الذات الفاعلة والتاريخانية والحركات الاجتماعيّة عند ألان تورين
Subject actor, historicity and social movements to Alain Touraine
ط.د. محمد خيدون/جامعة ابن طفيل، المغرب
Mohamed KHAIDOUNE/Univeristy of Ibn Tofail, Morocco
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 82 الصفحة 85.
ملخص:
الحركات الاجتماعية بالنسبة لألان تورين ليست محض موضوع جزئي في السوسيولوجيا بل إنها الموضوع الأساس الذي يجب أن تنشغل به، وذلك لأن الحركات الاجتماعية نفسها في المجتمعات الحديثة هي ليست مجرد ظواهر استثنائية على هامش المجتمع، فهي تعبير عن الصراع الأساسي الذي يحدد التوجهات الثقافية الكبرى التي ينظم المجتمع ذاته من خلالها، إنها بعبارة أخرى، حقل الاهتمام الذي يسمح بالوقوف عند ديناميات الصراع الأساسي في المجتمع، وهو الصراع حول التحكم في التاريخانية، والصراع من أجل تحقيق الذات الفاعلة لذاتها.
الكلمات المفتاحيّة: الحركات الاجتماعية، الصراع، الذات الفاعلة، التاريخانية، الحداثة.
Abstract:
Social movements according to Alain Touraine aren’t just a particular object of sociology, in fact they are a central problem on which we should focus, and that’s because they aren’t just a marginal phenomenon, but rather an expression of the central social conflict in modern society, that is the conflict over the control of cultural orientations by which society organizes itself. In other words, social movements are the field on which we can observe the central conflict dynamics in society, that is the conflict over the control of historicity, and the realization of the subject actor.
Key words: social movements, conflict, subject actor, historicity, modernity.
تقديم:
يعدّ ألان تورين من بين أشهر السوسيولوجيين اليوم، ولعل أهم ما اشتهر به هو ما قدمه في سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية، حيث تحضر هذه الأخيرة في أعماله بمعنيين متكاملين وغير قابلين للفصل وكلاهما يصب في نقطة واحدة، وهي مركزية الحركات الاجتماعية في فكره. فهذه الأخيرة بالنسبة للسوسيولوجي الفرنسي هي الشكل الأهم للصراع الاجتماعي، وبالتالي ففهم المجتمع وتغيراته لا يتحقق إلا من خلال تناولها كمدخل أساسي، فهي من جهة، موضوع مركزي للسوسيولوجيا، ومن جهة أخرى، أداة تحليل أساسية للمجتمع، ومعنى ذلك أن سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية بالنسبة لتورين، هي ليست محض فرع تخصصي ضمن فروع أخرى، وإنما هي الأداة الأهم التي تتميز بالدينامية الكافية، وتملك الأدوات الكفيلة بفهم المجتمعات الحديثة. لكن هذا لا يعني أن أعماله وتصوراته تندرج ضمن أفكار تجزيئية وتخصصية للعلم والواقع الاجتماعي، كما لا يعني أنها تضع سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية في مرتبة أهم قياسا إلى باقي الفروع الأخرى في علم الاجتماع. وإنما يمكن القول أن مقاربة تورين أعقد من ذلك بكثير، بحيث أن أفكاره تقبل الاستثمار في كل الأبحاث السوسيولوجية بغض النظر عن مجال تناولها، لا سيما أنها تقدم تصورا عاما حول المجتمع يعد من بين أهم التصورات المثيرة للجدل اليوم.
- التصورات العامة لألان تورين:
مفهوم الحركات الاجتماعية عند ألان تورين لا يكمن فهمه إلا من خلال ربطه بتصوراته العامة حول المجتمع، حيث يرى الباحث الفرنسي أن “العناصر الثلاث المركزية في الحياة الاجتماعية هي “الذات الفاعلة”، باعتبارها واعية ومستقلة عن الممارسات المنظمة، و”التاريخانية” وهي مجموعة من النماذج الثقافية ـ المعرفية والاقتصادية والإيثيقيةـ، التي تشكل رهانا مركزيا للصراع الاجتماعي، أما العنصر الثالث فهو “الحركات الاجتماعية“، والتي تصارع من أجل منح “التوجهات الثقافية” صفة اجتماعية[1]. وهكذا فإن مفهوم الحركات الاجتماعية لدى تورين، هو غير منفصل عن مفهومي الذات والتاريخانية، وفهمه يستدعي بالضرورة الوقوف عند هذين المفهومين.
