نظرة المجتمع للرعي والرعاة بالبلاد التونسية خلال العهد العثماني
Society’sview of pastoralism and shepherds in tunisiaduring the ottoman era
لطفي عميري/مدرسة الدكتوراه، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، تونس
Lotfi amiri/doctoral school , faculty of human and soicial sciences of tunis
مقال نشر في مجلة جيل العلوم الانسانية والاجتماعية العدد 90 الصفحة 17 .
ملخص:
يعتبر التعويل على الاقتصاد الحيواني بالبلاد التونسية من الأنشطة العريقة التي نالت اهتمام الكائن الإنساني منذ العصور القديمة، لارتباطه مباشرة بحياته باعتباره مصدر أساسي لتوفير غذائه وملبسه وتنقله من مكان الى آخر. فقد اعتكف على ممارسته السكان واستثمر فيه السلاطين فوفَر لهم ما يضمن استمرار الحياة وقيام الدولة وازدهارها. ولكن رغم ذلك فإنه ظل قطاع مهمَش الى يوم الناس هذا، وقد تجسَد هذا التهميش مثلا في نظرة المجتمع الدُونيَة الى الرَعي، ورغم أنَه من المهن الشَاقة والمهمَة في حياة السكَان إلاَ أنَ التهميش نجح في تأسيس مسكنه في المناخ الذهني للمجتمع التونسي وظلَ الى حد اللَحظة من المهن المنبوذة.
الكلمات المفتاحيّة: الرَعي، الرعاة، البلاد التونسية، العهد العثماني.
Abstract :
Reliance on the animal economy in Tunisia is one of the long-standing activities, that have attracted the attention of the human being since ancient times, as itis directly related to his life, as a basic source for providing his food, clothing and transportation from one place to another. The population retreated from its practice and the sultans invested in it, providing them with what guarantees the continuity of life and the establishment and prosperity of the state. But despite that, it remained a marginalized sector to this day. This marginalization was embodied, for example in the society’s inferior view of pastoralism. Although « jah » was honored as a craft mentioned in religious texts and practiced by the prophets, and although itis one of the difficult and important professions in the life of the population, marginalization succeeded in establishing its home in the mental climate of Tunisian society and remained, until the moment, a pariah profession.
Keywords: pastoralism, shepherds, Tunisia, ottoman era.
مقدمة:
لم تكن الفلاحة تاريخيا على ما يرام، رغم دورها الثمين في بناء الدول وفي استمرار الحياة البشرية، ولازال هذا التهميش التاريخي يراودها الى حد اللحظة خاصة في دول الغرب الإسلامي. وتعتبر البلاد التونسية واحدة من البلدان التي تعاني فيها الفلاحة هذا التهميش. فإلى جانب الجوائح الطبيعية التي كانت تنصب منادفها من حين لآخر وفي مناسبات عديدة، هناك كذلك جائحة معنوية عظمى تجلت في نظرة المجتمع للفلاحة بصفة عامة والى بعض أنشطتها بصفة خاصة. وقد كانت هذه الجائحة شاهرة سلاحها بقوة صوب فئة من السواعد الناشطة في هذا القطاع وهم الرعاة، حيث أصبحت ضمن سطور قاموس نابي الألفاظ كعبارة موجهة لمرتكبي الاثم السياسي والانحطاط والأخلاقي. وهذا التهميش هو الذي دفعنا في هذه الدراسة الى الاستقصاء حول حقيقة هذه المهنة من خلال ثلاثة زوايا، الأولى في علاقة بالموقف الفقهي، والثانية حول أهميتها بالبلاد التونسية خلال العهد العثماني، والثالثة في علاقة بواقعها في المناخ الذهني للمجتمع خلال الفترة نفسها.
I/ الرعي وعلاقته بالنصوص الفقهية
الرعي: مصدر رعى الكلأ ونحوه يرعى رعيا، والرَاعي يرعى الماشية أي يحوطها ويحفظها. والماشية ترعى أي ترتفع وتأكل، وراعي الماشية حافظها، صفة غالبة غلبة الاسم، والجمع رعاة مثل قاض وقضاة ورعاء مثل جائع وجياع ورعيان مثل شابٌ وشبَان[1].
يعتبر الرعي من الأنشطة العريقة التي تمد جذورها في التاريخ آلاف السنين. وقد انصبَ اهتمام الإنسان بها منذ أن وقع تفكيره في تدجين الحيوان بحثا عن ترقية حياته الاجتماعية والاقتصادية، وذلك باستهلاك لحمه وسوائله وجلوده وصوفه ووبره وكذلك عن طريق استغلال طاقاته المتنوعة في الحرث والجر والنقل والتجارة. والرعي بالحيوان ثقيل كان مثل الأبقار والإبل والدواب أو خفيف مثل الأغنام والماعز هو من الأنشطة الشاقة التي تفرض على الإنسان تحمل سلطان الطبيعة مثل الحرارة والصقيع وتسلل الغابات المتشابكة والتسلق في الجبال الوعرة وقطع المسافات البعيدة لبلوغ المراعي، كما أنه مطالب بالحذر واليقظة أثناء قيادة القطيع وحمايته من الأخطار التي تهدده مثل تسلط المفترسات والضياع والموت والسرقة والإغارة.
