أقام مركز جيل البحث العلمي أمسية يوم الجمعة 26 فبراير، تحت إشراف وإدارة رئيسته أ.د. سرور طالبي، ندوة افتراضية نوقش فيها كتاب عضو اللجنة العلمية بمجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية الباحث الجزائري الأستاذ الدكتور العربي دين والموسوم بـ “قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمحدثين”، وذلك بمشاركة أسماء أكاديمية جزائرية من جامعة مولاي الطاهر في سعيدة تمثلت في: أ.د. حاكم عمارية، مديرة مخبر الترجمة والتأويل في ظل التواصل متعدد اللغات، د. شعيب يحيى، د. بومدين قدوري وأ.عبد اللاوي نجاة وكذلك د. خثير عيسى من جامعة عين تموشنت ود. حمزة بوجمل من المركز الجامعي بأفلو. كما ساهم في التنظيم كل من رئيسة تحرير المجلة د. غزلان هاشمي، والباحث الجزائري عدنان لكناوي.
افتتحت الأستاذة سرور الندوة بالترحيب بكل الحضور سيما أعضاء اللجنة العلمية للمركز من الجزائر العراق ومصر، وبالسادة الأساتذة المحاضرين وكذا الطلبة والمهتمين قائلة: ” نجتمع في هذا اليوم المبارك لتكريم أحد أفراد أسرة تحرير مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية منذ العدد الثاني لصدورها في مارس 2014، وهو الأستاذ الدكتور العربي دين، قامة علمية جزائرية غنية عن التعريف، لم يبخل على المجلة بتقديم الدعم العلمي لطاقمها والسهر معنا لتحكيم المقالات وتوجيه الباحثين وتصويب أخطائهم، فله منا أسمى عبارات الشكر والتقدير”، وواصلت ” الأستاذ العربي دين عضو هيئة تدريس جامعة الدكتور مولاي الطاهر في سعيدة غرب الجزائر، جامعة فتية من حيث تاريخ التأسيس لكن عريقة من حيث الأسماء الكبيرة المنتسبة إليها والتي نتشرف بتواجدها معنا في هذه الندوة”.
ثم أحالت الكلمة إلى رئيسة تحرير المجلة الدكتورة غزلان للتعريف بالكاتب وبمؤلفه، والتي قالت: “بداية أرحب بالحضور الكرام، السادة الأساتذة الطلبة وكل مهتم، اليوم نجتمع من أجل مناقشة كتاب عضو لجنتنا العلمية أ.د. دين العربي الموسوم بـ”قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمحدثين”، والذي يعد من أنشط الأعضاء وأكثرهم حضورا وتفاعلا وتجاوبا، اسم رفض أن يمركز اهتمامه في إطار تخصصي أكاديمي ضيق، مفضلا ارتياد مغامرة البحث والكتابة والتقييم والتقويم في عوالم معرفية شتى تجمع بين اللغة والنقد والأدب بهمة عالية ودون تبرم أو كلل، اسم مسؤول بكل ما تحمله هذه الكلمة من صرامة وأمانة ..، فليتفضل مشكورا من أجل تقديم ملخص حول كتابه “.
قدم الأستاذ العربي ملخصا حول كتابه، حيث وضح فيه أنه “دراسة لحركة التصحيح اللغوي منذ القديم إلى اليوم، تتناول جهود القدماء في هذا المجال مع دراسة أشهر كتب اللحن القديمة والحديثة، حاول فيه التعرف على المواقف حيال الخطأ في اللغة ،والمواقف المختلفة تجاه مسألة التطور اللغوي”.
هذا وبين أن المؤرخين قسموا الدراسات اللغوية العربية إلى فترتين، الأولى فترة القدماء ، والثانية فترة المحدثين ،وهذا التقسيم ساعد على تطبيق المناهج اللغوية الحديثة على النصوص القديمة، وعلى دراسة المؤثرات عليها ..، فالفترة الأولى حسب رأيه اهتمت بموضوع اللحن الذي ظهر داخل المجتمع العربي بسبب انخراط العجم في المجتمع الإسلامي بفضل الفتوحات الإسلامية، إذ حاول البعض إنقاذ اللغة من خلال استنباط قوانينها الصحيحة وتأليف الكتب بشأنها ترصد الفاسد من الصحيح في اللغة المستعملة، وكانت هذه الجهود منطلقا أساسيا للدراسات اللغوية الحديثة.
