أثر الاحتلال الإسرائيلي في تشكيل شخصية الطفل الفلسطيني
(الرواية الفلسطينية نموذجا ) مقاربة سوسيولوجية
The impact of the Israeli occupation Palestinian child personality shaping.
The Palestinian novel as a model )Sociological approach)
د صبحية عودة زعرب، جامعة صبراتة، كلية الاداب والتربية , قسم اللغة العربية.
Prof. Sobhia Ouda Zourob, University of Sobratha.
ورقة منشورة في : كتاب أعمال مؤتمر العلوم الاجتماعية ودورها في بناء الأمم ونهضتها 2022 الصفحة 93.
Abstract
The importance of this study lies in highlight on the reality that the Palestinian child lives in, and the conditions that contributed to the formation of his personality through the stages of the Arab/Zionist conflict. The aim of this study is to answer the following questions: the concept of peace from Palestinian and Israeli children point of view? What is the role of the family in the upbringing of Palestinian child? How can a child be protected from poverty and fear of finding bread, home and school? This particularity made it obligatory for us to trace the social, psychological and cultural factors that contributed to the formation of the personality of the Palestinian child in every stage of the conflict, through a complex linguistic approach (descriptive and analytical) that belongs to a sociological approach, taking into account the benefit from other critical approaches that benefit subject of our study. According to this meaning, we chose the most important novels that accompanied the development of the child’s personality that resulted from the Israeli occupation by standing in front of four axes: The first deals with children without childhood in the novel of the Nakba. The second, presents the Palestinian child and the problem of identity in the novel setback. And the third, talks about the child witness and martyr in the novel Intifada. The fourth discusses the future child in the narration of peace, then the conclusion, the sources and references
Key words: martyr – stone – occupation – identity – peace.
الملخص:
تكمن أهمية هذه الدراسة في تسليط الضوء على الواقع الذي يعيشه الطفل الفلسطيني، والظروف التي أسهمت في تشكيل شخصيته عبر مراحل الصراع العربي /الصهيوني ، كما تحاول هذه الدراسة الكشف عن البنيات العميقة المضمرة المتوارية خلف البنيات السطحية الظاهرة لإماطة اللثام عن الأسباب الحقيقية وراء تفشي قتل الطفولة اليومي . أما هدف هذه الدراسة ، فيتمثل في إجابة الأسئلة التالية : ما مفهوم السلام في منظور الطفل الفلسطيني والإسرائيلي معا ؟ . وما دور الأسرة في تربية الطفل الفلسطيني وتنشئته؟ . وكيف يمكن حماية الطفل من الفقر وأهوال البحث عن الخبز والبيت والمدرسة ؟ . لقد فرضت علينا هذه الخصوصية أن نتتبع المقومات الاجتماعية والنفسية والثقافية التي أسهمت في تشكيل شخصية الطفل الفلسطيني في كل مرحلة من مراحل الصراع ، وذلك من خلال منهج لساني مركب (وصفي تحليلي) ينتمي إلى مقاربة سوسيولوجية ، آخذين في الاعتبار الإفادة من المناهج النقدية الأخرى التي تفيد موضوع دراستنا. وفق هذا المعنى،آثرنا انتقاء أهم الروايات التي واكبت تطور شخصية الطفل التي أفرزها الاحتلال الإسرائيلي وذلك من خلال الوقوف أمام أربعة محاور: الأول ، يتناول أطفال بلا طفولة في رواية النكبة . والثاني ، يعرض الطفل الفلسطيني وإشكالية الهوية في رواية النكسة . والثالث، يتحدث عن الطفل الشاهد والشهيد في رواية الانتفاضة . والرابع ،يناقشطفل المستقبل في رواية السلام ، ثم الخاتمة فالمصادر والمراجع.
الكلمات الدالة: الشهيد – الحجر – الاحتلال – الهوية – السلام .
المقدمة :
لا نريد الخوض في مقومات الاحتلال الإسرائيلي وخطره فهذا موضوع معقد وشائك، إنما نريد أن نلفت الانتباه إلى كيفية تشكيل طفولة ولدت ونشأت وتربت في خضم صراع مريرلا يعترف إلا بالقتل والعنف والقوة وهو موضوع دراستنا . فالاحتلال يشي بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين واقتلاعهم من جذورهم واغتصاب أراضيهم بالقوة وحذفهم في غياهب المنفى بعد أن يجردهم من آدميتهم الإنسانية وغالبا ما كان الطفل ضحيته بالدرجة الأولى . وعلى ذلك فالاحتلال يمثل العنصر الأهم في تشكيل شخصية الطفل الفلسطيني بوصفه يتحكم في مسار حياة شعب بأكمله ، ويمثل عصب الحياة ومصدرها في المستوىات: الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والصحية.
ولما كانت الطفولة تمثل المرحلة الأولى من مراحل حياة الإنسان العمرية، وتحتاج إلى رعاية مكثقفة من قبل المؤسسات الاجتماعية والصحية والتعليمية والدينية للانتقال من طور الضعف والسلبية إلى طور القوة والإيجابية .فهي تعني مستقبل الأمة وأملها ، فضلا عن أنها تعرف بالبراءة ، والصفاء والجمال الملائكي ،” فالأسرة هي التي تغذي الإنسان بالخبرات ، وبفكرته عن نفسه وعن الآخرين ، ومنها يعرف دوره في الحياة الاجتماعية، ويحدد ما يقوم به في المجتمع وما يتوقعه منه “[1]
ولعل هذا ما جعل علماء النفس والاجتماع والتربية يجمعون على أن التنشئة الاجتماعية والتربوية في مرحلة الطفولة هي التي يعول عليها في تشكيل الشخصية ورسم معالم الإنسان وسلوكه وطباعه وتصرفاته .( فها هو عالم الأنثروبولوجيا الأمريكي ( رالف لينتون) يرجئ بناء الشخصية إلى التربية ، بوصفه الأكثر تأثيرا، ولا يختلف عنه كثيرا عالم النفس (أزبك فروم) الذي أكد أن سمات الفرد تختلف باختلاف التجارب والمؤثرات التي تواجهه بوصفها المفتاح الرئيس الذي نفتح به مغالق الشخصية لفهم أفعالها وسلوكها ومواقفها باعتبارها كائن اجتماعي، أما عالم الاجتماع كاردنر فقد شدد على وسائل معاملة الطفل ، وأثر التنظيم الاجتماعي والاقتصادي في تشكيل اتجاهات الطفل )[2] .وإذا تأملنا هذه المعاني بدقة، سنجد أن مفهوم الطفولة الفلسطينية ينحاز عن هذه المواصفات إلى النقيض، حيث نقف اليوم أمام جموع الأطفال الذين يفتقرون إلى أدنى حد من المواصفات الإنسانية التي تنصهر في بوتقة القتل، والفقر ، واليتم، والاعتقال، والتشريد، والبحث عن أهوال الحصول على بيت، أو مدرسة، أومأوى، أو رغيف خبز، أو أسرة .
أهميةالدراسة:
وتكمن في أنها تسليط الضوء على أهم المؤثرات التي أسهمت في تشكيل شخصية الطفل ليس على مستوى السرد فحسب بل والصورة أيضا ، بوصفها أهم وسيلة تواصلية في العصر الحديث . فضلا عن إماطة اللثام عن الظروف الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية التي لغبت دورا رئيسا في تشكيل كل صورة من صور الطفل الفلسطيني عبر تدرجها التاريخي دون انتفاء التعدد الجغرافي للكشف عن النيات العميقة المتوارية خلف السطح،وتأسيس رؤية نقدية خاصة عن عالم الطفولة لكشف الحقيقة سواء أكان ذلك في وطن محتل ، أو محاصر، أو في الشتات . وحياة كهذه لا بد وأن تفرض على الطفل الفلسطيني إما أن يكون مقيدا وخاضعا ، وإما أن يكون متمردا على كل أنواع القيود التي تحد من حريته.
