تمثلات الأستاذ الجامعي لأسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي
University professor representations of non-normative reasons for university youth
ط.د. حنان بوطورة • د.سميرة منصوري/جامعة سكيكدة، الجزائر.
PhD.S.Hanane Boutora• Dr.Samira Mansouri/ University of Skikda, Algeria
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 79 الصفحة 9.
ملخص:
هدفت الدراسة الحالية إلى التعرف على تمثل الأستاذ الجامعي لدور كل من المرحلة الانتقالية والتناقض القيمي بالمقررات الدراسية في ظاهرة اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، وقد استخدم المنهج الوصفي التحليلي في هذه الدراسة، ولتحقيق هدف الدراسة تم الاعتماد على أداتين لجمع البيانات وهما الشبكة الترابطية والاستمارة التمييزية وزعتا على عينة عشوائية مقدرة بـ 15 أستاذا جامعيا من مجتمع بحث مقدر بـ 51 أستاذا جامعيا من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة العربي التبسي، تبسة، وقد أظهرت نتائج الدراسة أن المرحلة الانتقالية والتناقض القيمي في مؤسسات التنشئة الاجتماعية سببا ظاهرة اللامعيارية لدى الشباب الجامعي.
الكلمات المفتاحية: التمثلات الاجتماعية، اللامعيارية، المرحلة الانتقالية، التناقض القيمي.
Abstract :
The current study aimed to identify the university professor’s representation of the role of each of the transitional stage and the value contradiction in the curriculum in the phenomenon of non-normativeness among university youth. A random sample of 15 university professors from a research community of 51 university professors from the Faculty of Humanities and Social Sciences at Larbi Tebessi University.
Tebessa, and the results of the study showed that the transitional stage and the contradiction of values in the institutions of socialization caused the phenomenon of non-normativeness among university youth.
Keywords: social representations, non-normative, transitional stage, value contradiction.
مقدمة :
تتعرض الثقافة كغيرها من مكونات البناء الاجتماعي للتغير في وحداتها ومركباتها استجابة للتحولات المتجددة فتوجد أوضاعا اجتماعية جديدة داخل تركيبة المجتمع ، ولأن التغير الثقافي من أبطئ أنواع التغير خاصة ما يتعلق بالبناء الفكري، فإن هذا يساعد على استيعاب العناصر الجديدة التي تدخل الثقافة، غير أنه اليوم يتسارع بشكل خلق إرباكا واضحا في كافة الثقافات بالعالم دون استثناء منذ أن اتجهت الثقافة بالغرب اتجاها ماديا صارت فيه لبعض القيم صفة العالمية وأصبح لها اعتبارات معيارية ووظيفية داخل الفكر الإنساني وهي قيم المادة والسلطة، بينما تراجعت مجموعة أخرى من القيم الروحية ولم يعد لها داخل الفكر الإنساني سوى وجود بنائي إن لم يغيب بالمطلق، ما أوجد أزمة صارت تحاصر الحياة الاجتماعية المعاصرة بالغرب وتوجد معها كثير من المشكلات الأخرى كالاكتئاب، العنف والجريمة.
وقد ألقت هذه التحولات العالمية بظلالها على المشهد الثقافي بالعالم بما في ذلك الواقع الثقافي بالجزائر منذ انخراط المجتمع الجزائري في تصورات الحداثة الغربية التي أعادت صياغة مركز التفكير القائم بالنظام الاجتماعي فصار يستقطب أفكارا جديدة تنتمي إلى نواة النظام الاجتماعي للحضارة الغربية وهو ما أنتج نظاما معرفيا وقيميا جديدا موازيا للنظام المعرفي و القيمي للثقافة الأصلية بالمجتمع وأعاد تشكيل الواقع الاجتماعي للتفاعل، فظهرت ممارسات جديدة وسلوكيات تجمع بين نمطين من التمثلات المتعارضة غيبت مفهوم المجتمع في مقابل الفرد، وغابت القيم الأخلاقية والإنسانية في مقابل التشيئ والنفعية، وبرزت مظاهر التفكك القيمي والمرجعي عند الأجيال الجديدة و من بينها ظهور اتجاهات العنف واللامعيارية.
- الخلفية النظرية للدراسة
التمثلات الاجتماعية مبحث هام يجمع بين جملة من العلوم (علم الاجتماع، علم النفس الاجتماعي، الأنثروبولوجيا…الخ)، بالنظر إلى الدور الذي تلعبه في كشف حقائق المجتمع وأفكاره المشتركة وترجمة قيمه ومعارفه ومدى وعيه بالمتغيرات الاجتماعية من حوله، كيف يواجهون التحديات والتغيرات الاجتماعية المحيطة بهم باستمرار.
ولقد عرفه إميل دوركايم بأنه لخبرة المشتركة للجماعة وتشتمل على المشاعر والأفكار والمعتقدات الجمعية وتشير إلى نظرتهم للعالم وتحدد طريقة تعاملهم معه، كما تشكل الهوية التي تميز الجماعة عن غيرها.[1]
وعرفه أبريك بأنه: “رؤية وظيفية للعالم تسمح للفرد أو الجماعة بإضفاء معنى على تصرفاتهم وفهم الواقع، عبر نسق مرجعيتهم الخاص وبالتالي التأقلم وتحديد موقعهم”.[2]
وعرفه سيرج موسكوفيتشي في مقدمة كتابه التحليل النفسي صورته وجمهوره (1961) بأنها: “شكل خاص من المعرفة ومجموعة من القوانين العلمية المنظمة وهي إحدى العمليات النفسية التي بفضلها يستطيع الأفراد جعل الواقع النفسي والاجتماعي مفهوما وواضحا”[3].
وذهب بيار بورديو إلى أن التمثلات الاجتماعية عبارة عن معاني وأفكار مشتركة تحملها جماعة معينة كالأسرة لتعبر عن خصوصيتها في مقابل الآخر الخارجي؛ تحدد هويتهم التي يشتركون فيها ويفسرون من خلالها الواقع، وتحمل صفة الإلزام لكل تفكير عاقل داخل الجماعة.[4]
أما عن محتوى التمثل الاجتماعي فقد ذهب موسكوفيتشي أن للتمثل الاجتماعي ثلاث أبعاد يمكن تحليله من خلالها مهما تكن الطبيعة الدقيقة لمحتوى هذا التمثل الاجتماعي وهي: المعلومات، حقل التمثل والاتجاه.
- المعلومات: يعتبر وجود المعلومات والمعارف الكافية والمتداولة بين أفراد الجماعة حول موضوع التمثل شرطا أساسيا في تشكل التمثل الاجتماعي.
- حقل التمثل: يتكون من العناصر الإدراكية والعاطفية السائدة داخل الجماعة أي مجموعة القيم والمعايير والمعتقدات التي تمثل هوية وخصوصية الجماعة، فالتمثل هو عبارة عن مجموعة من المعلومات تنتظم وفق هذا المجال، ويختلف حقل التمثل من جماعة إلى أخرى.
- الاتجاه: يتمثل في الموقف والتوجه العام بالنسبة إلى موضوع التمثل سواء كان إيجابيا أو سلبيا.
وينتظم التمثل الاجتماعي في بنيته حسب ما بينه إبريك حول نواة مركزية تعتبر العنصر الأكثر أهمية في التمثل، كما يحتوي على عناصر محيطية تنتظم بدورها حول النواة المركزية.
- النواة المركزية: يعد مصطلح النواة المركزية مفهوم رمزي تصوري أعد من طرف موسكوفتشي سنة 1961 وتعود فكرته إلى ميدر الذي استعمل فكرة النواة الموحدة سنة 1927، ولما جاء أبريك اقترح نظرية النواة المركزية لتفسير التمثلات الاجتماعية، حيث رأى أن أي تمثل اجتماعي يتكون في الأساس من مجموعة من العناصر المنتظمة حول نواة مركزية ومن خلال التفاعل بين هذه العناصر يكتسب التمثل الاجتماعي مدلولاته ومضامينه، فالعناصر التي تتكون منها بنية التمثل الاجتماعي ليست كلها لها خاصية الثبات أو لها ذات الأهمية في بناء التمثل، فمنها ما يكون له صفة الثبات والاستقرار أكثر من العناصر الأخرى وتكمن أهميتها في أنها تمثل مركز التمثل الذي تدور حوله بقية العناصر التي تكون أكثر مرونة وقابلية للتغير، حيث تساعد الفرد على التأقلم مع التغيرات الجديدة في المعلومات التي تخص الموضوع وتجنبه الصراع بين ما يحمله من تمثلات والواقع المتغير باستمرار، كما تحمل النواة المركزية للتمثل خاصية مزدوجة (وظيفية/معيارية) ترتبط الأولى بالعناصر المتعلقة بإنجاز مهمة أو عمل ما أما الثانية فترتبط بالمعايير الاجتماعية والأيديولوجيا والأبعاد السوسيو-عاطفية وبالتالي فالنسق التنظيمي للتمثلات الاجتماعية يتركب من نظامين أساسيين:[5]
أ-نظام النواة المركزية: يتمثل في مجموعة العناصر المتميزة عن بقية العناصر الأخرى بالثبات والاستقرار وتسمى نتيجة لذلك بالنواة الصلبة، تعمل هذه العناصر على إنتاج وتشكيل بقية العناصر الأخرى وتعطيها معناها ودلالتها ومن دون عناصر النواة المركزية لا تتكون بقية العناصر ولا يمكن أن يكون لها أي دلالة اجتماعية لأنها تستمد دلالتها من النظام القيمي للمجتمع والمتضمن في النواة المركزية.
