
الصورة الفنية في شعر الطبيعة الأندلسي -الصورة التشبيهية أنموذجا-
Artful Imagery in Andalusian Nature Poetry – Case Study of Comparison Images-
لعرابي خديجة : باحثة دكتوراه، بجامعة طاهري محمد – بشار/ الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 49الصفحة 81.
الملخص:كان لجمال طبيعة البيئة الأندلسية، وافتتان الشعراء بها، وكذا حياة الترف والازدهار التي شهدتها الأندلس خاصة مع بداية القرن الرابع الهجري، دوراً بارزاً في تطور فن الوصف، حيث عدّ وصف الطبيعة من الأغراض التي أفاض الشعراء في النظم فيها حتى فاقوا المشارقة في تفننهم في نقل مظاهر الحسن التي حبا الله بلادهم، من رياض، وبساتين، وأشجار، وأزهار، وطيور، وقصور وغيرها، حتى انعكس ذلك الكلف بالطبيعة على شتى أغراضهم الشعرية كالغزل، والمدح، ووصف مجالس الأنس والشراب … من خلال صور امتزج فيها التقليد والابتكار. وكان التشبيه أنواعه من أكثر أدوات البيان التي التفت إليها الشعراء من مرسل، ومركب، وبليغ … وما ميز تلك الأنواع من خصائص كان الطابع الحسي أهمها، فسعى معظمهم فيها إلى وضع مقاربات مناسبة بين عناصر طبيعة غنية بالجمال تعبر عن مدى تعلقهم الشديد بها بعد أن أحسوا ولمسوا ما أبدعه الخالق فيها من مظاهر ذلك الجمال.
الكلمات المفتاحية: الصورة/ الشعر/ الوصف/ الطبيعة/ الأندلس/ التشبيه.
Abstract:
Andalusian beautiful nature and the prosperous life of this land’s natives had always captivate poets especially during the beginning of the fourth century of Hegira.
Such an attraction exerted an overwhelming role in developing descriptive art whereby poets excelled in depicting natural landscapes to the extent that they outperformed their mashriq counterparts through masterful description of their homeland gifted marvels:gardens, trees, flowers, birds, castles and other charming wonders. This Andalusian passion influenced poetic purposes: love poetry, panegyric and high-society parties, where tradition and creation are well blended in descriptive images.
Comparison of all types, equipped, composed and eloquent, was among the most used rhetoric figures. All these types were very marked emotionally because Andalusian poets tried to build suited approaches which combined beautiful natural elements to express an intimate attachment to strong feelings induced by a wonderful gifted nature.
Key Words: Figure/ poetry/ description/ nature/ Andalusia/ comparison
مقدمة:
إن الالتفات إلى دراسة الشعر الأندلسي ليس بالشيء الجديد، فالأندلس بتاريخها الحافل وأدبها المتميز بخصوصياته، وما ميز فنون شعره من تجديد وابتكار، جعلها محل اهتمام الدارسين والباحثين الذين حرصوا على التطرق لدراسة التراث العربي في الأندلس بمختلف جوانبه الأدبية والتاريخية والحضارية.
وقد ظفر الشعر الأندلسي منها بحظ وافر، صرفت فيه جهود وأبحاث لإخراج إبداعات الأندلسيين الشعرية إلى النور وتثمينها، يرجع الفضل في الدراسات الأولية منها إلى علماء الاستشراق أمثال: إميليوغرسية غومس، وهنري بيرس، وآدم ميز … وغيرهم، فقد أظهروا مخطوطات كانت ضائعة، ونشروا كتبا ودواوين ظلت مجهولة.
والجدير بالذكر أنّه حين بلغت الحضارة في ربوع الأندلس مبلغا رفيعاً اتسعت من خلاله آفاق العلوم والفنون والفلسفة والآدب، شهد هذا الأخير تطوراً واسعا من مناح مختلفة خاصة مه نهاية القرن الثالث هجري. وفي خضم تلك الحضارة وذلك التطور برز في الأندلس شعراء كثيرون نظموا في مختلف فنون الشعر من مدح، وغزل، ورثاء، وهجاء … وغيرها، إلى جانب فن الوصف الذي عدّ من أبرز الأغراض الشعرية ذات الإقبال الواسع من الأندلسيين، وكان وصف الطبيعة أكثر ما توسعوا القول فيه ممّا اقتضته دواعي مختلفة في بيئتهم ومجتمعهم.
فما الدوافع وراء انتشار وازدهار فن وصف الطبيعة في الشعر الأندلسي؟ وكيف عبر الشاعر الأندلسي عن جمال بيئته؟
- بواعث شعر الطبيعة في الأندلس: قد يمكن القول أن شعر الطبيعة وفد إلى أدبنا العربي من الآداب الغربية، حيث أنّ «له أصولا قديمة ينتمي إليها، فقد تغنى شعراء اليونان بجمال طبيعتهم وأفسحوا لها المكان في آدابهم وفنونهم[1]» مع أن الشاعر العربي تعلق بالطبيعة وأحبها منذ القدم لكنها لم تتميز حينذاك باعتبارها فنا شعريا قائما بذاته.
وكان لهذا الفن صدى في البيئة العربية بعد أن عدّ من أهمّ مظاهر الحركة الرومنتيكية الإبداعية في أواخر القرن الثامن عشر[2]، وذلك لما عرف عن رواد هذه الحركة من تعلقهم بالطبيعة، فهي الصديقة الوفية لهم التي تشاطرهم عواطفهم، وملجأ لبث آلامهم وخلجات نفوسهم. ولسنا في هذا المقام بصدد التأريخ لتطور هذا الفن عبر العصور، وإنّما هي التفاتة تهدف إلى وضع حيّز له للولوج إلى الغرض المقصود، لأن ذاك موضوع يحتاج إلى بحث مستقل بذاته.
والأمر الجدير بالأهمية إلينا، هو أن شعر الطبيعة بكل ما عرفه من مراحل انتشار في الأدب العربي إلى أن شهده الشعر الأندلسي منه، ظفر فيه بازدهار لفت انتباه العديد من الباحثين والدارسين لِمَا لمسوا فيه من إبداع وتجديد في صوره، يقول بطرس البستاني في هذا الشأن: «إذا شئت أن تلمس إبداع شعراء الأندلس وافتتانهم، ودقة وصفهم وجمال تصورهم، وحلاوة معانيهم، وخصب خيالهم، فاسمعهم يذكرون الطبيعة الناعمة الناضرة، وينعتون زينتها وحلاها …»[3]، ففي كلام بطرس البستاني إشارة إلى عاملين أساسيين ساهما في تطور هذا الشعر، ولعلّهما يمثلان الإطار الذي تكون في رحمه فن شعر الطبيعة في الأندلس، لأن لكلّ عمل أدبي حيزا مكانيا وزمانيا ينشأ فيه، تغذيه عوامل مختلفة، السياسية منها والاجتماعية والثقافية وغيرها.
