أسطرة الثبيتي: التفرّد الشعري والخلود – قراءة في قصيدة “رسالة إلى سيد البيد” للشاعر عبد الله بيلا
The proverbial legends: poetic singularity and eternity
A reading of the poem “A Message to Sayed Al-Bayd” by the poet Abdullah Bella
مجدي بن عيد بن علي الأحمدي-أستاذ الأدب والنقد المشارك-جامعة تبوك-المملكة العربية السعودية
Majdi bin Eid bin Ali Al-ahmadi- University of Tabuk – Kingdom of Saudi Arabia
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 79 الصفحة 61.
Abstract
This study aims to stand on a poetic text tagged with (A message to Lord of the deserts) by the poet Abdullah Bella; This study attempts to reveal the uniqueness inherent in the experience of the poet Muhammad Al-Thubaiti, and this poem is one of the poems dedicated by a non-poet in celebration of Al-Thubaiti’s poetry, and in recognition of his artistic value.
The study gains its importance by dealing with a text that highlights the position of the poet Muhammad Al-Thubaiti, who is considered the most prominent poet of the Kingdom of Saudi Arabia. The study seeks to explore the depths of this poem, through five axes,
It came as follows: The first axis deals with the title, the second axis relates to the phrase of introduction, the third axis includes phrases and structures, while the fourth axis deals with the interrogative style, and the fifth axis deals with heritage from two aspects, namely: literary intertextuality, and invoking the personality of Abu Dhar, may God be pleased with him, Accordingly, Accordingly, the study adopts the descriptive approach as its mainstay in this study, with the use of tools belonging to other approaches that benefit the study.
The study concluded with the discovery of a text that stars the poet Muhammad Al-Thubaiti. The poet Abdullah Bella goes beyond the limits of praise poems. The legendary qualities: (immortality, eternity, infinite loftiness, absolute sovereignty, and renewal); The poet Muhammad Al-Thubaiti graduated from the world of poets to the world of legendary characters.
Keywords: Muhammad al-Thubaiti, Lord of the deserts, The Legend-The Heritage-Abdullah Bella
الملخص
تهدف هذه الدراسة إلى الوقوف على نصّ شعري موسوم بـ(رسالة إلى سيِّد البِيْد) للشاعر عبد الله بيلا؛ إذ تحاول هذه الدراسة تجلية التفرّد الملازم لتجربة الشاعر محمد الثبيتي، وهذه القصيدة واحدة من القصائد التي خصصها غير شاعر احتفاء بشاعرية الثبيتي، واعترافًا بقيمته الفنية.
تكتسب الدراسة أهميتها من خلال تناولها لنّصٍ يُبرز مكانة الشاعر محمد الثبيتي، الذي يُعدُّ أبرز شعراء المملكة العربية السعودية، فتسعى الدراسة إلى سبر أغوار هذه القصيدة، من خلال خمسة محاور، جاءت على النحو الآتي: المحور الأول يتناول العنوان، والمحور الثاني يتعلّق بعبارة التقدّيم، وضمّ المحور الثالث العبارات والتراكيب، في حين تطرّق المحور الرابع لأسلوب الاستفهام، وتناول المحور الخامس التراث من جانبين، هما: التناص الأدبي، واستدعاء شخصية أبي ذرّ رضي الله عنه، وعليه تتبنى الدراسة المنهج الوصفي عمادًا لها في هذه الدراسة مع الاستعانة بما يفيد الدراسة من أدوات تنتمي إلى مناهج أخرى.
خلصت الدراسة إلى الكشف عن نصًّ يؤسطر الشاعر محمد الثبيتي، فالشاعر عبد الله بيلا يتجاوز حدود قصائد المدح، فالصفات الأسطورية: (الخلود، والأبدية، والعلو المتناهي، والسيادة المطلقة، والتجدّد)؛ تُخرج الشاعر محمد الثبيتي من عالم الشعراء إلى عالم الشخصيات المؤسطرة.
كلمات مفتاحية: محمد الثبيتي-سيد البيد-الأسطورة-التراث-عبدالله بيلا
مدخل:
تقف الدراسة على قصيدة (رسالة إلى سيّد البِيْد) للشاعر عبدالله بيلا، المولود في مكة المكرمة، وهو من أصول بوركينابية، ويحمل شهادة الدكتوراه في الأدب والنقد العربي، نال عدة جوائز منها: المركز الثاني في المسابقة الشعرية الدولية الثانية للعام 2009م، والمركز الثالث بمسابقة أفضل نص شعري في رثاء الشاعر محمود درويش للعام 2008م، وجائزة السنوسي الشعرية في دورتها السادسة، يناير 2018م، كما تمّ اختياره ضمن أفضل مائة شاعر عربي في العام 2013م عن طريق تجمُّع شعراء بلا حدود، وللشاعر عدة مشاركات، منها: مهرجان الشعر العربي الثاني في الباحة 1436هـ، ومهرجان الشارقة للشعر العربي الدورة الخامسة عشر، يناير 2017م، أصدر عدة دواوين، وهي: “تآويل ترابية 2012م”، و”صباح مرمم بالنجوم 2015 م”، و”سفر إلى الجسد الآخر 2019م”.
هذه القصيدة تتجاوز قصيدة الإهداء؛ إذ تُمثّل تحية إكبارٍ، وإجلال للشاعر السعودي محمد الثبيتي، وتكمن أهمية الدراسة في تخصيص الشاعر عبدالله بيلا لنصٍّ يحتفي بالشاعر محمد الثبيتي، وهي أهمية تنبثق من شاعرية محمد الثبيتي؛ التي تركت أثرًا على الساحة الشعرية في المملكة العربية السعودية، فالشاعر محمد الثبيتي المولود في إحدى قرى بلاد بني سعد، جنوب مدينة الطائف عام 1952م، له عدة أعمال شعرية، أصدرها النادي الأدبي في حائل تحت مسمّى الأعمال الكاملة؛ مشتملًا على جميع إنتاجه الشعري عام 2009م، ويُعدُّ الثبيتي من أبرز شعراء المملكة العربية السعودي، وهو من الشعراء الذين نالوا عدة جوائز، منها:
- جائزة رعاية الشباب عن قصيدته من وحي العاشر من رمضان عام 1977م.
- جائزة النادي الأدبي الثقافي في جدة عن ديوانه التضاريس عام 1991م.
- جائزة أفضل قصيدة من مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري عام 2000م.
- – نال الثبيتي لقب شاعر عكاظ ولقب الشاعر بسيد البيد عام 2007م.
وفي شهر مارس عام 2009م، تعرّض الثبيتي لأزمة قلبية حادة بعد عودته من رحلة ثقافية إلى اليمن، عانى على أثرها طويلاً، إلى أن وافاه الأجل رحمه الله في يوم الجمعة 14 يناير 2011م، في مكة المكرمة.
وعلى ضوء ذلك تسعى الدراسة إلى تبيان علو الثبيتي في عالم الشعر حتى بات شخصية تُفرد له القصائد، ومن هذه القصائد-على حدّ اطلاع الباحث-: قصيدة “شاعر الصحراء” للشاعر سعد الحميدين، وقصيدة “سيد البيد” للشاعر علي النحوي، وقصيدة “موسيقى مؤجلة” للشاعر جاسم الصحيح، وقصيدة “عد من تجلّيك” للشاعر محمد إبراهيم يعقوب، وقصيدة الشاعر عبدالله بيلا؛ الموسومة بـ(رسالة إلى سيد البِيْد)، والمُستهدفة في هذه الدراسة، ومن هذا المنطلق هدفت هذه الدراسة إلى الوقوف على قصيدة الشاعر عبد الله بيلا لتتبين تلك المكانة من خمسة محاور، هي: أوّلها: العنوان، وثانيها: عبارة التقديم، وثالثها: أسلوب الاستفهام، ورابعها: العبارات والتراكيب، وخامسها: التراث، فتتبعت الدراسة الدلالات ذات العلاقة بالقيمة الفنية للشاعر محمد الثبيتي، وعلى ضوء ذلك تتبنّى الدراسة المنهج الوصفي من خلال التحليل، إضافة إلى ما يُعين على التحليل من مناهج أخرى، مثل: السيميائية.
