
توجهات السياسة العامة في الجزائر ما بين 2001-2018
السياسة السكانية أنموذجا
د. بن غربي ميلود/ استاذ محاضر قسم “ا” بكلية الحقوق والعلوم السياسة، جامعة الجلفة – الجزائر.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 15 الصفحة 89.
مقدمةتضطلع السياسة العامة بالعديد من المهام لاسيما في مجال الاسكان وتنظيم نمط الاستيطان البشري لأهميته البالغة في تحقيق التنمية والرفاه للمواطن، وهو ما جعل السلطات العمومية وصناع القرار في الجزائر يولون اهتماما كبيرا لهذا القطاع الحيوي، وذلك بهدف تقليص نسبة العجز المتزايد في هذا المجال لاسيما منذ 2001 إلى غاية 2017، حيث تعد سياسة السكن المنتهجة والتي كانت تعتمد في مجملها على الدور الاساسي للدولة بمثابة السبب الرئيسي لتفاقم أزمة السكن ،والتي تزداد يوما بعد يوم نتيجة لارتفاع معدلات النمو السكاني وغياب الشفافية والتخطيط الجيد، علاوة على قلة الموارد والامكانيات المالية، وعلى هذا الاساس يمكن طرح الاشكالية التالية ما هي سبل ترشيد السياسة العامة في قطاع الاسكان ما بين 2001 و 2017، والتي حاولنا الاجابة عليها في هذه الدراسة في مبحثين، حيث تناولنا في المبحث الاول الاطار النظري والتطبيقي للسياسة العامة في الجزائر، أما المبحث الثاني تناولنا فيه صيغ وسياسة الاسكان في الجزائر.
المبحث الاول: الاطار النظري والتطبيقي للسياسة العامة في الجزائر
أولا: مدلول السياسة العامة
يتداول بعض الكتاب مصطلح السياسة العامة Bublic policy في الاستخدام العام ليشير إلى تصرفات بعض المشاركين Actors ، أو منظومة منهم في نظام صنع السياسة العامة، وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى تصرفات وقرارات مسئول تنفيذي أو مؤسسة حكومية أو سلطة تشريعية في مجال حكومي معين كالسكن، وما يؤخذ على هذا التعريف انه يركز على القرارات الايجابية ويهمل القرارات السلبية[1]،
فالسياسة العامة يمكن النظر إليها على أساس أنها تشمل ليس فقط كل ما تود الحكومة عمله، ولكن تشمل أيضا امتناعها من أن تقوم بعمل ما، ويعرف النوع الأخير من السياسات بالسياسات السلبية Negatives policies والتي تكون لها تأثيرات هامة وخطيرة أحيانا كامتناع الحكومة من اتخاذ قرارات بشأن الحفاظ على البيئة. و رغم أهمية هذا النوع من السياسات فإنه يتم التركيز عادة على السياسات الايجابية Positives policies[2]، فالسياسة العامة هي تلك التي تطورها الاجهزة الحكومية من خلال مسؤولياتها. علما ان بعض القوى غير الحكومية أو غير الرسمية قد تسهم أو تؤثر في رسم وتطوير بعض السياسات العامة وتستمد خصوصيتها من كونها متخذة من قبل السلطات المخولة من جانب النظام السياسي، وهؤلاء عادة هم المشرعون والقياديون والحكام والملوك والرؤساء والمجالس والهيئات العليا، فهم المسؤولون وهم الذين يتمتعون بالسلطات لرسم السياسات والتصرف في اطار صلاحياتهم التي تكون عامة ومحددة وليست مطلقة[3].
وعليه فالسياسة العامة تشمل الاوجه التالية:
1- أنها تشمل الاعمال الموجهة نحو الاهداف المقصودة ولا تشمل التصرفات العشوائية والعفوية التي تصدر عن بعض المسؤولين فالسياسات العامة في ضوء الانظمة السياسية لا تتضمن أشياء تحدث توا.
