
مداخلة رئيس قسم العلوم الإجتماعية بالمركز، د. جمال بلبكاي بالندوة الدولية التي نظمها مختبر العلوم المعرفية بفاس يومي 28/29 مارس 2015 في موضوع : (التعليم والتعلمات المدرسية : الأطر النظرية و آليات التنزيل )
ملخص :
من بين أحد الأهداف الرئيسية للمرحلة الابتدائية تنمية القدرة لدى كل تلميذ على القراءة و التقاط المعنى من المادة المقروءة، ذلك أن القدرة على القراءة والفهم مطلوبة ليس فقط للنجاح في مواد اللغة العربية ، بل لاكتساب المعارف والمعلومات في جميع المواد الدراسية، وفي جميع مراحل العمر.
ولما كانت القراءة تمثل عماد العلم والمعرفة والوسيلة الأساسية للإحاطة بالمعرفة والمعلومات، فقد جاءت عناية المربين بالتركيز على إتقانها منذ بداية الأمر. إذ لا تزال القراءة الصحيحة أنبل الفنون، لأنها استمدت نبلها أولاً وأخيرًا من القرآن الكريم، فقد جاء في قول الله تعالى: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ” الأعراف:الآية 204، ومن دعوته تعالى لرسوله الكريم – معلم البشريّة – :” اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ“. سورة العلق: الآية:1.
وعلى الرغم من أهمية القراءة للمتعلم، فإن الواقع الحالي يؤكد أن مشكلة ضعف التلاميذ فيها، ومعاناتهم من صعوبات تعلمها، وافتقارهم إلى التمكن من مهاراتها في مرحلة التعليم الابتدائي-على وجه الخصوص- مازالت قائمة وذلك ما تؤكده البحوث والدراسات التي أجريت حولها، مثل دراسة كل من:(جليلة الحكيمي،2005)، (محمد الحوامدة،2007) و(محمود العبد الله،2008)،إذ توصلت في مجملها إلى وقوع المتعلمين في أخطاء الإضافة،الحذف، والإبدال، والتـي تعد من مؤشرات صعوبات تعلم القراءة.
وقد تباينت وجهات النظر في توضيح أسباب صعوبات تعلم القراءة لدى المتعلمين، فهناك من يُرجع السبب إلى المنهج الدراسي، وهناك من يُرجعه إلى المعلم وطريقة تدريسه ، حيث تنحصر الجهود المبذولة في درس القراءة على الأداء والشروح اللفظية ، وهناك من يرجع السبب إلى ما آل إليه حال اللغة العربية عموماً من تدهور.
وأيًا ما تكون الحال فإن هذه المشكلة تحتاج إلى بحث ودراسة لتقديم العلاج المناسب لهذه الصعوبات، ولعل الدراسة الحالية تُعد من الدراسات التي تستهدف تحديد صعوبات تعلم القراءة و أسبابها من وجهة نظر معلمي الصف الرابع ابتدائي.
حيث تهدف الدراسة إلى محاولة الكشف عن العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة،وذلك باستخدام المنهج الوصفي.
الكلمات المفتاحية : المرحلة الابتدائية، القراءة ، صعوبات تعلم القراءة.
تمهيد:
يوسم العصر الذي نعيش فيه بأنه عصر العلم والتكنولوجيا، عصر يتميز بالتغيرات السريعة، والتطورات المذهلة في المعرفة العلمية، والتطبيقات والأساليب التكنولوجية،ولقد أصبح فيه العلم بمفهومه الحديث، وطبيعته الديناميكية، مادة وطريقة، أو منهجًا للتفكير.
ولا شك في أن لهذه التغيرات والتطورات انعكاساتها ومطالبها على التربية والتعليم،فالمدرسة اليوم مطالبة، أكثر من أي وقت مضى بأن تبذل كل جهد ممكن لتربية الإنسان القادر على التفكير السليم البناء، المزود بالمعرفة، والمهارات الأساسية، التي تمكنه من تحقيق الملائمة الذكية مع طبيعة عصره، وخصائص البيئة من حوله، وما يطرأ عليها من تغيرات وتطورات سريعة ومتلاحقة .
وتعد اللغة أهم وسيلة لاتصال الفرد بغيره، وعن طريق هذا الاتصال يدرك حاجاته،ويحصل على مآربه، وهي وسيله للتعبير عن المشاعر، وأداة للتفكير.وتعد عمليةالقراءة من أهم التحديات الأساسية التي تعترض المتعلم لدى دخوله المدرسة ولكونها أداة مهمة تساعد الفرد على الاندماج وبشكل أفضل، في المجال التعليمي.
وإضافة إلى ذلك فهي من أهم العمليات الإنسانية الأكثر تركيبا، التي تضمن، بداخلها،عناصر ذهنية إدراكية حسية وحركية.
إن للقراءة أهمية كبيرة، حيث تعد القراءة نافذة الفكر الإنساني، ووسيلته إلى كل أنواع المعرفة المختلفة، وبامتلاكها، يستطيع الفرد أن يجول في المكان والزمان، وهو جالس على كرسيه، فيتعرف أخبار الأوائل وتجاربهم، ويلم بكل ما جاء به أهل زمانه من العلم والمعرفة.
وعلى الرغم من الأهمية البالغة التي تكتسيها عملية القراءة ، فإن مردود تعلمها دون المستوى المنشود، حيث “يعاني المتعلمون في جميع مراحل التعليم وفي المرحلة الابتدائية بشكل خاص من العجز عن القراءة، وعدم إحسان النطق في مخارج أصوات بعض الحروف، وعدم القدرة على تعبيرالمعاني أثناء القراءة…”.
إن البحث الدقيق في هذه الظاهرة ” صعوبات تعلم القراءة “، يجعلنا نكتشف أنها مشكلة معقّدة ومنتشرة انتشارًا واسعًا، فغالبًا ما تشير صعوبات التعلم إلى صعوبة في تعلم مهارات القراءة، وبالتالي يعاني المتعلم من هذه الصعوبة في جميع المواد الدراسية التي تضم في أغلبها عملية القراءة، والتي كانت هي الأساس الذي صنف بموجبه حوالي 85 % في عداد من يعانون من صعوبات التعلم،إذا ما قُورن التركيز على مادة الرياضيات والمواضيع الدراسية الأخرى.
كما أن ملاحظات الواقع المدرسي وشكاوي المعلمين والآباء توحي بأن البعض من تلاميذ المرحلة الابتدائية مازالت قراءاتهم لا ترقى إلى الحد المطلوب للقراءة بسبب ضآلة الحصيلة المعرفية التي يستوعبونها من ناحية ، وبسبب شعورهم بالقلق والتوتر الناشئ من ضعف فهمهم المادة موضوع القراءة من ناحية أخرى،الأمر الذي ينمي لديهم اتجاهات سلبية نحو القراءة.
مشكلة الدراسة :
تتمحور مشكلة الدراسة في الكشف عن العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي – من وجهة نظر المعلمين -.
فرضيات الدراسة :
الفرضية الأولى : تؤثر العوامل المتعلقة بتلاميذ الصف الرابع ابتدائي أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
الفرضية الثانية : تؤثر العوامل المتعلقة بالمعلم أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
الفرضية الثالثة: تؤثر العوامل المتعلقة بمادة القراة أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
حدود الدراسة :
الحدود المكانية: أجريت هذه الدراسة مع معلمي السنة الرابعة من التعليم الابتدائي المنتمين إلى مدارس التعليم الابتدائي ببلدية قسنطينة.
الحدود الزمانية : الفصل الأخير من السنة الدراسية 2013-2014 .
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى :
- محاولة البحث في العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي.
- محاولة الكشف عن العوامل التعليمية المتعلقة بالتلميذ والمعلم والمادة التعليمية ” القراءة “، والتي يفترض أنها تساهم في استمرار صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي.
- محاولة تحديد تلك الصعوبات.
- محاولة لفت الإنتباه لهذه الظاهرة ،والتحسيس بضرورة الاهتمام الجاد بها، حتى لا يتفاقم الوضع التعليمي أكثر مما هو عليه الآن.
أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في:
– تناول هذه الدراسة لصعوبات تعلم القراءة بالشرح والتحليل انطلاقا من كون هذه الصعوبات التي تظهر لدى الطفل في أول مراحله التعليمية يمكن أن تبقى دائمة لديه إذا لم يتم الاهتمام بها، وبالتالي يتعلق نوع الضعف الناتج عن ذلك بالطفل طويلا أو مدى الحياة.
– تبرز أهمية الدراسة من المرحلة العمرية التي تتناولها،وهي المرحلة الابتدائية، حيث يتم في هذه المرحلة بناء الدعامات والقواعد الأساسية التي من خلالها ترسم وتنظم شخصية المتعلم.
– استياء الآباء والمعلمين من المستوى القرائي لأبنائهم ، رغم اجتيازهم لكل المراحل التعليمية اللازمة لاكتساب مبادئ هذه العملية.
