليدية التي مفادها تساوي الضريبة البيئية ونفقات التدمير البيئي الحدية بمعايير أكثر عقلانية أهمها[37] تأثير الضرائب على التلوث البيئي ومقارنة معدل الضريبة بتكاليف تقليل التلوث الحدية.
يعتبر في الجزائر قانون المالية لسنة 1992 أول قانون تطرق إلى تأسيس الرسوم البيئية من خلال الرسم على النشاطات الملوثة أو الخطيرة على البيئة، وتلتها ترسانة من الرسوم الأخرى التي يعتبر الهدف الأساسي منها حماية البيئية من أشكال التلوث البيئي، وإن تفعيل الجباية البيئية في مكافحة التلوث إنما يتم إذا ما حَسُن اختيارها وتطبيقها على أرض الواقع فيجب أن تكون أداة كفيلة بردع الملوث أيا كانت طبيعته (فردا أو مؤسسة) على إحداث التلوث بمختلف أشكاله[38].
لكن السؤال المطروح هل الذي يدفع الضريبة هو من يتسبب في التلوث حقيقة؟، أم المستهلك الذي يتلقى المادة الاستهلاكية من المنتج هو من يدفع الضريبة باعتبار أن المنتج يقوم بدمج الضريبة في سعر المادة الاستهلاكية، وها يظهر الغموض الذي يكتنف تعريف مبدأ الملوث يدفع الذي يجب أن يكون له مفهوم دقيق بضوابط يجعل من الضريبة البيئية رادعا حقيقيا للملوث وليس نسبيا في ذلك.
كما أن الجزائر اعتمدت نظاما ضريبيا بيئيا شمل العديد من الضرائب البيئية ومختلف القطاعات ومنها مجالات النفايات الصلبة والقطاعات الصناعية ، الانبعاثات الجوية، وعلى العموم فإن التشريع الجزائري في مجال حماية البيئة أصبح يواكب التطورات الحاصلة في العالم، ولكن المتتبع لأثر هذه الضرائب يرى بأن مفعولها لا يزال ضعيف ومحدود على أرض الواقع بدليل التقارير الخاصة التي تفيد بتزايد التلوث في القطاعات المذكورة سابقا.
يذكر أن ثمة حوالي 325 ألف طن من النفايات الخطرة التي تصدرها المؤسسات الاقتصادية يتم فرزها كل سنة في الجزائر، بحيث تقدر كمية نفايات الزئبق المخزون بأزيد من مليون طن فيما تم تخزين حوالي 450 ألف طن لحوالي 20 عاما في منطقة الغزوات ووهران. ويتم تخزين هذه النفايات الخطرة حاليا بطريقة غير لائقة[39].
كما أن أهم مواقع إنتاج النفايات توجد في ست ولايات حيث 95 % منها تركيزها هناك. ويوجد نصف النفايات الخطرة، حوالي مليون طن، في عشر ولايات إلى الشرق فيما ثلثها في الغرب مع بعضها في المنطقة الوسطى. وتقدر الخسائر المالية المتعلقة بصيانة المخازن بحوالي 60 مليون دولار أي 0.15 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي الخام[40].
من خلال إجرائنا لهذه الدراسة كانت عصارتها النتائج صغناها على الشكل التالي:
1- الجباية البيئية كانت بمثابة الأداة ذات الطابع الاقتصادي والمالي لمكافحة التلوث وحماية البيئة، تضاف إلى الأدوات المتعددة ذات الهدف نفسه، لما لها من مرونة وحساسية على التأثير على مصادر التلوث، ويتوقف ذلك على مدى فعاليتها.
2- إن التحديد الدقيق “لمبدأ الملوث الدافع” يساهم بدرجة كبيرة تفعيل دور الجباية البيئية، باعتباره التشخيص الأمثل للملوث الواجب أن تطبق عليه الضريبة.
3- اهتم التشريع المغاربي بحماية البيئة ومن ذلك التشريع الجبائي البيئي في هذا المجال ، والجزائر كانت لها إسهامات واضحة من خلال ما عرضناه (ما يقارب 10 رسوم بيئية) رغم التأخر في إصدار هذه التشريعات الجبائية والتي بيّنت قصر فعاليتها في حماية البيئة والتي تحتاج إلى صياغة جيدة تمكنها من أداء وظيفتها على أكمل وجه.