2- انها تشمل البرامج والاعمال المتسقة التي تصدر عن القادة الحكوميين وليست القرارات المنفصلة والمنقطعة، انها وفقا لهذا الاطار تتضمن المراسيم الصادرة لتشريع القوانين، وكذلك القرارات المنفذة لهذه القوانين.
3- وتشمل السياسة العامة جميع القرارات الفعلية لمعالجة مشكلة السكن وتوزيع الاراضي أو الضابطة للتجارة أو الصيد، ولا تشمل ما تنوي الحكومة ان تفعله أو تعد لفعله، فعندما ترجو الحكومة ارباب العمل ان يرفعوا من مستوى اجور العمال ويحسنوا اوضاعهم المعيشية، ثم تترك الامر لهم فلا يفعلون شيئا، فان هذا الرجاء لا يسمى سياسة عامة لتحديد الاجور[4] بل مجرد وعود غير مؤسسة.
والسياسة العامة لاسيما في شكلها الايجابي اي الآمرة ينبغي ان تكون شرعية و قانونية، حتى تصبح ملزمة للخاضعين لها، كتلك التي تنص على دفع الضرائب والرسوم، وهذا ما يحتم صدورها من الجهات المخولة بذلك وعبر المراحل والخطوات التي يستلزمها تحقيق الشرعية، ويمكن فهم مصطلح السياسة العامة بصورة ادق حينما يجزأ الى اصنافه مثل مطالب السياسة العامة، القرارات، التصريحات، المخرجات، الفوائد[5]، وليس من الضروري ان تظهر هذه الاصناف بنفس التسلسل من الناحية النظرية.
ومن المهم التنويه الى ان السياسة العامة لها هدف واضح، فالأعمال التي تصدر عفويا أو تمثل اتجاه فرديا لصانعي السياسة العامة كالفساد والرشوة والمحسوبية، لا تشكل في حد ذاتها سياسة عامة، هذا وعملية صنع السياسات العامة بطبيعتها تتطلب الاختيار بين اهداف وبدائل وتتضمن عنصر الاختيار دائما لمقاصد معينة[6]، كما انه من المهم التنويه ايضا الى ان السياسة العامة تختلف في طبيعة اجراءات صنعها من دولة الى اخرى تبعا للنظام السياسي ودور الاجهزة الحكومية وغير الحكومية في كل منها، الى جانب مجموعة من العناصر المتمثلة في الدستور المعتمد، السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية، الاحزاب السياسية، جماعات الضغط، الصحافة والرأي العام، الإمكانات والموارد المتوفرة، وطبيعة الظروف العامة للدولة[7].
وقد زاد الاهتمام بموضوع السياسة العامة بعد الحرب العالمية الثانية، وتم التركيز على مفهومها وكيفية بلورتها والتبصر في اهدافها ومضامينها وحتى اساليب تنفيذها، وذلك نتيجة لتعاظم دور الدولة وجدوى تدخلها في النشاط الاقتصادي لإعادة بناء الاقتصاد القومي، فاضحت في كثير من الاحيان هي السلطة المهيمنة والمنسقة لكافة الوظائف السياسية والاجتماعية والثقافية[8]
ثانيا: السياسة العامة في الجزائر
تعزز صنع السياسة العامة في الجزائر مع توفر مصادر التمويل الناتجة عن الارتفاع القياسي والتصاعدي لأسعار النفط منذ 2001، وما افرزته من تطور ايجابي للمؤشرات الاقتصادية خصوصا الارتفاع الكبير لقيمة الناتج المحلي الاجمالي وتحسن ميزان المدفوعات واحتياط الصرف[9]، فقد مكنت الموارد المالية من التسديد المسبق للمديونية الخارجية، واطلاق مجموعة من المخططات التنموية بدءا ببرنامج دعم الانعاش الاقتصادي (2001-2004). ثم البرنامج التكميلي لدعم النمو والبرنامجين التكميليين لفائدة ولايات الهضاب العليا والجنوب (2005-2009). والمخطط الجماعي (2010-2014).