حماية حق التأليف و الابداع في اتفاقيات الدولية و القوانين الوطنية
La protection du droit de création et d’invention dans les conventions internationales et les lois nationales
ط.د. بساعد سامية – بوعلوط فازية Doctorante Boualout fazia et bessad Samia
Université d’Alger 1 كلية الحقوق جامعة الجزائر1 –
مقال منشور في كتاب أعمال الملتقى الدولي حول حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية الصفحة 55.
Résumé :
Les êtres humains jouissent de plusieurs droits, indépendamment de leur nationalité, de leur type social, de leur origine nationale ou coutumière ou de leur couleur, de leur religion, de leur langue ou de tout autre statut et de ce qu’on appelle les « droits de l’homme ». Et l’attention à ce genre de droit a été accordée tout dès le début de l’attention réelle aux droits de l’homme en vertu du droit international n’a été que dans les temps modernes et exactement après la Seconde Guerre mondiale. Les droits de l’homme où la déclaration universelle des droits de l’homme, adoptée par l’assemblée générale des Nations Unies en 1948, a été le premier document juridique qui a défini les droits de l’homme universellement protégés, La déclaration universelle des droits de l’homme continue de constituer la base de toutes les lois et comparaisons internationales en matière de droits de l’homme. Elle s’est penchée sur un éventail de droits et de libertés, tels que la liberté d’expression, le droit d’asile, les droits civils et politiques, les droits sociaux et économiques, tels que le droit à la sécurité sociale, et les droits culturels, y compris le droit à la paternité et à la créativité, à laquelle la protection juridique est consacrée au niveau national et international.
Mots-clés : Déclaration universelle des droits de l’homme, Droits culturels, le droit à la Créativité, Droits d’auteur, Droits de propriété intellectuelle.
الملخص:
يتمتع الإنسان بعدة حقوق لمجرد أنه من البشر ، بغض النظر عن جنسيته أو نوعه الاجتماعي أو أصله الوطني أو العرفي أو لونه ، أو دينه أو لغته أو أي وضع آخر وأطلق عليها بحقوق الإنسان، ولقد تم الاهتمام بهذا النوع من الحقوق منذ القدم، غير أن البداية الحقيقية للاهتمام بحقوق الإنسان في إطار القانون الدولي لم يكن إلا في العصر الحديث وبالضبط بعد الحرب العالمية الثانية، حيث شكل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1948، أول وثيقة قانونية تحدد حقوق الإنسان التي يجب حمايتها عالميا.
ولا يزال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يشكل أساس جميع قوانين حقوق الإنسان الدولية، والمقارنة، وقد تناول مجموعة من الحقوق والحريات كحرية التعبير، حق اللجوء، الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، كحق الحصول على الضمان الاجتماعي، والحقوق الثقافية التي من بينها حق التأليف والإبداع الذي كرست له حماية قانونية على الصعيدين الوطني والدولي.
الكلمات المفتاحية: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الحقوق الثقافية، حق الإبداع، حق التأليف، حقوق الملكية الفكرية.
المقدمة:
إن التفكير مرتبط بوجود الانسان وهذا ما جعل الفيلسوف “رينيه ديكارت ” يقول في كتابه (مقال في المنهج) في القسم الرابع ([1]) “أنا أفكر إذن انا موجود ” فبالعقل تطور الإنسان في مختلف جوانب حياته ” وهذا ما يؤكد بأن الإبداع الذهني لعب دورا محوريا و أساسيا في تطوير الحياة البشرية ، حتى أن مقياس تقدم الأمم يقاس بمدى تقدمها الفكري ، لذلك إنه من الضروري مكافأة المبدعين و المفكرين بحماية ثمرات مجهوداتهم الفكرية تشجيعا لهم على مواصلة الإبداع وهذا بسن قوانين و أنظمة و إبرام اتفاقيات متعددة الأطراف قصد توسيع هذه الحماية على أكبر نطاق ممكن و لا نُقصر هذه الحماية في حدود إقليم معين ، ويعتبر المصنف هو محل حماية حقوق المؤلف ، غير أنه لابد أن نشير في هذا الصدد أن هناك مصنفات مستبعدة من الحماية على أساس قانون حقوق المؤلف ولهذا ما يبرره وقد حددهم المشرع الجزائري على سبيل الحصر و ذلك في المواد من 33-41 من أمر 03/05 تتمثل في الوثائق الرسمية كالقوانين و التنظيمات والقرارات والعقود الإدارية الصادرة عن مؤسسات الدولة والجماعات المحلية، وكذا الأحكام القضائية، و الترجمة الأصلية لهذه النصوص، لا تتمتع بالحماية القانونية، و بالتالي فإن السلطات العمومية التي تصدر كافة هذه الوثائق بصدد قيامها بوظيفتها الرسمية لا تحمل صفة المؤلف ولا يكتسب القائم بالعمل حقوق التأليف عليها، وبالتالي فأنه يمكن نقل هذه الأعمال شريطة ذكر المصدر، أما فيما يخص التعاليق الرامية الى شرح هذه الأعمال فهو يعد عمل إبداعي يكسب صاحبه حقوق المؤلف ، ومن المصنفات المستبعدة أيضا ، حالة النسخة الخاصة أي استنساخ نسخة واحدة للاستعمال الشخصي إذا لم يكن الغرض من ذلك تحقيق الارباح ، وكذلك في حالة استعمال المصنف لأغراض الإيضاح التعليمي أي لغايات مدرسية أو تربوية أو جماعية لغاية التدريب المهني ، كذلك تراخيص الترجمة و الاستنساخ وذلك بأن يطلب الشخص الذي يريد الاستنساخ أو ترجمة من السلطة المختصة ترخيص بذلك وهذا بعد مضي مدة معينة على نشر المصنف.
أما فيما يخص المصنفات المشمولة بالحماية فقد قامت التشريعات والاتفاقيات الدولية ومنهم التشريع الجزائري بذكرها على سبيل المثال لا الحصر حيث يكون للمؤلف عليها حقوقا استئثاريه، وهذه الحماية لا تكون إلا بتوافر مبادئ معينة وبمجرد توافرها عليها فإنها تتمتع بنوعين من الحماية وهي حماية وطنية وأخرى دولية.
