
أسس إعداد المواطن اللبناني في المنهج التعليمي المخصّص لمادة التربية
الوطنية في المدارس والثانويات الرسمية في لبنان
الدكتورة ليال عبد السلام الرفاعي
معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، الفرع الثالث/ طرابلس.
مداخلة نشرت في كتاب أعمال ملتقى التربية على المواطنة وحقوق الإنسان الصفحة 109.
Abstract:
The study aimed at uncovering the most prominent values and basics included in the Lebanese educational curriculum specializing in the national education and civil formation courses, which in turn, contribute to the preparation of the righteous Lebanese citizen and adaptation. Besides, this study aims to know to what extent. This curriculum assists in the achievement of the righteous citizenship through. The books of national education of the three levels of education in Lebanon: elementary, intermediate and secondary.
The importance of this study arises in the light of the technology and information challenges that threaten the formation of national identity in all its dimensions among students in Lebanon. The study used the descriptive and analytical method by focusing on the contents of the 12 books of the curriculum of the national education course established by the ministry of education and higher education in Lebanon. The study came to clarity the basic and main educational domains, presenting them in detail to show its contribution to the values of citizenship among learners with all its components and elements.
The study also elucidates the formation of the Lebanese citizens steeped in Lebanese culture, who are able to mingle properly in their Lebanese society and who excel in practicing their duties and rights extendedly.
Keywords: national education, civil rearing, citizenry and nationalism.
ملخص الدراسة:
هدفت الدراسة الى الكشف عن أبرز القيم والاسس المتضمنة في المنهاج التعليمي اللبناني المخصّص لمادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية المساهمة في اعداد المواطن اللبناني الصالح والمتكيّف، ومعرفة مدى تحقيقها لابعاد المواطنة الصالحة في كتب التربية الوطنية للمراحل التعليمية الثلاث في لبنان: الاساسية والمتوسطة والثانوية. تأتي أهمية هذه الدراسة في ظلّ التحدّيات التكنولوجية والمعلوماتية المهدّدة بتشكيل الهوية الوطنية بكافة أبعادها لدى الطلاب في لبنان. استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي من خلال التركيز على مضامين ومحتويات المنهاج التعليمي لمادة التربية الوطنية. ذلك على مستوى جميع الكتب التعليمية لهذه المادة والمقررة من قبل وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان البالغ عددها 12 كتاب. توصلت الدراسة الى توضيح المحاور التعليمية الاساسية والرئيسية وعرضها بشكل تفصيلي والتي تبيّن انّها تساهم في تحقيق قيم المواطنة لدى المتعلمين بكافة مكوّناتها وعناصرها، وفي بلورة مواطنين لبنانيين مفعمين بالثقافة اللبنانية، قادرين على الانخراط بشكل سليم في مجتمعهم اللبناني، متمكنين من ممارسة واجباتهم وحقوقهم بصورة واعية.
الكلمات المفتاحية: التربية الوطنية والتنشئة المدنية، المواطنة والوطنية.
مقدمة:
تحدّيات كثيرة تواجه العالم اليوم وتحمل في طياتها تهديدا” كبيرا” للمجتمعات من ناحية تلاشي الهويات الإنتمائية والتداعيات الإقتصادية والثقافية والاجتماعية والايديولوجية. ويشكل التطور التكنولوجي وثورة المعلوماتية والعولمة احدى هذه التحديات المهدّدة لخاصية المجتمعات. فالحدود الثقافية في طريقها إلى التلاشي وتناقل الأفكار والمعتقدات والقيم في سبيلها إلى الزوال.
وبالتالي لا يبقى للمحددات المكانية والتاريخية أي معنى أو أي وجود، وهذا له خطورته وتداعياته على الدول خاصة العربية منها من خلال التأثير السلبي في اكتساب مقومات المواطنة وثقافة البلد وقيم الولاء عند مواطنيها (عليوه ،2001).
إزاء هذه التحديات، زاد اهتمام المجتمعات بالتربية بهدف إعداد مواطنين صالحين متمسّكين ببلدهم وبمقوماته وبقيمه وبمفاهيمه الثقافية على مختلف أنواعها وأشكالها. ويدخل لبنان ضمن هذه المنظومة بهدف إكساب أجياله ومواطنيه حسّ الإنتماء والهوية عبر إيجاد وتدريس مادة التربية الوطنية في مراحل التعليم العام ياعتبارها مادة ضرورية على المستوى الوطني والاجتماعي والدولي (عبدالدائم، 1998). فالتربية هي السبيل الوحيد لصنع أفراد مكتسبين للهوية ، واعين بوحدة وطنهم ولتكوين مواطنين معتزين ببلدهم وملتزمين بقضاياه.
استنادا” الى ما سبق، وُضِعت ميكانزمات التدخل التربوي للحفاظ على الهوية اللبنانية في لبنان، إذ نصّت المادة العاشرة من الدستور اللبناني على إنشاء وإطلاق مشروع التربية والمواطنة في عملية تنشئة مواطنين صالحين، وبهدف زيادة الوعي لدى الشباب اللبنانيين بالمفاهيم الأساسية للديموقراطية والمواطنة. لذلك ارتقت إلى اكساب الأجيال الجديدة المعارف والقيم والكفاءات التي يحتاجونها ليكونوا مواطنين فاعلين، وذلك في كافة مراحل التعليم ومستوياته الأساسية والثانوية والجامعية. وأولت عملية التعليم اهتماما” بالغا”، إذ تنفق الحكومة اللبنانية قيمة 9.6 من مجموع الإنفاق العام على التعليم، وقيمة 11% على التعليم العام والخاص وتعدّ هذه الأرقام مرتفعة نسبيا” مقارنة” بمعدلات الانفاق العام لباقي القطاعات في لبنان. إذ عمدت الدولة اللبنانية على تركيز الأهداف العامة للمناهج الدراسية بهدف بناء وتشكيل المواطن الصالح استنادا” إلى ما تنص عليه المادتين أ و ب من مقدمة الدستور، خصوصا” فيما يتعلق بهوية لبنان ووحدته (يحيى، 2008)
ويكمن السبب في إيلاء المناهج الدراسية مهمة الحفاظ على الهوية، ما للتربية من دور في نهضة المجتمع ورفعة الوطن وتنمية عقول الأفراد وثقل شخصياتهم ليتمكنوا من التكيف والتوافق نفسيا” واجتماعيا” وانفعاليا” في الجماعة التي ينتمون إليها. ولما لها من دور بارز وأساسي في تجاوز النزاعات وتثبيت الهوية الوطنية وتحقيق السلام، ومن أجل تحقيق مجتمع وطني مأمول وآمن وبناء وحدة تعايش حقيقية. كما تنفرد المدرسة عن غيرها من المؤسسات بالمسؤولية الكبيرة في تنمية المواطنة وتشكيل شخصية المواطن وتكوين التزاماته، وفي تزويده بالعلوم والمعرفة والمهارات اللازمة من أجل أن يصبح فردا” صالحا” مستقلا”، واعيا” لذاته ولذوات الآخرين. تنجز هذه المسؤولية من خلال تنفيذ وتطبيق محتويات ومضمون المناهج الدراسية التي تبدأ في مراحل التعليم الأساسي وانتهاء” بمرحلة التعليم الجامعي.