هدف الدراسة :
يمكن تحديد هدف هذه الدراسة في إجابة التساؤلات التالية :
- كيف يمكن توفير الأمن والأمان والسلام لأطفال فلسطين أسوة بأطفال العالم؟
- كيف يمكن حماية الطفل الفلسطيني من الفقر والقتل والاعتقال؟
- ما مفهوم السلام في منظور الطفولة ؟
- ما سبب ظاهرة قتل البراءة ؟
منهجية الدراسة :
وحيث إن الرواية هي الجنس الأدبي الأقدر على استيعاب الأطراف المتصارعة ، والشكل الأقدر على ترجمة أشكال الصراع في واقع يتغير بسرعة على حد قول (رولان بارط) فقد فرضت علينا هذه الخصوصية أن ننتقي أهم الروايات الفلسطينية التي أفردت مساحة واسعة من السرد ، وكان الطفل شاهدا على أحداث حية ومباشرة و أحد أبطالها، وعايش مشهد القتل والتعذيب والاعتقال على يد جنود الاحتلال والمستوطنين . وفي مثل هذه الأجواء ، اعتمدنا المنهج (الوصفي التحليلي)،لدراستنا بوصفه يجمع بين الوصف والتحليل ، وينتمي إلى مقاربة (سوسيولوجية ) آخذين في الاعتبار الإفادة من الإنجازات التي حققها الناقدان (لوسيان جولدمان وبييرزيما ) في مجال النقد الاجتماعي وتطوراته بوصفه”دراسة سيميوطيقية أو أسلوبية بمنظور اجتماعي….،تحمل خصائص اللحظة التاريخيةالتي تنتمي إليها باعتبارها بنى اجتماعية،فمن تحليل الأسلوب أواللغة داخل النص، يصل إلى الدراسة التركيبية الدلالية المتكاملة القادرة على كشف النص والمجتمع في الوقت نفسه خاصة في الدراسات التطبيقية على الروايات ” .[3] وفق هذا المنظور، فهو يربط بين الأسلوب والبنيات الاجتماعية الدالة دون أن يفصل الشخصية عن واقعها الاجتماعي والتاريخي والثقافي .ويكشف العلاقة بين طرفي الصراع .
إشكالية الدراسة :
وتتمثل في قلة الدراسات الأدبية والنقدية التي تتناول الطفولة رغم فداحة الوضع المأساوي الذي يعيشه الطفل الفلسطيني ، بوصفه الأبرز لإكراهات السلطة ، والأسرة، والمجتمع ، والعادات والتقاليد، الأمر الذي أدى إلى التفسخ الأسري، والتشتت الجغرافي الذي كرسه الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي انتبه فيه كتاب يهود لدراسة الطفل الإسرائيلي من جوانب عدة تثير في أغلبها الحقد والكراهية تجاه أطفال فلسطين وهذا فرض علينا البحث فيما يكتبه الآخر مقارنة بالوقع الحي ، فضلا عن أنه لا يمكن دراسة هذا الموضوع بمعزل عن العناصر الأخرى مثل: علاقة الطفل بالمكان والشخصيات والأحداث مما أدى إلى انفتاح السرد على حكايات عديدة تتكررفي أكثر من موضع مما أدى تطويل مادة الحكي.
الدراسات السابقة :
لا شك أن الصراع العربي الصهيوني استهوى أغلب الأدباء والنقاد ، وتناولوه بوجهات نظر عديدة ومتباينة غير أننا لم نعثر على دراسة عربية عميقة وشاملة في حدود قراءتنا المتواضعة باستثناء بعض الدراسات التي كانت تميل إلى النزعة السياسية من ناحية واعمومية من ناحية أخرى . لذا رأينا أن نركز على أهم الدراسات التي أفادت موضوع دراستنا ، وهي على النحو التالي :
- ثقافة السلام لدى الأطفال الإسرائليين،1999، لسناء صبري ، وهي دراسة تتبنى وجهة نظر الأطفال الإسرائيليين من السلام والأمن بغض النظر عن الأحداث الدموية التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون . وهي رؤية أحادية الجانب لا يمكن الاعتماد عليها .
- صورة الفلسطيني في القصة الفلسطينية المعاصرة 1977، لواصف أبو الشباب ، عالج فيها الباحث أحداث النكبة ووقف عند زمن جزئي محدد ومعين ، غافلا التقنيات الجمالية التي تميز كاتب عن آخر.
- المنديل المعقود ،2016، لفاتن مرسي ، وهو عبارة عن دراسات قيمة في روايات رضوى عاشور وبخاصة رواية الطنطورة وأحداث النكبة وأثرها على الشعب الفلسطيني عامة .
- صورة البطل في روايات غسّان كنفاني ،2021، صبحية زعرب، وهي دراسة جزئية تعالج أحداث النكبة والنكسة ، وتتسم بالنزعة القومية والسياسية .
في ضوء ما سبق، فالدراسات السابقة تناقش موضوعات لم ترتبط بموضوع دراستنا لذا كان اختيار موضوع هذه الدراسة استكمالا لما هو غير جوهري في الدراسات السابقة .
خطة الدراسة المتبعة :
قسمت خطة الدراسة إلى أربعة محاور، يواكب كل محور الصورة التي أفرزها الاحتلال الإسرائيلي للطفل الفلسطيني ، ووفق المرحلة التاريخية التي يمثلها وهي على النحو التالي:
المحور الأول: أطفال بلا طفولة في رواية النكبة. (1948- 1966).
المحور الثاني : الطفل / وإشكالية الهوية في رواية النكسة . ( 1967- 1986)
المحور الثالث : الطفل / الشاهد والشهيد في رواية الانتفاضة ( 1987- 1993)
المحور الرابع : الطفل / والمستقبل في رواية السلام ( 1994 – ….)
ثم الخاتمة فمصادر البحث ومراجعه .
- المحور الأول : أطفال بلا طفولة في رواية النكبة ( 1948-1966).
شكل حدث النكبة عام 1948 انقلابا جذريا في حياة الفلسطينيين فبعد أن كانوا أمراء في بلادهم أصبحوا أذلاء في مخيمات الشتات و بلا مأوى . وفي ظل هذا الواقع المرعب فقدت الطفولة مفهومها أمام مسؤولية التأقلم مع الحياة الجديدة وملحقاتها، حيث ارتبط الطفل الفلسطيني بالحس الوطني منذ نعومة أظافره بعدما راهن الكبارعليه في تحقيق ما عجزوا عنه بفعل الكارثة وآثارها ، حيث تجلت بثقلها على جهود الصغار ليحتفظ الكبار على ما تبقى لهم من كرامتهم .
(ليس غريبا في مثل هذه الأجواء أن يصبح الجوع هو العدو الأول للطفل الفلسطيني ،حيث كان ينتزع لقمته من بين أقدام المارة وعجلات السيارات ومن أكوام القمامة ، ثم يناضل مرة أخرى لينال حصته منها في البيت)[4].
وفق هذا السياق، انتقل الطفل من عالم البراءة إلى عالم المسؤولية والرجولة دون تمهيد (وأصبح لا يطلب الأكل حتى ولو جاع تمشيا مع الضغوط النفسية والاقتصادية التي تمر بها أسرته وإلا تعرض للتعنيف والعقاب)[5].
