
بديعيات العصر المملوكي بين البديع والمديح النبوي
Badiyyat Of The Mamluk era Between Budaiy and Praise of the Prophet
تقديم الباحثة : إيمان عواد الرجب / باحثة دكتوراه ، قسم اللغة العربية (أدب ونقد)، جامعة طنطا جمهورية مصر العربية .
Eman Awad Alrajab, Department of the Arabic Language, Faculty of Arts, Tanta University.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 60 الصفحة 99.
Abstract:
The aim of This study of the relationship between the art of the Badiyyat with both the Badi and the praise of the Prophet, and how each contributed to the emergence of this art and development in the Mamluk era,To bring us this art in a poetic form unique known as Budayyat, which combined the arts of Budaiya with the praise of the Prophet. Thus, the Badiyyat were able to combine the art of Budaiya, which had flourished in the Mamluk era with unparalleled popularity, and the art of praise of the Prophet who received the attention of the poets. This is due to Burda Boussiri represents the best representation as the poem that people are attached to the present time, in addition to its impact and role in the emergence of the art of Badiyyat, this research revolves around three axises:
The first axis:Interested in studying the definition of Budaiy and interested in his definition in Language and idiom of the art , And the stages of its inception and development .
The second axis: I talked about the art of praise of the Prophet, and its origin and development, and the extent of the poets of the Mamluk era of this poetic purposeWhere it played a major role in the emergence of the art of Badiyyat, and also mentioned the relationship of this art to the emergence of the art of the Bdiayat.
The third axis: We talked about the emergence of the art of creativity and its development, and its overlap with both the educational poetry and the art of praising the Prophet, the impact of poetry Bosiri on him and his development, and the most important conditions and advantages of these innovations..
Key word : Budaiy , praise of the Prophet , Mamluk era , Badiyyat
الملخص:
جاء البحث ليدرس علاقة البديعيات بكل من البديع وشعر المديح النبوي ، وكيف ساعد كل منهما في نشأة هذا الفن وتطوره في العصر المملوكي ، بوصفه عصر الفنون البديعية ، وعصر دراستها ونظمها ، فقد أولع بها الأدباء والشعراء والعلماء ، ليخرج لنا هذا الفن بصورة شعرية فريدة عُرفت بفن البديعيات ، التي مزجت بين طياتها فنون البديع من خلال المديح النبوي ، وبذلك تمكنت البديعيات من الدمج بين فن البديع الذي راج في العصر المملوكي رواجًا منقطع النظير، و فن المديح النبوي الذي لقي الاهتمام من قبل الشعراء فتنافسوا في ميادينه ، ونظموا في ذلك القصائد الطوال ، ولعل بردة البوصيري تمثل ذلك خير تمثيل بوصفها القصيدة التي تعلق بها الناس إلى وقتنا الحاضر ، بالإضافة إلى أثرها ودورها في نشوء فن البديعيات ، فيدور هذا البحث حول ثلاثة محاور :
المحور الأول : تناولت فيه تعريف فن البديع لغة واصطلاحًا ، وتطرقت فيه إلى نشأة فن البديع على يد ابن المعتز ومن تبعه من بعده ومدى اهتمام أهل البلاغة بهذا الفن حتى أصبح فنًا قائما بذاته ، بعد أن كان تابعًا لعلم البيان والمعاني .
المحور الثاني: تحدثت فيه عن فن المديح النبوي ، ونشأته وتطوره ، ومدى تعلق شعراء العصر المملوكي بهذا الغرض الشعري ، وبالأخص بردة البوصيري التي نحت بهذا الغرض إلى منحى مغايرةٍ ، وساهمت بدور كبير في نشوء فن البديعيات ، كما تطرقت لذكر علاقة هذا الفن بنشأة فن البديعيات ، وعلاقة بردة البوصيري ببديعية صفي الدين الحلي ، وكيف ارتقى فن المديح النبوي على يديه ليصبح فنًا شعريًا مميزا عَرف بالبديعيات .
المحور الثالث: عرَّفتُ من خلاله فن البديعيات ، وتطرقت فيه إلى نشأة وتطور فن البديعيات ، وتداخلها مع كل من الشعر التعليمي ، وفن المديح النبوي ، وأثر بردة البوصيري على نشأتها وتطورها ، واختلاف العلماء على مؤسس هذا الفن ، وختمته بمميزات وسمات البديعيات ، وذكر قيمتها الفنية والأدبية.
الكلمات المفاتيح : البديع ، المديح النبوي ، العصر المملوكي ، البديعيات
أهداف الدراسة
يعد العصر المملوكي عصر الفنون البديعية ، حتى أطلق عليه اسم عصر التورية ، أو عصر الجناس؛ لكثرة وجود هذه الفنون البديعية في شعرهم ونثرهم ، فكان لابد من أن يكون لذلك أثر في أن ينشأ فنٌ أدبي بديعي جديد في هذا العصر ، وهو فن البديعيات التي أكثر أهل البلاغة من نظمها وشرحها ، وعمل أهل التحقيق على تحقيقها ودراستها .
منهج الدراسة
اقتضت طبيعة البحث اتباع المنهج الوصفي التاريخي وذلك من خلال دراسة نشأة فن البديعيات من الناحية التاريخية ، ودراسة علاقته بكل من فن المديح النبوي ، والفنون البديعية .
إشكالية الدراسة
تكمن إشكالية الدراسة حول نشأت البديعيات ، وماهي العوامل والأسباب التي أدت لبروز هذا الفن في العصر المملوكي ؟ وما مدى اهتمام الأدباء على نظم قصائد البديعيات ؟ وما هو أثر المديح النبوي على ظهور هذا الفن وتطوره ؟ ولماذا تم اعتماد البديعيات على المديح النبوي ؟
المقدمة
شُغِفَ شعراء العصر المملوكي بدراسة الفنون البديعية ، مما دفعهم إلى نظمهم لفنونه في شعرهم ونثرهم ، بالإضافة إلى وجود النزعة الدينية التي طغت على هذا العصر ؛ فاهتموا بفن المديح النبوي ، وتنافسوا في ميادينه ،فكان بذلك الركيزة الأولى التي انبثق منها فن البديعيات ، ويعود الفضل في هذا إلى بردة البوصيري التي ساعدت على تطور فن المديح النبوي ، وتعلق الشعراء به ، وقد ظهر أثرها في نشأة فن البديعيات على يد صفي الدين الحلِّي ، الذي نظم أول قصيدة بديعية مكتملة الأركان ،وقد اقتدى من جاء بعده من الشعراء به ، وساروا على نهجه في نظم بديعياتهم .
علم البديع
لغةً : بدِع الشيء يُبدعُهُ بَدْعًا ، وابتدعه : أنشأه وبدأه ، والبديع المُحدث العجيب، والبديع من أسماء الله تعالى ، لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها ، وهو البديع الأول قبل كل شيء، وفي التنزيل العزيز﴿بَدِيعُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ﴾ ([1]) أي خالقها ومبدعها ([2])،هو المبدع ، والبديع علمٌ يُعرف به وجوه تحسين الكلام ([3])، وأبدعت الشيء وابتدعته أخرجته وأحدثته ، وفلان بدع بهذا الأمر أي هو أول من فعله ، فيكون اسم فاعل بمعنى مبتدع ، والبديع فعيل من هذا ، فكأن معناه هو منفرد بذلك من غير نظائره ، وفيه معنى التعجب ، ومنه قوله تعالى : ﴿قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ﴾([4]) أي ما أنا أول من جاء بالوحي من عند الله تعالى ، وتشريع الشرائع بل أرسل الله تعالى الرسل مبشرين ومنذرين ([5]).
