
مناصرة المثقفين الفرنسيين للثورة الجزائرية (1954-1962) أمام الرأي العام البلجيكيي قراءة في وثائق أرشيفية
د.محمد بليل،جامعة ابن خلدون تيارت،الجزائر
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الإنسانية والاجتماعية العدد 34 ص9.
ملخص :تعتبر الثورة الجزائرية من بين الحركات الثورية لبلدان المغرب العربي، التي استطاعت أن تكسر حاجز الصمت الذي فرضته عليها وسائل الإعلام الفرنسية وجهاز استعلاماتها ،وذلك بتحرك الوفد الخارجي الجزائري على مستوى الدول الأوربية عموما وبالمملكة البلجيكية على وجه الخصوص ،حيث اثمرت هذه التحركات ببروز نخبة من المثقفين الفرنسيين والبلجيكيين المناصرة للقضية الجزائرية ؛ من خلال أنشطتهم الثقافية والسياسية والحقوقية.
وسوف نحاول في هذه الدراسة التعريف بهؤلاء المثقفين ومدى تأثيرهم على الرأي العام البلجيكي بهدف توضيح عدالة الثورة الجزائرية.
واعتمدنا في تحليل عناصر هذه الدراسة المتواضعة على قراءتنا لوثائق أرشيفية متواجدة بمركز الأرشيف لوزارة الخارجية الفرنسية.
الكلمات المفتاحية:المثقفون– الثورة الجزائرية – الرأي العام البلجيكي– المحامون البلجيكيون- الحقوقيون– الاستعلامات الفرنسية– القناصل الفرنسيين.
مقدمة:
اندلعت الثورة التحريرية الجزائرية من عمق التراب الجزائري،معتمدة على الجزائريين،بقيادة نخبة ثورية آمنت بالكفاح المسلح من أجل استرجاع السيادة الوطنية،وأن رد فعل الاستعمار الفرنسي تجاه القضية الجزائرية، قد تجاهل هذه الثورة،معتبرا الأحداث الحاصلة في الجزائر منذ شهر نوفمبر من سنة 1954 ،عبارة عن شغب مجموعات خارجة عن القانون،وأن ما حصل هو شأن داخلي ؛باعتبار أن الجزائر بعمالاتها الثلاثة تابعة لفرنسا.
في هذه الظروف الصعبة ،وجدت قيادة الثورة نفسها في تحدي مع الرأي العام الدولي ،خاصة الأوربي منه ،فكثف الوفد الخارجي للثورة من أنشطته للتعريف بها ودحض الأكاذيب الإعلامية الفرنسية وأجهزة مخابراتها وممثلها الدبلوماسيين في الخارج ،الذين حاولوا تكميم الأفواه ومنع حرية التعبير للأصوات الحرة من المثقفين الفرنسيين المتأثرين بالحرية وعدالة القضية الجزائرية . وقامت هيئات الثورة المكلفة بالإعلام والنشاط الدبلوماسي بالتقرب من أحرار فرنسا المناصرين للحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها،خاصة المدافعين عن حقوق الإنسان والمتأثرين بالأفكار اليسارية التحررية من أساتذة ومحامين وغيرهم من المثقفين ، بهدف تعريف الرأي العام الأوربي بعدالة القضية الجزائرية ، حيث تطوع للدفاع عن القضية الجزائرية ، مجموعة من المثقفين من مختلف الاتجاهات.
ولهذا الغرض سوف نحاول في هذه الدراسة ،علاج إشكالية دور المثقفين الفرنسيين في التعريف بالثورة الجزائرية بأوربا، مركزين على الرأي العام البلجيكي على وجه الخصوص، الذي كانت حكومته عضوا بارزا في منظمة الحلف الأطلسي ،والتي التزمت الحياد واعتبرت هذه الثورة شأنا داخليا وخضعت لضغوط ممثلي وزارة الخارجية الفرنسية وأجهزة استعلاماتها، بمنع هؤلاء المثقفين من إلقاء المحاضرات وإقامة النشاطات الهادفة إلى تنوير الرأي العام البلجيكي بالقضية الجزائرية . وسوف نتطرق أيضا ، ضمن هذه الاشكالية إلى موقف الحكومتين الفرنسية والبلجيكية من هذا النشاط ورد فعلهما تجاه هؤلاء النشطاء السياسيين .
ذلك ما ورد في وثائق وزارة الخارجية الفرنسة ودبلوماسييها من خلال تقارير أرشيفية سرية، كانت ترسل دوريا إلى حكومة باريس، تطلعها بهذا النشاط وتتابع تحركاتهم .
والهدف من وراء قراءتنا المتواضعة لهذه الوثائق الأرشيفية، التي عثرنا عليها بمركز أرشيف وزارة الخارجية “الأرشيف الدبلوماسي كيدورسي” سابقا والمتواجد حاليا بالكورناف بباريسCourneuve،أن نتعرف على الكثير من أصدقاء الثورة الجزائرية الذين وقفوا إلى جانبها وكشفوا الكثير من تجاوزات الاستعمار الفرنسي لدى الرأي العام البلجكي .1- المثقفون الفرنسيون والثورة الجزائرية
كانت القضية الجزائرية من أهم القضايا المطروحة على الساحة الدولية،حيث رفع شعارها كل ثوار العالم وساندوا الشعب الجزائري في ثورته ضد الاستعمار الفرنسي،ومن أبرز هم، مثقفون فرنسيون دافعوا عن “الجزائر جزائرية”،ينتمون لتيارات عديدة لبيرالية ودينية واشتراكية،اخترقوا التعتيم الدولي تجاه قضية عادلة . ويأتي على رأس هؤلاء المثقفين،مجموعات من المحامين الفرنسيين،أبرزهم فيرجيس Verges والمحامين البلجيكيين بقيادة مورو Mouraux وفئات أخرى كالطلبة وأساتذة الجامعات والثانويات غير معروفين لدى الجمهور ولكنهم ؛مسجلين لدى المصالح الأمنية، وأن البعثات الدبلوماسية الفرنسية ، تناولت في تقاريرها السرية هؤلاء المثقفين بالتفصيل وكشفت لنا عن دورهم في التعريف بالقضية الجزائرية ومناصرتها ، حيث قدموا مساعدات معنوية ومادية للثورة الجزائرية ومن أبرز هذه المساعدات تنوير الرأي العام الأوربي بما يجري في الجزائر وتقديم صورة واضحة عن الأوضاع في الجزائر ([1])
وقام العديد من هؤلاء المثقفين، بدور بارز في كشف الممارسات غير الإنسانية والتعذيب الذي بات يتعرض له الجزائريون عن طريق الصحافة خاصة منها اليسارية كالأزمنة الحديثة Temps moderns الإكسبرس و L’Express ولوموند الفرنسية Le Monde وفلاسفة جاهروا بأفكارهم واخترقوا الإعلامي الأوربي؛الذي أضحى يتناول الأوضاع الداخلية في الجزائر والميتربول([2]).
ولهذه الغاية ،قد تبلور مسار الدفاع عن الثورة الجزائرية تدريجيا لدى هؤلاء المثقفين الفرنسيين، ليقف الى جانب معاناة الجزائريين، ببروز جيل آخر من الشباب المثقف ،الذين لم يتجاوز أعمارهم الـ20 سنة وأغلبيتهم يمثلون شريحة الطلبة، إلى جانب ظهور فئة حاملي الحقائب؛ وأمثلة كثيرة من النماذج المثقفة التي ساهمت في في كشف ممارسات فرنسا الاستعمارية،حيث ظهرت هذه النخبة المثقفة في فترة الخمسينيات على اختلاف اتجاهاتها حيث تأثرت بما وصلت إليه أوضاع الجزائريين([3])،نتيجة لممارسة العنف من قبيل الجيش الفرنسي الذي استخدم وسائل القمع كالتعذيب والمحاكمات غير العادلة؛مما جعل العديد من هؤلاء المثقفين ينتقد السياسة الاستعمارية الممارسة ضد الجزائريين ،وقاموا بمحاولاتهم تنوير الرأي الأوربي الفرنسي والبلجيكي ،منهم رجال كنائس، أمثال شاولي Chaulet وأدباء وحقوقيون أمثال ماندوز Mandouze وهنري علاق Henri Alleg وصاحب كتاب “المعذبون في الأرض” فرانتس فانون Frantz Fanon وجانسون وزوجته كوليت Jeanson et Colette المناصران للثورة الجزائرية ، صاحبا كتاب الجزائر خارجة عن القانون ، وبعض المؤرخين الفرنسيين الذين أماطوا اللثام عن تاريخ الجزائر من خلال دراسات أكاديمية،أمثال شارل روبار Charles Robert Agéronأجرون وشارل أندري جوليانCharles André Julian ، فأثر هؤلاء المثقفين على الرأي العام الأوربي بشكل عام والبلجيكي بشكل خاص ،و انبروا في الدفاع عن القضية الجزائرية التي اخترقت صوت هذا الرأي العام ([4]).
وخلاصة لما قدمناه بشكل موجز عن بروز هذه النخبة المثقفة الفرنسية، التي استطاعت تحدي سياسة المنع والترهيب في حق رافضي الجزائر الفرنسية، رغم أنهم عاشوا بوسط اجتماعي وسياسي معادي لحركة تحرير الشعوب ، إلا أنهم تمكنوا من الوصول إلى الاقتناع بالمبادئ الإنسانية ومحاربة الاستبداد، وذلك بفضل عدالة القضية الجزائرية ، التي سخرت رجال من الوطنيين الجزائريين ،الذين قاموا بالتعريف بهذه القضية وإيجاد مناصرين لها عبر العالم ، وبالتالي فالثورة الجزائرية جمعت كلمة المثقفين الأوربيين حول موقف إدانة الحرب والتعذيب.