[10]غير انه وفي ظل مظاهر اللامبالاة السياسية التي تبرز من حيث كون توجهات المواطن الجزائري نحو المواضيع السياسية ضعيفة للغاية، اذ انه لا يربط نفسه بأية طريقة ايجابية بالمؤسسات السياسية الوطنية ولا القضايا السياسية المحلية والجهوية، حيث يسود الاعتقاد لديه بأنه غير مؤثر فيها[11]، وأن النظام السياسي لا يتيح له تلك المشاركة، ولعل ذلك يعود الى طبيعة الاطار السياسي من حيث انعدام المناخ الديمقراطي السليم وضعف العمل الدستوري، وسيادة نمط الحكم الفردي، علاوة على ان البيئة السياسية تتصف بغياب او ضعف مؤسسات المشاركة كالمجالس النيابية، والاحزاب، والمنظمات الجماهيرية[12] ولعل هذه الاوضاع هي التي قد لا تسمح للسياسة العامة في الجزائر من تحقيق اهدافها المرجوة، لكونها عموما لا تنبع من المصلحة العامة، بقدر ما ترتبط بمصالح ضيقة لفئات معينة، وهو ما يستدعي في كل الاحوال تفعيل دور المواطن الجزائري ليساهم في رسم السياسة العامة.
هذا: ” واذا افترضنا ان الحكومة قد تتحمل مسؤولية التدخل في كل القضايا التنظيمية فماهي الادوات التي تستخدمها، وهل ستتحول صلاحياتها الى مستويات ادارية فرعية ادنى ام انها تقدر التجانس الى الحد الذي يجعلها تحول التشريعات الى مستويات ادنى؟ ! “[13] إن عملية تحديد الاهداف التي تقوم الادارة الجزائرية بتحقيقها هي اذن عملية خارجة عن نشاط الادارة العامة. فتقوم به سلطة اعلى هي الحكومة، ولكن علوها لا يبرر اعتداءها على اختصاصات السلطة الادارية. رغم هذا التباين في الرؤية الا ان الادارة العامة ما هي الا جزء لا يتجزأ من البناء المؤسسي للدولة الذي يضطلع بمهمة الالتزام بتنفيذ السياسة العامة[14].
وعندما لا تتمكن الرؤية من احداث التأثير المطلوب في توجيه الادارة ولفت اهتمام المواطنين الجزائريين الى صورته المستقبلية فإنها لا تصلح لأن تكون ذلك الاساس الذي تبنى عليه الاستراتيجية[15]، خصوصا ان الادارة الجزائرية هي التي تكلف بالنهوض والانجاز حسب ما تقتضيه القرارات الصادرة عن سلطات الدولة فهي تقوم بوضع افعال واجراءات مؤثرة من خلال المشاهد التطبيقية والممارسات العلمية ضمن برامج ومشروعات دعت اليها السياسة العامة، بالشكل الذي يؤكد على قدرة الادارة العامة من انجاز اهدافها[16].
والراجح ان دور واضع السياسة في الجزائر مهما كان موقعه جهازا أو مستشارا أو مؤسسة تنتهي مهمته بمجرد تشريع السياسة والموافقة عليها، فالأجهزة الادارية غالبا ما تعمل في ضوء قوانين عامة تجعلها تتحرك في حيز واسع لتقرير ما تريد فعله فالسلطة السياسية لم تضيق بتاتا الخناق بصفة مطلقة، بل تركت هامش لإصدار اللوائح التنفيذية والتنظيمية وفق الحدود والصلاحيات المخولة لها في الهيئات المركزية أو المحلية[17].” وان كان هذا له انعكاسه السلبي في امكانية التلاعب بالسياسات العامة لكن ستكشف الاخطاء وتراقب إذا ما كان هناك اغفال حقيقي لهذين الاسلوبين وفق اطر سليمة وموضوعية”[18]
المبحث الثاني: صيغ وسياسة الإسكان في الجزائر
أولا: أزمة السكن في ظل الاصلاحات الوطنية
عرف قطاع السكن في فترة ما بعد الاصلاحات الجزائرية انتعاشا ومسارا آخر اختلف عن سابقه في فترة النظام الاشتراكي ،وتجلى ذلك من خلال مختلف الجهود والاجراءات التي قامت بها الدولة الجزائرية كإعادة الاعتبار لكل من السكن الاجتماعي والترقوي، وهذا ابتداء من سنة 1993، التنويع في الانماط السكنية الحضرية كظهور السكن التساهمي في سنة 1995 وصيغة البيع بالايجار في سنة 2001 [19].
