
واقع الدمج المدرسي للأطفال المعاقين سمعيا والخاضعين لزراعة القوقعة في الجزائر
أ.مراكشي الصالح/جامعة الجزائر 2
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 41 الصفحة 9.
ملخص:شهدت الجزائر تحولات هامة في مجال تربية وتعليم الأطفال المعاقين سمعيا، وذلك بالانتقال من تعليمهم داخل فصول ومراكز التربية الخاصة إلى تعليمهم في أقسام ملحقة بالمدارس العادية، ثم دمجهم كليا مع أقرانهم العاديين، بحيث يتلقون نفس البرامج والمناهج التي يتلقاها أقرانهم العاديين، وذلك من أجل تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع والوصول بهم إلى أقصى حد تسمح به إمكاناتهم وقدراتهم، خاصة في ضل التجارب العالمية الرائدة سواء العربية أو الغربية في مجال دمج الأطفال المعاقين سمعيا والتي أكدتها العديد من الدراسات الحديثة، حيث أجمعت غالبيتها على الفوائد الكبيرة التي سيجنيها الطفل المعاق سمعيا من جراء الدمج المدرسي، وتهدف هذه الورقة إلى التعرف على واقع دمج الأطفال المعاقين سمعيا والخاضعين لزراعة القوقعة في الجزائر، وذلك من خلال إبراز ايجابيات وسلبيات تطبيق هذا النظام على أرض الواقع، كما نستهدف في هذه الورقة التعرف على نوع الدمج المطبق في المدارس العادية بالإضافة إلى المراحل التي مرت بها الجزائر في عملية دمج الأطفال المعاقين سمعيا وفي الأخير نتقدم ببعض المقترحات المنبثقة من تجربتنا الميدانية التي من شأنها أن تساعد القائمين على نظام الدمج في الجزائر .
الكلمات المفتاحية: الدمج المدرسي، الإعاقة السمعية، زراعة القوقعة، المدارس العادية.
مقدمة:يعتبر دمج الأطفال المعاقين سمعيا من أحدث التوجهات التربوية والتعليمية في ميدان التربية الخاصة، ويقصد بالدمج وضع الطفل المعاق مع الطفل العادي داخل إطار التعليم النظام العادي مع تزويده بالخدمات المناسبة التي يحتاجها في القسم.
وقد لاقى هذا التوجه الرعاية والدعم الدوليين بصورة كبيرة من خلال عقد العديد من المؤتمرات الدولية لعل من أهمها مؤتمر سلامنكا في إسبانيا عام 1994 والذي عقدته منظمة اليونسكو، حيث أقرت الوثيقة الختامية لهذا المؤتمر بضرورة التوصل إلى مدارس للجميع، تضم جميع التلاميذ وترحب بما بينهم من فروق وتساند تعلمهم وتستجيب لاحتياجاتهم الفردية، وهذا نظرا للآثار الايجابية التي يتركها الدمج على الطفل المعاق في جميع النواحي النفسية والاجتماعية والأكاديمية، حيث أن إحدى الفوائد المحتملة للدمج هي قبول الأطفال العاديين لزملائهم من ذوي الإعاقة السمعية، كما أن الأطفال المدمجين اكتسبوا العديد من المهارات الأكاديمية والوظيفية مقارنة بأقرانهم غير المدمجين بسبب المستوى الرفيع من الإثارة الذي يتوفر في الفصول والمدارس العادية.[1]
لذلك نجد أن هناك اتفاقا عاما على أن المدرسة العادية هي البيئة الملائمة لتطوير الأداء الأكاديمي والتكيف الاجتماعي الانفعالي للطلبة المدمجين ذوي الإعاقة السمعية، من هنا حرصت الجزائر على مسايرة نفس التوجه الذي سلكته معظم الدول في العالم على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يشير تقرير the u.s. département of éducation 2000 أن حوالي 84 بالمائة من الصم وضعاف السمع يتلقون جزءا من الوقت في فصول التعليم العام[2]،وعليه فقد أصبح الدمج بكل أشكاله أحد الخيارات المتبعة في المدرسة الجزائرية، حيث تشير الإحصائيات التي قدمها رئيس الجمعية الوطنية “اسمع” للأطفال حاملي الزرع القوقعي السيد بن عبد الله محمد إلى استفادة 2000 حالة من هذه التقنية الحديثة منذ 2003.
