
الإنتاج الإسقاطي النسقي للمراهق الجانح المتواجد في مركز إعادة التربية -دراسة عيادية –
The quality of the systemic projective production of the delinquent teenager, in the reeducation center – clinical study
د. أيت مولود يسمينة – د. إكردوشن بعلي زاهية /جامعة قاصدي مرباح ورقلة، الجزائر
DR.AIT MOULOUD YASMINAs IKARDOUCHENE BALI ZAHIA/University of Ouargla
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 66 الصفحة 61.
ملخص:
انطلقت هذه الدراسة من النتيجة التي توصلنا اليها فيما يخص نوعية الإنتاج الإسقاطي للمراهق الجانح من خلال تقنية الرورشاخ، ولقد أسفرت النتائج عن وجود هشاشة نفسية معتبرة كلما كانت الجنحة المرتكبة خطيرة. وعليه نود من خلال هذه المبادرة فحص ما إذا كانت الإشكاليات النفسية التي يطرحا الجانح تعكس أيضا ديناميكية أسرية خاصة، وهذا من خلال فحص إدراك المراهق الجانح لها باستعمال اختبار الإدراك الأسري FAT ، وبعد فرز النتائج تم الوصول إلى أن الحالات تعاني من ديناميكية أسرية سيئة التوظيف وهذا على مستوى الصراع الظاهر وكيفية حله، ضبط الحدود والنهايات، نوعية العلاقات، المعاملات السيئة، وقد بدا كل ذلك في تكرار بعض الأحداث التي ظهرت في الدائرة غير الوظيفية.
الكلمات المفتاحية: المراهق الجانح، الديناميكية الأسرية.
Abstract:
This study was based on our conclusion regarding the quality of projective production for a delinquent teenager through the Rorschach technique, and the results have resulted in a perceived psychological vulnerability whenever the misdemeanor committed is serious. Therefore, we would like, through this initiative, to examine whether the psychological problems posing delinquent also reflect a special family dynamic, and this is by examining the delinquent teenager’s perception of her using the FAT family awareness test, and after sorting the results it was concluded that the cases suffer from poorly employed family dynamics and this On the level of the apparent conflict and how it is resolved, setting limits and ends, the type of relationships, bad transactions, and all of this appeared in the repetition of some of the events that appeared in the non-functional circle.
Keywords: delinquent teenager, family dynamics.
تمهيد:يعيش الفرد منذ بداية حياته الأولى في عدد من السياقات الاجتماعية المختلفة، تبدأ أولا بالأسرة، ثم المدرسة والرفاق وغيرها. لكن يظل السياق الأسري من بين هذه السياقات، البالغة التفرد والخصوصية؛ فهي الجماعة الأولية التي تنمو في أحضانها شخصية الفرد في سنوات حياته المبكرة والحاسمة، ذلك أن معايشة الطفل لأفراد أسرته يدفعه إلى إدماج سلوكياتهم لتصبح فيما بعد موجها قاعديا لأفكاره وتوجهاته واستراتيجياته وسلوكياته، ويكون هذا الإدماج من خلال التفاعل والتواصل التي تجمع أعضاء الأسرة ككل.
1- الإشكالية والفرضيات
وباعتبار المراهقة فترة إنمائية حساسة، فيها “يعاد إحياء الصراعات الإنمائية المشحونة بالنزوات العدوانية والجنسية بهدف إدماجها من جديد، و ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تعديل بنية الأنا، فإن الماضي الذي قد يكون صعبا والذي يترجم في بعض الصدمات النفسية الناتجة عن سوء العلاقات بين أفراد البيئة الأسرية التي فيها يترعرع المراهق، خاصة وإن لم توفر له في الحاضر أجواء القيام بالإصلاحات الممكنة لما تم تشويهه في الماضي، فإن البناء النفسي لهذا الأخير سيبدو جد هش يظهر إسقاطيا على شكل إشكاليات”[1] تترجم في سلوكيات غير قانونية قد تصل به إلى المرور إلى الفعل العنيف، ومنه الإقامة في مؤسسة إعادة التربية للجانحين، بهدف إعادة تأهيله وإدماجه في المجتمع من جديد. ذلك أن الجنوح كما يراه روبنسون S.Robson سلوك يعارض مصلحة الجماعة في زمان ومكان معينين بصرف النظر عن تقديم الفاعل للمحاكمة”[2] .
هذا ما أشارت إليه عدة دراسات أمثال روتر فرانقتن (Rotter، Faringhton,1978) بـأن “الجنوح يتحدد بالخبرات المحيطة المؤلمة التي يتعرض لها الطفل في حياته وبالأخص الوسط الأسري المتسم بالمعاملة العقابية القاسية، ونقص العاطفة، وعدم الانسجام بين الوالدين، والتصدع الأسري”، وتضيف دراسات كل من “ما كورد وما كورد Mc cord &Mc cord1964، جونسونJenson 1972، وفيشر Fischer1973 ” أن نقص الحب والتعاطف ونبذ الآباء للطفل نبذا قاسيا، وعدم ثبات طرق التأديب تشكل الأسباب الأولية للسلوك الجانح[3] ،كونها يتم إدماجها بشكل سلبي وحيوي، أي أنها تبقى مكبوتة في اللاشعور وهي في ديناميكية مستمرة محافظة على انفعالاتها السلبية الأولى.
وعليه، فرغم علم الجانح بخطر سلوكاته، ورغم إدراكه لشدّة العقوبة التي تكون جزاء كل فعل مضاد للقانون إلاّ انه يكرّره، ذلك لأن الجنوح كما يقول بيرت C.Burt عبارة عن “إفراط في التعبير عن قوة الغرائز وشدة انفعالها”[4]. أي أنه سلوك يعكس دينامية نفسية انحرفت عن مسار نموها الطبيعي، وهي تنمو في أحضان ديناميكية أسرية تشبها العلاقات السلبية، الأمر الذي يجعل من الجانح أقل استثمارا ونجاعة وتكيفا مع العالم الخارجي ، فــكما يراه M. Dupont (2015) أنه “يبني عالم داخلي هامشي، حيث انشطار الأنا وسيطرة النسيان والتفكير الذي يكون معرض للكف؛ وهي استجابة مكلفة من حيث الاقتصاد النفسي. ذلك أن التجارب الصادمة تكون لا تزال موجودة في الحاضر ولكنها غير مرصنة[5]، وهنا يكمن خطر تكرار تجربة الضحية أو المرور إلى الفعل العنيف والسادية لاحقا. لكن يمكن كذلك أن يغيب هذا التصور فيصبح الفعل بديلا للإرصان العقلي وفي هذه الحالة قد يتوجه التفريغ إلى المحيط الخارجي”[6] .
وعليه، نود من خلال عملنا هذا فهم الصيرورة النفسية العنيفة عند المراهقين الجانحين في ظل تناولين: التحليلي النفسي والدينامكية الأسرية التي يعيش فيها هذا الأخير لتوضيحها بناء على الطرح النسقي (systemic) للأسرة الذي أعطى اهتماما كبيرا لصيغة التواصل داخل الأسرة والذي جعل منه السبب المؤدي إلى اضطراب أعضائها، مما يسمح لنا بفهم أكثر لهذه الشريحة من المجتمع لتفادي المصير الحتمي الذي يتمثل في الانحراف والعيش كضحية طيلة بقية حياتهم .