اصطلاحًا : هو علم يُعرف به وجوه تحسين الكلام ، أي تصور معانيها وتعلم أعدادها وتفاصيلها بحسب الطاقة ، بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال ، ورعاية وضوح دلالته أي : خلوه عن التعقيد المعنوي ، وقال أبو جعفر الأندلسي : هو أخص الفنون الثلاثة ، لتركبه من الفنين وزيادة ، وهما بالنسبة إليه كالحياة والنطق بالنسبة إلى الإنسان ، فلا يوجد البديع بدونهما كما لا يوجد الإنسان بدون الحياة والنطق ، وهو ضربان لفظي ومعنوي([6]) ، كما يسمى العلم الجامع لطرق التزيين ([7]).
نشأة وتطور علم البديع ([8])
حظي علم البديع منذ القدم باهتمام علماء الأدب والبلاغة واختلفت أقسامه وفنونه بينهم “كما أنه تداخل في بدايته مع فن البيان ومن ثم فن المعاني إلى أن أصبح فنًا مستقلاً عنهما، كما أن فن البديع أطلق على الشعر المحدث في العصر العباسي الذي تميز بجمالية التعبير التي طغت على الدلالة ، كما أن الشعراء أنفسهم أطلقوا عليه هذا المسمى”([9]).
كما أسهمت البيئات المختلفة منذ أوائل العصر العباسي في تسجيل ملاحظات مختلفة حول الفصاحة والكلام والبلاغة ، كما أن المتكلمين وفي مقدمتهم المعتزلة كانوا أنشط هذه البيئات في وضع قواعد البلاغة، وبسط مباحثها ([10]).
فنجد أن الجاحظ (ت 255هـ)كان أول من ذكر البديع في كتابه البيان والتبين ، و جاء ابن المعتز (ت 296هـ) فصنف كتابه البديع ليدل على أن ما يسمى بديعًا لدى المحدثين موجودٌ منذ القدم في القرآن الكريم ، وبذلك يعد ابن المعتز أول من ألَّف في البديع وأحصى فنونه ، كما أنه تنبأ باختلاف ألقابه ومصطلحاته ، وأحصى فيه ثمانية عشر محسنًا ، واقتصر البديع على خمسة فنون ([11])، و تلاه كل من قدامة بن جعفر (ت 337هـ)في كتابه نقد الشعر ، وأبي هلال العسكري ،والباقلاني (403هـ)في كتابه إعجاز القرآن (396هـ) ، إلا أن مفهوم البديع توسع كثيرًا مع أسامة بن منقذ (584هـ) في كتابه البديع في نقد الشعر، إلى أن جاء السكاكي ( 626هـ) الذي اعتمد التجديد والتخصيص في كتابه مفتاح العلوم ، فقد عده النقاد رأس مدرسة التقنين ، حيث قسم أبواب البديع قسمين أولهما مايرجع إلى المعنى وثانيهما ما يرجع إلى اللفظ ، كما وضع ابن أبي الإصبع (654هـ) كتابين الأول (تحرير التحبير) الذي أحصى به مائة واثنين وعشرين محسنًا ، والثاني (بديع القرآن) عرض فيه لما ذكر من محسنات بديعية في القرآن بلغت مائة وثمانية محسنٍ، إلى أن ظهر فن البديعيات ([12])،أما الجرجاني (729هـ) في كتابه الإشارات والتنبيهات لتعريف علم البديع تعريفًا رائدًا جامعًا بقوله : علم البديع : علم يعرف منه وجوه تحسين الكلام ، باعتبار نسبة بعض أجزائه إلى بعض بغير الإسناد أو التعليق ، مع رعاية أسباب البلاغة ([13])، كما أن الخطيب القزويني (739هـ) جعله علمًا قائمًا بذاته ([14]).
وكان هذا العصر عصر الولوع بالبديع ؛ حتى أنه أصبح هو البلاغة في نظر الأدباء ، فكان له أثره البالغ في إذكاء الروح الشعرية والمنافسة الأدبية معًا ، إذ كان هم كثير من الشعراء أن يقع خاطرهم على لفظٍ أو تركيب ينبثق منه معنى جديد ، مع المجانسة أو المقابلة أو التورية أو نحو ذلك ، ولهذا راج نظم البيتين والثلاثة والمقطوعة التي تتضمن أحد المعاني المبتكرة العابرة الجزئية ، والتي تحتوي على ضربٍ أو أكثر من ضروب البديع ([15]).
المديح النبوي
يعد فن المديح بشكل عام أكثر أغراض الشعر العربي شيوعًا ،ومر بعدة مراحل تطور من خلالها إلى يومنا الحالي، و لايزال هذا الفن على رأس قائمة الأغراض الشعرية ، لما فيه من تنوع الأغراض والمعاني والدواعي الشخصية لنظمه ،ولما فيه من نشرٍ للفضيلة ، فالمدح يضم في طياته وصفًا لأخلاق الممدوح وفضائله ، وأهم إنجازاته ، ويمجد أفعاله، ويُثني عليه .
تنوعت أغراض المديح ودواعيه ، فأفرغ فيه الشعراء ما جادت به قرائحهم ،وما جمعته عقولهم ، وتلون بألوان مختلفة في كل عصرٍ، وفي كل بيئة ، ووفق قدرات كل شاعر واستعداداته ، ولم يكن تكرارًا مملاً على مر العصور ([16])، ومن هذا الفن العريق تولد المديح النبوي الذي راج رواجًا كبيرًا في العصر المملوكي .
والمديح النبوي فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف ، فهي لون من ألوان التعبير عن العواطف الدينية ، وباب من أبواب الأدب الرفيع ؛ لأنها صدرت عن قلوبٍ مفعمةٍ بالحب الصادق ، والإخلاص المكين ([17])،وكان الأعشى أول من مزج هذا الفن بالمدح والمنافرة ([18]) وجاء بعده كعب بن زهير وأدخل به الغزل و الاعتذار ([19])، إلا أن بعضهم يرى أن هذا الفن يعود في النشأة إلى الشاعر الجاهلي المخضرم كعب بن زهير ، وإلى لاميته الشهيرة “بانت سعاد” فكانت هذه القصيدة فتحًا شعريًا اتخذ منه الشعراء سبيلهم ومنهجهم ، وعددًا كبيرًا من معانيهم في قصيدة المديح النبوي ([20]) ،وجاء حسان بن ثابت في العهد النبوي وحمل راية هذا الفن ليمدحه مدحًا لائقًا به باعتباره قائدًا عظيمًا وهو جندي مخلص يفديه بنفسه ، صادق الشعور ، ثم امتزج هذا الفن بالناحية السياسية والمذهبية على يد الكميت ، وغيره من شعراء العصر الأموي ([21])،و ذكر الشعراء رسول الله في قصائد الفخر ، أو قصائد التشييع ، وظل ذلك ساريًا على الدور الأول من العصر العباسي ، وزاد لحرص الخلفاء على صفتهم الدينية ، وعلى ارتباط نسبهم بنسب الرسول الكريم ، فظهرت مقطوعات للمديح النبوي تبعتها قصائد كاملة ، وفي العصر الفاطمي والأيوبي اكتملت قصائد المديح النبوي ، واستقر([22])، وأصبح أحد الأغراض الشعرية المعروفة منذ أواخر العصر الأيوبي وأوائل العصر المملوكي ([23]) ، إلى أن وصل به المطاف إلى العصر المملوكي لتطغى عليه النزعة الدينية ([24])، وهو ضرب من رثاء الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلا أنه أطلق عليه المديح إشارة إلى أن النبي الكريم كأنه موصول الحياة ؛ لأن شريعته حية ([25]).
