Skip to content

JiL.Center

Primary Menu
  • عن المركز
  • رئيسة المركز
  • شروط الانتساب
  • منشوراتنا
  • مؤتمرات وملتقيات
  • دوراتنا
  • محاضراتنا
  • مسابقاتنا
  • Cont@cts
موقع مجلات مركز جيل البحث العلمي
  • Home
  • مــــنــاهــجُ خـــصــومِ الــمــتــــنبــــّي فــي دراســــةِ ســـــرقــاتـــه الــــشــعـــريَّــــة Objectives of the liabilities of Al Motanabbie in the study of his poetic steals

مــــنــاهــجُ خـــصــومِ الــمــتــــنبــــّي فــي دراســــةِ ســـــرقــاتـــه الــــشــعـــريَّــــة Objectives of the liabilities of Al Motanabbie in the study of his poetic steals

admin 2020-10-05 3 min read
   

مــــنــاهــجُ خـــصــومِ الــمــتــــنبــــّي فــي دراســــةِ ســـــرقــاتـــه الــــشــعـــريَّــــة

Objectives of the liabilities of Al Motanabbie in the study of  his poetic steals

دعد يونس السالم – ماجستير في اللغة العربية وآدابها – جامعة البعث ـ سوريا

Yunus Al Salem- Master in Arabic and its Literature – of Baath University Daad

             مقال نشر في  مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 63 الصفحة 87.

    الـمــلـخَّـــص:

      لقد عمل خصوم المتنبي على استنزاف جهودهم النقدية ، في سبيل نفي الاختراع والجودة الفنية عن شعره، مدفوعين بعوامل سياسية وشخصية ، فسعوا لجعله دون الشعراء الفحول ، وكانت وسيلتهم في ذلك هي تتبع شعره لفظاً ومعنىً  ، وعزل اللفظة أو المعنى الفرعي ، عن سياقهما في البيت أو في القصيدة الأم، والتماس المشابه لهما في الموروث الشعري ، ثم نعت ذلك بالمسروق ، لذا كان هدفنا من هذا البحث هو إبراز خطأ الخصوم في نقدهم ، إذ إنهم نظَّروا لقضية السّرقات في مقدّمات كتبهم ، وعبّروا عن فهمٍ ناضجٍ وموضوعيٍّ   لمقاييس السرق المحمود والمذموم ، واعدين بترجمة ذلك في أثناء نقدهم شعرَ المتنبي ، لكنهم في النقد التطبيقي، انحرفوا عن مقاييسهم النظرية في قضية السرق،   كما خاضوا في قضايا نقدية أُخرى لا علاقة لها بالسرق ؛ تدخل في نقد المعاني والألفاظ والصور البيانية  والتفاوت ، والإغراق والخروج على المألوف ،  متجاهلين أنَّ المتنبي صاحبُ طريقةٍ جديدةٍ قديمةٍ، لا تساير – دائماً – مقاييس َعمودِ الشعر المعهودة.

  كــلمـات مـفـتـاحـيّــة:  السرق الشعري – الهوى والعصبية –– تفاوت الطبع – الاستعارة القبيحة – المبنى والمعنى – التفاوت – الغلو – ابتكار المعاني.

Summary:                                                                                                                                                   

The liabilities of Al Motanabbie has been to drain their cash investigation into the fluid of the invention and quality of his failure to pay it in political and personal women and have seen them to make it without false poets and were in the same way to follow the figure and meaning of the word or the sub-meaning of their context in the house or in the mother’s poem and the appeal of the people in the poetry and then realized that the goal of this research was to show the mistake of the bandwidths in their introduction to their travel and border measures and the remedies of the micro-identity and submersible measurement and the rewind of the interrogation of the martial and substances. The translation of the mutation, the most    important to their  states.

Keywords:  ibs- poetic and styling  –  the preytight- episode – the ugly meta – building and meaning – the  variation- glucal   –     innovation .

                                                                                                               

تــــمــــهــيـــــد: 

      سعى خصومُ المتنبي إلى دحض مزاعم أنصاره ومريديه ، وانصبّ اهتمامهم على نفي الإحسان والاختراع عن شعره كلّه ؛ فكان مبتغاهم الأساسي والمشترك ، هو التصدي لمقولات هؤلاء الذين زعموا أن المتنبي هو المبتكر لمعانيه الدقيقة ، ولم يكن مسبوقاً إليها، وهو محدثها ومفترعها ، ولم ينطلق بأمثالها بادٍ ولا حاضرٌ0وبهذا كان المتنبّي في نظر مريديه، مجسِّداً  القيمةَ الفنيّةَ للشّعر العربي في شعره ، فكانت النيةُ المبيّتة عند خصومه جميعاً ، هي إبطال هذه الدعوى ، مع اتّفاقهم  جميعاً على أن المتنبّي شاعٌر من طرازٍ خاصٍّ ورفيع ، وله فضائل في شعره لاتُنكَر ، وهو في أغلبه حسنٌ وجيّد.[1]                                          

     فهذا أبو العبَّاس النَّامي (ت 370ه) ، وقد كان حاسداً للمتنبي ، حاقداً عليه لحظوته عند سيف الدولة يقول: كان قد بقي من الشعر زاويةٌ دخلها المتنبي ، وكنت أشتهي أن أكون قد سبقته إلى معنيين قالهما، ماسُبِقَ إليهما : أحدهما قوله :

رمـــانـي الدَّهرُ بالأرزاءِ حــتّى             فــؤادي فــي غـــشـاءٍ مـــن نـِــبــــالِ  فـصرتُ إذا أصابـتـني سـهـامٌ     

      تـكسّـرتِ الـنّـصالُ عـلـى الـنّـصالِ

 والآخر قوله:

    في جـحـفلٍ سـتـرَ العـيونَ غـبـارُهُ          فــكــأنّمـا يــُـــبـْصـرْنَ بـــالآذانِ[2]

      إذاً فإنَّ جوهرَ القضية عند الخصوم، لم يكن في شعر المتنبي ، بل في تلك الدعوى التي أطلقها أنصاره وراحوا يوسعون من  نطاقها ، وكانت الأهواء الشخصية والنزعات السياسية قد عملت عملها قبل ذلك ؛ إذ إن هؤلاء انقادوا لبعض رجالات السياسة في الدولة ، ممن تودَّدوا إلى المتنبي كي يمدحهم ، لكنَّ آمالهم باءت بالفشل؛ لترفُّع الشاعر الكبير عن مدح غير  الملوك ، فما كان منهم إلا أن استعانوا برجال الأدب والثقافة الواسعة ، أمثال الحاتمي (ت 388ه) الذي كانت له أحقاده الخاصَّة على الشَّاعر ، فنفَّذ لهم ماأرادوا0[3] أمَّا الصَّاحب ابن عباد (ت385ه) ؛ فكان أمراً كبيراً عليه أن يخجله المتنبي، ولايجيبه إلى طلبه في المدح، فما كان منه إلَّا أن صيَّره غرضاً يرشقُهُ بسهام الوقيعة0[4] ورغم التأخر الزمني للعميدي (433ه) عن أجواء الخصومة ، فقد كان حسده وغيرته ممَّا حظي به المتنبي من شهرة أدبية واسعة ، عاملاً رئيساً في تأليفه كتابَ (الإبانة).

أولاً: الــنَّــقــد الــنَّــظــري لــدى الــخــــصــــوم:

      إنَّ النيَّةَ المبيَّتة لدى الخصوم في إسقاط المتنبي شاعراً وإنساناً معاً ، أفضتْ بهم إلى التظاهر برداء الموضوعيَّة والإنصاف في النقد ؛ فشرعوا يذمُّون الهوى والعصبيَّة : ((فالهوى يطمس أعينَ الآراء ، وإنَّ الميلَ مع الهوى عن الحقِّ ، يُبْهِم سبيلَ الصدق))[5] لكنهم جميعا في النقد التطبيقي – كما سنرى – ، برزوا في صورة أبعد ماتكون عن الموضوعية؛    إذ لم يعترفوا للمتنبي بأي جيِّدٍ ؛ وهو دائبٌ يسرق ويقع دون الأوَّل ، ويقصِّر في الأخذ[6] وأبْرزَ ناحيةٍ تُدلِّلُ على عدم موضوعيتهم ، هي هذا الاضطراب الواضح بين نقدهم النظري في مقدمات كتبهم ،  ونقدهم التطبيقي في المتون،  فهم يهدفون إلى نفي أصالة الشاعر عن طريق كشف سرقاته، وإعادتها إلى مصادرها الحقيقية في الموروث الشعري.

 هذا هو العميدي في كتابه الذي لم تكن له مقدمة واضحة وممنهجة ، لتُبْرزَ آراءَه النقدية ومبادئَه في باب السرق ، حدَّد خطَّةَ عمله في المقدمة قائلا: ((وأنا بمشيئة الله تعالى وإذنه، أُورِدُ ما عندي من أبياتٍ ، أخذَ ألفاظَها ومعانيها، وادَّعى الإعجازَ لنفسه فيها، لتشهد بلؤم طبعه في إنكاره فضيلة السابقين ، وتَسِمَهُ فيما نهبَه من أشعارهم بسِمة السَّارقين000)) [7]  وأمَّا الحاتمي ؛ فقد صرَّح في رسالته بما يهدف إلى إنجازه في النقد التطبيقي قائلاً : ((سأتلو ذلك بمنازعات نازعتها أبا الطيب، تتعلق بشعره في عدَّة مجالس، ضمَّتني وإيَّاه من بعد هذا المجلس، وبمواضع طالعتها من اجتلاباته وسرقاته وسقطات أسقطها في شعره ، لم تجرِ فيها مراجعةٌ ولا منازعةٌ ، ليكونَ ذلك أمتعَ لقاريه)) [8] فهو إذاً سيكشف عن سرقاته واجتلاباته وساقط شعره ؛ هذا الساقط الذي أدخله في الشعر المسروق حكماً ؛ وذلك لقوله في أحد مواضع النقد التطبيقي مخاطباً المتنبي : ((وما أعرف لك إحساناً ولا أعترف لك باختراعٍ ؛ إذ كانت هذه الأبياتُ التي تتخيَّل أنَّكَ السابقُ إلى معانيها ، وربُّ الإحسانِ فيها ، مُسْترقةً مُلْصَقةً))[9]  وهو يؤكِّدُ أنَّ ساقطَ شعرِ المتنبي هو المسروق ، وذلك بكلامٍ واضحٍ ؛ إذْ يقول : ((فأمَّا أن  يجتلب الشاعر المعنى ويقصِّر عن استيفائه تقصيرَكَ ، ويسيء العبارةَ عنه إساءتَكَ ، ويقع أبداً دونَ الأوَّلِ ، فغيرُ محتملٍ له ولا مُتَسَمَّح فيه ولا محكوم بالإحسان في شيءٍ منه)) [10]

 وقد حشد الصاحبُ ابن عباد في مقدّمة رسالته، ماينبئُ أنه خالط أهلَ العلم والأدب ، وغرفَ من معينهم، وتتلمذَ على أيدي كبارهم في الحكم الدقيق ، والفهم الثاقب ، لاسيَّما ابن العميد ،كما أنه أبدى إعجاباً بآراء الجاحظ، وذكر شذوراً سمعها من الأستاذ الرئيس (ابن العميد).