لذلك فقد حاولنا في دراستنا هذه استكمال العمل الميداني الذي تم القيام به من طرف الباحثة بعلي زاهية وجماعتها والذي كان الهدف منه إظهار تعبير المراهقين الجانحين عن إشكاليات الماضي الصراعية من خلال الإنتاج الإسقاطي الذي من شأنه أن يجلي هذه الإشكاليات بمختلف مستوياتها، لنطرح التساؤل حول الدينامكية الأسرية كما يدركها هؤلاء المراهقين كلما كان الفعل المرتكب عنيفا:- كيف سيظهر التوظيف النفسي عند المراهقين الجانحين والمتمثل في:– كيف يدرك المراهق الجانح دينامكية أسرته؟ وكإجابة للتساؤل العام وضعنا فرضيات جزئية مفادها:
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه متصارعا؟
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف الحلول؟
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف النهايات؟
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف العلاقات؟
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف الحدود؟
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته في الدائرة غير الوظيفية؟
- هل المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من المعاملات السيئة؟
2- الفرضيات
الفرضية العامة: يدرك المراهق الجانح نسق أسرته على أنه مضطرب.
وتتفرع منها فرضيات جزئية على النحو الآتي:
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته أنه متصارعا.
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف الحلول.
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف النهايات.
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف العلاقات.
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف الحدود.
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته في الدائرة غير الوظيفية.
- يدرك المراهق الجانح نسق أسرته أنه يعاني من المعاملات السيئة.
3- أهمية الدراسة:
إن التناول النفسي لظاهرة الجنوح يأخذ بعين الاعتبار الخبرات التي تدخل في تركيب شخصية المراهق، والتي من شأنها أن تجعل منه أكثر عرضة لارتكاب السلوك المنحرف في ظروف بيئية وأسرية معينة. وهذا ما يدخل في إطار النظرية النسقية. تتمثّل ميزة الدراسة الحالية، كونها تأخذ الفرد في بعده الذاتي الداخلي، وبالأخص كل ما يهم إدراكه لما يحيط به من مثيرات، تلك المثيرات التي منها نستقي خبراته وتصوراته وأحكامه الأولى عبر مراحل نموه المضطرب.
خلال هذه الالتفاتة البحثية نستنتج أهمية التكفل بالأسرة بهدف فك الدينامكية الأسرية المريضة مع التدخل النفسي للتكفل بالمراهق الجانح بهدف تحسين نوعية التوظيف النفسي لديه.
4- الهدف من الدراسة:
نهدف في هذا البحث إلى إظهار أهمية الدينامكية الأسرية المريضة في ظهور جنوح الأحداث، مع الإشارة إلى تعقد الظاهرة وتشبكها مع ما يدمجه المراهق خلال صيرورة نضجه النفسي والجنسي.
5- تعريف الجنوح:
ظهرت عدّة تعريفات حاولت الإحاطة بالمفهوم بهدف ضبط معالمه وتحديد أبعاده وآثاره ومن هذه التعريفات نذكر:
-تعريف سبالد (1968):
“هو ذلك الصبي الذي يصدر عنه سلوك يوقعه تحت طائلة القانون، و يلفت نظر السلطات القائمة على تنفيذه، بسبب أن هذا السلوك يضر بالصبي نفسه أو بأفراد آخرين أو بصالح المجتمع ككل”[7] .
– تعريف ناصر ميزاب) 2007(:
الجنوح عبارة عن تصرفات سلوكية مضطربة نوعيا، ناتجة عن إدراك وتفسير تفاعل المراهق مع البيئة المحيطة به، وبالأخص منها دينامكية معاملات الوالدين القاعدية. لذلك يمكن أن تظهر معالم هذه السلوكيات لدى البعض، في فترات الطفولة المختلفة، وتزداد حدة في فترة المراهقة، لتبدوا على شكل (سرقات ، وتعاطي للمخدرات ، اعتداءات جنسية ، هروب من المنزل ، …) ، والتي يعاقب عليها القانون. وبموجب ذلك يمكن أن يودع الجانح أحد مراكز إعادة التربية “[8]
– تعريف روبنسون )د،ت(:
الجنوح هو”كل سلوك يعارض مصلحة الجماعة في زمان ومكان معينين بصرف النظر عن تقديم الفاعل للمحاكمة ” [9]. من خلال ما سبق، يبدو جليا أن الجنوح من الناحية القانونية هو مخالفة الحدث للقوانين المتفق عليها في المجتع، فيقوم بسلوكات مضادة لها تدفع به إلى إعادة التأهيل في مركز خاص، أما من الناحية النفسية فالجنوح ضرب من السلوك المضطرب يمارس في مرحلة المراهقة كنتيجة لواقع معاشي مؤلم وصدمي تلقاه الجانح من خلال عملية التواصل والتفاعل المضطربتين التي تجمع بين أفراد أسرته.
6- الجنوح والتفاعلات الأسرية: توضيحات إجرائية
ظهرت عدة نماذج نفسية حاولت تفسير التفاعلات الخاطئة التي تمتاز بها أسر الجانحين والتي منها نذكر :
6-1 نموذج التعمية Mystification (1956):
واستعمله ” لينغ R.Laing ” للتعبير عن الصورة المرضية للأسرة، ويتضمن المراوغة، والإنكار، ولبس القناع. وهنا عادة ما يكون الآباء مستغلين والأبناء مستغلون. وبموجب مفهوم التعمية يحس الطفل بأنه سعيد مثلا بينما هو غير ذلك، وعندما تختلف خبرته الشخصية عن الآخرين فإنه يحس بالقلق والحيرة والتشويش مما يجعله يعتمد على الآخرين في وصف وتفسير الواقع المحيط به، وبالتالي فهو يقيم حياته على ما يراه الآخرون صوابا أو خطأ. وبذلك يدمج الطفل مرض الأسرة وانحرافها، ويصبح جزءا من الحلقة النشطة العاملة في الحفاظ على انغلاق الأسرة.
- نموذج التبادلية الكاذبة Pseudomutiality (1958):
يرى ليمان واين Lyman Whyne أنه تظهر ألفة بين طرفين، لكنها ألفة كاذبة، حيث تتم على حساب النمو الشخصي لأعضاء الأسرة و على حساب هويتهم المستقلة مما يعطي نمطا أسريا متعلقا. وهذا ما يطلق عليه ما يسمى”أسطورة الأسرة Family myth “.
فبالرغم من غياب الأب الطويل مثلا. تظل الأم تصر على أن زوجها يكرس نفسه لخدمة أسرته بل ويتفانى في ذلك وتحاول أن تغرس ذلك في نفوس أبنائها وإقناعهم بأنهم سعداء. وعن هذا أشارت ” سيبرج Seiburg (1985) ” إلى أنها عندما ركزت العلاج على الأب بحضور بقية أفراد الأسرة، ثارت ثائرة الأسرة كلها تدافع على سعادة الوالد، ذلك أن الوالد كان فارضا عليهم أن يكونوا سعداء؛ رغم أن الأسرة ككل كانت تعاني من مظاهر خلل عديدة. ولم تعد من ساعتها إلى العلاج.
