
هل شاركت العجمُ العربَ في الإتباع؟
Did the Arabs participate with Ajam’ in the Al-Itiba’a phenomenon?
* الباحث: جلال عبد الله محمّد سيف الحمّادي، أستاذ اللسانيّات المشارك بجامعة تعز – الجمهوريّة اليمنيّة.
Researcher : Jala Abdullah Mohammed Saif Alhamadi
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 52 الصفحة 91.
ملخّص :هذا البحث دراسةٌ علميّةٍ لحكمٍ لغويٍّ أطلقه ابن فارس قديمًا على ظاهرة (الإتباع) في اللغة العربيّة، مفادُ هذا الحكم أنّ (العجم قد شاركت العربَ في هذه الظاهرة)، لكنّه لم يُعزّز هذا الحكم بالشواهد الداعمة، وقد أخضعت الدراسة هذا الحكم للبحث العلميّ الموضوعيّ؛ لإثبات صحّته أو خطئه. وقد استطاعت الدراسة إثبات صحّة هذا الحكم ووقفت على شواهد داعمةٍ لصحّته في ضوء مفهومين لمصطلح (العجم): المفهوم الخاصّ وهو: الفُرْس، وقد رجّحت الدراسة أنّ هذا المفهوم هو الذي قصده ابن فارسٍ في عبارته، والمفهوم العامّ، وهو: كُلّ ما عدا العرب من الأمم الأخرى. وبذلك يكون هذا الحكم صحيحًا يمكن للباحثين الأخذ به والاستناد عليه دون أدنى شكٍّ في صحّته.
*الكلمات المفتاحيّة: هل، شارك، عجم، عرب، إتباع.Abstract
This research is a scientific study on a linguistic judgment by Ibn Fares on the phenomenon of the Al-Itiba’a in Arabic language. According to his judgment, which is” Ajam’ participated in this phenomenon’. But this judgment was not reinforced by a supporting evidence. This study has subjected this judgment to the objective scientific research to prove its correctness or wrongness.The study was capable to prove the correctness of this judgment and depended on evidences to support the judgment’s correctness in the light of two concepts of the term (Ajam) the wrong concept is the Persians (Ajam). Moreover, the study suggested that the concept is what Ibn Fares meant in his writings. On the other hand, the general concept is all except Arabs from other nations. Thus, this judgment is correct and the researcher can take it and rely on it without any doubt in its correctness.
Keywords: (did, participate, Ajam, Arab, Itiba’a).
*مقدّمة :
مما لا يختلف فيه اثنان أنّ علماءنا القدامى كانوا أصحاب ثقافةٍ موسوعيّةٍ في شتى العلوم والفنون، فلا تكاد تجد بينهم متخصًّصا في النحو فقط أو البلاغة أو الأدب أو العَروض وكلّها من علوم اللغة، بل لا تكاد تجد متخصِّصًا في علوم اللغة وحدها بل تجد الواحد منهم يجمع إلى علوم اللغة كثيرا من العلوم الشرعيّة كالتفسير والفقه والحديث والمواريث وكثيرًا من العلوم الأخرى، كالطبّ والفلك والحساب والكيمياء وغيرها.
إنّ هذه الثقافة الموسوعيّة لدى علمائنا القدامى، أكسبتهم ثقةً عاليةً بأنفسهم ومكّنتهم في أحايين كثيرةٍ من إطلاق أحكامٍ علميّةٍ على جهة الجزم القاطع تلقّفها عنهم الخَلَفُ من الدارسين على أنّها حقائق علميّة واستندوا عليها في دراساتهم. ولسنا نشكّك (ابتداءً) في صحّة هذه الأحكام وما ينبغي لنا، لأنّ الأصلَ هو حسن الظنّ، ولكنّ منهجيّة البحث العلميّ تلزمنا أن نُخضع الأحكام العلميّة للفحص والتدقيق على الأقلّ من باب (ولكن ليطمئن قلبي)، خاصّةً حين ترد هذه الأحكام عاريةً من الشواهد والاستدلالات في سياق الاستطراد من قبل المؤلّف وخروجه عن الموضوع الأصليّ أو في سياق التأليف العامّ في موضوعاتٍ شتّى، هذا الأمر يجعل المؤلّف يطلق الحكم العلميّ ويمرّ عليه مرور الكرام؛ لضيق المقام وكثرة الأحكام.
إنّ هذا النوع من الأحكام العلميّة لا يخلو من أن يكون صحيحًا أو خاطئًا، والذي يجب على الباحث الذي يُخضع هذه الأحكام للفحص والدراسة ألّا يجعل همّه الأكبر إثبات خطأ هذه الأحكام؛ ليُشبع رغبته في الإتيان بالجديد، فليس الجديد فقط في نقض الأحكام وتخطئتها، بل الجديد يكون (أيضًا) بإثبات صحتها من خلال الاستدلال لها والاستشهاد عليها؛ لأنّ ورودها (بتداءً) من غير استدلال قد يجعلها مثار شكٍّ ومظنّة ضعْف، فإذا ما تأكدتْ صحّتُها بالشواهد والأدلّة، قويت هذه الأحكام وزال الشكّ فيها واطمأنت نفس الدارس للأخذ بها والبناء عليها.
إنّ موضوع هذه الدراسة هو محاولةٌ طموحةٌ للإجابة على سؤالٍ فرضته حقيقةٌ لغويّةٌ قرّرها ابن فارسٍ قديمًا مفادها أنَّ (للعرب الإتباع…وقد شاركت العجمُ العربَ في هذا الباب)، وقد تلقَّف هذه الحقيقة عن ابن فارسٍ جملةٌ من علماء اللغة الذين جاؤوا بعده، من أمثال: الثعالبيّ (ت429هـ)([1]). والسيوطيّ (ت911هـ)([2])، ومحمد صديق خان (ت1307ه)([3]).
وليت ابن فارسٍ (وهو يقرّر هذه الحقيقة اللغويّة) رفدنا بشواهد لغويّةٍ على مشاركة العجمِ العربَ في ظاهرة الإتباع، لكنّه لم يفعل، ولو أنّه فعل، لكفانا عناء البحث عن شواهد لهذا الحكم اللغويّ، ولكفى المتشككين عذاب الشكّ والارتياب في صحّته.
*أسباب اختيار البحث:
1-جدّة الموضوع، فبحسْب علم الباحث أنّ هذا الموضوع لم يُدرس من قبلُ.
2-إضافة جديد إلى حقل الدراسات اللسانيّة.