وتتلخص وظائف النواة المركزية في:[6]
- توليد معنى وقيمة لمختلف العناصر المحيطية من خلال ما تحمله من نظام قيمي للمجتمع.
- تنظيم العلاقات والروابط المختلفة بين عناصر التمثل.
- ضمان استمرار واستقرار التمثل الاجتماعي نسبيا حيث يتغير التمثل إذا تغيرت العناصر المركزية.
- تبرير المواقف والاتجاهات تجاه المواضيع المختلفة.
ب-النظام المحيطي: يمثل مجموعة العناصر التي تعتمد في وجودها على عناصر النواة المركزية وتستمد دلالتها منها وعلى الرغم من أنها تبدوا أقل أهمية من النواة المركزية إلا أن لها دورا أساسيا في التمثلات الاجتماعية إذ تعمل على تكييف التمثل مع المتغيرات الاجتماعية حيث يمتص الصراع بين التمثل والواقع وتتأثر هذه العناصر بتاريخ وخبرات الأفراد الخاصة والعامة، ومن خلالها يتم تجسيد وملاحظة التمثل الاجتماعي فعليا في سلوكيات الأفراد.
وظيفة النظام المحيطي متمثلة في:[7]
- يساعد على جعل التمثلات الاجتماعية مرنة مع الوضعيات المختلفة ويجنب الأفراد حالات الصراع مع الواقع المتغير.
- يسمح بملاحظة سلوكيات الأفراد ومواقفهم التي تخضع لخصوصية الظرف والموقف المعاش.
- يسمح بإجراء تعديلات وتغيرات على التمثلات الاجتماعية بحسب الفروق الفردية بين الأفراد.
ـــ حماية النظام المركزي من التغيير وإدماج العناصر الجديدة وفق دينامية مضبوطة.
وفيما يخص الدراسة الراهنة فقد بحثت في التمثلات الاجتماعية لظاهرة اللامعيارية لدى الشباب الجامعي بما تشير له من أزمة في هويته الثقافية، إذ تعد من أخطر الظواهر المعاصرة على المجتمعات حيث تستهدف أهم عنصر في التنمية المستدامة وهو المورد البشري، وتتسبب في فشل كل المجهودات التي تبذلها الجماعة في سبيل الرفع من كفاءته، ويقصد بهذه الظاهرة:
شعور الفرد بعدم تقبل قيم ومعايير السلوك السائدة في مجتمعه، وسعيه إلى تحقيق أهدافه وغاياته الشخصية وفق وسائل مخالفة لثقافة الجماعة التي ينتمي إليها، يسميه إميل دوركايم الأنومي ويرى أنه حالة مؤقتة من الخروج عن المعايير المقبولة اجتماعيا تنتج عن التغير الثقافي المتسارع ، حيث تفترض النظرية البنائية الوظيفية عموما وجود نسق ثقافي موحد داخل أي مجتمع يحدد نماذج من المعايير التي توجه السلوك الاجتماعي للأفراد بشكل يجعله يتلاءم مع الثقافة السائدة وأي خروج عن هذه النماذج التي يضعها المجتمع يعد سلوكا لا معياريا.[8]
وعرف سيمان اللامعيارية بأنها: “الحالة التي يتوقع فيها الفرد بدرجة كبيرة أن أشكال السلوك التي أصبحت مرفوضة اجتماعيا غدت مقبولة تجاه أي أهداف محددة، أي أن الأشياء لم يعد لها أي ضوابط معيارية، ما كان خطأ أصبح صوابا، وما كان صوابا أصبح ينظر إليه باعتباره خطأ من منطلق إضفاء صبغة الشرعية على المصلحة الذاتية للفرد وحجبها عن المعايير وقواعد وقوانين المجتمع “[9].
وهناك العديد من المقاربات التي اهتمت بتفسير هذه الظاهرة، كل حسب وجهتها واهتماماتها، من أجل تأصيل مرجعية لفهمه، ويتبين أهمها في:
- المقاربة النفسية: أكدت العديد من البحوث والدراسات، في علم النفس الأثر البالغ الذي يتركه انفصال الابن عن الأم في سن مبكرة في اظهار سمات مرضية في سلوكه مثل القلق والشعور بالغضب والاكتئاب وصعوبة تكوين علاقات مع الآخرين.[10]
وأكدت الدراسات النفسية كذلك أن العلاقات المتوترة بين الوالدين من شأنها أن توجد أجيالا عدوانية انسحابية، حيث أن الأطفال الذين يشعرون بغيات الأمان العاطفي من الحياة الأسرية وفي علاقاتهم مع والديهم يصبحون خائفين من الارتباط مع الآخرين بعلاقة تبعية كما أن الاضطراب في العلاقة بين الوالدين والأبناء من شئنه أن يضعف احتمالية تقمص الأبناء لمعايير الوالدين وإضفاء الصبغة الذاتية عليها[11].
وتعد الدوافع النفسية والنفسية الاجتماعية من أهم موجهات السلوك الإنساني ومحدداته حيث يسعى الفرد داخل المجتمع إلى تحقيق إشباع للعديد من الحاجات النفسية والاجتماعية كالحاجة إلى الأمن وتقدير الذات والانتماء وكذلك الحاجة إلى تحقيق الذات، ويرى العديد من علماء النفس أن عجز الفرد عن الوصول إلى إشباع حاجاته ودوافعه يؤدي به إلى عدم الوصول إلى مستوى مناسب من التوافق مع نفسه ومع الآخرين، كما أنه يدفع الفرد بشكل أو آخر إلى تبني بعض الأنماط السلوكية السيئة وغير المتكيفة والإصابة بالعديد من الأمراض النفسية والاجتماعية مثل العنف والتطرف والخروج عن معايير المجتمع.[12]
ب-المقاربة الاجتماعية:أكد علماء الاجتماع أن الأسرة الريفية في المجتمعات التقليدية السائرة نحو التحديث عندما هاجرت من الريف إلى المدينة طرأ عليها العديد من التغيرات في البناء ونظام السلطة والزواج والإنجاب والوظائف التقليدية لها كالتربية والدفء العاطفي بصورة أوجدت قطيعة بين الفرد والأسرة صاحبها قطيعة ثقافية بين الآباء الذين ظلوا محتفظين ببعض المفاهيم من ثقافتهم التقليدية عن الانتماء والتضامن واحترام الكبير باعتباره ممثلا للسلطة التي يقوم نظامها على الولاء للقيم والمعايير والتقاليد والأبناء الذين ولدوا في البيئة الحضرية وما تتسم به من طبيعة فردانية تعزل الفرد عن ماضيه وحاضره لتوجد له دائرة محددة يتحرك ضمنها ولا يتجاوزها بشكل شبه آلي يخلوا من العواطف والمشاعر الإنسانية والولاء صار لسلطة الاقتصاد والمادة أو المركز الاجتماعي.[13]
ويحدث فشل التنشئة الأسرية أيضا نتيجة العديد من العوامل الأخرى مثل المستوى التعليمي للوالدين، أو نتيجة أنماط من الأساليب التربوية غير السوية التي يتبعها الوالدان فمثلا قد تلجأ الأسرة إلى التفرقة بين الأبناء في المعاملة إما على أساس الجنس أو لحبهم أحد الأبناء أكثر من الآخر ويؤثر هذا الأسلوب كما يرى برتراند راسل على ظهور أنماط من السلوك غير المرغوب عند الأطفال، كما يرى أنه عن طريق اللعب مع جماعة الرفاق يتعلم الطفل العدالة والإحساس بمعايير الجماعة، فالعدالة في رأي برتراند راسل ليست فطرية في الإنسان إنما يتعلمها من التنشئة وغيابها من سلوكه دليل على فشل التنشئة.[14]
ج-المقاربة الاقتصادية: تكلم كارل ماركس عن أن طبيعة النظام الاقتصادي الرأسمالي توجد طبقية في المجتمع وفوارق اجتماعية كما توجد ثقافتين متمايزتين فتضع وسائل وأهداف ومعايير لطبقة العمال تختلف عن تلك الوسائل والأهداف والمعايير التي تضعها للطبقة المالكة لرأس المال، وهذا ما يفقد أفراد الطبقة العاملة ارتباطها العضوي بالمجتمع الذي تنتمي له لما تلاحظه من التمييز في الأهداف والوسائل والمعايير بشكل يكرس استغلالها.[15]
ويشمل هذا أيضا حسب محمود عبد الفضيل سوء الأوضاع الاقتصادية التي قد تدفع الفرد إلى البطالة والعيش على هامش المجتمع خاصة إذا كان المجتمع يقيم الفرد وفق معايير لا ترتبط بالخبرة أو درجة التأهيل بقدر ما تتعلق بالمحاباة والعلاقات الشخصية، وذلك من شأنه أن يوجد فردا ناقما على المجتمع ولا يقيم لمعاييره وزنا نتيجة الشعور بالظلم فيفقد الانتماء إلى المجتمع وثقافته ويمكن أن يتحول إلى عنصر هدم فيه.[16]
الأدبيات السابقة:
– دراسة منــى عتيــــق[17]: حاولت فيها الباحثة الإجابة على بعض التساؤلات وخلصت إلى صياغة فرضية عامة والتي انبثقت عنها فرضيتين وللتحقق من صحة الفرضيتين استعملت الاستمارة كأداة لجمع المعلومات، تم توزيعها على عينة طبقية من طلبة ثلاثة كليات بجامعة باجي مختار ــ عنابـــة ــ والذين بلغ عددهم 202 طالب (108 إناث و94 ذكور) وكانت النتائج كالآتي:
- الطلبة الجامعيون راضون عن تخصصاتهم وعن التكوين بالجامعة.