فما مضمون هذه الحقوق وما هي الحماية القانونية المقررة لها على الصعيدين الوطني والدولي؟
ولقد حاولنا معالجة هذه الإشكالية ضمن مبحثين أساسيين:
المبحث الأول: مضمون حق الـتأليف ومبادئه؛ والذي قسمناه إلى مطلبين بحيث سنتناول في المطلب الأول مضمون حق التأليف أما في المطلب الثاني سنعالج المبادئ التي يقوم عليها حق التأليف.
المبحث الثاني: خصصناه للحماية المقررة لحق التأليف والتي سنتناولها في مطلبين، المطلب الأول الحماية الوطنية، والمطلب الثاني الحماية الدولية.
المبحث الأول: مضمون حقوق المؤلف ومبادئها:
الملكية الفكرية بوجه عام هي كل ما ينتجه العقل البشري من أفكار محددة تتم ترجمتها إلى أشياء ملموسة، فهي حقوق ذهنية، مجالها واسع جدا يدخل في نطاقها كل الحقوق الناتجة عن النشاط الفكري للإنسان و تنقسم إلى نوعين ، النوع الأول يتمثل في الملكية الصناعية التي تشمل الحقوق الواردة على الاختراعات و الرسوم و النماذج الصناعية و التجارية والبيانات التجارية وكذا تسميات المنشأ، أما النوع الثاني فيتمثل في الملكية الأدبية والفنية أو ما يعرف بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، ويعتبر حق المؤلف مصطلح قانوني يصف الحقوق الممنوحة للمبدعين على مصنفاتهم وهناك حقوق مجاورة لحقوق المؤلف أي تجاور المصنفات المحمية بحق المؤلف لتشمل حقوقا مماثلة له وتتمثل في حقوق فناني الأداء مثل الممثلين والموسيقيين وحقوق منتجي التسجيلات الصوتية مثل تسجيلات الأشرطة والأقراص المدمجة في تسجيلاتهم وحقوق هيئات الإذاعة في برامجها الإذاعية و التلفزيونية .
حق التأليف والإبداع إذن هي السلطة والاختصاص بمجموع الافكار والآراء وكل ما ينتجه العقل البشري من إبداعات فكرية أدبية وفنية وعلمية خلاقة أيا كانت طريقة أو شكل التعبير عن هذا الابداع.([2])
انطلاقا مما سبق فإننا سنتناول مضمون حقوق المؤلف أولا، ثم نتناول المبادئ التي يقوم عليها هذا الحق ثانيا.
المطلب الأول: مضمون حق المؤلف:
تنص المادة 21/1 من الأمر 03/05 على أنه: ” يتمتع المؤلف بحقوق معنوية ومادية على المصنف الذي أبدعه يتبين من نص المادة أن المؤلف يستفيد من حقوق استئثارية مختلفة البعض منها ذو طابع مالي والبعض الأخر ذو طابع معنوي (أدبي).
الفرع الأول: نطاق الحق المعنوي:
يكرس الحق المعنوي الصلة الوثيقة بين المؤلف ومصنفه الذي يعتبر امتداد لشخصيته وعليه فإن التكييف القانوني لهذا الحق يتمثل باعتباره من طائفة الحقوق اللصيقة بالشخصية ،وهو يمثل العمود الفقري لحق المؤلف ، يسمو على الحق المالي أو المادي ويترتب على ذلك جملة من الخصائص : أنها أساسية وغير مالية ومرتبطة بصفة المؤلف، ولهذا فهي غير قابلة للتصرف ولا يمكن أن تكون محل حجز أو تنفيذ، أو نزع ملكية كما أنها غير قابلة للتقادم ولا يمكن التنازل عنها كما أن مدتها غير محدودة وهي تشمل طبقا للمادة 22 و المادة 23 من الامر 03/05 عدة حقوق فرعية التي تمثل امتيازات أو سلطات تمكن المؤلف من حماية شخصيته التي يعبر عنها انتاجه الفكري أهمها :
1-حق الكشف عن المصنف: يتمتع المؤلف بحق الكشف عن مصنفه،([3])باستغلاله بأي شكل من أشكال الاستغلال (المادة 27 من الأمر 03/05)، فللمؤلف الحق في نشره في شكل معين أو ابلاغه إلى الجمهور، كما له الحق في الامتناع عن نشره، وللكشف أهمية كبرى، حيث إن حقوق المؤلف تنشأ بمجرد الابداع ولكن لن تمارس إلا بعد الكشف، وحق الكشف حق مطلق غير قابل للتصرف أو التداول.([4])
2-حق التبني (حق الأبوة): أيحق المؤلف في نسبة مصنفه إليه، نصت عليه المادة 22 من الأمر 03- 05 للمؤلف الحق في أن يسند إبداعه الفكري اليه، بمعنى يحق له أن يذكر اسمه على كل نسخة من نسخ المصنف كلما طرح على الجمهور بل وله أن يعرض مؤهلاته العلمية، كما لا يجوز لورثته بعده اخفاء اسم مورثهم عن الجمهور([5])، ويترتب عن التبني ثلاثة نتائج هي:
-أن قبول المؤلف لنظام النيابة لا يعني أبدا تنازله عن حقوقه الأدبية.
– أن هذا الحق مطلق، وبالتالي في حالة اخفاء الهوية فلا يجوز للمتعاقد الأخر كشف هذه الهوية، وكل كشف له يعتبر ارتكاب خطا إلا إذا كان هذا الكشف مرخص، بعد وفاة المؤلف يخول الكشف للورثة ما لم تكن وصية خاصة ([6])
– في حالة ما إذا كان المصنف ذات منفعة عامة ورفض الورثة الكشف عنه هنا للوزير المكلف بالثقافة أن يلجأ للقضاء للفصل في الكشف عن المصنف.([7])
3-الحق في احترام سلامة المصنف: حق المؤلف على أن يعترض على أي تحريف او حذف وعلى أي تعديل لمصنفه من شأنه ان يمس بشرفه وسمعته أو بمصالحه المشروعة، ونصت على هذا الحق المادة 06 من اتفاقية برن «berne» والمادة 25 من الأمر 03/05.
