حق المتهم بالصمت في مرحلة ما قبل المحاكمة في التشريع العماني والتشريع المغربي دراسة تحليلية مقارنة
The accused’s right to silence in the pre-trial stage in Omani and Moroccan legislation
د. نزار حمدي قشطة، أستاذ مشارك في القانون الجزائي، كلية الحقوق/جامعة الشرقية
Dr. Nizar Hamdi Qeshta, Faculty of Law/Sharqia University
د. حياة أكدي، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية/تطوان/المغرب
Dr. Hayat Akdi, Faculty of Legal, Social and Economic Sciences/Tetouan/Morocco
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات المقارنة العدد 16 الصفحة 91.
Abstract:
The right to silence is considered one of the most important rights that the accused owns in all stages of the criminal case, as it is considered one of the rights of defense that can be resorted to by the accused if he sees that his words can affect his position in the case. We have tried to clarify the position of the Omani and Moroccan legislators on this right is in the stage of inference and the stage of preliminary investigation. On this research the problem of revolved around the extent to which the state’s right to punishment is reconciled to protect the security and stability of society, and the right of the accused to a fair trial based on the presumption of innocence, in which all legal guarantees related to human rights are respected. Defense, the most important of which is his right to silence? The research also aimed at clarifying the legal structure of the accused’s right to silence in the pre-trial stage in the Omani and Moroccan legislation. In the Code of Criminal Procedures or in the Basic Law of the State, the accused has the right to remain silent during the induction and preliminary investigation phases.
Keywords: the accused, the right to silence, the presumption of innocence, the accused’s right, inference, preliminary investigation.
الملخص:
يعتبر الحق في الصمت من أهم الحقوق التي يتمتع بها المتهم في جميع مراحل الدعوى الجزائية، وحق من حقوق الدفاع التي يمكن اللجوء إليها من قبل المتهم لو رأى أن كلامة يمكن أن يؤثر على موقعة في القضية، وقد حاولنا أن نوضح موقف المشرع العماني والمغربي من هذا الحق في مرحلة الاستدلال ومرحلة التحقيق الابتدائي، وقد كانت إشكالية البحث تتمحور حول تساؤل رئيسي وهو، إلى أي حد يتم التوفيق بين حق الدولة في العقاب حماية لأمن المجتمع واستقراره، وبين حق المتهم في محاكمة عادلة مبنية على قرينة البراءة، والتي تحترم فيها كافة الضمانات القانونية المرتبطة بحقوق الدفاع، ومن أهمها حقه في الصمت؟ كما استهدف البحث توضيح البنيان القانوني لحق المتهم في الصمت في مرحلة ما قبل المحاكمة في التشريعين العماني والمغربي، وقد توصل الباحث إلى نتيجة مهمة مفادها أن المشرع العماني لم ينص على ذلك الحق بشكل صريح كما فعل المشرع المغربي، كما أوصى الباحث المشرع العماني على النص صراحة في قانون الإجراءات الجزائية أو في النظام الأساسي للدولة، على حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال ومرحلة التحقيق الابتدائي.
كلمات مفتاحية: المتهم، الحق في الصمت، قرينة البراءة، حق المتهم، الاستدلال، التحقيق الابتدائي.
مقدمة:
تعتبر العدالة الجنائية مرآة كل مجتمع إنساني، ومعيار أساسي لقياس مدى احترام الدولة للحقوق والحريات، وهي نتيجة لوجود سلطة قضائية مستقلة قادرة على تأمين إجراءات المحاكمة العادلة، باعتبارها هدفا أسمى تسعى كافة الشعوب إلى تحقيقه كي ينعم أفرادها بالطمأنينة والسلام، فلا يهدر حق ولا تنتقص حرية.
وهكذا فاحترام قواعد المحاكمة العادلة، يعتبر المدخل الأساسي في احترام حقوق الدفاع بصفة خاصة، وحقوق الإنسان بصفة عامة، حيث تعتبر دعامة أساسية للمتهم في الخصومة الجنائية الأمر الذي جعلها تحظى باهتمام وعناية خاصة من قبل المواثيق الدولية، والدساتير وكذلك القوانين الوطنية…
وفي هذا الصدد، منح القانون العديد من الامتيازات للسلطات العامة في مواجهة المتهم من أجل تحقيق العدالة، كالحبس الاحتياطي، والقبض، والتفتيش، وفي مقابل ذلك وفر للمتهم ضمانات لمواجهة تلك الامتيازات، ومن أهمها قرينة البراءة، والتي تعني: أن المتهم بريء مهما كانت قوة الشكوك التي تحوم حوله، وتنقل عبئ الإثبات إلى سلطة الاتهام، ويعفى المتهم من إثبات براءته، حيث يحق للمتهم عدم الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه، وهو ما يعرف بالحق في الصمت، ويمكن أن يفسر هذا الحق على أساس أن المتهم ينتظر أو يتوقع فشل الجهات الرسمية في التوصل إلى أدلة كافية وقوية لإدانته، وبالتالي يؤدي إلى تفسير الشك لمصلحته.
ومن هنا نود أن نوضح حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال (البحث التمهيدي) ومرحلة التحقيق الابتدائي، وفق التشريع العماني والتشريع المغربي المقارن.
أهمية البحث:
حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح، موضوع جدير بالاهتمام والبحث فيه، خاصة وأنه يعتبر جزءا من حقوق الدفاع والذي يستلزم ضرورة حمايته و إعطاء قيمة قانونية له أمام الضابطة القضائية وقضاة التحقيق.
حيث إن حق المتهم في الصمت نص عليه قانون الإجراءات الجزائية العماني بصفة عامة، دون أن يحيط بكل التفاصيل التي تبين تطبيقه في مرحلة الاستدلال أو مرحلة التحقيق، لذلك تتمثل أهمية البحث معرفة مدى إمكانية تطبيق حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال أو مرحلة التحقيق الابتدائي، وتوضيح الآثار المترتبة على عدم احترام حق المتهم في الصمت، كما يهدف البحث إلى معرفة الضمانات التي وضعها المشرع لكيلا يعُتدى على حق المتهم في الصمت.
أهداف البحث:
يستهدف البحث تحقيق الأهداف التالية:
- معرفة التنظيم القانوني لحق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي.
- توضيح الضمانات التي وضعها المشرعين العماني والمغربي أثناء ممارسة حق المتهم في الصمت.
- تبيان موقف الفقه والقضاء من حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي.
إشكالية البحث:
كما هو معلوم فحق المتهم في الامتناع عن التصريح أو حقه في الصمت، يعتبر حقا من حقوق الدفاع، وقد دعا الفقه إلى ضرورة صيانته واحترامه في الخصومة الجنائية من قبل أجهزة البحث والتحقيق، ونظرا لارتباطه بقرينة البراءة، والتي من مقتضياتها أن المتهم لا يكلف بإثبات براءته و له أن يلتزم الصمت في مواجهة سلطة الاتهام التي يجب عليها أن تقدم أدلة جازمة و يقينية إذا أرادت أن تهدم هذا الأصل، وفي سبيل سعيها لذلك قد تحيد سلطة الاتهام عن ذلك فتستخدم أساليب تقليدية تخرج عن إطار الشرعية.