خاتمة:
نستخلص من خلال هذا البحث أن موضوع الضبط الإداري في مجال حماية البيئة يعد كأحد أهم الأنشطة التي تقوم بها الإدارة العامة في سعيها إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية و مقتضيات حماية البيئة، فالمشرع الجزائري أعطى أولوية كبيرة لوسائل الضبط الإداري البيئي الوقائي وخاصة نظام التراخيص التي تعتبر أهم هذه الوسائل كونها الوسيلة الأكثر تحكما و نجاعة لما تحققه من حماية مسبقة على وقوع الاعتداء كما أنه يرتبط بالمشاريع ذات الأهمية و الخطورة على البيئة سيما المشاريع الصناعية و أشغال النشاط العمراني و التي تؤدي في الغالب إلى استنزاف الموارد الطبيعية والمساس بالتنوع البيولوجي.
رخصة البناء مثلا تعتبر أداة قانونية هامة لرقابة أشغال البناء والتوسع العمراني، لا تمنحها الإدارة إلا إذا توفرت الشروط والإجراءات القانونية المنصوص عليها في قوانين التهيئة والتعمير، كما تعتبر من أهم الآليات الوقائية لحماية البيئة من انعكاسات العمران العشوائي واللاشرعي، فرخصة البناء تساهم بشكل كبير في حماية البيئة والطبيعة لاسيما من خلال الشروط المفروضة على البناية والإجراءات البيئية المسبقة الواجب إتباعها للحصول عليها الأمر الذي يعكس ويؤكد العلاقة الوطيدة بين رخصة البناء وحماية البيئة.
إضافة إلى وسائل الضبط الإداري الوقائي لم يهمل المشرع الجزائري وسائل الضبط البيئي الردعي وهذا يتجلى من خلال نظام الحضر و الإلزام و نظام سحب الترخيص و نظام وقف النشاط و هذا حتى لا يتمادى الملوثون بالإضرار بالبيئة لكن في أرض الواقع نجد عدم تفعيل هذه الأنظمة بشكل صارم و جدي.
فيما يخص الجانب الردعي لاسيما الجباية نستخلص أنّ قيام الجباية البيئية بدورها الذي أنشئت من أجله الا وهو حماية البيئة من أشكال التلوث المختلفة، يلزم إيجاد الطرق المثلى لتفعيلها، بدءا بتحديد وعاء فرض هذا النوع من الضريبة بشكل دقيق لكونه أمر حساس في تحديد مصدر التلوث وكبح جماحه في إحداث التلوث، بالإضافة إلى ضرورة التركيز على إعطاء نتيجة مفصلية ألا وهي حماية البيئة وعدم التركيز على ضرورة جعلها مورد مالي بالدرجة الأولى.
قائمة المراجع:
أولا: بالغة العربية:
I- الكتب:
- كامل محمد المغربي، الإدارة و البيئة و السياسة العامة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان، 2001.
- هنوني نصر الدين، الوسائل القانونية والمؤسساتية لحماية الغابات في الجزائر، مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، 2001.
- ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2002.
- عبد العزيز عبد المنعم خليفة، ضمانات مشروعية العقوبات الإدارية العامة: الغرامة، الوقف، الإلغاء، التراخيص، الغلق، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2008.
- نزيه عبد المقصود محمد مبروك، الضرائب الخضراء والرخص القابلة للتداول كأدوات لمكافحة التلوث، دار الفكر الجامعي، مصر،2011.
- سه نكه ردواد محمد، الضبط الإداري لحماية البيئة_دراسة تحليلية مقارنة_، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر والبرمجيات، مصر_ الإمارات،
-/II الرسائل والمذكرات :
-1 رسائل الدكتوراه :
– بن احمد عبد المنعم، الوسائل القانونية لحماية البيئة في الجزائر، أطروحة الدكتوراه في القانون العام ، جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة ، 2009.
- حسونة عبد الغاني، الحماية القانونية للبيئة في إطار التنمية المستدامة، أطروحة الدكتوراه في علوم الحقوق، تخصص قانون الأعمال، جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، 2013.