في تحديده لمفهوم الذات الفاعلة اعتبر تورين أن الفرد يكون ذاتا عندما لا يكون محددا من قبل محيطه، بحيث يكون قادرا على التأثير فيه وتغييره، فالذات لا تسعى إلى الاندماج أو الانصهار داخل الجماعة، وإنما تسعى إلى التحكم بأكبر قدر ممكن في مصيرها، فهي تسعى إلى جعل حياتها تسير وفق مشروعها وليس وفق أحداث متراكمة[2]. إن الذات حسب تورين “هي إرادة الفرد لأن يكون فاعلا”[3]، ومعنى ذلك أنها ليست معطى جاهزا وإنما هي مشروع. فطموح الفرد لأن يحقق هذا المشروع ومقاومته لكل أشكال القهر التي تشكل وضعه الاجتماعي، وإرادته لأن يكون ذاتا فاعلة وسعيه نحو ذلك هو ما يجعله كذلك بالفعل.
أما فيما يخص مفهوم التاريخانية فيحيل عند ألان تورين إلى “التوجهات الثقافية الكبرى التي ينظم من خلالها المجتمع علاقاته بمحيطه معياريا”[4]، لكن ذلك لا يعني أنها عبارة عن قيم مثبتة وقائمة بشكل قوي في مركز المجتمع، وإنما هي عبارة استثمارات تتشكل من خلالها الممارسات الاجتماعية[5]، وتحيل هذه التوجهات الثقافية إلى مجموعة من التمثلات حول الحقيقة والانتاج والأخلاق، وهي مكونة من ثلاث عناصر أساسية وهي: نموذج من المعرفة، ونوع من الاستثمار إضافة إلى مجموعة من المبادئ الإثيقية، وبعبارة أخرى يمكن القول، أن التاريخانية هي قدرة المجتمع على إنتاج وتحويل ذاته عبر إنتاج الخيرات والمعرفة والأخلاق، ويشير الباحث الفرنسي في هذا السياق إلى أن هذه القدرة على الانتاج موزعة بشكل غير متساو داخل المجتمع[6]، فالتاريخانية باعتبارها استثمارا، لا يمكن أبدا أن تكون تحت تحكم الجميع[7]. وفي هذا السياق تندرج الحركات الاجتماعية عند ألان تورين، حيث يعرفها هذا الأخير بكونها ” السلوك الجماعي المنظم لفاعل طبقي في صراعه ضد خصمه الطبقي من أجل التحكم الاجتماعي في التاريخانية”[8].
- مفهوم الحركات الاجتماعية عند تورين:
يشير ألان تورين في إطار توضيحه لمفهوم الحركات الاجتماعية، إلى أن هذه الأخيرة لا يجب فهمها على أنها تيار تحديثي يسعى إلى تجاوز التقاليد[9]، أو أنها في حد ذاتها عامل للتغير الاجتماعي[10]، كما يشير أيضا إلى أنها ليست تيارا للرأي (Courant d’opinion)[11]، وذلك أنها من حيث ماهيتها، هي عبارة عن شكل خاص من الصراع الاجتماعي، على اعتبار أن هناك الكثير من أشكال السلوك الجماعي التي لا يمكن عدها صراعا اجتماعيا، من قبيل حركات الموضة، وتيارات الرأي، والابتكارات الثقافية…الخ، فالصراع الاجتماعي يستوجب تحديدا واضحا للخصوم أو الفاعلين المنافسين، كما يستوجب تحديدا واضحا للموارد التي يدور الصراع حولها[12]، وبما أن هناك أشكال عديدة للصراع الاجتماعي، فإن الشكل الوحيد الذي يعتبر حركة اجتماعية بالنسبة لتورين، هو ذلك الذي يدور حول التحكم الاجتماعي في التوجهات الثقافية الكبرى[13].
بناء على ما سبق، يمكن القول أن الحركات الاجتماعية حسب ألان تورين هي صراع من أجل تغيير وتحويل علاقات الهيمنة الاجتماعية الممارسة على الموارد الأساسية الثقافية، والتي تتضمن الانتاج والمعرفة والقواعد الإثيقية[14]، هذا الصراع يؤدي إلى إحداث تغيرات عميقة قد تكون عبارة عن “قطيعة في النظام السياسي، أو إصلاحات مؤسساتية تتمظهر بشكل يومي في أشكال التنظيم الاجتماعي والثقافي أي في علاقات السلطة”،[15] فالحركات الاجتماعية لا تهدف تغيير قرار مؤسساتي أو معيار تنظيمي[16]، وإنما تهدف إلى إعادة النظر في علاقات السلطة وفي اللامساوة في توزيعاها التي تتمظهر وتتكرس عبر المؤسسات والتنظيمات[17]. وهكذا فإن الحركة الاجتماعية حسب تورين، هي سلوك جماعي يسعى من خلاله الفاعلون إلى إعادة توزيع القدرة على التحكم في إنتاج المجتمع لذاته، ويتضمن هذا الفعل الدخول في صراع مع الطبقة المهيمنة التي تسيطر على هذا الإنتاج وتنسبه إلى نفسها كما توافقه مع مصالحها، وتستعمله لشرعنة هيمنتها على باقي المجتمع[18].
