
إلتزامات سلطة الاحتلال الإسرائيلي اتجاه المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة جدار الفصل العنصري نموذجا، د. سمير شوقي كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سطيف02، الأستاذ مصطفي سندل معهدالحقوق والعلوم السياسية المركز الجامعي عبد الله مرسلي تيبازة. مداخلة ألقيت خلال المؤتمر الدولي الثالث عشر لمركز جيل البحث العلمي: فلسطين قضية وحق: طرابلس | لبنان 2 و3 ديسمبر 2016. ( حمل من هنا أعمال المؤتمر الدولي الثالث عشر فلسطين قضية وحق لبنان ديسمبر 2016 الصادرة بشهر ديسمبر 2016، ص 189).
– الملخص–
إنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي ليست مطلقة اليدين في استخدام القوة أو استخدام الإجراءات السياسية والقانونية في إدارتها للأراضي الفلسطينية المحتلة، فالقانون الدولي يفرض عليها حماية السكان المدنيين وحماية ممتلكاتهم، وأن لاّ تغير من الوضع القانوني لتلك الأراضي. كما يفرض عليها القانون الدولي الإنساني توفير الضمانات للأشخاص المحميين، فلا يجوز لدولة الاحتلال مثلا أن تسعى لنقل السكان وترحيلهم، بغرض تغيير التكوين الديمغرافي للأراضي المحتلة.
لقد كانت مبادئ وضمانات حماية المدنيين الفلسطينيين محلاّ للعديد من الدراسات الفقهية والتفسيرات القضائية، كما هو الحال في فتوى جدار الفصل العنصري الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 09 جويلية 2004، هذه الفتوى سمحت بمناقشة مبادئ الاحتلال الحربي وتطبيقها على النموذج الإسرائيلي في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
Summary-
Israeli occupation state is not absolute hands in the use of force or the use of political and legal procedures in the administration of the occupied Palestinian territories, international law requires them to protect the civilian population and protect their property, and not to change the legal status of those territories. It also imposes under international humanitarian law to provide guarantees of protected persons, no occupying power, for example, may seek to population transfer and deportation, for the purpose of changing the demographic composition of the occupied territories. I have principles and guarantees of protection subject to many interpretations of jurisprudence and judicial, as is the case in the advisory opinion of the wall of the International Court of Justice on 09 July 2004, this fatwa allowed to discuss the principles of military occupation and applied to the Israeli model in the violation of human rights and international humanitarian law.
مقدمة
أصبحت القواعد التي تحكم الاحتلال الحربي من أهمّ مجالات القانون الدولي، نظرا لأهمية الموضوعات التي تعالجها من جهة، وبالنظر إلى المقاصد و الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من جهة أخرى، وفي مقدمتها صيانة وضمان الحقوق الأساسية لأهالي الأقاليم المحتلة في مواجهة سلطات الاحتلال.
ولعلّ ما يحدث في الأراضي العربية المحتلة بصفة عامة وفي فلسطين بصفة خاصة، هو ما جعلنا نأخذ جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة كنموذج في هذه الدراسة. حيث شكلت إسرائيل بممارساتها اتجاه الشعب العربي الفلسطيني، العدو الأول لحقوق الإنسان حتى غدت- بجدارة- الوريث الشرعي للفاشية والنازية، وخير شاهد على ذلك المجازر التي ارتكبتها و لاتزال ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، والتي تمثل بحق مظهرا للإبادة الجماعية[1]. إنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي ليست مطلقة اليدين في استخدام القوة أو استخدام الإجراءات السياسية والقانونية في إدارتها للأراضي الفلسطينية المحتلة، لأنّ قانون الاحتلال يفرض عليها حماية السكان المدنيين الفلسطينيين وحماية ممتلكاتهم، كما يفرض عليها القانون الدولي الإنساني توفير العديد من الضمانات للأشخاص المشمولين بالحماية. لقد كانت مبادئ وضمانات الحماية محلاّ للعديد من الشروحات و التفسيرات الفقهية والقضائية، كما هو الحال في فتوى الجدار الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 09 جويلية 2004، هذه الفتوى سمحت بمناقشة مبادئ الاحتلال الحربي وتطبيقها على النموذج الإسرائيلي في انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ونظرا لأهمية إعادة التأكيد على هذه الالتزامات يجدر بنا الإجابة عن الإشكالية التالية:
– ماهي الواجبات التي يفرضها القانون الدولي على سلطات الاحتلال الإسرائيلي اتجاه المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ؟
ويتفرع عنها التساؤلين التاليين:
ما هي حقوق وضمانات حماية الفلسطينيين أثناء الاحتلال ؟ و ماهي المسؤوليات المترتبة عن انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين؟.
سنحاول الإجابة على هذه الأسئلة بالتطرق إلى النقاط التالية:
المطلب الأول: تطبيق قواعد القانون الدولي للاحتلال الحربي على الوضع القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الفرع الأول:قواعد القانون الدولي للاحتلال الحربي وموقف الاحتلال الإسرائيلي منها.
الفرع الثاني:حظر تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة.
المطلب الثاني: حقوق المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الفرع الأول: حظر المساس بالحقوق المدنية للشعب الفلسطيني.
الفرع الثاني:حظر المساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمدنيين الفلسطينيين.
المطلب الثالث: مسؤولية إسرائيل عن انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين.
الفرع الأول: المسؤولية المدنية لإسرائيل عن انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين.
الفرع الثاني:تقديم المسؤولين الإسرائيليين للمحاكمة عن جرائمهم.
المطلب الأول: تطبيق قواعد القانون الدولي للاحتلال الحربي على الوضع القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة
نتطرق في البداية لقواعد القانون الدولي للاحتلال الحربي (الفرع الأول) ثم لحظر تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة. (الفرع الثاني)
الفرع الأول:قواعد القانون الدولي للاحتلال الحربي وموقف الاحتلال الإسرائيلي منها.
جاء أول تعريف للاحتلال الحربي في نص المادة 42 من اللائحة الملحقة باتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية والمؤرخة في 18 /أكتوبر/1907 والتي نصت على أنه : (يعتبر الإقليم محتلا عندما يصبح فعلا خاضعا لسلطة الجيش المعادي، ولا يمتد الاحتلال إلاّ إلى الأقاليم التي تقوم فيها هذه السلطة، وتكون قادرة على تدعيم نفوذها، وعليه يمكن القول أن عناصر الاحتلال الحربي ثلاثة عناصر وهي:
1)- أن تقوم حرب أو نزاع مسلح بين قوات دولتين تتمكن إحداهما من خلاله من غزو أراضي الدولة الأخرى واحتلالها كليا أو جزئيا.
2)- قيام حالة فعلية مؤقتة تحتل فيها قوات مسلحة أجنبية أراضي دولة أخرى وتضعها تحت سيطرتها، فالاحتلال الحربي ليس حالة قانونية، بل هو حالة فعلية أوجدتها القوة القاهرة الناتجة عن وجود القوات المسلحة الأجنبية في الأراضي المحتلة بعد هزمها للقوات المعادية وشل قدرتها على المقاومة.
3)- يجب أن يكون الاحتلال فعّالا ومؤثرا ،حيث لا يبدأ الاحتلال إلاّ إذا كانت قوات الاحتلال قد استطاعت السيطرة على الإقليم وأوقفت المقاومة المسلحة فيه، وتمكنت من حفظ النظام والأمن بعد إقامة إدارة عسكرية مستقرة.[2]
يحكم الاحتلال الحربي العديد من القواعد التي تم تقنين أغلبها في اتفاقية لاهاي بشأن قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين لعام 1949، ومن أهم تلك القواعد:
1- حظر النقل الإجباري للأفراد والجماعات وهو مانصت عليه المادة 47 من اتفاقية جنيف الرابعة .
2-حظر تدمير الممتلكات والأموال المنصوص عليه في المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة و المادة 46 من اتفاقية لاهاي.
3- حظر إصدار قوانين أو تشريعات جديدة و إبقاء المحاكم القضائية في الإقليم المحتل المادة 64 اتفاقية جنيف الرابعة.