2- مذكرات الماجستير:
- حميدة جميلة، الوسائل القانونية لحماية البيئة -دراسة على ضوء التشريع الجزائري-، مذكرة الماجستير، جامعة البليدة، 2002.
- أمال مدين، المنشآت المصنفة لحماية البيئة، دراسة مقارنة، مذكرة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون عام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ابي بكر بلقايد، تلمسان، 2013.
- معمري محمد، النظام القانوني لحماية البيئة في قطاع المحروقات وفقا للقانون الجزائري، مذكرة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون عام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2015.
- موساوي يوغرطة، دور الجباية البيئية في ترقية البيئة وحمايتها، مذكرة الماجستير في الحقوق، فرع هيئات عمومية وحوكمة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2016.
- المقالات:
- منصور مجاجي، ”الضبط البيئي وحماية البيئة”، مجلة دفاتر السياسة والقانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، العدد 2، 2009.
- مسدور فارس، ”أهمية تدخل الحكومات في حماية البيئة من خلال الجباية البيئية”، محلة الباحث، عدد 07، جامعة عمار ثليجي –الأغواط-،
- نورة موسى، ” المسؤولية الإدارية والوسائل القانونية لحماية البيئة”، مجلة العلوم الإنسانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة، العدد 34، 2014.
- ساجي فطيمة، ”فعالية الضريبة البيئية في حماية البيئة”، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، عدد 05، جامعة إبن خلدون –تيارت-،
- أيت عيسى عيسى، ”المؤسسة الجزائرية ومجهودات حماية البيئة حول النفايات العلاجية”، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، عدد05، جامعة إبن خلدون –تيارت-،
- القسنطيني محمد، ”السياسة الجبائية البيئية في تونس”، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، عدد06، جامعة إبن خلدون –تيارت-،
- محمد بن عزة، عالية النظام الضريبي في حماية البيئة من أشكال التلوّث دراسة تحليلية لنموذج الضريبة البيئية في الجزائر، عدد19، جامعة ابي بكر بلقايد –تلمسان-، 2016.
/IV النصوص القانونیة :
-1- النصوص التشریعیة :
– قانون 84/12 مؤرخ في 23 -06-1984، يتعلق بالنظام العام للغابات، المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/20 مؤرخ في 02-12-1991، ج ر عدد 62 صادر بتاريخ 04-12-1991.
– قانون 01-19 مؤرخ في 12-12-2001ـ، يتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، ج ر عدد 77 صادر بتاريخ 15-12-2001.
– القانون 02-02 مؤرخ في 05-02-2002، يتعلق بحماية الساحل وتثمينه، ج ر العدد 10 الصادر بتاريخ 12-02-2002.
-قانون 03/10مؤرخ في 19-08-2003، يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، ج ر عدد 43 صادر بتاريخ 20 -07-2003.
– قانون 04-07 مؤرخ في 14-08-2004، يتعلق بالصيد، ج ر عدد 51 صادر بتاريخ 15-08-2004.
– قانون رقم 05-12 مؤرخ في 04-08-2005، يتعلق بالمياه، ج ر عدد 60 الصادر بتاريخ 04-09-2005.
-2- النصوص التنفيذية:
– المرسوم التنفيذي رقم 91-176 مؤرخ في 28-05-1991، يتعلق بكيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك، ج ر عدد 26 الصادر بتاريخ 01-06-1991.
– المرسوم التنفيذي رقم 04-409 مؤرخ في 14-12-2004، المحدد لكيفيات نقل النفايات الخاصة الخطرة، ج ر عدد 81 الصادر بتاريخ 19-12-2004
– المرسوم التنفيذي رقم 06-141 مؤرخ في 19-04-2006، الذي يضبط القيم القصوى للمصبات الصناعية السائلة، ج ر عدد 26 الصادر بتاريخ 23-04-2006.
– المرسوم التنفيذي 06-198 مؤرخ في 31-05-2006، يتعلق بالتنظيم المطبق على المؤسسات المصنفة لحماية البيئة، ج ر عدد 37 صادر بتاريخ 04-06-2006.