- الهوية والتعارض والشمولية:
تجيب المبادئ الثلاث، الهوية والتعارض والشمولية، التي وضعها ألان تورين للحركة الاجتماعية، على ثلاث أسئلة أساسية تطرح على أي حركة أو فعل احتجاجي، وذلك أنه ليكون هناك صراع لابد من الإجابة عن ثلاث أسئلة مركزية: باسم من نصارع؟ وضد من؟ وعلى أي ميدان؟[19]
حسب ألان تورين، لا يمكن الحديث عن حركة اجتماعية إلا من خلال تواجد المبادئ الثلاثة مجتمعة ومترابطة فيما بينها[20]، وبقدر ما تكون هذه العناصر الثلاث مندمجة فيما بينها داخل حركة اجتماعية معينة، بقدر ما يكون مستوى مشروع هذه الحركة عاليا، وتكون قدرتها على الفعل قوية، والعكس صحيح[21]. ففي حالة توفر مبدأ الهوية وحده، بحيث أن مجموعة الفاعلين تدافع عن مصالحها الخاصة، دون استحضارها لخصم معين (مبدأ التعارض) ودون وعيها بالشرعية الاجتماعية لفعلها (الشمولية)، تكون مجرد مجموعة ضغط، ويكون فعلها محدودا، في حين إذا كانت لا تتحدد سوى بتعارضها مع خصم معين، دون تحديد واضح لهويتها، فإنها لا تتعدى أن تكون قوة تظهاهرية، وفي النهاية، إذا كانت مجموعة معينة لا تحدد سوى باستحضارها للقيم العامة للمجتمع (مثال الحضارة، التنمية، الديمقراطية…الخ)، فإنها لا تتجاوز كونها حركة للأفكار الاجتماعية، غير قادرة على تحديد أهدافها بشكل دقيق، وعموما فإنه يمكن القول أن الأشكال الثلاث السالفة الذكر للفعل الجماعي (مجموعات الضغط، وحركات الاحتجاج، وحركات الأفكار الاجتماعية)، هي أشكال أولية وضعيفة للحركات الاجتماعية، وذلك أن تشكيل حركة اجتماعية قوية وذات أهمية تاريخية كبيرة يستدعي على الأقل توفر مبدأين من المبادئ الثلاث[22]، وذلك على اعتبار أنه لا وجود لحركة اجتماعية توجد فيها المكونات الثلاث متجانسة بشكل كامل، فكل حركة تقريبا تمتزج فيها أشكال أخرى من الفعل الجماعي[23].
- الحركات الاجتماعية والصراع الطبقي:
يرى ألان تورين أن المجتمع هو عبارة مجال للصراع، حيث تسود علاقات الهيمنة وتتصارع السلطة ومقاومة السلطة[24]. فالمجتمع هو عبارة عن صراع بين الفئة المبتكرة والمسيطرة على التاريخانية، والطبقة الشعبية الخاضعة والمقاومة في نفس الوقت لهذه الهيمنة، وتشكل التبعيات المتبادلة بين هاتين الطبقتين حسب تورين، أساس كل التنظيم الاجتماعي والثقافي، وذلك أن المجتمع مشكل من حركتين متعارضتين، إحداهما تسعى إلى تحويل التاريخانية إلى تنظيم وتذهب إلى حد جعلها نظاما (Ordre) وسلطة، والأخرى تحاول كسر هذا النظام من خلال الابتكار الثقافي والحركات الاجتماعية[25].
هذا الصراع المركزي حول إنتاج المجتمع هو غير قابل للانتهاء أو الحل، وذلك أن الطبقة المهيمنة تسعى دائما إلى مقاومة التغير وتثبيت المجتمع وفق ما يوافق مصلحتها، في الوقت الذي تتطلع فيه الطبقة الخاضعة إلى التغير وتسعى إلى إحداثه، ويكمن الطابع اللانهائي لهذا الصراع في كون أن الطبقات الخاضعة عندما تربح، تقوم بدورها بتحويل المجتمع من طابعه النشيط والمتغير إلى وضع ثبات واستقرار قابل لإعادة الانتاج[26]، وهكذا فإن الصراع حسب تورين، هو ليس دخيلا على المجتمع وإنما هو مؤسس له، كما أنه ليس مرتبطا برهان محدد، أو أفق معين ينتهي عند الوصول إليه، وإنما هو مستمر مع استمرار المجمتع نفسه.