وهذا المديح لم يخلُ منه عصر ولا بيئة، وكلما تقدمت بنا الأعوام والأجيال والعصور تعمقت جذوره، وامتدت ظلاله ، وأمسى من اللوازم والثوابت، حتى وصل إلى مرحلة أصبح فيها المديح النبوي فنًا قائمًا بذاته، أعطاه الشعراء كل عنايتهم وقريحتهم وثقافتهم، فكان لنا البديعيات التي عُرفت بصورة مكتملة في العصر المملوكي ([26]).
وقد راج هذا الغرض الشعري في العصر المملوكي رواجًا ملحوظًا ؛ لأنه كان عصر تعصب إسلامي وغيرة دينية؛ بسبب الحروب الصليبية و التتار؛ ولأنه كان عصر ظلم وإرهاق واستبداد من الحكام، والعامل الأخير هو إعجاب الشعراء ببردة البوصيري التي وجهت المديح النبوي وجهة جديدة ، وكانت عن طريق استخلاصه من النزعات السياسية، وقصره على إظهار الحب للنبي – عليه السلام – ولمواطنه، وعلى الحديث عن سيرته الشريفة، ثم التقرب به إلى الله ([27])، وبسبب النزعة الدينية التي طغت على هذا العصر، فأثرت على الحياة السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى اهتمام علماء هذا العصر بدراسة حديث الرسول – عليه الصلاة والسلام – وبروايته وشرحه، أضف إلى ذلك الشظف والضنك والحرمان والكبت التي عانها هذا الشعب العربي، مما يدعو بعض الناس إلى الجنوح إلى حالة من الزهد والتصوف، والتطرف الديني ليخدع به نفسه عن حقيقة الحرمان والألم([28]).
كما أن الشعراء اهتموا بالسيرة النبوية على اختلاف العصور، ونظموا فيها القصائد الطوال، وتفننوا حتى وصلوا إلى ما سمي البديعيات، التي شغلت شعراء العصر المملوكي ، فسما بعضهم عاليًا، وسفَّ البعض الآخر إلى حدود الصنعة الزخرفية، ويعد البوصيري إمام الفريق الأول، وأستاذهم بلا منازع ليس في العصر المملوكي فحسب ، بل في جميع العصور ([29])، ويجب أن لايغيب عن أذهاننا التصوف وماله من أثر فعال في نشوء النبويات ، يُضاف إلى ذلك ما نُسج حول البردة النبوية من الحكايات والأساطير تناقلها الناس على مر السنين، ويكفي أن نشير إلى أن البوصيري هو الذي أصبح مثلاً يحتذي به شعراء الشام ومصر وغيرهما في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم ([30]).
كما يعد البوصيري أول من فتح باب المدائح النبوية في العصر المملوكي ، وخاصة في قصيدته المشهورة بالبُردَة، ولولا ما أحاط البوصيري ذاته في تلك القصيدة من تعظيم وتقديس لما نالت من الشهرة ما نالت ، فيقول البوصيري : كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله ، منها ما كان اقترحها علي الصاحب زين العابدين يعقوب بن الزبير ، ثم انتقل لي بعد ذلك فالج أبطل نصفي ، ففكرت في عمل قصيدتي هذه فعملتها ، واستشفعت بها إلى الله تعالى في أن يُعافيني ، وكررت انشادها ـ ونمت فرأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – فمسح وجهي بيده المباركة ، وألقى عليّ بردة ، فانتبهت فوجدت فيّ نهضة فقمت وخرجت من بيتي ، ولم أكن أعلمت بذلك أحدًا ، فلقيني بعض الفقراء، فقال لي: أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله ، فقلت : أيها ؟ فقال : التي أنشأتها في مرضك ، وذكر أولها ، وقال والله لقد سمعتها البارحة تنشد بين يدي رسول الله ، ورأيت الرسول – صلى الله عليه وسلم- يتمايل وأعجبته ، وألقى على من أنشدها بردة ، فأعطيته إياها وشاع المنام ([31]).
وما من جيل من أجيال الشعر –بعد البوصيري – إلا قد سعد بطائفة من الشعراء ، أبدعوا في هذا الفن ما شاء لهم الإبداع، وأطالوا فيه ما شاء لهم طول نفسهم، وتباروا فيه مباراة الحريص على النصر والظفر، وعارضوا فيه القدماء والمحدثين ([32]).
وكان للبردة بالغ الأثر في الأدب واللغة ؛ لأنها أثرت في جمهور المسلمين ، فحفظها الناس وروها ، وحَفَّظُوها أبناءهم وأحفادهم ، وقرؤوها في المناسبات المفرحة والمحزنة ، وأثرت في حركة التأليف فكثُر شارحوها والمعلقون عليها ، وأثرت في الدراسات التاريخية لما تضمنته من إشارات تاريخية ودينية، وأثرت في الحركة الأدبية فكثر تشطيرها، وتضمينها، وتخميسها، وتسبيعها، وتعشيرها، ومعارضتها، وأوجدت فنًا جديدًا عُرف باسم البديعيات([33]).
وبذلك يكون البوصيري خلص المديح النبوي من جميع الشوائب التي خالطته ، وسخره للحب الخالص الذي يقدس فيه محبوبه ، ويجل صفاته و أخلاقه ، وما يخالطه من شوقً وحنين ([34])، وسار كثير من شعراء العصر على أثر البردة ، فاحتذاها وعارضها جماعة من الشعراء ، وتناول معانيها ، وأسلوبها جملة ، ممن اهتموا بالمديح من بعده ، كالخيمي، وصفي الدين الحلي ، وابن جابر الأندلسي الضرير، وابن حجة الحموي ، ولكن صفي الدين الحلي ومن تبعه انتهجوا نهجًا جديدًا في مدائحهم إذ طرزوها بالبديع وأسموها البديعيات ([35]).
فأصبح منهجه بعد ذلك دستورًا لمن جاء من بعده، ومنه تولد فن البديعيات، والبردة نفسها لا تخلو من التكلف ومن المحسنات البديعية، لكن صدق التعبير فيها ضمن لها هذه الشهرة ([36])، ومن رجال المديح النبوي في العصر المملوكي، البوصيري، والشاب الظريف، وابن نباتة المصري، وابن حجر العسقلاني ، وأصحاب البديعيات ومنهم صفي الدين الحلي ، وعز الدين الموصلي ، وابن حجة الحموي ([37])، والشهاب الحلبي، وعائشة الباعونية، ومنهم ابن الوردي، وشمس الدين الباعوني، والقيراطي ([38]).
ونستنج مما سبق أن فن المديح النبوي كان فنًا رائجًا في العصر المملوكي ، وأن بردة البوصيري كانت خير معين لأدباء هذا العصر ، وكانت الشرارة الأولى التي انبثق منها فن البديعيات فيما بعد واتخذ أسلوبًا ونهجًا معينًا خاصًا به في المديح النبوي ، كما أنه لا يمكن عد البديعيات ضمن فنون المديح النبوي.
فن البديعيات
يعد العصر المملوكي من أكثر العصور التي اهتم فيها الشعراء و الأدباء بالبديع وتباروا في ميادينه، ونظموه في قصائدهم، حتى صار نظم القصائد البديعية سمة من سمات الأدب في هذا لعصر ([39])، وهو أحد الفنون الشعرية المبتكرة في هذا العصر ، فلم ينتبه إليه الشعراء من قبلهم ([40]).
كما أنه من أكثر العصور التي احتفي بها الشعراء والأدباء بالبديع ، ونظموه في قصائد ، حتى صار نظم القصائد البديعية مثله مثل باقي الفنون ، لتسهيل فهمه وحفظه على طلابه ، وتوسع العلماء في ذلك حتى أننا نجد أن كل فنٍ حظي بأكثر من منظومة كالفقه و الحديث و النحو و العروض و البلاغة وهذا يعني أن الذوق العام في هذا العصر كان متجهًا ومقبلاً إلى هذا الاتجاه ([41]).