- نموذج المثلث غير السوي Pervers triangle (1994):
ويتكون هذا المثلث حسب ” بوين Bown ” من أحد الوالدين مع الطفل ضد الطرف الآخر ( الأب أو الأم). وتمتاز العلاقة بين الزوجين بالبرودة بل أقرب إلى العلاقة التنافسية العدائية. كما يكون الأبوان غير ناضجين لكنهما لا يعترفان بعدم النضج، ويدعيان التوافق ويبالغ كل منهما في ذلك خاصة الأم فهي التي تحرص على ادعاء التوافق أكثر مما يؤدي بالأب إلى ترك المجال للأم للسيطرة على الأسرة لتشبع حاجتها للسيطرة وهذا ما يطلق عليه ” بوين 1994 “تسمية “الطلاق العاطفي Emotion divorce “. ويتم بموجب ذلك أن الأم المسيطرة تظل تترقب وصول المولود الذي ينتمي إليها ويحتاج إلى مساعدتها. وما أن تشعر بالمولود القادم حتى تتمركز عاطفيا نحو الطفل الذي لم يولد بعد، بدلا من الزوج الذي تكون معه في حالة طلاق عاطفي بالفعل. ويزداد هذا التمركز حول الطفل، وتنسى مسؤولياتها الأخرى نحو الأسرة بدعوة حماية الوليد الضعيف، مما يزيدها قلقا وهمٌا زائدا. وهذا في الحقيقة تعبير على عدم توافقها أصلا.
وإن لم يوجد حل لهذا الوضع يرى “بوين” أن الأم قد تتخذ آليات ذات طابع عصابي (neurotic)، مما ينمي لديها شخصية عصابية، وإذا استمر ذلك، سيتحول إلى أعراض نفس جسدية، أو أعراض هستيرية، أو الارتماء في أحضان الإدمان والجنوح.
6-4 نموذج كبش الفداء Seapegoating Ackerman (1966):
ويقصد به استغلال الطفل لصالح توترات الوالدين لحل المشكلات الوالدية المستعصية، وإن كان حلا غير سوي. فعندما يصبح التوتر شديدا بين الوالدين، ينبغي أن يحدث تفريغ لهذه المشاعر والانفعالات. ولما كان الوالدان لا يستطيعان التعبير عن مشاعرهما مباشرة كل منهما نحو الآخر – لأن هذا من شأنه أن يزيد التوتر بينهما ويلهب الصراع إلى الحد الذي قد لا يتحملانه – فإن وجود طفل يقدم الحل الذي يتمثل في توفر الهدف الذي تتجه إليه الانتقادات والمشاعر السلبية لكل والد نحو الوالد الآخر؛ بعد أن يحولها أو يزيحها إلى هذا الهدف النبيل.
ويعتبر علاء الدين كفافي )1999( أن اتخاذ وضعية كبش الفداء من أكثر العمليات المرضية انتشارا وشيوعا في الأسر المضطربة، لأنه من أكثر الميكانزمات فائدة وصيانة للنسق الأسري. وفي رأيه يختار الطفل ككبش فداء بصورة تكاد تكون لاشعورية، ولكنها رمزية. ففي حالة فشل الزواج مثلا، سوف يكون كبش فداء الزوجين الطفل الفاشل في دراسته بسبب أنه يرمز للفشل، كما يمكن أن يختار الطفل لكبش الفداء حسب جنسه، أو ترتيبه الميلادي، أو بحسب بعض العيوب كانخفاض الذكاء، أو إصابته بمرض جسمي أو عاهة أو لديه انقياد وسلبية وخضوع وقابلية للانسحاب.
أما الديناميكيات التي تقف وراء لعب هذا الدور، فإنها تؤدي بالطفل إلى أن يتدرب على أن يكون حساسا للتوترات الناشئة في النسق الأسري، وعليه أن يجذب الانتباه إليه بسلوك معين يجعل الجميع يحول انتباههم إليه، وقد يؤنبونه أو يعاقبونه، وبهذا ينخفض التوتر الأصلي في النسق ويعود إلى حالة الاتزان. ذلك أن الطفل الذي يقبل بهذا الدور يدمج توقعات والديه، ويستمر في الاستجابة إلى الحاجات الوالدية بشكل شعوري أو بشكل لا شعوري. ومن هنا فإن الطفل الممزق، سوف يستمر ممزقا ما دام سلوكه يجد التدعيم، والطفل المضطرب سوف يبقى مضطربا لنفس السبب، ما دام دوره أساسيا في الحفاظ على التوازن[10].
7- منهجية الدراسة:
بما أن انشغالاتنا تتعلق بدراسة الدينامكية الأسرية وكيفية إدراكها من طرف المراهق الجانح، فإننا اعتمدنا على المنهج العيادي الذي يهدف إلى دراسة الفرد كوحدة موحدة لا تتجزأ، مما يسمح لنا بالتأكد من فرضيات الدراسة وبالتالي الوصول إلى هدف البحث المتمثل في معرفة ما إذا الإشكاليات المطروحة من خلال اختبار الرورشاخ في الدراسة السابقة للباحثة لحدو رشيد (2017) تعكس دينامكية أسرية مضطربة، وأنه كلما كان الفعل عنيفا كلما كانت الهشاشة النفسية أكثر عمقا وكلما دل ذلك على عيش المفحوص في نسق أسري شديد الاضطراب.
7-1 أدوات الدراسة:
بهدف جمع المعلومات حول موضوع الدراسة، استعنا بتقنيتين تتمثلان في المقابلة العيادية نصف الموجهة، التعرف على الحالة من حيث عدة نقاط تخدم الدراسة مثل السن، الجنس، نوع الجنحة المرتكبة، سن ارتكابها، أحداثها، ردة فعل الوالدين والأسرة ككل، العلاقة بين الإخوة والوالدين،…إلخ.
ولغرض معرفة إدراك المراهق لطبيعة الدينامكية التي تجمع أفراد أسرته، استعنا بالصيغة المترجمة لاختبار الإدراك الأسري FAT، والمكيفة من طرف الباحث ميزاب ناصر وفريقه في مشروع بحث خاص باللجنة الوطنية لترقية البحث الجامعي CNEPRU (Comité National Professional de la recherche universitaire) .
مع العلم أن الاختبار استمد أسسه من مدرسة الأنساق، التي تعتبر أن سلوك الفرد داخل أسرته ما هو إلاّ نتيجة للتفاعلات التي تحدث مع الأفراد الآخرين، فلكلّ واحد منهم وظيفة محددة داخل النسق الأسري الذي يعيش فيه[11]، فقط يجب الإشارة إلى أن تنقيط الاختبار يكون كمي وذلك بحساب عدد إجابات المفحوص في ورقة التفريغ، وكيفي بالإجابة على مجموعة من الأسئلة، حدّد عددها في كراسة التصحيح بثمانية، تتناول في مجملها توظيف النسق الأسري.
7-2 مجموعة الدراسة:
للقيام بالدراسة الحالية، تم التوجه إلى مركز إعادة التربية ببوخالفة ولاية تيزي وزو، حيث تم تقديم أنفسنا كأساتذة مختصين في علم النفس، وأن الهدف من الدراسة لا علاقة له بخصوصيات المركز أو التحقيقات القانونية. في البداية أجرينا المقابلة مع المختصة النفسانية بهدف انتقاء المراهقين الجانحين الذين ارتكبوا الجنحة فعلا، نظرا لعلم أحد الباحثتين (بحكم أن إحداهما عملت كمختصة نفسانية سابقا في المركز المذكور) بأن المركز يستقبل مراهقين ارتكبوا جنح مختلفة وآخرون هم في خطر معنوي، أي لم يقوموا بأي جنحة فعلية. وبذلك تمثلت مجموعة الدراسة في الحالات الآتية:
جدول (01): يبين خصائص مجموعة البحث
الرقم | الحالة | السن | نوع الجنحة |
01 | أيمن | 17 سنة | اغتصاب أخوه الأصغر |
02 | مراد | 15 سنة | سرقة أثاث منزل واغتصاب فتاة |
03 | سعيد | 17 سنة | ضرب مبرح لمعلم الرياضيات |
من خلال الجدول السابق يبدو جليا أن الحالات قمنا بالمرور إلى الفعل العنيف الذي ظهر في الجنحة المرتكبة، حيث تمثلت في حالة اغتصاب، حالة اغتصاب و سرقة أثاث منزل والحالة الثالثة تمثلت الجنحة بضرب مبرح للمعلم.