يرى ألان تورين على أن “الحركات الاجتماعية والصراع الطبقي هما مرادفان لبعضهما”[27]، وهو الأمر الذي قد يدفعنا إلى التساؤل عن أوجه الاختلاف بين الحركات الاجتماعية والصراع الطبقي، وعن جدوى استعمال تورين للمفهوم الأول إذا كان معناه مطابقا للثاني. يشير ألان تورين في هذا السياق إلى أن ما يميز مفهوم الحركة الاجتماعية عن مفهوم الطبقة، هو أن هذه الأخيرة هي عبارة وضع (Situation)، في حين أن الحركة هي ذات[28]، والواقع أن هناك فرقا كبيرا بين المفهومين، فاستعمال تورين للمفهوم الأخير لا يعكس فقط الاختلاف العميق والمسافة الكبيرة التي يضعها مع التصورات الماركسية الكلاسيكية، ولكنه يعكس أيضا الاختيار الأهم الذي راهن عليه في مختلف أبحاثه وكتاباته، وهو جعل الذات في مركز المجتمع وفي صلب التحليل السوسيولوجي. حيث يشير إلى أنه يجب استبدال المفاهيم التي حاولت تفسير الأفعال الاجتماعية بردها إلى الأوضاع وشروط الوجود الموضوعية، بمفاهيم العلاقات الاجتماعية والفاعل، والتي تفسر هذه الأوضاع بردها إلى أفعال الأفراد، ولهذا السبب نفسه يجب استبدال مفهوم الطبقة بالحركات الاجتماعية[29].
- نقد تورين لتصورات الماركسية الكلاسيكية للحركات العمالية:
يستعمل ألان تورين في تحليله للحركات العمالية مفهوم الحركات الاجتماعية بدل الوعي الطبقي، وذلك تجاوزا للمقاربة الماركسية، حيث يفيد مفهوم الحركات الاجتماعية بأن الحركات العمالية هي نابعة من فاعل جماعي توجهه الأساسي يصب في الدفاع عن الذات والصراع من أجل حقوق العمال وكرامتهم[30]، فالعمل النقابي والحركة العمالية لا يمكن أن يشكلا حركة اجتماعية إلا إذا كان عملهما موجها بشكل إيجابي نحو تقوية وتعزيز الاستقلال الذاتي للعمال[31]. وعموما فإنه يمكن القول أن المقاربة التي يقدمها تورين للحركات العمالية تقطع مع مفهوم الصراع الطبقي عند ماركس، وذلك لأن هذا الأخير ربط الحركة العمالية بالتطور التاريخي، فبما أن الرأسمالية بناء مصطنع (Artificiel) ولاعقلاني للعالم، قائم على العطش إلى الربح، ومحتجب وراء مجموعة من الاديولوجيات[32]، فإن الحركات الاجتماعية (حسب ماركس) هي ردة فعل على الهيمنة والسيطرة التي تمارس عبر هذا النظام، بحيث تقوم الطبقة الخاضعة بالثورة عندما تصبح هذه الظروف مهددة لوجودها الفيزيقي والثقافي، وتشكل هذه الثورة ليس فقط ردة فعل على الهيمنة، ولكنها أيضا تحمل مشروع مجتمع جديد يتجاوز تناقضات الوضع الحاضر نحو مستقبل اشتراكي تزول فيه المصالح الخاصة التي يفرضها النظام الرأسمالي، لصالح التنمية والمصلحة العامة للمجتمع[33].
ينتقد تورين هذا التصور، ويعمل على رسم مجموعة من الحدود الفاصلة التي تميز سوسيولوجيا الحركات الاجتماعية التي يؤسس لها عن التصورات الماركسية الكلاسيكية، وذلك عبر تحديد ثلاث نقاط أساسية تبرز المسافة الحقيقة التي تفصل التصورين، أولى هذه النقاط هي أن الحركة الاجتماعية، هي عبارة سلوكات وأفعال جماعية صراعية، موجهة ثقافيا، وليست تمظهرا للتناقضات الموضوعية في النظام المهيمن؛ النقطة الثانية التي تفصل تورين عن الماركسية الكلاسيكية، هو اعتقاده بأن الحركات الاجتماعية ليست موجهة بالأساس نحو الدولة، ولا يمكن اعتبارها فعل سياسي يسعى إلى امتلاك السلطة، فهي فعل طبقي موجه نحو خصم اجتماعي، ومع أنها يمكن أن تتقاطع أو تتضامن مع فعل يسعى إلى السلطة، لكنها لا تتطابق أو تتوحد مع هذا الفعل؛ أما النقطة الثالثة التي يحددها تورين فهي تخص الطابع التطوري الذي يميز التصورات الماركسية للحركات الاجتماعية، حيث يشير إلى أن هذه الأخيرة لا تخلق بالضرورة مجتمعا أكثر حداثة أو تطورا من المجتمع الذي تعاضره، فهي لا تسعى نحو دفع المجتمع إلى التقدم التاريخي عبر تجاوز الواقع الحاضر نحو مستقبل أكثر اشراقا، وإنما تسعى فقط إلى تقديم بديل نابع من ذاتها عن واقع الهيمنة المفروض عليها[34].