– ويتمثل العامل الأول في تلك الطبيعة الفاتنة التي حبا الله بلاد الأندلس، فكانت أغنى بقاع المسلمين جمالا بما أبدعه الخالق في مظاهرها من حسن يشهد له التاريخ، فقد تميزت الأندلس بخصوبة أرضَها ووفرة مياهها، خاصة وأنّ أهلها أولوا عناية فائقة بالفلاحة، حتى أضحت جنّة وافرة الظلال، كثيرة الخيرات، قال عنها المقري: «الأندلس من الإقليم الشامي، وهو خير الأقاليم وأعدلها هواءَ وتراباَ وأعذبها ماء وأطيبها هواء وحيوانا ونباتاً…»[4]
ولم يكن ذلك الجمال مقتصرا على مدينة أو مدينتين فيها فحسب، إنّما كان طابعا غالبا على معظم مدنها، ففتنة الطبيعة في الأندلس بلغ جمالها حدّ لا يوصف، والتي «انتظمت الجبال والأنهار والوديان والحقول الواسعة وشواطئ البحار، والمدن الجميلة مثل: قرطبة، وغرناطة وطليطلة وأشبيلية، وغيرها.»[5] أي أنّها كانت خلاّبة بكلّ مظاهرها، ولِما زخرت به محاسن لا يشق غبارها بعبارات، بل بنصوص طويلة.
– أما العامل الثاني، فيحيلنا إليه الأول، إذْ أنّ جمال الأندلس في ربوعها كان له التأثير البالغ في نفوس أهلها، حتى «كان حبهم لها عبادة»[6] ممّا جعل الشعراء يهتفون بجمالها، ويتسابقون إلى وصف مواطنه، وهي التي جعلت شاعرها ابن خفاجة يشهر بحسنها قائلا:
يَا أَهْــــــــــــلَ الأَنْدَلُسِ لِلهِ دَرُّكُــــم مَاءٌ وَظِلٌّ وَأَنِهَــــارٌ وَأَشْجَـــارُ
مَا جَنَّةُ الخُلْدِ إِلاَّ في دِيَارِكُم وَلَوْ تخيّرت هذا كُنْتُ أَخْتَارُ[7]
وبذلك كان التعلق الشديد للأندلسي ببلاده، وشغفه بجمالها دافعا لازدهار شعر الطبيعة، استمتع الشعراء في وصف مباهجها بعد أن أسرحوا النظر إليها، فجادت قرائحهم بقصائد ومقطوعات تعبر – في الأغلب – عن تفضيلهم لها، «فالشاعر لا يفتأ يتغنى بحب الأندلس ويفيض في وصف محاسنها، ويعبر عن التصاقه بها، ويفضّلها عن سائر البلدان.»[8]
– كما يرجع انتشار وتطور شعر الطبيعة في الأندلس إلى تلك الحياة اللاهية التي عاشها المجتمع الأندلسي بفعل ازدهار الحضارة العربية في الفترة المشار إليها سابقا، فكانت حياة الترف قد حملت الشعراء على ارتياد مجالس الأنس واللّهو التي تعقد في أحضان الطبيعة، وهذا ما يؤكده عبد العزيز عتيق في قوله: «ومرجع آخر زاد من ازدهار شعر الطبيعة في الأندلس، ألا وهو حياة اللّهو والاستمتاع التي كان يمارسها الشعراء، ممثلة في مجالس الأنس والطرب والشراب كانت الطبيعة مسرحها … »[9] أي أن محاسن طبيعتهم حركت كوامن نفوسهم وهم في مجالس اللّهو لنظم شعر غزير في وصف بهجة ونضارة تلك الطبيعة.
وإذا كانت تلك أهم بواعث شعر الطبيعة في الأندلس، فما هي أهمّ خصائصه؟
- أهم خصائص شعر الطبيعة الأندلسي: حرص شعراء الأندلس على نقل أشكال الجمال في بيئتهم، وذلك في لوحات شعرية اختلفوا في مناحيهم فيها، يقول عمر الدقاق: «إذا كان النزوع إلى الطبيعة يكاد يستغرق قرائح الشعراء في الأندلس، فإن هؤلاء الشعراء في الوقت نفسه لم يصدروا دوما في وصفها عن منحى واحد ونهج مطرد»[10]. ويكمن هذا الإختلاف في المواد والعناصر التي استقوها منها من جهة وفي الأغراض التي مزجوها بوصفها من جهة أخرى، لكن جمع بين الأمرين ذلك التأثر الجم بحسنها والتعبير عن الافتتان بها.
-وقف الشعراء على مشاهد طبيعة بلادهم، فوصفوا الصامتة الطبيعية من رياض وبساتين وحدائق وما يتبعها من أزهار وأنهار وثمار وغيرها، ومن ذلك ما قاله ابن عبد ربه يصف روضة في فصل الربيع، وهي مزهوّة بالأزهار:
وَرَوْضَةٍ عَقَدَتْ أَيْدِي الرَبِيعَ بها نُوراً بِنُورٍ وَتَزْوِجــــــــاً بِتَزْويــــجٍ
تَوَشَّــــــــحَتْ بِملاَةٍ غَيْــــــرَ مُلْحِمَةـٍ مِن نُورِهَا وَرِدَاءً غَيْرَ مَنْسُوجٍ[11]
-كما وصف بعض الشعراء ما تفننت فيه الأيدي الماهرة من مظاهر حضارية كالقصور والمساجد، والبرك والنافورات … وغيرها مما يكمل تذوقهم لجمال الطبيعة ويزيدهم تعلقا بها، دلّ معظمها على الرّخاء المادّي الذي عرفه الأندلس بعد نموّها الحضاري.
يصف ابن حمديس الصقلي قصر بناه المنصور بن أعلى الناس مؤكداً في مبالغة أنّ هذا القصر لو تكحّل به أعمى لعاد إليه بصره، مشيدا بساحاته المرخّمة:
قَصْــــــرٌ لَــوْ أَنّكَ قَــــــــدْ كَحَلـــــْتَ بِنُـــــــــورِهِ أَعْمَــــــــى لَعَــــادَ إلـــى المَقَـــــــــــامِ بَصِيرَا
بمرخَّــــــــــــــم السّــــــــــــاحـــــــاتِ تَحْسَبُ أنَّــــهُ فُـــــــــرْشَ المَهَــــــــا وتَوَشّــــــــحَ الكَــــــــافُورَا[12]
ولم يغفل شعراء الفردوس المفقود عن وصف الطبيعة الحية، لما حوته أرضهم من طيور مختلفة الأشكال والألوان، أفاضوا منها في وصف الحمام، وكذا وصف الخيول باعتبارها من الحيوانات التي استهوت العديد من شعرائها مثلما كان الحال في مختلف العصور، فاستخدم بعضهم معجما شعريا وردت فيه ألفاظ قديمة في ذكر أنواع الخيول مثل: الأدهم، الأبلق، الأشهب … وغيرها، فهذا ابن هاني مثلا يسترسل في تعداد ألوان الخيل قائلا:
غَـــدَاةَ غَـــــدَتْ مِــــنْ أَبْلَـــــقٍ ومُجــــزَّعٍ وورد ويَحْـــمُـــومٍ وأصَــــــدَى وأشْــــــــــــــقَرَا
وَمـــــن أدرعٍ قــــد قَنَــــعَ الَّلْيـــلَ حَالِكاً عَلَى أَنَّهُ قَـــدْ سَرْبَـــلَ الصُّبْـــــحَ مُسْفرا[13]
-ومن هذا المنطلق تتجلى لنا خاصية أخرى لشعر الطبيعة في الأندلس، ألا وهي ملامح التقليد فيه لشعراء المشرق، فقد استمدوا من أشعارهم بعض الأساليب والمعاني، فلا يخفى عنّا أنّ الشعر المشرقي كذلك حفل بوصف الطبيعة أمثال أبو نواس، وابن المعتز، وبشار بن برد … وغيرهم كثير، لكن هذا التأثير المشرقي لم يمنع الشعراء من التجديد والابتكار في بعض المعاني، أو من التصرف اللبق في المعاني المقلّدة والتفنن في تصويرها لإضفاء الجدة والطرافة عليها. وكما أكد عمر الدقاق-أنّ التبعية الأدبية «ترجع إلى عوامل نفسية راسخة وحوافز شعورية متأصلة، ترتكز في جملتها إلى تراث حافل وجذور بعيدة.»[14]، فلعلّ ذلك الارتباط الوثيق للأندلسيين بالشعر المشرقي جعلهم يحذون حذوه في عدّة أغراض شعرية، مع التطلع إلى التجديد، كابتكارهم لفن الموشح مع نهاية القرن الرابع هجري.