– غياب الاهتمام الجاد بهذه الصعوبات ،مما ترتب عليه ظهورها لدى التلاميذ في مستويات تعليمية متقدمة،وغياب البحث الجاد عن أسبابها و العوامل المؤدية لها.
أدبيات الدراسة :
أ- ماهية القراءة وتعليمها :
- مفهوم القراءة:
1.1.المفهوم اللغوي:
أورد الرازي، “2003 “، باب { قَرَأ َ}: قَرَأ َالكتاب قراءة وقُرْآنًا و قَرَأ الشيء قُرْآنًا بالضم جمعه، وضمه ، ومنه سُمّي القرآن لأنه يجمع السور ويضمها (1).
إذن ففعل القراءة في اللغة العربية يجمع بين ضم الحروف إلى بعضها البعض من أجل فهم معناها والتفقه فيه، يلي ذلك التلفظ بها ونطقها.
2.1. المفهوم الاصطلاحي:
عُرّفت عملية القراءة بالعديد من التعاريف، تختلف باختلاف واضعيها شأنها في ذلك شأن العديد من عمليات التعلم والتعليم الأخرى ، وفيما يلي سيتم عرض مجموعة من هذه التعاريف:
– نوربير سيلامي Norbert Sillamy : يعرف القراءة في قاموسه لعلم النفس على أنها: ” نشاط يتم من خلاله معرفة ما يحويه نص مكتوب، وتعلم القراءة يدل على مساعدة المتعلم على فهم ما تعنيه الرموز المكتوبة والمتفق عليها والموضوعة من قبل أفراد المجتمع، هذا التعلم يعتبر من أولى أهداف المدرسة،كما أن المكتسبات الناتجة عنه تساعد في سير سيرورة تنشئته الاجتماعية ، حيث يكون لتلك المكتسبات علاقة وثيقة باللغة الشفوية للطفل قبل التحاقه بالمدرسة”(2).
– “جودمان Goodman ،1995″ :”القراءة هي عملية الحصول على المعنى من المطبوع من خلال استخدام القارئ اللغة بأكملها”(3).
– وحسب عبد الفتاح حافظ فإن القراءة هي:”عملية التعرف على الرموز المكتوبة، والتي تستدعي معاني تكون قد تكونت من خلال الخبرة السابقة للقارئ في صورة مفاهيم،وكذلك إدراك مضمونها الواقعي،إذ يساهم في تحديد مثل هذه المعاني كل من الكاتب والقارئ معًا”(4).
يمكن القول حسب التعريفات السابقة أنه رغم الاختلاف الموجود بين تعاريف القراءة، إلا أن هناك اتفاقا على أن عملية القراءة هي:” محاولة إيجاد الصلة بين اللغة الشفهية والرموز المكتوبة،حيث تتألف لغة الكلام من المعاني والألفاظ التي تؤدي هذه الأخيرة للفهم”.
- أنواع القراءة:
1.2. القراءة الصامتة:هي قراءة ليس فيها صوت ولا همس ولا تحريك لسان أو شفة، يحصل بها القارئ على المعاني والأفكار من خلال انتقال العين فوق الكلمات والجمل دون الاستعانة بعنصر الصوت ،أي أن البصر والعقل هما العنصران الفاعلان في هذه القراءة ،ولذلك تسمى القراءة البصرية ، فهي تعفي القارئ من الانشغال بنطق الكلام، وتوجيه كل اهتماماته إلى فهم ما يقرأ(5).
2.2. القراءة الجهرية: هي نطق الكلمات بصوت مسموع بحسب قواعد اللغة،مع مراعاة صحة النطق وسلامة الكلمات وإخراج الحروف من مخارجها وتمثيل المعنى” (6).
- أهداف تعليم القراءة:
يمكن استخلاص أهم أهداف تعليم القراءة في الصفوف الأولى من مرحلة التعليم الابتدائي فيما يلي :
- اكتساب عادات التعرف البصري على الكلمات، كالتعرف على الكلمة من شكلها، وأيضا من تحليل بنيتها.
– فهم الكلمات، والجمل، والنصوص البسيطة.
– بناء رصيد مناسب من المفردات التي تساعد على فهم القطع التي تمتد إلى عدة فقرات.
– تنمية الرغبة والشوق إلى القراءة والاطلاع، والبحث عن المواد القرائية الجيدة.
– سلامة النطق أثناء القراءة الجهرية ومعرفة الحروف وأصواتها ،مع صحة النطق.
– التدرب على علامات الترقيم ووظيفتها في القراءة.
– توسيع خبرات المتعلمين وإثرائها عن طريق القراءة في المجالات الواسعة المختلفة.
– تكوين عادات القراءة للاستمتاع أو للدراسة أو لحل المشكلات.
– الاستمرار في تنمية القدرات والمهارات مثل السرعة في النظر والاستبصار في القراءة(7).
- أهمية القراءة:
تكمن أهمية عملية القراءة فيما يلي:
- تعمل على زيادة الثروة اللغوية للقراء و المتعلمين.
- تعمل على إشباع حاجات المتعلمين و تحقيق رغباتهم.
تنمي القراءة مهارات التفكير الابتكاري، وتعمل على مواجهة المشكلات التي يعاني منها المتعلمون في ضوء المعطيات المكتسبة (8).
– القراءة أداة معرفية و نشاط ذهني لكشف المكتوب و استنطاقه و تحليله و تفكيك رموزه، و البحث و التأويل، وبذلك تعتبر وسيلة للتزويد بالثقافة والعلوم،وهي حاجة ضرورية لتقدم الشعوب ومقياس لتطورها.
- القراءة وسيلة الفرد لاكتساب المعلومات و المهارات والخبرات المختلفة.
تساعد المتعلم على النجاح في المواد الدراسية، و بدون القراءة لا يتم فهم المواد التعليمية المختلفة(9).
ب. صعوبات تعلم القراءة :
- مفهوم صعوبات تعلم القراءة:
يشتمل مفهوم صعوبات تعلم القراءة على عدة تعاريف يمكن عرضها كالآتي :
- تعريف Borel- Maisonny:” هي عدم القدرة على فك الرموز الكتابية ليتعدى بعد ذلك إلى الكتابة و فهم النصوص و كل الاكتسابات المدرسية الأخرى، وحسب هذه الباحثة فإن الطفل يكتسب القراءة ما بين 5 و8 سنوات”.
– في حين أشار زيدان أحمد السرطاوي إلى أن هذا المفهوم:”مرتبط عادة بتحصيل الطلاب في القراءة، إذ يكون هذا الأخير أقل من مستوى عمرهم العقلي بعام أو أكثر، مع ضعف في الطلاقة، و فهم المادة المقروءة،وضعف في القدرة على تحليل صعوبات الكلمات الجديدة، و ضعف في التهجئة و تحليل الحروف و الكلمات و الأعداد عند القراءة و الكتابة “(10).
- تتمثل صعوبات تعلم القراءة إذن في : “عدم القدرة على تفكيك الرموز الكتابية و تفسيرها،أي عجز الفرد عن فهم ما يقوم بقراءته قراءة صامتة أو جهرية، و أيضا تحديد معانيه و يرتبط ذلك ارتباطا وثيقا بالعمر القرائي الذي يكون متأخرا بسنتين عن العمر الزمني للمتعلم”.
- مؤشرات صعوبات تعلم القراءة:
فيما يلي مجموعة من المؤشرات نستدل من خلالها على وجود صعوبات في تعلم القراءة :
1.2. الإضافة: وهي زيادة يدخلها المتعلم من عنده على النص الأصلي أثناء القراءة، و قد تكون كلمة أو مقطعا أو حرفا.ومثال ذلك إضافة صوتيات غير موجودة في الكلمة مثل “رأيت بدلا من رأت”.
2.2. الحذف : وهو أن يحذف القارئ كلمة بكاملها أو مقطعا من كلمة أو حرفا من النص الأصلي، فلا يقوم بقراءتها و لا ينطق بها خلال عملية القراءة.
3.2. الإبدال : وهو أن يبدل القارئ كلمة أو مقطعا أو حرفا من النص المقرر، بكلمة أو مقطع أو حرف من خارج النص الأصلي(11).
4.2. التكرار: قد يكون سبب ذلك صعوبة الكلمة الموالية في الجملة أو اضطراب في حركة العين، كأن يقرأ المتعلم ” ذهبت للنزهة” فيقوم بتكرار كلمة ” ذهبت”عدة مرات دون إكماله، لعدم قدرته على قراءة كلمة ” نزهة”(12).
- العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة:
تتدخل عوامل مختلفة تقف خلف صعوبات تعلم القراءة، فمنها ما له علاقة بالمعلم، ومنها ما يتصل بالمتعلم في حد ذاته ، و توجد عوامل أخرى تندرج ضمن منهج تدريس مادة القراءة، و في هذا الإطار سيتم التعرض إلى عوامل صعوبات تعلم القراءة على النحو التالي:
1.3. العوامل المتعلقة بالمعلم:
1.1.3. ضعف التكوين: من أسباب ضعف التدريس هو المعلمين المستجدين اللذين ليست لديهم الخبرة الكافية ، أو المعلمين غير المؤهلين أو غير المدربين تدريبا كافيا يمكنهم من فهم نفسية الطفل، ومن مساعدته على تلبية حاجاته وميوله، فتتعثر بذلك العملية التعليمية،وينتج عنها متعلمون ضعاف لا يحسنون القراءة.
