
الأمراض الاجتماعية في البلاد التونسية في الفترة الحديثة :
الصراع بين الساحل و الداخل ( المركز و التخوم )
د. عبد القادر سوداني/جامعة صفاقس ، تونس
مقال منشور في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 45 الصفحة 117.
ملخص:
كشفت الصراعات الدامية التي اندلعت بين العروش عقب الأحداث التي عرفتها البلاد التونسية في نهاية 2010 و بداية 2011 عن الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تخفت حينا لتظهر أحيانا أخرى، فقد أدى ارتفاع منسوب الحرية في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي إلى تجلي ذلك العداء بين المكونات السكانية، ومن بينها ذلك الصراع المناطقي بين الساحل والداخل والذي عبّر عن حجم التناقضات الاجتماعية لسكان البلاد التونسية، هذه التناقضات ذات أبعاد حضارية ومعيشية، والتي ألقت بتداعياتها على بناء السلطة وتوزيع الثروة وكذلك مسألة الانتماء إلى وطن جامع. لذلك وللإحاطة بهذه المسالة ارتأينا العودة إلى جذور هذه القضية خلال القرن 19، هذا القرن الذي حدد الملامح الكبرى للتراتبية الاجتماعية لصالح العناصر البلدية والساحلية والتي استحوذت على السلطة و الثروة.
الكلمات المفتاحية : السلطة، المجتمع، الصراعات الاجتماعية، الثروة.
مقدمة:
بفضل الثورة أصبحت البلاد التونسية مكان مشترك للإنسانية قاطبة جراء تشابه هموم البشرية ووحدة التطلعات، وقد أكدت الثورة على أن الإنسان البسيط الذي غبن حقه ردحا من الزمن قد استعاد قدرة الفعل والتغيير. باندلاع الثورة في تونس سقطت أصنام مثلت حجابا أمام قيم كونية كالحرية والعدالة، وعاد المؤرخون إلى الاهتمام بالأنا الآخر ذلك الفاعل المهمّش الذي اسقط من متون الباحثين.
لا مندوحة أن التاريخ الرسمي في تونس عكس رؤية لفيف السلطة والنخبة العالمة ، في المقابل حضر أصحاب الهيعات والثورات حضورا باهتا سلبيا في الفكر السياسي، ولم يفصح الخارجين عن الركب السلطاني عن روايتهم لأحداث التاريخ في تونس .
بقي حضور البدو في الذاكرة الرسمية صنو الأعراب الجفاة الهمج المدبرين عن الحضارة، وكان هذا الحكم القيمي وليد ذهنية مترسبة تحقّر من شأن البدو، وتمظهرت من خلال تناقضات هيكلية شقت الأركيولوجيا الإجتماعية كالانطواء والتماثل والانتماء والإقصاء والأصيل والدخيل، وكلها مفارقات ساهمت الرابطة السياسية للحسينيين في شحذها .
طفت على السطح في الفترة الأخيرة ( بعد 2011) جملة من الأمراض الاجتماعية التي تجسدت من خلال الانشقاقات بين التكوينيات الاجتماعية و التي أبانت عن حجم الانقطاعات بين سكان البلاد في تونس وقد حجبت حينا من الزمن بفضل سطوة المركز لكن ما إن تراخت قبضة السلطة حتى عادات تلك الفواصل السكانية إلى البروز فبات المجتمع أشبه بكنتونات ذات خلفيات حضارية متمايزة، و لعل ذلك العداء بين سكان الساحل والداخل كان أبرز مثال على الاختلافات العميقة بين مكونات المجتمع، لذلك كان حريا بنا البحث عن أسباب ومنطلقات هذه الأزمات الاجتماعية من خلال الرجوع إلى الفترة الحديثة التي عرفت تدفق موجات هجرية ذات خلفيات إثنية و حضارية متنوعة مما خلق فجوات تكوينية بين الأطياف الاجتماعية ما انفك يتزايد بتواصل مبررات وجود هذه الفجوات.
إن تغييب إشكالية الاختلاف الهيكلي العميق بين الفئات الدخيلة في الساحل والعناصر الأصيلة في داخل البلاد، كما أن عدم الإتيان على أمرها من قبل الباحثين لا يعني نفيها من الواقع المعاش، لأن السلطة الحسينية ركنت في تحالفاتها إلى عناصر مستجلبة من خارج البلاد، كما أن المخزن قد طوّق نفسه بحزام بشري من أهل الساحل خصوصا، في حين بقيت القبيلة على هامش الفعل التاريخي وقد تواصل هذا الأمر حتى بعد بناء الدولة الوطنية .
سنسعى في هذا العمل إلى البحث في جذور الأفكار المتراكمة في طبقات ذهنية ” الخاصة ” وتباين تعامل الطغمة الحاكمة مع” العوام ” وخاصة تعامل البايليك مع احتجاجات دواخل البلاد واختلاف حيثيات تمايز الساحل عن الداخل وإستراتيجيات السلطة في التعامل مع كلا الجانبين.
- الإبادة الحضارية للبدو
عاصر البدو في تونس مختلف السلالات الحاكمة و رغم ذلك شهدنا تعايشا ولو مضطربا بين المركز والأطراف، لكن ذلك لم يمنع إطلاق فيضا من الخطابات التيولوجية المحقّرة للبدو والتي تخلط عمدا بين العقدي و الابستمولوجي والمعاشي .