فقد تعاظمت الروح الدينية في العصر المملوكي ، فتحول شعرهم الديني إلى ظاهرة فنية ، أولجوا فيه فنون الصنعة التي عرفوها ، وطغت على إنتاجهم ([42])، فالبديعية عبارة عن قصيدة طويلة في مدح النبي – صلى الله عليه وسلم – على بحر البسيط وروي الميم المكسورة ، ويتضمن كل بيت من أبياتها لونًا من ألوان البديع أو أكثر، ويكون هذا البيت شاهدًا عليه ، وربما وُرّى باسم النوع البديعي في البيت نفسه في بعض القصائد ([43]).
والسمة الأصيلة للقصيدة البديعية أن يتوخى فيها الناظم تضمين أبياته بالألوان البديعية ([44]) وهي ضرب من ضروب الصناعة الفكرية؛ لأنها تدور حول الألوان البديعية، وحول حقائق السيرة النبوية الشريفة ([45]). والبديعية هي الفن الشعري الظريف الذي بزغ نجمه في القرن الثامن الهجري ، وتلألأ على صفحات التراث في القرون المتتالية ، فجمع بين المتعة والفائدة ، ووافق بين الذوق والإحساس ، فلا نعدم فيه صورة جميلة ، أو أبياتًا رائعة، أو تعبيرًا عفويًا ، أو لمحة وجدانية معبرة ([46]).
ويصفها محمود رزق سليم بقوله : ” البديعيات صناعة فكرية أكثر منها صناعة أدبية، وهي ضرب من ضروب شعر الحقائق والفنون؛ ذلك لأنه في جُملة ما نُظمَ فيه من القصائد يدور حول لونيين من الحقائق، حقائق الأصباغ البديعية، وحقائق السيرة النبوية ، ولا ننكر أن النزعة الدينية لها صلة بوجود هذا الفن ” ([47]).
وقصرَ الشُعراء البديعيات على شخص النبي – صلى الله عليه وسلم – حُبًا به، مدحًا وغزلًا من غير أن يكون هذا المدح هو الغرض الرئيس، أما الغرض الأدبي فهو عرضُ أنواع البديع ([48])، وقبل البحث في أسباب نشأة هذا اللون الجديد نرى ضرورة البحث في علاقة البديعيات بالمديح النبوي، وذلك لأن غرض المديح وجد منذ القدم، إلا أن البديعيات زادت المديح النبوي توهجًا وقوة، من خلال الأسلوب البديعي، بالإضافة إلى الاتجاه الديني والعقائدي ، من غير الاعتماد على التصوف ([49]).
“اختلف الباحثون في نشأة هذا الفن فذهب بعضهم أن عبد النور الزواوي المصري (628هـ) أول من نظم قصيدة بديعية تضم أنواعًا بديعية ، أطلق عليها اسم (البديع في علم البديع) ، وجاء من بعده أمين الدين بن علي الأربلي (670هـ) ونظم بديعيته في مدح شخص اسمه علي، ويرى بعضهم أن نشأتها كانت على يد صفي الدين الحلي (750هـ) ، وبعضهم نسبها إلى لابن جابر الأندلسي (780هـ)، في الحلة السيرا في مدح خير الورى ، والتي تقع في 177بيت ، واستهلها بقوله([50]): [البسيط]
بِطِيْبَةَ انْزِلْ وَيَمِّمْ سَيَّدَ الأُمَمِ | وانْشُرْ لَهُ المَدْحَ وانْثُرْ أَطيَبَ الكَلِمِ |
إلا أن هذا الفن يعود في نشأته إلى الصفي الحلي، بوصفه أقدم من نظم بديعية مكتملة بكل شروحها ،كما إن البديعيات انتقلت إلى طورٍ جديد ، ووضع لها شروطًا وأسسًا بدونها لا تسمى بديعيّة ” ([51]). ولعل صفي الدين الحلي أول من أطلق عليها مسمى ( البديعيّة ) ، وهو أول من وضع دعائمها و أسسها، وابن حجة من بعده ومن ثم راج هذا المصطلح بين الناس و الشعراء ([52])، وبذلك تنازع على هذا الفن ثلاثة من الشعراء ، هم : علي بن عثمان أمين الدين الإربلي، وعبد العزيز بن سرايا صفي الدين الحلي ، ومحمد بن أحمد بن جابر ([53]) .
إلا أن القارئ والمتمحص والباحث في واضع هذا الفن يجد أن ابن جابر الأندلسي لم يكن هو المؤسس الحقيقي لهذا الفن ، وما يؤكد ذلك موقف الصفدي الذي توفي بعد الحلّي بأربعة عشر عامًا – وهو الأستاذ والصديق للأندلسي – بقوله بأن الأندلسي لم تكن لديه بديعية أنشدها قبل وفاة الحلّي ، مما يرجح أنه نظمها بعد وفاة الحلّي ، أما الإربلي فإن قصيدته لا تعد بديعية ، فلم يكن يملك الغاية والهدف في تأليف فن جديد ، بل نجد أنه كتب اسم النوع البديعي بجانب أبيات قصيدته ولا نضمن بأنه من كتبها، وهي كذلك لا تمتلك شروط ومقومات البديعيات ([54])، فهي ليست في المديح النبوي ، ولا على البحر البسيط ، وري الميم ، فليس لها من البديعيات سوى كون كل بيت منها يشتمل نوعًا من البديع ([55])، وأنه لولا مكابدة وتحمل صفي الدين الحلّي عناء هذا الطريق لما رأينا هذا الفن الجديد ، ولما وضعنا له اسمًا، وبذلك يبقى أقدم من نظم بديعية مكتملة ([56]).
ويرى شوقي ضيف أن البديعيات عرفت منذ دخول البديع في الشعر بصورة واضحة ، فنجده يقول : “ويحمل لواء هذه البديعيات في زمن الدولة الأيوبية القاضي الفاضل ، وزير صلاح الدين ، الذي نشأ وتربى في دواوين الدولة الفاطمية ، ويجعله ابن حجة الحموي والصفدي إمام الشعراء في زمنه في استخدام المحسنات البديعية من تورية وغير تورية ، ويقولان إنه سار في دربه على منواله ونهجه ابن سناء الملك ومن خلفوه من شعراء الدولتين الأيوبية والمملوكية” ([57]).
إلا أن محمود رزق يخالفه الرأي فهو يرى أن البديعيات وجدت في العصر المملوكي ،بقوله : ” وهو أحد الفنون المبتكرة في عصر المماليك ، وقبل العصر المذكور لم يتنبه الشعراء إليه ، ولم تتجه نحوه خواطرهم ، ومنذ ابتكاره وله سيطرة كبيرة في دولة الشعراء امتدت إلى زمن قريب ، وأول أسباب ابتكارهم له ، وتنبههم له ؛ هو اتخاذه وسيلة لإظهار القدرة على سبك ألوان البديع ، وما دفع الشعراء إلى ذلك إلا حبهم للبديع ، واعتبار ألوانه في جملتها دعائم بلاغية تُعين على جمال تصوير المعاني ودقته ” ([58]).
وكان الحلي قد سار على نهج بردة البوصيري التي كانت تعد الشرارة الأولى لهذا الفن ، إلا أنه نحى بها إلى منحى التطريز البديعي هو وكل من جاء من بعده من أصحاب البديعيات ([59]).فكان بين بديعيته و البردة و المديح النبوي علاقة تأثير وتأثر فيعد البوصيري ممثل المديح النبوية ، ويعد الحلّي ممثل البديعيات ، فكل منهما نظم قصيدته إثر مرض أصابه ، وعلى بحر البسيط ، وروي الميم المكسورة ، على الرغم من ذلك لم يصرح الصفي الحلّي بأنه عمد في بديعيته إلى معارضة بُردة البوصيري ([60]).