وعلى الرغم من أنه مهنة شاقة ومنهكة للجسد، يمكن اعتباره فن من الفنون نظرا لما يقدمه الرَاعي من مجهود، حيث أن له قدرة على قيادة القطيع بشكل منظم وعده رغم أن أعداده الخيالية لا تقدر على إحصائها الذاكرة العادية خاصة إذا تعلَق الأمر بالماشية الرقيقة، كما أن له معرفة عميقة بقوانين القطيع مثل الأشهر المناسبة لتكاثره وولادته والأيام المحبذة للتعليف وطرق ذلك والتفريق بين الأعشاب النافعة والضَارَة وكذلك المسمنة والغير مسمنة، بالإضافة الى أن له قدرة على فهم حركات القطيع مثل المهيأ للتكاثر والعشار ويصل الأمر بخبرته في الميدان الى التكهن بما في بطونها من ذكر أو أنثى، ولا يخفى علينا ما تكتنزه هذه الفئة من خبرة في معرفة الأمراض التي تصيبها وأسبابها وطرق علاجها، لذلك يمكن القول إن الرَاعي هو البيطري الأوَل حتى وإن كانت معرفته لا تستند الى علم صحيح فإن علاقته المباشرة ومخالطته للقطيع قد تكسبه خبرة كبيرة على فهم أحواله وعلله وقوانينه.
ومن هذا المنطلق يمكن القول إن مهنة الرَعي هي مهنة شاقَة ومتعبة وتتطلَب الكثير من الصَبر كما أنها ليس من المهن الوضيعة وإنما هي مقدَسة، حيث نالت مكانة متميزة في النصوص الدينية، يقول الله تعالى في كتابه المقدَس “والأنعام خلقها لكم فيها دفئ ومنافع ومنها تأكلون(5) ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون(6)“[2]، كما أنها نالت قلادة الشَرف كونها من المهن التي اشتغل بها الأنبياء والرسل، فقد جاء في صحيح البخاري ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَه قال “ما بعث الله نبيا إلاَ رعى الغنم، قال أصحابه، وأنت؟ قال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة”[3]، وقد جاء في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث الناس على كسب الأغنام لأن فيها بركة، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم هانئ “اتخذوا الغنم، فإن فيها بركة”[4].
وتداول الأنبياء على هذه المهنة ليس من باب الصدف تقريبا وإنما فيه غاية وحكمة، فقد “الهمهم الله ذلك حتى يحصل لهم التمرن برعيها على القيام بأمر أممهم”[5]، فبالإضافة الى كونها من المهن الشريفة فإنها كذلك رياضة معنوية لما فيها من الأبجديات المناسبة لصقل جوانب هامة من حياة الإنسان، مثل تدريبه على تحمل الصعوبات والصَبر على الطباع المختلفة وكيفية التعامل معها وإدارتها، كما أن في مخالطة القطيع وتعهده وجمعه بعد تفرقه والتنقل به من مسرح لآخر مسافات طويلة وحمايته من الأخطار يحصل للإنسان تدريب كبير على القيادة[6].
II/ الرَعي نشاط مهم وشاق بالبلاد التونسية خلال العهد العثماني
يذكر ابن أبي الضياف في اتحافه أنَ “الحيوان من أعظم أسباب العمران”[7]، وهذه الحقيقة لم يتغافل عنها المجتمع التونسي، بل كانت منتشرة بقوة في المناخ الذهني لهذا المجتمع، وكان لها تأثير كبير على ثقافته الاقتصادية، ولذلك نلحظ أن التعويل على تربية الماشية بكل أصنافها كان يسير بشكل موازي للزراعة، وهذه القيمة تظهر بصفة واضحة في مصادر الأرشيف وخصوصا في الدفاتر الجبائيَة وكذلك الدفاتر التي تخص مصاريف الدولة، إذ تحتوي على أرقام مهمَة حول ضخامة المنتوجات التي يقع استهلاكها وكذلك على نسب مساهمتها في النظام الجبائي، وسوف نقوم بتقديم بعض المؤشرات المتفرقة على ذلك.
- فمثلا من خلال الدفتر عدد 67 لسنة 1170هـ/1756م قدر عدد البقر الذي ساهمت به بعض البلدان مثل باجة وتبرسقوقليبية وراس الجبل وماطر ورياح وسوسة والمنستير وجندوبة والخزارة في شكل ضريبة 1475 رأس[8].
- ومن خلال الدفتر 2358 لسنة 1178هـ/1766م بلغت لحمية الصيف لعدد من المناطق على يد حمودة الشوبان 4800 كبش[9].