ينتقد تورين أيضا التوجهات الماركسية البنيوية التي ظهرت في منتصف القرن العشرين، حيث يرى أن هذه التصورات كانت صائبة في تصويرها للحياة الاجتماعية على أنها عبارة عن صراع مفتوح في نظام مغلق (Closed order)، تدعهمه مجموعة من ميكنزمات السيطرة الثقافية والاجتماعية، لكن هذا التصور مخطئ في اعقاده بأن هذه المجتمعات (لاسيما المجتمعات الصناعية والديمقراطية) مغلقة كليا بحيث لا يوجد أي هامش لتشكل وعي أو فعل اجتماعي[35]، وذلك أنه لا وجود لمجتمع مغلق تماما، كما لا توجد مجموعة معينة، سواء كانت في وضع خضوع أو هيمنة، غير واعية ولو بشكل جزئي بتراتبية العلاقات الاجتماعية ووضع الهيمنة التي توجد ضمنها[36].
- الحركات الاجتماعية الجديدة:
الحركات الاجتماعية لا تنفصل عن حقل التاريخانية الذي توجد ضمنه، فهي تتموقع داخله كما أنها من بين أهم فاعليه، فهي تولد وتموت مع المجتمع الذي تنتمي إليه[37]. وبالعودة إلى الماضي فإننا نجد ـحسب تورين ـ أن الحركات الاجتماعية في المجتمعات التجارية هي حركات حضرية، حيث أن قاعدتها هي المدينة أو الحي، ورهانها المركزي هو حرية المواطن، وخصمها الأساسي هو الأمير أو الإقطاعي أو التجار الكبار، لكن مع ظهور الصناعة والمجتمع الصناعي، تحولت العلاقات الطبقية إلى المقاولة الصناعية، لتتحول فيما بعد إلى تعارض أجهزة الإنتاج والمجالات الاجتماعية التي يفرضون فيها سلطتهم[38].
الحركات الاجتماعية الجديدة هي بعبارة أدق، صراع اجتماعي جديد[39]، وقد استعمل ألان تورين هذا مفهوم لأول مرة للإحالة على حركة ماي 1968، حيث اعتبرها إشارة على دخول عصر جديد للحركات الاجتماعية، وتمظهرا لتحولات عميقة في المجتمع، وذلك أنه مع هذه الحركة دخلت الثقافة إلى المجال السياسي[40]، بحيث أصبحت الحركات الاجتماعية سوسيوثقافية أكثر مما هي سوسيوسياسية، كما حصلت تحولات كبيرة تمثلت أساسا في تزايد شساعة المسافة بين الدولة والمجتمع المدني، في الوقت الذي تقلصت المسافة بين المجال العام والحياة الخاصة[41].
عرفت المجتمعات الصناعية حسب تورين تحولات جذرية عندما طورت وسائل الإنتاج من خلال ابتكار مجموعة من الأجهزة التقنية إضافة إلى أنماط جديدة من التنظيم، والواقع أنه لا يضاهي هذه التحولات سوى ما تعرفه المجتمعات المعاصرة اليوم، حيث صارت هذه الأخيرة تبتكر مجموعة من التكنولوجيات بغية إنتاج لغات ومعلوات وخيرات رمزية (Symbolic goods)، فهذه المجتمعات لا تبتكر وسائل إنتاج فقط ولكنها تبتكر أيضا غايات ومطالب وتمثلات، ومعنى ذلك أن هذه المجتمعات أصبحت ذات قدرة كبيرة على انتاج ذاتها، بحيث صارت قادرة على تحويل جسمنا وجنسايتنا وحياتنا الذهنية، ونتيجة ذلك بالنسبة للحركات الاجتماعية، هو تزايد مستمر لأهميتها ولفعاليتها، وذلك نتيجة للاتساع الكبير الذي عرفه حقلها، حيث صار ممتدا على مستويات شاسعة جدا، ويتخلل جوانب كثيرة من الحياة الاجتماعية والثقافية لم تكن تتضمنها من قبل[42]. فالحركات الاجتماعية كانت محدودة في السابق، لأن حقل فعلها كان محدودا، وذلك بسبب محدودية المجتمع نفسه وضعف قدرته على إنتاج ذاته[43].