ويعد صفي الدين الحلّي المخترع الأول لفن البديعيات ، فنجده يقول في مقدمة كتابة (شرح الكافية البديعية ) بعد الاطلاع على كتب أهل البديع بداية بابن المعتز وصولاً إلى ابن أبي الإصبع ، والتأمل في أشعار العرب : ” فجمعت ما وجدت في كتب العلماء ، وأضفت إليه أنواعًا استخرجتها من أشعار القدماء ، وعزمت أن أؤلف كتابًا يحيط بجلِّها ، إذ لا سبيل إلى الإحاطة بكلها ، فعرضت لي علة طالت مدتها ، وامتدت شدتها، واتفق لي أن رأيت في المنام رسالة من النبي – عليه أفضل الصلاة والسلام – يتقاضاني المدح ، ويعدُني البرءَ من السقام ، فعدلت عن تأليف الكتاب إلى نظم قصيدة تجمع أشتات البديع ، وتتطرز بمدح مجده الرفيع ” ([61]). و الكافية البديعية في المدائح النبوية تبلغ 140 بيتًا ، قدم لها شرحًا تحت عنوان ( شرح الكافية البديعية ) ، و مطلعها ([62]): [البسيط]
إن جئتَ سِلعًا فَسَلْ عنْ جِيرَةِ العَلَمِ | واقْرَا الَّسلامَ عَلى عُرْبٍ بِذَي سَلَمِ |
ومن هنا نجد أن بداية وجود فن البديع لدى صفي الدين الحلّي تتشابه مع بداية المديح النبوي ونخص بذلك قصيدة البردة للبوصيري ، فكلاهما أنشأ قصيدته بعد ما أصابه السقم ، كلاهما تعافي منه بعد نظم قصيدته ، ” كما نجد أنه لم يصرح ببديعيته أنه عمد إلى معارضة البردة ، إلا أن الفكرة واضحة كل الوضوح ، بدليل اتفاق الوزن والقافية ونوع القافية ، وموضوع القصيدة ، والاتجاه في المديح ، ومن غريب الأمر توافق كل منهما في الدافع الأصيل في نظم القصيدة ، وهو المرض ورؤية الرسول – عليه الصلاة والسلام – في المنام ، وتقاضيه المديح منهما ، بينما استجاب البوصيري فنظم البردة متواجدًا مشتاقًا مستشفعًا ، ونظم صفي الدين بديعيته لتجمع أشتات البديع ، ويستعيض بها عن كتاب فيه ” ([63]).
كما أن نُظَّام البديعيات كانوا يستحضرون شهرة قصيدة البوصيري في مهيئات النظم عندهم ، وكأنهم بذلك يبحثون عن تزكية شرعية عقدية للونهم الإبداعي الجديد ، كما أن ظهور هذا اللون الإبداعي في العصر المملوكي يرجع إلى الأجواء الثقافية والحضارية والعلمية فيه ، بالإضافة إلى الدافع والرغبة لدى الشعراء في المديح النبوي سعيًا إلى الشهرة والرغبة في المعارضة ([64]).
وكان من دوافع ظهور البديعيات ، الرغبة في التأليف البلاغي ، بالإضافة إلى رغبة الشعراء بمدح الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي كان نابعًا من وازعٍ ديني ، ولاجتماع الشاعرية و التأليف عند الناظم ، فكان أصحاب البديعيات من الشعراء المعروفين ، ، بالإضافة إلى قدرتهم على التأليف ، فنجد معظمهم صنف شرحًا لبديعيته ، وسعيًا منه إلى الشهرة ، والرغبة في المعارضة ، وأخيرًا أثر المجتمع الذي كان الناس فيه يقبلون على الفن ، ويحتفون بأهله ، كل ذلك جعل منه فنًا رائجًا ([65]) ، وأصبحت البديعيات المقياس الدقيق لإبداع الشعراء ، لما تضمنته من مدحٍ للنبي ، وما تضمنته من شروح ([66]) ، السعي للشهرة والرغبة في المعارضة ، وحب الظهور ، مما دفع الحلي للسير على دأب البوصيري ، وهو ما دفع من جاء من بعده ان يسير على هذا الدأب ([67]).
والملاحظ من تواريخ وفاة أشهر ناظمي ورواد البديعيات بأنها متقاربة بعض الشيء ، مما يعني أن البديعيات انتشرت بسرعة بين الشعراء ، وربما كان ذلك نتيجة لما تضمنته البديعية من نفحات دينية ارتدت لباس العصر المألوف من الزخرف ، ولعلنا نجد توضيحًا لذلك ، بأمرين ، أولهما : أن الشاعر كان إذا بلغ من الشهرة غايتها ، ومن المعرفة والقدرة الشعرية أوجها يمم صوب البديعيات ، ليدلي بدلوه فيها ، وكأنه يرى تمام الشاعرية ، واكتمال الشهرة لا يأتيان له إلا إذا أثبت في ميدان البديعيات وجوده ، وثانيهما: أن كثيرًا من أول الأمر يطلبون من الشعراء أن ينظموا البديعيات ، ربما بغية التقرب من جمهور الناس([68]).
وفن البديعيات هو الذروة التي بلغها الولوع بصناعة البديع ، وقصائد البديعيات في الشعر شبيهة بمقامات الحريري في النثر ، كلتاهما القمة التي بلغتها صناعة البديع ([69])، وتعد شروح البديعيات من أهم الدراسات التي اهتمت بفن البديع ، ونخص بها البديعيات التي ضمنت في شرحها أبيات البديعيات الأخرى سواء كان ذلك في سياق التقديم لفن البديعيات أو في سياق المقارنة .
ولعل أول من أطلق مصطلح بديعية على هذه القصائد ذات الصفات المميزة ، هو صفي الدين الحلّي ، الذي أرسى دعائم هذا الفن ، ويبدو ذلك جليًا من خلال تسمية بديعيته ، فقد أطلق عليها (الكافية البديعية في المدائح النبوية) ، ولعل هذا يوضح أن مصطلح بديعية انطلق في بادئ الأمر من صفة طغت على القصيدة إلى مصطلح واضح المعالم أصبح لا يطلق إلا على مثل تلك القصائد ، ثم رسَخ هذا المصطلح في أذهان ونفوس الناس ، وبعد ذلك انتشر هذا المصطلح ، وعرفه الناس والشعراء ، وطفقوا يطلقونه على مثل تلك القصائد التي تنظم في سلك هذا الفن ([70]).
ولما كان الغرض البديعي الشعري موجزًا ، فقد احتاجت البديعيات إلى شروحٍ ، وتعليقاتٍ وتهميشاتٍ ، حتى غدت أضخم إنتاج فني نثرًا وشعرًا ، وأطال أصحاب البديعيات قصائدهم حتى بلغت المئات ، وامتازت بروحٍ عاطفيةٍ ، ووحدةٍ في المعاني ([71]).كبديعية جلال الدين السيوطي (911هـ ) ، (نظم البديع في مدح خير شفيع ) ، وتقع في132 بيتًا ، ومطلعها ([72]): [البسيط]
مِنِ العَقِقِ ومِنْ تِذْكارِ ذِي سَلَمٍ | بَرَعَةُ العينِ في استِهْلالِها بِدَمِ |
و البديعيات فن ينتسب إلى علم البلاغة عامة ، والبديع خاصة ، قائم على أن تكون القصيدة مشتملة على شرائط مخصوصة ، ليصدُق عليها هذا الوَسْمُ ألا وهو بديعية ، وهو مؤتلف من شقين : الشكل والمضمون ، أما الشكل فيجب أن تكون البديعية قصيدة طويلة ، منظومة على البحر البسيط ، قافيتها ميمية مثل ميم البردة ، أما مضمونها أو موضوعها فهو مدح الرسول –عليه السلام – والحديث عنه على طريقة البردة ، غير أن الغرض الأول من نظمها هو أن يتضمن كل بيت من أبياتها نوعًا بديعيًا واحدًا على الأقل ، مع الإشارة أحيانًا في البيت إلى اسم النوع الذي يتضمنه ، بلفظٍ ما عن طريق التورية ، وقد يشار إلى اسم النوع دون إيراد مثل له في البيت ، وبهذه الأمور افترقت البديعيات عن البردة ، وأصبحت كأنها كتاب في البديع يستعرض أنواعه ويمثل لها ([73]) .