- يقيمون ايجابيا تكيفهم مع عالم الجامعة.
- يتفاءلون بمستقبلهم المهني.
- يحملون(معظمهم) تصورات ايجابية عن المستقبل.
- لا يختلف تصور المستقبل بينهم باختلاف التخصص.
- لم تختلف أساليب التحصيل بينهم رغم اختلاف الجنس.
- تميزت الدافعية للتعلم لديهم بمستوى عال.
- هناك فروق ذات دلالة إحصائية في مستوى الدافعية للتعلم عادت أساسا إلى المستوى التعليمي لأولياء الطلبة ولتنوع التخصص.
- غابت الفروق بين الجنسين في الدافعية للتعلم.
- تبين أنه توجد علاقة ايجابية بين تصور المستقبل ودافعية الطلبة للتعلم لكنها ضعيفة.
- كانت الدافعية الخارجية بتقمص (حيث السلوك ينتمي إلى الذات نفسها وفيه حرية كبيرة ومن خلاله يقنع الطالب نفسه بنفسه حول قيمة التعلم هي الأكثر ارتباطا ايجابيا بتصور المستقبل).
- تبين وجود علاقة ايجابية بين الرضا عن التخصص والدافعية للتعلم.
- دراسة تالي جمال[18]: هدفت الدراسة إلى التعرف على النسق القيمي لدى الطلبة الجامعيين السائد في الجامعة وما طرأ عليه من تغيرات وعلاقته بالاغتراب في ظل دور الجامعة المرتبط بدعم القيم وتنميتها لدى الطلبة، حاول فيها الإجابة على بعض التساؤلات خلصت إلى صياغة فرضية عامة والتي انبثقت عنها خمسة فرضيات وللتحقق من صحتها استعمل الملاحظة والمقابلة بنوعيها ، الاستمارة كأدوات لجمع المعلومات، وذلك على عينة قصدية من الطلبة المقيمين بكافة الاقامات الجامعية بجامعة محمد بوضياف ــــ المسيلة ــــ بنسبة (2.5%) من كل إقامة وبلغ حجم العينة 514 طالبا (310 إناث و 204 ذكور) من مجتمع أصلي يبلغ (20610 طالبا).
وكانت النتائج كالآتي:
- وجود تغير قيمي لدى الشباب الجامعي إزاء العديد من المفاهيم مثل العمل والتعليم…،كما أن للتحولات السياسية والاقتصادية بالجزائر علاقة كبيرة بهذا التغير.
- يرتبط النسق القيمي للشباب الجامعي بالمستوى الثقافي والاقتصادي لأسرهم.
- تحتل القيم الاقتصادية والثقافة المادية صدارة سلم القيم بين المبحوثين ثم تأتي القيم الأسرية تليها الدينية ثم التعليمية وأخيرا السياسية والملاحظ هو تراجع القيم الدينية مقابل القيم الاقتصادية والمادية.
- هناك تراجع في دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في مجال التأثير في قيم الشباب الجامعي وصياغة توجهاته خاصة دور الجامعة في المجتمع.
- يتميز الشباب من أفراد العينة بالانسحاب وسيطرة النزعة السلبية تجاه العملية السياسية.
- يسود شعور بقلق المستقبل بين المبحوثين يمتزج بنظرة تشاؤمية وانعدام الثقة في المستقبل والمؤسسات الاجتماعية.
- يعيش الشباب ازدواجية قيمية بين الفكر والممارسة كما يسود بينهم الاتجاهات التبريرية لسلوكيات اللامعيارية كالغش في الامتحانات.
- وجود أزمة ثقة بين الطالب والأستاذ والإدارة الجامعية.
- تضاؤل الاهتمام بالقيم الروحية والأخلاقية في مقابل قيم التحديث والعصرنة عند فئة والتحجر والفشل في مواكبة التغيرات عند فئة أخرى من الطلبة الجامعيين.
وجاء سردنا للدراسات السابقة من أجل تحقيق جملة من الأهداف الآتية:
- التعرف على منهجيات هذه الدراسات بالشكل الذي مكننا من تصميم منهجية الدراسة.
- التعرف على التقنيات المستعملة في دراسة التمثلات الاجتماعية وهو ما مكننا من معرفة أحدث هذه التقنيات والمتمثلة في تقنية الشبكة الترابطية وكيفية بنائها إضافة إلى تقنية الاستمارة التمييزية وهما ما تم توظيفهما في هذه الدراسة.
- التعرف على أساليب تحليل التمثلات الاجتماعية الكيفية والكمية وهو ما تم الاعتماد عليه في تحليل نتائج الدراسة الميدانية لهذه الدراسة.
- التعرف على عينات ونتائج هذه الدراسات مما سهل علينا الانطلاق من حيث انتهى الآخرون ومن الجوانب التي لم تتناولها هذه الدراسات والبحث فيها
وانطلاقا من الدراسات السابقة يمكن تحديد الآتي: ركزت الدراسات السابقة على التعرف على مضامين ودلالات التمثلات الاجتماعية وكيفية تكونها وفق متغيرات الجنس والبيئة الأصلية، وجماعة الانتماء، فكانت دراسات وصفية للتمثلات الاجتماعية ولم تهدف إلى التعرف على موضوع التمثل بقدر التعرف على سيرورة إنتاجه، كما أنها ركزت على عينة الطلبة الجامعيين، في حين ركزت الدراسة الحالية على فئة الأساتذة الجامعيين وذلك للتعرف على تمثلاتهم حول أسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، ولم تهدف الدراسة الحالية بعكس الأدبيات السابقة إلى التعرف على سيرورة إنتاج التمثل الاجتماعي بقدر التعرف على مضامينه ودلالاته حول أسباب الظاهرة البحثية.
ثانيا: الإطار التصوري للدراسة
1.2.إشكالية الدراسة وتساؤلاتها
ألقت التحولات العالمية بظلالها على المشهد الثقافي بالعالم بما في ذلك الواقع الثقافي بالجزائر اليوم الذي صار يعاني من انفصال بين الفكر والممارسة عند الأجيال الجديدة خاصة فئة الشباب الجامعي، فظهرت لديهم ممارسات جديدة وسلوكيات تجمع بين نمطين من التمثلات المتعارضة غيبت مفهوم المجتمع في مقابل الفرد، وغابت القيم الأخلاقية والإنسانية في مقابل التشيئ والنفعية، كما برزت مظاهر التفكك القيمي والمرجعي عند الأجيال الجديدة متجسدة في اتجاهات اللامعيارية، فقد كشف المجلس الوطني للثانويات بالجزائر “كلا” مثلا عن أرقام مروعة حول تنامي العنف بالمؤسسات المدرسية في 2011، جعلت الجزائر تتصدر دول المغرب العربي بخصوص انتشار هذه الظاهرة، باعتبار 60 % من المتمدرسين اقترفوا تصرفات عدائية تجاه ما يقارب 5 آلاف أستاذ، منها 200 حالة صدرت عن تلاميذ بالصف الابتدائي، مع تسجيل 20 ألف حالة عنف بين التلاميذ[19]
وذهب المتحدث باسم نقابة اينباف الصادق دزيري إلى إرجاع ذلك إلى غياب مرتكزات الهوية في المقررات الدراسية بالجزائر حيث قال: “المضامين التي تدرس إلى التلاميذ خالية من القيم الأخلاقية، وغالبيتها نصوص مترجمة من ثقافات دخيلة مثل الصينية، فخرجت جيلا متخبطا في الهوية”.[20]
وتعد هذه لظاهرة من أخطر الظواهر الاجتماعية عل المجتمع الجزائري خاصة إذا تعلق الأمر بالشباب الجامعي، إذ تصبح تهدد تماسك المجتمع ووحدته في مواجهة المشكلات التي تعترضه، كونها تعطل المورد البشري المؤهل وتجعل طاقاته تذهب في اتجاه تدمير المجتمع بدلا من تنميته وبنائه، لذا تبحث هذه الدراسة في أسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي كما بينها التمثلات الاجتماعية لفئة الأساتذة الجامعيين، من أجل فهم أعمق لأسباب الظاهرة البحثية وتفسيرها بهدف التحكم فيها وإيجاد سبل ملاءمة لمواجهة تبعاتها.