2.1.3.مهارة المعلم: على معلم المرحلة الابتدائية أن يتقن المهارات الأساسية في برامج القراءة، وأن يعي المهارات التي يحتاجها المتعلم كخلفية أساسية تساعده في تعلم المهارات الأخرى.كما يجب أن يكون قادرا على تشخيص صعوبات تعلم القراءة ، ويعرف الفروق الفردية بين المتعلمين كي ينوع في أساليب تدريسه، كما عليه أن يكون متمكنا من تدريس المهارات القرائية ويضعها نصب عينيه أهدافا رئيسية يسعى إلى تحقيقها .
3.1.3.موقف المعلم من المتعلم: في المرحلة الابتدائية يكون للطفل إحساس مرهف واستجابة صادقة وسريعة لحوافز المعلم التي تساعده على التغلب على مشكلاته القرائية، ويحاول جادًا بذل جهد كبير لاستيعاب مهارة القراءة بالسرعة الممكنة كي يكسب رضا المعلم.
ومن ثم فعلى هذا الأخير مسؤولية تشجيع المتعلم الذي يبدو عليه عدم القدرة على القراءة، ويدعمه ويشعره بالحب والأمن والاطمئنان مما سيكون له أكبر أثر في مساعدته على التغلب على صعوبات تعلم القراءة لديه(13).
تأسيسًا على ما تم ذكره، يتضح أن صعوبات تعلم القراءة قد ترجع إلى المعلم، خاصة العوامل التي تتعلق بتكوينه، غير أنه لا يعتبر المسئول الوحيد على ذلك، باعتبار العملية التعليمية ناتجة عن تفاعل كل من المعلم والمتعلم والمادة التعليمية.
2.3.العوامل المتعلقة بالمتعلم:
يمكن إجمال العوامل التي تساهم في ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى المتعلمين في مرحلة التعليم الابتدائي في ثلاث أقسام:
1.2.3. العوامل الجسمية:
1.1.2.3. حاسة السمع: أثناء التعلم تصل الأصوات إلى الأطفال المصابين بأمراض سمعية بأسلوب مشوش وبذلك تفقد معناها، كما أن بعض الأطفال ممن فقدوا حاسة السمع يعانون من جميع الجوانب السمعية المتعلقة باللغة والحديث والقراءة (14).
2.1.2.3. حاسة البصر: أوجدت الأبحاث أنه توجد علاقة بين الأمراض البصرية وعدم المقدرة على القراءة، حيث أن الأطفال ضعيفي البصر عندما يبذلون محاولات للقراءة فإنهم يشعرون بالتوتر والقلق والإجهاد، فيتوقفون عن الاستمرار في القراءة بعد فترة قصيرة، بل يرفضون ويمتنعون تماما عن القراءة (15).
3.1.2.3. عيوب النطق: و يمكن أن ترجع هذه العيوب إلى:
– عقدة اللسان: إذ أن اللسان متصل بمؤخرة قاع الفم بمجموعة من الحبال، فإذا كانت هذه الحبال قصيرة أو طويلة أكثر مما ينبغي، فإن ذلك يعيق حركة اللسان، و يتأثر تبعا لذلك نطق بعض الحروف التي تحتاج إلى استعمال طرف اللسان و مقدمته ( ت، د، ط ،…).
– أورام اللسان: إن أي تضخم غير عادي للسان يعيق سهولة حركته و دقتها، و تكون النتيجة عموما هي ضخامة الصوت و خشونته، و عدم وضوحه، و تتأثر تبعا لذلك الحروف التي تحتاج لطرف اللسان في نطقها، حيث يكون من الصعب على الفرد التلفظ بها(16).
2.2.3. العوامل النفسية: و قد جمعها الباحثون في هذا المجال في الجوانب التالية:
- ضعف الاستعداد العقلي للمتعلم في فهمه للمعاني، حيث أن إدراك المعاني و فهمها مرتبط إلى حد كبير بالقدرة العقلية.
- ضعف الانتباه و عدم القدرة على التركيز عند المتعلم عند قراءته للنصوص المكتوبة .
- ظهور بعض السلوكات التي تدل على أن المتعلم قلق و مضطرب عند تواجده بالقسم.
- عدم توفر القدرات التي يجب أن تنمو في الأداء القرائي للمتعلم عند وصوله لنهاية المرحلة الابتدائية.
- هذا علاوة على أن ما يعانيه الطفل من قلق نفسي و حرمان عاطفي و فقدان الثقة بالنفس هي عوامل معرقلة لتعلم القراءة.
3.2.3. العوامل الاجتماعية:
يقصد بها الأجواء التي يعيش فيها المتعلم، خاصة في أسرته أو البيئة التي ينتمي إليها، فهذه البيئة تؤدي إلى عدم إجادة القراءة إذا كانت:
- خالية من المحفزات التي تشجع على المطالعة، كتوفر الكتب و وسائل الاتصال المختلفة من وسائل إعلام، إنترنيت…الخ.
- تدني القدرة الاقتصادية لأسرة المتعلم، وعدم استطاعتها على اقتناء مثل تلك المحفزات.
- عدم اهتمام الأسرة بمستوى التحصيل الدراسي للأبناء، سواء في القراءة أو غيرها من المواد الأخرى.
– ضعف الحصيلة اللغوية للمتعلم، الراجع إلى قلة خبراته و ضعف خلفيته الثقافية (17).
- إذن فهذه بعض المشكلات التي تخص المتعلم- باعتباره محور العملية التعليمية- وتقف حائلاً دون إتقانه لأدائه في القراءة، والتي تعتبر واحدة من العوامل التي تساهم في استمرار صعوبات تعلم القراءة.
3.3. العوامل المتعلقة بمادة القراءة:
هناك مجموعة من العوائق تقف حائلا بين المعلم وبين تحقيقه لبعض أهداف تدريس القراءة، ويمكن إجمال تلك العوائق في الجوانب التالية:جمود منهج مادة القراءة، نقائص كتاب القراءة،غياب الأساليب المقننة للتقييم القرائي (18).
- تشخيص صعوبات تعلم القراءة:
هناك العديد من الطرق والأساليب والاختبارات التي يمكن الاعتماد عليها في التشخيص، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى بعض هذه الأساليب وفق ما يلي:
1.4.الأسلوب غير الرسمي: تمثل الاختبارات غير الرسمية أبسط طرق وأساليب تقويم القراءة بصورة غير رسمية، والتي تعتمد على الملاحظة المباشرة للمتعلم خلال قيامه بالقراءة، للكشف عن مستواه القرائي وقدراته ومهاراته في التعرف على الكلمات.
2.4. الأسلوب الرسمي: تستخدم في هذا النوع من التشخيص اختبارات مقننة ذات معايير مرجعية لتقويم قدرة الطفل الكامنة للقراءة ومستوى التحصيل فيها، ويصنف فتحي الزيات اختبارات القراءة الرسمية إلى:
- الاختبارات المسحية لتحديد المستوى العام للتحصيل القرائي.
- الاختبارات التشخيصية لتوفير معلومات أكثر عمقا عن نواحي القوة والضعف في القراءة لدى المتعلم.
بطاريات الاختبارات الشاملة التي تقيس مختلف المجالات الأكاديمية بما فيها القراءة (19).
- علاج صعوبات تعلم القراءة:
- لكي يمكن علاج صعوبات تعلم القراءة في المرحلة الابتدائية، ينبغي أن يُخصَص للقيام بهذه المهمة معلم كفء في تدريس مادة القراءة، يعرف الطرق المختلفة، وأنواع القراءات المختلفة، ويكون ذا تجربة واسعة في المرحلة الابتدائية .
- أن تُختار للمتعلمين نصوص قصيرة ، بحيث لا تحتوي على كلمات صعبة القراءة، و تكون معاني مفرداتها بسيطة ، ويكون ذلك لمدة شهرين على الأقل، وتكون حصة القراءة كل يوم.
- بعد هذه المدة يشرع المعلم في تقديم نصوص متوسطة من حيث عدد الكلمات والجمل، ومن حيث الصعوبة و يكون مستواها حسب التقدم الذي أحرزه المتعلمون.
- ينبغي أن يركز في مادة القراءة على تعليم آلياتها و مهاراتها الأساسية، فلكي تعالج المشكلة يجب أن تبدأ من جذورها، و من أمثلة المهارات و الآليات التي يركز عليها ما يلي:
- القدرة على تحريك العين في خط مواز للكلام المقروء.
- القدرة على التقليل من الحركات الرجعية للعين.
- القدرة على جعل مدى الإدراك البصري أوسع ما يمكن.