3-تقديم رؤية واضحة للدارسين حول هذا الحكم من حيث الصحّة والخطأ؛ لاعتماده إن كان صحيحًا دون أدنى ريبٍ، أو تركه والعدول عنه إن كان خاطئًا.
*منهج البحث:
اعتمدت الدراسة منهجين من المناهج العلميّة، هما: المنهج التقابلي والمنهج المقارن، أمّا المنهج التقابليّ، فيظهر في الدراسة من خلال تتبّع ظاهرة (الإتباع) في اللغات الإنسانيّة التي تنتمي إلى أسرةٍ أو أُسرٍ لغويّةٍ غير أسرة اللغات الساميّة التي تنتمي إليها اللغة العربيّة، وأمّا المنهج المقارن، فيظهر في الدراسة من خلال تتبّع ظاهرة (الإتباع) في اللغات الساميّة التي تنتمي إليها العربيّة.
*مفهوم الإتباع:
تضمّنت كتب التراث اللغويّ العربيّ تعريفاتٍ كثيرةً لمصطلح (الإتباع) حدّدت مفهومه ورسمت حدوده وضوابطه، ومن أوائل من تناول هذا الموضوع ابن فارس (ت395ه) في قوله: “للعرب الإتْباع وهو: أن تُتْبَعَ الكلمةُ الكلمةَ عَلَى وزنها أَوْ روِيّها إشباعاً وتأكيداً. ورُوي أن بعض العرب سُئِل عن ذَلِكَ فقال: هو شيءٌ نَتدبر بِهِ كلامنا. وذلك قولهم: (ساغِبٌ لاغِب)، و(هو خَبٌّ ضَبّ)، و(خَرابٌ يَباب). وَقَدْ شاركَتْ العَجَمُ العربَ فِي هَذَا الباب”([4]).
ويقول الثعالبيُّ (ت429هـ) عن الإتباع : “وذلك أن تتبع الكلمة الكلمة على وزنها ورَوِيِّها إشباعاً وتوكيداً؛ اتِّساعاً، كقولهم: جائع نائع وساغِب لاغِب وعَطشان نَطْشان وصَبَّ ضَبَّ وخَراب يَباب. وقد شاركت العرب العجم في هذا الباب”([5]). وينقل السيوطيّ كلام ابن فارسٍ بلفظه([6]) .
ويقول أبو البقاء الكفوي (ت1094ه): “والإتباع: هُوَ أَن تتبع الْكَلِمَة على وَزنهَا أَو رويّها إشباعا وتوكيدا، حَيْثُ لَا يكون الثَّانِي مُسْتَعْملا بِانْفِرَادِهِ فِي كَلَامهم، وَذَلِكَ يكون على وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن يكون للثَّانِي معنى كَمَا فِي (هَنِيئًا مريئا). وَالثَّانِي: أَن لَا يكون لَهُ معنى، بل ضُم إِلَى الأوّل لتزيين الْكَلَام لفظًا وتقويته معنًى، نَحْو قَوْلك: (حَسَنٌ بَسَن)، وَعَلِيهِ {عبس وَبسر}. وَمن أَنْوَاع الإتباع: إِدْخَال اللَّام على (يزِيد) للوليد وَمن أحد ضربيه: قَسِيْمٌ وَسِيْم، كِلَاهُمَا بِمَعْنى الْجَمِيل، فَيُؤتى بِهِ للتَّأْكِيد؛ لِأَن لَفظه مُخَالفٌ للْأولِ، وَمن الآخر: (شَيْطَان لَيْطان)، أَيْ: لَصُوْقٌ لَازمٌ للشّرِّ، و(عَطْشان نَطْشان)، أَي: قَلِقٌ. فَمَعْنَى الثَّانِي غير الأول، وَهُوَ لَا يكَاد يُوجد بِالْوَاو”([7]).
ويقول أحمد مختار عمر (ت1424هـ): “الإتباع: توالي لفظين يتفقان في الوزن والرَّويّ بقصد تقوية المعنى، والثَّاني بمعنى الأوّل، أو غيرُ ذي معنًى، ولا يُستعمل منفردًا، تأتي بينهما واو العطف أوْ لا (حسَن بسَن- خبيث لبيث- شيطان ليطان)”([8]).
وبعد استعراض آراء اللغويين القدامى والمحدثين في تعريف الإتباع، يستخلص أحد الباحثين تعريفًا له فيقول: “الإتباع : هو توارد كلمتين أو ثلاثٍ في أسلوب كلاميٍّ مرتجلٍ، يغلب عليه الإيقاع الواحد، والتوافق في الوزن والروي، يُسمّى طرفاه التابع والمتبوع، والغالب ألّا يُفصل بينهما بفاصل، وقد يُفصل بينهما بحرف من حروف المعاني أو الجر أو العطف، ويمكن أن يكون التابع كلمةً لا معنى لها جاءت لغاية فنية جماليّةٍ هي تزيين الكلام لفظًا، وتوكيد المتبوع وإمتاع السامع، وقد يكون التابع كلمةً لها معنىً بيّنٌ جاء لتقوية معنى المتبوع وتوكيده”([9]).
*ضوابط الإتباع ومحدّداته:
من مجمل النصوص السابقة ومن غيرها مما سنعرضه لاحقًا نستنبط جملةً من الضوابط والمحدّدات التي وضعها علماء اللغة العرب لظاهرة الإتباع في اللغة العربيّة، ومنها:
1-أنّ تبعيّة الكلمة الثانية للكلمة الأولى تتحقّق في توافر سِمَتَيْ (الوزن والرويّ) معًا في الكلمة التابعة كما نصّ على ذلك الثعالبي وأحمد مختار عمر وسائر عادل دندش، غير أنّ بعض اللغويين يجعل الحدّ الأدنى من التبعيّة في تحقّق إحدى السِّمَتَيْن في الكلمة التابعة، يُفهم ذلك من استعمالهم (أو) التخييريّة، كما في عبارة ابن فارسٍ وعبارة السيوطيّ وعبارة أبي البقاء الكفويّ (الوزن أو الرويّ).
