
دور المشاركة الشعبية في التنمية المحلية
قياتي عاشور/معيد بقسم علم الاجتماع، جامعة بني سويف،مصر
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 11 الصفحة 75.
ملخص:تهدف الدراسة إلى التعرف على مفهوم المشاركة الشعبية في التنمية المحلية وأهميتها وتحديد أهدافها، وشروطها، وخصائصها ومبادئها، وإبراز آليات المشاركة الشعبية من خلال الطرق والأساليب والمستويات المختلفة للمشاركة الشعبية في التنمية المحلية، وذلك من خلال التأكيد على أهمية المشاركة الشعبية في التنمية المحلية وأهدافها، مؤكدة على توافر مجموعة من الخصائص من أجل المشاركة الشعبية لإحداث التنمية المحلية المنشودة كما ذكرت الدراسة مبادئ المشاركة الشعبية في التنمية المحلية، وعرضت الدراسة لبعض صور المشاركة الشعبية والتي كان لها صدي في أحداث التنمية المحلية، كما تعرضت الدراسة ذكر المعوقات التي تتعرض لها عملية المشاركة، ثم ذكرت آليات وأساليب المشاركة التي من خلالها يمكن تفعيل شروط المشاركة الشعبية في التنمية المحلية، واختتمت بعدد من التجارب الدولية التي ترصد لأنماط من المشاركة الشعبية والنجاحات التنموية التي حققتها على المستوي المحلي.
الكلمات الرئيسة: المشاركة الشعبية، التنمية المحلية، التجارب الدولية.
مقدمة:
تعتبر المشاركة الشعبية في التنمية المحلية إحدى دعائم النظم الفعلية في تحقيق أهدافها، فهي تعبر عن إحساس الجماهير بمشاكلهم، والعمل على إشراكهم في تنفيذ خطط وبرامج تنموية، مما يجعلهم أكثر حرصًا على الحفاظ على نتائج الأعمال التي ساهموا فيها. ومن القواعد الأساسية لتنمية المجتمع ضرورة المشاركة الشعبية للنهوض بالمجتمعات المحلية، لكن إن لم يشارك المواطنون بجهودهم وإمكاناتهم للنهوض بمجتمعاتهم، فإن الحديث عن التنمية المحلية يصبح غير مجدي؛ فالتنمية أيًا كان نوعها أو مجالها اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو ثقافيًا أو سياسيًا…تعد مسؤولية جماعية، يشارك فيها كل فرد أيًا كان موقعه في المجتمع.
وأصبح توحيد الجهود الشعبية مع الجهود الحكومية اليوم أمرًا في بالغ الأهمية، لتحقيق تنمية يتقبلها المجتمع ولحل مشاكله الحقيقية، فإنه يجب إشراك كل أفراد المجتمع المحلي في التفكير والعمل على وضع البرامج التي تهدف إلى النهوض بهم. لذلك تعتبر المشاركة الشعبية من أكثر العناصر أهمية وفعالية للوصول إلى تنمية المجتمع المحلي، حيث أن كل تنمية حقيقية لمجتمع ما تتطلب المشاركة الإيجابية والمبادأة التلقائية لأفراد هذا المجتمع، وإن لم تأت هذه المشاركة بشكل تلقائي من المواطنين؛ فإن على الدولة (ممثلة في الجماعات المحلية) استثارتها، وذلك باستخدام مختلف الآليات والوسائل الممكنة، من خلال إثارة الوعي بمستوى حياة أفضل، وإقناع الأفراد بالحاجات الجديدة للمجتمع، وتعويدهم على أنماط جديدة من العادات الاقتصادية والاجتماعية.
أهمية البحث وأهدافه:
تكمن أهمية البحث من خلال المحاور التالية:
- تزايد الاهتمام العالمي والعربي بالمشاركة الشعبية كمبدأ أساسي لتحقيق التنمية المحلية.
- أهمية توسيع نطاق المشاركة الشعبية في مختلف القضايا التنموية، من خلال إعطاء دور أكبر للجماعات المحلية في تحديد أهداف التنمية وتوجهاتها، ومن ثم المشاركة في تنفيذ سياستها وبرامجها ومتابعتها.
- الدور المهم والأساسي لعملية تمكين أفراد المجتمع وخاصة الشباب وبناء القدرات المحلية لتمارس دورها بشكل فعال ومساهمته في تحقيق التنمية المحلية بشكل سليم.
ومن هذا المنطلق تهدف الورقة البحثية إلى:
التعرف على مفهوم المشاركة الشعبية في التنمية المحلية وأهميتها وتحديد أهدافها، وشروطها، وخصائصها ومبادئها، وإبراز آليات المشاركة الشعبية من خلال الطرق والأساليب والمستويات المختلفة للمشاركة الشعبية في التنمية المحلية، فضلًا عن التعرض إلى التحديات التي تواجه المشاركة الشعبية ودورها في التنمية، كما يهدف البحث إلى التعرض لبعض قصص نجاح لأشكال المشاركة الشعبية والتي يبرز فيها دور الشباب بشكل واضح وفعال والإشارة لبعض منها على مستوى العالم.
تعريف المشاركة الشعبية:
يعتبر مصطلح المشاركة الشعبية (المجتمعية أو الجماهيرية أو الأهلية) من المصطلحات الحديثة التي تتعدد التعاريف المتعلقة به، وتختلف من دولة إلى أخرى وفي الدولة نفسها، ويعود ذلك لتعدد التخصصات التي تتعاطى مع هذا المفهوم وتطبيقاته.
والتعريف العام المطروح في تقرير الأمم المتحدة يعطي مفهومًا عامًا وشاملًا للمشاركة الشعبية، فيعرفها بأنها “خلق فرص تمكن جميع أعضاء المجتمع والمجتمع الأكبر للمشاركة الفاعلة والتأثير على العملية التنموية ليشاركوا بعدالة وإنصاف في ثمار التنمية ([1])، إلا أن ما يهمنا هنا هو المشاركة الشعبية في التنمية المحلية.
فحسب هاي Hay، المشاركة الشعبية تعني:” المساهمة الطوعية في العلاقة بين الفرد والجماعة، وبين الجماعة وجماعة أخرى”؛ وفي نفس الاتجاه يرى الدكتور عبد المنعم شوقي أن المشاركة الشعبية هي:” عملية مساهمة المواطنين طوعًا في أعمال التنمية، سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل وغير ذلك؛ بل إن المشاركة تعتبر درجة إحساس الناس بمشكلاتهم المحلية، ونوع استجابتهم لحل هذه المشكلات”([2]).