4-حق التوبة (حق الندم):وهو حق المؤلف في العدول عن مصنفه أو سحبه من التداول التجاري عندما يصبح غير مطابق مع قناعته الفكرية أو المعنوية بعدما كان نشره محل عقد بشرط أن يدفع مسبقا التعويضات لأصحاب حقوق الاستغلال.([8])
وبشأن اتفاقية برن فقد أقرت أن الحق المعنوي للمؤلف يشمل المطالبة بنسبة المصنف إليه (حق الأبوة)، بالإضافة إلى الحق في الاعتراض على كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل أخر لهذا المصنف أو كل مساس أخر بذات المصنف يكون ضارا بشرفه أو بسمعته.([9])
الفرع الثاني: نطاق الحق المالي
إلى جانب الحقوق المعنوية يتمتع المؤلف بحقوق مالية أو كما يسميها البعض بالحقوق الاقتصادية لكونها حقوقا يعترف بها القانون للمؤلف قصد الانتفاع من مصنفه اقتصاديا بشتى أوجه الاستغلال التي يباشرها المؤلف للاستفادة من ثمرة جهده الفكري سواء استغله بنفسه أو بواسطة شخص أخر، أي المتنازل له ( بمقابل أو بدون مقابل)([10])، ويعتبر الحق المالي للمؤلف منقول معنوي ومن حقوق الذمة المالية وينتقل إلى الورثة بعد وفاة المؤلف إلى غاية انتهاء مدة الحماية، كما يتميز بأنه مؤقت، فحق المؤلف في احتكار استغلال مصنفه محدد بمدة حياته ولورثته بعد مماته بمدة معينة أجمعت التشريعات على تحديدها بمدة 50 سنة من وفاته، فقد حددت المادة 54 من أمر 03/05 مدة حماية الحقوق المادية للمؤلف طوال حياته ولفائدة ذوي حقوقه مدة خمسين(50) سنة ابتداء من مطلع السنة المدنية التي تلي وفاته، وفي حالة ما إذا كان المصنف مشترك ، فإن احتساب مدة الحماية تبدأ من نهاية السنة المدنية التي يتوفى فيها آخر الباقين على قيد الحياة من المشاركين في المصنف وهذا ما نصت عليه المادة 55 من نفس الأمر، أما في حالة ما تم النشر بعد وفاة المؤلف فإن احتساب 50 سنة تبدأ من نهاية السنة المدنية التي نشر فيها المصنف على الوجه المشروع للمرة الأولى.([11])
وفي حالة عدم نشر هذا المصنف خلال الخمسين سنة ابتداء من تاريخ إنجازه، فإن مدة خمسين (50) سنة تبدأ من نهاية السنة المدنية التي وضع فيها المصنف رهن التداول بين الجمهور، وفي حالة عدم تداول هذا المصنف بين الجمهور خلال الخمسين سنة ابتداء من تاريخ إنجازه، فإن مدة خمسين سنة يبدأ سريانها من نهاية السنة المدنية التي تم فيها ذلك الإنجاز وهذا ما قضت به المادة 60 الفقرة الثانية والثالثة من نفس الأمر، وبعد انقضاء هذه المدة يصبح المصنف ملكا عاما.
أما فيما يخص أوجه الاستغلال المالي فقد نصت المادة 27 الفقرة الثانية من الأمر 03/05 على أنه يحق للمؤلف دون سواه أن يقوم بنفسه أو يسمح لمن يقوم على الخصوص بالأعمال التالية:
-استنساخ المصنف
-وضع البرنامج رهن التداول لدى الجمهور
-تأجير البرنامج
ابلاغ المصنف الى الجمهور بأية منظومة معلوماتية
-الترجمة والاقتباس والتحويلات المدخلة على البرنامج وإعادة توزيعه
وهو تعداد جاء على سبيل المثال تاركةً المجال مفتوح لمختلف صور الاستغلال الحديثة التي قد تظهر مستقبلا.
المطلب الثاني: المبادئ التي يقوم عليها حق التأليف والإبداع:
تقضي المادة الثالثة الفقرة الأولى من الأمر 03/05 صراحة على أن الحماية على أساس قانون حقوق المؤلف تمنح لكل صاحب إبداع أصلي لمصنف أدبي أو فني، وتضيف الفقرة الثانية من نفس المادة على أن الحماية تمنح للمصنفات الفكرية مهما كان شكل تعبيرها بنصها على أنه ” تمنح الحماية مهما يكن نوع المصنف ونمط تعبيره ودرجة استحقاقه ووجهته، بمجرد ايداع المصنف سواء أكان المصنف مثبتا أم لا بأية دعامة تسمح بإبلاغه إلى الجمهور”. وبناء عليه فإن المصنفات المشمولة بالحماية في ظل قانون حقوق المؤلف لابد أن تنطوي على شروط معينة تتمثل أساسا في شرط الأصالةl’originalité ،وشرط ابلاغه للجمهور في شكل مادي ملموس.
الفرع الاول: معيار الأصالة كشرط لحماية المصنف على أساس قانون حقوق المؤلف: تعتبر أصالة المصنف شرط أساسي لحماية حقوق المؤلف وعنصر لابد منه في اضفاء تلك الحماية وتتجلى هذه الأصالة في التعبير الإبداعي وكذا في ذاتية المصنف ولا محل للحماية دون هذه الاصالة،([12] )فالأصالة إذن يقصد بها أن ينطوي المصنف على نوع من الإبداع، أي أن يعبر عن المجهود الفكري لصاحبه وإلا لا تسري عليه الحماية المقررة في قانون حقوق المؤلف، وعلى هذا الأساس فان المصنف الخال من الإبداع و الذي لا يعبر عن شخصية صاحبه لا يكون مشمولا بالحماية القانونية لخلوه من شرط جوهري وهو معيار الأصالة وقد عبر الفقيه السنهوري عن هذا المعنى بقوله “أن الابتكار هو الثمن الذي تشترى به الحماية”.
إن الابداع لا يفهم منه اختراع افكار غير معروفة من قبل، فلا مانع أن تكون الفكرة قديمة ثم يعبر عنها المؤلف بأسلوبه الخاص وبمنهجية جديدة وهذا ما عبر عنه البعض بقولهم بأن حقوق المؤلف تحمي فقط ابداعات الاشكال وليس الأفكار.([13])
وبعبارة أخرى الأصالة لا يشترط أن تكون مطلقة، فيمكن أن تكون الأفكار قديمة، يكفي فقط أن يتميز المصنف عن المصنفات التي سبقت لكي يكون أصيلا، أي يكفي أن يعبر عن نوع من الإبداع وأن تكون له ثمرة الجهد الشخصي لصاحبه.