-بلغت حدّة فتنة شعراء الطبيعة في الأندلس مبلغا كبيراً، لدرجة مزج وصفها بفنون عدّة كالغزل والمدح، «فإذا تغزل أحدهم جعل الطبيعة إطاراً لغزله، وإذا حنّ إلى بلاده تذكر جمالها، وإذا مدح أخذت صورها تنبت في أبياته»[15]، ففي الغزل مثلا نظموا صوراً بديعة مزجوا من خلالها بين جمال المرأة ومحاسن طبيعتهم مطلقين العنان لأحاسيسهم المرهفة في المزاوجة بين فنين رقيقين، فكانت المرأة روضة، وشمسا، وقمرا، وزهرة فواحة، وكلّ ما يرمز إلى الجمال يجذب الرجل إليها. فابن زيدون مثلا، يرى الحبيبة شمسا تشع بهاء وضياء، وغصن بان يتباهى بقوامه المتناسقة، يقول:
رأيْتُ الشَّمْـــــسَ تَطْلــُـعُ مِــنْ نِقَــــــابٍ وغُصْــــــــــنُ البَــــــانِ يــــرفُلُ فــي وِشَــاحِ[16]
أمّا الممدوح، فقد ربطوا كرمه وعلمه الغزير بالبحر، وصفاء محياه بالبدر أو الشمس، وعطاياه التي لا تنضب بالروض الأريض … وكلّ ما وجدوه مناسبا من عناصر الطبيعة للإشادة بهذا الممدوح. يقول ابن الحدّاد واصفا ضياء وجه ممدوحه، إذ هو شمس يثني نورها عيون الناظر إليها، فترتد ناكسة، يقول:
مُتَــــــــلَأْلِـــــــــئٌ يُثْنـــــِي العُيُـــــــــــونَ نَوَاكِساً كَالشَّمْـــــسِ تَعْكِـــــــسُ لَحْـــــــظَ مَـــــنْ يَتَــــــــأَمَّلُ[17]
-ومن خصائص هذا الشعر أنّ الشعراء جمعوا بين وصف الطبيعة ووصف الخمر، هذا الأخير الذي كان ظاهرة شائعة في مجالس اللّهو، فانتشر ما يسمّى بشعر الخمريات، من خلاله يصف الشعراء سمات الخمرة وألوانها وآنيتها وسقاتها، وكل ما يتعلق بها في أحضان الطبيعة، حتى «كانوا يعقدون مجالس اللّهو والشراب في الرياض والمنتزهات، وحتى في الزوارق التي تتهادى على صفحات الأنهار الكثيرة في الأندلس.»[18]، وكلّ ذلك طبعا إحدى نتائج الكلف بجمال الطبيعة التي شاركتهم في عديد من مواضيع شعرهم. يقول يحي بن هذيل مشبها صفرة
لون خمرته بصفرة الخيري، و عدّ من النباتات المنتشرة في الأندلس:
تَبَـــــدّى مِــــــــــنْ حبِــــــــها وَهِــــــــــي صُفْرَا كَبــــــدو الخيـــــــــريّ فـــــــــي الاصْفِــــــــــــرَارِ[19]
-ومن أهم ما تميز به وصف الطبيعة عند شعراء الأندلس، هو تشخيص عناصرها، وذلك بإبرازها في صورة شخوص وكائنات حية، يصدر عنها كلّ ما يصدر عن هذه الكائنات من أفعال وانفعالات، وبذلك استطاع الشاعر الأندلسي أن يدب الحركة في الجماد بفضل ملكة خياله الخصبة، وكذا تطور إحساساته بالطبيعة، فغدت صورها في شعره تشيع حيوية ونشاط حين جعل الورد يتكلم والروض يضحك، والغمام يبكي … وأضفت على النص الشعري طابع الطرافة وحسن الوقع على نفس المتلقي.
وقد يكون الغرض من التشخيص بث معاناة الشاعر إليه، ومشاركته خلجات وجدانه، مثلما هو الحال مع ابن زيدون، و نجده في إحدى مقدمات مدائحه يلتمس مشاركة كل من الغمام والبرق وأنجم الليل أحزانه قائلاً:
أَلَمْ يَأن أَنْ يَبْكي الغَمَامُ على مثلي؟ ويَطْلُبُ ثَأْري البَرْقُ مُنْصَلِتَ النَّصْل
وهَلاّ أقَـــــــــامَتْ أَنْجُــــــــــــــمُ اللّيْـــــــــلِ مَــــأْتَماً؟ لِتنْدُبَ في الآفَاقِ مَا ضَاعَ مِنْ نَثْلي[20]
وخلاصة القول في هذا المقام أنّ المطلع على أشعار الأندلسيين في الطبيعة يصادف شعراء ملأتهم أحاسيس جياشة نحوها، حركتها عوامل عدة كالحب وذكر مغامرات الشباب في مجالس الأنس، أو التقرب إلى الممدوح، كلّها يجمع بينها عامل الافتتان بمظاهر تلك الطبيعة الخلاّبة الجديرة بامتلاك القلوب، يقف المتلقي من خلالها مذهولاً أمام شغف لا حدود له بها. هذا الشغف الذي جعل شعراءهم يذكرون الطبيعة حتى في مرثياتهم، وبأشعار الشكوى والتحسّر.
- الصورة التشبيهية في شعر الطبيعة الأندلسي: تعد الصورة من أهم المصطلحات المتداولة حديثا خاصة في الدراسات البلاغية والنقدية، وقد أثار هذا المصطلح عدة قضايا متعلقة بماهيته، واختلاف تناولها بين التراث والمعاصرة، سواء عند العرب أو الغرب.
ولسنا في هذا المقام بصدد التطرق لمفاهيم الصورة ولَيطول عنها، باعتبار أنها تحتاج إلى دراسة قائمة بذاتها من اختلاف تلك المفاهيم باختلاف التعاريف التي أنيطت بالمصطلح على مرّ العصور. فما يشغل اهتمامنا دراسة طبيعة الصورة التشبيهية في شعر الطبيعة الأندلسي.
فما هي أبرز أنماط التشبيه المتداولة في هذا الشعر؟ وما الذي ميز الصورة التشبيهية فيه من خصائص وسمات؟ وكيف عمد الشاعر الأندلسي إلى تنميق صوره القائمة على التشبيه لإرضاء طموحه الفني؟
كان الولع بالتشبيه سمة بارزة في مختلف الأزمنة سواء في النثر أو الشعر، ونجده كثير الورود في القرآن الكريم والحديث الشريف، والأمر كذلك بالنسبة للشعر الأندلسي، حيث شغف شعراؤه بالتشبيه شغفا شديداً في مختلف الأغراض والمواضيع، ومنها في وصف الطبيعة. ويقوم التشبيه على «علاقة مقارنة تجمع بين طرفين، لاتحادهما أو اشتراكهما في صفة أو حالة أو مجموعة من الصفات والأحوال …»[21]، أي أنه يقوم على أساس وجود مشابهة بين طرفين التي تعد الأساس في الصورة التشبيهية.