- القدرة على التمييز بين المتشابه و المختلف في الأشكال و الحروف.
- القدرة على التمييز بين الحروف.
- القدرة على التمييز بين أصوات الحروف و الكلمات.
- استخدام علامات الوقف.
- العمل على جعل القراءة خالية من عيوب الكلام: كالإضافة، الحذف، الإبدال، التكرار…الخ.
- السرعة في القراءة، بحيث يتمكن المتعلم من قراءة النص بطريقة صحيحة.
و لن يتسنى له ذلك إلا من خلال المهارات التالية:
- القدرة على فهم الكلمات.
- القدرة على ربط المعاني.
- القدرة على فهم المقروء.
- إمداد الطفل بثروة من المفردات يمكنه أن يدركها بمجرد قراءتها حتى يتمكن من اكتشافها في سياق الجمل و العبارات.
- كتابة جملة واحدة في عبارات مختلفة، كأن تكون جملة اسمية ثم جملة فعلية مثل: الأب في المدرسة، ذهب الأب إلى المدرسة …
- وقد أشار بعض علماء التربية إلى استخدام القراءة الجماعية في المراحل الأولى من الحصص العلاجية، حتى يتعلم الطفل علامات الوقف،وذلك بأن يقرأ المعلم جملة أو مقطعا منها ثم يتبعه المتعلمون، وكلما يخطئ المتعلم في قراءة كلمة إلا و يكتبها المعلم على السبورة بخط واضح و كبير، ويعيد التلميذ قراءتها من أجل إدراك أخطائه وعدم الوقوع فيها مرة أخرى.
على المعلم المكلف بالتعليم العلاجي أن يشجع المتعلمين على القراءات الخارجية، كقراءة القصص مثلا، كما يمكنه أن يتحصل على كتب يوزعها عليهم بصفة دورية،فيقرأونها ويكافئهم حسب ما قدموه من مجهودات(20).
إجراءات الدراسة الميدانية :
منهج الدراسة: لما كان موضوع الدراسة الحالية استقصاء وجهة نظر معلمي الصف الرابع ابتدائي حول العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة، فإن أنسب ما يكون من مناهج البحث هو” المنهج الوصفي”.
أداة الدراسة :
- الاستمارة : تندرج استمارة الدراسة الحالية في السلم الترتيبي، الذي يقوم على ترتيب العبارت بناء على معيار الأفضلية و الأهمية بالنسبة للمبحوثين ، ويكون الترتيب إما تصاعدياً أو تنازلياً ، فهو تكميم عن طريق الترقيم،الذي يعتمد على التحديد النظامي للرتبة.
طبقت الاستمارة على 12 معلماً من معلمي الصف الرابع ابتدائي ، بـ6 مدارس ابتدائية ببلدية قسنطينة.
ضمت الاستمارة ثلاث محاور:
- يتعلق بالعوامل الخاصة بالتلميذ ، والتي تساهم في ظهور صعوبات تعلم القراءة ،ضم 14 عبارةً.
- يتعلق بالعوامل الخاصة بالمعلم ، والتي تساهم في ظهور صعوبات تعلم القراءة ،ضم 16 عبارةً.
- يتعلق بالعوامل الخاصة بمادة القراءة ، والتي تساهم في ظهور صعوبات تعلم القراءة ،ضم 17 عبارةً.
وكانت عباراتها مغلقةً ، والطريقة المقترحة للإجابة هي ترتيب عبارات كل محور حسب أهميتها بالنسبة لمعلمي الصف الرابع ابتدائي من حيث مساهمتها في ظهور صعوبات تعلم القراءى لدى تلاميذهم، وأخيراً ختمت الاستمارة بسؤال عام يرتب المعلمون من خلاله المحاور الثلاثة حسب أهميتها بالنسبة إليهم.
عرض نتائج الدراسة وتفسيرها:
عرض وتفسير النتائج على ضوء الفرضيات :
بعد تفريغ الاستمارات الموزعة على المعلمين لمعرفة وجهة نظرهم حول العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي تم حساب تكرار كل عبارة من عبارات كل محور في كل المراتب ، بعدها حسبت نسبها المئوية، وكذا تحديد ترتيب كل عبارة من عبارات كل محور حسب أعلى نسبة حصلت عليها من ترتيب كل عباراته في تلك المرتبة.
عرض ومناقشة نتائج المحور الأول :
عرض ترتيب المعلمين لعبارات المحور الأول :
الـعـبـارات | المرتبة | التكرار | النسبة المئوية |
|
4 | 8 | 17.02% |
|
2 | 8 | 17.02% |
|
14 | 12 | 25.53% |
4.عدم مساعدة الأسرة للتلميذ في تحضير نصوص القراءة. | 3 | 9 | 19.14% |
5.عدم اهتمام الأسرة بأن يكون أداء أبنائها في القراءة جيداً. | 6 | 10 | 21.27% |
6.اهتمام الأسرة بالقراءة الآلية لأبنائها. | 7 | 8 | 17.02% |
7.غياب الاتصال بين الأسرة و المعلم للاستفسار عن التحصيل القرائي للتلميذ. | 8 | 10 | 21.27% |
8.عدم قدرة التلميذ على التركيز في القسم. | 10 | 7 | 14.89% |
9.عدم قدرة التلميذ على الربط بين دروس القواعد ونصوص القراءة. | 11 | 8 | 17.02% |
10.عدم قدرة التلميذ على استغلال ما فهمه من نصوص القراءة في حياته اليومية. | 9 | 10 | 21.27% |
11.تقصير التلميذ في تحضير دروسه في المنزل. | 1 | 11 | 23.40% |
12.ضآالة المحصول اللغوي للتلميذ في اللغة العربية. | 5 | 7 | 14.89% |
13.استعمال التلميذ للهجة العامية بصفة مفرطة في الوسط المدرسي. | 12 | 9 | 19.14% |
14.افتقار التلميذ للإمكانيات التي تثري قاموسه اللغوي. | 13 | 9 | 19.14% |
جدول رقم (1): يمثل ترتيب معلمي الصف الرابع لعبارات المحور الأول الخاصة بالتلميذ.
يعكس الجدول رقم (1) مدى مساهمة العوامل المتعلقة بالتلميذ في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي من جهة نظر معلميهم.
ويتضح ذلك من خلال ترتيب معلمي الصف الرابع ابتدائي لعبارات هذا المحور حسب أهميتها بالنسبة لهم. فمن العبارات ما رتب في المراتب الأولى ، التي اعتبرها المعلمون العوامل الأكثر تأثيرًا في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة ، في حين يلاحظ أنه توجد عبارات قد رتبت في المراتب الأخيرة ، الأمر الذي يعني قلة أهميتها للمعلمين من حيث مساهمتها في ظهور الظاهرة، وبناءً على ذلك سيتم التركيز على العبارات السبع الأولى في تفسير النتائج.
فمن خلال النتائج الموضحة في الجدول يلاحظ أن المرتبة الأولى حازت عليها العبارة رقم (11) ” تقصير التلميذ في تحضير دروسه في المنزل”، حيث رتبها المعلمين في هذه المرتبة بنسبة 23.40 %، وهي أكبر نسبة في ترتيب عبارات هذا المحور في المرتبة الأولى، تليها العبارة رقم(2) والتي صيغت على المنوال التالي “عدم توفير الأسرة القصص التي تحفز التلميذ على المطالعة” في المترتبة الثانية بنسبة 17.02%، في حين عادت المرتبة الثالثة للعبارة رقم (4) “عدم مساعدة الأسرة التلميذ في تحضير نصوص القراءة ” بنسبة 19.14% ، أما المرتبة الرابعة فنالتها العبارة رقم (1) “عدم تشجيع الأسرة التلميذ على المطالعة في المنزل” بنسبة 17.02%،فالعبارات الثلاث تصب في قالب واحد هو كيفية مساهمة الأسرة في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى أبناءها، خاصة من حيث مدى مساعدتها إياهم على تحسين أدائهم القرائي ، سواءً كانت تلك المساعدات معنوية فقد تكون بمساعدتهم في تحضير النصوص أو مادية بتوفير الوسائل المحفزة على المطالعة من كتب ومجلات وقصص.
وقد عادت المرتبة الخامسة للعبارة رقم(12) ” ضآلة المحصول اللغوي في اللغة العربية” حيث رتبها المعلمون في هذه المرتبة بنسبة 14.89% ، وهي أكبر نسبة نالتها هذه العبارة في نسب ترتيب كل عبارات المحور في المرتبة الخامسة .
أما المرتبة السادسة والسابعة فقد حصلت عليها العبارة رقم(5) والعبارة رقم(6) على التوالي “عدم اهتمام الأسرة بأن يكون أداء ولدها في القراءة جيد ، “اهتمام الأسرة بالقراءة الآلية لأبنائها” بنسبة 21.27 %للأولى و17.02% للثانية،فكلا العبارتين يركز على اهتمام الأسرة بالأداء الجيد لأبنائها في القراءة وتأثيرها السلبي في حالة غيابه.
