
دور التدقيق المالي والإداري في المرفق العمومي
The role of financial and administrative audit in a public facility
من إعداد الدكتور سعيد العزوزي Elaazzouzi Saïd
باحث في العلوم السياسية والعلوم الإدارية والمالية وجدة، المغرب
بحث منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 44 الصفحة 141.
الملخص:
إن الهدف من هذا البحث حول التدقيق هو إظهار أهمية هذه التقنية الرقابية في تفعيل التدبير المالي والإداري ، مما يؤدي إلى تغيير سلوك أجهزة الدولة بالشكل الذي ينعكس على الأجهزة العمومية وبعض المفاهيم المتداولة، ويعتبر التدقيق ومنذ أكثر من ثلاثة عقود مرادفا للموضوعية، أما في الوقت الحاضر فهو بمثابة آلية من الآليات التي تساعد الهيئات والمنظمات على اتخاذ القرارات الاستراتيجية ، وارتبط ظهور التدقيق في الإدارة العمومية بشكل مباشر بالتعقيدات التي عرفتها و ماتزال تلك الأجهزة و الهيآت العمومية، مما أدى إلى ظهور نوع من المخاطر المتمثلة في غالب الأحيان في الاحتيال والغش داخل الهيئات الإدارية، إضافة إلى سوء التسيير الذي تفشى بشكل في القطاع العام والهيئات وشبه العمومية بما فيها الهيئات الخاضعة لوصاية الدولة وعلى رأسها الجماعات الترابية، ومن هنا تظهر أهمية التدقيق باعتباره آلية من آليات المراقبة والتسيير إلى توفير مجموعة من المعلومات والمعطيات الموضوعية ذات الصلة بعمل الهيئات والأجهزة الإدارية، ومن ثم تحقيق الفعالية والنجاعة .
الكلمات المفتاحية: التدبير المالي-التدقيق المالي-الفعالية-النجاعة –المصداقية-التدبير الإداري
Abstract:
Businesses outside of contracts are considered synonymous with situations, but at the present time it is a port and fax of two structures in the public administration directly with the complications which are known, and these agencies and public bodies are still, which shows the emergence of a kind of risks represented by the majority of all the offices inside the administration offices, In addition to the internal mismanagement, clearly within the public sector and the bodies subject to state jurisdiction, including the territorial A job belonging to the university, drawing in its mission, and drawing in its mission and stopping it.
المقدمة:
يتطلب مبدأ دولة الحق والقانون، وكذلك الشفافية والحكامة وتخليق الحياة العامة في التدبير المالي والإداري خلق أجهزة عمومية فعالة و ناجعة وذات مصداقية في علاقتها بالمواطن، من خلال خضوع جميع الأعمال والمشاريع العامة الصادرة عن تلك الوحدات الإدارية للرقابة التي تعتبر أمرا طبيعيا في كل مجتمع بشري[1]،من خلال الإشراف والفحص والتتبع من جانب سلطة أعلى لها حق التعرف على كيفية سير عمل الهيئات والوحدات الإدارية، والتأكد من الاستخدام الأمثل والسليم للأموال العمومية، إلا أن الإصلاحات الهيكلية التي عرفتها أجهزة الدولة جعلت الرقابة التقليدية غير قادرة على مواكبة تلك الإصلاحات، مما تطلب البحث عن تقنيات حديثة أكثر تطورا وفعالية، أهمها التدقيق المالي والإداري. ويمكن تعريف التدقيق بأنه تقييم مستقل لكل عمليات التسيير، والتدبر، والمراقبة الداخلية لمنظمة معينة في القطاع العام أو الخاص، للتأكد من مدى احترام السياسات والمساطر المتبعة، باعتماد المعايير الموضوعية، واستخدام الموارد بشكل فعال لتحقيق الأهداف المحددة المتمثلة في الفعالية والحكامة المالية والإدارية، وغالبا ما يستند التدقيق إلى مقاربة شمولية نقدية استقرائية، من أجل تحقيق الشفافية في التعامل مع الظواهر موضوع الدراسة والتحليل، بهدف تحقيق الفعالية والديمقراطية بشتى أنواعها[2]. ويختلف مفهوم التدقيق عن الرقابة الكلاسيكية في مواطن مختلفة وعديدة، سواء من حيث الزمان وطريقة العمل، وحتى القواعد العلمية والاقتصادية المعتمدة في مراقبة مالية وإدارية معينة.[3] ورغم أن التدقيق عملية رقابية حديثة التطبيق إلا أن أصوله قديمة تعود إلى الحضارات القديمة المصرية والفرعونية، وعرف تطورات مهمة في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية خاصة في جوانبه النظرية والتطبيقية، كما برز التدقيق في شكله الحالي في فرنسا سنة1256،خلال إنشاء غرفة محاسبة باريس التي انتهى دورها بعد الثورة الفرنسية بعد إحداث المجلس التأسيسي للثورة، الذي تولى مراجعة الحسابات العامة بعد إنشاء مكتب الحسابات سنة 1791.لتتوالى التطورات والإصلاحات التي عرفها هذا الجهاز إلى غاية صدور دستور 1958 الذي وسع من مهام هذه المحكمة التي أصبحت تتمتع باختصاصات واسعة قضائيا وإداريا وتقوم بافتحاص وتدقيق التصرفات المالية للآمرين بالصرف. كما عرفت هذه الرقابة في المغرب سيرورة تأسيسية منذ الاستقلال بإحداث اللجنة الوطنية للحسابات بظهير 14 ابريل 1960 قبل إحداث المجلس الأعلى للحسابات بمقتضى القانون 12.79 الصادر بتاريخ 14 شتنبر 1979 كهيئة قضائية مستقلة دون أن يكون لعملها الفعالية والنجاعة في الواقع العملي، من جانبه شكل دستور 2011 نقلة نوعية بتخصيصه بابا كاملا للحكامة الجيدة،مما دفع القائمين على الشأن العام إلى تبني التقنيات الحديثة في التدبير العمومي من خلال ترسيخ الشفافية والمحاسبة وربط هذه الأخيرة بالمسؤولية.أهمية الدراسة:
لموضوع التدقيق أهمية وراهنية على اعتبار أن الرقابة والتقييم من المواضيع الهامة في ظل تزايد الاهتمام والمطالبة بتجويد العمل الإداري والمالي وتفعيل أدواته،بهدف الحفاظ على المال العام من الهذر والتبذير وترشيد النفقات العمومية، عن طريق معالجة الاختلالات والصعوبات، واقتراح الحلول الكفيلة بتفعيل البنية الإدارية في جميع جوانبها .مشكلة الدراسة:
من خلال التطرق لأهمية الموضوع وملامسته تبدو ملامح الإشكالية الرئيسة التي سيتم تحليلها ومعالجتها في هذه الدراسة، على اعتبار أن التدقيق أصبح له أهمية متزايدة في تسيير وتدبير الأجهزة الإدارية والمؤسسات العمومية، كما أصبحت للأجهزة الرقابية دورا هاما في تدقيق العمليات المالية والتسيير الإداري، ولذا كان لابد من تحليل ودراسة هذا الموضوع انطلاقا من الإشكالية التالية : ما دور التدقيق في ترسيخ الفعالية في التدبير العمومي؟ وتنبثق عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية نكتفي بذكر بعضها: -ماهي أسباب اعتماد التدقيق في القطاع العام؟ -ماهي التقنيات التي يعتمدها التدقيق؟ -ماهي الأجهزة المكلفة بممارسة التدقيق؟ منهجية الدراسة: يعتبر المنهج بمثلبة السيرورة والكيفية المتبعة من قبل الباحث للوصول إلى الحقيقة العلمية، وهو عبارة عن مجموعة من الخطوات المعتمدة على الاستدلال والحقيقة والنتيجة، ونظرا للأهمية المتعددة الجوانب لموضوع التدقيق، تتطلب معالجة الإشكالية المطروحة الاستعانة ببعض المناهج العلمية أهمها: – المنهج الوظيفي الذي يمكننا من تحديد أهمية ووظيفة التدقيق كتقنية رقابية حديثة، كما نتمكن من خلال هذا المنهاج من معرفة الأجهزة والهيئات المكلفة بممارسة هذه التقنية الرقابية الحديثة ودورها في تحقيق الفعالية الرقابية من خلال تقنية التدقيق. -المنهج التحليلي الذي من خلاله نستطيع تحليل وتفكيك عناصر الإشكالية المطروحة. فاعتماد هذه المناهج العلمية أملته مجموعة من الاعتبارات أهمها طبيعة الإشكالية المطروحة، فضلا عن موضوع البحث الذي يعتبر ذو أهمية وراهنية.خطة البحث أو الدراسة:
سنحاول من خلال هذه الدراسة التطرق إلى ماهية وأنواع أنواع التدقيق والمناهج أو التقنيات التي يعتمدها عليها، ثم نتناول بع ذلك مجالات تطبيق التدقيق والأجهزة الممارسة له وذلك وفق التقسيم التالي: المطلب الأول: المقاربة المفاهيمية والنوعية للتدقيق. المطلب الثاني: مجالات تطبيق التدقيق والأجهزة الممارسة له: المطلب الأول: المقاربة المفاهيمية والنوعية للتدقيق أدى تراجع النظام المالي والمحاسبي القائم على منطق الوسائل والمتسم بغياب الفعالية،إلى ضرورة اعتماد تقنيات وإيجاد طرق جديدة في تدبير الأموال العمومية، بحيث يعتبر التدقيق ومراقبة التسيير أهم التقنيات الرقابية الحديثة التي أدت إلى نجاعة وفعالية أكثر في القطاعين العمومي والخاص، ومن هنا لابد من التطرق إلى مفهوم التدقيق ومزاياه(الفرع الأول) ،لنتحدث بعد ذلك عن أنواع التدقيق ومناهجه(الفرع الثاني). الفرع الأول: مفهوم ومزايا التدقيق ظهر التدقيق في الدول الأنجلوساكسونية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومعناه التفتيش أو الرقابة والتحقق. وتهدف هذه الآلية إلى كشف الاختلالات المالية والوظيفية من أجل ترشيد وعقلنه التسيير والتدبير الإداري بشكل عام، إضافة إلى تنبئها بالحاجات والمخاطر التي قد تحدث ومن ثم منعها،أما المفهوم اللاتيني للتدقيق فهو الاستماع، والإصغاء والانتباه، وبالتالي فإن تعريفي المدرستين مختلفين تماما، فمصدر مصطلح التدقيق لاتيني، وهي مشتقة من كلمة Audit وتعني الإنصات والاستماع. واذا كان الفقهاء قد اختلفوا في تعريفاتهم للتدقيق، إلا أن ذلك لا يؤثر جوهريا على مضمونه أو الوظائف التي يقوم بها، وقد تعددت التعاريف منها ما يهم الجانب الوظيفي ومنها ما يهتم بالجانب النظري، مما أدى إلى غياب الإجماع بين الفقهاء والباحثين والمتخصصين، فهناك من يستعمل كلمة افتحاص أو تدقيق، في حين يستخدم البعض الآخر عبارة المراجعة أو الرقابة، و هذا ما ينطبق على الدول العربية إذ على الرغم من انتمائها للمجموعة العربية للرقابة المالية إلا انه لا يوجد تعريف وقاموس موحد حول استخدام تقنيات ومفاهيم محددة حول التدقيق[4]. ومن جانبه حسم المشرع المغربي في هذه القضية من خلال الفصل 76 من القانون رقم 95.17 المتعلق بشركات المساهمة الذي ترجم كلمة Audit بالتدقيق[5] ،على الرغم من أن جانبا مهما من الباحثين لازالوا يستخدمون مصطلح الرقابة المالية أو الافتحاص في كتاباتهم وإسهاماتهم العلمية، كما يوجد هناك تداخلا نسبيا بين التدقيق وبعض المفاهيم الأخرى مثل مراقبة التسيير، وهذا لا يمنع من رصد الفوارق المميزة لكل منهما سواء من حيث التقنيات المستعملة أو التوقيت المعتمد بالإضافة إلى الأهداف المراد تحقيقها، وإذا كانت مراقبة التسيير تتداخل مع التدقيق إلا أن هناك تمايزا بينهما على مستوى التطور التاريخي، حيث أن رقابة التسيير ليست قديمة، بحيث كانت الأزمة الاقتصادية لسنة 1929 السبب الرئيسي الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى اعتماد تقنية مراقبة التسيير داخل المقاولات من اجل تقليص كلفة الإنتاج مع تجنب أسباب التبذير. وما يميز مراقبة التسيير عامة هو إعطاؤها الأهمية والأولوية لتحقيق عقلنه التقنية الاقتصادية ،بهدف الرفع من الفعالية والمردودية والنوعية في الإنتاج ولا تهتم فقط بالتحقق من حسن تنفيذ المخططات والتصاميم، بل تسعى الى اتخاذ اجرءات تصحيحية لمكامن الخلل في المسطرة المتبعة لتحقيق الأهداف المسطرة[6]، ورغم الاختلاف بين التقنيتين إلا أن هناك تكاملا بينهما، على اعتبار أن المراقب أو المدقق عادة ما يساهم في رقابة التسيير أثناء قيامه بمهامه التدقيقية،فالتدقيق من جهة، هو عملية تدخلية إيجابية قريبة من الرقابة، ومن ناحية أخرى، هو عملية سلبية تعتمد على الاستماع والإصغاء القريبة من التقييم. و من جانب آخر ولتحقيق الفعالية والنجاعة سواء لدى المصالح الإدارية أو الأجهزة العليا للرقابة، وإعطائها مزيدا من الاستقلالية، كان لابد من تعزيز هذه الآليات والأجهزة الرقابية من خلال إعطائها مزيدا من السلطات وتفغيل الآليات الرقابية الفعالة، لتحقيق وتعزيز الحكامة الجيدة، تفعيلا لمقتضيات دستور2011 لتعزيز دور الأجهزة الرقابية على المستوى المحلي والمركزي، وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وترسيخ الشفافية المالية وعدم الإفلات من العقاب. وعلاوة على ما سبق، ورغم غياب الإجماع يمكن تعريف التدقيق بأنه تقييم مستقل لكل عمليات التسيير والمراقبة الداخلية لمنظمة معينة في القطاع العام أو الخاص، للتأكد من مدى احترام السياسات والمساطر المتبعة. وعموما يمكن القول أن التدقيق هو مجموعة من الأنشطة المستقاة، التي تتم داخل المرفق العمومية لمساعدة هذه الأخيرة على تحمل مسؤوليتها من اجل تحقيق مزيدا من الفعالية والشفافية، بحيث يضع رهن إشارة المنظمات والهيئات العمومية كل التحاليل والمعطيات التقديرية المهمة والتوصيات ،ومن ثم يمكن اعتبار التدقيق بأنه نشاط تقويم مستقل يعمل بصفة أساسية في موضوعات المحاسبة المالية،فضلا عن أنشطة تقويمية استراتيجية وتنظيمية ووظيفية.[7] وظهرت الحاجة إلى التدقيق في ظل مجموعة من التطورات والإصلاحات التي عرفتها هياكل الدولة، مما يتطلب خلق ثقافة تدبيرية عصرية مقاولاتية داخل القطاع العام، خاصة وان الظروف أصبحت مواتية لذلك أمام التحولات والإصلاحات التي عرفتها ولا تزال الإدارة المغربية، من اجل تعزيز الرقابة الداخلية والخارجية وترشيد النفقات العمومية، فالاختلالات المالية وعملية النهب للمالية العمومية،غالبا ما تؤدي إلى تعثر التنمية الشاملة ،كون أن تلك الأموال المنهوبة لو تم توظيفها في المشاريع المنتجة على الوجه الصحيح لساهمت في الإقلاع الاقتصادي ودعم جهود التنمية،وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بتوافر الإرادة السياسية الحقيقية لدى القائمين على تدبير الشأن العام في القضاء على الفساد ونهب الأموال العامة ، فضلا على تحلي المدققون بروح المسؤولية أثناء قيامهم بمهامهم[8]،مما يؤدي إلى خلق أجهزة إدارية فعالة وذات مصداقية،كما أن المراقبة بواسطة التدقيق لابد من تعزيزها ودعمها بوجود موظفين عموميين يتحلون بالضمير المهني وأدائهم لمهامهم بشكل فعال، على اعتبار أن عنصر الموظف النزيه قد يكون مكملا للعمليات الرقابية والتقييم في القطاع العمومي وشيه العمومي. الفرع الثاني :أنواع ومناهج التدقيق ينقسم التدقيق إلى أنواع عدة، أهمها التدقيق المالي، والتدقيق العلمياتي (الفقرة الأولى)،ويعتمد كل نوع من هذه الأنواع على منهجية وتقنيات من أجل تقويم وتقييم الهيئات والمنظمات العمومية (الفقرة الثانية). الفقرة الأولى: أنواع التدقيق سنناول في هذه الفقرة التدقيق المالي (أولا) والتدقيق الاستراتيجي والعملياتي إلى جانب أنواع أخرى يتم تقسيمها حسب الجهة التي تمارسه ،ودرجة الإلزام ،فضلا عن الغرض من عملية التدقيق (ثانيا ). أولا: التدقيق المالي يعتبر التدقيق المالي من أقدم أنواع وأشكال التدقيق، ويهتم بمعرفة مدى تطابق الوثائق والمستندات المالية للهيئات والإدارات العمومية مع وضعيتها المالية، واحترامها لمبادئ المحاسبة المعمول بها [9]،والكشف عن الاختلالات المالية داخل المنظمة العمومية والمؤسسات الخاضعة لوصاية الدولة، والعمل على معالجتها من أجل تحسين تدبير وتسيير تلك الهيئات والمنظمات والأجهزة الإدارية عموما وتوجيهها لتفادي المخاطر المستقبلية. ويعمل المدقق المالي بشكل مستقل ومحايد عن الجهات الخاضعة للتدقيق والمراقبة، بحيث يدلي بمجموعة من البيانات المالية للهيئة والمنظمة الخاضعة للتدقيق والتفتيش، التي تعكس الوضعية لتلك الأجهزة والهيئات[10]، ويعطي رأيه الصريح حول مصداقية عملها من عدمه بكل شفافية واستقلالية، على اعتبار إن المجال المالي هو مجال دقيق يصعب تحقيق مردوديته و نجاعة أداءه، سواء تعلق الأمر بالتحصيل أو إنفاق الأموال العمومية، دون وجود سلطة مستقلة تسهر على إجراء التدقيق المالي كشرط أساسي في التدبير العمومي المستند على مستلزمات الحكامة الجيدة، خاصة أن الآليات الرقابية الحديثة أبانت على فاعليتها في كل من القطاع العام أو الخاص