
التفكيكية بين الترجمة والتعريب
قراءة في إشكالية المصطلح في النقد العربي المعاصر
Deconstruction between translation and Arabization
A Reading of the problematic term in contemporary Arab criticism
د.خالدي وليد د. عثماني عبد المالك
جامعة طاهري محمد، بشار، الجزائر جامعة طاهري محمد، بشار، الجزائر.
Khaldi walid and otmani Abdelmalek / Tahri Mohamed University, Béchar, Algeria
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 56 الصفحة 9.
Abstract:
Critical Terminology crisis in contemporary Arabic studies has always existed, but it increased recently amid deep changes that western societies endured in modern times. Higher development in all scientific and technological domains achieved by westerners, added to environments which were characterized by extreme differences and dissimilarities, are the main cause of this characterized crisis which had negative impacts on Arabic literary criticism and gave birth to knowledge, methodological and procedural problems at the conceptual level when addressing literary phenomenon. This left scholars and readers alike, marooned and bewildered.
In the light of this reality, the term “deconstruction”, which was coined by the French philosopher and critic Jacques Derrida, is considered among the most disseminated and famous terms in modern Arabic critical discourse as it is noticed through criticism writings be they translated, transferred or Arabicized.
Key words : Term, criticism, discourse, theory, deconstruction, anatomic view, catabolic view.
ملخص:
مما لا شك فيه، أن أزمة المصطلح النقدي في الدرس العربي ليست وليدة اليوم، بل موغلة في القدم، وازدادت وتيرتها بصورة واضحة في ظل التحولات التي طالت المجتمع الغربي في العصر الحديث، من خلال ما أحرزه من تقدم هائل في شتى مجالات الفكر والمعرفة والعلوم، ونظرا لطبيعة المناخ الذي يتسم في عمقه بالتباين والتمايز، انعكس ذلك سلبا على المشهد النقدي الأدبي العربي، وولد إشكالات معرفية ومنهجية وإجرائية لدى الجهاز المفاهيمي أثناء مواجهته للظاهرة الأدبية، مما أوقع الدارس والقارئ على حد سواء في الارتباك والحيرة.
ومن هذا المنطلق، يعد مصطلح التفكيك Déconstructionالذي نحته الفيلسوف والناقد الفرنسي جاك دريدا (j.Derrida ) في أدبيات الخطاب النقدي العربي المعاصر من أكثر المصطلحات شيوعا ودورانا على الألسن، ويمكننا تلمس هذه الحقيقة انطلاقا من الكتابات المتعددة والمختلفة للنقاد، التي ملأت الساحة الثقافية بين مترجم وناقل ومعرب.
الكلمات مفتاحية : المصطلح؛ النقد؛ الخطاب؛ النظرية؛ التفكيك؛ التشريحة؛ التقويضية.
مقدمة:
يشكل المصطلح محوراً مهماً داخل سقف المعرفة الإنسانية، وركيزة أساسية داخل حيز العلوم المتنوعة والمختلفة، وبهذه المعادلة يتمظهر دور المصطلح من حيث القيمة والغاية والفعالية، التي تنأى عن الطابع الارتيابي ضمن الممارسة والتحليل والفحص، وهذا الاستحقاق تزداد أهميته في العملية التواصلية ذات العلاقة المتبادلة، ولعل أولى ثمار هذه العلاقة في بعدها الإبستمولوجي؛ تقديم وتقريب المصطلح للمتلقين بصورة واضحة، وبمنطق يحسن من خلاله ربط جسور التواصل العلمي الذي يندرج تحت مظلة الطرح الموضوعي والمنهجي، ولا شك في أن أي مصطلح لا ينطلق من فراغ، بل لابد من أن يستند إلى منظومة فكرية وفلسفية وثقافية والبيئة التي ولد فيها، وعن طريق النوع المعرفي الذي ينتمي إليه، تتحد ملامحه وخصائصه، ويكتسب شرعيته ومناعته، إضافة إلى مدى تلبيته لمتطلبات ومقتضيات المعرفة المتنوعة، وراهنية العصر الذي يحيا في بوتقته، لذلك كان لزاما على الباحث والدارس أن يولي المصطلح عناية فائقة من أجل الوصول إلى النتائج العلمية التي تحيد عن التحريف والتزييف والتضليل، ويضع الدراسة في شقها الإيجابي كموقف منهجي يتطلب الموضوعية في المقاربة النقدية.
وبما أن المصطلحات في وقتنا الراهن أضحت عرضة للتغير والخلط، ومن ثم، عدم الإجماع على تعريف واضح الملامح؛ فإن هذا الأمر في ثقافتنا العربية المعاصرة بات إشكالية تمثل أهم القضايا الكبرى التي تثار، ولحد الآن لم تتحدد بكيفية واحدة؛ طالما أن هناك رؤى متباينة وزوايا نظر مختلفة.
وعلى هذا الأساس، تأتي أهمية هذه الدراسة في تناولها لمصطلح من المصطلحات النقدية المعاصرة التي حظيت بحضور متميز في المشهد النقدي العربي المعاصر، ولعل من أهم المصطلحات التي تستوقفنا في هذا الصدد، وفي تحديد ماهيتها نظرا لأهميتها البالغة في الصرح المعرفي مصطلح التفكيك.
وفي ذروة هذا النشاط، أضحى مصطلح التفكيك مجالاً معرفياً خصباً يطرح على طاولة الحوار بين المهتمين والمنخرطين في ميدان الأدب، ولا شك أن هذه الحوارات أبانت عن وجهات نظر مختلفة، مما أدى في المقابل إلى تعدد التسميات ( التفكيك – التفكيكية- التقويض- التقويضية- التشريح-التشريحية)، ومن بين النقاد الذين تعرضوا للمصطلح، نجد عبد المالك مرتاض، عبد الله الغذامي، سعد البازعي وميجان الرويلي، محمد عناني، سعيد علوش، وهذا ما سنحاول التطرق إليه بالدرس والتحليل. ومن هنا ،كانت الإشكالية على النحو التالي: ما مفهوم المصطلح؟.
وما هي أهمية المصطلح النقدي وواقع التجربة في النقد العربي المعاصر؟ وما الأسباب التي جعلت مصطلح التفكيك في أوساط المشهد النقدي العربي المعاصر يتعرض إلى زوايا نظر متباينة من قبل الباحثين والدارسين؟.
1- مفهوم المصطلح (Terme):
تتحدد ملامح المصطلح من حيث الدلالة ضمن الاشتقاق اللغوي الذي يظهر فيه، وعلى هذا، فإن كلمة مصطلح في اللسان العربي تنحدر من الجذر اللغوي ” صلح” ومنه الصلاح والصلوح، وقد أورد بن منظور في معجمه >> أن الصلاح كلمة ضد الفساد، أي اصطلحوا وصالحوا وأصلحوا وتصلحوا، واصالحوا، مع تشديد الصاد، ثم قلبوا التاء صادا مع إدغامها في الصاد بمعنى واحد<< .[1]ويؤكد هذا القصد ضمن مسعاه الدلالي والاشتقاقي المعجم الوسيط >> صلح، صلاحا، وصلوحا: زال عنه الفساد، اصطلح القوم: زال ما بينهم من خلاف وعلى الأمر تعارفوا عليه واتفقوا… <<[2].
والحاصل، أن هذه النتيجة محكومة- من دون شك- بطبيعة الفضاء أو الحقل العملي الذي تقف عليه المواضيع المدروسة على تنوعها، والمتمثل في الاشتغال الذي يقوم على فكرة نضج التفكير العلمي المصاحب للغة المصطلح المعجمية والحضارية الفريدة والمتميزة بتعبير عبد الوهاب المسيري، من هذا المنظور، يغدو المصطلح >> الحد أو الخط المعين للحدود، فهو يمثل حقلا يمكن العمل في نطاق حدوده ضمانا لعدم التشتت والضياع<<[3].