ومن هذا المنطلق تم صياغة مشكلة هذه الدراسة في التساؤل الآتي:
كيف يتمثل الأستاذ الجامعي أسباب اللامعيارية لدى الشباب لجامعي؟
وللإجابة عنه تم صياغة مجموعة من الأسئلة الفرعية كالآتي:
الأسئلة الفرعيـة:
- كيف يتمثل الأستاذ الجامعي دور المرحلة الانتقالية في ظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي؟
- كيف يتمثل الأستاذ الجامعي علاقة التناقض القيمي في المقررات الدراسية بظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي؟
2.2.أهداف الدراســـــة :
تهدف الدراسة الحالية إلى ما يأتي:
- التعرف على أهم العوامل السوسيو-ثقافية المسببة للامعيارية لدى الشباب الجامعي.
- التعرف على تمثل الأستاذ الجامعي لدور المرحلة الانتقالية في ظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي.
- التعرف على تمثل الأستاذ الجامعي لعلاقة التناقض القيمي في المقررات الدراسية بظهور اللامعيارية عند الشباب الجامعي.
- لفت انتباه الدارسين والباحثين للتعمق في فهم أسباب هذه الظاهرة الخطيرة على الموارد البشرية ورأس المال الثقافــي للمجتمــع.
3.2.أهمية الدراســـــــة: تتضح أهمية الدراسة الحالية من أهمية المتغيرات التي تعمل على دراستها وكذا أهمية كل من الفئة المعنية بالدراسة وعينة البحث، فالتمثلات الاجتماعية مبحث هام يجمع بين جملة من العلوم إضافة إلى الدور الذي تلعبه في كشف حقائق المجتمع وأفكاره المشتركة وترجمة قيمه ومعارفه ومدى وعيه خاصة وأن الدراسة تتعلق بعينة يفترض أن تكون القيادة الفكرية داخل أي مجتمع لما تملكه من ترسانة مفاهمية علمية وتأهيل عال يساعدها في تكوين تمثل واضح عن مسببات ظاهرة اللامعيارية لدى فئة من أهم الفئات التي تعول عليها المجتمعات في تنميتها وهي فئة الشباب الجامعي، كما أن ظاهرة اللامعيارية بما تشير له من أزمة في الهوية الثقافية للشباب الجامعي تعد من أخطر الظواهر المعاصرة على المجتمعات العربية الإسلامية حيث تستهدف أهم عنصر في التنمية المستدامة وهو المورد البشري.
4.2.المفاهيم الإجرائية للدراسة:
1.4.2-التمثلات الاجتماعية
وهي مجموع الأفكار الاجتماعية التي يبنيها أساتـذة قسـم العلوم الاجتماعية بكليــة العلـــوم الإنسانيـــة والاجتماعيـة -جامعــة العربــي تبسي. تبسة، من خلال الحس الاجتماعي المشترك وخصوصياتهم الفردية ويفسرون من خلالها ظاهرة اللامعيارية لدى الشباب المتحصل على صفة خريج جامعة أو الذين في طريقهم للتخرج من جامعة العربي تبسي ــ تبسة.
2.4.2-الأستاذ الجامعي: ويقصــد بها فـي هـــذه الدراسة أساتذة قسم العلوم الاجتماعية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة العربـي تبسي، تبسة.
- اللامعيارية: هي حالة من تضارب معايير السلوك الاجتماعي لدى الشباب الجامعي تظهر من خلال ازدواجية في المعايير والقيم بين عالم المفاهيم والعالم الواقعي، ينتج عنه تبنيه أهداف ومعايير سلوك موقفية ومتذبذبة تتعارض مع ما يعتقده أحيانا وتتوافق أحيانا أخرى حيث يدرك أهمية المعايير الاجتماعية من الناحية المفاهمية ولا يرى لها أهمية في الناحية الواقعية.
4.4.2-المرحلة الانتقالية: ويقصد بها في هذه الدراسة مجموعة الاضطرابات التي تعيشها الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية منذ أخذها بتصورات الحداثة في بناء المجتمع الجزائري للانتقال به من المرحلة التقليدية إلى المجتمع الحديث على غرار المجتمعات الغربية.
5.4.2-التناقض القيمي بالمقررات الدراسية: هو اتجاه القيم بالمقررات الدراسية اتجاهين متناقضين في المنطلقات الفكرية، إذ ينتمي الأول إلى ثقافة تقليدية ترى أنها تستمد شرعيتها من ثقافة المجتمع في بعدها التاريخي والثانية وضعية ترى أنها تستمد شرعيتها من ثقافة حداثية عصرية يتجه نحوها المجتمع، مما يؤدي إلى الازدواجية والغموض في تحديدها للهوية الثقافية
6.4.2-الشباب الجامعي: وهم جميع الشباب المتحصل على صفة خريج جامعة أو الذين في طريقهم للتخرج من جامعة العربي تبســي، تبســة.
3.منهجية الدراسة
تتمثل منهجية الدراسة في مجموعة الخطوات والقواعد المنهجية المطبقة في الدراسة الراهنة عبر مختلف مراحلها، فما هي الإجراءات المنهجية التي طبقت في هذه الدراسة؟ وكيف تم توظيفها؟
1.3.مجالات الدراسة: تعبر مجالات الدراسة عن الحيز الايكولوجي الإنساني الذي تجرى فيه الدراسة ويكون ذو أبعاد ثلاثة تتمثل في المجال المكاني، المجال الزماني، المجال البشري.
1.1.3-المجال المكاني: أجريت الدراسة الميدانية في جامعة العربي تبسي، تبسة، وقد خصت دراستنا كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية.
2.1.3-المجال البشري: شملت الدراسة الميدانية الأساتذة الجامعيين المنتمين لقسم العلوم الاجتماعية وبلغ عددهم 15 أستاذا جامعيا من مجتمع بحث مقدر بـ 51 أستاذا جامعيا.
3.1.3-المجال الزماني: أجريت هذه الدراسة بالموسم الجامعي 2016/2017.
2.3.المنهج المستخدم: بالنظر إلى موضوع الدراسة والهدف منها وهو الكشف عن العناصر الضمنية المشكلة للتمثلات الاجتماعية للأستاذ الجامعي، اعتمدنا المنهج الوصفي التحليلي.
3.3.الأدوات المستخدمة: تماشيا مع الهدف من الدراسة وهو محاولة الوصول إلى معرفة مكونات وعناصر التمثلات الاجتماعية الخاصة بظاهرة اللامعيارية لدى الشباب الجامعي وكيفية تنظيمها، اعتمدت هذه الدراسة على تقنيتين حديثتين تستخدمان لهذا الغرض، هما:
1.3.3-الشبكة الترابطية: تم الاعتماد في هذه الدراسة على تقنية الشبكة الترابطية التي تم تصميمها سنة 1995 على يد الباحثة Anna maria silvanade rosa من أجل دراسة التمثلات الاجتماعية وتهدف إلى تحديد بنية المضامين، مؤشرات القطبية، الحيادية والقولبة في حقل المعاني المرتبط بالتمثل الاجتماعي، وتعمل هذه التقنية على تحديد بعض المفاهيم والتقديرات المرتبطة بتمثل أو مجموعة من التمثلات لمواضيع مرتبطة فيما بينها ذات شكل محدد، ويمكن من خلال هذه المقاربة توضيح تعقيد وتشعب وتعدد أبعاد التمثل الاجتماعي.
تستمد هذه التقنية أهميتها من سهولة تطبيقها ومرونة تكييفها مع أهداف الدراسة بالنسبة للمواضيع التي توظف لأجلها، إضافة إلى أنه يمكن توجيهها بواسطة أدوات منظمة ومهيكلة “استبيان”، فاستعمال الشبكة الترابطية لا يثير شعور المبحوثين لمشكلة ما (بعد إعلامي ومعرفي)، وهي أكثر سهولة من ملأ استبيان طويل ومبني، ويمكن تطبيق هذه التقنية على عدد لا متناهي من المواضيع ويكفي تبديل الكلمة المثير الموجودة في مركز الورقة[21].