وهو الأمر الذي يدفعنا لطرح إشكالية تكمن فيما يلي:
إلى أي حد تم التوفيق بين حق الدولة في العقاب حماية لأمن المجتمع واستقراره، وبين حق المتهم في محاكمة عادلة مبنية على قرينة البراءة، والتي تحترم فيها كافة الضمانات القانونية المرتبطة بحقوق الدفاع، ومن أهمها حقه في الصمت؟
وقد تفرعت عن هذه الإشكالية عدة تساؤلات فرعية منها:
- هل نص المشرع العماني والمشرع المغربي على حق المتهم في الصمت أثناء مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي؟
- هل يعتبر صمت المتهم دليل إدانة أم دليل براءة؟
- هل وفق المشرع العماني في تنظيم حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي؟
- هل حق المتهم مطلقاً أم يجبر على الكلام أثناء بعض الإجراءات؟
- ما موقف الفقه والقضاء من حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي؟
- هل وضع المشرع العماني والمشرع المغربي الضمانات الكافية لممارسة المتهم حقه في الصمت؟
منهج البحث:
آثرنا أن نتبع في البحث المنهج الوصفي التحليلي، للتعرف على المفاهيم الرئيسية للبحث، وتحليل النصوص القانونية المنظمة لحق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي وتحليل مضمونها والوقوف على مكامن الضعف والقوة، ومناقشتها للوصول إلى الإجابة على تساؤلات البحث التي لها علاقة بالموضوع.
إضافة إلى المنهج المقارن، الذي سيتم فيه استعراض التجارب في التشريعات المقارنة ” التشريعين العماني و المغربي ” بهدف استخلاص الإيجابي منهما.
خطة البحث:
اقتضت منا طبيعة البحث أن نقسمه على الشكل التالي.
المبحث الأول: الأساس القانوني لحق المتهم في الصمت في مرحلة ما قبل المحاكمة
المطلب الأول: حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال
المطلب الثاني: حق المتهم في الصمت في مرحلة التحقيق الابتدائي
المبحث الثاني: ضمانات حق المتهم في الصمت في التشريع العماني والتشريع المغربي
المطلب الأول: عدم استخدام الوسائل غير المشروعة للتغلب على صمت المتهم
المطلب الثاني: تنبيه المتهم لحقه في الصمت وعدم اتخاذه قرينه ضده
المبحث الأول: الأساس القانوني لحق المتهم في الصمت في مرحلة ما قبل المحاكمة
إن الأصل في الاتهام هو البراءة طبقا للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص في بندها الثاني على أن ” من حق كل متهم بارتكابه جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونا” وهذا ما أكدته مقتضيات قانون المسطرة الجنائية المغربي والتي نصت هي الأخرى في مادتها الأولى على أن ” كل متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها الضمانات القانونية”[1].
وقد كرس الدستور المغربي في فصله (23) هذا الحق[2]، ولاسيما الفقرة الثالثة منه التي تنص على ما يلي “يجب إخبار كل شخص تم اعتقاله، على الفور وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت”، وقد نص النظام الأساسي العماني على قرينة البراءة في المادة ( 27) والتي جاء فيها ” المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع، وفقا للقانون، ويحظر إيذاء المتهم جسمانيا أو معنويا”.
لذلك سوف نقسم المبحث إلى مطلبين نتناول في الأول حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال، أما الثاني سوف نتناول فيه حق المتهم في الصمت في مرحلة التحقيق الابتدائي.
المطلب الأول: حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال
إن الخصومة الجنائية لم تكن بالشكل الذي تعرف عليه اليوم، بل مرت بمراحل عديدة إلى أن وصلت إلى تحقيق أكبر قدر من حماية حق المتهم في عدم التعرض له بالإكراه أو التعذيب أثناء التحقيق، وقد كانت أولى هذه المراحل مرحلة البحث التمهيدي أو مرحلة الاستدلال التي تقوم بها الضابطة القضائية، التي سوف نحاول أن نوضح من خلالها مدى وجود حق المتهم في الصمت في تلك المرحلة.
فلا شك أن مرحلة البحث التمهيدي [3] تعتبر مرحلة مهمة في إطار الخصومة الجنائية، إذ أسند البحث فيها للشرطة القضائية [4]، وتسمى أيضا بمرحلة الاستدلال في التشريع العماني وهي عبارة عن ” مرحلة جمع المعلومات والبيانات الخاصة بالجريمة عن طريق التحري عنها والبحث عن فاعليها بشتى الطرق المشروعة، وبالتالي إعداد العناصر اللازمة للبدء في التحقيق الابتدائي بمعناه الضيق إذا كان له وجه، أو المحاكمة مباشرة”[5].
يتضح من ذلك أن إجراء الاستدلال لا يعد من إجراءات التحقيق الابتدائي أو من الإجراءات التي تتحرك بها الدعوى الجزائية، بل هو عبارة عن إجراءات تمهيدية لضبط الجريمة والتحضير لافتتاح الدعوى الجزائية، ولا تنطوي على إجراءات الاستدلال أي مساس بالحرية، فليس لمأمور الضبط القضائي صلاحية القبض أو التفتيش إلا في حالة استثنائية وحيدة وهي حالة التلبس[6]، وبالتالي القاعدة العامة أنه لا يحق لمأمور الضبط القضائي التحقيق مع المتهم[7].
وفي هذا الصدد، نشير إلى أن ممارسة الضابطة القضائية لمهامها في إطار الأبحاث التمهيدية عامة أو في حالة التلبس خاصة، تجد نفسها -على مستوى الممارسة الميدانية- مضطرة إلى التوفيق بين مصلحتين أساسيتين: الأولى تتعلق بضرورة تعميق الأبحاث والتحريات بشأن القضايا المعروضة عليها بغية الوصول إلى الجناة، والثانية ترتبط بضرورة احترام ضمانات المحاكمة العادلة وعدم المساس بحقوق المشتبه فيهم، سواء أثناء عملية توقيفهم أو خلال عملية الاستنطاق، وفي طليعة هذه الحقوق الحق في التزام الصمت.
وبالاطلاع على موقف المشرع العماني نجد أنه لم ينص صراحة على حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال، وإذ كانت المواد (27 الى 37) من قانون الإجراءات الجزائية تعطي الحق لمأمور الضبط في سؤال المتهم، وسماع أقواله، أو استدعاء المشتبه بهم، كما أكد المشرع على استعمال وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حريتهم[8]، و في حالة رفض المتهم الإجابة على تساؤلات مأمور الضبط القضائي فلا يجوز له استعمال أي نوع من أنواع الإكراه[9]، ولا تملك تجاهه أي إجراء سوى إحالة الملف إلى الادعاء العام للتصرف فيه، بعد إخلاء سبيل المتهم دون أن يكون في حاجة لأن يثبت عدم صحه ما نسب إليه[10]، وهذا اعتراف ضمني من قبل المشرع على حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال.