وعلى هذا النحو ، اختلف مفهوم الطفولة عند أطفال فلسطين ،فهم لا يطلبون الأكل ولو جاعوا، ولا يطمعون في الحياة المترفة ، ولا ينتظرون الهدايا والألعاب في الأعياد ،بل وجدوا أنفسهم معنيين بتحمل المسؤولية ومشاق الحياة وتوفير متطلبات الأسرة ، وهو ما أدى إلى ضعف الرابطة الأسرية وإصابتها بالشرخ . ولعل رواية تفاح المجانين ليحيى يخلف من أبرز الروايات التي تجلت فيها صورة الطفل ( بدر العنكبوت) الذي فرض عليه الواقع أن يعيش في المخيم بدلالاته الاقتصادية حيث الجوع والفقر، والاجتماعية حيث الدونية والوحدة والاغتراب، والسياسية والاضطهاد وفقدان الهوية ، فضلا عن تدني المستوى التعليمي والصحي لأطفال المخيم كما في المقطع التالي : ” قالت الست أنجيل : لا تتمخطوا في الصف ، لا تسعلوا ، ممنوع السعال يا أولاد، ممنوعة الكحة، ممنوع النباح، وقالت: أعصابي لا تتحمل هذا السعال ، لا تتحمل روائحكم الكريهة ” [6] . جدير بالملاحظة، ( أن الست أنجيل زوجة (الفورمن) أحد رموز السلطة المتعاونين مع الاحتلال ). يشي القول السابق بقائمة الممنوعات والشروط التي يجب التزام الأطفال بها ، فضلا عن الأسلوب الفاجع الذي لا يخلو من السخرية حينما تخاطب المعلمة تلاميذ الصف . فهي تنادي وتأمر وتنهي وتسأل بنبرة فوقية متعالية لتبث الرعب والخوف في قلوب الأطفال ،لذا شكلت بنية النفي عصب العلاقة بين المعلمة وأطفالها لتصب في بوتقة تدني المستوى الصحي والتعليمي لأطفال المخيمات في مدارس وكالة غوث اللاجئين. ورسمت صورة الطفل في ذهنية الاحتلال وأعوانه، وتمدنا لفظة النباح المستمدة من العالم اللا إنساني بوصفهم بالكلاب التي لاتجيد سوى النباح ليصبح الطفل ضحية الفقر والجوع والمرض والموت دون اكتراث يذكر .وفي موقع آخر من الرواية ، يخبرنا الراوي العليم أن المياه انقطعت عن الحارة فطلبت زوجة (الفورمن ) من الأطفال أن يملأوا الزير بالماء من الحارة المجاورة فتمرد بد رالعنكبوت على تلك الأوامر وأدخل جسده النحيل في الزير بدلا من الماء ، وظل محشورا بداخله ،وفوجئ بظهور أحد رموز السلطة الحاكمة ” ظل (الفورمن ) يقترب بعصاه الغليظة ، وكان يكبر ويزداد ضخامة في كل خطوة ،كان بدر العنكبوت مكبلا مهانا ، كان ضعيفا مثل عصفور طبق عليه الفخ”.[7]
إن أهم قضية يثيرها هذا المشهد هي الحرية ، ففي الوقت الذي فيه الطفل داخل الزير مثل العصفورمحبوسا في القفص ، هناك من يجول ويصول ويضرب بيد من حديد على أطفال المخيم ، ولم يغفل الروائي أن يعقد مقارنة بين جسم الفورمن الضخم وهيئته المرعبة ،ونحول جسم بدر العنكبوت ووضعه المهين داخل الزير، وهو ما نجده اليوم على أرض الواقع . وفي موضع آخر، ينتقل الطفل الصغير إلى دور الرجولة بلا تمهيد لا طلبا في الحياة المترفة أو الهدايا أو الملابس الجديدة وإنما طلبا للحياة الإنسانية الخالية من القهر . مما يدل على أن ” طلب الحرية شعور داخلي لا علاقة له بما يكون عليه الكائن من مظاهر الصغر والضعف ، والقوة والضخامة ، فقد يخفي الضعف طاقات هائلة من الانفعال والغضب …
لأن التحرر قضية حياتية فيها يحقق الكائن وجوده ، وما هو متمثل في مفهوم الحرية هنا هو، رفض الرضوخ للأمر الواقع والتحدي المستميت للخلاص منه ” [8] .
بهذا المعنى أصبح الطفل يتحسس كوامن الخلل ، ويحث أطفال الحارة على مواجهة الشاويش حسن رئيس المخفر الي أذل أهل المخيم يبدو ذلك واضحا حينما هرب أطفال المخيم وبقي بدر العنكبوت ثابتا أمام جبروت رئيس المخفر ولنقرأ ما يدل على ذلك : ” ماذا تفعل يابن الكلب ؟أخرج وإلا حطمت رأسك ، وعند ذلك ….. تمكن من أن يحرر نفسه ،لكن الفخار كشط الجلد الأزرق فتدفق الدم ” [9] .
لعل القارئ هنا يلاحظ دون عناء تكراروصف الأطفال بالكلاب للدلالة على جانبين : الأول، المستوى الواقعي الذي أكدته الهزائم العربية المتكررة، وكان العرب لا يجيدون سوى النباح في رد فعلهم على العدوان الإسرائيلي . والأخر، المستوى الرمزي، ويشي إلى دور النجاسة التي يصف اليهود بها العرب .
وهكذا، بنى الروائي المشهد السابق على أسلوب المفارقة بين القوة/ والضعف،/ الكبر والصغر،الضخامة/ والنحافة ، ليكشف عما نجهله من معلومات. فثمة احتلال استولى على الأرض والديار، وثمة متواطئ يجبر الأطفال على الانصياع للأمر الواقع ليقعوا ضحية التشرد والضياع والفقر مما جعل رأي غسان كنفاني يكتسب كثيرا من المصداقية في قوله: .” أولاد المخيم هم صغار ينتظرون بفارغ الصبر صوت الجرس الأخير كي يشدوا أنفسهم إلى أزقة مترامية في مجاهل دمشق ،يصارعون الغروب من أجل أن يكسبوا العشاء ” [10]
وأمام هذا الواقع ، لم يجد الطفل أمامه سوى الاستعانة بالغيبيات والأساطير والمعجزات ، فيلجأ إلى الأكل من شجرة تفاح المجانين للبحث عن أسباب القوة والمقاومة ، كما في قول الراوي :” وأكلنا المزيد من تفاح المجانين ، وكنت أمشي حول أشجار التفاح، ويمشي ورائي بدر العنكبوت، وقبل الغروب جاء والدي ومعه بعض الرجال يبحثون عنا، لم نستطع الهرب ، الحقيقة حاولنا إلا أن قوانا كانت قد خارت تماما” [11].
إن القوة التي اعتمد عليه الراوي قوة مؤقتة ،وهمية ، وانفعالية تنهض على الخزعبلات والتخلف الفكري الذي أنتجها لذا فهي تزول بزوال المؤثر . ولا نجد مسوغا لها سوى أن نردد قول أحد علماء النفس ،وهوأن ” التنشئة وإن كان لها دور كبير في تحديد نوع هذا السلوك ، إلا أنها ليست العامل الوحيد في تشكيل الشخصية العامة ، لكن هناك عاملا آخر وهو الوراثة ” [12].
وهو ما جعل الطفل بدر العنكبوت يبحث عن القوة الحقيقية ، وبخاصة حينما استلم رسالة من خاله (عمران) القابع في أحد السجون الإسرائيلية ، وعرف أنه كان فدائيا وأن له” قوة أربعة رجال يهدم الحائط بضربة من يده” [13].
وعلى ذلك اكتسب بدر العنكبوت ثقافة جديدة ، ثقافة المقاومة انسجاما مع المستجدات الطارئة .
وعليه، تصبح وظيفة التنشئة الاجتماعية ” اكتساب الأطفال ثقافة مجتمعهم من ناحية ، وخبرة السلف من ناحية أخرى ،إذ إن هناك علاقة متبادلة بين تكوين الشخصية ، وبين الثقافة البيئية للطفل، وكذلك الثقافة التي يلقنها الآباء للأبناء وطريقة تلقينهم إياها ” [14].