أما فيما يتعلق بالعبارات السبع الباقية من المحور الأول ، فقد رتبها المعلمون في المراتب الأخيرة، حيث اعتبروها أقل مساهمةً في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي مقارنة بالعبارات الأولى ،حين نجد أن المرتبة الثامنة والتاسعة عادتا للعبارة رقم(7) “غياب الاتصال بين الأسرة والمعلم للاستفسار عن تحصيل القرائي للتلميذ” والعبارة رقم(10) “عدم قدرة التلميذ على استغلال مافهمه من نصوص القراءة في حياته اليومية” على التوالي، والمرتبة العاشرة تحصلت عليها العبارة رقم(8) “عدم قدرة التلميذ على التركيز في القسم”.
أما المراتب الأربعة الأخيرة فعادت إلى العبارة رقم(9) ” عم قدرة التلميذ على الربط بين دروس القواعد و نصوص القراءة ” في المرتبة الحادية عشرة ، و العبارة رقم (13) ” استعمال التلميذ للهجة العامية بصفة مفرطة في الوسط المدرسي ” في المرتبة الثانية عشرة ، و العبارة (14) ” افتقار التلميذ للإمكانيات التي تثيري قاموسه اللغوي” في المرتبة الثالثة عشرة ، في حين عادت المرتبة الأخيرة الرابعة عشرة للعبارة رقم (3) ” الاستعمال المفرط لأسرة التلميذ للغة أجنبية بدلاً من اللغة العربية ” بنسبة 25.53 % و هي أكبر نسبة في ترتيب كل عبارات المحور الأول في هذه الرتبة .
تفسير نتائج المحور الأول على ضوء الفرضية الأولى:
الفرضية الأولى : تؤثر العوامل المتعلقة بتلاميذ الصف الرابع ابتدائي أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
الفرضيات الجزئية :
- يؤثر عدم اهتمام الأسرة بالأداء القرائي للتلاميذ أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة.
- يؤثر عدم نمو القدرات القرائية لتلاميذ الصف الرابع ابتدائي أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة.
تجدر الإشارة إلى أن عبارات كل محور مقسمة حسب الفرضيات الجزئية التي يعكسها محتوى كل محور، حيث أن الفرضيات الجزئية تكمل كل واحدة منها الأخرى، فإن العبارات السبع الأولى تدل على الفرضية الجزئية الأولى ، والعبارات السبعة الأخيرة تدل على الفرضية الجزئية الثانية ،و سيتم التركيز على المراتب السبعة الأولى في تفسير النتائج .
وبناء على الترتيب المحصل عليه في الجدول رقم(1)، يبين أن ترتيب المعلمين لعبارات المحور الأول و المتعلق بالعوامل الخاصة بتلميذ الصف الرابع ابتدائي و مساهمتها في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة لديه ،تأرجح بين الفرضيتين الجزئيتين ، حيث أن المرتبة الأولى عادت للعبارة رقم (11) و التي تنتمي إلى العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الثانية ، في حين المرتبة الثانية و الثالثة و الرابعة عادت إلى العبارات رقم (2) (4) (1) التي تنتمي إلى العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الأولى، و المرتبة الخامسة عادت إلى العبارة رقم (12) التي تدل على الفرضية الجزئية، أما المرتبة السادسة و السابعة فعادت إلى العبارة رقم (5) و(6) الدالة على الفرضية الجزئية الأولى.و عليه يمكن القول أنه من بين السبع مراتب الأولى حازت العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الأولى على خمسة مراتب من مجموع سبعة، في حين الفرضية الجزئية الثانية بعباراتها السبعة لم تحصل سوى على مرتبتين من بين السبعة الأولى.
تأسيسًا على ذلك يمكن القول أن نتائج الترتيب الخاصة بالمحور الأول الذي يعكس الفرضية الأولى، والتي تشمل على فرضيتين جزئيتين، يرجح تحقق الفرضية الأولى، المصاغة في الصياغة التالية “يؤثر عدم اهتمام الأسرة بالأداء القرائي للتلاميذ أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة”.
تفسير النتائج على ضوء تحقق الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الأولى :
يمكن تفسير ترتيب المعلمين لعبارات المحور الأول من عدة زوايا ، فنتائج هذا الترتيب الذي يعكس أهمية بعض العوامل المتعلقة بالتلميذ الذي يعتبر طرف مهم في العملية التعليمية ، و التي تسهم في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة، سواء كانت تلك العوامل متعلقةً بقدراته القرائية أو بمحيطه الأسري خاصة غياب الأسرة بالتحصيل القرائي لأبنائها،و قد جاءت متوافقة و نتائج بعض الدراسات المهتمة بصعوبات تعلم القراءة.
فهذه الصعوبات ليست بمحض الصدفة، بل هي نتاج حدوث خلل ما في عملية تعليم و تعليم القراة ، خاصة إذا استمر ظهور تلك الصعوبات التي من المفترض أن تظهر في الأداء القرائي للتلاميذ حديثي العهد بتعلم القراءة وليس في أداء تلاميذ الصفوف المتقدمة من التعليم الابتدائي. فتعلم القرة لايبدأ مع التحاق التلميذ بالمدرسة بل يسبق إلى ما قبل ذلك،وهذا ما تؤكده الكثير من الدرسات المهتمة بدراسة الاستعداد لتعليم القراءة ، حيث تؤكد على دور الأسرة من كل الجوانب سواء كان الجانب الجسمي أو الانفعالي أو التربوي أو العقلي لما تكتسيه الأسرة من أهمية في ذلك.
و قد أكدت بعض الدراسات أن الأسرة من بين العوامل التي تساهم في وجود صعوبات تعلم القراءة لدى التلاميذ ،خاصة في حالة عدم توفيرها الاهتمام الكافي لأبنائها. ومن بين تلك الدراسات نتائج دراسة ” رابح بوحوش ” بعنوان : “اللسانيات التربوية في دراسة الأخطاء اللغوية للطلاب”و التي أكد فيها على التأثير السلبي للمحيط الأسري على أداء التلميذ للقراءة ، خاصة من حيث ازدواجية اللغة و التداخل بين العامية و اللغة الأم .
و نتائج الدراسة التي قام بها ” ستيف دوتي “( S.Dowdy)” و” كرستوفر روم ” (C.Rome)، اللذان أكدا في دراساتهما على التأثير السلبي لعمل المرأة على تحصيل أبناءها في القراءة و الرياضيات ، و ذلك بناء على مكانة الأم في الأسرة و دورها في تحفيز و ترغيب و دفع أبنائها إلى التحصيل الدراسي بصفة عامة و التحصيل القرائي بصفة خاصة، وبالأخص دورها في مرحلة الاستعداد لتعلم مبادئ القراءة ، فإذا غاب هذا الاهتمام سواء من الأم أو الأب، قد يظهر تأثيره السلبي على مستوى الأداء القرائي للطفل في المراحل المتقدمة من التعليم كما قد يؤثر على نمو بعض القدرات القرائية الضرورية لسير عميلة القراءة من قدرة على التعرف و الفهم و التركيز و غيرها من القدرات القرائية .
- يتضح أن كل من العوامل المتعلقة باهتمام الأسرة بالأداء القرائي لأبنائها ونمو قدرات التلميذ القرائية مترابط بصفة متكاملة فالأول يؤثر في الثاني،وما ترتيب المعلمين لعبارات المحور الأول إلا دليل على ذلك.
عرض ومناقشة نتائج المحور الثاني:
عرض ترتيب المعلمين لعبارات المحور الثاني :
الـعـبـارات | المرتبة | التكرار | النسبة المئوية |
1.عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءته بليغة. | 9 | 8 | 17.02% |
|
2 | 7 | 14.89% |
3.عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءته سليمة. | 3 | 7 | 14.89% |
4.غياب عنصر التتنويع في الوتيرة الصوتية للمعلم بما تتطلبه قراءة كل نص. | 6 | 9 | 19.14% |
5.استعمال المعلم للهجة العامية في شرح النصوص المقروءة. | 5 | 8 | 17.02% |
6.عدم إدراك المعلم لأهمية القراءة في التحصيل الدراسي للتلميذ. | 12 | 7 | 14.89% |
7.نقص الطلاقة اللغوية للملعم. | 4 | 8 | 17.02% |
8.عدم اهتمام المعلم بتعليم تلاميذه دور علامات الوقف في إيضاح معاني المادة المقروءة. | 10 | 9 | 19.14% |
|
15 | 7 | 14.89% |
10.عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءة التلميذ للنص مبنيةً على الفهم. | 7 | 9 | 19.14% |
11.عدم تعويد المعلم تلاميذه الربط بين المواد التعليمية التي لها علاقة بمادة القراءة. | 1 | 8 | 17.02% |
12.عدم اهتمام المعلم بتحسين أداء تلاميذه في القراءة. | 11 | 12 | 25.50% |
13.عدم تصنيف المعلم للأخطاء القرائية لتلاميذه. | 8 | 7 | 14.89% |
14.اعتماد المعلم أسلوب غير سليم في تصحيح أخطاء التلاميذ في القراءة. | 13 | 7 | 14.89% |
15.اعتماد المعلم على التقييم الكمي أكثر من النوعي في تقييم الأداء القرائي. | 14 | 8 | 17.02% |
16.عدم اعتماد المعلم أساليب مققنة لتقييم قراءة تلاميذه. | 16 | 10 | 21.20% |
جدول رقم (2): يمثل ترتيب معلمي الصف الرابع لعبارات المحور الثاني الخاصة بالمعلم.