بدل آليات الرقابة الكلاسيكية. ثانيا :التدقيق الاستراتيجي والعلمياتي يعتمد التدقيق الاستراتيجي على مقاربة شمولية تتجاوز تلك المعتمدة في المراقبة الكلاسيكية، والقائمة على زجر المخالفين،من خلال التركيز والاعتماد على تقويم الاختلالات ومعالجتها وإصلاحها لمساعدة الأجهزة الإدارية على تجاوز الصعوبات التي تعاني منها وتجنب المخاطر المستقبلية، في حين تعتبر مرجعية المراقبة قانونية، بينما مرجعية التدقيق هي وجودية وقياسية تتجاوز حدود مطابقة التسيير الفعلي مع القواعد القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل[11]، والتي يمكن اعتبارها متجاوزة أمام التطورات والإصلاحات الهيكلية التي رفقتها أجهزة الدولة. ومما سبق، يمكن القول أن مهمة التدقيق هي إخبار وتوعية الأجهزة الإدارية بالمخاطر العامة،والاختلالات التي قد تعرفها تلك الأجهزة في التدبير المالي والمحاسبي، من اجل تجاوز المشاكل البنيوية والعمل على إيجاد الحلول اللازمة للصعوبات والمشاكل من خلال مخطط عقلاني مدروس بدقة، عن طريق اعتماد تحليل منطقي وعميق للاختلالات المالية والإدارية التي تعيق التدبير المالي،والمحاسبي، والتنظيمي للأجهزة الإدارية. وغالبا ما يتم تطبيق التدقيق الاستراتيجي على المؤسسات والمقاولات العمومية، لما لهذا النوع من التدقيق من أهمية ومكانة، مقارنة مع الأنواع الأخرى، فهو ينصب على اختيار مجموعة من الهيئات العمومية، من خلال دمجها مع محيطها بافتراض بعض الأساليب المتميزة وتفعيلها مع مناهج العمل[12]،في حين يتجلى دور التدقيق العلمياتي في الفحص المنهجي للمنظمة أو الوحدة الإدارية، من خلال النظر إلى الأهداف والغايات، من أجل تقييم انجازات هذا الجهاز الإداري، والقيام بتدقيق الممارسات التي تعيق الإنتاج والفعالية، والتوصية بمعالجتها وتحسين ظروف عملها[13]،من خلال التقصي و البحث في الأعمال التي تقوم بها المنظمة أو الهيئة الإدارية، دون تفصيل على مسلك وعرض الحسابات، والهدف من ذلك هو تقييم طريقة عملها وكيفية تحديد الأهداف وإنجازها، وتحديد المخاطر والمعيقات التي تحد من تحقيق أهداف الهيئة أو المنظمة[14]،من أجل مساعدة تلك الأجهزة الإدارية والمؤسسات العمومية، في التحكم في عملياتها والرفع من أدائها، مما يجعل هذا النوع من التدقيق يتسم بالشمولية في تقديم البنيات والهياكل الإدارية وسير الإجراءات والمساطر الداخلية. كما يعتبر هذا النوع من التدقيق ذو الهدف الموسع[15]. وعموما يمكن القول أن التدقيق ينقسم إلى عدة فروع، حسب الجهة التي تمارسه إلى تدقيق داخلي وخارجي، الذي تتولاه مجموعة من الهيئات والمنظمات والخبراء المتخصصون المستقلون التابعون لتلك الهيئات والمنظمات[16]، من أجل الوقوف على حسن سير العمليات وحماية الأموال من الهذر والضياع وترشيد النفقات العمومية، في حين فان التدقيق الخارجي الذي تمارسه الهيئات الخارجة عن الأجهزة الإدارية العمومية، بحيث تختلف الجهات التي تمارسه بحسب ما إذا تعلق الأمر بالتدقيق التعاقدي أو القانوني[17]، بحيث يعتمد هذا الأخير على مراقبة الحسابات عن طريق التوثيق والمصادقة، أما التدقيق التعاقدي فهو غالبا ما يتم بين المدقق والهيئة الخاضعة للمراقبة والفحص. يتضح مما سبق، أن للتدقيق أهمية بالغة في التدبير المالي والإداري، إذ بدونه لا يمكن تسجيل أية معلومة نقدية أو بيانات عن سير كافة المنظمات العمومية، خاصة وان التدقيق يتجاوز بشكل كبير المحاسبة المالية الصرفة ليمتد ويشمل المجالات الإنسانية من تنظيم،وقانون،وتدبير،واستراتيجية ،وموارد بشرية وثقافية ،وتواصل وتقييم وقيادة[18]،معتمدا في ذلك على مجموعة من المناهج والتقنيات. الفقرة الثانية: مناهج وتقنيات التدقيق يعتمد التدقيق على مجموعة من المناهج والتقنيات من أجل الاستغلال الأمثل والحسن للموارد المالية وغيرها من موارد الأجهزة العمومية، وذلك من خلال تقييم الأنشطة المالية بهدف تحقيق مجموعة من النتائج المتمثلة على الخصوص، في احترام السياسات والمخططات والقوانين والأنظمة المعمول بها،فضلا عن صيانة الممتلكات العمومية والاستعمال الأمثل والفعال للموارد المالية، من اجل تحقيق الأهداف المتوخاة من كل نشاط وبرنامج عمومي، كما يسعى التدقيق إلى محاربة الغش والأخطاء وتجويد المستندات المالية والحسابية، التي يمكن الرجوع إليها كمعلومات مالية موثوق بها[19]،ومن ثم فالهدف الأساسي من التقنيات المعتمدة في عملية التدقيق هي تنبيه الجهات القائمة على تدبير الشأن العام المالي والإداري، بالمخاطر العامة والخاصة،التي يمكن أن تعيق العمل الجيد لأية منظمة أو هيئة عمومية، فضلا عن المشاكل الهيكلية والبنيوية التي تعترضها. من خلال التطبيق الصارم لتقنيات ومناهج التقويم وتقييم السياسة المالية العمومية من أجل تحقيق الفعالية والنجاعة والحفاظ على المال العام، ومن ثم تكون المردودية لدى الأجهزة الإدارية والهيئات العمومية في أحسن حال، على اعتبارها استراتيجية ومطلب يمكن تحقيقه من خلال التقيد واحترام القوانين والأنظمة السارية المفعول ، وتشمل تقنيات التدقيق أيضا عملية مراقبة وفحص العمليات المنجزة والوثائق المرفقة، والدفاتر المالية الخاصة بالمصالح العمومية،كما تعتبر عملية