إنّ مختلف أحكام اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين وقواعد لاهاي تنطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة. حيث تقع على إسرائيل العديد من الالتزامات بموجب اتفاقية جنيف الرابعة ، فضلا عن غيرها من مبادئ القانون الدولي، ولا سيما أحكام الاتفاقية التي توجب على القوة المحتلة حماية الوضع الراهن وحقوق الإنسان وآفاق تقرير المصير للشعب محتل. كما تلزم الاتفاقية جميع الدول الأطراف بتنفيذ الاتفاقية في مواجهة “الانتهاكات الخطيرة”. مع ذلك رفضت إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة.. ومنذ أكتوبر 1967 اتخذت إسرائيل موقفا ثابتا مفاده أن اتفاقية جنيف هي بحكم القانون لا تنطبق على الضفة الغربية وقطاع غزة [3].
إسرائيل تدعي بأنها ليست “احتلالا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ولكنها “إدارة” ، وبالتالي فإنها لا تدخل في نطاق اتفاقية جنيف الرابعة وقانون الاحتلال الناجم عن الحرب. ولتبرير موقفها فقد لجأت إسرائيل إلى حيلة قانونية ومحاولة لتقديم مبررات فقهية مبنية على وهم وفراغ . وبناء على ذلك فقد قامت بتطوير نظرية “صاحب الحق الغائب” لتعزيز حججها بعدم الامتثال لاتفاقية جنيف الرابعة وقانون الاحتلال الناجم عن الحرب. وتقول هذه النظرية بأن الأردن ومصر ليستا هما الدول ذات السيادة المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ونظرا لعدم وجود “صاحب الحق” الذي ستعود إليه الأراضي فإنه بإمكان إسرائيل أن تقوم بحيازة الأراضي الفلسطينية المحتلة نظرا لأنها تمتلك وضعا أقوى نسبيا فيما يتعلق بملكية هذه الأراضـي . وإن هذا القول مبني على أساس تفسير غريب للمادة 2 من اتفاقيات جنيف . المادة 2 تنص على ما يلي : “إن هذه الاتفاقية تطبق على جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة…” ، وهكذا قيل أن الهدف والغرض من قانون الاحتلال الناجم عن الحرب هو حماية حقوق الطرف المنزوع السيادة والذي يمتلك سند قانوني صحيح[4] .
إلا أنه تم الرد وبقوة على الإدعاءات الإسرائيلية في هذا الخصوص من قبل علماء ومفكري القانون الدولي الذين وصفوها بأنها “متكلفة ومصطنعة في طبيعتها” ، ولا تحظى باحترام “المـؤهلين تأهيلا عاليا” أو “المجتمع الدولي المنظم” ، كما أنها لم تتلق أي دعم من المجتمع الدولي . في عام 1976 ، أفاد رئيس مجلس الأمن الدولي بعد التشاور مع جميع الأعضاء وموافقة الأغلبية بأن “اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 أغسطس 1949 تنطبق على الأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. وفي عام 1980 وفي تصويت كانت نتيجته 14 مقابل لا شيء مع امتناع عضو واحد عن التصويـت ، وألقى مجلس الأمن باللوم على إسرائيل لقيامها بسن “القانون الأساسي” المتعلق بالقدس ، والذي تبين أنه يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولا يؤثر على استمرار تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة. وتقرر عدم الاعتراف بالقانون الأساسي وغيرها من الأعمال التي تسعى إلى تغيير طابع ووضع القدس . وبالمثل ، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت مجددا على أن إسرائيل ملزمة بالالتزامات الواردة في اتفاقية جنيف الرابعة فيما يخص الأراضي الفلسطينية المحتلة . وفي الإعلان الصادر في 5 ديسمبر 2001 أعرب المؤتمر الدولي للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة عن قلقه البالغ إزاء تدهور الحالة الإنسانية ، وأكد من جديد شمول الاتفاقية للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية ، وكما جدد التأكيد على ضرورة الاحترام الكامل للاتفاقية في هذه المناطق.[5] :
الفرع الثاني:حظر تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة.
ارتبطت واجبات دولة الاحتلال في الأراضي المحتلة ارتباطا وثيقا بطبيعة وجودها، فهذا الوجود وجود فعلي مؤقت ليست له صفة الدوام، ولذا فإنّ المبدأ الأساسي الذي أقره قانون الاحتلال الحربي هو حظر ممارسة سلطات الاحتلال للاختصاصات السيادية في الأراضي المحتلة، فالاحتلال الحربي بصفته مرحلة من مراحل الحرب الفعلية المؤقتة سينتهي حتما بانسحاب جيش الاحتلال، سواء كنتيجة لتسوية سلمية للنزاع بين الدولتين المتحاربتين، أو كنتيجة لتجدد القتال واستعادة دولة السيادة قدراتها العسكرية وتمكنها من طرد قوات الاحتلال، ونتيجة لذلك لا يجوز لدولة الاحتلال القيام بضمّ أي جزء من أجزاء الأراضي المحتلة.لقد استقرت قواعد القانون الدولي المعاصر على اعتبار أنّ الاحتلال لا ينقل السيادة على الإقليم المحتل بمجرد حدوثه، وإنما تظل السيادة لدولة الأصل صاحبة الإقليم المحتل[6].
تخضع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 لقواعد قانون الاحتلال الحربي بناءا على المادة 42 من اتفاقية لاهاي الرابعة لعام 1907 وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في 09 جويلية 2004 عند إصدارها لفتوى الجدار[7]،حيث قالت« تعتبر الأراضي محتلة عندما توضع بالفعل تحت سلطة الجيش المعادي،…. ويشمل الاحتلال الأرض التي بسطت فيها هذه السلطة وصار بالإمكان ممارستها وقد احتلت إسرائيل في عام 1967م الأرض الواقعة بين الخط الأخضر والحدود الشرقية السابقة لفلسطين…… وجميع هذه الأراضي (بما فيها القدس الشرقية) مازالت أراض محتلة ومازالت إسرائيل لها وضع السلطة القائمة بالاحتلال »[8].وفيما يخص الواجبات والمبادئ الأساسية التي تحكم تصرفات السلطة المحتلة ذكرت المحكمة « أنّ المادة 43 (من قواعد لاهاي) تفرض على المحتل واجب اتخاذ كل التدابير التي بمقدوره للحفاظ على النظام العام والحياة العامة واحترام القوانين السارية في البلد وكفالة ذلك قدر الإمكان »[9].
وعليه واستنادا لنص المادة 43 من لائحة لاهاي يتوجب على سلطات الدولة المحتلة أن تبقى التنظيم الإداري والقضائي للإقليم المحتل قائما، لأنه تنظيم يستعان به على حسن سير المرافق العامة للسكان، وأيضاً استمرار حياتهم بشكل عادي، خاصة وأنّ المادة 43 من لائحة لاهاي فرضت على السلطة المحتلة، أن تتخذ كل التدابير والإجراءات لإعادة الأمن والنظام واحترام القوانين المعمول بها في الأرض المحتلة، كما يتعين عليها استعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى أقرب شكل كانت عليه قبل الاحتلال[10].أما محكمة العدل الدولية فقد لاحظت أن ممارسات إسرائيل هي عكس ذلك تماما « …فمنذ عام1967 حتى الآن اتخذت إسرائيل عدد كبيراً من التدابير في هذه الأرض تستهدف تغيير وضع القدس…. بما في ذلك مصادرة الأرض والممتلكات ونقل السكان.. »[11]
لقد أعلن القاضي المصري نبيل العربي في رأيه المستقل «…. من شأن الاحتلال بصرف النظر عن طول أجله أن يفضي إلى سلسلة من المشاكل الإنسانية والقانونية والسياسية… وليس هناك ما يهوّن من شأن المشاكل التي تنشأ من خلال حالات الاحتلال المطول، بيدأنّ الاحتلال المطول يؤدي إلى مزيد من قسوة القواعد المنطبقة… لا يوجد ما يدل على أن المجتمع الدولي على استعداد لأن يعهد عن طيب خاطر للمحتل بتفويض مطلق »[12].ّ
وقد جاءت اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 لكي تطور تلك الضمانات والحقوق الأساسية بالنسبة للمدنين أو الأشخاص المحميين «… الذين يجدون أنفسهم لحظة ما وبأي شكل كان في حالة نزاع، أو احتلال تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة ليسوا من رعاياها” كما أعلنته المادة 4 من تلك الاتفاقيات »[13].ولذلك حظرت هذه الاتفاقية حرمان الأشخاص المحميين من الانتفاع بالحقوق التي تمنحها، وذكرت محكمة العدل الدولية في فتوى الجدار« …. وفقا للمادة 47 فإنه لا يحرم الأشخاص المحميّون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية، سواء بسبب أي تغير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي على مؤسسات الإقليم المذكور، أو حكومته، أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزءا من الأراضي المحتلة »[14].