أولا:مفاهيم الدراسة:
1- تعريف الدمج:
هناك العديد من العلماء الذين أشاروا إلى مفهوم الدمج ،حيث يشير العالم كوفمان ورفاقه في تعريف الدمج إلى أنه يعني الدمج الأكاديمي والاجتماعي المؤقت للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع نظرائهم العاديين بالاعتماد على التخطيط التعليمي الفردي المتطور والبرمجة، كما يتطلب توضيح مهام ومسؤوليات معلمي التربية الخاصة والمعلم العادي.
ويعتبر تعريف Kaufman,Gottlib,and Akukik من أكثر التعاريف شمولية وشيوعا فهم يرون أن المقصود بالدمج هو دمج الأطفال غير العاديين المؤهلين مع أقرانهم دمجا زمنيا وتعليميا واجتماعيا حسب خطة وبرنامج وطريقة تعليمية مستمرة تقرر حسب حاجة كل طفل على حده، ويشترط فيها وضوح المسؤولية لدي الجهاز الإداري والتعليمي والفني في التعليم العام والتعليم الخاص.[3]
2-تعريف الإعاقة السمعية:
هو مصطلح عام يشمل كل درجات وأنواع فقدان السمع فهو يشمل كل من الصم وضعاف السمع، وهذا المصطلح يشير إلى وجود عجز في القدرة السمعية بسبب وجود مشكلة في مكان ما في الجهاز السمعي، فقد تحدث المشكلة في الأذن الخارجية أو الوسطى أو الداخلية أو في العصب السمعي الموصل إلى المخ، والفقدان السمعي قد يتراوح مداه من الحالة المعتدلة إلى أقصى حالة من العمق والتي يطلق عليها الصمم.[4]
3- تعريف الزرع القوقعي :
القوقعة هي جهاز إلكتروني صغير يتم زرعه مكان القوقعة التالفة بعد استخراجها، بحيث يتيح إمكانية السمع ويحسن قدرة الاتصال اللفظي للأشخاص المصابين بفقدان السمع الحسي العصبي الحاد، والذين لم يستفيدوا من المعينات السمعية بعد فترة من التأهيل المناسب لذلك، وهي تعتبر نوع من التجهيزات السمعية الحديثة وهي مصممة لإثارة العصب السمعي مباشرة، حيث تزرع أقطاب كهربائية في القوقعة، القطب الكهربائي الذي يكون ملحقا أو مربوطا مع دورة كهربائية مزروعة في العظم الصدغي، الإشارات الصوتية تستقبل بواسطة ميكرفون ملحق أو مربوط مع مضخم بالغ التعقيد، المضخم عندئذ يرسل للقطب بواسطة الدورة المزروعة وعندما يستقبل القطب الكهربائي الإشارة فإنه يزود بإشارات كهربائية للقوقعة وبالتالي إثارة العصب السمعي.[5]
ثانيا: مبررات الدمج:
هناك العديد من المبررات التي أدت إلى ظهور فكرة الدمج أهمها:
1- التغير الواضح في الاتجاهات الاجتماعية نحو الأطفال غير العاديين من السلبية إلى الإيجابية، ففي الوقت الذي كانت الاتجاهات السلبية هي السائدة والمتمثلة في العزل والشعور بالذنب والقلق والخجل، أصبحت الاتجاهات الإيجابية هي السائدة والمتمثلة في الاعتراف بوجود الطفل غير العادي، والبحث عن حلول لمشكلاته وفتح مراكز تربية خاصة ثم الصفوف الخاصة في المدرسة العادية وأخيرا فكرة الدمج.
2- ظهور القوانين والتشريعات التي أصبحت تنص صراحة على حق الطفل غير العادي في تلقي الرعاية الصحية والتربوية والاجتماعية.
3- تزايد عدد الأطفال غير العاديين في بعض المجتمعات وخاصة الدول النامية بالرغم من برامج الوقاية والتدخل المبكر.
4- ظهور بعض الفلسفات التربوية التي تؤيد دمج الأطفال غير العاديين في المدارس العادية، وذلك لعدد من المبررات أهمها توفير الفرص الطبيعية للأطفال غير العاديين والمحافظة على التوزيع الطبيعي للأطفال في المدرسة. [6]
ثالثا: أشكال الدمج المدرسي:
إن أساليب دمج الأطفال المعاقين سمعيا تختلف من بلد إلى أخر حسب إمكانات كل منها،بحيث يمتد من مجرد و ضعهم في فصل خاص ملحق بالمدرسة العادية، إلى دمجهم كلية في الفصول والمدارس العادية، ومن أكثر أشكال الدمج المدرسي استعمالا وشيوعا نجد ما يلي:
1-الدمج الكلي: ويقصد به دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم العاديين داخل الفصول الدراسية المخصصة للأطفال العاديين، ويدرسون نفس المناهج الدراسية التي يدرسها نظراؤهم العاديون مع تقديم خدمات التربية الخاصة.