فمنذ بداية ما عرف بـ ” سياسة التعديل الهيكلي ” التي وقعتها الجزائر مع البنك العالمي سنة 1998 أخذت سياسة الإسكان تأخذ توجها آخر، حيث نص ذلك الاتفاق على ضرورة تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في قطاع السكن وتنظيم سوق السكن من طرف الدولة[20]. وذلك بإيجاد الآليات القانونية التي تشمل ماديا واداريا البدء في سياسة السكن الحديثة وتتمثل اساس في ضرورة المبادرة بسياسة اكثر فعالية من أجل تسيير القطاع وذلك بتحريره ماليا وترشيد مجال تدخل الدولة فيه [21].
ثانيا: صيغ سياسة الاسكان في الجزائر
يمكن إجمال صيغ السكنات وطرق الاستفادة منها بالجزائر حسب الطبقات الاجتماعية ومستوى دخل كل مستفيد ويمكن اجمالها كالآتي:
1- السكن الاجتماعي: حسب المادة 09 من القرار المشترك المؤرخ في 22/06/1993 فإنه يعد سكننا اجتماعيا كل مسكن ممول من اموال الخزينة العمومية أو من ميزانية الدولة وتتدخل في تمويله باعانة أو تخفيض في نسب الفائدة تمنحها مباشرة الخزينة أو بصورة غير مباشرة عن طريق مؤسسات مالية مخصصة لهذا الغرض لاسيما الصندوق الوطني للسكن[22]، ولا يمكن للشخص أن يطلب منحه سكن اجتماعيا إذا كان يملك عقارا ذا استعمال سكني، أو يملك قطعة ارض صالحة للبناء، أو محلا تجاريا أو ارضا زراعية من شأنها أن تمنحه مداخيل مالية ، أو أن هذا الشخص قد استفاد من سكن اجتماعي ايجاري، أو سكن اجتماعي تساهمي أو سكن ريفي أو سكن تم اقتناؤه في اطار البيع بالإيجار، أو كان قد استفاد من اعانة الدولة في اطار الشراء أو بناء مسكن، وتعنى هذه الشروط في كل الاحوال زوج طالب السكن[23] وعلى الرغم من ان باقي الشروط تأكد على انه لا يجب ان يستفيد من هذه الصيغة السكنية من لم يكن مقيما منذ خمسة سنوات على الاقل ببلدية اقامته المعتادة ولا يتجاوز دخل زوجه الشهري اربعة وعشرين الف دينار جزائري 24000دج. كما انه يجب ان يكون سن طالب السكن 21 عاما على الاقل عند تاريخ ايداع ملفه[24].
الا ان كل تلك الشروط لا يتم احترامها في الغالب، علاوة على تماطل المسؤولين في الاعلان عن قوائم المستفيدين خوفا من الاحتجاجات العارمة التي يلجأ إليها المواطنون المقصيون في كل عملية توزيع لهذه السكنات، الامر الذي يخلط اوراق هؤلاء المسؤولين بسبب العدد الكبير من الملفات المودعة على مستوى المصالح المعنية لعقود طويلة؟ !.
2- السكن الجماعي:
أ- السكن التطوري: تعود هذه الصيغة بالأساس إلى انجاز نواة سكنية بمساحة أرضية صغيرة للأسر المتوسطة الدخل التي تتحمل تكاليف اتمام اشغال البناء، الى جانب الحصول على اعانة مالية تقدمها الجماعات المحلية وقد ظهرت هذه الصيغة سنة 1995[25]، تميزت بـ:
- عرض الدولة للأراضي المهيئة بأسعار مدعمة لاستقبال هذه السكنات.