تُعدُّ الأسطورة منجما زاخرا؛ يستقي المبدع منها ما يتوافق مع تجربته الشعرية، فيمنح نصّه دلالات ذات معان إنسانية في صورة فلسفية، فالأسطورة
حكاية مقدسة ذات مضمون، ذات صلة بالكون والوجود وحياة الإنسان”([1])، فالأسطورة “ليست مجرّد قصص يرثها جيل عن جيل، وإنما هي نظرة إلى الحياة، وتفسير لها؛ فالشاعر لا يلجأ إلى الأسطورة كمادة جاهزة، وإنما قد يشكل أسطورته من خلال تجربته الشعرية، والشعر ليس حشوا للأساطير والرموز، وإنما هو رؤيا قبل كل شيء، لأنّ جمالية الأسطورة لا تكمن في توظيفها، بل في طريقة توظيفها، ومدى انسجامها مع السياق والمعنى([2]).
قد تتداخل الأسطورة مع الخرافة والقصص التراثية التي يتناقلها الناس، لكنّ “الحدود بين الخرافة والأسطورة ليست دائما على ما نشتهي من الوضوح، وقد يشبه بعضُ الخرافات الأساطيرَ في الشكل والمضمون إلى درجة تثير الالتباس والحيرة، فلا نستطيع التمييز بينهما إلا باستخدام المعيار الرئيسي الحاسم … وهو معيار القداسة”([3]).
هذه الدراسة لا تبحث عن الأساطير الموروثة، ولا تتوقف عند حدود التوظيف، بل تسعى إلى الكشف عن خلق أسطورة تشكّلت في مخيلة الشاعر، وهي أسطورة جاءت نتيجة استلهام صفات تنتمي إلى عدة أساطير، فنسجها الشاعر؛ ليخلق أسطورة يراها في شخصية الشاعر محمد الثبيتي، فهذه الاسقاطات لم تكن عبثًا بل مجموعة رؤى تفتقت لتلتئم في شخصية رمزية لها باع طويل في الساحة الشعرية، فالشاعر محمد الثبيتيمن أبرز رموز الشعر في المملكة العربية السعودية، ولذا جاءت قصيدة “رسالة إلى سيّد البـِيْد”؛ لتتجاوز الاعتراف بشاعرية محمد الثبيتي، إلى الإجلال والأسطرة.
المحور الأوّل-العنوان وتجاوز الحدود:
ورد العنوان في لسان العرب بمعنى: “عَنَّ الشيءُ يَعِنُّ ويَعُنُّ عَنَناً وعُنُوناً: ظَهَرَ أمامك… اعتَرَضَ وعَرَضَ؛ وعَنَّ الكِتَابَ يَعُنُّه عَنّاً وعَنَّنه: كَعَنْوَنَه…قال اللحياني: عَنَّنْتُ الكتابَ تَعْنيناً وعَنَّيْتُه تَعْنِيَةً إذا عَنْوَنْتَه، قال ابن بري: والعُنْوانُ الأثر”([4])، وفي الاصطلاح: هو علامة تقوم بدور الدليل، فتُعين القارئ إلى الدخول في عالم النص([5])، فالعنوان مرجع يتضمن بداخله علامة ورمزًا، تؤدي إلى تكثيف المعنى([6])، وللعنوان وظائف يحدّدها (Gérard Genette) في أربع وظائف، هي:
- التعينية: تبرز هوية النص وانتماءه.
- الوصفية: يقول العنوان عن طريقها شيئاً عن النص.
- الإيحائية: ترتبط بالوظيفة الوصفية.
- الإغرائية: تؤكد جاذبية العنوان بالنسبة لقارئه المفترض([7]).
يُمثّل العنوان عتبة رئيسة يدلف من خلاله المتلقي إلى القصيدة، وفي هذه القصيدة يتبيّن أنّ الشاعر عبدالله بيلا عنون نصّه بـ”رسالة إلى سيد البيّد”([8])، فينفتح العنوان على تخصيص يتجلّى بوساطة تحديد المُرسل إليه، فالرسالةتتضمّن معنى التوجيه([9])، وهي “الكلام الذي أرسل إلى الغير وخصت في اصطلاح العلماء بالكلام المشتمل على قواعد علمية والفرق بينها وبين الكتاب على ما هو المشهور إنما بحسب الكمال والنقصان فالكتاب هو الكامل في الفن والرسالة غير الكامل فيه”([10])، فالشاعر عبد الله بيلا يجعل نصّه الشعري، عبارة عن رسالة، ويُحدّد تجاه هذه؛ إذ يُعيّنُ الشخصية المحددة، والقارئ للشعر في المملكة العربية السعودية؛ يعلم بأنّ هذا الوسم طالما ارتبط بشخصية الشاعر محمد الثبيتي، فـ”سيد البيد” تنطوي على سبقه الشعري في الجزيرة العربية؛ إذ بات الثبيتي أمثولة للشاعر السعودي بعامة، وشاعر التفعيلة بخاصة،
يتبيّن أنّ العنوان بوظائفه-وفق جينيت-يحمل:
- تحديدًا يتمثّل في تخصيص الرسالة المرسلة إلى شخص محدّد متمثلٍ في الثبيتي الشاعر.
- الموضوعاتية المتجليّة في الوصفية مع بقائها بشكلٍ جزئي، فهي تحيل إلى بعض المضمون وليس كلّه.
- الجانب الإيحائي والإغرائي يبرزان في عبارة “سيد البيّد”، فهي عبارة عن نافذة محفّزة للمتلقي؛ يدلف من خلالها بغية معرفة الشخصية المتعلّقة بهذا الوسم، فإن كان ذو معرفة يتأكّد بوساطة النّص، وإن كان غير ذلك؛ يُعينه النّصُّ على تجلية هذه الشخصية، وفي كلا الحالتين يتبيّن قيمتها الفنية التي أسهمت في بروزها من خلال العنوان، وتموضوعها بدلا عن الاسم الحقيقي (محمد الثبيتي)، حتى باتت عبارة “سيد البيد” أكثر دلالة من الاسم الحقيقي، فالقيمة الفنية لهذه الشخصية لم تقف عند حدود الذات، بل جاوزته إلى خلق الأثر العام على الساحة الأدبية.
يحمل العنوان بكلّ دلالاته اعترافًا بالسيادة لهذه الشخصية، فهي شخصية ملكت البيد، فالعنونة تُجلّي صفات تتجاوز الحدود البشرية من خلال الاعتراف بهذه السيادة، وسيادة الصحراء تتقاطع مع الجانب الخيّر للإله (ست).
المحور الثاني-عبارة التقديم:
عبارات التقديم تأتي بعد إنتاج النص الشعري، فالعديد من المؤلفات لا تخلو مراحل إخراجها من إضفاء الدلالات، مثل: الإهداء والاقتباسات والمقدمات والرسوم والصور والخطوط، فالإنتاج الذي يتم بعد النص يترك أثرا، ويُعدّ من العتبات النصّية([11])، وعبارة التقديم في هذه القصيدة جاءت على شكل إهداء، والإهداء يُعدُّ من أهم العتبات النصية التي تمهد الطريق، فهو علامة بارزة تُعين القارئ على الدخول إلى النص، فالإهداء يرتبط بعلاقة الودّ والاحترام والتكريم([12])، وفي الاصطلاح: هو مجموعة من الكلمات التي ينظمها الكاتب بُغية تقديم عملة الإبداعي إلى شخصٍ، أو جماعة، أو جهة، تقديرًا للمُهدَى إليه، فيتصلُ الإهداء بمعاني التودد والعرفان؛ لذا يظهر بصيغة منمقة نثرية أو شعرية([13])، وللإهداء وظائف تتمثّل في:
- دلالية: تتعلّق بالدلالات المنبثقة من الإهداء، والمعاني الكامنة خلفه.
- تداولية: تقوم بالحركية التواصلية بين الكاتب وجمهوره الخاص والعام([14]).
جاءت عبارة التقديم السابقة للنّص، والفاصلة بينه وبين العنوان على النحو الآتي:” إلى الشاعر محمد الثبيتي.. الذي خاتلَ أحلامَنا وانتهز كوَةَ الغيابِ ليفتحَ بوابةَ حضوره الأبدي.. إليه وقد سبقنا بحجز مقعده في مسرح الخلود”([15]).