وفي رواية رجال في الشمس لغسان كنفاني ، تطل علينا ا صورة الصبي مروان ابن الرابعة عشر من عمره وقد أثقلت كاهله مشاق الحياة الصعبة ليصبح الرجل المسؤول عن نفسه وأسرته ووطنه بعد أن أصبح لاجئا في أحد مخيمات الأردن ، وبعد أن ترك والده زوجته وأخوته، وتخلى أخوه زكريا عن مساعدته ، فترك المدرسة ، وأتى العراق باحثا عن لقمة العيش . إذا ِ، على مروان وحده أن يواجه الأزمة ، ويقتحم الحياة لتوفير ما تحتاجه الأسرة . ” ولسوف يرسل كل قرش يحصله إلى أمه، سوف يغرقها ويغرق أخوته بالخير حتى يجعل من كوخ الطين جنة إلهية ” [15].
وفي رواية ما تبقى لكم ، تطل علينا شخصية الطفال (حامد) ابن العشر سنوات بمواصفاته الخارجية التي تومئ بدلالات نفسية عميقة بعد أن أخرج الاحتلال أسرته من مدينتهم يافا إلى غزة . تصف أخته مريم حالة حامد قائلة :” كان صغيرا شجاعا بصورة لا تصدق، وقد ظل ينظر بعينيه الحادتين إلى كل الرجال نظرة الند كأنه درع صغير من الفولاذ ، ووراء الشاطئ الأسود كانت يافا تحترق ” [16]. يمدنا المقطع السابق بدلالات مكثفة عن شخصية حامد لاتنم عن مواصفات لطفل ، وهي دلالات مستقاه من شعوره بالمسئولية تجاه أخته الشابه وخالته العجوز ،وإحساسه الحاد بالتشتت الأسري الذي فرضه الاحتلال والذي بلغ ضراوته في استشهاد الأب وغياب الأم . ” لماذا تركت أمك على الشاطئ ،لم أتركها ولكن الزورق امتلأت وستأتي في زورق آخر .” [17]
ففقدان حنان الأم واستشهاد الأب يضخم رصيد حامد من المسؤولية والقيادة ، فالقول قوله ، والقرار قراره بعد غياب دور الكبار علما بأن مريم هي المسؤولة عن تربية حامد بوصفها أكبر سنا منه ، ويسعفنا الفعل (ستأتي) أن لقاء الأم – فلسطين – مرهون بالانتظار والمستقبل . يبدو ذلك واضحا حينما تخبرنا مريم :” كان عمره عشر سنوات فقط ، وكنت في العشرين ، وبدا الليل كله يحدق إلي بعيني نسر صغير ،…….ويافا تغطس كالشعلة في مياه الأفق البعيد وتنطفئ في عيوننا نقطة نقطة ” [18].
انتقى الكاتب أوصافا محددة لحامد ليخدم فكرته ، مركزا على العين الدالة على التحدي في الوقت الذي أصبح فيه بلا أمل ، ولا أم –وطن- ولا سند – الأب – ولابيت ، ولا حنان ولم يجد أمامه إلا أن يهيم على وجهه في الصحراء بحثا عن الأم الضائعة فلا تفكير إلا في أمه ليردد: ” إذا تشاجرا قال لها: لوكانت أمك هنا .إذا ضحكا، وإذا انتابها الألم ،لوكانت أمك هنا ، لوكانت أمك هنا ” [19] .إن الطفل الذي أخرجه الاحتلال من طفولته ، أخرجته النكبة وملحقاتها المروعة من براءته . أما في رواية عائد إلى حيفا ، فتطل علينا صورة طفل مجهول لا نعرف عنه شيئا سوى أنه عربي لقي حتفه على يد القوات الإسرائيلية حينما احتلوا مدينة حيفا وهجروا أهلها واستجلبوا يهودا من أوروبا بدلا منهم ،فها هي مريام اليهودية القادمة من بولندا تصف المشهد لزوجها قائلة :” كان ذلك طفلا عربيا ميتا وقد رأته مكسوا بالدم ، وحيما سألها زوجها كيف عرفت أنه طفل عربي ، أجابته: ألم تر كيف ألقوه في الشاحنة كأنه حطبة؟ ولو كان يهوديا ما فعلوا ذلك ؟ ” [20]. وهنا نتساءل : هل يمكن أن يعيش الطفل حياة طبيعية في مثل هذه الأجواء المرعبة، وهل تختلف هذه الصورة الدموية عن صور أطفال فلسطين اليوم؟
لعل الكاتب هنا يكشف عن اختلاف أطفال فلسطين عن أطفال العالم في العيش بحرية وسلام.
- المحور الثاني / الطفل وإشكالية الهوية في رواية النكسة (1967-1986)
تعد رواية عائد إلى حيفا لغسّان كنفاني من أكثر الروايات العربية اهتماما بتأثير التنشئة التربوية على تشكيل شخصية الطفل ،و إثارة موضوع الهوية بجدارة ، وهي الحد الفاصل بين الوعي السلبي والوعي الإيجابي ، وعرفت بحرب الأيام الستة ، أو حرب النكسة وشهدت المنطقة العربية تحولات وتغيرات لم يسبق لها مثيل بعد استلاء إسرائيل على خمسة دول عربية ، ولأول مرة أصبحت فلسطين بكاملها تحت الاحتلال الإسرائيلي ، وسمح لأهل الضفة الغربية ، وقطاع غزة بزيارة أهلهم المقيمين على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1948. ما يهمنا في هذا المقام هو تأثير هذه التحولات على شخصية الطفل وهويته . وقد مهد الكاتب لهذا الحدث بتغيير اسم الطفل من خلدون العربي إلى دوف الإسرائيلي .
تتحدث الرواية عن زيارة الأستاذ سعيد وزوجه إلى مدينتهما حيفا بعد عشرين عاما ، وإجبارهم على مغادرتها تاركين طفلهما الرضيع ابن الخمسة أشهر في بيتهما لتتولى تربيته امرأة يهودية ليجدا أن كل شيء قد تحول إلى نقيضه . حيث شب الطفل على ثقافة جديدة ، وقناعات أخرى جعلته يتخلى عن جذوره العربية،ويصف والديه بالجبن والتخاذل وعدم الاعتراف بهما . ويرفض العودة إليهما ، ليس هذا فحسب بل أصبح ضابطا في الجيش الإسرائيلي واسمه( دوف )ولنقرأمعا ما يدل على ذلك :” .” بعد أن عرفت أنكما عربيان ، كنت أتساءل بيني وبين نفسي :كيف يستطيع الأب والأم أن يتركا ابنهما وهو في شهره الخامس ويهربان؟ وكيف يستطيع من هو ليس أمه وليس أباه أن يحتضناه ويربياه عشرين سنة ؟ ” [21]
بهذا المعنى وجد الطفل الفلسطيني نفسه موزعا بين هويتين : الأولى عربية فلسطينية وتبعد كل البعد عن واقعه الذي يعيشه، و يشعر بغربة حادة تجاهه ليظل قلقا وممزقا بين الانتماء إلى هوية أصيلة وأخرى مكتسبة .أما الثانية فهي هوية يهودية هدفها طمس الأولى وتشويهها . وهي رؤية خطيرة وتحمل دلالات وتأويلات متعددة . لقد نشأ وترعرع دوف في جو ديني ونفسي وثقافي يهودي ، وتشكلت شخصيته طبقا لهذه التنشئة والوسط المحيط به غافلا أن الطفل صنيع الظروف وابن بيئته ، وهذا ما جعله يتمسك بهويته اليهودية على حساب هويته العربية الحقيقية .