إن مسالة الأصالة هي مسألة واقع، يعني أن السلطة التقديرية للقاضي حيث يختلف تقديرها باختلاف المصنفات بحسب ما إذا كانت علمية أو تقنية أو أدبية أو موسيقية أو مصنفات مشتقة …الخ وحسب ما إذا تعلق الأمر على المستوى التجاري بانتحال أو تقليد.( [14])
الفرع الثاني: حماية إبداعات الأشكال وليس الأفكار (إفراغ الانتاج الذهني في شكل مادي ملموس):
كما سبق وأن اشرنا إليه أنفا أن حماية حقوق المؤلف تعمل على حماية الأشكال ولا تحمي الأفكار طالما أن الأفكار لا تعتبر مصنفات ولذلك فإن حقوق المؤلف تهدف إلى حماية الشكل الظاهري الملموس للأفكار،([15])ويقصد بذلك إخراج الأفكار من ذهن المؤلف، وإبلاغها للجمهور،([16]) سواء أكان مصنفا مكتوبا بتجسيده في صورة مادية ملموسة كالكتاب ، أو صحيفة ، أو لوحة فنية ، أو قرص مضغوط ، في دعامة ورقية أو إلكترونية، أو كان مصنفا شفويا مثل المحاضرات والخطب والمواعظ و باقي المصنفات التي تماثلها،([17]) وبهذا فإن مجرد أفكار لا يحميها قانون حقوق المؤلف وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 7 من الأمر 03/05“لا تكفل الحماية للأفكار و المفاهيم و المبادئ و المناهج و الأساليب و إجراءات العمل و أنماطه المرتبطة بإبداع المصنفات الفكرية بحد ذاتها، إلا بالكيفية التي تدرج بها، أو تهيكل، أو ترتب في المصنف المحمي، وفي التعبير الشكلي المستقل عن وصفها أو تفسيرها أو توضيحها“، ومنه فإن قانون حقوق المؤلف يحمي إبداعات الأشكال وليس الأفكار، أي أن الحماية على أساس قانون حقوق المؤلف تعنى بالإطار الشكلي الذي تندرج فيه الأفكار وآليات هيكلتها وترتيبها وكيفية التعبير عنها ولا تمتد الحماية للفكرة في حد ذاتها .
فالركن الشكلي بصفة عامة للمصنف يقصد به أن يكون المصنف قد أخرج من الحيز الفكري الى مجال الواقع فيصبح له كيان ملموس،([18])وتتمثل حماية إبداعات الأشكال في منح المبدع حقوق مانعة أو استئثاريه ذات طابع مالي كالحق في استنساخ المصنف وإبلاغه للجمهور، وحقوق ذات طابع معنوي أو شخصي.
المبحث الثاني: الحماية المقررة لحق التأليف والإبداع:
إنه من طبيعة المؤلف الأدبية والفنية ألا تبقى حبيسة في إقليم معين أو منطقة معينة ، وإنما يتم عرضها داخل الموطن وخارجه ، لذلك فإن آليات حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة لم تقتصر فحسب على التشريعات والمنظومات القانونية الداخلية بل امتدت إلى إطار دولي عكف على تبيان آليات هذه الحماية، ولقد زاد اهتمام دول العالم بالملكية الفكرية بوجه عام، وبحقوق المؤلف بوجه خاص، انطلاقا من الدور الذي تلعبه في تنشيط دواليب الاقتصاد العالمي وما يحققه من مداخيل مالية هامة، مما جعل دول العالم تولي أهمية بالغة لهذا الموضوع، ذلك أن تحديد قوة أي دولة يعتمد على مقدار ما تملكه من حقوق فكرية، وبما أن سمات الانتاج الفكري هي العالمية والشيوع حيث لا يعرف حدود، فقد وجب حماية حقوق الملكية الفكرية على جميع الاصعدة الوطنية والدولية .
المطلب الأول: حماية حق التأليف والإبداع على الصعيد الوطني:
كان حق التأليف والإبداع في الجزائر بعد 1962 محددا وفقا للقوانين الفرنسية الصادرة في هذا المجال، طبقا لأحكام الأمر رقم 62 -157 المؤرخ في 31 ديسمبر 1962 الذي أجاز تمديد تطبيق النصوص القانونية الفرنسية التي كان معمولا بها إلى تاريخ 03 يوليو 1962 شريطة ألا تمس السيادة الوطنية، وبالتالي بقيت هذه النصوص هي المطبقة على التراب الجزائري حتى سنة 1973([19])، و الذي ألغي بموجب الأمر رقم 97 -10 المؤرخ في 6 مارس 1997 و المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ، وبصدور هذا الأمر الأخير وبموجب المادة 165 منه تم إلغاء المواد من 390-394 من الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 8 يونيو 1966 المعدل و المتمم و المتضمن قانون العقوبات ، و المتعلقة بالتعدي على الملكية الأدبية و الفنية وأدرج مضمون هذه المواد الملغاة من قانون العقوبات في الأمر رقم 97 -10 مع بعض التعديلات و الاضافات في المواد من 149 إلى 158 من هذا الأمر، وفي سنة 2003 ، أصدر المشرع الجزائري الأمر رقم 03/05 المؤرخ في 19 يوليو 2003 والمتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة معدلا للأمر 97-10، الذي كرس حماية وطنية لحقوق المؤلف، وتكمن هذه الحماية في منح المؤلف الحق في رفع دعوى مدنية وأخرى جزائية في حالة الاعتداء على حقوقه وكذا اتخاذ بعض الإجراءات التحفظية و الجزاءات المترتبة على الاعتداء على هذه الحقوق، ولقد خصص لهذا الموضوع بابا منفصلا وهو الباب السادس من الأمر 03/05 المعنون بـ “الإجراءات و العقوبات”، وخصص الفصل الأول منه للدعوى المدنية في المواد من (143-150)، وخصص الفصل الثاني من هذا الباب للأحكام الجزائية (المواد من 151-160).