والمواطنة الصالحة المبنية على وعي وادراك لا تتم إلا عبر تربية مقصودة هادفة تُشرف عليها أنساق متعددة، ابتداء” من النواة الأسرية الصغيرة، مرورا” بالمؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها، وقوفا” عند المؤسسات الدينية، وصولا” إلى مجال العمل و انتهاء” بالمجتمع الكبير وما يحويه من مواطنين تختلف وتتباين معهم طرق التفاعل والتواصل والتكيف. كل ذلك باشراف الدولة التي تضع وتبحث وتنمي وتحلّل وتحسّن وتطوّر في مناهجها التعليمية المتضمنة لمواد متعدّدة ومتنوعة تُعرِّف الطالب المواطن بمفاهيم المواطنة وخصائصها، مثل مفهوم الوطن، الحكومة، المجتمع، المشاركة، المسؤولية وغيرها.. إذ تساهم كل مادة من مواد التعليمية بجانب معين من جوانب المجتمع اللبناني وخصائصه، إحدى هذه المواد هي مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية التي يقع عليها حمل كبير من ناحية تنمية المتعلمين والاهتمام بشخصياتهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعية وتنمية قيمهم الاخلاقية وأنماط السلوك المرغوب فيها، معرفة حقوقهم وواجباتهم، ليكونوا أفراد اجتماعيين، صالحين، متكيفين في مجتمعهم الوطني اللبناني، متمسكين بهويتهم اللبنانية وبوطنهم لبنان (عليوه ،2001).
فهل يساهم المنهج التعليمي المخصص لمادة التربية الوطنية في تحقيق ابعاد المواطنة اللبنانية الصالحة؟ هذا ما سنسعى الى اكتشافه في طيات هذه الدراسة عبر وصف وتحليل محتويات ومحاور هذه المادة.
حرص واضعوا مناهج مادة التربية الوطنية على تطويرها من وقت إلى آخر بهدف مواكبة المستجدات العصرية وبهدف تنمية وخلق مواطنين صالحين والاهتمام بشخصياتهم ومهاراتهم الاجتماعية وتنمية قيمهم الاخلاقية ليصبحوا أفراد صالحين متوافقين في المجتمع (الشراري؛ 2017).
إذ يتضمن المنهاج أهدافا” لغرس القيم الاساسية لدى المتعلمين، كونه المعني في تعزيز الاهتمام بالقيم الوطنية والعمل على ترسيخها، من منطلق الحرص على المحافظة بالموروثات الثقافية للمجتمع، من هنا تبرز الحاجة للكشف على درجة تضمين قيم المواطنة الصالحة في كتب التربية الوطنية للمراحل التعليمية الثلاث: الابتدائية والمتوسطة والثانوية في لبنان.
مشكلة الدراسة:
الإنسان هو غاية كل تنشئة وطنية كانت أم مدنية، باعتباره قيمة وغاية بحدّ ذاته، باعتباره كائنا” اجتماعيا” في جوهره ولا تتحقق شخصيته إلا من ضمن إظهار الجماعة. فبالإنخراط الاجتماعي يكتسب الفرد الأبعاد المعرفية والمدنية والاجتماعية والوطنية والقومية والانسانية، ويخبر المفاهيم الوطنية، وبالتالي يتعمق لديه الوعي بالإنتماء والهوية الذاتية والثقافية، وتعزز في ذاتيته القيم الاجتماعية والمدنية، قيم الحرية والديموقراطية والتسامح والعدالة والمساواة، وتنمي احساسه بالعصر والواقع المعاش وطرق التفاعل مع العالم من حوله، وتبصيره بطرائق وأساليب المشكلات الانسانية الكبرى التي باتت هما” مشتركا” في كل مكان (عزيز، 1998).
من هنا تولدت فكرة الدراسة الحالية، محاولة الكشف عن درجة تضمين قيم المواطنة الصالحة بكافة أبعادها في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمراحل التعليمية الثلاث: الابتدائية والمتوسطة والثانوية في عصر مزين بالتكنولوجيا القوية والسريعة، التي سحرت عقول الناشئة وباتت سلوكياتهم وشخصياتهم مهددة، وفتحت أبواب الخوف والقلق من ولادة شخصيات هشّة ناقصة من القيم الاخلاقية والاجتماعية والنفسية. فحاجتنا الى تعليم وتطبيع هذه القيم أشدّ وأعظم في زماننا الحاضر، وعلينا أن ننفّذ المزيد من الابحاث والدراسات لنلتمس السبل الناجحة من أجل خلق وصناعة شخصيات متينة تنهض بمجتمعنا إلى المستويات الفضلى، قادرين على مواجهة المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. لذلك جاءت هذه الدراسة للكشف عن درجة تضمين قيم وابعاد المواطنة في كتب التربية الوطنية للمرحلة الاساسية والمتوسطة والثانوية في لبنان، وبالتحديد تسعى للإجابة عن السؤال التالي:
ما درجة تضمين قيم وابعاد المواطنة في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمراحل التعليمية الثلاث (الاساسية والمتوسطة والثانوية) في لبنان ؟
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة إلى التعرف على أهم المفاهيم والقيم والمهارات المتضمنة لكتب التربية الوطنية لصفوف المرحلة الاساسية والمتوسطة والثانوية في المنهج التعليمي اللبناني وتحديد المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والانسانية المتضمنة (قيم المواطنة الصالحة، قيم الولاء والانتماء، القيم الثقافية، القيم الاسرية، المفاهيم والقيم السياسية والمهنية ).
أهمية الدراسة:
يتعرض هذا البحث لموضوع على درجة كبيرة من الاهمية، بسبب وجود العديد من القوى الخارجية التي تسعى إلى إضعاف قيم المواطنة لدى المواطن اللبناني، وغيرها من القيم المرتبطة بالولاء إلى الوطن على مستوى الشعور بها وممارستها.
كذلك تأتي أهمية هذا البحث، في محاولة الإستجابة لتوصيات الدراسات والبحوث العلمية والتربوية والسياسية بأهمية دراسة قضية الوطنية والمواطنة، بهدف الوصول إلى الاستراتيجيات والطرق السلمية لتعزيز وطنية المواطن.، إضافة” إلى أن الأهمية تكمن في حساسية المرحلة العمرية الخصبة (الطفولة والمراهقة ) التي تبني أحجار شخصية الفرد على المستوى الانفعالي (الشعور بالوطنية، بالحب، بالوفاء وبالرضا)، على المستوى السلوكي (ممارسة حقوقه و واجباته)، على المستوى المعرفي ( معارف وعلوم تتعلق بالأرض والمجتمع…) وعلى المستوى الاجتماعي (معرفة أساليب التكيف والتوافق مع الاسرة، الرفاق والمجتمع….).
باختصار، تتمثل أهمية هذا البحث في معرفة أبرز قيم وأبعاد المواطنة المتضمنة بكتب مادة التربية الوطنية من خلال عرض ووصف وتحليل محتوى المقرر من قبل وزارة التربية اللبنانية والتعليم العالية، والتعرف على مواطن القوة فيما تضمنته الكتب من قيم ومبادئ.
المنهجية والاجراءات:
- منهجية الدراسة:
تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي بهدف التركيز على مادة تعليمية محددة، بقصد تشخيصها وكشف جوانبها المساهمة في تحقيق المواطنية لدى المتعلمين في المجتمع اللبناني. وتمّ استخدام أسلوب تحليل المحتوى للتوصل الى معرفة القيم والابعاد المتضمنة لمفهوم المواطنة.
- مجتمع الدراسة:
تكوّن مجتمع الدراسة في جميع كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية التابعة لصفوف المرحلة الأساسية والإبتدائية والثانوية التي تدرّس في القطاعين الرسمي والخاص والصادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان.
يبلغ عدد هذه الكتب 12 كتاب موزعون على الشكل التالي: 6كتب في المرحلة الأساسية (صفوف الأول، الثاني، الثالث، الرابع، الخامس والسادس أساسي)، 3 كتب في المرحلة المتوسطة (صفوف السابع، الثامن والتاسع) و3 كتب أيضاً في المرحلة الثانوية (صف أول وثاني وثالث ثانوي).
ج- عينة الدراسة: تكوّنت عينة الدراسة من مجتمع الدراسة نفسه، وهي كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية في لبنان والتي تدرذس منذ العام 1997.