ثانیا – باللغة الأجنبیة :
I/ Ouvrages :
– ADJA ( Djillali ) et DROBENKO ( Bernard ) , Droit de l’urbanisme , BERTI , Alger ,2007
– ANDRE Pierre et E.DELISLE Claude et JEAN PIERRE Riveret, l’évaluation des impacts sur l’environnement, deuxième édition, presse international polyechnique, Canada, 2003.
– REDDAF Ahmed, Planification urbain et protection de l’environnement, revue idara, N 2, Alger, 1998
II/- Thèses :
- ANNE Monpion, Le principe pollueur et l’activité agricole dans l’union européenne, thèse pour l’obtention du grade de docteur en droit, faculté de droit et des science économiques, université de limoges, 2007.
Autres Documents :
- Comité pour la fiscalité écologique, avis du 13-06-2013 sur la fiscalité et artificialisation des sols, paris, 2013.
[1] – معمري محمد، النظام القانوني لحماية البيئة في قطاع المحروقات وفقا للقانون الجزائري، مذكرة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون عام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2015، ص 111.
[2] – كامل محمد المغربي، الإدارة و البيئة و السياسة العامة، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان، 2001 ، ص 11.
[3] – منصور مجاجي، ”الضبط البيئي وحماية البيئة”، مجلة دفاتر السياسة والقانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قاصدي مرباح ورقلة، العدد 2، 2009، ص-ص 57-70، 64.
[4] – أمال مدين، المنشآت المصنفة لحماية البيئة، دراسة مقارنة، مذكرة الماجستير في الحقوق، تخصص قانون عام، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة ابي بكر بلقايد، تلمسان، 2013، ص19.
[5] _ قانون 03/10مؤرخ في 19 جويلية 2003، يتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، ج ر عدد 43 صادر 20 جويلية 2003.
[6] _ المرسوم التنفيذي 06-198 مؤرخ في 31-05-2006، يتعلق بالتنظيم المطبق على المؤسسات المصنفة لحماية البيئة، ج ر عدد 37 صادر بتاريخ 04-06-2006.
[7] _ القانون 01-19 مؤرخ في 12-12-2001ـ، يتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها، ج ر عدد 77 صادر بتاريخ 15-12-2001.
[8] – المرسوم التنفيذي رقم 04-409 مؤرخ في 14-12-2004، المحدد لكيفيات نقل النفايات الخاصة الخطرة، ج ر عدد 81 الصادر بتاريخ 19-12-2004.
[9] – كامل محمد المغربي، مرجع سابق، ص339.
[10] – المرسوم التنفيذي رقم 06-141 مؤرخ في 19-04-2006، الذي يضبط القيم القصوى للمصبات الصناعية السائلة، ج ر عدد 26 الصادر بتاريخ 23-04-2006.
[11] – القانون رقم 05-12 مؤرخ في 04-08-2005، يتعلق بالمياه، ج ر عدد 60 الصادر بتاريخ 04-09-2005.
[12] _ نورة موسى، ” المسؤولية الإدارية والوسائل القانونية لحماية البيئة”، مجلة العلوم الإنسانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة، العدد 34، 2014، ص382.
[13] – ADJA ( Djillali ) et DROBENKO ( Bernard ) , Droit de l’urbanisme , BERTI , Alger ,2007 , p 33 .
[14] – المرسوم التنفيذي رقم 91-176 مؤرخ في 28-05-1991، يتعلق بكيفيات تحضير شهادة التعمير ورخصة التجزئة وشهادة التقسيم ورخصة البناء وشهادة المطابقة ورخصة الهدم وتسليم ذلك، ج ر عدد 26 الصادر بتاريخ 01-06-1991.
[15] – Comité pour la fiscalité écologique, avis du 13-06-2013 sur la fiscalité et artificialisation des sols, paris, 2013, p 2, 3
[16] – REDDAF Ahmed, Planification urbain et protection de l’environnement, revue idara, N 2, Alger 1998,p 143.
[17] – قانون 84/12 مؤرخ في 23 -06-1984، يتعلق بالنظام العام للغابات، المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/20 مؤرخ في 02-12-1991، ج ر عدد 62 صادر بتاريخ 04-12-1991.