1.3/ أنماط الصورة التشبيهية في شعر الطبيعة:
أ. التشبيه المركب (التمثيلي): وهو كما عرّفه القزويني «ما كان طرفاه كثرتان مجتمعتان»[22]، ومعنى ذلك، أن التشبيه في هذه الحالة يكون صورة مؤلفة من عدة عناصر متكاملة بين طرفيه (المشبه والمشبه به) فيأتي الجامع بينهما منتزع من متعدد.
وقد ورد التشبيه التمثيلي بكثرة في شعر الطبيعة الأندلسي، ومن نماذجه قول الشاعر ابن شخيص محمد بن مطرف في وصف السحاب:
فَكَأَنَّ السّحَابَ فِي الأُفْقِ ركْبُ زمَّ أحدَاجَهُ وَصَفَّ أَقْطَارَهُ[23]
قابل الشاعر بين صورة السحاب في تراكمه وتتابعه، و مشهد الإبل التي ربطت بعضها إلى بعض وصفّت في قافلة، ولعلّه استمدّ هذه الصورة من إحدى مشاهد الحج، حين كان الناس يتوجهون لأداء الفريضة برّاً في القوافل. وبالرغم من تباعد الصورتين واختلافها بيّن، إلاّ أنّ الشاعر استطاع أن يجد روابط تجمع بين هذه الأطراف المتباعدة (تراكم السحب وصفوف الإبل)، فأخرجها في صورة كلية لا تقبل التفكيك بين عناصرها. فأصبحت ممكنة الوقوع في الذهن بعد أن كانت غير قابلة حتى للتصور.
ومن قبيل التشبيه التمثيلي أيضا، قول يحي بن هذيل في وصف البرق:
وَلَقَدْ شَفنــــــــي فَأَسْهَـــــــرَ طَرَفــــــي لمــــــــــعُ البـــــــرقِ يـــــــرفّ فـــــــــي لمعــــــانِــــــــهِ
شمتُه والظَــــــــــلاَمُ يفْتـــــر عَــنْـــــــهُ كافْتـِـــــرارِ الزِّنْـــجـِـــــي عَن أَسْنـَــــــــــــانِــــــــــــهِ[24]
فقد قرن الشاعر منظر البرق حال لمعانه في ليلة ظلماء بصورة ظهور الأسنان البيضاء للزنجي الأسود. والملاحظ أن جوانب الصورة التشبيهية المركبة في البيت جاءت متآلفة لونا وعناصر، فخلق صاحبها نوعاً من التزاوج بينها، وذلك حين ربط بين لمعان البرق في الظلام، ولمعان الأسنان عند الزنجي (الأبيض والأسود)، فجاءت بذلك أجزاء التشبيه ممزوجة فيما بينها، وكان وجه الشبه (البياض والسواد) فيه منبثقا من ارتباطهما، لأن الشبه لا يتعلق بلمعان البرق من حيث إنّه يحاكي لمعان الأسنان، وإنّما تنسجم الصورة مع ظهور البرق ليلا، وأسنان الزنجي حين تبرز.
وهذه السمة التي تميز التشبيه التمثيلي عن باقي أنواع التشبيه، فوجه الشبه فيه هو هيئة حاصلة من اجتماع أمور عدة تزيد في توضيح المعنى المقصود لدى الشاعر بعد أن يوفق إلى إيجاد موضع واحد يجتمع فيه طرفان يتألفان من صورتين لا من شيئين فحسب، ومن هنا «يستحق الفضيلة من حيث اختصار اللفظ وحسن الترتيب فيه»[25]، أي أنّ الإبداع الفني في التشبيه التمثيلي يتجلى في خلق تكامل وانسجام بين ارتباط طرفيه في هيئة واحدة مع استخدام معجم لغوي أقل.
ب. التشبيه المرسل: تقوم قاعدة التشبيه على وجود شبه يتجلى في صفة أو أكثر بين طرفيه، وللحفاظ على التمايز بين هذين الطرفين وعدم تداخل معالمها، يأتي المبدع بما يسمى «أداة التشبيه»، ومن ثم يكون التشبيه مرسلاً، وتكون تلك الأداة «بمثابة الحاجز المنطقي الذي يفصل بين الطرفين المقارنين، ويحفظ لهما صفاتهما الذاتية المستقلة»[26]، بمعنى أنها تكون عازلاً يفصل بين المشبه والمشبه به، ويفرق بين صفاتهما.
وقد حرص شعراء الأندلس في تشبيهاتهم على استخدام الأداة باختلاف أنواعها، كالكاف، وكأنّ، ومثل … وغيرها، فالوسائط المقالية مختلفة من حروف وأفعال وأسماء. ومن أمثلة هذا النوع من التشبيهات في شعر الطبيعة، قول ابن بطال المتلمس في وصف جمال الأرض أثناء فصل الربيع:
تَبَدــَّتْ لَنــَا الأَرْضُ مَـــــــــزْهُـــــــــــــوَّةً عَلَينَا بِبُهْجَـــــــــــــــــــةِ أَثْــــــــــــــــــــــوَابُهَا
كـــــــــــــأنّ أَزَاهِـــــــــــــــرَهَا أكــــــــــــــــــؤُسٌ حَدَتِــــــهَا أَنَــــــــــــــــامِـــلُ شــــــــــرابهَا
كَــــــــــــأَنَّ الغُصُــــــــــــــــونَ لَهَا أَدِرُعٌ تَنـــــــــَاوَلَـهَا بَعْضُ أَصْـــــــحَــــــابِهَا
وَقَدْ أعجِبَ النّور فيهَا الذّبابَ فيهـــــــــــزِجُ مِنْ فرْطِ إِعْــجَــــــــابِهَا
كَــــــــــــأَنَّ تَعَانُقَهَا فــــــــي الجَنوبِ تَعَــــــــــــــــانُقَ خُــــــــــــودٍ وأَتْــــــــــــرَابِهَا
كَــــــــــــأَنَّ تَرقْـــــــــــرقَ أَجْـــــــفَـــــــــــــانِهَا بُكَـــــــــــاهَا لِفُـــــــــرْقَـــــةِ أَحْبَــــــــــــــابِهَا[27]
القارئ لهذه القطعة الشعرية يحسّ وكأنّه يعيش مع الشاعر أجواء طبيعة بيئته الاندلسية، فقد نقل الكثير من مظاهرها في صور تشبيهية متحركة، وصف من خلالها الأرض مزهوة بأزهارها التي تشبهها بكؤوس خمر حدتها أنامل شاربها، ليواصل وصفه للأغصان والنور، معتمداً في صوره على أداة التشبيه «كأنّ»، والتي تكررت أربع مرات دون أن تشعرنا بثقل في صياغة القطعة، أو وجود تداخل بين أطراف الصور التشبيهية.
وينوع ابن اللّبانة بين الأداتين «كأنّ» و «مثل» في قوله واصفاً روضة:
وَكَأَنَّ نَرْجِسَهَا أُصِيبَ بِرَوْعَتِي فَعَلاَهُ لَوْنٌ مِثْلَ لَوْنِي أَصْفَرُ
وَكَأَنَّمَا الرَّيْحَــــــانُ رُوحِــــــي كُلَّمَا تَتَغَيّــــَرُ الأَشْيَــــــــــاءُ لاَ يَتَغَيَّــــــرُ[28]
يعبّر الشاعر عن انفعاله النفسي بالمنظر بواسطة التشبيه المرسل، حين رأى في الصفرة التي على النرجس شبها بصفرته بسبب روعته، وفي الريحان الذي يتغير روحه التي لا تتغير أيضا، مستخدما الأداة «كأنّ» في صدر البيتين الأول والثاني، و«مثل» في عجز البيت الأول، والتي نقل من خلالها التأثير النفسي والوجداني ممّا تركه المنظر في الشاعر، ومن ثم كان استخدام الواسطة المقالية لدى الشعراء لأنّها في أحيان كثيرة «تحمل عبء الاستجابة لمواقف ومؤثرات جديدة ينطوي عليها سياقها»[29].