- ومن خلال نفس المصدر وتحديدا سنة 1180هـ/1766م بلغ ما قدمته بعض المناطق الساحلية مثل المنستير وصفاقس ومساكن والوطن القبلي من إبل في شكل ضريبة 424 إبل[10].
- ومن خلال الدفتر 205 لسنة 1191هـ/1777م بلغ ما دفعته بعض المناطق من السمن في شكل ضريبة وهي الوطن القبلي وتبرسق وماطر 2324 قلَة[11].
- ومن خلال الدفتر 2362 للفترة الممتدة بين 1208هـ-1795م/1218ه-1805م استقرت ضريبة الرميَة على 3233 خيل و914 بغل و172 حمار[12].
- ومن خلال الدفتر 2184 لسنة 1273ه-1856م/1274هـ-1857م بلغ محصول خروبة الصوف 14800 ريال بالقيروان و10500 ريال بالجريد و15000 ريال بصفاقس و20000 ريال بجربة و5000 ريال بماطر…[13].
- ومن خلال الدفتر 389 للفترة التي امتدت بين 1231هـ-1816م/1235هـ-1820م بلغ مقبوض الدولة من شعر الماعز 1840 قنطار بالنسبة لمدينة تونس فقط[14].
- ومن خلال الدفتر 1778 للفترة الممتدة بين 1210هـ-1797م/1213هـ-1800م قدر عدد الشياه التي في حساب قايد العزيب الحاج علي بن عبيد الحجري 33422 من الأغنام و4008 من الماعز[15].
- ومن خلال الدفتر 1780 للفترة الممتدة بين 1244هـ-1829م/1254هـ-1839م قدر عدد الشياه التي في حساب قياد العزيب إبراهيم الجويني وخليفة الشاوش 22870 شاه من الأغنام[16].
وهذه ما هي إلا لمحة بسيطة جدا لا ترى بالعين المجردة للخيرات التي يقدمها القطيع، كما أن هذه الإشارات لا تعكس أهمية القطيع فقط بل تعكس كذلك دور السَواعد التي جعلت منه عنصر مهم، إذ بدونها ما كان لهذا القطيع أن يشهد ما شهده خلال تلك الفترة، رغم أن الوضعية المهنية لتلك السواعد كانت محفوفة بالصعوبات والمخاطر، وتشير المصادر والدراسات مثلا الى طول المسافات التي يقطعها هؤلاء بحثا عن المراعي، فقد تحدَث بيليسيمثلا في مؤلفه وصف إيالة تونس عن القوافل التي تأتي من الجنوب متجهة الى الشمال حاملة معها قطعانها من الأغنام والماعز والإبل للاستفادة من المراعي الوفيرة بالشمال عن طريق الكراء أو التعشيب[17].
وتحتوي وثائق الأرشيف كذلك على معلومات تخص هذه العادة، ففي إحدى مراسلاته الى الوزير خير الدين بتاريخ 30 صفر الخير يتحدث حميدة بن أحمد المورالي عامل باجة عن تكاثر الناس البرَانية القادمة من الوطن القبلي[18]حاملة قطعانها لمراعي البلد وقد وقع منهم الضرر وتكاثرت في شأنهم الشكايات كما أظهر تخوفه من حدوث الهرج بسبب العنف الذي سوف يتعرض له هؤلاء من أرباب المزارع[19]، ويحتوي الدفتر 2367 بعنوان زمام بقر الجبل وبيعه بالإيالة خلال سنة 1253هـ/1837م على معلومات مهمة حول عدد الأبقار التي وقع تبادلها مع عدة مناطق من الشمال الشرقي والساحل والوسط حيث بلغ مجموع الوطن القبلي 1000 رأس وجلاص 1000رأس وسوسة 1000 رأس والمنستير 990 رأس[20].
وتشير المصادر والدراسات كذلك الى أهمية القطيع بالبلاد وتنوعه وكثرة أعداده[21]، وهذا مرتبط بعدة عوامل طبيعية مثل المناخ والتساقطات وتوفر المراعي، لكن للاستفادة من هذه المراعي كان لا بدَا من البحث عنها وقطع مسافات بعيدة من أجلها ودفع الدَراهم للحصول عليها، كما كان جزء كبير من القطيع يتطلب من يتعهده ويقوم بحراسته في هذه المراعي، وعلى الرغم أن جزء كبير منه كان تحت رقابة ورعاية أربابه خاصَة المستقرين فإن هناك جزء آخر أوكلت مهمة رعايته الى رعاة يقع انتدابهم للغرض عن طريق عقود مادية أو معنوية أو الإثنين معا، وهذا رهين أخلاق رب القطيع.