أما منصور بن لرتب فيعرفها بأنها:” العملية الإرادية الطوعية التي من خلالها يساهم المواطن مساهمة فعالة بالرأي أو الفعل، أو أحيانا بالمال أو الهبات المالية، دون ضغط أو مساومة أو تحقيق منفعة تتعارض مع المصلحة العامة”([3]).
وبصفة عامة يمكن تعريف المشاركة الشعبية على أنها:” العملية التي تتيح لجميع أفراد المجتمع المحلي وجماعاته المؤهلة بموجب القوانين فرصًا للتعبير عن آرائهم، ودورًا في إعداد الخطط والمشروعات المحلية وتنفيذها ومتابعتها والرقابة عليها بشكل مباشر وغير مباشر، بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتحسين نوعية حياة السكان، وإشباع حاجاتهم بعدالة دون الإضرار بالمصالح الوطنية” ([4]).
مفهوم المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
إذا كانت التنمية المحلية في بعدها الإقليمي والوطني تعرف على أنها تلك العمليات التي تبذل بقصد ووفق سياسيات عامة لأحداث تطور وتنظيم اجتماعي واقتصادي للناس وبيئاتهم المحلية أو الإقليمية أو الوطنية بالاعتماد علي المجهودات الحكومية والأهلية المنسقة، علي أن تكتسب كل منها القدرة علي مواجهة مشكلات المجتمع نتيجة هذه المعطيات” ([5])، وإذا كان مفهوم المشاركة كما راينا بمدلوله العام يشير إلي أنها ” العملية التي من خلالها يكون للفرد دور في الحياة السياسية والاجتماعية لمجتمعه وتكون لديه الفرصة لأن يشارك في وضع الأهداف العامة واختيار أفضل الوسائل لتحقيقها وإنجازها” ([6])، فإنه يمكن الاستنتاج أن المشاركة الشعبية بمفهومها التنموي هي “إشراك الناس بدرجة أو بأخرى في التصميم والإشراف علي تنفيذ سياسيات ومشروعات التنمية المحلية، سواء بجهودهم الذاتية أو بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المركزية والمحلية .
ومن هذا المنطلق، فإن المشاركة الشعبية في التنمية المحلية ليست مجرد أداة، بل هي عنصر حاسم للتاكيد على عملية تنموية فعالة، ومشاركة الناس على المستوى المحلي والإقليمي والوطني يعني انطلاق التنمية من القاعدة تجاه رأس الهرم، أي التنمية من أسفل، فالمشاركة تعمل على ربط جهود الأفراد المحليين بمساعدة الحكومة المركزية، مما يجعلها من أهم دعائم نجاح الخطط والسياسيات التنموية في المجتمع المحلي ([7]).
أهمية المشاركة الشعبية في التنمية المحلية وأهدافها:
أشارت الدراسات التي أجريت على موضوع التنمية في بلدان العالم الثالث في أواخر القرن العشرين إلى أهمية المشاركة في التنمية المحلية وحتميتها، في كونها تعمل على تناسب الخدمات التي تقدمها للسكان المحليين مع احتياجاتهم التي حددوها بأنفسهم، كما أنها تتيح الفرصة لمختلف فئات المجتمع للمساهمة والقيام بدور إيجابي في مساندة وتنفيذ وتتبع سير المشروعات التنموية التي تمس مجتمعهم، إضافة الى ترشيد توزيع الخدمات بين مختلف تلك الفئات والمستويات في المجتمع.
وتعمل المشاركة على زيادة تماسك أفراد المجتمع وتدعيم جوانب التعاون بينهم وبين الحكومة، من خلال إتاحة الفرصة للممارسة الديموقراطية، من خلال تكريس أسلوب الإدارة اللامركزية ([8]). إضافة إلى تلك الأهداف ذات الطابع السياسي الاجتماعي، هناك جملة أخرى من أهداف المشاركة ذات الطابع الاقتصادي تتمثل في تقليل التكلفة وتخفيف الأعباء على الحكومة، من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المحلية في المجتمع ([9]).
وللمشاركة أيضًا أهداف على المستوى الأخلاقي للفرد، فهي تعمل على تدريب الأفراد على تحمل المسؤولية وتدعم شعورهم بالواجب، وتزيد من الوعي الاجتماعي، مما يؤدي إلى تغذية المشاركة ومساعدتها على الامتداد الرأسي والأفقي، وتعوّد الأفراد الحرص على المال من خلال تضافر الجهود المحلية والحكومية، لتحقيق الأهداف التنموية على المستوى المحلي والوطني ([10]).
تعمل المشاركة الشعبية على تحقيق الأهداف التالية ([11]):
- تقليل التكلفة: حيث تعمل المشاركة على ترشيد القرارات وترتيب الأولويات حسب حاجات السكان، مما يحقق كفاءة الاستخدام الأمثل للموارد المحلية المتاحة.
- ضمان التأييد الجماهيري والشعبي للمشروعات: حيث أن المشاركة وسيلة لتقريب حاجات السكان ومطالبهم مع واقع الموارد المحلية المتاحة، مما يحقق رضا السكان المحليين ودعمهم للمشروعات التنموية.
- توجيه الموارد المحلية نحو المشروعات الإنتاجية: ففي حال غياب المشاركة فإن الضغوط الشعبية تتجه نحو الحاجات المادية أو الاستهلاكية، ولا تتفهم أهمية المشروعات الإنتاجية التنموية المستقلة، لذلك فإن مشاركة المواطنين تعمل على توجيه الموارد المحلية نحو المشروعات الإنتاجية بدلًا من الحاجات الاستهلاكية، بما ينعكس إيجابًا على حياة المشاركين في المستوى الزمني المتوسط والبعيد.
- تحقيق الفاعلية للمشروعات: وهذا من خلال:
- توفير بيانات حقيقية على واقع المجتمعات المحلية.
- إقامة نسق من العلاقات السليمة، يراعي قيم وعادات المجتمع.
- ضمان التكامل والتعاون المشترك بين مستويات التنمية الوطنية والمحلية.