- انجاز الاشغال الكبرى للمشروع مجانا.
- قيام المستفيد بعملية التوسيع والاعمال النهائية مع الحصول على اعانة مالية.
- مساحة عقارية صغيرة نسبيا تتراوح ما بين 100 و150 متر مربع[26].
غير ان هذه الصيغة عرفت فشلا مما ادى الى توقيف مشاريع جديدة برمج انطلاقها سنة 1998 بسبب:
- الانتقادات الكثيرة التي وجهها المستفيدون لعجزهم عن اتمام الاشغال نظرا لارتفاع اسعار البناء وعدم قدرتهم المالية.
- عدم ادراك وفهم سير العملية.
- مساحات صغيرة ومخططات غير ملائمة.
- غياب عمليات المتابعة والاشراف وتأثيرها السلبي على المجال العمراني كونها انتجت ورشات بناء غير منتهية.[27] ولذلك تم التخلي عن هذه التجربة واستبدالها بصيغ اخرى.
ب- السكن التساهمي: وهو سكن ترقوي ذو طابع اجتماعي موجه للتمليك مدعم بإعانة مالية تمنحها الدولة للفئة المتوسطة من المواطنين ويتم انجازه في شكل برامج سكن جماعي، أو نصف جماعي وفردي، ويقتصر الانجاز في حدود الجدران والسقف مع استكمال كل المظاهر الخارجية للبناية في نمط النصف جماعي والفردي[28].
3- البناء الريفي: يندرج السكن الريفي في اطار سياسة التنمية الريفية ويهدف لتنمية المناطق الريفية وتثبيت الساكنة المحلية، ويتمثل في تشجيع الاسر لإنجاز سكن لائق في محيطهم الريفي في إطار البناء الذاتي تتمثل مشاركة المستفيد في هذه الحالة في توفير قطعة ارض تكون ملكه ومشاركته في تنفيذ وانجاز السكن [29].
4- البيع بالإيجار: هو العقد الذي يلتزم بموجبه ديوان الترقية والتسيير العقاري باعتباره المالك المؤجر، أن يحول ملك عقاريا ذا استعمال سكني لأي مشتر آخر فترة تحدد باتفاق مشترك وحسب الشكل الرسمي ويخضع لإجراءات التسجيل والاشهار وفقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما وخلال الفترة المتفق عليها[30] فالبيع بالإيجار هو إذن صيغة تسمح بالحصول على المسكن بعد اقرار شراءه بملكية تامة بعد انقضاء مدة الايجار المحددة في اطار عقد مكتوب.
وفي إطار البيع بالإيجار تم تسجيل نحو سبع مئة ألف طلب مودع لدى وكالة “عدل” حيث شكل اطلاق البرنامج السكني الجديد لعدل “الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره” الحدث الابرز لعام 2013، وقد كان يتعين على وكالة عدل تسوية الملفات العالقة لمكتتبي 2001و2002 قبل الشروع في استقبال المكتتبين الجدد حيث قامت بين نهاية جانفي وجويلية من سنة 2013 بتحيين حوالى 76000 ملف قديم وتم فتح باب التسجيل للمكتتبين الجدد في منصف شهر سبتمبر 2013 عبر الانترنت في عمليات ضخمة لقيت تجاوبا كبيرا لدى المواطنين[31]، وقد تم انجاز وتسليم جزء كبير من وحدات هذه الصيغة في اواخر 2016، وخاصة في العاصمة الجزائرية وضواحيها، في انتظار استكمالها في باقي انحاء الوطن.