لذا نرى من السذاجة أن يطالب الأب باسترداد ابنه العربي بعد غياب دام عشرين عاما لم تسمح فيه سلطات الاحتلال للأستاذ سعيد وزوجه بزيارة مدنهم المهجرة حتى وقعت كارثة عام 1967، وأصبحت فلسطين بكاملها تحت سلطة الاحتلال ، وهي في مجملها نقلة نوعية في المطالبة بحق الطفل ورعايته والتمسك بهويته أسوة بأطفال العالم . وفي إشارة أخرى ينقلنا الروائي إلى حالة القلق والتوتر والعالم النفسي الذي يصطرع داخل دوف بعد أن عرف الحقيقة :” كان الشاب الطويل القامة ينكفئ على نفسه كشيء محطوم في كرسيه”[22]
وبناء على هذا الشعور فقد والد خلدون الأبوة ، والوطن ، والقضية . وأصبح ممزقا بين دوره كأب وبين إنكار هذه الأبوة .” ليكن خلدون ميتا أو حيا لا فرق ، فحين تصل الأمور إلى هنا فليس ثمة ما يمكن أن يقال” [23]
وهكذا لقن الطفل خلدون والديه دروسا في الانتماء والوطنية والأبوة للدخول في مرحلة جديدة أكثر وعيا خاصة بعد أن تحول اسمه من خلدون العربي إلى دوف الإسرائيلي . وهي رؤية يمكن أن ننظر إليها في إطارالتنشئة الاجتماعية ، وأيا كان فلا يمكن أن تتحول فلسطين العربية إلى اليهودية إثرهذا التحول الاستثنائي.
- المحور الثالث / الطفل الشاهد والشهيد في رواية الانتفاضة ) 1987-1993م.
أفرز تدني مستويات الصحة والتعليم ، وفشل الرعاية الأسرية والتنشئة الاجتماعية والتربوية في مخيمات الشتات، أفرزت هذه الأجواء انتفاضة أطفال الحجارة ، 1987 ، وأصبح الطفل الفلسطيني محط أنظار العالم بالرغم من آلة القمع اليومي الذي يتعرض لها . حيث أصبح الجميع يتحرك بوعي وثقافة جديدة لمواجهة الاحتلال ، وتحولت شخصية الطفل من الضحية إلى المقاوم ، يتخذ قراره بنفسه ، رافضا التقيد بأوامر السلطة الأسرية وصمتها ” فلأول مرة يتبنى الطفل عملا اختاره بنفسه،ودون أي تدخل خارجي، ليعلن مشروعه الخاص الذي ينطلق منه ، ذلك أن المقاومة في هذه المهمة تصبح مرسلة إلى الصهاينة كرفض لمشروعهم القاتل ، وموجهة في الوقت ذاته إلى الفلسطينيين المسالمين لتجاوز الهموم اليومية ، والسلوك السلبي إلى النضال المصيري ” [24].
ولعل تغريبة الجراد يحب البطيخ للروائي (شحادة راضي )خير مثال على ظهور صورة طفل الحجارة ، وبخاصة في مخيم الشابورا برفح ، حيث سجل أطفاله أروع معاني التضحية . ليست نقلا عن تقارير صحفية أو نشرة أخبار ، بل عن طريق صور مباشرة تعرض على شاشات التلفزيون .
لعل القارئ يعود بذاكرته إلى حرب غزة الأخيرة ، وقتل الطفل وهوجنين في بطن أمه، وكذلك خطف وتعذيب وحرق الطفل (محمد أبو خضير) وهوحي على يد ثلاثة مستوطنين 2014، ولا يفوتنا في هذا المقام اعتداء المستوطنين على عائلة الدوابشة وحرقها بالكامل ولم ينج منها سوى الطفل الرضيع (أحمد الدوابشة ) الذي فقد الأب والأم والعائلة . وقد تكررت هذه المشاهد وأصبح تشييع الجنازات برنامجا يوميا أمام مرئى العالم أجمع . ومن منا لم ير صورة الطفل محمد الدرة وهو في حضن والده وقتله بدم بارد أمام شاشات التلفزيون والعالم أجمع . مما يدل على ظاهرة قتل الطفولة عن عمد وترصد . وهو ما أدى إلى تبادل الأدوار في المواجهة والمسؤولية بين الكبار والصغار .
يتجلى ذلك بوضوح حينما عثرنا على صورة الطفل عروة ابن الثلاث سنوات بطلا ندا لجنود الاحتلال . والسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا الآن هو: كيف يتحمل هؤلاء الأطفال مسؤولية المواجهة ، وجنود الاحتلال يجوبون أزقة المخيم وهم مدججون بأعتى أنواع السلاح ؟ ” طلع عليهم عروة ، وهرول خلفه طفل صغير من أطفال أبو زليخة الذين يصعب تمييزهم عن بعض لكثرتهم ،وطفل من أطفال حمزة القبيبي لم تتجاوز السنتين، ….. رفع عروة يده ولوح بشارة النصر باتجاه الجنود ، وجعل يده اليسرى تحتفظ بثلاثة أو أربعة حجارة ، وراح يصرخ : بيزإل . أو ،إسرائيل نو ” [25].
في سياق هذا التحول ، استطاع الطفل الفلسطيني أن يقلب موازين الصراع ، ويشق طريقا جديدا ينسجم مع مستجدات المرحلة التاريخية الراهنة .” وكأنه ينهض في ذلك ليتولى مهمة تاريخية فات الكبار القيام بها ، وكانه لتقصيرهم هذا يعطي لمقتلهم هذا الشكل المهين ، ولمقاومته البسيطة هذا المغزى البطولي الرفيع ، إن الطفل الذي أخرج من طفولته ، يخرجه الإرهاب الصهيوني الغاشم من البراءة إلى المقاومة ليعلن أفقا يقف النص عند معالمه الأولى التي ترسمها خطوات الطفل الثابتة ” [26].
ما يلفت الانتباه ، أن الروائي قد وصل بالطفل إلى حد الرجولة المبالغ فيها ، فاختار الألفاظ التي تؤكد رجولتهم والعبارات التي تترجم رفضهم للاحتلال ، والإشارات التي تؤكد انتصارهم ، ليس هذا فحسب بل تعليمهم المصطلحات العبرية .كان عروة قد تعلم جميع المصطلحات التي يوجهها شباب الانتفاضة للجنود باللغة العبرية . ولنقرأ معا ما يدل على ذلك : ” ولك أتاه جيفر؟ (أنت رجل؟) فيردعليه الجندي : ( كين أني جيفر) . نعم أنا رجل .
طيب إذا أنت جيفر ارمي سلاحك ونازلني بدون سلاح ، يرتبك الجندي فلا يرد ، ويستفزه عروة من جديد . ولك يا …….ياجيفرت (امرأة ) .” [27] .
إن القوة الفطرية المختزنة في ذهنية عروة وجسده هي التي دفعته لأن يحتقر الجندي الذي يسلب حقوق الطفولة وممارسة حقهم الطبيعي في الحياة . غير أن الروائي يبالغ في سرد هذا الحوار على لسان طفل لا يتجاوز ثلاث سنوات .
هكذا تبدو صورة الأطفال / الرجال في رواية الانتفاضة ، أما ظاهرة قتل البراءة فتتجلى معالمها حينما ينتزع الطفل من حضن أمه ، ويعتقل من هم دون المدرسة ، ويفقد الطفل الرعاية والحماية ، ويصبح القتل الجماعي عالمه . ” هذه الليلة طرقوا باب مسعود الحافي ، وسلموه جثة طفله ابن الخامسة ورصاصة مستقره في رأسه ، وأخبروه أن عليه أن يأخذ جثة الطفل مع عشرة فقط من أهل بيته ويدفنونها بمرافقة الجيش ، وإلا فإنهم لن يسلموه الجثة . وطرق آخرون باب عايد الكايد ، كانت جثة ابنه ممدة على مقدمة الجيب ولكن حروق أكياس البلاستك والسجائر تركت آثارا شوهت جسده بشكل تقشعر له الأبدان . أخذوه إلى البيارة وشلحوه هناك ، ثم راحوا يسيحون أكياسا من البلاستك فوق جسده العاري ويلسعونه ، أما مشعل حسني فقد سلموه إلى أهله كالخرقة المبللة . لقد سحقوا عظامه حتى فرموه فرما ، إنهم ينفذون أوامر جنرالهم بسحق العظام وتكسيرها ” [28] .