ويشمل الانتداب الرجال الكبار وكذلك الصبية البالغين والغير بالغين[22]، وتختلف قيمة العقد ونوعيته من طرف لآخر، وهو إمَا أن يكون نقدا أي يتحصل من خلاله الرَاعي على أجر يومي أو أسبوعي أو شهري أو حتى سنوي، وإمَا أن يكون عينا أي في شكل رؤوس أغنام أو ماعز مثلا على المائة شاة يتحصَل الرَاعي على عشرة منها أو أن يكون براتب ضعيف مدعَم براتب معنوي، وهو في غالبه يخص الصبية من العائلات الفقيرة جدَا أو من الأيتام، وهذه النوعية من العقود غالبا ما يبادر بها أرباب القطيع لأنها مربحة، ولذلك كانت تتطلب مراوغة كبيرة لإقناع الصَبي وعائلته بذلك، وتتمثل هذه المراوغة في التركيز على الجانب الإنساني الذي يظهر فيه رب القطيع بمثابة الأب له.
ولا تهمنا في هذا الإطار عادة التنقل وإنما وضعية الرعاة خلالها، إذ بين طول المسافات وصعوبة المسالك التي يقطعها هؤلاء يمكن تصور المخاطر التي يمكن أن تستهدفهم، فهم عرضة الى ضربات الشمس القوية التي تسبب الوفاة أحيانا، كما أنهم عرضة للصقيع ولمختلف التساقطات، حيث أن سحاب من الحجر قادر على إحداث أضرار جسدية لأي راع، ويمكن أن يؤدي فيض الأودية بسبب كثرة الأمطار الى استقبال أرواحهم الطَاهرة، وقد ذكر مثلا الطيب بن الحاج حسن المكلف بطبرقة في مراسلة الى الوزير خير الدين بتاريخ 24 من ذي الحجة 1291هـ/1874م أن كثرة الأمطار وسيلان الأودية والشعب فرض على إحدى القوافل المتكونة من بعض الجمال التي أتى بها قوادها الرعاة من القيروان لخدمة الكرستة المكوث بين طبرقة وباجة مدة أربعة عشرة يوم[23]، وقد يصاب أحدهم بصاعقة تتسبب في حرق جسده في القفار وقد يتهشَم بسبب سقوط شجرة عليه، هذا بالإضافة الى تسلط المفترسات مثل الذئاب والخنازير والزواحف السَامة مثل الثعابين والعقارب.
وأمام هذا كله يجب أن يكون الرَاعي على أتم اليقظة والحذر من السرقات والغارات التي يقوم بها قطَاع الطرق، خاصة أنها كانت من الظواهر المنتشرة بقوَة خلال الفترة الحديثة، إذ من واجبه أن يقاتل من أجلها لحمايتها لأنه دون ذلك يمكنه أن يفقد جزء من القطيع وحينها فإنه يكون قد ورَط نفسه مع مالكه الذي لا يتوالى على معاقبته ماديَا بخصم قيمة المسروق من راتبه ومعاقبته معنويا بالإهانة والسب والشتم والضرب، وفي هذه الوضعية فإن الموت الطبيعي للحيوان بسبب المرض أو الانهاك قد يكون أهون عليه من سرقته، لأن الرَاعي في هذه الحالة بإمكانه تبرير ذلك بتقديم جزء من بدن الحيوان كالأذن أو الجلد وهو قانون ينصفه ويبرئه من العقاب[24].
وإلى جانب أنه مطالب بحماية القطيع وحفظه فإنه كذلك مطالب بحمله الى أحسن المراعي[25]، وبذلك قد تدفعه مهمة اثبات جدارته في اشباع القطيع وتسمينه الى التطاول على أملاك الغير خلسة، فمثلا ورد في مراسلة من حسين بن مصطفى الأمير ألاي المكلف بغيب الحاضرة الى الوزير أمير الأمراء الوزير الأكبر خير الدين بتاريخ 12 من رجب الأصب 1292ه/1875م أن أنفار يرعون بأغنامهم في غابة زيتون المرسى ويسقطون ثمارها وأغصان أصولها بواسطة العصا، لأنه حسب تعبيره “عند عامَة الغنامة قاعدة كلية أن الغنم إذا أكلت شيئا من غلة الزيتون سلمت من العاهات الواقعة للغنم في وقت الشتاء وبذلك يزداد وزن الصوف خلافا لغيرها وهذا التقرير بالمشاهدة…”[26]، وفي هذه الحالة يعرض الرَاعي نفسه الى عقوبة من رب القطيع خاصة إذا كان تنقله الى تلك المراعي دون علمه[27]، وأخرى لفائدة الحق العام، وتتمثَل هذه العقوبة في مصادرة القطيع مع سجن راعيه، مثلما حدث لإبراهيم بن علي المثلوثي من فريق الاعشاشة سارح غنم الحاج الشابو حين وقع سجنه في مخزن الشيخ من ربض باب سويقة[28].