يتبدّى في هذه العبارة عدة مكونات يمكن بيانها في الشكل الآتي:
مكونات الإهداء
يُجلّي الشكل السابق مكونات الإهداء، فالشاعر عبد الله بيلا يُفصح بشكل مباشر عن الاسم، وهو يسعى بذلك إلى عدم انصراف الذهن إلى شاعر آخر، فيتجلّى أنّ النّص يُعرّف بالأسبقية لهذا الشاعر، إذ يضمّ:
- جملتين متعلقتين بالماضي، وهما: (خاتل أحلامنا، وانتهز كوة الغياب)، فالمفاجأة والمباغتة والسعي والسبق دلالات تنبثق من هاتين الجملتين، ممّا يُجلّي القيمة الفنية لهذا الشاعر.
- جملتين فعليتين ترتبطان بالمنجز، فالفتح دلالة على الوصول إلى المبتغى، والسبق دلالة على التفرّد والنجاح.
فالإهداء بما فيه ينطوي على حضور لا يمكن إغفاله، فمفردة (سبقنا) دالة على الثبات والاستمرارية وعدم الفناء، وهذا التقديم يمنح الشخصية (الثبيتي) خصائصًا أسطورية تتمثّل في:
- بوابة حضوره الأبدي: أَبَدِيّ: اسم منسوب إلى (أَبَد)، ويعني ما لا نهاية له، وباقٍ بلا نهاية هلاك، والحياة الأَبَديَّة: الحياة الآخرة([16])، فالأبدية تتمثّل في حضوره المستمر؛ الذي لا يمكن أن يغيب عن ذهن الشعراء.
- مسرح الخلود: من الجذر (خلد)، “والخُلْد: دوام البقاء في دار لا يخرج منها، خَلَدَ يَخْلُدُ خُلْداً وخُلودً: بقي وأَقام”([17])، مكانة الثبيتي جعلته في مسرح يتوافق مع استمرارية الحضور لهذه الشخصية الفريدة.
المحور الثالث-الاستفهام والثبيتي:
الاستفهام نمط تركيبي من الجمل الإنشائية الطلبية، فهو طلب العلم عن شيء لم يكن معلوماً أصلاً، وهو مشتقّ من(فَهِمَ)، فالاستفهام في اللغة: هو طلب الفهم، غير أن ابن فارس قد جعل الاستفهام والاستخبار شيئاً واحدًا([18])، فـ”الهمزة تُستخدم في طلب التّصوّر والتصديق دائماً، أما بقيّة أدوات الاستفهام الأخرى فلا تستخدم إلا في طلب التّصوّر”([19])، فهذا الأسلوب يؤدَّى بأدوات معروفة، لكلّ منها معنى خاصا.
يبدأ الشاعر عبد الله بيلا نصّه بإثبات العلو لهذا الشاعر حتى بات فوق الأنجم، عندما يقول:
سموتَ..
ومِن تحتكَ الأنجُمُ
تُسائِلُ عنكَ.. وتستفهمُ!
فلا يكتفي الشاعر بإثبات العلو، بل يجعل الأنجم تسأل عن الثبيتي، وتبحث عن إجابة، ممّا يُجلّي أنسنة الجمادات، فالقيمة العالية للثبيتي؛ أدّت إلى بثّ الروح في الجمادات، فباتت تسأل عن ماهية هذه الشخصية، وهو أمر يتجاوز حدود العقل، فالجمادات دبّت فيها الروح؛ تجاه هذا الشاعر، فيكيف سيكون تعاطي الإنسان تجاه الثبيتي، ويمكن بيان الأسئلة الواردة في القصيدة وفق الجدول الآتي:
المقطع | أداة الاستفهام | الدلالة |
إلى أين تمضي بهِ الصافناتُ؟…ودربُ العُلا موحشٌ.. مُظلم! | أين | الإصرار |
إلى أينَ؟ لا أينَ مِن بعده..خيولُ المدى هاهنا تُلجَمُ. | أين | العلو |
ستسألُ عنه النجومُ النجومَ.. إلى أين يمضي ولا يسأمُ؟ | أين | الإصرار |
إلى أين هذا الفتى اليعربيُّ…يخبُّ به سابحٌ أدهمُ؟ | أين | السعي |
إلى أين تمضي؟ ولمّا تبُحْ رمالُ قوافيكَ ما تكتُمُ | أين | الغياب |
وأيُّ النواميسِ أوحت إليهِ…من السحرِ والسِرِّ ما يُكتَمُ؟ | أيُّ | التعجّب |
أيا شاعرَ البِيدِ …أيُّ البلادِ ستُنفى إليكَ.. وتستعصِمُ؟! | أيُّ | الثبات |
ونسألُ..هل يحتويكَ الغيابُ…ويُمعنُ فيكَ.. فتستسلمُ؟ | هل | الحيرة |
جدول مواطن الاستفهام في القصيدة
يُجلّي الجدول حضور:
- اسم الاستفهام (أين)، وهي للسؤال عن المكان([20])، في خمسة مواضع، ويراوح حضورها بين إثبات العلو، والسعي وراء تحقيق المراد، والإصرار على خلق المكانة، وفي كلّ المواضع السابقة يخرج الاستفهام من معناه الحقيقي إلى تعجبٍ يسيطر على الأنجم وكل من يعرف قيمة هذا الشاعر، وعلى علم بما أنجزه في الساحة الأدبية، في حين كانت (أين) في المقطع ( إلى تمضي؟)، تجمع بين الاستفهام، والحسرة، ومحاولة إقناع الذات بغيابه، فالشاعر عبدالله بيلا يبيّن أنّ ما تركه الثبيتي مازال لم يكشف كلّ ما وصل إليه، أو مازال الأدباء بحاجة إلى الثبيتي كي يُعينهم إلى بيان المزيد من الجماليات، وإضفاء المزيد من الإبداع.
- [21])، وحضرت هذه الأداة في موضعين؛ لا يخرجان عن تجلية التفرّد المرتبط بالثبيتي، فتنطويان على تعجّب تجاه الثبيتي، فشعره يدعو المتلقي إلى التساؤل عن قدرته على صياغة القصائد بشكلٍّ لا يمكن التنبؤ بمصدره، فهل هي نواميس جادت عليه بهذا السحر الشعري، ناهيك عن المفارقة في نفي البلاد، فكلّ ما في هذه الحياة يسعى إليه حتى البلدان.
- [22])، ويقول المرادي:” هل حرف استفهام، تدخل على الأسماء والأفعال، لطلب التصديق الموجب، لا غير”([23])، وهي في هذا الموضع خرجت عن الاستفهام الحقيقي، فالسؤال جاء على جماعيا (نسأل)، فالشكّ من قدرة الغياب على تغييب هذه القامة الأدبية، فإن كان الغياب جسديًا؛ إلّا أنّ الذاكرة الأدبية لا يمكن تغييبها عن منتجه الأدبي، وسبقه الشعري، فإن استسلم الثبيتي للغياب، فشعره يأبى الاستسلام؛ لأنّه منقوش في ذاكرة الشعر العربي بعامة، والشعر في المملكة العربية السعودية بخاصة.
يمكن القول بأنّ الاستفهام-وما تعلّق به-الموجّه من الشاعر عبد الله بيلا إلى الشاعر محمد الثبيتي؛ يُسبغ على الثبيتي صفات ذات تفرّد؛ تتجاوز الحدود البشرية إلى الأسطرة، ويمكن بيانها على النحو الآتي:
- [24])، فتبدو للمتلقي صورة لخيول ذات أجنحة تعلو به رغم الظلام، إلّا أن الإصرار يقوده إلى تحقيق مبتغاه، فالصورة الحركية تُصوّر الثبيتي يقود هذه الصافنات نحو العُلا.
المحور الرابع-عبارات وتراكيب:
يقف هذا المحور على تراكيب جاءت في القصيدة، وهذه التراكيب تنتمي إلى غير أسلوب، فـ”الألفاظ المفردة التي هي أوضاع اللغة لم توضع لتُعرف معانيها في أنفسها؛ ولكن لأن يُضمّ بعضُها إلى بعض، فيعرف فيما بينها فوائد”([25])، فالشاعر: “لا يدرك الأسباب التي تدفع في اختيار لفظةٍ دون سواها؛ إذ تتخذ الألفاظ مكانها في القصيدة دون سيطرته الواعية”([26])، فالشعر”فيض وجدان، وتألُّق خيال”([27])، ويمكن الوقوف على هذه التراكيب وفق التقسيم الآتي:
- الجملة الفعلية: يتجلّى استثمار الشاعر عبد الله بيلا للجملة الفعلية، ولا يعني هذا غياب الجملة الإسمية؛ بقدر ما هو تنبّه الشاعر لطبيعة الجملة الفعلية في دلالتها على التجدّد-تحديدًا-في الفعل المضارع؛ الذي برز بشكل بيّن في هذه القصيدة، ومن الأمثلة ما ورد في المقطع الآتي:
سنابكُ آماله في السماءِ
لنبضِ أغاريدنا سُلَّمُ !