وقع حشر المرجعية الدينية من أجل تحديد التراتبية داخل المجتمع التونسي، فتم تجميع العوام داخل سلة بشرية واحدة، فباتوا رديف الهمج والتوحش والمروق عن تعاليم الدين، فالدين الإسلامي وسم الأعراب بالكفر والنفاق مما أعطى المشروعية للفتك بهم من قبل أولي الأمر، جردت سهام الدين ضد البدو لذلك أقتطع من الفيلولوجيا الدينية زخما من الاستدلالات التي تجزم أن البدوي متروك اجتماعيا. في مقابل ذلك وقع تغييب بعض المرجعيات التراثية التي تحض على وجوب الحكم الرشيد مثل ” شر الرعاء الحطمة ” وهو من يكون عنيفا في رعيه للإبل، كما وقع التشديد على الآيات ذات الدلالة المعيارية في شان دونية الأعراب وعدم دخول الإيمان إلى قلوبهم. في هذا السياق أفتى بعض علماء المالكية بان المرأة التونسية (البلدية) يحرم عليها الخروج إلى مدن أخرى لان في خروجها معرة[1] (خوالدية الضاوي،2008 ، 104) فلا مشاحة والحالة تلك أن يفتك به السياسي ويؤبده في أدنى المرفولوجيا الاجتماعية . هذا التراث الديني عمّق من ذلك التمايز بين الحضر والمدر حسب التقسيم الخلدوني للمجتمع، و الذي طبع أغلب الحقب التاريخية للمشرق ومن بينهم تاريخ البلاد التونسية وخاصة في العهد العثماني. فالوحدة الدينية المزعومة بين عموم سكان الإمبراطورية لم تستطع تجاوز المشكلات النوعية على صعيد الشعب التركي والأخر العربي[2](الطيب التزيني، 49). فمعلوم أن الأتراك ومن والاهم من العناصر السكانية المستنبتة في الإيالة شكّلوا ما يسمى “بالبلدية ” و الذين مثّلوا العصب الرئيس في أجهزة السلطة و استحوذوا على القسط الأكبر من الثروة، في مقابل ذلك بقي البدو قاعا اجتماعيا دافعا للجباية .
لا يملك البدوي – و هو يئن في صمت تحت نير السلطة – غير الإيمان أن السماء قدرت سياسة الحكام الذين يلونهم، فيكل الأعراب أمرهم إلى من يتسنم السلطة دون المخاطرة أو الإقدام على تدويل القبيلة ، لذلك لم يتوثب البدو على السلطة. كان هذا السلوك السوسيولوجي وليد تراث ثقافي تم صقله على مر الأجيال، وقد لعبت الزمرة العالمة الذات الحمالة لهذا المعطى الذهني المترسب، فقد أشاعت الانتلجنسيا الرسمية أن البدوي بعيد عن تشرب الروح النظامية، وأن الملك العات كفيل بالانتقال من طور المجتمع الوحشي إلى المجتمع المدجن عبر ضرب تنطع الجماعات البدوية، فمن المعروف أن الأنظمة الديكتاتورية في كل العصور تكتفي عادة بالصلاحية العملية و الفعالية والاجرائية دون أن تلقي بالا لشروط استبطان واجب الطاعة من قبل البشر و أساليبه فسواء أطاعوها عن طيبة خاطر أم لا فهذا لا يهمها[3] (محمد أركون،،91 ) .
نجح التاريخ الرسمي في خلق ذهنية إلتباسية تجاه سكان التخوم القصية المختلفين في معاشهم عن لفيف السلطة، ففقدت الحياة البدوية احترامها الاجتماعي و قوتها الحربية و بات العالم البدوي رديف التخلف ، العامة هم رعاع سفلة يؤمرون و لا رأي لهم و لا صوت[4] (رياض المرزوقي،1978، 46 ) .
كرّس التاريخ السلطاني ذلك القالب النمطي حول العربان و تجسمت هذه الذهنية إلى موجود اجتماعي و سياسي، ذلك أن السلطة السياسية ومن تعلق بركابها قد مارست استحقاقاتها وفق قاعدة الاخصاء السياسي للذات القبلية و إقصاء القبلي عن دائرة النفوذ الفعلي في القرار السلطوي، فلم يشهد التاريخ الحديث للمغارب – وخاصة في تونس – بروز زعامات سياسية بدوية أو أن قبيلة ما تمكنت من الإستحواذ على السلطة، مما يعني إقصاء سكان الدواخل من الدائرة الأولى للحكم .