ويبدو أنّ الخلاف بين الفريقين شكليٌّ لا حقيقيّ، فإنّ القائلين باجتماع السمتين في الكلمة التابعة بنوا حكمهم هذا على الغالب من شواهد الإتباع، أمّا القائلون بجواز تحقّق إحدى السمتين في الكلمة التابعة، فإنّما بنوا حكمهم هذا على ما ورد عن العرب (أيضًا) من قليل شواهد الإتباع، كقولهم : “لهُ الوَيلُ والأَليلُ، ولهُ الوَيلُ والأَويلُ”([10])، “جُوعاً دَيْقُوعاً: إِذا دُعِيَ عَلى الإِنسانِ”([11])، وقولهم في سبِّ الرجل: “رَغْماً دَغْماً شِنّغْماً، وفَعَلْتُ ذَلك عَلى رَغْمِهِ ودَغْمِهِ وشَنَّغْمِهِ”([12])، فيما كان الإتباع فيه في الرويّ دون الوزن.
وكقولهم: “لحِزٌ لَصِبٌ (فاللحِز: البخيل، واللصِب: الذي لزم ما عنده). ووتِحٌ شقِن، ووتِيحٌ شقِين أي قليلٌ”([13])، فيما كان الإتباع فيه في الوزن دون الرويّ.
2-أنّ الكلمة التابعة لا تُستعمل منفردةً، بل يجب اقترانها بالكلمة المتبوعة.
3-قد يكون للكلمة التابعة معنىً مستقِلٌّ عن معنى الكلمة المتبوعة، وقد لا يكون لها معنىً أصلًا، بل يؤتى بها لتزيين الكلام لفظًا وتقوية معنى الكلمة المتبوعة. ويرى أحمد مختار عمر (في نصّه السابق) أنّ الكلمة التابعة لا يكون لها معنىً مستقلٌّ، بل تكون مرادفةً للكلمة المتبوعة في المعنى أو تكون غير ذات معنىً.
4-الغالب في لفظي الإتباع ألّا يُفصل بينهما بفاصل، وقد يُفصل بينهما بالواو قليلًا، وهو ما يُفهم من قول أبي البقاء الكفويّ: (وَهُوَ لَا يكَاد يُوجد بِالْوَاو)، ومنهم من يرى أنّه (قد يفصل بينهما بحرف من حروف المعاني أو الجرّ أو العطف).
5-قد يقع الإتباع بلفظٍ واحدٍ فقط وهو الغالب، وقد يقع بلفظين أيضًا، كقولهم: “إِنَّهُ لَسَهْدٌ مَهْدٌ نَهْدٌ: أَي: حَسَنٌ”([14]) ، بل إنّه قد يقع بخمسة ألفاظٍ أيضًا، كقولهم: “إِنَّهُ لَكَثِيرٌ نَثِيرٌ بَثِيرٌ بَذِيرٌ عَفِيرٌ، وَعَمِيرٌ أَيضاً: يُوصَفُ بِها كلَّها الكَثرَةُ”([15]).
*الإتباع والتوكيد :
اختلف النحاة العرب القدماء في حقيقة ظاهرة الإتباع في العربيّة ، أظاهرةٌ مستقلّةٌ بذاتها هي أم نوعٌ من أنواع ظاهرةٍ أخرى عامّة هي ظاهرة التوكيد؟ ، وقد نقل السيوطيّ عن ابن الدهّان ثلاثة آراء للنحاة في (الإتباع)، يقول السيوطيّ: “قال ابن الدّهّان في (الغُرّة) في باب التوكيد: منه قسم يُسمّى (الإتباع)، نحو: عَطْشان نطْشان، وهو داخلٌ في حكم التوكيد عند الأكثر، والدليلُ على ذلك كونه توكيدًا للأوّل غيرَ مبيِّنٍ معنىً بنفسه عن نفسه، كأكتع وأبْصع مع أجمع، فكما لا يُنْطق بـ (أكتع) بغير (أجمع)، فكذلك هذه الألفاظ مع ما قبلها؛ ولهذا المعنى كُرِّرَتْ بعض حروفها في مثل: حَسَنٌ بَسنٌ، كما فعل بأكتع مع أجمع. ومَنْ جعلها قسما على حِدَة، حُجّته مفارقتها أكتع؛ لجريانها على المعرفة والنكرة بخلاف تلك، وأنها غيرُ مفتقرة إلى تأكيدٍ قبلها بخلاف أكتع. قال: والذي عندي أن هذه الألفاظ تدخل في باب التأكيد بالتكرار، نحو: رأيت زيدا زيدا، ورأيت رجلا رجلا، وإنّما غُيِّر منها حرفٌ واحدٌ؛ لما يجيئون في أكثر كلامهم بالتكرار. ويدلُّ على ذلك أنه إنّما كرّر في (أجمع وأكتع) العين، وهنا كُررت العين واللام، نحو: حَسَنٌ بسنٌ وشيطانٌ ليْطانٌ.
وقال قوم: هذه الألفاظُ تسمى تأكيدا وإتباعا، وزعم قوم: أن التأكيد غير الإتباع، واختُلِف في الفرق، فقال قوم: الإتباع منها ما لم يحسن فيه (واو)، نحو: حَسن بَسَن وقَبِيح شَقِيح، والتأكيد يحسنُ فيه الواو، نحو: حِلٌّ وبِلٌّ. وقال قومٌ: الإتباع للكلمة التي يختص بها معنىً ينفرد بها من غير حاجة إلى متبوع”([16]).
فالرأي الراجح الذي عليه أكثر النحاة (إذًا) هو أنّ الإتباع قسمٌ من التوكيد اللفظيّ، وهو الرأي الذي اختاره الباحث وارتضاه وهو يتناول موضوع هذه الدراسة.
ويضيف عباس حسن إضافتين جديدتين في موضوع (الإتباع)، هما([17]) :
1-أنّه سمّى هذه الظاهرة الأتباع (بفتح الهمزة)، ولعلّه حين أطلق هذه التسمية كان ينظر إلى هذه الألفاظ التي تتبع ألفاظًا سابقةً عليها في الوزن وبعض الحروف، فاستعمل صيغة الجمع هذه (التي هي جمع تَبَع)، خلافًا للمصطلح الشائع في التراث النحوي وهو الإتباع (بكسر الهمزة) الذي هو مصدرٌ دالٌّ على الظاهرة، أي: الحدث نفسه.
2-أن هذه الألفاظ (الأتباع) ليس لها حكمٌ إعرابيٌّ، فلا توصف بأنها معربةٌ أو مبنيّةٌ، ولا تتأثر بالعوامل.