وعموما يمكن التأكيد على ان فكرة الطلب على المساكن وعدم وجود استراتيجية تنظيمية في هذا المجال اديا الى اشتداد المضاربة على سعر السكن ،والى ارتفاع اسعار الايجار في القطاع الخاص الى مستويات تتجاوز قدرة الغالبية العظمى من الجزائريين، حيث تضاعفت الاسعار خمسة مرات منذ 2004.[32] ويسهم الاتجار غير المشروع بالمساكن العمومية الايجارية والمساكن العمومية المدعمة ايضا في زيادة المضاربة على اسعار السكن، ويبدو ان وكالات الايجار الخاصة تحدد في اغلب الاحيان معايير جائرة، مثل دفع مبلغ ايجار سنة مسبقة[33]
الخاتمة
تعد ازمة السكن في الجزائر احد اهم التحديات التي تواجهها السياسة العامة ، حيث عجزت مختلف الحكومات الوطنية منذ الاستقلال عن حلها ، مع أنها من أهم عوامل التوتر الاجتماعي ومصدرا للعديد من الاحتجاجات والفوضى. وعليه فقد لجأت الدولة الجزائرية في سبيل حل تلك المعضلة الى انتهاج طرق وصيغ متنوعة لاسيما بين 2001 و2017 وكان من بينها: صيغة السكن بالإيجار وهو احد ابرز الصيغ التي حظيت بالتأييد من المواطنين، وخاصة وأن هذا النوع من الصيغ يعتمد على الامتلاك بالتقسيط من دون فوائد ، بشرط أن يكون المستفيد من ذوي الدخل المتوسط اضافة الى هذه الصيغة تم الاستمرار في صيغة السكن الاجتماعي، وهو موجه للفئات المحرومة أو ذات الدخل الضعيف ويتسم بأنه مدعم من الخزينة العمومية.
وكذلك العودة الى صيغة البناء الريفي بالرجوع الى الريف لتوطين المواطنين فيه من خلال صيغة السكن الريفي، والتي يتم بموجبها منح المستفيد مبلغا كافيا للبناء في تلك المناطق. ولعل افضل الصيغ والتي لم يتم تبنيها للأسف هو توزيع الاراضي على المواطنين بهدف البناء فيها حيث ان الدولة لا تتحمل اي عبئ مالي يرهق كاهل الخزينة العمومية خصوصا وأن الجزائر دولة كبيرة تزخر بمساحات شاسعة.
إلا انه رغم كل هذه الصيغ والبرامج لاحتواء ازمة السكن فإن الفشل والاخفاق رافق السياسة العامة في هذا القطاع الحيوي والاستراتيجي بفعل الفساد الذي يشوب عملية البناء والتصميم والتوزيع وانتقاء مستحقي هذه السكنات، وهو ما يستدعي اعادة النظر في مختلف اوجه القصور في تلك الصيغ، والبحث عن بدائل افضل.
[1]– احمد مصطفى الحسين: مدخل الى تحليل السياسة العامة. سلسلة الكتاب العربي الجامعي التدريس في العلوم السياسية: (1). المركز العلمي للدراسات السياسية عمان (الاردن). 2002. ص09.
[2]– المرجع نفسه. ص09.
[3]– جيمس اندرسون: صنع السياسات العامة. ترجمة عامر كبيسي. دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة. عمان (الاردن). 1998.ص15.
[4]– احمد مصطفى الحسين: المرجع السابق.ص16.
[5]– المرجع نفسه. ص17.
[6]– احمد مصطفى الحسين: ص10.
[7]– غارو حسيبة: دور الاحزاب السياسية في رسم السياسة العامة- دراسة حالة الجزائر من 1997 إلى 2007. اشراف برقوق سالم. مذكرة ماجستير.كلية الحقوق والعلوم السياسية. جامعة مولود معمري. تيزي وزو (الجزائر) 2012.ص15
[8]– واعة حنان: اصلاح السياسة العامة في الجزائر نموذجا. اشراف نور الدين لكحل. مذكرة ماستر. كلية الحقوق والعلوم السياسية. جامعة محمد خيضر بسكرة.2015. ص25.
[9]– سامي غبغوب: تحليل السياسات لعامة البيئية في الجزائر. اشراف محمد رضا مزوي. مذكرة ماجستير. كلية العلوم السياسية والاعلام . جامعة الجزائر(3). 2013.ص10.