المطلب الثاني: حقوق المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يمكننا أن نتناول بالدراسة حظر المساس بالحقوق المدنية للشعب الفلسطيني (الفرع الأول) ثم حظر المساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمدنيين الفلسطينيين (الفرع الثاني).
الفرع الأول: حظر المساس بالحقوق المدنية للشعب الفلسطيني.
بالنسبة للحقوق المدنية التي تمثل الحد الأدنى من الحقوق نتناول مايلي:
أولا: حظر الأفعال غير الإنسانية.
يعد قتل وتعذيب و إهانة وحتى ترحيل السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، صورة نمطية متكررة مارستها دول الاحتلال عبر التاريخ، وكانت اتفاقيات جنيف الأربع في المادة الثالثة المشتركة قد عددت الأفعال المحظورة في جميع الأوقات والأماكن، كما أنّ اتفاقية جنيف الرابعة قد جاءت بأحكام لحماية حق الحياة وتجريم أيّ من الأفعال غير الإنسانية، وقد قرّرت المادة 31 حظر الإكراه بالنص على أنه” تحظر ممارسة أي إكراه بدني أو معنوي إزاء الأشخاص المحميين، خصوصا بهدف الحصول على معلومات منهم أو من غيرهم”[15].
بدراسة الأوضاع التي سادت منذ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة، نجد أنّ السكان المدنيين قد تعرضوا لأصناف كثيرة من التعذيب وسوء المعاملة التي مارستها ضدهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما أثبتته لجان التحقيق الدولية، وتقارير الصليب الأحمر الدولي والرسائل والشهادات المختلفة التي أدلى بها مواطنو الأراضي المحتلة والصحفيين الأجانب الذين زاروا الأراضي المحتلة، فقد شهدت المعتقلات والسجون الإسرائيلية حالات كثيرة للتعذيب الذي يتأسس على الروح العنصرية السائدة لدى المذهب الصهيوني[16].
ثانيا:حظر إبعاد و ترحيل السكان المدنيين وحظر الاستيطان.
أيضا يشكل حظر إبعاد و ترحيل السكان المدنيين أثناء الاحتلال أحد أبرز جوانب حماية المدنيين[17]. خاصة وأنّ الترحيل والإبعاد يعد من أشدّ الظواهر التي تؤثر على سكان المنطقة الخاضعة للاحتلال[18]. ولذلك كانت التجارب المروّعة والممارسات المذهلة التي حدثت أثناء الحرب العالمية الثانية سببا جوهريا في وضع المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة التي أعلنت حظر “إبعاد وترحيل السكان”[19].
يهدف المخطط الصهيوني منذ بدايته إلى طرد وترحيل السكان المدنيين الأصليين الذين يشغلون الأرض التي سيقام عليها المجتمع الإسرائيلي، وقد اعتبر ذلك أمرا حتميا حتى تنشأ الدولة اليهودية الخالصة التي لا تختلط معها أية أعراق أخرى. وقد اضطر 700.000 من السكان الفلسطينيين خلال حرب 1948 إلى ترك ديارهم،وهو ما يعادل نحو نصف العدد الإجمالي للسكان الفلسطينيين، ثم جاءت حرب 1967 لتضيف أعداد جديدة من الفلسطينيين الذين اضطروا إلى النزوح من أراضيهم إذ بلغ عددهم 228.606، وقد استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ممارسة الضغوط المختلفة على سكان الأراضي المحتلة بعد عدوان 1967، بهدف تفريغ هذه المنطقة من سكانها تمهيدا لتهويدها واستخدامها في إسكان المهاجرين الجدد، وقد أسفرت هذه السياسات التعسفية عن استمرار نزوح السكان من الأراضي العربية المحتلة، ففي الفترة من 1968-1972 غادر نحو 300.000 شخص في السنة، وتشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن إجمالي الفلسطينيين الذين تم ترحيلهم قسرا من عام 1995 وأصبحوا لاجئين أكثر من 4 ملايين فلسطيني منهم 350.000 لاجئ مسجل لدى هيئة غوث اللاجئين(الأنروا)[20] والباقون غير مسجلين.ويتضح أن حجم الطرد القسري الجماعي لسكان الأراضي الفلسطينية هو 7.697.929. وعلى الرغم من أنّ القانون الدولي يكفل حق العودة للاجئين، فإنّ إسرائيل ترفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم رغم كونه قانونيا وطبيعيا [21].
وأعادت إسرائيل ببنائها “للجدار” بعضا من صور النقل الجبري للأشخاص المحميين التي عرفت أثناء الحرب العالمية الثانية، مما جعل محكمة العدل الدولية تذكّر أثناء تناولها للقواعد المنطبقة في فتوى الجدار، بما جاء في المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة، و التي نصت فقرتها الأولى على « حظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال، أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة أيا كانت دواعيه »[22].
وفي نفس السياق ذكرت المحكمة أنّ بعض نصوص حقوق الإنسان تضمن أيضاً حرية التنقل والإقامة لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما، عندما أشارت إلى نص المادة 12 من عهد الحقوق السياسية والمدنية. وأثناء تطبيق محكمة العدل لتلك الضمانات القانونية لاحظت أن « تشييد الجدار وإنشاء منطقة مغلقة بين الخط الأخضر والجدار ذاته وتكوين جيوب كلها أمور فرضت فضلا عن ذلك قيودا شديدة على حرية سكان الأرض الفلسطينية المحتلة، باستثناء الفلسطينيين ممن تم استيعابهم هناك، وتتجلى أكثر في بعض المناطق الحضرية… »[23] كما أنّ مسار الجدار قد أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان نتيجة لسياسة الاحتلال الإسرائيلي، التي بنيت على أساس تجويع الفلسطينيين ودفعهم إلى الرحيل من أراضيهم[24]، حيث وجدت المحكمة انه«… في قلقيليه أغلق حسبما تفيد تقارير الأمم المتحدة زهاء 600 متجر ومشروع تجاري أبوابه وغادر عدد يتراوح بين6000 و 8000 شخص المنطقة بالفعل… سيضطر العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المناطق إلى الرحيل…. »[25].
إنّ الهدف الذي تسعى إليه دولة الاحتلال من وراء بناء هذا الجدار الذي أدى مساره بالضرورة إلى انتقال السكان ورحيلهم، هو بكل تأكيد تغيير التكوين الديمغرافي للأراضي المحتلة بعد الاستيلاء عليها بالقوة. لذلك جاء في فتوى الجدار«…مسار الجدار مصمم بالشكل الذي يغير التكوين الديمغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية من خلال تعزيز المستوطنات الإسرائيلية المقامة بصورة غير مشروعة… »[26]لذلك أعلنت المحكمة بناء على المعـــلومات التي تلقتها « منذ عام 1977 أن إسرائيل تتبع سياسة وممارسات تتضمن إقامة مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما يخالف أحكام الفقرة 6 من المادة 49 » [27] وهي الفقرة التي حظرت على الدولة المحتلة أن تنقل أو ترحل سكانها إلى الأراضي التي تحتلها لتغيير واقع تلك الأراضي.
وعليه خلصت المحكمة إلى أنّ« إقامة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المتعلقة (بما فيها القدس الشرقية) تمثل خرقا للقانون الدولي »[28]، وعلى الرغم من تأكيد الجانب الإسرائيلي على الطابع المؤقت للجدار[29]، إلى أنّ المحكمة أعادت التأكيد على أن هذا الجدار يخلق أمرا واقعا من جهة، ويمثل خطرا دائما في رحيل السكان المدنيين مما يسهم في تغيير الواقع الديمغرافي من جهة أخرى[30].