ذلك أن هذا التحرك، لم يأت من فراغ، إنما من جهود الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني بفرنسا ؛الممثل في فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا، التي استطاعت قيادة معركة الجزائر بفرنسا مثل ما ورد في دراسة الأستاذة ليندا عميراوي ([5]) التي وضحت لنا طبيعة هذه المعركة وانتصار الفيدرالية، بتنظيم ضواحي المدن في إطار الولاية السابعة ،وإيجاد مناصرين لها من محامين دافعوا على المعتقلين الجزائريين([6])،وفلاسفة وأطباء نفسانيين حاولوا علاج الأمراض النفسية،الناجمة عن الأساليب المروعة في حق الجزائريين([7]).حيث تسربت هذه الأصداء إلى العالم الخارجي عن طريق الصحافة ومرافعات المحامين في المحاكم الفرنسية ومحاضرات المثقفين بالعواصم الأوربية.
هذا الحراك السياسي والنشاط الدءوب الذي كان يقوم به أنصار الثورة الجزائرية،لم يكن غائبا عن الأجهزة الاستعلاماتية الفرنسية وسفراء فرنسا في الخارج ، حيث كانوا يتابعون تحركاتهم بواسطة تقارير سرية كانت تعد بشكل دقيق عن حقيقة هذا النشاط ،وهو ما أصبح متاحا اليوم للباحثين الجزائريين للولوج في دور الأرشيف الفرنسية لدراسة المزيد من هؤلاء المناضلين في مجال حقوق الإنسان والكشف عن العديد من الأسماء من المثقفين ،غير هؤلاء الذين عرفهم الرأي العام من خلال شهاداتهم وكتاباتهم ومحاكماتهم أمثال جانسون وسارتر وغيرهم من المحامين ،الذين دافعوا عن المعتقلين الجزائريين ونسقوا في دفاعهم مع مؤسسات الثورة وعلى رأسها الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية([8]).
ذلك ما سنحاول استقراءه من خلال هذه التقارير،حيث اخترنا نموذجا منها المتمثل في نشاط هؤلاء المثقفين بالمملكة البلجيكية ومدي تأثيرهم على الرأي العام بهذا البلد ، الذي احتضن مؤتمرات ولقاءات الوطنيين الجزائريين خلال أزمة حركة الانتصار للحريات الديمقراطية .ووجد الوفد الخارجي تسهيلات من مؤسسات المجتمع المدني والحقوقي ،لدعم الثورة وتفنيد الدعاية الاستعمارية؛بأن ما يحصل في الجزائر هو شأن داخلي يخص فرنسا بمحاربة للإرهابيين والخارجين عن القانون.
2 – نشاط المثقفين الفرنسيين في بلجيكا Seuil ; Paris 1955
[1] – Frantz Fanon ; les Damnés de la Terre Edition Talantikit Bejaia Algérie 2013PP 23-79
أشارت الوثائق الأرشيفية المتواجدة بمركز أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية، لنشاط المثقفين الأوربيين،خاصة الفرنسيين منهم ،أهمية دورهم في التأثير على الرأي العام البلجيكي،رغم المشاكل الأمنية التي واجهتهم من خلال ضغوطات الأجهزة الأمنية البلجيكية:
أ – نماذج من نشاط المتثقفين الفرنسيين ببلجيكا
عرفت بلجيكا نشاطا معتبرا للمثقفين الفرنسيين المناصرين للثورة الجزائرية، من بينها : ما قام به أستاذ أحد ثناويات العاصمة السيد “جين ريم Mr Jean Rim بتاريخ 15 أفريل 1956وهو ابن أحد المستشارين البلديين لمدينة الجزائر ، بإلقاء محاضرة بمنطقة “لياج” Liège تحت إشراف الفرع المحلي المعروف “بمنظمة المعلمين الدولية من أجل السلام “،ومن خلال المعلومات التي استقاها السفير الفرنسي عن نشاط هذا المثقف ،أنه تحصل على رخصة من خلال طلبه، بإلقاء مداخلة أمام أعضاء هذه المنظمة حول موضوع: ” عناصر المسألة الجزائرية “وقد وجد هذا الاجتماع صدى لدى الجمهور ببلجيكا من مختلف الاتجاهات ،رغم التعتيم الإعلامي لوسائل الإعلام البلجيكية ، حيث تطرق المتدخل في محاضرته الموسومة ب “أوضاع حقوق الإنسان المأسوية في الجزائر”، الكثير من القضايا التي كانت تشغل بال الرأي العام العالمي. وأن الكثير ممن حضروا هذا اللقاء ،كانوا شغوفين للاستفسار عن القضية الجزائرية ،حيث شغلت هذه المسألة الرأي العام بلياج([9]).
وعلق السفير الفرنسي على هذا النشاط موضحا : “إن ما قام به هذا المتدخل من اتهامات في حق فرنسا،أمر خطير في حق بلده ، رغم أن هذا الشخص يقولون عنه، أنه ينتمي لأحدى العائلات الفرنسية المقيمة في الجزائر منذ عدّة أجيال ،وأنه تلقى تعليمه في الجزائر ويدرّس فيها، و زعم أنه أكثر قربا من معاناة السكان الأصليين( المسلمين الجزائريين )، مذكرا بأنه تمّ اغتصاب أراضيهم ،وأنهم قدموا تضحيات جسام من أجل رغبات فرنسا الأنانية خلال أزماتها…ولم ينالوا شيئا رغم الوعود الفرنسية…”([10].وأضاف صاحب التقرير:” أن السيد “ريم “قدمّ في مداخلته عدّة معطيات سياسية عن الحرمان السياسي،كذا في المجال الاقتصادي،حيث عرض احصائيات نقلها من مصادر رسمية ،يشير فيها إلى تسجيل أكثر من أربع مائة ألف عائلة مسلمة تعيش في ظروف قاسية بشكل كامل ، بينما بضعة ألاف من المعمرين تستهلك سنويا 25 مليار سنتيم،مقابل إقامتها بالمتربول خلال العطلة الصيفية ؛وأن المسلمين لم يستفيدوا من إجراءات التطوير الاقتصادي التي رفعتها الحكومة خلال حملة الإصلاحات و اقتصرت على المعمرين…أما اجتماعيا لاحظ المتدخل،التمييز الواضح بينهم وبين المعمرين ،موضحا بأن وضع الأهالي في درجة أخيرة مقارنة بالمهاجرين بفرنسا واختتم في الأخير بأن الجزائريين وضعوا في حالة من العبودية واستغلوا أيما استغلال دون اهتمام سلطات المتربول بهم…” ([11]) .
إن مواقف هذا المثقف الفرنسي المقيم في الجزائر،أثارت حفيظة السفير الفرنسي ببلجيكا، الذي نقل لنا تصريحات وتدخلات هذا المثقف بشكل مفصل لمسؤوليه بباريس،وهو ما يمثل متابعة دقيقة لأنشطة المثقفين المؤيدين للقضية الجزائرية والمناهضين للسياسة الفرنسية المنتهجة في الجزائر .وذكر مقتطفات هامة من مداخلته،التي تدل على الوعي الكامل لهذا المثقف بحقيقة ما يجري في الجزائر، عكس تصريحات المسؤولين الفرنسيين، التي كانت تهدف، إبعاد الرأي العام الأوربي بما يجري في الجزائر.
وقد استوقفتنا بعض الملاحظات التي وقف عندها هذا المثقف التي جاءت في التقارير المختلفة التي كان يرسلها السفير الفرنسي لوزير الخارجية ، في ما يلي ([12]):
“- إيجاد ظروف ووسائل مضادة لسياسة القمع الفرنسية.
– تنبيه العسكريين المتوجهين للجزائر بالشكوك في الإصلاحات الفرنسية.
– مواجهة السكان المسلمين للترسانة القانونية غير العادلة ، تعتبر فيها السلطة الاستعمارية، أن المسلم إرهابي وقد أحرج هذا الوصف الجزائري في كرامته ومسّ عقيدته و إيمانه.
– أبرز المتدخل بوضوح في مداخلاته المختلفة ببلجيكا، أهمية حركة التحرر الجزائرية المتمثلة مطالبها التالية :
– استقلال الجزائر – انتخاب مجلس تأسيسي – قيام جمهورية جزائرية …”
وفي نفس هذا السياق،ترى الباحثة الفرنسية ليندا عميري ، أن هذا النشاط للمثقفين ببلجيكا،إنما جاء تتويجا لجهود جبهة التحرير الوطني التي تمكنت من اختراق الرأي العام البلجيكي وإزاحة نشاط الحركة الوطنية الجزائرية لمصالي الحاج ؛التي كان لها نفوذا قويا و تدعيما من قبل بعض المثقفين ، بالتغلغل في الأوساط العمالية والتنسيق مع مجموعة المحامين البلجكين المدافعين عن قادة الثورة المسجونين والعمال المطاردين في بلجيكا ([13]).
جاء نشاط المثقفين الفرنسيين في بلجيكا في نظرنا ،تتويجا لجهود فيديرالية جبهة التحرير الوطني الجزائرية ودور ممثليها في الخارج من أجل كشف حقيقة جرائم الاستعمار الفرنسي والتركيز على مطالب الثورة الجزائرية ، المتمثلة في المطالبة بالحرية والاستقلال للجزائريين .