يعتبر حق التأليف والإبداع من الحقوق المكرسة دستوريا، نصت عليه الدساتير الجزائرية المتعاقبة ومنه دستور 2020 وذلك بموجب المادة 74 منه،([20])بنصها على أنه “حرية الابداع الفكري، بما في ذلك أبعاده العلمية والفنية مضمونة”، فلا لا يمكن تقيد هذه الحرية إلا عند المساس بكرامة الأشخاص أو بالمصالح أو بالمصالح العليا للأمة أو القيم والثوابت الوطنية. فالقانون يحمي الحقوق المترتبة على الابداع الفكري، وفي حالة نقل الحقوق الناجمة عن الابداع الفكري، يمكن للدولة ممارسة حق الشفعة لحماية المصلحة العامة”.
إلى جانب هذه النصوص أيضا تم إصدار المرسوم التنفيذي رقم 05 /356 ([21]) الذي يتضمن القانون الأساسي للديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، و الذي يعتبر هذا الأخير مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، فهو في علاقاته مع الدولة يخضع للقواعد المطبقة على الإدارة، أما في علاقاته مع الغير، فتطبق عليه القواعد المطبقة على الإنتاج([22])ويتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي([23]) وهو موضوع تحت وصاية وزارة الثقافة ([24]) ومقره هو مدينة الجزائر.([25])
ويعتبر الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة (ONDA) أول مؤسسة افريقية لحماية حقوق المؤلف، وتم انشائها بموجب الامر رقم 73-46 الصادرة في 29 جويلية 1973 وفقا للمرسوم التنفيذي 98-366 وتم إعادة النظر في هياكله وفقا للمرسوم التنفيذي رقم 05-356 الصادر في 21 سبتمبر 2005، وباعتباره كجهاز ضبط الملكية الادبية و الفنية فانه منوط طبقا للمادة 5 من المرسوم المتعلق بإنشائه، بمهمة حماية المصالح المعنوية والمادية للمؤلفين أو ذوي حقوقهم وأصحاب الحقوق المجاورة و الدفاع عنها، وكذا حماية مصنفات التراث الثقافي التقليدي والمصنفات الوطنية الواقعة ضمن الملك العام، وهذا في حدود الهدف الاجتماعي وفي حدود القانون ([26]) .
المطلب الثاني: حماية حق التأليف والإبداع على الصعيد الدولي:
إن تطور العلاقات الدولية و المبادلات الثقافية وترجمة المؤلفات للغات أخرى، قد تطلب حماية المؤلفات الوطنية خارج الأراضي الوطنية ، كما تطلب حماية المؤلفات الأجنبية داخل الحدود الوطنية، ومن الناحية التاريخية كانت المصنفات الأجنبية تمنح الحماية عن طريق ادراج في القوانين الوطنية شروط خاصة بالمعاملة بالمثل، كما أبرمت معاهدات ثنائية، غير أنه هذه التدابير لم تكن كافية لحل جميع جوانب مشكلة الحماية الدولية لحقوق المؤلف، وساد الاعتراف بالحاجة إلى مواثيق دولية متعددة الأطراف تلزم الدولة المتعاقدة بحماية المصنفات الأجنبية على نطاق واسع، وبذلك بدأ الاهتمام بتطور حقوق المؤلف على الصعيد الدولي نظرا لان كثيرا من المؤلفين و الفنانين كانوا يعانون من انتحال مصنفاتهم خارج بلادهم.([27])
وفي نهاية القرن 19 تواصلت الجهود المشتركة لعدد من الدول إلى إبرام أول اتفاقية متعددة الاطراف وهي اتفاقية ” برن” لحماية المصنفات الأدبية والفنية، تم التوقيع عليها في مدينة برن السويسرية في 09 نوفمبر 1886.([28])وكانت ترمي إلى مساعدة مواطني الدول الأعضاء فيها على الحصول على حماية دولية فيما يخص حقهم في مراقبة مصنفاتهم الابداعية وتقاضي أجر مقابل الانتفاع بها، وتضمنت الاتفاقية مبادئ أساسية، حيث وضعت مبدأين أساسيين وهما إدماج رعايا دول أعضاء الاتحاد في الجماعة الوطنية، وهذا ما يعرف بتشبيه الأجنبي بالمواطن ووضع قانون اتفاقي لتحديد مدة أدنى للحماية.
فيما يخص أهداف هذه الاتفاقية، فهي أبرمت بهدف حماية حقوق المؤلفين على مصنفاتهم الأدبية والفنية ولذلك فقد تضمنت أحكاما خاصة بتحديدها ووضعت المعايير والشروط اللازمة لتلك الحماية، كما أقرت مبدأ المعاملة بالمثل والحقوق الأدبية للمؤلف ومضمونها ومدة حماية المصنفات التي يجب أن تلتزم بها الدول الأطراف وحقوق التمثيل والأداء العلني وحقوق تسجيل المصنفات الموسيقية وتنظيم عملية نقل الأفلام السينمائية وتداولها واستغلالها دوليا، وحجز المصنفات المزورة والجمع بين أحكام الاتفاقية والقوانين الوطنية لحماية حق المؤلف.([29])
- اتفاقية جنيف العالمية Convention Universelle de Genève :([30])أبرمت في 6 سبتمبر 1952، ودخلت حيز التنفيذ يوم 16 سبتمبر 1955 ثم عدلت في مؤتمر باريس في 24 يوليو 1971.
وحتى لا تنافس اتفاقية جنيف العالمية، اتفاقية برن، نصت على أنه لا يمكن تطبيق أحكامها على العلاقات الموجودة بين الدول التي انضمت إلى اتفاقية برن، وأنه لا يمكن للدول الأعضاء في الاتحاد –واعتبارا من أول يناير 1951 – الخروج منه للانضمام إلى الاتفاقية العالمية، ولهذه التدابير الاحتياطية ما يبررها، لأن أحكام اتفاقية جنيف تعد أقل صرامة من اتفاقية برن.