وسارت البديعيات على اتجاهين ، الأول : عدم الالتزام بتسمية النوع البديعي في البيت ، بل يمثل الناظم له من خلاله ، بمعنى أن يكون البيت شاهدًا على هذا النوع البديعي ، ثم يذكر اسم النوع خارج البيت ؛ إما قبله ، أو بعده ، أو أسفله ، أ وبجانبه ، وهذه الطريقة التي نظم عليها صفي الدين بديعيته ، والثاني : التورية باسم النوع البديعي ضمن البيت الذي يستشهد به ، فتدخل تسمية النوع ضمن مفردات البيت ، وكان عز الدين الموصلي (789هـ) أول من ابتكر هذا الاتجاه في بديعيته الفتح الإلي في مطارحة الحليّ ، وقدم لها شرح تحت عنوان (التوصل بالبديع) ، وتقع في 156 بيتًا ، ومطلعها([74]): [البسيط]
بَرَاعَةٌ تَسْتَهِلُ الدَّمعَ في العَلَمِ | عِبارةٌ عَنْ نِداءِ المُفْرَدِ العَلَمِ |
وتبعه في ذلك ابن حجة ( 837هـ) ، في بديعيتة (تقديم أبي بكر) ، ولها شرح تحت عنوان (خزانة الأدب من كلِّ فنٍ مُنتَخب ) ، وتقع في142 بيتًا ، واستهلها بقوله([75]): [البسيط]
لِي فِي ابْتِدَا مَدْحِكم يَا عُرْبَ ذِي سّلمِ | بَراعَةٌ تَسْتَهِلُ الَّدمْعَ في العَلَمِ |
والباعونية (922هـ) ([76]) في بديع البديع في مدح الشفيع ، ولها بديعيتان صغرى وكبرى ، وأطلقت عليهما الاسم نفسه ، اختصت البديعية الكبرى بشرح ، وهي تقع في 147 بيتًا ،ومطلع بديعتها الصغرى([77]): [البسيط]
فِي حُسْنِ مَطلعِ أَقْمارٍ بِذِي سَلَمِ | أَصْبَحتُ في زَمرَةِ العُشَاقِ كَالعَلَمِ |
ومطلع بديعيتها الكُبرى ([78]): [البسيط]
عَنْ مُبتَدَا خَبَرِ الجَرْعًاءِ مِنْ إِضَمِ | حَدَّثْ ولا تَنْسَ ذِكرَالبَانِ وَ العَلَمِ |
لقد تطورت ظاهرة البديعيات بشكل لافت ، فقد امتدت من القرن الهجري السابع إلى القرن الرابع عشر ، فخلال ذلك مرت بأطوار ثلاثة كما يرى صاحب الصبغ البديع ، وهي : طور الاختراع مع سليمان الإربلي (670هـ) ، وطور ذكر النوع البديعي في كل بيت دون التورية مع صفي الدين الحلي (750هـ) ، وطور التورية باسم النوع البديعي في كل بيت مع عز الدين الموصلي (781هـ) إلا أننا نرى أنها مرت في طورين فقط ، الأول : طور التأسيس والريادة مع صفي الدين الحلي ، وابن المقري ، والطور الثاني هو طور عز الدين الموصلي وابن حجة الحموي ، ومن نحا نحوهما الملتزمين بالتورية باسم النوع البديعي([79]).
وظهرت لدى أصحاب البديعيات ظاهرة نظم أكثر من بديعية ، ويرجع ذلك إلى حب التفوق والفراغ اللذان دفعا الناظم إلى ذلك ، فقد نظم عز الدين الموصلي ، والأثاري ، والباعونية ، عبد الغني النابلسي أكثر من بديعية ، كما قدم شرحًا على إحدى بديعياته ، إلا عائشة الباعونية وضعت شرحًا لكل واحدةٍ منهما ([80]).
ومما تجدر الإشارة إليه أن العصر الذي اكتملت فيه البديعيات كان عصر المنظومات العلمية من نحو ، وصرف ، وعروض وفقه وغير ذلك ، إلا أن تلك المنظومات كانت تنحت من صميم الفكر ، وتمتزج بقوانين العقل ، وتصب في قوالب القواعد ، دون التلون بالعاطفة ، أو الاقتران بغرض من أغراض الشعر ، فكل غايتها أن تنظم المعلومات في تفعيلات شعرية يسهل على الناس حفظها ، أما البديعيات فقد ضمت الغرض الشعري ملونًا بالعاطفة والمشاعر والأحاسيس ، إلى جانب الغاية العلمية ، وهذا لا يعني أن البديعية كانت تضج بالعاطفة والمشاعر ، إلا أن فيها شيئًا من العاطفة ، ويعود سبب ذلك إلى أن كل بيت فيها ينظم لهدف وغرض بديعي مما يحد من شاعريتها ([81]).
والبديعيات في الشعر العربي سمت بالمنظومات التعليمية إلى مرتبة الغرض الشعري ، كما أنها سمت بغرض المديح عن المآرب والغايات القريبة ، فهي لم تكن سببًا في ضعف الشعر ، بل كانت عاملاً في ارتقائه في الشكل والمضمون إلى حدٍ كبير ، وهي بذلك برزخٌ بين الشعر الرائع والنظم التأليفي ، فلا يستطيع المرء أن يدرجها تحت أي منهما ؛ والسبب يتمثل في اشتراك العاطفة مع التأليف ، فالممدوح مثلٌ كاملٌ ، والقصيدة مدحية ، وهنا تجود القرائح ، ويمدح الشاعر بلا حرج ، وأوضح ما يكون في بديعية الحلي ، والباعونية ، والنابلسي ، وغيرهم ([82]).
وبذلك اكتسبت البديعيات أهميتها من الناحية الفنية ، ولكن نزعة الصناعة والتكلف أبعدتها عن جو الشعر الأصيل ، وأفقدتها خياله الجميل ، وروعة تصويره ، وسحر تراكيبه ، حتى أن بعض الأدباء فيما بعد نظموا بديعيات لم يلتزموا فيها كل شروط البديعية ، فمنهم من نظمها من غير قافية الميم أو على بحر البسيط وفي غير المديح النبوي ، مثل شرف الدين السعدي ، والشيخ محمد ناظم الملتقي ([83])، ومن ثم يعد توسيع بعض الباحثين قاعدة تعريفها إلى أن منها ما نظم على البحر الكامل ، وعلى غير روي الميم ، استثناء لا قاعدة ، بدليل أن الباحثين المختصين قد حصروا عددًا كبيرًا من البديعيات (واحد وتسعين بديعية) ([84])، والقصيدة لا تكون بديعية إذا كانت منظومة على الطويل أو الكامل ، ولا تكون بديعية إذا كانت قافيتها غير الميم المكسورة ، ولا تكون كذلك إذا كانت قصيرة وتتألف من أبيات محدودة ، ولا تعد كذلك إذا لم تشتمل في كل بيتٍ على لونٍ بديعي، ولعل ذلك الباعث من إخراج بردة البوصيري من مضمار البديعيات لفقدانها شرطًا واحدًا يتيمًا وهو خلوها في بعض أبياتها من لونٍ بديعي ([85])، وبذلك أي قصيدة أخلت بشرطٍ واحدٍ أو أكثر من شروط البديعيات لا يمكن عدُها من البديعيات ؛ لأنها بذلك لم تلتزم بأسس وقواعد وشروط البديعيات التي اتفق عليها معظم أهل البلاغة .
