كوفيد-19 بين المواثيق الدَّوليَّة والقيود الدَّاخليَّة
COVID-19 between International Convention and National Restrictions
د. زينب محمد جميل الضناوي، جامعة الملك فيصل، المملكة العربية السعودية
Zeinab Mohammad Jamil Al Dinnawe, King Faisal University
بحث منشور في كتاب أعمال مؤتمر أزمة حقوق الإنسان في ظل جائحة كوفيد-19 ص 41.
Abstract:
The study aims to highlight the most important legal rules that deal with human rights in the face of crises that “threated the life of the nation” represented by the state of emergency and the exceptional measures it carries that give governments wide authority to apply them.
This study also presented the legal framework in which to the state of emergency and the means to be adopted within the framework specified in international covenants. This study showed some of the legal consequences of declaring a state of emergency based on international law that guarantees human rights.
The study concluded that the state of emergency that allows bypassing some human rights is an exceptional case mentioned in many international covenants, but within a specific legal framework, governments are obligated to implement it.
Keywords: Human Rights – State of Emergency – International Treaties – Exceptional Powers – Covid-19.
الملخَّص:
تهدف الدِّراسة إلى إبراز أهمِّ القواعد القانونيَّة الَّتي تتعاطى مع حقوق الإنسان في ظلِّ مواجهة أزماتٍ “تُهَدِّدُ حياة الأمَّة” المتمثِّلة بحالة الطَّوارئ وما تحمله مِنْ تدابير استثنائيَّةٍ تُعطي للحكومات صلاحيَّةً واسعةً للعمل بها.
كما قدَّمت هذه الدِّراسة الإطار القانونيَّ المسموح فيه لإعلان حالة الطَّوارئ والسُّبُلِ الواجب اعتمادها ضمن الإطار المحدَّد في المواثيق الدَّوليَّة، حيث بيَّنت هذه الدِّراسة جانبًا مِنَ النَّتائج القانونيَّة المترتِّبة على إعلان حالة الطَّوارئ استنادًا إلى القانون الدَّوليِّ الضَّامن لحقوق الإنسان.
وقد خَلُصَتِ الدِّراسة إلى أنَّ حالة الطَّوارئ الَّتي تسمح بتجاوز بعضًا مِنْ حقوق الإنسان هي حالةٌ استثنائيَّةٌ واردةٌ في العديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة، ولكن ضمن إطارٍ قانونيٍّ محدَّدٍ، واجبٌ على الحكومات الالتزام بتطبيقه والعمل على السَّير ضمن مساره.
الكلمات المفتاحيَّة: حقوق الإنسان – حالة الطَّوارئ – المعاهدات الدَّوليَّة – الصَّلاحيَّات الاستثنائيَّة – كوفيد-19.
مقدِّمة:
انتشر وباء كورونا في العالم أجمع، ممَّا خلق أزمةً صِحِّيَّةً ضربت الكون بشكلٍ واسعٍ، خلقت معه نوعًا مِنَ الرُّعب أحاط العالم بأسره. سعى المجتمع الدَّوليُّ بكامله للتَّصدِّي لهذا الوباء، ولكن سرعان ما كشف الوضع عن ضعفٍ وعدم قدرةٍ دوليَّةٍ لمواجهة هكذا نوعٍ مِنَ الحروب الَّتي كانت نتائجها مِنْ حيث عدد الوفيَّات تفوق عدد الوفيَّات في الحرب العالميَّة. كما حاولت منظَّمة الصِّحَّة العالميَّة تقديم التَّقارير الصِّحِّيَّة لترتيب المجتمع الدَّوليِّ صِحِّيًّا، ولكن أيضًا أظهرت الكثير مِنَ الارتباك والضَّعف وخصوصًا في بداية الجائحة. لقد أصبح معلومًا لدى المجتمع الدَّوليِّ بأنَّ كوفيد-١٩ مِنْ أشدِّ التَّحدِّيات الَّتي واجهتها الحكومات منذ زمنٍ طويلٍ. ولا زالت حتَّى تاريخ كتابتنا لبحثنا معظم الحكومات متردِّدةً بالتَّخفيف مِنَ التَّدابير الاحترازيَّة، أو فرض تدابير جديدةٍ تتناسب مع واقع الحال الصِّحِّيِّ الغير مستقرٍّ. حيث إنَّ معظم الدُّول تدرس إمكانيَّة رفع بعض التَّدابير الاحترازيَّة إلَّا أنَّها تتراجع في اللَّحظات الأخيرة خوفًا مِنَ المتحوِّل الجديد سواءٌ (دلتا) أو حتَّى (ابيسليون).
أهمِّيَّة البحث:ترجع أهمِّيَّة البحث إلى العديد مِنَ النِّقاط، أهمُّها:
- تسليط الضَّوء على مفهوم الحرِّيَّات والحقوق العامَّة في الأزمات الغير عاديَّةٍ، والَّتي تمَّ تحصينها في العديد مِنَ المعاهدات الدَّوليَّة.
- عرض أهمِّ المواثيق الدَّوليَّة الَّتي تُعطي حالة الطَّوارئ إطارها العامَّ ضمن النُّصوص الشَّرعيَّة والقانونيَّة.
- تغيير مفهوم حالة الطَّوارئ الَّتي تُعطي الحكومات الكثير مِنَ الصَّلاحيَّات الاستثنائيَّة لمواجهة التَّهديد الَّذي يطال حياة الأفراد داخل المجتمع.
- تقديم الشُّروط الواجب توافرها مع فرض وإعلان حالة الطَّوارئ الصِّحِّيَّة في الدُّول مع ما ترافقه مِنْ قيودٍ.
إشكاليَّة البحث:
في ظلِّ تواجد جائحة كورونا اتَّخذت الحكومات تدابير احترازيَّةً لمواجهة هذا الوباء، ممَّا طرح العديد مِنَ التَّساؤلات ومِنْ أبرزها:
- هل يُمكن تقييد أو تعطيل حقوق الإنسان في ظلِّ حالة الطَّوارئ المعلنة مِنْ قِبَلِ الحكومات لمواجهة فايروس كورونا؟
- هل هناك مواثيق دوليَّةٌ تبيِّن الإطار القانونيَّ المسموح العمل به في حالة الطَّوارئ الصِّحِّيَّة أو العامَّة؟
- هل تقييد أو تعطيل بعض الحرِّيَّات في ظلِّ جائحة كورونا هو حالةٌ غير محدَّدة المدَّة؟
- ما هي الشُّروط الواجب على الدُّول احترامها والتَّقيُّد بها عند الإعلان عن حالة الطَّوارئ؟
هل الإجراءات والتدابير الاحترازية المتخذة من قبل الحكومات كتقيد أو تعطيل بعض الحقوق الإنسانية لمواجهة كوفيد-19، تعتبر قانونية وشرعية وفق منظور القانون الدولي؟
أهداف البحث:
سعى الباحث لإبراز المواثيق الدَّوليَّة الَّتي تُعنى بحقوق الإنسان، والَّتي في نفس الوقت تُعطي الاستثناءات للحكومات لإعلان حالة الطَّوارئ، وهي الحالة الَّتي سادت جميع الدُّول بهدف معالجة انتشار كوفيد-١٩، ولكن ضمن الإطار الخاصِّ بالضَّوابط والشُّروط المحدَّدة دوليًّا. لذلك نجد أنَّ الباحث أبرز مفهوم حالة الطَّوارئ ضمن المعاهدات الدَّوليَّة، وكيفيَّة العمل بها ضمن الإطار القانونيِّ لاكتسابها الشَّرعيَّة الدَّوليَّة.
منهجيَّة البحث:
تمَّ اعتماد المنهجين التَّحليليِّ والاستقرائيِّ لتقديم فكرة البحث مِنْ خلال تحليل النُّصوص القانونيَّة في المعاهدات الدَّوليَّة في سبيل تحديد الإطار القانونيِّ والمسار المشروع للدُّول مِنْ حيث الوسائل والأساليب المتاحة نظامًا في مواجهة الأزمة الصِّحِّيَّة. وقد تمَّ تقسيم البحث إلى مبحثين، الأوَّل تحت عنوان: القانون الدَّوليُّ لحقوق الإنسان على محك جائحة كورونا، والمبحث الثَّاني تحت عنوان: كوفيد-١٩ ضمن إطار حالة الطَّوارئ.
المبحث الأوَّلالقانون الدَّوليُّ لحقوق الإنسان على محك جائحة كورونا
سعى القانون الدَّوليُّ العامُّ منذ بدايته لتحقيق هدفه الأسمى أَلَا وهو المحافظة على مفهوم الإنسانيَّة وإحاطتها بالأُطُر القانونيَّة الواضحة والشَّفَّافة، والَّتي تهدف إلى صون الحقوق والحرِّيَّات العامَّة لكافَّة شعوب العالم[1]. لذلك كان لا بدَّ مِنَ التَّطرُّق إلى واقع حقوق الإنسان في ظلِّ جائحة كورونا ضمن مطلبٍ أوَّلٍ، وفي المطلب الثَّاني الوقوف على أهمِّ المواثيق الدَّوليَّة الضَّامنة للحقوق.