تقضي اتفاقية جنيف العالمية، على غرار اتفاقية برن، تشبيه المؤلف الأجنبي بالمؤلف الوطني، أي بحماية رعايا الدول الأعضاء بمقتضى نفس الأحكام التي يستفيد منها المؤلف الوطني، غير أنها تمنح لمفهوم النشر معنى مختلفا عما هو عليه الأمر في اتفاقية برن،([31])حيث أنه يقصد بالنشر النقل بشكل مادي وعرض نسخ المؤلفات على الجمهور، ويسمح هذا النقل بقراءة هذه المؤلفات أو أخذ معلومات عنها بصريا،([32])وينجر عن هذا المفهوم أن التسجيلات الفونوغرافية لا تعتبر نشرا.([33])
كما تميز هذه الاتفاقية مثل اتفاقية برن بين المؤلفات المنشورة وغير المنشورة، وقامت بتحديد مدة الحماية للمؤلف ب 25 سنة بعد وفاته،([34])وهذا خلافا لاتفاقية برن التي حددت مدة الحماية كل حياة المؤلف وطوال 50 سنة بعد وفاته لصالح ورثته.([35])
- اتفاقية جنيف (فنوغرام) Convention de Genève (Convention Phonogrammes):
قامت اليونسكو بالإشراف على هذه الاتفاقية المبرمة يوم 29 أكتوبر 1971 والمسماة باتفاقية “فنوغرام” غرضها هو حماية منتجي التسجيلات السمعية ضد اعادة تسجيل انتاجهم غير المرخص به، وهي تتكون من ثلاثة عشر مادة، هدفها هو حماية منتجي التسجيلات السمعية (الفنوغرامات) من صناعة وبيع الأسطوانات المقلدة أو استنساخ تسجيلات سمعية (صوتية) غير مصرح بها، أي أنها تهدف أساسا إلى محاربة عمليات “القرصنة ” التي يعاني منها منتجو التسجيلات السمعية، وتجدر الاشارة أن هذه الاتفاقية لم تنظم إليها الجزائر.
- Convention de Bruxelles convention Satellites:
أدى تطور التكنولوجيا في السبعينات الى استعمال وسائل جد متقدمة في مجال الاتصالات، ولعل أشهرها هو القمر الاصطناعي.
إن أهميته البارزة استلزمت البحث عن التدابير الضرورية لحماية أصحاب حقوق المؤلف والحقوق المجاورة على الصعيد الدولي في حالة التوزيع غير المرخص به للبرامج بواسطة التوابع الصناعية (الإشارات).
وقد أبرمت هذه الاتفاقية في 27 مايو 1994 ونفذت في أواخر أوت 1979، وبلغ عدد أطرافها حتى سنة 1982 سبع دول، ويرجع سبب قلة اعضائها إلى عدم توافر المحطات الأرضية لالتقاط الامتيازات الناقلة للبرامج لدى كثير من الدول.([36])
وتهدف هذه الاتفاقية إلى إيجاد حل مرض لمسألة الحقوق الواجب دفعها لصاحب المصنف و/أو الحقوق المجاورة، إذا كانت الإشارات المبثة في إقليم معين تم فك رموزها ثم توزيعها في إقليم ثاني، فهذه العملية تعد بثا غير مباشر وغير مشروع، ولهذا تسعى هذه الاتفاقية إلى تنظيم العلاقات بين الهيئة الباعثة الأصلية والهيئة الموزعة حتى تتمكن الأولى من معارضة كل توزيع غير مرخص به.([37]) وتلزم هذه الاتفاقية الدول المتعاقدة باتخاذ التدابير القانونية المناسبة لمحاربة التوزيعات الغير شرعية (منع أي موزع من توزيع الاشارات من الانطلاق من اراضيها إلى غير الأشخاص المقصودين.([38])علاوة على ذلك، لا يفرض على الدول الأعضاء في الاتفاقية اخضاع الأجانب لنفس النظام القانوني الساري على مواطنيها.([39])
وتجدر الإشارة أنه بالرغم من عدم انضمام الجزائر إلى هذه الاتفاقية فإنها أخذت بأحكامها، وذلك من خلال المادة 106 الفقرة 2 من الأمر 03/05 بنصها على أنه؛ “يمكن هيئة البث الإذاعي السمعي أو السمعي البصري المتميزة عن الهيئة الأصلية في حالة الإبلاغ عن طريق القمر الصناعي أن تبث المصنف المنقول بطريق القمر الصناعي مع مراعاة الحقوق المعترف بها للمؤلف أو من يمثله وفقا للتشريع الوطني،” وهذا لأن المشرع الجزائري سلك مسلك المشرع الفرنسي الذي انضم الى هذه الاتفاقية.
- اتفاقية روما Convention de Rome:
إلى جانب اتفاقية جنيف المسماة باتفاقية فنوغرام، أشرفت اليونسكو على اتفاقية دولية ثانية ، وهي اتفاقية روما المتعلقة بحماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعة التي تم ابرامها في روما عام 1961، والغرض من حماية هذه الإبداعات هو تحقيق أوسع توزيع ممكن للأعمال الإبداعية ، أما الهدف من هذه الاتفاقية ، فهو حماية الخدمات المتنوعة المتمثلة في أنشطة الفنانين العازفين و المنفذين ومنتجي التسجيلات السمعية و الهيئات الإذاعية، وتتميز بالمرونة لكونها تمنح الدول الأعضاء فيها عدة خيارات في هذا الشأن.([40])
أما فيما يخص مدة الحماية فهي لا يمكن أن تقل عن عشرين سنة تحتسب من آخر سنة للتنفيذ بالنسبة للأداء غير المسجل، وللتثبيت بالنسبة للتسجيلات السمعية والأداءات المثبتة عليها، وللبرامج المبثة بالنسبة للبث.([41])
قامت الدول العربية بعقد اتفاقية عربية لحماية حقوق المؤلف بعد أن تولت إعدادها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية وقد تم إقرارها نهائيا في المؤتمر الثالث لوزراء الثقافة العرب الذي عقد في بغداد (العراق) في نوفمبر 1981.
أما فيما يخص أهداف هذه الاتفاقية فتتمثل في تقرير حماية المؤلفين العرب على مصنفاتهم الأدبية والفنية والعلمية تماشيا مع اقتناع الدول العربية بضرورة وضع نظام عربي موحد لحماية حقوق المؤلف يناسب هذه الدول ويتلاءم مع الاتفاقيات الدولية النافذة دون التعارض معها، وهذا كدافع للإبداع الفكري و الابتكار وتنمية الآداب والفنون والعلوم، ومن أحكامها تحديد المصنفات المشمولة بالحماية على سبيل المثال لا الحصر، وتحديد المؤلفين المشمولين بالحماية، ومدة الحماية، فحددت مدة حماية حقوق المؤلف بخمس وعشرين سنة من بداية السنة المدنية التي تعقب تاريخ وفاته.