الخاتمة
وفي الختام نجد أن معظم شعراء البديعيات قد استهلوا بديعياتهم ببراعة الاستهلال أو حُسن المطلع، ووضحوا الفن البديعي في الشاهد سواءً باللفظ المباشر أو بالمعنى الضمني ، ونستنتج مما سبق الآتي:
1-أن فن البديعيات انبثق عن المديح النبوي فمعظم البديعيات سارت في نهجها وأسلوبها على نظام بردة البوصيري ، وهي تعد أشهر القصائد في المديح النبوي بينما ما يميز البديعيات عن المدائح النبوية يكمن في أن البديعيات قصائد نُظمت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم على البحر البسيط، وعلى روى الميم المكسورة وأضيف إليها ذكر فنون بديعية سواء باللفظ الصريح أو بالمعنى المورى عنه في كل بيت من أبيات البديعية ،وشعر المدائح النبوية عبارة عن قصائد في مدح رسول – صلى الله عليه وسلم- دون أن تأخذ أي سمة من السمات البديعية أو أن يذكر فيها الفنون البديعية بصورة صريحة أو ضمنية
2- نلحظ أن العصر المملوكي كان عصر علم وتعلم ، ففيه تم وضع أسس وقواعد علم البديع ، ونشأ على إثره فن البديعيات التي لاقت قبولاً ورواجًا ملحوظًا بين الشعراء ، حتى أن عدة شعراء نظموا أبياتهم الشعرية البديعية في مدح الرسول- صلى الله عليه وسلم – وأتبعوها بشروحهم عليها .
3-كما نجد أن فن البديعيات وُجِدَ بسبب البيئة الثقافية التي كان البديع وفنونه مستحوذًا فيها على عقول وقلوب الأدباء والشعراء ، بالإضافة إلى النزعة الدينية التي كانت رائجة بذلك العصر ، وتعلقهم وحبهم الصادق للرسول– صلى الله عليه وسلم – وأملهم بأن تكون هذه البديعية شفاعة لهم عند خير الخلق ، ولسبب شيوع الشعر التعليمي في تلك الفترة كما لابد لنا من أن نفرق بين هذا الفن الشعري البديعي وبعض الفنون الشعرية الأخرى كالفرق بين البديعية والمنظومات الشعرية التعليمية ، فنجد أن هذه المنظومات وليدة الفكر و العقل ولم تمتزج بها أنواع العاطفة أو المشاعر ، أما البديعيات فقد ضمت الغرض الشعري ملونا بالعاطفة والإحساس والروحانية، إلى جانب الغرض التعليمي.
4- ومن الجدير بالذكر أن فن البديعيات جمع بين كل من الفنون البديعية وروعتها ورونقها الذي سحر الأدباء والشعراء على حد سواء ، وفن المديح النبوي الذي اهتم شعراء العصر المملوكي النظم فيه، بصورة متناغمة، مما أسهم في انتشار هذا الفن وشيوعه في العصر المملوكي ، ومما جعل منه ميدان دراسة في العصر الحديث، فهو يعد فنًا فريدًا من نوعه، حظي بالاهتمام اللائق به في العصر المملوكي، فوضعت أسسه وقواعده، وتنوعت بديعياته بين الشعراء .
قائمة المصادر والمراجع
– آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي ،ياسين الأيوبي ، ط1، جرّوس برس ، طرابلس لبنان ، 1415هـ /1995م.
– الأدب العربي وتاريخه في عصر المماليك و العثمانيين و العصر الحديث ، محمود رزق سليم ، مطابع دار الكتاب العربي ، القاهرة ، مصر ، 1377هـ / 1957م .
– الأدب في العصر المملوكي ، محمد زغلول سلام ، دار المعارف ، القاهرة ، مصر ، 1971م .
– الأدب في بلاد الشام الزنكيين و الأيوبيين و المماليك ،عمر موسى باشا ، ط2، المكتبة العباسية، دمشق ، سوريا ، 1964م .
– البديعيات في الأدب العربي ، علي أبو زيد ، نشأتها وتطورها وأثرها ، عالم الكتب ، دمشق ، سوريا، 1402هـ/ 1982م .
– البديعية الكبرى و شرحها : عائشة الباعونية ،تحقيق : السيد حمدان ،ط1 ، دار النابغة للنشر ، طنطا، مصر ، 1436هـ / 2015م .
– البلاغة تطور وتاريخ، شوقي ضيف ، ط9 ، دار المعارف ، القاهرة ، مصر ، 1995م .
– التلخيص في علوم البلاغة ، جلال الدين محمد بن عبد الرحمن الخطيب القزويني ، تحقيق : عبد الحميد الهنداوي ، ط3 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 2009م .
– الحلة السيرا في مدح خير الورى ، ابن جابر الأندلسي ، تحقيق : علي أبو زيد ،ط2 ، عالم الكتب، بيروت ، لبنان / دمشق ، سوريا ، 1405هـ/1985م .
– خزانة الأدب وغاية الأرب :ابن حجة الحموي ، تقديم وتحقيق : محمد ناجي بن عمر ، ج 1/2 ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 2008م .
– ديوان الأعشى الكبير ، ميمون بن قيس ، شرح وتعليق : محمد حسين ، مكتبة الآداب بالجماميز ، المطبعة النموذجية ، القاهرة ، مصر ، د.ت .
– شرح الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسن البديع : صفي الدين الحلّي ، تحقيق : نسيب نشاوي ،ط2، مطبوعات مجمع اللغة العربية ، دمشق ،سوريا ، دار صادر ، بيروت ، لبنان ، 1412هـ / 1992م .
– شرح عقود الجمان في المعاني و البيان : جلال الدين السيوطي ، تحقيق : إبراهيم الحمداني ، ط1، إبراهيم الحبَّار دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 2011م .
– عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي ، محمود رزق سليم ، ج8، ط1 ، مطابع دار الكتاب العربي ، القاهرة ، مصر ،1381هـ/ 1962م .
– علوم البلاغة ، محمد أحمد قاسم ، محيي الدين ديب ، البديع و البيان و المعاني ،ط1 ، المؤسسة الحديثة للكتاب ، طرابلس ، لبنان ، 2003م .
– الفتح المبين في مدح الأمين : عائشة الباعونية ، تحقيق ودراسة : مهدي أسعد عرار ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 2007م .
– لسان العرب ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور ، دار صادر ، بيروت ، د.ت
– المدائح النبوية ، محمود سالم محمد ، ط1 ، دار الفكر المعاصر ، بيروت ، لبنان ، ودار الفكر ، دمشق سوريا، 1417هـ / 1996م .
– المدائح النبوية ، محمود علي مكي ، ط1 ، مكتبة لبنان ، الشركة المصرية العالمية للنشر ، دار نوبار للطباعة، القاهرة ، مصر ، 1991م .
– المصباح المنير ، محمد بن أحمد المقري ، تحقيق ـ خضر الجواد ، مكتبة لبنان ، بيروت ، لبنان ، 1987م.
– مطالعات في الشعر المملوكي و العثماني ، بكري شيخ أمين ، دار العلم للملايين ،بيروت ، لبنان ، 1972م .
– المعجم المفصل في الأدب ، محمد التونجي، ج1 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، 1993م.
– المعجم الوسيط ، ط4، مجمع اللغة العربية ، مكتبة الشروق الدولية ، القاهرة ، مصر ، 1425هـ / 2004م.