[10]– المرجع نفسه. ص10.
[11]– راجع مادة: “السياسة العامة والنظام السياسي” على موقع منتدى الطلبة الجزائريين للعلوم السياسية الاعلام والحقوق والعلوم الانسانية. تاريخ الدخول 09/11/2016 على الساعة 14:00 متاح على الرابط 30DZJUSTGOO.COM1535/TOIC.
[12]– IBID
[13]– احمد طيلب: دور المعلومات في رسم السياسة العامة في الجزائر دراسة حالة المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي. اشراف سعاد العقون. مذكرة ماجستير. كلية العلوم السياسية والاعلام جامعة الجزائر(3). 2007.ص16.
[14]– المرجع نفسه. ص16.
[15]– مجيد الكرخي: التخطيط الاستراتيجي عرض نظري وتطبيقي. دار المناهج للنشر والتوزيع. عمان (الاردن). 2009.ص85.
[16]– احمد طيلب: المرجع السابق. ص35.
[17]– المرجع نفسه. ص36.
[18]– المرجع نفسه.ص36.
[19]– راجع مادة: السياسة السكانية في الجزائر بعد الاصلاحات .على موقع بحوث جاهزة تاريخ الدخول 10/11/2016. على الساعة 09:00 متاح على الرابط resarchready blog spot.com20012/6/housing-ploci in algria aftr.refrms.html
[20]– راجع مداخلة بن زنين نوري: ” السكن بالجزائر عامل للتنمية ومؤشر للسلم الاجتماعي “. في ندوة الاسكان التي تم عقدها من طرف جمعية العربي بن مهيدي. بتاريخ 29/08/2008. الجزائر.ص05.
[21]– المرجع نفسه.ص05.
[22]– المادة 09 من القرار الوزاري المشترك المؤرخ في: 22/06/1993.
[23]– راجع مقال سميرة بلعمري: ” الشروق تنشر تفاصيل مرسوم قانون توزيع السكنات الاجتماعية” في صحيفة الشروق (الجزائر) في 30/11/2008
[24]– المرجع نفسه.
[25]– لمياء بولجمر: السكن الاجتماعي التساهمي في ولاية قسنطينة دعم للطبقة المتوسطة وتفعيل للترقية العقارية. اشراف محمد الهادي لعروق. مذكرة ماجستير. كلية علوم الارض الجغرافياو التهيئة العمرانية. قسم التهيئة العمرانية. جامعة منتوري قسنطينة (الجزائر).2006.ص14.
[26]-. لمياء بولجمر: المرجع السابق. ص14
[27]– المرجع نفسه. ص14.
[28]– المرجع نفسه. ص15.
[29]– راجع القرار المؤرخ في 10 شعبان عام 1434 الموافق 19 يونيو سنة 2013. يحدد كيفيات الحصول على المساعدة المباشرة الممنوحة من الدولة لبناء سكن ريفي. الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية العدد 32. 23 يونيو 2013.
[30]– حميش عبد الرزاق: البيع للسكنات في الجزائر. اشراف معزوز دليلة. مذكرة ماستر. كلية الحقوق والعلوم السياسية. قسم القانون الخاص. جامعة العقيد اكلي محمد اولجاج. البويرة (الجزائر).ص11.
[31]– و.أ.ج:” صيغة البيع بالإيجار تعود بقوة في 2013 بعد اعلان انجاز 230 الف وحدة سكنية” في صحيفة النهار (الجزائر) في 29/12/2013.
[32]– راكيل رولانك: تقرير المقررة الخاصة المعنية بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب وبالحق في عدم التمييز في هذا السياق. (خاص بالجزائر). مجلس حقوق الانسان. الدورة التاسعة عشر البند 3 من جدول الاعمال تعزيز وحماية جميع حقوق الانسان. المدنية والسياسية والاقتصادي والاجتماعية والثقافية بما في ذلك الحق في التنمية. منشورات الامم المتحدة. نيويورك.2011. ص14.
[33]– المرجع نفسه. ص14.