لم تنتج النظم الاستبدادية أفكارا بل ركنت في عمومها إلى الأنماط والسلوكيات وطغت العقلية الكليانية على وشائجها، وقد تعددت العلامات الدالة على احتقار السلطة المركزية للبدو، فعند خروج سفن القرصنة كان الأتراك مجهزين بالثياب والطعام و سيفا ومسدسا في حين كان الأعرابي لا يملك غير برنس هو ثيابه وغطاءه بل دون سلاح ويقتصر نشاطهم على التجديف[5] Courtinant,R.2008,92 )). أما الافاقيون الذين وفدوا من دواخل البلاد والذين استوطنوا حول المدن في إشارة إلى تدنيهم عن البلدية[6] ben Salem ,Lilia.1984 ,16 ) )
خلقت هذه السياسة جفوة بين الحاكم و المحكوم و فجوة بين أعلى الهرم الاجتماعي و قاعه. وقع فرز التشكيلات الاجتماعية إلى شقين جمهور الطائعين وعماده سكان المدن وذوي الطاعة الممرضة من البدو، ويعكس هذا التصاف تلك الثنائية التي طبعت تاريخ البلاد التونسية وهي ثنائية الأصيل والدخيل، فقد خيرت الفئات الأصيلة والمتبدية الانزواء في دواخل البلاد حيث الطبوغرافيا العصية من الجبال و الصحاري التي تسمح لهم بهامش من الاستقلالية [7] (محمد نجيب بوطالب،،115) ، وتركت الحزام الساحلي حيث السهول والانبساط إلى العناصر الوافدة والمستجلبة من خارج البلاد .
أعلى الأتراك في تونس من قيمة المدينة و ضربوا القبيلة، و بقيت دواخل البلاد خاضعة لأحكام المنتصر و من فتحها عنوة، و قد يقول قائل إن في ” المخزنة ” تسفيها لهذا الزعم، ولكن هذه السياسة لم تتجاوز حسابات المنفعة التي قد يغنمها هذا الجانب أو ذاك، ولم تصل إلى طور الالتحام الهيكلي بين البلاط والقبيلة، فقبيلة الهمامة وهي قبيلة ديوان كانت كثيرا ما تعلن تمردها في وجه البلاط فشاركت في أغلب الاحتجاجات الاجتماعية، فالتغالب وحسابات المنفعة كانت من العوامل المحددة لعلاقات المركز بالتخوم .
في سنة 1735 هاجمت الهمامة الباي حسين بن علي ثم نشطت بشكل حثيث في تمرد 1864 قبل أن تجد سبيلا للتسوية مع الوزير مصطفى خزندار وتلتحق بمناصري البايليك، وتواصل صدام هذه القبيلة (المخزنية) مع أجهزة السلطة حتى بداية العصر الكولينالي[8] (حفناوي عمايرية،1996،21 ) ، مما يكشف ضعف تحالفات السلطة السياسية باعتبار أن الهمامة كانت من القبائل الديوان أي الأكثر تحالفا مع المركز.
فطوال الفترة الحسينية عرفت تونس نوعا من الفصام المعلن بين الطغمة الحاكمة وبين الجماعات البشرية في النواحي الغربية و الجنوبية للإيالة، فخريطة تحالفات المركز كانت متماهية مع التوزع الإثني للسكان. فمنطقة الساحل و الشمال الشرقي للإيالة كانت مجالا لاستيطان المماليك والأتراك والأندلسيين والغرابة وكانت هذه العناصر منطقة داعمة للمركز في مقابل استئثارها بالعمل في أجهزة السلطة .
فقدت السلطة الحسينية جاذبية الفعل وقوة القيادة فتم التعويل على اصطناع زمر اجتماعية يربطها مبدأ التخاوف والتغالب، و لبثت السلطة المركزية بعيدة عن واقع السكان لاستناد كيانها إلى مماليك غرباء طارئين مما أدى لضعف الوشائج العضوية للبناء الاجتماعي، وحبا البلاط الفئات الدخيلة بالتجلة الاجتماعية، فقد حددت “فالنسي” التراتبية الاجتماعية كالآتي الأتراك ثم الكورغلية ثم الأندلسيون ثم المماليك ثم أبناء البلاد ثم اليهود[9] (فالنسي لوسات،1994،36-37 ) ، وخلال القرن 19 تراجع دور الأتراك لصالح المماليك الذين تبؤوا رأس الهرم الاجتماعي، وقد كشفت المحلات الموسمية للبايليك باعتبارها فسطاطا اجتماعيا متنقلا عن ذلك التمايز بين التكوينيات الاجتماعية، فأثناء تجوال المحلة سريعا ما تحدث المناوشات بين عناصرها ويتصافون حسب الانتماء الاثني، حتى بتنا أمام كونتنات اجتماعية متمايزة يعمل الجهاز السياسي على الفصل بينها، والتحالف مع الفئات الوافدة التي تركزت أساسا في الشريط الساحلي، فبعد هزيمة حسين بن علي ضد علي باشا سنة 1735 وجه ابنه محمد باي إلى بلدان الساحل لأجل مساعدته على استعادة ملكه، و لم يطلب دعم القبائل ليقينه بضبابية ولائهم [10] (الفونس روس، ،183 ) ، في مقابل بقاء دواخل البلاد مجرد خزان بشري للأجناد زمن الحرب ومناطق تقتطع منها الضرائب .
استنبتت السلطة الفئات الوافدة في الساحل [11] (احمد الجدي،1998،8 ) ، وتمتع المماليك والأتراك بامتيازات رفقة السلطان وخدمته وغنموا لقاء ذلك العطاءات المادية، وشكّل غلاة القصر من الأتراك والمماليك جبهة تمنع الانفتاح على سكان الدواخل، فاختصت نخبة المدن – من الأتراك و الكروغلية – بالعلم واحتكر المماليك الوظائف الإدارية والعسكرية، ولبث أعيان الدواخل مجرد جسر جباية ومراقبة.