2- الدمج الجزئي: ويقصد به دمج الطفل ذوي الاحتياجات الخاصة في مادة دراسية أو أكثر مع أقرانه العاديين داخل الفصول الدراسية العادية.[7]
رابعا: أهداف الدمج المدرسي:
- إتاحة الفرصة لجميع الأفراد المعوقين للتعليم المتكافئ والمتساوي مع أقرانهم من الأفراد في المجتمع.
- إتاحة الفرص للمعوقين للانخراط في الحياة العادية والتفاعل مع الآخرين.
- إتاحة الفرصة لطلاب المدارس العادية للتعرف على الطلاب المعوقين عن قرب وتقدير مشكلاتهم ومساعدتهم لمواجهة متطلبات الحياة، بالإضافة إلى ذلك فإن الدمج يساهم في محو الأفكار الخاطئة حول خصائص أقرانهم وإمكاناتهم وقدراتهم من المعوقين.
- يساعد الدمج في تخليص المعوقين من جميع أنواع المعيقات المادية والمعنوية مما يهيئ لهم المشاركة الفاعلة في جميع مناحي الحياة.
- التقليل من التكلفة المادية في إقامة مؤسسات التربية الخاصة ومراكز الإقامة الداخلية.
- يعتبر الدمج المدرسي متسقا ومتوافقا مع القيم الأخلاقية للمجتمع والثقافة.[8]
- زيادة فرص التفاعل الاجتماعي وذلك من خلال زيادة فرص التفاعل الصفي بين الطلبة العاديين والطلبة غير العاديين سواء في غرفة الصف أو في مرافق المدرسة وذلك من خلال الأنشطة التي تساعد على تقبل الأطفال غير العاديين.
- تعديل الاتجاهات نحو فئة المعاقين من نظرة سلبية إلى نظرة إيجابية من قبل العاملين في المدرسة، حيث أن معرفة هذه الفئة وتعديل أدائها يعمل على تعديل تلك الاتجاهات وخاصة المتعلقة بالرفض أو عدم التعاون إلى اتجاهات إيجابية.[9]
وهناك أهداف أخرى لدمج الأطفال المعاقين سمعيا في المدارس العادية منها:
- حث الطفل المعاق سمعيا على ممارسة الاتصال وتعلم اللغة، بوضعه في وسط سالم سمعيا حيث يتوفر الحوار وتبادل الكلام.
- التكفل بالطفل المعاق سمعيا في سن مبكرة، من خلال برامج لا تختلف عن برامج الطفل السليم سمعيا.
- الاحتفاظ بالطفل داخل محيط عائلي ومحيطه العادي حتى يتفادى نظام الداخلية وذلك ابتداء من سن ست سنوات .
- وضع حد لعزلة الطفل المعاق سمعيا وإعطائه فرصة الاستفادة من التربية والتعليم التي يتمتع بها جميع التلاميذ العاديين وفق شروط تحضيرهم للعيش سويا عن طريق التعليم وتقبل الفروق.
- إعداد الطفل الأصم للاندماج في الحياة المهنية.
- السماح للطفل الأصم بالنمو في وسط يتعلم فيه القواعد الاجتماعية وبالخصوص تلك التي تتعلق بسلوكياته وطريقة اتصاله. [10]
خامسا: إيجابيات وسلبيات الدمج المدرسي للأطفال المعاقين سمعيا:
يمكن إيجاز أهم الإيجابيات والسلبيات الناتجة عن تطبيق نظام الدمج المدرسي للأطفال المعاقين سمعيا في النقاط التالية:
1- الإيجابيات:
- توفير الخدمة التعليمية للمعاقين في أماكن إقامتهم.
- تقبل المجتمع للمعاق سمعيا وتنمية الاتجاهات الإيجابية نحوه.
- توفير الكثير من النفقات المادية للوالدين والدولة.
- تهيئة المعاق سمعيا للاندماج في الحياة الطبيعية.
- إتاحة الفرصة للطفل المعاق سمعيا للعيش مع أسرته دون أن يضطر للانفصال عنها.