د- أداة الدراسة:
بهدف تحقيق أهداف الدراسة، تمّ إعداد قائمة بالأبعاد المكونة للمواطنة، حيث قسمّت على ستة أبعاد (المعرفي، الثقافي، المهاراتي، الإجتماعي، الإنمائي، الديني والمكاني) وتتضمن 38 فقرة وكان إختيار هذا التقسيم وفق الخطوات التالية:
– الرجوع إلى الأدب النظري والمراجع والمصادر الرئيسية والثانوية، الدراسات السابقة وأسسها. كما الكتب الصادرة عن المركز التربوي للبحوت والإنماء، أسس وأهداف التعليم العام في وزارة التربية والتعليم العالي بلبنان.
– وصف محتوى ومضمون مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية في مراحل التعليم الأساسي والمتوسط والثانوي، وتحليل مدى توافقها مع خصائص وثقافة المجتمع اللبناني.
– قراءة الكتب قراءة فاحصة ومتأنية لتحديد القيم والمواضيع الموجودة فيها ومدى تحقيقها المواطنة.
هـ- صدق الأداة:
1- عرضت القائمة على عشرة من المحكمين والمدرسين في مناهج وأساليب تدريس مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية، ومشرفين في وزارة التربية والتعليم، لمعرفة مدى مناسبة هذه القائمة لتحقيق أبعاد المواطنة لدى الطلاب اللبنانيين.
2- الأخذ برأي المحكمين في حال ورود إتفاق 8 محكمين على الفقرة، حيث تم الإتفاق بالإجماع على إبقاء الأبعاد السنة المكوّنة للقائمة.
و- اجراءات التحليل:
اتبعت الخطوات التالية:
- تحديد هدف التحليل، وهو الكشف عن درجة تضمين أبعاد المواطنة المحددة ضمن إطار هذه الدراسة ، في كتب التربية الوطنية للمراحل التعليمية الثلاث في لبنان.
- تحديد مجتمع الدراسة، وهو كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمراحل الأساسية الثلاث في لبنان التي تدرّس منذ العام الدراسي 1997.
- التأني في قراءة الكتب المراد تحليلها قراءة فاحصة لتحديد أبعاد المواطنة الموجودة والاكثر تواترا” في الكتب.
- 4- إجراء عملية التحليل وحساب النسب المئوية لكل بعد.
5- رصد نتائج التحليل التي تمّ التوصل إليها.
ي- متغيرات الدراسة و المعالجة الإحصائية:
- المتغير المستقل : مستويات التعليم الثلاث: الأساسي المتوسط والثانوي.
- المتغير التابع: درجة تضمين أبعاد المواطنة ( البعد المعرفي –الثقافي، المهاراتي، الإجتماعي ، الإنتمائي ،الديني،والمكاني).
- الطرق الاحصائية:
1- حساب التكرارات
2- حساب النسب المئوية
3- تحديد مستويات النسب المئوية وفق التالي:
أ- مستوى إحتواء متدني:4% – 16%
ب- مستوى إحتواء متوسط: 17% – 27%
ت- مستوى إحتواء مرتفع: 28% – 38%
مصطلحات الدراسة:
- التربية المدنية والتنشئة الوطنية: ترتكز على توعية وإرشاد وتنمية مفهوم المواطنة وحرية الرأي وغرس القيم الثقافية الموجودة في المجتمع وغرس دعائم الديموقراطية بهدف تعزيز العلاقة بين الأفراد ومؤسسات المجتمع.
نورد تاليا” الأهداف العامة التي تكمن وراء تدريس مادة التربية المدنية في المؤسسات التعليمية وهي:
-القضاء على المشاكل التي عانى ويعاني منها المجتمع. فهي تشكّل وسيلة فنية وعملية وتربوية وتثقيفية هدفها خلق وعي تربوي ومدني لدى المواطنين يهتم بشؤون المجتمع ومشكلاته الاجتماعية والسياسية والصحية والتربوية والدينية عن طريق بث المعلومات الضرورية عبر محاور تعليمية منظمة.
-إعداد الطالب وفق الظروف العالمية المتغيرة اقتصاديا” وسياسيا” واجتماعيا” ليتمكن من إدراك موقفه ودوره تجاه ما يحصل من تغيرات عالمية وتنمية مجتمعه ومساندته.
-اكتساب المتعلمين مجموعة القيم والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع للتمكن من تحقيق التجانس.
-نقل ثقافات وتراث الأجيال القديمة إلى الجديدة بما تتضمنه من قيم ومعارف ومهارات قديمة.
-تعليم مفاهيم وتعميمات لبناء قاعدة معلومات يحتاجها المواطن ليتمكن من التوافق في المجتمع الذي ينتمي إليه ولإعداده بالبنية الاجتماعية الموجود فيها.
-تدريب المتعلم على استخدام عمليات التفكير والنقد والتحليل والحصول على معارف يحتاجها لاتخاذ القرارات وحلّ ما قد يواجهه من مشكلات.
-تنمية قدرة الطالب لاختيار وتنقيح ونقد التراث التقليدي السابق والوضع الاجتماعي الذي يعيش فيه.
-تطوير نمو المفهوم الذاتي الايجابي لدى المواطن وتنمية شخصيته بفاعلية وإحساس قوي (الحبيب،2010).
- كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمرحلة الأساسية والمتوسطة والثانوية: هي تلك الكتب الصادرة وفق خطة النهوض التربوية التي أعدتها وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان والمنفذ فعليا” في الميدان منذ العام 1997.
- المواطنة والوطنية: الوطن هو المنزل الذي يقيم فيه الإنسان وبالتالي من الواجب أن يهدف المنهج التعليمي لمادة التربية المدنية إلى غرس السلوك الاجتماعي حسب قيم هذا المجتمع، من أجل إيجاد المواطن الصالح وزرع بذرة الإنتماء إلى مجتمعه.
تختلف وتتنوع التعريفات التي تناولت مفهوم المواطنة حسب الزاوية التي تناولتها. إلا أنها ستحدد على مستوى هذا البحث بأنها علاقة تقوم بين فرد ومجتمع كما يحددها القانون وبما تتضمنه من حقوق وواجبات ذلك المجتمع. وهي عضوية ومشاركة قائمة على الفهم الواعي والتفاهم وقبول الحقوق والمسؤوليات.
تعرّف الموسوعة العربية العالمية مفهوم الوطنية بأنه تعبير قديم يعني حب الفرد وإخلاصه لوطنه الذي يشمل الإنتماء إلى الأرض والناس
والعادات والتقاليد والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن (حمزة، 2016).
نورد فيما يلي الأبعاد المكونة للمواطنة والواجب تضمينها في منهاج مادة التربية الوطنية من خلال ما يتم تنفيذه في الحصص الدراسية داخل الغرف الصفية والقوانين التي يتحرك ضمنها كل من المعلم والمتعلمين. هذه الأبعاد هي:
- البعد المعرفي -الثقافي: من خلال توفير المعارف والعلوم لمساعدة المتعلم على بناء وثقل مهاراته وكفاءاته التي يحتاجها ليعيش بسلام وانفتاح ووعي. فمادة التربية الوطنية تنطلق من ثقافة المجتمع وخصوصياته.
- البعد المهاراتي: من خلال تنمية المهارات الفكرية عبر تطبيق طرق التفكير والتحليل وحل المشكلات داخل الصفوف والحجرات الدراسية، فيساهم ذلك في خلق مواطنين يتمتعون بمهارات التمييز ودراسة وتحليل الأمور والصعوبات والعقبات التي تواجههم في حياتهم اليومية والعملية والاجتماعية والاقتصادية ويكتسبون الطرق العقلانية والمنطقية السلمية.
ج- البعد الاجتماعي: اكتساب طرق التعايش الاجتماعي السليم مع أقرانهم وذويهم والعمل معهم.