ولا غرو أن القضايا التي يطرحها المصطلح بصفة عامة في دائرة الخطاب المعرفي قديما وحديثا؛ تشكل إحدى مكوناته الأساسية كونه يسعى إلى ضبط التصورات الفكرية والمفاهيم النظرية والأدوات الإجرائية التي يتم توصيلها بواسطة الرمز اللغوي، وفق قواعد منهجية تفضي إلى تبيان دلالاته، وتحديد وظائفه واهتماماته، وأخيرا ترقى به إلى مصاف الدراسات العلمية من حيث الفعالية الإيجابية التي يسائل بها النصوص والخطابات، وداخل هذا المستوى، تتحدد منهجية البحث في ضوء الأسس الإبستمولوجية التي تتمايز عن التوصيفات الانطباعية والارتجالية المتحيزة، وبناء على هذا >> فالمصطلح علامة لغوية خاصة تقوم على ركنين أساسيين لا سبيل إلى فصل دالها التعبيري عن مدلولها المضموني، أو حدها عن مفهومها، أحدهما الشكل form أو التسمية dènomination والآخر المعنى sins أو المفهوم notion أوالتصور concept يوحدهما ” التحديد أو التعريف “dèfinition أي الوصف اللفظي للمتصور الذهني<<[4].
فإن هذه المهمة جعلته يتبوأ مكانة مرموقة في ظل الحقول المعرفية على اختلاف مجالاتها، وبواسطته يتم توجيه الدراسة نحو المسار الذي يتوخى الدقة والموضوعية في عرض النتائج إلى درجة تزيل ذلك الإبهام واللبس والارتباك الحاصل لدى الباحث والقارئ معا، ونظرا لهذه الميزة والأهمية التي يحظى بها؛ يتم تداوله بشكل لافت للنظر في أدبيات الكتابة والممارسة، وهو ما أشار إليه عبد النور جبور بقوله >>المصطلح لفظ موضوع يؤدي معنا معينا بوضوح ودقة بحيث لا يقع فيه أي لبس في ذهن القارئ أو السامع<<[5].
وأمام هذه الصورة الإيجابية للمصطلح، نستطيع القول: إن هذا الأخير أضحى في وقتنا الراهن حقلا معرفيا قائما بذاته، شأنه في ذلك شأن المنهج، ويكشف لنا هذا الموقف بجلاء عمر عيلان، يقول في هذا السياق >> إن المصطلح يسمح بالتحكم في ضبط الأسس المنهجية، وفي المعرفة المراد إيصالها وتبليغها. هذا الأمر يجعل من المصطلح رديفا للمنهج المتبع في أي دراسة أو مقاربة كانت، ويحيل إلى مرجعيات فلسفية وفكرية ونظرية[6]<< ومن جملة المميزات التي يحظى بها المصطلح ما ذهب إليه الجرجاني، فيعرفه >> الاصطلاح عبارة عن اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه الأول، وإخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر، لمناسبة بينهما، وقيل: الاصطلاح إخراج الشيء من معنى لغوي إلى آخر، وقيل الاصطلاح لفظ معين بين قوم معينين[7]<< وينسحب الأمر نفسه على كلام علي القاسمي، ومن هذا المنطلق يقول>> المصطلح كل وحدة (لغوية) دالة مؤلفة من كلمة ( مصطلح بسيط) أو كلمات متعددة ( مصطلح مركب) وتسمى مفهوما محددا بشكل وحيد الوجهة داخل ميدان ما <<[8] .
كما أن المصطلح مرآة عاكسة لكل ثقافة، يستمد معانيه من السياق الذي ظهر فيه، أو الأطر المرجعية والمعرفية التي يستند إليها، باعتباره نسقا ثقافيا يتجرد من لغة للمعاجم، فيغدو – المصطلح – كما قال أحمد بوحسن >> كلمة أو مجموع كلمات تتجاوز دلالاتها اللفظية والمعجمية إلى تأطير تصورات فكرية، وتسميتها في إطار معين، تقوى على تشخيص وضبط المفاهيم التي تنتجها [9]<< فالمصطلح وفق هذا المعنى، لا يولد من فراغ بل ينتمي إلى منظومة قيم أو أرضية ثقافية مشحونة حضارياً تتجاوز الدلالات اللفظية والمعجمية، كأداة للتواصل بين الحضارات.
2- أهمية المصطلح النقدي وواقع التجربة في النقد العربي المعاصر:
إن الوعي بأهمية المصطلح بكل ما يتضمنه من معان كفكر تقدمي تنويري؛ جاء أصلا كاستجابة حضارية وضرورة تاريخية نظراً للتطور المذهل الذي شهده النمو المعرفي الغربي على جميع الأصعدة، لا سيما الطفرة النوعية التي عرفتها العلوم الوضعية من خلال تكريسها مبدأ المعرفة العلمية التي تنهض على أسس الدراسة الموضوعية، واللافت للنظر أنها طالت حتى العلوم الإنسانية بما فيها النقد الأدبي، وقد شكلت هذه الرؤية النافذة التي نطل من خلالها على المعرفة مهما كان نوعها وجنسها، كاستراتيجية موجهة لغرض البناء و التأطير، ويترتب على مستوى المنهج والرؤية تحديد مسار أفق الممارسة؛ برصد أسسها النظرية ومفارقاتها الإبستمولوجية، التي من مظاهرها مراعاة الخصوصية الثقافية والأسس الفكرية والأصول الفلسفية، وقد علق حسين خمري ضمنيا على هذا بقوله >> إن كل نظرية تفرز وسائلها النقدية ومقاييسها الأدبية التي تساعدها في البحث عن خصائص النص التي يبحث عنها النقد لتميزها عن النظريات النقدية الأخرى. من هنا يتأسس النقد كجهاز مفهومي متماسك يحاول أن يقبض على المعنى المتضمن في النص الأدبي وفق خطوات إجرائية محددة<< [10].
ولهذا الغرض، فإن الدافع الأساسي وراء كل هذا الأداء الإجرائي الذي يتوسل بالمصطلح النقدي أثناء عملية الفهم والتحليل، تحديد المجال المعرفي في ضوء مسالكه القرائية المنضوية تحت مقاييس التفكير السليم المصاحب للمبادئ الأساسية من حيث الخطوات والنتائج، مما يسمح في المقابل ربط عملية التواصل والتجاوب على نطاق واسع بين الحضارات في المجال التداولي، وأكبر دليل على هذا الصدى تناوله من طرف الفئات والشرائح على اختلاف مستوياتهم ومشاربهم وتوجهاتهم.