- تواجد الطفل المعاق سمعيا مع الطفل العادي يخلق قدرا من التواصل والتفاعل قد يبدوا ضئيلا ولكنه خطوة إلى الأمام.
- تعدل من اتجاه القائمين على التعليم والتلاميذ العاديين نحو زميلهم المعاق سمعيا.
- زيادة التواصل بين الأسرة والمدرسة نتيجة التفاعل اليومي مع الأحداث.
- تفعيل التشريعات والقوانين التي تنادي بحق المعاق سمعيا في التعليم العادي.
- زيادة تقبل المعاق سمعيا لذاته حيث يشعر أنه مثل التلميذ العادي.
- كسر حاجز الرفض والخوف بين الطفل المعاق سمعيا والطفل العادي.
- تنمية إحساس التلميذ العادي بالمسؤولية نحو زميله المعاق سمعيا.
- زيادة تقبل الوالدين لفكرة الدمج وأن الطفل المعاق سمعيا يستطيع التعلم مثل زميله العادي وبالتالي إمكانية تعليم المعاق سمعيا حتى المستوى الجامعي.
- زيادة أعداد المعلمين المتخصصين في الإعاقة السمعية وطرق التواصل مع الأطفال المعاقين سمعيا.
2- السلبيات:
أهم سلبيات الدمج المدرسي نذكر منها:
- تعرض التلميذ المعاق سمعيا للكثير من مواقف الإحباط والفشل نتيجة تفاعله مع التلميذ العادي.
- شعور التلميذ المعاق سمعيا بالعزلة والحجز داخل المدرسة العادية.
- عدم وضوح الهدف من نظام الدمج في ذهن القائمين على العملية التعليمية وأيضا عند المعلمين وذلك لإحساسهم بأنها عبئا ثقيلا عليهم ولم يشعروا بفائدتها ولا الهدف المرجو منها.
- عدم وجود خطط واضحة حتى الآن عن ماهية الدمج ونوعه والأهداف المرجوة من تحقيقها والمخرجات المنتظرة.
- مازال هناك بعض الأسر الرافضة لتجربة دمج أطفالهم في المدارس العادية ويفضلون إلحاقهم بالمعاهد الخاصة بتعليم المعاقين سمعيا لأن هذا يوفر لهم الرعاية والحماية ويحفظهم من الرعاية الدنيوية من زملائهم العاديين، كما توفر لهم نظام تعليمي يتناسب مع قدراتهم، ويرجع ذلك إلى عدم تهيئة هذه الأسر لتقبل فكرة الدمج أو إدراك الفوائد العائدة على الطفل.
- أدى تطبيق نظام الدمج في بعض المدارس فقط إلى تكدس الأطفال المعاقين سمعيا داخل الفصول الدراسية مما يعوق العملية التعليمية بالنسبة لهم.
- عدم توافر غرفة مصادر في أي مدرسة من مدارس نظام الدمج رغم أهميتها للمعلم والتلميذ لإنجاح نظام الدمج، وأيضا عدم مراعاة نظام الفصول كنظام الإضاءة والمقاعد والوسائل السمعية المعينة لاحتياجات المعاق سمعيا.
- انعكاس الاتجاهات السلبية الرافضة للمعلمين والتلاميذ العاديين نحو دمج التلميذ المعاق سمعيا على العلاقات البين شخصية بين الطفل المعاق وأقرانه أو بينه وبين المعلمين.
- سلبية المعلمين وعدم قيامهم بدور إيجابي لتعليم الطفل العادي كيفية التفاعل مع المعاق سمعيا والتواصل معه أو التداخل لحل ما ينشأ بينهم من مشاكل.
- عدم مراعاة الأعمار الزمنية بين التلاميذ العاديين والمعاقين سمعيا وهذا ما يؤدي إلى نشوء بعض المشكلات الخاصة. [11]
سادسا: شروط نجاح الدمج المدرسي للأطفال المعاقين سمعيا:
يعتبر الدمج من العمليات المعقدة التي تحتاج إلى تخطيط سليم للتأكد من نجاح البرنامج، بحيث يكون مخططا له بصورة دقيقة، حيث أن الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية والذين سيستفيدون من هذا البرنامج يجب أن يحصلوا على مستوى من التعليم لا يقل عن البرامج المطبقة في المدارس الخاصة، أيضا وجود الطفل المعاق سمعيا في المدارس العادية لا يجب أن يؤثر بأي حال على برنامج المدرسة العادية ومستوى تقدم وطموح الأطفال، وأن لا يشكل عبئا إضافيا على المعلم في المدرسة العادية لذا لابد من مراعاة الجوانب التالية:
– تهيئة المدرسة للدمج وتزويدها بالأدوات والتجهيزات اللازمة والتأكد من انطباق المدرسة الدامجة عليها.