ما نستنتجه من خلال هذا العنصر هو أن مسؤولية الرَاعي سواء كان راعيا بقطيعه أو لفائدة غيره هي مسؤولية ثقيلة وشاقَة على المستوى المادي والمعنوي، إذ مثلما يستنزف طاقته البدنية بسبب التَعب الذي يحدثه والمخاطر التي يسببها له فإن بإمكانه كذلك أن يستنزف كرامته، لكن بين الشرف الذي اكتسبته هذه المهنة في النصوص الفقهية وأهميتها الاقتصادية أي نظرة للمجتمع التونسي تجاهها؟ هل حظيت بتقدير أم تهميش؟
III/ مكانة الرعي في المناخ الذهني للمجتمع التونسي
“سرَاح” بضم السين، “يا سارح”، ورَي وكرك للرعيان تخليهولك” هي كلمات متداولة في الذاكرة الجماعية للمجتمع التونسي الى حد اللحظة، وتطلق على مرتكبي الإثم الأخلاقي وحتى السياسي، وتستحضر بصفة كبيرة في الصراعات ذات الطابع الاجتماعي، كما تستخدم كوسيلة لعقاب الأطفال الراغبون في الانقطاع عن الدراسة حيث يهدد الطفل من طرف أحد والديه بذلك إذ يقال له “إذا تبطل القراية تسرح بالمعزات أو النعجات أو البقرات” أو باللغة العربية إذا أردت الانقطاع عن الدراسة فسيكون مصيرك الرعي بالماعز أو بالأغنام أو بالأبقار، وهذه الأمثلة لا تحمل في مضمونها سوى جانب سلبي، ومن خلالها يظهر بصفة واضحة أن التهميش الذي أصاب هذه المهنة قد نجح في تأسيس مسكنه في المناخ الذهني للمجتمع التونسي وحتى في المعارف، وهو ما يعسر علينا مهمة استقصاء هذا الأمر بطريقة كافية، ولهذا الأمر سوف نقوم باستحضار بعض المواقف المتفرقة التي جاءت بطريقة قليلة في بعض المصادر، وعلى قلَتها فإنها مهمَة جدَا في مدلولها على هامشية مهنة الرعي.
فأما الموقف الأول، ينيرنا به الوزير السرَاج في مؤلفه الحلل السندسية…، وقد خصَ هذا الموقف أبو محمد يونس بن محمد الورداني الذي تلقَى العلم من سحنون بن سعيد واشتهر بالصَلاح والتقوى وكان له موقف مناهض للمذهب الشيعي حيث يقول في شأنه “ولمَا دخل عبيد الله الشيعي إفريقية وغلب التشيُع على أهلها جمع أبو محمد هذا أهله وقال لهم أن أمر هؤلاء القوم قد اشتهر فأمَا أن تتركوني أفرُ بديني الى بلاد لا حكم لهم عليها وأمَا أن أحمل نفسي على الاشتغال برعي البقر لعلَي أسلم من فتنتهم، فعظم ذلك عليهم ورأوا أن رعي البقر خير لهم من مفارقته فأجابوه الى ذلك فكان يحمل مصحفه معه ويبتعد عن العمران ويقبل على القراءة فإذا جنَ الليل أقبل بالبقر الى منزله وربَما أراد بعض النَاس زيارته فإذا رآهم من بعيد صاح وهرول يريهم أن في عقله اختبالا…”[29].
لئن أظهر هذا الموقف رفض المذهب الشيعي وقواعده والدفاع عن المذهب السُني فإنَ التعبير عن هذا الرفض كان باختيار أقصى درجات العقاب حسب ما يوحي به النَص، وهو مغادرة الوطن وترك العائلة أو الالتجاء الى رعي البقر، وهذا الموقف في حد ذاته يعكس الجانب الدوني لهذه المهنة الى درجة أن هذا الرَجل الصالح كان مؤمنا بها كونها الملاذ الأخير والوسيلة المثلى للفرار بدينه والنَجاة من التَتبُع والملاحقة والعقاب الذي سوف يطوله من طرف السلطة الجديدة، ويزداد الأمر يقينا من خلال تفاجئ أفراد عائلته حين اجتمع بهم لتقديم هذا المقترح، وكأنَ عقولهم لم تستوعب فكرة تنازله عن الوقار والصلاح والشٌهرة التي تكسبه سيط كبير في بناء مكانة معتبرة داخل المجتمع له ولعائلته لفائدة الاشتغال برعي البقر الذي يساهم في انحطاط هذه المكانة، وحتى أنَ وقوع اختيار العائلة على هذا الحل كان من أبغض الحلال، كما أن هذا الموقف حثَ بعض النَاس على زيارته في بيته بمبدأ صلة الرَحم، وهذه الزيارات تفضح انطباعات هؤلاء النَاس وإحساسهم بحدوث شيء غريب، وكأنَ ما فعله انحراف عن قواعد المجتمع.