وأما الفترة الثانية فاعتمد اللغويون فيها على المناهج الغربية الحديثة، وكان لظهور اللسانيات الأثر الكبير في تغير النظرة إلى اللغة ،غير أن معظم الدراسات اكتفت برصد الأخطاء وتكرار ما ورد في دراسات الفترة الأولى، إذ أهلمت بعض المناهج وهذا الأمر كان مدعاة لتأليف هذا الكتاب.
انطلاقا من ذلك اعتمد الباحث في الفصل الأول على المنهج التاريخي، وعالج في الفصل الثاني الأوضاع السائدة للغة العربية في العصر الحديث، مرتكزا في ذلك على المنهج الوصفي، بينما تناول في الفصل الثالث موضوع التصويب اللغوي في العصر الحديث مبرزا جهود البعض في هذا الميدان، وأما الفصل الرابع فوضح فيه موقف الدراسات اللغوية الحديثة من موضوع اللحن.
بين الباحث أن أهمية عمله تكمن في محاولته تأسيس موضوع التصويب اللغوي الحديث في إطاره الألسني، محاولا التفريق بين اللحن والتطور اللغوي.
ثم أحالت الأستاذة سرور الكلمة إلى المحاضرة الأولى، حيث قدمت أ.د. حاكم عمارية، مداخلة موسومة ب”التصويب اللُّغوي الحديث في إطاره الألسني من منظور دين العربي من خلال كتابه، قضية التصويب اللُّغوي في العربية بين القدماء والمحدثين”، بينت فيها أن اللسانيات قد مهدت السبيل لكثير من الباحثين للخوض في معظم البحوث والموضوعات التي تتصل باللغة، ومن بين هذه المواضيع قضية التصويب اللغوي التي قام الباحث الدين العربي بمعالجتها في كتاب عنونه ب” قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمحدثين”، هذا المؤلف الذي قسمة إلى أربعة فصول ممنهجة حسبما تطلبته طبيعة البحث، وقد تعمق الباحث في قضية التصويب اللغوي، موضحا للمتلقي دواعي هذا التصويب عند القدماء، ومظاهره، محددا معايير التخطيء، مبرزا العلاقة بين اللحن واللهجة واللغة، وهذا الفصل نعتبره من منظورنا بحثا في علم اللغة الاجتماعي، أو كما يصطلح عليه باللسانيات الاجتماعية التي تعد اللغة واللهجة واللحن إضافة إلى التنوع وتطور اللغة من أهم ما تتوجه إليه بالدراسة والتحليل. ولم يقف الباحث الدين العربي عند قضية من قضايا اللسانيات الاجتماعية والتخطيط اللغوي، بل إنه قد تفطن إلى قضية أخرى؛ وهي الترجمة ووسائل الإعلام التي تعد من العوامل الأساسية التي أثر في سلامة اللغة العربية على وجه التحديد”.
فحسب قولها تعد” قضية الارتجال في النطق هي الأخرى من أهم القضايا التي تتطلب الوقوف من أجل دراستها لتحديد مواطن الخطأ والصواب التي تستدعي إعادة النظر من أجل الارتقاء باللغة نطقا وكتابة، لذلك فقد أوكل الباحث العربي دين إلى فكره وقلمه مهمة معالجة قضية التصويب اللغوي، مستوحيا بعض المناهج اللغوية الحديثة من اللسانيات لاستثمارها في معالجة هذه القضية.”
بناء على ذلك، حاولت الأستاذة عمارية أن تستجلي النتائج القيمة التي توصل إليها الباحث وذلك بغرض الاستفادة منها فيما تعلق بقضية التصويب اللغوي الحديث في إطاره الألسني من خلال كتابه.