- الحركات الاجتماعية والذات:
تصور ألان تورين للحركات الاجتماعية لا ينفصل عن مفهوم الذات الفاعلة بالنسبة إليه، حتى أنه يعتبر مجمل أعماله وكل مشروعه إذا أمكن أن يلخص في عبارة واحدة فستكون كالآتي: “الذات= الحركات الاجتماعية”، وذلك أن هذه الأخيرة ليست سوى الشكل الجماعي (Collective) والإجتماعي والسياسي للرغبة في تأكيد الذات عبر الصراع ضد السلطة، سواء كانت سلطة جماعية (Communautaire) أو تجارية[44]، وذلك أن الذات لا تتحقق إلا من خلال الصراع ضد نظام معين، وضد كل ما يسلبنا معنى وجودنا، فكل ذات فاعلة هي بالضرورة ذات ثائرة[45] تحاول التفلت من الأنظمة والسلطات التي تمنعها من أن تكون ذاتها عبر جعلها جزء من نظام يستوعب ويتحكم في نشاط الجميع[46]. فمنذ أن أخذت المجتمعات الغربية بزمام أمورها وصارت تنتج ذاتها بذاتها، صار صراع الذات من أجل أن تكون ذاتها، أي أن تكون فاعلة، هو الصراع الأساس داخل المجتمع، فتشكلت الذات بداية كمواطن، ضدا على الأشكال الاستبدادبة للسطة، ثم تشكلت فيما بعد كطبقة تصارع من أجل التحرر من سلطة البرجوازية، وأخيرا تشكلت ككائن ثقافي يناضل من أجل انتزاع خصوصيته وحريته الفردية ضدا على النزعتين الاستهلاكية الأداتية والجماعية الإدماجة[47].
تشكل الذات الفاعلة نقيضا لفكرة الأدوار الاجتماعية، والتي ليست في حقيقة الأمر سوى تعبير عن سيطرة السلطات المركزية على الحياة الاجتماعية والشخصية، هذه السلطات التي تعمل ليس على خلق فاعلين وإنما على خلق أفراد مستهلكين[48]، فرفض استعارتي الجسم أو الآلة لوصف الحياة الاجتماعية، إضافة إلى رفض الهيمنة الاجتماعية والمطالبة بالحرية في إنتاج الذات، هو ما يشكل الذات الفاعلة[49]، بل إنه الذات نفسها، وذلك أن هذه الأخيرة لا تتحقق إلا من خلال التحرر من سلطة أولائك الذين يسيطرون على الاقتصاد والسياسية والمعلومة، وفقط من خلال هذا التحرر يتحول الفرد من مستهلك للمجتمع إلى منتج له[50]، وذلك هو المعنى الحقيقي للذات، فهي منتجة للحياة الاجتماعية وتغيراتها، والحركة الاجتماعية هي الحامل لها، فالحركة الاجتماعية بتعبير ألان تورين “تحمل الذات الفاعلة على منكبيها كي تتمكن من رؤية ما أبعد من الجمهور”[51]. وعموما فإنه يمكن القول أن الذات لا توجد إلا كحركة اجتماعية، والحركة الاجتماعية هي بدورها لا توجد إلا بوجود ذات فاعلة تناهض منطق النظام الثابت، سواء كان قائما على مبدأ أداتي، أو استعابي وإدماجي ضمن الكل الاجتماعي[52].
- التدخل السوسيولوجي:
يرى ألان تورين أن تقنية البحث السوسيولوجي في الحركات الاجتماعية يجب أن تذهب إلى ما هو أبعد من الممارسات والسلوكات التي تستجيب لوضع معين، وذلك بغية كشف الأبعاد النقدية والمطالبة بتغيير الأوضاع التي تحتوي عليها هذه السلوكات، وذلك أن مهمة الباحث السوسيولوجي حسب تورين، لا تتوقف عند ملاحظة الممارسات الاجتماعية، وإنما تروم كشف العلاقات الاجتماعية والتوجهات الثقافية التي ترتكز عليها الممارسات، وفي هذا السياق تندرج تقنية التدخل السوسيولوجي التي طورها تورين واستخدمها في العديد من أبحاثه[53]، والتي يقوم من خلالها الباحث، عبر مجموعة من المحادثات المفتوحة، مع الأفراد موضوع البحث، باكتشاف ما هو مشروع (Projet) داخل مختلف سلوكاتهم[54].
تقوم تقنية التدخل السوسيولوجي عند تورين، من جهة، على اكتشاف المعنى الأكثر اكتمالا لفعل الفرد المدروس، وذلك بهدف الكشف عن دوره كمنتج للتاريخ[55]، ومن جهة أخرى، على دفع الفاعلين لاكتشاف هذا المعنى في أفعالهم الخاصة[56]، وذلك أن المقياس الأساس لصحة فرضية الباحث، حسب تورين، هو قدرتها على رفع القدرة على الفعل لدى الأفراد موضوع الدراسة[57].
تكمن أهمية التدخل السوسيولوجي في دراسة الحركات الاجتماعية في كونه يخرج الذات الفاعلة إلى سطح الوعي، وذلك لأن الذات حسب تورين، لا تكون حاضرة في الوعي بشكل كامل، وإنما تكون مغطاة ومحتجبة خلف مطالب أخرى، بحيث يتطلب الأمر الغوص عميقا فيما ما وراء هذه المطالب، من أجل إيجاد النضال الحقيقي الذي يكمن وراءها، وهو الصراع من أجل إنتاج الذات، فهذا الأخير وإن كان موجودا في وعي الفاعل، إلا أنه يحتاج الى الاستخراج والانعتاق من أشكال مختلفة من المطالب والنضالات[58]، وهنا تحديدا تندرج تقنية التدخل السوسيولوجي.