ب – نشاط المثقفين الفرنسيين في مجال حقوق الإنسان
قام بعض الحقوقيين بدور بارز في الدفاع عن القضية الجزائرية ، من خلال ما ورد في أحد التقارير الأرشيفية التي وضحت لنا نشاط المثقفين الفرنسيين والأوربيين،في الدفاع عن المسجونين والمعتقلين الجزائريين، أمام المحاكم الفرنسية ،حيث تعرض هذا التقرير ؛بالتفصيل لنشاط المحامي الفرنسي السيد “فيرجس “Vergés”في إطار محاضرة له بمدينة بروكسل العاصمة البلجيكية ، موضحا بأن هذا المحامي الشيوعي وجهت له الدعوة من قبل رابطة حقوق الإنسان بإلقاء مداخلة حول موضوع ” التعذيب وحقوق الإنسان في الجزائر “وتعرض المسجونين والمحبوسين للتعذيب وهو في نظر وزارة الخارجية من المغضوب عليهم ،بسبب أنشطته المعادية لفرنسا وكشفه لجرائمها والدفاع عن مسجوني الثورة الجزائرية من قادة جبهة التحرير الوطني وذلك يوم 11ديسمبر 1959 بقصر الفنون الجميلة ببروكسل ([14]).
علِم السفير الفرنسي بهذه المحاضرة ، فأرسل رسالة إلى السيد شيرمانس Schurmans رئيس ديوان وزير الخارجية البلجيكي موضحا تحركات فرجيس، بأنه أبعد من الكامرون وهو يعيش اليوم في ظروف غير قانونية بالكونغو البلجيكي ؛ بالتالي حاول الضغط على السلطات البلجيكية، لمنع أنشطته ببروكسل ([15])وذكر التقرير بأن المحاضرة التي سيلقيها قرجيس ،ستتناول جريمة التعذيب في الجزائر والأوضاع المأسوية لحقوق الإنسان بالجزائر بتنظيم اللجنة البلجيكية للسلامComité de paix En Belgique ، وشارك فيها أيضا المحاكمي البلجيكي السيد مارك دو كوك “Marc De Kock” وأن هذه المداخلة ،تندرج في إطار نشاط منظمة حقوق الإنسان البلجييكية،وفي سياق هذا التقرير، نجد شرحا مفصلا لأنشطة منظمات حقوق الإنسان ببلجيكا ومدى تأثير ذلك على المثقفين البلجيكيين والرأي العام عموما من صحافة وأحزاب يسارية، وكان التركيز على شخصية هذا المناضل الحقوقي اليساري المتعاطف مع الثورة الجزائرية من قبل جهاز الاستعلامات، الذي تطرق لجولة فرجيس إلى إفريقيا الوسطى يوم 29 ديسمبر وإلى كثير من الدول الإفريقية بطريقة سرية وقدّم لنا التقرير سيرته الذاتية في ما يلي([16]) :
“ولد فرجيس ب أوبان بسيام Oubane (Siam) يوم 05 مارس 1925 وهو مناضل فرنسي، يسكن بشارع شارش ميدي رقم 61 بباريس وهو ابن النائب الشيوعي السابق بجزيرة غينيون Ile de la Réunion السيد ريموند فيرجس Raymonde Vergés عضو بارز بالحزب الشيوعي ومتخصص في المشاكل الاستعمارية، وكان الأمين العام لجنة الاتصال للطلبة المناهضين للاستعمار وهو اليوم من المدافعين البارزين عن معتقلي جبهة التحرير الوطني”.
و مقارنة بما ورد في هذه التقارير ، تطرقت دراسات أخرى أكاديمية عن هذا النشاط([17])،موضحة دور اللجنة من أجل السلام في الجزائر ، حيث قامت مجموعة المحامين البلجكيين بدور بارز في إيضاح صورة دفاعهم وإستراتيجية الدفاع المتمثل في مقاطعة الجلسات إلى غاية دراسة ملفات المعتقلين وربح معركة الدفاع في وجه المتورطين في قضايا جنائية يحكم عليها بالإعدام ، حيث تمكن هؤلاء المحامين بالتنسيق مع فيرجس، بالتخفيف من هذه العقوبة ،أمثال سياج مورو Siege Moureaux و مارك دي كوك Marc De Kok و سيسيل درابس Cécile Draps و أندري مارشري André Mercherie وغيرهم من إيصال كلمة المظلومين الجزائريين في السجون الفرنسية إلى الرأي العام البلجيكي والأوربي ([18]).
وفي نفس هذا السياق تناولت الباحثة الفرنسية”عاميري ليندا”،دور هؤلاء المحامين البلجيكيين في الدفاع عن المعتقلين الجزائريين ، وتنديديهم بالتجاوزات كالتعذيب والاختفاء القسري ، بالتنسيق مع فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا وفرعها ببلجيكا ،موضحة “إن نجاح أية منظمة ثورية تتمثل في الاحترام الدقيق للعمل السري وكذلك نشر قضيتها لدى الرأي العام الدولي ، فوفد جبهة التحرير الوطني بفرنسا، قام بإرسال محاضرين إلى بلجيكا وتكليفهم بإسماع صوت الجبهة والتقرب من الأطراف المعادية للاستعمار …” ([19])
إن تزايد الضغط الاستعماري على المناصرين للثورة الجزائرية من مثقفين وحقوقيين ، أدى بهم الأمر إلى الاتحاد و مساندة زملائهم المضطهدين ، والتنديد بجرائم الاستعمار بالتنسيق مع سارتر من أجل الحفاظ على ثقافة المقاومة التي شكلها أحرار العالم من المثقفين والكتاب ضد التعذيب والاستغلال والاستعمار في الجزائر ([20]) .وبالتالي فإن فرنسا ،لم تحترم حقوق الانسان والقيم الإنسانية التي كانت تتغنى بها أمام الرأي العام، مما أدى بالمثقفين الفرنسيين والأوربيين إلى تكوّين لجان لمناهضة للتعذيب وإنشاء شبكات دعم لجمع الأموال من طرف مغتربين جزائريين عبر وسطاء مثقفين فرنسيين من داخل فرنسا وأوربا وتهريبها عبر الحدود وتقديمها بعد ذلك للمجاهدين الجزائريين ، حيث عُرفت هذه الشبكات بأصحاب الحقائب بفرنسا بقيادة جانسون وأخرى ببلجيكا تشكلت سنة 1960 لمساندة الثورة الجزائرية وزعمائها([21]) .
إن هذا النشاط الدءوب للمثقفين الفرنسيين ببلجيكا ، كان له تأثيرا عميقا على الرأي العام البجيكي ، إضافة لذلك التنسيق القوي بين المثقفين الفرنسيين ونظرائهم البلجيكيين ،خاصة في مجلات الكتابة الصحافية والأنشطة الأدبية كالفن والمسرح ، مما ترتب عنه حملة مضادة من قبل السلطات الاستعمارية في مواجهتها لنشاط المثقفين الفرنسيين ببلجيكا بالضغط عليهم ومتابعتهم قضائيا واتهامهم بالخيانة العظمى ،حيث حكمت على العديد منهم بالسجن والإعدام والنفي والطرد .
ج
– رد الفعل الفرنسي والبلجيكي على هذا النشاط
أشارت التقارير الدبلوماسية للقناصل والسفراء الفرنسيين بالخارج ، خاصة ببلجيكا ، مواقف رسمية فرنسية وبلجيكية وأخرى لبعض المثقفين الفرنسيين المناصرين للجزائر الفرنسية، تجاه نشاط المثقفين والحقوقيين والإعلاميين المناصرين للجزائر الجزائرية في ما يلي :
ج1– الموقف الرسمي الفرنسي من نشاط المثقفين في بلجيكا
نستشف من التقرير السابق ذكره للسفير الفرنسي الموجه لوزير الخارجية الفرنسي المتعلق بنشاط المثقفين، التقليل من قيمة مداخلة الأستاذ ريم ([22]) ” إن جزءا كبيرا من المتتبعين كانوا يتهامسون فيما بينهم ،غير مصدقين مما يقوله هذا المتدخل وأن حديثه عن الاوضاع بالجزائر غير مؤكد…” ،وبالتالي فهذا التقرير في نظرنا يوجد فيه عدة تناقضات ومغالطات ، فمن جهة يذكر بأن جمهورا غفيرا ، قد حضر في القاعة ومن جهة أخرى؛ حاول التشكك في مصداقية هذا التدخل لدى مسؤوليه ، موضحا بأن الحاضرين لم يقتنعوا بما ورد في مداخلته ، مستدلا بتقرير الحزب الاشتراكي البلجكي،الذي ذكر في نشرة خاصة له حول الموضوع ،بأن هذا المتدخل لم يتطرق إلى إيجابيات الوجود الفرنسي بالجزائر !كالمشاريع الاقتصادية وإنجاز الطرقات والمستشفيات ؛وكذلك جرائم “الفلاقة” وعملائهم واقتصر على ذكر سلبيات الاستعمار، وحسب نفس التقرير أن هذه المحاضرة ،لم يهتم بها الصحافيون كثيرا، بعدم التعليق عليها، إلا بكتابة بضعة أسطر عنها ، وفي نفس الاتجاه، يلوم التقرير بعض الأشخاص الذين يتحدثون عن المسألة الجزائرية خارج البلاد ، حيث ورد في التقرير: ” أن السفير استمع لأحد الحاضرين يقول أن فرنسا من خلال محاضرة هذا المثقف ؛أنها بلد القمع والاستبداد وكان بالإمكان أن يكون هذا المحاضر إلا رقما في أحد معسكرات الاعتقال…” ([23]) .