إعداد وتدقيق مطابقة القوانين المعمول من أهم العمليات التي تتم في عين المكان، إلى جانب تقييم النتائج المعتمدة في تدقيق العمليات المالية والمحاسبة. ومن أجل ذلك عملت بعض الدول، مثل المغرب وفرنسا على إدخال مجموعة من الإصلاحات الهيكلية لتكون أكثر ملائمة مع التطورات المحلية والدولية، بحيث جاءت تلك الإصلاحات من اجل تفعيل عمل المصالح والهيئات العمومية، مما يستوجب البحث عن آليات للتسيير والتدبير المالي والإداري أكثر فعالية وعصرية تواكب تلك التطورات، ولتحقيق ذلك كان لابد من تفعيل الأجهزة الرقابية وإعادة النظر في عملها ومنهجيتها، ففي المغرب مثلا تم تحديث جل الأجهزة الرقابية وإدخال آليات التدقيق المالي ضمن برنامجها الرقابي، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة المالية، من خلال تطوير وتفعيل مناهج وتقنيات عمل تلك الأجهزة، ومن ثم تفعيل التدبير المالي والإداري لدى الأجهزة الإدارية والمؤسسات الخاضعة لوصاية الدولة[20]، مسايرة للتوجه العام السائد بعد صدور دستور 2011. ومن خلال ماسبق، يمكن القول أن الهدف الأسمى والأساسي من عملية التدقيق هو التدبير الجيد والفعال للأموال العمومية على المدى البعيد بالارتكاز على النتائج المحققة بدل الوسائل، مع الآخذ بعين الاعتبار تحقيق الفعالية على جميع الأصعدة، وهو الدور يجب أن تلعبه أجهزة المراقبة والتدقيق من خلال مراقبة الوظائف داخل الهيئات العمومية، لمساعدتها على أدائها مهامها على أحسن ما يرام، معتمدة في ذلك على مجموعة من التقنيات والمناهج المتعددة والمتنوعة كما اشرنا سابقا، ذات خصوصية كبيرة بالنظر إلى الأهداف التي تسعى إصلاحات الدولة إلى تحقيقها[21]. وعموما فالتدقيق له دور هام في تحقيق الفعالية والنجاعة في المرافق العمومية ،من خلال الكشف عن حالات اختلاسات الأموال العمومية، والإهمال وإسراف المال العام، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجتها ومساعدة المنظمة والهيئة العمومية على تخطي تلك الصعوبات من خلال مجموعة من الاقتراحات والحلول العلاجية، التي يقدمها المدقق لتلك الهيئات وهي العملية التي تعتمد بالخصوص على التشخيص المبدئي لظروف عمل الهيئة والقيام بعد ذلك بالتدقيق الميداني يليه عملية تقييم النتائج. المطلب الثاني: مجالات التدقيق والأجهزة الممارسة له تتطلب الفعالية الرقابية ورقابة الفعالية، تجاوز التقنيات الرقابية الكلاسيكية واعتماد تقنيات جديدة أهمها التدقيق المالي (الفر الأول)، لتجاوز تلك الاختلالات التي تحد من الفعالية الرقابية للأجهزة التي تمارس عملية الرقابة بواسطة التدقيق (الفرع الثاني). الفرع الأول: مجالات التدقيق لا يمكن الحديث عن الفعالية داخل الأجهزة الإدارية والهيئات العمومية، التي يجب أن تلعب دورا هاما في تقويم وتقييم الاختلالات الوظيفية والمالية، التي تعاني منها عملية التدبير والتسيير المالي والإداري، إلا أن واقع الحال اظهر عدم قدرة تلك الأجهزة على القيام بأدوارها في ظل الرقابة الكلاسيكية، مما تطلب تجنيد جل الطاقات والتقنيات الرقابية الحديثة وعلى رأسها التدقيق لتحقيق التدبير الجيد داخل الأجهزة الإدارية والمنظمات العمومية، وتفعيل عملها أكثر فأكثر خاصة وأن التدقيق قد أظهر نجاعته ونجاحه في القطاع الخاص . مما أدى إلى تكييفها في جل الأنظمة المالية في العالم لتجاوز الصعوبات التي عرفتها الرقابة التقليدية، وما رافقها من مشاكل على مستوى التدبير المالي والإداري، وتنامي ظاهرة الديون الخارجية في الدول النامية التي أعاقت مجموعة من المشاريع التنموية، التي أدت غياب الشفافية وتعاظم تبعية تلك الدول إلى المؤسسات المالية على رأسها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن تم فقدانها الاستقلالية في القرار السياسي على المستوى المحلي والوطني، على الرغم من تدخل تلك المؤسسات المالية العالمية لتحث تلك البلدان على اعتماد العولمة والفعالية، من خلال تكييف التقنيات الجديدة وعلى رأسها التدقيق المالي الذي يرتكز على التنمية الاقتصادية والشمولية، والحكامة الجيدة وهي شروط تفرضها تلك المؤسسات لضمان الاستخدام الأمثل للقروض التي تقدمها لهذه الدول، خاصة وان التقنيات الرقابية الجديدة تعتمد على التقييم لتحقيق الفعالية الرقابية وتقييم النتائج بدل الوسائل. وهكذا نجد أن التدقيق تم تكييفه في مجموعة من المجالات أهمها المجال المالي والإداري، وتتمكن الرقابة الحديثة من خلال التدقيق في تحديد نقط القوة والضعف داخل المنظمات والهيئات الإدارية ،كما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا، فهو يعكس حالة التكييف مع البيئة الخارجية والداخلية للجهاز العمومي، ويعتبر اختيار درجة الموافقة للخطط والسياسات والبرامج المالية المعمول بها، من خلال عملية التدقيق المالي التي تؤدي إلى كشف المخالفات المالية والتلاعبات،التي قد تعرفها الهيئات العمومية، والمؤسسات الخاضعة لوصاية الدولة، بما فهيا الجماعات الترابية التي تعمل في ظل اللامركزية الإدارية وتتمتع بنوع من الاستقلال المالي، ويتمكن المراقب أو المدقق من جمع الأدلة اللازمة والكافية التي تثبت المخالفات والقرائن عن الاختلالات المالية