مدي كفاية المصلحة المحتملة لقبول دعوى مراجعة القرارات الإدارية: دراسة تحليلية مقارنة في القانون العماني والمصري
The extent of the sufficiency of the potential interest to accept a lawsuit to review administrative decisions: A comparative analytical study in Omani and Egyptian law
د. عبد الله بن سالم بن حمد المعمري (كلية الحقوق- جامعة البريمي، سلطنة عمان)
Dr. Abdullah bin Salem bin Hamad Al-Maamari (College of Law – University of Al Buraimi, Sultanate of Oman)
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة العدد 21 الصفحة 71.
مستخلص:
مع نهاية الألفية الثانية، وبداية القرن الواحد والعشرين، انضمت سلطة عمان إلى نظام الدول التي تأخذ بنظام القضاء المزدوج، وذلك بإنشاء محكمة القضاء الإداري بموجب المرسوم السلطاني رقم 91 لسنة 1999، فموجب هذا المرسوم تم إنشاء محكمة القضاء الإداري، وجعل من ضمن اختصاصاتها الرقابة على القرارات الإدارية الصادرة من الجهات الإدارية. وبتاريخ 16 يونيو سنة 2022 – وبموجب المرسوم السلطاني رقم 35 لسنة 2022 – والمنشور بالجريدة الرسمية العدد (1446) أخذ المشرع العماني بمبدأ وحدة القضاء حيث نصت المادة الأولى من مواد هذا المرسوم ” ينشأ مجلس يسمى ” المجلس الأعلى للقضاء” يتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري ، يكون مقره محافظة مسقط.
كما يستبدل بالمسميات الوظيفية لأعضاء محكمة القضاء الإداري أينما وردت في القوانين والمراسيم السلطانية الوظائف المعادلة لها في قانون السلطة القضائية. ويستبدل بعبارة “قانون محكمة القضاء الإداري” أينما وردت في القوانين والمراسيم السلطانية عبارة “قانون الإجراءات الإدارية”. الوظيفية لأعضاء محكمة القضاء الإداري أينما وردت في القوانين والمراسيم السلطانية الوظائف المعادلة لها في قانون السلطة القضائية.”
كما نظم المشرع العماني الرقابة على مشروعية القرارات الإدارية عن طريق دعوى مراجعة القرار الإداري، أو دعوى عدم الصحة، ودعوى عدم الصحة هي دعوى قضائية ابتدعها المشرع العماني بموجب المرسوم رقم 91 لسنة 1999، ودعوى عدم الصحة أو عدم مراجعة القرار الإداري أو دعوى الإلغاء كما يطلق عليها في مصر، مثلها مثل أي دعوى قضائية، لا تقبل مالم يكن لرافعها مصلحة يقرها القانون. فالمصلحة هي مناط الدعوى. تلك هى القاعدة في كل دعوى، وهى قاعدة بديهية، مستقر عليها في النظم القانونية كافة، حتى بدون النص عليها صراحة، وتقنينها يأتي من باب التأكيد عليها. وقد أكد عليها المشرع العماني في قانون الإجراءات المدنية رقم 29 لسنة 2002 في المادة الثالثة منه التي نصت على ” لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه مصلحة قائمة ومشروعة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة اذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه”.
كما نصت عليها أيضا الفقرة الأولى من المادة التاسعة من قانون محكمة القضاء الإداري ” الملغي” التي نصت على ” لا تقبل الدعاوى المتعلقة بالخصومات الإدارية التي نشأت قبل تاريخ العمل بهذا القانون، والدعاوى المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية”. وفي إطار هذا التنظيم التشريعي، تثور المشكلة التي يعالجها هذا البحث، وهى مدى قبول دعوى مراجعة القرار الإداري بناء على المصلحة المحتملة، خاصة في ظل التنظيم الذي أتى به قانون محكمة القضاء الإداري، وفي ظل طبيعة هذه الدعوى، من أنها دعوى عينية تهدف إلى مخاصمة القرار الإداري وفحص مشروعيته، وضمان التزام الإدارة بحكم القانون. فقانون محكمة القضاء الإداري لم يتناول – بعكس قانون الإجراءات المدنية والتجارية – مسألة قبول دعوى مراجعة القرار الإداري بناء على المصلحة المحتملة.
وبالتالي الذي يثيره البحث ويتناوله، هو هل يجوز قبول هذه الدعوى بناء على المصلحة المحتملة، خاصة وأن قانون محكمة القضاء الإداري – بعكس قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972- لم يتضمن نصا يحيل فيه إلى قانون الإجراءات المدنية والتجارية – فيما لم يرد به نص في هذا القانون – باعتبار أن قانون الإجراءات المدنية والتجارية يعتبر الشريعة العامة التي يحكم القواعد الإجرائية التي تتعلق بالخصومة، وكيفية سيرها أمام القضاء. واعتمد الباحث على المنهج التحليلي المقارن، خاصة المقارنة بين كلا من مصر وعمان من خلال استعراض تعريف مناقشة موقف كلا من موقف القضاء الإداري المصري والعماني من مسألة قبول دعوى مراجعة القرار الإداري بناء على المصلحة المحتملة للطاعن على هذا القرار.
- وتم تقسيم البحث على النحو الاتي:
- المبحث الأول: مفهوم شرط المصلحة، وأهميتها.
- المبحث الثاني: أوصاف المصلحة.
- المبحث الثالث: مدى جواز الاستناد للمصلحة المحتملة لقبول دعوى مراجعة صحة القرار الاداري