الفرع الثاني: حظر المساس بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمدنيين الفلسطينيين.
إنّ أهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية سواء بالنسبة للدول أو الأفراد أمر لا يخفي على أحد، وتزداد أهمية هذه الحقوق والضمانات أثناء النزاعات المسلحة[31].
أولا: حظر المساس بالملكية العامة والخاصة ونهب الموارد المائية.
منذ عدوان 1967 وقوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بتخريب وتدمير القرى وهدم المساكن على المقيمين فيها، وضرب مصادر المياه في الأراضي المحتلة بغرض تدميرها، وإجبار السكان على الرحيل من أماكن إقامتهم ، وقامت في مناطق كثيرة بحرق المحاصيل الزراعية وتدمير المناطق المزروعة بغرض تجويع السكان وإجبارهم على مغادرة الأراضي المحتلة.كما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي على إثر بناء الجدار إلى تجريف الأراضي الزراعية في الضفة الغربية، ومنذ أن بدأ موسم التجريف الإسرائيلي لصالح جدار الفصل العنصري في جوان 2002، استولت إسرائيل على أراضي زراعية فلسطينية خالصة بوضع اليد دون تبليغ الأهالي بأي إنذار أو إخطار، كما استولت قوات الاحتلال على مساحات شاسعة من أراضي المواطنين[32].
وفور انتهاء حرب عام 1967، شرعت إسرائيل في تنفيذ سياسة استيطانية مدروسة تهدف إلى السيطرة على المياه والأراضي العربية متذرعة بشتى الحجج، تارة من اجل تحقيق أهدافها الأمنية، وتارة أخرى من اجل تنفيذ الوعد الإلهي باستيطان الأراضي المحتلة[33].
وتتعرض موارد الأراضي المحتلة لنهب متواصل من جانب السلطات الإسرائيلية، وخاصة الثروة المائية حيث أنّ المستوطنات الإسرائيلية تعتمد اعتمادا كليا على مصادر مياه الضفة الغربية بما فيها المياه الجوفية ومياه نهر الأردن وروافده، خاصة أنّ قضية المياه تعتبر من اعقد قضايا النزاع في الشرق الأوسط، وهناك شبه إجماع بين قادة المنطقة ومختلف المعاهد السياسية و الأكاديمية أنّ قضية المياه أصبحت اخطر من قضية النفط[34].ومن أهم الجوانب والأهداف التي يسعى الإسرائيليون إلى تحقيقها من خلال إقامة جدار الفصل العنصري، ضمان استمرار عمليات سحب ما يزيد على 400 مليون متر مكعب تشكل كامل الطاقة المائية السنوية المتجددة للحوض المائي الجوفي الغربي، وهي في غالبيتها مياه فلسطينية تتكوّن داخل حدود الضفة، وإذا كانت هذه هي سياسة إسرائيل في سلب مياه الأراضي الفلسطينية كوسيلة لإثراء اليهود على حساب الشعب الفلسطيني، فإنها من ناحية أخرى تمثل وسيلة مهمة لإجبار الفلسطينيين على الهجرة، فليس من المتصور أن يعيش هذا الشعب بدون مياه، فالعطش والجفاف أداة قسرية لهجرة الفلسطينيين [35] .
وقد تناولت محكمة العدل هذه الحقائق في فتوى الجدار، خاصة بعد أن اتضح أن إسرائيل تسعى لتحقيق أهدافها المتمثلة في الإبعاد والترحيل وتغيير التكوين الديمغرافي للسكان، من خلال سياسة شاملة بما فيها الأساليب الاقتصادية والاجتماعية[36] .
وقد أشارت المحكمة إلى نص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة التي جاء فيها « يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة، تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلاّ إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير »[37] كما أشارت المحكمة إلى المادة 46 و 52 من لائحة لاهاي لعام 1907 التي فرضت « احترام الملكية الخاصة وانه لا يمكن مصادرتها، وأخيرا تسمح المادة 52 في حدود معينة بالمصادرات العينية وبتقديم الخدمات لتلبية احتياجات جيش الاحتلال »[38].
ثانيا: حظر المساس بالحق في الصحة والتعليم والعمل
لقد أعاق بناء الجدار أيضا الوصول إلى المرافق الصحية في القرى التي يحيط بها، لسيما بالنسبة للذين يعيشون بين الجدار والخط الأخضر، وأدى هذا إلى زيادة تردي مستوى الخدمات الصحية المتردية أصلا نتيجة لزيادة القيود على الحركة وعمليات الإغلاق العسكرية التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.وسيكون هذا هو الحال بالنسبة للضفة الغربية بأسرها إذ تسبب الجدار في الحد من الوصول إلى مستشفيات القدس الشرقية التي تقدم الخدمات الطبية المتخصصة غير المتوفرة في أيّ مكان آخر في الضفة الغربية، على سبيل المثال مستشفى اوغستا فكتوريا هو المستشفى الوحيد في الضفة الغربية الذي يوفر غسيل الكلى. لقد تعرضت الخدمات الصحية الوقائية لمزيد من الإعاقة نتيجة لتعذر وصول السكان إلى المرافق الطبية.[39]
وبالنسبة للانعكاسات على العملية التعليميةو التربوية فقد أدى الجدار إلى عدم انتظام العملية التعليمية في المدارس،ففي معظم الأيام يتم تعطيل الدوام بشكل جزئي حيث يتم منع الطلاب أو المعلمين من الوصول إلى المدارس عبر الجدار ، أو تأخير وصولهم عبر حجزهم على الحواجز لساعات طويلة.كما يمنع جنود الاحتلال عند بوابات الجدار العازل موظفي مكاتب التربية والتعليم من الوصول إلى المدارس داخل الجدار، وهذا يؤدي إلى انخفاض مستوي التنسيق بين المدارس ومكتب التربية والتعليم ويؤدي إلى إرباك العملية التربوية بشكل عام.[40]
وقد أشارت محكمة العدل الدولية إلى هذه الحقائق عندما بيّنت أنّ بناء ذلك الجدارقد أعاق أيضاً ممارسة السكان الفلسطينيين لحقهم في العمل والصحة والتعليم، وهي حقوق يكفلها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مواد 60 و7(الحق في العمل) و10(حماية ومساعدة الأسرة والطفل) و11 (الحق في مستوى معيشي مناسب) و12 (الحق في الصحة) والمادتين 13 و14 (الحق في التعليم).[41]
أيضا ألحق جدار الفصل العنصري، أضرار بالغة بقطاع السياحة والآثار، حيث تشير العديد من التقارير أنّ الجدار سيبتلع الكثير من المناطق والمواقع الأثرية، وسيقلل من أهمية المقاصد والمدن السياحية خاصة مدن : بيت لحم ، القدس، الخليل، إضافة لفصل مدينتي بيت لحم والقدس ، اللتين تشكلان أحد أبرز المقاصد السياحية الرئيسة في فلسطين. كذلك تسبب الجدار في إعاقة الحركة السياحية بين المدن الواقعة في الشمال والجنوب خاصة مدن الناصرة ورام الله ونابلس وجنين، إضافة إلى عزل منطقة أريحا والبحر الميت، وإلحاق الدمار بعشرات المواقع الأثرية، ممايعنيفقد الآلاف من الأسر الفلسطينية للدخل الاقتصادي، خاصة وأن 65% من العائلات في مدينة بيت لحم تعتمد على دخل السياحة[42] .
ومن الآثار المباشرة لإقامة الجدار،التأثير على النسيج الاجتماعي للمجتمعات في الأراضي الفلسطينية، فقد أثبتت دراسة استقصائية صادرة من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني على القرى المتضررة من الجدار أن 9,6% من الأسر المعيشية الموجودة غربي الجدار، لم تتمكن من زيارة أقاربها مقابل 63,5% من الأسر المعيشية التي تعيش شرقي الجدار، فقد تضررت القدرة على ممارسة الأنشطة الاجتماعية والثقافية بالنسبة ل 38,3% من الأسر المعيشية التي تعيش غربي الجدار والتي شملتها الدراسة و 84,4% من الأسر المعيشية التي تعيش شرقي الجدار.[43]
ثالثا: حظر المساس بالحق في وصول إمدادات الإغاثة لسكان الأراضي المحتلة.