– نشر ثقافة الدمج بالمدرسة وتوعية المعلمين بأهمية الدمج وضرورة التكاتف معا لتحقيق نجاحه نظرا لأهميته في تحقيق الدمج المجتمعي، ويجب أن يتشاور معلم الصف العادي مع معلم التربية الخاصة وتزويده بالمواد الخاصة والأجهزة الخاصة وحتى بالطرق والأساليب الخاصة كي يتم التعامل الفعال مع هؤلاء الطلاب.
– القيام بنشر فكرة الدمج المدرسي ومفهومه وأهدافه وأهميته بين كافة شرائح المجتمع وقطاعاته من خلال نشاط المدرسة في المجتمع وهو الأمر الذي يتطلب من الإعلام بكافة أنواعه وأساليبه أن يلعب دورا هاما في هذا الصدد.
– تهيئة الأسرة للشراكة مع المدرسة بدءا من معرفة مواعيد التسجيل في المدرسة وحتى المشاركة في الفعاليات المختلفة التي تقوم المدرسة بها ومساعدة ابنهم المعاق في أداء واجباته المنزلية أو ما يتم تخصيصه له من تكاليف ومتابعته في المدرسة بانتظام.
– إرشاد الأسرة إلى ضرورة اصطحاب الطفل المعاق إلى المدرسة وخاصة في الأيام الأولى إلى أن يتعود الذهاب إلى المدرسة وحده أو برفقة شخص آخر.
– تزويد المعلمين بالتشخيص الدقيق لحالة الطفل وكيفية التعامل معه وتهيئتهم للقيام بالتدريس له وتقديم العون اللازم من جانبهم حتى يتمكن من مسايرة أقرانه في الصف، كما يمكن أن يقوم معلم التربية الخاصة بإعطاء معلم الصف العادي جرعة تثقيفية في هذا الإطار تكيفه للتعامل مع أولئك الأطفال، أو يرشده إلى مصادر أخرى يمكن أن يستغلها في ذلك أو يساعده على استخدام وسائل وأساليب معينة.
– تهيئة الأطفال العاديين لاستقبال واستيعاب زميلهم المعاق سمعيا في الصف ومساعدتهم له على تخصيص أوقات معينة يقومون خلالها بتقديم المساعدة اللازمة له.
– توعية المعلمين والتلاميذ بالكيفية التي يتعاملون بها مع الطفل المعاق، وبالطريقة التي يمكنه بها أن يشارك في الأنشطة المدرسية المختلفة بما يتناسب مع قدرته وإمكاناته. [12]
سابعا: مراحل الدمج المدرسي للأطفال المعاقين سمعيا في الجزائر :
شهدت الجزائر تحولات هامة في مجال تربية وتعليم الأطفال المعاقين سمعيا، وذلك من تعليمهم داخل فصول ومراكز التربية الخاصة إلى تعليمهم بأقسام ملحقة بالمدارس العادية ثم دمجهم كليا مع أقرانهم العاديين، وفي هذا السياق يمكن تقسيم هذا التطور إلى مراحل متميزة حسب الأحداث والتحولات الجوهرية التي طرأت عليها والتي يمكن رصدها على النحو التالي:
المرحلة الأولى: التربية داخل المراكز المختصة (1962-1976)
سايرت تربية الطفل المعاق سمعيا في هذه الحقبة الفلسفة السائدة آنذاك بمعنى اعتبار الأصم طفلا معاقا وتلقينه تعليما عاما على ما يتم تحضيره للحياة العملية التي عادة ما اقتصرت على تعلم مهن وحرف بسيطة.
المرحلة الثانية: (1976-1980)
بظهور قانون التعريب وبرنامج إصلاح المنظومة التربوية بالجزائر اعتمدت اللغة العربية الفصحى والطريقة اللفظية النغمية في هذه المراكز قصد مواكبة البرامج التربوية المعتمدة في المدارس العادية.