يظهر جليٌ في هذا السياق أن الوعي الجماعي متفق على نقص عقولهم وعدم الإيمان بذكائهم وقلة حيلتهم وبعدم تأثيرهم في الشأن العامَة وضعف مواقفهم، والوعي بهذا التهميش هو الذي جعل هذا الرَجل يتقمَص دور الرَاعي كطريق الى النجاة، ورغم أن هذه المهنة نالت شرفها كونها من المهن التي اشتغل بها الأنبياء والرسل إلا أن ذلك لم يشفع لها من العقاب الذي نالته حتى من رجال الدين أنفسهم رغم أن الاقتداء بالأنبياء والرسل كان من أبرز شروط الإسلام بصفة عامة والإيمان بصفة خاصَة.
أمَا بالنسبة للموقف الثَاني، فقد هلَ به علينا ابن أبي الضياف في اتحافه وضمَنه في فصل مآثر حمودة باشا الحسيني، ناقلا إياه عن والده الحاج بالضياف حيث يقول “ومن أخباره أنه يقول في مجالسه علنا، ويشتهي أن ينقل عنه، لا أبغض أحدا من أهل بلادنا إلا البطَال الذي لا نفع فيه للوطن ولو برعي البقر”[30]، نفهم من خلال هذا الموقف الذي صدر عن الباي حمودة باشا أن الغاية تحمل نفس إيجابي هو الحث على العمل والتشجيع عليه وهذا هو أصل الموقف، لكن هذا التشجيع كان على حساب مهنة الرعي، وذلك من خلال الدعوة الى الالتجاء إليها اضطرار، وتؤكد صيغة التفضيل التي تضمَنها هذا الموقف أن هذه المهنة كانت منبوذة وأن الأغلبية من المجتمع التونسي كانوا يتفادون الالتجاء إليها، خلال الفترة العثمانية، كما تؤكد أن الالتحاق بها أو الالتجاء إليها من الحلول الوقتية التي تعبر عن عجز بعض فئات المجتمع في الحصول على شغل معترف به اجتماعيا.
ومن بين المؤشرات التي تفيد تهميش هذه المهنة، هي أجورهم، إذ يؤكد ضعفها الى تلك الدرجة أنها تأتي في أدنى سلَم المهن مقارنة بالمجهود الذي يبذله الراعي والمخاطر التي تهدده والصعوبات التي يتعرَض لها، فلو عدنا الى وثائق الأرشيف سوف نكتشف قيمة ذلك الأجر فمثلا قدر أجر راعي الأبقار في سنة 1137هـ/1724م بـ 6 ريالات لمدة سنة[31]، أي بمعدل 0.5 ريال في الشهر وحوالي 0.75 ناصري في اليوم، وارتفع هذا الأجر الى 20 ريال في 1207هـ/1792م[32]، أي حوالي 1.75 ريال في الشهر، نلاحظ من خلال هذه الأرقام أن أجر الرَاعي كان متدنيَا جدا وحتى أنَه شهد تطورا في السنة الثانية بالتزامن مع فترة حكم حمودة باشا الحسيني باعتباره أهم البايات الذين شجعوا على الفلاحة بصفة عامَة[33]، إلا أنَ ذلك لم يكن مؤشر مناسب لحفظ كرامته في المجتمع.
كان الرُعاة موضع تحيل واستغلال من قبل البعض من أرباب القطيع، حيث وقع استغلال أوضاعهم المزرية وفقرهم الذي ساهم بنسبة كبيرة فيه ضعف أجورهم في اجبارهم على الرضوخ لتراتيب الذل التي وقع نصبها لهم من قبل هؤلاء، وتعتبر “السلفة المالية” أهم هذه التراتيب، وتتمثَل في تسبقة ماليَة يحصل عليها الرَاعي لتغطية حاجيات عائلته، وقد تتجاوز هذه السُلفة أجره بأضعاف مضاعفة وصلت بالقيروان الى 600 ريال[34]، الى درجة أنَه يصبح عاجز عن تسديدها إلا في شكل مجهود يمكن بذله لعدَة سنوات، ممَا يجعله في تبعيَة دائمة لصاحب القطيع، وفي صورة مخالفته ذلك يعرض نفسه للتَتبع العدلي.
خاتمة:
يمكن القول إذن أن التاريخ ظلَ ناكر لجميل ما قدَمته وما تقدمه سواعد الرُعاة، كما أن نظرة المجتمع كانت ولازالت تدوس بأقدامها على هذه المهنة، فاستهلاك اللحم تحضُر والرُكوب على الخيل “فانطازيا” وملكية القطيع مظهر من مظاهر الثَراء ولكن السواعد الضامنة لهذا كله وهم الرُعاة دائما كانوا في الدَرك الأسفل من التصنيف الاجتماعي، ويتطابق هذا مع مقولة متداولة كثيرا في الذَاكرة الشعبية وهي “يأكل الغلَة ويسبُ الملَة”، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المجتمع التونسي قد أحسن استعمال الآليات المناسبة ليس فقط لإقصاء دور الرُعاة وتهميش مهنة الرَعي وإنما كذلك للنزول بالفلاحة الى الحضيض وضرب الاقتصاد بصفة عامَة، ولم تؤثر الصورة القبيحة التي انتجها المجتمع التونسي حول الرعاة على الوضع الاقتصادي خلال تلك الفترة فقط بل ظل يتكبَد نتائجها الوخيمة الى حد اللحظة، ويعكس النفور عن الاشتغال في الميدان الفلاحي اليوم ذلك الوضع.