د- البعد الانتمائي: غرس انتماء المتعلمين لثقافة وطنهم ولمجتمعهم.
ه– البعد الديني: تعدد الطوائف والأديان وتقبل الآخر والديموقراطية وحرية الاعتقاد.
و- البعد المكاني: اكتساب مفهوم الاطار المادي الذي يعيش فيها، فيشارك في الورش والأعمال الحاصلة في بيئته المحلية والتطوع في العمل البيئي.
ويوضح العمري (2014) الأبعاد المكونة للمواطنة وهي: الهوية الوطنية، نظام الحقوق، المشاركة المدنية والسياسية التي يجب أن يتمتع بها المواطن.
أما الانتماء الاجتماعي يتضمن اللغة والعرق والدين، ثم المشاركة السياسية والمدنية المتطلبة لمؤهلات معينة ودوافع لمصلحة المجتمع وتتم هذه المشاركة عبر البرلمانات. وأخيرا” الهوية الوطنية المكوّنة من عناصر معنوية ومادية متنوعة ومتعددة، إذ لا يمكن فصل هذه الهوية عن المواطنة و ممارستها.
وتجدر الإشارة إلى وجوب التصدّي للتصنيفات المتعلقة بالقيم التي تلعب دوراً مهماً في حياة الفرد والمجتمع، فهي موجّهه وضابطة للسلوك
الإنساني، تلعب دوراً مهماً في تحقيق التوافق النفسي والإجتماعي وتساعد في إعطاء المجتمع وحدته (فيروز وآبادي، 2003)
فالقيم هي مجموعة القواعد السلوكية والأخلاقية للكائن البشري في داخله الباطني، وخارجه الظاهري، تنبع في حضارة مجتمعه وعقائده الدينية، وثقافته الشخصية، مضافاً إلى عوامل التنشئة الأسرية التي خضع لها، وعقيدته في النفس والعالم (دهوي،2008 )
القيم هي جد مهمة على مستوى الفرد والمجتمع، فلا يستقيم المجتمع دون إستقامة أفراده، ولا يستقيم الأفراد دون نسق القيم الأخلاقية التي تسيّر وتوجّه وتنظّم سلوكهم نحو الأفضل. نورد تالياً أنواع القيم وتصنيفاتها على أساس المحتوى فيما يأتي:
–القيم الفنية الجمالية: تمثل كل ما هو جميل وإبداعي وخلاّق من ناحية التوافق والتنسيق والشكل.
–القيم الإجتماعية: تعكس إهتمام الفرد نحو الآخرين من علاقات تواصل واهتمام ومساعدة وصداقة وتعاون…
–القيم الدينية: المعتقدات الروحية والغيبية والدينية والوجود.
–القيم الفردية أو الشخصية: السمات والخصال الجيدة والفاضلة.
–القيم الأخلاقية: الصفات والممارسات الأخلاقية الواجب التحلي بها.
–القيم المادية والجسمية: الأسس السليمة والتصرفات التي تعود بالنفع والسلامة والأمن والصحة للفرد ذاته وللمحيطين به.
–القيم العليا: القيم التي تسمو بالفرد الى معالي الأمور وترقى به عن المشابهة سائر المخلوقات: الحق،العبودية، العدل،الإحسان،الحكمة…وهي القيم الإنسانية العليا والسامية والأساسية التي لا يمكن للفرد أو للمجتمع العيش بدونها.
القيم الحضارية: الحرية، المسؤولية، المساواة، العمل، القوة، الأمن، السلام… وهي التي تتعلق بالبناء والحضاري والأمة.
- قراءة تفصيلية لمحتوى المنهج التعليمي لمادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية:
مقدمة: انطلاقا” من مضامين الاتفاقات العالمية لحقوق الطفل وبقائه وحمايته ونمائه واستنادا” الى الابحاث التربوية والدراسات النفسية والاجتماعية المتعلقة بخصائص ذهنية الطفل واستعداداته الفطرية، وبناء” على توجّهات الدول والأوطان لاعتبار انماء الأطفال اساسا” لتنميتها. فإن التربية الوطنية والتنشئة المدنية في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية تهتم بتربية الطفل على المشاركة الكاملة في مجتمع حديث دائم التغيير والتطور، له كيانه الخاص وذاتيته الفردية وخصائصه المتميزة ليتمكّن من العيش بتكيّف وتوافق مع أقرانه ومجتمعه، قادرا” على معرفة هويته الفردية والاجتماعية والوطنية (الشراري، 2017).
تتم هذه التربية والتنشئة المدنية بعد عالم البيت ومعه وفي المجتمع المدرسي الذي يشكّل البيئة الطبيعية للتربية ومجالها الفسيح تمهيدا” للانطلاق في المجتمع المدني الأوسع والأشمل لكل المجالات والميادين وذلك من خلال اكساب الطفل القيم والمعارف والمهارات العلمية والثقافية والادراكية السائدة في وطنه لبنان.
تساهم مناهج التربية الوطنية والتنشئة المدنية إلى اكساب الطفل العديد من القيم على كافة المستويات والمجالات التي تشكّل وتكوّن الوعي على
المواطنة الصالحة، وذلك على أربعة مراحل تعليمية تبدأ بمرحلة التعليم الأساسي، مرورا” بالمتوسط انتهاء” بالمرحلة الثانوية.
تتكون مرحلة التعليم الأساسي من ست سنوات، تبدأ من صف الأول انتهاء” بصف السادس بحيث يحتوي المنهج التعليمي المخصّص لكل
صف على عدد خاص من المحاور الملائمة لقدرات طلاب هذه المرحلة وهي: اكتشاف الذات والآخر، الأسرة وروابطها، المدرسة ومبناها ونظامها، الحياة المشتركة، لبنان وطبيعته والمحور الأخير يتناول المنزل ومحيطه وما يتضمنه من تجهيزات وأدوات وتقسيمات (المركز التربوي للبحوث والانماء، 1998)
تجدر الإشارة إلى أن تعريف الطفل على بعض عناصر المواطنة التي تم ذكرها، يكون على درجة من البساطة وعدم التعقيد والأفكار الحسية نظرا” للخصائص العقلية والادراكية البسيطة التي تتميز فيها الطفولة المبكّرة، على أن يتم التعمّق والتعرّف على العناصر الأخرى المتعلقة بالمواطنة على مستوى كل من المرحلة المتوسطة والثانوية بشكل تفصيلي لاحقا” .