- تحقيق التوظيف الأمثل للمساعدات الاجتماعية: حيث أصبحت المشاركة مطلب الهيئات الدولية لضمان الاستخدام الأمثل للمساعدات وتوجيهها لصالح الجماهير، مما يشكل تحديًا للحكومات نحو تعزيز المشاركة الشعبية لتلبية مطالب المنظمات الدولية.
- تحديد المشكلات والحاجات الحقيقية للسكان المحليين: تعمل المشاركة على تحديد المشكلات والحاجات للسكان المحليين فعليًا، ومن ثم تحقيق إدارة كفيء للموارد المحلية.
خصائص المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
تتميز المشاركة الشعبية بالخصائص التالية ([12]):
- المشاركة الشعبية سلوك تطوعي ونشاط إرادي، على اعتبار أن المواطنين يقومون بأداء جهودهم التطوعية لشعورهم بالمسؤولية حيال القضايا والأهداف الخاصة بالمجتمع.
- المشاركة الشعبية سلوك مكتسب، أي أنها ليست سلوكًا فطريًا يولد مع الإنسان ولا يرثها، وإنما هي مكتسبة، يتعلمها الإنسان أثناء حياته من خلال تفاعله مع الآخرين.
- المشاركة الشعبية إحدى مبادئ الديمقراطية.
- المشاركة حق وواجب في آن واحد، فهي من حقوق الإنسان التي أعلنتها التشريعات الدولية والدساتير المحلية.
- المشاركة هدف ووسيلة في نفس الوقت، هدف لأن الحياة الديمقراطية تقتضي مشاركة الجماهير في المسؤولية الاجتماعية، مما يؤدي إلى تغيير سلوكيات المواطنين وثقافاتهم نحو الإحساس بالمسؤولية في صنع القرار؛ وهي وسيلة كونها آلية يتمكن المواطن من خلالها أداء أو لعب دور محوري في النهوض بالمجتمع نحو الرقي والرفاهية.
- المشاركة الشعبية توحد الفكر الجماعي للجماهير، لأنها تساهم في بلورة فكرة واحدة نحو الإحساس بوحدة الهدف والمصير المشترك.
مبادئ المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
تمحورت أهداف التنمية المحلية حول تلبية حاجات السكان وحل مشكلاتهم وتحسن نوعية حياتهم، كعامل أساسي لتحقيق التنمية الشاملة، وذلك من خلال مشاركة السكان المحليين في وضع أهدافهم وتحديد أولوياتهم، كوسيلة لضمان النجاح في الخطط التنموية بشرط أن ترتكز المشاركة الشعبية في العملية التنموية علي أربعة مبادئ أساسية هي:
هناك أربعة مبادئ أساسية ترتكز عليها المشاركة الشعبية في عملية التنمية المحلية، هي ([13]):
- الشمولية: ويعني إشراك جميع فئات السكان المحليين في إعداد الخطة (النساء، الرجال، الجماعات المحرومة، الجماعات المنظمة…)، وتتمثل مؤشراته في مدى وضوح أهداف الخطة للسكان، ومدى مساهمة السكان في إعداد الخطة، وطرق التعرف على أراء السكان وآليات تحديد الأولويات.
- التفاعلية: وتعني عدد وكثافة قنوات الاتصال بين المجالس المحلية والسكان، والتي تتمثل مؤشراتها بعدد الوسائل والطرق التي اتبعت لإشراك المواطنين (الاجتماعات، جلسات النقاش، الندوات، المؤتمرات).
- الشفافية: وتعني الوضوح والمصارحة ما بين السكان المحليين والمجالس المحلية، وتتمثل مؤشراتها في مدى تأثير نتائج المشاركة العامة في إعداد الخطة وتحديد الأولويات، ومدى تأثير التغذية العكسية في إعادة النظر في سياسة المشاركة.
- الاستمرارية: وتعني المشاركة في جميع المراحل التخطيطية، ابتداء من وضع الخطة وتنفيذها ومتابعتها.
آليات المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
تباينت أراء الباحثين حول آليات المشاركة الشعبية، ومن الصعوبة اعتماد إطار عام موحد للمشاركة، إلا أنه يمكن تناول آليات المشاركة من ثلاثة جوانب رئيسية هي: أساليب، وصور، ووسائل المشاركة في التنمية المحلية.
أساليب المشاركة الشعبية في العملية التنموية (أنواع):
تختلف أساليب المشاركة الشعبية باختلاف أشكال المساهمة التي يقوم بها الأفراد بحيث تحدد الأعمال التي يقومون بها ويمكن أن تحدث المشاركة الشعبية بعدة طرق وأساليب أهمها ([14]):
- المشاركة المباشرة: يمكن تعريفها بأنها مشاركة مختلف فئات الشعب أو هيئات أو جماعات منتظمة للسلطات الحكومية في كل ما يتعلق بالعملية التنموية أو في مراحل منها، وياخذ هذا النوع من المشاركة أشكالًا عدة أهم هذه الأشكال:
- استشارة الأهالي والمجموعات المستهدفة من خلال الاجتماعات والمقابلات والمؤتمرات العامة.
- اللامركزية الإدارية والتي تتمثل في إيجاد مؤسسات وهيئات تخطيط على المستوي الإداري.
- برامج تنمية المجتمع المحلي وخصوصًا ما يتعلق منها ببرامج الاعتماد على النفس والهيئات التطوعية.
- وسائل الإعلام المختلفة.
- الاستبيان والدراسات المختلفة.
- الاستفتاء العام حول قضية أو قضايا معينة.
- المشاركة غير المباشرة: تحدث بواسطة أشخاص محددين وبتكليف من جهات معينة أو بدوافع ذاتية.
صور المشاركة الشعبية في العملية التنموية (مستويات):
ترتبط المشاركة الشعبية بثلاث عوامل: أولًا بمراحل عملية التنمية، وبالنظام السياسي للمجتمع وثانيًا، بظروف كل برنامج تنموي، وحسب فلسفة القائمين عليه والهدف منه وثالثًا وتتمثل صور المشاركة في مراحل عملية التنمية كالتالي ([15]):
- المشاركة في مرحلة إعداد و رسم الخطة: تعتبر مرحلة إعداد الخطة من أهم مراحل التنمية المحلية، حيث يتم التعرف على خصائص المجتمع المختلفة و تحديد المشكلات و الحاجات، و تبادل المعلومات بين المسؤولين الحكوميين و المواطنين و مناقشة المشروعات و بدائلها و تقرير الأولويات تكمن أهمية هذه المرحلة كونها تمكن المواطنين من التأثير في الإدارة، بما يحقق تجاوب الخطة مع حاجاتهم؛ و زمنيا تتوزع عمليات المشاركة ما بين مرحلة جمع المعلومات و مرحلة وضع الإطار العام للخطة، و المهم التركيز على المشاركة عند وضع الإطار العام للخطة، حتى يتيسر مناقشتها و إدخال التعديلات عليها.