إن هذه الإطالات من الصاحب قبل الدخول في النقد التطبيقي ، واضحة المرمى ، وقد أدرك أحدُ النقاد هذه الناحيةَ ،  وأكَّد أنَّ زادَ الصاحب من النقد ،لم يكن يؤهِّله لنقد أبيات المتنبي نقداً علمياً صحيحاً ؛ لذا ادَّعى في مطلع الرسالة أنه جالسَ أهلَ العلم بالشعر وأخذ عنهم، واسترسل في مقدمة طويلة عن نقد ابن العميد، ممَّا لا يمتُّ إلى النقد الموضوعي بِصِلةٍ[11]والأمر المهمُّ في مقدّمة الصاحب ؛ هو أنّه يحدِّد الجانبَ الذي سيتناوله في نقده لأبيات المتنبي، وهذا الجانب هو شعره الساقط:  ((والآن حين أعود إلى ذكر المتنبي ، فأُخرِّجُ بعض الأبيات التي يستوي الريِّضُ والمرتاضُ في المعرفة بسقوطها، دون المواضع التي تخفى على كثيرٍ من الناس لغموضها))[12]، فالصاحب سيركّز على نقد المعاني، لكنّه ما لبث أن بيَّن لنا قصدَه بالمعاني الساقطة التي سيظهرها في شعر المتنبي ؛ حيث قصد بها المعاني المسروقة ؛ لأنه أَتْبَعَ قولَه السابقَ بقوله:((فأما السرقة فما يُعَاب بها، لاتّفاق شعر الجاهلية والإسلام عليها ،ولكن يُعاب إن كان يأخذ من الشعراء المحدثين كالبحتري وغيره جُلَّ المعاني، ثمَّ يقول لا أعرفهم ولم أسمع بهم))[13] من ذلك كلِّه نتأكَّد أنَّ الأبيات الساقطة في شعر المتنبي، هي نفسها الأبيات المسروقة بزعم الصاحب.

ثــانــيــاً: الانــحــرافُ عــن قــضــيـَّــة السَّــرقات في الــنَّقــد الــتـَّـطــبــيــقـــــي:                                                                   

     عرفنا ممَّا سبق هدفَ الخصوم في مقدّماتهم ، لكنهم في النقد التطبيقي انحرفوا في عدد من المواضع عن ذلك الهدف،  وراحوا يناقشون قضايا خارجة عن إطار السرق ، مما يدخل في نقد المعاني ؛ كقضية العقيدة والدين، أو الموازنة بين معنيين دون الإشارة إلى السرق ، أو التفاوت بين مصراعي البيت الواحد ، وقد يكون الانحراف إلى قضايا لغوية ونحوية ، أو إلى ما يتعلق بالصُّورة الفنيَّة وعدم نجاح المتنبّي في صياغتها وعرضها ولنرى الصاحب – مثلا – كيف استهل نقده التطبيقي بقوله : ((وأول حديث المتنبي أن لا دليل أدلَّ على تفاوت الطبع ، ممّن جمع الإحسانَ والإساءةَ في بيت كقوله:  بليتُ بِلى الأطلالِ إنْ لم أقفْ بها، وهذا كلام مستقيم لولم يعاقبه ويعقبه بقوله :وقوفَ شحيحِ ضاع في التُّربِ خاتَمُهْ))[14] وهو يتابع نقده في هذا الموضع بما يخصُّ قضية التفاوت بين المصراعين، دون الإشارة إلى السرق، ناسياً ما أشار إليه في المقدمة؛ من أنَّ الشعر الساقط هو الشعر المسروق، وطالما أنَّ الصاحب قد أكد دوام سرق المتنبي من أبي تمام كما اتهمه بالسرق من البحتري ،كان الأجدر به أن يأتي بمعظم الشواهد -إن لم يكن كلّها- من شعر المتنبي المسروق من الطائيّين ، ولاسيَّما من أبي تمام ، إلا أنّه في مواضع السّرق أرجع شعرَ المتنبي  – بالتحديد – مرّةً لبشار بن برد ، ومرّةً لابن الأشتر ، ومرّةً للخليل بن أحمد، بينما أشار مرَّتين فقط إلى سَرَقِه من أبي تمام[15] ، وهو يشير إلى سرقات أخرى للمتنبي من شعراء آخرين دون ذكر أسمائهم [16].

ولو تتبَّعنا النقدَ التطبيقيَّ في (الموضحة)، لرأينا أنَّ الحاتمي كان ينحرف كثيراً عن إطار السَّرق، إلى قضايا نقدية أخرى؛ فهو يبدأ نقده التطبيقي بما يخصُّ المعاني إذ يقول: ((أخبرْني عن قولكَ:                                                                       (خَفِ اللهَ واسترْ ذا الجمالَ ببرقعٍ    فإنْ لحْتَ حاضتْ في الخدورِ العواتقُ) أهكذا يُنْسَبُ بالمحبِّين ؟ فقال : أمَا هكذا في كتابكم ؟ فكفر لعنه الله))[17](1) وتستمرُّ المناقشة هنا حول هذا المعنى، ووروده أو عدم وروده في القرآن الكريم، ولا يدخل الحاتمي بابَ السَّرق إلا بعد أن يقول المتنبي، عقِبَ انتهاء مناقشتهما حول البيت السابق : فاغتفر هذا القول لقولي في هذه القصيدة،  حيث ينشد المتنبي تسعة أبيات متتابعة ،من قصيدة واحدة لتشفع له ،لكن الحاتمي سرعان ما يردُّها إلى مصادرها التي أُخِذَتْ منها، بعد تجزئتها إلى عبارات وجمل[18].

وقد تكرَّرت هذه الطريقة في كثير من مواضع (الموضحة)؛ فكان الحاتمي يدخل قضايا نقدية خارجة عن إطار السرق، ولا يدخل هذا الإطار إلا بعد أن يذكر المتنبي أو أحدُ أنصاره في المجلس ،أبياتاً حسنة تشفع له حيال ما قصر فيه من معان بزعم الحاتمي[19]  ولقد كان الحاتمي يسهب ويفصِّل في تلك القضايا النقدية الخارجة عن إطار السرق ؛ أما عندما يعود إلى هذا الإطار، فإنه غالباً ما يكتفي بالإشارة إلى البيت المسروق منه، وإن هو علَّق اعتمد الإيجاز، ولا يختلف العميدي عن صاحبيه في هذا الانحراف؛ فهو يوازن بين الشُّعراء، ويشير إلى أخطاء لغوية وعروضية، وغير ذلك ممَّا يدخل في نقد المعاني[20] ؛ ومثال ذلك التفاته إلى الموازنة، متجنِّباً الخوضَ في السرق في هذا المثال : قال المتنبّي يهجو كافوراً :

جازَ الأُلى ملكَتْ كفَّاكَ قَدْرَهُـمُ          فـعـُرِّفــُـوا بــكَ أنَّ الكــــلــبَ فوقَهُمُ

فـإنـَّـهُ حـجَّــــةٌ يــُؤذي القــلوبَ بـها          مَنْ دينُهُ الدَّهرُ والتَّعطيلُ والقِدَمُ

 يعلِّق العميدي قائلاً : هذا البيت عليه أثرُ العيِّ ؛ لأنَّ الدَّهرَ والتعطيل والقدم إلحادٌ كلُّه ، وأحسن من هذا قول ابن الرومي:

لاقـُـدِّســَـتْ نــُــــــــعْمَى تــسَرْبـَلْـتـُهـا         كـــمْ حـــجـَّــةٍ فــــيــهـا لــزِنـْديــــقِ

صـــبـْـراً أبــا الــصَّــقر فكم طـائــرٍ         خـَـرَّ صــريــعــاً بـــعــدَ تــحليـــــــقِ[21]

 نرى هنا كيف يُقصِرُ العميدي الأمرَ على الموازنة بين شاهدين في معنى واحد، ولكنَّ الموازنة بين الأبيات شيء، ومعالجة السرق شيء آخر، حتى إنه في هذه الموازنة كان بعيداً عن الموضوعية؛ لأنَّه اقتصر على تسقُّط العيب في شاهد المتنبي ،ولم يبيِّن أوْجُهَ الإجادةِ في قول ابن الرومي. إنَّ هؤلاء الخصوم عندما كانوا يدخلون إطار الإشارة إلى السرق ،فإنهم كثيراً ما كانوا يصمتون عن التعليق والنقد، وهذا الصَّمتُ كان أكثر بروزاً لدى العميدي ؛ وإنْ هم علَّقُوا فإنهم لا يأتون بشيءٍ يخصُّ قضيّةَ السَّرق، وإنمَّا هي تعليقاتٌ حول قضايا نقدية أخرى ؛ مثل: تكرير اللفظ ،أو استخدام الألفاظ الغريبة والأعجمية، أو ركوب المبالغة أو اعتماد الاستعارات القبيحة، أو عدم الإصابة في التشبيه، أو الأخطاء النحوية أو اللغوية، إلى غير ذلك من الأمور الأخرى التي نجدها بسهولةٍ في ثنايا نقدهم التطبيقي وما يلفت الانتباه في تعليقاتهم، هو هذا الكمُّ الكبير من عبارات السخرية القائمة على التهكُّم والتَّشهير بالشاعر؛ إنَّ هذه العبارات هي عنوان عريض للتحامل، والبعد عن النقد العلمي السليم، ومن هذا الكمِّ الكبير الذي بلغ ذروتَه عند الصاحب ثمَّ الحَاتَمي ثم العميدي والنَّامي، يمكن أن نذكر بعض الأمثلة :((وهذا التَّحاذقُ منه كتغزُّل الشّيوخ قبحاً، ودلال العجائز سماجةً، ولكنْ بقي ولكن بقي أنْ يوجد مَنْ يسمع))[22] ،((وإنَّكَ تشفع إحسانَكَ بأبياتٍ سخيفةٍ لفظاً ومعنىً، وبالأبيات التي تَغِيرُ على معانيها وبعض ألفاظها إغارةَ الذِّئابِ المعْطِ على سَرْحِ النَّقَد))[23]