المطلب الأوَّل: واقع حقوق الإنسان في ظلِّ جائحة كورونا
دخل كوفيد-١٩ إلى مجتمعنا في مختلف أنحاء العالم، وانتشر بشكلٍ واسعٍ ومخيفٍ، ولم تكن الشُّعوب مدركةً أو مطَّلعةً على مدى شراسته وخطورته، ولكن مع مرور الوقت وتزايد أعداد المصابين وفيما بعد الوفيَّات، كان لا بدَّ للحكومات مِنِ اتِّخاذ العديد مِنَ الإجراءات الَّتي تضمن مِنْ خلالها السَّيطرة على الوباء والقدرة على تقليل أعداد المصابين، وبالتَّالي تخفيف العبء على القطاع الصِّحِّيِّ الَّذي أنهكته الجائحة بشكلٍ لا يوصف. وعليه، في سبيل الحدِّ مِنَ الوباء منعت الحكومات التَّجمُّعات العامَّة، ووضعت قيودًا لحرِّيَّة التَّنقُّل مِنْ خلال إغلاق الحدود في العديد مِنْ دول العالم، وحتَّى تمَّ تقييد التَّنقُّل الدَّاخليِّ ضمن الدَّولة الواحدة. واختلفت التَّدابير الاحترازيَّة بين الدُّول، ولكنَّها عمدت في معظمها استخدام البيانات الشَّخصيَّة الَّتي تحصَّلت عليها مِنْ شركات الاتِّصال، لتتبُّع حركة المصابين بالفيروس مِنْ خلال هواتفهم، كما حصل في العديد مِنَ الدُّول الآسيويَّة. وكان الهدف مِنْ هذه التَّدابير هو القدرة على إرسال رسائل نَصِّيَّةٍ تُحَذِّرُ الأشخاص الآخرين مِنِ احتكاكهم المباشر مع أشخاصٍ حاملين لـفيروس كورونا[2].
ولكن هذه الاجراءات أثارت جدلًا كبيرًا لتعلُّقها بحقوق الإنسان، وتحديدًا الحقُّ في الخصوصيَّة، حيث نادت العديد مِنَ المنظَّمات على ضرورة أن تُحَدَّدَ شروطٌ لهذا الاستخدام، وأن تأخذ السُّلطات بعين الاعتبار الحقَّ في الخصوصيَّة، مع ضرورة المحافظة عليه وضمان وجوده في جميع الأحوال، وأن تستخدم الحكومات التِّكنولوجيا للتَّغلُّب على الوباء مِنْ جهةٍ، وتبقى الحقوق الإنسانيَّة بأمانٍ مِنْ أيِّ اختراق مِنْ جهة ثانيةٍ[3]، والعمل بشكلٍ أساسيٍّ نحو الاستفادة مِنِ استعمال هذه التِّكنولوجيا ليس لانتهاك حقِّ الأفراد في الخصوصيَّة، ولكن العمل على حفظ الأرواح عبر إرسال رسائل نَصِّيَّةٍ للمواطنين والمقيمين تشرح لهم فيها طُرُق الحصول على الرِّعاية الصِّحِّيَّة بكافَّة أشكالها وتبيان قنوات تقديم المساعدات الطِّبِّيَّة عند الضَّرورة[4].
فالحقُّ في الحصول على المعلومات الصِّحِّيَّة الصَّحيحة لا بدَّ مِنَ الترَّكيز عليها وقت الجائحة، وبالتَّالي يُمنع على الدُّول تجاهلها، فلكلِّ شخصٍ الحقُّ في الحصول على المعلومات بشأن الخطر الَّذي صدَّره كوفيد-١٩، وخصوصًا أنَّه لم يكن فيروسًا معروفًا مِنْ قبل، وكانت معظم شعوب العالم لا تملك أيَّة معلوماتٍ عن كيفيَّة التَّعاطي مع هذا الوباء، لذلك نجد أنَّ العديد مِنَ الدُّول عمدت في بداية الأمر إلى إخفاء الواقعة، أو حتَّى عدم نشر أعداد المصابين، والتَّركيز فقط على الادِّعاء بأن لا إصابات، وبأنَّ الفيروس مجرَّد فيروسٍ عاديٍّ لا خطر منه. وهذا تحديدًا ما حاولت تسويقه كلٌّ مِنْ إيران والصِّين في بداية الأمر، وفوجئ العالم عندما انتشر الوباء داخل هذه الدُّول وخارجها، ووصل بطبيعة الحال وكما أصبح معلومًا إلى الكرة الأرضيَّة جميعها. فالحقُّ في الحصول على المعلومات الصِّحِّيَّة كان جوهر هذه المشكلة، ولكن مع الأسف عمدت العديد مِنَ الدُّول على طمس المعلومات الصَّحيحة حول الوباء، وسعت بكلِّ قوَّتها على الضَّغط على مختلف وسائل الإعلام بعدم نشر أو بثِّ أيَّة معلوماتٍ عن قوَّة انتشار كوفيد-١٩.
لذلك نجد أنَّ وسائل الإعلام والصَّحافة ومنصَّاتها تعرَّضت للضُّغوطات بهدف عدم إثارة اهتمام العالم عمَّا يحصل في الوقت الرَّاهن مِنْ تفاقمٍ للجائحة. فقد مارست الصِّين[5] سياسة التَّعتيم الكامل حول فيروس كورونا والمخاطر الَّتي يُشَكِّلها على الصِّحَّة العامَّة، كما ضغطت أيضًا على الجهاز الطِّبِّيِّ وخصوصًا الأطبَّاء[6] لضرورة كتمان الأمر وعدم التَّصريح عنه عبر وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ. فحرِّيَّة الإعلام لا تنحصر فقط في الحصول على الخبر وإنَّما أيضًا في تلقِّي ونقل المعلومات عن الوباء، فهذا الحقُّ هو لكلِّ مواطنٍ بشكلٍ فرديٍّ، وللجماعة بشكلٍ جماعيٍّ، فهو حقٌّ مصانٌ بحرِّيَّة الفكر والمشاركة الفعَّالة للمساهمة في التَّنمية السِّياسيَّة والاقتصاديَّة للدَّولة نفسها. وبهذا يكون الحقُّ في الخبر حقٌّ لجميع أفراد المجتمع، لأنَّه يعتمد على الرَّأي العامِّ، ويفتح مجالًا واسعًا أمام المجتمع للحصول على كافَّة المعلومات المتعلِّقة بموضوعٍ مُعَيَّنٍ، كما هو الحال بموضوع فيروس كورونا. وقد أكَّدت العديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة على مجموعةٍ مِنَ المعايير الدَّوليَّة الَّتي لا بدَّ مِنْ توافرها لتحقيق هدف حقِّ التَّعبير وحرِّيَّة الإعلام، وقد ركَّزت معظم هذه الوثائق على النِّقاط الآتية:
- إنَّ حرِّيَّة الإعلام وحرِّيَّة التَّعبير حقٌّ لجميع أفراد المجتمع دون أيِّ تميزٍ، مع الإشارة إلى إمكانيَّة وضع بعض القيود لأسبابٍ كان قد ذكرها القانون الدَّوليُّ، ويجب على كافَّة الدُّول الالتزام بالقيود الَّتي أقرَّها هذا القانون.
- يجب على الحكومات أنَّ تُحَدِّدَ مشروعيَّة القيود ومدى توافقها مع المؤسَّسات الدِّيمقراطيَّة للدَّولة.
- لا يُمكن للحكومات التَّذَرَّعُ بحماية السَّلامة الوطنيَّة لفرض قيودٍ على بعض الحقوق، بل لا بدَّ لهذه التَّدابير مِنْ أن تكون مُتَّخَذَةً مِنْ أجل حماية وجود ووحدة الدَّولة، وعليه لا يُقبل مِنَ الحكومات فرض قيودٍ واسعةٍ وتَعَسُّفِيَّةٍ إلَّا إذا توافرت الضَّمانات الملائمة لتنفيذها.
- إنَّ إثارة المصلحة الوطنيَّة والسَّلامة العامَّة كمبرِّر لانتهاك حرِّيَّة الصَّحافة مبدأٌ مرفوضٌ، والدَّولة هي الَّتي تتحمَّل مسؤوليَّة أيَّة تجاوزاتٍ مِنْ قِبَلِهَا، كما هي مقيَّدةٌ تمامًا بمبدأ عدم التَّمييز في كافَّة الأحوال والأوقات بين مختلف المواطنين[7]، وعدم استعمال التَّوقيف التَّعَسُّفِيِّ حُجَّةً لفرض الأمن داخل الدَّولة.
كما نجد بأن المفوضَّة السَّامية لحقوق الإنسان “ميشال باشليي” قد دعت لضرورة احترام مبادئ القانون والمؤسَّسات وعدم إعطاء فرصة للحكومات للإساءة باستخدام السُّلطة مِنْ حيث القبض أو الاعتقال، حيث تذرَّعت العديد مِنَ الدُّول بـكوفيد-١٩ لفرض إجراءاتٍ استثنائيَّةٍ في توقيف الأشخاص بهدف إسكاتهم، وقد أدانت المفوضَّة توقيف آلاف الأفراد بتهمة خرق حظر التَّجول، حيث دعت كافَّة الدُّول إلى ضرورة الإفراج عنهم وعدم التَّعَسُّفِ باستعمال السُّلطة[8].
ولقد اهتمَّت الكثير مِنَ المعاهدات الدَّوليَّة بين تطبيق وتحقيق القانون وبين حماية الحقِّ بالحرِّيَّة، وقد حاولت وضع إطارٍ يمنع التَّمتَّع بسلطةٍ تقديريَّةٍ في تنفيذ التَّدابير الوقائيَّة الَّتي تحمل معها التَّجاوزات في الاحتجاز التَّعَسُّفِيِّ والقيام بالقبض على الموطنين واعتقالهم بدون سببٍ مشروعٍ أو مخالفةٍ فعليَّةٍ للقانون. فحملات إلقاء القبض والاعتقالات في حقِّ الآلاف مِنَ الأشخاص في مختلف دول العالم بتهمة مخالفة الحجر الصِّحِّيِّ وخرق منع التّجول المفروض بسبب فيروس كورونا تتنافى مع المواثيق الدَّوليَّة الَّتي تأكِّد على ضرورة أن يكون الهدف الأساسيُّ مِنْ هذه التَّدابير بالدَّرجة الأولى الحدَّ مِنَ الجرائم، والحيلولة دون فرار المتَّهم أو إخفائه لأدلَّة الجريمة، وليس لأيِّ هدفٍ ثانٍ، سواءٌ بوجود كوفيد-١٩ أو مِنْ دونه[9].