2.3.3-الاستمارة التمييزية
تبنى الاستمارة التمييزية انطلقا من تحديد محتوى مضمون التمثل باستعمال التحقيق المسبق أو تقنية الشبكة الترابطية أو التداعي الحر وتعتبر كوسيلة مكملة يستطيع الباحث بواسطتها أن يميز بين العناصر المركزية والعناصر المحيطية للتمثل، تتكون الاستمارة التمييزية من مجموعة من البنود يتراوح عددها انطلاقا من مضاعفات العدد 3 يتطلب من المستجوب أن يختار بين البنود 9 مثلا 3عناصر الأكثر تمايزا ثم يختار من العناصر المتبقية 3 عناصر الأقل تميزا وفي الأخير يمكننا إعطاء نتيجة لكل بند حسب طبيعة الاختيار:[22]
الأكثر تميزا 3 الأقل تميزا 1 متوسط التميز 2
4.3.العينة وطريقة اختيارها: نظرا لطبيعة موضوع الدراسة، فلقد اعتمدت دراستنا على المعاينة الاحتمالية والمتمثلة في العينة العشوائية البسيطة، ولم يكن اختيار هذا النوع من المعاينة اعتباطيا فقد شملت دراستنا قسم فقط من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية وهو قسم العلوم الاجتماعية، نظرا لتوفر أساتذة هذا القسم على خصائص مثالية ساعدتنا في دراستنا الميدانية سواء من حيث نوع المعلومات أو كميتها وتتمثل في:
- الاعتقاد المنطقي أن أساتذة هذا القسم أكثر اهتماما بالمسائل الاجتماعية من غيرهم.
- مستوى تأهيلهم العلمي وخبرتهم بالحياة الجامعية التي تؤهلهم لمعالجة هذه المسائل بموضوعية.
- تخصصهم يسمح لهم بمعالجة المواضيع والظواهر الاجتماعية، اعتبار اللامعيارية ظاهرة اجتماعية لها تأثيرها على الفرد والمجتمع.
- تجاوبهم الايجابي مع الدراسة.
5.3.أسلوب معالجة البيانات: اعتمدت الدراسة في معالجة البيانات وتحليلها على أسلوبين الكمي والكيفي:
1.5.3-الأسلوب الكمي: واستخدم في تحويل البيانات التي جمعت من مجتمع الدراسة من هيئتها الكيفية إلى الطابع الكمي لتسهيل قراءتها من خلال الاعتماد فيه جملة من الأساليب الإحصائية كمقياس لتقدير التوجه الضمني في حقل تمثل الأساتذة الجامعيين للظاهرة المدروسة وهي:
مؤشر القطبية p»«
- إذا كانP ينتمي إلى المجال[1-،-0.5] هذه القيمة يمكن تشفيرها على التوالي إلى 3 وهذا يعني أن معظم الكلمات لها إيحاء سلبي.
- إذا كانP ينتمي إلى المجال[-0.4، +0.4] هذه القيمة يمكن تشفيرها على التوالي إلى 2 وهذا يعني أن معظم الكلمات الايجابية والسلبية متساوية تقريبا.
- إذا كان P ينتمي إلى المجال[+0.4،1] هذه القيمة يمكن تشفيرها على التوالي إلى 1 وهذا يعني أن معظم الكلمات لها إيحاء إيجابي.
« n» مؤشر الحيادية
- إذا كان n ينتمي إلى المجال[1-، 0.5-] هذه القيمة يمكن تشفيرها على التوالي إلى 1 وهذا يشير إلى أن القليل من الكلماتلها إيحاء محايد حيادية ضعيفة.
- إذا كان n ينتمي إلى المجال[0.4-، 0.4+] هذه القيمة يمكن تشفيرها على التوالي إلى 2وهذا يشير إلى أن الكلمات الحيادية متساوية تقريبا مع الكلمات الايجابية والسلبية حيادية متوسطة.
- إذا كان Nينتمي إلى المجال[+0.4، +1] هذه القيمة يمكن تشفيرها على التوالي إلى 3 وهذا يشير إلى أن الكلمات في أغلبها محايدة حيادية مرتفعة.
2.5.3-الأسلوب الكيفي: تبنت الدراسة في تحليلها للنتائج مستوى التحليل النفسي الاجتماعي.
- عرض وتحليل نتائج الدراسة
بعد أن تم توضيح الخطوات المنهجية المعتمدة في هذه الدراسة ننتقل في هذه الخطوة إلى عرض النتائج المتوصل إليها للتعرف على مختلف التمثلات الاجتماعية لأسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي عند الأساتذة الجامعيين حيث توصلت الدراسة الراهنة إلى جملة من النتائج التي اتضحت من خلال ما سبق عرضه وسنقوم فيما يلي بعرض وتحليل هذه النتائج:
1.4.تحليل نتائج الدراسة:
بما أن الهدف من تطبيق تقنية الشبكة الترابطية هو التعرف على محتوى التمثلات الاجتماعية التي يحملها الأستاذ الجامعي عن ظاهرة اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، ومن الاستمارة التميزية هو التعرف على العناصر المركزية والمحيطية والمتناقضة للتمثل فقد ارتأينا تحليل النتائج المتوصل لها عبر هذه التقنية بالاعتماد على مستويين من التحليل.
الأول؛ هو مستوى تحليل الشواهد الاحصائية للبيانات وفق مقاربة كل من موسكوفيتشي وإبريك
وقد استخدمنا مقاربة مسكوفتشي في تحليل نتائج الشبكة الترابطية للتعرف على محتوى التمثلات الاجتماعية حول الظاهرة المدروسة عند الأستاذ الجامعي، إذ يرى موسكوفيتشي أنه مهما تكن الطبيعة الدقيقة للعناصر المكونة للتمثلات الاجتماعية فإنه يمكن تحليلها انطلاقا من ثلاث أبعاد يتكون منها أي تمثل اجتماعي وهي؛ المعلومة، حقل التمثل، اتجاه التمثل، في حين استخدمنا مقاربة إبريك في تحليل نتائج الاستمارة التميزية والتي يرى فيها أن لكل تمثل اجتماعي نواة مركزية ونظام محيطي يتكون من العناصر التي تمكن التمثل من التكيف مع متغيرات الواقع الاجتماعي.
أما مستوى التحليل الثاني فقد اعتمدنا مستوى التحليل النفسي الاجتماعي.
- مستوى التحليل الإحصائي للبيانات:
أ-نتائج الشبكة الترابطية
- المعلومة: من خلال تطبيق تقنية الشبكة الترابطية تمكنا من الكشف عن مجموعة معلومات ومعارف مرتبطة بالتمثلات الاجتماعية التي تحملها فئة الأساتذة الجامعيين والمتعلقة بأسباب ظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، وهي متشابهة كما وكيفا وتعبر عن المعاني المشتركة بين هذه الفئة والتي استمدتها من الواقع الاجتماعي للمجتمع من جهة ومن الجماعة المرجعية التي تنتمي لها من جهة ثانية وتفسر وتبني على أساسها مواقفها المختلفة من الواقع الاجتماعي الذي تنتمي له وتحدد تميزها وهويتها، وكانت النتائج كالآتي:
بلغ عدد الأسباب المتداعية التي بينتها التمثلات الاجتماعية للأساتذة الجامعيين من خلال تقنية الشبكة الترابطية 71 سبب تصف الوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي للمجتمع إضافة إلى الخوض في التفاصيل العلمية النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد فسرت عينة الدراسة ظهور اللامعيارية انطلاقا من جملة التحولات على كافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية والسياسية التي يعيشها المجتمع الجزائري، فقد اعتبرت التحولات والاضطرابات في الميادين الاجتماعية والثقافية والسياسية التي نتجت عن الأخذ بالعناصر الثقافية للحداثة المتناقضة في منطلقاتها القيمية مع العناصر القاعدية الثابتة لهوية المجتمع المتجذرة في تاريخه وانتمائه الديني سببا في ظهور بعد اللامعيارية لدى الشباب الجامعي.
وبالتالي فقد بينت التمثلات الاجتماعية للأساتذة الجامعيين وجود تحولات في النظام القيمي للمجتمع صاحب التحولات السياسية التي مرت بها الجزائر منذ أخذها بمنطلقات التحديث انعكس في الواقع الاجتماعي للتفاعل بظهور بعد اللامعيارية والازدواجية بين عالمي المفاهيم والسلوك عند الشباب الجامعي حيث شكلت العناصر المرتبطة بالعوامل والأسباب الاجتماعية والفكرية النواة المركزية لتمثل الأساتذة الجامعيين حول الظاهرة المدروسة، في حين شكلت التحولات السياسية عناصر ذات أهمية عالية حيث تركزت في المنطقة الأولى للنظام المحيطي.
ب-حقل التمثل: يعبر حقل التمثل عن فكرة تنظيم المحتوى الذي يتطلب حد أدنى من المعلومات وقد اعتمدت العينة في تنظيم المعلومات المتعلقة بمحتوى التمثل للظاهرة المدروسة على المؤشرات الآتية :
ــــــ مؤشر الترتيب: 1،2،3.
ــــــ مؤشر القيمة: +، 0، –
ــــــ مؤشر الأهمية: 1،2،3.