ثـالــثــاً: مــقــايــيـــسُ الــسَّــرقِ بــيــنَ الــنَّــظَــر والــتَّــطْــبــيــــق:                                                                                

 كان الخصوم مدركين مقاييسَ السَّرق المحمود والمذموم التي شاعت في عصرهم ،إلّا أنّهم في النقد التّطبيقي فرَّطُوا  بهذه المقاييس، ولم يستثمروها في تعليقاتهم على المسروق والمسروق منه، وذلك من حيث تحديد المصطلح الذي قامت عليه السّرقة : (نظر، ملاحظة ، اختلاس ، إلمام ، سرق ، سلب ، إغارة) ، ومن حيث تبيان الإضافات والإضاءات  التي اهتدى إليها الشاعرُ المتأخِّرُ، أو التّقصيرات التي وقع فيها فلم يُحْسنِ الاتباعَ ، وبشكل عام لم يكن الخصوم مَعْنيِّين   بإظهار اختلافِ طرقِ الأداءِ، وصورِ الصّياغة للمعنى الواحد بين شاعرين أو أكثر، لأنّهم كانوا منشغلين بما يحقِّقُ لهم إدانةَ المتنبّي، ويرضي السّلْطةَ الحاكمة، فكان أسهل الطرق إلى ذلك، هو تَتبُّع مواضع التّشابه لفظاً أو معنىً في شعر المتنبّي مع غيره   من الشّعراء ، كما كانوا منشغلين بتَتبُّع قضايا أخرى خارج موضوع السرق، مُحَكِّمين في ذلك كلِّه مبادئَ عمودِ الشِّعر، متجاهلين أنَّ الطّريقة التي انتحاها المتنبي في شعره ،هي طريقةٌ فريدةٌ لا يمكنُ التعاملُ معها دائماً من خلال القواعد المألوفة ؛ فالمتنبي كما  هو أبو تمام، قد حرَّر عناصر عمود الشعر وتعامل معها بطريقة مرنة، تبُعدُهَا عن الثَّبات والجمود والقوالب الجاهزة ،حتى  تتناسبَ مع مقصديَّتهِ في أداء الأفكار وتوصيل المشاعر. لقد كان الخصومُ يدركون أنَّ طريقةَ المتنبي جديدةٌ؛ فالحاتمي يقول: ((فَضَلَّ عن الجواب واستبْهَمَ عليه إقليْدُ هذا الباب، وسمع مالمْ تجْرِ عادتُه باستماعِ مثلِه؛ لأنَّ الوادي الَّذي يسلكُهُ في شعره مباينٌ له))[24] ،ولذا فقد كان الأجدر بالخصوم ،أن ينطلقوا في أحكامهم النقدية من شعر المتنبي ومن الجديد فيه، ليتوصَّلوا بعد ذلك إلى الخصائص العامَّة التي تميِّز شعرَ هذا الرجل، أمَّا أن يتشبَّثُوا بالمبادئ النقدية المستخلصة من شعر السابقين، ويعضُّوا عليها بالنَّواجذِ، ليُحكِّمُوها في شعر شاعر لم يأْبَهْ أصلاً بتلك الثَّوابت، فإنَّ هذا السلوكَ النقديَّ منهم،   يَشِي بالتَّحامل ، ويظلمُ التجربةَ الشعوريَّةَ لدى المتنبي الَّتي أمْلَتْ عليه تجاوزاتِه للموروث.

وممَّا يؤكِّد حضورَ مقاييسِ السرق في مفهوماتهم النقدية، قولُ العميدي مثلا :(( وهل للَّذين يتديَّنون بنُصْرتهِ بصائرُ بحُسْنِ المأْخَذِ ولطف المتناول ،وجَوْدة السرقة ووجوه النَّقل وإخفاء طرق السلب، وتَغْميض مواضع  القلب وتغيير الصيغة والترتيب، وإبدال البعيد بالقريب وإتعاب الخاطر في التثقيف والتهذيب)) [25].

فالعميدي لا ينفي فكرة الأخذ وتداول المعاني بين الشعراء، وهو يبرز في قوله السابق أساليب الاتباع وهي: لطف التناول،  النقل، السلب الخفي، القلب مع تغميض ذلك النقل من صيغة إلى صيغة أخرى، تغيير الترتيب(أي التقديم والتأخير)،الإبدال،  وإضافةً إلى ذلك كلِّه فهو يؤيِّد فكرة أنَّ الشعرَ صناعةٌ قائمةٌ على التثقيف والتهذيب، وإتعاب الخاطر والمعاناة.

إنَّ تلك الجوانب كلَّها تشفع للشاعر الآخذ من غيره، وتكسبه الفضلَ، أمَّا وجوه السرقة المذمومة فهو لم يعرض لها، لكنْ يُسْتَشَفُّ من بعض تعليقاته أنَّ المذموم هو ما كان نسخاً وتعمداً؛ فهو يقول معلقاً على سرقات المتنبي :((مثلُ هذا بيتٌ يسمِّيه أصحابُه التَّوارد، ويسمِّيه خصمُهم النَّسخ والتعمُّد، وأنا أعرف أنَّه تعبَ في نظم هذا البيت، فله فضيلة التّعب)) [26].

لكنَّ العميدي في عرْضِهِ لسرقات المتنبي، لم يطبِّق شيئاً من مفاهيمه السَّابقة لمقاييس السرق؛ فعندما يقول المتنبي :

أفـــاضــــلُ الــنــَّـاسِ أغـــراضٌ لـــذا الــــزَّمـــــــنِ           يـــخــلــو مــِــنَ الـــهـَــمِّ أخــــلاهــُـــمْ مــــن الـــفِــــطـــَـــــنِ

يستحضر العميدي نظيراً له في المعنى من الموروث الشعري، وهو قول البحتري:

أرى الـحــلمَ بــؤْســــى في المــعـيشــةِ للــفـتى         ومــا العـــيــشُ إلَّا مــاحـــبــاكَ بـــه الــجــَـــــهــلُ [27].

 ومع وجود اشتراكٍ في المعنى بين الشَّاعرين؛ إلا أن العميدي لم يلتفتْ إلى الاختلاف الواضح بين الصياغتين؛ لقد استلهم المتنبي معناه من البحتري وراح يسبكه سبكاً آخرَ، محوِّراً في البنية اللُّغوية ليعرض علينا المعنى في قالبٍ جديدٍ مختلفٍ، وكان لتصريع البيت ميزةٌ لا تخفى في إغناء الإيقاع الموسيقيِّ الثابت، المتمثِّل في الوزن العروضيِّ وحرف الروي .

  وأما الحاتمي فقد كان الأبرز في توضيح مفهومه للسرق المحمود والمذموم، وعنه أخذ كثيرٌ من النُّقاد؛ إذْ أفردَ باباً مطوَّلاً لقضية السرقات في كتابه:(حلية المحاضرة) ، وعدَّ نفسَه أوَّلَ مَنْ فرَّق بين أنواع السرق وأصنافه فروقاً لم يُسْبقْ إليها [28].

إنَّ الجانب المهمَّ الذي أكَّده الحاتمي ؛هو أنَّ المحتذي أو المتبَّع، إذا تناول المعنى فكشف قناعه وأصفى شربَه وأحسَنَ العبارةَ عنه ،واختار الوزنَ الرشيقَ له ،كان أحقَّ به، ولاسيَّما إذا أخفى مسراه، وإذا نقله عن مذهبٍ ذهبَهُ شاعرٌ إلى آخرَ، و عكَسَهُ  إن كان تشبيهاً، أو تتميمه إن كان ناقصاً، فإنَّ الفضل له ويقع الحكم للشاعر بالبلاغ والإبانة، مع أنَّ الفضل الأوَّل يكون للشاعر الذي سبق إلى المعاني وافترعَ عذْرَ الألفاظ [29].                                                                                                       أمَّا فيما يخصُّ السَّرقَ المذمومَ في مفهوم الحاتمي، فقد عبَّر عن نفوره من الشاعر الَّذي يكون جمهورُ شعرِه عند التصفُّح، مُسْترقاً مُلْصقاً ومجموعاً مُلَفَّقاً، ويكون من السرق المذموم إذا اجتلب الشاعرُ المعنى، ثمَّ قصَّر عن استيفائه وأساء العبارةَ  عنه وكان دونَ  الأوَّل[30].

 لقد كان الحاتمي مدركاً مقاييسَ السرق بشكلٍ واضحٍ، إلَّا أنَّه لم يسْتَعِنْ إلَّا بمفهومه للسرق المذموم في أثناء معالجته سرقات المتنبي؛ فالمتنبي سرق ولم يحسن في سرقه، ومجموع شعره مسروق؛ وعندما يقول المتنبي:

شــــرفٌ يـــنـــطــحُ الــــنـّـــجــومَ بــِــرَوْقــــَيــْـــ           ـــــــــهِ وعــــــــــزٌّ يــــُـــقـَــلـْـــــقـِـــل ُالأجْـــــــــــــبـــــَـــالا

  يتَّهمهُ الحاتمي بأنه أخذ معناه من أبي تمام وأفسده، وبيت أبي تمام هو:

هــــــمـَّــــــةٌ تـــــنــــطـــحُ الـــنـّـجــومَ وجــــدٌّ            آلــــفٌ لــلـــحضـــيـــضِ فـــــهـــو حــــضــــيــــضُ

وعندما يسأله المتنبي عن علَّة الفساد، يجيبه الحاتمي بأنَّ الفساد كامنٌ في جعله لشرف الرجل قرنين ،وذلك لأنه قال: بِرَوْقَيْهِ، والروقان القرنان، فيقول المتنبي: إنها استعارة، فيردُّ الحاتمي : وإن كانت استعارة ولكنَّها استعارةٌ خبيثةٌ وفيها معاظلةٌ[31].