خلال النصف الثاني من القرن 19، و لما رامت السلطة القيام بإصلاحات استبدلت الأجناد القبلية بجيش نظامي من أبناء الساحل والحاضرة أساسا فكسرت تلك الرابطة التقليدية التي تربط القبيلة بالسلطة الحسينية، وخلال هذا الطور” الإصلاحي” رفض أعيان الساحل أن يطبق عليهم القانون مثل العوام، و وقع تغييب كلي لسكان الدواخل في المجلس الأعلى الذي هيمن عليه المماليك .
لم يقم نظام الحكم بالفهم الأصيل لطبيعة البناء الاجتماعي و ذهنية جموع الناس، وغاب عن البلاط ذلك الفكر الإنسيابي القمين باحتواء الاستياء الشعبي لأن الرعية لم تلمس في الحكم المركزي سوى الجانب العنيف، فكان الصدام بين دواخل البلاد و بين البلاط الحسيني أمرا لا محيص عنه .
- السلطة المركزية وتكريس الإقصاء الاجتماعي
توالدت عن السلطة كل الرسائل و الرموز المفعمة بالقوة ولبثت علاقاتها بالمجموعات القبلية رهينة لعبة التسالم والتغالب واستخدام الموارد في الخطط الاحترابية، وكان من الحتمي أن تنخرط دواخل البلاد في الحركات الاحتجاجية وأن تنحو نحو المسلك العنفي في الدفاع عن هويتها وأن تدفع بغي الحكام وأعوانهم لا سيما بارونات الجباية، فقد مثلت الضرائب الداخلية 75,56 % من جملة موارد البايليك ثم تراجعت سنة 1813 إلى 66,16% ثم عاودت الارتفاع إلى 87,1 %. تحملت الدواخل الوزر الأكبر من القيمة الضريبية، ولم يراع البايليك في تحديدها الفاقة والأزمات الدورية التي تعصف بالبدو أساسا، بل وقع هيكلة الضرائب وفق الولاء السياسي، فبين 1705 و1824 أكثر المجموعات عرضة للردع هي قبيلة ماجر[12] (جمال بن طاهر،1995،119 ) .
تبعا لذلك لم يجد سكان الدواخل غضاضة في رفع راية العصيان أمام حكام المركز، فعند التجاء علي باشا إلى وسلات في فيفري 1728 كتب الباي إليهم يحذرهم شر الفتنة و يرغبهم خير الصلح على أن يسلموا إليه ابن أخيه، اعتمد الباي على تقنية المخاتلة في حسم أمر الثائرين لكن الكثير من القبائل ارتأت نصرة المتغلب الجديد، فعندما حاول علي باشا تمتين تواصله مع دواخل البلاد وسلك سياسة تعلي من شان القبائل كان هذا الإجراء احد الأسباب التي أدت إلى تفتيت حكمه وخذلان الأتراك له سنة 1756، وعند تعيينه إمامة جامع الزيتونة فقيها من الكاف مما اثار استياء أشراف مدينة تونس[13] (فاطمة بن سليمان،2009،202) ، لتنقسم البلاد إلى جمهور السلطة و عصبها من الأتراك والمماليك و سكان الساحل و في الجانب المقابل شيعة علي باشا الذي عول على القبائل لتقوم بدعوته .
عبرت نصرة أغلب القبائل لعلي باشا عن مدى الحيف الذي مارسه المخزن تجاه سكان الدواخل، كما كشفت الفتنة الباشية الحسينية عن تعارض إستراتيجيات الفاعلين في البلاط ففي حين كان حسين بن علي يميل إلى العناصر الدخيلة كان علي باشا يعتمد على القبائل كأحد رافعات الحكم، و معلوم أن نشوء الباشا في دواخل البلاد ( جهة الكاف) ثم اضطلاعه بباي الأمحال جعلته يدرك أهمية القبيلة في بناء السلطة و عمل أجهزتها، وهذا ما قد يفسّر كذلك اصطفاف البلدية وراء حسين بن علي باعتباره ممثل الارستقراطية الحضرية التي عوّل عليها منذ توليه الحكم سنة 1705 خاصة أن سكان الدواخل لم يأبهوا كثيرا بصراعاته من أجل الاستحواذ على الحكم، لذلك مثلّت الفتنة الباشية الحسينية صراعا بين سكان الساحل والداخل .
في فترة لاحقة ساندت القبائل إسماعيل بن يونس في ثورته سنة 1759، فبعد فشل وساطة الفقيه أحمد الاصرم القيرواني رسول علي باي وتهديد الغوغاء له، انظم إلى الثائر أولاد سعيد والسواسي والمخازنية وأولاد مناع علاوة على ماجر وأولاد عيار، و قد التجأت السلطة أمام انتصارات الثائرين واتساع أنصار الثائر من القبائل الغربية إلى استعمال المدافع و إفساد الزرع و رهن الشيوخ والاستنجاد بمحمد بن سلطان شيخ الحنانشة لوأد هذه الثورة سنة 1762. وغني عن البيان أن دعم إسماعيل بن يونس مثّل مواصلة لرغبة الدواخل في الإنعتاق من غلواء الأتراك .