وتنص الاتفاقية على قواعد ذات أهمية بالغة فيما يخص الرخص الإجبارية لصالح البلدان السائرة في طريق النمو، ويتعلق البعض منها بالترجمة والبعض الأخر بالنقل، كما نظمت انتقال حقوق المؤلف ووسائل حمايتها، كما اهتمت بحماية الفولكلور الوطني من خلال تحديد معناه وملكيته وتفويض الدول الأعضاء فيها لحق حمايته بكل الوسائل القانونية الممكنة، وتشرف على هذه الاتفاقية لجنة دائمة تتكون من ممثلي الدول الاعضاء ومنها متابعة تنفيذ الاتفاقية وتبادل المعلومات بين الأعضاء في إطار النظام الداخلي الخاص بتنظيم عمل اللجنة.([42])
كما توجد عدة منظمات دولية و اقليمية تعمل في مجال حماية حقوق المؤلف، من بينها المنظمة العالمية للملكية الفكرية الويبو”wipo” التي تأسست بموجب اتفاقية استكهولم سنة 1967 والتي تدعم حماية الملكية الفكرية منها الادبية والفنية في جميع أنحاء العالم على أساس التعاون الدولي، كذلك منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التي ساهمت بشكل فعال في حماية حق المؤلف على المستوى الدولي، وذلك من خلال تعاونها مع غيرها من المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال، كما أن هناك المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)، و التي تعتبر أول منظمة عربية اهتمت بالملكية الفكرية إذ تساهم في تطوير حماية حق المؤلف على المستوى العربي من خلال قيامها بوضع أول اتفاقية عربية لحماية حق المؤلف العربي.
الخاتمة:
حق التأليف والابداع حق موجود بوجود الانسان على وجه الأرض، وهو مرتبط بإنتاج العقل البشري، فمنذ أن خلق الله الانسان وركبه في أحسن صورة ما شاء ركبه وجعله في أحسن تقويم، علمه البيان وكرمه بالعقل تمييزا له عن سائر المخلوقات، حتى يتدبر في الكون ويتفكر في ملكوت السماوات والأرض، ومن طبيعة الانسان عندما يلبي حاجاته المادية يسعى إلى إشباع احتياجاته الثقافية، وبذلك فإن الحق في التأليف والإبداع هو حق موجود على الدوام، غير أنه لم يجد التعبير عنه في التشريع أو النصوص القانونية.
إلا أنه بدأت ظاهرة التعدي على هذه الحقوق في اتساع متزايد وحماية الانفتاح الفكري بالنسبة للمؤلف يلعب دورا مهما بالنسبة للفرد و للمجتمع على حد سواء، فبالنسبة للفرد يشجعه على الأبداع والابتكار، أما بالنسبة للمجتمع فان الابداعات الفكرية لا تتم بمعزل عن المجتمع الذي يعيش فيه المؤلف وإنما هي حصيلة التفاعلات التي هيأتها الظروف المختلفة الاجتماعية أو التاريخية، وبالتالي فان حماية ما ينتجه المؤلف يهدف إلى خلق توازن فعال بين حماية المؤلف من الاعتداء على حقوقه وبين نشر المعلومات ليستفيد مننها المجتمع، ولهذا عكفت التشريعات المقارنة والدولية على حد السواء على الاهتمام بحق التأليف و الابداع بوجه خاص وحماية الملكية الفكرية بوجه عام.
بعد الدراسة التي قمنا بها فيما يخص الإبداع كحق فكري مكرس في الاتفاقيات الدولية والدساتير الوطنية نخلص إلى جملة من التوصيات، أهمها:
- تشجيع حق الإبداع والتأليف في القوانين الوطنية وذلك باستحداثآليات قانونية ناجعة وفعالة لحماية هذا النوع من الحقوق من أي اعتداء أو تشويه.
- تشجيع مجالات البحث والإبداع والابتكار في المجالات التي لها تأثير على التنمية الاقتصادية للدول.
- إعداد سياسات تنموية واضحة الأهداف من أجل ترقية روح الإبداع لدى الشباب والمؤسسات الناشئةles start-upsالتي تحقق انسجاما والتنمية الاقتصادية وتعزيز المسار نحو إنجاح المشاريع الإبداعية الخاصة.
- تكريس نظام حقوق الملكية الفكرية كنظام حماية قانونية للإبداعات الأدبية والفنية والصناعية بهدف تطويرها وتنميتها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
قائمة المصادر والمراجع:
1) المصادر:
أ/ الاتفاقيات الدولية:
– اتفاقية برن “berne” لحماية المصنفات الادبية والفنية المؤرخة في 9 سبتمبر 1886 والتي انضمت اليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 97-341 مؤرخ في 13 سبتمبر 1997.
– اتفاقية جنيف “Genève” (Convention phonogrammes) 1952 حول حق المؤلف والتي انضمت اليها الجزائر بموجب الأمر رقم 73-26 المؤرخ في 5 يونيو 1973 ج.ر 3 يوليو 1973 عدد 53 ص 762.
-اتفاقية بروكسل”Bruxelles” أو اتفاقية الأقمار الاصطناعيةConvention satellites) ) المؤرخة في 27 ماي 1974
– اتفاقية روما (Convention de Rome) بشأن حماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الإذاعةالمؤرخة في 1961.
–الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف لعام 1986.
ب/ القوانين الوطنية:
– دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية جريدة رسمية عدد 82 المؤرخة في 30 ديسمبر سنة 2020.
– الأمر 03/05 مؤرخ في 19 يوليو سنة 2003 يتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة ج.ر العدد 44 مؤرخ في 23/7/2003.
-المرسوم التنفيذي رقم 05-356 مؤرخ في 21 سبتمبر سنة 2005، يتضمن القانون الأساسي للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وتنظيمه وسيره ج.ر العدد 65 المؤرخ في 21/09/05.
2) المراجع:
– مؤيد زيدان، حقوق الملكية الفكرية، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2020 متوفر للتحميل من موسوعة الجامعة http://pedia.svuonline.org.
– فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري الحقوق الفكرية، ابن خلدون للنشر والتوزيع ،2006.
-محاضرات الأستاذ الدكتور الزاهي عمر ألقيت على طلبة السنة الرابعة ليسانس حقوق جامعة الجزائر 1، السنة الجامعية :2001-2002.