وبذلك فقد اتهم الحاتميُّ المتنبيَ بالسرقة أولاً، وبسوء الاتِّباع وإفساد المعنى المسروق ثانياً، متمسِّكاً بمبادئ عمود الشعر، ومقاييس النقد العربي في مفهومه لقضية الاستعارة، أمَّا مقاييس السرق المحمود، فإنَّ الحاتمي يوظِّفها في شعر الفحول الَّذين سرق منهم المتنبي بزعمه، وبخاصَّةٍ في شعر أبي تمام حيث يقول: ((لئِن كان أبو تمام ناظراً إلى هذه المواضع، فلقد تناول أخلاقَ أعْـبـيَـةٍ فأعادها حللاً ،يرفُّ وشيُها كما ترفُّ خدودُ الرياضِ غبَّ الحيا، وهذا كان مذهبه في جميع ما يلاحظه ويشير إليه من المعاني))[32] ونحن لا نستطع تعرُّفَ موقفِ الصَّاحب ابن عباد من قضية السرق بشكل واضح في رسالته؛ فهي لا تُتْحفُنا بذلك لأنه كان أميل إلى أن يعرض علينا ذوقه واستجابته الأدبية ، من أن يعتمد منطلقاتٍ نظريةً محددَّةً في نقد الشعر، وميله  إلى الاتِّكاء على الذوق واضحٌ من خلال إعجابه بآراء ابن العميد والجاحظ، وهما من الأدباء المتذوِّقين؛ فهذه الرسالة عبارة عن ((مجموعة انطباعات لا يربط بينها رابطٌ فكريٌّ، بل شخصيَّة الكاتب وما تنتقيه لتعلن استهجانها له)) [33]

لكنَّنا على الرغم من ذلك، فإننا نستطيع أن نستشفَّ من بعض تعليقاته أنه كان مدركاً طبيعةَ السرق المحمود والمذموم؛ فقد   ورد له قوله عن المتنبي : ((ثم يُخْرج ما يسرقه في أقبح معرض ،كخريدةٍ أُلْبِسَتْ عباءةً وعروسٍ جُلِّيَتْ في مَسُوحٍ)) ،فالسرقة تكون ذميمةً إذا أخذ الشاعر المعنى القديم وكساه ألفاظاً لا تليق به ، لكنْ لو تأمَّلنا فيما نسبَه من سرقٍ إلى المتنبي،  لرأينا أنه لم يكن مصيباً؛ إذْ رأى السرقة حيث لا سرقة ؛ فهو يقول: ((ومن تعقيده الذي لا يُشَقُّ غبارُه ولا تدركُ آثارُه قوله:

ولَلــتـَّـركُ لـلإحــســانِ خـــــيـــــرٌ لـمُـحْـسـنٍ        إذا جــــعــــل الإحــســانَ غـــيــرَ ربـــيــــبِ

وما أشكُّ أنَّ هذا البيتَ أوقَعُ عندَ حمَلةِ عرشِه من قول حبيب:

فقلتُ للحادثاتِ استنبطي نَفَقاً         فقد أزلَّكِ إحسانُ ابنِ حسَّانِ)) [34]

ونحن لو دقَّقنا النّظرَ في كلِّ بيتٍ على حدةٍ، لرأينا المفارقةَ بينهما؛ فالمتنبي يقصد إلى القول: إنَّ عمل المعروف وتقديم الخير  يبقى ناقصاً إذا لم يكن نامياً مستمراً، وبهذا فإن ترك عمل الخير أفضل من الإتيان به إذا كان سيتوقف يوماً ما، أمَّا أبو تمام  فهو يقصد إلى القول : سألت مصائب الزمن أن تتوارى وتغور عن الأنظار ، لأنَّ الممدوح (ابن حسان) بعطاءاته الغزيرة  استطاع التغلُّب على تلك المصائب ، وكسر شوكتها ، فكانت مهزومةً أمامَه، وبهذا فإن خصوم المتنبي لم يكونوا مدفوعين في نقدهم بدوافع نقية قائمة على نيَّة الإنصاف وإغناء خزانة النقد العربي، بل  كانوا مدفوعين برغبات جامحة لتحطيم المتنبي شاعراً وإنساناً، فتمسَّكوا -لتحقيق مهامهم- بفكرة أن الشعر صناعة  وقواعد تقليدية لا يجوز لمحْدَثٍ أن يتجاوزها ، مع إدراكهم مسبقاً أنَّ المتنبي ذو مذهبٍ في الشعر والفن ، مخالفٍ في كثير من مواضعه للمألوف في السنَّة الثقافية والشعرية.

من ناحية أخرى فقد اهتدوا إلى وسيلة أعانتهم كثيراً في توسيع إطار السرق الشعري لدى المتنبي ؛ نقصد بذلك سعيهم الدائم إلى انتزاع الشاهد الشعري من سياقه العام ، أو تجزئة هذا الشاهد إلى تراكيبَ وجملٍ تُسَهِّل عليهم استحضارَ الأشباهِ لها من الموروث الشعري ، وقد استدلَّينا على إسرافهم في تمثُّل القواعد النقدية الراسخة في الذهنية العربية ، ومن ثم سعيهم لتطبيقها  حرفيَّاً على شعر المتنبي، وذلك من خلال قضيَّتين نقديَّتين في هذا الشعر المسروق – في زعمهم –  هما : التكرار والتشبيه.

فلنرَ كيف تناولوا هذين الجانبين ، ولنستشفَّ من خلال ذلك بعض خصائص لغة المتنبي والبناء الفنّي لنصوصه.

1- الــــتّــكــرار:

وهو قضيةٌ شُغِلَ بها النقد العربي القديم؛ والتكرار قد يكون في الحروف وقد يكون في الألفاظ وهو في أكثره غير مُسْتَحَبٍّ، ودليل واضح على العجز، وقد ذمَّه كثيرٌ من النقاد وعدُّوه من عيوب الألفاظ التي لا تلبث أن تؤثّر على مستوى أداء المعاني ؛ فصاحب (سر الفصاحة) يوجِّه الشاعرَ إلى أن تكون حروف كلماته متباعدة المخارج ؛((وبيانه أن يتجنب الناظم تكرر الحروف المتقاربة في تأليف الكلام ،كما أمرناه بتجنب ذلك في اللفظة الواحد، بل هذا في التأليف أقبح)) [35]،وبهذا الاتجاه تمسَّك الخصوم ؛ وراحوا يتعقَّبون أبيات المتنبي القائمة على  التكرار، سواء في الحرف أم في الألفاظ ؛ فقد أعابوا عليه أبياتاً من مثل:

فقُلْقِلْتُ بالهمِّ الّذي قَلقلَ الحَشا         قلاقلُ عيسى كلُّهنَّ قلاقل [36]

وأعاب عليه الصاحب أكثرَ من بيت فيه تكرار ؛ فهو يقول : ((وممَّا لم أقدِّرْه يلجُ سمعاً، أو يَردُ أذُناً قوله:

جـــوابُ مـُــسائــلـي ألـَهُ نــظــيــرٌ             ولا لــكَ فــــي ســــؤالــكَ  لا ألا لا

وقد سمعت بالفأفاء ولم أسمع باللألاء، حتى رأيت هذا المتكلّف المتعسّف الذي لا يقف حيث يعرف))[37]                                 وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعض نظرات ابن العميد التي تسلح بها الصاحب في المقدمة، برزت في نقده التطبيقي كموجهات لحدث القراءة في شعر المتنبي؛ فالصاحب يعجب بما رآه ابن العميد من أن أجلّ ما يحتاج إليه الشعر هو سلامة حروف اللفظ من الثقل ، ويستهجن ابن العميد تكرير أصوات الحروف وبخاصة إذا كانت متقاربة المخارج ،ثمَّ يجعل الصاحب من ذلك قاعدة تخدمه في طعن كثير من أبيات للمتنبي ،حصل فيها تكرار ألفاظ وأصوات حروف [38]، كما أن الحاتمي كان موجِّهاً آخر من موجِّهات حدث القراءة في أكثر القضايا النقدية لدى الصاحب ؛ ومنها قضية التكرار؛ وتفسير ذلك أن الحاتمي ((يكتشف القاعدة فيأتي الصاحب ويطبقها على ظواهر مشابهة في شعر المتنبي)) [39]،وهذه ظاهرة يمكن إدراكها بسهولة من قبل المتأمل في (الموضحة) وفي( الكشف) ؛ فالحاتمي عندما ينتقد التكرار في بيت المتنبي:

ذي المـعــالي فـلـيـعلون مـن تـعالى           هـــكــــــذا هـــكــــــذا وإلَّا فـــلا لا

 ويتهمه بالإغارة على بيت شاعر آخر في هذا المعنى ويقول له: فقولك: (فلا لا) ركيكة جدَّاً ، وأنت تعجب                                              بتكرير هذه  اللفظة [40]، يأتي الصاحب ليستعين بنقدات الحاتمي؛ فيورد البيت نفسه ثم يعمل على زيادة                                              تأكيد عيب التكرار في شعر المتنبي، وذلك باستحضار أبيات أخرى له ورد فيها تكرار، وهكذا كان يفعل في قضايا نقدية أخرى في شعر المتنبي؛ بحيث يوسّع من إطار انتقادات الحاتمي، ويقدم أمثلة منوعة عليها[41] ويمكننا القول في قضية التكرار : قد لايعاب التكرار في مواضع معينة بل يحسن فيها، وربَّما تطلَّبَتْهُ بإلحاح ؛((وللتكرار مواضع يحسن فيها ومواضع يقبح فيها، فأكثر مايقع التكرار في الألفاظ دون المعاني))[42].