*مفهوم (العَجَم):
تحيلنا كتب التراث اللغويّ العربيّ على مفهومين اثنين للفظ (العَجَم)، هما:
1-المفهوم العامّ:
وهو الدلالة على كُلّ ما عدا العرب من الأجناس البشريّة، وفي ذلك يقول الخليل(ت170ه): “العَجَمُ: ضِدُّ العَرَب، ورجلٌ أعجميّ: ليس بعربيّ”([18]). ويؤكّد ابن منظور(ت711ه) هذه الدلالة العامّة، فيقول: “العُجْمُ والعَجَمُ: خِلافُ العُرْبِ والعَرَبِ”([19]).
وإذا كانت دلالة لفظ (العجم) العامّة تنصبُّ على خلاف العرب، فإنّ مقتضى ذلك أن تنصبّ الدلالة العامّة للعرب (بالضرورة) على خلاف العجم، وقد نصَّ ابن سيدة (ت458ه) على ذلك بقوله: “العُرْبُ والعَرَبُ: خلاف الْعَجم”([20]).
2-المفهوم الخاصّ:
وهو الدلالة على جنس (الفُرْس) دون غيرهم من الأجناس البشريّة ، ويظهر هذا المفهوم لدى ابن دريد (ت321ه) الذي أفرد بابًا في جمهرته للألفاظ الفارسيّة التي تكلّمت بها العرب عنْوَنَه بـ (بَاب مَا تكلّمت بِهِ الْعَرَب من كَلَام الْعَجم حَتَّى صَار كاللغة)([21]) ذكر فيه جملةً من الكلمات نصَّ على أنّها فارسيّةٌ استعملتها العرب، ثمَّ أردف الباب السابق بأبواب أخرى لكلماتٍ من لغاتٍ أخرى أخذتها العربيّة عنها، هذه الأبواب هي: (وممّا أخذوه من الروميّة)([22])، (وممّا أُخذ من النبطية)([23])، (وممّا أخذ من السريانيّة)([24]).
كما انّه صنع الصنيعَ نفسه عند حديثه عن الأسماء التي عرّبتها العرب بالنقل من اللغات الأخرى، فنجد عنده الأبواب الآتية: (وممّا أخذته العرب عن العجم من الأسماء)([25])، خصصّه للأسماء الفارسيّة التي أخذتها العرب عنها، (وممّا أخذوه عن الروميّة أيضًا)([26])، (وممّا أخذوه عن السريانيّة أيضًا)([27]).
ويؤكّد المطرّزيّ (ت610هـ) الدلالة الخاصّة للفظة (العجم) على الفرس، فيقول: “(هـ ر م ز): (هُرْمُزَانُ): لَقَبُ (رُسْتُمَ بْنِ فَرْخَزَادَ) صَاحِبُ جَيْشِ الْعَجَمِ، قُتِلَ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ عَلَى يَدِ هِلَالٍ الْعُقَيْلِيِّ”([28]). فنصَّ المطرِّزيُّ على أنَّ (هرمزان) هو قائد جيش العجم في معركة القادسية، ومعلوم على جهة اليقين والتواتر أنّ معركة القادسيّة وقعت بين المسلمين والفرس، وذلك يعني أنّه جعل لفظ (العجم) علمًا على جنس الفُرْس دون غيرهم.
ويجعل ابن منظور لفظي (الفُرْس والعجم) مترادفين، فيقول: “والسَّذَق: لَيْلَةُ الوَقُود، وَجَمِيعُ ذَلِكَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. التَّهْذِيبِ: والسَّذَق عِنْدَ الْعَجَمِ مَعْرُوفٌ”([29]).
ويرادف أصحاب المعجم الوسيط (أيضًا) بين لفظي (الفُرْس والعجم)، جاء في مادة (هرمز): “(هُرْمُز) كلمة فارسية من مَعَانِيهَا (عِنْد الْفرس) الْإِلَه وكوكب المُشْتَرِي وَأحد مُلُوك الْفرس هُرْمُز (272 م) وَقد أطلق الْعَرَب الهرمز والهارموز والهرمزان على الْكَبِير من مُلُوك الْعَجم”([30]).
ويذكر ابن فارسٍ (ت395هـ) الدلالتين جميعًا، فيقول عن الدلالة الخاصّة: “الرطانة: كلام لا يفهم ، ويخصُّ بذلك كلام العجم، وهو قوله: أصواتُهُ كتراطنِ الفرسِ”([31]). ويقول عن الدلالة العامّة: “والعجم: خلاف العرب”([32]).
ووردت الدلالتان جميعا (أيضًا) عند بعض أصحاب المعاجم الحديثة، فقد ورد في (معجم اللغة العربية المعاصرة) ما نصّه: “العَجَم: من لم يكونوا من العرب، نطقوا بالعربيّة أو لم ينطقوا، وتُطلق مجازًا على الفرس (أُرسل النَّبيُّ محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم إلى العرب والعَجَم)، بلادُ العَجَمِ: بلاد الفُرْسِ، إيران حاليًّا”([33]). وورد في (المعجم الوسيط): “(الْعَجم): خلاف الْعَرَب الْوَاحِد عجميٌّ نطق بِالْعَرَبِيَّةِ أَو لم ينْطق، وعَلَمٌ على الْفرس خَاصَّةً”([34]).
والذي نرجّحه (في سياق الحديث عن الدلالتين العامّة والخاصّة للفظة (العجم)) أنّ ابن فارس يريد بقوله: (وقد شاركت العجمُ العرب في الإتباع) الدلالةَ الخاصّة لها، لا الدلالة العامّة، وهو ترجيحٌ له ما يسوّغه؛ لأنّ ترجيح الدلالة العامّة لهذه اللفظة يقتضي التسليم بأنّ ابن فارسٍ كان على علمٍ بلغات غير العرب من العجم كُلِّها!! وهذا محالٌ عقلًا وواقعًا. فلم يبقَ إلا التسليم بالدلالة الخاصّة لهذه الكلمة في عبارة ابن فارسٍ المشار إليها.
والهدف الرئيسيّ الذي تسعى الدراسة إلى تحقيقه (ابتداءً) هو التحقّق من صحة الحكم الذي أطلقه ابن فارسٍ في أنّ (العجم قد شاركت العرب في الإتباع) في ضوء الدلالة الخاصّة للفظ (العجم) عند ابن فارسٍ وهي: الفُرس خاصّةً، وذلك يقتضي تتبّع ظاهرة الإتباع في اللغة الفارسيّة تحديدًا، ثمّ تطمح الدراسة (من قبيل الاستطراد المفيد) إلى تتبُّع ظاهرة (الإتباع) فيما تيسّر من اللغات الأخرى غير العربيّة في ضوء الدلالة العامّة للفظ (العجم) وهي: (غير العرب) مطلقًا.