والوظيفية، ويضمن ذلك في تقرير نهائي يبدي فيه المراقب رأيه بكل استقلالية وحيادية ،ويقوم من خلاله بتثبيت صحة البيانات أو يتحفظ على البعض منها أو يرفضها جملة وتفصيلا. من جانب آخر يعتمد التدقيق الإداري على مجموعة من الوسائل والتقنيات مثل عملية التكوين والمساعدة، أي مساعدة الإدارة في الكشف عن الخروقات والصعوبات، باعتماد منهجيات دقيقة وفعالة مثل دراسة الحالات والملفات والعمل داخل المجموعات المتخصصة، لبيان ما إذا كانت الموارد المتاحة تمكن من تحقيق النتائج ومطابقة الأهداف مع النتائج المحققة، كما يلعب التدقيق دورا هاما في تقييم الموارد البشرية بحيث اجمع علماء الإدارة على أن هذه الأخيرة تجمع بشري، يتكون من مجموعة من الأشخاص الذاتيين المنتمين إلى الجهاز الإداري أو المنظمة العمومية، التي يعملون بها دون أن يفقدوا استقلالهم الذاتي أو الشخصي، إذ يحتفظون بأنانيتهم وحبهم للسلطة والتحكم التي تعتبر من طبائع البشر [22]. كما تتجلى أهمية الموارد البشرية في جميع الأنشطة الإدارية، بحيث تظهر على جميع الأصعدة والمستويات والمراحل التي يعرفها العمل والنشاط الإداري،بحيث ظهر علم يعرف بإدارة الموارد البشرية الذي يعد حقلا هاما من حقول العلوم الإدارية نتيجة التطور الذي عرفه[23]، من خلال النظر إلى العنصر البشري بعين الأداة المحركة أو الموجهة لعناصر الإنتاج[24]، ويتضح مما سبق ذكره، أهمية التدقيق في مجالات عدة، خاصة في المجال المالي، والبشري، والإداري، وكلها مجالات هامة وخصبة لممارسة عملية التدقيق والمراقبة القائمة على النتائج بدل الوسائل، من أجل الكشف عن الاختلالات المالية والوظيفية،التي تعيق التسيير المثالي والتدبير الفعال داخل المنظمات والأجهزة الإدارية، ومن تم تقديم مجموعة من الحلول الناجعة لتجاوز تلك الصعوبات الاختلالات مستقبلا، ومن ثم تصبح الأجهزة الإدارية ذات فعالية ومصداقية ونجاعة أكثر لتكون عنصرا فعالا، وجعل المرفق العمومي يؤدي خدمات متعددة ومتنوعة ،و يساهم في التنمية الشاملة داخل المجتمع. الفقرة الثانية: الأجهزة الممارسة لعملية التدقيق عملت مديرية المؤسسات العمومية بوزارة المالية المغربية على إحداث لجان دائمة للتدقيق التي تشكلت من ممثلين عن وزير المالية، التي تمارس الرقابة الإدارية على المؤسسة المعنية. كما كانت وزارة الفلاحة من جانبها السباقة إلى ذلك، بحيث خضعت المكاتب الجهوية للتنمية الفلاحية والصندوق الوطني المهني للحبوب والقطاني ومؤسسات أخرى لعملية التدقيق، بحيث امتدت هذه التجربة بعد ذلك إلى قطاعات أخرى مثل قطاع السكن، والماء والكهرباء، والنقل الحضري. كما عرفت المشاريع الممولة من قبل الأمم المتحدة بالمغرب برسم سنة 2006،وبناء على رسالة من وزير الخارجية والتعاون إلى المجلس الأعلى للحسابات الذي قام بتدقيق مايناهز 25 مشروعا، ممولا من قبل برنامج الأمم المتحدة للتنمية، ومشروعا واحدا ممولا من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبناء على ذلك قام المجلس بالإشهاد على حسابات 25 مشروعا بمبلغ يناهز 25 مليون دولار موزعة على مجموعة من القطاعات الوزارية والأجهزة العمومية ،كما تم تدقيق المشاريع الممولة من قبل صندوق الأمم المتحدة للسكان، تبعا لرسالة رئيس الصندوق الموجهة إلى الرئيس الأول للمجلس بتاريخ 26/01/2008 الذي قام بتعيين قضاة للمجلس الأعلى للحسابات بمهام رقابية في هذا الإطار همت 26 مشروعا، وانجاز 22 تقريرا، حيث تم الإشهاد على 24 مشروعا من بين 26 دون تحفظ، في حين تم الإشهاد على مشروع واحد بتحفظ، وتوصلت هذه العملية التدقيقية إلى ملاحظات هامة حول أوجه صرف المال العام الخاصة بمشاريع ممولة من قبل المؤسسات الدولية، إذ أن تدقيق وتقييم هذه المشاريع يصب ي تكريس الحكامة الجيدة في تدبير المال العام وكذا تحديث الرقابة للرقع من جودة التدبير العمومي. كما عملت مجموعة من الدول الأخرى على وضع آليات للتدقيق داخل الهيئات الإدارية، ففي فرنسا على سبيل المثال صدرت مذكرة الوزير الأول ومرسوم وزاري رقم 775-2011، من أجل تجديد الآليات الرقابية لتصبح مطابقة مع المعايير المهنية للتدقيق الداخلي. كما أدت الإصلاحات التي شهدتها هياكل الدولة الفرنسية إلى تعزيز دور الهيئات الرقابية العليا حتى تتمكن من مواكبة الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي عرفتها الدولة. وشكلت التقارير التي أنجزتها تلك الهيئات اللبنة والأرضية التي تم اعتمادها لتحقيق الإصلاحات العميقة في مجال الرقابة الإدارية والمالية، وأهم ما جاء في تلك التقارير أن التدقيق الداخلي هو بمثابة الآلية التي يجب اعتمادها لتحقيق الإصلاحات الخاصة بالرقابة الإدارية والمالية وتجديدها ومن ثم تحقيق الفعالية، والنجاعة، والمصداقية[25]. ومن الأمثلة على ذلك عملية التدقيق التي شهدتها مجموعة من المؤسسات والمقاولات العمومية الفرنسية والتي باشرتها المفتشية العامة للمالية في جزيرة كورسيكا، بحيث كان الهدف منها هو تشخيص دقيق ومفصل لكيفية صرف الأموال العمومية، وتضمنت التقارير التي تم انجازها تبعا لذلك مجموعة من الاقتراحات والتوصيات للجهات المعنية باتخاذ القرار،كما يمكن الحديث عن عملية التدقيق المالي الذي عرفته إحدى مستشفيات مدينة بونيفاسيو الفرنسية، بحيث أفضت تلك العملية التي باشرتها مفتشية وزارة الصحة إلى انجاز تقرير تمت إحالته إلى الوزير الوصي، حيث تضمنت التشخيص الصارم للوضعية المالية للمؤسسة المذكورة ،كما حددت المسؤوليات على ضوء تلك القرارات التي اتخذتها إدارة المستشفى للقيام بمجموعة من الإصلاحات والأشغال داخل المؤسسة بشكل عشوائي، دون احترام الأهداف المحددة في هذا البرنامج، وأن النفقات كانت مرتفعة جدا مقارنة بما هو مسطر.