لقد كان صاحب (سر الفصاحة) أكثرَ دقَّةً من ابن رشيق عندما بنى القضية كلها على مدى مناسبة التكرار للمعنى الذي     هو فيه، فهو يقول معلِّقاً على بيت لأحدهم فيه تكرار حسن:(( إن المعنى مبنيٌّ عليه ومقصورٌ على إعادة اللفظ بعينه، وهذا حدٌّ يجب أن تراعيه في التكرار ؛ فمتى وجدْتَ المعنى عليه ولايتمُّ إلا به ،لم تحكم بقبحه، وما خالف ذلك قضيتَ عليه بالاطّراح ونسبتَه إلى سوء الصناعة))[43]                                                                                                      وتجدر الإشارة هنا إلى أن صاحب (سر الفصاحة) قد أثنى على بيت للمتنبي فيه تكرار، بينما كان خصومه قد عابوه وهو قوله:

وحمدانُ حمدونٌ وحمدونُ حارثٌ         وحـارثُ لــقمـانٌ ولــقمـانُ راشــــدُ

إذ قال فيه: ((فليس هذا التكرار عندي قبيحا ؛لأن المعنى المقصود لا يتمُّ  إلَّا به))[44]                                                                     ونحن لو عدْنا إلى هذا البيت في سياقه العام بين الأبيات في القصيدة الأم ، لأدركنا صواب القول السابق ؛ يقول المتنبِّي:

فــأنــــتَ حــــــســــامُ اللَّـــــه واللَّـهُ ضــــاربٌ وأنـــــتَ لــواءُ الـــدِّيــــنِ والــلَّه عــاقــــدُ

وأنـتَ أبـو الـهيجا ابنُ حـمـدانَ يـاابــنـَه           تــَـــشــَـابــَهَ مــــولــــود ٌكــريـــــــــــمٌ ووالـــــــدُ

وحــمــدان ُحــمــدونٌ وحــمــدونُ حــارثٌ            وحــارثُ لــقــمــانٌ ولــقــمــانُ راشـــــــــدُ                                                                

أُولـــــئــكَ أنــــيــابُ الــــــــخـِـلافــــــةِ كـــلّــــــها           وســــائــرُ أمــلاكِ الــبــلادِ الــزَّوائـــــــــــــدُ [45]                                                               إنَّ بلوغَ الممدوح هذه المنزلة المرموقة من الشجاعة : (حسام الله) والإيمان:(لواء الله) ،لم يكن جهداً فرديَّاً خالصاً، وإنمَّا هو  ذخرٌ خُلقيٌّ متوارثٌ، وهذا ما قاد المتنبيَ إلى استدعاء شجرة النسب ، متدرِّجاً من الفرع إلى الأصل بشكل جعل من هذه الأبيات ولاسيَّما الثالث منها :(وحمدان حمدون) ، وثيقةً تاريخيَّةً تُذكِّرُنا بأهمِّ خلفاء دولة بني حمدان؛ وقد هدف المتنبي إلى إثبات أنَّ نسب الممدوح هو نسب نقيٌّ غير مدخول، إلّا أنَّ هذا الاستدعاء التاريخي لم يكن تقريرياً بحْتاً ، حيث حرص المتنبي على عرض نسب الممدوح ، بأسلوب جمالي قائم على التدرُّج والتَّتابع من الفرع إلى الأصل. إن أسلوب التدرُّج منع المتنبي من القفزات غير المسوَّغة في الأبيات، وعكس لنا نظامَ فكرِه وتوازنَ عاطفته، بحيث لم يكنِ البيتُ الثَّالثُ مقحماً إقحاماً على الأبيات، بل كان مطلوباً وفي مكانه المناسب ومن ناحية أخرى لا يخفى ما في هذا التكرُّر من إرواءٍ لتعطُّش الأنا العربية إلى كل ذكر جميل، يخصُّ الآباءَ والأجدادَ ويمجِّد سيرتهَم الغابرة ، ولنا أن نأخذ مثالاً آخرَ من شعر المتنبّي فيه تكرار، لنرى خصوصيَّات ذلك وتميُّزَه عن المأخوذ منه ؛ قال المتنبي :

 عــظمْـتَ فــلمَّا  لمْ تـُكَــلَّمْ  مــهـــابـةً              تواضعْتَ وهْوَ العُظْمُ عُظْماً على العُظْمِ

 يعلِّق الصَّاحب قائلا: ((فما أكثرَ عظامَ هذا البيت ، مع أنه من قول الطائيِّ:                                                                     تعاظمْتَ عن ذاك التَّعظُّمِ فيهُمُ      وأوصاكَ نيْلُ القَدرِ ألَّا تَنبَّلا))[46]

نرى أن الصاحب قد أعاب على المتنبي أمرين هما التكرار و السرق، معبِّراً عن ذلك بأسلوبٍ ساخرٍ، لكنَّ المتنبي في بيته السابق يمدح الحسينَ بنَ إسحاق التنوخي، وهو آخر بيت في القصيدة التي بلغت تسعةً وثلاثين بيتاً، حيث بدأ بذكر شمائل الممدوح وذلك من البيت الثالث عشر، حتى نهاية القصيدة التي خُتِمت بالبيت السابق. لقد جعل الممدوحَ قمَّةً في كلِّ شميلةٍ؛ بلغ المرتبة العليا في الفصاحة والشجاعة، ودقَّة الفهم والرحمة وغير ذلك:

لهُ رحمــةٌ تُحْيي العــظامَ وغضْبةٌ          بها فُضْلةٌ للجُرم عن صاحبِ الجرمِ

فدى مَنْ على الغبراءِ أوَّلهمْ أنا          لــهذا الأبــيِّ الــماجـدِ الـجـائـدِ الـقَــرْمِ

وأرهــبَ حـــتَّى لو تــأمَّــلَ درعَــهُ           جرَتْ جـزَعاً من غيرِ نــارٍ ولا فـــحْمِ [47]

وهي صفاتٌ قائمة على المبالغة؛ ونحن بعد ذلك كلِّه لا ننتظر من الشَّاعر أن ينهي قصيدته إنهاءً عاديَّاً؛

لأن حالته الانفعالية الصاعدة المتأجِّجة والمفعمة بالإعجاب الكبير بالممدوح، منذ البيت الثالث عشر حتى البيت الثامن والثلاثين ،كان من الصعب على الشاعر أن يكبح جماحَها في البيت التاسع والثلاثين (الأخير)؛ بل لو فعل ذلك لوقع في تفاوتٍ شديدٍ بين مستويين من العواطف : عاطفة متأجِّجة حارَّة فيما قبل البيت الأخير ، وعاطفة باردة هادئة في البيت الأخير:(عظمت فلما لم تكلم)، لذا كان لابدَّ من أن يُفرِغ َ كلَّ ما تبقَّى من شحنته النفسية في آخر بيت ،مسايرةً لمستوى المبالغة التي بنى عليها الأبيات السابقة، وسعياً منه لترسيخ الأثر الذي يرجوه من خاتمة القصيدة ؛ فكانت وسيلته لذلك كله التكرار، وفي الحقيقة إنَّ أسلوب التكرار   ذو حدَّين؛ فيمكن أن يُقوِّي المعاني إذا تمكَّن الشاعرُ من السيطرة عليه واستخدامه في مكانه،((وإلَّا فليس أيْسَرَ من أنْ يتحوَّل     هذا التكرارُ نفسُه بالشعر، إلى اللَّفظيَّة المبتَذَلة التي يمكن أن يقع فيها أولئك الشعراءُ الذين ينقصهم الحسُّ اللغويُّ، والموهبة والأصالة، والقاعدة الأولية في التكرار؛ أنَّ اللفظ المكرَّر ينبغي أن يكون وثيقَ الارتباط بالمعنى العام)) [48] .

وحسب تقسيمات أحد النقاد المعاصرين للتكرار المحض[49] ، يمكننا أن ننسب أكثر تكرارات المتنبي بما فيها التكرار السابق إلى نوعين معاً متعاونين فيما بينهما :

 آ- التكرار المراد به تقوية النغم

ب – التكرار المراد به تقوية المعاني التفصيلية، ولو نظرنا إلى بيت المتنبي السابق من زاوية السرق، لرأينا أنه وإن كان اقتبس المعنى من أبي تمام ، إلا أنه لم يكن ذائباً في سياقه؛ لقد علِقَ هذا المعنى في فكره نتيجةً لمطالعاته الكثيرة في دواوين الشعراء ، وبات قابعاً في لا شعوره، وعندما صادف الشاعرَ مثيرٌ خارجيٌّ: (رؤية الممدوح والإعجاب بعظمته وتواضعه معاً ) ، تلاقى هذا المثير مع  ما يناسبه من مخزون الذاكرة لدى الشاعر، ثمَّ تمَّ تشكيل صورة هذا المعنى بما تمليه عاطفة الشاعر عليه ، وبما يتلاءم مع سياق الأبيات السابقة واللاحقة في القصيدة الأم.

وعلى الرّغم من اشتراك المتنبي مع أبي تمام في المعنى الأولي وهو معنى متداولٌ مطروقٌ، فإنَّ صورة المعنى لدى المتنبي كانت مختلفةً عمَّا هي عليه لدى أبي تمام؛ فهنا نرى تبايناً في البنية الدلالية بين الشاعرين ؛ من حيث أنَّ الناس المحيطين بممدوح أبي تمام كانوا متكبّرين ومتعجرفين ؛ ولذلك ناقضهم الممدوحُ واتَّخذ سلوكاً معاكساً : الترفُّع عن تعظُّمِهِمْ، بينما كان الناس المحيطون بممدوح المتنبي ، خاضعين له هيَّابين من طلعته الحازمة ورزانته التي زادت عن حدِّها، ممَّا سبَّب لهم امتناعاً عن التَّكلُّم إليه ، فما كان منه إلَّا أن تراخى قليلاً وتواضع لهم ليتواصلوا معه، فيكون المتنبي بهذا قد أغنى معنى العَظَمة  في ممدوحه، وأبرز الجانبَ الإنسانيَّ في شخصه ؛وهو الحرص على التواصل مع الناس، والمتنبي إنما يقصد (( إلى المبالغة وإبراز المعنى في هذا البيت؛ فانظر إلى هذه المراقي من العظَمة؛ كلُّ مَرْقاةٍ ترتفع بالممدوح في أجواز الفضاء)) [50]، وأمرٌ آخرُ نؤكِّدُه في طريقة فهم التّكرار : إنَّ التكرار عند أيِّ شاعرٍ مبدعٍ يمتلك ثقافةً لغويَّةً واسعةً ،  ولديه مخزونٌ موفورٌ من الموروث الشعريِّ المتخمِّر في ذاكرته ، لابدَّ أن يكون لهذا التّكرار لديه ، مخرجٌ ووجهٌ يُقْبَل على أساسه.

والأفضلُ ألَّا يُرْفضَ ويذمَّ لمجرَّد أنَّنا لم نعثرْ على وجهٍ يُقَام عليه ، وبخاصَّةٍ إذا كان البيتُ القائمُ على التكرار ليس مفرداً ؛ وإنَّما هو من صُلب قصيدةٍ ، وعندها لابد أن يكون التكرار فيه مرتبطاً ببقيَّة عناصر القصيدة  في المبنى والمعنى ، أمَّا عندما يُنْتَزعُ البيتُ القائمُ على التّكرار من سياقه العام في جسم القصيدة الأمِّ ، ويُنْظَرُ  إليه منفرداً ، فربمَّا أدَّى إلى ذلك النّفور منه.