كما أنَّ معظم المعايير الدَّوليَّة حدَّدت اتِّخاذ قرار القبض على الشَّخص بخطورة الفعل المجرَّم، وآثاره على المجتمع، وبشخصه، وسلوك الشَّخص المشتبه فيه، الَّتي تدفع إلى القبض عليه بسببٍ احترازيِّ. و لجنة مناهضة التَّعذيب[10] تناولت موضوع التَّوقيف، وحدَّدت مجموعةً مِنَ المعايير الدَّوليَّة المتعلِّقة بالإجراءات الَّتي يجب على السُّلطات اتِّباعها واحترامها في فترة الاحتجاز بشكلٍ عامٍّ، وفي حالات مخالفة الحجر الصِّحِّيِّ ومنع التَّجوُّل بشكل خاصٍّ[11].
وممن نتائج الجائحة تأثيرها الفادح مِنَ النَّاحية المعيشيَّة والاقتصاديَّة، وكان للعاملين في القطاع الخاصِّ الأثر الأكبر نتيجةً للتَّدابير الَّتي تمَّ تطبيقها مِنْ قِبَلِ الشَّركات الرَّامية في المقام الأوَّل للحدَّ مِنْ تفشِّي كوفيد-١٩، وكان مِنَ الطَّبيعيِّ تدخُّل الحكومات لضمان حصول هؤلاء الأشخاص على ما يستطيعون مِنْ تأمين العيش، بالإضافة إلى الرِّعاية الصِّحِّيَّة حتَّى تستطيع هذه الشَّريحة مِنَ النَّاس الاستمرار بمواجهة الوباء بشكلٍ تامٍّ وتطبيق كافَّة التَّدابير المفروضة مِنْ قِبَلِ الحكومات، إلَّا أنَّ تدخُّل الحكومات اختلف مِنْ دولةٍ لأُخرى، وتراوحت القدرة على تعويض العاملين في الشَّركات الخاصَّة على حسب الدَّولة وقوَّة الشَّركة الماليَّة، ممَّا شكَّل في كثيرٍ مِنَ الأحيان ظروفًا معيشيَّةً قاسيةً للعديد مِنَ العاملين وأُسرهم[12]. لذلك نجد أن كوفيد-١٩ انعكس واقعه على مختلف الحقوق الإنسانيَّة للأشخاص في مختلف المجتمعات، ويُمكن حصر البعض منها في الآتي:
- هدَّد كوفيد-١٩ حياة الإنسان وحقَّه في الحياة، ممَّا استوجب تفعيل حقِّ الإنسان بالصِّحَّة والرِّعاية الصِّحِّيَّة.
- أدَّى الوباء إلى حصول تأثيراتٍ اقتصاديَّةٍ سلبيَّةٍ للأشخاص الَّذين فقدوا وظائفهم ممَّا أفقدهم الحقَّ في العمل، فكان لا بدَّ مِنْ تدخُّل الحكومات لتدارك هذه الخسارة.
- فرض وباء كورونا خطر التَّجول والتَّنقل في جميع الدُّول، وعزل الكثير مِنَ المناطق عن بعضها البعض، خصوصًا في المراحل الأولى مِنَ الوباء، وكان الهدف منها في المقام الأوَّل الحدُّ مِنْ تفشِّي الفايروس، ممَّا أدى إلى المساس بالحقِّ في التَّنقُّل.
- نتيجةً لسرعة انتشار الوباء، سعت العديد مِنْ وسائل الإعلام إلى الحدِّ مِنْ كوادرها والإبقاء على الحدِّ الأدنى مِنَ القدرة البشريَّة العاملة لديها خوفًا مِنْ كوفيد-١٩ وانتشاره بين العاملين، ممَّا أضعف الدَّور الإعلاميَّ مِنْ جهةٍ، والدَّور الرَّقابيَّ لوسائل الإعلام على الحكومات مِنْ جهةٍ ثانيةٍ[13].
- استغلَّت العديد مِنَ الدُّول وجود الجائحة لإصدار العديد مِنَ القوانين الطَّارئة بذريعة مواجهة كوفيد-١٩ ممَّا أدَّى إلى التَّعَسُّفِ باستعمال السُّلطة في العديد مِنَ المجالات.
لذلك وغيرِه، تحرَّكت المنظَّمات الحقوقيَّة لطرح نصوص حقوق الإنسان في ظلِّ الأزمة محاولةً العمل على ضرورة تطبيقها حتَّى في ظلِّ الأزمات. وإنَّ المحافظة على حقوق الإنسان هو واجبٌ عند فرض تدابير احترازيَّةٍ وعند إصدار أحكام الطَّوارئ مِنْ قِبَلِ حكومات الدُّول.
فعلى الدُّول العمل على مواجهة الوباء بكافَّة الوسائل القانونيَّة والشَّرعيَّة، وأنَّ تُقَدِّمَ مقترحاتها وقوانينها وفقًا للمواثيق الدَّوليَّة الَّتي تُعطي صلاحياتٍ استثنائيَّةً، ولكنَّها تضعها ضمن إطار المحافظة على حقوق الأفراد، وأن تسعى دائمًا عند تنفيذ أحكام الطَّوارئ إلى العمل على احترام الكرامة الإنسانيَّة المحدَّدة في المواثيق الدَّوليَّة.
المطلب الثَّاني: أهمُّ المعاهدات الدَّوليَّة الضَّامنة لحقوق الإنسان
أدَّى انتشار كوفيد-١٩ وطريقة السَّيطرة عليه إلى المساس بحقوق الإنسان، ممَّا دعى العديد مِنَ المنظَّمات الحقوقيَّة إلى القول: بأنَّ الوباء يؤثِّر بشكلٍ مباشرٍ وسلبيٍّ على الحقوق الأساسيَّة للإنسان، كما تحدَّث البعض الآخر: أنَّ الحديث عن هذه الحقوق في ظلِّ مواجهة وباءٍ كـكورونا يُعتبر حالةً مِنَ الرَّفاهية كونه يُهَدِّدُ حياة الإنسان الَّتي تُعتبر مكفولةً أساسًا في العديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة[14]. فالحقُّ في الصِّحَّة تطرَّقت له العديد مِن المواثيق الدَّوليَّة منها:
- الإعلان العالميُّ لحقوق الإنسان لسنة (١٩٤٦م) الَّذي ينصُّ في موادِّه على: أنَّ لكلِّ شخصٍ الحقُّ في الحصول على الرِّعاية الصِّحِّيَّة دون تمييز بسبب اللَّون، أو الجنس، أو اللُّغة، أو الدِّين[15].
- كما أنَّ العهد الدَّوليَّ الخاصَّ بالحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثَّقافيَّة لسنة (١٩٦٦م) ذكر في المادَّة (١٢) منه: أنَّ الحقَّ في الصِّحَّة يفرض على الحكومات العمل على الوقاية مِنَ الأمراض وعلاجها واتِّخاذ التَّدابير الاحترازيَّة الَّتي تمنع العدوى بين النَّاس في المجتمع[16]. والمادَّة (١٢) السَّابقة الذِّكر قد أشارت إلى ضرورة أن يكون الحقُّ في الصِّحَّة شاملًا لجميع أفراد المجتمع، مع توافر البيئة المناسبة لتطويره وتنفيذه مِنْ مسكنٍ ومأكلٍ وغيره مِنْ سُبُلِ الحياة الضَّروريَّة، مع ضرورة المساواة وعدم التَّمييز بين المستحقِّين لهذا الحقِّ[17]. وهذا يُعتبر مِنَ الحقوق الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة الَّذي يتطلَّب موارد ماليَّةً كبيرةً ممَّا يستدعي تدخل الدُّول مِنْ خلال حكوماتها لتقديم هذا الحقِّ والعمل على تطبيقه. ولكنَّ الواقع لم يسمح بتطبيق المادَّة (١٢) المذكورة أعلاه، فبسبب سرعة انتشار الوباء وقوَّته لم تكن الدُّول عمومًا جاهزةً للتَّعامل معه حتَّى الدُّول المتقدِّمة والَّتي تُعتبر مِنَ الدُّول ذات القدرات الاقتصاديَّة الهائلة. فتكلفة السَّيطرة على كوفيد-١٩ كانت كبيرةً وباهظةً، كما أنَّ الجائحة لم تكن معروفة أو معلومة طريقة التَّعامل معها، ممَّا أدَّى إلى تخبُّط معظم الدُّول وهي في حالة المحاولة للسَّيطرة على الوباء. وكما أصبح معلومًا فإنَّ الكثير مِنَ الفئات الاجتماعيَّة عانت في مواجهة كورونا، وذلك بسبب عدم حصولهم على الرِّعاية الصِّحَّيَّة السَّليمة، وعدم قدرة الحكومات مِنْ وضع آلياتٍ مناسبةٍ للحدِّ مِنَ الجائحة سواءٌ كانت الحكومات ضعيفةً أو قوَّيةً اقتصاديًّا. وحاولت الحكومات اتِّخاذ تدابير فعَّالةٍ في مواجهة هذا الفيروس مِنْ خلال حماية المجتمعات والسَّعي نحو تأمين الأسباب الَّتي قد تخفِّف مِنْ آثار الوباء على الصِّحَّة العامَّة للمواطنين والمقيمين، غير أنَّ عند تنفيذ هذه الإجراءات عادَّةً ما تُكَوِّنُ بيئةً مناسبةً نحو التَّجاهل الكامل لحقوق الإنسان والحرِّيَّات العامَّة[18]. كما أنَّ الحدَّ مِنَ الحرِّيَّات طال حرِّيَّة التَّنقُّل أيضًا ممَّا ساهم بطبيعة الحال بتوقُّف مظاهر الحياة الاجتماعيَّة بشكلها العامِّ، ممَّا ينتج بطيَّاته العديد مِنَ التَّأثيرات السَّلبيَّة على الحياة الدِّيمقراطيَّة بشكلها العامِّ. فطلبت الحكومات مِنْ مواطنيها عدم التَّنقُّل داخل الدَّولة الواحدة أو خارج الدَّولة أيضًا، وكانت هذه الصُّورة في أوجها مع بداية الجائحة، ولكن وحتَّى كتابتنا لبحثنا هذا هناك العديد مِنَ الدُّول في العالم العربيِّ والغربيِّ تمنع السَّفر لوجهاتٍ متعدِّدةٍ، وفي الجهة الثَّانية تطلب مِنَ القادمين إليها بالالتزام بالحجر الصِّحِّيِّ الَّذي يتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع قبل العودة للعمل أو الانخراط في الحياة الاجتماعيَّة، وكما عبَّر عن الواقع “فلوريان بيبر”: أنَّ الوباء أعطى للعديد مِنَ الحكومات فرصةً للتَّعسُّف وإساءة استخدام السُّلطة وتقليص الحرِّيات المدنيَّة، ولكنَّه أضاف: بأنَّ جميع الإجراءات المتَّخذة هي بهدف الحدِّ مِنِ انتشار الوباء، ولكن قد يواجه العالم خطرًا آخر، وهو خطر تقليل وجود الدِّيمقراطيَّات في المجتمعات المختلفة[19]. كما أثَّر منع التَّنقُّل على العديد مِنَ السِّمات البرلمانيَّة والدِّيمقراطيَّة، وذلك بسبب منع الجلسات التَّشريعيَّة والقضائيَّة إلَّا العاجلة منها، حتَّى أنَّه أصبحت العديد مِنَ الجلسات والمحاكمات تتمُّ مِنْ خلال الجلسات الافتراضيَّة وذلك تنفيذًا لقرار حظر التَّنقُّل[20]، وقد نصَّت المادَّة (١٣) مِنَ الإعلان العالميِّ لحقوق الإنسان لعام (١٩٤٨): أنَّ لكلِّ فردٍ حرِّيَّة التَّنقُّل واختيار محلِّ إقامته داخل حدود كلِّ دولةٍ، وأنَّ يُغادر أيَّة بلادٍ بما في ذلك بلده، كما يحقُّ له العودة إليه[21].