وهكذا يشكل القتل الجماعي بأشكاله المختلفة منطق الحكي ودلالته ، فقتل الطفولة هنا يحقق للاحتلال غاية نفسية وقومية وعقيدة دينية مصرح بها بغرض قتل الأمل والمستقبل في نفوسهم . ولا يختلف الوضع في مخيم( يبنا ) ، فهناك ” طفلة تبكي والدها الذي قتلوه ولم تستطع مشاهدته ، وتتمنى أن يسمحوا لها أن تسكب الماء فوق رأسه ، وترش عليه النعناع ، ولكنها مقتنعة أنه لن يعود ولن يحضر لها الهدايا مرة أخرى ” [29] .
هكذ تجلت صورة الطفل في رواية الانتفاضة، حيث كان شاهدا وشهيدا في الوقت ذاته . وهنا لا بد من طرح السؤال التالي : كيف انعكست هذه الممارسات على نفسية الأطفال ؟ إن الانعكاسات النفسية والكوابيس التي خلفتها المذابح الصهيونية لدى الأطفال تفوق في خطورتها القتل ، حيث انعكس هذا الواقع في كوابيس وأحلام مزعجة تثير الفزع والهلع لدى الأطفال ، وتغرس الحسرة والألم في قلوب الكبار وهم يشيعون فلذات أكبادهم الواحد تلو الآخر.
وفق هذا السياق يمكننا القول : ” إذا كان للطفولة لدى الشعوب ظلال مشبعة بالبراءة والحلم والجمال والصفاء ، وأنشودة الأمل ، ومنية النفس ، يفرح بهم الآباء ويضنون بهم عن الشدائد ، ويحمونهم بأجفان العيون ، غير أن أطفال فلسطين لم يكونوا كذلك ، وقد رأينا على الشاشات – رأي العين- كيف تكسر عظامهم بالصخر وهم أحياء، ويمنع عنهم الحليب والحلوى وكسرة الخبز، وكيف يحرمهم العدو بسمة الطفولة ، ولهو الأطفال، وجنوده المؤججون بالسلاح يجوبون الطرقات، ويقتحمون المنازل ، ويطاردون الصغار في الحواري والأزقة ، والقناصة ، والألغام وشظايا القنابل وصواريخ الدبابات ” [30].
وهكذا، وجد الطفل الفلسطيني نفسه في مواجهة مباشرة مع جنود الاحتلال مما جعله يفقد عالمه الطفولي الخاص، ويقلب موازين الوضع الفلسطيني رأسا على عقب ،حيث أصبح الطفل هوالشاهد /والشهيد، وهو الرجل / والقائد يتحملون مسؤولية حماية الوطن ولا يجدون من يؤمن لهم الأمن والحماية . وبذلك فقد تحول مفهوم الطفولة إلى التحدي والمواجهة بدلا من الكبار . يعقب د. الناشف على هذه الظاهرة بقوله: ” لقد أصيبت السلطة الأبوية بالضعف ، ويشعر الأطفال الفلسطينيون الآن أنهم متروكون لأنفسم وهم يواجهون الجنود المسلحين بمفردهم ، وأحيانا دون موافقة أهلهم ، ولم يعد المنزل أو المدرسة على هشاشتها يشكلان خلية الحماية التي قد يلجأ إليها ” [31]
بهذا المعنى تولى الأطفال زمام المقاومة وفات الكبار القيام بها . ولعل هذا القول يفسر التفاف الأجيال الفلسطينية اليوم حول المقاومة بروح قتالية عالية لا تهاب الموت ولا تخشى مواجهة العدو الشرس واستخدامه القوة المفرطة ، والتي أجهضتها معاهدات السلام المعروفة باتفاقية أوسلو عام 1993.
- المحور الرابع /الطفل والمستقبل في رواية السلام . (1993…)
إن شعور الطفل الفلسطيني بالتهديد والخطر والموت ، وحرمانه من حقوقه الإنسانية أسوة بأطفال العالم ، قد أيقظ لديه الوعي بالبحث عن ثقافة جديدة قوامها الأمن والأمان والسلام والاستقرار عن طريق المقاومة، لكن هذا الأمل لم يدم طويلا أمام اتفاقية أوسلو للسلام ، حيث شعر بخيبة أمل طالما ظل الاحتلال جاثما على صدور الفلسطينيين . وأدرك أن لا سلام مع استخدام القوة والعنف .
وهنا يتبادر إلى أذهاننا السؤال التالي : ما موقف الطفل الفلسطيني من السلام ؟
لا يمكننا الإجابة على هذا السؤال دون الرجوع إلى تعريف السلام أولا . فهو ” يعني الأمن والأمان والطمأنينه والاستقرار وجحسن الجوار ، وعدم الاعتداء على ممتلكات وأراضي الغير” [32]. وهناك من عرفه بأنه : عملية إدارة العلاقات الإنسانية دون اللجوء إلى العنف العدواني ” [33] . ومفهوم السلام في قضية الصراع العربي /الصهيوني يعني ” السلام العادل الشامل الذي يستوجب استعادة الحقوق العربية وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية …. والتي تقضي بانسحاب إسرائيل الكامل من الجولان والأراضي الفلسطينية المحتلة ، وضمان ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس ” [34]
أما مفهوم السلام في منظور الأطفال الإسرائيليين فقد ” أظهرت كتاباتهم رغبة قوية في السلام ، وقد اعتبره بعضهم حقا طبيعيا لهم ، ويرى آخرون أن الحق في السلام يجب أن يكون مكفولا للطفل الإسرائيلي وغير من الأطفال الآخرين ” [35].
وبالنظر إلى التعريفات السابقة ومدى تطبيقها على أرض الواقع ، فهي تخص الطفل الإسرائيلي فحسب ، وأن الأمن والسلام من حق الطفل الإسرائيلي دون الآخرين . وهي رؤية أحادية الجانب يترجمها الواقع إذ السلام في المفهوم الإسرائيلي لا يعني سوى الاستسلام للطرف الأقوى وحفظ الأمن والأمان له . وهو ما يؤجج وتيرة الصراع بين الطرفين ، يقع ضحيته الطفل الفلسطيني والإسرائيلي معا .
فكيف عبر الروائي الفلسطيني عن مفهوم السلام وما أثره على الطفل الفلسطيني ومستقبله؟
تعد رواية بقايا للروائي أحمد حرب من أكثر الروايات الفلسطينية استنطاقا لصورة طفل المستقبل والواقع الذي فرضته عليه مرحلة السلام ،حينما يحاول والد الطفلة (شروق ) رسم رؤية مستقبلية أكثر تفاؤلا . ” لا تخافي يا ابنتي ، لا تخافي من لون الدماء ، ولاحلكة الظلام ، ولاقوة الأضواء ، لا تخافي من سهام الزمان ولا من نبوءة الأحلام ، لا تخافي عندما تفيض مياه الفرات وتروي صحاري العطشى” [36].