استنادا” الى التحولات العميقة والهامة التي تحصل للمتعلم من عمر الحادية عشر حتى السادسة عشر من ناحية تسارع نمو الفرد، وبروز حاجات واهتمامات اجتماعية ووطنية جديدة لديه، فضلا” عن تزايد اهتماماته الذهنية والعاطفية والجسدية بحيث تزداد الأسئلة والتساؤلات التي يطرحها على نفسه تتعلق بذاته الشخصية وبهويته النفسية والاجتماعية والانتمائية. وانطلاقا” من تقارب خصائص الطفولة المتوسطة والمتأخرة إلى حد ما، ارتقى مجلس الوزراء اللبناني إلى دمج الاهداف الخاصة بالمرحلتين المتوسطة والثانوية المتعلقة بمادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية بهدف العمل على اكساب المتعلمين مهارات ومواقف اخلاقية ووطنية ترسّخ الانتماء إلى الوطن، وتعمّق الشق الإنساني لديهم (المركز التربوي للبحوث والانماء، 1998)
تمتد مرحلة التعليم المتوسط، حسب هيكلية التعليم في لبنان، على ثلاث سنوات من الصف الحادي عشر الى الصف الثالث عشر. أما مرحلة التعليم الثانوي فتمتد هي الأخرى على ثلاث سنوات، تبدأ من عمر السادسة عشرة وتنتهي في الثامنة عشرة ضمنا”. وتستمر في هذه المرحلة التحولات الشخصية عند الفرد جسديا” ونفسيا” وذهنيا”، وتتبلور هذه الحاجات والاهتمامات، فيأخذ وعيه لذاته بعدا” جديدا” يدفعه إلى الإهتمام بالشؤون الاجتماعية والوطنية والسياسية والمشاركة فيها مشاركة أقوى، ويتضح ميله لميدان الاختصاص ولاختيار مهنة المستقبل لكي يتمكن من ممارسة دوره في المجتمع كمواطن صالح منتج ومساهم في اتمام النسق الاجتماعي اللبناني (المركز التربو للبحوث والانماء، 1997)
وسعيا” لتحقيق الظروف التي تؤمّن عناصر المواطنة لدى المتعلمين على مستوى المجتمع وتكاتف أعضائه وتطور قطاعاته، أصيغت منها أهداف ومناهج مادة التربية الوطنية الخاصة بمرحلتي التعليم المتوسط والثانوي على أساس التنوع والتعمق في المعارف والمهارات والقيم الثقافية اللبنانية اللبناني (المركز التربو للبحوث والانماء، 1997). لذلك تحدّدت الأهداف الخاصة على مستوى هذه المراحل على عناصر المواطنة التالية ذكرها:
1-تعريف المتعلم على حقوقه وواجباته ومسؤولياته كمواطن وتثبيت التزامه فيها، وتدريبه على ممارستها والقيام بها بما يعزز الوحدة الوطنية والتضامن الاجتماعي ويكرس مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ويشجع على المشاركة الفعالة في الحياة الوطنية والحرص على المصلحة العامة. يتم ذلك من خلال تعريف المتعلم، المواطن اللبناني، على الحريات العامة وعلى حقوقه الشخصية والتربوية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى واجباته الوطنية والمدنية المتمثلة باحترام حقوق الآخرين والالتزام بالقوانين والأنظمة العامة والعمل على تطبيقها والمساهمة بتطويرها وتغييرها بالطرق الديموقراطية.
2- تعريف المتعلم على أهمية الأسرة في نسقها والعلاقات التفاعلية التبادلية في اطارها وعلى وظائفها التربوية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية،
وتوزيع الأدوار على أفرادها وعلى مبادئ تنظيمها. كما يشمل تدريب المتعلم على كيفية توفير شروط النمو الصحيح لأفرادها بما يتيح لهم التفتح والانطلاق والاندماج في حياة المجتمع. يشمل كذلك على دور الأسرة في النسق الاجتماعي وفي إقامة الروابط بين مؤسساته المختلفة بما يؤمن التوازن والإستقرار لمسيرة الوطن.
3-ترقية الحسّ الانساني والالتزام الخلقي لدى المتعلم من خلال تعزيز إيمانه بالمساواة وعدم التمييز بين البشر، تأصيل القيم الانسانية والاخلاقية لديه، وتدريبه على ممارستها في سلوكه اليومي وفي علاقاته الاجتماعية كافة. أهم هذه القيم: الصدق، الأمانة والتهذيب وحسن الاصغاء والاستقلالية والجرأة في التعبير عن الذات ديموقراطيا”، والمسؤولية والتضامن الاجتماعي والانفتاح على الغير واحترامهم واعتماد الحوار سبيلا” إلى حل النزاعات.
4-تعريف المتعلم على مؤسّسات الدولة الاجتماعية والسياسية والادارية والقضائية وتوضيح وظائفها ومهماتها وفق المفهوم الحديث للدولة. بما يتيح لها القيام بواجباتها في المجتمع وفي توعية المواطن على ادواره في المشاركة والمراقبة والتقويم تحقيقا” للتنمية الفردية الذاتية الاجتماعية والوطنية.
5-تدريب المتعلم على المشاركة في الحياة المدنية من خلال المؤسسات المتنوعة والمتعددة في المجتمع اللبناني، وتأمين سبل ممارسته أدوارا” فاعلة في محيطه المباشر وفي الحقل الوطني العام.
5-تعريف المتعلم على أهمية وسائل الاعلام والاتصال في نشر المعارف والقيم، توثيق الروابط بين الناس وتشكيل الرأي العام، وفي الدفاع عن الحريات مما يجعل من هذه الوسائل سلطة مشاركة في تحسين الحياة العامة وسبيلا” الى تعزيز التفاهم والتعاون بين الأمم وإلى توطيد السلام بين الشعوب.
6-إغناء ثقافة المتعلم بقضايا الصحة والبيئة وتدريبه على الالتزام بحمايتها ورعايتها واحترام القوانين المتعلقة بها إسهاما” في تطوير نوعية الحياة والحفاظ على البيئة.
7-تعريف المتعلم على حركة قطاعات المجتمع الاقتصادية والانشطة التي تثوم بها والمنفعة التي تنجم عنها، وما تتطلبه من مهارات ومعارف وكفاءات في مختلف حقول الاختصاص، وما توفره من فرص عمل للشباب، وتعزيز أخلاقية العمل والالتزام به كحق وواجب واحترامه كقيمة انسانية.
8-تعزيز الهوية الوطنية اللبنانية عند المتعلم من خلال توضيح مقوماتها ومضامنها الاخلاقية والاجتماعية والسياسية والانسانية، وترسيخ الولاء الوطني لديه وإيمانه بالعيش المشترك.
9-تعزيز الهوية والانتماء العربيين عند المتعلم من خلال توضيح مقوماتها وأهميتها والتعريف بتجارب العمل العربي المشترك، بدءا” من أعمال التنسيق وصولا” إلى الالتزام بالمعاهدات المشتركة وابراز دور وطنه لبنان في المنظمات العربية.
10-تعريف المتعلم على اهم المتغيرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والسكانية التي تمر بها المجتمعات والاوطان المعاصرة وما ينشأ عنها من نتائج ايجابية ينبغي تشجيعها كالتقدم التكنولوجي وتطبيقاته، تحسّن العناية الصّحية، تأمين الإتصال والتواصل بين أقرانه البشر كعنصر اجتماعي بشري فعّال… ومن نتائج سلبية ينبغي مقاومتها على مستوى الأفراد والشعوب: كالإعتداء على الشعوب والهيمنة عليها واستغلالها، اتساع رقعة الفقر والتخلّف، انتهاك حقوق الانسان والمؤول بينه وبين ممارسة حرّياته، انتشار الأوبئة الأخلاقية والبيئية…
11-اطّلاع المتعلم على القضايا الكبرى والتحديات التي تشترك المجتمعات المعاصرة في مواجهتها وعلى الأهداف التي تسعى من أجلها في سبيل تحقيق العدل والأمن والرفاهية والتّقدم بين البشر.
يتحقّق كلّ ما سبق من خلال تناول نشأة المنظمات الدولية والإقليمية ومبادئها ومواثيقها والأدوار التي تقوم بها في حفظ السلام وتوطيده ومعالجة النزاعات وتقديم المساعدات للنهوض بحياة الانسان وتحسين معيشة البشر ومواجهة ما يتعرضون له من كوارث طبيعية ومشكلات اقليمية.