وقامتُه..لم تزلْ كالنخيلِ
على الدهرِ يسمو
ولا يجثُمُ
يبدأ المقطع بمفردة (سنابك)، و” السُّنْبُك: طرَفُ الحافِرِ وجانباه من قُدُمٍ، وجمعهُ سنَابِكُ، وسُنْبُكُ كل شيء: أَوّلُه، يقال: كان ذل على سُنْبُك فلانٍ أي على عهد ولايته وأَوَّلها، وأَصابنا سُنْبُك السماء: أَوَّلُ غَيْثَتها”([28])، وهذه المفردة مضافة للآمال، وتعلو من خلال بروزها في السماء، ويتبيّن أنّ السنابك تجمع بين دلالة السبق؛ إذ تمثّل تجربة الثبيتي منجزًا مغاير للواقع في تلك الفترة، ودلالة الغيث، فهي تجربة مدّت الآخرين بما هو جديد، ودلالة تتبع الأثر؛ إذ تبرز في السير على نهجه، فتحضر الجملة الفعلية (لم تزل) الدالة على الاستمرارية، ومتعلقة بالشموخ الأبدي، ويؤكّد على علوه ومكانته المستقرة بوساطة الفعل المضارع (يسمو)، ونفي استسلامه للواقع بوساطة جملة (ولا يجثمُ)، ومن الأمثلة-أيضا-قوله:
إلى أين هذا الفتى اليعربيُّ
يخبُّ به سابحٌ أدهمُ؟
يبدأ بالسؤال عن المدى؛ الذي يريد الثبيتي الوصول إليه، فالاستفهام يُبيّن شغف الثبيتي، وسعيه إلى تحقيق ما يريد رغم المصاعب التي يواجهها في تلك الفترة، فهذا التي العربي لا يقف عند حدٍّ معين، ثم تحضر جملة (يخب به سابح أدهم)، وهي جملة أثارت السؤال، فالشاعر يظهر الثبيتي في صورة فارسٍ يمتطي فرسا أسود، يُسرع به ويتخطى كل المصاعب، ممّا يُجلّي إصرار الثبيتي في التعبير عمّا في داخلة دون خوفٍ، ويسعى إلى تحقيق المراد غير آبه بما يحدث له.
يقول عبد الله بيلا في موضع آخر:
سحائبُ روحكَ قد أمطرتْ
مصابيحَ
تُرجى.. وتُستَلهَمُ
تبوحُ بشعركَ ناياتُها
وتُعطي
وقد نفِدَ المُعجَمُ!
يحكم مطلع النّص على نتاج تركه الثبيتي، وما يزال الشعراء ينهلون منه، ثم تحضر الأفعال (تُرجى-تُستلهم-تبوح-تُعطي)، فما تركه الثبيتي غيثٌ من المصابيح التي يسعى إليها الشعراء، ويستنيرون بها، فتُلهمهم، وتمنحهم فضاء شعريا، فالأفعال في هذا المقطع تكشف عن استمرارية لا تنتهي، فالتعاطي مع شعر الثبيتي لا يتوقف.
- النداء:
النداء لغةً : الصوت، فهو مشتقٌ من (النَّدى)، جاء في لسان العرب “ناداه مناداة ، ونداء أي صاحَ به، و(أنْدَى الرجلُ) إذا حَسُنَ صوتُهُ … ورجلٌ نديّ الصوت : بَعيدُه، والإنداء: بُعْدُ مدى الصوت”([29])، وفي الاصطلاح “تنبيه المخاطب، وحمله على الالتفات والاستجابة لِيُقْبِلَ عليك بحروف مخصوصة”([30])، ولهذا الأسلوب حروف، وهي: (يا-أيا-هيا-أَيْ-الألف-آ-وا)، فتستعمل (يا) و(هيا) و(أيا) لنداء البعيد، فـ”إذا أرادوا أنْ يَمدوا أصواتهم للشيء المتراخي عنهم ، والإنسان المُعرِض عنهم … أو النائم المستثقل”([31])، ويُعدُّ حرف النداء(يا) هو أصل حروف النداء، وأعمَّها استعمالاَ؛ لأنَها تستعمل لنداء القريب والبعيد([32])، وتستعمل في الاستغاثة والتعجب وقد تدخل على الندبة بدلاً من (وا)([33])، ومن الأمثلة في هذه القصيدة ما جاء في قوله:
أمامكَ..
كلُّ الذي لا نراهُ!
أيا سيّدَ البِيدِ..
يا مُلهَمُ.
فالمقطع يبدأ بمفردة (أمامك)، فتشي بكلّ ما لم يمكن رؤيته، وفي الوقت ذاته متجلّيًا أمام الثبيتي، فكلّ ما يراه هذا الشاعر محمد الثبيتي؛ يعجز غيره عن رؤيته، فيأتي النداء بـ(أيا)، وهي للبعيد، والمنادى موصوف بـ(سيد البيد)؛ ليدلّ على علم يتجاوز قدرة الآخرين، فالنداء بهذه الأداة يُجلّي بعدين، هما:
فيأتي النداء بـ(يا) مؤكّدًا لهذا الإحساس، فها هو الثبيتي قريب وبعيد في الوقت ذاته:
ويعود الشاعر عبد الله بيلا إلى النداء في قوله:
أُعيذُكَ..
أن يصطفيكَ الفناءُ
أيا أيها الخالدُ الأعظمُ!.
يحاول الشاعر إقناع ذاته بعدم فناء هذه الشخصية، فكيف تفنى أو تغيب من قدّمك هذا النتاج الشعري المؤثّر، فـ(أيا) تثبت بعده عن الآخرين على جميع المستويات، ثمّ يصفه بالخالد، وهي صفة تنفي الفناء، ويعززها بصفة أخرى هي (الأعظم)، فتؤكدان على اجتماع الخلود والعظمة في هذه الشخصية، فما جاد به من نتاج ما يزال أثره يتسرّب في نتاج الآخرين، وهذا أمرٌ ينفي الفناء، ويؤكّد قيمته الفنية.
ج- الانزياح:
جاء في مقاييس اللغة: “الزاء والياء والحاء أصلٌ واحد، وهو زوال الشيء وتنحِّيه، يقال: زاح الشيء يزيح، إذا ذهب”([34])، فالانزياحُ يرتبط بالذَّهاب والتباعد والتنحي، وفي الاصطلاح تتعدّد تعريفاته، وتلتقي-غالبًا-في التأكيد عل الخروج عن المألوف([35])، فـ”الشرط الأساسي والضروري لحدوثِ الشِّعرية هو حصول الانزياح، باعتباره خرقًا للنظام اللُّغويِّ المعتاد”([36])، فهو حَدَثٌ أسلوبي له جمالية، فالانزياح الدلالي هو انحراف استبدالي-كما يسميه صلاح فضل- “يخرجُ على قواعد الاختيار للرموز اللُّغوية؛ كمثل وضع الفرد مكان الجمع، أو الصفة مكان الاسم، أو اللفظ الغريب بدل المألوف”([37])، ومن الأمثلة على الانزياح قول الشاعر:
وقَفنا على شاطئِ المعجزاتِ..
وغُصتَ
إلى حيثُ لا نعلم!
فأطلَعْتَ مِن لُجِّها
جوهرَ القصيدِ..
كما تطلُعُ الأنجُمُ
وبِتنا..
نُنمِّقُ وجهَ المساءِ
بما قد خلقتَ..