هناك إيقاع ملحوظ لأسلوب النهي (لا تخافي ) والأجواء القاتمة المستمدة من الطبيعة . ( حلكة الظلام ،سهام الزمن، نبوءة الأحلام ) وهي في أغلبها تنصهر في بوتقة الحصار والقمع الذي تعيشه الطفلة شروق . فلا أمل ، ولا مستقبل ، ولا أحلام . لذا يستخدم الكاتب سهام الزمن للدلالة على التحولات السريعة التي آلت إليها القضية الفلسطينية في زمن السلام. حيث انفتح على زمن اللحظة الآنية المقرونة بالخوف والرعب والهواجس والانتظار ليلامس الزمن النفسي مكابدات هذه الطفلة لتتخلص من هواجسها عن طريق الحلم في انتظار تحقيقه. لقد ” غادرت الأحلام الجميلة عين هذه الطفلة ، وفارقتها الأفكار الوردية وهجرتها الطفولة الهانئة، وودعتها الأماني العذبة ، لتغرق في بحر من الدم القاني ، والصراع المرير، فيعبر عن ذلك بالحجر، وكثيرا ما يصيب الرصاص هؤلاء الأطفال في نقاط التماس أو في أثناء لعبهم وقد أصبح الوضع التعليمي في فلسطين في غاية الصعوبة ، بسبب تقطيع أوصال المناطق تحت الاحتلال ، ونقاط التفتيش الإسرائيلي، والحواجز التي تعيق التلاميذ والمدرسين عن الوصول إلى مدارسهم حيث يتعرض الأطفال للحجز ، وتفتيش حقائبهم ، وكتبهم المدرسية .” [37]
أمام هذا الواقع ، لم تجد الطفلة شروق أمامها سوى الحلم ، ولعل أبرز مشهد يصور لنا هذا المعنى هو الحديث عما داربينها وبين والدها ” انتظرتك في الظلام ثلاث سنوات لتشتري لي الورد ، ونحتفل بعيد ميلادي ، كل يوم نؤجل للذي بعده ، وكل سنة للتي بعدها ، وصرت أعتقد أنك تؤجل للاحتفال بيوم زفافي وليس ميلادي . رفعوا منع التجول وفرضوه ثانية، ثم أعادوه ورفعوه ، … وعندما أذكرك بعيد ميلادي تقول لي : انتظري فليلنا طويل والشمس لم تشرق بعد “[38]
تسعفنا العبارة الأخيرة من المشهد السابق – ليلنا طويل والشمس لم تشرق بعد – بأنه لاسلام ولا حرية في ظل الاحتلال فالأحلام تحتضر ليفترسها الليل قبل أن تولد ، لتظل شروق أسيرة المجهول . وهي صورة مرعبة ترمز للواقع الحي اليوم .
” لقد غيروا مفهوم الطفولة وهم أحوج الناس إليها ، ولكنهم لما رأوا الوطن يضيع والحق يطمس ، وحين لم يجدوا مجالا لتحقيق طفولتهم ، ولا مراتع لصباهم ، استشعروا طفولتهم بأعمال الرجال بل بمفهوم الكبار” [39]
يتجلى هذا المعنى بوضوح عندما صرخت الطفلة شروق في وجه والدها حينما ترك جماعة السلطة ينتزعون الكنف الذي كان يحتفظ به دون رد فعل قائلا: دعيهم يأخذونه ، فهوس الماضي كهوس التبرير قاتل يا ابنتي “[40]
لسنا بحاجة لتأكيد صدق المتخيل حينما يتماثل الماضي مع الحاضر والمستقبل فها هي الطفلة شروق تتصدرعملية أخذ القرار والمسؤولية نيابة عن الكبار بعد تواطؤ رموز السلطة مع الاحتلال في عدم التمسك بالتراث – كنف الجدة – مما يدل على أن الطفل هو المخلص للشعب الفلسطيني ورمزا للأمل والحرية والمستقبل. علما بأن السلام سيظل حلما بعيد المنال في ظل هذه الأجواء .
لقد أسس الروائي أحمد حرب فكرته على بنية التناقض بين مرحلة ما قبل السلام حيث الانتفاضة وأطفال الحجارة ومقاومتهم لجنود الاحتلال ، وبين مرحلة ما بعد الانتفاضة وسذاجة السلطة في مفهومها للسلام .
وبذلك تفقد الكلمات معانيها الحقيقية أحيانا ” وتكف أن تعي شيئا، تصبح لا مبالية بالمعنى ، وتتحول إلى أشياء ، إلى وحدات صوتية خالية من المعنى بوصفها انتزعت من حقل دلالي محدد يكف عن العمل كوسائل اتصال، إنها تتجنس، أو تتشيأ ” [41] من هنا يبرز دور النقد الاجتماعي ” لتشخيص وتحليل كل جوانب التخلف في مجتمعنا . فالنقد الاجتماعي لا يقنع بما هو موجود، ولا يستكين إلى ما هو تقليدي ولكن يبحث ويحلل ويشخص داعيا إلى تجاوز التخلف واتباع أساليب جديدة لحل المشكلات ” [42]
في ضوء ما سبق ، يمكننا القول ، لقد كان واقع الطفل الفلسطيني مشبعا بالقهر والموت والقتل والحصار والجوع والحرمان ، وفي الوقت ذاته مفعما بالتحدي والبطولات النادرة في مقاومة مفتوحة ،متحديا السطة الأسرية والأبوية والاجتماعية والسياسية في زمن توارت فيه بطولات الكبارو في ظل احتلال قاتل .
الخاتمة :
تناولت هذه الدراسة صورة الطفل في الخطاب الروائي الفلسطيني في كل مرحلة من مراحل القضية برؤية نقدية تقبل التعديل والتقويم ، وقد وجدنا أن مفهوم الطفولة الفلسطينية يختلف عن مفهوم الطفولة المعروفة ، وقد أفرز هذا المفهوم صورا متعددة ، كانت حصيلتها جملة من النتائج والآراء نوجزها في النقاط التالية :
- فقدت الطفولة الفلسطينية مفهومها التقليدي المعروف، حيث وقفنا أمام جموع الأطفال الذين يفتقرون إلى الحد الأدنى من مواصفات الحياة الإنسانية التي تنصهر في بوتقة الموت، والقتل، والجوع، والفقر، والاعتقال ، وأهوال البحث عن بيت أو أسرة أو مدرسة أو رغيف خبز . حيث أصبحت معركته الأولى مع الجوع بدلا من المحتل بعد النكبة وآثارها ، ووجد نفسه معنيا بتحمل المسؤولية في تحمل مشاق الحياة ، ومتطلبات الأسرة .
- شعور الطفل الفلسطيني بالخطر والتهديد والموت ، وحرمانه من حقوقه الإنسانية أسوة بأطفال العالم ، أيقظ لديه الوعي بالبحث عن ثقافة جديدة قوامها السلام والأمن والأمان عن طريق المقاومة ، لكن هذا الأمل قد خاب أمام اتفاقية أوسلو للسلام ، فأخذ على عاتقه مواجهة جنود الاحتلال بمفرده ، ودون موافقة أسرته ، ليتولى مهمة تاريخية فات الكبار القيام بها .
- ما من طفل إلا وكان صاحب تجربة حية ومباشرة بوصفه شاهدا على هدم بيته ، أو موت جاره، أواعتقال والده مما جعله يشعر بالحس الوطني منذ نعومة أظافره ، يتحمل مسؤولية حماية الوطن في الوقت الذي لم يجد فيه من يؤمن له الرعاية والحماية ، وعلى ذلك تحول مفهوم الطفولة من الضعف والبراءة واللعب والهدايا والمستقبل إلى القوة والتحدي والمواجهة .
- لعبت التنشئة الاجتماعية دورا محوريا في تشكيل شخصية الطفل وتعد رواية عائد إلى حيفا لغسان كنفاني من أهم الروايات التي أبرزت هذا الجانب حينما تحول خلدون الفلسطيني إلى دوف الإسرائيلي
وتنكر لأصوله العربية بفعل تربية مريام اليهودية .ولعل هذا ما جعل علماء الاجتماع والنفس يشددون على أهمية التنشئة الاجتماعية والتربوية بوصفها المفتاح الرئيس في تحديد معالم الشخصية وتصرفاتها ، وسلوكها وهويتها .
- رصدت رواية الجراد يحب البطيخ أجواء الانتفاضة والتحولات الجذرية التي انتابت صورة الطفل ، حيث تحول من الضحية إلى المقاوم ، وأصبح محط أنظار العالم ، ولأول مرة يتخذ قراره بنفسه، رافضا الوصاية الأسرية ، متجاوزا التبعية والهموم اليومية ، متحديا القرارات السلمية ، ومبشرا بمرحلة جديدة من المقاومة رغم شراسة جنود الاحتلال .