ج-الاتجاه: يحدد الاتجاه بالإيجاب أو السلب نحو الموضوع المتمثل ومن خلال نتائج المتحصل عليها يتبين أن مؤشر القطبية يتراوح بين [0.07-،1] ومنه يتضح أن معظم الأسباب المتداعية من قبل الأساتذة الجامعيين نحو الموضوع المتمثل ذات إيحاء ايجابي.
والقاعدة الهرمية للمعلومات المتحصل عليها من نتائج الشبكة الترابطية تتركز حول ،غياب المرجعية الواضحة بالإطار الثقافي للمجتمع، سيادة القيم النفعية في الحياة الاجتماعية، التناقض القيمي في المنظومة الاجتماعية والتربوية، ضعف الروابط الاجتماعية، تكريس الأنانية والاتكالية في التنشئة الاجتماعية، هذه التمثلات التي تحملها العينة هي عبارة عن معلومات مشتركة بين أفراد المجموعة من جهة ومن جهة وأخرى يشترك فيها الحس العام، ترى موضوع اللامعيارية بعين المجتمع من خلال مجموعة القيم والمبادئ والمعايير النابعة من المورث الثقافي العربي الإسلامي للمجتمع الجزائري التي يحملها الأستاذ الجامعي عبر التنشئة الاجتماعية والنظام القيمي الاجتماعي والثقافي المحدد في المجتمع الجزائري وهي العناصر التي تشكل الاختلاف في التمثل بين المجتمعات وداخل المجتمع الواحد مثل الأسباب المتعلقة بالقيم النابعة من الدين الإسلامي، (الأخلاق، العقيدة، التقاليد) إضافة إلى المعلومات المشتركة النابعة من الجماعة المرجعية التي تنتمي لها فئة الأساتذة الجامعيين لقسم العلوم الاجتماعية والتي تشكل خصوصية هذه الجماعة وتميزها (الضمير الجمعي، الضبط الاجتماعي، العلاقات الاجتماعية)، فقد ركزت على الدوافع الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية والسياسية المسببة للامعيارية لدى الشباب الجامعي مع اعتبار أغلب العوامل الاجتماعية والثقافية أسبابا مباشرة في مقابل بقية العوامل الأخرى على أهميتها، كما قامت العينة بإضافة المعاني المتعلقة بالعوامل الروحية والدين والأخلاق و من خلال عملية التوضيع تم إزالة المعاني الزائدة المتعلقة بالصراع الطبقي الذي فسرت من خلاله النظريات الغربية المعاصرة اللامعيارية والذي لا يتلاءم مع الإطار الاجتماعي الخاص بالمجتمع الجزائري في مقابل التركيز على صراع المرجعيات الثقافية والازدواجية الثقافية التي تميز الإطار الثقافي بالمجتمع.
وتعد ظاهرة اللامعيارية بشكلها الراهن وفق الظروف الراهنة شكل جديد في النسق الاجتماعي، غير مألوف لذا عمد أفراد العينة إلى تفسير هذه الظاهرة بردها إلى أشكال الانحراف والأمراض النفسية والاجتماعية كــ (الأنانية، الانحراف العقدي، الانحرافات الأخلاقية، ضعف الشخصية، الخواء الروحي، موت الضمير الجمعي، تضخم الأنا) وهي أنساق معرفية موجودة مسبقا.
ويتم التقبل الاجتماعي لهذه الظاهرة الاجتماعية من خلال عملية الترسيخ، الأمر الذي يتطلب تدعيم الأطر التقليدية للتفكير الاجتماعي المرتبطة بـ” الانحراف الأخلاقي، الجريمة، العنف بأشكاله، الأمراض النفسية (الأنانية، تضخم الأنا، الغرور، ضعف الشخصية) الأمراض الاجتماعية (اللامساواة الاجتماعية، الرشوة، الواسطة، المحسوبية).
كما لاحظنا من خلال نتائج الشبكة الترابطية أن المؤشر الرقابي “مؤشر الحيادية ” في كافة الأبعاد المدروسة يمتاز بالضعف يتأرجح بين [1-،0.62-] أي أنه ينتمي إلى المجال [0.5-،1-] ويفسر هذا الحياد الضعيف النمطية في الاستجابات لدى العينة أي أن أغلب أفراد العينة يعتبرون أنه لا يوجد بالواقع الاجتماعي والثقافي أسباب يمكن اعتبارها محايدة لا تسبب اللامعيارية ويفسر ذلك بجماعة الانتماء لهذه الفئة، ويظهر التأثر بالنظريات الغربية خاصة البنائية الوظيفية التي تعد أقرب النظريات الاجتماعية الغربية إلى الإطار الثقافي الأصلي للمجتمع والتي تفسر الظواهر الاجتماعية من خلال علاقة الترابط والتداخل والتكامل فيما بينها ومن خلال الضمير الجمعي الذي يتكون من القيم والمعايير الاجتماعية التي تؤسس للتوازن الاجتماعي، واعتبار المجتمع نسق كلي يؤدي الاختلال في أحد أبنيته إلى اختلال في كامل النسق يؤثر على الجماعة، كما تفسر أشكال الاختلال والانحراف برده إلى التغير الثقافي المتسارع.
نتائج الاستمارة التمييزية: تمدنا الشبكة الترابطية بالمفاهيم والتقديرات المتعلقة بمضامين ومحتوى التمثل الاجتماعي حول أي موضوع من المواضيع إلا أنها لا تمكننا لوحدها من التعرف على النواة المركزية أو النظام المحيطي، فحسب أبريك فإن محتوى أي تمثل اجتماعي يتكون من عناصر قاعدية تتمثل في عناصر النظام المركزي أو النواة المركزية للتمثل الاجتماعي وتتسم بالثبات والاستقرار وعناصر أخرى تتمثل في عناصر النظام المحيطي وهي التي تجعل التمثل الاجتماعي أكثر مرونة أمام متغيرات الواقع الاجتماعي وانطلاقا من مضمون ومحتوى التمثل الاجتماعي لأسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، وتقاطع مؤشرات القطبية/التكرار/الأهمية، وجدنا أن التمثل الاجتماعي اللامعيارية لدى الشباب الجامعي لدى العينة كما يلي:
(1) : يمثل النواة المركزية والنظام المحيطي والعناصر المتناقضة الخاص بالتمثل الاجتماعي للأستاذ الجامعي حول أسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي
النواة المركزية | النظام المحيطي | العناصر المتناقضة |
|
المصدر :من إعداد الباحثتين بالاعتماد على التحقيق الميداني
- مستوى التحليل النفسي الاجتماعي: بينت نتائج الدراسة وجود علاقة بين المرحلة الانتقالية والتناقض القيمي بالمجتمع الجزائري وبين ظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي ويمكن تفسير ذلك من خلال النقاط الآتية:
– المرحلة الانتقالية التي يشهدها المجتمع الجزائري والتحولات في الميادين السياسية والثقافية والاجتماعية سبب ظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، في حين استبعدت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة من تمثل الأساتذة لاعتبارها نتيجة للتحولات السياسية والثقافية والاجتماعية.
– عجز المنظومة التربوية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام)على إرساء مناعة ثقافية نابعة من الهوية العربية والإسلامية وهو ما سبب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي.
– وجود صراع بين النخب الاجتماعية والسياسية أدخل النخب الأكاديمية في حالة من الإحباط النفسي جعلهم ينسحبون من صناعة المنظومة الثقافية بالمجتمع ما أفقد المجتمع توازنه الثقافي.
-اتجاه النخب السياسية ما بعد الاستقلال إلى التحديث والأخذ بمنطلقات الحضارة الغربية خاصة في النظام التربوي سبب وجود جو ثقافي غير سليم وعجز عند الأجيال الجديدة من الشباب في تمثل مقومات هويتها العربية والإسلامية.
5.مناقشة النتائج في ضوء تساؤلات الدراسة والأدبيات السابقة:
1.5.تفسير ومناقشة نتائج الدراسة في ضوء التساؤل الأول: يشير التساؤل الأول إلى:” كيف يتمثل الأستاذ الجامعي دور المرحلة الانتقالية للمجتمع الجزائري في ظهور اللامعيارية عند الشباب الجامعي؟”
من خلال النتائج التي تم عرضها سابقا يتضح أن هناك اتجاها ايجابيا لدى الأساتذة فيما يتعلق بالعلاقة بين التحولات السياسية والثقافية التي يعيشها المجتمع الجزائري منذ أخذ النخب السياسية بمنطلقات التحديث التي جاءت بقيم ومعايير تتناقض من القيم والمعايير النابعة من الثقافة الأصلية واللامعيارية لدى الشباب الجامعي، وقد بينت نتائج الاستمارة التمييزية أن البند المتعلق بـ “غياب الثقة في صناع القرار” عنصرا مهما ينتمي إلى النظام المحيطي للتمثل.