2- الصُّــورة الــفــنّيــَّـــة (الــتَّــشـبــيــه):

لقد تناول الخصوم في شعر المتنبي المسروق الصورة الفنيَّة، وكذلك المحسّنات البديعية، ومن المؤكَّد أنَّ أسلوب المتنبي في استخدام هذه الفنون ،هو الجوهر في سيرورة شعره وخلود فنّه وتميّزه عن الشعر المشترك معه في اللفظ والمعنى، ولو تأمَّلنا عمل شراَّح المتنبّي وناقديه خصوماً وأنصاراً، لأدْركنا تأثّرَهم الشَّديد بتلك التَّآليف والمصنَّفات التي وضعها البلاغيّون العرب، وقد كان خصوم الشاعر غالباً ما يتشبَّثون بتلك الأصول التي تواضع عليها العلماء، ليحاكموا شعرَ المتنبي المسروق على أساسها، ويطبّقُوها حرفيّاً دون السماح بأيّ تجاوزٍ للمألوف، أو توجُّه نحوَ الإبداع والخلَق الفنّي القائم على الانعتاق من القوالب المعهودة، ولا يخفى ما في هذا الاتجاه من ضيق ومحافظةٍ لا تثبتُ أمامَ الواقع الشعري المتطور، تبعاً لاختلاف العواطف والخواطر، التي لا تستطع الصّياغات القديمة حملها ونقلها بالخصوصية التي يقصدها المبدعُ؛ ففي التّشبيه مثلاً – وقد كان وسيلةً أساسيّةً في فنّ المتنبّي – كانوا  يعتمدون في فهمه على ما أصَّل له علماءُ البيان؛ من مثل أنَّ التشبيه إنمَّا يقع بين شيئين بينهما اشتراكٌ في معانٍ تعمُّهُما  ويوصفان بها، وافتراقٌ في أشياء ينفردُ كلُّ واحدٍ منهما عن صاحبه بصفتها، وأحسنُ التّشبيه ما وقع بين الشيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما فيها ،حتّى يدني بهما إلى حال الاتحّاد[51]، ولم يخرج الخصوم في مفاهيمهم حول الكناية  والاستعارة عما أصَّل له الرعيلُ الأوّل من النقاد؛ فجاؤوا بهذه القواعد الثابتة ،وحاكموا شعر المتنبي على أساسها، وهم يدركون مسبقاً أنَّ للمتنبي طريقةً في هذه الفنون قائمةً على التّجاوز والمبالغة المستمرّة ،ولم يقفوا أمام فنِّ المتنبي موقفَ المتأمِّل والمحلِّل والمفسِّر، بل كانوا يوجزون في أحكامهم بطريقة، هي امتدادٌ للذوق الفنيّ في العصرين الجاهلي والإسلامي؛ من مثل: هذه استعارة قبيحة أو خبيثة، أو استعارة مستهجنة أو استعارة مستحسنة، وهذا تشبيهٌ صائبٌ أو فاسدٌ ..إلخ[52]، والجانبُ الأكثرُ خطورةً في نقدهم ، هو هذا العزْلُ للصّورة الفنيّة عن سياقها العامِّ في البيت أو في أبيات القصيدة ، دون أن يتنبَّهوا إلى ارتباطاتها ببقيّة العناصر الفنية في القصيدة الأمّ ،كما كانوا ينظرون إليها على أنها طلاءٌ خارجيٌّ، أو عنصرٌ إضافيّ للزينة، لكنَّ النقدَ المنهجيَّ الأكثرَ صواباً هو((أن تُدْرسَ الصُّورُ على أنها لوحةٌ متكاملةٌ ذات علاقات صميميّة ،وليس على أنها صورٌ مفردةٌ يمكن التعامل معها، دون النظر إليها في سياق اللوحة ، وفي الشعر يكمل التصويرُ والتعبيرُ ركناً ثالثاً هو الموسيقى، والموسيقى تنبثق أساساً من علاقات الألفاظ ، فهي بهذا ذات علاقةٍ عضويّة بالركنين السّابقي)) [53]

ويمكن القولُ: إنَّ هذا العزل والتناول الجزئي للصورة الفنية ،كان وسيلةً قويةً بأيدي الخصوم، لأنَّه سهَّل عليهم إيجادَ الشَّبيهِ والمماثل لهذا العنصر المجتزأ في شعر المتنبي، ومن ثمَّ نعته بالمسروق، موسِّعين بذلك من مجال الاتهام بالسَّرق0لكنَّ تقطيعَ الصورة بهذا الشكل ما هو إلا إهمال لروحها وقيمتها، التي لا تتبيَّن إلَّا بالنَّظر إليها ضمن سياقها ، إنَّ((هذه الطريقة لابدَّ أن نتجاوزها اليوم لنعيد إلى الصورة البلاغية روحَها، التي لا تكون صورة أدبية بغيرها، فإذا فقدَتْها فقدَتْ قيمتَها، وغدَتْ صورةً بلا حياةٍ أو إيحاء))[54]. ويوضِّح ذلك صورةٌ فنيةٌ قائمة على التشبيه من شعر المتنبي: يقول المتنبي مادحاً سيفَ الدولة وواصفاً كتيبةً من كتائبه:

(ومـَــلْمـُــومـــةٌ ســَــيــْـفـــيـَّــةٌ رَبــْـعـــيَّــــة ٌ               يصيحُ الحصى فيها صياحَ اللَّقالقِ )

حيث نعته الحاتَمي بأنه من قبيح التشبيه، ثمَّ اتَّهم المتنبي بأخذه من ابن المعتزِّ في قوله:  (وبلدة ٍصائحةِ الصّخورِ) وقد قال له المتنبي وقتها : أمَا تشبهُ أصواتُ الحصى من تحت حوافر الخيل أصواتَ اللَّقالق؟ فردَّ عليه الحاتمي :

هَبْهُ أشْبهَهُ، فهل هو من محاسن التشبيه ؟ ألا ترى أنهم هجَّنوا قولَ لبيد:  وتركاً كالبصل [55].                                                            لقد ألحقَ الحاتميُّ عـيـبيـن بتشبيه المتنبي هما : الفساد ، السرقة ومردُّ الفساد عنده هو أنه لم يجرِ في تشبيهات الشعراء العرب،  مثل هذا التشبيه، والمستهجَن عنده هو المشبه به: (صياح اللقالق)، ومع أنَّ المتنبي في بيته السابق نقل إلينا صورةً فنية قائمة  على حاسة السمع، وهي صورة واقعية يمكن لكلّ من عرف صوتَ اللقالق أن يتخيَّلها، ومع أنها قائمةٌ على تشبيه مصيبٍ ومحقّقٍ لما فضّله النقادُ القدامى في التشبيه؛ من حيث أن يكون وجهُ الشَّبه قريباً واضحاً بين المشبه والمشبه به، من دون أن   يصل ذلك إلى درجة الاتحاد بينهما ،مع ذلك كلّه فإنّ الحاتمي استهجن هذا التشبيه، مكتفياً بتعليلٍ مُقْتضبٍ، وفي الحق كان في مقدور الحاتمي أن يقبل هذا التشبيه، بناءً على مقاييس التشبيه المعهودة ؛فالمتنبي قد حقّق وجهَ الشبه بين المشبه والمشبه به : بين صوت الحصى وصوت صياح اللقالق ،عندما نقل إلينا هذه الصورة السمعية القائمة على واقع مُشَاهَدٍ ومسموعٍ، لأنّ اللقلقَ طائرٌ كبيرٌ يسكن العمرانَ في أرض العراق، وهو كثيرٌ في قرى العراق ،ولابدَّ أنَّ المتنبي قد تكرَّر سماعُه لصوت اللقالق وهي مجتمعة، نظراً لأسفاره الكثيرة في البوادي، ولابدَّ أن الحاتمي أيضا قد سمع أصواتها ، فلماذا يصف هذا   التشبيه بالفاسد ؟ ومن ناحية أخرى فإنَّ استحضارَ هذه الصورة السمعية (صوت الحصى وصوت اللقالق) ،وجَعْلَ هذا   الصوت صياحاً ، كان منسجماً مع المعنى الذي أراده المتنبي ؛ وتفسير ذلك أنَّه عندما أراد إبراز قوة أفراد الكتيبة وثقل وَقْعِ  أقدامِها على حصى الصحراء ، وأراد أن يصوِّر للمتلقِّي ذلك الصوت الصادر عن ارتطام أقدامهم وحوافر خيولهم بهذه    الحصى ، تصويرا أقرب ما يكون إلى الواقع ، ومفعماً بإحساس الحماس والإعجاب بقوّة جيش سيف الدولة، عندما أراد ذلك كلَّه تداعَتْ إلى خاطره صورةٌ سمعيَّةٌ وثيقةُ الصلة بالبيئة التي يعيش في أحضانها ، وهي صورة (صياح اللقالق) التي    تناسب المعنى المنشود كلَّ المناسبة ، ثم إنَّ هذا التشبيه الذي انتزعه الحاتمي من جسد البيت ومن صلب القصيدة الأم ، كان مرتبطاً بالبيتين السابقين له ؛ يصف فيهما المتنبي أولئك الأعراب الهاربين من كتائب سيف الدولة :

أتــى الظُّــعْــنَ حـتَّـى ماتــطيــرُ رَشَـاشـةٌ         مــن الــخــــيــلِ  إلَّا فــي نــــحــورِ الــعــواتـــــــقِ

بــكــلِّ فــلاةٍ تــنــكرُ الأنــسَ أرضُــــها         ظــعــائـــنُ حـــمــرُ الــحَـلْـي حــمْــرُ الأيـَــانِــــــــــقِ

ومــــلــمــومــــــةٌ ســيــــــفـــــيــةٌ ربـــعــيــــــــــةٌ           يصيحُ الحصا فيها صياح اللقالق[56]

وتفسير ذلك أنَّ هذه الأرض الصحراوية، التي لم تطأها قدمُ إنسان من قبل :(تنكر الأنسَ أرضُها)، سيؤدّي إلقاءُ الكتيبة بثقلها على حصاها التي لم يسبق لها أن وُطِئَتْ، إلى توجُّعٍ فظيعٍ، يبرز في الصوت القوي للحصى؛ ذاك الصوت الذي لا شبيه  له إلا صوت مجموعة من اللقالق تصيح، وهي صورةٌ مبنيَّةٌ على الاستعارة المكنية في قوله:(يصيح الحصى)،وعلى التشبيه في قوله:(يصيح الحصى صياح اللقالق)، ثم إن التشكيل الصوتي في لفظة (اللقالق)، وهذا التماثل البارز بين حرفي اللام والتماثل  بين حرفي القاف، كان موائماً لشعور الخوف والذُّعر والقلق الذي ملأ قلوبَ الأعراب الهاربين من جيش سيف الدولة؛ وبناءً على ذلك : من الملاحظ عند المتنبي ((أنَّ جُلَّ تشبيهاته تأتي في خدمة الصورة الكلية في القصيدة، غير منفصلة عنها ))[57].