وما يسجل من ملاحظات حول هذه التقارير ، المنتقدة للمثقفين الفرنسيين المناصرين للثورة الجزائرية ،بأنها تمثلت في أساليب السياسة الاستعمارية الخانقة للحريات الديمقراطية وتخوف السلطة الاستعمارية منهم ، وهو ما قامت به فعليا تجاههم من خلال أساليب التضييق المنع والاعتقال ، من خلال العينة التي اخترناها من هذه التقارير المتمثلة في ما يلي :
– التضييق والمتابعة القضائية ضد المثقفين والمحاضرين من قبل بيان وزير الداخلية البلجيكي ، الذي وضح فيه الالتزامات الخاصة بالأجانب، بالتغيب عن كل اجتماع ومؤتمر خاص بالتهجم و النقد لبلد مجاور ([24]) .
– التضييق على منظمات حقوق الإنسان والجمعيات المدافعة عن الجزائر، خاصة اللجنة البلجيكية من أجل السلام في الجزائر المشكلة من إعلاميين ومثقفين وحقوقيين من قبل الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية بالتنسيق مع وزارة الخارجية للبلدين فرنسا وبلجيكا ،كاعتقال المناصرين البلجيكيين للثورة واغتيال بعض المناضلين الجزائريين أمثال الطالب”أكلي عيسيو ” المختص في الطب وقيادي في الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في سنة 1960 ومقتل الأستاذ روجي جيورج لابراش “Roger Georges Laperches بطرد مفخخ من قبل منظمات مناصرة للجزائر الفرنسية([25]) ، وهو ما يعني في نظرنا أنه تواجد نوعين من المثقفين ، المؤيدينن للثورة الجزائرية والرافضين لها.
ج2– الموقف الرسمي البلجكي من القضية الجزائرية
تعتبر بلجيكا إحدى الدول البارزة في منظمة الحلف الأطلسي الذي يوجد مقره بالعاصمة “بروكسل”، وبالتالي فهي حليفة طبيعية لفرنسا في مشاكلها الاستعمارية بإفريقيا وتقاسمت معها النفوذ الاستعماري بالقارة الإفريقية ،منذ مؤتمر برلين وكان لها نصيب هام في الكونغو البلجيكي ،وبالتالي فهي تعاني نفس المشاكل الاستعمارية ؛حيث التزمت الصمت وعدم التدخل في المشاكل الداخلية للبلدان المجاورة خاصة فرنسا ،ولم تأبه باندلاع ثورة الجزائرية،و هي تعتبر الجزائر عمالات فرنسية وفق القوانين الفرنسية المنظمة للدستور الفرنسي الصادر في أكتوبر 1946 والقانون الخاص للجزائر المصادق عليه في سبتمبر 1947وهي في نظرها تحترم إرادة الحكومة الفرنسية الواضحة، بأن المشكل الجزائري قضية داخلية، ولا يمكن لأي بلد أجنبي التدخل في شؤونها الداخلية ؛ إضافة لذلك فهناك مصالح استعمارية مشتركة بين البلدين في مجال المشكل المرتبطة بالاستعمار ومنها المشكلة الكونغولية ، حيث تخشى بروكسل إثارة القضية الجزائرية في المحافل الدولية بانتقال العدوى إلى مستعمرتها الإفريقية.
ولهذه الأسباب فبلجيكا ،رفضت مقترح تقدمت به 15 بلدا عضوا بالأمم المتحدة يوم 30 اكتوبر 1955، بتسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يخلص الأستاذ “آماند لوفابر “Amand Lefebvre في مداخلته ،حول نظرته لموقف الرأي العام البلجيكي من حرب الجزائر ،معتبرا أن موقف بلجيكا طبيعي بالنسبة لهذه القضايا باعتبارها أمة استعمارية([26]).
وفي تقرير لممثل بلجيكا بالأمم المتحدة ، من خلال ما ورد في وكالة الأنباء “بلجا” Belga ردود الفعل البلجيكية من خلال الحوار الذي أجرته مع ممثل بلجيكا بالامم المتحدة ([27])، حيث ذكر بضرورة تسوية بعض النزاعات الدولية منها القضية الجزائرية ،التي ذكر فيها لهذه الوكالة، بأن المشكلة الجزائرية تشكل قضية داخلية لفرنسا ،حسب المادة الثانية من الفقرة السابعة لميثاق الأمم المتحدة ؛ ولكنه استطرد قائلا بأنه توجد وسيلة أخرى لعلاج هذه المشكلة ،حسب ما يقوم به الرئيس الفرنسي الجنرال ديقول Dé gaule بوضع اللمسات الأخيرة لقانون مستقبلي للجزائر.
ج3– موقف المثقفين الفرنسيين المناهض للقضية الجزائرية
وضحت عدة تقارير ودراسات مذكرات شخصية ، طبيعة نشاط المثقفين المناصر للثورة الجزائرية([28])، بأنه جريمة في حق وطنهم الفرنسي، من خلال موقف السيد نايجلان Naegelan وزير سابق وحاكم عام سابق للحكومة العامة في الجزائر ، حيث أورد لنا التقرير المرسل من قبل السفير الفرنسي إلى وزير الخارجية ،الدور البارز الذي لعبه هذا الأخير في توضيح صورة فرنسا الحضارية في الجزائر ، من خلال تطرقه في محاضرة له ببلجيكا حول موضوع “المسألة الجزائرية والإسلامية بمدرج جمعية “الصداقة الفرنسية، أمام حضور كثيف حسب نص تقرير السفير ،السيد “ريموند بوسكي ” Raymond Bousquet المرسل لوزير الخارجية السيد “كرستيان بينو Christian Pineau ،موضحا مقتطفات من محتوى المداخلة ،التي ذكر فيها[29] :”أن قدر الجزائر ارتبط بفرنسا …وينبغي علينا أن نفرق بين العرب والمسلمين ، حيث يتراوح عدد العرب ما بين 30 40- مليون نسمة ، أما عدد السكان المسلمين فقد بلغ 300مليون نسمة ، وأن فرنسا ليست في حرب مع المسلمين وإنما في حرب مع الجامعة العربية،التي لا تمثل إلا أقلية …وأن فرنسا أكثر قربا من المسلمين منها عن الشعوب الأسيوية ..”
وفي تقديرنا أن الساسة الفرنسيين ومثقفيها المناهضين للثورة الجزائرية ، متخوفون من حركات التحرر الأفرو أسيوية، التي بدأت تنشط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وشكلت إطارا وحدويا منسجما، منذ خمسينات القرن العشرين وبروز حركات تحرر وطنية ،حررت بلدانها من الاستعمار الأوربي وتمّ عقد مؤتمر الشعوب الأفرو أسيوية بباندونغ بمشاركة وفد من جبهة التحرير الوطني ، جعلهم يقلقون من النشاط المعادي للاستعمار وانحياز بعض المثقفين الفرنسيين والأوربيين إلى جانب القضية الجزائرية وحاولوا التشكيك في العلاقات بين الأفارقة والأسيويين في إطار سياسة فرق تسد ، حيث يلاحظ تناقضا في محتوى هذا التقرير الذي يرى أمل تحقيق الوحدة الفرنسية الإسلامية من جهة ومحاربة السكان المسلمين في الجزائر و اتهام زعمائهم وقادتهم الوطنيين والثوريين بالإرهاب ، وهي في نظرتا ،تتمثل في حملة دعائية وإعلامية ومخباراتية ضد حركة عدم الانحياز الناشئة.
وقد قام هؤلاء المثقفين المعارضين للثورة الجزائرية بعد فشل تحركهم ،إلى تبني خيار الإرهاب الأعمى، بقتل الأبرياء وتصفياتهم من خلال منظماتهم الإجرامية “كاليد الحمراء” التي اغتالت الكثير من المثقفين الجزائريين أمثال “العربي التبسي” وغيره وأيضا منظمة الجيش السري، المشكلة من غلاة المعمرين المتحالفين مع هؤلاء المثقفين المتعصبين للجزائر الفرنسية والتي هددت الوجود الفرنسي نفسه في الجزائر، حسب ما كان يعتقد الجنرال ديغول نفسه،الذي تعرض لمحاولة انقلاب عسكري ومحاولة أخرى باغتياله بباريس([30]) .
3- دور أصدقاء الثورة في التأثير على الرأي العام البلجيكي
إن المتتبع لتقارير السفراء الفرنسيين والأجهزة الاستعلاماتية الفرنسية حول نشاط هؤلاء المثقفين الفرنسيين ، يدرك حقيقة تأثيرهم على الرأي العام العالمي بشكل شامل والبلجيكي بشكل خاص، والتخوف الذي استخلصناه من خلال قراءتنا المتواضعة لبعض الوثائق الخاصة بهذا الموضوع ، تدعونا للاستفسار في البداية عن مفاهيم هذا الرأي وآليات صناعته ومدى تأثيره على مجريات الأحداث في الجزائر”Evénements D’Algérie”حسب تعبير الأجهزة الفرنسية الخاصة بالاستعلامات.
أ- التعريف بالرأي العام
تطور مفهوم الرأي العام منذ أقدم الأزمنة ، حيث كان يرتكز على مساندة القبيلة أو الرعية ليتطور إلى الجماهير الشعبية في وقتنا المعاصر ، باستخدام أساليب عديدة للتأثير على هذا الرأي كالإعلام والحملات الانتخابية والدعاية المضادة والجوسسة والإشاعات ،”لأن المجتمعات المعاصرة ارتبطت بعلاقة وطيدة مع الرأي العام باعتباره ،يمثل مجمل الأفكار والمفاهيم حول مواقف و أحداث وظواهر اجتماعية ، وفي الدراسات التاريخية تعالج ظاهرة الرأي العام من خلال تعاليق وتحاليل و سائل الإعلام وتصريحات القادة السياسيين ومواقف الأحزاب والجمعيات ، وبذلك أصبح الرأي العام عاملا مهما في حياة البشر ، حيث تحول إلى قوّة ذات تأثير كبير في توجيه قناعات الجماهير والنخب المثقفة” ([31]).