*الإتباع عند العَجَم في ضوء الدلالة الخاصّة للفظ العجم (الفُرس) عند ابن فارس:
أولى الإشارات التي وقفتْ عليها الدراسة إلى وجود ظاهرة (الإتباع) عند العَجَم/الفرس، ما أورده التهانويّ بقوله: ” وكذا التوكيد في اللغة بمعنى (استوار كردن) كما في الصُّراح وغيره”([35]).
والمقصود باللغة في قول التهانويّ: (وكذا التوكيد في اللغة…) ، هي اللغة الفارسيّة لا غير؛ لأنّه ألّف كتابه باللغة الفارسيّة ثُمّ تُرجِم بعد ذلك إلى العربيّة والإنجليزيّة والفرنسيّة([36])، فإطلاقه مصطلح اللغة بدون تقييدٍ لا يحتمل كونها غير الفارسيّة. وقد ذكر أنّ مصطلح (استوار كردن) فيها يُقابل مصطلح (التوكيد) في العربيّة، ثمّ إن معجم (الصراح) الذي أحال عليه التهانوي هو معجمٌ من معاجم اللغة الفارسيّة.
وقد عدتُ إلى معجم (الصُّراح من الصِّحاح) الذي أشار إليه التهانويّ في نصّه السابق، فوجدت فيه النصّ الآتي: “تأكيد توكيد: استوار كردن، يُقال: اكّدت الشيء ووكدته”([37]). كما ورد مصطلح (استوار كردن) (أيضًا) في أحد المعاجم المتخصصة في اللغة الفارسيةّ: ustuwār kardan,…to confirm””([38])، وترجمتها العربيّة: للتأكيد.
وقد عرفنا سابقًا من استعراض كلام النحاة أنّ الراجح عدُّ (الإتباع) ضربًا من التوكيد اللفظي، وقد نقل التهانويّ عن الرضيّ قوله في التوكيد اللفظي: “اللفظي ضربان، أحدهما: أن يعيد الأول، نحو: جاءني زيد زيد، والثاني: أن يقوّيَه بموازنه مع اتفاقهما في الحرف الأخير ويسمّى إتباعا”([39]).
والتحقيق أنّ المصدر الأصلي في الفارسيّة الذي أحد معانيه (الإتباع/التوكيد) ، إنّما هو (استوار) فقط، لكنّ طبيعة هذا المصدر مع طائفةٍ أخرى من المصادر المشابهة له في الفارسيّة أنّها لا تأتي إلّا مركّبةً مع كلمات مساعدة منها كلمة (كردن) ، يقول أحد الباحثين عن المصدر المرخّم : “غالبًا ما يأتي بعد الأفعال المساعدة مصادر…وأهمُّ الأفعال المساعدة هي :…كردن : العمل”([40]).
ويقول الباحث ذاته في موضعٍ آخر عند حديثه عن المصادر المركّبة في الفارسيّة: “المصادر المركّبة على ثلاثة أنواع: … ب-ومن المصادر المركّبة ما كان مؤلّفًا من كلمتين فارسيّتين…: دورى كردن: الإبعاد …رهبرى كردن: الإرشاد…زِندﮔى كردن: العيش”([41]).
ومن شواهد النوع الأوّل من نوعي التوكيد اللذين أحال عليهما التهانويّ في نصّ الرضيّ السابق وهو إعادة اللفظ الأوّل في الفارسيّة، قولُ أحد الباحثين في موضوع (الصفة) في الفارسيّة: “قد تتكرّر الصفة بعينها على صورة إضافةٍ، فتفيد معنى التأكيد وتعبّر عن قوّته، مثل: مَسْتِ مَسْت، خوبِ خوب، زشتِ زشت…وقد تتكرّر الصفة بعينها دون إضافةٍ، فتفيد (أيضًا) معنى التأكيد، مثل: ﭘﮂﭻ ﭘﭔﭻ، ﮔِره ﮔِره، لُخْت لُخْت (ملتفّ، معقّد، عُريان)”([42]). وعلامة الإضافة في الفارسيّة هي الكسرة التي تظهر على آخر المضاف “وهذه هي حالة الإعراب الوحيدة في الفارسيّة”([43]).
ومن شواهد النوع الثاني من أنواع التوكيد اللفظيّ في الفارسيّة وهو (الإتباع) الذي هو موضوع الدراسة والذي أحال عليه التهانويّ (أيضًا) في نصّه السابق، ما أورده أحد الباحثين في سياق حديثه عن الاسم المركَّب في الفارسيّة، من قوله: “في لغة الخطاب تركّب بعض الأسماء مع كلماتٍ على وزنها، غالبًا ما تكون بلا معنىً، وهو ما يُسمَّى في المصطلح الأدبيّ (الإتباع، نحو: جرت وبرت: الهذر وفضول الكلام، قاطي ماطي: مختلطٌ وكيفما اتّفق، ترت ومرت: ممزَّق. فالكلمات الثانية في هذه الأسماء المركّبة بلا معنىً تقريبًا، وأغلب هذه الأتباع تُستخدم في العاميّة، ولا يعني هذا أنّها لم ترِدْ في الفصحى، فقد وردت، لكن في القليل النادر”([44]).
ومن شواهد (الإتباع) في الفارسيّة أيضًا “مس وتاس: نحاس وتاس (الإتباع)”([45]).
* الإتباع عند العَجَم في ضوء المفهوم العامّ للعجم (غير العرب):
حاولت الدراسة تتبُّعَ ظاهرة الإتباع عند العجم بالمفهوم العامّ لهذه الكلمة وهو (كُلُّ ما عدا العرب من الأجناس والأُمم الأخرى)، وقد كانت أولى الإشارات التي وقفت عليها الدراسة في هذا الموضوع، قول التهانويّ عن ظاهرة (الإتباع) في الإنجليزيّة والفرنسيّة: “الإتباع: [في الانكليزية] Assertion [في الفرنسية] Assertion: هو مصدرٌ من باب الافتعال، وهو عند النحاة قسمٌ من التأكيد اللفظي”([46]).
كما أورد مصطلح (Assertion) السابق في الإنجليزية والفرنسية مرادفًا لمصطلح (استوار كردن) في الفارسيّة ومرادفًا لمصطلح التأكيد في العربيّة، يقول التهانويّ: “التأكيد: [في الانكليزية]:Affirmation ،assertion ،corroborration، في الفرنسية]: Affirmation ،assertion ،corroboration وكذا التوكيد في اللغة بمعنى (استوار كردن) كما في الصُّراح وغيره”([47]) .