أما الدكتور خثير عيسى فقد قدم مداخلة تحت عنوان “التلازم الصوتي بين العامي والفصيح ومجالات التصويب :من خلال كتاب “قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمعاصرين للدكتور دين العربي بين فيها ” إن وجود ثنائية لغوية ركناها الفصحى والعامية أمر مألوف في كل لغات الشعوب، ولكل منهما ميدان استعمال متمايز عن ميدان استعمال الأخرى، واللغة العامية كثيرا ما تكون أصولها منحدرة من اللغة الفصحى، وبذلك كانت اللغة العامية في بعض البلدان العربية هي لغة أصيلة تعرضت مفرداتها لمؤثرات النحت، والقلب، واللحن، والإبدال، والزيادة، والاختزال، والتصحيف، والتحريف على نحو ما نجده في العامية الجزائرية أو في غيرها من العاميات المنحدرة من العربي الفصيح، وهذا يجعل التلازم اللغوي لا يعني الثنائية اللغوية أو الاستصحاب اللغوي وإنما هو ذلك التقارب اللغوي بين العامية والفصحى؛ ليصبح تفصيح العامي، بحيث يتمكن المستعمل للغة من فهم المعنى اللغوي بيسر؛ لأنّه سبق له وأن استعمله بأداء خاص في البيت وفي محيطه، وإن غيّر في مكوناته الصوتية أو الصرفية أو النحوية أو المعجمية، وعندها لا يشعر هذا المستعمل بأنّه تحوّل إلى لغة أخرى مخالفة ومغايرة لما تعوّد عليه، وإن كانت تغيرت بعض الخصائص الصوتية أو الصرفية أو المعجمية نتيجة لذلك التقارب بين الأصوات” .
وضح د.عيسى أن هذه الدراسة البحثية الجادة التي قدمها الدكتور دين العربي “تصب في هذا المجال من المعاجلة والدراسة والتمحيص في التصويب اللغوي وفق معطيات صوتية راعى فيها تلك الخواص الصوتية التي تتميز بها اللغة العربية دون غيرها من اللغات، إذ استطاع الباحث أن يدرك التلازم الصوتي بين العادات النطقية لدى العربي قديما وبين الفصيح، فهو قديم جدا، فذلك العربي الذي نطق بالإمالة والآخر بالتفخيم والذي نطق بالهمز والآخر بالتخفيف، والذي كان يميل إلى الكسر والآخر إلى الضم أو الفتح من شأنه أن يجعل عملية تحديد الفصيح عسيرة وشاقة؛ لأنّها تصب من معين واحد فيكون التلازم الصوتي بين العامية والفصيح لاعتبارات قد تعود لعادات نطقية أو انحرافات صوتية لظروف وعوامل متداخلة، ومن هنا ستكون مداخلتنا عن أهمية الدراسة البحثية للدكتور دين العربي واستعانته بالدرس اللساني الحديث في تفكيك هذه العملية المعقدة من التلازم الصوتي بين العامي والفصيح وتحديد الفصيح من العامي وتصويب اللغوي حين يحدث الخلط في الاستعمال” .
وأما د. شعيب يحيى فقد قدم مداخلة تحت عنوان “معايير التصويب اللغوي من خلال كتاب (قضيَّة التصويب اللغوي في العربية)”، وضح فيها أنَّ قضيةَ التصويب اللُّغوي تعد من القضايا الهامة في لغتنا العربية، إذ حسب رأيه” لها دورٌ جليل في تجلية الصواب من الخطأ، وقد ألَّف فيها علماءُ كثيرون من القديم والحديث، وكان لكل كتابٍ لَمْسَتُهُ الخاصة التي يتميّز بها. وبين أيدينا في هذه المداخلة كتابٌ جليلُ القدر عظيمُ الفائدة، بعنوان: (قضيّة التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمعاصرين) للأستاذ الدكتور دين العربي. وهو كتابٌ حاوَلَ صاحِبُهُ جاهِداً أنْ يحصُر كل الدراسات السابقة في قضية التصويب اللغوي وأن يُصنّفها في اتجاهات مُنْفَصِلَة، مع تحليلِ كُلِّ اتجاهٍ على حِدَة، وذكرِ ما يتميّز به من خصائصَ وسماتٍ تُفرده عن غيره من الاتجاهات، بأسلوبٍ يجعلها واضحةَ المعالم قريبةً إلى الفهم للباحث المهتم”.