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول: إذا كان >> للمصطلح مثل هذه القوة التكثيفية و التأطيرية، فإن الانشغال بهذه الأداة، لا شك أنه سيبرز مدى قوة إدراك المشتغل بها وبخطورة الاستعمال الاعتباطي لها، لأن التحكم في المصطلح هو في النهاية تحكم في المعرفة المراد إيصالها والقدرة على ضبط أنساق هذه المعرفة، والتمكن من إبراز الانسجام القائم بين المنهج والمصطلح، أو على الأقل إبراز العلاقة الموجودة بينهما، لا شك أن كل إخلال بهذه القدرات أن يخل بالقصد المنهجي والمعرفي الذي يرمي إليه مستعمل المصطلح[11]<<.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن الحركة النقدية الأدبية في الوطن العربي تحظى بحضور متميز في مجال الترجمة والنقل والتعريب، ويظهر ذلك بجلاء انطلاقا من عنصر المثاقفة والاحتكاك؛ بالانفتاح على المناهج النقدية الغربية الوافدة إلى ساحة الفكر العربي المعاصر والتي اتسمت في مجملها على حسب تقديرنا من خلال ما يطال المشهد الثقافي؛ بالنزعة الفردانية في الطرح نتيجة تعزيز خاصية الانتماء إلى الذات، مما أحدث شرخا صارخا على مستوى التنظير والممارسة، ينضاف إلى ذلك تجاهل الجوانب الإبستمولوجية والفكرية والفلسفية، وهذا التأكيد فيه إشارة إلى أنه لا يمكن، إذن، فهم طبيعة المصطلح، إلا وفق الرؤية المصاحبة للمرجعية أو الحقل المعرفي الذي ينتمي إليه، ومدار هذه الخشية يتحدد عن طريق اختلال توازن العلاقة الديالكتيكية بين العناصر الفاعلة القارئ والنص، ويتعلق الأمر بصورة عامة في إشكالية التعامل التي مؤداها التلقي السلبي، ولقد عبر عن هذا المعنى الناقد حسين خمري تحت مفهوم عنف القراءة، والمسوغ في ذلك، كونها قراءة براغماتية ونفعية وإيديولوجية، ومن ثم، فإن >> عنف القراءة بهذا المفهوم، يمكن عده انحرافا بالمفهوم الأخلاقي لأن العنف غالبا ما يكون عبارة عن ربط متخيل النص بمرجعياته ربطا آليا دون البحث في خصوصياته ودلالاته الإيحائية، وبالتالي فإن القارئ في هذه الحالة لا يرى في النص إلا ما يهمه ويعنيه <<[12].
وعلى مستوى آخر، الاعتماد على لغة المعاجم والقواميس واتخاذها متكأ في النقل والترجمة، وهذا ما أوجد حالة من الفوضى انحرفت فيه الدراسة عن أسس البحث العلمي، ولعل السبب الناتج عن هذا الإخفاق يستند أساسا إلى طريقة نقل المصطلح الأجنبي بصفة عامة، والمتمثل في >> الترجمة الحرفية للمفردة من دون مراعاة الجانب الاصطلاحي الذي يتأسس عليه في العلم أو الفرع أو الحقل أو المجال الذي ينتمي إليه؛ فالذي يهم الدارس العربي هو العثور على وحدة معجمية عربية يستعين بها في مقابلة المصطلح الأجنبي، وكأنه يتعامل مع مفردة عامة ومشتركة وليس مفردة لها مدلول مخصوص اصطلح عليه من لدن الدارسين<< [13]
كما يمكن رصد رهانات هذا التعدد الحاصل في نسقنا الثقافي، من خلال الاستنطاق الدائر في فلك الترجمات التي جاءت بمعان متقاربة أحيانا ومتباعدة أحيانا أخرى، في فهم المراد من المصطلح النقدي الواحد، مما يفضي إلى تضارب الآراء واختلاف النتائج في المجال التداولي المعاصر، نتيجة انتشاله من سياقاته المعرفية المشحونة حضاريا والتي تفقده ماهيته ومعناه؛ بفعل تدخل العامل البشري، القائم على القصدية أو النظرة الاستعلائية ( الأنا المتعالي).
وقد تنطوي أيضا كما أشار مولاي علي بوخاتم >> إلى افتقار الساحة النقدية العربية إلى مواقع ومؤسسات تؤطر المنجز المصطلحي الراهن، بغض النظر عن بعض المجهودات الفردية. ولذلك تبين- ومنذ أول الخطو- أن الأسئلة كثيرة والإجابات مختلفة بخصوص المصطلح النقدي، وبخصوص المعاجمية العربية المفترضة في تقديم أدوات إجرائية عملية ومقاربة مفاهيمية<< [14]وهذا أصلا ما ولد إشكالات كبرى، ويطرح أسئلة عديدة ومتنوعة، بغض النظر عن معناه الحقيقي، فــــ>> نحن قد نستسيغ هذه المراوحة وهذا التذبذب إذا صدرا عن دارس واحد، ولكننا سنستثقلهما، حتما، إذا صدرا عن مجموعة من الدارسين يفترض أن الغاية من اشتغالهم المشترك هو الإسهام في توحيد المصطلح وتقديمه ميسرا للقارئ العربي وليس الإمعان في الفوضى الاصطلاحية وتنفير القارئ من الإقبال على المصطلح قراءة وإدراكا وتوظيفا… << [15]مما ساهم بقصد أو بغير قصد إلى شل الحركة على صعيد الممارسة في إطار نظامها الإجرائي، واكتفى الأمر بالتطرق إلى الجوانب النظرية التي لم تؤت أكلها إلا في الجدل والسجال القائم بين المشتغلين في نفس الحقل المعرفي، وبسببها ظل المفهوم عرضة للطعن والقدح ولم يخرج عن دائرة التنظير الذي وصمته الكتابات، لأن >> المعرفة النظرية وحدها لا تكفي في الارتقاء إلى مستوى الإبداع<< [16] وليست التفكيكية إلا مظهراً نقدياً بارزاً لهذه الحركة والتي مارست تأثيرا واسعا على مستوى النقد العربي الحديث، ونستثني من هذا كله بطبيعة الحال، بعض المحاولات التي شكلت اللبنات الأولى على صعيد الممارسة، مثل تجربة عبد الله الغذامي، وعبد المالك مرتاض، وبسام قطوس، ومع ذلك هي الأخرى لم تسلم، وتعرضت لانتقادات شديدة ولاذعة، واستنادا إلى ذلك، فإن ما يمكن قوله: إن مصطلح التفكيك لا زال يعاني الارتباك والتوصيف الدقيق والطرح الصائب للغموض الذي يلفه ويسيجه، ومن ناحية أخرى، عدم وضوح الرؤية التي يعبر عنها والتي يفهم على إثرها مضمون هذه النظرية، بحيث ترقى به إلى مستوى النموذج النقدي الذي يعلي من شرعيته ومبرره المعرفي؛ انطلاقا من القبض على مفاصله، وهو ما يستوجب من النقاد والدارسين والباحثين في ظل هذه الظروف التي تعصف بالمصطلح النقدي العمل على >> تخليص الخطاب النقدي العربي من النحت المفرد، والتعريب الشخصي، والترجمة الذاتية للمصطلح. وهو المجهود الذي يتطلب تضافر مجموعة من المعطيات المنبنية على قاعدة أساسية، وهي الوعي بضرورة تعصير الخطاب النقدي العربي من منطلق المثاقفة الإيجابية، التي تنبذ الفردانية وتؤمن بالمشروع الحداثي المشترك والمتكامل<< [17].
وتبعا لذلك، تتقاطع وتلتقي الأعمال والممارسات في سياق يضفي على المصطلح تلك الصبغة العلمية الدقيقة، بحيث ترقى به في مجال الدراسات المتعلقة بالجوانب المعرفية والمنهجية إلى تعميقه وإغناء مواده بالكيفية التي تسمح له بالخروج من حيز الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، وتتحدد ملامح هذا الفعل في ذلك الترابط القائم الذي يجمع بين الدال التعبيري والمدلول المضموني، ويتمثل هذا بشكل واضح تحت سقف التحديد والتعريف حسب تعبير يوسف وغليسي، من هنا، يبرز دور النظرة النقدية الشاملة التي تكتمل صورتها الناضجة في ضوء عوالمها التواصلية والتداولية.