وفي أحد معاجم المصطلحات اللسانيّة نقف على مصطلح (Assertion) مرادفًا لمصطلح التأكيد في العربيّة، جاء فيه: “إثبات، إخبار، إقرار، تأكيد، زعم، تقريريّ: Assertion”([48])، وجاء في معجمٍ آخر: “توكيد، جزْم، إصرارٌ على حقٍّ أو زعم: assertion”([49]) .
وفضلًا عن مصطلح (Assertion) الذي نسبه التهانوي إلى الإنكليزيّة والفرنسيّة ترجمةً لمصطلح (الإتباع) الذي هو قسمٌ من التوكيد اللفظيّ في العربيّة، وقفتْ الدراسة على مصطلحاتٍ أخرى في اللغتين الإنكليزيّة والفرنسيّة تُعدّ من مرادفات التوكيد اللفظيّ في العربيّة، منها:
1-(Adjunction) :
” Adjunction: Adjunction: حشو، صورة بلاغيّةٌ تتمّ بتكرار اللفظ والمعنى في جملةٍ ما للتأكُّد من إيصال المعنى إلى السامع”([50]). وفي (المورد): “ضمٌّ، إلحاق: adjunction”([51]).
2-(Anaphora):
*Anaphora إحالة، تكرار توكيدي: Anaphora “([52]).
3-(Alliteration):
“إتباع، مجانسة جناس استهلالي: Alliteration : Alliteration: هو تكرار الحرف نفسه في أوائل الكلمات المتتالية بغية إحداث نغمةٍ موسيقيّة ، أو تكرارٌ صوتيٌّ في كلماتٍ متتاليةٍ”([53]) .
4-(Diaphora):
“توكيد لفظي: Diaphora : Diaphora: ويتم هذا إمّا بتكرار الكلمة أو الجملة لتوكيدهما”([54])
5-(Emphasis):
“توكيد: Emphasis: Amphase: أن نكرّر كلمةً في سياقٍ لغرضٍ بلاغيٍّ، أو لبيان أهمّيّتها، أو لتوكيد معنى الجملة، كما يتمُّ ذلك بواسطة رفع الصوت في نطق هذه الكلمة”([55]). وفي المورد: “تشديد على كلمة أو مقطع، توكيد”([56]).
6-(Epanalepsis):
“توكيد لفظيٌّ: Epanalepsis: Epanalepse: أن تتكرّر الكلمة أو الجملة بقصد التوكيد”([57]).
7-(Reduncy):
“حشو، إسهاب، إطناب، توكيد لفظيٌّ: Reduncy: Redondance: أن يتكرّر اللفظ أو المعنى في جملة واحدة للتأكُّد من نقل المعنى أو اللفظ إلى السامع”([58]).
8-(Tautology):
“حشو، لغو: Tautology: Tautologie: زيادة لفظٍ على أصل المعنى، دون أن تحمل الزيادة فائدةً دلاليّةً”([59])، وفي المورد: “الحشو : تكرارٌ للمعنى لا يزيده قوّةً أو وضوحًا : tautology”([60]).
*في العبريّة:
وقفت الدراسة في العبريّة على ظاهرة (التوكيد اللفظي) بتكرير اللفظة نفسها، مثل: ((wkullā wkullā: إلخ، وهلُمَّ جَرًّا([61])، ومثل: (ōp sōps): في النهاية، أخيرًا([62]).
كما وقفتْ على شواهد من ظاهرة (الإتباع) في العبريّة، وقد أشار رمضان عبد التواب إلى أحد هذه الشواهد، فبعد أن مثّل لهذه لظاهرة من كتاب (الإتباع) لابن فارس بكلمتي (خراب يباب)، عاد فذكر أنّ هذا الشاهد يُذكِّرُ بالعبريّة: (tohū wā bohū)/تهُوْ وا بهُوْ([63]). وقد عدت إلى المعجم العبريّ فوجدت فيه الكلمة الأولى (tohū) بمعنى: فراغٌ، خرابٌ، خواءٌ([64]). والكلمة الثانية (bohū) بمعنى: خُلُوٌّ، خلاءٌ، تشوُّشٌ([65]).
ويذكر أحد الباحثين هذا الشاهد من جملة شواهد أخرى لظاهرة الإتباع في العبريّة، فيقول: “ومثل ذلك في العبريّة: (أ و ي) و (ا ب و ي): (آهٍ) و (واهٍ)، (ت و هـ و) و (ا ب و هـ و): (كانت الأرض) خواءً هباءً، (ح ا س) و (ح ل ي ل ا): حاشا ومعاذ، (ح ا س) و (ش ا ل و م): بُعدًا وسلامةً”([66]).
وبالعودة إلى المعجم العبريّ نجد الكلمةَ الأولى من الشاهد الأوّل (أ و ي/ʼōy) بمعنى: آه! واأسفاه!([67])، والكلمة الثانية منه(أ ب و ي/ʼbōy) بمعنى: آه، واحسرتاه!([68]). ونجد الشاهد الثالث فيه : ((ḥas wiḥālīlā /ح ا س و ح ل ي ل ا) بمعنى: أعوذ بالله! حاشا لله!([69])، كما نجد فيه الشاهد الرابع (ḥas wšalōm)/ح ا س و شَ ل و م) بمعنى: أعوذ بالله! حاشا لله!([70]). كما ورد الشاهدان الثالث والرابع في معجم ابن شوشان(ʼven šōšān)([71]).
*خاتمة البحث وتوصياته:
توصّلت الدراسة إلى النتائج الآتية:
- أثبتت الدراسة صحّة الحكم الذي أصدره ابن فارس من (مشاركة العجمِ العربَ في ظاهرة الإتباع) في ضوء المفهوم الخاصّ لمصطلح العجم عنده (الفُرس) ، واستشهدتْ على هذه الظاهرة بما تيسّر من شواهد في اللغة الفارسيّة.
- في ضوء المفهوم العامّ لمصطلح العَجَم (كُلّ ما عدا العرب من الأمم الأخرى)، تتبّعت الدراسة ظاهرة الإتباع في اللغات التي تنتمي إلى أُسرٍ لغويّةٍ غير أسرة اللغات الساميّة التي تنتمي إليها العربيّة، واستطاعت إثبات وجود هذه الظاهرة في اللغتين الإنجليزيّة والفرنسيّة.
