أقام قسم الدراسات الأدبية والفكرية بمركز جيل البحث العلمي بإشراف رئيسته الأستاذة الدكتورة سرور طالبي ندوة علمية افتراضية أمسية يوم الخميس 28 يناير 2021 على الساعة الثامنة بتوقيت الجزائر ، احتفاء بكتاب عضو اللجنة العلمية بمجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية الأستاذ الدكتور اليامين بن تومي الموسوم بـ”تشريح العواضل البنيوية والتاريخية للعقل النقدي العربي: دراسة في الأنساق الثقافية العربية الكلية والجزئية” ، وذلك بإدارة رئيسة تحريرها الدكتورة غزلان هاشمي ، وبمساعدة تنظيمية من الباحث القاص عدنان لكناوي ، حيث هدفت الندوة إلى إثارة الأسئلة المعرفية والإشكالات التي تأسس عليها هذا الكتاب الفكري الضخم، في محاولة لمعرفة الآليات الفكرية والنقدية التي استخدمها الناقد والمفكر في هذه القراءة التشريحية التي تتوخى المغايرة والاختلاف .
افتتحت الدكتورة غزلان الجلسة بتقديم المفكر الدكتور اليامين بن تومي، إذ بينت أنه” مفكر يسكنه قلق السؤال ومغامرة المعرفة ، إذ يعمل على تثوير الخطابات الفلسفية والنقدية ، ويكافح من أجل مجاوزة اليقينيات وذهنية التطابق والأحادية المقيتة وكذا العقل الاستعاري ، لذلك فهو يخوض في المسافات المعتمة من أجل الكشف عن اختلالات الخطاب ومخاتلاته ، إذ يفجر دلالاته المضمرة نحو التجاوز والتغاير، ونحو هوية الاختلاف ، صعب أن نقدم اسما فكريا ونقديا بهذا المستوى الكبير ، لذا سأحيل الكلمة إليه مباشرة لتقديم ملخص حول محتويات كتابه المهم والباذخ والموسوم بـ”تشريح العواضل البنيوية والتاريخية للعقل النقدي العربي”.
بعدها قدم الأستاذ الدكتور اليامين بن تومي لمحة عن محتويات هذا الكتاب الضخم والثقيل معرفيا ، والذي حاول فيها توضيح الأسئلة الكبرى التي انطلق منها ، مبينا تجاوزه منطق التفكير عند الجابري والعظم وحسن حنفي في نقدهم للعقل العربي ، وأي العقول أقدر في التراث على ارتياد الحداثة وقيادتها الآن : العقل الفلسفي أم العقل العرفاني.
أحالت مديرة الجلسة الكلمة للدكتور مصطفى عطية من الكويت ، والذي قدم مداخلة موسومة “استرتيجية التفكيك والتأسيس والبناء للأنساق الثقافية العربية ـ قراءة في كتاب العواضل البنيوية والتاريخية” ، والذي تقصى فيها قراءة وتفكيك العديد من المقولات الواردة في الكتاب مثل مقولة البدونة التي وجد أن فيها تعميم كبار ، بينما قدمت المداخلة الثانية للدكتور د. طارق بوحالة من الجزائر والموسومة بـ”كتاب تشريح العواضل البنيوية والتاريخية في ضوء النقد الثقافي ” قراءة بين من خلالها أن المفكر في هذا الكتاب لا يقدم أجوبة بقدر مايثير الأسئلة المتناسلة ، من أجل إقامة مشروع ثقافي للإجابة عنه ، وأن العقلية البدوية بوصفها أنساقا تتحكم في العقل وليس بوصفها تمثلا أو توصيفا جغرافيا وفي ذلك يوجه كلامه للدكتور مصطفى .
أحالت الدكتورة غزلان الكلمة بعدها للدكتور لحسن عزوز من الجزائر ليقدم مداخلة تحت عنوان “سؤال الحداثة والزمن العقيم في مرجعية كتاب تشريح العواضل البنيوية والثقافية للعقل النقدي العربي”، والذي عد هذا الكتاب موسوعة ومرجعا نقديا هاما، قدم الكثير من المفاهيم النقدية والأسئلة المنهجية ، إذ تمنى لو قدم مفهومه للإنسان ككل في قدرته العقلية والسحرية وغيرها …..، هذا ولم يتفق مع الدكتور مصطفى، حيث يرى أن العقل العربي فعلا بدوي وحقيقة واقعية .
قدم الدكتور وليد خضور من الجزائر المداخلة الأخيرة ، والتي كانت تحت عنوان ” نحو قراءة مغايرة لتشريح العواضل البنيوية والتاريخية”، وضح فيها أن النقد واحد ، مجيبا عن تساؤل عطية من أي منطلق انطلق منه الدكتور بن تومي هل هو نقد أدبي أم فلسفي؟ حيث ذكر بأن تكون قراءتك مغايرة أن تحاول الخروج من النص وتلجه من أبواب مغايرة ، فحدود الخطر هو حدود النص ، ليتحدث في فصل في الوعي اللغوي، من خلال استعمال الناقد معجما لغويا مختزلا وأصوليا الذي يعلن مبدأ العصمة ، وآخر في النسبة اللغوية بين فيه أن اللغة هي التي تفرض علينا طرق تفكيرنا وتصنع واقعنا ، ملخصا إلى أن الناقد حينما يستخدم مصطلحا ليس ترفا فكريا وإنما استجابة لهذا الوعي النقدي .
تدخل المحاضرون والحاضرون لتفعيل النقاش ، ليرد الأستاذ الدكتور اليامين مبينا أنه لا يفكر داخل منطق الحق واللاحق بل من منطق الواجب كمفكر داخل منظومة معرفية عربية وإسلامية كبيرة ، لذلك فهو يرى أن التعدد والاختلاف يحيل على البحث داخل الثقافة العربية بحثا عن طريق ثالث للبحث في إشكاليات داخل العقل العربي، وهو ما يجعله يحرث بعيدا عما يحرثون ، فحسب رأيه وجب أن نطرح التساؤل :كيف نفكر في الأنساق ضد الأنساق ، لا أن يكون بحثنا مجرد حديث انبهاري عن التراث ، لذلك يبين أنه لا يحاول اجترار النقد المشرقي كمقولات أحمد أمين وطه حسين ….، ولا استعارة مرتكزات النقد المغاربي المجتر لمقولات جيرار وكريستيفيا ، بل يحاول التأصيل لسؤال: أين نقدنا نحن في الراهن اليوم، إذ وجد أنه من الضرورة استحداث مرجعيتنا في الجزائر داخل هذا التاريخ، ليس انطلاقا من العقل المشرقي القروي ولا المغاربي المستعار ، لأن النقد العربي كنقد الغذامي مثلا نقد استلابي يقتات على نقد الغير.