لكننا نجد أن موقف المشرع المغربي أكثر وضوحاً حيث أورد هذا الحق ضمن مقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية وذلك في الفقرة الثانية منه، التي جاء فيها : “يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضعه تحت الحراسة النظرية فورا وبكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله وحقوقه، ومن بينها حقه في التزام الصمت[11] “.
ومرحلة البحث التمهيدي كما حددها المشرع في إطار مقتضيات المادة 56 إلى غاية 77 من قانون المسطرة الجنائية، قد تعرف مساسا خطيرا بحقوق وحريات المشتبه فيه سواء تعلق الأمر بالبحث التمهيدي العادي أو التلبس ، وبذلك فإن الضابطة القضائية أثناء التحري وجمع الأدلة حول المشتبه فيه يتعين عليها عدم التعسف في ذلك، وإجبار المتهم على الكلام، وهذا الحق مقرر لجميع المتهمين سواء كان المتهم مبتدأ أو من أرباب السوابق، أو من طائفة المجرمين بالتكوين أم من طائفة المجرمين بالصدفة، وبالتالي لا يمكن حرمانه من الحماية التي تقررها القواعد الأساسية لأطراف و أشخاص الدعوى .
وبغض النظر عن الكيفية التي تنزل بها الحقوق القانونية على مستوى واقع الممارسة العملية ، لا بد من الإشارة إلى أن هذا الحق يعطي للمشتبه فيه إمكانية قانونية لالتزام الصمت وبالتالي عدم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه، مما يترتب عليه المساس بصميم عمل الضابطة القضائية ويغل يدها فيما يتعلق بالأبحاث والتحريات التي تباشرها في إطار القضايا المعروضة عليها[12]، وهو في الوقت نفسه يمس بحقوق أخرى من ضمنها حق الضحية في الوصول إلى الحقيقة، وتحقيق العدالة، لكي ينال المشتبه فيه جزاءه اذا ثبتت إدانته والتي على ضوئها يتم تحديد الجزاء الذي يتناسب ودرجة الفعل المقترف .
الأمر الذي استلزم ضرورة تحقيق المشرع لنوع من التوازن بين مصلحتين متعارضتين، مصلحة عامة من خلال تحقيق عدالة جنائية فعالة، بتعميق الأبحاث و التحريات مع المشتبه فيهم لمساعدة القضاء في الوصول إلى الحقيقة القضائية بسرعة و فعالية، ومصلحة خاصة تتجلى في صون كرامة الإنسان وعدم المساس بحقوق الأشخاص الموضوعين رهن تدابير الحراسة النظرية و في طليعتها حق المشتبه فيه بعدم الإدلاء بأي تصريح أثناء مباشرة إجراءات البحث التمهيدي، ولعل تحقيق المصلحة الثانية رهين بتمتع المشتبه فيهم بحقوق الدفاع، والتي يعتبر حق التزام الصمت أولها، باعتباره حقاً من الحقوق الجوهرية للمشتبه فيهم، مما يدل على ذلك حرص العديد من التشريعات الإجرائية على إيراده وإعطائه أهمية بالغة، بحكم أن عدم احترام حقوق الدفاع بشكل عام يجعل كل إجراء متخذ خلال الخصومة الجنائية باطلا على أساس أنه إجراء معيب.[13]
وإذا ما استحضرنا الواقع العملي يبقى التساؤل واردا بخصوص حدود هذا الحق، فهل معناه “الالتزام بالصمت” بشكل كلي دون تحريك ساكن؟ أم الإفصاح عن الهوية، وبعدها الالتزام الكلي بالصمت؟ أم الإجابة عن بعض التساؤلات والتزام الصمت بخصوص تساؤلات أخرى؟ (التزام الجزئي بالصمت)، ثم يمكن التساؤل عن صيغ هذا الالتزام، بمعنى هل الشخص الموقوف يلتزم كلياً الصمت ولا يدلي بأي تصريح؟ أم يتكلم ويكتفي بالإشارة بأنه لا يرغب في الجواب أو يمتنع عن الإدلاء بأي تصريح بخصوص الأسئلة الموجهة إليه؟
مثلا إذا قرر المشتبه فيه الإجابة عن أسئلة والتزم بالصمت في أسئلة أخرى، مما يعني حرية المتهم في الإجابة على السؤال الذي يرى من مصلحته الإجابة عليه والصمت في حالة رأى أن من مصلحته عدم الإجابة عليه، أو إذا شرع في إبداء تصريحاته ولما تخابر مع محاميه قرر الالتزام بالصمت بشكل كلي، وكنتيجة لذلك لا يجبر المتهم على تقديم دليل لنفي التهمة المنسوبة إليه، تماشياً مع قرينة البراءة التي تقتضي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لذلك يمنح المتهم الحرية الكاملة في إبداء أقواله أو أن يتلزم الصمت.
ففي أي حالة من الحالات المذكورة أعلاه إما أن يستقبل ضابط الشرطة القضائية تصريحات جزئية لا تسعفه في التعرف على درجة تورط المشتبه فيه وكذا الأشخاص المتورطين بمعيته في القضية (مشاركون، مساهمون) ، أو يواجه بالتزام “كلي” مما يضيق من هوامش البحث، ويؤثر بالتالي على جودة محاضر الضابطة القضائية والتي يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأية وسيلة من وسائل الإثبات (المادة 290 من ق م ج) [14]خصوصا إذا كانت وسائل الإثبات محدودة أو غير كافية لإدانة المشتبه فيه ملتزم الصمت.[15]
لذلك نرى أن هذا الحق له حدود في هذه المرحلة، فللمتهم الحق في ألا يجيب على الأسئلة المتعلقة بالجريمة وظروفها، أما إذا تعلق الأمر بأسئلة لمعرفة بيانته كاسمه ومحل إقامته وجنسيته وسنه فلا يحق له الامتناع عن الإدلاء بها.
من جانب آخر فإن هناك أحكام قضائية انتصرت لحق المتهم في الصمت، وذلك بخرق محاضر الشرطة القضائية وذلك حسب مقتضيات المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية المغربي، حيث جاء في أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب ما يلي: “وحيث إنه لما كان ثابتا أن الضابطة القضائية قد خرقت المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية وتغاضت عن إشعار المتهم بحقوقه المنصوص عليها في المادة أعلاه ومنها الحق في التزام الصمت وبتعيين محام فإن البحث التمهيدي المنجز في حق الظنيين يكون قد استهل بخرق قانوني وخلل شكلي، وعليه فإن المحضر المنجز في ظل هذه الوضعية يكون باطلا وعديم الأثر لأن ما بني على باطل فهو باطل”. [16]
المطلب الثاني: حق المتهم في الصمت في مرحلة التحقيق الابتدائي
يعرف التحقيق الابتدائي على أنه ” مجموعة من الإجراءات التي تباشرها سلطات التحقيق بالشكل المحدد قانوناً بغية تمحيص الأدلة والكشف عن الحقيقة قبل مرحلة المحاكمة”[17]، وهي مرحلة تتوسط مرحلة الاستدلال التي تباشر من قبل مأموري الضبط القضائي، والتحقيق النهائي الذي تباشره المحكمة في الجلسة، وللإشارة فإن مرحلة التحقيق الإعدادي( الابتدائي)، لم تكن مشفوعة بالضمانات واحترام حقوق المتهم في العصور الوسطى، لكن الأمر اختلف في العصر الحديث، حيث أصبحت الدول تهتم بتوفير الضمانات التي تضمن حقوق المتهم في تلك المرحلة. ومن أجل تحقيق مبادئ المساواة والعدالة بين المتهمين خلال مرحلة التحقيق، اشترط المشرع المغربي ضرورة إحاطته بتنظيم محكم، وبتنصيصه على شكليات دقيقة في إطار قانون المسطرة الجنائية.