وبالنسبة للحق في وصول إمدادات الإغاثة لسكان الأراضي المحتلة، فقد كان لاتفاقية جنيف الرابعة دور هام في التأكيد عليه، وجاءت بعدة نصوص نظمتها المواد-62،59،57،56،55-فغالبا ما يتعرض السكان المدنيين للهجمات ونقص المؤن الغذائية والطبية وانتشار الأوبئة بسبب النزاع المسلح، وقد قررت المادة 55 على أنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما تسمح به وسائلها على تزويد السكان المدنيين بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية[44].أو في أقل القليل أنه من المحظور أن يتم التصرف عمدا بطريقة تؤدي إلى حرمان الأفراد من تلك الإمدادات[45].
وقد جاء في المادة 59 من اتفاقية جنيف الرابعة، « – إذا كان كل سكان الأراضي المحتلة أو قسما منهم تنقصهم المؤونة الكافية وجب على دولة الاحتلال أن تسمح بعملية الإغاثة لمصلحة هؤلاء السكان، وتوفر لها التسهيلات بقدر ما تسمح به وسائلها.
– وتتكون هذه العمليات التي يمكن أن تقوم بها دول أو هيئة إنسانية غير متحيزة كاللجنة الدولية للصليب الأحمر، على الأخص من مساعدات الأغذية والإمدادات الطبية والملابس» ولذلك يقع على دولة الاحتلال التزام مضمونه السماح بالمرور الحر لمواد الإغاثة لكل سكان الأقاليم المحتلة.[46]
وإذا كانت الالتزامات السابقة تقع على دولة الاحتلال بشكل خاص، فقد ذكرت المحكمة في فتوى الجدار أن هناك التزامات تقع على غير دولة الاحتلال، وذلك لأن جميع الدول مطالبة بتسهيل مرور مواد الإغاثة بكل حرية على أقاليمها نحو الإقليم المحتل، غير أنها في مقابل ذلك الالتزام لها حق تفتيش تلك المواد وتنظيمها طبقا لمواعيد وخطوط سير محدود، كما يمكن لها أن تطلب من المنظمة الإنسانية أو الدولة الحامية مراقبة عملية تسليم الإمدادات لضمان استخدامها لصالح السكان الذين هم بحاجة إليها. ووفقا لما قالته المحكمة نقلا عن المادة 59 من اتفاقية جنيف الرابعة «….- على جميع الدول المتعاقدة أن ترخص بمرور هذه المساعدات بحرية وأن تكفل لها الحماية.
– على أنه يجوز للدولة التي تسمح بحرية مرور مساعدات فيها إلى أراض يحتلها طرف خصم في النزاع أن تفتش المساعدات وتنظم مرورها طبقا لمواعيد وخطوط سير محدودة، وأن تحصل من الدولة الحامية على ضمان كاف بأن هذه المساعدات مخصصة لإغاثة السكان المحتاجين وأنها لن تستخدم لفائدة دولة الاحتلال »[47].
ولذلك وفي مجمل حكمها على ما تتعرض له الحقوق السابق ذكرها أشارت محكمة العدل في فتوى الجدار إلى أن الجدار والنظام المرتبط به يعوقان ممارسة المدنيين الفلسطينيين لحقوقهم المدنية ولحقهم في العمل والصحة والتعليم، وفي مستوى معيشة ملائم كما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل، وأن تشييد الجدار والنظام المرتبط به يخالف الفقرة 6 من المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة وقرارات مجلس الأمن .
المطلب الثالث: مسؤولية إسرائيل عن انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين.
بما أنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي قامت بانتهاك التزاماتها الدولية فيتم إثارة المسؤولية الدولية لدولة الاحتلال، وهي المسؤولية المدنية (الفرع الأول) والمسؤولية الجزائية (الفرع الثاني) .
الفرع الأول: المسؤولية المدنية لإسرائيل عن انتهاك حقوق المدنيين الفلسطينيين.
إنّ المسؤولية المدنية عن انتهاكات حقوق الإنسان وحقه في التعويض قد تم إرساءه منذ فترة طويلة، تعود إلى عام 1907 في اتفاقية لاهاي الرابعة، المتعلقة باحترام قوانين و أعراف الحرب البرية، و التي ألزمت مادتها الثالثة الطرف المحارب الذي يخل بأحكامها دفع تعويض إذا اقتضت الحاجة ، كما يكون مسؤولا عن جميع الأعمال التي يرتكبها أشخاص ينتمون إلى قواته المسلحة[48]. و تضم المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول قاعدة شديدة الشبه بالمادة 3 لعام 1907 ، و هي المادة التي وافق عليها المؤتمر الدبلوماسي لعام 1977 دون كثير من النقاش و دون اعتراض[49]. هذا دون أن ننسى أنّ الحق في التعويض و جبر الضرر يتأسس أيضا على قواعد حقوق الإنسان، التي طوّرت حق الضحايا في التعويض جرّاء ما لحقهم من ضرر [50].
يمكن أن يتخذ جبر الأضرار عن انتهاكات القانون الإنساني أشكالا و صور مختلفة، و أهمها رد الحقوق و التعويض المالي ، و مع ذلك يمكن من جهة أخرى أن تطبق جميع صور التعويض في مقابل انتهاك بعينه[51].وعليه يمكن مساءلة إسرائيل عن دفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمواطنين الفلسطينيين بسبب الاحتلال الحربي.إنّ المسؤولية المدنية لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تعني أن تقوم هذه الأخيرة في المقام الأول بإنهاء احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، والتزامها برد جميع الأشياء والأموال والممتلكات العامة والخاصة الفلسطينية التي استولت عليها منذ حرب 1948، وأيضا الإفراج عن جميع الأشخاص المعتقلين والأسرى، وإلغاء كافة القرارات التي اتخذتها بمناسبة عدوانها واحتلالها للأراضي الفلسطينية وأهمها القوانين الثلاث التي أصدرها “الكنيست” الإسرائيلي بتاريخ 27/جويلية/1967 والمتعلقة بتوحيد وضم القدس، وغيرها من القرارات والقوانين الأخرى مثل قانون 17/جويلية/ 1969 الذي أخضعت بموجبه نظام التعليم العربي للبرامج التعليمية الإسرائيلية …الخ ، وكل هذا في إطار ما يعرف بالتعويض العيني، إضافة إلى التعويض المالي للسلطة الفلسطينية والمواطنين الفلسطينيين عن كل ما لحقهم من ضرر وما فاتهم من كسب، وكم هي عديدة أضرار المدنيين الفلسطينيين البشرية منها والمادية[52].
وبعد قيامها بهذه الخطوات والمتمثلة في التعويض العيني والمالي، ينبغي على إسرائيل أن تعترف بجرائمها وانتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية، وأن تقدم اعتذاراتها للشعب الفلسطيني وسلطته أولا، وإلى المجموعة الدولية ثانيا، باعتبار أنّ جرائمها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وأن تقدم الضمانات الكفيلة بعدم تكرارها لهاته الأفعال غير المشروعة[53].
و قد تحدثت محكمة العدل الدولية أثناء تناولها لانتهاكات القانون الدولي الإنساني و حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن التزام إسرائيل بالصورتين الاولتين للتعويض[54]. و تبعا لذلك أعلنت انه « يقع على إسرائيل التزام بان توقف فورا أعمال تشييد الجدار الجاري بناؤه في الأرض الفلسطينية المحتلة … و القيام فورا بإزالة أجزاء ذلك البناء الواقعة داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية وما حولها ،و يجب القيام فورا بإلغاء القوانين و اللوائح المعتمدة توطئة لتشييده وإرساء النظام المرتبط به … »[55]. و ذكرت المحكمة بعد دراستها للصورة الأولى من أشكال جبر الضرر العيني انه يتم اللجوء ايضا للتعويض المالي «… في حالة ثبوت تعذر رد تلك الممتلكات ذاتها تكون إسرائيل ملزمة بتعويض الأشخاص عما لحق بهم من ضرر … »[56].