المرحلة الثالثة:التخطيط لسياسة إدماج الأطفال المعاقين سمعيا وسط العاديين:
كخطوة أولى نحو تحقيق مجتمع الجميع انعقد ملتقى وطني في يومي 14/16 مارس 1981 الهدف الأساسي منه هو رفض العزلة، وإتاحة الفرص للأشخاص المعوقين ومن بينهم المصابين بإعاقة سمعية مزاولة الدراسة في المدارس العادية، نتجت عن هذه الحركة التي تبنتها عدة جهات خاصة تلك المدافعة عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني محاولات نموذجية فردية تطوعية، ثم توالت الجهود لتصل إلى مستوى من الخدمات تقوم فيه المؤسسات الوطنية بخدمة ذوي الإعاقة السمعية، و شملت المحاولات الأولى دور الحضانة لبعض الشركات الوطنية الكبرى من خلال إدماج مجموعة من الأطفال المعاقين سمعيا على مستوى روضة سوناطراك وروضة نفطال.
وتوسعت التجربة إلى مدارس التربية الوطنية انطلاقا من سنة 1990، حيث تم فتح صفوف خاصة بالمدارس العادية، كانت البداية بطيئة، ثم تزايد عدد الأقسام المدمجة وعدد التلاميذ وذلك في الجزائر العاصمة وضواحيها لتسهل دمج المعاق سمعيا في المجتمع باعتبار أن الدمج المدرسي هو تمهيد وتحضير للدمج الاجتماعي.
إلا أن هذه التجربة واجهت مجموعة من الصعوبات بسبب المشكل الذي تعاني منه معظم المدارس الجزائرية وهو اكتظاظ الأقسام، إذ يعتبر فتح قسم لا يتجاوز عدد التلاميذ فيه 8 إلى 9 تلاميذ أمر صعب جدا، لأنه في هذه الحالة سيحرم الكثير من التلاميذ العاديين من قسم يمكن أن يحمل 35 إلى 40 تلميذا إضافة إلى عدم توفر الأجهزة المكبرة للصوت والعازلة له وغيرها.
وفي نهاية التسعينات وتطبيقا لما ورد في القانون الوزاري المشترك بين وزارة العمل والحماية الاجتماعية والتكوين المهني آنذاك ووزارة التربية الوطنية 10/12/1998 والذي وضع الإطار القانوني التنظيمي لفتح الأقسام المدمجة الخاصة بالأطفال ضعيفي الحواس ( فاقدي السمع والمكفوفين ) في المؤسسات التعليمية التابعة لقطاع التربية الوطنية، انتشرت فكرة الدمج بالمدارس العادية لصالح فئة ذوي الإعاقة السمعية وانتشرت الصفوف الخاصة في عدد كبير من ولايات الوطن وهذا ما أعطى لهذه التجربة الطابع الرسمي وتم توسيعها على المستوى الوطني، وتتوزع هذه الأقسام على النحو التالي:
120 قسما تتوزع على 20 ولاية.
60 قسمـا منها في ولاية الجزائر.
وفي الآونة الأخيرة امتد الاتساع ليشمل دمج الأطفال الصم مع أقرانهم العاديين في الفصل الدراسي العادي والأطفال الخاضعين لزراعة القوقعة.
ثامنا: واقع دمج الأطفال الصم الخاضعين لزراعة القوقعة في الجزائر :
تسجل هذه الفئة من الأطفال على مستوى الروضة التابعة للأقسام المدمجة، حيث يدمج الطفل كليا مع الأطفال سليمي السمع ويشارك معهم في كل النشاطات لكنه ينفرد عنهم في الحصص الفردية التي يشرف عليها فريق متخصص متكون من أستاذ التعليم المتخصص، المختص الأرطوفوني، والمختص الإكلينيكي والمربي.
يتبع الطفل برنامجا وفقا لقدراته ونوع تجهيزه، تعرف هذه المرحلة باسم مرحلة التنطيق وتدوم سنتين وتعتبر القاعدة اللغوية للطفل.
في أخر هذه المرحلة يقيم مستوى الطفل ويقرر بعد ذلك إذا كان بإمكانه الانتقال إلى مستوى أعلى.
في سن خمس سنوات يسجل في قسم تحضيري خاص بهذه الفئة في مدرسة تابعة لوزارة التربية الوطنية، يتابع البرنامج المقرر مثل الأطفال سليمي السمع ويشرف عليه في هذه المرحلة الفريق المتخصص المذكور سابقا ونضيف إليهم فيما بعد المختص البيداغوجي في مستويات تعليمية.