ففي بعض الأحيان يتم انتزاع الأقوال من الظنين باشتباهه في ارتكاب جريمة بالقوة، وفي هذه الحالات ينطق ويعترف بأشياء أو أفعال لم يرتكبها، وذلك راجع للضغط الذي يتعرض له من طرف المحقق، في حين ما كان ليعترف بأفعال لم يرتكبها لو تم استنطاقه دون ضغوط أو إكراه.
والاستنطاق يكون ابتدائيا كون المتهم يمثل لأول مرة أمام قاضي التحقيق ويتم من خلاله التأكد من هوية المتهم الكاملة وإشعاره بحقه في اختيار محام وبالأفعال المنسوبة إليه وبأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح، وقد يكون استنطاقا تفصيليا يتم مناقشة ما نسب للمتهم وكذلك الأدلة والحجج الموجهة ضده وفي مواجهته مع الغير أيضا[18] .
وبالاطلاع على موقف المشرع العماني نجد أنه لم ينص صراحة على حق المتهم في الصمت أثناء مرحلة التحقيق الابتدائي، ولكن يمكن الاعتماد على قرينة البراءة للتأكيد على ذلك حتى لو كان بشكل ضمني، حيث أكد عليها النظام الأساسي العماني في المادة (27)، فأقوال المتهم لا بد أن تصدر عن إرادة حرة دون إكراه، فله الحق في الإجابة على الأسئلة أو التزام الصمت، كما أكدت المادة (41) من قانون الإجراءات الجزائية على حظر اللجوء إلى التعذيب أياً كانت صوره للحصول على أقوال في مرحلة الاستدلال أو التحقيق الابتدائي أو مرحلة المحاكمة[19]، والمادة (25) من النظام الأساسي العماني[20]، التي منعت اللجوء إلى التعذيب أو الإغراء للحصول على اعتراف المتهمين.
وفي نفس السياق عاقبت المادة (204) من قانون الجزاء العماني أي موظف استخدم التعذيب أو أمر بذلك لحمل المتهم على الاعتراف[21]، والذي نستنج منه أن المتهم له الحق في الصمت وفي حالة استخدام وسائل الإكراه لحمله على الكلام يؤدي إلى بطلان الإجراءات وكذلك إلى عقاب الموظف الذي استعمل الإكراه أو أمر به، فالمبدأ الأساسي في الاستجواب هو تمكين المتهم من إبداء دفاعه عن نفسه كيفما يريد وفي أي وقت يريد[22]، فليس هناك طريقة مشروعة لإخراج المتهم الذي يرغب في التزام الصمت في موقفه[23].
غير أن نطاق حق المتهم في الصمت في مرحلة التحقيق الابتدائي وارد على التهم المنسوبة إليه، أما إذا تعلق الأمر ببيانته الشخصية كاسمه ومحل إقامته وسنه فلا يجوز له الصمت لكي يتأكد المحقق من شخصيته، وعدم إمكانية الوقوع في الخطأ واتخاذ أي إجراء ضد شخص بريء، كما يقع على المتهم التزام بالإجابة على أسئلة المحقق المتعلقة بمعلوماته الشخصية بناء على المادة (114) من قانون الإجراءات الجزائية[24].
أما المحكمة الابتدائية لميدلت (المغرب) فقد أكدت على ضرورة احترام مبدأ الشرعية الإجرائية وصيانة الحقوق المنصوص عليها في المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية وخصوصا حق المتهم في الصمت، إذ استندت المحكمة في تعليل حكمها على المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وكذلك بمقتضيات المادة 212 من قانون المسطرة الجنائية المغربي التي رتبت البطلان على عدم إشعار قاضي التحقيق المتهم بحقه في عدم الإدلاء بأي تصريح، وأن من باب أولى ترتيب نفس الأمر عن عدم إشعار الضابطة القضائية المتهم بحقه في التزام الصمت[25].
كما أن مقتضيات المادتين 211 و 385 من قانون المسطرة الجنائية رتبتا البطلان على عدم احترام المقتضيات الجوهرية للمسطرة، مما يؤكد على وجود حق المتهم في الصمت في مرحلة التحقيق الابتدائي وفق التشريع المغربي.
المبحث الثاني: ضمانات حق المتهم في الصمت في التشريع العماني والتشريع المغربي
البحث عن الدليل مقيد باحترام حقوق الدفاع من جهة و مقتضيات الحفاظ على الكرامة الإنسانية من جهة ثانية، و عليه فإن الطرق غير المشروعة يترتب عليها حتما عدم مشروعية الدليل المستمد منها وعدم قبوله في الإثبات الجنائي، فإذا كان تقدير الدليل في المسائل الجنائية هو أمر يخضع للملاءمة والتقدير الشخصي للقاضي، إلا أن الحصول على الدليل مسالة مشروعية لا تقدير فيها و لا ملاءمة، ومن المسلم به أن تعذيب المتهم لحمله على الاعتراف يهدم مشروعية الإجراء و مشروعية الدليل.
لذلك حظرت العديد من التشريعات الوطنية المقارنة ومنها التشريع العماني اللجوء إلى الوسائل غير المشروعة لانتزاع أقوال المتهم، فلابد من إحاطة هذا الأخير بضمانات تحمي حريته وتصونها عند استجوابه، حتى يستطيع من خلالها ضمان حقه في الدفاع عن نفسه للحيلولة دون اتخاذ الإجراءات التعسفية ضده دون وجه حق وعدم اللجوء إلى استعمال الطرق غير المشروعة للحصول على إقراره، كالتعذيب أو استخدام الأساليب العلمية الحديثة، كالعقاقير المخدرة، أو التنويم المغناطيسي، أو أجهزة كشف الكذب، في سبيل التأثير على إرادة المدعى عليه وهذا ما سنتعرض له في المطلب الأول، وكذلك تنبيه المتهم إلى حقه في الصمت وعدم اتخاذ الصمت قرينه على إدانته، والذي سنتناوله في المطلب الثاني.
المطلب الأول: عدم استخدام الوسائل غير المشروعة للتغلب على صمت المتهم
لقد ساير المشرع المغربي التشريعات المقارنة والمواثيق الدولية وأقر مبدأ الشرعية الإجرائية في قانون المسطرة الجنائية، سعيا بذلك إلى مناهضة كل أشكال العنف كالتعذيب، وحظر أساليب التأثير على المتهم، ومن بينها استعمال الإكراه في حقه، وهكذا أخذ المشرع على عاتقه ضرورة صيانة كرامة المتهم وحماية حقوق الدفاع المكفولة له قانونا، إذ جعل من التعذيب جريمة قائمة بأركانها وفق قانون رقم 04-43 الصادر سنة 2006 [26].