وما ترسُمُ
يرتكز المقطع على إثبات السبق للثبيتي، فالانزياح الإضافي (شاطئ المعجزات)؛ يُبيّن عجز الآخرين، فالوقوف عند هذه الشاطئ دلالة على الحيرة والدهشة تجاه هذا المكان، في حين يتبدّى الثبيتي في صورة غواصٍ لا يأبه بالمصاعب من خلال الفعل الماضي (غصت)، ويقابلها الجهل (لا نعلم) عن مدى القرار، ثمّ يعود الفعل الماضي ليعود مرة أخرى (اطلعت) تأكيدًا على التفرّد، واللجّة لتتوافق مع حالة جهلهم، فالمكان العميق المضطرب؛ الذي لا يُدرك قراره؛ سهلٌ ويسيرٌ على الشاعر محمد الثبيتي، فيحضر الانزياح في عبارة (جوهر القصيد)، فالمضاف (جوهر) مُضاف إلى (القصيد)، فالانزياح الإضافي يُبيّن قدرة الشاعر على تصوير ما قدّمه الثبيتي؛ إذا باتت قصائده فرائد لا يمكن مجاراتها، فالظهور الذي يتراءى للشاعر بيلا يبدو منيرٌ كالنجوم، فينفي عن الثبيتي الإحساس بالتعب والهون تجاه ما جابهه من عثرات؛ لذا يحضر الانزياح الإضافي مرة أخرى (وجه المساء)؛ ليُبيّن أنّ ما يكتبه الشعراء وما يسهرون من أجله؛ سعيا في نتاج شعري يتوافق مع رؤاهم؛ لا يخرج عن إبداعٍ خلقه الشاعر الثبيتي، فبات الكلُّ يستلهم من سبقه الشعري.
ويقول في موضع آخر:
سحائبُ روحكَ قد أمطرتْ
مصابيحَ
تُرجى.. وتُستَلهَمُ
يرتكز هذا المقطع على الانزياح؛ إذ يبدأ بـ(سحائب روحك)، فالمضاف سحائب لا تجمعه بالروح أيُّ علاقة؛ لكنّ الشاعر عبد الله بيلا يرى في روح الثبيتي فضلًا يجاري السحب في غيثها، فما جاد به من نتاج سابق لعصره، ومتجاوزا للعقبات؛ بات غيثًا، فيحضر الانزياح مرة أخرى من خلال نتاج هذا الغيث، فالفعل (أمطرت) لم يضمّ الماء كما هو معتاد بل مصابيح، وفي هذا الانزياح دلالة على تجربة شعرية أشبه بالهُدى لمن يرغب في السير على نهج الثبيتي الشعري، فهي أنوار يأمّل المبدع في استلهامها، وتتبع طريقها كي يصل إلى ما وصل إليه الثبيتي.
المحور الخامس-التراث والتفرّد:
يُعدُّ التراث من المصادر التي يلجأ إليها الشاعر كي يصل بتجربته إلى المتلقي بكلّ ما يعتريه من مشاعرٍ، فـ”التّراث هو كل ما وصل إلينا داخل الحضارة السائدة، فهو قضيّة موروث في نفس الوقت قضيّة معطى حاضر على مستويات عدّة([38])، فهو (التّراث) لا يقتصر على ثقافة معيّنة، أو حضارة ما “إنّما هو عامّ ومتكامل، ولا ينفصل بعضه عن بعض، إنّه كلّ ما يتركه الأوّل للآخر مادّيًّا ومعنويًّا، وهذه نظرة شاملة إلى التّراث باعتباره الماضي المؤثّر في الحاضر والمستقبل”([39])، للتّراث أهمّيّة بالغة للشّاعر؛ إذ يمثّل ثروة لا يمكن الاستغناء عنها في النتاج الشعريّ؛ لذا يسعى الشّاعر العربيّ المعاصر إلى الوعي بالتّراث “بوصفه معطى حضاريًّا، وشكلًا فنّيًّا في بناء العمليّة الشعريّة”([40])، فبات جزءا من تكوينه الشعري؛ إذ يحاول استيعاب الوجود الإنساني، وتحديد موقفه بوصفه إنسان معاصر([41])، فاستخدام الشّاعر المعاصر للتّراث يضفي على عمله الشعريّ “عراقة وأصالة ويمثّل نوعًا من امتداد الماضي في الحاضر، وتغلغل الحاضر بجذوره في تربة الماضي الخصبة المعطاء، كما أنّه يمنح الرؤية الشعريّة نوعًا من الشّمول والكلّيّة”([42]).
يتناول هذا المحور جانبين من جوانب التراث، وهما:
- التناص مع شعر الثبيتي:
القيمة الفنية أسهمت في تقاطع الشاعر مع التراث الشعري لمحمد الثبيتي، فالتناص هو “الدخول في علاقة مع نص حدث بكيفيات مختلفة”([43])، ومن الأمثلة على ذلك قول الشاعر:
أمامكَ..
كلُّ الذي لا نراهْ
أيا سيّدَ البِيدِ..
يا مُلهَمُ
يؤكّد الشاعر على مكانة الشاعر، وقيمته الفنية من خلال قدرته على معرفة ما يجهله الآخرون، كما أنّه يستدعي بعبارة (سيد البيّد) نصً الثبيتي الموسوم بـ(تحية لسيد البيّد)، التي يقول في مطلعها:
سَتَمُوتُ النُّسُورُ التي وَشَمَتْ دَمَكَ الطفلَ يوماً
وأنتَ الذي في عروقِ الثرى نخلةٌ لا تَمُوتْ
مَرْحَباً سَيَّدَ البِيدِ([44])
فالشاعر عبد الله بيلا يؤكّد على سيادة الثبيتي للبيد، يرى محمد مفتاح التناص بـ”اعتباره نصوصا جديدة تنفي مضامين النصوص السابقة، وتؤسس مضامين جديدة خاصة بها يستخلصها مؤول بقراءة إبداعية مستكشفة وغير قائمة على استقراء أو استنباط”([45])، وهذه العبارة (سيد البيّد) وردت عن الثبيتي؛ لتصوّر ما يعانيه الشاعر في مجابهة العقبات، فجاءت تأكيدًا من بيلا على إنجاز وصل إليه الثبيتي حتى بات ملهما للآخرين، فهو يجزم بأنّ الثبيتي أضحى سيدًا للبيد.
ويحضر التقاطع الأدبي في موضع آخر عندما يقول:
تحنُّ لترتيلةِ البدءِ منكَ
يُطارحها نغمٌ مُبهَمُ..
فيتناص مع عنوان قصيدة محمد الثبيتي الموسومة بـ(ترتيلة البدء)، التي يقول في مطلعها:
جئت عرّافاً لهذا الرمل
استقصي احتمالات السواد
جئت ابتاع اساطير
ووقتاً من رماد([46])
فما جعله الثبيتي عنوانا لقصيدته؛ أصبح جزءًا من نصّ عبد الله بيلا، فـ”ترتيلة البدء” تحنُّ للثبيتي؛ لأنّه الشاعر الذي يستطيع فكّ طلاسم النغم، فلا يمكن فكّ الارتباط بين قدرة الثبيتي وهذه التراتيل، ولعلّ هذه الترتيلة تكتسب قداسة مماثلة لمقولة “في البدء كان الكلمة”([47])، فالشاعر بيلا يُسبغ قداسة على هذه العبارة؛ التي جاءت عنوانا لقصيدة من قصائد الثبيتي، فالشعر-وفق بيلا-يبدأ من الثبيتي.
- استدعاء شخصية أبي ذرّ الغفاري:
أصبح التّراث الدّينيّ بما يضمّه من شخصيات دينية سمة بارزة في الشّعر المعاصر، فالشّعراء المعاصرون أدركوا قيمة التّراث الديني، فبات مصدر غنيا، ملهما لهم، والشاعر عبد الله بيلا يستدعي شخصية ذات علاقة دينية، وعلاقة تاريخية، فأبو ذر الغفاري هو جندب بن جنادة الغفاري، أحد السابقين إلى الإسلام، قيل: كان خامس خمسة في الإسلام. عاد إلى قومه بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم له، وكان يفتي في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله عنهم([48])، وهذه الشخصية تميّزت “بأنهـا شـخصية مرجعيّـة، تؤسـس لـرؤى الشــعراء، إذ يســتطيع المتلقــي مــن خللهــا إدراك أبعادهــا الفكريّــة، فهــي ذات كثافــة تعبيريــة، ّ وارتبـاط بالبيئـة العربيـة، راسـخة فـي بنيتهـا الفكريـة، منـذورة للدفـاع عـن قيمهـا النبيلـة، ممّا جعلها عنصرا فاعـلا ومؤثـرا فيها”([49])، فمن أهم الأدوات التي تُعين الشاعر على التعبير استدعاء مثل هذه الشـخصيات التراثيـة “التــي اشــتغلت عليهــا قصيــدة الحداثــة، إذ يجــري التركيــز علــى تفعيــل شــخصية منتخبــة تخضــع للوصــف والتصويــر والســرد…مــن أجــل دعــم شــعريّة القصيــدة وتزويدهــا بممكنــات نصيّــة وســيميائية غزيــرة تضاعف مــن طاقتهــا علــى التعبيــر والتشــكيل والتصوير والتدليــل”([50]).