هذا وبين أن ما استرعى انتباهه وهو يتصفَّحُ هذا الكتابَ” أنَّ هذه الاتجاهاتِ ما تبايَنَتْ إلا لتبايُن ما تَتَبَنَّاه من مَعايير وأسُس، فكانَ لكُلِّ اتجاهٍ معاييرُه التي يَنماز بها. فحاولنا في هذه المداخلة أن نطرُقَ هذا الجانبَ ونجمَع هذه المعاييرَ جملةً واحدة، وذلك تحت عنوان: معايير التصويب اللغوي من خلال كتاب (قضيَّة التصويب اللغوي في العربية).”
ففي رَأْيه تعد “معاييرَ التصويب هي أسُّ القضايا في هذا المجال، لأنَّ المرجعَ إليها في الاحتكام، والفضلَ لها في استقامة الكلام.واللافتُ أنَّ صاحبَ الكتاب قد ذكَرَ معايير التصويب اللغوي مَرَّتَيْن، مرةً مفصَّلة في آخر الفصل الثالث، ومرةً مُجمَلةً في أوَّل الفصل الرابع، لما تُشكِّلُهُ مِنْ أهميةٍ للبَحْث جَعَلَته يُبدئ فيها ويُعيد.
كما أنَّ بعضَها قد اتَّفَقَتْ عليه كلُّ اتجاهاتِ التصويب اللغوي، وبعضَها اخْتَلَفَتْ فيه. فكان لبعض الاتجاهات معاييرُ وَسَمَتها بالتشدُّد، وكان لاتجاهاتٍ أخرى معاييرُ وَسَمَتها بالتساهُل أو التوسُّط. والظاهرُ أنَّ صاحبَ الكتاب كان وَسَطِيَّ الاتجاه، وقد جَعَل الاحتكامَ في التصويب اللغويّ يمرّ عبْرَ معايير متعاقبةٍ طِبقا لما ذكره مطلَعَ الفصل الرابع.”، حيث وضح أنه باستطاعتنا أن نُرتِّبَ تلك المعايير في ثلاثةِ محاورَ أساسية:
الأوَّل: الاحتكام إلى السماع.
الثاني: الاحتكام إلى القياس.
الثالث: الاحتكام إلى التخريج.
هذا وقدم د.حمزة بوجمل مداخلة موسومة بـ”الأسس الصوتية للتصويب اللغويّ في العربية”، حيث قال فيها: “إنّ ما يتوجّب على الناظر في قضايا التصويب اللغويّ، معرفةُ خصائص اللغة العربية والاطلاع على عوامل تطورها، وما ساهم في تهذيبها ونضجها وبلوغها مرحلة الكمال، نحو: عدم اختلاطها باللغات الأخرى، واعتمادها على المشافهة التي بقيت ملاصقة لها زمنا طويلا، منذ نشأتها إلى قبيل نزول القرآن الكريم، وتقلّبها وتطورها في ظل مدٍّ وجذبٍ ساهما في استقرارها وعدم تشظّيها في شكل لغات جديدة؛ مدّ القبائل التي تفرّقت في شبه الجزيرة واستقلّت كلّ منها بقياسها وذوقها في استعمال اللغة، وجذب المناسبات الدينية والأسواق الأدبية، الذي عمل على تواصل القبائل والوصول إلى لغة مشتركة فصحى.
وتكشف هذه المداخلة عن خصائص التشكيل الصوتي للعربية، والثنائيات الصوتية المقبولة والمرفوضة، والمقابلات الصوتية، وقوانين تغيراتها الصوتية، وخصائص النسج المقطعية، واتخاذ كلّ ذلك أساسا للتوجيه والتصويب اللغوي، واعتمادها معطيات حاسوبية لتصحيح النطق والكتابة.
كما تحاول في هذا السياق الإشارة إلى حدود اللغة العربية المقبولة، وما يتميّز به نظامها ومستويات استعمالها، ومفهوم اللهجات في الدرس اللساني الحديث، والتغيرات اللغوية بين الرفض والقبول”.