2.5.مناقشة نتائج الدراسة في ضوء التساؤل الثاني: يشير التساؤل الثاني إلى:” كيف يتمثل الأستاذ الجامعي دور التناقض القيمي في المقررات الدراسية بالجزائر في ظهور اللامعيارية لدى الشباب الجامعي؟”
بينت نتائج هذه الدراسة وجود علاقة بين الناقض القيمي في المقررات الدراسية واللامعيارية لدى الشباب الجامعي حيث بينت التمثلات الاجتماعية للأساتذة الجامعيين وجود تقصير في مؤسسات التنشئة الاجتماعية سواء الأسرة، المدرسة، وسائل الإعلام في التأسيس لمناعة ثقافية تمكن الأجيال الجديدة من إنتاج الأفكار والمعاني والرموز انطلاقا من العناصر القاعدية لهويتهم الثقافية ، في مقابل الاعتماد على منطلقات الحضارة المادية للغرب التي جعلت النظرة النفعية للثقافة تغلب على توجهات الشباب الجامعي وظهور اللامعيارية في سلوكياتهم؛ فقد بينت نتائج الاستمارة التمييزية أن البند المتعلق بـ “وجود تناقض قيمي في المنظومة الاجتماعية والتربوية “يحتل مكانا مركزيا في تمثل الأساتذة الجامعيين.
3.5.تفسير ومناقشة نتائج الدراسة في ضوء الأدبيات السابقة:
- جاءت نتائج الدراسة متفقة مع دراسة تالي جمال (2014): فيما يتعلق بنتائج التغير القيمي لدى الشباب الجامعي حيث بينت أن التحولات الاقتصادية والسياسية بالجزائر علاقة كبيرة بالتغير القيمي لهذه الفئة.
- كما اتفقت نتائج الدراسة مع دراسة تالي جمال (2014): في ما يتعلق بأن القيم الاقتصادية والثقافة المادية صارت تحتل صدارة سلم القيم بين الطلبة الجامعيين ثم تأتي القيم الأسرية تليها الدينية ثم التعليمية وأخيرا السياسية مع تراجع القيم الدينية مقابل القيم الاقتصادية والمادية، كما اتفقت معها في ما يتعلق بوجود علاقة بين التغير القيمي في مؤسسات التنشئة الاجتماعية وظهور العجز لدى الشباب الجامعي، حيث توصلت الدراسة إلى أن التغير القيمي بالمجتمع أدى إلى تغير أساليب التنشئة الاجتماعية خاصة الأسرية فقد تغير تمثل الأسرة الجزائرية لمفهوم التربية وصارت تركز على إشباع الحاجات الأولية دون مراعاة الجوانب الأخرى للشخصية فكان ذلك سببا مهما في ظهور العجز على فهم متغيرات الواقع لدى الشباب الجامعي ، حيث بلغ معامل الارتباط بين المتغيرين 0.51 وهو دال عند مستوى دلالة 0.05، وعليه فقد تحققت الفرضية الجزئية الثانية بشكل ايجابي.
– في حين تختلف هذه الدراسة مع دراسة منى عتيق (2012): في يتعلق بالنتائج التي توصلت لها التي تشير إلى أن الطلبة الجامعيين يقيمون ايجابيا تكيفهم مع عالم الجامعة.
6.موقع الدراسة الحالية من النظرية الاجتماعية: تناولت الدراسة الحالية ظاهرة اللامعيارية التي تباينت حولها الآراء كميا وكيفيا، كما ظهرت العديد من المقاربات لتفسيرها، وقد عالجت الدراسة الحالية هذا الموضوع وفق رؤية متعددة العوامل منهجيا وأمبريقيا، وهذا ما يبرر وقوع هذه الدراسة بين مجالين نفسي واجتماعي، ويتضح هذا جليا من خلال المعالجة النظرية والميدانية وطبيعة التساؤلات التي انطلقت منها محاولة اختبارها، بالاعتماد على منهجية مكنتنا من تحديد أهمية وخطورة هذه الظاهرة على الفرد والمجتمع.
وهذا التوجه يعطي لدراستنا مكانتها ضمن الدراسات الساعية إلى فهم وتشخيص واقع ظواهر اجتماعية في واقعنا الاجتماعي لها تأثيراتها النفسية والاجتماعية، خصوصا مع مختلف التغيرات والتطورات التي عرفتها الميادين العملية والاجتماعية، خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها المجتمعات ومنها الجزائر في انتقالها من التقليدي إلى الحداثي، والتي تجعل الأفراد يمرون بعوالم مختلفة لها تأثيراتها عليهم من خلال ما تحدثه من تغير في المحيط السوسيو- ثقافي الذي يعيشون فيه والتي تعرضهم لضغوطات نفسية واجتماعية متعددة، ولذا فالهدف من هذه المحاولات هو تحديد الانعكاسات والتبادلات التي حدثت على مستوى المتمثلات الاجتماعية للامعيارية.
- القضايا التي أثارتها الدراسة الراهنة: نظرا للجدل الذي تطرحه هذه ظاهرة اللامعيارية لدى الأجيال الجديدة ومنهم الشاب الجامعيين وما تعكسه من تغيرات سوسيو-ثقافية بالمجتمعات المعاصرة خاصة منها النامية (الجزائر)، وانعكاساتها السياسية، الاجتماعية، الثقافية والاقتصادية، وتأثيرها على الذهنيات ومنه السلوكيات كما هو قائم اليوم، ارتأينا طرح التساؤلات الآتية التي نعتقد أنها تشكل منطلقات لدراسات ميدانية أخرى وتتمحور هذه التساؤلات في:
- كيف يحكم الشباب الجامعي على اللامعيارية وما مفهومه لها؟
- كيف يتمثل الشباب الجامعي وسائل تحقيق النجاح الاجتماعي بالجزائر؟
- ما هي انعكاسات اللامعيارية عند الشباب الجامعي على التنمية الاجتماعية بالجزائر؟
- كيف يتمثل الشباب الجامعي دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في التأسيس لمناعة ثقافية لدى الأجيال الجديدة؟
- كيف أثرت المرحلة الانتقالية للمجتمع الجزائري على المنطلقات الثقافية لتنشئة الاجتماعية بالمجتمع الجزائري؟
- ما هي انعكاسات الصراع بين النخب الاجتماعية والسياسية على السلوك الثقافي للشباب الجامعي بالجزائر؟
خلاصة :
يمكن القول أن دراسة التمثلات الاجتماعية للأساتذة الجامعيين باعتبارهم النخبة الاجتماعية والأكاديمية المسؤولة بالدرجة الأولى عن إيجاد التوازن الثقافي، والجو الثقافي السليم بالمجتمع من جهة وباعتبارها الأكثر اتصالا بالشباب الجامعي حول أسباب اللامعيارية لدى الشباب الجامعي، ومحاولتنا التعمق في فهم المتغيرات المرتبطة بهذه الفئة من جهة والمتعلقة بالإطار الاجتماعي والثقافي بالمجتمع كما تبينه تمثلاتها، ساهم إلى حد كبير في معرفة العديد من الحقائق حول الأسباب والمتغيرات السوسيولوجية والثقافية التي تفسر الظاهرة البحثية.
توصيات الدراسة: انطلاقا من النتائج المتوصل لها بالدراسة وضعت الدراسة التوصيات الآتية:
- إعادة الاعتبار للطالب الجامعي بالمجتمع من خلال تنمية قيمه المجتمعية لإشراكه في خدمة المجتمع.
- الاعتناء بتطوير استراتيجية تربوية جديدة تعيد إنتاج قيم مجتمعية ايجابية تجاه القيم والمعايير الاجتماعية لدى الأجيال الجديدة.
- إعادة الاعتبار لمكانة الأستاذ الجامعي كنخبة وقوة فكرية قادرة على التأسيس لمشروع مجتمعي يثمن القوة البشرية للأجيال الجديدة ويدفع بها للخروج من انسحابيتها والمساهمة في التنمية المجتمعية.
- إعادة تشكيل تمثل الشباب الجامعي لدوره المجتمعي وتعزيز ثقته بذاته كفاعل اجتماعي حقيقي يصنع الواقع الاجتماعي وليس الواقع من يصنعه.
قائمة المراجع:
- أحمد السيد، سميرة،”مصطلحات علم الاجتماع”، ط1، السعودية: مكتبة الشقري، 1997.
- بزاز، عبد الكريم، علم اجتماع بيار بورديو، دراسة لنيل شهادة دكتوراه العلوم، علم الاجتماع والديمغرافيا، قسنطينة: جامعة منتوري قسنطينة، 2006.
- بن ملوكة، شهيناز، “التمثلات الاجتماعية للمعرفة المدرسية لدى التلاميذ الذين تظهر لديهم أعراض الانقطاع عن الدراسة”، أطروحة دكتوراه، قسم علم النفس وعلوم التربية والارطوفونيا، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران، 2014
- تالي، جمال، “التغير القيمي ومظاهر الاغتراب في الوسط الجامعي، أطروحة دكتوراه علوم في علم الاجتماع: دراسة ميدانية بجامعة محمد بوضياف. المسيلة”، بسكرة: جامعة محمد خيضر، 2014.