[18] – هنوني نصر الدين، الوسائل القانونية والمؤسساتية لحماية الغابات في الجزائر، مطبوعات الديوان الوطني للأشغال التربوية، الجزائر، 2001 ، ص 36.
[19] – ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2002، ص 252.
[20] -القانون 02-02 مؤرخ في 05-02-2002، يتعلق بحماية الساحل وتثمينه، ج ر العدد 10 الصادر بتاريخ 12-02-2002.
[21] – قانون 04-07 مؤرخ في 14-08-2004، يتعلق بالصيد، ج ر عدد 51 صادر بتاريخ 15-08-2004.
[22] – ماجد راغب لحلو، مرجع سابق، ص 135.
[23] – بن احمد عبد المنعم، الوسائل القانونية لحماية البيئة في الجزائر، أطروحة الدكتوراه في القانون العام ، جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة ، 2009، ص103.
[24] – القسنطيني محمد، ”السياسة الجبائية البيئية في تونس”، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، عدد06، جامعة إبن خلدون –تيارت-، 2016، ص187
[25] – مسدور فارس، ”أهمية تدخل الحكومات في حماية البيئة من خلال الجباية البيئية”، محلة الباحث، عدد 07، جامعة عمار ثليجي –الأغواط-، 2010، ص349.
[26] – حسونة عبد الغاني، الحماية القانونية للبيئة في إطار التنمية المستدامة، أطروحة الدكتوراه في علوم الحقوق، تخصص قانون الأعمال، جامعة محمد خيضر بسكرة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم الحقوق، 2013، ص92.
[27] – حميدة جميلة، الوسائل القانونية لحماية البيئة -دراسة على ضوء التشريع الجزائري-، مذكرة الماجستير، جامعة البليدة، 2002، ص 145.
[28] – عبد العزيز عبد المنعم خليفة، ضمانات مشروعية العقوبات الإدارية العامة: الغرامة، الوقف، الإلغاء، التراخيص، الغلق، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2008، ص14.
[29] – سه نكه ردواد محمد، الضبط الإداري لحماية البيئة_دراسة تحليلية مقارنة_، دار الكتب القانونية، دار شتات للنشر والبرمجيات، مصر_ الإمارات، 2012، ص 254.
[30] – حميدة جميلة، مرجع سابق، ص 150.
[31] – بن أحمد عبد المنعم، مرجع سابق، ص107.
[32] – أيت عيسى عيسى، ”المؤسسة الجزائرية ومجهودات حماية البيئة حول النفايات العلاجية”، مجلة علمية في التشريعات البيئية، عدد05، جامعة إبن خلدون –تيارت-، 2015، ص196.
[33] – ساجي فطيمة، ”فعالية الضريبة البيئية في حماية البيئة”، مجلة البحوث العلمية في التشريعات البيئية، عدد 05، جامعة إبن خلدون –تيارت-، 2015، ص 173.
[34] – ANDRE Pierre et E.DELISLE Claude et JEAN PIERRE Riveret, l’évaluation des impacts sur l’environnement, deuxième édition, presse international polyechnique, Canada, 2003, p 11.
[35] -ANNE Monpion, Le principe pollueur et l’activité agricole dans l’union européenne, thèse pour l’obtention du grade de docteur en droit, faculté de droit et des science économiques, université de limoges, 2007, p02.
[36] – بن أحمد عبد المنعم، مرجع سابق، ص 107.
[37] _ نزيه عبد المقصود محمد مبروك، الضرائب الخضراء والرخص القابلة للتداول كأدوات لمكافحة التلوث، دار الفكر الجامعي، مصر،2011، ص115.
[38] – موساوي يوغرطة، دور الجباية البيئية في ترقية البيئة وحمايتها، مذكرة الماجستير في الحقوق، فرع هيئات عمومية وحوكمة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة عبد الرحمان ميرة، بجاية، 2016، ص 23.
[39] – نزيه عبد المقصود محمد مبروك، مرجع سابق، ص115.
[40] – محمد بن عزة، عالية النظام الضريبي في حماية البيئة من أشكال التلوّث دراسة تحليلية لنموذج الضريبة البيئية في الجزائر، عدد19، جامعة ابي بكر بلقايد –تلمسان-، 2016، ص 10.