أما د. بومدين قدوري فقد قدم مداخلة موسومة بـ” مناهج المدارس النحوية في التصويب اللغوي من منظور كتاب قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمعاصرين ـ دراسة مقارنة”
بين فيها أن المدارس النحوية تعد “المنهج الأصيل لتعلم لغة العرب وذلك لما تحويه من مناهج واستنباطات متفرعة من أشعار العرب وخطبهم مع اختلافات بينها مابين آخذ وتارك، ومستنبط ومفرّع، ولذلك نجد اختلافات كثيرة بين علماء هذه المدارس بصرية كانت أوكوفية، ومصرية أوبغدادية… فترى هذا يرد على ذاك، والآخر يخطئ الذي قبله ممّا كون عندنا زادا علميا وتنوعا لغويا يجنح كل طرف فيه إلى تنزيه لغة القرآن من اللحن والخطأ.
ولقد شغل التصحيف والتحريف أذهان علماء اللغة؛ ذلك أنّ الخطأ الذي ترتب عليه قد انعكس على النطق اللغوي بقراءة الكتابة ورواية القراءة؛ وقد اهتم العلماء به لذلك، إذ رأوا فيه خطراً يهدد اللغة وعيباً يؤاخذ عليه فاعله هذا من جهة، ومن جهة أخرى رأوه وباء يهدد القرآن الكريم وقراءاته، بل عدّه أغلبهم عار يلحق من يصدر عنه، وقد بدأ التصحيف والتحريف وانتشر بحيث لم يقتصر أمر هذه الظاهرة على العوام من القراء أو النُساخ والوراقين، بل تفشت بين العلماء أنفسهم، كما قال حمزة الأصفهاني"قد فضح التصحيف والتحريف في دولة الإسلام خلْقاً من القضاة والعلماء والكتاب والأمراء وذوي الهيئات من القراء.
وقد ذكر المؤلف في كتابه الذي بين أيدينا مناهج كل مدرسة في التصويب اللغوي، وكذا نماذج لهذا التصويب الأمر الذي جعلني أقف عنده لأقارن بين منهجية كل مدرسة من المدارس النحوية ومن كان لها السبق لحماية اللغة العربية من اللحن، وكذا طريقة كل مدرسة في رد الخطأ واللحن وذلك من خلال مداخلتي”.
قدمت الأستاذة عبد اللاوي نجاة مداخلة بعنوان “أوجه التشابه والاختلاف بين التصويب اللغوي عند القدماء والمحدثين من خلال كتاب قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمعاصرين”.
بينت فيها أن التصحيح اللغوي يعدُّ من الموضوعات ذات الأهمية البالغة؛” حيث نجده يهدف إلى صيانة اللغة العربية من انتشار العيوب والأخطاء فيها. فهو علم قائم على دراسة اللغة العربية من العيوب فيها، فهو يصون المتحدث به والمعرَج مكتوبا مما خالط مفرداته من تراكيبها وأساليبها. وبهذا يعدُّ التصحيح اللغوي عبارة عن إزالة ما به من عيوب أو أخطاء في التكوين والإعراب أو علامات الترقيم، وسلامة اللغة.
وعلى هذا الأساس حظي التصويب اللغوي بمكانة مميزة ؛ حيث ألف له العديد من العلماء والباحثين أمثال فضيلة الدكتور العربي دين في كتابه الموسوم بـ قضية التصويب اللغوي في العربية بين القدماء والمحدثين” الذي لقي رواجا كبيرا في الساحة اللغوية، وكان له أهمية كبيرة باعتبار أن هذا النوع من الكتب تحتاجه المكتبات التعليمية بكثرة، من أجل الاستفادة من هذا الموروث العلمي المتميز”.
انطلاقا من ذلك بنت مداخلتها على جملة إشكاليات هي: ما المقصود بالتصويب اللغوي؟ ماهي الأهمية التي يتميز بها؟ ماهي أوجه الاختلاف والتشابه بين التصويب اللغوي عند القدماء والمحدثين من خلال كتاب قضية التصويب اللغوي بين القدماء والمحدثين للدكتور دين العربي؟.
حيث قالت: “وفق هذا الطرح الذي يشير إلى قضية جوهرية ومركزية سأعالج في ورقتي البحثيــة ــ إن شــاء الله ــ مفهوم التصويب اللغوي، موضحة أهميته في خدمة وصون اللغة العربية، معرجة على أوجه التشابه والاختلاف بين التصويب اللغوي عند القدماء والمحدثين من خلال هذا الكتاب الثري ،وأختم ورقتي البحثية بأهم النتائج المتوصل إليها”.