8- عرض وتحليل نتائج الدراسة: سنقوم في هذه النقطة بعرض فقط حالة نموذجية بالتفصيل.
جدول (01) يمثل نتائج اختبار الإدراك الأسري لمجموعة البحث.
أفراد مجموعة البحث الفئات الفرعية للاختبار | أيمن | سعيد | مراد |
1-كيفية حل الصراع: -صراع أسري صراع زوجي | 8 3 5 | 10 7 3 | 11 7 5 |
2- كيفية حل الصراع: – وضع حل سلبي -وضع حل ايجابي | 5 | 6 | 5 1 |
3- ضبط النهايات: – مناسب/ غير مشارك -غير مناسب / غير مشارك | 8 1 7 | 5 0 5 | 6 2 4 |
4-نوعية العلاقات: – أم عامل ضغط – أب عامل ضغط – أخ/أخت عامل ضغط -آخر عامل ضاغط | 4 5 1 4 | 2 7 2 0 | 2 6 1 1 |
5-ضبط الحدود: -عدم التزام -تحالف أم/طفل -تحالف أب مع الطفل – نسق مغلق | 3 0 0 3 | 3 2 0 2 | 4 0 1 3 |
6-الدائرة غير الوظيفية | 3 | 2 | 4 |
7- المعاملات السيئة: -سوء المعاملة – إهمال / تخلي – اعتداء جنسي -تعاطي المواد النفسية | 2 1 2 | 1 2 1 | 1 2 00 4 |
الدليل العام لسوء التوظيف | 49 | 44 | 48 |
- عرض وتحليل نتائج الحالة الأولى (أيمن).
8-1-1 عرض وتحليل نتائج المقابلة العيادية:
أيمن مراهق في السابعة عشر من العمر، يعيش في أسرة متكونة من الوالدين ستة أطفال، ويعتبر بكرها، انقطع عن الدراسة في السنة أولى متوسط. خلال المقابلة مع الأخصائية النفسانية، تم التعرف على أن الحالة تعرضت للاعتداء الجنسي من طرف الأب وهو لا يتجاوز السابعة من العمر، وأخذ يكرر هذا الفعل على أخيه الأصغر عدة مرات مع علم الأب بذلك.
أما عن المقابلة العيادية مع الحالة، فقد التمسنا إنكار شديد للفعل، حيث كان يردد أنه لا يعلم سبب دخوله المركز، وأنه عليه بالخروج كي يساعد أمه في العمل (يبيع الخبز الذي تطبخه الأم).
- عرض وتحليل نتائج اختبار الإدراك الأسري (التحليل الكيفي)
- هل محتوى البرتوكول كاف لاختبار الفرضيات؟
يبدو خطاب أيمن واضحا، وضع لكل لوحة قصة لها بداية ونهاية، ولم نلتمس إجابات غير عادية، كما أنه لم يرفض التعبير عن اللوحات، ومنه يمكن الاعتماد على هذا البروتوكول لاختبار فرضياتنا.
- هل تظهر الصراعات في النسق الأسري الذي يعيش فيه أيمن؟
عند ملاحظ, الدليل العام لسوء التوظيف يظهر أنه مرتفع N=49، مما يعني إمكانية وجود صراعات في النسق الأسري الذي يعيش فيه والتي احتلت مكانة بارزة بـ n=8 .
- في أي مجال يظهر الصراع؟
وتتفرع هذه الصراعات بين صراع أسري بـ n=3 الذي انعكس في اللوحات ذات الأرقام (2،3،15)، وصراع زواجي بـn=5
- ما هو النمط الوظيفي الذي تتميز به أسرة أيمن؟
بالرجوع إلى شبكة الترميز التي تعكس صدارة الصراعات الظاهرة، فإننا يمكن أن نتنبأ بملمح أسرة الحالة، حيث نرى سيطرة الحلول السلبية (5) مع غياب الحلول الايجابية هذا ما يدل على أن أسرة الحالة تلجأ لطرائق غير سليمة في حل صراعاتها، بالإضافة إلى السلوك المكرر (الضرب) والذي تعكسه الدرجة المرتفع للدائرة غير الوظيفية (3) .
- ما هي الفرضيات التي يمكن أن تكون لها علاقة بالنوعية العلائقية السائدة؟
يبدو من خلال النتائج أن نوعية العلاقات السائدة في أسرة الحالة أيمن يسودها الضغط، حيث سجلناn=4 لأم عامل ضاغط وn=5 لأب عامل ضاغط وأخ أيضا يشكل عامل ضاغط بنقطة واحدة، بالإضافة إلى آخر كذلك ظهر كعامل ضاغط بــ n=4 والذي أفصح عنه في المقابلة والمتمثّل في عمه الأكبر، هذا كله يبرز العلاقات المضطربة المشحونة بالضغوط التي تسود النسق والمشكلات المتكررة التي يتخبط فيها.
- ما هي الفرضيات التي يمكن صياغتها عن المظهر النسقي العلائقي لهذه الأسرة؟
أفضى بروتوكول أيمن أن هناك صراعات في الأسرة تنقسم بين الأسرية منها والزوجية، حيث احتلت هذه الأخير (الزوجية) الصدارة في القائمة بــ n=5، والذي ربما يعود إلى عدم التزام الأب n=3، وما زاد من تضخم هذه الصراعات هو حركتها في نسق منغلق n=3. وعليه فانطلاقا من هذه المعطيات، نتنبأ في فرضية حول المظهر العلائقي للنسق الأسري الذي تعيش فيه الحالة، والتي مفادها أن اجترار الحلول السلبية في نسق مغلق ولّد الانفجار في ابن جانح.
- هل هناك مؤشرات تدل على عدم التكيف ؟
بالرجوع دائما إلى شبكة الترميز، نلاحظ أن درجة المعاملات السيئة مرتفع نسبيا n=5، تتفرع بين سوء المعاملة التي أفصح عنها أثناء المقابلة بالضرب من قبل الأب وإهماله لأسرته، مع اعتدائه على ابنه أيمن جنسيا. كل هذا يسمح لنا باستخلاص النتيجة التي مفادها أن هناك مؤشرات تدل على عدم التكيف العام.
- هل يمكن صياغة فرضيات عيادية ؟
بالرجوع إلى نتائج المقابلة العيادية وشبكة الترميز فإننا نتوصل إلى صياغة فرضية إكلينيكية مفادها أن الأب المتسلط والقاهر لأفراد أسرته والذي لا يعرف سوى التواصل بالعنف والقوة والناكر لمسؤولياته والذي لا يعرف حقوقه اتجاه أبنائه أين تنتهي، يمثّل عنصر مضر ومعكّر لصفو الأسرة مما يخلق مشاكل مختلفة تدل على سوء التكيف.