ونظراً لأهمية المرحلة الثانوية بفروعها المتنوعة ببلورة شخصية المتعلم وصناعة ذاته النفسية والاجتماعية والوطنية واكسابه مقوّمات النسق الاجتماعي السليم عبر تلقينه مقوّمات الثقافة اللبنانية والعربية، سيتمّ تفصيل محتوى المادة بعرض المحاور المتضمنة وإبراز نقاطها المعمّقة (جدول رقم 1). (المركز التربوي للبحوث والانماء، 1998)
جدول رقم 1
المحاور | المواضيع المتضمنة |
الفرد والجماعة والمجتمع |
|
الحياة المشتركة والمحيط المباشر |
|
الأسرة | تنظيم الأسرة: حجم الأسرة ومواردها، المسكن الصحي، الميزانية، القرارات الأسرية، تنظيم الأسرة في عالم متغيّر ومتطوّر. |
الطبيعة والبيئة |
|
الوطن والمواطنية |
|
لبنان ومحيطه العربي |
|
العلم والعمل والمهن |
|
الحقوق والحريات |
|
القيم الإنسانية والديموقراطية الإجتماعية |
|
الإعلام والتواصل |
|
الحياة المدنية والديموقراطية |
|
المنظمات الدولية |
|
الدولة والإدارات الرسمية والمؤسسات العامة |
|
قضايا عامة ومشكلات اجتماعية |
|
- النتائج المتعلقة بسؤال الدراسة:
ما هي درجة تضمين قيم وأبعاد المواطنة في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمراحل التعليمية الثلاث( الأساسية والمتوسطة والثانوية) في لبنان.
تم إستخراج القيم المتضمنة في الكتب المعنية، وحساب تكراراتها وتصنيفها ضمن المجالات المحددة، ويبين الجدول التالي النتائج التي تم التوصل اليها:
التكرارات والنسب المئوية لدرجة تضمين كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمراحل التعليمية الثلاث في لبنان لأبعاد المواطنة الستة.
الرقم | البعد | المرحلة الإبتدائية | المرحلة المتوسطة | المرحلة الثانوية | مجموع | النسبة | |||
تكرار | نسبة | تكرار | نسبة | تكرار | نسبة | ||||
1 | المعرفة-الثقافية | 47 | 25% | 39 | 39% | 50 | 37% | 10,1% | 35% |
2 | المهارات | 30 | 16% | 10 | 9,9% | 12 | 8,8% | 34,7% | 12,2% |
3 | الإجتماعي | 26 | 15% | 11 | 10,8% | 13 | 9,6% | 35,4% | 12,4% |
4 | الإنمائي | 31 | 16% | 19 | 18,8% | 19 | 14% | 48.8% | 17,1% |
5 | الديني | 3 | 2% | صفر | صفر% | 1 | 0.7% | 1.7% | 0,5% |
6 | المكان | 47 | 26% | 22 | 21,7% | 20 | 14.8% | 62.5% | 21,9% |
يوضح الجدول أعلاه مجموع التكرارات والنسب المئوية لدرجة توافر أبعاد المواطنة في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية للمراحل التعليمية الثلاث في لبنان. حيث احتل البعد المعرفي-الثقافي المرتبة الأولى نسبة 35% وبقيمة مرتفعة. وجاء البعد المكاني في المرتبة الثانية ونسبة مئوية بلغت 21,9 %، وهي تقع ضمن القيمة الاحتوائية الوسطية على مستوى هذه الدراسة. كما جاء البعد الرابع (الإنتمائي) في المرتبة الثالثة، بنسبة مئوية بلغت 17% وهي ضمن مستوى الإحتواء المتوسط. وجاء البعد الثالث (الإجتماعي) في المرتبة الرابعة بنسبة إحتواء متوسطة بلغت 12,4% ، يلاحظ أن هذه النسبة هي متساوية تقريباً مع النسبة المئوية التابعة للبعد المهاراتي 12,2% بمستوى إحتواء متوسط، بذالك يحتل المرتبة الخامسة. في حين إحتل البعد الديني المرتبة السادسة والأخيرة وبنسبة منخفضة جداً بلغت 0,5% وتعتبر نسبة متدنية جداً.
يتضح جلياً في الجدول السابق عرضه، أن محتوى المناهج اللبناني على مستوى مادة التربية المطنية والتنشئة المدنية، قد اهتم بالدرجة الأولى بتقديم المعارف والمعلومات الأساسية المتعلقة بثقافة المجتمع اللبناني ومكوناتها إنطلاقاً من موضوع الأسرة وكيفية تكوينها، إدارتها وتنظيمها من الناحية التربوية والإجتماعية، مروراً بالمدرسة ومراحل التعليم، إنتهاءً بالمجتمع المدني والمؤسسات الحكومية والمدنية والسياسية والإقتصادية والداخلية: تركزت هذه المعارف بالدرجة الأولى في المرحلة المتوسطة، بالدرجة الثانية في المرحلة الثانوية نظراً لخصائص المراحل العمرية للطلاب في هذه المراحل التعليمية.
على مستوى البعد المهاراتي، أتت النسبة الأعلى في درجة تضمين هذا البعد في المرحلة الإبتدائية من ناحية وجود بعد التطبيقات العملية داخل
الصفوف والحجرات التعليمية. تليها المرحلة المتوسطة ومن ثم المرحلة الثانوية. ويمكن تعزية سبب ذلك إلى خصائص المرحلة الطفولية التي تتطلب تنفيذ أنشطة يدوية عملية من أمثال القصّ والتلزيق وغيرها. على مستوى البعد الإنمائي، أتت النسبة 28% في المرحلة المتوسطة والثانوية، وهي مرتفعة نسبياً بُغية تعزيز وتقوية وترسيخ حسّ الإننماء لدى المتعلمين لثقافة وطنهم ومؤسساته الخدماتيه المتنوعة. كما تهدف إلى تعريفهم بضرورة المشاركة بعملية تنظيمها وتطويرها والمحافظة عليها.
على المستوى الديني، أتت المعارف والعلوم والمهارات المتعلقه بهذا البعد ضئيلة جداً. إذا بلغت نسبة تكراره في تحليل المضمون 0,5% ، إذ خصصت المناهج التعليمية التابعة لمادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية حصة واحدة فقط من أصل 30 حصة تعليمية سنوية في السنة الثانية ثانوي.
إضافة إلى ورود بعض القيم الدينية بصورة غير تفصيلية عبر طرح موضوع المناسبات والأعياد الرسمية والدينية بمعدل 3 حصص تعليمية من أصل 90 حصة تعليمية سنوية في المرحلة الإبتدائية ( صف الأول والثاني والثالث ابتدائي).
على المستولى المكاني، أتت النسب مرتفعة لصالح المرحلة الإبتدائية والمتوسطة 47% ، بحيث اهتمت بتعريف المتعليمين على البيئة اللبنانية ومكوناتها وحثهم على التطوع للحفاظ عليها والعمل على حمايتها بكافة المستويات والمجالات.
تحليل نهائي :
باعتبار أنّ الطفولة هي أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف المتعلقة بالوطن من وطنية ومواطنة، عمدت الدولة اللبنانية عبر مناهجها التعليمية المخصصة لمادة التربية الوطنية الى ترسيخها في مرحلة الطفولة بهدف جعلها عنصراً مكوناً في بناء شخصية الطفل. إذ يعي الطفل، من خلال مضمون هذه المادة، المجتمع الذي يعيش فيه عبر طرح مواضيع تتعلق بالأسرة والمدرسة والطبيعة وتساهم في خلق مشاعر الحب والولاء والإنتماء للوطن وفي تنمية مشاعر التعلق ببلدهم وبأرضهم منذ الصغر.
في المرحلة المتوسطة والثانوية، تتجلى المواضيع الأكثر أهمية على المستوى الإجتماعي والمهني والوطني. وتساهم في تعريف المتعلم على حقوقه وواجباته كمواطن لبناني، وعلى القوانين السائدة في واقعه الوطني. بمعنى أن منهج مادة التربية الوطنية يعمل على إنشاء وصناعة الفرد، منذ مراحل عمره الأولى، على الولاء للوطن واكسابه الخبرات والمعارف الضرورية على مستوى معرفة المؤسسات الرسمية والحكومية والدينية، إضافةً إلى الشقّ التنظيمي في الدولة اللبنانية ليتمكن من العيش بتكيّف وتوافق ومرونة. وبالتالي إعداده للحياة اللبنانية.