- وفي ضوء المفهوم العام لمصطلح العَجَم (أيضًا) استطاعت الدراسة إثبات وجود ظاهرة الإتباع في اللغة العبريّة بوصفها من لغات الأسرة الساميّة التي تنتمي إليها اللغة العربيّة الفصحى.
- يمكن للباحثين الأخذ بالحكم الذي أصدره ابن فارس بخصوص مشاركة العجمِ العربَ في ظاهرة الإتباع والبناء عليه دون أدنى شكٍّ في صحّته.
- توصي الدراسة بضرورة رصد الأحكام العامّة التي أصدرها علماؤنا الأوائل دون أن يشفعوها بالشواهد الداعمة، ودراسة هذه الأحكام؛ لإثبات صحّتها أو خطئها؛ للأخذ بها والبناء عليها أو لتركها والعدول عنها.
(المكتبة العربيّة)
1-الإتباع: أبو الطيّب اللغويّ (ت351ه)، تحقيق: عز الدين التنوخي، مجمع اللغة العربيّة، دمشق، 1380ه-1961م.
2-الإتباع: جلال الدين السيوطي (ت911ه)، تحقيق: كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر.
3-البُلغة إلى أصول اللغة: محمد صدّيق خان، تحقيق: سهاد حمدان أحمد السامرائي (رسالة ماجستير من كُلّيّة التربية للبنات– جامعة تكريت، العراق)، الناشر: جامعة تكريت.
4-جمهرة اللغة: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت321ه)، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط1، 1987م.
5-دروسٌ في اللغة الفارسيّة وآدابها: محمد التونجي (أغفل الناشر بقيّة بيانات الكتاب).
6-الصاحبيّ في فقه اللغة العربيّة ومسائلها وسنن العرب في كلامها: أحمد بن فارس (ت395ه)، تحقيق: عمر فاروق الطبّاع، مكتبة المعارف، بيروت، لبنان، ط1، 1414ه-1993م.
7-الصراح من الصحاح (معجم عربي فارسي): محمد بن عمر بن خالد القرشي، (تحقيق عبد الله منشي)، طبعة إيران، 1284ه.
8-ظاهرة الإتباع والمزاوجة وأثرها في الأمثال العربيّة (رسالة ماجستير): سائر عادل دندش، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة تشرين، اللاذقيّة، سوريا، 2009م.
9-العين: الخليل بن أحمد الفراهيديّ (ت170ه)، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرّائيّ، دار ومكتبة الهلال، القاهرة، مصر، بدون تاريخ وبدون طبعة.
10-فصولٌ في فقه العربيّة: رمضان عبد التوّاب، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ط6، 1420ه-1999م.
11-فقه لغات العاربة المقارن، مسائل وآراء: خالد إسماعيل، إربد، الأردن، 1421هـ-2000م.
12-فقه اللغة وسرُّ العربيّة: لأبي منصور الثعالبيّ (ت429ه)، تحقيق: عبد الرزّاق المهدي، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، لبنان، ط1، 1422ه-2002م.
13-كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم: محمَّد بن عليّ التهانوي (ت بعد 1158ه)، تحقيق: علي دحروج، الترجمة عن الفارسية: عبد الله الخالدي، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 1996م.
14-(الكُلّيّات)معجمٌ في المصطلحات والفروق اللغويّة: أبو البقاء الكفوي (ت1094ه)، تحقيق: عدنان درويش ومحمّد المصريّ، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان.
15-لسان العرب: محمد بن مكرم بن منظور (ت711ه)، دار صادر، بيروت، لبنان، ط3، 1414ه.
16-اللغة الفارسيّة والنصوص المتخصّصة: إبراهيم الدسوقي شتا، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، مصر، ط3، 1998م.
17-مجمل اللغة: أحمد بن فارس، دراسة وتحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط2، 1406ه-1986م.
18-المحكم والمحيط الأعظم: أحمد بن سيدة (ت458ه)، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، ط1، 1421ه-2000م.
19-المزهر في علوم اللغة وأنواعها: جلال الدين السيوطي(ت911ه)، تحقيق فؤاد علي منصور، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، ط1، 1418ه-1998م.
20-مشروع المصطلحات الخاصة بالمنظمة العربيّة للترجمة: هيثم الناهي، هبة شرّي، حياة حسنين (بدون بيانات).
21-المعجم الحديث (عبري عربي): ربحي كمال، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط2، 1992م.
22-معجم اللغة العربيّة المعاصرة: أحمد مختار عمر وآخرون، عالم الكتب، ط1، 1429ه-2008م.
23-معجم المصطلحات الألسنية (فرنسي، إنكليزي، عربيّ): مبارك مبارك، دار الفكر اللبنانيّ، بيروت، لبنان، ط1، 1995م.
24-المعجم الوسيط: إبراهيم مصطفى، أحمد حسن الزيّات، حامد عبد القادر، محمّد علي النّجّار، مكتبة الشروق الدوليّة، القاهرة، مصر، ط4، 1425هـ-2004م.
25-المغرِب في ترتيب المعرِب: أبو الفتح ناصر الدين المُطرّزي (ت610ه)، تحقيق: محمود فاخوري وعبد الحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد، حلب، سوريا، ط1، 1399ه-1979م.
26-مقارنة بين النحو العربيّ والنحو الفارسيّ: أحمد كمال الدين حلمي، ذات السلاسل، الكويت، 1992-1993م.
27-المورد (قاموس إنكليزيّ – عربيّ): منير بعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، 1991م.
28-النحو الوافي: عباس حسن، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط4، 1976م.
(المكتبة الأجنبيّة)
1-אבן שׁושׁן אבךהם: המלון העבךי התדשׁ, הוצאת קראת ספר ירושׁלים, 1982.
2-Johnson And Richardson. Persian-English Dictionary,by F.Steingass,D. London, Routledge & Kegan Paul Limited, fifth impression,1963.
([1] ) يُنظر: فقه اللغة وسرُّ العربيّة: أبو منصور الثعالبيّ (ت429ه) ، تحقيق: عبد الرزّاق المهدي، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، لبنان، ط1، 1422ه-2002م: 1/264.
([2] ) يُنظر: المزهر في علوم اللغة وأنواعها: جلال الدين السيوطي(ت911ه)، تحقيق فؤاد علي منصور، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، ط1، 1418ه-1998م: 1/324. وكذلك يُنظر: الإتباع: جلال الدين السيوطي (ت911ه)، تحقيق: كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر: 1/88.