ولذلك نجد العديد من الباحثين يتناولون هذا الرأي العام من وجهات نظر مختلفة، معتمدين على أساليب مختلف صيغ سبر الآراء واستطلاع أراء فئات مختلفة من الجماهير ،حول مواقف معينة من خلال قيام مؤسسات خاصة بذلك ، كانت منتشرة بأوربا ، لكنها لا يمكن لها تقديم نسب دقيقة حول ذلك الاستطلاع مثل ما يذكر المؤرخ الفرنسي “أجرون “في إحدى مداخلته حول الموضوع ([32])، بأن الرأي العام الفرنسي تطور تدريجيا من تشبث الأغلبية بالجزائر الفرنسية وصولا إلى اقتناع نسبة من هذا الرأي بضرورة ملحة، تمثلت في أن يحكم الجزائريون أنفسهم بأنفسهم والاقتناع في نهاية المطاف بحق تقرير المصير والحصول على استقلال الجزائر .
ب – تأثير الصحافة على الرأي العام البلجيكي
إن التأثير على الرأي العام الأوربي،لم يتأت بشكل سهل،إلا من خلال جهود هؤلاء المثقفين والحقوقيين والإعلاميين في إيصال هذه الأفكار للجمهور البلجيكي ، ويذكر العديد من الباحثين أن الرأي العام الأوربي،تأثر أيما تأثير بالصحافة اليسارية والمسيحية المنتقدة للسياسية الفرنسية المنتهجة في الجزائر ،وبروز مثقفين ومحامين ،أدلوا بتصريحات لصحف هامة كالأكسبريس ونوفال ابسرفاتور ولوموند ،وأن الصحافة الأوربية ببلجيكا وإيطاليا وألمانيا الاتحادية ، وهي البلدان المجاورة لفرنسا ، خرجت عن صمتها ،لتكشف سياسة العنف الفرنسية الممارسة ضد الجزائريين ، خاصة ما تعلق بممارسة التعذيب ومسلسل الاغتيالات وجرّ المثقفين إلى المحاكم الفرنسية والبلجيكية([33])،وقد تطرقت أجهزة الاستعلامات الفرنسية ،إلى دور المثقفين الفرنسيين في التأثير على الرأي العام البلجيكي،من خلال العديد من التقارير فيما يلي ([34]):
-أشار أحد هذه التقارير ،و هو عبارة عن تقرير مرسل من السفير الفرنسي ببلجيكا إلى وزير الخارجية الفرنسي ” بينو”Pieno بتاريخ 22 يناير 1957 إلى جذور الرأي العام البلجيكي والمسألة الجزائرية وتطوره مع سنوات حرب التحرير الجزائرية ، فأبدى التقرير ملاحظات عديدة، نذكر بعض ما ورد فيها :
– قال عن الصحافة البلجيكية ” بأنها عندما تتطرق للأحداث المرتبطة بالجزائر ، لا تعلق عليها كثيرا ،حيث تعتبر هذه الأحداث مشكلا معقدا ولا لا تتناول الحلول وتلتزم الصمت ، وحسب نفس التقرير فإن الرأي العام ،يدرك خطورة التطرق بإسهاب لهذه المسألة، لارتباطها بقضية مستقبل الكونغو البلجيكي ،ولكن هذا الرأي العام ،لا يتجاهل الانتصارات التي حققتها البلدان الأفرو أسيوية بفضل حركات التحرر في العشر السنوات الأخيرة .
– وفي نفس التقرير تمنت الصحافة البلجيكية ، بأن يحصل حل سلمي للمسألة الجزائرية وأن الرأي العام البلجيكي، بات يشك يوما بعد يوم في النجاح النهائي لهذه المهمة وإن إفريقيا الشمالية ،حسب رأي الصحافة البلجيكية ؛باتت أكثر خطورة تعرضا لتأثير الحركات التحررية ،وترى في بعض الإجراءات الفرنسية الخاصة بإعادة ربح ثقة المسلمين هامة في نظرها لإحلال السلام بالمنطقة ـ ويضيف هذا التقرير متسائلا عن حيرته من موقف صحافة هذا البلد ( بلجيكا) التي ظهرت عليها خيبة الأمل من تصريحات رئيس المجلس الوطني الفرنسي ، وكان لصحافة القسم البلجيكي “الفلاماند” أكثر شدّة من صحافة القسم الفرنسي البلجيكي حيث لخصها التقرير قي أربعة نقاط :
– أن تصريحات السيد ” غي مولييه” لا تحمل عناصر جديدة.
– فحسب التصريحات المتفائلة للوزير المقيم ،فإن العقاب لم يأت بالنتائج المتوقعة.
-لم تتحقق تسوية مرضية بين الطرفين منذ سنة.
– إن إدانة فرنسا أمام الأمم المتحدة باتت مرجحة ، وذكر التقرير عينات من تعليقات الصحافة الفلاماندية ، من خلال ذكره لنشرية “فوروي “Vooruit الاشتراكية ، التي ذكّرت بالهزائم المذهلة لفرنسا بالهند الصينية وبتونس والمغرب ، والانسحاب من بور سعيد دون تحقيق أي نصر ،وحسب نفس الصحيفة لا توجد أية أمة استعمارية ،لحد الآن بمنئى عن المحاكمة السلبية، وأن الصحف الفلاماندية الكاثوليكية ،تعتبر في نظرنا أكثر وضوحا ودقة للمشكلة الجزائرية عن غيرها ،حيث ترى صحيفة “جنتنار “Genttenaar،أنه من الناحية القانونية، فالتبريرات الفرنسية صحيحة ، لكنها تشك في أخذ الأمم المتحدة بهذا الرأي وتسجل نفس الصحيفة صعوبة تحقيق ذلك من قبل الوزراء الاشتراكيين ،حيث لا تقابل الأفعال بالأقوال ، لكنه ينبغي الاعتراف بأن جهودهم تتجه نحو حل توافقي للمشكلة الجزائرية .
– ويذكر نفس التقرير المطول، توضيحات حول موقف الرأي العام البلجيكي من القضية الجزائرية وتفاصيل أكثر وضوحا للصحف الفرانكفونية ببلجيكا ،التي ترى في حل المشكل سريعا من قبل السيد”غي مولييه” ،بتجنيب فرنسا الانعكاسات السلبية ،إذا ما طرحت القضية الجزائرية بالأمم المتحدة وتحفظ بعض الدول من السياسة الفرنسية المنتهجة في الجزائر ،خاصة من قبل حليفتها بمنظمة الحلف الأطلسي ” الولايات المتحدة ” التي باتت تتقرب من بعض البلدان العربية؛ بسبب المصالح الاقتصادية المتمثلة في البترول وتحدي الإتحاد السوفياتي للسياسة الفرنسية ووقوف بلدان الأفرو- أسيوية مع القضية الجزائرية.
– أما من بين الدراسات التي سجلت لنا مواقف الصحافة البلجيكية من الثورة الجزائرية وهي تكملة لما ورد في التقارير الأرشيفية ،تمثلت في تطرق أحد المثقفين لها، السيد “آماند لوفبر ” السابق ذكره في مداخلة له عن الرأي العام البلجيكي حول حرب الجزائر([35]) مركزا على القسم الفلاماندي، أكثر من تركيزه على الرأي العام للقسم الفرانكفوني البلجيكي Opinion Néerlandophone المؤيد لفرنسا بسبب حساسيات تاريخية ، موضحا بأنه تعذر عليه الوصول لأرقام وإحصائيات عن سبر الآراء حول هذا الموضوع ،فلجأ إلى رأي الصحافة المعاصرة للأحداث ،التي تعتبر في نظره صحافة رأي عام ،باعتبارها ترصد مواقف الأحزاب والفئات المثقفة المتابعة للشأن الجزائري ؛وذكر في مداخلته ، إنّ الكتابات الصحفية تعتبر مصدرا هاما في رصد هذا الرأي العام ، حتى و لو أن هذه الوسيلة لا تعكس حقيقة هذا الرأي ولكنها تقدم لنا نظرة شاملة عنه؛ نستطيع من خلالها، قراءة إرهاصات الرأي العام البلجيكي، باعتبار أن الصحافة خلال الفترة المدروسة هي صحافة رأي بقدر ما هي صحافة أخبار ، حيث يذكر دور الصحافة من مختلف الاتجاهات الكاثوليكية والليبرالية و الاشتراكية ،دون أن يخفي الدور الهام للصحافة الكاثوليكية، التي لا يشق لها غبار في توضيح هذا الرأي العام ([36]).
وفي إطار جهود الوفد الخارجي للثورة ،بالتعريف بها التنسيق مع المثقفين الفرنسيين والأوربيين في إيضاح عدالة القضية الجزائرية ،وضح لنا الدبلوماسي الجزائري ،سليمان الشيخ في إحدى دراساته ([37])،دور الدبلوماسية الجزائرية بقيادة الوفد الخارجي لجبهة التحرير وفيما بعد الحكومة المؤقتة لتوضيح الرؤية الصحيحة لمبادئ حركة التحرير الجزائرية ، موضحا بأن أوربا الغربية باتت تشعر ، بأن المشكل الجزائري أصبح واضحا أمام الرأي العام الدولي ،بحيث ظل ّينتظر من الأمم المتحدة حل هذا المشكل ، خاصة وأن جبهة التحرير الوطني، استغلت بعض الأحداث الدولية ؛كاختطاف طائرة الزعماء الجزائريين في 22 أكتوبر 1956 والحملة ضد قناة السويس بمصر في نفس السنة وقنبلة ساقية سيدي يوسف يوم 08 -02 -1958 .