-الأستاذة بوعلام، محاضرات في الحماية القانونية لحقوق المؤلف ألقيت على طلبة السنة ثالثة ليسانس تخصص فنون درامية جامعة وهران، ص 6.
3) المواقع الإلكترونية: https://www.wipo.int/treaties/ar/ip/rome/index.html
[1] -ترجمة محمود الخضيري طبعة 1985، ص .214.
[2]– مؤيد زيدان، حقوق الملكية الفكرية، من منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2020 ص 33 متوفر للتحميل من موسوعة الجامعة http://pedia.svuonline.org.
[3]– المادة 22 من الأمر 03/05 مؤرخ في 19 يوليو سنة 2003 يتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة (ج.ر العدد 44 مؤرخ في 23/7/2003.
[4] – محاضرات الزاهي عمر ألقيت على طلبة السنة الرابعة ليسانس 2001-2002.
[5] -الأستاذة بوعلام، محاضرات في الحماية القانونية لحقوق المؤلف ألقيت على طلبة السنة ثالثة ليسانس تخصص فنون درامية جامعة وهران، ص 6.
[6]-المادة 22 فقرة 2 من 03/05 المشار اليه سابقا.
[7] -المادة 22 فقرة 3 من الأمر 03/05 المذكور أنفا.
[8]– المادة 24 من الامر 03/05المذكور آنفا
[9]– المادة 6 ثانيا /1 من اتفاقية برن لحماية المصنفات الادبية والفنية المؤرخة في 9 سبتمبر 1886 والتي انضمت اليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 97-341 مؤرخ في 13 سبتمبر 1997.
[10]– ونصت عليها المادة 27 من الأمر 03/05 المتعلق بحقوق المؤلف المذكور آنفا.
[11]– المادة 60 الفقرة الاولى من الأمر 03 /05 المتعلق بحقوق المؤلف المشار اليه سابقا.
[12]– المادة الثالثة من الامر 03/05 المتعلق بحقوق المؤلف المذكور سابقا بنصها ” يمنح كل صاحب ابداع أصلي…..”
[13]-الأستاذة بوعلام، محاضرات في الحماية القانونية لحقوق المؤلف، مقياس التشريعات الفنية في الجزائر تخصص فنون درامية (سنة ثالثة ليسانس)، جامعة وهران..
[14]-محاضرات الزاهي عمر، ألقيت على الطلبة السنة الرابعة ليسانس سنة 2002 كلية الحقوق بن عكنون، جامعة الجزائر 1 بن يوسف بن خدة.
[15]–الاستاذة بوعلام، محاضرات في الحماية القانونية لحقوق المؤلف، مقياس التشريعات الفنية في الجزائر تخصص فنون درامية (سنة ثالثة ليسانس) جامعة وهران.
[16]المادة 3 الفقرة 2 من الامر 03/05 المذكور سابقا التي تنص ” ….. بأية دعامة تسمح بإبلاغه الى الجمهور”
[17]-المادة 4 من الامر 03/05) المتعلق بحقوق المؤلف المذكور سابقا.
[18]-الاستاذة بوعلام، المرجع السابق
[19]-وهو تاريخ إصدار الأمر رقم 73-14 المؤرخ في 3 افريل 1973 المتعلق بحقوق المؤلف عدد 29 ص 434.
[20]-المادة 74 في الفصل الأول من الباب الثاني المتعلق بالحقوق الاساسية والحريات العامة دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية جريدة رسمية عدد 82 المؤرخة في 30 ديسمبر سنة 2020.
[21]– مؤرخ في 21 سبتمبر سنة 2005، يتضمن القانون الأساسي للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وتنظيمه وسيره، كجهاز ضبط الملكية الأدبية والفنية ج.ر العدد 65 المؤرخ في 21 /09/2005.
[22]-المادة 2 فقرة 2 من المرسوم التنفيذي رقم 05-356 مؤرخ في 21 سبتمبر سنة 2005، يتضمن القانون الأساسي للديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة وتنظيمه وسيره ج.ر العدد 65 المؤرخ في 21/09/05.
[23]-المادة 2/1 من نفس المرسوم.
[24]-المادة 3 من نفس المرسوم.
[25]-المادة 4 من نفس المرسوم.
[26]– المادة 5 من نفس المرسوم.
[27]-الزاهي عمر، المرجع السابق.
[28] -اتفاقية برن انضمت إليها الجزائر بموجب المرسوم الرئاسي رقم 97-341 المؤرخ في 13 سبتمبر 1997 المتضمن انضمام الجزائر مع التحفظ إلى اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية المؤرخة في 09 سبتمبر 1886 المتممة والمعدلة، ج.ر 14 سبتمبر 1997 عدد 61.
[29]– الأستاذة بوعلام، المرجع السابق ص 22.
[30]-انضمت الجزائر الى هذه الاتفاقية بموجب الأمر رقم 73-26 المؤرخ في 5 يونيو 1973،ج.ر 03 يوليو 1973، عدد 53 ص 762
[31]-المادة 3 من اتفاقية برن المذكورة سابقا.
[32]-المادة 6 من اتفاقية جنيف العالمية لسنة 1952 حول حق المؤلف والتي انضمت اليها الجزائر بموجب الأمر رقم 73-26 المؤرخ في 5 يونيو 1973 ج.ر 3 يوليو 1973 عدد 53 ص 762.
[33]– فرحة زراوي صالح، الكامل في القانون التجاري الجزائري الحقوق الفكرية، ابن خلدون للنشر والتوزيع ،2006، ص 529.
[34]-المادة 4 من اتفاقية جنيف العالمية المذكورة انفا.
[35]-المادة 7 من اتفاقية برن، المذكورة سابقا.
[36]– الأستاذة بوعلام المرجع السابق م ص 23.
[37]-فرحة زراويصالح، المرجع السابق، ص 533.
[38]– الأستاذة بوعلام المرجع السابق م ص 23.
[39]-فرحة زراوي صالح، المرجع السابق، ص 533.
[40]-اتفاقية روما بشأن حماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الاذاعةhttps://www.wipo.int/treaties/ar/ip/rome/index.html
[41]-المادة 14 من اتفاقية روما بشأن حماية فناني الأداء ومنتجي التسجيلات الصوتية وهيئات الاذاعة، نفس المرجع.
[42]– الأستاذة بوعلام المرجع السابق ص، 23 وفرحة زرا يصالح، المرجع السابق، ص 529.