- خلايفية، نصيرة، “التصورات الاجتماعية لدور المدرسة عند الأحداث المنحرفين”، أطروحة دكتوراه علوم فرع علم النفس الاجتماعي، قسنطينة: جامعة منتوري، 2011.
- دراسة تضع الجزائر الأولى مغاربيا في انتشار ظاهرة العنف المدرسي، تم الاسترجاع من موقع ثانوية الجزائر،على الرابط : http://lyceedz.blogspot.com/2012/11/blog-post_6799.html
- سالم، محمد، “مقدمة في علم النفس الاجتماعي”، ط1، دار قرطبة للنشر والتوزيع، الجزائر: المحمدية، 2007.
- السويدي، محمد، “مقدمة في دراسة المجتمع الجزائري: تحليل سوسيولوجي لأهم مظاهر التغير في المجتمع الجزائري المعاصر”، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، د.ت
- السيد، طارق ، حافظ، أنوار، “المشكلات الاجتماعية في المجتمع المعاصر_ مشكلات السكان، تلوث البيئة، التطرف، الإدمان، البطالة” ، الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة، 2009.
- عبد اللطيف محمد خليفة، دراسات سيكولوجية الاغتراب، القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر، 2003.
- عتيــــق، منى، “الطلبة الجامعيون: تصوراتهم للمستقبل وعلاقتهم بالمعرفة”، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم تخصص علم النفس التربوي: دراسة ميدانية بجامعة باجي مختار. عنابة، جامعــة قسنطينـــة 2، 2012.
- عصام توفيق قمر وآخرون، المشكلات الاجتماعية المعاصرة _ مدخل نظرية، تجارب عربية، أساليب المواجهة، ط1، الأردن: دار الفكر ناشرون و موزعون،2008.
- فرويد وآخرون، “سيكولوجية العدوان: بحوث في ديناميكية العدوان لدى الفرد، الجماعة، الدولة”، ت/ عبد الكريم ناصيف، ط1، عمان: دار منارات للنشر، 1986.
- لشطر، ربيعة، “التصورات الاجتماعية لأطفال الشوارع. مدينة عنابة نموذجا”، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير في علم النفس الاجتماعي، سكيكدة: جامعة 20 أوت 55، 2008.
- لطفي محمد عبد الله، نبوية، “مفهوم الذات لدى الأطفال المحرومين من الأم، دراسة مقارنة”، رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في دراسات الطفولة ضمن الدراسات النفسية الاجتماعية، مصر: جامعة عين شمس، 2000.
- مجتبياللاري، دراسة في المشاكل النفسية والأخلاقية، ط1، بيروت: دار الصفوة، 1992.
- ممثلوا النقابات وآخرون، المدارس لم تعد آمنة، 2015.09.26، تم الاسترجاع من موقع الشروق أنلاين على الرابط:
https://www.echoroukonline.com/%E2%80%AD-%E2%80%ACالمدارس-لم-تعد-آمنة%E2%80%AE%E2%80%AC
- مناح، رفيق، “تحليل سوسيولوجي لديناميكية التشغيل بإقليم تبسة. دراسة ميدانية حول التمثلات الاجتماعية للمسجلين بالوكالة الولائية للتشغيل”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير شعبة سوسيولوجيا الديناميكية الاجتماعية والتنمية الإقليمية، عنابة: جامعة باجي مختار، 2009.
- هارمان، جاك، “خطابات في علم الاجتماع: في النظرية الاجتماعية”، ت/العياشي عنصر، ط1، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، 2010.
- هدهود، حورية، “الاغتراب النفسي وعلاقته بالتوافق النفسي الاجتماعي لدى المراهق الجانح”، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير، تخصص علم النفس، فرع علم النفس الجنائي، جامعة المسيلة، 2012.
[1]أحمد السيد، سميرة ،”مصطلحات علم الاجتماع”، ط1، السعودية: مكتبة الشقري،1997، ص35.
[2]مناح، رفيق ،”تحليل سوسيولوجي لديناميكية التشغيل بإقليم تبسة. دراسة ميدانية حول التمثلات الاجتماعية للمسجلين بالوكالة الولائية للتشغيل”، مذكرة لنيل شهادة الماجستير شعبة سوسيولوجيا الديناميكية الاجتماعية والتنمية الإقليمية، عنابة: جامعة باجي مختار، 2009، ص19.
[3]بن ملوكة، شهيناز، “التمثلات الاجتماعية للمعرفة المدرسية لدى التلاميذ الذين تظهر لديهم أعراض الانقطاع عن الدراسة”، أطروحة دكتوراه، قسم علم النفس وعلوم التربية والارطوفونيا، كلية العلوم الاجتماعية، جامعة وهران، 2014، ص20.
[4]بزاز، عبد الكريم، علم اجتماع بيار بورديو، دراسة لنيل شهادة دكتوراه العلوم، علم الاجتماع والديموغرافيا، قسنطينة: جامعة منتوري، 2006، ص11-54.
[5]خلايفية، نصيرة، “التصورات الاجتماعية لدور المدرسة عند الأحداث المنحرفين”، أطروحة دكتوراه علوم فرع علم النفس الاجتماعي، قسنطينة: جامعة منتوري، 2011، ص48-50.
[6]سالم، محمد، “مقدمة في علم النفس الاجتماعي”، ط1، دار قرطبة للنشر و التوزيع، الجزائر: المحمدية، 2007، ص96-98.
[8]هارمان، جاك، “خطابات في علم الاجتماع: في النظرية الاجتماعية”، تر: العياشي عنصر، ط1، عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، 2010، ص79.
[9]عبد اللطيف محمد خليفة، دراسات سيكولوجية الاغتراب، القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر، 2003، ص38.
[10]لطفي محمد عبد الله، نبوية، “مفهوم الذات لدى الأطفال المحرومين من الأم، دراسة مقارنة”، رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في دراسات الطفولة ضمن الدراسات النفسية الاجتماعية، مصر: جامعة عين شمس، 2000، ص57.
[11]فرويد وآخرون، “سيكولوجية العدوان: بحوث في ديناميكية العدوان لدى الفرد، الجماعة، الدولة”، تر: عبد الكريم ناصيف، ط1، عمان: دار منارات للنشر.1986، ص109.
[12]هدهود، حورية، “الاغتراب النفسي وعلاقته بالتوافق النفسي الاجتماعي لدى المراهق الجانح”، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير، تخصص علم النفس، فرع علم النفس الجنائي، جامعة المسيلة، 2012، ص55، 56.
[13]السويدي، محمد، “مقدمة في دراسة المجتمع الجزائري: تحليل سوسيولوجي لأهم مظاهر التغير في المجتمع الجزائري المعاصر”، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، د.ت، ص89.
[14]مجتبياللاري، دراسة في المشاكل النفسية والأخلاقية، ط1، بيروت: دار الصفوة، 1992، ص105.
[15]عصام توفيق قمر وآخرون، المشكلات الاجتماعية المعاصرة _ مدخل نظرية، تجارب عربية، أساليب المواجهة، ط1، الأردن: دار الفكر ناشرون و موزعون،2008، 57.
[16]السيد، طارق، حافظ، أنوار، “المشكلات الاجتماعية في المجتمع المعاصر_ مشكلات السكان، تلوث البيئة، التطرف، الإدمان، البطالة”، الإسكندرية: مؤسسة شباب الجامعة، 2009، ص42.
[17]عتيــــق، منى، “الطلبة الجامعيون: تصوراتهم للمستقبل وعلاقتهم بالمعرفة”، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه العلوم تخصص علم النفس التربوي: دراسة ميدانية بجامعة باجي مختار. عنابة، جامعــة قسنطينـــة 2، 2012.
[18]تالي، جمال، “التغير القيمي ومظاهر الاغتراب في الوسط الجامعي، أطروحة دكتوراه علوم في علم الاجتماع: دراسة ميدانية بجامعة محمد بوضياف، المسيلة”، بسكرة: جامعة محمد خيضر، 2014.
[19]دراسة تضع الجزائر الأولى مغاربيا في انتشار ظاهرة العنف المدرسي، تم الاسترجاع من موقع ثانوية الجزائر، على الرابط:
http://lyceedz.blogspot.com/2012/11/blog-post_6799.html
[20]ممثلوا النقابات وآخرون، المدارس لم تعد آمنة، 2015.09.26 تم الاسترجاع من موقع الشروق أنلاين على الرابط:
https://www.echoroukonline.com/%E2%80%AD-%E2%80%ACالمدارس-لم-تعد-آمنة%E2%80%AE%E2%80%AC
[21]لشطر، ربيعة ، “التصورات الاجتماعية لأطفال الشوارع. مدينة عنابة نموذجا”، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماجستير في علم النفس الاجتماعي، سكيكدة: جامعة 20 أوت 55، 2008، ص118-128.
[22] المرجع نفسه، ص128.