ونظرا لهذه المساندة الدولية للثورة الجزائرية ،تيسرت الأمر أمام الوفد الخارجي للثورة بالمطالبة مرارا بتسجيل القضية الجزائرية في الأمم المتحدة ،بسبب الدور البارز الذي لعبه هذا الوفد بتوظيف المناصرين للثورة الجزائرية من مثقفين وإعلاميين وحقوقيين للدفاع عن عدالة الثورة الجزائرية أمام الرأي العام لبلدانهم([38])، مثلما حصل مع مرافعات هؤلاء المثقفين في اللملكة البلجيكية من خلال المحاضرات والندوات التي كانت تهدف إلى تنوير الرأي العام البلجيكي وتعريفه بحقيقة الثورة الجزائرية ، خاصة مع قيام مجموعة المحامين البلجيكيين بالدفاع عن المعتقلين الجزائريين وحق المهاجرين في العمل والتنديد بتجاوزات السلطات الفرنسية داخل التراب البلجيكي وتنديدهم بتواطؤ السلطات البلجيكية مع أجهزة الاستعلامات الفرنسية في مطاردة الوطنين الجزائريين واغتيالهم و التضييق على النشطاء السياسيين الفرنسيين والبلجيكيين بالتراب البلجيكي([39]).
ومن هذا المنطلق، فالرأي العام البلجيكي ،شككّ في إيجاد حل سريع للمسألة الجزائرية، بسبب تذبذب الموقف الأمريكي ورأت الصحف البلجيكية بمختلف اتجاهاتها ، بأن فرنسا عليها أن تتقبل الأمر الواقع بعرض القضية الجزائرية بدلا من رفض ذلك لإيجاد حلول مرضية ” وأن الأيام المقبلة ،ستكشف الأخبار الآتية من نيويورك…” ،حسب ما تطرق لذلك أحد التقارير ([40])المرسلة من ممثل فرنسا ببلجيكا إلى وزير الخارجية الفرنسية .
ج- تأثير المثقفين على الرأي العام البلجيكي
ذكر الأستاذ آمند السابق ذكره في مداخلته حول اللرأي العام وحرب الجزائر ([41])، أن الرأي العام البلجيكي بدأ يهتم تدريجيا بالقضية الجزائرية ،نظرا لبداية اهتمام الصحافة البلجيكية الفرانكفونية بهذا الملف ؛موضحا أهمية الدراسات التي مست هذا الموضوع ،مركزا على إحداها ،التي تناولت جزئيا هذه المسألة في السنتين الأوليتين لهذا الصراع وظلت الصحافة البلجيكية ملتزمة خطا وسطيا،فهي لم تشر لاستقلال الجزائر أو ضده ، إنما دعت إلى علاج المسألة بشكل سلمي ، وحاول هذا الكاتب تحليل أهم أسباب هذه الانتفاضة ، كعدم المساواة بين سكان المستعمرة في المجال الاجتماعي وعدم ملائمة النمط الإسلامي مع النظام الجمهوري وصعود حركات التحرر وفشل مؤسسات الجمهورية الرابعة وانتشار مبدأ حق الشعوب في حكم نفسها ،ويرى نفس المتدخل([42]) ، بأن الرأي العام البلجيكي؛أضحى تحت الضغط الإعلامي للمثقفين ورابطات حقوق الإنسان ، حيث باتت منظمات حقوق الإنسان تشعر في النهاية ،بأن فرنسا ستغادر الجزائر بعد حصول مؤشرات التوافق بين الحكومة الفرنسية بقيادة ديغول والمتمردين “الثوار” ، بهدف معالجة المشكل الجزائري ، وتفادي خطر منظمة الجيش السري التي باتت تهدد السلم الأمني في الجزائر .
تطرق أيضا هذا الكاتب” إلى المبادرات التي قام بها البلجيكيون من مثقفين ومحامين ، المنضويين ضمن التيارات اليسارية المتكونة من الإشتراكيين والتروتسكيين والشيوعيين الأحرار ،للتأثير على الرأي العام البلجيكي بالإضافة إلى المسحيين التقدميين واللبيراليين ، بالاعتراف بالعمل الوطني الجزائري ومبدأ حكم الشعوب “نفسها بنفسها “([43]).
هذه المؤشرات التي تناولتها هذه الدراسات المعتمدة على دور المثقفين ، شكلت جزءا هاما من الرأي العام البلجيكي ،وبذلك فهي لم تكن بعيدة عن تتبع الأجهزة الدبلوماسية في بلجيكا ، حيث تطرقت التقارير المرسلة من السفير الفرنسي ببلجيكا إلى وزارة الخارجية الفرنسية في هذا الشأن، المتعلق بالنشاط الصحفي الخاص بالمثقفين المعادي لفرنسا والذي يكشف ممارسات التعذيب في حق الجزائريين ومناصرة الثورة الجزائرية وازدياد عدد المناصرين لحملة الحقائب الفرنسية والبلجيكية المتعاطفة مع الأسرى الجزائريين،مما يدل على دور المثقفين في كشف الممارسات عير الأخلاقية لفرنسا” الديموقراطية !” ([44]).
ومن جهته وضح لنا “آماند” في مداخلته سابقة الذكر([45]) ، بأن المنظمات المتعاطفة مع الثورة الجزائرية في الأراضي البلجيكية ،قامت بنشر الكتب الخاصة بموضوع التعذيب وطبع الجرائد السرية لجبهة التحرير و المتعاطفين معها وإيواء المناضلين الجزائريين.
إضافة لدور حملة الحقائب البلجكيين وحركات لجان الدعم الموجهة للمعتقلين الجزائريين ، حيث أنشأ المثقفون البلجيكيون في سنة 1958 اللجنة البلجيكية للسلام في الجزائر (Comité Pour la Paix En Algérie CPPA) ، جمعية كانت تهدف إلى مساندة الكفاح الجزائري لصالح الاستقلال وكانت تقوم بأنشطة لكشف الممارسات غير الإنسانية ، كانتشار ظاهرة التعذيب ، وركزت هذه الجمعية على أربعة محاور حسب نفس الكاتب المتمثلة ف يما يلي[46] :
– الحملة الإعلامية للمشكلة – مساعدة المنظمات الإنسانية – العمل على احترام حقوق الإنسان في الجزائر وشرعية القوانين المنظمة للعمل بالنسبة للمهاجرين واللاجئين الجزائريين ببلجيكا وتفضيل حق تقرير المصير للجزائر ، وقامت هذه الجمعية بدور بارز في تهيئة الرأي العام البلجيكي بالاعتراف بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية .
وفي هذا السياق وضحت لنا التقارير المتعلقة بهذا الموضوع، نشاط المناضل السياسي السابق في حركة الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري السيد فرحات عباس سنة 1956 ،الذي انظم إلى جبهة التحرير الوطني ، حيث كثف من أنشطته بالدول الأوربية ومنها بلجيكا رغم المضايقات والمنع ، إلا أنه استطاع التأثير على المثقفين البلجيكيين والرأي العام في هذا البلد ؛الذي أضحي يتابع أحداث الجزائر حسب المصطلح الفرنسي ـ وبالتالي قام هذا الأخير بدور بارزا في التعريف بالقضية الجزائرية، حسب ما ورد في أحد التقارير المرسلة إلى وزارة الخارجية ([47])،و هو ما مثل دفعا قويا قي إيجاد مناصرين ومتعاطفين من المثقفين الفرنسيين والبلجكيين من محامين وصحافيين مؤيدين للثورة الجزائرية ، حيث اخترقوا سياسة الصمت للحكومة البلجيكية ،المؤيدة للسياسة الفرنسية أو عدم التدخل في الشؤون الداخلية لفرنسا ،حسب وزارة الخارجية البلجيكية.
4- النتائج المستخلصة.
نستخلص من هذه الوثائق الأرشيفية الهامة، السرية في حينها عن الرأي العام والجمهور الأوربي عدة نتائج كالأتي :
– مدى تتبع أجهزة الاستخبارات الفرنسية وسفرائها بالخارج ([48])،لنشاط هؤلاء المثقفين الفرنسيين والبلجيكيين إضافة لدور الإعلاميين والحقوقيين ، الذين وقفوا إلى جانب الثورة الجزائرية وقدموا لها تدعيما معنويا ولوجيستيكيا ،وقدّم بعضهم روحه فداءا للمبادئ التي آمن بها التحق آخرون بصفوف ثوارها أمثال “العسكري “مايو” و تعرض للتعذيب بعضهم أمثال ” هنري علاق “.
– قادت الحكومة الفرنسية بواسطة جهاز استعلاماتها،حربا شرسة ضد ممثلي جبهة التحرير الوطني في بلجيكا وأوربا عموما ، هذه الأخيرة المرتبطة بالتعاون الأمني والاقتصادي والثقافي مع فرنسا ([49])،صعبت من مهمة النشاط الدبلوماسي للوفود الجزائرية من اختراق نسبة كبيرة من الرأي العام الأوربي ، ذلك ما قام به العديد من المثقفين الفرنسيين في بلجيكا ، حيث لعبوا دورا بارزا في تنوير الرأي العام البلجيكي بحقيقة الثورة الجزائرية والقمع المسلط على الوطنيين الجزائريين والشعب الجزائري عموما ، وقد تضامن المثقفون اليساريون والحقوقيون البلجيكيون والفرنسيون مع هؤلاء المثقفين الذين تعرضوا لحملة صحفية رسمية وقضائية بسبب مناصرتهم للمسألة الجزائرية([50]).
– وضحت لنا العديد من الدراسات المختصة في مجال العمل الدبلوماسي لوفد جبهة التحرير الوطني وبعده الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ، تأثير هذا العمل على المناصرين للحرية والعدالة والمدافعين عن حقوق الإنسان ، بحيث استطاعت الدبلوماسية الجزائرية ،التأثير على العديد منهم.([51]).