ولم يتوقف المشرع الدستوري المغربي عن هذا الحد بل صان السلامة الجسدية والمعنوية للشخص من خلال الفصل 22 ومنع المساس بها في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت خاصة أو عامة، وكذا التنصيص على عدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو إطاحة بالكرامة الإنسانية معتبرا أن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله جريمة يعاقب عليها القانون[27] .
وإذا كان القانون يقرر للمتهم الحق في أن يلتزم الصمت بأن لا يجيب عن الأسئلة التي توجه إليه، إذ يستلزم معاملته كالشخص البريء استنادا لمبدأ قرينة البراءة، فإنه من باب أولى لا يجوز استخدام وسائل الإكراه المادي والمعنوي للتأثير عليه أثناء استجوابه، كما يمتنع الاعتداء عليه لإرغامه على الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه فالضرب أو التهديد بإلحاق الأذى به أو بأحد أقاربه، يعتبر انتهاكاً لحق المتهم في الصمت، كما حظر المشرع المغربي سوء معاملة المتهم بهدف انتزاع اعتراف منه حول المنسوب إليه، كإطالة مدة استجوابه وإرهاقه لدفعه إلى الكلام ، وكذلك إغراءه بتحسين ظروفه وخداعة لدفعه إلى الاعتراف، أو استخدام الوسائل العلمية الحديثة كالتخدير أو التنويم المغناطيسي أو جهاز كشف الكذب ، ومن ثم فهي وسائل غير مشروعة يحرم اللجوء إليها، فضلًا أن ذلك كله يعتبر مخالفاً لقاعدة جوهرية مقررة لمصلحة المتهم في الدفاع عن نفسه بالوسيلة التي يراها مناسبة [28].
كما حظرت دساتير الدول تعذيب أي شخص لحمله على الاعتراف، وسبق أن أشرنا إلى أن قانون الإجراءات الجزائية العماني والنظام الأساسي للدولة قد منعا اللجوء للتعذيب أو الإكراه بشتى أشكاله للحصول على معلومات من المتهم، باعتباره يهدم مشروعية الإجراء والدليل، كما عاقب المشرع العماني كل موظف لجأ إلى التعذيب لحمل المتهم على الاعتراف والكلام، وبالتالي يعتبر التعذيب مجرم دستورياً وقانونياً، والذي يعد ضمانة مهمة جداً للمتهم في حالة استخدام حقه في الصمت.
الجدير بالذكر أن صور الإكراه متعددة فقد تكون بصورة الإكراه المادي المتمثل في استخدام العنف والتعذيب والذي منعته المادة (41) من قانون الإجراءات الجزائية العماني، والمادة (25) من النظام الأساسي العماني، ويدخل في مفهومة كذلك التحقيق المستمر لفترات طويلة الذي يؤدي إلى ارهاق المتهم، وكذلك الحرمان من النوم أو الطعام.
وقد يتخذ الإكراه بصورة الضغط المعنوي، والذي يتمثل في التهديد والتخويف، أو الإغراء والخداع، وقد تلجأ سلطات التحقيق لبعض الوسائل الحديثة للحصول على اعتراف المتهم والتغلب على حقه في الصمت، كما في حالة أجهزة كشف الكذب، وهو أحد الأجهزة العلمية التي تهدف إلى كشف الكذب من خلال الاضطرابات والانفعالات النفسية التي تعتري الإنسان، إذا ما أثيرت أعصابه أو نبهت حواسه لأي مؤثر يتأثر به كالخوف أو الشعور بالمسئولية والجرم[29]، حيث يرى أغلب الفقه أنه يؤثر على إرادة المتهم لأنه يحدث نوعاً من الضغط النفسي على إرادته بما يمثل إكراها معنوياً[30].
وبناءً على ذلك، فإن تحريم اللجوء إلى الوسائل غير المشروعة للحصول على اعتراف المتهم يجعل من أي اعتراف يتم الحصول عليه باستخدام تلك الوسائل باطلاً ولا يعول عليه، لأن المتهم مجبر على الاعتراف.
وفي نفس السياق جرمت التشريعات الدولية اللجوء إلى الوسائل غير المشروعة لإرغام المتهم على الكلام كإﺳﺎءة المعاملة والتهديد بالإيذاء الإكراه والتعذيب والتأثير النفسي وهذا ما أكدته المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة 1948 تحظر إخضاع أي فرد للتعذيب ولا لعقوبات أو وسائل معاملة وحشية أو غير إنسانية أو حاطة من الكرامة البشرية، كما أن الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب الصادرة من الأمم المتحدة سنة 1984 أشارت في مادتها الأولى بأن المقصود بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف… “.[31]
كما يرى جانب من الفقه أن حمل المتهم على الاعتراف باستخدام وسائل مؤذية باطلاً لا ينتج أثار قانونية أو حجة ضده [32]، وهذا ما أكد عليه المشرع العماني في المادة (208) من قانون الإجراءات الجزائية والتي من خلال أقر بطلان الأجراء إذا تعلق بعدم مراعاة أحكام القانون في إجراء جوهري[33]، كما أقر بالبطلان المطلق في المادة (209) من نفس القانون إذا تعلق الأمر بمخالفة القواعد الخاصة بالنظام العام، والتي من أهمها عدم استخدام التعذيب أو الإكراه لإجبار المتهم على الاعتراف[34]، كما نص المشرع على عقوبة للموظف العام الذي يستخدم التعذيب بحق المتهم وفق المادة ( 204) من قانون الجزاء العماني والتي جاء فيها ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (6) ستة أشهر، ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات كل موظف عام قام بتعذيب متهم أو أمر بذلك لحمله على الاعتراف بجريمة أو الإدلاء بمعلومات عنها”.
ومن الوسائل التي ثار عليها خلاف كذلك التحليل التخديري، وهو وسيلة عملية تتمثل في حقن الشخص بعقار يؤدي إلى عدم تحكمه في أدائه العقلي والإرادي بحيث يدلي ببيانات ما كان ليقررها لو لم يستعمل معه المخدر[35]، ويتفق جانب كبير من الفقه على عدم مشروعية الاعتراف الناتج عن هذا التحليل التخديري لأن المتهم لا يتمتع بالإرادة الحرة أثناء الإدلاء بأقواله[36].
وعليه واستنادا للمقتضيات المذكورة أعلاه، فإن اعتراف المتهم بما هو منسوب إليه أثناء تناوله العقاقير المخدرة والتي أعطيت له من قبل السلطات القضائية، فإن ذلك لا يشكل اعتراف، لأن تناول المخدرات لم يكن بإرادة واعية، كما لم يستبعد المشرع الجنائي المغربي المسؤولية الجنائية ورتب العقاب متى ثبت أن الشخص تعاطى المخدرات باختياره ومن تلقاء نفسه طبقا لمقتضيات الفصل 137 من القانون الجنائي والذي ينص على ما يلي : “السكر وحالات الانفعال أو الاندفاع العاطفي أو الناشئ عن تعاطي المواد المخدرة عمدا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها”.