يعكس الجدول مدى مساهمة العوامل المتعلقة بالمعلم في استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي ،والذي يتضح من خلال ترتيب المعليمن لعبارات هذا المحور حسب أهميتها بالنسبة لهم، حيث يلاحظ من الجدول أن:
المرتبة الأولى بنسبة 17.02%، وهي أكبر نسبة في ترتيب عبارات هذا المحور في هذه المرتبة،أما المرتبة الثانية والثالثة فنالتها العبارة رقم (2) والعبارة رقم (3) على التوالي، “عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءته معبرة”، “عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءته سليمة” بنسبة 14.89%، تليها العبارة رقم (7)” نقص الطلاقة اللغوية للمعلم” في المرتبة الرابعة بنسبة 17.02% وهي أكبر نسبة في ترتيب كل عبارات هذا المحور في الرتبة الرابعة، في حين عادت المرتبة الخامسة للعبارة رقم (5) “استعمال المعلم للهجة العامية في شرح النصوص المقروءة”، حيث رتبها المعلمون في هذه المرتبة بنسبة 17.02%، أعقبتها العبارة رقم (4) في المرتبة السادسة ” غياب عنصر التنويع في الوتيرة الصوتية للمعلم بما تتطلبه قراءة كل نص”، بنسبة 19.14%، أما المرتبة السابعة عادت إلى العبارة رقم (10)” عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءة تلاميذه للنص مبنية على الفهم” بنسبة 19.14%،والمرتبة الثامنة إلى العبارة رقم (13)”عدم تصنيف المعلم الأخطاء القرائية لتلاميذه”، بنسبة 14.89%، هذا فيما يتعلق بالمراتب الثمانية الأولى التي تم تركيز المعلمين عليها والمتعلقة بدور المعلم .
أما فيما يتعلق بالمراتب الثمانية الأخيرة لهذا المحور فقد عادت:
المرتبة التاسعة للعبارة رقم (1) ” عدم اهتمام المعلم بأن تكون قراءته بليغة”، بنسبة 17.02%.
المرتبة العاشرة للعبارة رقم (8) “عدم اهتمام معلم الطور الأول تعليم تلاميذه دور علامات الوقف في إيضاح معاني المادة المقروءة” بنسبة 19.14%.
المرتبة الثانية عشر للعبارة رقم (6)” عدم إدراك المعلم لأهمية القراءة في التحصيل الدراسي للتلميذ” بنسبة 14.89%،المرتبة الثالثة عشر للعبارة رقم (14) “اعتماد المعلم أسلوب غير سليم في تصحيح أخطاء التلاميذ في القراءة” بنسبة 14.89%.
المرتبة الرابعة عشر للعبارة رقم (15) “اعتماد المعلم على التقييم الكمي أكثر من النوعي في تقييم الأداء القرائي” بنسبة 17.02%،المرتبة الخامسة عشر للعبارة رقم (9) “محدودية معلومات المعلم حول مختلف أساليب تدريس القراءة ” بنسبة14.89%،في حين عادت المرتبة السادسة عشر والأخيرة إلى العبارة رقم (16)” عدم اعتماد المعلم أساليب مقننة لتقويم قراءة تلاميذه” بنسبة 21.23%، وكل هذه النسب تعتبر أعلى نسب نالتها العبارات المذكورة آنفاً في ترتيب كل عبارات هذا المحور في المراتب الثمانية الأخيرة.
تفسير نتائج المحور الثاني على ضوء الفرضية الثانية:
الفرضية الثانية:
تؤثر العوامل المتعلقة بالمعلم أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
الفرضيات الجزئية:
أ) يؤثر أسلوب أداء المعلم للقراءة النموذجية أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
ب) تؤثر طريقة تصحيح المعلم أخطاء تلاميذه أكثر على استمرار ظهور ظهور صعوبات تعلم القراءة .
كما تمت الإشارة سابقاً إلى أن عبارات كل محور مقسمة حسب الفرضيات الجزئية للفرضية العامة التي يعكسها محتوى كل محور، بحيث تكمل كل فرضية جزئية الفرضية الجزئية الأخرى، وعليه فإن عبارات هذا المحور البالغ عددها ستة عشر عبارة ماهي إلا مؤشرات للفرضيتين الجزئيتين اللتان توضحان الفرضية الثانية المبينة أعلاه، وعليه فإن العبارات المحصورة بين العبارة رقم (1) والعبارة رقم (12) تعكس الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الثانية، وباقي العبارات أي من العبارة رقم(13) إلى العبارة رقم (16) تعكس الفرضية الجزئية الثانية للفرضية. وسيتم التركيز في تفسير النتائج على المراتب الثمانية الأولى.
من خلال ترتيب المعلمين لعبارات المحور الثاني والمتعلقة بالعوامل الخاصة بالمعلم ، يتضح أنهم ركزوا على بعض العبارات، هذا التركيز يتضح من خلال ترتيبها في المراتب الثمانية الأولى، ورتبوا بقية العبارات في المراتب الأخيرة، وذلك تبعاً لأهميتها بالنسبة لهم من حيث مساهمتهم في تشكل الظاهرة موضوع الدراسة.
والملاحظ من خلال الجدول أن جل المراتب الثمانية الأولى نالتها معظم العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الأولى، في حين المراتب الثمانية الأخيرة نالتها العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الثانية ماعدا العبارة رقم (1) و(8) و(9).
وعليه فإن ترتيب المعلمين لعبارات هذا المحور حسب مبدأ الأهمية من وجهة نظرهم فيما يتعلق بالعوامل الأكثر تأثيراً على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة والمتعلقة بالمعلم تدعم الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الثانية والمصاغة في الصياغة التالية:” تؤثر العوامل المتعلقة بالمعلم أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة”.
تفسير النتائج على ضوء تحقق الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الثانية:
بناءً على ما تم التوصل إليه من ترتيب لعبارات المحور الثاني في المراتب الأولى يتضح أن المعلمين أكثر ما ركزوا عليه هو قراءة المعلم النموذجية وكل ماله علاقة بها من طريقة تدريس القراءة أو أسلوب أدائها، فالعبارة التي نالت المرتبة الأولى تدل على أن مادة القراءة على قدر كبير من الأهمية في التحصيل الدراسي للتلميذ، حيث أنها تعتبر محورًا لباقي المواد التعليمية، فإذا ما فقد عنصر تدريب المعلم تلاميذه على الربط بين تلك المواد ومادة القراءة منذ المراحل الأولى، اعتبر واحد من العوامل التي تسهم في استمرار ظهور أخطاء من المرجح أنها لا تختفي في قراءة تلميذ الصف الرابع من التعليم الابتدائي.
كما أن اهتمامه بأن تكون قراءته للنصوص قراءة سليمة يعطي فيها كل حرف حقه من النطق وقراءة بليغة يحترم فيها علامات الوقف ومعبرة ينوع فيها بما يتوافق وطبيعة النصوص المقروءة كلها مواصفات إذا ما غابت في قراءته اعتبرت عاملاً مهماً من العوامل المؤدية إلى استمرار وقوع التلاميذ في الأخطاء أثناء قراءتهم، ومرد ذلك هو أن تلاميذ هذه المرحلة يحذون حذو معلمهم في معظم سلوكاته، باعتباره القدوة التي يقتدي به التلاميذ في القسم، من بينها أدائه في القراءة، فإذا ما عمل المعلم على أن يصبغ قراءته بالسمات السالفة الذكر، قد يقلل ذلك من نسبة وقوع تلاميذه في تلك الصعوبات، كما أن غياب هذه المواصفات قد يدل على أن المعلم ليس على القدر اللازم توفره من الطلاقة اللغوية، وليس على دراية كافية بطرائق تدريس القراءة.
ونتائج هذا الترتيب جاءت متوافقة مع نتائج بعض الدراسات المهتمة بدراسة صعوبات تعلم القراءة، فنتائج دراسة “علي تعوينات” تؤكد أنه من بين العوامل المؤدية إلى التخلف الدراسي في اللغة عند تلاميذ السنة التاسعة من التعليم الأساسي هو اعتماد الأستاذ على الأسلوب ذاته في تقديم النصوص المقروءة، والذي قد يدل على على عدم تحكمه في طرائق وأساليب تدريس القراءة.