فشل إسماعيل بن يونس في الانقضاض على الحكم و لكنه بين مدى الشرخ الذي يفصل الرابطة السياسية عن القاعدة القبلية، وقد تعاملت السلطة بكل قسوة مع الثائرين، إذ قابلتهم بالمدافع وتعرضت مرابض القبائل التي آزرت إسماعيل بن يونس إلى النهب وامتدت الأيدي إلى الحرم وسلطت عليهم الخطايا واستعمل الأسرى في الأعمال الشاقة، أما في الساحل – فإذا استثنينا جمال التي تعرضت إلى النهب و السلب – فحتى القرى و تخوم المدن التي تشيعت للثائر لم تتعرض إلى الزجر العنيف، فالمثاليث رهن بعض أعيانهم حتى يعودوا إلى الطاعة أما بقية عروش الساحل فقد صودرت مكاحلهم.
يظهر الجانب العنفي للسلطة تجاه سكان الدواخل كذلك سنة 1795 أثناء ثورة عرش أولاد مساهل بقيادة حامد بن شريفة وهو من عائلة مرابطة مخزنية ورفض الأعيان دفع الخطايا التي سلطها عليهم حمودة باشا عقب صراعهم مع الهمامة والفراشيش، فبعث لهم الباي بخمس مائة جندي انكشاري مجهزين بالأسلحة النارية لقمع هذه الحركة، وتمكن الكاهية رجب بونمرة من القبض على رأس الثورة وأوثقه كتافا وطاف به في الحاضرة مجردا من الثياب و قال للباي ” يا سيدي عريبي من أجلاف البادية جن و أتى به سعدك و هو الآن في محبس باردو” [14] (احمد ابن أبي الضياف،1979،49 )، ثم عاود محمد بن عمار الفرجاني ثورة ثانية سنة 1812 انتهت بفراره نحو الجزائر و قمع أولاد مساهل و تشتيت بعضهم.
أبان خطاب السلطة عن تلك الذهنية الاستعلائية للفيف الحضري و التي ترى في البدو أجلاف و شذاذ أفاق مساعير الحروب و مواقيد الفتن…..، كما شاع بين الترك ذلك المثل القائل ” العربي خذ ماله و إقطع رأسه ” ، و لبثت كلمة ” عرب” صنوا لكل ما هو سلوك همجي في امتداد للتحقير الذي تعرض له سكان الداخل / العرب من قبل لفيف السلطة.
و قد بان العسف في منطوق أعوان السلطة [15] (أرشيف وطني تونسي، 1850 ) ، الذي يعكس ذهنية ترى في “شذاذ الأفاق ” كمّا بشريا يكفل الاستجابة لنزعات السلطة و لفيفها، وتم ربط الاحتجاج وليد الاحتياج بالفعل البربري الموجب للزجر العنيف.
قد تبدو انتفاضة 1864 أوضح بيان على إشكالية الساحل والداخل و المفارقات الأصيلة التي تفصل الطغمة الحاكمة عن السكان، فقد انطلقت إرهاصات الثورة منذ 1861 عندما رفض سكان الجريد دفع المجبى ثم رضخوا قسرا تحت عنف المحلة، ثم أحجم سكان جبال خمير سنة 1862 عن الاستجابة للعسف الضريبي فلم يجد الباي غضاضة في الاستنجاد بفرقة من الجند الفرنسيين لجبر الأهالي على دفع الضرائب، لتأخذ الانتفاضة أبعادها الشاملة سنة 1864 عندما قام علي بن غذاهم بتاطيرها والإشراف على هيكلتها و مطلبيتها، و ما يجدر تسجيله في هذه الحركة هي المشاركة النشطة لأهل الساحل، رغم أن بعض المجالات الساحلية امتنعت عن الالتحاق بركب الثائرين، ففي أكتوبر 1864 دامت الحرب بين سكان القلعة الكبيرة و متمردي الساحل 6 ساعات بيد أن المدينة أبت الالتحاق بالحركة الاحتجاجية .
انخرط أعيان الساحل في الحركة الاحتجاجية لسنة 1864 لان ” الإصلاحات ” أردتهم خارج الفعل السياسي و أفقدتهم امتيازاتهم الاقتصادية التي ألفوها، و لم يقبل أهالي سوسة على مساندة المنتفضين إلا بعد قدوم الدهماني البوجي من مساكن و تيقن برجوازية الساحل أنها باتت تحت وطأة العامة و كذا رغبتهم في الحد من تغول المماليك الذين قطعوا أمامهم سبل الترقي الإداري و المالي [16]( Bice slama, 1967،137 ) ، فيمكن الجزم إن أهل الساحل قد دفعوا قسرا إلى الاستجابة لدعوة الثوار بعد الضغط الذي سلط عليهم من قبل المثاليث و اكودة و جمال، رغم النضج الذي فرضه علي بن غذاهم على المنتفضين باحترام الأموال و الأشخاص حرصا اجتناب كل ذريعة لتدخل أجنبي[17]( أرشيف وطني تونسي،1864)، فان ردة فعل السلطة اتسمت بالشطط في العنف.