وبعد صدور فتوى محكمة العدل الدولية حول الجدار صوتت الجمعية العامة على إنشاء سجل الأمم المتحدة للأضرار، ويعتبر هذا السجل هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة، ويعمل تحت السلطة الإدارية للامين العام، ويكون سجل الأمم المتحدة بمثابة قائمة أو سجل ذا شكل توثيقي في هيئة نسخ مطبوعة ونسخ الكترونية للأضرار المادية التي لحقت بجميع الأشخاص الطبيعيين و الاعتباريين المعنيين من جراء تشييد إسرائيل الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل القدس الشرقية وحولها، ولا يعتبر سجل الأمم المتحدة للأضرار لجنة للتعويضات أو مرفق لتسوية المطالبات أو هيئة قضائية أو شبه قضائية، وطبقا لقرار الجمعية العامة قام الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين ثلاثة أعضاء مستقلين ، ويتخذ السجل مكتب الأمم المتحدة في فيينا مقرا له[57].
وفي تنفيذ ولايته يسترشد سجل الأمم المتحدة للأضرار بالنتائج ذات الصلة بفتوى محكمة العدل الدولية والمبادئ العامة للقانون الدولي، و حسب الأمم المتحدة سوف يبذل سجل الأمم المتحدة للأضرار قصارى جهده لضمان أنّ كافة المتضررين من الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين لديهم إمكانية لتقديم مطالباتهم لتسجيل الأضرار المادية التي لحقت بهم نتيجة تشييد الجدار[58].
الفرع الثاني:تقديم المسؤولين الإسرائيليين للمحاكمة عن جرائمهم.
تستدعي الجرائم والممارسات الهمجية التي تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين متابعة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وأعمال إبادة.
إنّ الجرائم الإسرائيلية المتكررة تشكل انتهاكا صارخا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية ومن ثمّ فإنّ الجرائم الإسرائيلية تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية[59].
انضمت دولة فلسطين رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية، الأربعاء 01 ابريل 2015، مما سيتيح لها ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم أخرى مرتبطة بالاحتلال، رغم أن تبعات هذا الفصل الجديد من النزاع تبقى غير معروفة. وكان انضمام فلسطين للمحكمة أحدث تأكيدٍ على مسعى إقامة الدولة الفلسطينية. فقد بدأت عملية المصادقة والانضمام للعديد من المعاهدات في مطلع 2011، ودخلت فلسطين في عضوية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في وقت لاحق من العام ذاته. ومنذئذ صادقت فلسطين أو انضمت إلى ما مجموعه 44 معاهدة واتفاقية، بما فيها ثمانية اتفاقيات منبثقة عن اليونسكو في مطلع 2012، و20 معاهدة أخرى بما فيها صكوك رئيسية في القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في أبريل 2014[60].
وعليه ينبغي أن نقدم التوضيحات التالية، بعد انضمام الدولة الفلسطينية للمحكمة في حال رفعها دعوى على إسرائيل[61]: * أنّ الجهة التي ستقوم السلطة الفلسطينية برفع قضية عليها هي إسرائيل وهي ليست عضوًا في المحكمة وغير موقعة على الاتفاقية.
* السبيل أمام السلطة الفلسطينية هو اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار قرار ملزم بالذهاب للمحكمة طبقا للبند السابع، ولكن هذا الأمر سيصطدم بالفيتو الأمريكي.
* ما يهمنا حاليًا، من الناحية القانونية هو، توثيق جرائم الحرب الإسرائيلية، وتقديمها للجهات الدولية في الوقت المناسب، لان جرائم الحرب لا تسقط بمرور الزمن .
* انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية، يعني انه كما يحق لفلسطين التوجه للمحكمة إذا تمكنت من ذلك عبر مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل، فان ذلك يعني أيضا التزام السلطة الفلسطينية واستعدادها لتسليم الأشخاص الفلسطينيين لأي دولة تتعاون مع إسرائيل، وعضوًا في المحكمة إذا ما تم طلبهم إلى المحكمة الجنائية الدولية.
و يقتضي فتح التحقيق من مكتب المدعي العام أن ينظر في مقبولية الوضع بموجب النظام الأساسي للمحكمة والسياسات والممارسات التي ينتهجها المكتب. وتشتمل العناصر المؤثرة في حالة فلسطين على مايلي: مبدأ التكامل؛ ورفض إسرائيل رسميًا أن تتعاون مع المحكمة؛ والاعتبارات المتعلقة “بمصالح العدالة”. حيث يعطي مبدأ التكامل الأسبقية للقضاء الوطني لاتخاذ إجراءات بحق مرتكبي الجرائم الدولية المزعومة. وتُقبَل الحالات والقضايا حين لا تتخذ الدولة التي يكون موظفوها مسؤولين عن الأفعال غير المشروعة أي إجراء، أو تتخذ إجراءات غير كافية، أو تُبدي عدم رغبة أو عدم قدرة (المادة17) [62]
إن محدودية الموارد المتاحة لمكتب المدعي العام وحساسيته السياسية تدفعه على الأرجح إلى ملاحقة أسلم القضايا من الناحيتين القانونية والعملية. وتنطوي المستوطنات الإسرائيلية على مصادرة غير مشروعة ومكثفة للأراضي على نطاق واسع، ونقل المدنيين في دولة الاحتلال إلى الأراضي المحتلة بطرق مباشرة وغير مباشرة، لذا تُعتبر قضية المستوطنات من القضايا الأسلم والأكثر أمانًا من الناحية الإستراتيجية في سياق الوضع الإسرائيلي الفلسطيني. فما كان يتسنى بناء المستوطنات لولا الآليات القانونية والإدارية في أجهزة الدولة، وأعضاء الحكومات العسكرية والمدنية على حد سواء. تلعب الشركات الخاصة والأفراد أيضًا دورًا حاسمًا، فالشركات المسجلة لدى الإدارة المدنية الإسرائيلية (حكومة القائد العسكري في الأراضي الفلسطينية المحتلة)، مثلًا، تسهِّل إجراء معاملات عقارية احتيالية تستدعي إعلانها بأنها “أراضي دولة”، وغيرها من عمليات الاستيلاء على الأراضي غير المشروعة دوليًا. وهذه الشبكة من الجهات العامة والخاصة المرتكبة للانتهاكات هي شبكةٌ ممتدة بنيويًا ومهمةٌ جدًا بالنسبة لاعتبار “النجاعة” الذي يراعيه المدعي العام عند اختيار الحالات، وهو ما يمكن البناء عليه في الدعاوى أمام المحكمة الجنائية الدولية[63].
يمكن اللجوء أيضا إلى مبدأ الاختصاص العالمي لجرّ المسؤولين الإسرائيليين إلى العدالة الجنائية الدولية، بحيث يمكن لأي محكمة وطنية ملاحقة الأشخاص المتورطين بارتكاب جرائم عالمية تهز الضمير الإنساني، بصرف النظر عن مكان ارتكاب الجريمة وزمانها وجنسية مرتكبها أو حتى تسليمه للدولة التي تطالب به، ومن الجدير بالذكر أن قوانين العديد من الدول الأوروبية قد تبنت هذا المبدأ[64].
إن وجود إستراتيجية فلسطينية تهدف إلى الاستكثار من آليات وعمليات المساءلة الدولية والمشتركة بين الدول يمكن أن يخفف العبء السياسي على كاهل المدعي العام للمحكمة الجنائية المضطر إلى التعامل مع أحد أكثر النزاعات تسييسًا في العالم. إن سعي فلسطين للتصديق على المعاهدات الدولية يتيح طائفة من الآليات والعمليات، كتلك المتاحة بموجب معاهدات اليونسكو ومنظومة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. ولأن الطريقَ أمام تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية يُتوقعُ أن تكون طويلةً ومضطربة، فإن من الضرورة بمكان أن نكسب دعم الدول الصديقة من أجل التحرك بصورة مستقلة على صعيد المحكمة. [65]
خلاصة
من خلال دراستنا لالتزامات سلطة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة يمكن التوصل للاستنتاجات التالية:
-الاحتلال الإسرائيلي يعتبر حالة مؤقتة، فلا يجوز له أن يمس بالضمانات والحقوق التي يستفيد منها الفلسطينيون.