المطلب الثاني: تنبيه المتهم لحقه في الصمت وعدم اتخاذه قرينه ضده.
من الطبيعي أنه لا يمكن تأكيد علم المتهمين ﺟﻣﯾﻌﺎً بالامتيازات الممنوحة لهم في القانون لاختلاف مستويات المتهمين، فالمجرم المعتاد أو ذوي الاطلاع على القانون أعلم من غيره من المجرم بالصدفة.
لذلك تؤكد القوانين على ضرورة إحاطة المتهم علماً بحقوقه أمام المحاكم، وقد أكد قانون الإجراءات الجزائية العماني على توجيه نظر المتهم بحقه في الصمت إذ نصت المادة (188) منه على ” توجه المحكمة التهمة إلى المتهم بقراءتها عليه وتوضيحها له ثم يسأل عما إذا كان مذنبا أم لا، مع توجيه نظره إلى أنه غير ملزم بالكلام أو الإجابة“، ونرى أن هذا التنبيه مهم للمتهم لكي لا يدلي بأقوال يمكن أن تضر بمركزه في القضية، ومهم كذلك بالنسبة للمحقق نفسه، إذ أن إجابة المتهم على السؤال بالرغم من تنبيهه بحقه في الصمت دليل على قبوله بالإدلاء بأقواله دون ضغط أو إكراه من قبل المحقق[37].
نستنتج من خلال ما سبق أن المشرع العماني نص على هذه الضمانة في مرحلة المحاكمة، ولكنه لم ينص عليها في مرحلة الاستدلال أو التحقيق الابتدائي، كما فعل المشرع المغربي الذي أكد على هذا الحق في المادة ( 66) من قانون المسطرة الجنائية.
من جهة أخرى لا يجوز اتخاذ صمت المتهم دليل على إدانته أو إقرارا بشيء، باعتبار أن الاعتراف يجب أن يكون واضحاً صريحاً لا لبس فيه، قاطعاً في أن المتهم يقر بارتكاب الجريمة، وهذا ما جاءت به المادة (189) من قانون الإجراءات الجزائية بقولها ” …ولا يفسر سكوت المتهم أو امتناعه عن الإجابة بأنه إقرار بشيء، ولا يجوز أن يعاقب على شهادة الزور بالنسبة إلى الأقوال التي ينفي بها التهمة عن نفسه”، وهذه نتيجة منطقية طالما كان المتهم يمارس حقه القانوني في الصمت فلا يمكن أن تفسر المحكمة ذلك كدليل ضده، أو يؤثر على قرارها، ولا يملك القاضي إمكانية إجبار المتهم على الكلام، بل كل ما يمكن أن يقوم به أن يثبت ذلك في المحضر ويستمر في التحقيق[38].
ويرى بعض الفقه أن من مصلحة المتهم أحياناً ألا يبقى صامتاً وأن يجيب على الأسئلة التي يوجهها له القاضي، باعتبار أن المتهم يستجوب لنفي التهمة عليه والدفاع عن نفسه، وفي حالة التزامه الصارم والمطلق بحقه في الصمت قد يبقي التهمة دون نفي، كما أن مبدأ حرية القاضي الجزائي في تكوين قناعته يحد من فاعلية مباشرة الحق في الصمت، فقد يتأثر القاضي داخلياً بصمت المتهم ويكون لها أثر على قراره[39].
و قد اعترض عدد من الفقهاء على هذا الضمان الذي يلزم القائم بالتحقيق أن يلفت نظر المتهم إلى حقه في أن لا يقول شيئا، على اعتبار انه إيحاء له بالصمت يكون من نتيجته أن المذنب لن يعترف، والبريء الذي يستطيع نفي كل الشبهات عنه بكلمات قليلة قد يدفعه اضطرابه الداخلي إلى الاعتقاد بأنه يرتكب خطأ اذا لم يستعمل حقا منحه له القانون، و يؤيد الفقيه بنتام وجهة النظر هذه، باعتبار أن البريء لن يطلب حقه في الصمت مطلقا لأنه يريد الكلام، أما المذنب هو الذي يرغب في التزام الصمت[40] .
تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان ينقل عبء الإثبات من الادعاء العام إلى المتهم، كما في جرائم المرور حيث يفترض المشرع الخطأ من المتهم، أو يفترض العلم لدى المتهم وينقل عبء الإثبات إليه كما في الجرائم الضريبية، فالمشرع في مثل هذه الحالات يفترض سوء نية المتهم مما ينقل عبء الإثبات من الادعاء العام إلى المتهم، وبالتالي إذا مارس هذا الأخير حقه في الصمت فإنه سيؤدي لا محاله إلى قناعة القاضي بالإدانة.
الجدير بالذكر أنه من الناحية العملية قد يستخدم المحقق أجهزة التسجيل لمحاولة التغلب على صمت المتهم، فهل يعتبر الإجراء قانوني؟
للإجابة على السؤال لا بد من التمييز بين أمرين، الأول إذا وقع التسجيل بعلم المتهمين يعتبر إجراء قانوني، طالما أن الضمانات المطلوبة قد روعيت فيه لتؤكد صحة التسجيلات، أما الثاني فيكون في حالة كان التسجيل الصوتي دون علم المتهمين، وهنا يرى الرأي الفقهي الراجح أنه لا يمكن الاعتماد على هذا التسجيل، على أساس أنه يجافي قواعد العدالة وتأباه مبادئ الحرية التي يكفلها النظام الأساسي، وما يتنافى مع مبدأ الحرية المكفول للأماكن والأشخاص على حد سواء، ويشترط أصحاب هذا الرأي لإقرار قانونية هذه الوسيلة وشرعية الدليل المستمد منها، أن تتوافر فيها الشروط التي يتطلبها القانون بالنسبة لمراقبة وتسجيل المكالمات الهاتفية[41]، وهذا ما أكد عليه المشرع العماني الذي اشترط للقيام بعملية التسجيل في مكان خاص أن يوجد إذن صادر من الادعاء العام[42]، كما اشترط المشرع أن يكون للتسجيل فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالسجن مدة تزيد على ثلاثة أشهر، ويجب أن يكون مسببا وألا تزيد مدته على ثلاثين يوما قابلة للتجديد مددا أخرى مماثلة إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك[43].
الخاتمة:
يتبين لنا من خلال هذا البحث أن تبلور مفهوم حق المتهم في الصمت كان بفضل المواثيق و المؤتمرات الدولية و الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، الشيء الذي انعكس بالإيجاب على التشريعات الوطنية التي تبنت هذا الحق في قوانينها الداخلية، فكان له آثاره الإيجابية على المشتبه فيه، -الظنين- والمتهم خلال مراحل الدعوى العمومية، ولكن تنظيمه يختلف ما بين تشريع وآخر، حيث نص المشرع المغربي صراحه في مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي، إلا أن المشرع العماني لم ينص عليه بشكل صريح في المراحل السابقة للمحاكمة، وقد توصلنا للعديد من النتائج والتوصيات نوردها على الشكل التالي.