عقب الانتفاضة قام احمد زروق بحملته على الساحل و اعتصر الجهة ضريبيا لكن حراب آلة القمع توجهت أساسا نحو سكان الدواخل، فقد تسلطت أيدي العدوان على الأهالي بسلب الأموال والقتل والضرب بالسياط المؤدي إلى القتل، لان الوزير مصطفى خزندار اشتد حنقه عليهم حتى دخل عليه احد الأعيان يوما و هو يقول طلبوا دمي فلا أرضى إلا بدمائهم طلبوا مالي فلا أرضى إلا بأموالهم [18] (محمد بيرم الخامس،1999،171) وسامت زبانية السلطة الثائرين بأبشع ألوان التعذيب والتنكيل لمجموعات طالبت بالحد من الغلواء الضريبي للأتراك و المماليك.
واصل الملك العات في تونس الحسينية حكم الحديد و النار و اجتثاث كل نفس احتجاجي، وجبر الأهالي إلى أن يدفعوا ثمن التهاوي الاقتصادي والسياسي حتى زمن السنوات العصيبة [19] (أرشيف وطني تونسي،1867 ).
خاتمة:
لم يقدم التاريخ الحديث نموذجا لحكم البدوي للدولة، نتيجة لذلك لبثت المجالات الطرفية حبيسة مفارقة الانطواء والتماثل، فيمكن أن نعزو تمايز العنصر الدخيل عن الأصيل وما انجر عنه من هيمنة مجال على آخر إلى الاختلاف الهيكلي العميق بين الحضر و البدو، و التغالب الذي طبع علاقة المركز بالأطراف فكان لكل منهما صولة في ثوب شعوبية جديدة، فسعت الاوليقارشية التركية في تونس إلى أن تدفع العامة ثمن التهاوي فتزايد البون الحضاري بين فئة مستحوذة على السلطة والثروة و بين فئة أخرى لم تترد في انتهاج الحرابة و الاحتجاج سبيلا للمنافحة عن كيانها.
اغتنم الفرنسيون إفلاس السلطة و وهنها و ضعف القبائل و تشتتها و صمت المدن و غربتها ليمرروا مشروعهم دون عناء، ثم كان السعي لبناء وحدة وطنية دون محاولة تجاوز و توحيد الاختلافات ليصطدم هذا التمشي بسيطرة الحكم الاراقلي – و هو النظام السياسي الذي تحركه الأطماع و الشهوات و الجشع و امتطاء السلطة لإشباع نهمه – و لم يراع الاختلاف في البناء الاجتماعي التونسي .
ثم عبرت الثورة عن مرحلة الخواء الحضاري و القيمي للبلاد التونسية، فكان من الضروري إعادة دراسة جانب من التاريخ الاجتماعي التونسي دراسة متأنية رصينة و وجوب إعادة تركيب الأحكام والمفاهيم .
قائمة المراجع:
1خوالدية ( الضاوي) ، الأسر و الذوات التونسية في القرن 19 من خلال الإتحاف لابن آبي الضياف، مطبعة دنيا، الطبعة الثانية، تونس 2008.
2 التزيني، الطيب.فصول في الفكر السياسي.
3أركون، محمد.أين هوالفكر الإسلامي.
4 المرزوقي، رياض.العرب و العربان في إتحاف أهل الزمان، ملتقى ابن أبي الضياف للفكر السياسي و الاجتماعي الحديث، الدورة الأولى حول المجتمع و نظام الحكم بتونس في القرن 19، منشورات مجلة الإتحاف، سبتمبر 1978.
يتفق الرحالة موسكاو مع ما هذا المذهب و يرى أن سكان المدن يعتبرون أنفسهم ارفع من البدو شانا و يعاملونهم بازدراء…..بوكلير، موسكاو.سميلاسو في إفريقيا رحلةأمير ألماني إلى الإيالة التونسية سنة 1835 ،تقديم منير الفندري و الصحبي الثابتي، بيت الحكمة ، تونس 1989، ص 413.
لعبت الأسباب الجيو سياسية دورا في تفسير استقلالية المجموعات السكانية تجاه المخزن فالمناطق الجبلية و المناطق المتاخمة للصحراء لم تخضع بشكل دائم أو كامل حتى أواسط القرن 19 ….بوطالب( محمد نجيب) ، سوسيوليجيا القبيلة ، ص 115.
8 تواصل صدام الهمامة القبيلة الديوان مع المخزن طوال الحقبة الحسينية و قد عبرت أشعار أولاد عزيز عن مدى الفجوة الحضارية بينهم و بين السلطة السياسية :
” نجع أولاد عزيز تسمع ليه دريز
ما يحملش الذل ها الباي الطحان ناوي يغز البل ” عمايرية( حفناوي)، في تشكّل الوعي الحديث بالريف التونسي : من القبلية إلى الوطنية ، مجلة الحياة الثقافية،السنة 21، العدد 73،مارس 1996، ص 21.
لوسات( فالنسي)، المغرب العربي قبل إحتلال الجزائر1790-1830 ،نقله إلى العربية حمادي الساحلي، دار سراس للنشر ، تونس 1994، ص ص 36-37.
9 روسو( الفونس)، الحوليات التونسية.