-يحظر إبعاد و ترحيل المدنيين الفلسطينيين ، خاصة وأنّ الترحيل والإبعاد يعد من أشد الظواهر التي تؤثر على سكان المناطق الخاضعة للاحتلال أو الغزو. ولا يجوز لدولة الاحتلال الإسرائيلي أن تسعى لانتقال السكان ورحيلهم، بغرض تغيير التكوين الديمغرافي للأراضي المحتلة بعد الاستيلاء عليها بالقوة.
– يقع على إسرائيل تحمل المسؤولية المدنية، وذلك برد الأوضاع لما كانت عليه قبل الاحتلال، ولما كان استعادة سكان الأراضي المحتلة لكل أوضاعهم لما كان عليه قبل تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي لانتهاكاته أمر مستحيلا، يصبح الحل المكمل أن تدفع دولة الاحتلال تعويضات مالية لجميع من تضرر من تلك الممارسات.
– إنّ المسؤولين الإسرائيليين يقع عليهم تحمل المسؤولية الجزائية ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية او محكمة جنائية خاصة وإذا تعذر ذلك يمكن اللجوء إلى مبدأ الاختصاص العالمي.
– ضرورة مبادرة الدول العربية للضغط على إسرائيل بكل الوسائل لوقف جرائمها ضد الفلسطينيين.
-هناك مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي لحماية للشعب الفلسطيني، نظرا لعدالة قضيته ونظرا لاختلال موازين القوى.
قائمة المراجع والمصادر:
أولا : الكتب
1) الكتب باللغة العربية:
1-شادي أحمد المصري“جدار الفصل العنصري وآثاره الاجتماعية على الشعب الفلسطيني”حالة دراسية ” محافظة الخليل “بالتعاون مع وزارة الإعلام – مكتب الخليل 2008.
02-د. عمر سعد الله ،” تطور تدوين القانون الدولي الإنساني “، دار الغرب الإسلامي، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1997.
03-فرنسواز بوشيه سولينية، (ترجمة محمد مسعود)، ” القاموس العملي للقانون الدولي الإنساني”، دار العلم للملايين ،بيروت، الطبعة الأولى، أكتوبر 2005.
04- فريتس كالشهوفن وليزا بت تسغفلد ،” ضوابط تحكم خوض الحرب ( مدخل للقانون الدولي الإنساني )”،اللّجنة الدولية للصليب الأحمر، الطبعة الأولى 2004.
05-د. مصطفى كمال شحاتة، “الاحتلال الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصر”، مع دراسة عن الاحتلال الإسرائيلي للأقاليم العربية المحتلة، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، طبعة1981.
06-د.معتز فيصل عباس،”التزامات الدولة المحتلة اتجاه البلد المحتل”، منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت، الطبعة الأولى 2009.
07-د.موسى القدسي الدويك“المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة وقواعد القانون الدولي المعاصر”، منشاة المعارف الإسكندرية، الطبعة الأولى 2004.
2) الكتب باللغة الفرنسية:
1-Eric David ,” paincipes des droit des conflits armes” Troisiéme, ‘Edition, Bruylant , Bruxelles, 2002, pp 994 .
ثانيا: المقالات باللغة العربية:
01ـ د.أحمد أبو الوفاء، “الرأي الاستشاري الخاص بالآثار القانونية لبناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة”، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 61، لعام 2005، ص 176- 197.
02ـ د. رشاد السيد ” الإبعاد في ضوء القانون الدولي الإنساني” المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 51، لعام 1995، ص 239-262 .
03ـ رشا حمدي ، “الجدار الإسرائيلي في ميزان محكمة العدل الدولية،”السياسة الدولية، العدد 156 أبريل 2004، مجلد 39، ص 106- 111.
04ـ روزماري أبي صعب، “الآثار القانونية لإقامة جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة : ملاحظات أولية”، المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد، 2004، ص92-111 .
05ـ د. عبد الله الأشعل “الآثار القانونية والسياسية للرأي الاستشاري حول الجدار العازل” السياسة الدولية، العدد 157، أكتوبر 2004، المجلد 39، ص 128-131 .
06ـ د. محمد فهد الشلالدة ،” الأبعاد القانونية لجدار الفصل العنصري في ضوء القانون الدولي الإنساني” القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات، الجزء الثاني، المؤتمرات العلمية لجامعة بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، لسنة 2005، ص 163 -210 .
07ـ ناصر الريس،”اثر الجدار على الظروف المعيشية للفلسطينيين ” مجلة الإنساني خريف 2006، العدد السادس و الثلاثون.، ص 20- 22.
ثالثا: الرسائل الجامعية
1- أحمد لعروسي،”مسؤولية دولة الاحتلال عن انتهاكات حقوق الإنسان”، مذكرة لنيل شهادة ماجستير تخصص القانون الدولي العام، قسم العلوم القانونية والإدارية، جامعة ابن خلدون تيارت، السنة الحامعية2006-2007.
رابعا: الوثائق
1)التقارير
1- تقرير حول أثر الجدار على الوضع الإنساني، بعد مرور أربع أعوام على صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول الجدار، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأمم المتحدة، تموز 2008،ص22.
2) الاتفاقيات
ـ اتفاقيات جنيف الأربع المؤرخة في 12 آب /أغسطس 1949:
* اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى للقوات المسلحة في الميدان .
* اتفاقية جنيف الثانية لتحسين حال الجرحى والمرضى و الغرقى للقوات المسلحة في البحار.
* اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب .
* اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
ـ البروتوكول الأول الإضافي إلي اتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب/أغسطس 1949 المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية ،مؤرخ في08 يونيو/حزيران 1977.
ـ البروتوكول الثاني الإضافي إلي اتفاقيات جنيف المعقودة في12 آب /أغسطس 1949 المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية ، مؤرخ في 08 يونيو/حزيران 1977.
2) الأحكام و الآراء الاستشارية الصادرة عن محكمة العدل الدولية:
1-فتوى الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة اﻠصادرة في 09-07-2004.
-[1]أحمد لعروسي،”مسؤولية دولة الاحتلال عن انتهاكات حقوق الإنسان”، مذكرة لنيل شهادة ماجستير تخصص القانون الدولي العام، قسم العلوم القانونية والإدارية، جامعة ابن خلدون تيارت، السنة الحامعية2006-2007، ص5.
-[2]أحمد لعروسي، المرجع السابق، ص12-13.
[3] – انظر تقرير حول،”ترحيل الفلسطينيين والممارسات الإسرائيلية الأخرى التي من ضمنها الهجرة الجماعية والاستيطان اليهودي في جميع الأراضي المحتلة والتي تشكل انتهاكا للقانون الدولي ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة لعام “، 1949 صادر عن المنظمة الاستشارية القانونية الآسيوية – الإفريقية (AALCO)، عام2009،ص06-09، على الرابط التالي: www.aalco.int/…/arabicpalestiniansfinal2009.doc
[4] – انظر تقرير حول،”ترحيل الفلسطينيين والممارسات الإسرائيلية الأخرى التي من ضمنها الهجرة الجماعية والاستيطان اليهودي في جميع الأراضي المحتلة والتي تشكل انتهاكا للقانون الدولي ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة لعام “، نفس المرجع والصفحات.
[5] – نفس المرجع
-[6]أحمد لعروسي،مرجع سابق ، ص26-27.
-[7] تسمي رسميا ب “فتوى الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة ﻠ 09-07-2004”. في هذه الفتوى قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في طلب تاريخي أن تطلب « إلى محكمة العدل الدولية عملا بالمادة 65 من النظام الأساسي للمحكمة أن تصدر على وجه السرعة فتوى بشأن المسألة التالية: ما هي الآثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار الذي تقوم إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال بإقامته في الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وما حولها على النحو المبين في تقرير الأمين العام، وذلك من حيث مبادئ وقواعد القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة؟» فتوى الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، ص09.
-[8] الفقرة 78، ص 39، فتوى الجدار.
-[9] الفقرة 124، ص 59، فتوى الجدار.