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ فيروس كورونا نتج عنه العديد من التَّأثيرات الاقتصاديَّة الَّتي طالت الحقَّ في العمل، فنجد أنَّ فقدان الوظائف تزايد، ونسبة البطالة قد ارتفعت، وأثَّرت على عمل فئةٍ كبيرةٍ مِنَ الأشخاص في مختلف المجالات الوظيفيَّة وفي مختلف أنحاء العالم، وهو ما أثَّر بشكلٍ مباشرٍ على الحقِّ في العمل المذكور في الإعلان العالميِّ لحقوق الإنسان لعام (١٩٤٨م) في مادَّته (٢٣) بأنَّ لكلِّ شخصٍ الحقَّ في العمل، وله حرِّيَّة اختياره بشروطٍ عادلةٍ مرضيَّةٍ، كما أنَّ له حقَّ الحماية مِنَ البطالة[22].
وهكذا نجد أنَّ حقوق الإنسان مصانةٌ في العديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة والمنضمَّة إليها معظم دول العالم وأهمُّها الإعلان العالميُّ لحقوق الإنسان الَّذي تحدَّث عن معظم الحقوق الَّتي يجب على كافَّة الدُّول احترامها والعمل على تطبيقها في قانونها الدَّاخليِّ. ولكن بوجود جائحة كورونا -الَّتي طالتِ العالم بأثره- أصبح مِنَ الصُّعوبة الترَّكيز على هذه الحقوق وغيرها كون الهدف الأساس الَّذي تسعى إليه الحكومات هو السَّيطرة بالقدر المستطاع على كورونا وما ينتج عنه. ولكنَّ المفارقة أنَّ الحكومات وكلَّ التَّدابير الاحترازيَّة الَّتي تُطلقها لم تتمكَّن هذه الدُّول مِنَ السَّيطرة بشكلٍ تامٍّ على الوباء، ممَّا يطرح هذا السُّؤال: هل المطلوب التَّركيز على حقوق الإنسان وما يحمله الإعلان العالميُّ وغيره مِنَ المواثيق الدَّوليَّة؟ أو السَّعي نحو تحقيق الهدف الأهمِّ وهو المحافظة على حياة الأشخاص العامَّة؟ لذلك نجد بأنَّ معظم الدُّول اتَّخذت تدابير وإجراءاتٍ تمحورت معظمها حول إعلان حالة الطَّوارئ.
المبحث الثَّاني كوفيد-١٩ ضمن إطار حالة الطَّوارئإنَّ تفشِّي جائحة فايروس كورونا دفعت بجميع الحكومات في العالم أجمع نحو اتِّخاذ تدابير احترازيَّةٍ تهدف مِنْ ورائها في المقام الأوَّل إلى السَّيطرة على الوباء والقدرة على مواجهة انتشاره. ولم يكن بالإمكان سوى إعلان حالة الطَّوارئ في البلاد كافَّةً وتطبيق قواعده بشكلٍ كاملٍ، لذلك سوف نتطرَّق في هذا المبحث لمفهوم إعلان حالة الطَّوارئ ضمن مطلبٍ أوَّلٍ، وفي المطلب الثَّاني شروط وآليات تنفيذ حالة الطَّوارئ.
المطلب الأوَّل: مفهوم إعلان حالة الطَّوارئ لمكافحة كوفيد-١٩
فرض الواقع الجديد مع كوفيد-١٩ حالاتٍ وأزماتٍ جديدةً وخطيرةً تُشبه إلى أبعد الحدود حالات الحروب أو غيرها مِنَ الأوضاع الاستثنائيَّة الَّتي تؤدِّي إلى تقييد بعض الحقوق والحرِّيَّات. وتعتمد مختلف الدُّول عدَّة مصطلحاتٍ للإشارة إلى حالةٍ معيَّنةٍ تسمح بتعليق العمل ببعض حقوق الإنسان ومنها حالة الطَّوارئ أو حالة التَّأهُّب أو حالة الاستثناء وغيرها[23]. ولكن جميع هذه المفردات أو المصطلحات تنطوي على مفهومٍ واحدٍ رغم تعدُّد المسمَّيات، ولكنَّ جميع المواثيق الدَّوليَّة ومنها العهد الدَّوليُّ الخاصُّ بالحقوق المدنيَّة والسِّياسيَّة استخلصت العديد مِنَ العبر والدُّروس مِنَ الحروب المدمِّرة الَّتي مرَّت بها شعوب العالم ليدركوا جميعًا أنَّ الاعتراف بحقوق الإنسان للجميع يُشكل أساس الحرِّيَّة والعدل والسَّلام في العالم[24]. فليس المطلوب التَّعَسُّفُ في استعمال السُّلطات الاستثنائيَّة لأنَّه يعتبر بكلِّ الأحوال غير قانونيٍّ وغير شرعيٍّ، فالمعاهدات الدَّوليَّة حدَّدت السُّلطات والصَّلاحيَّات بغرض المحافظة على النِّظام الدَّاخليِّ الَّذي يجب أنَّ يُحافظ مِنْ خلاله مرَّةً أُخرى على حقوق الإنسان. وقد تمَّ تعريف الكوارث بأنَّها: “حدثٌ مفجعٌ أو سلسلة أحداثٍ مفجعةٍ تؤدِّي إلى خسائر في الأرواح واسعة الانتشار، أو إلى معاناةٍ وكربٍ شديدين للإنسان، أو تُلحق ضررًا ماديًّا أو بيئيًّا واسع النِّطاق، بما يخلُّ بشكلٍ خطيرٍ بسير المجتمع”[25].
وعليه فإنَّ حالة الكوارث تخلُّ بنظام المجتمع العامِّ لما لها مِنْ آثارٍ سلبيَّةٍ على الواقع الماديِّ والبيئيِّ على الإنسان نفسه، وهذا هو واقع الحال مع الجائحة الَّتي ضربت العالم بدون استثناءٍ، كما أكملت اللَّجنة النَّاظرة في الموضوع “حماية الأشخاص في حالات الكوارث” أثناء عملها على التَّركيز بصورةٍ أساسيَّةٍ على حماية الأشخاص مِنْ خلال تلبية الاحتياجات الأساسيَّة للمعنيين بشكلٍ فعالٍ مع احترام حقوقهم الإنسانيَّة، وأضافت بأنَّ كلمة “الأشخاص” المقصودة بها جميع المتضرِّرين على أراضيها بغض النَّظر عن جنسيَّتهم، والتَّركيز على الأشخاص الطَّبيعيِّين ضمن زمن الكارثة وما يليها مِنْ حيث مرحلة الإنعاش وما بعدها، وأن تشمل مِنْ حيث مكان الدَّولة المقدِّمة للمساعدة ودول العبور أيضًا. وقد أكَّدت في المادَّة (٢) منها أنَّ الهدف الأساسيَّ مِنْ هذه الموادِّ هو: تيسير استجابة كافية وفعَّالة لحالات الكوارث لتلبية الاحتياجات الأساسيَّة للأشخاص المعنيين، مع احترام حقوقهم احتراما كاملًا[26]. وقد تمَّتِ الإشارة إلى مفهوم الكوارث قبل مفهوم حالة الطَّوارئ مِنْ باب توضيح أنَّ القانون الدَّوليَّ العامَّ سعى دائمًا لوضع خطَّة طريقٍ لكيفيَّة التَّعامُّل مع حالات الكوارث بشتَّى أنواعها والَّتي يُعتبر كورونا صورةً مِنْ صورها، مع الأخذ بعين الاعتبار بشكلٍ أساسيٍّ الحقوق الإنسانيَّة والاحترام الكامل للفرد بعيدًا عن جنسيَّته أو لونه، وسواءٌ كان مواطنًا أو مقيمًا.