أجاب المحتفى به الأستاذ الدكتور العربي دين عن الكثير من الاستفسارات، ورد على التعقيبات التي وردت في مداخلات السادة المحاضرين والحاضرين، فمن بين الملاحظات المقدمة ما وجهه الدكتور خثير عيسى من تنبيهات حول ترتيب ذكر المستويات في هذا الكتاب: النحوي الصوتي والصرف…حيث تساءل هل هذا الترتيب منهجيا ؟ أليس من الأجدى أن نقدم الصوتي عن الصرفي؟ هذا وطرح سؤالا في صيغة رجاء وطلب: حيث بين أنه ومن منظور الباحث المرحلة الطويلة التي قطعها العرب مشافهة ثم تدوينا جعلت الأمور تتغير وتختل، إذ مع المشافهة كانت الفصاحة لكن مع التدوين صار اللحن، فما دور الاستعمال اللغوي في تحصين اللغة ؟ لماذا لا يقدم تجاربه واقتراحاته من أجل ضمان هذا التحصين؟ هذا وعقب على الفكرة السابقة مبينا أن عصر التدوين لم يفسد العربية بل قيدها ،والدليل نجده الآن، حيث المحاضر يقع في أخطاء لا يقع فيها الكاتب الذي يعود إلى نصوصه ويتكفلها بالتمحيص والمراجعة.
أما الأستاذة الدكتورة عمارية حاكم فبينت أننا في الجزائر نجهل منتوجات بعضنا بسبب غياب التواصل المعرفي والفعاليات التي تحتفي بالمنجزات العلمية الجزائرية، هذا واعتبرت الكتاب مرجعا مهما لقضية التصويب اللغوي، وردا على التساؤل السابق المتمثل في: ماهي الحلول الناجعة التي يمكن اعتمادها من أجل الحفاظ على العربية؟ ، قالت: “نحن نطلب المستحيل بسبب أوضاعنا الراهنة التي لا تشجع على الحرية في البحث” ، لذلك اقترحت فتح مشروع حول التصويب اللغوي وأن يكون كتابه مرجعه للطلبة والباحثين”.
وضمت رئيسة المركز الأستاذة الدكتورة سرور طالبي صوتها إليها، ووضحت أن الاحتفاء والتعريف بالمنتوجات العلمية يفترض أن تتولاه المؤسسات الجامعية التي ينتمي إليها الباحث من خلال عقد ندوات أو الترويج لها في مواقعها الرسمية ومختلف الأوعية المتاحة إليها، وأما بخصوص الاقتراح المتعلق بفتح مشروع حول التصويب اللغوي، أبدت الأستاذة سرور استعدادها التام وكل طاقم مركز جيل لمد يد المساعدة في تجسيده، كما أضافت أنه لا بد من الخروج بتوصيات ترفع أمام الجهات المعنية لتقرير إدراج مقياس التصويب اللغوي ضمن المقررات الجامعية في جميع الاختصاصات، للرفع من المستوى اللغوي للطلبة وتجويد أبحاث تخرجهم.
هذا واقترح الدكتور حمزة بوجمل مشروع حوسبة التصويب اللغوي إذ ضم صوته إلى المناقشين، وأثار عدة قضايا منها قضية الموضوعية.
كما علقت الدكتورة غزلان في ختام الندوة بالقول: أشكر لجميع الحضور حسن تجاوبهم وجميل إسهاماتهم رغم صعوبة التواصل وضعف النت، معذرة لأني لم أشارككم صورة وصوتا بسبب فشل التفعيل، بالنسبة لمقترح د. حاكم كل ندواتنا ذات طابع دولي، فقط الحظ هو الذي جعل مداخلات اليوم جزائرية بامتياز”.
وفي الأخير شكرت الأستاذة سرور الضيف المكرم الأستاذ العربي دين على قبوله للدعوة وعلى كل ما بذله من جهد لإنجاح مشروع المجلة كما شكرت المحاضرين والحاضرين ودعتهم لحضور الندوات المقبلة والخاصة بتكريم أعضاء اللجنة العلمية للمركز والتعريف بمنجزاتهم ومؤلفاتهم العلمية.