9- تفسير ومناقشة النتائج:
من خلال الجدول أعلاه يبدو أن الحالات تعاني من سوء توظيف مرتفع يتراوح بين 44 و 49، هذا ما يعكس أن المراهق الجانح يعيش في دينامكية أسرية سيئة التوظيف، تنعكس هذه الديناميكيات في الدرجات المتحصل عليها في الأبعاد المختلفة للاختبار.
– حيث يظهر سوء التوظيف في الصراعات الظاهرة المسجلة سواء الصراع الزواجي والتي تشير إلى صراع خاص بين الزوجين، وتوصف كعلاقة شقاق بينهما، وصراع أسري والذي يشير إلى صراع أسري خاص، يعرف على أنه علاقة شقاق بين أفراد الأسرة (غير الزوج والزوجة)، بالتالي فالفرضية التي تنص أن المراهق الجانح يدرك نسق أسرته على أنه متصارع قد تحققت.
- ويتضح سوء التوظيف أيضا في نوع الحلول المسجلة والتي هي من النوع السلبي، تدل على أن الصراع سيتكرر نظرا لغياب الحل، بالتالي الفرضية التي تقول أن المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف الحلول تحققت هي الأخرى على مستوى مجموعة البحث.
- انعكست هذه الحلول في طبيعة النهايات المدركة، حيث يعدّ تحديد النهايات مناسبا أو غير مناسب، وفق تطابق تدخل الآباء مع المبادئ التربوية المألوفة، ولتحديد ما إذا كانت مناسبة أم لا، نلجأ إلى منطق وقوة التدخل الأبوي أمام الصراع الأسري، فإذا كانت استجابات الآباء حكيمة في محتواها وقوتها فإنها تدل على أنها مناسبة، هذا ما التمسنه مع الحالتين أيمن و مراد والتي جاءت مشاركتهما في بعد النهايات (مناسب/ غير مشارك ) بالترتيب (n=1) و (n=2)، بينما التدخلات الأبوية التي تبدو غير منطقية و/أو مبالغ فيها فإنها تدل على أنها غير مناسبة، هذا ما أدركته كل الحالات وبشكل أكبر عند الحالة أيمن غير مناسب / غير مشارك (n=7)
– وتتحدد المشاركة من عدمها عندما يقبل أو يلتزم الأطفال بالحدود المفروضة عليهم، وهذا يكون مستقلا عن الطريقة المستعملة، وهناك مشاركة إذا لم توجد أية إشارة إلى معارضة للحدود المسطرة من قبل الآباء.
– وعليه اتضح سوء توظيف الأنساق في النهايات من خلال النقاط المسجلة في مناسب/ غير مشارك والتي تدل على معقولية الحل مع رفضه من طرف الابن، إضافة إلى نهاية غير مناسب/غير مشارك ، والتي تشير إلى ضبط غير متناسب للنهايات من قبل الوالدين وعدم التزام مستمر من قبل المراهقين، وهذا يثبت الفرضية التي تقول يدرك المراهق الجانح نسق أسرته على أنه يعاني من سوء توظيف النهايات.
– لكن يزداد تعقد وإبهام هذه المدركات مع عدم استقرار السياق التربوي الوالدي في نفس الوتيرة، وحيرة الأبوان في نظامهما الذي يعاملان به ابنهما، لذلك نجدهما أحيانا يستعملان أسلوبا متذبذبا في معاملة أبنائهما، حيث لا يستقر الأب، في غالب الأحيان، في سلطته مع أبنائه[12].
يشير ميسرة طاهر (2003)، في هذا الصدد، إلى أن إدراك الأبناء لهذه الأساليب أهم بكثير من تصور الآباء، فمهما كانت نوايا الآباء طيبة عند معاملتهم لأبنائهم معاملة خاطئة، فإن هذه النوايا لن تقلّل من إدراك الأبناء للأساليب على أنها خاطئة، عدا أنهم سيتضررون بشكل كبير من جراء هذا الإدراك [13].
وعليه بدا كذلك سوء التوظيف في نوعية العلاقات، حيث اتضح أن كل حالة تدرك صعوبة في توظيف العلاقات على مختلف الأصعدة، بحيث يظهر إدراك الضغط من طرف الأم، الأب، الأخ وحتى الآخر، هذا ما يؤكد صحة الفرضية التي تنص على أن المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء توظيف العلاقات.
– وينعكس أيضا سوء التوظيف في ضبط الحدود التي تعني في التوجه النسقي الكيفية التي يتفاعل بها أعضاء الأسرة مع بعضهم، و كيف يتفاعل نسق الأسرة ككل مع العالم الخارجي، أين أدرك كل فرد من الحالات الثلاث أن هناك عدم التزام والذي جاء لصالح الأب، إضافة إلى تحالف أم/طفل والتي ذكرت في حالة سعيد، وتحالف أب/طفل في حالة مراد، مع العلم أن التحالف يعني أن الوالد يتحالف مع الابن ضد الوالد الثاني أو الآخر من الأسرة واللذان يعتبران كظالمين.
كما عبّرت الحالات عن سوء ضبط الحدود من خلال النسق المغلق، والذي يدل على أن الأسر لا تشرك أشخاص خارجين عنها أو أفراد لا ينتمون إليها في نشاطاتها أو ديناميكيتها، ومعارضتها أيضا لمشاركة أعضائها في غير نشاطاتها أو إقامة علاقات خارج عنها، والذي يعني عدم تقبل النسق دخول وخروج معلومات إلى ومن النسق وهذا من خصوصيات الأنساق المضطربة[14]، كل هذه السوابق تثبت فرضية بحثنا التي تقول أن المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من سوء التوظيف في الحدود.
– ولقد لمسنا أيضا سوء توظيف الأنساق في الدائرة غير الوظيفية، حيث سجلنا مجموعة من النقاط في هذا الشأن، والتي نعني بها أن تشير القصة بشكل واضح أو ضمني إلى وجود أحداث تميل إلى التكرار بشكل دائري دون أن توضع لها حلول، أو عندما تظهر القصة نفسها في أكثر من لوحة أثناء تمرير الاختبار، بالتالي هذا ما اتضح في بروتوكول الحالات، حيث ظهر تكرار نفس الأحداث والمشكلات، هذا ما يدفعنا للقول أن المراهق الجانح يدرك نسق أسرته في الدائرة غير وظيفية.
– وما يبرز سوء توظيف النسق الذي يعيش فيه أفراد مجموعة بحثنا هو المعاملات السيئة، حيث سجلنا نقاط فيما يخص الإهمال والتخلي، المعاملة السيئة، الاعتداء الجنسي وتعاطي المواد النفسية، والذين التمسنها في المقابلة العيادية وكانوا موجهين خاصة للتعبير عن تصرفات الأب، بالتالي فالفرضية التي تقول أن المراهق الجانح يدرك نسق أسرته أنه يعاني من المعاملات السيئة قد تحققت هي الأخرى على مستوى مجموعة البحث.