إنَّ مفهوم حالة الطَّوارئ العامَّة الَّتي جاءت كردَّة فعلٍ أوليَّةٍ لمواجهة كوفيد-١٩ موجودةٌ ومدرجةٌ في العديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة عبر مختلف الأزمنة. وعندها أعلنت الحكومات حالة الطَّوارئ الَّتي سمِّيت بدايةً حالة الطَّوارئ الصِّحِّيَّة، وكانت الغاية الأساسيَّة إعطاء الشَّرعيَّة القانونيَّة باتِّخاذ كافَّة التَّدابير الاستثنائيَّة لمواجهة الوباء العالميِّ، لذلك نجدها بدأت بإصدار قوانين تحدُّ مِنْ تحرُّكات النَّاس وتمنح جهاتٍ حكوميَّةً مساحاتٍ واسعةً تحدُّ بشكلٍ لافتٍ مِنْ حرِّيَّة الأفراد داخل المجتمع الواحد مستندةً بقرارها هذا على المواثيق الدَّوليَّة المختلفة الَّتي تحدَّثت عن حالة الطَّوارئ وكيفيَّة مواجهتها وشرعيَّة استخدامها. كما ذكرنا سابقًا هناك الكثير مِنَ المعاهدات والمواثيق الدَّوليَّة الَّتي وضعت الإطار العامَّ القانونيَّ لحالة الطَّوارئ وقدَّمت مفهومها ضمن تعاريف محدَّدةٍ يُمكن إدراجها فيما يأتي:
- ينصُّ العهد الدَّوليُّ الخاصُّ بالحقوق المدنيَّة والسِّياسيَّة لعام (١٩٦٦م) في مادَّته (٤) الفقرة (١) بأنَّ: “حالة الطَّوارئ الاستثنائيَّة هي الحالة الَّتي تُهَدِّدُ حياة الأمَّة والمعلن قيامها رسميًّا، يجوز للدُّول الأطراف في هذا العهد أن تتَّخذ في أضيق الحدود الَّتي يتطلَّبها الوضع تدابير لا تتقيَّد بالالتزامات المترتِّبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التَّدابير للالتزامات الأُخرى المترتِّبة عليها بمقتضى القانون الدَّوليِّ وعدم انطوائها على تمييزٍ يكون مبرِّره الوحيد هو العرق، أو اللَّون، أو الجنس، أو اللُّغة، أو الدِّين، أو الأصل الاجتماعيِّ[27].
وكما هو واضحٌ فقد قدَّمت الفقرة (١) مِنَ المادَّة (٤) المفهوم الكامل لحالة الطَّوارئ والسُّبل المتاحة للحكومات اتِّباعها مِنْ دون أيِّ لبسٍ أو غموضٍ.
- الاتِّفاقيَّة الأميركيَّة لحقوق الإنسان لعام (١٩٦٩م) نصَّت في المادَّة (٢٧) الفقرة (١) على أنَّه: “يُمكن للدَّولة الطَّرف في أوقات الحرب أو الخطر العامِّ أو سواهما مِنَ الحالات الطَّارئة الَّتي تهدِّد استقلال الدَّولة أو أمنها أن تتَّخذ إجراءاتٍ تحدُّ مِنِ التزاماتها بموجب الاتِّفاقيَّة الحاليَّة، ولكن فقط بالقدر اللَّازم، وخلال المدَّة الَّتي تقتضيها ضرورات الوضع الطَّارئ، شريطة ألَّا تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأُخرى بمقتضى القانون الدَّوليِّ وألَّا تنطوي على تمييزٍ بسبب العرق، أو اللَّون، أو الجنس، أو اللَّغة، أو الدِّين، أو الأصل الاجتماعيِّ”. وأيضًا نجد أنَّ الاتِّفاقيَّة المذكورة وضعت مفهومًا لا يختلف عن العهد الدَّوليِّ بل سارا في مسارٍ واحدٍ ضمن آليَّةٍ لا بدَّ مِنِ استخدامها حتَّى نكون أمام تدابير شرعيَّةٍ قانونيَّةٍ تؤدِّي الغاية المرجوَّة منها المتجسِّدة بالحفاظ على الأمن العامِّ للأمَّة.
- ونصَّت المادَّة (١٥) مِنَ الفقرة (١) مِنَ الاتِّفاقيَّة الأوروبيَّة لحقوق الإنسان لعام (١٩٥٠م)[28] بأنَّه: “في حالة الحرب أو الخطر العامِّ الَّذي يُهَدِّدُ حياة الأمَّة يجوز لكلِّ طرفٍ سامٍ متعاقدٍ أن يتَّخذ تدابير تُخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذه الاتِّفاقيَّة في أضيق الحدود الَّتي يتطلَّبها الوضع، وبشرط ألَّا تتناقض هذه التَّدابير مع بقيَّة الالتزامات المنبثقة عن القانون الدَّوليِّ”.
- وفي نفس السِّياق، ذكرت المادَّة (٣٠) مِنَ الميثاق الاجتماعيِّ الأوربيِّ لعام (١٩٦١م) بأنه: “في حالة الحرب أو غيرها مِنْ حالات الطَّوارئ العامَّة الَّتي تُهَدِّدُ حياة الأمَّة، يجوز لكلِّ طرفٍ سامٍ متعاقدٍ أن يتَّخذ تدابير تُخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود الَّتي يتطلَّبها الوضع، وبشرط أن لا تتناقض هذه التَّدابير مع بقيَّة الالتزامات المنبثقة عن القانون الدَّوليِّ”.
انطلاقا مِنْ تقديم حالة الكوارث، وبعد التَّطرُّق للعديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة الَّتي تحدَّثت عن حالة الطَّوارئ، يُمكن استخلاص المفهوم الآتي لحالة الطَّوارئ بشكلها العامِّ، وذلك بهدف جعله المسار القانونيَّ الواجب تطابقه مع واقع مواجهة كوفيد-١٩، فحالة الطَّوارئ هي بالشَّكل العامِّ حالةٌ خطيرةٌ مثل حالة الحرب تُهَدِّدُ استقلال الدَّولة وأمنها، وتُعطي السُّلطات الحكوميَّة في الدَّولة صلاحيَّاتٍ معيَّنةً لمواجهة هذه الحالة الطَّارئة والاستثنائيَّة، حتى ولو كانت مقيِّدةً لنصوص اتِّفاقياتٍ دوليَّةٍ مبرمةٍ بينها وبين المجتمع الدَّوليِّ، مع الاشتراط أن يكون هذا التَّقييد وهذا التَّجاوز ضمن الإطار الشَّكليِّ والزَّمنيِّ الضَّروريِّ لمواجهة هذه الحالة دون تمييزِ بين أحدٍ بسبب اللَّون، أو العرق، أو الجنس، أو الدِّين، مع المحافظة على الالتزامات المنبثقة عن القانون الدَّوليِّ العامِّ. فكما هو واضحٌ إنَّ هذه التَّدابير الاحترازيَّة الهادفة إلى الحدِّ مِنِ انتشار وباءٍ عالميٍّ، ومحاولة جميع الحكومات السَّيطرة عليه مِنْ خلال إجراءاتٍ احترازيَّةٍ مِنْ خلال فرض حالة الطَّوارئ الَّتي تُجيز للدَّولة في مثل هذه الحالات الخروج عن ما هو مألوفٌ مِنْ إجراءاتٍ عاديَّةٍ لتحلَّ محلَّها قوانين حالة الطَّوارئ والَّتي يتطلَّب إعمالها التَّقيُّد بجملةٍ مِنَ الضَّوابط المحدَّدة مِنْ خلال المعاهدات والمواثيق الدَّوليَّة، والَّتي تُبيح إمكانيَّة التَّحلل المؤقَّت للدَّولة مِنِ التزاماتها الدَّوليَّة[29]، لكن في حدود ما يتطلَّبه حلُّ الأزمة الرَّاهنة وعودة الوضع إلى ما كان عليه في الحالة الطَّبيعيَّة[30].
المطلب الثَّاني: الشُّروط لتنفيذ حالة الطوارئأُدرج مفهوم حالة الطَّوارئ في الكثير مِنَ المواثيق الدَّوليَّة كما سبق بيانه، وبعد أن تمَّ توضيح أنَّها: حالة “تُهَدِّدُ حياة الأمَّة” سواءٌ في حالة الحرب أو غيرها مِنَ الأحوال، والَّتي يُعتبر الوباء نوعًا مِنْ أنواع التَّهديد للحياة الإنسانيَّة. وبعد أن تجاوزت أعداد الوفيَّات في مختلف أنحاء العالم الأربعة ملايين، يُعتبر كوفيد-١٩ الحالة الصِّحِّيَّة الأكثر خطورةً على البشريَّة منذ سنواتٍ طويلةٍ. وبعد أن بيِّنَّا أنَّها حالةٌ تُبيح المحظورات وتَسمح ببعض التجَّاوزات فيما يتعلَّق ببعض الحرِّيَّات مثل الحقّ بالتَّنقُّل، وغيره مِنَ الحقوق الَّتي تمَّ تعطيلها خلال مواجهة الجائحة، حيث سمح القانون الدَّوليُّ باستخدام هذه التَّدابير الاستثنائيَّة ردًّا على التَّهديدات الَّتي قدَّمها كوفيد-١٩ انطلاقًا مِنْ فكرة حالة الطَّوارئ المذكورة في المواثيق الدَّوليَّة، حيث أجازت هذه المعاهدات إعلان حالة الطَّوارئ مع كلِّ ما تحمله في طيَّاتها مِنْ تعليقٍ وتقييدٍ للحرِّيَّات، ولكن ذلك ضمن تدابير وأجواء تتناسب مع واقع الحال، وأن يكون التَّهديد يستدِّعي بشكلٍ أساسيٍّ إعلان حالة الطَّوارئ، والحرص على عدم تطبيق هذه الإجراءات الاستثنائيَّة مع نزعةٍ تمييزيَّةٍ[31].