– نظم البديع في مدح خير شفيع : جلال الدين السيوطي ، تحقيق : الشيخ علي محمد معوض ، الشيخ عادل أحمد عبد الموجود ، ط1 ، دار القلم العربي ، حلب ، سوريا ، 1416هـ / 1995م .
([1]) سورة البقرة ، من الآية : 117 .
([2])ابن منظور ، جمال الدين ، لسان العرب ، مادة (بدِع) .
([3]) المعجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية ، مادة (بِدّعٌ) .
([4]) سورة الأحقاف ، من الآية : 9 .
([5]) المقري ، محمد بن أحمد ، المصباح المنير ، ص15 .
([6])القزويني ، جلال الدين ، التلخيص في علوم البلاغة ، ص 86 ، والسيوطي ،جلال الدين ، شرح عقود الجمان في المعاني والبيان ، ص 241.
([7])قاسم ، محمد أحمد ، ومحيي الدين ديب ، علوم البلاغة ، ، ص 52 .
([8]) للتفاصيل حول تطور ونشأة فن البديع ينظر :ضيف ، شوقي ، البلاغة تطور وتاريخ .
([9]) قاسم ، محمد أحمد ، علوم البلاغة ، ص 53 – 54 .
([10]) ضيف ، شوقي ، البلاغة تطور وتاريخ ، ص 62 .
([11]) الفنون الخمسة هي : الاستعارة ، والتجنيس ، والمطابقة أو الطباق ، ورد الأعجاز ، والمذهب الكلامي .
([12]) ضيف ، شوقي ، البلاغة تطور وتاريخ ، ص 359 .
([13]) قاسم ، محمد أحمد ، علوم البلاغة ، ص 60 – 61 .
([14]) القزويني ، جلال الدين ، التلخيص في علوم البلاغة ، ص 86 .
([15])سليم ، محمود رزق ، الأدب العربي وتاريخه في عصر المماليك و العثمانيين و العصر الحديث ، ص64 .
([16])محمد ، محمود سالم ، المدائح النبوية ، ص 48.
([17])أمين ،بكري شيخ ، مطالعات في الشعر المملوكي و العثماني ، ص261 .
([18] ) ذُكر في ديوان الأعشى مدح الرسول – صلى الله عليه وسلم- بقصيدته التي مطلعها : [الطويل]
أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلَةَ أَرْمَدَا | وَ عَادَكَ مَا عَادَ السَّلِيمَ المسهَّدَا |
ويذكر الرواة أن الأعشى خرج قاصدًا الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليمدحه ، فلقيه أبوسفيان بن حرب وثناه عن الوصول إليه ، وقال لأهل مكة :أتقوا لسان الأعشى ، فأنه ذاهب يمدح محمدًا ، فجمعتله قريش مائة من الإبل عطاء له ؛ على أن يرجع عن الوصول إلى المدينة ، فرجع الأعشى ومات في نفس العام ، ورويت هذه القصيدة ، ينظر شبكة الألوكة ، مقال بعنوان : الأعشى يمدح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طاهر العتباني ، 19/1/2012م .
([19]) سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/282 .
([20])الأيوبي ، ياسين ، آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي ، ص 116 .
([21])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/282 .
([22])محمد ، محمود سالم ، المدائح النبوية ، ص 123- 124 .
([23])باشا، عمر موسى ، الأدب في بلاد الشام الزنكيين و الأيوبيين و المماليك ، ص 408 .
([24])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/282 .
([25])أمين ،بكري شيخ ، مطالعات في الشعر المملوكي و العثماني ، ص 261 .
([26])الأيوبي ، ياسين ، آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي ، ص 116 .
([27])سليم ، محمود رزق ، الأدب العربي وتاريخه في عصر المماليك و العثمانيين و العصر الحديث ، ص 68 – 69 .
([28])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/283 .
([29])الأيوبي ، ياسين ، آفاق الشعر العربي في العصر المملوكي ، ص 436 .
([30])باشا، عمر موسى ، الأدب في بلاد الشام الزنكيين و الأيوبيين و المماليك ، ص 409-410 .
([31])أمين ،بكري شيخ ، مطالعات في الشعر المملوكي و العثماني ، ص 264- 265 .
([32])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/283 .
([33])أمين ،بكري شيخ ، مطالعات في الشعر المملوكي و العثماني ، ص 266 .
([34])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/283 .
([35]) سلام، محمد زغلول ، الأدب في العصر المملوكي ، ص 231 .
([36])مكي ، محمود علي ، المدائح النبوية ، ص 118-119 .
([37])سليم ، محمود رزق ، الأدب العربي وتاريخه في عصر المماليك و العثمانيين و العصر الحديث ، ص 70 .
([38])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/284 .
([39]) الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، المقدمة ، ص 35 .
([40])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/ 178 .
([41])الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، لمقدمة ، ص 35 .
([42]) التونجي ، محمد ، المعجم المفصّل في الأدب ، ص 177 .
([43]) أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 46 .
([44])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 6/157 .
([46])أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 49 .
([47])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/177 .
([48]) التونجي ، محمد ، المعجم المفصّل في الأدب ، ص 177 .
([49])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب:1/91-92.
([50]) الأندلسي ، ابن جابر ، الحلة السيرا في مدح خير الورى ، ص 28 .
([51]) الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، المقدمة ، ص 35 – 36 ، والبديعيات في الأدب العربي ، أبو زيد، علي، ص 69 .
([52]) أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 40 .
([54])المرجع نفسه ، ص63 – 65 ، 69 .
([55])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب:1/92.
([56])أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص63 – 65 ، 69 .
([57]) ضيف ، شوقي ،تاريخ الأدب العربي ، عصر الدول والإمارات :7 / 184 .
([58])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/178 .
([59]) سلام، محمد زغلول ، الأدب في العصر المملوكي ، ص 231 .
([60])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/178 –181 ، أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 21
([61])الحلي ، صفي الدين ، شرح الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسن البديع ، ص 54 .
([62]) الحلي ، صفي الدين ، شرح الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسن البديع ، ص 57 .
([63])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/181 .
([64])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب :1/91-92.
([65]) لمزيد من التفاصيل ينظر : أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 32 – 39 .
([66])ضيف ، شوقي ، تاريخ الأدب العربي ، عصر الدول والإمارات:7 / 184 .
([67])أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 35- 36 .
([68])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب :1/93.
([69])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/178 .
([70])أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 40 .
([71])التونجي ، محمد ، المعجم المفصّل في الأدب ، ص 177 .
([72])السيوطي ، جلال الدين ، نظم البديع في مدح خير شفيع ، ص 46 .
([73])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/179، والباعونية ، عائشة ، الفتح المبين في مدح الأمين ،المقدمة ، ص 31 .
([74]) الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، تحقيق ،ص 22 .
([75])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب:1/3.
([76])الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، المقدمة ،ص 38- 39 .
([77])والباعونية ، عائشة ، الفتح المبين في مدح الأمين ، ص 57 .
([78])الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، ص 6 .
([79])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب:1/93 – 94 .
([80])الباعونية ، عائشة ،البديعية الكبرى و شرحها ، المقدمة ،ص 39 .
([81])أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 50 .
([82])أبو زيد ، علي ، البديعيات في الأدب العربي ، ص 50- 51 .
([83])سليم ، محمود رزق ، عصر سلاطين المماليك ونتاجه العلمي والأدبي: 8/184-186 .
([84])الحموي، ابن حجة ، خزانة الأدب وغاية الأرب: ابن حجة :1/90.
([85])والباعونية ، عائشة ، الفتح المبين في مدح الأمين ،تحقيق ودراسة : مهدي أسعد عرار ، المقدمة ، ص 31 .