ومن صور المشاركة في هذه المرحلة اللقاءات، الزيارات، الاستطلاعات، الاجتماعات المحدودة، ثم الاجتماعات العامة الموسعة بعد كتابة تقرير الخطة وتوزيعه على المواطنين وإعلانه بشتى الوسائل، حيث يقوم المسؤولون بشرح الخطة وأهدافها، ومن ثم مناقشتها وتعديلها قبل إقراراها قانونيًا.
- المشاركة في مرحلة التنفيذ: يزداد حجم المشاركة في مرحلة التنفيذ، إذا ما شارك المواطنون في مرحلة الإعداد وجاءت الخطة ملبية لحاجاتهم، ومن صور المشاركة في هذه المرحلة العون الذاتي، الذي يهدف إلى تغيير أنماط السلوك السلبي إلى إيجابي، والاعتماد على الذات، خاصة في ظل قصور الإمكانات الحكومية.
- المشاركة في الرقابة: تشكل التغذية العكسية من قبل المواطنين أسلوبًا من أساليب الرقابة الشعبية وتقييم المشروعات، يتم من خلالها التعرف على مدى كفاءة وفعالية الأجهزة التنفيذية، وأداة ناجحة لتلافي الأخطار والانحرافات، وتصحيح مسار المشروعات العامة.
وسائل المشاركة الشعبية:
- الوسائل التقليدية: من أبرزها ([16]):
- الانتخابات: وهي قيام المواطنين بانتخاب ممثليهم في المجالس المحلية.
- حضور اجتماعات جلسات المجالس المحلية: فمن حق المواطنين ووسائل الإعلام حضور اجتماعات المجالس المحلية، ووجوب وجود جلسات خاصة لسماع آراء المواطنين.
- اللجان الخاصة: تستخدم كأداة فحص مراجعة للسياسة المحلية في مجال وظيفي محدد للمجالس المحلية.
- الاتصالات الشخصية: تتم ما بين المواطنين وأعضاء المجالس المحلية، من خلال الهاتف أو المقابلات الشخصية.
- الشكاوى والاعتراضات: تتطلب إعلام المواطنين عن المشاريع والخطط بشكل مسبق، وتيسير حصول المواطنين على المعلومات وحقهم في الاعتراض على قرارات المجالس المحلية.
- المظاهرات: هي وسيلة من وسائل التعبير عن حاجات ورغبات ومواقف السكان، خاصة في المدن الكبيرة تجاه قضايا معينة.
- الوسائل الحديثة: مع تزايد اهتمام الدول والحكومات بالمشاركة الشعبية لأغراض تنموية، فإنه بات من الضروري البحث عن وسائل تعمل على تفعيل المشاركة الشعبية من خلال توفير فرص للأفراد بالمشاركة في صنع القرار، ووجود تشريعات وسياسات تضمن الحرية المؤسسية للمنظمات غير الحكومية، باعتماد أسلوب التمثيل بالنيابة للتعبير عن اهتمامات وحاجات السكان.
وتشكل الحلقات البحثية، وهيئات المحلفين، واجتماعات الطاولات المستديرة، والجهود الجماعية لتجميع المياه التعاونية، وسائل لتفعيل المشاركة خاصة المتعلقة بالقرار البيئي.
التحديات والمعوقات التي تواجه المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
توجد في كل مجتمع مجموعة من التحديات والمعوقات أمام الشراكة الفعالة التي من شأنها أن تؤدي إلي التنمية الحقيقة والفعلية للمجتمع المحلي، وتتعدد أسباب العزوف عن المشاركة، سواء كانت أسباب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وهي ترتبط بالمشاركين أنفسهم أو بالمنظمات والهيئات التي تنظم حركة المشاركة في المجتمع وتصنف هذه التحديات كما يلي:
- تحديات مرتبطة بطبيعة المشروعات التنموية نفسها: كان تكون هذه المشروعات في بعض الأحيان غير متوافقة مع ميول واحتياجات بعض فئات المجتمع مثل الشباب وكبار السن، أو أن يكون هناك صعوبة في الحصول على الخدمات والاستفادة من المشروعات المقترحة مما يؤدي غالبًا إلي عدم تجاوبهم وارتيابهم من المشاركة وبالتالي في انجاحها. كما أن عدم إشراك الأفراد المحليين في كل خطوات المشروع منذ مرحلة الدراسة والتنفيذ وانتهاء بمرحلة المتابعة والتقييم، إضافة إلي بعد المشروعات عن المناطق السكنية يجعلها خارج دائرة اهتمامهم ويزيد في عدم الاهتمام والعزوف عن المشاركة ([17]).
- تحديات مرتبطة بالأفراد المحليين: إن ارتفاع نسبة الجهل والأمية بين الأفراد المحليين ونقص الوعي الاجتماعي والسياسي لديهم، يعتبر من أهم المعوقات التي تواجه المشاركة، إضافة إلي فقدان الأفراد المحليين الثقة بالمسئولين عن المشروعات التنموية، مما يصرفهم كثيرا عن المشاركة بانتظام، كما أن نقص أو عدم تحمس الأفراد نحو بعض المشروعات لاعتقادهم بأنها غير مناسبة، يفقدهم الدافع ويعودهم الاتكال علي الدولة ([18]).
- تحديات مرتبطة بالنظام الإداري: حيث ترتبط مشاركة المواطنين بالمركزية واللامركزية الإدارية فالدول التي تتبع المركزية في التخطيط لسياستها العامة الاقتصادية والاجتماعية أو تنفيذ البرامج والمشروعات تغلق الطريق أمام المشاركة الشعبية والعكس.