-[10] د. محمد فهد الشلالدة “الأبعاد القانونية لجدار الفصل العنصري في ضوء القانون الدولي الإنساني” القانون الدولي الإنساني آفاق وتحديات، الجزء الثاني، المؤتمرات العلمية لجامعة بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، لسنة 2005، د. محمد فهد الشلالدة، ص 170.
-[11] الفقرة 75، ص 38، فتوى الجدار.
-[12] الرأي المستقل للقاضي العربي، الفقرة 3-1، ص 132-133 ، نفس المرجع.
-[13]فريتس كالشهوفن” ضوابط تحكم خوض الحرب ( مدخل للقانون الدولي الإنساني )”، اللّجنة الدولية للصليب الأحمر ، الطبعة الأولى 2004 ، ص 76.
-[14] الفقرة 126، ص 60، فتوى الجدار.
-[15] د.معتز فيصل عباس،”التزامات الدولة المحتلة اتجاه البلد المحتل”، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الاولى 2009،بيروت، ص330-331.
-[16]أحمد لعروسي،مرجع سابق، ص97-98.
-[17] د. رشاد السيد ” الإبعاد في ضوء القانون الدولي الإنساني” المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد 51، لعام 1995، ص 252.
-[18]فرنسواز بوشيه سولينيه (ترجمة محمد مسعود) ” القاموس العملي للقانون الدولي الإنساني” ، دار العلم للملايين ،بيروت، الطبعة الأولى، أكتوبر 2005، ص 194.
-[19] د. رشاد السيد،نفس المرجع، ص 252.
[20]الأنروا هي منظمة الأمم المتحدة لإغاثة و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى وللانروا التزام دائم بتوفير التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والمعونة الطارئة لما يربوا على 4 ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا. وتأسست الانروا في أعقاب الصراع العربي الإسرائيلي لعام 1948 وتقوم الجمعية العامة بتجديد ولايتها د/عمر سعد الله، معجم في القانون الدولي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر، طبعة 2، ص 94.
-[21]أحمد لعروسي،مرجع سابق، ص98-99.
-[22] الفقرة 126، ص 60، فتوى الجدار.
-[23] نفس المرجع، الفقرة 123، ص 133.
-[24]رشا حمدي ، “الجدار الإسرائيلي في ميزان محكمة العدل الدولية،”السياسة الدولية، العدد 156 أبريل 2004، مجلد 39، ص 108.
-[25]الفقرة133،ص66، فتوى الجدار.
-[26] نفس المرجع، الفقرة 115، ص 55.
-[27] نفس المرجع، الفقرة 120، ص 57.
-[29] نفس المرجع، الفقرة 121، ص 58.
-[30] نفس المرجع، الفقرة 122، ص 58.
-[31]د. مصطفى كمال شحاتة “الاحتلال الحربي وقواعد القانون الدولي المعاصر”، مع دراسة عن الاحتلال الإسرائيلي للأقاليم العربية، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، طبعة1981.ص ص 378 .
-[32]أحمد لعروسي،مرجع سابق، ص106-108.
-[33] د.موسى القدسي الدويك، “المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة وقواعد القانون الدولي المعاصر”، منشاة المعارف الإسكندرية، الطبعة الأولى 2004،ص109.
-[34] د.موسى القدسي الدويك، نفس المرجع ،ص116.
-[35]أحمد لعروسي،،مرجع سابق، ص108-109.
-[36] د. عبد الله الأشعل “الآثار القانونية والسياسية للرأي الاستشاري حول الجدار العازل” السياسة الدولية، العدد 157، أكتوبر 2004، المجلد 39، ص 130.
-[37] الفقرة 126، ص 61، فتوى الجدار.
-[38] نفس المرجع، الفقرة 124، ص 58-59.
-[39]شادي أحمد المصري،”جدار الفصل العنصري وآثاره الاجتماعية على الشعب الفلسطيني”حالة دراسية “، محافظة الخليل “بالتعاون مع وزارة الإعلام – مكتب الخليل، 2008، ص44-46.
-[40]شادي أحمد المصري، نفس المرجع، ص44-46.
-[41] الفقرة 130، ص 64، فتوى الجدار.
-[42]شادي أحمد المصري، نفس المرجع،ص34.
-[43]شادي أحمد المصري، نفس المرجع، ص30-34.
-[44]د.موسى القدسي الدويك، المرجع السابق، ص336-337.
[45]-آنا سيغال،”العقوباتالإقتصادية: القيود القانونية و السياسية” المجلة الدولية للصليب الأحمر” ، مختارات من أعداد 1999،ص201.
[46]-فرنسوازبوشيهسولينيه ، (ترجمة محمد مسعود)، ” القاموس العملي للقانون الدولي الإنساني” ، دار العلم للملايين ،بيروت، الطبعة الأولى، أكتوبر 2005 ،ص289 -290.
[47]-الفقرة 126، ص61، فتوى الجدار .
-[48]ايمانويلا شيارا جيلارد ، “إصلاح الأضرار الناتجة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني”،المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد2003، ص 104-106.
-[49]ليزبث زيجفلد،”سبل إنصاف ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني،” المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من اعداد2003 ،ص 362.
-[50]لوك والين “ضحايا و شهود الجرائم الدولية ، من الحق في الحماية إلى حق التعبير ” المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد 2003 ، ص 57.
-[51]ذكرت المبادئ الأساسية و المبادئ التوجيهية المتعلقة بحق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000، خمسة أشكال من جبر الضرر هي : رد الحقوق ، و التعويض ، و رد الاعتبار و التراضي و ضمانات لعدم التكرار و ذلك في المبدأ 12 تحديدا : مشار إليه في: ليزبث زيجفلد، مرجح سابق، ص 353 هامش 10.
-[52]أحمد لعروسي،، مرجع سابق، ص150-151.
-[54]ناصر الريس،”اثر الجدار على الظروف المعيشية للفلسطينيين “، مجلة الإنساني خريف 2006، العدد السادس و الثلاثون ، ص22.
-[55]نفس المرجع ، الفقرة 151، 73.
-[56]الفقرة 153، ص 73-74، فتوى الجدار .
-[57] تقرير حول أثر الجدار على الوضع الإنساني، بعد مرور أربع أعوام على صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول الجدار، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وكالة غوث وتشغييل اللاجئين الفلسطينيين، الأمم المتحدة، تموز 2008،ص22.
-[58] تقرير حول أثر الجدار على الوضع الإنساني، المرجع السايق،ص22.
-[59]أحمد لعروسي، مرجع سابق ،ص152-154.
[60] – انظر: فالنتينا أزاروف، “فلسطين في المحكمة؟ التداعيات غير المتوقعة للتقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية”، على الرابط التالي al-shabaka.org/briefs
[61] – انظر: حاتم أبو شعبان” ما هي تبعات انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية؟؟”، على الرابط التالي: samanews.com/ar/post/233097
[62] – فالنتينا أزاروف “فلسطين في المحكمة؟ التداعيات غير المتوقعة للتقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية” ، نفس المرجع
[63] – نفس المرجع
-[64] تعتبر الدعوى التي قدمتها لجنة عربية وبلجيكية في جوان من عام 2001 ضد شارون دليل أكيد ومؤشر قوي على مدى جدية الهيئات الدولية الحكومية وغير الحكومية في ملاحقة هذا الشخص ومعاقبته، وقد استند مقدمو الدعوى إلى مبدأ عالمية الاختصاص الجنائي نص عليه قانون بلجيكي صدر عام 1993 وعدل عام 1999، غير أنه ونتيجة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية تم تعديل هذا القانون وأعلن بمقتضاه القاضي البلجيكي “باتريك كولينيبون” الذي ينظر في الدعوى في 27/ جوان /2002 عدم اختصاص المحكمة بالنظر في الشكوى المقدمة ضد شارون، وعلى الرغم من أن هذا القرار الذي لاقى بعض الانتقادات من منظمات حقوق الإنسان قد يعطل ملاحقة المجرمين لفترة زمنية محددة فإنه لن من العقاب ،أحمد لعروسي، نفس المرجع ص156-157.
[65] –فالنتينا أزاروف، نفس المرجع