وكذا نتائج دراسة ” رابح بوحوش” التي أكد من خلالها أن ازدواج لغة التدريس وتداخلها مع اللهجة ولغة أجنبية أخرى، يؤدي إلى نفور التلاميذ من الدراسة، باعتبار الفصاحة اللغوية واحدة من أساسيات التدريس التي من الضروري توفرها عند المعلم.
من هنا يتضح أنه بالرغم من أن المعلمين قد رتبوا العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الثانية في المراتب الأولى، واعتبروها أكثر العوامل تأثيراً في استمرار تشكل صعوبات تعلم القراءة إلا أنه يتضح مرة أخرى أن كل من الفرضيتين الجزئيتين مكملة للأخرى فالعوامل المتعلقة بأسلوب أداء المعلم للقراءة النموذجية وطريقة تصحيح أخطاء تلاميذه فيها على درجة من التكامل، فكلاهما له علاقة بالتأهيل اللغوي للمعلم، حيث أنه إذا قل ذلك التأهيل أثر- ليس فقط-على أسلوب أدائه للقراءة النموذجية بل يتجاوزه إلى تصحيحه أخطاء تلاميذه في القراءة، فإذا لم يكن المعلم على قدر كافٍ من التحكم في أساسيات تدريس القراءة و أدائه لها ،فإنه قد يكون من الصع عليه التحكم في أساليب تقديم قراءة تلاميذه خاصةً ما يتعلق منها بالاختبارات الخاصة بتقييم القراءة فكلا الجانبين على علاقة بمستوى تكوين المعلم باعتباره أكثر الفاعلين في العملية التعليمية.
عرض ومناقشة نتائج المحور الثالث :
عرض نتائج ترتيب المعلمين لعبارات المحور الثالث:
الـعـبـارات | المرتبة | التكرار | النسبة المئوية |
|
1 | 11 | 23.40 % |
|
2 | 8 | %17 .02 |
|
3 | 7 | %14.89 |
|
4 | 10 | %21.27 |
|
5 | 9 | %21.27 |
|
6 | 10 | %21.27 |
|
7 | 9 | %21.27 |
|
9 | 5 | 10.67% |
|
8 | 10 | 21.27 |
|
10 | 8 | %17 .02 |
|
11 | 6 | 12.76% |
|
12 | 5 | 10.67 % |
|
13 | 7 | %14.89 |
|
17 | 7 | %14.89 |
|
16 | 9 | %14.89 |
|
14 | 7 | %14.89 |
|
15 | 11 | 23.40% |
جدول رقم (3): يمثل ترتيب معلمي الصف الرابع لعبارات المحور الثاني الخاصة بمادة القراءة.
من خلال الجدول رقم (3): يتبين كيف للعوامل الخاصة بمادة القراءة أن تساهم في استمرار ظهور صعوبات القراءة لدى تلاميذ الصف الرابع ابتدائي ، وذلك وفقًا لترتيب المعلمين لعبارات المحور الثالث حسب أهميتها بالنسبة اليهم ، ومن الوهلة الأولى يتضح أن من العبارات ما رتب في المراتب الثمانية الأولى ومنها ما رتب في المراتب الأخيرة فيلاحظ أن :
العبارة رقم (1):” فرض أغلبية نصوص كتاب القراءة من الوزارة الوصية ” قد تصدرت المرتبة الأولى بنسبة 23.40% وهي أعلى نسبة في ترتيب كل عبارات المحور الثالث في المرتبة الأولى، تليها العبارة رقم (3) “البعض من نصوص كتاب القراءة لا تندرج في اهتمامات التلميذ” في المرتبة الثانية بنسبة 14.89 % أما المرتبة الثالثة فقد عادت للعبارة رقم (2)”البعض من نصوص كتاب القراءة لا تراعي خصائص نمو التلميذ” بنسبة 17.02%عقبتها العبارة رقم (4) “البعض من نصوص كتاب القراءة لا تنمي خيال التلميذ ” في المرتبة الرابعة بـ 21.27%في حين احتلت العبارة رقم (5) “البعض من نصوص كتاب القراءة لا تعكس واقع التلميذ” المرتبة الخامسة بنسبة 19.14% والعبارة رقم (6) “عدم تجديد مضمون كتاب القراءة” احتلت المرتبة السادسة 21.27% ، أما المرتبة السابعة والمرتبة الثامنة فعادتا للعبارة رقم (7) نفور التلاميذ من النصوص الجافة التي يحويها الكتاب والعبارة رقم (9)”غياب عنصر التشويق في نصوص كتاب القراءة من حيث نوعية صورها” على التوالي، بنسبة قدرت ب 19.14% للأولى و21.27% للثانية .
أما فيما يخص باقي عبارات هذا المحور والتي تحصلت على المراتب الأخيرة ويتبين أنها أقل أهمية في التأثير على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة مقارنة بالأولى ،حيث أن العبارة رقم (8) “شكل الكتاب لا يشجع التلميذ على قراءة نصوصه” احتلت المرتبة التاسعة بنسبة قدرت ب 10.63% وهي أعلى نسبة تلي نسبة ترتيب العبارات (9،7،2) في هذه الرتبة، وبما أن العبارات كانت نسبتها في مراتب أخرى أعلى من نسبتها في المرتبة التاسعة فقد كانت هاته الاخيرة للعبارة رقم (8).
في حين عادت المرتبة العاشرة للعبارة رقم عشرة (10) “كثافة نصوص الكتاب لا تتناسق والحجم الساعي المخصص لها”بنسبة 17.02%، المرتبة الحادية عشر للعبارة رقم (11)”الوقت المحدد لحصص القراءة لا يكفي لتصحيح أخطاء التلاميذ فيها”بنسبة 12.76%، والعبارة رقم (12) “ضيق الوقت المحدد لأنواع حصص القراءة لا يتناسب وشرح كل ما هو غامض من النص المقروء” بـ 10.63% والمرتبة الثالثة عشر للعبارة رقم (13) كثافة نصوص القراءة يدفع المعلم إلى استغلال حصص المطالعة الحرة من أجل اتمامها “بنسبة قدرت بـ 14.89%، وأغلب تلك النسب تمثل أعلى نسبة في ترتيب عبارة هذا المحور في تلك المراتب. كما أنها تتجه في سياق واحد، يتجلى في كيف لكثافة نصوص القراءة أن تؤدي إلى استمرار ظهور صعوبات القراءة، في المقابل نالت العبارة (16)”احتواء مذكرات الدرس الواحد على الكثير من المراحل” المرتبة الرابعة عشر بنسبة 14.89% .
و المرتبة الخامسة عشر نالتها العبارة رقم (17)” احتواء مذكرات الدرس الواحد لحصة القراءة على الكثير من الأهداف” بنسبة 23.40% ، أما المرتبتين الأخيرتين فقد عادتا للعبارة رقم (15) تقيد المعلم بالمذكرات الجاهزة المفروضة من الوزارة الوصية ” بنسبة 19.14 % في المرتبة السادسة عشر و العبارة رقم (14) “الطريقة المعتمدة في اقتباس نصوص كتاب القراءة” بنسبة 14.89 في المرتبة السابعة عشر.
تفسير نتائج المحور الثالث على ضوء الفرضية الثالثة:
الفرضية الثالثة:
تؤثر العوامل المتعلقة بمادة القراة أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
الفرضيات الجزئية :
- يؤثر محتوى نصوص كتاب القراءة للصف الرابع ابتدائي أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة.
- تؤثر مذكرات دروس القراءة للصف الرابع ابتدائي أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة.
يتكون هذا المحور من 17 عبارة، مقسمة إلى مجموعة من المؤشرات يستدل بهما على الفرضيتين الجزئيتين الخاصتين بالفرضية الثالثة، حيث أن العبارات الممتدة من 1 إلى غاية العبارة رقم 14 تخدم الفرضية الجزئية الأولى وباقي العبارات تعكس الفرضية الجزئية الثانية، وسيتم التركيز في تفسير النتائج على المراتب الثمانية الأولى.
من خلال ترتيب معلمي الصف الرابع لعبارات المحو الثالث يتضح أنهم ركزواعلى بعض العبارات، هذا التركيز يظهر من خلال ترتيبها في المراتب الثمانية الأولى، ورتبوا بقية العبارات في المراتب الأخيرة، وذلك تبعا لأهميتها بالنسبة لهم من حيث مساهمتها في تشكل الظاهرة موضوع الدراسة.
والملاحظ من خلال الجدول رقم (3) أن كل المراتب الثمانية الأولى نالتها العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الأولى، في حين المراتب التسعة الأخيرة نالتها العبارات الدالة على الفرضية الجزئية الثانية وبعض عبارات المجموعة الأولى.
وعليه فان ترتيب المعلمين لعبارات هذا المحور حسب مبدأ الاهمية من وجهة نظرهم فيما يتعلق بالعوامل الأكثر تأثيرا على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة، والمتعلقة بمادة القراءة تدعم الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الثالثة والمصاغة في الصياغة التالية : تؤثر العوامل المتعلقة بمادة القراة أكثر على استمرار ظهور صعوبات تعلم القراءة .