- تحديات مرتبطة بالمشاركة الشعبية نفسها: إن المشاركة نفسها تساهم في توليد الصراعات والخلافات بين المواطنين من جهة والخبراء والفنيين في هيئات الوحدات المحلية من جهة أخري حول سلطة اتخاذ القرار، حيث يعتمد الخبراء لأنهم المسئولون عن اتخاذ القرار في هيئاتهم، في حين يعتقد المواطنون أنهم الأقدر على تحديد أولويات حاجاتهم، كما أن مشكلة اختلاف حاجات المواطنين باختلاف فئاتهم وطبقاتهم قد تكون مشكلة أمام ترتيب الحلول للمشاكل المحلية ([19]).
شروط تفعيل المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
لتحقيق مشاركة شعبية فعالة في التنمية المحلية، يجب أن تتم المشاركة بما يلي ([20]):
– تعاون الأفراد مع بعضهم البعض بشكل طوعي، من أجل إشباع احتياجاتهم المشتركة حسب الأولويات.
– ارتباط المشاركة الشعبية بخطة التغيير الاجتماعي الشامل أو المحدود.
– اعتماد المشاركة على فهم حاجات الواقع، سواء من جانب المشاركين أنفسهم، أو من جانب واضعي الخطة.
– تضافر التوجيه والتدعيم الحكومي مع الجهود الأهلية.
– الاعتماد على القيادات المحلية، ومدى استيعابها للواقع وإمكانات تغيره.
– الإحساس بانتماء الأفراد إلى المجتمع المحلي، نتيجة التفاعل المتبادل بين الأفراد والظروف المجتمعية ومشكلاتها.
– انضمام الأفراد إلى الجمعيات الأهلية كجمعيات تطوعية، بدافع إيجابية التعبير عن مشكلات المجتمع، وبذل الجهد في العطاء من أجل النهوض بالمجتمع.
معايير قياس فعالية المشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
هناك معايير يمكن تطبيقها لقياس مدى النجاح أو الفشل الذي تحققه تجربة المشاركة الشعبية في التنمية المحلية، وهي ([21]):
- عدد المواطنين الذين يشاركون ويساهمون في الشؤون المحلية مقارنة إلى عدد المواطنين أو السكان في الوحدة المحلية، ومدى استمرار نفس الأشخاص في عضوية المجالس المحلية وفي عضوية الجمعيات والهيئات الاجتماعية الأخرى.
- مدى إقبال الناخبين المحليين على الترشيح لعضوية المجالس المحلية، وعلى الإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم المحليين.
- قدرة الأعضاء المنتخبين على المباشرة بتقديم الاقتراحات ومشروعات القرارات المحلية وتعديلها والمقدمة من السلطات المحلية التنفيذية.
- مدى تأثير المشاركة في تحقيق كفاءة الإدارة، أي مدى ما استطاعت القدرات الشعبية أن تحققه، من خلال إيجاد قاعدة تعديل الخطط والبرامج والرقابة على ذلك، والقرارات وسرعة تنفيذها.
- معرفة أن الفئات أو الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ينتمي إليها أعضاء المجالس المحلية للتنمية، أو المشاركين في أنشطة السلطة المحلية (المجالس المحلية) على أساس اختيار طوعي، لقياس مدى اهتمام فئات الشعب بالقضايا المحلية، ومدى اتساع قاعدة المشاركة الشعبية.
- معرفة أي المجالات أكثر تحفيزًا للمواطنين للمشاركة الشعبية، ومدى تأثير ذلك على الفئات المشاركة ودرجة المشاركة.
- واجب التعرف على الدوافع والحوافز المباشرة وغير المباشرة والتقليدية وغير التقليدية التي تكون وراء مشاركة المواطنين.
بعض قصص النجاح للمشاركة الشعبية في التنمية المحلية:
انطلاقًا من تلك المبادئ واعتمادًا على أساليب المشاركة ودرجتها وشروطها، ونظرًا لأهميتها في التفاعل مع الخطط التنموية والتأثير بها وبالتالي تتنوع مجالًا المشاركة في قضايا التنمية المحلية ويف تأثيرها على جميع مراحل العملية التنموية، وتطبيقًا لما سبق يتم عرض أمثلة توضح بعض مجالًا المشاركة الشعبية في أهم قضايا التنمية المحلية:
- المشاركة الشعبية في تخطيط النقل المحلي، ويمكن قياس فاعليتها من خلال تأثير المشاركة في الإطار العام للخطة، وعلى تحديد المشكلات وصياغة الأهداف، وتقييم البدائل، ونسبة مساهمة المجتمع (النساء، الآباء، المواطنين، الأطفال، المدارس، الأمن العام، الهيئات العلمية) في استراتيجية تقليل استخدام السيارات وحماية الأطفال في الرحلات اليومية، ومدى التأثير في انتهاج استراتيجية المشاة والدراجات الهوائية.
- مشكلة النمو السكاني المضطرد، وهي من أهم المشاكل التي تواجه المجالس المحلية، لذلك تبرز أهمية المشاركة الشعبية في تخطيط الأسرة، وتعدّ مشاركة السكان المحليين ضرورية لتمكين المجالس المحلية من السيطرة على ظاهرة النمو السكاني المضطرد، بغرض الوفاء بحاجات السكان في ظل محدودية الموارد المحلية، من خلال تطبيق برامج تخطيط الأسرة ودعمها من قبل الجهات الرسمية.
- المشاركة الشعبية في تخطيط وحماية البيئة المحلية، وهي على درجة عالية من الأهمية، وخاصة بعد ظهور مفهوم ” التخطيط البيئي المشترك ” الذي يشكل صيغة متقدمة لاستثمار رأس المال الاجتماعي المحلي. وتتمثل المشاركة في حماية البيئة من خلال مبادرات فردية ناتجة عن وعي الأفراد بمشاكل تلوث البيئة، أو من خلال جماعات البيئة، بهدف توليد اتجاهات وليفة بالبيئة، وتعزيز السلوك البيئي الإيجابي، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في حماية البيئة، وخاصة مشاركة الفقراء والفئات المحرومة.
- كما أن المشاركة مهمة في إدارة النفايات المحلية والوطنية، حيث تساهم بشكل فعَّال في التخفيف من النفايات الصلبة والمساهمة في إعادة تدويرها، وهنا يمكن الاستعانة بتنظيم حملات واسعة لتوعية السكان ببرامج تجميع النفايات المنزلية وتدويرها من خلال طلاب المدارس على سبيل المثال.