ومن جهة السرق فإن الحاتمي يجعل المتنبي آخذاً من ابن المعتزِّ، لأجل هذا التشابه بين (تصيح) في بيت المتنبي و(صائحة) في عبارة ابن المعتز، دون أن يتنبَّه إلى التشكيلات المتنوعة التي أقام عليها المتنبي معناه، وإلى ارتباط البيت بما قبله كما أوضحنا سابقاً، وبالموقف الشعوري العام في القصيدة.

 ولئن كان المتنبي أخذ التشبيه من ابن المعتز، فقد أحسن الأخذ عندما أبرز صياح الحصى؛ بتشبيههِ بصياح اللقالق، ولم يقتصر على القول: (يصيح الحصى) مثل ابن المعتز: (صائحة الصخور)، وقد كان المتنبي حريصاً على انتقاء أصوات الحروف، وخلق التماثل الشديد والتناغم فيما بينها؛ إذْ كرَّر صوت الصاد ثلاث مرات في الشطر الثاني:  (يصيح الحصى صياح)، وجعله متناوباً مع تكرار حرف حلقي هو الحاء في الكلمات السابقة نفسها، وحرف الصاد شديد الإيحاء بصوت الحصى، حتى لكأننا نسمع صوتها الحقيقي في هذه الصادات الثلاث، حيث عملت حروف الحاء المتناوبة معها على إبراز إحساس الخوف في قلوب الهاربين.

رابـعـاً: أهـمُّ الـنَّــتــائــج:

      ممَّا سبق نخلص إلى القول: إنَّ خصومَ المتنبي لم يكونوا مدفوعين في نقدهم بدوافع نقيّة ، قائمة على نيّة الإنصاف   وإغناء خزانة النقد العربي، بل كانوا مدفوعين برغبات جامحة لتحطيم المتنبي شاعراً وإنساناً ، فتمسَّكوا لتحقيق مهامهم    بفكرة أنَّ الشعر صناعةٌ وقواعد تقليدية، لا يجوز لمحْدَثٍ أن يتجاوزها، وهم يدركون مسبقاً أنَّ المتنبي ذو مذهبٍ في الشعر  والفنِّ، مخالفٍ في كثيرٍ من مواضعه للمألوف في السِّنَّة الثقافية والشعرية، كما لجؤوا إلى انتزاع الشّاهد الشعريّ من جسم القصيدة الأمّ في شعر المتنبي، ليَسْهُلَ عليهم استحضارُ المشابهِ له في الموروث الشعري، متجاهلين علاقةَ ذلك العنصر  المعزول، بالعناصر الفنية الأخرى المتعاونة على إكمال اللوحة الشعورية الشعرية للقصيدة الأم – فكان عملهم هذا بعيداً  عن الموضوعية –

ومن جهةٍ أخرى يمكن القول: إنَّ التّشبيه وسائر أنواع الصّورة الفنيّة في شعر المتنبي ، بلغت درجاتٍ من الثَّراء؛ حيث   لا يتناسب معها دائماً أن نقيسها على القوالب القديمة ؛ ((لقد كانت صوراً إيحائيةً ترتبط بالموقف النفسي، وتموج بالحياة والحركة ، وتتدافع ناميةً متطوِّرةً ، لتبعثَ الحياةَ والدِّفءَ في كلِّ ما يتناولُه الشّاعرُ من معنىً ، مُحقِّقَةً بذلك بناءً عضويّاً متفرِّداً وأصيلاً)) [58]

قــائــمــةُ الــمـصــادر والـمــراجـــع:

أولًا: الـدَّواويـن الـشّـعــريَّــة:

– البحتري ، أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي- ديوانه- ط3- تح : حسن كامل الصيرفي – دار المعارف – القاهرة – 1977م.

-أبو تمام ،حبيب بن أوس الطائي- ديوانه بشرح الخطيب التبريزي – ط5- تح : محمد عبده عزام- دار المعارف- القاهرة-1987م

– ابن ربيعة ، لبيد العامري – ديوانه- ط2- تح : إحسان عباس- مطبعة حكومة الكويت – 1984م.                                                    – ابن الرومي- ديوانه- تح : دحسين نصار وآخرون – مطبعة دار الكتب- وزارة الثقافة – مركز تحقيق التراث – 1977م.

-المتنبي، أحمد بن الحسين – ديوانه بشرح عبد الرحمن البرقوقي- ط2- الناشر : دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان-1986م.

– المتنبي، أحمد بن الحسين- ديوانه- ط3- دار صادر- بيروت – 2003م.

ثانـيـاً: كـــتـب الـــتـراث:

– ابن الأثير ، ضياء الدين-المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر- قدَّمه وعلَّق عليه : أحمد الحوفي وبدوي طبانة   دار نهضة مصر للطبع والنشر- الفجالة- القاهرة-1973م .

– البديعي ، يوسف – الصبح المنْـبـِي عن حيثيـّة  المتنبي- مطبعة الاعتدال- عنيت بنشره مكتبة عرفة بدمشق -1350ه

– الحاتمي ، أبو علي محمد بن الحسن – حِلْية المحاضرة في صناعة الشعر-  تح : دجعفر الكتاني – وزارة الثقافة والإعلام-  دار الرشيد للنشر- الجمهورية العراقية – 1979م.

– الحاتمي ، أبو علي محمد بن الحسن- الموضحة في ذكر سرقات أبي الطيب المتنبي وساقط شعره – تح:  دمحمد يوسف نجم  –  دار صادر- بيروت – 1965 م.

 – ابن رشيق القيرواني- العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده – ط1- تح : محمد محيي الدين عبد الحميد- دار الطلائع للنشر والتوزيع- القاهرة-2006م.

 – ابن سنان الخفاجي- سر الفصاحة – ط1- دار الكتب العلمية – بيروت- لبنان- 1982م.                                                – ابن طباطبا العلوي – عيار الشعر- تح : دعبد العزيز بن ناصر المانع –  منشورات اتحاد الكتاب العرب – دمشق- 2005م.

– ابن عباد ، الصاحب- رسالة الكشف عن مساوئ المتنبي- ملحقة بكتاب الإبانة للعميدي.

– العميدي ، أبوسعيد محمد بن أحمد-الإبانة عن سرقات المتنبي- ط2- تح : إبراهيم الدسوقي البساطي- دار المعارف بمصر دت

– أبو الفرج  ، قدامة بن جعفر- نقد الشعر- ط3-تح  : كمال مصطفى- الناشر : مكتبة الخانجي  بالقاهرة- 1978م.

– أبوهلال العسكري- كتاب الصناعتين- الكتابة والشعر- ط1- تح : مفيد قميحة – دار الكتب العلمية – بيروت- لبنان 1981م.

– ابن وكيع ، الحسن بن علي التنيسي- المنصف للسارق والمسروق منه في إظهار سرقات أبي الطيب المتنبي – ط1- تح:    محمد يوسف نجم- دار صادر- بيروت- 1992م.

ثــالــثــاً: الــمــراجــــع الــحــديــــثـــــة:

– إبراهيم ، طه أحمد – تاريخ النقد الأدبي عند العرب من العصر الجاهلي إلى القرن الرابع الهجري – دار الحكمة – بيروت- لبنان- 1937م.

– داود ، أحمد يوسف – لغة الشعر-  وزارة الثقافة – دمشق – 1980م.

– الربداوي ، محمود – الحركة النقدية حول مذهب أبي تمام – تاريخها وتطورها وأثرها في النقد العربي القديم دار الفكر للطباعة والنشر- دت

– ساعي ، أحمد بسام – الصورة بين البلاغة والنقد- ط1- المنارة للطباعة والنشر والتوزيع – 1984م.

 – صبحي ، محيي الدين- شاعرية المتنبي في نقد القرن الرابع للهجرة – منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق- 1983م.

 – الطيب ، عبد الله – المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها – ط2- بيروت – 1970م.

– عباس ، إحسان – تاريخ النقد الأدبي عند العرب من القرن الثاني حتى الثامن الهجري – دار الأمانة ومؤسسة الرسالة- بيروت- 1971م.

– العشماوي ، أيمن محمد زكي- قصيدة المديح عند المتنبي وتطورها الفني – ط1- دار النهضة العربية للطباعة والنشر-  بيروت- 1983م.

– أبو العلاء ، مصطفى- شعر المتنبي – دراسة فنية – ملتزم الطبع والنشر : مكتبة نهضة الشرق – دت                                                                                                                                                                          – عوض ، إبراهيم – لغة المتنبي  (دراسة تحليلية) –  القاهرة- 1987م.

– الملائكة ، نازك- قضايا الشعر المعاصر-  ط5-  دار العلم للملايين –  بيروت – 1978م.

[1] ــ العميدي ، الإبانة عن سرقات المتنبي- ط2- تح: إبراهيم الدسوقي البساطي- دار المعارف بمصر- د0ت – ص23 – وينظر :     الحاتمي – الموضحة في ذكر سرقات أبي الطيب المتنبي وساقط شعره – تح : د0محمد يوسف نجم – دار صادر- بيروت- 1965م – ص196    وينظر: الصاحب ابن عباد- رسالة الكشف عن مساوئ المتنبي- ملحقة بكتاب الإبانة للعميدي – ص242

[2] ــ ابن خلكان- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان- تح:د0إحسان عباس- دار صادر- بيروت- 1978م- 1/125-127-121-    وينظر المتنبي- ديوانه- ط3- دار صادر- بيروت- 2003م- ص172-266-

[3] ــ الحاتمي- الموضحة- ص1-2 7

[4] ــ يوسف البديعي- الصبح المنبي عن حيثية المتنبي- مطبعة الاعتدال- عنيت بنشره مكتبة عرفة بدمشق- 1350ه-ص82

[5] ــ الصاحب ابن عباد – رسالة الكشف عن مساوئ المتنبي- ص242- وينظر الحاتمي في الموضحة- ص2- والعميدي في الإبانة – ص19

[6] ــ  الحاتمي في الموضحة ص154- وينظر ابن عباد- رسالة الكشف- ص263

[7] ــ العميدي ــ الإبانة ــ ص 25 .