وكان إصرار عدد من الشعراء على استخدام الأداة «كأنّ» لمالها «من دلالة عميقة وقوة غير عادية لا تجدها مع الكاف»[30]. ولنلاحظ الفرق بينهما من خلال المثالين الآتيين:
قال عبد الرحمان بن عثمان في وصف الورد:
وُرُود تبـاهي الشّمس في رونق الضّحى بمطلعــــــــــاتٍ كالنُّجُــــــــــــــومِ الطـــــــوالــــــــــع[31]
وقال أبو القاسم بن العباد في الياسمين:
وَياسَميــــنٌ حســـــن المنْظـــــر يفُــــوقُ في المرأى وفي المَخْبَرِ
كأنَّهُ من فوقِ أغصــــــــــــــــانه َدرَاهِــــــمُ فـــــي مطــــــرفٍ أخضــــــــــر[32]
ففي المثال الأول، نجد أن استخدام الأداة «الكاف» خلق فاصلاً يمنع الاقتراب بين المشبه (الورود) والمشبه به (النجوم)، كما أنّه –على حد رأي تامر سلوم-«المقاربة مع الكاف، إنّما تساق مساق الخفي البعيد الذي يحتاج إلى مزيد من العناية الفكرية»[33]، ويعني ذلك حمل أداة التشبيه «الكاف» دلالة خفية أو بعيدة تحتاج إلى تأمل عميق في مدلول التشبيه. لذا فإنّ المتلقي تجده يمعن النظر في مقصود الشاعر من مقارنته بين الورود والنجوم، إن كان الجامع بينهما الجمال والرونق أو العلو أو شيء آخر.
أما في المثال الثاني، نلاحظ أن استخدام الشاعر للواسطة المقالية «كأنّ» دلّت على قوة الشبه بين المشبه (الياسمين)، والمشبه به (الدراهم) فالكاف + أنّ التوكيدية، ساهم في تعانق –إن صح التعبير-الطرفين في وجه الشبه (اللّون الأبيض).
ولكن حرص الشاعر الأندلسي على استخدام الأداة في صوره التشبيهية، لا يعني عدم صياغة بعضها دون ذكرها (الأداة). وبذلك نجد لديهم نوعا آخر من التشبيه، يسمى البليغ.
ج. التشبيه البليغ: التشبيه البليغ أوجز تشبيه في علم البيان، وذلك لحذف الأداة ووجه الشبه فيه. وعدّ أعلى مراتب أنواع التشبيه في البلاغة وقوة المبالغة، ذلك أنّ فيه يكون المشبه هو الموضوع المقصود بالوصف، أمّا المشبه به، فهو الشيء الذي يجعل نموذجا للمشابهة، فتتحقق فيه الصفة بقوة، فيكون أوضح وأقرب إلى إدراك السامع أو القارئ وتجربته[34]. لذا اختار الشاعر الأندلسي أن يأتي بهذا النوع من التشبيه، فهو أوجز وأبلغ في التعبير عن جمال الطبيعة، ولاسيما حين جمع بين وصفها والمدح والغزل. ومن ذلك قول ابن زيدون في ممدوحه أبا الوليد بن جهور:
مُحَيَّــــــاكَ بَـــــدْرٌ، والبُـــــــــــــدُورُ أَهِلَّـــــــــةٌ وَيُمْنَـــــــــــاكَ بَحْــــــــرُ، والبُحُـــــــورُ ثِعَــــابُ[35]
فقد وجد الشاعر في وجه الممدوح بهاء يحاكي البدر، بل إنّ سائر البدور أمامه أهلّة، أمّا فضله الذي تجود به يمناه، فبحر تظهر سائر البحور مقارنة به مجرّد ثعاب. والملاحظ أنّه استغنى عن الأداة ووجه الشبه، مما كان له آخر بارز في إظهار القوة التأثيرية المعنوية للمشبه (محيّا الممدوح ويمناه) لدى الشاعر، فهو يرى أنّ المشبه يوافق المشبه له تماماً وليس نسبيا فقط.
أمّا ابن خفاجة، فيأتينا بمجموعة من التشبيهات البليغة في وصفه لامرأة يتغزّل بها، رابطا صفاتها في مزيج بينها وبين الطبيعة والخمرة، وتلك إحدى سمات شعر الطبيعة في الأندلس، لما «كانت الطبيعة مسرح حياة الشاعر اللاهية وفي أحضانها استسلم للهوه وحبه وخمره، وعكف يصور هذا اللّهو وهذا الحب وهذه الخمر في إطار الطبيعة»[36]، يقول:
غَزَالِيَّــــــةُ الألحــــــــاظِ، رِيمـــيَّــــــةُ الطّلى مُدَامِيَّــــــــةُ الألمــــــــى، حبابيَّةُ الثّغْر[37]
فقد شبه جمال لحظ عينيها بالغزال، وبهاء وجهها بالظبي الخالص البياض، وعذوبة ريقها بالخمر، أمّا بياض أسنانها، فهو كحباب الكأس، والملاحظ أنه ترك ذكر الأداة ووجه الشبه في شتى تشبيهات، مما جعلها على درجة عالية من القوة الدلالية وقوة دعوى الاتحاد بين الطرفين في كل منها، حتى إنّه –كما يؤكد قدامة بن جعفر- «إذا عكست التشبيه لم ينتقص، بل يكون كل طرف يصاحبه مثل صاحبه، ويكون صاحبه مثله مشتبها به صورة ومعنى»[38]. وذلك لما يخلقه التشبيه البليغ من وجوه عدّة تجمع بين طرفيه.
2.3/ خصائص الصورة التشبيهية:
أ. الإدراك الحسي وتشكيل الصورة التشبيهية: وضع النقاد والبلاغيون معايير محددة لكشف خصائص الصورة التشبيهية الحسّية، تدرك بالحواس الخمس، كتشبيه الشيء بالشيء من جهة الصورة والشكل، أو من جهة اللّون، وكذا من جهة الهيئة[39].
وليس بالأمر الغريب إن ظهر الجانب الحسّي جليّا في تشبيهات الشعراء الأندلسيين في وصف الطبيعة، إذ كثر تصوير التشكيل الطبيعي لجمال بيئتهم، ومعالمه بواسطة مختلف مظاهر الإدراك الحسي من مرئيات، ومسموعات، ومذوقات ومشمومات وملموسات.
ومن أمثلة الصور التشبيهية الحسية، وقوف الشاعر الرّمادي عند جمال زهرة الياسمين، فشبه نواره شكلاً ولوناً بأكف نساء حور مفصولة عن سواعدها. فكان اعتماده على حاسّة البصر من خلال المقاربة بين طرفي الصورة، فبهذه الحاسّة يدرك اللّون (الأبيض)، والشكل (شكل نوار الزهرة وشكل الكف دون ساعد)، واستطاع الشاعر أن يربط بينهما في شكل يروق حاسة البصر، وتجعلها قريبة إلى إدراك المتلقي في قالب ممتع بديع.