- الحركات الاجتماعية ونقد الحداثة:
تأسست الحداثة حسب ألان تورين، عبر الفصل بين عالم الطبيعة وعالم الإيمان، بين العلوم والدولة الحديثة من جهة، والأحاسيس والعواطف والذاتية من جهة أخرى[59]، فالبعودة إلى عصر النهصة نجد أن اليونان والرومان والمسيحية كلها كانت ممتزجة ومتداخلة فيما بينها في قلب نفس الفترة، كما نجد أيضا أن العلم والفن كانا غير منفصلين، وكثيرا ما كانا يتجمعان في نفس واحدة (مثال ليوناردو دافينشي و مايكل أنجلو)[60]، لكن مع ظهور الحداثة انفصل العالم الموضوعي عن العالم الذاتي، وهو ما شكل، حسب تورين، المشكل الذي تعرفه المجتمعات الحديثة اليوم[61].
يشير تورين إلى أنه بقدر ما تصبح المجتمعات حداثية، بقدر ما تنحو في اتجاه نزعة عقلانية، تختزل كل شيء في بعده الأداتي، فتصبح عبارة عن “بنية تقنية” (Technostructure)[62]. وهكذا فإنه بسبب فعل العقلنة هذا، والذي يقوم على كبت وإقصاء الثقافة والتقليد والذاتية والمشاعر والجنسانية…الخ، يظهر كل ما ليس عقلانية ليطالب بمكانه داخل المجتمع[63]، وهنا تندرج الذات والحركات الاجتماعية، فهي عبارة عن ردة فعل ضد النزعة الأداتية للحداثة، كما لو أنها قوة تحاول التحرر من القفص الحديدي الذي تحدث عنه ماكس فيبر[64]. الحركات الاجتماعية، حسب ألان تورين، هي القوة التي تحاول المصالحة بين ما فصلته الحداثة، فهي تحاول إدماج العلاقنية الأداتية مع الهوية الثقافية، وذلك من خلال الصراع من أجل التحرر من النزعتين الجماعية (Communautaire) والعولمية الاستهلاكية اللتين تحاول كل منهما استدماج الفرد داخلها[65].
الواقع أن تصور ألان تورين للحركات الاجتماعية يكتسي أهمية كبيرة اليوم، فهي باعتبارها مطالبة الذات بأن تكون ذاتها (أي أن تكون فاعلة) وبأن تنتج ذاتها بذاتها، وذلك من خلال التحرر من كل القوى التي تحاول امتصاص الفرد واستدماجه ضمن منطق الكل (كما يذهب إلى ذلك تورين)، هي اليوم في صلب النقاشات والإشكالات التي يطرحها المجتمع المعاصر، لاسيما في ظل العولمة وغزو الرأسمال والاقتصاد لكل جوانب الحياة الاجتماعية وحتى الشخصية، والتي يقابلها من جهة أخرى ظهور الجماعات الدينية والإثنية المتطرفة، والتي تسعى بدورها، على غرار النزعة العولمية، إلى احتواء الفرد وتجريده من ذاته الفاعلة. وفي هذا السياق يمكن القول، أن الحركات الاجتماعية حسب ألان تورين، هي الأمل والنور الذي يمكن أن يهتدي به الفاعل للخروج من ظلمة الاستهلاك والنزعة الجماعية والهوياتية.
خاتمة:
ختاما يمكن القول أن مفهوم الذات الفاعلة يشكل النواة والمركز الذي تدور حوله معظم أفكار ألان تورين، فالتاريخانية ما هي سوى رهان لصراع الذات من أجل إنتاج ذاتها، والحركات الاجتماعية هي التعبير الملموس والشكل الاجتماعي لهذه الذات كما أنه أداتها الأساسية للصراع ضد من يسلبها الحق في أن تكون ذاتها، أما منهجية التدخل الاجتماعي فهي وسيلة كشف هذه الذات المحتجبة وراء أغلفة الأداتية لإخراجها إلى النور.
قائمة المراجع:
1.ألان تورين، بارديغما جديدة لفهم عالم اليوم، ت جورج سليمان، المنظمة العربية للترجمة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 2011.
2.Touraine Alain. Les mouvements sociaux: objet particulier ou problème central de l’analyse sociologique?. Revue française de sociologie. 1984 Jan 1:3-19.
3.Touraine A. An introduction to the study of social mouvements. Social research. 1985 Dec 1:749-87.
Touraine A. Le suject comme mouvement social ou la critique de la modernité. Aspects sociologiques. 1993;1(3).
4.Touraine A. A method for studying social actors. Journal of world-systems research. 2000 Nov 26;6(3):900-18.
5.Touraine, A. La voix et le regard. Les classiques des sciences sociales. produit en version numérique par Réjeanne Toussaint. 2010. Chomedey, Ville Laval. Québec.