-نستخلص من هذه التقارير ،عدة ملاحظات هامة،تمثلت في وجود مناصرين للثورة الجزائرية من خلال هذه الشهادات ،التي أصبحت في متناول الباحثين الجزائريين بعد فتح الأرشيف الفرنسي للإطلاع عليه من قبل الأجانب، بعد ما كان حكرا على المختصين الفرنسيين ، حيث تتبعنا بشكل دقيق دور الإعلاميين وجرائدهم المناصرة للثورة الجزائرية ،وكذلك الحملة المضادة من قبل غلاة المعمرين ومنظماتهم ، المتمثلة في اليد الحمراء ومنظمة الجيش السري ، التي وصل الحد بها إلى تهديد حياة المثقفين وتصفيتهم جسديا ، باعتراف هذه التقارير ([52])، التي وضحت لنا كذلك،بأن السلطات الفرنسية تابعت قضائيا الكثير منهم وحكمت عليهم بأحكام ثقيلة كالمؤبد والإعدام .
– لم يسلم الحقوقيون المدافعون عن السجناء الجزائريين من هذه المتابعة القضائية ،رغم الحماية القانونية الدولية لهم ، مما يفسر لنا الاضطراب التي تميزت به الدبلوماسية الفرنسية في مقابل هدوء دبلوماسية الثورة الجزائرية ، حيث أثمر ذلك في انخراط العديد من المثقفين والإعلاميين والحقوقيين في مسار التسوية السلمية للقضية الجزائرية وتنبيه الرأي العام البلجيكي والأوربي والدولي بخطورة الممارسات غير الأخلاقية ولا القانونية للحكومة الفرنسية في هذه المواجهة، غير المتكافئة بين شعب يريد الحرية والعدالة الدولية ،الممثلة في هيئة الأمم المتحدة وأساليب القمع الفرنسية والترسانة العسكرية الفرنسية المتواجدة فوق التراب الجزائري .
– نستخلص أيضا من هذه الوثائق ،تأثير شبكات الدعم للمثقفين الفرنسيين على الرأي العام البلجيكي ،الذي بات يتابع القضية الجزائرية ،رغم أن الكثير من الدراسات لاحظت تأخر الرأي العام البلجيكي في متابعها ([53])، إلا بعد اكتشاف شبكة جانسون وبداية المحاكمات الطويلة، التي أثارت انتباه الرأي العام البلجيكي ، مما نتج عنها تشكيل شبكة أخرى لتدعيم الثورة في بلجيكا سنة 1960.
– اتساع ظاهرة فرار المجندين الفرنسيين من الخدمة العسكرية وقيام احتجاج أوليائهم والمتعاطفين معهم من اليساريين بشن حملة من الرفض للسياسة الاستعمارية([54]).
– وضحت لنا أيضا هذه الوثائق المستنطقة([55])،تزايد عدد الحقوقيين المدافعين عن قادة الثورة و التعريف بعدالتها أمام الرأي العام البلجيكي و الدولي ، وأبرزت لنا أيضا ،دراسات أخرى أدوارهم البالغة الأهمية في تعريف الرأي العام البلجيكي بعدالة القضية الجزائرية([56]).
مما يجعلنا نخلص في الأخير، أهمية هذه الوثائق في إماطة اللثام عن جزء من الحقيقة التاريخية في وجود مناصرين للثورة الجزائرية، أثروا على الرأي العام البلجيكي وأناروه وجعلوه يخرج من بوتقة صمته، ليغير رأيه ويدفع بالحكومة البلجيكية إلى مراجعة موقفها تجاه الثورة الجزائرية.
خاتمة:
نستخلص في الأخير من هذه الوثائق الأرشيفية ، مدى أهميتها في كتابة تاريخ الثورة الجزائرية والإجابة على إشكالية الموضوع ، المتمثلة في دور المثقفين الفرنسيين وغيرهم في مناصرة الثورة الجزائرية ، وأن هذه الوثائق أماطت اللثام عن جزء من الحقيقة التاريخية في وجود مناصرين للثورة الجزائرية، أثروا على الرأي العام البلجيكي وأناروه وجعلوه يخرج من بوتقة صمته، ليغير رأيه ويدفع بالحكومة البلجيكية إلى مراجعة موقفها تجاه الثورة الجزائرية، ذلك ما لوحظ بشكل واضح من خلال قراءتنا المتواضعة لهذه الوثائق الأرشيفية .
قائمة المصادر و المراجع :
أولا – المصادر
أ – الوثائق الأرشيفية -Documents D’Archives
1-،le Centre des Archives diplomatique، Ministère des Affaires étrangères Direction des Archive Courneuve، (C.A.M.E)paris ;série Algérie levant ، Boite N° 40،
– Rapport de L’Ambassadeur de France à Mr le Ministre des Affaires Extérieure
– Rapport de L’Ambassadeur de France à Mr le Ministre des Affaires Extérieures « Conférence de « Mr Rim » dans la ville de Liège
– Rapport De L’Ambassadeur de France Adressé à Mr le Ministre des Affaires Extérieure Boite N° 40 ،Liège le 19-04-1956
– Rapport N° 2019 ، le 8 décembre 1959 Conférence à Bruxelles de l’Avocat Communiste Vergés
40 interview de MR Wigny a New York « agence Belga » dépêche N° 1505
– plusieurs Rapports ، sur les effets des intellectuels français sur l’Opinion publique belges flamandes et Francophones op cit
-conférence de Mr Ferhat Abbes en Belgique
-2 Le Centre D’ Archives Nationale D’Outre Mer (CAOM ou ANOM، FR) ،Boite 28H/45 La grève de janvier – février 1957 et la question Algérienne a L’ONU d’après un Rapport N° 915 de l’Arrondissement de Tiaret.
ب – المصادر المطبوعة
– Les Sources Imprimées Colette et Francis Geanson ;L’Algérie Hors la Lois ، Edition le Seuil ; Paris 1955
– Frantz Fanon ; les Damnés de la Terre Edition Talantikit Bejaia Algérie 2013
ثانيا :المراجع Ouvrages
أ- باللغة العربية
– الزاوي أمين:” أصدقاء الجزائر الذين نسيناهم ” جريدة الشروق الجزائرية، قسم الرأي ،22 سبتمبر 2014
– بوضربة عمر:”دور مكاتب جبهة التحرير الوطني في العمل الدبلوماسي للثورة الجزائرية 1955-1962“مجلة عصور الجديدة، تصدر عن مختبر البحث التاريخي ، تاريخ الجزائر ، ع ، 9 ربيع 1433ه الموافق ل 2013 ، خاص بخمسينية الاستقلال ص ص 53-61.
– بوهند خالد :”النخبة الفرنسية المثقفة المناهضة لاستعمار ” مجلة الخلدونية للعلوم الإنسانية و الاجتماعية ، جامعة ابن خلدون ، تيارت العدد السادس 2013
– عمراني عبد المجيد ، النخبة الفرنسية المثقفة والثورة الجزائرية ، مطبعة دار الشهاب باتنة، الجزائر، 1995
– عمراني عبد المجيد ، بول سارتر و الثورة الجزائرية ، مكتبة مدبولي ،القاهرة د. ت
– لونيسي رابح :”الحرب المخابراتية، أثناء الثورة المسلحة “مجلة عصور الجديدة ، تصدر عن مختبر البحث التاريخي ، تاريخ الجزائر ، ع ، 9 ربيع 1433هـ الموافق ل 2013 ، خاص بخمسينية الاستقلال صص 188-202
– مقلاتي عبد الله :“المثقفون الفرنسيون و الثورة الجزائرية ، فرنسيس جانسون نموذجا ” مجلة المصادر يصدرها المركز الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية و ثورة اول نوفمبر العدد 21 السداسي الأول 2010 صص 227-259
– منقور أحمد ،موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية 1954- 1962،دار التنوير للنشر والتوزيع ط1، 2008
ب – باللغة الأجنبية
– Agéron )Charles Robert(: « L’évolution de L’Opinion Publique Française face a la révolution Algérienne »in Revue des Etudes historiques ،Université d’Alger N° 09 Année 1995 pp 1-19
– Ammiri )Linda (، la Bataille de France، la guerre d’Algérie en France ;chihab Edition، Alger 2005Edition Robert Laffont S.A ،Paris 2004
– Amiri )Linda(: « Le Collectif Belge des avocats du Front de Libération National »in ouvrages ،Algérie 1954-1962، les Robes Noires au Front entre Engagement et Art judiciaire ; acte s de Colloque International 13- 5-6 – mars 2011 Edition les Amis de Abdelhamid Benzine pp 112-118
– Cheihh )Slimane(: ” La révolution Algérienne sur la Seine Internationale Ou naissance d’Une diplomatie De combat” in Revue des Etudes historiques ،Université d’Alger N° 09 Année 1995 pp 29-37
– Thénault) Silvie( :« le Collectif des Avocats du FLN à Mémoire simple ،Histoire Complexe » in ouvrages ،Algérie 1954-1962، les Robes Noires au Front entre Engagement et Art judiciaire ; actes de Colloque International 5-6 – mars 2011 Edition les Amis de Abdelhamid Benzine pp 97-112
ثالثا : المواقع الإلكترونية
أ – باللغة العربية
– سليم محمد : “سارتر و الثورة الجزائرية “، مقال منشور في موقع إلكتروني الدخول 22-09-2016
ب- باللغة الأجنبية
– Lefebvre (Amand): « Regard de L’Opinion Publique Sur la Guerre d’Algérie »In Carhima site Electronique L’entré au site le 17- O9-2016
– Catherine Lanneau : « Quand la France surveillait les Ecrans belges ، film ‘’Staney kenbrickpaths of glory = les senteurs de la Gloire »in Revue Electronique du centre des sciences politiques N° 8 Aout 2009-entrée au site 30-09-2016
[1] – Ministère des Affaires étrangères Direction des Archive ،le Centre des Archives diplomatique، Courneuve، (CAD)paris ;série Algérie levant ، Boite N° 40، Rapport de L’Ambassadeur de France à Mr le Ministre des Affaires Extérieures
[2] – انظر دراسات عديدة تناولت ها الموضوع منها :
عبد المجيد عمراني ، بول سارتر و الثورة الجزائرية ، مكتبة مدبولي ،القاهرة د. ت صص 50-59 .