يستثمر الشاعر عبد الله بيلا هذه الشخصية، فيُسقطها على الثبيتي من جانبين، جانب التفرّد، وجانب المواجهة، إذ يقول:
وحيداً
ستمخُرُ هذا العُبابَ
وحولكَ هذا المدى المُعتِمُ
مصابيحَ
تُرجى.. وتُستَلهَمُ
تبوحُ بشعركَ ناياتُها
وتُعطي
وقد نفِدَ المُعجَمُ!
يتجلّى في المقطع السابق تفرّد الثبيتي من خلال الوحدة في مواجهة الأحداث، فالعُباب “مصدر عَبَّ، وهو كثرة الماء والسَّيل، وعُباب القوم: أجمعهم، وعُباب البحر: مَوْجُه، وعُباب الموج: ارتفاعه واصطخابه”([51])، فلا تردعه الوحدة عن مجابهة المصاعب، والعتمة المسيطرة على المشهد، فالثبيتي “أحد أبرز الشعراء الذين واجهت تجربتهم الشعرية موجات معارضة بسبب المزاج العام السائد وقتئذٍ، وهو ما عُرف بجيل الصحوة الذي كان في عداء شديد للحداثة عموما والحداثة الشعرية على وجه الخصوص -ولعل أبرز شاهد على فترة الصحوة وموقفها من الحداثة كتاب (الحداثة في ميزان الإسلام) لعوض القرني- وقد تمكّن الثبيتي من التعبير عن تجربته وعمّا يمور في صدره من خلجات، وكان ذلك بأسلوب شعري متماشٍ مع تيار الحداثة الشعري والفكري فكان رمزًا لشعر التفعيلة”، فالثبيتي وفق الشاعر عبد الله بيلا بات مُلِهما للآخرين لا سيمّا الشعراء، فما ينشده الشعراء في العصر الحالي رجعًا لما أفاض به معجم الثبيتي.
لا يترك الشاعر الوحدة مفتوحة التأويل بل يستلهم التاريخ بوساطة استدعاء شخصية أبي ذر، فينادي الثبيتي بكنية الصحابي جُندُب بن جُنادة الغفاري رضي الله عنه، فيقول:
(أبا ذرَّ) هذا القريضِ الأبيِّ
نخيلُ شموخِكَ
لا يُرجَمُ
أمانيكَ
كانتْ أغاني الحياةِ
تعطَّر بالشدوِ منها الفمُ
يرى الشاعر في شعر محمد الثبيتي عزّة ورفعة، كما أنّ الثبيتي بما قدّمه يُثبت شموخه، فهو يحمل في نتاجه الحياة والتحدّي للواقع، فتفرّده يشابه تفرّد أبي ذرّ رضي الله عنه، ثمّ يقول:
نحاولُ فيكَ الذي لا نُطيقُ
ونجهلُ فيكَ الذي نعلمُ!
وبتنا على شمعدانِ السؤالِ..
ففاجأنا صمتُك المُفحِمُ
عِموا دهشةً..
وانتشُوا وَحشةً..
مساءُ الأغاريدِ لا يهرَمُ
صحوتَ..
وغادرتَ أحلامَنا
ونحنُ بأوهامنا..
نحلُمُ.
ولأنّ الثبيتي يتجاوز قدرة الشاعر على الوصف، فيُعجزه عن تصوير أثر الثبيتي على الشعر، تبرز المفردات التالية:
- نحاول يقابلها عدم القدرة.
- الجهل من جهة الشاعر يقابله العلم من جهة الثبيتي.
- السؤال يقابله الصمت المُغني عن الإجابة.
- الفرح المستمر.
- الأحلام يقابلها الأوهام.
فالوحدة جاءت في هذا المقطع مخالفة لواقع الوحدة المُفضية إلى العزلة والإحساس بالانكسار؛ لأنّها وحدة متفرّدة بذاتها، فكانت شبيهة بما تركه الغفاري، وما نقلته كتب التاريخ، فالثبيتي لم يكن وحيدًا دون هدف، بل وحدته جاءت نتاجًا لإصراره في تحدّي الصعاب، وعدم الاستسلام، ممّا أدّى إلى إرث خلّفه لمعشر الشعراء.
الخاتمة:
في نهاية الدراسة التي تناولت قصيدة “رسالة إلى سيد البيد” للشاعر عبد الله بيلا؛ يتبيّن للمتلقي أنّ هذا النصّ يتجاوز النصوص ذات العلاقة بغرض المدح، فالشاعر عبد الله بيلا يخلق أسطورة ذات صفات تنتمي إلى أساطير أخرى؛ إذ يستلهم هذه الصفات ليُشكّلها في شخص الشاعر محمد الثبيتي، فالإعجاب بما قدّمه الثبيتي عبر تجربته الشعرية؛ يُسيطر على الشاعر عبد الله بيلا، فيتجاوز بما يكنُّه لهذا الشاعر؛ حدود المدح إلى عالم أسطوري، فتتجلّى هذه الأسطرة عبر مكونات النّص المدروسة، وهي النحو الآتي:
- العنونة: جاءت أشبه برسالة إلى هذه الشخصية، وهي رسالة اعتراف له بالسيادة على البِيْد، وهذه السيادة مطلقة؛ إذ تُعبّر سلطة تتجاوز الحدود البشرية، فالقيمة الفنية للثبيتي؛ تتجلّى فيما تركه من أثر على الساحة الشعرية، فالعنوان عتبة تُحفّز المتلقي؛ بحثًا عن معرفة هذه الشخصية التي تمتلك السطوة على البيد.
- – عبارة التقديم: تجمع هذه العبارات بين الإهداء والتقديم، فالإهداء يأتي من خلال عبارة “إلى الشاعر محمد الثبيتي”، فالتخصيص يحضر من خلال تحديد هذه الشخصية، ثم تُجلّي عبارات التقديم عدة مكونات؛ تتمثّل في دلالات: (المفاجأة-الظفر-الإنجاز-التفرّد والسبق)، وهي دلالات تنبثق من الأفعال التالية: (خاتلنا-انتهز-يفتح-سبقنا)، وهذه الدلالات جاءت كشف لأسطرة؛ خلقها الشاعر في نصّه؛ فتتجلّى في صفتي الأبدية والخلود، وهي صفات يسعى عبد الله بيلا إلى إثباتها.
- أسلوب الاستفهام: برز الاستفهام في عدة مواضع، فجاء الاستفهام بـ(أين) في خمسة مواضع، في حين جاء الاستفهام بـ(أيّ) في موضعين، وحضر الاستفهام بـ(هل) في موضع واحد، وهذا الأسلوب الذي استخدمه الشاعر عبد الله بيلا؛ يخرج عن معناه الحقيقي إلى تعجبٍ؛ إذ ينطوي على سبغة أسطورية، فيتمثّل في إثبات العلو لهذه الشخصية، والاعتراف بقدرته على تحقيق ما أراد من خلال سعيه الحثيث، فالتفرّد يرتبط بالثبيتي، ولا يخلو هذا الأسلوب من بيان الحسرة على فقد هذه القامة الفنية، حتى بات الشكّ يتسلل إلى نفوس من يسألون؛ عن قدرة الغياب في إجبار الثبيتي على الاستسلام، فالاستفهام باختلاف أدواته؛ يُسهم في تشكيل أسطورة تتجاوز الواقع، وتقاوم الغياب، وتمتلك القدرة، وتُجابه المصاعب دون استسلام، ولها العلو في الساحة الشعرية، وعلى ضوء ذلك يقول الشاوي عن تجربة الثبيتي:
لا أريد إنهاء هذه السطور بتلك العبارة المستهلكة: “(سيد البيد) لم يمت”، لأن من يكتب نصوصا، بهذه العذوبة والشجن، مسكونة بكل هذه الفجيعة، باقٍ في قلوب محبي الشعر، ولن يغيب سوى بيولوجيا…لن نرثيه، فمن يستحقون الرثاء أولئك الأحياء- الأموات الذين حاربوه.. يستحقون أن نشفق عليهم لأنهم أهانوا شاعرا كبيرا (الشاوي، 2011، https://www.diwanalarab.com)
- العبارات والتراكيب: تبرز في جانب الجمل سيطرة الأفعال المضارعة، ومن الأمثلة: (لم تزل-يسمو-لا يجثم-يخبُّ-تُرجى-تُستلهم-تبوح-تُعطي)، فالفعلية تُفصح عن تجدّد والاستمرارية، وعدم الفناء، وفي أسلوب النداء تبيّن استثمار الشاعر عبدالله بيلا، فيُجلّي النداء بـ(يا) حالة الثبيتي بين القرب والبعد، فما تركه من نتاج يجعله قريبًا، وفي الوقت ذاته بعيد؛ لأنّه في مكانة عالية لا يمكن الوصول إليها، في حين برزت أداة النداء (أيا)، لتُبيّن سموه وعلوه على جميع المستويات، مع تعلّق هذه الأداء بصفات أسطورية، هي: الخلود والعظمة، وفي جانب الانزياح جاءت التراكيب متوافقة مع مكانة هذه الشخصية، وتمكنها من تجاوز كل المصاعب.