10 لئن كان سكان المدن في القرن 19 لا يتجاوزون 15 من مجموع السكان ….الجدي( احمد)، وثائق تنشر لأول مرة عن قبيلة ماجر في القرن 19،مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ، تونس أفريل 1998، ص8 …….فان الأتراك و المماليك تمتعوا بالمناب الأوفر من الثروة، ففئة الحنفية في المهدية و يقدرون ب 90 نفرا يملكون 52 من أصل زيتون الجهة زيادة على الإدارة المحلية للمدينة. الأرقش( دلندة)، التطور اللامتكافئ و الهيمنة الخارجية الفئة الحنفية و مكانتها في المهدية و المنستير في القرن 19، المجلة التاريخية المغربية، السنة 14، العدد 45-46، تونس 1987، ص 9 .
11بن طاهر( جمال)، الفساد و ردعه: الردع المالي و أشكال المقاومة و الصراع بالبلاد التونسية 1705-1840، تقديم محمد الهادي الشريف ، منشورات كلية الأداب منوبة ، تونس 1995، ص 119.
12 بن طاهر( جمال)، الفساد و ردعه: الردع المالي و أشكال المقاومة و الصراع بالبلاد التونسية 1705-1840، تقديم محمد الهادي الشريف ، منشورات كلية الأداب منوبة ، تونس 1995، ص 119.
13 بن سليمان،فاطمة.الأرض و الهوية نشوء الدولة الترابية في تونس 1574-1881، منشورات edusud ، تونس 2009، ص202.
14 ابن أبي الضياف( احمد)، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان، ج 3 ، طبعة تونس 1979، ص 49.
15بدا منطوق السلطة مفعما بالعبارات الدالة على دونية الأعراب ، الفراشيش فرقة ضالة لم يكن لها قهر أو زجر، أ- و- ت ، المصدر نفسه، س ت، م 199، ص 18، و 15912، ت 1850….. الفراشيش شرذمة ضالة خلو افريقية ، المصدر نفسه، م 200، ص 18، و 15461،ت 1850.
17ردد الأهالي أن ” الباي باع البلاد للروامة ” في دلالة على تيقض الوعي الجمعي و رفعته،…..فعند قبول علي بن غذاهم الصلح بعث له فرج بن دحر برسالة يذكره فيها أن قيامهم كان أولا لله و انه سيبقى كذلك، الأرشيف الوطني التونسي، سلسة تاريخية، صندوق 184،ملف 1049، وثيقة 49، تاريخ أوت 1864…………. و في مراسلة للقنصل الانقليزي إلى الباي بتاريخ افريل 1864 يشدد على انه لم يوجد في تواريخ تونس مثل سيرة العروش في هذا الزمن بما لهم من الشكايات و هم متسلحون على عاداتهم السابقة في سالف الأزمان، لكن لا يتعرضون بسلاحهم إلا للاحتماء من أداء ثقيل فوق طاقتهم …المصدر نفسه.
18الخامس، محمد بيرم.القطر التونسي في صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار و الأقطار ، تحقيق علي الشنوفي و عبدالحفيظ منصور، بيت الحكمة، تونس 1999، ص 171…. هم متسلحون على عاداتهم السابقة في سالف الأزمان، لكن لا يتعرضون بسلاحهم إلا للاحتماء من أداء ثقيل فوق طاقتهم …المصدر نفسه.
19تكشف مراسلات القياد عن الضنك الذي يجابهه سكان الدواخل ، فقد هاجر بعض أنفار من أولاد وزاز من الفراشيش و عاشروا الطرابلسية و امتنعوا عن دفع المجبى، ا و ت،نفس المصدر ، س ت، م 201، ص18، و15531، ت 1867……و خلال السنة الشهباء مول الفراشيش الخزينة بما يزيد عن 295’817 ريالا و 239 جملا و 28 حصانا. الجدي( احمد)، قبيلة الفراشيش في القرن 19،مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ، تونس 1996.
ben Salem ,Lilia. Hypothèses a propos des hiérarchies sociales. Cahiers de Tunisie .N 129-130, Tunis 1984..
slama. Bice.l’insurrection de 1864 en Tunisie .M T E .Tunis 1967. P 137.
Courtinant ,R.la piraterie barbaresque en méditerranée, préface d’evelyne joyaux,dulapha édition, paris 2008
[1] خوالدية (الضاوي) ، الأسر و الذوات التونسية في القرن 19 من خلال الإتحاف لابن آبي الضياف، مطبعة دنيا، الطبعة الثانية، تونس 2008، ص 104.
[2] التزيني، الطيب.فصول في الفكر السياسي، ص 49.
[3] أركون، محمد.أين هوالفكر الإسلامي، ص 91.
[4] المرزوقي، رياض.العرب و العربان في إتحاف أهل الزمان، ملتقى ابن أبي الضياف للفكر السياسي و الاجتماعي الحديث، الدورة الأولى حول المجتمع و نظام الحكم بتونس في القرن 19، منشورات مجلة الإتحاف، سبتمبر 1978، ص 46.
[5] Courtinant ,R.la piraterie barbaresque en méditerranée, préface d’evelyne joyaux,dulapha édition, paris 2008, p 92.