– مقلاتي عبد الله :“المثقفون الفرنسيون و الثورة الجزائرية ، فرنسيس جانسون نموذجا ” مجلة المصادر يصدرها المركز الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية و ثورة اول نوفمبر العدد 21 السداسي الأول 2010 صص 227-259 – سليم محمد : سارتر و الثورة الجزائرية ، مقال منشور في موقع إلكتروني الدخول 22-09-2016
[3]– عبد المجيد عمراني: النخبة الفرنسية المثقفة والثورة الجزائرية ، مطبعة دار الشهاب باتنة، الجزائر، 1995، ص76 .
[4] – بوهند خالد :”النخبة الفرنسية المثقفة المناهضة لاستعمار ” مجلة الخلدونية للعلوم الإنسانية و الاجتماعية ، جامعة ابن خلدون ، تيارت العدد السادس 2013 صص 53-61 .
[5] – Linda Ammiri ، la Bataille de France، la guerre d’Algérie en France ;chihab Edition، Alger 2005Edition Robert Laffont S.A ،Paris 2004 pp 47 -80
[6]– Colette et Francis Geanson ;L’Algérie Hors la Lois ، Edition le Seuil ; Paris 1955
[7] – Frantz Fanon ; les Damnés de la Terre Edition Talantikit Bejaia Algérie 2013PP 23-79
[8]– صدفنا في إطار تربصنا العلمي بدور الأرشيف الفرنسية، العديد من التقارير الأرشيفية، حول متابعة أجهزة الاستعلامات الفرنسية والسفراء و القناصل الفرنسيين بأوربا الغربية ، تتناول بالتفصيل نشاط المثقفين و ترسل ملخصات عن مداخلاتهم محاضراتهم و تحركاتهم و الدعم الذي قدموه للثورة الجزائرية و إخطار مسؤوليهم بهذه المهام من أجل أخذ التدابير للتضييق على هذا النشاط أبرز تلك العلب موجودة بأرشيف وزارة الخارجية الفرنسية بباريس
– Centre d’Archives du Ministère Etrangère(C.A.M.E) Boite N ° 40 op cit
[9]– centre d’ Archives Diplomatique de la France Boite N° 40 Rapport de L’Ambassadeur de France à Mr le Ministre des Affaires Extérieures « Conférence de « Mr Rim » dans la ville de Liège
[10] – ibid
[11] – ibid
[12]– مقتطفات من محاضرة الأستاذ ريم ببلجيكا حول القضية الجزائرية ، ينظر :
– Archives diplomatique de France consulat général de France en Belgique Rapport De L’Ambassadeur de France Adressé à Mr le Ministre des Affaires Extérieure Boite N° 40 ،Liège le 19-04-1956
[13]– Linda Amiri : « Le Collectif Belge des avocats du Front de Libération National »in ouvrages ،Algerie 1954-1962، les Robes Noires au Front entre Engagement et Art judiciaire ; acte s de Colloque International 13- 5-6 – mars 2011 Edition les Amis de Abdelhamid Benzine pp 112-118
[14]– تقرير أرشيفي حول نشاط ر المحامي فرجيس ببلجيكا :
– Archives diplomatique de France consulat général de France en Belgique Rapport De L’Ambassadeur de France Adressé a Mr : le Ministre des affaires Extérieure Boite N° 40 ، Bruxelles 1959
[15] – ibid
[16] -Archives Diplomatique B ، N° 40… op cit ، Rapport N° 2019 ، le 8 décembre 1959 Conférence à Bruxelles de l’Avocat Communiste Vergés
[17]– Linda Amiri : « Le collectif des Avocats belges … » op cit
[18] – ibid ، Cf، Silvie Thénault ، le Collectif des Avocats du FLN à Mémoire simple ،Histoire Complexe in ouvrages ،Algérie 1954-1962، les Robes Noires au Front entre Engagement et Art judiciaire ; actes de Colloque International 5-6 – mars 2011 Edition les Amis de Abdelhamid Benzine pp 97-112
[19] – Linda Amiri : « Le Collectif Belge des avocats du Front de Libération National »Op Cit pp 112-118
– أمين الزاوي : أصدقاء الجزائر الذين نسيناهم ” جريدة الشروق الجزائرية، قسم الرأي ،22 سبتمبر 2014 [20]
[21] – Archives Diplomatique B ، N° 40… op cit
[22] – ibid
[23]– ibid
[24] – ibid
[25] – Amand Lefebvre: « Regard de L’Opinion Publique Sur la Guerre d’Algérie »In Carhima site Electronique L’entré au site le 17- O9-2016
[26]– ibid
[27] – Archives Diplomatique de France، boite N°40 interview de MR Wigny a New York « agence Belga » dépêche N° 1505
[28] – ينظر تقارير السفير الفرنسي لنظيره وزير الخارجية حول نشاط هؤلاء المثقفين المؤيدين لفرنسا الاستعمارية :
Archives Diplomatique de France، boite N°40،op cit
وينظر أيضا : لونيسي رابح :”الحرب المخابرتية، أثناء الثورة المسلحة “مجلة عصور الجديدة ، تصدر عن مختبر البحث التاريخي ، تاريخ الجزائر ، ع ، 9 ربيع 1433هـ الموافق ل 2013 ، خاص بخمسينية الاستقلال صص 188-202
[29]– Archives Diplomatique de France، boite N°40،op cit
[30] – Linda Amiri la bataille de France …op cit pp 193-200
[31] – أحمد منقور،موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية 1954- 1962،دار التنوير للنشر و التوزيع ط1، 2008 ، صص 25-27
[32] – Charles Robert Agéron : « L’évolution de L’Opinion Publique Française face a la révolution Algérienne »in Revue des Etudes historiques ،Université d’Alger N° 09 Année 1995 pp 1-19
– أحمد منقور، مرجع سابق صص 205–236 و أيضا : [33]
-Charles Robert Agéron ، op cit pp 1-1
[34] – Archives Diplomatique de France، boite N°40، plusieurs Rapports ، nous a informés les effets des intellectuels français sur l’Opinion publique belges flamandes et Francophones op cit
[35] – Amand Lefebvre: « Regard de L’Opinion Publique Sur la Guerre d’Algérie »op cit
[36]– ibid
[37]– Slimane Cheihh : ” La révolution Algérienne sur la Seine Internationale Ou naissance d’Une diplomatie De combat” in Revue des Etudes historiques ،Université d’Alger N° 09 Année 1995 pp 29-37
[38] – ANOM FR ،Boite 28H/45 La grève de janvier – février 1957 et la question Algérienne a L’ONU d’après un Rapport N° 915 de l’Arrondissement de Tiaret.
[39] – Linda Amiri : « Le Collectif Belge des avocats du Front de Libération National »Op Cit pp 112-118
[40] – Archives Diplomatique de France، boite N°40، plusieurs Rapports ،ont analysé les effets des intellectuels français sur l’Opinion publique belges flamandes et Francophones op cit
[41]– Amand Lefebvre: « Regard de L’Opinion Publique Sur la Guerre d’Algérie »op cit
[42] – ibid
[43] – ibid
[44] – Archives Diplomatique de France Boite N°40 ، op cit
[45] – Armand Lefebvre، op cit
[46] – ibid
[47] – Archives Diplomatique de France Boite N°40 ، conférence de Mr Ferhat Abbes en Belgique ، op cit
و ينظر أيضا عمر بوضربة :”دور مكاتب جبهة التحرير الوطني في العمل الدبلوماسي للثورة الجزائرية 1955-1962″مجلة عصور الجديدة، تصدر عن مختبر البحث التاريخي ، تاريخ الجزائر ، ع ، 9 ربيع 1433ه الموافق ل 2013 ، خاص بخمسينية الاستقلال ص ص 53-61
[48] -Archive Diplomatique de France Boite N°40،op cit
[49]– لونيسي رابح :”الحرب المخابرتية أثناء الثورة المسلحة “مجلة عصور الجديدة ، تصدر عن مختبر البحث التاريخي ، تاريخ الجزائر ، ع ، 9 ربيع 1433ه الموافق ل 2013 ، خاص بحمسينية الاستقلال ص ص 188- 202
[50] – Archives Diplomatiques De France Boite N° 40 ،op cit
[51] – Sliman Cheikh ، op cit pp 29 -37
[52] – Archives Diplomatiques De France Boite N° 40 ،op cit
[53] Catherine Lanneau : « Quand la France surveillait les Ecrans belges ، film Staney kenbrickpaths of glory =les senteurs de la Gloire »in Revue Electronique du centre des sciences politiques N° 8 Aout 2009-
– مقلاتي عبد الله ، مرجع سابق ، ص 257 .[54]
[55] – Archives Diplomatiques De France Boite N° 40 ،op cit
[56] – Linda Amiri : « Le Collectif Belge des avocats du Front de Libération National »Op cit pp 112-118
Cf ، Silvie Thénault ، op cit ،pp 97-112