3- إشكالية توظيف مصطلح التفكيكية في الخطاب النقدي العربي المعاصر:
ارتبط اسم التفكيك بالمفكر والناقد الفرنسي جاك دريدا، خاصة وأنه مع أواخر الستينيات من القرن المنصرم استطاع أن يشكل طفرة نوعية في تاريخ النظرية النقدية الحديثة، وتكمن هذه الطفرة في تجاوز التصورات والمفاهيم التي رسمها وكرسها المنهج البنيوي في التحليل، الذي يتمركز أساسا حول البنية والعلامة والعقل، بوصفها مقولات ترسخ لفكرة الحضور ممارسة في ذلك سلطة على الفكر الغربي، مما جعل دريدا يحتفي ويعلي من قيمة التعدد والاختلاف. وهكذا أصبحت التفكيكية >> ابتداء من سنة 1970م، منهجية نقدية أدبية في الثقافة الأنجلوسوكسونية، وآلية للبلاغة والتأويل. وقد ظهرت هذه المنهجية في سياق ثقافي خاص يتمثل في تقويض مقولات اللسانيات الغربية، وهدم المرتكزات البنيوية، في إطار ما يسمى بـ ( ما بعد الحداثة Post modernism ) << [18].
ولعل ما يسترعي الانتباه، أن دريدا في بداياته الأولى لم يستعمل كلمة Déconstruction عندما أراد أن يقدم مشروعه النقدي كبديل عن البنيوية، بل اكتفى باستخدام كلمة destruction بمعنى تدمير وتقويض. وقد استعار دريدا هذه الكلمة من الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر…غير أنه عدل عن فكرته، ورأى أن كلمة destruction الفرنسية تنطوي بصورة واضحة على العدمية أو الاختزال السلبي الأمر الذي يجعلها وثيقة الصلة أكثر بكلمة demolition عند نيتشه وليس بالتفسير الهيدجري أو بنوع القراءة التي اقترحها. ولما كانت كلمة déconstruction غير شائعة في الفرنسية كما يقول دريدا، فإنه نظر في معجم Littre ليتأكد من جودة الكلمة ولحسن حظه وجد أن الكلمة تناسب غرضه تماما [19] وأكبر دليل على هذا، ما يحظى به الاسم من صدى ورواج في المشهد النقدي المعاصر.
وما يلاحظ في هذا السياق أيضا، هو أن الدرس العربي يكشف لنا بجلاء منذ النصف الثاني من القرن العشرين؛ تلك الحظوة التي لقيها مصطلح التفكيك من قبل النقاد والباحثين في المشهد النقدي الأدبي، إذ لم يبق حبيس حيزه المكاني والجغرافي، مما استدعى بالضرورة ممن تعرضوا إليه إلى اختلاف آرائهم ووجهات نظرهم من حيث الدلالة التي يحملها في طياته وثناياه، أو بتعبير آخر في تحديد ماهيته وذلك في سياق الحديث عن الباراديغم الذي يقف على عتبات الأرضية المفاهيمية لمدلول المصطلح، وهذا أمر طبيعي، يتجلى في نوعية المناخ المعرفي أو النسق الثقافي الذي ولد ونشأ وترعرع فيه المصطلح، وتتلخص هذه الرؤى جلها في كيفية التلقي والزاوية التي انطلق منها كل واحد، ولعل هذا التداخل هو ما جعل من مصطلح التفكيك معاد للتحديد والتعيين والنمذجة، فاختلف في ترجمته إلى العربية، فترجم بـ ( التفكيكية)، و( التقويض) وترجمه بعضهم بـ ( التشريحية) [20]ويؤكد محمد عناني هذا الكلام بقوله >> لا تزال فائدة هذه الفلسفة التي أرساها دريدا لنقاد الأدب ودارسيه موضع خلاف كبير… <<[21].
ولكي تتضح صورة العمل بشكل منطقي، فإن من الأوائل الذين تعرضوا للمفهوم ما ذهب إليه الناقد الجزائري يوسف وغليسي حينما قال >> تاريخ صدور أول تجربة نقدية عربية تصدع بانتمائها الصريح إلى أبجديات القراءة التفكيكية ( التشريحية )، وهي تجربة الناقد السعودي الكبير عبد الله الغذامي في كتابه ( الخطيئة والتكفير- من البنيوية إلى التشريحية Déconstruction – قراءة نقدية لنموذج إنساني معاصر<<[22] وتأسيسا على ذلك، يشير الناقد عبد الله الغذامي أنه منذ الوهلة الأولى التي حاول فيها تعريب المصطلح ( التفكيك) ونقله إلى البيئة الثقافية العربية، في صورته الحقيقية أصيب بحيرة، نتيجة زحمة المصطلحات التي انهالت عليه، فكان كل مرة يقوم بعملية الإرجاء من خلال الدلالات التي تحملها الكلمة، لأن لها أبعادا وإشارات سلبية تسيء للمفهوم، وتضر المعنى الذي وضع له المصطلح أصلا حسب رؤيته الخاصة، إلى أن استقر به الأمر على كلمة تشريحية، التي استقاها من علم الطب أصلا، ومن مراميها الأساسية السعي إلى تفكيك الخطاب الأدبي ثم إعادة بنائه وتركيبه، وليس الدلالة التي يراد بها سوى الهدم فقط، بغية إثراء وتخصيب الفعالية القرائية، المرتكزة على عملية كشف المعنى، ويظهر موقفه هذا، عندما نوه إلى الموضوع بقوله >> احترت في تعريب هذا المصطلح ولم أر أحدا من العرب تعرض له من قبل ( على حد اطلاعي ) وفكرت له بكلمات مثل ( النقض/ والفك ) ولكن وجدتهما يحملان دلالات سلبية تسيء إلى الفكرة. ثم فكرت باستخدام كلمة ( التحليلية ) من مصدر ( حل ) أي نقض ولكنني خشيت أن تلتبس مع ( حلل ) أي درس بتفصيل، واستقر رأيي أخيرا على كلمة ( التشريحية أو تشريح النص ). والمقصود بهذا الاتجاه هو تفكيك النص من أجل إعادة بنائه، وهذه وسيلة تفتح المجال للإبداع القرائي كي يتفاعل مع النص<< [23]وقد أدى هذا الاحتفاء في حقيقة الأمر إلى نوع من الانزياح الدلالي ضمن السياق والوعاء التاريخي الذي وردت فيه كلمة تفكيك، ويتضح ذلك جليا في الفقرة السابقة (هو تفكيك النص من أجل إعادة بنائه) فالتعاطي مع المفهوم كان تعاطيا ينحو منحى سلبيا بالمعنى الإيجابي للمفهوم الذي أتى به جاك دريدا، لأن هذا الأخير اتخذ من التفكيك معولا للهدم والتقويض لمركزية المعنى، القائم على ذلك التلازم الحاصل بين الدال والمدلول، في سلسلة لا متناهية باستعمال لغة الاختلاف والتناقض والإرجاء، للخروج بمنطق جديد رافض للنماذج المتعالية التي تمارس سلطتها على الفكر.
وبمقتضى هذا المعنى يؤسس نسبية المعرفة والحقيقة من خلال تقويض التقابل الشهير بين الذات والموضوع؛ مشيرا في ذلك إلى زوال سلطة الطروحات والنظريات والمفاهيم التي يحكمها نسق فكري مغلق، وفي ضوء هذا المفهوم، فإن المنطلق الجوهري لشرعنة ثقافة التعدد والاختلاف السعي إلى >> تحطيم الأنساق الفكرية القاهرة للأنساق الفكرية الكبرى المغلقة، التي تتخذ شكل إيديولوجيات، لأنها تقدم تفسيرات كلية للعالم، وتهمل حقيقة التنوع الإنساني. وأن المؤلف لا يمتلك التفسير النهائي للعمل، بل كل عمل قابل للتأويل، وأن المؤلف قد مات ( أي ينتهي دوره عند كتابة النص ويقع العبء بعد ذلك على القارئ، وتعني أيضا زوال السلطة الفكرية للمؤلف << [24].