يشارك الطفل الخاضع لزراعة القوقعة الأطفال الآخرين اللعب في وقت الراحة في حصص التربية البدنية وفي مختلف الحفلات المقامة في المدرسة كما يلتقي معهم في المطعم المدرسي أثناء وجبة الغذاء.
يشجع الطفل الخاضع لزراعة القوقعة على مشاركة الأطفال سليمي السمع في اللعب والدخول معهم في دائرة الاتصال لتعزيز رصيده وأدائه اللغوي، كما تحفز المعلمين الآخرين والتلاميذ السالمين سمعيا على تقبل هؤلاء الأطفال.
يقيم التلاميذ شهريا كما ينظم الفريق المتخصص اجتماعات كل نهاية أسبوع واجتماع مع الأولياء في نهاية كل فصل دراسي.
يقيم التلاميذ على المستوى اللغوي ويقرر بعد ذلك انتقاله إلى مستوى السنة الأولى أين تبدأ مرحلة التمدرس.[13]
كما تجدر الإشارة إلى مجموعة من الملاحظات التي لاحظناها أثناء زياراتنا المتكررة للمدارس التي تضم أطفال خاضعين لزراعة القوقعة من أهمها:
- تقبل المعلمين والمدراء والتلاميذ العاديين لتواجد الأطفال المعاقين سمعيا معهم في نفس المؤسسة.
- وجود رصيد لغوي لا بأس به لدى هؤلاء الأطفال.
-تواصل الأطفال المعاقين سمعيا مع أقرانهم العاديين باستخدام اللغة الشفوية.
- سلوكيات إيجابية ومشاركة فعالة في الدرس داخل القسم.
خاتمة:
المتتبع لواقع دمج الأطفال المعاقين سمعيا والخاضعين لزراعة القوقعة في الجزائر يلاحظ النقلة النوعية التي حققها هذا النظام على أرض الواقع، حيث تم سن القوانين التي تكفل لهم الحق في التعليم كغيرهم من الأطفال، كما حقق هذا التوجه العديد من النتائج الايجابية خاصة على مستوى التفاعل الاجتماعي والمستوى اللغوي، إلا أن هناك بعض الصعوبات التي تعترض نجاحه، مما يقتضي بذل المزيد من الجهود.
والتي يمكن تقديمها على شكل اقتراحات منها:
- ضرورة اكتساب اللغة الأم قبل الدخول إلى المدرسة.
- ضرورة إجراء تقييم لغوي للطفل المعاق سمعيا يكون قريب من مستوى زملائه العاديين قبل الدخول إلى المدرسة.
- وضع إستراتيجية واضحة من قبل وزارة التضامن الوطني ووزارة التربية الوطنية لتحديد نوع الدمج الملائم لهذه الفئة.
- التنسيق الجيد بين المعلم وأولياء التلميذ والمختصة الأرطوفونية هو مفتاح نجاح عملية الدمج.
- التجهيز المبكر للأطفال المعاقين سمعيا.
- اختيار معلمين أكفاء وإخضاعهم لتكوين في مجال رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
- الدمج المبكر للأطفال المعاقين سمعيا داخل الروضة الموجودة في نفس الحي الذي يسكن فيه.
- تعديل اتجاهات بعض المعلمين والمدراء الرافضين لفكرة الدمج وإعلامهم بنتائجها المستقبلية.
قائمة المراجع:
1-إبراهيم الزريقات، الإعاقة السمعية، دار وائل، عمان، الطبعة الأولى، 2003.
2-أحمد الحسين اللقاني وأمير القريشي،مناهج الصم:التخطيط والبناء والتنفيذ،عالم الكتب، مصر،الطبعة الأولى، 1999
3- إيمان فؤاد الكاشف، تقييم تجربة دمج المعاق سمعيا بمدارس التعليم العام، الندوة العلمية الثامنة للإتحاد العربي للهيئات العاملة للصم (تطوير التعليم والتأهيل لضعاف السمع)، مركز دراسات وبحوث المعوقين، بدون سنة.
4- بطرس حافظ بطرس، إرشاد ذوي الحاجات الخاصة وأسرهم، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 2007.
5- بطرس حافظ بطرس، سيكولوجية الدمج في الطفولة المبكرة،دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى،2009.
6-عادل عبد الله محمد، متطلبات الدمج الشامل للأطفال غير العاديين في مدارس التعليم العام رؤية مستقبلية، المؤتمر العلمي الحادي عشر للتربية وحقوق الإنسان لكلية التربية جامعة طنطا، 2007.