وعليه يمكن أن نفسّر ما تم استعراضه حول الحالات التي تم تناولها في هذه الدراسة، أنها تعاني من سوء توظيف في مختلف الأبعاد التي تمس العلاقات بين الأنساق سواء الأفقية أو العمودية أي بين أعضاء الأنساق الفرعية أو بين الأنساق التحتية (الأولاد) والأفقية (الوالدين)، هذا ما يدعم ما قاله الباحث نصر الدين ميزاب (2007) أن مثل هذه الأسر تكون مولدة للجنوح، حيث تتميّز هذه الأخيرة حسب الباحثBarudy (1989) بوجود ثلاث أنواع من الديناميكيات التي تسير وفقها والتي اتفقت نتائج بحثنا مع اثنين منها، تميّز النوع الأول بوجود أب صارم لدرجة خلق جو من الرعب داخل الأسرة ، مع خضوع الأم له وأحيانا تشاركه الصرامة، مع العلم أن الغلاف الأسري قليل النفاذية[15]، حيث صرحت الحالات أن الأب جد صارم إذ أدركته على أنه عنصر ضاغط جدا أكثر من الأم.
وهذا يتجه في نفس سياق ما قاله الباحث Ducommun- Nagy (1986) ” فإن الأبوية يمكن أن تأخذ شكل استغلال مفرط، عندما تتزايد وتتكرر المطالب المفروضة على الطفل وهي تفوق قدراته، الأمر الذي يمنعه من استثمار أقرانه ودراسته” حيث صرحت مجموعة بحثنا عن تسربها الدراسي مبكرا أي في الابتدائي، ويسمي نفس الباحث مثل هذا السلوك الأبوي بالشرعية الهدامة، أي أن الأب يفرض صرامته على أبنائه وكل أسرته بشرعية أنه هو الأب الناهي والآمر متناسيا بذلك دوره اتجاه أسرته وحقوقهم عليه.
أما النوع الأبوي الثاني فيكون في العائلات التي تمتاز بالفوضى، والأوضاع الاقتصادية السيئة، تسودها سلطة القوي، فيها يبدو الأب غير ناضج، مندفع، وغير اجتماعي، وإذا ظهرت زنا المحارم فيها فإنها تكون من طرف الابن البكر[16].
هذا النوع التمسنه في أسرة الحالة أيمن، حيث صرح في دليل المقابلة العيادية أن الأب يعمل كحارس في إحدى المدارس الابتدائية، والأم بطالة ومريضة جدا، يسكنون في منزل قديم (مصنوع من طين) في إحدى قرى مدينة تيزي وزو، ولقد تعرض للاعتداء الجنسي من طرف الأب أكثر من مرة وأرغمه على عدم البوح، وإن فعل سوف يقتله ويقتل أمه حيث كان يقول له باللهجة المنطوقة من طرف العائلة: “تقول لكاش واحد نقتل يماك ونزيدك معاها“، ونفس الأوضاع التمسنها مع سعيد (اعتداء جنسي من طرف ابن العم).
أما عن الحالة مراد فرغم غياب الاعتداء الجنسي في أسرته إلاّ أنه صرّح بأن الأب يتجاوز حدوده أثناء الحديث مع أبنائه ومداعبتهم، إذ يلامس الأعضاء التناسلية لإخوته اللتان ترفضان الخضوع له، هذا ما يتطابق مع النوع الثالث لمثل هذه الأسر كما يقول Barudy (1989) ” أن الأب فيها يحن للماضي الطفولي، فيبدو قريب من أولاده فيسعى إلى أن يكون والدا جيدا مع التجنيس sexualisation التدريجي للروابط الجسدية، حيث يمزج بين المداعبة والحنان والجنس[17].
اتضح كل ما سبق، في القاسم المشترك الذي يجمع الحالات والذي يكمن في المعاملة السيئة والإهمال. هذا ما أشارت إليه عدة دراسات منها دراسة كل من “روتر Rotter، فرانقتن Farinhton, (1978)” بـأن الجنوح يتحدد بالخبرات المحيطة المؤلمة التي يتعرض لها الطفل في حياته، وخصوصا الوسط الأسري المتسم بالمعاملة العقابية القاسية، ونقص العاطفة، وعدم الانسجام بين الوالدين ، والتصدع الأسري ودراسات كل من “ما كورد وما كورد Mc Cord &Mc Cord (1964)، جونسونJenson (1972)، وفيشر Fischer (1973) ” على أن نقص الحب والعطف ونبذ الآباء للطفل نبذا قاسيا، وعدم ثبات طرق التأديب تشكل الأسباب الأولية للسلوك الجانح. و كشفت عنه “أمل معروف (1972) في دراستها من ” أن الجانحين غالبا ما يتعرضون إلى أساليب تأديبية تتسم بكثرة الأوامر والنواهي مقارنة مع الأسوياء”[18] .
هذه الظروف كلها تخلق عند هؤلاء المراهقين “هشاشة الحدود النرجسية، التي تعكس غياب مبدأ ما يمكن القيام به وما لا يجب القيام به ” [19]، كما تم الكشف من خلال المقابلة مع الأخصائية النفسانية أن الاعتداءات الجنسية لأسر الحال (مراد و أيمن) كانت موجودة في أجيالهم السابقة (عم مراد اغتصب بنت جاره، وجد أيمن تعدى جنسيا على جدته قبل أن يتزوجها، وأن أم سعيد كانت ممارسة للبغاء)، فحسب Mazet (1995) “كلما كان زنا المحارم مكرر عبر الأجيال كلما كان خطر تكراره أ على “[20]، وأن هذا التكرار يبدو في وجود نرجسية أسرية هشة تعكسها هشاشة الحدود وغموض الأدوار التي تأخذ بعد الصرامة والقسوة المبالغين.
ويضيف André C. (2001) أن الأسر التي يكرر فيها مثل هذه التجاوزات تمتاز بــأنها “مهملة تعكس إخفاق نرجسي من أصل وراثي والذي يظهر في كل علاقة جديدة، أي أنها تخلق تكرار العلاقة الأولية بالموضوع الأولي والتي تتميّز بالإخفاق[21]، الذي يكون غائب داخليا إما لغيابه حقا خارجيا أو أنه مرفوض نتيجة لقسوته، هذا ما عكسته إجابات الحالات التي تؤكد أن الأم أدركت هي الأخرى كموضوع ضاغط ومهدّد بدلا من أن تكون الصدر الحنون لهذا الابن. يضيف الباحث Emmanuel B. (2006) ” أن الشباب الذين لا يستطيعون ضبط أنفسهم نتيجة غياب الهدي الداخلي أو الخارجي، يزيد من النرجسية البدائية” [22].
للمخاطرة في سن المراهقة أو المرور إلى الفعل العنيف، علاقة بتاريخ المراهق، الموارد الداخلية له، ولكن أيضا مع العلاقة التي تربط أفراد عائلته والعلاقة بين والديه، ” نحن نعلم إلى أي درجة يعتمد عليهم لبناء نفسه. فأحيانا قد يميل إلى تقمص الأشخاص الأكثر هشاشة من بينهم”[23]، فالمراهقين تقمصوا شخصية المعتدي وأعادوا تكرار الفعل العنيف على أشخاص أبرياء لسد الدين الماضي أي لإرصان التجربة الصادمة التي أصبحت في وضعية نشطة نتيجة إحيائها في هذه السن بفعل التغيرات الفيزيولوجية التي يعيشها هذا الأخير.