- وتعدّ المشاركة الشعبية في التخطيط الصحي مجالاً من مجالات المشاركة الشعبية العامة، وقد أعطى برنامج المدن الصحية لمؤسسة الصحة العالمية أهمية للمشاركة الشعبية متعددة القطاعات كوسائل لتحسين التأثيرات المادية والاجتماعية على نوعية الحياة.
- تولي معظم الدراسات المتعلقة بالمشاركة الشعبية أهمية بالغة لمشاركة المرأة، حيث إن الاستثمار الأمثل لطاقات وإمكانات المجتمعات المحلية لأغراض تنموية لا يمكن أن يُحقق أهدافه بغياب نصف المجتمع لذلك فإن برامج حماية البيئة، الرعاية الصحية، تخطيط الأسرة وزيادة الإنتاجية يمكن أن تحقق نجاحات غير متوقعة إذا كانت هناك مشاركة فاعلة للمرأة، فمثلاً تعتبر تعتبر مشاركة المرأة قيمة محورية في حماية البيئة، حيث تتمثل مشاركتها في سلوكها ([22]).
ونعرض بإيجاز لبعض التجارب العالمية ونجاحات التنمية المحلية فيها، قد يعطي فرصة للوقوف عليها وأخذ الإيجابيات التي تحققت في الاعتبار، وذلك بما يتناسب مع المجتمع المراد تنميته حسب خصائصه وسماته، إن تبادل الخبرات في التنمية المستديمة بالمشاركة يظل هدفاً لابد أن تسعى له المجتمعات المحلية بجد وبروح المسئولية.
تجربة سيرلانكا: (حركة سارفور ايشا رمادانا) ([23]):
يعنى المعنى الأدبي للحركة “إيقاظ وتنمية المجتمع من خلال العمل المشترك المعتمد على الطاقة الدينية والعقلية للفرد” شملت هذ الحركة 3600 قرية في سيرلانكا بهدف التنمية الريفية بالمشاركة الشعبية. أسس هذه الحركة مجموعة من المدرسين والتلاميذ في مدينة كولمبو. وقد هدفت الحركة لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالتركيز على قطاعات الشباب، والمرأة، والأطفال في تلك القرى، وركزت على الأهداف التالية:
– إمداد التلاميذ بالخبرة التربوية والتعليم فيما يحقق تنمية قدراتهم.
– تقديم الخدمات للمجتمع المحلي في حدود الامكانات.
– تحسين مستوى المعيشة في المجتمع المحلي بتنمية الموارد المحلية باستخدام التقنيات والمهارات المناسبة بالاعتماد على المجتمع.
– حماية الأسرة ودعم مكانتها ووضعها.
آليات وطرق تنفيذ برامج الحركة:
طبقت حركة الآليات التالية تحقيقاً لمبدأ التنمية بالمشاركة:
– تنظيم معسكرات ريفية يتاح من خلالها الفرصة للمواطنين ليفكروا ويخططوا وينفذوا.
– إيقاظ الوعي بالعوامل والأسباب التي أدت للتخلف في القرى.
– الاعتماد على مجهودات ومعارف موارد المجتمع المحلي المتاحة.
– توفير واستغلال الموارد المتاحة بالاعتماد على المجتمع المحلي.
– تدريب الأهالي على التعامل مع المشكلات بإكسابهم كافة المهارات كأعمال التسويق والبيع وسد النقص في الإدارة.
– تنظيم المجتمع المحلي في مجموعات حسب الفئات العمرية وحسب النوع ونوع النشاط الممارس.
– تدريب أخصائي المجتمع المحلي باعتبار أن القيادة المحلية من القواعد أفضل من الأخصائي المفروض.
– التكامل بين الجهود الحكومية الرسمية ومساهمات المجتمع المحلي.
– الاهتمام بالرعاية الصحية للمجتمع فيما يخص الوقاية من الأمراض والتغذية، ومواجهة الكوارث الطبيعية، والإسعافات الأولية … الخ.
المخرجات: تحول في السلوكيات فيما يخص الأهداف وتغير في الاتجاهات والقيم.
تجربة زامبيا: (مشروع كابوتا):
كابوتا مقاطعة بعيدة عن العاصمة وطِّن فيها هذا المشروع لتحقيق التنمية من خلال الاهتمام بالخدمات الصحية كبداية له ومن خلاله يتم بناء نسق إطارى للاتصال مع البناء الاجتماعي للمنطقة. ونفذ المشروع بواسطة الكنيستين الرئيسيتين والحكومة الزامبية ومن أهم مبادئ المشروع الآتي:
– مساعدة القرويين على الاعتماد على أنفسهم وإدارة شؤونهم.
– الاستفادة من الموارد المحلية.
– الحد من استخدام المعونات الخارجية واستخدامها في أضيق الحدود.
– الحد من التبعية والاعتماد على الخارج.
طرق تنفيذ المشروع:
كان الهدف الأساسي للمشرع إحداث التنمية من خلال نشر الرعاية الصحية باستخدام الإمكانات والمجهود المحلي ولتنفيذ ذلك تم الآتي:
– بناء مركز المشروع اعتماداً على الجهد المحلي.
– تدريب العاملين في مجالات الرعاية بالمنطقة على برامج الصحة الوقائية وذلك بهدف تدريب أعضاء من القرى على نفس البرامج لنشر الرعاية الصحية والوقائية في قراهم.
– بناء مراكز صحية أخرى بجهود مواطني القرى، تلي ذلك كخطوة ثانية.
– تشكيل لجان في القرى تتصل ببعضها لتناول المشكلات الريفية وإيجاد الحلول لها بالاعتماد على الإمكانات المحلية المتوافرة بالمجتمع.
– القيام بزيارات من شأنها الوقوف على الاحتياجات والمشاكل في القرى.
– عقد اجتماعات لكافة الأهالي والجماعات والمنظمات بهدف مناقشة أمور من شأنها تنمية مجتمعاتهم.
هذا وقد تمثلت مخرجات المشروع في الآتي: تنبع الخدمات التي تقدمها المنظمات من احتياجات وأسبقيات المواطنين – الاعتماد على الجهود الذاتية والمبادرات المحلية.