- التراث: حضر من خلال جانبين، هما:
- التناص مع نتاج محمد الثبيتي، فمن الطبيعي أن يتقاطع بيلا مع الثبيتي، فهذه الشخصية تملّكته في هذا النّص، فكانت عبارتا (سيد البيد، وترتيلة البدء)، خير مثالٍ على مكانة هذه الشخصية؛ التي تتجاوز كلّ ما يمكن وصفه، فالتقاطع مع عنوانين للثبيتي، دليل على أن البدء لن يكون من خلاله، فهو سيد البيد، وهي بداية تحيل إلى ما جاء في الكتاب المقدّس (في البدء كان الكلمة).
- شخصية أبي ذرّ الغفاري رضي الله عنه: يسقطها الشاعر على الثبيتي، فيناديه بـ(أبي ذرّ)، ولا يتوقف عند حدود هذه الشخصية، بل يمنح الثبيتي أفقًا لا حدّ له، فما تركه من منجز شعري، وما فتحه من أفقٍ لا يمكن الإلمام به، ومازال أثره باقيًا.
أخيرًا يُعدُّ هذا النص من النصوص؛ التي تسعى إلى إنصاف من لم يأخذ حقّه في فترة حياته، ومع ما يحمله النّص من مبالغة-قد يراها ثلة من المتلقين-إلّا أن الشاعر عبد الله بيلا يحاول تقديم ما يختلج في نفسه؛ تجاه هذه الشخصية، فأسطرة هذه الشخصية جاءت متوافقة مع ما أنجزه الثبيتي في وقت عانى فيه الكثير من المصاعب، وتجشّم عناء الاتهامات في تلك الفترة، وعليه يوصي الباحث بدارسة تلقي الثبيتي في الشعر السعودي.
قائمة المصادر والمراجع:
المصادر:
- بيلا، عبدالله، قصيدة رسالة إلى سيد البيد: www.alqasidah.com/poem.php?ip=785
- الثبيتي، محمد، الأعمال الكاملة، ط1، النادي الأدبي، حائل/مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، 2009م.
- الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الاعجاز، تحقيق: محمود محمد شاكر، ط3 مكتبة الخانجي، القاهرة، 1984م.
- الذهبي، شمس الدين محمد، سير أعلام النبلاء، ج 2، ضبط وعناية: حسّان عبد المنّان، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2004م.
- ابن السّراج، أبو بكر محمد، الأصول في النحو، ج1، د.ط، تحقيق: عبد الحسين الفتلي، مطبعة النعمان، النجف، 1973م.
- السكاكي، يوسف، مفتاح العلوم، ضبطه وكتب هوامشه وعلق عليه: نعيم زرزور، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987م.
- سيبويه، أبو بشر عمرو، الكتاب، تحقيق: عبد السلام هارون، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة/ دار الرفاعي، الرياض، 1983م.
- ابن عصفور الاشبيلي، شرح جمل الزجاجي، ج 2، تحقيق: صاحب أبو جناح، د.ط، مطبعة دار الكتب، الموصل، 1992م.
- ابن فارس، أحمد، الصّاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، تحقيق: محمد الشويحي، د.ط، مؤسسة بدران للطباعة والنشر، بيروت، 1964م.
- الفيروز آبادي، مجد الدين، القاموس المحيط، تحقيق: مكتب تحقيق التراث، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2005م.
- المبرّد، أبو العباس محمد، المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عُضيمة، ط1، عالم الكتب، بيروت، 1963م.
- المرادي، الحسن، الجنى في حروف المعاني، تحقيق: فخر الدين قباوة، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م.
- ابن منظور، جمال الدين، لسان العرب، عناية وتصحيح: أمين محمد، ومحمد الصادق، ط3، دار إحياء التراث العربي/مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1999م.
المراجع العربية:
- بلحاج، كاملي، أثر التراث الشعبيّ في تشكيل القصيدة العربيّة المعاصرة: قراءة في المكوّنات والأصول، ط1، اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، 2004م.
- بلعابد، عبد الحق، عتبات: جيرار جينيت من النصّ إلى المناص، ط1، منشورات الاختلاف، الجزائر/ الدار العربية للعلوم، بيروت، 2008م.
- التهانوي، محمد، كشاف اصطلاحات الفنون، تحقـيق: علي دحروج، تقـديم وإشراف ومراجعة: رفيق العجم، ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1996.
- حسين، خالد، في نظرية العنوان: مغامرة تأويلية في شؤون العتبة النصية، د.ط، دار التكوين، دمشق، 2007م.
- حنفي، حسين، التراث والتجديد، ط5، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2002م.
- زايد، عليّ عشريّ، استدعاء الشخصيّات التراثيّة، د.ط، دار الفكر العربيّ، القاهرة، 1997م.
- السّواح، فراس، الأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات الشرقية، ط2، دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، دمشق، 2001م.
- الصكر، حاتم، كتابة الذات: دراسات في وقائعية الشعر، ط1، دار الشروق، عمّان، 1994م.
- عبيد، محمد صابر، التشكيل النصي، ط1، كتاب الرياض، الرياض، 2013م.
- علاق، فاتح، مفهوم الشعر عند الشعراء الروّاد، د.ط، منشورات اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، 2005م.
- عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1 عالم الكتب، القاهرة، 2008م.
- فضل، صلاح، علم الأسلوب ومبادئه وإجراءاته، ط1، دار الشروق، القاهرة، 1998م.
- الكتاني، محمد، الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث، ط1، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1982م.
- مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط4، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004م.
- مفتاح، محمد، تحليل الخطاب الشعري ط2، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1986م.
- مفتاح، محمد، المفاهيم معالم: نحو تأويل واقعي، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2010م.
- الورقيّ، السعيد، لغة الشعر العربيّ الحديث: مقوّماتها الفنّيّة وطاقاتها الإبداعيّة ط2، دار المعارف، القاهرة، 1983م.
المراجع الأجنبية المترجمة:
- ريتشاردز، ا.ا، العلم والشعر، ترجمة: مصـطفى بدوي، د.ط، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، د.ت.
الأبحاث والمقالات:
- برهومة، عيسى، وبلال عبد الفتاح، “سيمائية الإهداء: دراسة في النماذج من الرواية العربية”. حولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية، المجلد 4، العدد 32، 2016م.
- حسين، فتيحة، توظيف الأسطورة في الشعر العربي الحداثي، مجلة معارف، جامعة البويرة، الجزائر، السنة الثامنة، العدد 15، جوان 2014م.
- السعودي، عمر، “أسلوب الاستفهام في شعر عنترة بن شداد: دراسة نحويّة”. مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 22، العدد 6، ديسمبر 2014م.
- الشاوي، هشام، لقطة من سيرة الوجع والفجيعة، موقع ديوان العرب، تاريخ النشر: 6-8-2011م: https://www.diwanalarab.com.
- شكري، إسماعيل، “نقد مفهوم الانزياح” مجلة دراسات مغاربية، مؤسسة الملك عبد العزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، العدد 11، يناير 2000م.
- الضمور، عبد الوهاب، “استدعاء شخصية أبي ذر الغفاري في الشعر الأردني المعاصر: دراسة وصفية وتحليلية”، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية المجلد15، العدد1، يونيو 2018م.