إن الشرعية الهدامة التي التمسنها عند الحالات أخذت “شكل الانتقام المؤجل، وذلك بالبحث عن التعويض بإسقاط الفعل على شريك بريء مما يؤدي إلى خلق مظلوم جديد يسعى هو الآخر عن التعويض مستقبلا هذا ما يسمى بلولب الشرعية الهدامة spiral of destructive legitimacy [24] ، ويضيف نفس الباحث “[…] أن هذه الشرعية ما هي إلاّ انعكاس طبيعي لفشل الآباء في احترام حق الطفل منذ ولادته، إذ أهملوه جسديا أو ماديا”
تشير الدراسات إلى أن من آثار ممارسة أسلوب القسوة على الأبناء، تعطل عملية التوحد بالأب، وإذا وقع وأن حدث توحد فإنه توحد يحدث تحت التهديد، و”[…] إن الطفل يصبح صورة من الوالد القاسي أي أن سلوكه يتسم بدرجة كبيرة من العدوانية”[25]، هذا ما بدا على سلوك الحالات وهو تقمص الوالد الظالم ومنه المرور إلى الوضعية النشطة لإمكانية تسديد دين الظلم، وهذا ما ذهب إليه سي موسي) 2002( أن “[…] الشخص المتعرض للعدوان، قد يتقمص شخصية المعتدي ويقوم بدوره بالعدوان نحو الآخرين فيما بعد”[26].
ومن صور القسوة التي يمارسها بعض آباء الجانحين في البيئة الجزائرية، التي جاءت في دراسة زينب حميدة بقادة )1990(. ” أن من شدة كرههم لهم يلجئون إلى تسليم أبنائهم إلى مركز الشرطة، بحجة أنهم أطفال متمردون مثيرون للمشاكل”[27]، هذا ما كان مع حالة مراد الذي حاول سرقة أثاث منزل وسلّم إلى الشرطة من قبل الأب.
– الاستنتاج العام:
من خلال هذه المحاولة تم التطرق إلى فحص الدينامكية الأسرية كما يدركها المراهق الجانح الذي قام بالمرور إلى الفعل العنيف (الخطير)، وهذا استنادا على نتائج أبحاث حدو رشيد (2017) التي تؤكد وجود هشاشة نفسية تطرح على مستوى الإشكاليات التي يبينها اختبار الرورشاخ لدى الحالات التي تمت دراستها، من طرفنا في البحث السابق ذكره؛ وقد بينت دراستنا الحالية، أن هذه الهشاشة تعكس دينامكية سيئة التوظيف على مختلف أبعاد الاختبار والتي من ميزتها الأساسية زنا المحارم وسوء المعاملة والضغوطات العلائقية، والتي قال عنها الباحثون النسقيون أمثال Nagy Ducommun بإمكانية تكرار الفعل العنيف، نتيجة لولاء الجانح وإخلاصه للهوية الأسرية التي شكلت هويته النفسية.
ذلك أن أسر هؤلاء الجانحين كما يقول Bauchet وآخرون ” يمتازون بعدم التفرد الذي يمنعه الوالدان، مما يجعل دور ومكانة الفرد في الأسرة غير واضحان، ومنه فالغلاف النفسي والجسمي له سيكون غير شخصي (متفرد) أي أسري، ذلك أن الأم هي المسئولة عن هذا التجاوز للقواعد، أي أنها هي التي تنقل الرغبة المحرمة. فإذا استطاعت إثارة الإحساسات الجنسية الأولى عند الابن فإنها بلا شك سوف تساهم بوضع القواعد الأولى للممنوعات المحارمية، وبالتالي فصعوبة الجانح في التفرد ما هو إلاّ امتداد للأم القضيبية Mère phallique التي لا تساعد الأبناء على الانفصال عنها بل وترفضه تفاديا لإعادة إحياء قلق الانفصال الأولي”[28].
فهذه الوجدانات تمثل في الحقيقة ذاكرة العلاقات الأسرية التي ترسخ في جذور الأجيال وتجسد، وتعمل كمؤشر لطبيعة هذه العلاقات، فالفرد الذي يتميّز سلوكه ب الانحراف كالجنوح يقوم بتوليد علاقات تشبه تلك التي نظمت هويته. وعليه، فالمرور إلى الفعل العنيف يمثل صيرورة جيليه تتميّز بتغيير حدود الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها وهذا عبر الأجيال، لذلك فعلاج هذا الاضطراب يعتمد على الوجدان بهدف إعادة تأهيل الفرد في بعد الإنسانية الذي يمثّل بعدا مثيرا للقلق، ذلك لأنه شوّه من طرف محيط أسري أولي. أي أن إعادة تحريك الوجدانات المؤلمة والمكبوحة ثم إصلاحها يسمح لهم باستعادة قدرتهم على إقامة علاقات إنسانية سليمة، ذلك أن الدراسات التي أقيمت على أسر الجانحين الذين ارتكبوا جنحا جنسية أكّدت أنهم يعانون من اضطرابات وجدانية تعود جذورها إلى العلاقات الأسرية الأولية [29]، ذلك أن هذه المعاناة لم يتم التعبير عنها بل وبقيت كامنة و غير معترف بها.
قائمة المراجع:
- أيت مولود، يسمينة: أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بتقدير الذات استراتيجيات المقاومة عند المراهق دراسة مقارنة بين المراهق الأول والمراهق الأخير في الترتيب الولادي. شهادة دكتوراه العلوم في علم النفس العيادي غير منشورة، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا ، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ، جامعة الجزائر2 ، الجزائر، (2015).
- إبراهيم، قشقوش: سيكولوجية المراهقة، المكتبة النجلو المصرية، القاهرة، (1989).
- إكردوشن بعلي زاهية، أيت مولود ياسمينة، حدو رشيد، (2017). دراسة عيادية إسقاطية للمراهق الجانح، دراسة لعشر حالات انطلاقا من الروشاخ. مجلة العلوم النفسية والتربوية، جامعة الوادي، الجزائر؛ يمكن تحميلها على موقع: https://www.asjp.cerist.dz/utilisateur/showArticle/105/19896
- زينب حميدة، بقادة: جنوح الأحداث وعلاقتها بالوسط الأسري، رسالة ماجستير غير مطبوعة، معهد العلوم الاجتماعية ، فرع علم الاجتماع الريفي والحضري، جامعة الجزائر، (1990).
- علاء الدين ،كفافي: التنشئة الوالدية والأمراض النفسية، هجر للطباعة والنشر ، مصر، (1998).
- عدنان، الدرومي: جناح الأحداث. منشورات ذات السلاسل، الكويت، . (1989).
- عبد الرحمان، سي موسي، رضوان، زقعار: العنف والإرهاب ضد الطفولة والمراهقة. علامة الصدمة والحداد من خلال الاختبارات الإسقاطية. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، (2015).
- منير، العصرة: انحراف الأحداث، المكتب المصري الحديث، الإسكندرية، (1974).
- ناصر، ميزاب وفضيلي، فتيحة ونايت عبد السلام، كريمة و بن سي سعيد، نعيمة: ترجمة وتكييف اختبار الإدراك الأسري A.T من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. تيزي وزو : مشروع CNEPRU رقم R00520090002، مرخص من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة مولود معمري، . (2010-2011-2012).
- ناصر، ميزاب: المعاملة الوالدية للحدث الجانح وعلاقتها بمفهوم الذات، أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا، جامعة الجزائر2، (2007).
- André, Cilvadini : La famille de l’agresseur sexuel, Condition du suivi thérapeutique en cas d’obligation de soins, Revue Le divan familial, 1(6), p.25-34, (2001).
- Boutefnouchent, Mustapha : La famille Algérienne, évolution et caractéristiques récentes, SNED, Alger, (1982).