– مراعاة القيم والمعتقدات والاستفادة منها في توجيه المجتمع.
– الاهتمام بتدريب قادة محليين.
– عدم الاعتماد على القروض الأجنبية.
– الاتصال المباشر مع المجتمع المحلي كأفضل أسلوب.
تجربة غانا:
تتمثل هذه التجربة في مشروع إنمائي تحت مسمى “التعليم الجماهيري وتنمية المجتمع” ([24]) ركز المشروع بدءًا على محو الأمية في المجتمع وتنفيذًا لذلك الهدف تكاملت مراحله حسب الترتيب على النحو التالي:
– إنشاء مدرسة للتدريب وإمدادها بالعاملين (50% من الإناث).
– تدريب المدربين الغانيين على محو الأمية.
– تدريس مواد محو الأمية واستخدام الوسائل المعينة.
– تدريس تقنية علم الاجتماع والاقتصاد الزراعي والإدارة.
– الاتصال بالمجتمعات المحلية الريفية.
يلي ذلك إدخال برامج تدريبية للموظفين قامت بها جامعة غانا في مقاطعات مختلفة من غانا للعاملين في التنمية الريفية. ثم ظهرت وتبلورت آثار ذلك في شكل نقاش منظم من قبل المتدربين في شأن التنمية بالمشاركة مما نتج عنه تجديد المدارس وإضافة فصول جديدة. كما نشط المجتمع في تحسين مصادر المياه وتشييد الكباري.
وحقيقة ظهرت نتائج هذا المشروع في الآتي:
– تم الاهتمام بمشاركة المرأة في محو أميتها وعمل جماعات المساعدة والعون الذاتي وتحديد المشروعات الصغيرة في القرى.
– زيادة مراكز التدريب والمدربين الغانيين لرفع قدرات أفراد المجتمع.
– تحسين مصادر مياه الشرب وخدمات الكهرباء.
– تولدت في المجتمع رغبة في التغيير وتبنى الأفكار الجديدة خاصة في مجال الإرشاد الزراعي.
النتائج والتوصيات:
إن الالتزام بآلية عمل المشاركة الفعالة بين الحكومة والجماعات المحلية ضمن استراتيجيات تنموية ومنهجية تكاملية مبنية على قاعدة من الحوار والتشاور والتنسيق والتعاون، يثمر بالتأكيد نتائج إيجابية في إنجاح العمليات التنموية القائمة في المجتمعات المحلية. فقد تبين أن حسن توظيف واستغلال إمكانيات المشاركة الشعبية تشكل أحد أهم القواعد الأساسية التي يجب أن تقوم عليها التنمية المحلية، كما اتضح أنه مهما كان قوة وكثرة معوقات هذه المشاركة في التنمية المحلية وفي مناشط الحياة الاجتماعية ككل، فإنه يمكن للمعنيين في المجتمع سواء أفراد أو حكومات العمل على تجاوزها وعلاجها، من خلال بناء القدرات المحلية وتمكين المجتمع بصورة مستدامة وذلك بتبني فكر رشيد كأداة فاعلة في إدارة وتخطيط التنمية المحلية.
ونتيجة لما سبق، يمكن اقتراح مجموعة من التوصيات التي تهدف إلي رفع كفاءة أداة المحليات ودعمها للمشاركة الشعبية في عمليات التنمية المحلية ومنها:
توسيع قاعدة المشاركة في إدارة الشؤون المحلية، وذلك من خلال التركيز على:
- إشراك المجالس المحلية للأهالي بالإشراف والرقابة على تنفيذ المشاريع التنموية، أو من خلال تبنيها مشاريع تعمل على إحداث تغيير في حياة المجتمع، باعتبارهم شركاء في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم، أو في تحديد مشكلات مجتمعهم، أو في وضع أولويات هذه المشكلات، حيث إن تنمية المجتمعات تبدأ بسكان تلك المجتمعات، وتنتهي إليهم.
- استيعاب القيادات المحلية أن مسؤوليتهم لم تعد تقتصر على جوانب التنمية فقط، بل أنها أصبحت معنية بإشاعة مضامين ومعاني المشاركة الشعبية في صنع القرار، وتكريس الوعي بتقليد العملية الديمقراطية، وممارسة المواطن لحقه في حرية الرأي والتعبير، وصولًا إلى تعزيز التكامل بين الجهود الحكومية والشعبية.
- ضرورة وجود إيمان حقيقي لدي صانعي القرار بالدرجة الأولى سواء بالقطاع الرسمي أو القطاع الخاص أو شبة الرسمي بأهمية المشاركة الشعبية، وتبني هذا المنهج كسياسة عامة فكرًا ومنهجًا وتطبيقًا فعليًا يقود إلى التنمية الشاملة وعدم اعتماده كأسلوب للحصول على الدعم المالي أو غطاء شكلي لتنفيذ المشروع، وتطبيقه كمنهج نظري أو بيروقراطي، بعيدًا عن الفهم الصافي أو الدقيق للمجتمع المحلي المتأثر.
- ولكي تتجاوز مشاركة المواطنين في أعمال التنمية معوقاتها، ينبغي التركيز على:
- الأخذ بنظام اللامركزية، كونه أكثر الأنظمة تقدمًا في ضمان المشاركة الشعبية، وتعزيز العملية الديمقراطية وإشاعتها في المجتمع، فاللامركزية تمثل خيارًا واعدًا في تلبية الاحتياجات المتنامية للمواطنين في المجتمعات المحلية.
- تدريب المواطنين على ممارسة حقوقهم السياسية ممارسة سليمة، تكفل لهم اختيار ممثليهم للتعبير عن قضاياهم قضايا مجتمعهم.
- توفير وإيجاد قنوات اتصالية فعالة ومستمرة بين المواطنين وقياداتهم؛ مما يساعد في زيادة الخبرات وتبادل الأفكار، لتحقيق المشاركة الفاعلة، كما يتوجب عمل ورشات تدريبة يقوم على أساسها إعداد الخطط التنموية المستقبلية.
- ينبغي على مؤسسات الدولة المختصة توفير القاعدة اللازمة من البيانات والتقارير والدراسات فيما يتعلق بالمشاركة الشعبية في أعمال التنمية المحلية، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه اليوم إلا من خلال مؤسسات أكاديمية بحثية مـن أجل الوصول إلـى تنظير علمي يحدد قياس أثر المعلومات فـي التخطيط لتنمية المجتمعات المحلية.