النتائج
- المشرع العماني لم ينص صراحة على حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال أو مرحلة التحقيق الابتدائي.
- نطاق حق المتهم في الصمت وارد على التهم المنسوبة إليه، أما إذا تعلق الأمر ببيانته الشخصية كاسمه ومحل أقامته وسنه فلا محل لهذا الحق
- نظم المشرع المغربي حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح في قانون المسطرة الجنائية، وذلك في إطار المقتضيات القانونية المرتبطة بقضاء التحقيق، و البحث التمهيدي أمام الضابطة القضائية طبقا للمادة 66 من قانون المسطرة الجنائية.
- من أهم الضمانات التي نص عليها المشرع لحماية حق المتهم في الصمت، عدم استخدام الوسائل غير المشروعة للتغلب على صمت المتهم.
- خرق حق المتهم في عدم الإدلاء بأي تصريح في مرحلة التحقيق، يستتبع بطلان إجراءات اللاحقة بهذه المرحلة تطبيقا للقاعدة الفقهية ” ما بني على باطل فهو باطل.
التوصيات:
- نناشد المشرع العماني على النص صراحة في قانون الإجراءات الجزائية أو في النظام الأساسي للدولة، على حق المتهم في الصمت في مرحلة الاستدلال ومرحلة التحقيق الابتدائي
- نوصي المشرع العماني على تعديل المادة (204) من قانون الجزاء التي تنص على عقوبة الموظف العام الذي يستخدم التعذيب لحمل المتهم على الاعتراف، لتصبح العقوبة المقررة للفعل تدخل ضمن خانة الجنايات، لأن العقوبة المقررة للفعل لا تحقق الردع الخاص والعام.
- نهيب بالمشرع العماني بأن يستحضر قرينة البراءة في جميع مرحل الدعوى الجزائية، وكذلك في مرحلة الاستدلال، مما يحقق ضمانات أكثر لمن يواجهون الإجراءات الجنائية بشكل عام.
- نناشد المشرع العماني أن ينص صراحة على ضرورة تنبيه المتهم لحقه في الصمت وعدم اتخاذه قرينه ضده، في مرحلة التحقيق الابتدائي كما فعل المشرع المغربي في المادة (66) من قانون المسطرة الجنائية.
قائمة المراجع:
المراجع العامة:
- احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة السابعة، دار النهضة العربية، 1996.
- جلال ثروت، نظم الإجراءات الجنائية، دار الجامعة الجديد، 1997.
- حسن صادق المرصفاوي، أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، 1982.
- رؤوف عبيد، الإجراءات الجنائية في القانون المصري، طبعة منقحة، دار الجيل للطباعة، القاهرة، 1989.
- سامي صادق الملا، اعتراف المتهم، مكتبة طريق العلم، الطبعة الثانية 1975.
- عبداللطيف بوحموش، دليل الشرطة القضائية في تحرير المحاضر وتوثيق المساطر، مطبعة الأمنية بالرباط، الطبعة الأولى 2010 .
- مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 1988.
- محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار نشر الثقافة، 1978.
المراجع المتخصصة:
- توفيق محمد الشاوي، بطلان التحقيق الابتدائي بسبب التعذيب والإكراه الواقع على المتهم، دار الإسراء ، عمان،1998.
- خالد رمضان سلطان، الحق في الصمت أثناء التحقيقات الجنائية، دار النهضة العربية، 20119،
- عبد الحميد الشواربي، الإخلال عبر الدفاع في ضوء القضاء والفقه، منشاة المعارف، 1989.
الأطروحات والرسائل:
- خولة شفيق، ضمانات المتهم خلال إجراءات التحقيق الإعدادي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض مراكش، سنة 2009-2010
- عبد المجيد عبد الهادي السعدون، استجواب المتهم، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، كلية القانون – جامعة بغداد، . ١٩٩٢
- علاء الصاوي، حق المتهم في محاكمة عادلة، دراسة مقارنة بين القانون المصري والفرنسي، أطروحة دكتوراة إشراف الدكتور مأمون سلامة، جامعة القاهرة، كلية الحقوق،2001.
- مسوس رشيدة، استجواب المتهم من قبل قاضي التحقيق، رسالة ماجستير، إشراف الدكتور نواصر العايش، جامعة الحج لخضر، كلية الحقوق، 2005.
المقالات:
- أحمد محمد خليفه، مصل الحقيقة وجهاز كشف الكذب، المجلة الجنائية القومية، المجلد الأول، العدد الأول، مارس 1985
- سامي صادق الملا، استعمال الحيل لضبط الجناة وحجتها أمام القضاء الجنائي، مجلة الأمن العام المصرية، يوليو 1971.
- عزيز لعويســـي الحق في التزام الصمت أمام الضابطة القضائية بين التشريع و الواقع مقال منشور هسبريس بتاريخ 17 دجنبر 2017
- عباس فاضل سعيد، حق المتهم في الصمت، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 11، العدد39، 2009،
- فهد هادي حبتور، حق المتهم في الصمت- بمجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات –دمنهور-العدد الثاني المجلد التاسع 2017.
- محمد الجيراري الحق في الصمت أثناء البحث التمهيدي التلبسي ، مقال منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية 01 سبتمبر 2021.
[1]– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966.
[2]– ينص الفصل 23 منه على ما يلي: “قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان” كما ينص الفصل 119 منه على ما يلي: “يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة بريئا إلى أن تتثبت إدانته بمقرر قضائي، مكتسب لقوة.
الشيء المقضي به”.
[3] – يقصد بالبحث التمهيدي، البحث الذي يتم القيام به سواء في الحالة العادية أو في حالة التلبس والذي تتولاه الشرطة القضائية وقد نظمه المشرع في مقتضيات المواد من 78 إلى82 من ق.م.ج، ويستخدم في التشريع العماني مصطلح “مرحلة الاستدلال”.
[4] – لقد نظم المشرع المغربي جهاز الشرطة القضائية في إطار مقتضيات المواد من16 إلى غاية 35 من قانون المسطرة الجنائية.
[5]– رؤوف عبيد، الإجراءات الجنائية في القانون المصري، طبعة منقحة، دار الجيل للطباعة، القاهرة، 1989، ص: 284.
[6]– للمزيد د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية، الطبعة السابعة، دار النهضة العربية، 1996، ص: 341 وما بعدها.
[7] – هذا ما أكدته المادة (37) من قانون الإجراءات الجزائية العماني.
[8]– بناء على المادة (37) من قانون الإجراءات الجزائية التي جاء فيها ” لمأموري الضبط القضائي أن يستعملوا أثناء قيامهم بجمع الاستدلالات وسائل البحث والاستقصاء التي لا تضر بالأفراد ولا تقيد حرياتهم، وليس لأحدهم مباشرة إجراءات التحقيق”.
[9]– وهذا ما أكد عليه النظام الأساسي العماني في المادة (25) والتي جاء فيها ” لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي، أو المعنوي، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك، كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة، أو التهديد بأي منها”.