- P, Dieu.E, Sorel.O.(2012). Le système familial incestueux. http://www.psyetdroit.eu/le-systme-familial-incestueux/
- CAILLE, Philippe : famille en crise. Genève, Paris : Achevée d’imprimes France, ML, édition Médecine de Hygiène, (2003).
- Catherine, Ducommun-Nagy: Comprendre les loyautés familiales a travers l’œuvre d’Ivan Boszomenyi-Nagy, Enfance et psy N°56, pp 15-25, (2012).
- Emmanuel de Becker : L’approche systémique et la thérapie familiale des mineurs d’âge auteurs d’agression sexuelle, Revue Psychothérapie, 3(26), p.143-153, (2006).
- Pierre, Oswald : Soins et contraintes des délinquants sexuels des soignants en défenses sociale. Le projet «Epicas », Revue Cahier critique de la thérapie familiale, 1(46), p.127-138, (2011).
[1] – ينظر: إكردوشن بعلي زاهية، أيت مولود ياسمينة، حدو رشيد،، دراسة عيادية إسقاطية للمراهق الجانح، دراسة لعشر حالات انطلاقا من الروشاخ. مجلة العلوم النفسية والتربوية، جامعة الوادي، الجزائر؛ دط، 2017، ص10 يمكن تحميلها على موقع: https://www.asjp.cerist.dz/utilisateur/showArticle/105/19896
[2] – ينظر: عدنان، الدرومي، جناح الأحداث. منشورات ذات السلاسل، الكويت، دط، 1989، ص 27.
[3]– ينظر: ناصر، ميزاب.. المعاملة الوالدية للحدث الجانح وعلاقتها بمفهوم الذات، أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا، جامعة الجزائر2، 2007، ص 87.
[4] – ينظر: يمنير، العصرة، انحراف الأحداث، المكتب المصري الحديث، الإسكندرية، دط، 1974، ص 22.
[5] – نستعمل مصطلح الإرصان لما يقابل باللغة الفرنسية (élaboration mentale)وبالإنجليزية (mental elaboration)، وهو عمل الجهاز النفسي الذي يتمثل في ربط كميات الطاقة الدافعة إلى التصورات وتأسيس فيما بينها تصورات طرق التداعي. للمزيد من المعلومات، نوجه القارئ إلى منشورات التحليل النفسي في هذا الشأن.
[6] – ينظر: إكردوشن بعلي زاهية، أيت مولود ياسمينة، حدو رشيد، دراسة عيادية إسقاطية للمراهق الجانح، دراسة لعشر حالات انطلاقا من الروشاخ. مجلة العلوم النفسية والتربوية، جامعة الوادي، الجزائر؛ دط، 2017، ص10-11 يمكن تحميلها على موقع: https://www.asjp.cerist.dz/utilisateur/showArticle/105/19896
[7] – ينظر: ابراهيم، قشقوش، سيكولوجية المراهقة، المكتبة النجلو المصرية، القاهرة، دط، 1989، ص 382.
[8] – ينظر: ناصر، ميزاب. (2007). المعاملة الوالدية للحدث الجانح وعلاقتها بمفهوم الذات، أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا، جامعة الجزائر2، 2007، ص37
[9]– ينظر: عدنان، الدرومي، جناح الأحداث. منشورات ذات السلاسل، الكويت، دط، 1989، ص 27.
[10]– ناصر، ميزاب. (2007). المعاملة الوالدية للحدث الجانح وعلاقتها بمفهوم الذات، أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا، جامعة الجزائر، ص 37.
[11]– ناصر، ميزاب و فضيلي، فتيحة و نايت عبد السلام، كريمة و بن سي سعيد، نعيمة . (2010-2011-2012). ترجمة وتكييف اختبار الإدراك الأسري F.A.T من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. تيزي وزو : مشروع CNEPRU رقم R00520090002، مرخص من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة مولود معمري.
[12] – Boutefnouchet, Mustapha. (1982). La famille Algérienne, évolution et caractéristiques récentes, SNED, Alger.
[13]– أيت مولود، يسمينة .(2015). أساليب المعاملة الوالدية وعلاقتها بتقدير الذات استراتيجيات المقاومة عند المراهق دراسة مقارنة بين المراهق الأول والمراهق الأخير في الترتيب الولادي. شهادة دكتوراه العلوم في علم النفس العيادي غير منشورة، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا ، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الجزائر 2.
[14] – CAILLE, Philippe. (2003). famille en crise. Genève, Paris : Achevée d’imprimes France, ML, édition Médecine de Hygiène, p 11.
[15] – André Cilvadini.(2001). La famille de l’agresseur sexuel, Condition du suivi thérapeutique en cas d’obligation de soins, Revue Le divan familial, 1(6), p.27.
[16] – André Cilvadini. (2001). La famille de l’agresseur sexuel, Condition du suivi thérapeutique en cas d’obligation de soins, Revue Le divan familial, 1(6), P..27.
[17] André Cilvadini.(2001). Ouvrage précédent, p.28.
[18]– ناصر، ميزاب. (2007). المعاملة الوالدية للحدث الجانح وعلاقتها بمفهوم الذات، أطروحة دكتوراه دولة غير منشورة، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطفونيا، جامعة الجزائر2.
[19]– إكردوشن بعلي زاهية، أيت مولود ياسمينة، حدو رشيد، (2017). دراسة عيادية إسقاطية للمراهق الجانح، دراسة لعشر حالات انطلاقا من الروشاخ. مجلة العلوم النفسية والتربوية، يمكن تحميلها على موقع: https://www.asjp.cerist.dz/utilisateur/showArticle/105/19896
[20] – André Cilvadini. (2001). La famille de l’agresseur sexuel, Condition du suivi thérapeutique en cas d’obligation de soins, Revue Le divan familial, 1(6), p27.
[21] – André Cilvadini. (2001). Ouvrage précédent, p28.
[22] – Emmanuel de Becker. (2006). L’approche systémique et la thérapie familiale des mineurs d’âge auteurs d’agression sexuelle, Revue Psychothérapie, 3(26), p.143-153
[23] Pierre, Oswald : soi et contrainte des délinquants sexuels, des soignants en décence sociale. Le projet «Epicas», revue cahier critique de la thérapie familiale, n°1 vol 46 PP. 127-138. 2011.
[24] -Catherine, Ducommun-Nagy, (2012) : Comprendre les loyautés familiales a travers l’œuvre d’Ivan Boszomenyi-Nagy, Enfance et psy, N°56.
[25] – علاء الدين كفافي (1998) التنشئة الوالدية والأمراض النفسية، هجر للطباعة والنشر ، مصر.
[26] – عبد الرحمان، سي موسي، رضوان، زقار.(2015). العنف والإرهاب ضد الطفولة والمراهقة. علامة الصدمة والحداد من خلال الاختبارات الإسقاطية. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ص28.
[27]– زينب حميدة بقادة (1990) جنوح الأحداث وعلاقتها بالوسط الأسري، رسالة ماجستير غير مطبوعة، معهد العلوم الاجتماعية، فرع علم الاجتماع الريفي والحضري، جامعة الجزائر، ص 214.
[28] – Bauchet.P, Dieu.E, Sorel.O.(2012). Le système familial incestueux. http://www.psyetdroit.eu/le-systme-familial-incestueux/
[29] – André Cilvadini.(2001). La famille de l’agresseur sexuel, Condition du suivi thérapeutique en cas d’obligation de soins, Revue Le divan familial, 1(6), p.29.