وقد أدى هذا التوجه في سياقه العام نزع القداسة عن ماهية الأشياء، ويتعلق الأمر في هذا المجال بتفتح جبهات جديدة للتفكير والفهم، تتغير معه جغرافية المعنى، ولما كان البناء الجديد يستهدف النسق الثابت والقار، والعمل على زحزحة الدلالة المحددة سلفا بزعزعة يقينياتها وتمثلاتها، وتشكيل تصورات متحررة من قيود التمركز التي تنفك من النظم المعرفية السائدة، عن طريق هدم مقولاتها وأنساقها الفكرية الترانسندنتالية أو المتعالية transcendantale، باعتماد فلسفة التعددية والاختلاف؛ فإن هذا يتنافى جذريا مع الطرح الذي قدمه عبد الله الغذامي، وذلك برد المعاني إلى دلالاتها الأصلية، في سياق يعاين النص من وجهة نظر ساكنة، وبمنهجية نقدية تقتصر على الهدم والبناء، وبالتالي، فإن إحدى أهم رهانات الاستخدام لمصطلح التشريحية بهذا المعنى؛ كما تصورها صاحبها محصورة في إطار الرؤية الميتافيزيقية الغربية المتمركزة حول اللوغوس، المؤسس على الفعل التواصلي الموجه ضمن الخطاطة الهرمينوطيقية التي تحتكم إلى القصدية، من خلال الإمساك بتلابيب المعاني الكلية والنهائية للخطاب الناظمة لعلاقاته الداخلية، هذا المنحنى التحليلي كفعالية قرائية أو كمعيار إجرائي أساسي يسقط من تلقاء نفسه عندما يصرح قائلا >> وهذه تشريحية تختلف عن تشريحية دريدا، تلك التي تقوم على محاولة نقض منطق العمل المدروس… ولقد أميل إلى نهج بارت التشريحي لأنه لا يشغل نفسه بمنطق النص (وهو شيء لا يعني الدارس الأدبي بحال)، ولأنه يعمد إلى تشريح النص لا لنقضه ولكن لبنائه، وهذا هدف يسمو بصاحبه إلى درجة محبة النص والتداخل معه بكل تأكيد << [25].
وإلى جانب كل هذا، فقد ذهب الناقد عبد المالك مرتاض إزاء الموضوع متخذا موقفا يتعارض مع التسمية التي وقع عليها اختيار الناقد عبد الله الغذامي، وفضل مصطلح التقويض أو التقويضية، بعدما وقع هو الآخر في أخذ ورد، حيث وسمت كتاباته الأولى في الدراسة استخدام لفظ التفكيكية ثم التشريحية، فقد >> سبق له أن استعمل التفكيكية في كتبه الف ليلة وليلة 1989، و أ-ي 1992، وتحليل الخطاب السردي 1995، مثلما استعار التشريحية …وقد انقلب على هذه الاختيارات الاصطلاحية الأولى، مفضلا عليها مصطلحه الجديد التقويض أو نظرية التقويض أو التقويضية التي يخص بها المصطلح الفرنسي: Déconstructionnisme << [26].
وإذا أمعنا النظر في هذا النص، فإن التفكيكية في تصوره ليست إلا انعكاسا مشوها للمراد أو القصد الذي يرومه صاحبه، لأن ترجمة المصطلح إلى اللغة العربية ينأى عن المعنى الحقيقي، ويحمل دلالة سلبية، الأمر الذي يترتب عليه، عدم استجابته لمقتضيات الخطاب النقدي الذي ينزع نحو تفكيك النص من أجل إعادة بنائه بمنطق جديد، قوامه تقويض مركزية البنى المترسبة الثاوية في النص، باعتبارها تجليا لأشكال الوعي المتعالي، والانفتاح على التعددية والاختلاف، فهذه القراءة في تصوره تتلاءم و>> تتناسب مع الاستعارة التي يستخدمها دريدا في وصفه للفكر الماورائي الغربي إذ يصفه باستمرار بأنه (صرح) أو معمار يجب تقويضه<< [27] وهذا هو مربط الفرس الذي جعل عبد المالك مرتاض يتخلى عن الاستخدامات الأولى واستعاض عنها بكلمة التقويض، وأولاها أهمية بالغة أثناء التحليل، نتيجة الخلل الذي طال الترجمة السابقة،لأن ثمة مسافة تفصل بين اللغتين، ونعني بها بداية، السياق الحضاري المختلف من حيث المنطلقات الفكرية والخلفيات المذهبية والعقائدية، لذا فإن ما يعطي لهذه التساؤلات قيمتها ومبررها، كون أن >> أصل المعنى في فلسفة دريدا تقويض يعقبه بناء على أنقاضه، وعلى حين أن معنى التفكيك في اللغة العربية يقتضي عزل قطع جهاز أو بناء عن بعضها البعض دون إيذائها، أو إصابتها بالعطب، كتفكيك قطع محرك أو أجزاء بندقية، وهلم جرا…<< [28] لأن الارتكاز على المفاهيم اللغوية المحضة القابعة في المعاجم، يخل بالترجمة ويجعلها في ميدان التداول تحافظ على هويتها وجوهرها، ولعل السبب في ذلك يعود إلى ارتباطها الوثيق بالمعنى، ومن ثمة انفصاله عن مسوغاته الحقيقية، ومنابعه الأولى التي هي في الأساس تقوم على أنقاض الأشكال والمضامين التي نهض عليها المشروع الحداثي، مما يفضي هذا الانزياح الدلالي إلى نتائج متناقضة ومتضاربة، وتظهر بصورة مختلفة أثناء تحقق العمل، وهو ما يؤكده الناقد المغربي سعيد يقطين بقوله >>عندما نكون نحن العرب في وضع استعمال هذه المصطلحات ونقلها إلى لغتنا واستعمالها النقدي لها، فإننا لا ننقل فقط كلمات ولكن علاوة على ذلك مفاهيم مثقلة بحمولات تاريخية ومعرفية واستعمالية<< [29].
ولئن كانت هذه طبيعة الدلالة التي انطوت عليها كلمة التقويض، التي حملها الناقد عبد المالك مرتاض إياها، فإن الأمر نفسه ينسحب على صاحبي كتاب دليل الناقد الأدبي، حينما قدما القراءة التقويضية تقديما يراهن على نفس الجذر الاشتقاقي اللغوي هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى على المستوى الإجرائي يدل على أنه >> قراءة مزدوجة تسعى إلى دراسة النص مهما كان دراسة تقليدية أولا بإثبات معانيه الصريحة، ثم تسعى إلى تقويض ما تصل إليه من نتائج في قراءة معاكسة تعتمد على ما ينطوي عليه النص من معان تتناقض مع ما يصرح به. تهدف القراءة التقويضية من هذه القراءة إلى إيجاد شرخ بين ما يصرح به النص وما يخفيه، بين ما يقول النص صراحة وبين ما يقوله من غير تصريح<< [30].
ومما تجدر ملاحظته في هذا النص، أن المفهوم ينطوي على معان دلالية تتقاطع مع نفس الوجهة المرتاضية، وعلاوة على ذلك، يؤكدان مرة أخرى بأن بعضهم >> قد حاول نقل هذا المصطلح إلى العربية تحت مسمى التفكيك، ولكن مثل هذه الترجمة لا تقترب من مفهوم دريدا، حالها في هذا حال مصطلح التقويض. على أن التقويض أقرب من التفكيك إلى مفهوم دريدا … ولئن انطوى مفهوم التقويض على انهيار البناء، فإن إعادة البناء تتنافى مع مفهوم دريدا للتقويض، إذ يرى في محاولة إعادة البناء فكرا غائيا لا يختلف عن الفكر الذي يسعى دريدا إلى تقويضه<< [31] غير أن محمد عناني يفضل مصطلح التفكيكية ويراه >> استخداما موفقا يدل على فك الارتباطات المفترضة بين اللغة، وكل ما يقع خارجها<< [32] ويعطي هذا النص صورة واضحة على اضطراب المصطلح ويتعلق الأمر هنا من حيث التسمية ( الشكل )، أما على صعيد الممارسة ( المضمون ) فنجدهما وجهين لعملة واحدة، وهذا ما يشير إليه بقوله >> وإن كانت أهم عناصرها ذات فائدة مثل: اعتبار كل قراءة للنص بمثابة تفسير جديد له، واستحالة الوصول إلى معنى نهائي وكامل لأي نص، والتحرر من اعتبار النص كائنا مغلقا مستقلا بعالمه<< [33].