[3]([3] ) يُنظر: البُلغة إلى أصول اللغة: لمحمد صديق خان، تحقيق: سهاد حمدان أحمد السامرائي (رسالة ماجستير من كُلّيّة التربية للبنات– جامعة تكريت، العراق)، الناشر: جامعة تكريت: 120.
([4] ) الصاحبي في فقه اللغة العربيّة ومسائلها وسنن العرب في كلامها: أحمد بن فارس (ت395ه)، تحقيق: عمر فاروق الطبّاع ، مكتبة المعارف ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 1414ه-1993م: 363.
([5] ) فقه اللغة وسرُّ العربيّة: 1/264.
([7] ) (الكُلّيّات)معجمٌ في المصطلحات والفروق اللغويّة: أبو البقاء الكفوي (ت1094ه)، تحقيق: عدنان درويش ومحمّد المصريّ، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان 35.
([8] ) معجم اللغة العربيّة المعاصرة: أحمد مختار عمر وآخرون، عالم الكتب، ط1، 1429ه-2008م 1/282.
([9] ) ظاهرة الإتباع والمزاوجة وأثرها في الأمثال العربيّة(رسالة ماجستير): سائر عادل دندش، كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة، جامعة تشرين، اللاذقيّة، سوريا، 2009م: 12، 13.
([10] ) الإتباع: أبو الطيّب اللغويّ(ت351ه)، تحقيق: عز الدين التنوخي، مجمع اللغة العربيّة، دمشق، 1380ه-1961م.: 1/8.
([13] ) المزهر في علوم اللغة وأنواعها: 1/329.
([14] ) الإتباع: لأبي الطيّب اللغويّ : 1/93.
([16] ) المزهر في علوم اللغة وأنواعها: 1/330، 331.
([17] ) يُنظر: النحو الوافي: عباس حسن، دار المعارف، القاهرة، مصر، ط4، 1976م 3/469 ، 4790.
([18] ) العين: الخليل بن أحمد الفراهيديّ (ت170ه)، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرّائيّ، دار ومكتبة الهلال، القاهرة، مصر، بدون تاريخ وبدون طبعة.1/237.
([19] ) لسان العرب: محمد بن مكرم بن منظور (ت711ه)، دار صادر، بيروت، لبنان، ط3، 1414ه: 12/385.
([20] ) المحكم والمحيط الأعظم: أحمد بن سيدة (ت458ه)، تحقيق: عبد الحميد هنداوي، دار الكتب العلميّة، بيروت، لبنان، ط1، 1421ه-2000م: 2/126.
([21] ) جمهرة اللغة: أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت321ه)، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط1، 1987م 3/1322 وما بعدها.
([28] ) المُغرَّب في ترتيب المعرّب: أبو الفتح ناصر الدين المُطرّزي (ت610ه)، تحقيق: محمود فاخوري وعبد الحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد، حلب، سوريا، ط1، 1399ه-1979م 2/382.
([30] ) المعجم الوسيط: إبراهيم مصطفى، أحمد حسن الزيّات، حامد عبد القادر، محمّد علي النّجّار، مكتبة الشروق الدوليّة، القاهرة، مصر، ط4، 1425هـ-2004م: 983.
([31] ) مجمل اللغة: أحمد بن فارس، دراسة وتحقيق: زهير عبد المحسن سلطان، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط2 ، 1406ه-1986م: 1/382.
([33] ) معجم اللغة العربيّة المعاصرة : 2/1462.
([35] ) كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم: محمَّد بن عليّ التهانوي (ت بعد 1158ه)، تحقيق: علي دحروج، الترجمة عن الفارسية: عبد الله الخالدي، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان، ط1، 1996م 1/372.
([36] ) يُنظر: كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم : 17.
([37] ) الصراح من الصحاح (معجم عربي فارسي): محمد بن عمر بن خالد القرشي، (تحقيق عبد الله منشي)، طبعة إيران، 1284ه: 72.
Johnson And Richardson. Persian-English Dictionary,by F.Steingass,D. ([38]) London, Routledge & Kegan Paul Limited, fifth impression,1963:55.
([39] ) كشّاف اصطلاحات الفنون: 1/373.
([40] ) دروسٌ في اللغة الفارسيّة وآدابها: محمد التونجي (أغفل الناشر بقيّة بيانات الكتاب): 83.
([42] ) مقارنة بين النحو العربيّ والنحو الفارسيّ: أحمد كمال الدين حلمي، ذات السلاسل، الكويت، 1992-1993م: 285.
([44] ) اللغة الفارسيّة والنصوص المتخصّصة: إبراهيم الدسوقي شتا، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، مصر، ط3، 1998م: 20.
([46] ) كشّاف اصطلاحات الفنون والفنون: 1/91.
([48] ) معجم المصطلحات الألسنية(فرنسي ، إنكليزي ، عربيّ): مبارك مبارك، دار الفكر اللبنانيّ، بيروت، لبنان، ط1، 1995م: 30.
([49] ) المورد(قاموس إنكليزيّ – عربيّ): منير بعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، 1991م: 68.
([50] ) معجم المصطلحات الألسنية: 14.
([52] ) مشروع المصطلحات الخاصة بالمنظمة العربيّة للترجمة: هيثم الناهي، هبة شرّي، حياة حسنين (بدون بيانات): 583.
([53] ) معجم المصطلحات الألسنية (فرنسي ، إنكليزي ، عربيّ): 19.
([55] ) معجم المصطلحات الألسنية (فرنسي ، إنكليزي ، عربيّ): 95.
([57] ) مشروع المصطلحات الخاصة بالمنظمة العربيّة للترجمة: 644.
([58] ) معجم المصطلحات الألسنية: 250.
([61] ) المعجم الحديث(عبري عربي): ربحي كمال، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان،ط2، 1992م: 537.
([62] ) المصدر السابق: 324،553.
([63] ) فصولٌ في فقه العربيّة: رمضان عبد التوّاب، مكتبة الخانجي، القاهرة، مصر، ط6، 1420ه-1999م. 247 ، وقد أثبت الدكتور رمضان الكلمتين في كتابه بالحروف العبريّة ، وآثرت الدراسة إثباتهما بالحروف اللاتينيّة الدوليّة؛ تسهيلًا على القارئ.
([64] ) المعجم الحديث(عبريّ-عربيّ): 501.
([66] ) فقه لغات العاربة المقارن: 170.
([67] ) المعجم الحديث(عبريّ-عربيّ): 35.
([71] ) אבן שׁושׁן אבךהם: המלון העבךי התדשׁ, הוצאת קראת ספר ירושׁלים, 1982: 2/803.