وقد أكَّدت المفوضيَّة السَّامية لحقوق الإنسان أنَّ المبادئ التَّوجيهيَّة تحدِّد الشُّروط الَّتي يجب أن تخرج منها التَّدابير الاستثنائيَّة، حتَّى لا تكون هذه التَّدابير بعيدةً تمامًا عن الإطار الموضوع أساسًا لطريقة معالجة الحالات الطَّارئة في المواثيق الدَّوليَّة. فقد ذكرت المفوضيَّة على وجوب أن تكون هذه الاجراءات متناسبةً مع المخاطر المحدَّدة، وأن تكون الغاية الأساسيَّة هي المحافظة على الصِّحَّة العامَّة وليس استخدامها لتحقيق أهدافٍ سياسيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، عندها تخرج هذه التَّدابير مِنْ إطارها القانونيِّ والشَّرعيِّ، بالإضافة إلى وجوب قيام الحكومات بتفسيرٍ واضحٍ للحالة الرَّاهنة والسُّبُلِ المتَّبعة لمعالجتها حتَّى يكون المواطنين والمقيمين على درايةٍ وفهمٍ لما يحدث خلال حالة الطَّوارئ، مع تحديدٍ مبدئيٍّ للفترة الَّتي ستستمرُّ بها حالة الطَّوارئ[32]. كما نجد في الجانب الآخر مَنْ يشجِّعون إعلان حالة الطَّوارئ الصِّحِّيَّة بدون التَّركيز على التَّفاصيل الباقية، كون هذه الحالة لا تفرض ضرورة الالتزام بالعديد مِنَ الشُّروط، لأنَّ الهدف الأساسيَّ وفقًا لهم موجهة فايروس كورونا، لذلك نجدهم مؤيِّدين للقيود الَّتي تفرضها الحكومات على حرِّيَّات وحقوق الأشخاص ما دام الهدف الأساسيُّ منها هو السَّيطرة على الجائحة، معتمدين في تصوُّرهم للأزمة بأنَّ حماية الحقِّ بالصِّحَّة والحقِّ بالحياة مِنَ الحقوق الأساسيَّة الَّتي لا بدَّ مِنَ التَّركيز عليها وحمايتها بكافَّة السُّبُلِ المتاحة، حتَّى ولو على حساب الحرِّيَّات الأُخرى. وقد أكَّدوا على أنَّ الأساس القانونيَّ المعتمد عليه أساسٍ أُمَمِيٍّ تضمَّنته شرعة حقوق الإنسان نفسها الَّتي تضمن اللُّجوء إلى بعض الإجراءات الاستثنائيَّة المقيِّدة للحرِّيَّات في ظروف الأزمات المهدِّدة للحياة.
وهناك تَوَجُّهٌ مِنْ قِبَلِ بعض الجهات الَّتي تعتبر أنَّ فيروس كورونا مؤامرةٌ تهدف إلى السَّيطرة على الثَّروات الكُبرى بين الدُّول، انطلاقا مِنْ صحَّة النَّاس وحياتهم وحقوقهم، وأساسها تعزيز الهيمنة الاقتصاديَّة، ويخلصون إلى نتيجةٍ تقول: بأنَّ كلَّ هذه التَّدابير الاحترازيَّة الاستثنائيَّة ما هي إلَّا تدابير تَعَسُّفِيَّةً غاياتها الأنانيَّة وأهدافها الاستئثار مِنْ خلال لعبةٍ تُدار مِنْ قِبَلِ الحكومات بغرض حيازة السُّلطة، ممَّا يُخفِّف الأحمال على مصالحها وامتيازاتها ويُمَكِّنُهَا مِنْ إعادة إنتاج مجتمعاتٍ جديدةٍ، كما تسعى هي بعيدةً إلى حدٍّ ما عن حقوق الإنسان، ونتيجةً لذلك نجدهم يُشجِّعون على عدم قَبُول التَّدابير الاحترازيَّة الَّتي تُصدرها الحكومات بحُجَّة مواجهة جائحة كورونا، كما أنَّهم يُشدَّدون على رفضهم التَّامِّ لتلقِّي لقاح كورونا، كونه جزءً مِنَ المؤامرة المرسومة مِنَ الجهات الحكوميَّة، وليس بهدف السَّيطرة على الوباء. كما أنَّ ثمَّة مَنْ يتفهَّمون أن تفرض الحكومات قيودًا على حركة الأفراد، والتَّركيز على التَّباعد الاجتماعيِّ لعدم انتقال العدوى وتفشِّيها بين المجتمعات، ويؤيِّدون بالتَّالي إغلاق الحدود، وإيقاف حركة السَّفر، ومنع التَّجمُّعات بشكلٍ مؤقَّتٍ ومحدودٍ، ولكنَّهم يُصرُّون على ضرورة التَّقيُّد بالإطار العامِّ المطروح مِنْ قِبَلِ المنظَّمات الأُمَمَيَّة والوطنيَّة المعنيَّة بالدِّفاع عن حقوق الإنسان، حيث نجدهم يؤكِّدون على ضرورة عدم المساس بالحقوق الأساسيَّة للإنسان الَّتي لا تخضع لأيِّ تعليقٍ أو تقييدٍ أو استثناءٍ، مثل الحقِّ في الحياة، والحماية مِنَ التَّعذيب، أو استخدام الاعتقال التَّعَسُّفِيِّ.
وعليه، لا بدَّ أن هذه القرارات والتَّدابير الاحترازيَّة والاستثنائيَّة مبنيَّةٌ على أُسُسٍ علميَّةٍ طبِّيَّةٍ، وأن يتمَّ إعلان جميع الخطوات وطرحها على الجمهور وبرمجتها ضمن فترةٍ زمنيَّةٍ خاضعةٍ بكلِّ وقتٍ للمراجعة، وذلك بهدف تخفيف المخاطر الصِّحِّيَّة على المجتمع بأكمله، وقد بدا هذا الإجراء عند جميع الحكومات الدِّيمقراطيَّة واضحًا وجليًّا، حيث شهدنا وزراء الصِّحَّة والدَّاخليَّة يُقدِّمون للأفراد داخل المجتمع الخطوات المراد تنفيذها وفترتها الزَّمنيَّة ووسائلها، بينما نجد الحكومات الدِّيكتاتوريَّة أبعد ما تكون ضمن الإطار القانونيِّ المذكور أعلاه[33].
وبناءً على ذلك، أقرَّت جميع دول الاتِّحاد الأوربيِّ بإعلان حالة الطَّوارئ، واتَّخذت جميع التَّدابير التَّقييديَّة للحدِّ مِنِ انتشار كوفيد- ١٩، ومِنْ هذه التَّدابير: الحجر الصِّحِّيِّ، والتَّباعد الاجتماعيِّ، وإغلاق الشَّركات بشكلٍ كاملٍ في بداية انتشار الوباء، وطبعًا إغلاق الحدود وفرض قيودٍ على السَّفر[34]. وقد قدَّمت العديد مِنَ الدُّول الإفريقيَّة والعربيَّة التَّدابير نفسها، مِنْ خلال إعلانها حالة الطَّوارئ، ومع ما يترافق معها مِنْ تقييد حركة المواطنين والمقيمين، وألزمت -شأنها شأن معظم دول العالم- ارتداء الكِمامات، وفرض غرامةٍ ماليَّةٍ على كلِّ مَنْ يُخالف التَّدابير الاحترازيَّة[35]. وطالبت لجنة الأمم المتَّحدة الحكومات بضرورة تقليل عدد السُّجناء إذا أمكن، مِنْ خلال تطبيق برنامج الافراج المبكِّر، وذلك لمنع انتشار الوباء داخل السُّجون المكتظَّة، وقدَّمت منظَّمة الصِّحَّة العالميَّة إرشاداتٍ للسُّجون ومراكز الاحتجاز حول كيفيَّة التَّعاطي مع الجائحة، ممَّا يضمن سلامة السُّجناء الصِّحِّيَّة[36].
يتَّضح مِنْ خلال ما تمَّ بيانه حول بعض المعاهدات الدَّوليَّة الَّتي تُجيز تعطيل بعض الالتزامات المترتِّبة على الأعضاء المنضمِّين إليها خلال الأزمات الاستثنائيَّة والَّتي يُعتبر فيروس كورونا إحدى هذه الحالات، بأنَّ هذا التَّعطيل تحكمه العديد مِنَ الشُّروط الواجب توافرها حتَّى تبقى هذه التَّدابير ضمن الإطار الشَّرعيِّ والقانونيِّ، ولعلَّ أهمَّ هذه الشُّروط تتمحور حول النِّقاط الآتية:
- يجب أن تمثِّل استعادة الأوضاع الطَّبيعيَّة الَّتي تُحترم فيها شرعة حقوق الإنسان احترامًا كاملًا مرَّةً أُخرى الهدف الأسمى لأيِّ دولةٍ طرفٍ تُعَطِّلُ أو تُقَيِّدُ البعض مِنَ الحقوق[37].
- لا بدَّ مِنْ توفير مبدأ الاخطار الدَّوليِّ، وهو يعني: على الدَّولة الطَّرف في المعاهدات الدَّوليَّة أن تُعلن رسميًّا قيامها بإجراءات حالة الطَّوارئ العامَّة.