- العبيدي، علي أحمد، العنوان في قصص وجدان الخشاب: دراسة سيميائية، دراسات موصلية، العدد 23، 2009م.
- محصول، سامية، “الانزياح في الدراسات الاسلوبية”، مجلة دراسات أدبية، مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعلمية، الجزائر، العدد 5، فبراير، 2009م.
الأطروحات:
- الدرديسي، ياسمين، العتبات النصية في شعر إبراهيم نصر الله: دراسة سيميائية، (رسالة ماجستير بإشراف أ.د محمد صلاح أبو حميدة) جامعة الأزهر، غزة، فلسطين، 2015م.
([1]) السّواح، فراس، الأسطورة والمعنى: دراسات في الميثولوجيا والديانات الشرقية، ط2، دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة، دمشق، 2001، ص14.
([2]) حسين، فتيحة، توظيف الأسطورة في الشعر العربي الحداثي، مجلة معارف، جامعة البويرة، الجزائر، السنة الثامنة، العدد (15) جوان 2014م، ، ص86.
([3]) السواح، الأسطورة والمعنى، ص15.
([4]) ابن منظور، جمال الدين، لسان العرب، مادة (ع ن ن)، عناية وتصحيح: أمين محمد، ومحمد الصادق، ط3، دار إحياء التراث العربي-مؤسسة التاريخ العربي، بيروت، 1999م.
([5] (حسين، خالد، في نظرية العنوان: مغامرة تأويلية في شؤون العتبة النصية، د.ط، دار التكوين، دمشق، 2007م، ص65.
([6] (العبيدي، علي أحمد، العنوان في قصص وجدان الخشاب: دراسة سيميائية، دراسات موصلية، العدد 23، 2009م، ص61.
([7]) بلعابد، عبد الحق، عتبات: جيرار جينيت من النصّ إلى المناص، ط1، منشورات الاختلاف، الجزائر/ الدار العربية للعلوم، بيروت، 2008م، ص87-88.
([8] (بيلا، عبدالله، قصيدة رسالة إلى سيد البيد، 2011م،www.alqasidah.com/poem.php?ip=785، تمّ الاسترجاع في 1 أغسطس 2022م.
([9]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (ر س ل).
([10] (التهانوي، محمد، كشاف اصطلاحات الفنون، تحقـيق: علي دحروج، تقـديم وإشراف ومراجعة: رفيق العجم، ط1، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، 1996م، ص 859.
([11] (الصكر، حاتم، كتابة الذات: دراسات في وقائعية الشعر، ط1، دار الشروق، عمّان، 1994م، ص25-26.
([12] (مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ط4، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، 2004م، ص978.
([13] (برهومة، عيسى، وبلال عبد الفتاح، “سيمائية الإهداء: دراسة في النماذج من الرواية العربية”. حولية كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية، المجلد 4، العدد 32، ص 669-719.
([14]) الدرديسي، ياسمين، العتبات النصية في شعر إبراهيم نصرالله: دراسة سيميائية، (رسالة ماجستير بإشراف أ.د محمد صلاح أبو حميدة) جامعة الأزهر، غزة، فلسطين، 2015م، ص74.
([15]( بيلا، عبد الله، 2011: www.alqasidah.com/poem.php?ip=785.
([16]) عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 2008م، ص52.
([17])ابن منظور، لسان العرب، مادة (خ ل د).
([18] (ابن فارس، أحمد، الصّاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، د.ط، تحقيق: محمد الشويحي، بيروت: مؤسسة بدران للطباعة والنشر، 1964م، ص181.
([19] (السعودي، عمر، “أسلوب الاستفهام في شعر عنترة بن شداد: دراسة نحويّة”. مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية، المجلد 22، العدد 6، ديسمبر 2014م، ص1345.
([20] (السكاكي، يوسف، مفتاح العلوم، ضبطه وكتب هوامشه وعلق عليه: نعيم زرزور، ط2، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987م، ص313.
([21] (سيبويه، أبو بشر عمرو، الكتاب، تحقيق: عبد السلام هارون، ط2، مكتبة الخانجي، القاهرة/ دار الرفاعي، الرياض، 1983م، ص233.
([23] (المرادي، الحسن، الجنى في حروف المعاني، تحقيق: فخر الدين قباوة، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1992م، ص341.
([24]) الفيروز آبادي، مجد الدين، القاموس المحيط، مادة (ص ف ن)، تحقيق: مكتب تحقيق التراث، ط8، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2005م.
([25]( الجرجاني، عبد القاهر. دلائل الاعجاز، تحقيق: محمود محمد شاكر، ط3 مكتبة الخانجي، القاهرة، 1984م، ص539.
([26]) ريتشاردز، ا.ا، العلم والشعر، ترجمة: مصـطفى بدوي، د.ط، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، د.ت، ص46.
([27]) الكتاني، محمد، الصراع بين القديم والجديد في الأدب العربي الحديث، ط1، دار الثقافة، الدار البيضاء، 1982م، ص247.
([28]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (س ن ب ك).
([29]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (ن د ى).
([30] (ابن السّراج، أبو بكر محمد (1973). الأصول في النحو، ج1، د.ط، تحقيق: عبد الحسين الفتلي، مطبعة النعمان، النجف، 1973م، ص401.
([32])المبرّد، أبو العباس محمد، المقتضب، تحقيق: محمد عبد الخالق عُضيمة، ط1، عالم الكتب، بيروت، 1963م، ص207.
([33]( ابن عصفور الاشبيلي، شرح جمل الزجاجي، ج 2، تحقيق: صاحب أبو جناح، د.ط، مطبعة دار الكتب، الموصل، 1992م، ص82.
([34]) ابن فارس، أحمد، الصّاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، تحقيق: محمد الشويحي، د.ط، مؤسسة بدران للطباعة والنشر، بيروت، 1964م، ص39.
([35])محصول، سامية، “الانزياح في الدراسات الاسلوبية”، مجلة دراسات أدبية، مركز البصيرة للبحوث والاستشارات والخدمات التعلمية، الجزائر، العدد 5، فبراير، 2009م، 85-94.
([36] (شكري، إسماعيل، “نقد مفهوم الانزياح” مجلة دراسات مغاربية، مؤسسة الملك عبد العزيز للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، العدد (11)، يناير 2000م، 21-30
([37] (فضل، صلاح، علم الأسلوب ومبادئه وإجراءاته، ط1، دار الشروق، القاهرة، 1998م، ص 212.
([38]) حنفي، حسين، التراث والتجديد، ط5، المؤسّسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2002م، ص13.
([39]( علاق، فاتح، مفهوم الشعر عند الشعراء الروّاد، د.ط، منشورات اتّحاد الكتاب العرب، دمشق، 2005م، ص118.
([40]) بلحاج، كاملي، أثر التراث الشعبيّ في تشكيل القصيدة العربيّة المعاصرة: قراءة في المكوّنات والأصول، ط1، اتّحاد الكتّاب العرب، دمشق، 2004م، ص26.
([41]) الورقيّ، السعيد، لغة الشعر العربيّ الحديث: مقوّماتها الفنّيّة وطاقاتها الإبداعيّة ط2، دار المعارف، القاهرة، 1983م، ص173.
([42]( زايد، عليّ عشريّ، استدعاء الشخصيّات التراثيّة، د.ط، دار الفكر العربيّ، القاهرة، 1997م، ص 121.
([43]) مفتاح، محمد، تحليل الخطاب الشعري، ط2، الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1986م، ص 121.
(([44] الثبيتي، محمد، الأعمال الكاملة، ط1، النادي الأدبي، حائل/مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، 2009، ص9
([45]( مفتاح، محمد، المفاهيم معالم: نحو تأويل واقعي، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2010م، ص41.
([46]) الثبيتي، الأعمال الكاملة، ص59.
([47]) الكتاب المقدس، إنجيل يوحنا، ص141.
([48]) الذهبي، شمس الدين محمد، سير أعلام النبلاء، ج 2، ضبط وعناية: حسّان عبد المنّان، ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 2004، ص 1328.
([49]) الضمور، عبد الوهاب، “استدعاء شخصية أبي ذر الغفاري في الشعر الأردني المعاصر: دراسة وصفية وتحليلية”، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية المجلد15، العدد1، يونيو 2018م، 272.
([50] (عبيد، محمد صابر، التشكيل النصي، ط1، كتاب الرياض، الرياض، 2013م، ص49.
([51] (عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، ص 446-448.