[26] ويتضح مما سبق أن هدف التدقيق، هو التدبير الجيد للأموال العمومية على المدى البعيد مرتكزا على النتائج المحققة، مع الأخذ بعين الاعتبار تحقيق الفعالية على جميع الأصعدة، وهذا هو الدور الرائد الذي يلعبه التدقيق بشكل خاص والتقنيات الرقابية الحديثة الأخرى بشكل عام، بحيث ترتكز مراقبتها بالخصوص على الوظائف داخل الهيئات العمومية لتمكينها من القيام بمهامها على أحسن ما يرام، معتمدة على طرق متنوعة ومتعددة وهي مهام ذات خصوصية كبرى بالنظر إلى الأهداف التي تسعى إصلاحات الدولة تحقيقها[27]. ومما تجذر الإشارة إليه هو أن العملية الرقابية بواسطة التدقيق لا تقدم الحلول لجميع المشاكل التي تتخبط فيها الهيئات والأجهزة الإدارية، وأقصى ما يمكن أن يقوم به الكشف فقط عن الضعف ومكامن الخلل الذي تعاني منه لتعزيز التسيير الإداري عن طريق تجاوز تلك الهفوات والاختلالات المالية والوظيفية، من خلال التوجيه والتركيز على الجانب المالي الذي يعتبر أكثر أهمية من الجوانب الأخرى، خاصة المشاريع التي تم إنجازها أو هي في طور الإنجاز من قبل الحكومة، والتي تخصص لها مجموعة من الاعتماد المالية لتنفيذها وإنجازها، كما هو مسطر ومحدد، لتفادي الاختلاسات المالية التي قد تعرقل تلك المشاريع التنموية. والسبب الرئيسي في غياب الرقابة الفعالة راجع إلى عدة عوامل أساسية، فالوضع السياسي مهم جدا في توجيه المنظومة المالية ومراقبتها وتقدمها، على اعتبار أن النظام السياسي والإداري غالبا ما يعمل على دعم النمط التدبيري الذي يخدم توجهاته وأهدافه، كما أن الأجهزة العليا للرقابة المالية التي يفترض أن تلعب دورا في تفعيل التدبير الإداري والمالي،أصبحت أدوارها تقتصر على الجانب الاستشاري فقط، ويتجلى ذلك في غياب تفعيل التوصيات والاقتراحات التي تقدمها هذه الأجهزة للسلطات السياسية والإدارية فغالبية التقارير المقدمة من قبل المفتشية العامة للمالية، والمجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات لم يتم تفعيلها لأسباب عدة والتي غالبا ما تكون سياسية، كما أثبتت الممارسة العملية ضعف الأجهزة الرقابية نظرا للطبيعة التقنية التي تكثسيها رقابة الأموال العمومية، التي تستوجب الكفاءة والخبرة، فالمجلس الأعلى للحسابات يقع في موقع ضعف نظرا للاحتكار السياسي للآليات والتوجهات الرقابية ، على اعتبار أن العامل السياسي هو عامل بنبوي تتداخل فيه مجموعة من المصالح. وبالتالي تبقى الرقابة الإدارية التي يقوم بها القاضي المالي مجرد رقابة إخبارية، تنتهي بإعلان النتائج التي أسفر عنها التحقيق و تبليغها عند الاقتضاء إلى السلطات الإدارية التي تمتلك صلاحية اتخاذ الإجراءات اللازمة، ولا يحق للقاضي المالي أن يتخذ بنفسه الجزاءات في حق المخالفين، فأقصى ما يمكنه فعله هو نشر نتائج أشغاله بموجب تقارير عامة وخاصة يسمح له القانون بإعدادها، مما تسبب في ظهور مجموعة من الاختلالات المالية والوظيفية الهامة داخل مجموعة من المؤسسات العمومية، تمثلت في الفضائح المالية التي عرفتها تلك المؤسسات مثل صندوق الإيداع والتدبير، وصندوق الضمان الاجتماعي، والقرض العقاري والسياحي، ومؤسسة العمران، بالاضاقة إلى الاختلالات والاختلاسات المالية التي عرفتها بعض المؤسسات العمومية الأخرى مثل شركة كوماناف للملاحة البحرية، كما عرفت بعض الجماعات الترابية مجموعة من الفضائح المالية وتفويت مجموعة من الصفقات العمومية بشكل مخل للقانون، ولم بتابع المسؤولين عن تلك الاختلاسات المالية، ولم يخضعوا للمساءلة القانونية أو المتابعة القضائية، وهذا يتطلب تفعيل النتائج المترتية عن التدقيق والرقابة المالية من خلال الضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه التلاعب بالمال العام حتى يكون عبرة للآخرين. من جانب آخر خضعت مجموعة من المشاريع التنموية لعملية التدقيق من طرف الأجهزة الرقابية التابعة لوزارة المالية المغربية والمحاكم المالية، خاصة تلك الممولة من قبل المنظمات المالية الأجنبية، إذ عرف هذا المجال أكبر تدخل من جانب الهيئات الرقابية، كما تبين الإحصائيات والأرقام المنجزة إضافة إلى الإحصائيات الرسمية الخاصة بوزارة المالية والاقتصاد التي أظهرت أن عملية التدقيق قد عرفت خلال الفترة الممتدة بين سنة 1998 و2009 ارتفاعا في تدقيق المشاريع الممولة من البك الإفريقي للتنمية والمؤسسات المالية الأخرى، و التي كانت المجالات الأكثر تدقيقا من قبل المفتشية العامة للمالية والمجلس الأعلى للحسابات، مما أدى إلى تطوير خبرات تلك الأجهزة باعتبارها أهم مؤسسات الرقابة والتدقيق، والإشهاد على الحسابات المالية للمشاريع الممولة من قبل مجموعة من الجهات الأجنبية على رأسها الاتحاد