7- عادل عبد الله محمد، آليات تفعيل الدمج الشامل للطلاب ذوي الإعاقات في مدارس التعليم العام كمدخل لدمجهم الشامل في المجتمع، بحث مقدم إلى الملتقى الثاني عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، عمان، مسقط، 2012.
8-علي عبد رب النبي محمد حنفي، متطلبات دمج الطلاب الصم في المدرسة العادية من وجهة نظر العاملين في مجال تربية وتعليم الصم والسامعين دراسة ميدانية بمدينة الرياض، الندوة العلمية الثامنة للإتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم (تطوير التعليم والتأهيل للأشخاص الصم وضعاف السمع ) الرياض –مركز الملك فهد الثقافي- ، خلال الفترة من 28-30أفريل 2008.
9- فاروق الروسان، قضايا ومشكلات في التربية الخاصة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 1998.
10- مصطفى القمش وآخرون، قضايا وتوجهات حديثة في التربية الخاصة، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 2008.
11-وزارة التشغيل والتضامن الاجتماعي، المديرية المركزية للنشاط الاجتماعي، دليل منهجي خاص بالأقسام المدمجة إعاقة سمعية، مطبوعات غير منشورة، 2002.
12- يمينة بوسبتة، واقع تجربة الإدماج المدرسي في الجزائر الإعاقة السمعية نموذجا، بحث مقدم إلى الملتقى الثاني عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، سلطنة عمان، مسقط، خلال الفترة من 6 إلى8 ماي 2012.
[1]عادل عبد الله محمد، متطلبات الدمج الشامل للأطفال غير العاديين في مدارس التعليم العام رؤية مستقبلية، المؤتمر العلمي الحادي عشر للتربية وحقوق الإنسان لكلية التربية جامعة طنطا، 2007،ص10.
[2]علي عبد رب النبي محمد حنفي، متطلبات دمج الطلاب الصم في المدرسة العادية من وجهة نظر العاملين في مجال تربية وتعليم الصم والسامعين دراسة ميدانية بمدينة الرياض، الندوة العلمية الثامنة للإتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم (تطوير التعليم والتأهيل للأشخاص الصم وضعاف السمع ) الرياض –مركز الملك فهد الثقافي- خلال الفترة من 28-30أفريل 2008،ص2
[3]مصطفى القمش وآخرون، قضايا وتوجهات حديثة في التربية الخاصة، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 2008،ص308.
[4]أحمد الحسين اللقاني وأمير القريشي،مناهج الصم:التخطيط والبناء والتنفيذ،عالم الكتب،مصر، الطبعة الأولى، 1999،ص20.
[5]إبراهيم الزريقات، الإعاقة السمعية، دار وائل، عمان، الطبعة الأولى، 2003،ص40
[6]عبد رب النبي محمد حنفي، مرجع سبق ذكره، ص ص309-310.
[7]بطرس حافظ بطرس، سيكولوجية الدمج في الطفولة المبكرة،دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى،2009،ص34.
[8]بطرس حافظ بطرس، إرشاد ذوي الحاجات الخاصة وأسرهم، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 2007،ص147.
[9]فاروق الروسان، قضايا ومشكلات في التربية الخاصة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 1998،ص35.
[10]وزارة التشغيل والتضامن الوطني، دليل منهجي خاص بالأقسام المدمجة إعاقة سمعية، مطبوعات غير منشورة،2002،ص5.
[11]إيمان فؤاد الكاشف، تقييم تجربة دمج المعاق سمعيا بمدارس التعليم العام، الندوة العلمية الثامنة للإتحاد العربي للهيئات العاملة للصم (تطوير التعليم والتأهيل لضعاف السمع) مركز دراسات وبحوث المعوقين، بدون سنة، ص ص15-16.
[12]عادل عبد الله محمد، آليات تفعيل الدمج الشامل للطلاب ذوي الإعاقات في مدارس التعليم العام كمدخل لدمجهم الشامل في المجتمع، بحث مقدم إلى الملتقى الثاني عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، عمان، مسقط، 2012،ص12.
[13]يمينة بوسبتة، واقع تجربة الإدماج المدرسي في الجزائر الإعاقة السمعية نموذجا، بحث مقدم إلى الملتقى الثاني عشر للجمعية الخليجية للإعاقة، سلطنة عمان، مسقط، خلال الفترة من 6 إلى8 ماي 2012،ص ص2-4.