ويبدو أن الشطر الثاني من كلام محمد عناني، يكشف عن تجليات تصوره للمفهوم بمنح الخطاب الأدبي خاصية القراءة المستمرة المتمثلة في تلك العلاقة الجدلية القائمة على التفاعل بين النص والقارئ؛ من أجل إخضاع ذلك الانسجام والتماسك موضع المساءلة والنقد، حيث يهدف أساسا إلى تقويض أركان سلطة النص المغلق، جاعلا جماليته في موضع الأفق المفتوح، ويتلخص من خلال القفز على الترسبات الموروثة ومنطق الإحالات الذي يستند إلى المفاهيم السالفة، هذا التمايز يكشف عن أجندة فكرية >> تشير إلى تعددية في الإحالات، دلالة على تنوع الحقائق واختلافها، ولكنه يدرج هذه الإحالات ضمن ما تبيحه توجيهات النص وممكناته. وفي هذه الحالة، فإن النص يحيل على تعددية في المعاني، ولكنه لا يمكن أن يحيل على كل المعاني، كما يشير إلى ذلك إيكو<< [34] وهذا يحيلنا مباشرة إلى تلكم القراءة المحكومة بالحركة المتحررة من اللوغوس والمركزية في حركتها الواعية، من خلال صرف دلالة النص عن المقاصد والإحالات المرجعية الأصيلة، ويمكن التعبير عن ذلك بشكل أوضح، انطلاقا من استحضار القراءة ذات المستويات المتشاكلة التي تتأرجح بين الحضور والغياب، وهذا ما يتمثل بصورة واضحة في سياق القراءة المرتبط بنسق الخطاب المحايث، ويتعلق الأمر أساسا في قدرتها على >> تطويع المصطلحات والألفاظ ذات الدلالة المحددة بحيث يمكن استخراج معنيين متعارضين من النمط الواحد والوصول بذلك إلى معان جديدة تتجاوز السياق الأصلي << [35] على اعتبار النص أيقونة متعددة الدلالات، تنفتح فيه العلامة اللغوية على مصراعيها تترك للقارئ حرية التأويل، لذا فكل قراءة هي قراءة سيئة، من خلال دحض النظرة الأحادية للعمل الأدبي.
أما عبد المنعم عجب الفيا يفضل استخدام مصطلح التفكيك، ويعتبره ترجمة سليمة، وجزءا لا يتجزأ من المشروع أو المنحنى الذي رسمه جاك دريدا؛ والذي جاء أصلا كردة فعل على طغيان النزعة العقلانية الهيومانية، وهو أحد تجليات فكر ما بعد البنيوية الرافض لقيم المشروع الحداثي بعناوينه العريضة، ومن هنا يتجلى تأكيده على أن >> التفكيك ترجمة صحيحة للكلمة الفرنسية Déconstruction غير أن احتفاظ دريدا بكلمة destruction تدمير وتقويض أيضا، يسمح بترجمة المصطلح الدال على استراتيجية التفكيك، بالتقويضية بل وبالتدميرية<< [36].
ولعل أبرز ما يؤكد عليه في هذا المجال التداولي، الإساءة التي لحقت المفهوم على مستوى الجهاز المفاهيمي في تناول الظاهرة الأدبية، وفي هذا الصدد يصرح ويقول >> وهنا نحب أن نلفت النظر إلى استعمال البعض لكلمة تفكيك في معنى التحليل المنطقي. يقولون: تفكيك الظاهرة. وهم يقصدون تحليلها وردها إلى أصلها وعواملها الأولية. وهذا المعنى هو على النقيض تماما لمراد ” التفكيك”. وقد نفى دريدا نفسه بشدة هذا الفهم لمعنى التفكيك لأنه يعمل على ترسيخ التفكير العقلاني الذي يسعى التفكيك إلى تقويضه<< [37].
وللتدليل على كلامه، نستحضر في هذا الشأن سعيد علوش، ويتبدى هذا من خلال التعريفات التي قدمها في هذا الصدد، حيث يقول:
1- يقوم التفكيك، عند دريدا، على تحليل سيميولوجي لتكوين إيديولوجي موروث.
2- تجزيء عناصر النص، إلى وحداته الصغرى والكبرى.
3- عملية فهم لتركيب العمل الأدبي [38]
ويفهم من هذا، أن سعيد علوش ينظر للتفكيك من وجهة تحليلية، تفضي إلى تلك القراءة القائمة على تفكيك الظاهرة الأدبية واستنطاقها من منطلق رياضي، بإرجاع مواد النص اللغوي إلى جذره الأصلي أو منابعه الأولى، بوصفها عناصر أساسية مشكلة لعوالمه، ومن ثمة، الانتقال إلى المرحلة الثانية المتجسدة في إعادة تشييد سقفه من جديد، كون النص يستمد حياته من خلالها، وبفضل هذه الآلية يتضح لنا، أن هذا النمط من التحليل لا يخرج عن أطر القراءة الاستهلاكية ذات التصورات الميتافيزيقية والأحكام المعيارية، وهذا النوع من التحليل والتفسير؛ يتنافى مع المفهوم الذي أتى به جاك دريدا، ولذات الأسباب يعلق عبد العزيز حمودة قائلا >> وهكذا يكون محك التفسير التفكيكي والممارسة النصية قائما على الحوار الجدلي بين القارئ المسلح بالوعي البينصي والنص، باستبعاد كل الثوابت والتقاليد الجامدة، والتعامل مع العلامة اللغوية باعتبارها فقدت صلة الدم بينها وبين دالتها<<[39] وهذا التأكيد يجعلنا أمام قراءة حرة مفتوحة على كل الاحتمالات والتأويلات المتنوعة والمتشعبة، وبهذا المعنى، فإن الملمح الجوهري الذي تطالعنا فيه أساليب القراءة النقدية في هذا المجال، من خلال فتح جبهات مختلفة تتجاوز الطقوس التي تسائل النصوص والخطابات بمنطق يبقى حبيس النسق الاجتراري لمعاني الكلمات السابقة، كون أن الدراسة محصورة في حدود إعادة بناء النص فقط، والتي لا تزال بنيته تخضع لسلطة التمركز العقلي، أو البنى المترسبة داخل الخطاب المجترحة لسنة الحضور وأنماط الرؤية الواحدية للدلالة، مشكلة في دوائر التراتب الأنطولوجي حكم قيمة، وبهذا المعنى تصبح القراءة حتمية ترتبط ارتباطا عضويا ووظيفيا بالأعراف الراسخة والأنماط السائدة التي تقف حاجزا في وجه التأويل اللامتناهي أو لعبة المغايرة بالتعبير الدريدي، لأن الرهان الحقيقي للمفهوم من خلال هذه المواصفات >> هو التسليم مسبقا بوجود حقيقة أو قصدية أو أصل سابق على النص. ويفترض هذا التسليم وجود مركز متعال، يكبح حركة الاختلافات والآثار<< [40].