يساهم كل ذلك في بلورة هوية المتعلم الفردية والوطنية والاجتماعية ليصبح شخصية مؤثرة في الحياة اللبنانية العامة، قادر على اتخاذ القرارات، ويبنى لديه شعور بالإنتساب إلى الدولة اللبنانية، فيميل ويسعى إلى العمل والفعل الصالح لهذه الدولة وتصبح المصلحة العامة لديه أهم من مصلحته الخاصة.
تساهم هذه المادة عبر ما تطرحه من مواضيع ومحاور إلى تزويد المتعلّم بالمهارات اللازمة لفهم الحقوق والواجبات التي تشمل كل ما يكفله الوطن من حقوق على مستوى المدرسة والدائرة والبيئة التي يعيشون فيها. أمّا الواجبات التي يجب أن ينجزها المتعلّم ويؤديها على أكمل وجه فتشمل تحمل المسؤولية المشتركة والمشاركة في صنع القرار بالطرق التي تحدّدها الدولة، ليشعر أنّ آرائه مسموعة، وأنّ قدراته مفيدة. إضافةً إلى تبصيره بطرق الحوار ووسائل إبداء الرأي وتعويده عل تقبّل الإختلاف في وجهات النظر وطرق حل الخلافات على مستوى الرأي أو المصالح المشاركة في تطبيق النظام، بحيث يوجّه الطالب ويدرّبه على أهمية تنفيذ سلوك المواطنة، ضرورة المسؤولية الفردية، وأن يبدأ بنفسه قبل الآخرين. كما يساهم المنهج على إكساب المتعلّم الأساليب المتنوعة الممكن العمل بها عند رؤية من يخالف النظام ويخلّ به، الأمر الذي يقوّي انفعالات المتعلم للنهضة لإعادته إلى النظام بالطرق القانونية والنظامية المشروعة، بحيث يتم تدريب المتعلم على أساليب ملائمة ومناسبة للبيئة المدرسية تساعده على ابعاده عن مخالفة سلوك المواطنة الصالحة. يتحقق كل ذلك عبر ضبط المتعلم وتعويده على حفظ النظام داخل الصفوف وداخل المدرسة.
ومن القيم التي اهتمت المناهج باكسابها للمتعلمين هي التربية على السلام من خلال تعليم القواعد الضرورية للعلاقة المنسجمة والسليمة بين الأمم والناس، وتعليمه حقوق الإنسان وحرياته وتشجيعه على احترامها بشكل كامل، واحترام الحق في التنمية والتطور، واكسابه نظم التعدد الثقافي كالحرية، العدالة، التسامح، التعاون والحوار. فمن خلال المقررات الدراسية المحددة في المحاور التعليمية على مستوى المراحل التعليمية الثلاث، والمناخ المدرسي السائد المبني على الديموقراطية والتسامح، وأسلوب أداء المعلمين، يكتسب المتعلم الوطنية والمواطنة إذ تترسخ قيم التماسك الاجتماعي والانتماء للوطن عبر اعتماد المعلم تقنية العمل الجماعي (البعد المهاراتي للمواطنة) خلال الحصص الدراسية، والأنشطة التعليمية المختلفة المبنية على المناقشة والتحليل والحوار والنقد.
فالمقررات الدراسية وخاصة مقررات الدراسات الاجتماعية، النصوص، القراءة والتعبير والمستندات الموجودة في الكتاب المدرسي الرسمي، في السنوات التعليمية المتعددة، تهتم جميعها باكساب المتعلمين اللبنانيين الهوية الوطنية، وتعزز لديهم ميكانزمات الارتباط بوطنهم بشراً وتاريخاً وأرضاً، وتزرع لديهم مشاعر الإعتزاز والفخر بالإنتساب لبلدهم وثقافته وتغرس فيهم الإستعداد والتضحية في سبيله بالنفس والجسد.
يتبين من خلال وصف وتحليل محتوى مضمون مادة التربية الوطنية، تحقيق المنهاج هدفه الاساسي المتمثل باكساب المتعلمين مكونات وعناصر المواطنة ألا وهي:
- الإنتماء للوطن الذي يعمل على بث مشاعر الحماس والإخلاص لدى المتعلم للإرتقاء بوطنه والدفاع عنه.
- الحقوق: من خلال تعريف المتعلم على حقوقه وفي نفس الوقت واجبات الدولة والمجتمع تجاهه (حفظ حقوقه الخاصة، توفير التعليم، تقديم الرعاية الصحية، العدل والمساواة وتقديم الخدمات الأساسية، حرية التملك، العمل الإعتقاد والرأي).
- الواجبات: احترام النظام، عدم خيانة الوطن، الدفاع عن الوطن، المساهمة في التنمية، المحافظة على المرافق العامة، التكاتف مع أفراد المجتمع…).
- المشاركة المجتمعية، الأعمال التطوعية، تقديم التضحية للزملاء…
- القيم الأخلاقية العامة: الأمانة، الإخلاص، الصدق.
إذ يرتبط منهج التربية الوطنية بواقع الطلاب وبحياتهم الخاصة، الأمر الذي ساهم ويساهم في تطوير المواطنة وتحقيق أهدافها، رغم ما توصلت إليه بعض الدراسات التقييمية المنفذة من قبل المركز التربوي للبحوث والإنماء بعد إصدار المناهج الجديدة (الحبيب (2010).
ومن الأساليب المستخدمة في منهاج مادة التربية المدنية، الدروس التعليمية والزيارات الميدانية الواجب على المعلم تنفيذها داخل وخارج الحصص التعليمية. إذ تساهم في تعليم المواطنة والوطنية عبر تنفيذ المواقف العملية في مؤسسات المجتمع المدني والبيئة الخارجية مثل الإشتراك في الأندية الرياضية الإجتماعية، عمليات الإنتخاب والترشيح والمشاركة في حماية البيئة والمحافظة عليها. مثل العمل ضمن فريق، إقامة حملات تبرع وفرق رياضية.
ومن الأساليب التي تساهم في خلق الوطنية والمواطنة الصالحة في نفوس المتعلمين المسابقات الثقافية التي تحاول وزارة التربية والتعليم العالي.
تنفيذها في المدارس الرسمية عبر توصية دعوات وتقديم مساعدات وحث المعلمين والمتعلمين على زيارة أماكن سياحية وثقافية في لبنان، وعلى إنشاء معارض فنيّة وعلمية، تنفيذ مسابقات رياضية وعلى مستوى المحافظات والأقضية.
تساهم كل المزايا التي تمّ ذكرها سابقاً إلى إكساب المتعلم الولاء الوطني من خلال بيئته المنزلية أولاً، ثمّ من مدرسته، ثمّ من المجتمع بأكمله. كما تساهم في نعريف المتعلم على الثقافات المحلية والعالمية وبالنظم الإدارية والسياسية وبالإتجاهات الإجتماعية السائدة في البلدان المجاورة وأنواع الإتفاقات السائدة بينهم على كافة المستويات والمجالات الحياتية.