- كشفت رواية بقايا لأحمد حرب زيف مفهوم السلام الإسرائيلي أحادي الرؤية ، ففي الوقت الذي ينعم فيه الطفل الإسرائيلي بتوفير مقومات الصحة ، والتعليم ، والبيت ، والأمن والأمان ، والحرية ، يحاصر الطفل الفلسطيني ، ويتعرض لأبشع أنواع التنكيل والتعذيب والضرب ، ويمنع من الحركة والتنقل داخل مدينته بحرية ، ويضع الاحتلال أمامه الحواجز والتفتيش ، ويجد صعوبة بالغة في الوصول إلى مدرسته ، من باب عدم الاعتراف بحقه في الوجود على أرضه.
وعليه ، يظل الطفل الإسرائيلي في خطر دون الاعتراف بحق الطفل الفلسطيني في السلام والأمن والأمان .ودون أن تتخلى سلطة الاحتلال عن ثقافة العنف والقوة ضد الشعب الفلسطيني .
- ارتبطت صورة الطفل الفلسطيني بأ زمة العلاقات الاجتماعية ، والعلوم الإنسانية التي تهتم بعلاقة الفرد بالمجتمع ، وتكشف عن وعي المؤلف والجماعة التي ينتمي إليها ، وأثر التنشئة والتربية ، والشارع ، والمدرسة والبيت في تفاعل الشخصيات مع بعضها بعضا ، وغياب الحوار والتفاهم بين الأنا والآخر في لحظة زمنية معينة .
مصادر البحث ومراجعه :
أولا- المصادر الرئيسة :
1- حرب، أحمد ، بقايا ،ط1، رام الله ، فلسطين، 1996م
2 –راضي، شحادة، الجراد يحب البطيخ، ط1، القاهرة، المصرية للنشروالتوزيع، 1990م
3- غسان كنفاني، الروايات، ط3، المجلد الأول، مؤسسة الأبحاث العربية للدراسات والنشر، 1986م .
- رجال في الشمس ، 1980lم
- ما تبقى لكم ، 1966م
- عائد إلى حيفا ، 1969م
4 – يخلف، يحيى، تفاح المجانين، ط1، دار الثقافة الجديدة ، القاهرة ، 1989م
ثانيا – المراجع العربية والمترجمة :
- دومب، ريزا ، صورة العربي في الأدب اليهودي ، ت،عارف عطاري، دار الجليل، عمان ,الأردن، 1985م
- خليل، خالدةا لشيخ، الرمزفي روايات غسان كنفاني، شاس برس ، قبرص، 1989م
- الراجحي، عبده، الشخصية الإسرائيلية،ط1، دار المعارف القاهرة ، 1969م
- الزعبي ، أحمد ، في الإيقاع الروائي ، ط1، دار الأمل، بيروت، 1986م
- زعرب، صبحية عودة ،صورة البطل في روايات غسان كنفاني ، ط1، المجدلاوي،عمان،الأردن ، 2005م
- زيما، بيير ، النقد الاجتماعي، ت،عايدة لطفي ، ط1، دار الفكر، بيروت ، 1985م
- سويدان، سامي، في دلالية القصص وشعرية السرد، ط1، دار الأدب، بيروت، 1990م
- السيد ، يس، تشريح العقل الإسرائيلي ، ط1، مكتبة مدبولي ، القاهرة ، 2000م
- عبدالله ، عبد البديع ، الذاتية والغيرية ، ط1، مكتبة الأدب ، القاهرة ، 1995م .
- فضل، صلاح ، بلاغة الخطاب وعلم النص، ط1، الشركة المصرية ، القاهرة، 1995
- لحميداني، حميد، الرواية المغربيةورؤية الواقع الاجتماعي ،ط1، دار الثقافة، الدار البيضاء،1985
- ماضي ، عزيز، انعكاس هزيمة حزيران على الرواية العربية، ط3، المؤسسة العربيةللدراسات والنشر، بيروت ، 1978م
- يوسف، سوزان، المعتقدات الشعبية حول الأضرحة اليهودية ، عين للدراسات ، القاهرة، 1997م
- يقطين ، سعيد، تحليل الخطاب الروائي،ط3،المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 1997م
[1] عبدالله، عبدالبديع، الذاتية والغيرية ،مكتبة الآداب، القاهرة ،1995، ط1، ص 20
[2] انظر، يس،السيد ، الشخصية العربيةبين صورة الذات ومفهوم الآخر، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993م،ط1،ص58-60
[3] -زيما، بيير، النقد الاجتماعي،ترعايدة لطفي، دار الفكر للدراسات ، القاهرة، 1991، ط 1، ص 9
[4] كنفاني، غسان، الصغير يذهب إلى الخيمة،مج2، دار الطليعة، بيروت، 1973 ، ط1، ص 717
[5] المصدر نفسه، ص 373
[6] يخلف، يحيى، تفاح المجانين ، دار الثقافة الجديدة، القاهرة ، 1989. ط1،ص20
[7] المصدر السابق ، ص 21
[8] الشيخ، خالدة خليل، الرمز في روايات غسان كنفاني ، شاس برس، قبرص ، 1989، ط1،ص198.
[9] يخلف، يحيى، مصدر سابق ،ص 42
[10] كنفاني، غسان، الصغير يذهب إلى الخيمة ، مصدر سابق ، ص 85.
[11] يخلف ، يحيى، مصدر سابق ، ص 57.
[12] عبدالله ، عبد البديع، الذاتية والغيرية مرجع سابق ، ص18.
[13] يخلف، يحيى، مصدر سابق، ص57.
[14] عبدالله ، عبد البديع ، ص 18
[15] كنفاني، غسان، رجال في الشمس، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1980،ط3، ص 154
[16] – نفسه، ما تبقى لكم ، ص186
[17] – ص،ن
[18] – ص،ن
[19] – كنفاني، غسان، ماتبقى لكم، ص 165
[20] – كنفاني، غسّان، عائد إلى حيفا ، الروايات،مج1، مؤسسة الأبحاث ا لعربية ، بيروت ،ط3، 1986،ص 378
[21] نفسه ، ،ص 400.
[22] – نفسه، ص 403
[23] نفسه ، ص 368
[24] سويدان ، سامي، في دلالية القصصوشعرية السرد ، دار الآداب، بيروت، 1991، ط1، ص 162.
[25] راضي، شحادة، الجراد يحب البطيخ ، مصرية للنشر والتوزيع ، القاهرة ، 1990، ط1، ص 47.
[26] سويدان، سامي ، المرجع السابق ، ص 148.
[27] راضي، شحادة، الجراد يحب البطيخ ، مصدر سابق، ص 164.
[28] نفسه، ص 363.
[29] ص.ن
[30] عمار،محمود إسماعيل، صورة الحجر الفلسطيني، ط1، دار المجدلاوي،عمان الأردن، 2003،ص 92
[31] السواحري، خليل ، صورة الطفل الفلسطيني في شعر الانتفاضة،مؤتمر الطفل العربي على عتبات القرن الواحد والعشرين،بنغازي. 2002، ص .
[32] صبري،سناء عبداللطيف ، ثقافة السلام لدى الأطفال الإسرائيليين ، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1999، ط 2، ص 18
[33] ص. ن
[34] المرجع السابق ، ص 25
[35] ص، ن
[36] حرب،أحمد، بقايا ،ط1، رام الله، فلسطين،1996، ط1، ص 35.
[37] عمار، صورة الحجر الفلسطيني ، المرجع السابق ، ص 92
[38] المرجع نفسه، ص 145
[39] حرب ، أحمد ، مصدر سابق ، ص 14
[40] نفسه ، ص 187.
[41] فضل، صلاح، بلاغة الخطاب ،وعلم النص، الشركة المصرية العامة، القاهرة،1995،ط 1، ص243
[42] حميد لحميداني ،الروايةالمغربية ورؤية الواقع الاجتماعي ، دار الثقافة، الدار البضاء، 1985،ط1،ص 111