وواضح من هذه النقول، النقد الذي وجهه عبد المنعم عجب الفيا، لذلك فهو يرى خلاف ما ذهب إليه بعض الباحثين والدارسين، بهدف رصد الملامح الدلالية والتصورات النظرية الأولى الذي تضمنته الكلمة ضمن النسق الثقافي الذي ولدت في كنفه وحضنه، إضافة إلى آلياته وطرق اشتغاله، من هنا، يكون التفكيك بالنسبة له القراءة التي تتجاوز التحليل المنطقي الرياضي، الذي يستند على الرؤى والأبنية الميتافيزيقية التي تنبني على تلك الثنائيات الضدية التي ترسخ مبدأ المفاضلة والتراتبية، وعلى تلك العلاقة الجدلية التي تحكم الدوال والمدلولات من منطلق طبيعي غير قابل للمساءلة والنقد.
يوقعنا هذا الطرح مباشرة في نطاق التصور المنقول حرفيا لدريدا من قبل الباحث على مستوى عملية الترجمة، يقول في هذا الشأن >> إن فكرة العلامة اللغوية تتضمن دائما في داخلها تمييزا بين الدال والمدلول حتى لو كانا حسبما يرى دي سوسير أنهما وجهان لورقة واحدة. لذلك تظل فكرة العلامة اللغوية منتمية إلى سلالة مركزية اللوغوس التي أيضا هي مركزية الصوت Phonocentrism تتمثل في تقارب مطلق بين الصوت البشري والوجود، بين الصوت ومعنى الوجود، بين الصوت ومثالية المعنى<<[41] ولعل القراءة الفاحصة لهذه المقولة تكمن في النتائج المترتبة على هذه الحركة الدائرية المغلقة للعلامة اللغوية المنبثقة من رحم مركزية اللوغوس، الذي تحكمه مجموعة من القوانين والقواعد والمعايير كما يرى دريدا، ومن خلالها يتم تحديد وتعيين الوجود بوصفه حضورا كمصدر ضامن للدلالة والقيمة، من هنا، ندرك بصورة جلية كيف أن أسبقية المعنى التي تستند إلى وعي الفكر الكلاسيكي تتسم بالانتقائية في بعدها الأنطولوجي المتعالي المفارق، وهو ما يعني الممارسة التي تحمل سمات القصد المتجلي بحضور صورته في كل لحظة، وكمعيار نقيس به الأشياء على اعتبارها نماذج حاكمة، مما يستدعي بالضرورة الدلالة القارة في اللاشعور نتيجة الارتباط اللصيق بين الدال والمرجع، وفي ضوء ذلك، تتماشى مع التمثلات الثقافية المرتبطة بحدود المنطق والعقلانية المحافظة على طابعها الراديكالي المحتفي بفلسفة الوضوح والانسجام.
وبالتالي فهو بذلك يدحض هذا المنطق المعلن للنص، لأن ذلك يحد من دائرة اللعب الحر لعناصر البنية التي يعد المركز بوابتها الرئيسة، وهكذا، يضبط مكوناتها بشكل منظم، ويتحدد هذا الاشتغال في إطار القبض على مفاصل المفهوم الكلي للشيء، وهنا ندرك ملمحا جوهريا يقودنا للحديث عن المنظومة المعرفية والتصورات النظرية والمقولات المنطقية الدائبة في تضييق مجالات التفكير، وبناء على ذلك، تحجب عنا الأشياء اللامفكر فيها بتعبير محمد أركون داخل الأبنية الثقافية، ممارسة في ذلك اللغة أسلوب المجاز الذي يطمس الأمور غير المصرح بها في النص.
خاتمة:
الخلاصة التي يمكن تسجيلها هنا، أن الخصوصية التي يتفرد بها المصطلح هي ما جعلته يحظى بمكانة مرموقة، ومحل أنظار الباحثين والدارسين المشتغلين في حقول المعرفة المتنوعة، لما له من قدرة فعالة تتيح للدارس مجموعة من الوسائل الإجرائية كأدوات كفيلة وناجعة في مقاربة النصوص على اختلاف مشاربها ومنابعها، إلا أن هذا المطلب والمسعى بات في أدبيات الخطاب النقدي العربي المعاصر، يشكل مؤشرا خطيرا لعملية الفهم والتأويل، وينم عن حالة من حالات الفوضى في طريقة الاستعمال؛ المفضي إلى نتائج غير سليمة في خارطة المشهد النقد الأدبي، نتيجة توافد المناهج والنظريات والمدارس النقدية ذات المنحنيات الغربية التي صعدت من وتيرة التنوع والاختلاف، والتي تجلت مظاهرها في سياقات متباينة من حيث الطروحات التي شهدتها الساحة الثقافية.
ومن ناحية أخرى، يتعلق الأمر بإشكالية تغييب الرؤيا الجماعية التي هي الأساس المنهجي المعتمد في دوائر الفكر والمعرفة، وتكريس النظرة الاستعلائية الثقافية الفردانية أثناء عملية الترجمة والتعريب، مما ساهم بشكل أو بآخر إلى تعدد الآراء وتشعبها بين النقاد والدارسين إزاء المصطلح النقدي الواحد داخل دوائر البحث العلمي، نظرا لغياب الدراسة الأكاديمية الموضوعية المحايدة، وليس أدل على ذلك من وجود أكثر من مصطلح للتفكيك، وكل هذا ينطوي في حقيقة الأمر إلى تعزيز غموض اللغة النقدية، وتقتضي الإشارة في هذا السياق إلى الممارسة البراغماتية التي تجسدت في ساحة الصرح المعرفي العربي المعاصر، ومعيار الاحتكام في هذا الصدد؛ الإقرار بالحقيقة الموضوعية التي تقول: بأن هذه القراءات في غالبيتها تجاوزت الطابع التأسيسي و التأصيلي للمصطلح، واستندت إلى منطق يخضع إلى غايات وأهداف عززت من التوجهات الفكرية والخلفيات الإيديولوجية والثقافية.
قائمة المصادر والمراجع:
أ- المصادر:
1- ابن منظور، لسان العرب، ج2، إعداد وتصنيف يوسف الخياط، دار لسان العرب، بيروت، م3 دت.
2- الشريف الجرجاني، كتاب التعريفات، تح : إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط4، 1998م.
3- مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مصر، مادة ص.ل.ح، ط4، 2004م.
ب- المراجع:
1- أحمد بوحسن، مدخل إلى علم المصطلح- المصطلح ونقد النقد العربي الحديث -، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 60-61، بيروت-لبنان، 1989م.
2- أحمد عبد الحليم عطية، ما بعد الحداثة والتفكيك، دار الثقافة العربية- القاهرة، 2008م
3- جميل حمداوي، نظريات النقد الأدبي في مرحة ما بعد الحداثة/ مكتبة المثقف، ط1، 2015م، ص 40. 25/05/2015. www.alukah.net
4- حسان تمام، اللغة بين المعيارية والوصفية، عالم الكتب، القاهرة، دط، 2001م، ص 155.
5- حسين خمري، سرديات النقد في تحليل آليات الخطاب النقدي المعاصر، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2011م.
6- سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، دار الكتاب اللبناني- بيروت، لبنان، ط1، 1985م.
7- سعيد بنكراد، سيرورات التأويل من الهرموسية إلى السميائيات، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت- لبنان، ط1، 2012م،
8- سعيد يقطين، المصطلح السردي العربي ، (قضايا واقتراحات)، مجلة نزوى، ع21، عمان، 2000، ص62.
9- عبد النور جبور، المعجم الأدبي، دار العلم للملايين، بيروت- لبنان، ط1، 1979م.
10- عمر عيلان، النقد العربي الجديد مقاربة بين نقد النقد، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2010م.