قائمة المصادر والمراجع:
- إبراهيم بن جمعة بلقاسم، الاقتصاد والمجتمع في الإيالة التونسية من 1861 الى 1864 من خلال محاضر محاكم الجنايات والأحكام العرفية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2002.
- ابن أبي الضياف، اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق لجنة من وزارة الشؤون الثقافية، تونس، الدار العربية للكتاب، 1999، المجلد الثاني، الجزء الثاني والثالث
- ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق محب الدين الخطيب، دار الريان للتراث، مصر-القاهرة، الطبعة الأولى، 1986.
4.ابن منظور، لسان العرب، بيروت لبنان، دار صادر، الطبعة الأولى، 1999، المجلد الثالث.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 10.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 1778.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 1780.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 205.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2184.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2358.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2362.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2367.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 389.
- الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 67.
- الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 29 bis، ملف 335، وثيقة 23/34541.
16.الأرشيف الوطني التونسي، حافظة 217، ملف 327، وثيقة 55.
17.الأرشيف الوطني التونسي، حافظة 217، ملف 327، وثيقة 82.
- الأرشيف الوطني التونسي، صندوق 0029 bis، ملف 348، وثيقة 54/33801.
- الأرشيف الوطني التونسي، صندوق 126، ملف 437، وثيقة 4717.
- الأرشيف الوطني التونسي، صندوق 136، ملف 494، وثيقة 1399.
21 الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير)، أشرف على طبعه زهير الشاوشن المكتب الإسلامي، بيروت الطبعة الثالثة، 1988.
- البخاري، صحيح البخاري، دار ابن كثير، دمشق-بيروت، الطبعة الأولى، 2002.
23.بيسونال، الرحلة الى تونس (1724)، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، مركز النشر الجامعي، 2003.
24.بيليسي، وصف ايالة تونس، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، تونس، دار سيناترا، المركز الوطني للترجمة، 2010، الطبعة الأولى.
25.روباربرنشفيك، تاريخ افريقية في العهد الحفصي من القرن 13 إلى نهاية القرن 15، ترجمة حمادي الساحلي، بيروت-لبنان، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1988، الجزء الثاني.
26.القاموس الجديد، تأليف علي بن هادية، بلحسن البليشي، الجيلاني بن الحاج يحي، تقديم محمود المسعدي، تونس-الجزائر، الشركة التونسية للتوزيع-المؤسسة الجزائرية للكتاب، 1987.
- القرآن الكريم، سورة النحل، الآية الخامسة والسادسة.
28.لخضر العربي، واقع الفلاحة في المغرب الأوسط على العهد الزيَاني (633هـ/1235م – 962هـ/1554م)، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في التاريخ الوسيط، إشراف أ. د. محمد بن معمر، جامعة وهران-1-أحمد بن بلة، كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، قسم التاريخ وعلم الآثار، 1438هـ-2017م/1439هـ-2018م.
29.لوسات فالنسي، الفلاحون التونسيون: الاقتصاد الريفي وحياة الأرياف في القرنين 18 و19، ترجمة مصطفى التليلي، تونس، دار سيناترا، المركز الوطني للترجمة، الطبعة الأولى، 2015.
- محمد بيرم الخامس، صفوة الاعتبار بمستودع الامصار والأقطار، دار صادر، بيروت، ص 119-120، الجزء الثاني.
31.المنجد في اللغة والأعلام، بيروت-لبنان، دار المشرق، الطبعة الثالثة والثلاثون، 1992.
- هنري دونان، مذكرة عن إيالة تونس 1856/1857، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، دار سحر للنشر، 2012.
- الوزير السرَاج، الحلل السندسية في الأخبار التونسية، مطبعة الدولة التونسية بحاضرتها المحميَة، 1287هـ/ الطبعة الأولى.
[1]ابن منظور، لسان العرب، بيروت لبنان، دار صادر، الطبعة الأولى، 1999، المجلد الثالث، ص 89.
– القاموس الجديد، تأليف علي بن هادية، بلحسن البليشي، الجيلاني بن الحاج يحي، تقديم محمود المسعدي، تونس-الجزائر، الشركة التونسية للتوزيع-المؤسسة الجزائرية للكتاب، 1987، ص 392.
– المنجد في اللغة والأعلام، بيروت-لبنان، دار المشرق، الطبعة الثالثة والثلاثون، 1992، ص 268.
[2]القرآن الكريم، سورة النحل، الآية الخامسة والسادسة.