ختاماً، يمكن القول أنّ التربية على الوطنية والمواطنة يمكن أن تتحقّق على الوجه المطلوب والراقي بالتعاون والتنسيق بين الأسرة والمدرسة عبر تنفيذ مقررات المناهج الدراسية. لا يمكن أن تتجاهل دور المؤسسات الأخرى كوسائل الإعلام، الصحف، المحلات ووسائل الترفيه والتسلية، إذ ينبغي إحداث تعاون وتفاعل وتنسيق بين هذه المؤسسات بهدف تعزيز وتثبيت الخبرات المكتسبة في المدرسة على مستوى الوطنية والمواطنة. لكن تساؤلات متعددة تطرح نفسها بعد تناول محتويات ومضامين الكتب الرسمية المعتمدة في المدارس الرسمية والخاصة على السواء وتفتح آفاق جديدة هي: هل تساهم هذه المؤسسات (الإعلام، الأسرة، الصحف، النظم السياسية المتبعة من قبل المسؤولين) فعلياً، في عصرنا الحالي، على بلورة حس المواطنية لدى المتعلمين؟ هل ينفّذ المعلّم فعلياً، مضمون هذه المقررات على الوجه المطلوب فتنشأ أجيال سليمة مفعمة بالحس الوطني؟ هل مجتمعنا المتميّز حالياً بالمحسوبية والفئوية يدعم ميكانزمات الحس الوطني والشعور بالمواطنية لدى المتعلمين؟ هل تتمكّن التربية المدرسية بتنفيذ محتويات مادة التربية المدنية بإعداد أجيال تحترم القانون والمواطنة الصالحة في ظل سيادة ثقافة العنف الخارجة عن سلطة القانون في مجتمعاتنا العربية؟ هل تتمكن البيئة المدرسية في الحفاظ على مستوى المواطنة لدى فئة الشباب الذي يزداد ميلهم نحو تقليد المجتمعات المتقدمة بشكل يؤثّر في الثقافة المدنية التي تسعى التربية المدنية إلى ترسيخها؟ أسئلة تطرح نفسها في ظل التغييرات الحاصلة على مستوى المجتمع اللبناني والمجتمعات العربية والغربية، وتنتظر
الإجابة عليها على مستوى الأبحاث والدراسات الإجتماعية والتربوية.
إذ ينبغي الإهتمام جدياً من قِبل الباحثين والهيئات الأكاديمية بدراسة هذه المواضيع وتسليط الضوء جدياً على موضوع التربية المدنية من جانب، والإهتمام بالضبط الإجتماعي وما يشتمل عليه من متغيرات، بهدف الوصول إلى فهم جلي وواضح لطبيعة النربية المدنية، حتى يتسنّى للجميع الإستفادة من نتائج هذه الدراسات وتوظيفها في خدمة الحركة التنموية.
توصيات:
تنمية المواطنة مسألة تربوية بامتياز، تتولى مسؤولية خلقها لدى الأفراد المؤسسات التعليمية بهدف بناء وعي لدى المتعلمين بحقوق المواطنة ومسؤولياتها، انطلاقاً من كون قيم المواطنة تُكتسب بالممارسة والتوجيه. وكلّما تمّ تزويد الطلبة بمهارات المواطنة ومعارفها، زادت فرص مشاركتهم المستقبلية في شؤون وطنهم وارتفعت نسبة انخراطهم بمجتمعهم وتكاثفت درجة ثباتهم التكيفي والنفسي والانفعالي والاجتماعي والخلقي، إضافةً إلى تقوية شخصيتهم واعتزازهم بعروبتهم (عبدالدائم، 1998).
تنبثق عن الدراسة الحالية التوصيات التالية:
_ إيلاء مادة التربية الوطنية اهتمام أكثر من قبل القائمين على اعدادها وتنفيذها عبر إجراء مراجعة شاملة ومدروسة لجميع مقررات المنهاج من حيث الموضوعات وأساليب التقييم حتى تحقيق الأهداف التي وضعت وصيغت من أجلها.
_ نشر مفاهيم الوطنية والمواطنة في سائر المقررات الدراسية وعدم حصرها في منهاج مادة التربية الوطنية فقط.
_ العمل على تأمين بيئات تعليمية ناجحة في المدارس ليتمكن المتعلّم من ممارسة قيم المواطنة الصالحة.
_ العناية بمن يتولون تدريس مادة التربية الوطنية من حيث الإختيار والتأهيل والإعداد والعمل على رفع مستوى أدائهم خاصّةً على مستوى طرائق التدريس والإلمام الكافي بالثقافات المتعدّدة.
_ ضرورة توافر لوازم التعليم في المباني المدرسية.
_ استغلال كافّة المواقف والمناسبات التاريخية والدينية والوطنية التي تحدث في لبنان من خلال إجراء مناقشات وتحليل الأوضاع بصورة موضوعية.
_ التركيز على الزيارات الميدانية والرحلات الى الأماكن السياحية اللبنانية.
_ تنويع برامج الأنشطة المدرسية لتشمل برامج كشفية ورياضية.
_ عقد ندوات واجتماعات من قبل المسؤولين في مجالات مختلفة بهدف مناقشة الطلاب في قضايا وطنية.
_ تقصّي ومعرفة الطرق التعليمية المنّفذة في صفوف الدراسة ومدى تنميتها لمفاهيم المواطنة بين المتعلمين.
_إجراء أبحاث تهتم بتقصّي وتحديد دور وسائل الإعلام بالتربية المدنية.
_ تنفيذ دراسات لمعرفة وتحديد مدى تأثير الفوارق الإجتماعية الإقتصادية على فهم القيم المدنية لدى الطلاب.
قائمة المراجع:
- الحبيب، فهد (2010). الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة. مركز آفاق للدراسات والبحوث. http: aafaqcenter.com/post/22
- الشراري، أحمد (2017). درجة تضمين القيم الاخلاقية في كتب التربية الوطنية للمرحلة الاساسية العليا (الثامن، التاسع، العاشر) في الاردن. مجلة العلوم التربوية والنفسيةـ، العدد الثاني، المجلد الأول، مارس 2017.
- المركز التربوي للبحوث والانماء (1998). مناهج التعليم العام واهدافها. تفاصيل محتوى منهج مادة التربية الوطنية والتنشئة المهنية. وزارة التربية والتعليم العالي. مطبعة صادر، بيروت، لبنان، تاريخ 1 تموز 1998.
- المركز التربوي للبحوث والانماء (1997). مناهج التعليم العام واهدافها. وزارة التربية والتعليم العالي. مطبعة صادر، بيروت، لبنان، تاريخ 11/6/1997
- المركز التربوي للبحوث والانماء (1998). التربية الوطنية والتنشئة المدنية. الدليل التربوي. التعليم الثانوي، السنة الاولى، طبعة اولى 1998، شركة النشر التربوي اللبناني ش. م. ل. سن الفيل- ص.ب 55624 لبنان.
- المركز التربوي للبحوث والانماء (1998). التربية الوطنية والتنشئة المدنية. الدليل التربوي. التعليم الثانوي، السنة الثانية، طبعة اولى 1998، شركة النشر التربوي اللبناني ش. م. ل. سن الفيل- ص.ب 55624 لبنان.
- المركز التربوي للبحوث والانماء (1998). التربية الوطنية والتنشئة المدنية. الدليل التربوي. التعليم الثانوي، السنة الثالثة، طبعة اولى 1998، شركة النشر التربوي اللبناني ش. م. ل. سن الفيل- ص.ب 55624 لبنان.
- حمزة، ميساء محمد مصطفى أحمد (2016). دراسة تحليلية لقيم المواطنة المتضمنة في كتاب المواطنة وحقوق الإنسان للصف الثاني الثانوي.
- دهوي، حيدر جميد (2008): العولمة والقيم رسالة في الطريق الى ما بعد العولمة وقيمها. (ط2)، دمشق، دار علاء الدين.
- عبدالدائم، عبدالله (1998). دور التربية والثقافة في بناء حضارة انسانية جديدة. دار الطليعة، بيروت.
- عزيز، مجدي (1998). المنهج التربوي والوعي السياسي. القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية.
- عليوه، السيد (2001). التعليم المدني والمشاركة السياسية للشباب (المواطنة والديمقراطية). مركز القرارات للاستشارات، القاهرة.
- فيروز وآبادي، محمد بن يعقوب (1424). القاموس المحيط. عمان، بيت الافكار الدولية.
- يحيى، مهى (2008). التربية والمواطنة في لبنان: نحو دولة المواطن التلامذة بين مدارسهم وطوائفهم. جريدة المستقبل. الأحد 14 ديسمبر 2008 http:// almustaqbal.com/article/320553