- ضرورة توفير مبدأ الضَّرورة القُصوى، بمعنى: أن تبلغ الحالة مبلغ حالة الطَّوارئ الَّتي “تُهَدِّدُ حياة الأمَّة”.
- لا بدَّ أن تكون التَّدابير المفروضة، والَّتي تُقَيِّدُ وتُعَطِّلُ بعض الحرِّيَّات الإنسانيَّة، أن تتمَّ ضمن أضيق الحدود الَّتي يتطلَّبها الوضع العامُّ في الدَّولة لمواجهة الوباء، وأن تبقى ضمن إطار المحافظة على السَّلامة الصِّحِّيَّة العامَّة ولا يتجاوزها ليُصار إلى أهدافٍ أخُرى.
- يتعيَّن على الدَّولة تقديم وصفٍ يشمل تفاصيل كافيةٍ عن الوقائع ذات الصِّلة، لإثبات أنَّ البلد المعنيَّ تقوم فيه حالةٌ مِنَ الحالات الاستثنائيَّة الَّتي تستوجب إعلان حالة الطَّوارئ، ممَّا يعني: أنَّ مجرَّد نشوء أزمةٍ داخليَّةٍ للدَّولة المعنيَّة لا يُبَرِّرُ إعلان حالة الطَّوارئ العامَّة، وبالتَّالي سعي الحكومة نحو تعطيل الحقوق الإنسانيَّة العامَّة.
- الشَّرط الزَّمنيُّ لا بدَّ أن يكون حاضرًا وبشكلٍ واضحٍ عند إعلان حالة الطَّوارئ، فهي لا بدَّ أن تكون محدَّدة المدَّة ولو بشكلٍ مبدئيٍّ، كونها قيَّدت حقوقًا أساسيَّةً يُخشى أن تُصبح دون تحديد مدَّةٍ زمنيَّةٍ للتَّعطيل جزءً ثابتًا مِنَ النِّظام القانونيِّ الدَّاخليِّ للبلد نفسه.
- يظلُّ مبدأ الشَّرعيَّة وحكم القانون هو المطبَّق طيلة فترة إعلان حالة الطَّوارئ الَّتي “تُهَدِّدُ حياة الأمَّة”، وذلك لحين عودة الحياة والحقوق إلى واقعها الطَّبيعيِّ وزوال المبرِّر الأساسيِّ لإعلان حالة الطَّوارئ وفرض التَّدابير الاستثنائيَّة.
وعليه، فإنَّ حالة الطَّوارئ هي حالةٌ قانونيَّةٌ، لها إطارها القانونيُّ الَّذي يجعل منها واقعةً مقبولةً مُصانةً بالأُسُسِ الشَّرعيَّة والقَبُول الدَّوليِّ، وبالتَّالي فإنَّ آليات تنفيذها لا تُعتبر مرفوضةً أو مردودةً مِنَ المجتمع الدَّوليِّ، بل على العكس، ذُكِرَتْ حالة الطَّوارئ في الكثير مِنَ المعاهدات الدَّوليَّة كما أشرنا في مواقع مختلفةٍ مِنْ بحثنا، وتناولتها النِّقاشات حول ضرورة ذكرها ضمن مسمَّيات وتعابير تُعطي الحالة مفهومًا قانونيًّا محدَّدًا وواضح لا لبس فيه. ولكن نفس المعاهدات لم تترك الأمر دون شروطٍ وطرقٍ لتنفيذ هذه الآليَّات، بل وضعت أُسُسًا قانونيَّةً ضروريَّةً حتَّى تكتسب الإجراءات المتَّخذة شرعيَّتها وقَبُولها سواءٌ ضمن الإطار الدَّاخليِّ للدَّولة، أو ضمن محيطها الدَّوليّ، لذلك حتَّى تُعتبر حالة الطَّوارئ صحيحةً لا بدَّ لها مِنِ الالتزام التَّامِّ بالشُّروط كافَّةً، وتطبيقها ضمن هذا المسار.
الخاتمة:
انتشر فيروس كورونا ولم يُمَيِّز بين البشر، بل فَتَكَ بجميع المجتمعات مُذَكِّرًا الجميع بضرورة تفعيل قيم العدالة والمساواة بين جميع شعوب العالم، وضرورة العمل بمبدأ وحدة المصير والتَّكافل لنحظى بحياة ٍكريمةٍ وآمنةٍ وصِحِّيَّةٍ. وبعد تقديم كلِّ هذه الحيثيَّات يُمكن استخراج العديد مِنَ النَّتائج والتَّوصيات، وهي على الشَّكل الآتي:
أوَّلًا: النَّتائج
- حقوق الإنسان فرضتها العديد مِنَ المواثيق الدَّوليَّة الَّتي شدَّدت على ضرورة احترامها، وخاصَّةً الأساسيَّة منها.
- جائحة كورونا قيَّدت بعض الحقوق الإنسانيَّة بهدف الحفاظ على الحقِّ الأساسيِّ وهو الحقُّ في الحياة.
- حرصت جميع المواثيق الدَّوليَّة على ضرورة العمل دائمًا للحفاظ على شرعة حقوق الإنسان في الأحوال العاديَّة، مع الإشارة لبعض الاستثناءات الَّتي يُسمح فيها للحكومات باتِّخاذ تدابير تُعَلَّقُ فيها بعض الحرِّيَّات العامَّة.
- شدَّدت المواثيق الدَّوليَّة على تعريف حالة الطَّوارئ، وعلى تفسير مفهومها، وأبقتها ضمن مفهوم “تُهَدِّدُ حياة الأمَّة”.
- حالة الطَّوارئ بعد ثبوت توافرها وفقًا لتعريفها المحدَّد بالمواثيق الدَّوليَّة، لا بدَّ أن تكون واضحًا وشفَّافًا، تقدَّم مِنْ قبل الحكومات لأفراد المجتمع، وذلك مِنْ خلال تحديد سُبُلِ العمل فيه ومدَّة سريانه داخل المجتمع.
- التَّأكيد في جميع المواثيق الدَّوليَّة على أنَّ حالة الطَّوارئ هي حالةٌ استثنائيَّةٌ محدَّدة المدَّة، لا يُمكن أن تتحوَّل إلى واقعٍ طبيعيٍّ داخل الدُّول.
- اعتماد مبدأ عدم التَّمييز بين عرقٍ، أو دينٍ، أو جنسيَّةٍ.
ثانيًا: التَّوصيات
- وُضِعَتْ المعاهدات الدَّوليَّة المتعلِّقة بشرعة حقوق الإنسان لمواجهة الحالات الطَّارئة داخل المجتمعات، ممَّا يعني ضرورة إعمالها في أشدِّ الأزمات، كونها هي الحالة الطَّبيعيَّة للحفاظ فيها على حقوق وحرِّيِّات الأفراد.
- التَّأكيد على جميع الحكومات بضرورة إبراز حالة الطَّوارئ، وتوضيح سُبُلِ العمل ضمنها حتَّى يكون المواطن على درايةٍ بكلِّ ما يحدث داخل مجتمعه، وبالتالي يكون قادراً على فهم الإجراءات والتدابير المتخذة.
- تطبيق كافَّة الشُّروط المتعلِّقة بحالة الطَّوارئ مِنْ قِبَلِ الحكومات، والعمل ضمن أضيق الحدود للسَّيطرة على الوباء، مع ضرورة التأكيد على الركن الزمني لحالة الطوارئ والبقاء ضمن إطارها المعلن.
- أثبت كوفيد-١٩ أنَّ المجتمع الإنسانيَّ مترابطٌ كلَّه بعضه بعضٍ، وعليه لا بدَّ أن نعمل سويًّا حتَّى نستطيع العيش ضمن منظومةٍ اجتماعيَّةٍ متجانسةٍ في الكرامة والحياة الصِّحِّيَّة.
- قدمت العديد من المواثيق الدولية مبدأ حرية الاعلام والتعبير في مختلف الأحوال والظروف، مما يستوجب من الدول ضرورة العمل في مسارها وتطبيق مضمونها في الحالات الطارئة التي قد يواجهها المجتمع.
- ضرورة حث الحكومات على ضبط مفهوم إلقاء القبض والاعتقال ضمن مضمنه القانوني الصحيح وعدم استخدام هذا الحق لأغراض مخالفة للقانون والحقوق الإنسانية.
قائمة المصادر والمراجع:
باللغة العربية:
أولاً: الكتب القانونية
- عبد العزيز رمضان الخطابي، أسس القانون الدولي المعاصر، دار الفكر الجامعي الإسكندرية، ٢٠١٤م.
- سهيل الفتلاوي، الموجز في القانون الدولي العام، الجزء الأول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠٠٩ م.
- خيري أحمد الكباش، الحماية الجنائية لحقوق الانسان، منشأة المعارف، الإسكندرية، ٢٠٠٨م.
- حيدر أدهم عبد الحي، دراسات في قانون حقوق الانسان، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠٠٩ م.
ثانياً: الاتفاقيات الدولية
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، 1966م.
- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة ١٩٦٦.
- حماية الأشخاص في حالات الكوارث، المادة ٣، 10-62180A/65/10
- الإعلان العالمي لحقوق الانسان، ١٠ كانون الأول لعام ١٩٤٨.
- الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان، 1950م.
- الموقع الرسمي لهيئة الأمم المتحدة، un.org.
- منشورات الأمم المتحدة، سلسلة الدراسات، العدد ٣، نيويورك، ١٩٩٠.
- الملاحظات الختامية حول الولايات المتحدة، وثيقة الأمم المتحدة ٣٠، CCPR/C/USA/CO/3 لعام ٢٠٠٦م.
- حقوق الانسان في مجال إقامة العدل: دليل بشأن حقوق الانسان خاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين، إقامة العدل أثناء حالات الطوارئ.