[8] ــ الحاتمي في الموضحة- ص3-4

[9] ــ الموضحة- ص130

[10] ــ الموضحة- ص154 وينظر ص151-152                                                                                          

[11]ــ د0محمود الربداوي- الحركة النقدية حول مذهب أبي تمام- تاريخها وتطورها وأثرها في النقد العربي القديم- دار الفكر للطباعة والنشر – د0ت- ص271

[12]ــ  رسالة الكشف- ص250

[13] ــ المصدر السابق- ص250-251

[14] ــ المصدر السابق – ص0251وينظر مثلا:ص254- 257- وينظر بيت المتنبي في ديوانه بشرح عبد الرحمن البرقوقي- ط2- الناشر: دار الكتاب العربي  – بيروت- لبنان- 1986م- 4/46

[15]ــ  رسالة الكشف- ص255- 264- 267

[16] ــ المصدر السابق- ص254-  269

[17] ــ الحاتمي في الموضحة- ص13- وينظر بيت المتنبي في ديوانه بشرح البرقوقي 3/89

[18] ــ الحاتمي في الموضحة- ص14- 15- 16- 17

[19]ــ  ينظر في الموضحة من ص:17حتى ص:23

[20] ــ العميدي- الإبانة- ص38- 140- 50- 51

[21] ـــ المصدر السابق- ص179 وينظر المتنبي- ديوانه بشرح البرقوقي- 4/280ومابعدها- وينظر ابن الرومي- ديوانه- تح:د0حسين نصار وآخرين- مطبعة دار الكتب- وزارة الثقافة- مركز تحقيق التراث- 1977م- 4/1634ومابعدها0

[22] ــ رسالة الكشف- ص 258 وينظر ص255- 267

[23]ــ  الحاتمي- الموضحة- ص21-22 وكذلك ص25-26-35-وينظر: ابن وكيع التنيسي- المنصف للسارق والمسروق منه  في إظهار سرقات أبي   الطيب المتنبي-1/219وما بعدها- والإبانة للعميدي- ص33-63-65-96

[24] ــ الحاتمي – الموضحة- ص73-74

[25] ــ العميدي- الإبانة- ص23

[26] ــــ المصدر السابق- ص 25- 26 وينظر : ص181

[27]ــ الحاتمي- الموضحة – ص151- 154- 156

[28] ــــ  الحاتمي- حلية المحاضرة في صناعة الشعر- تح : د0جعفر الكتاني- وزارة الثقافة والإعلام- دار الرشيد للنشر- الجمهورية العراقية- 1979م- 2/28- 30

[29]ــ المصدر السابق- 2/69ومابعدها- وينظر في الموضحة ص152-156-160-162

[30] ــ المصدر السابق- 2/69ومابعدها- وينظر في الموضحة ص152-156-160-162

[31] ــ المصدر السابق- ص90-91-  وينظر بيت المتنبي في ديوانه بشرح البرقوقي- 3/254- وينظر: أبو تمام- حبيب بن أوس الطائي- ديوانه- بشرح الخطيب التبريزي- ط5 تح : محمد عبده عزام- دار المعارف- القاهرة- 1987م – 2/289

[32] ــ الحاتمي- الموضحة- ص180- 0181وينظر ص164-167-172

[33] ــ محيي الدين صبحي- شاعرية المتنبي في نقد القرن الرابع للهجرة- منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق- 1983م- ص48

[34] ــ الصاحب ابن عباد- رسالة الكشف- ص263 المصدر السابق- ص256- وينظر: المتنبي- ديوانه- بشرح البرقوقي- 1/178- وينظر بيت أبي تمام في ديوانه بشرح الخطيب التبريزي- 3/310

[35] ــــ  ابن سنان الخفاجي- سر الفصاحة- ط1- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- 1982م- ص97- وينظر: قدامة بن جعفر- نقد الشعر- ط3-   تح: كمال مصطفى- الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة- 1978م- ص199-وينظر : ابن الأثير- المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر- قدمه وعلق عليه: أحمد الحوفي وبدوي طبانة- دار نهضة مصر للطبع والنشر- الفجالة- القاهرة- 1973م- 1/310ومابعدها- وأبو هلال العسكري- كتاب الصناعتين  – الكتابة والشعر- ط1- تح : مفيد قميحة- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- 1981م- ص369

[36] ــ ينظر في :المتنبي- ديوانه بشرح البرقوقي- 3/293 وقد أعابه عليه أبو العباس النامي في المنصف: 1/171

[37]ــ  الصاحب ابن عباد- رسالة الكشف- ص260 وينظر ص265- وينظر المتنبي- ديوانه بشرح البرقوقي 3/346

[38]ــ رسالة الكشف- ص246-260-263-265-267

[39] ــ محيي الدين صبحي- شاعرية المتنبي- ص62

[40]ــ الحاتمي- الموضحة- ص90- وينظر المتنبي- ديوانه بشرح البرقوقي- 3/254

[41] ـــ  ينظر في رسالة الكشف- ص260-263-265-267

[42] ــ ابن رشيق القيرواني- العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده- ط1- تح : محمد محيي الدين عبد الحميد-     دار الطلائع للنشر والتوزيع- القاهرة- 2006م-2/64ومابعدها

[43] ــ ابن سنان الخفاجي- سر الفصاحة- ص107

[44] ـــ المصدر السابق- ص102-103- وينظر بيت المتنبي في ديوانه بشرح البرقوقي – 1/400

[45] ـــ  ينظر الأبيات في ديوان المتنبي بشرح البرقوقي :1/400-403

[46] ــــ  رسالة الكشف- ص263-264- وينظر: المتنبي- ديوانه-ص56 وبيت أبي تمام في ديوانه بشرح الخطيب التبريزي – 3/100

[47] ـــ المتنبي- ديوانه بشرح البرقوقي- 4/174ومابعدها

[48] ــ نازك الملائكة- قضايا الشعر المعاصر- ط5- دار العلم للملايين – بيروت- 1978م- ص263-264

[49] ـــ  عبد الله الطيب- المرشد إلى فهم أشعار العرب وصناعتها- ط2- بيروت-1970م- 2/495-559-560- 561 0

[50]ــ  د0إبراهيم عوض- لغة المتنبي (دراسة تحليلية)- القاهرة- 1987م-ص256-257

[51]ــ ينظر في: قدامة بن جعفر-  نقد الشعر- ص109- وابن رشيق- العمدة 1/237-238-240 – وابن طباطبا العلوي- عيار الشعر-                                          تح:د0عبد العزيز بن ناصر المانع- منشورات اتحاد الكتاب العرب- دمشق- 2005م- ص16

[52]ــ ينظر في : الحاتمي- الموضحة- ص69حتى ص73 – وفي : الصاحب ابن عباد- رسالة الكشف – ص253

[53] ــ أحمد يوسف داود- لغة الشعر- وزارة الثقافة – دمشق- 1980م- ص142

[54] ـــ د0أحمد بسام ساعي- الصورة بين البلاغة والنقد- ط1- المنارة للطباعة والنشر والتوزيع- 1984م- ص31

[55] ـــ الحاتمي- الموضحة – ص30-31- وينظر: لبيد بن ربيعة العامري – ديوانه – ط2- تح : إحسان عباس-  مطبعة حكومة الكويت- 1984م- ص191- والبيت كاملاً :  (فَخْمةٌ ذفْراءُ تَرتَى بالعرى       قُرْدُمانيّاً وتركا ًكالبصلْ) – وينظر بيت المتنبي في ديونه بشرح البرقوقي 3/67

[56] ــ المتنبي- ديوانه بشرح البرقوقي – 3/66 ومابعدها0

[57] ــ مصطفى أبو العلاء – شعر المتنبي- دراسة فنية- ملتزم الطبع والنشر : مكتبة نهضة الشرق – د0ت- ص325

[58] ــ أيمن العشماوي- قصيدة المديح عند المتنبي وتطورها الفني – ط1- دار النهضة العربية للطباعة والنشر- بيروت- 1983م- ص187

Continue Reading

Previous: أثر المعنى في توجيه الإعراب The Influence of Meaning in Guiding Parsing
Next: التناص الإيقاعي مع القرآن الكريم في شعر النبهاني ولد المحبوبي “دراسة في المستوى الفني والدلالي”

مقالات في نفس التصنيف

رؤيا الوجود قراءة في قصيدة أيام الصقر لأدونيس
1 min read

رؤيا الوجود قراءة في قصيدة أيام الصقر لأدونيس

2025-07-09
صراع الذات والهوية: تحليل شخصيات رواية «سبايا سنجار» لسليم بركات في ضوء نظرية كارن هورناي
1 min read

صراع الذات والهوية: تحليل شخصيات رواية «سبايا سنجار» لسليم بركات في ضوء نظرية كارن هورناي

2025-07-08
من القضايا الفلسفية واللّغوية عند المهدي بن تومرت: كتاب أعز ما يطلب أنموذجا
2 min read

من القضايا الفلسفية واللّغوية عند المهدي بن تومرت: كتاب أعز ما يطلب أنموذجا

2025-07-07

  • JiL Center on UNSCIN
  • JiL Center Journals
  • JiL Center on Research Gate
  • JiL Center on Youtube
  • JiL Center on Find Glocal
  • Follow us on Facebook

    Visitors

    Today Today 128
    Yesterday Yesterday 1,084
    This Week This Week 3,094
    This Month This Month 8,109
    All Days All Days 20,537,619
     

    تصنيفات

    الأرشيف

    من الأرشيف

    • مؤتمر  حقوق الإنسان في ظل التغيرات العربية الراهنة | أبريل 2013
      مؤتمر حقوق الإنسان في ظل التغيرات العربية الراهنة | أبريل 201317/01/20140admin

      نظم  مركز جيل البحث العلمي بالتعاون  مع كلية القانون بجامعة   بسكرة  وورقلة الجزائر مؤتمرا ...

    • مؤتمر الحق في بيئة سليمة | ديسمبر 2013
      مؤتمر الحق في بيئة سليمة | ديسمبر 201322/01/20140admin

      ...

    • مؤتمر العولمة ومناهج البحث العلمي | أبريل 2014
      مؤتمر العولمة ومناهج البحث العلمي | أبريل 201403/05/20140admin

      تحت رعاية وزارة العدل اللبنانية وبحضور ممثلين عن مديرية قوى الأمن الداخلي اللبناني وسماحة مفتي ...

    JiL Scientific Research Center @ Algiers / Dealing Center Of Gué de Constantine, Bloc 16 | Copyright © All rights reserved | MoreNews by AF themes.

    Cancel