تفسير النتائج في ضوء الفرضية الجزئية الأولى للفرضية الثالثة :
بناء على ما تم التوصل إليه من ترتيب المعلمين لعبارات المحور الثالث خاصة ما تعلق منه بفرض نصوص القراءة من الوزارة الوصية وكذا ما تعلق بنقائص بعض نصوصه، على وجه التحديد تلك التي لا يراعى فيها خصائص وميول واهتمامات التلميذ و التي لا تعكس واقعه، تلك النقائص التي اعتبرها المعلمون العوامل الأكثر مساهمة في استمرار تشكل الصعوبات، جاءت متوافقة مع نتائج دراسات مشابهة أجريت في المجال ذاته من بينها دراسة عبد الرحمن بريكة ،حيث توصل من خلال تحليله لبعض نصوص كتاب القراءة للطور الثاني من التعليم الأساسي بالجزائر، إلى أنه توجد بعض النقائص تؤدي إلى نفور التلاميذ من قراءتها.
بالإضافة إلى ذلك من بين النتائج التي توصل إليها رابح بوحوش في دراسته أن مناهج التدريس لا تراعي اهتمامات وميول المتعلمين ولا تلبي حاجاتهم العلمية و لا تبني شخصيتهم الجزائرية.
ودراسة رشيد مرجانة التي توصل من خلالها إلى عدم مراعاة خصائص واحتياجات المتعلمين عند وضع نصوص القراءة ،كما يضيف علي تعوينات من خلال دراسته التي أجراها على تلاميذ السنة التاسعة من التعليم الاساسي، أن النصوص المقدمة للتلاميذ تعاني من التقطع حيث تجعل لكل جملة فكرة، الأمر الذي يؤدي إلى الإخلال بالوحدة العضوية للنصوص، والذي يترتب عليه عدم فهمه لمعاني المادة المقروءة.
وبالرغم من أن المعلمين لم يولوا الاهتمام نفسه بعامل المذكرات حسب ما جاء في ترتيبهم لعبارات هذا المحور إلا أن هذا لا ينفي دورها في تشكيل صعوبات القراءة حتى لو تم ذلك بطريقة غير مباشرة، فكثرة مراحل الدرس الواحد وكثرة الأهداف المسطرة فيه مقارنة بكثافة نصوص كتاب القراءة وتقليص الحصص المخصصة لها، كلها عوامل تندرج في ما يسمى بالمذكرات، فطبيعة هذه الأخيرة تؤدي بالمعلم إلى الاهتمام بإتمامها على العمل على تحقيقها في الأداء القرائي للتلاميذ فيه، كما أنها قد تؤدي بالمعلم إلى تقديمها بأقل دافعية.
لذلك من الضروري مراعاة مجموعة من المعايير اللازم توافرها في عملية تجديد محتوى الكتاب المدرسي أهمها خصائص وميول واهتمامات وحاجات التلاميذ ،وكذا العمل على التوفيق بين الحجم الساعي المخصص لتقديم تلك النصوص وطبيعة كل حصة من حصص القراءة .
خـاتمة :
من خلال ما ورد في هذه الدراسة والتي هدفت إلى معرفة العوامل المساهمة في ظهور صعوبات تعلم القراءة، يرى الباحث أنها قد ترجع إلى المعلم وضعف إعداده الأكاديمي والمهني أو لديه عيوب في النطق ، ومنها ما يرجع إلى المتعلم ، ومنها ما يتصل بالكتاب المدرسي من حيث سوء الإخراج الفني للكتاب، الطباعة، الورق، الغلاف أو المحتوى…الخ. أو من الأسرة والبيئة التي يعيش فيها المتعلم، كذلك عدم العناية بتشجيع المتعلمين على القراءة الحرة والمطالعة، وغير ذلك من الأمور التي تمثل حاجزًا يحول بين الطفل وبين تقدمه ونجاحه.
التوصيات والبحوث المقترحة :
أولاً : التوصيات :
- زيادة الاهتمام بتدريس القراءة الجهرية في المرحلة الابتدائية، وزيادة الوقت للقراءة الجهرية، وتعويد المتعلمين على الجرأة في ممارسة القراءة .
- الاهتمام بتدريب معلمي المرحلة الابتدائية وإعدادهم على تشخيص صعوبات تعلم القراءة ومحاولة معالجتها.
- إعادة النظر في مناهج اللغة العربية بالصفوف الابتدائية الأولى ولا سيما منهاج (القراءة).
- إلزام معلمي المرحلة الابتدائية باستخدام اللغة العربية الفصحى عند مخاطبة المتعلمين داخل الصف في جميع المواد الدراسية .
- الكشف المبكر عن ضعف المتعلمين في القراءة والعمل جدياً على تحديد الصعوبات التي تواجههم ومحاولة وضع خطط علاجية لهذه الغاية .
- إجراء دراسات مماثلة على مراحل دراسية مختلفة بهدف رفع مستوى التعليم والفهم القرائي.
- إجراء دراسة تعنى بتصميم وإعداد برامج علاجيّة خاصة بمعرفة أسباب صعوبات تعلم القراءة.
- إجراء دراسة تتناول أساليب المعلمين في تعليم القراءة الجهرية والصامتة وعلاقتها بعوامل الضعف والقوة لدى المراحل الأساسية .
- تقنين اختبارات ومقاييس تشخيصية لتحديد صعوبات مهارات القراءة في كافة المراحل التعليميّة.
ثانياً : البحوث المقترحة :
قائمة المراجع :
1- محمد بن أبي بكر الرازي،(2003) ، مختار الصحاح، بيروت، لبنان، دار الكتاب العربي، ص257.
2-Norbert Sillamy, (1996), Dictionnaire de Psychologie, Larousse, canada,P152.
3- محمد الحوامدة،(2007)، أخطاء القراءة الهجرية في اللغة العربية لدى طلبة الصف الثالث الأساسي في محافظة أربد و علاقتها ببعض المتغيرات، المجلة الأردنية في العلوم التربوية ،مجلد6،عدد 2 ، ص 110.
4- نبيل عبد الفتاح حافظ ، (2000) ، صعوبات التعلم و التعليم العلاجي ،القاهرة، مصر، مكتبة الجامعة المصرية، ط1، ص 91.
5- هشام الحسن،(2005)، طرق تعليم الأطفال القراءة والكتابة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص17.
6- جيهان أحمد العماوي ،(2009)، أثر استخدام طريقة لعب الأدوار في تدريس القراءة على تنمية التفكير التأملي لدى طلبة الصف الثالث الأساسي” ، رسالة مقدمة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في المناهج وطرق التدريس بكلية التربية في الجامعة الإسلامية، غزة ،فلسطين، ص52.
7- جيهان أحمد العماوي ،(2009)، مرجع سابق ، ص50.
8- جمال أبو مرق،(2007)،الصعوبات التي تواجه معلمي اللغة الـعربية فـي تـعلـيـم القراءة في المرحلة الأساسية الدنيا كما يدركها المعلمون أنفسهم في محافظة الخليل، مجلة جامعة الخليل للبحوث،المجلد (3) العدد (1)، ص 217.
9- جيهان أحمد العماوي ،(2009)، مرجع سابق ، ص 48.
10- آمنة محمود أحمد عايش،(2003)، مرجع سابق، ص 23-24 .
11- محمد الحوامدة،(2007)، مرجع سابق ، ص 114.
12- سهام دحال،(2005)، دراسة وتحليل استراتيجيات الفهم الشفهي عند الطفل المصاب بصعوبات تعلم القراءة، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في علم النفس اللغوي والمعرفي، جامعة الجزائر،ص 40.
13- راتب قاسم عاشور،محمد فخري مقدادي ،(2005) ،المهارات القرائية والكتابية- طرائق تدريسها واستراتيجياتها-عمان،الأردن، دار المسيرة للطباعة و النشر والتوزيع، ط 1، ص 336 .
14- راتب قاسم عاشور،محمد فخري مقدادي ،(2005) ،مرجع سابق ،ص 333.
15- راتب قاسم عاشور،محمد فخري مقدادي ،(2005) ،مرجع سابق ، ص 333.
16- علي تعوينات،(1983)،التأخر في القراءة في مرحلة التعليم المتوسط، دراسة ميدانية، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، ص 44.
17- ليندة بولمكاحل،(2004)، بعض العوامل التعليمية المسامة في ظهور أخطاء تلاميذ السنة السادسة من التعليم الأساسي في القراءة باللغة العربية من وجهة نظر معلمي الصف السادس،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في علوم التربية فرع علم النفس الاجتماعي والاتصال،دراسة ميدانية بمدينة قسنطينة،جامعة منتوري قسنطينة،الجزائر، ص 85.
18- ليندة بولمكاحل،(2004)، مرجع سابق، ص 102 – 104.
19- صلاح عميرة علي ،(2005)، صعوبات تعلم القراءة والكتابة-التشخيص والعلاج-الأردن، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع،المطابع المركزية، ط1، ص 60-61.
20- علي تعوينات،(1983)،مرجع سابق ، ص 193- 195.