رابعاً: المقالات والدراسات العلمية
- يوسف البحيري، “تدابير حالة الطوارئ لمكافحة جائحة فيروس كورونا والحريات العامة”، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة الثامنة، العدد٦، شوال ١٤٤١ه.
- نضال منصور، ” فيروس كورونا القشة التي قضمت الحقوق الإنسانية، الحرة، ١٧- ديسمبر- ٢٠٢٠م.
- نجوى طنطاوي، جائحة كورونا الاطقم الطبية في مرمى نيران العدوى، منشور على الموقع الالكتروني: https://www.scientificamerican.com/arabic/articales/news/covid19,2020 April, infection-threaten-medical
- مقال منشور على موقع مجلة فرنسا ٢٤، على الموقع الالكتروني: farance24.com.
- مقال بعنوان: ” الديمقراطية المعلقة في عهد كورونا هل تصبح حقوق الانسان ضحية الجائحة؟”، على الموقع الالكتروني: https://www.aljoumhouria.com
- مصطفى المناوي، المعايير الدولية لحرية الصحافة، ندوة قانون الصحافة بين المعايير الدولية والتشريعات الوطنية، المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، الرباط، ١٧ ابريل ٢٠٠٨م.
- محمد مهدي، “الخروج من الجائحة، سيناريو تعامل الصين مع تفشي فيروس كوفيد- ١٩”، الموقع الالكتروني للنشرة الدورية للعلوم الأميركية، ابريل ٢٠٢٠م.
- محمد محبوبي، قوانين الطوارئ وأثرها على حقوق الانسان في ظل القانون الدولي لحقوق الانسان،
- محمد الطروانة، ” فيروس كورونا يوقف طباعة الصحف الورقية في الأردن”، صحيفة العربي الجديد، ١٨-٣- ٢٠٢٠.
- كمال سيد قادر، ” حالة الطوارئ في القانون الدولي”، مجلة إيلاف، نوفمبر ٢٠٠٤، ١٠-ماي-٢٠٢٠م، تاريخ الاطلاع: ٢١-٦-٢٠٢١م.
- فاطمة المحرحر، “حقوق الانسان في ظل جائحة كورونا”، المركز العربي للبحوث والدراسات، ٢١-نوفمبر-٢٠٢٠م.
- عماد الدين حسين،” تقييد حرية الناس للمحافظة على أرواحهم”، مجلة البيان، مارس ٢٠٢٠م.
- سمر أشرف، ” ما مدى فاعلية الحجر الصحي والتدابير الوقائية في مواجهة جائحة كورونا، على موقع الالكتروني:
https://www.scientificamerican.com/Arabic/author/samar-ashraf/
- أكرم البني :” حقوق الانسان وطوارئ جائحة كورونا”، الشرق الأوسط، جريدة العرب الدولية، الجمعة ٢٥- ربيع الأول- ١٤٤٢ه، رقم العدد ١٥٣٥٤. على الموقع الالكتروني: https://aawast.com.
- محمد محبوبي، قوانين الطوارئ وأثرها على حقوق الانسان في ظل القانون الدولي لحقوق الانسان، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القانون العام، جامعة العربي بن مهيدي، الجزائر، ٢٠١٧م.
- Jurisprudence:
Muller and Others v. Switzerland, Application No.10737/84, ECHR, 24 May 1988, Series A, No, 133.
Handyside v. the United Kingdom No. 5493/72, ECHR, 7 December 1976.
- Documents Officials:
General Comment No. 29, CCPR/C/21/Rev.1/Add.11,31, August 2001
[1] حيدر أدهم عبد الحي، دراسات في قانون حقوق الانسان، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠٠٩، ص ٩.
[2] يوسف البحيري، مقال بعنوان: “تدابير حالة الطوارئ لمكافحة جائحة فيروس كورونا والحريات العامة”، مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، السنة الثامنة، العدد٦، شوال ١٤٤١ه، ص ٤١٨. تاريخ الاطلاع: ٢٩-٦-٢٠٢١.
[3] نضال منصور، مقال بعنوان: ” فيروس كورونا القشة التي قضمت الحقوق الإنسانية، الحرة، ١٧- ديسمبر- ٢٠٢٠م، تاريخ الاطلاع: ٢٥-٦-٢٠٢١.
[4] يوسف البحيري، المرجع السابق، ص ٤١٩.
[5] محمد مهدي، الخروج من الجائحة، سيناريو تعامل الصين مع تفشي فيروس كوفيد-١٩، الموقع الالكتروني للنشرة الدورية للعلوم الأميركية، ابريل ٢٠٢٠م.
[6] نجوى طنطاوي، جائحة كورونا الاطقم الطبية في مرمى نيران العدوى، منشور على الموقع الالكتروني: https://www.scientificamerican.com/arabic/articales/news/covid19,2020 April, infection-threaten-medical-teams
[7] مصطفى المناوي، المعايير الدولية لحرية الصحافة، ندوة قانون الصحافة بين المعايير الدولية والتشريعات الوطنية، المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، الرباط، ١٧ ابريل ٢٠٠٨م.
[8] للتفصيل ينظر: الملاحظات الختامية حول الولايات المتحدة، وثيقة الأمم المتحدة ٣٠، CCPR/C/USA/CO/3 لعام ٢٠٠٦م.
[9] خيري أحمد الكباش، الحماية الجنائية لحقوق الانسان، منشأة المعارف، الإسكندرية، ٢٠٠٨م، ص ٧٦.
[10] اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية لعام 1984م.
[11] منشورات الأمم المتحدة، سلسلة الدراسات، العدد ٣، نيويورك، ١٩٩٠.
[12] يوسف البحيري، المرجع السابق، ص ٤٢٢.
[13] محمد الطروانة، مقال بعنوان: ” فيروس كورونا يوقف طباعة الصحف الورقية في الأردن، صحيفة العربي الجديد، ١٨-٣-٢٠٢٠، تاريخ الاطلاع: ٢١-٦-٢٠٢١م.
[14] فاطمة المحرحر، مقال بعنوان: “حقوق الانسان في ظل جائحة كورونا”، المركز العربي للبحوث والدراسات، ٢١-نوفمبر-٢٠٢٠، تاريخ الاطلاع: ١٢-٦-٢٠٢١م.
[15] سهيل الفتلاوي، الموجز في القانون الدولي العام، الجزء الأول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، ٢٠٠٩.
[16] للتفصيل ينظر: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة ١٩٦٦.
[17] يوسف البحيري، المرجع السابق، ص ٤١٨.
[18] سمر أشرف، مقال بعنوان: ” ما مدى فاعلية الحجر الصحي والتدابير الوقائية في مواجهة جائحة كورونا، على موقع الالكتروني: https://www.scientificamerican.com/Arabic/author/samar-ashraf/
[19] سهيل الفتلاوي، المرجع السابق، ص ١٥٥.
[20] مقال بعنوان: ” الديمقراطية المعلقة في عهد كورونا هل تصبح حقوق الانسان ضحية الجائحة؟”، على الموقع الالكتروني: https://www.aljoumhouria.com
[21] للتفصيل ينظر: الإعلان العالمي لحقوق الانسان، ١٠ كانون الأول ١٩٤٨، المادة ١٣.
[22] للتفصيل ينظر: الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام ١٩٤٨م، المادة ٢٣.
[23] حقوق الانسان في مجال إقامة العدل: دليل بشأن حقوق الانسان خاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين، إقامة العدل أثناء حالات الطوارئ، الفصل السادس عشر، ص ٧١٢.
[24] الفقرة الأولى من ديباجة العهد، وهي تماثل نفس الفقرة من ديباجة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية.
[25] للتفصيل ينظر: الفصل السابع، حماية الأشخاص في حالات الكوارث، المادة ٣، ص ٤١٥، GE.10-62180A/65/10.
[26] المرجع السابق، ص ٤١٧.
[27] للتفصيل ينظر: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام ١٩٦٦م.
[28] Muller and Others v. Switzerland, Application No.10737/84, ECHR, 24 May 1988, Series A, No, 133.
[29] Handyside v. the United Kingdom No. 5493/72, ECHR, 7 December 1976.
[30] محمد محبوبي، قوانين الطوارئ وأثرها على حقوق الانسان في ظل القانون الدولي لحقوق الانسان، أطروحة لنيل درجة الدكتوراه في القانون العام، جامعة العربي بن مهيدي، الجزائر، ٢٠١٧، ص١.
[31] كمال سيد قادر، مقال بعنوان:” حالة الطوارئ في القانون الدولي”، مجلة إيلاف، نوفمبر ٢٠٠٤، ١٠-ماي-٢٠٢٠م، تاريخ الاطلاع: ٢١-٦-٢٠٢١م.
[32] فاطمة المحرحر، المرجع السابق.
[33] أكرم البني، مقال بعنوان:” حقوق الانسان وطوارئ جائحة كورونا”، الشرق الأوسط، جريدة العرب الدولية، الجمعة ٢٥- ربيع الأول- ١٤٤٢ه، رقم العدد ١٥٣٥٤. على الموقع الالكتروني: https://aawast.com تاريخ الاطلاع: ١-٦-٢٠٢١م.
[34] عماد الدين حسين، مقال بعنوان:” تقييد حرية الناس للمحافظة على أرواحهم”، مجلة البيان، مارس ٢٠٢٠، تاريخ الاطلاع: ٢١-٦-٢٠٢١م.
[35] مقال منشور على موقع مجلة فرنسا ٢٤، على الموقع الالكتروني: www.farance24.com.
[36] الموقع الرسمي لهيئة الأمم المتحدة، www.un.org.
[37] عبد العزيز رمضان الخطابي، أسس القانون الدولي المعاصر، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ٢٠١٤، ص ١٢٢.