اُنُظِرْ إِلَى رَوضِ يَاسَمِين لَــــــمْ يـــــــــرد الوَرْد وهـــــو وَارِدُ
كَأَنَّـــــــــــــــــــــهُ عُــــــــــدَّة ولَـــــــــــوْنًا أَكُفّ حُــــــــورٍ بِلاَ سَــــــــــــوَاعد[40]
ويجتمع الشم والبصر في تشكيل الصورة التشبيهية في وصف الوزير الكاتب أبا الأصبع بن عبد العزيز للبنفسج قائلاً:
هُوَ مِسْكَـــــةٌ خلقتْ لها أَوْرَاقُــــــهَا فِي لَوْنِهـَــــا مِنْ صنْعَةِ الجَبَّـــــــــارِ
أَوْ رقْعةٌ زرقاءَ من كبد السَّــمــــاءِ فيِ يَوْمٍ صحــو فِتْنـَـــة النّظّـــــــــــــَارِ[41]
قرن الشاعر البنفسج بالمسك في الرائحة العطرة المنبعثة من كليهما وبين زرقته وزرقة كبد السماء وقت صحوها، فكانت المقاربة بين طرفي الصورتين حسية متجانسة من خلال الربط المنطقي بين عناصره على أسس مادية خارجية غير متباعدة (رائحة البنفسج والمسك، ولونه وزرقة السماء).
وتتجسد الصورة الحسية البصرية بوفرة في أشعارهم خاصة إذا تعلّق الأمر بالتشكيل اللوني لمظاهرها، فهذا مثلا الشاعر علي بن أبي الحسين (ت 430ه) يقول في فاكهة التوت:
أبْدى لنَا التُوتُ أصنَافًا من الحبشِ جُعْدَ الشُعُورِ من الأطْبَاقِ في فُرشِ
كأنّ أحْمــــــــرهَا مِن بيْنِ أسْـــــــــــــــــوَدهَا بقيّـــــةُ الشّفـــــــق البـــــــــــادي مــــع الغبَشِ[42]
فتركيز الشاعر على حاسة البصر من خلال التشبيه الحسي الذي صاغه جليّ، حين قارب بين أحمر وأسود ثمار التوت وبين الشفق الأحمر حين بدا في الغبش، فكانت الصورة بصرية مركبة مزج الشاعر بين طرفيها اعتمادا على اللون مزجا عذبا (صورة التوت الأحمر والأسود بصورة الشفق الأحمر في سواد الظلام). فكان بمثابة رسام يتقن المجانسة بالألوان من أجل تقديم الواقع تقديما حسيا.
ومن قبيل الصورة التشبيهية الحسية ، قول سليمان بن بطال المتلمس في وصف الحمام:
أَلاَ رُبَّمَا سَلَيْتُ نَفْســـــــــي فـــرَدَّهَا إِلَى الذّكْرِ وَرَقَّ في الغُصُونِ شوادُ
يُرُجَّعـْنَ تحنين الرَّنِيــــــــــــــنَ كَـــأَنَّمَا لَهُــــــــــــنَّ كبُــــــــــــــــــــــــــودٌ قُطِّعتْ بِكَبَــــــــــــادِ
وَيَبْرُزْنَ فِي زِيِّ الثكَالَى كَأَنَّمَا عَلَيهِــــــــــنَّ مِنُ وَجْــــــــدٍ ثِيـــــــــــَابُ حِدَادِ[43]
فقد استعان الشاعر في تشكيلها بحاستي السمع والبصر، عكست في دلالتها تأثر الشاعر بصوت الحمائم وإشفاقه عليها حين سمعها لا تتوقف عن ترديد رنينها، وكأن لها أكباد قطعت من شدة ألم مرض الكباد، ليأتي بعدها دور حاسة البصر، لما شبهها في البيت الثالث وهي تظهر بألوانها البيضاء بنساء ثكالى تلبس أثواب الحداد(*). كما أن الشاعر جمع في الصورتين بين الحركة والهيئة: حركة الحمام يرجّعن الرنين، وهيئتهن أثناء البروز في زيّ الثكالى.
ولعلّ وصف الشاعر للحمائم الحزينة لا ينطبق عليها بقدر ما ينطبق على حالته النفسية، فكان أن عبّر عنها في صورة حسية معبّرة عن وجدانه تنأى عن الجمود، لأن الصورة الحسية الجامدة لا تفرز أيّة مشاعر لها تأثير على أحاسيس المتلقي، ولا تدل على وعي بحقيقة التعبير الفني، وبالتالي «لا يمكن أن تتسلل دلالتها إلى المشاعر ما لم تشكّل تشكيلا فنّياً يسمح لتلك الدلالات بأن تظلّ حرة مشعّة.»[44]
وهكذا يمكن ملاحظة حسية الصورة التشبيهية في شعر الطبيعة الأندلسي وتنوعها من حيث مصادر الإدراك الحسّي التي اعتمدها الشعراء فيه، والملاحظ أنّ أكثرها ورد ضمن مقارنات بين الأشياء والمظاهر المدركة بحاسّة البصر، مما كانت تقع عليا أعينهم في تلك الطبيعة الفاتنة وما زخرت به من جمال، جعلت شاعرها ينقله بمختلف ألوانه في صور بديعة.
ب. التزايد وغلبة الفرع على الأصل في التشبيه المقلوب: يتفق البلاغيون والنقاد على أنّ الأصل في التشبيه أن يلحق الأدنى بالأعلى، والأقل بالأكثر، بحيث يكون المشبه أقوى من المشبه به في الصفة المشتركة بينهما، ولكن قد يحدث العكس، بحيث يكون مقلوبا يغلب فيه الفرع على الأصل، وذلك قصد المبالغة، لأنّه «لا بد أن يكون المشبه به أعلى حالاً من المشبه لتحصل المبالغة.»[45]. وقد كان الشاعر الأندلسي أحيانا يغلب الفرع على الأصل في صورته التشبيهية من خلال قلب التشبيه، ومن ذلك ما نجده في قول محمّد بن شخيص:
كأنَّ جنيَّ الأقحَوان بِرَوْضِهَا ثُغُورُ العَذَارى حِينَ رَاقَ أَثْغَارهَا[46]
فالأصل في هذا البيت، أنه يشبه الثغر بالأقحوان، ولكن الشاعر عكس الصورة ليوهمنا بأنّ رائحة ثغور العذارى أطيب رائحة من جني الأقحوان، قصد المبالغة، والادعاء بأنّ المشبّه قاصر عن المشبه به في الصفة.
ونجده كذلك في قول ابن خفاجة:
والصّبْحُ قَدْ صَدَعَ الظَّلاَمَ كَأَنَّهُ وَجْهٌ وَضِيءٌ شفَّ عَنْه قِنَاعُ[47]
فقد أشار الشاعر إلى منظر حين يعلن إشراقة الشمس قاهرة ظلام اللّيل، مشبهاً إياه بوجه مشرق مضيء، وبالتالي قلب مواقع طرفي التشبيه، فجعل الفرع (الوجه) أصلا والأصل (الصبح) فرعا، مع أنّ المشبه في الحقيقة أتم في وجه الشبه (النور والإشراق) من المشبه به.
وهذا النزوع إلى قلب المقارنة بوصف المشبه به أخصّ في الصفة المشتركة مع المشبه في تشكيل الصورة لا ينقص من قاعدة التشبيه، بل يرى عبد القاهر الجرجاني أن يكون حسنا لائقا يبعث معناه على السرور، يقول: «والمعاني إذا وردت على النفس هذا المورد كان لها ضرب من السرور الخاص، وحدث بها من الفرح عجيب.»[48] كما أكّد على المبالغة من جعل الفرع أصلا، لأنّ «الفرع في التشبيه لا يخرج عن كونه فرعاً على الحقيقة.»[49] فالشاعر مثلا في المثال السابق، لم يكن يحتاج في الظاهر إلى تشبيه إشراقة شمس الصباح بالوجه، وأن يجعل الأصل فرعاً، لأن النّور والوضاءة وجدهما في كليهما، والحكم على أحدهما بأنّه فرع أو أصل يتعلق بقصد المتكلم، وإنّما هي مبالغة في الوصف من الشاعر لا غير.