[6] ben Salem ,Lilia. Hypothèses a propos des hiérarchies sociales. Cahiers de Tunisie .N 129-130.p16. يتفق الرحالة موسكاو مع ما هذا المذهب و يرى أن سكان المدن يعتبرون أنفسهم ارفع من البدو شانا و يعاملونهم بازدراء…..بوكلير، موسكاو.سميلاسو في إفريقيا رحلةأمير ألماني إلى الإيالة التونسية سنة 1835 ،تقديم منير الفندري و الصحبي الثابتي، بيت الحكمة ، تونس 1989، ص 413.
لعبت الأسباب الجيو سياسية دورا في تفسير استقلالية المجموعات السكانية تجاه المخزن فالمناطق الجبلية و المناطق المتاخمة للصحراء لم تخضع بشكل دائم أو كامل حتى أواسط القرن 19 ….بوطالب( محمد نجيب) ، سوسيوليجيا القبيلة ، ص 115. [7]
[8] تواصل صدام الهمامة القبيلة الديوان مع المخزن طوال الحقبة الحسينية و قد عبرت أشعار أولاد عزيز عن مدى الفجوة الحضارية بينهم و بين السلطة السياسية:
” نجع أولاد عزيز تسمع ليه دريز
ما يحملش الذل ها الباي الطحان ناوي يغز البل ” عمايرية( حفناوي)، في تشكّل الوعي الحديث بالريف التونسي : من القبلية إلى الوطنية ، مجلة الحياة الثقافية،السنة 21، العدد 73،مارس 1996، ص 21.
[9] لوسات( فالنسي)، المغرب العربي قبل إحتلال الجزائر1790-1830 ،نقله إلى العربية حمادي الساحلي، دار سراس للنشر ، تونس 1994، ص ص 36-37.
[10] روسو( الفونس)، الحوليات التونسية، ص 183 .
[11] لئن كان سكان المدن في القرن 19 لا يتجاوزون 15 من مجموع السكان ….الجدي( احمد)، وثائق تنشر لأول مرة عن قبيلة ماجر في القرن 19،مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ، تونس أفريل 1998، ص8 …….فان الأتراك و المماليك تمتعوا بالمناب الأوفر من الثروة، ففئة الحنفية في المهدية و يقدرون ب 90 نفرا يملكون 52 من أصل زيتون الجهة زيادة على الإدارة المحلية للمدينة…. الأرقش( دلندة)، التطور اللامتكافئ و الهيمنة الخارجية الفئة الحنفية و مكانتها في المهدية و المنستير في القرن 19 ، المجلة التاريخية المغربية، السنة 14، العدد 45-46، تونس 1987، ص 9 .
[12] بن طاهر( جمال)، الفساد و ردعه: الردع المالي و أشكال المقاومة و الصراع بالبلاد التونسية 1705-1840، تقديم محمد الهادي الشريف ، منشورات كلية الأداب منوبة ، تونس 1995، ص 119.
[13] بن سليمان،فاطمة.الأرض و الهوية نشوء الدولة الترابية في تونس 1574-1881، منشورات edusud ، تونس 2009، ص202.
[14] ابن أبي الضياف( احمد)، إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس و عهد الأمان، ج 3 ، طبعة تونس 1979، ص 49.
بدا منطوق السلطة مفعما بالعبارات الدالة على دونية الأعراب ، الفراشيش فرقة ضالة لم يكن لها قهر أو زجر، أ- و- ت ، المصدر نفسه، س ت، م 199، ص 18، و 15912، ت 1850….. الفراشيش شرذمة ضالة خلو افريقية ، المصدر نفسه، م 200، ص 18، و 15461،ت 1850.[15]
[16] slama. Bice.l’insurrection de 1864 en Tunisie .M T E .Tunis 1967. P 137.
[17] ردد الأهالي أن ” الباي باع البلاد للروامة ” في دلالة على تيقض الوعي الجمعي و رفعته،…..فعند قبول علي بن غذاهم الصلح بعث له فرج بن دحر برسالة يذكره فيها أن قيامهم كان أولا لله و انه سيبقى كذلك، الأرشيف الوطني التونسي، سلسة تاريخية، صندوق 184،ملف 1049، وثيقة 49، تاريخ أوت 1864… و في مراسلة للقنصل الانقليزي إلى الباي بتاريخ افريل 1864 يشدد على انه لم يوجد في تواريخ تونس مثل سيرة العروش في هذا الزمن بما لهم من الشكايات و هم متسلحون على عاداتهم السابقة في سالف الأزمان، لكن لا يتعرضون بسلاحهم إلا للاحتماء من أداء ثقيل فوق طاقتهم …المصدر نفسه.
[18] الخامس، محمد بيرم.القطر التونسي في صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار و الأقطار ، تحقيق علي الشنوفي و عبدالحفيظ منصور، بيت الحكمة، تونس 1999، ص 171.
[19] تكشف مراسلات القياد عن الضنك الذي يجابهه سكان الدواخل ، فقد هاجر بعض أنفار من أولاد وزاز من الفراشيش و عاشروا الطرابلسية و امتنعوا عن دفع المجبى، ا و ت،نفس المصدر ، س ت، م 201، ص18، و15531، ت 1867……و خلال السنة الشهباء مول الفراشيش الخزينة بما يزيد عن 295’817 ريالا و 239 جملا و 28 حصانا. الجدي( احمد)، قبيلة الفراشيش في القرن 19،مؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات ، تونس 1996، ص 45.