11- علي القاسمي، مقدمة في علم المصطلح، الموسوعة الصغيرة، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1985م.
12- عبد الرزاق بلعقروز، السؤال الفلسفي ومسارات الانفتاح ( تأولات الفكر العربي للحداثة وما بعد الحداثة )، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة-الجزائر، ط1، 2010م.
13- عبد المنعم عجب الفيا، في نقد التفكيك ، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2015م.
14- عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1985م.
15- عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير ( من البنيوية إلى التشريحية نظرية وتطبيق)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- المغرب، ط6، 2006م.
16- عبد المالك مرتاض، نظرية القراءة، منشورات دار الغرب- وهران ( الجزائر)، 2003م.
17- عبد العزيز حمودة، المرايا المحدبة( من البنيوية إلى التفكيكية )، سلسلة عالم المعرفة- الكويت، د.ط، أفريل 1998م.
18- فيصل الأحمر، معجم السيميائيات، منشورات الاختلاف الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2010م.
19- محمد بن مالك، السرد والمصطلح ( عشر قراءات في المصطلح السردي وترجمته )، دار ميم للنشر- الجزائر، ط1، 2015م.
20- مولاي علي بوخاتم، مصطلحات النقد العربي السيميائي ( الإشكاليات والأصول والامتداد )، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، 2005م.
21- محمد عناني، أدبيات المصطلحات الأدبية الحديثة، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1997م.
22- ميجان رويلي وسعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء/المغرب، ط4، 2005م.
23- مصطفى عطية جمعة، ما بعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة ( الذات- الوطن- الهوية)، الوراق للنشر والتوزيع- عمان، ط1، 2011م.
24- وليد قصاب، مناهج النقد الأدبي الحديث ( رؤية إسلامية)، دار الفكر-دمشق، ط1، 2008م.
25- يوسف وغليسي، إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد، الدار العربية للعلوم، بيروت – لبنان، ط1، 2008م
26- يوسف وغليسي، التفكيكية في الخطاب النقدي المعاصر ، مجلة القوافل، النادي الأدبي بالرياض، العدد09، 1997م.
27- يوسف وغليسي، مناهج النقد الأدبي، جسور للنشر والتوزيع، المحمدية- الجزائر، ط3، 2010م.
[1]– ابن منظور، لسان العرب، ج2، إعداد وتصنيف يوسف الخياط، دار لسان العرب، بيروت، م3 دت، ص 8.
[2] – مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدولية، مصر، مادة ص.ل.ح، ط4، 2004م، ص 520.
[3] – حسان تمام، اللغة بين المعيارية والوصفية، عالم الكتب، القاهرة، دط، 2001م، ص 155.
4- يوسف وغليسي، إشكالية المصطلح في الخطاب النقدي العربي الجديد، الدار العربية للعلوم، بيروت – لبنان، ط1، 2008م، ص 27.
[5]– عبد النور جبور، المعجم الأدبي، دار العلم للملايين، بيروت- لبنان، ط1، 1979م، ص 252.
[6]– عمر عيلان، النقد العربي الجديد مقاربة بين نقد النقد، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2010م، ص 43.
[7] – الشريف الجرجاني، كتاب التعريفات، تح : إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط4، 1998م، ص 44.
[8]– علي القاسمي، مقدمة في علم المصطلح، الموسوعة الصغيرة، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1985م، ص 215.
[9]– أحمد بوحسن، مدخل إلى علم المصطلح- المصطلح ونقد النقد العربي الحديث ، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد 60-61، بيروت-لبنان، 1989م، ص 84.
[10]– حسين خمري، سرديات النقد في تحليل آليات الخطاب النقدي المعاصر، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2011م، ص 51.
[11]– بوحسن أحمد، المرجع نفسه، ص 84.
[12] – حسين خمري، المرجع نفسه، ص 132.
[13] – محمد بن مالك، السرد والمصطلح ( عشر قراءات في المصطلح السردي وترجمته )، دار ميم للنشر- الجزائر، ط1، 2015م، ص 76.
[14] – مولاي علي بوخاتم، مصطلحات النقد العربي السيميائي ( الإشكاليات والأصول والامتداد )، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، 2005م، ص 14.
[15]– محمد بن مالك، المرجع نفسه، ص 79.
[16]– عبد الرزاق بلعقروز، السؤال الفلسفي ومسارات الانفتاح ( تأولات الفكر العربي للحداثة وما بعد الحداثة )، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة-الجزائر، ط1، 2010م، ص 61.
[17]– عمر عيلان، المرجع نفسه، ص 44.
[18]– جميل حمداوي، نظريات النقد الأدبي في مرحة ما بعد الحداثة/ مكتبة المثقف، ط1، 2015م، ص 40. 25/05/2015. www.alukah.net
[19]– ينظر، عبد المنعم عجب الفيا، في نقد التفكيك ، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2015م، ص 14-15.
[20]– ينظر، وليد قصاب، مناهج النقد الأدبي الحديث ( رؤية إسلامية)، دار الفكر-دمشق، ط1، 2008م،ص 183.
[21]– محمد عناني، أدبيات المصطلحات الأدبية الحديثة، مكتبة لبنان ناشرون، ط1، 1997م، ص 15.
[22]– يوسف وغليسي، مناهج النقد الأدبي، جسور للنشر والتوزيع، المحمدية- الجزائر، ط3، 2010م، ص 179.
[23]– عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 1985م، ص 50.
[24]– مصطفى عطية جمعة، ما بعد الحداثة في الرواية العربية الجديدة ( الذات- الوطن- الهوية)، الوراق للنشر والتوزيع- عمان، ط1، 2011م، ص 23.
[25] – عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير ( من البنيوية إلى التشريحية نظرية وتطبيق)، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- المغرب، ط6، 2006م، ص 79-80.
[26] – يوسف وغليسي، مناهج النقد الأدبي، ص 184.
[27]– يوسف وغليسي ، التفكيكية في الخطاب النقدي المعاصر، مجلة القوافل، النادي الأدبي بالرياض، العدد09، 1997م، ص62.
[28]– عبد المالك مرتاض، نظرية القراءة، دار الغرب- وهران ( الجزائر)، 2003م، ص 206.
[29] – سعيد يقطين ، المصطلح السردي العربي ، (قضايا واقتراحات)، مجلة نزوى، ع21، عمان، 2000، ص62.
[30]– ميجان رويلي وسعد البازعي، دليل الناقد الأدبي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء/المغرب، ط4، 2005م، ص 108.
[31] – ميجان رويلي وسعد البازعي، المرجع نفسه، ص 107-108.
[32] – فيصل الأحمر، معجم السيميائيات، منشورات الاختلاف الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2010م، ص 335.
[33]– محمد عناني، المرجع نفسه، ص 15.
34- سعيد بنكراد، سيرورات التأويل من الهرموسية إلى السميائيات، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت- لبنان، ط1، 2012م، ص 330.
35- أحمد عبد الحليم عطية، ما بعد الحداثة والتفكيك، دار الثقافة العربية- القاهرة، 2008م، ص 214.
[36]– عبد المنعم عجب الفيا، المرجع نفسه، ص 16.
[37]– المرجع نفسه، ص17.
[38]– سعيد علوش، معجم المصطلحات الأدبية المعاصرة، دار الكتاب اللبناني- بيروت، لبنان، ط1، 1985م، ص 169.
[39]– عبد العزيز حمودة، المرايا المحدبة ( من البنيوية إلى التفكيكية )، ص 344.
[40]– محمد بوعزة، استراتيجية التأويل من النصية إلى التفكيكية، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة- الجزائر، ط1، 2011م، ص 62.
[41]– عبد المنعم عجب الفيا، المرجع نفسه، ص 24.