وقد يكون القلب في التشبيه زيادة في المبالغة والادعاء، ليصبح بمثابة إثبات الحكم للناقص، ففي قول ابن زيدون مثلاً:
مَا البَدِرُ شَقَّ سَنَاهُ عَلَــــــــى رَقِيقِ السَّحَابِ
إلاَّ كَــــــــوَجْـــهِـــكِ لمّا أَضَاءَ تَحْتَ النِّقَابِ[50]
نجد أنّه يبدو للمتلقي للوهلة الأولى في تشبيهه للبدر بالوجه بدل العكس، إنّما يقصد به الشاعر تقريب صورة الموصوف إلى صورة البدر، ليتزايد هذا التشبيه في ذهنه (المتلقي) حتى يتضح له أنّ البدر يكتسب الوضاءة من ذلك الوجه لا العكس، وكأنّ الوجه يصبح بدراً ثانيا، لأنّ الزائد (البدر) قد ألحق بالناقص (الوجه).
كما قارن البلاغيون بين التزايد في الصفة في التشبيه المقلوب، وبين أسلوب التفضيل، بحيث يزيد المشبه في وجه الشبه كما يزيد المفضل عليه في الصفة المشتركة بينهما، ففي قول يحي بن هذيل في الخمرة:
عَقِيقَةٌ في مَهَاةِ فِي يَدَيْ سَاقِي أَضْوا مِنَ البَدْرِ إِشْرَاقاً بِإشْرَاقٍ[51]
نلاحظ أنّه يرى الخمرة في يد الساقي أضوا من البدر في الإشراق مستخدما صيغة التفضيل “أضوا” للتأكيد على زيادة الصفة في الخمرة مقارنة بالبدر، مثلما هو الحال في التشبيه المقلوب.
ويمكن القول، عن استخدام التشبيه المقلوب إذا تم تجاوز المستوى الدلالي له للنظر في صياغته على المستوى النفسي، تكون الصفة المشتركة بين طرفيه، قد لا ترجع إلى وجه الشبه في حدّ ذاته بقدر ما ترجع إلى المعنى الذي يقصده صاحب التشبيه. فمثلا في قول ابن اللّبانة:
والوَرْدُ تَحْتَ الظِلِّ فِيهَا مُشْبِهٌ خَدّاً يَذُوبُ مِنَ الحَيَاءِ فَيَقْطُرُ[52]
نجد تشبيه الشاعر لحمرة الورد بحمرة الخدّ، تشبيه مقلوب، لأنّ في الظاهر تكون الحمرة في الورد أكثر منها في الخد، لكنه رأى العكس. بيد أنّه قد لا تكون الحمرة هي المقصودة لدى الشاعر، وإنّما ما تدل عليه من جمال وشباب للمشبه، وتلك تتجلى في المشبه به (الخد) أكثر من تجليها في الورد. كما يمكن أن يكون قصد الشاعر منه أنّ جمال الموصوف الذي هو إنسان يزيد على الورد وهو مجرد نبات، فكان أمراً منطقيا في جعل الإنسان يأتي في الدرجة الأولى مقارنة بباقي الكائنات. فيكون بذلك قلب التشبيه راجعا ربما إلى نفسية الشاعر ووجدانه، أو تفكيره حين يرى أنّ الصفات المشتركة بين الطرفين قد تزيد من طرف على آخر، أو تعمده إلى مبالغة في الوصف، ويمكن أن يكون تكلّفا منه من خلال إلحاق الأدنى بالأعلى.
وهكذا، نخلص إلى القول مما سبق أن تأثر شعراء الأندلس بجمال بيئتهم، فتفننوا في وصفها من خلال تلك الأشعار التي جادت قرائحهم بها فيه، معتمدين في عرض معانيهم الشعرية على الصور التشبيهية، و ازدحمت أبيات البعض منهم بها عبرت معظمها عن تعلق شديد وتأثر بالغ بمظاهر الحسن في الطبيعة الأندلسية من حدائق، ورياض، وأزهار، ومن قصور، ومساجد، وبرك، وغيرها مما وقعت أعينهم عليه.
وقد نوّع الشعراء بين ضروب الصور التشبيهية، اتكأو على التشبيه التمثيلي فيها أكثر تركيبا، وأوسع عطاءً في رسم الصورة، ممّا يحقق إشباعا فنيا للمتلقي، سيما إذا حملت طرافة وإبداعا في صوغها.
كما عقد الشعراء تشبيهاتهم باستعمال الأدوات المختلفة أحيانا، وآثروا أحيانا أخرى الاستغناء عنها حتى يكون التشبيه أبلغ وأوجز، وما ميز صورهم التشبيهية من طابع حسي، نقل من خلالها الشاعر منهم بريشته مناظر بديعة تتلاءم ألوانا وأصباغا، فلا يقرب المنظر الحسي -في الغالب-إلاّ بمنظر حسي آخر، فكان لحاسّة البصر المكانة الأولى باعتبارها الملهم في الوصف، والباعث على التأمل الشكلي، ليليها التفكير في عملية الخلق والإبداع. كما فضل الشاعر الأندلسي في بعض المواضع قلب التشبيه، والذي رأى من خلاله أنّ الصفات المشتركة بين الطرفين قد زادت في المشبه به أكثر منه في المشبه، قصد المبالغة في الوصف غالبا.
الهوامش:
* المصادر:
-ابن الحداد الأندلسي: الديوان، جمعه وحققه وشرحه وقدّم له: د. يوسف على الطويل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1 1990 .
-ابن حمديس الصقلي: الديوان، صححه وقدّم له: د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت (د.ت).
-ابن خفاجة: الديوان، تحقيق: عبد الله سندة، دار المعرفة، بيروت، ط1 2006 .
-ابن زيدون: الديوان، شرح: د. يوسف فرحات، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2 1994 .
-ابن عبد ربّه: الديوان، حققه وجمعه وشرحه: الدكتور محمد رضوان الداية، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت (د.ت) -ابن اللّبانة الداني: الديوان (مجموع شعره)، جمع وتحقيق: أ. د محمد مجيد السعيد، دار الراية للنشر والتوزيع، الأردن، ط2 2008 .
-ابن الكتاني: كتاب التشبيهات(أبو عبد الله محمد بن الكتاني الطبيب): كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس ،تحقيق: د. إحسان عباس، دار الثقافة بيروت 1966 .
-ابن هاني الأندلسي: الديوان، دار صادر، بيروت (د.ت) .
-أبو الوليد إسماعيل بن عامر الحميري: البديع في وصف الربيع، اعتنى بنشره وتصحيحه: هنري بيرس، معهد العلوم العليا المغربية، الرباط، سنة 1940 .
-أبو عبد الله محمد بن الكتاني: التشبيهات من أشعار أهل الأندلس، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الثقافة- المكتبة الأندلسية، بيروت، لبنان (د.ت) .
-أحمد فلاق عروات: تطور شعر الطبيعة بين الجاهلية والإسلام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، (د.ت).
-الإمام الخطيب القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، شرح وتعليق وتنقيح: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتاب اللبناني، ط1 سنة 1980 .