- على المجالس المحلية أن تضع المشاركة الشعبية في رأس قائمة الإنجازات الواجب توافرها في الفترة الاولي ويمكن تحديد الخطوات العملية التي يترتب على المجالس المحلية اتباعها لتحقيق التفاعل بين المواطنين وخطط التنمية المحلية كما يلي:
- الإعلان عن طلب أراء السكان المحليين في الجرائد المحلية وعبر الموقع الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمجلس المحلي.
- تنسيق حملة تثقيفية وإعلامية عن المشاركة الإيجابية ودور الشباب بصفة خاصة لما لهم من إيجابي وابداعي في التنمية المحلية لأنهم القادرين على العطاء وبذل الجهد.
- توفير المعلومات الأساسية للمواطنين والتي تمكنهم من ابداء آرائهم حول خطط تطوير مدنهم أو المشاريع الكبرى المؤثرة على معيشتهم، ويكون ذلك عن طريق عقد ندوات أو مؤتمرات للإعلان عن المشروعات أو تجمع المواطنين وأعضاء المجلس المحلي، ويمكن أيضا نشرها عن طريق الجرائد المحلية الموجودة جنبًا إلى جنب مع مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها الوسيلة الأقرب الي التصفح.
- الالتقاء بالهيئات ومنظمات المجتمع المدني الموجودة في المنطقة لأخذ آرائهم ووجهات نظرهم ومناقشتهم في الخطط والمشاريع التنموية، وكيفية الإفادة والاستفادة منها لتحسين الأحوال المعيشية وتوحيد الجهود والتنسيق لتحقيق حياة كريمة للمواطنين
- عقد لقاءات بصورة نصف سنوية أو سنوية لأخذ أراء المواطنين واقتراحاتهم قبل الشروع في عمليات تحديث خطط ومشاريع التنمية المحلية
- مراجعة الخطوات التنفيذية لأخذ أراء العموم وتلمس الوسائل التي ترفع من كفاءة المشاركة الشعبية وتحسن وسائل التواصل بين المواطنين والمجلس المحلي.
([1])أيمن عزمي جبران سعادة (2009)، آليات تفعيل المشاركة الشعبية في مشاريع الحفاظ المعماري و العمراني (حالة دراسية الضفة الغربية)، أطروحة ماجيستر في الهندسة المعمارية، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، ص. 13.
[2])) محمد سعيد الحلبي (2005)، دور القطاع الأهلي في اقتصاد السوق الاجتماعي، مقالة رقم06، جمعية العلوم الاقتصادية السورية، 27-12-2005، ص-ص. 8-9.
([3]) منصور بن لرتب (1988)، استراتيجية التنمية الإدارية في الجزائر، أطروحة دكتوراه ، غير منشورة، معهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر، ص-ص. 261.
([4]) بدون ذكر المؤلف، المشاركة الشعبية في التخطيط و إعداد الموازنات، تحالف المشاركة الشعبية في إعداد الموازنة العامة للبلديات، الأردن، بدون ذكر سنة النشر، ص 2.
www.pbcoalition.com/download/al%20mosharakah%20al%20sha3beyah%20fe%20al%20ta5tetet%204%20.pdf ، ملف أطلع عليه بتاريخ 28/9/2016.
[5])) سميرة كامل محمد (1988)، التنمية الاجتماعية، المكتب الجامعي ،الإسكندرية،ص 132.
([6]) عبد الهادي الجوهري(1966)، أصول علم الاجتماع السياسي، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ص 32.
[7])) طارق بركات (2014)، تفعيل دور المشاركة الشعبية والتمكين المستدام في التنمية المحلية، مجلة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، المجلد 26، العدد 5، ص 66.
([8]) المرجع السابق نفسه، ص 67.
([9]) أحمد مصطفي خاطر(2000)، تنمية المجتمع المحلي، الاتجاهات المعاصرة، المكتبة الجامعية، الإسكندرية، ص 231.
([10])منال طلعت محمود (2001)، التنمية والمجتمع، مدخل نظري لدراسة المجتمعات المحلية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، ص 247، ص 247.
[11])) ميمون الطاهر، مفهوم المشاركة الشعبية في التنمية المحلية،كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التيسيير، جامعة سطيف، بدون تاريخ نشر، ص 4.
[12])) السيد عليوة و منى محمود، المشاركة السياسة، موسوعة الشباب السياسية، مركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية، القاهرة، مصر، بدون ذكر سنة النشر، ص- ص. 5- 6
[13])) ميمون الطاهر، مفهوم المشاركة الشعبية في التنمية المحلية،مرجع سابق ، ص 5.
[14])) طارق بركات ، تفعيل دور المشاركة الشعبية والتمكين المستدام في التنمية المحلية، مرجع سابق، ص 70.
[15])) بدون ذكر المؤلف، المشاركة الشعبية في التخطيط و إعداد الموازنات،مرجع السابق، ص- ص. 7-11.
([16]) المرجع نفسه ، ص- ص. 7-11.
[17])) عثمان غنيم (2001) ، التخطيط أسس ومبادئ عامة، دار صفاء للنشر والتوزيع ،الأردن، ص 179.
[18])) منال سعيد قرارة (2004) آليات تفعيل الوعي والمشاركة الشعبية في التخطيط العمراني في الضفة الغربية، رسالة ماجستير ،كلية الدراسات العليا ، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، ص 147.
[19])) عثمان غنيم، المرجع السابق ، ص 179.
[20])) محمد سعيد الحلبي (2005) ، دور القطاع الأهلي في اقتصاد السوق الاجتماعي، مرجع سابق ص-ص. 8-9.
[21])) محمد فتح الله الخطيب و آخرون (1985) ، تقييم تجربة الحكم المحلي المصري، منشورات كلية الاقتصاد و العلوم السياسية، جامعة القاهرة – ص. 52- 53.
[22])) طارق بركات، مرجع سابق ، ص 76.
[23])) محمود محمد محمود ، وأحمد عبدالفتاح ناجي (2008)، التنمية في ظل عالم متغير، دار السحاب للنشر والتوزيع، القاهرة، ص 331.
[24])) محمود محمد محمود ، وأحمد عبدالفتاح ناجي، المرجع نفسه، ص 343.