[3] البخاري، صحيح البخاري، دار ابن كثير، دمشق-بيروت، الطبعة الأولى، 2002، ص 539.
[4] الألباني، صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير)، المكتب الإسلامي، بيروت الطبعة الثالثة، 1988، ص 219.
[5] لخضر العربي، واقع الفلاحة في المغرب الأوسط على العهد الزيَاني (633هـ/1235م – 962هـ/1554م)، أطروحة لنيل شهادة دكتوراه في التاريخ الوسيط، إشراف أ. د. محمد بن معمر، جامعة وهران-1-أحمد بن بلة، كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، قسم التاريخ وعلم الآثار، 1438هـ-2017م/1439هـ-2018م، ص 225.
[6]ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق محب الدين الخطيب، دار الريان للتراث، مصر-القاهرة، الطبعة الأولى، 1986، ص 516، الجزء الرابع.
– لخضر العربي، واقع الفلاحة في المغرب الأوسط على العهد الزيَاني، (633هـ/1235م-962هـ/1554م)، مصدر سابق، 225.
[7] ابن أبي الضياف، اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق لجنة من وزارة الشؤون الثقافية، الدار العربية للكتاب، ص 250، الجزء الثاني.
[8] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 67.
[9] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2358.
[10] المصدر نفسه.
[11] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 205.
[12] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2362.
[13] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2184.
[14] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 389.
[15]الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 1778.
[16] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 1780.
[17]بيليسي، وصف ايالة تونس، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، تونس، دار سيناترا، المركز الوطني للترجمة، 2010، الطبعة الأولى، ص 35.
[18] الوطن القبلي لا يقصد بها نابل ومناطقها في ذلك الوقت وإنما هي كلمة متداولة في باجة ومناطقها وتطلق على الساحل والوسط والجنوب ويطلقون كذلك بر القبلة أو البر القبلي.
[19]الأرشيف الوطني التونسي، السلسلة التاريخية، صندوق 29 bis، ملف 335، وثيقة 23/34541.
[20] الأرشيف الوطني التونسي، الدفتر 2367.
[21]بيسونال، الرحلة إلى تونس (1724)، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، مركز النشر الجامعي، 2003، ص 122.
ينظر كذلك:
– محمد بيرم الخامس، صفوة الاعتبار بمستودع الامصار والأقطار، دار صادر، بيروت، ص 119-120، الجزء الثاني.
– بيليسي، وصف إيالة تونس، مصدر سابق، ص 260-261.
– هنري دونان، مذكرة عن إيالة تونس 1856/1857، ترجمة وتحقيق محمد العربي السنوسي، دار سحر للنشر، 2012، ص 68.
– روبار برنشفيك، تاريخ افريقية في العهد الحفصي من القرن 13 إلى نهاية القرن 15، ترجمة حمادي الساحلي، بيروت-لبنان، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1988، ص 234-235، الجزء الثاني.
– لوسات فالنسي، الفلاحون التونسيون: الاقتصاد الريفي وحياة الأرياف في القرنين 18 و19، ترجمة مصطفى التليلي، تونس، دار سيناترا، المركز الوطني للترجمة، الطبعة الأولى، 2015، ص 303.
[22]إبراهيم بن جمعة بلقاسم، الاقتصاد والمجتمع في الإيالة التونسية من 1861 الى 1864 من خلال محاضر محاكم الجنايات والأحكام العرفية، كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، 2002، ص 77.
[23]الأرشيف الوطني التونسي، صندوق 0029 bis، ملف 348، وثيقة 54/33801.
[24] إبراهيم بن جمعة بلقاسم، الاقتصاد والمجتمع في الإيالة التونسية من 1861 الى 1864 من خلال محاضر محاكم الجنايات والأحكام العرفية، مصدر سابق، ص 78.
[25] المصدر نفسه، ص 78.
[26]الأرشيف الوطني التونسي، حافظة 217، ملف 327، وثيقة 55.
[27] الأرشيف الوطني التونسي، صندوق 126، ملف 437، وثيقة 4717.
[28]الأرشيف الوطني التونسي، حافظة 217، ملف 327، وثيقة 82.
[29]الوزير السرَاج، الحلل السندسية في الأخبار التونسية، مطبعة الدولة التونسية بحاضرتها المحميَة، 1287هـ/ الطبعة الأولى، ص 131.
.[30] ابن أبي الضياف، اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق لجنة من وزارة الشؤون الثقافية، تونس، الدار العربية للكتاب، 1999، المجلد الثاني، ص 78، الجزء الثالث.
[31] أ. و. ت، الدفتر 10.
[32] ا. و. ت، الدفتر 1778.
[33]ابن أبي الضياف، اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، تحقيق لجنة من وزارة الشؤون الثقافية، تونس، الدار العربية للكتاب،1999، المجلد الثاني، ص 78، الجزء الثالث.
[34] الأرشيف الوطني التونسي، صندوق 136، ملف 494، وثيقة 1399.