[10]– خالد رمضان سلطان، الحق في الصمت أثناء التحقيقات الجنائية، دار النهضة العربية، 2019، ص: 204.
[11] – إذ تطلبت ضرورة البحث أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص أو عدة أشخاص ممن أشير إليهم في المادة 65 أعلاه ليكونوا رهن إشارته، فله أن يضعهم تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة تحسب ابتداء من ساعة توقيفهم، وتشعر النيابة العامة بذلك. يتعين على ضابط الشرطة القضائية إخبار كل شخص تم القبض عليه أو وضع تحت الحراسة النظرية فورا و بكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، و من بينها حقه في التزام الصمت
[12] -عزيز لعويســـي الحق في التزام الصمت أمام الضابطة القضائية بين التشريع و الواقع مقال منشور هسبريس بتاريخ 17 دجنبر 2017 .
[13] – محمد الجيراري، الحق في الصمت أثناء البحث التمهيدي التلبسي ، مقال منشور في مجلة المنارة للدراسات القانونية و الإدارية 01 سبتمبر 2021، ص: 1.
[14]– المادة 290 المحاضر و التقارير التي يحررها ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات، يوثق بمضمنها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات.
[15]– عبداللطيف بوحموش ، دليل الشرطة القضائية في تحرير المحاضر وتوثيق المساطر، مطبعة الأمنية بالرباط، الطبعة الأولى 2010 ، ص 175 .
[16] – حكم ابتدائي صادر عن المحكمة الابتدائية بسوق أربعاء الغرب، بتاريخ15/02/2012 في ملف جنحي تلبسي رقم 43/2012 حكم غير منشور.
[17]– د. مأمون سلامة، الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، الجزء الأول، دار الفكر العربي، 1988، ص: 567.
[18]– خولة شفيق، ضمانات المتهم خلال إجراءات التحقيق الإعدادي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية جامعة القاضي عياض مراكش، سنة 2009-2010 ص69.
[19]– التي جاء فيها ” لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطة المختصة بذلك قانونا، ويجب معاملة المقبوض عليه بما يحفظ عليه كرامته، ويحظر على مأموري الضبط القضائي وأي شخص ذي سلطة عامة أن يلجأ إلى التعذيب أو الإكراه أو الإغراء أو المعاملة الحاطة بالكرامة للحصول على أقوال أو منع الإدلاء بها أثناء جمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو المحاكمة”.
[20] – التي نصت على ” لا يعرض أي إنسان للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء، أو للمعاملة الحاطة بالكرامة، ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك، كما يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء أو لتلك المعاملة، أو التهديد بأي منه”.
[21]– جاء فيها ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (6) ستة أشهر، ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات كل موظف عام قام بتعذيب متهم أو أمر بذلك لحمله على الاعتراف بجريمة أو الإدلاء بمعلومات عنها”.
[22]– د. جلال ثروت، نظم الإجراءات الجنائية، دار الجامعة الجديد، 1997، ص: 441.
[23] -د عبد الحميد الشواربي، الإخلال عبر الدفاع في ضوء القضاء والفقه، منشاة المعارف، 1989، ص:126.
[24]– التي نصت على ” على عضو الادعاء العام عند حضور المتهم للتحقيق لأول مرة أن يتثبت من شخصيته وأن يدون جميع البيانات الخاصة بإثبات شخصيته ويحيطه علما بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله في المحضر”.
[25] – حكم المحكمة الابتدائية بميدلت عدد2466 ملف جنحي تلبسي عدد 2467/2015 صادر بتاريخ 26/11/2016 مجلة المحاكم المغربية العدد 199 ص 188 وما بعدها.
[26] – القانون رقم 04-43 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.06.20 بتاريخ 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) الجريدة الرسمية عدد 5398 بتاريخ 24 من محرم 1427 (23 فبراير 2006) ص 492 .
[27] – الفصل 22 من الدستور المغربي .
[28] – فهد هادي حبتور، حق المتهم في الصمت- بمجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات –دمنهور-العدد الثاني المجلد التاسع 2017 ص 250.
[29]– سامي صادق الملا، اعتراف المتهم، مكتبة طريق العلم، الطبعة الثانية 1975.ص: 136 وما بعدها.
[30]– للمزيد خالد سلطان، مرجع سابق: ص: 253.
[31] – الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو وثيقة حقوق دولية تمثل الإعلان الذي تبنته الأمم المتحدة 10 ديسمبر 1948 في قصر شايوى في باريس. الإعلان يتحدث عن رأي الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان المحمية لدى كل الناس.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتألف من 30 مادة ويخطط رأي الجمعية العامة بشأن حقوق الإنسان المكفولة لجميع الناس.
[32] – توفيق محمد الشاوي، بطلان التحقيق الابتدائي بسبب التعذيب والإكراه الواقع على المتهم، دار الإسراء ، عمان،1998 ص 9
[33] – التي جاء فيها ” يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري”.
[34] التي نصت على ” إذا كان البطلان راجعا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولاية الحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة أو غير ذلك مما يتعلق بالنظام العام، جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، وتقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها”.
[35]– أحمد محمد خليفه، مصل الحقيقة وجهاز كشف الكذب، المجلة الجنائية القومية، المجلد الأول، العدد الأول، مارس 1985، ص: 92
[36]– أنظر، حسن صادق المرصفاوي، أصول الإجراءات الجنائية، منشأة المعارف، 1982، ص: 19، محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، دار نشر الثقافة، 1978، ص: 380
[37]– للمزيد- انظر . عباس فاضل سعيد، حق المتهم في الصمت، مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 11، العدد39، 2009، ص: 292.
[38]– مسوس رشيدة، استجواب المتهم من قبل قاضي التحقيق، رسالة ماجستير، إشراف الدكتور نواصر العايش، جامعة الحج لخضر، كلية الحقوق ، 2005، ص: 72
[39]– علاء الصاوي، حق المتهم في محاكمة عادلة، دراسة مقارنة بين القانون المصري والفرنسي، أطروحة دكتوراة إشراف الدكتور مأمون سلامة، جامعة القاهرة، كلية الحقوق، 2001، ص: 610.
[40] – عبد المجيد عبد الهادي السعدون، استجواب المتهم، دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه، كلية القانون – جامعة بغداد، . ١٩٩٢، ص 339
[41] – للمزيد راجع ، سامي صادق الملا، استعمال الحيل لضبط الجناة وحجتها أمام القضاء الجنائي، مجلة الأمن العام المصرية، يوليو 1971، ص: 28
[42] – المادة ( 90) من قانون الإجراءات الجزائية والتي جاء فيها ” لا يجوز ضبط المراسلات والبرقيات أو الاطلاع عليها أو ضبط الجرائد والمطبوعات والطرود أو تسجيل الأحاديث التي تجرى في مكان خاص أو مراقبة الهاتف أو تسجيل المكالمات بغير إذن من الادعاء العام”.
[43] المادة (91) من قانون الإجراءات الجزائية العماني.