-المقري التلمساني: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق، إحسان عباس، دار صادر، بيروت (د ط)، 1962، ج1 .
-اسماعيل بن محمد الحميري ،تحقيق : هنري بيريس ،الرباط 1960م.
-عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة في علم البيان، تحقيق: ه. ريتر، مطبعة وزارة المعارف، استانبول، 1934
-يحي بن حمزة العلوي: الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، دار الكتب العلمية، ج1، بيروت، لبنان، سنة 1982 .
المراجع:
-إبراهيم الحاوي: حركة النقد الحديث المعاصر في الشعر المعاصر، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1984، (د.ط) .
-بطرس البستاني: أدباء العرب في الأندلس وعصر الانبعاث، دار نظير عبود، توزيع: دار الجيل بيروت 1997.
-تامر سلوم: نظرية اللّغة والجمال في النقد العربي، دار الحواز، اللاذقية، سوريا، (د. ط) سنة 1983 .
-جابر أحمد عصفور: الصورة الفنية في التراث البلاغي والنقدي عند العرب، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط3، 1992 .
-د.عبد العزيز عتيق: الأدب العربي في الأندلس، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط2 1976 .
-د. عبد المنعم خفاجي: الأدب الأندلسي، التطور والتجديد، دار الجيل، بيروت، ط1 1992 .
-د. عمر الدقاق: ملامح الشعر الأندلسي، منشورات الجامعة، حلب، ط3 1978 .
-عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تصحيح: السيد محمد رشيد رضا، مكتبة القاهرة، (د. ط)، سنة1961.
-فوزي سعد عيسى: دراسات في أدب المغرب والأندلس، دار المعرفة الجامعية، (د.ت) .
-قدامة بن جعفر: نقد الشعر، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، بيروت، (د. ت) .
-ينظر: محمد مصطفى هدارة، علم البيان، دار العلوم العربية، بيروت، لبنان، (د. ط)، سنة 1989 .
[1] أحمد فلاق عروات : تطور شعر الطبيعة بين الجاهلية والإسلام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، (د.ت)، ص110.
[2] ينظر: المرجع نفسه، ص111.
[3] بطرس البستاني: أدباء العرب في الأندلس وعصر الانبعاث، دار نظير عبود، توزيع: دار الجيل، بيروت، 1997، ص79.
[4] المقري التلمساني: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق، إحسان عباس، دار صادر، بيروت (د ط)، 1962، ج1، ص126.
[5] د. عبد المنعم خفاجي: الأدب الأندلسي، التطور والتجديد، دار الجيل، بيروت، ط1 1992، ص60.
[6] بطرس البستاني: المرجع السابق، ص83.
[7] ابن خفاجة: الديوان، تحقيق: عبد الله سندة، دار المعرفة، بيروت، ط1 2006، ص133.
[8] فوزي سعد عيسى: دراسات في أدب المغرب والأندلس، دار المعرفة الجامعية، (د.ت)، ص05.
[9] د. عبد العزيز عتيق: الأدب العربي في الأندلس، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط2 1976، ص210.
[10] د. عمر الدقاق: ملامح الشعر الأندلسي، منشورات الجامعة، حلب، ط3 1978، ص225.
[11] ابن عبد ربّه: الديوان، حققه وجمعه وشرحه: الدكتور محمد رضوان الداية، الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت (د.ت)، ص37.
[12] ابن حمديس الصقلي: الديوان، صححه وقدّم له: د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت (د.ت)، ص545.
[13] ابن هاني الأندلسي: الديوان، دار صادر، بيروت (د.ت)، ص141.
[14] ملامح الشعر الأندلسي، ص48.
[15] دراسات في أدب المغرب والأندلس، ص06.
[16] ابن زيدون: الديوان، شرح: د. يوسف فرحات، دار الكتاب العربي، بيروت، ط2 1994، ص58.
[17] ابن الحداد الأندلسي: الديوان، جمعه وحققه وشرحه وقدّم له: د. يوسف على طويل، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1 1990، ص244.
[18] نفح الطيب، 1/208.
[19] أبو عبد الله محمد بن الكتاني: التشبيهات من أشعار أهل الأندلس، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الثقافة- المكتبة الأندلسية، بيروت، لبنان (د.ت)، ص95.
[20] ابن زيدون: الديوان، ص239/ منصلت: مجرّد.
[21] جابر أحمد عصفور: الصورة الفنية في التراث البلاغي والنقدي عند العرب، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط3، 1992، ص172.
[22] الإمام الخطيب القزويني: الإيضاح في علوم البلاغة، شرح وتعليق وتنقيح: محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتاب اللبناني، ط1 سنة 1980، ص367.
[23] ابن الكتاني: كتاب التشبيهات، ص38/ الأحداج: جمع حدج-وهو الجمل الذي عليه هودج.
[24] المصدر نفسه، ص32.
[25] تامر سلوم: نظرية اللّغة والجمال في النقد العربي، دار الحواز، اللاذقية، سوريا، (د. ط) سنة 1983، ص235.
[26] جابر أحمد عصفور: المرجع السابق، ص174.
[27] أبو الوليد إسماعيل بن عامر الحميري: البديع في وصف الربيع، اعتنى بنشره وتصحيحه: هنري بيرس، معهد العلوم العليا المغربية، الرباط، سنة 1940، ص14.
[28] ابن اللّبانة الداني: الديوان (مجموع شعره)، جمع وتحقيق: أ. د محمد مجيد السعيد، دار الراية للنشر والتوزيع، الأردن، ط2 2008، ص65.
[29] تامر سلوم: المرجع السابق، ص269.
[30] عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، تصحيح: السيد محمد رشيد رضا، مكتبة القاهرة، (د. ط)، سنة1961، ص199.
[31] كتاب التشبيهات، ص56.
[32] الحميري: البديع في وصف الربيع، ص90.
[33] تامر سلوم: المرجع السابق، ص270.
[34] ينظر: محمد مصطفى هدارة، علم البيان، دار العلوم العربية، بيروت، لبنان، (د. ط)، سنة 1989، ص34.
[35] ابن زيدون: الديوان، ص122/ ثعاب: مفردها ثعب: غدير.
[36] عبد العزيز عتيق: تاريخ الأدب العربي في الأندلس، ص169.
[37] ابن خفاجة: الديوان، ص144.
[38] قدامة بن جعفر: نقد الشعر، تحقيق: محمد عبد المنعم خفاجي، بيروت، (د. ت)، ص55.
[39] ينظر: عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، ص68.
[40] البديع في وصف الربيع، ص91.
[41] المصدر نفسه، ص105.
[42] التشبيهات من أشعار أهل الأندلس، ص85/ الغبش: شدّة ظلمة الليل وسواده.
[43] المصدر نفسه، ص54/ الكباد: داء يصيب الكبد.
(*) كانت الثياب البيضاء في الأندلس لباس الحداد بدل السواد.
[44] إبراهيم الحاوي: حركة النقد الحديث المعاصر في الشعر المعاصر، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1984، (د.ط)، ص235.
[45] يحي بن حمزة العلوي: الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز، دار الكتب العلمية، ج1، بيروت، لبنان، سنة 1982، ص266.
[46] كتاب التشبيهات، ص52.
[47] ابن خفاجة: الديوان، ص200.
[48] عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة في علم البيان، تحقيق: ه. ريتر، مطبعة وزارة المعارف، استانبول، 1934، ص191.
[49] المصدر نفسه، ص175.
[50] ابن زيدون: الديوان، ص30.
[51] كتاب التشبيهات، ص99.
[52] ابن اللبانة: الديوان، ص45.