6.Touraine, A. Le retour de l’acteur, Les classiques des sciences sociales, produit en version numérique par Réjeanne Toussaint, 2011, Chomedey. Ville Laval. Québec.
- Touraine, A. Sociologie de l’action. Les classiques des sciences sociales, Une édition numérique réalisée par Diane Brunet, guide de musée, La Pulperie, Chicoutimi, bénévole. 2011.
8.Touraine, A. Critique de la modernité. Les classiques des sciences sociales, édition numérique réalisée par Diane Brunet, guide de musée, La Pulperie, Chicoutimi, bénévole. 2011.
[1] Alain Touraine. Le retour de l’acteur, Les classiques des sciences sociales, produit en version numérique par Réjeanne Toussaint, a2011, Chomedey. Ville Laval. Québec. p 75.
[2] Ibid. P4.
[3] Touraine, A. Le suject comme mouvement social ou la critique de la modernité. Aspects sociologiques. 1993;1(3). P4.
[4] Touraine, A. La voix et le regard. Les classiques des sciences sociales. produit en version numérique par Réjeanne Toussaint. 2010. Chomedey, Ville Laval. Québec. P44.
[5] Touraine, A. (a2011). op. cit., P73.
[6] Touraine A. An introduction to the study of social movements. Social research. 1985 Dec 1:749-87. P755.
[7] Touraine, A. (a2011). op. cit., P73.
[8] Touraine, A. (2010). op. cit., p 107.
[9] Ibid. P131.
[10] Ibid. P130
[11] Touraine, A. Les mouvements sociaux: objet particulier ou problème central de l’analyse sociologique?. Revue française de sociologie. 1984 Jan 1:3-19. PP 279,280.
[12] Touraine, A. (1985). op. cit., P750.
[13] Ibid. P760.
[14] Touraine, A. (1984). op. cit.,P4.
[15] Ibid. P 8.
[16] Touraine, A. (2010). op. cit., P113.
[17] Touraine, A. (1984). op. cit., PP 279,280.
[18] Touraine, A. (2010). op. cit., PP 51-52.
[19] Ibid. P 116.
[20] Touraine, A. Sociologie de l’action. Les classiques des sciences sociales, Une édition numérique réalisée par Diane Brunet, guide de musée, La Pulperie, Chicoutimi, bénévole. b2011. P 185.
[21] Touraine, A. (2010). op. cit., P 116.
[22] Touraine, A. (1965). op. cit., P 185.
[23] Touraine, A. (2010). op. cit., P115.
[24] Touraine, A. (2000). op. cit.,P 909.
[25] Touraine, A. (1978). op. cit.,P51 52.
[26] Touraine, A. (1985). op. cit.,P755.
[27] Touraine, A. (1978). op. cit., P129.
[28] Touraine, A. (1984). op. cit., P 10.
[29] Touraine, A. Critique de la modernité. Les classiques des sciences sociales, édition numérique réalisée par Diane Brunet, guide de musée, La Pulperie, Chicoutimi, bénévole. c2011. P279.
[30] Touraine, A. (2010) op. cit., P276.
[31] Touraine, A. (1984). op. cit. P276.
[32] Touraine, A. (2010). op. cit., P275.
[33] Ibid. P108.
[34] Ibid. PP 110-111.
[35] Touraine, A. (1985) op. cit., pp. 749-787, P771.
[36] Touraine, A. (2000) op. cit. P 907.
[37] Touraine, A. (2010). op. cit., P 130.
[38] Ibid. P 136.
[39] Touraine, A. (1985). op. cit. P774.
[40] ألان تورين، بارديغما جديدة لفهم عالم اليوم، ت جورج سليمان، المنظمة العربية للترجمة، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت، 2011 ص 263.
[41] Touraine, A. (1985). op. cit. P780.
[42] Ibid. P778.
[43] Ibid. P778.
[44] Touraine, A. (1993). op. cit., P5.
[45] ألان تورين، 2011، مرجع سابق الذكر، ص 178.
[46] نفس المرجع، ص 177.
[47] نفس المرجع، ص 182.
[48] Touraine, A. (1992). op. cit., P268.
[49] Ibid. P269.
[50] Ibid. P268.
[51] ألان تورين، 2011، مرجع سابق الذكر، ص 209.
[52] Touraine, A. (2010). op. cit., P270.
[53] Touraine, A. (1984). op. cit., P17.
[54] Ibid. P17.
[55] Touraine, A. a2011. op. cit., P 147.
[56] Touraine, A. (2000). op. cit., P 905.
[57] Ibid. P 913.
[58] ألان تورين، 2011، مرجع سابق الذكر، ص 210.
[59] Touraine, A. (1993). op. cit., PP 2-3.
[60] Ibid. P2.
[61] Ibid. P3.
[62] Ibid. P278.
[63] Ibid. p2.
[64] Ibid. P278.
[65] Ibid. P3.