الأوربي، والبنك العالمي، والبنك الإفريقي للتنمية، وهو ما أعطى نوعا من المصداقية والثقة للمغرب ومؤسساتها المالية، خاصة وأن المؤسسات المالية تشترط أن تتوفر البلدان التي يتم تمويلها على آليات فعالة لتدقيق المشاريع التي تقوم بتمويلها[28] للتأكد من احترام قواعد عقد الصفقات العمومية، ويقدر نظام الرقابة الداخلية لتقرير وتقديم المشاريع التنموية، بهدف تحديد الوضعية المالية للمشروع فيما اذا كانت سليمة من الاختلالات وان طلبات الدعم المقدمة قد تمت طبقا لاتفاق القرض ولتقرير تقييم المشروع ،بحيث أن تدقيق المشاريع الممولة يعد اختبارا حقيقيا لمؤهلات الأجهزة الرقابية، بالنظر إلى حجم انتظارات وشروط المنظمات الممولة لهذه المشاريع، وهو ما يفرض إتباع منهجية محكمة لتدقيقها. وغالبا ما يتم تقديم الحالات المالية التي تم الإشهاد عليها داخل الستة أشهر التي تلي السنة الميزانية وتكون مرفقة بتقرير حول المراقبة الداخلية. كما يتم بشكل دوري تقييم المشاريع العمومية، وانجاز تقرير عن تقدم الأشغال وتحديد الأهداف المتعلقة بالمشروع، وتقيم التكلفة، والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية على المشاريع على المستوى القطاعي. كما أدى الانفتاح الاقتصادي الذي عرفته مجموعة من الدول إلى فرض نوع من الفعالية على مؤسسات من خلال التدقيق المعقلن والفعال، لأن التدقيق الفعال أصبح مطلبا أساسيا لتدقيق المشاريع الممولة وإنجاح عملية الخوصصة، لأن هذه الأخيرة تتطلب تنمية سوق رؤوس الأموال، وتأهيل القطاعات الخوصصة، إضافة إلى التدقيق المعقلن للمشاريع[29]. وشمل التدقيق أيضا مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خاصة وأن الدولة قد اعتمدت على مقاربات مبنية على مجموعة من التقنيات الحديثة، القائمة على مرونة المساطر مثل تعبئة الاعتماد وتقنية النفقات. ومن جهة ثانية، على التتبع والتقييم المستمر للمنجزات[30]. وهكذا نجد المادة 13 من المرسوم رقم 1017-05-2 بتاريخ 19يوليوز 2005 المتعلقة بمساطر تنفيذ نفقات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تؤكد أن المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة، تقومان بإجراء التدقيق المشترك لحسابات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفي هذا الإطار أنجزت المفتشية العامة للإدارة الترابية ، مايناهز 83 مهمة متعلقة بتدقيق الحساب الخصوصي للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية من طرف لجن مشتركة بين المفتشية نفسها، والمفتشية العامة للمالية، شملت ما مجموعه 83 عمالة وإقليما· وأفادت الوثيقة نفسها، أنه إثر الانتهاء من عمليات تدقيق حسابات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم إعداد تقرير مفصل يتعلق بكل عملية افتحاص، وتطرق لمختلف الآراء المعللة التي تم إبداؤها حول مصداقية الحسابات، مع إصدار توصيات من أجل تفادي الاختلالات المرصودة، انطلاقا من فحص القوائم والبيانات المالية، عن طريق مراقبة وضبط المبالغ التي تم التوصل بها، والمرصودة للمشاريع وكيفية صرفها. كما توقف التقرير عند الملائمة والمشروعية عن طريق انتقاء بعض الصفقات، والتأكد من احترامها للمساطر المعمول بها، والقيام بالمعاينة الميدانية لبعض المشاريع المنتقاة للتأكد من مطابقة ما جاء في الوثائق، مع ما هو موجود في الواقع، والتأكد من نجاعة الرقابة الداخلية، من خلال تتبع مجموع التدابير التي يتخذها الآمر بالصرف من أجل تحقيق جملة من الأهداف، نظير احترام المساطر والإجراءات القانونية، والنجاعة في تنفيذ العمليات، ومصداقية القوائم والبيانات المحاسباتية والمالية، والحفاظ على الممتلكات العمومية· ويمكن للجان تدقيق الحسابات، أن تتخذ، حسب الحالات، قرارات المصادقة على القوائم والبيانات المالية دون تحفظ، والمصادقة بتحفظ على القوائم والبيانات المالية في حالة ما إذا تعلق الأمر باختلالات بسيطة وغير مؤثرة، وإبداء رأي سلبي ورفض المصادقة. وتشمل عملية التدقيق بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقا، عدة مجالات وقطاعات أخرى خاصة تلك التي تحتاج إلى عملية التدقيق المالي، مادامت تتعلق بالبنية التحتية والمشاريع الفلاحية. كما عملت مجموعة من المقاولات العمومية على إحداث مصالح للتدقيق للقيام بهذه المهمة، أو تعاقدت مع بعض المكاتب الأجنبية المتخصصة لإنجاز عملية التدقيق المالي، بحيث تأتي المشروعات العامة على رأس أولويات التدقيق لما لها من أهمية ومكانة في التنمية الشاملة داخل المجتمع، والمقصود بصورة عامة بهذه المشاريع تلك المختصة بالقطاع المصرفي،والتامين،والأموال،والتجارة،والصناعةوالنفط،والمواردالطبيعية بشكل عام، واستثمار الخدمات الأساسية، مثل البريد ،والمياه والطاقة. كما أدى ظهور أزمة التسيير العمومي، إلى تعزيز تقويم الأداء الاقتصادي المالي للمؤسسات والمقاولات العمومية في إطار الخضوع لمقتضيات التنافسية الدولية، مما تطلب عقلنة تسيير القطاع العام، وحماية المالية العمومية من الاختلالات ، وتوفير المعلومات والدراسات الضرورية لاتخاذ القرارات الصائبة من قبل السلطات العمومية. واستفادت الأجهزة الرقابية المغربية من التجربة الفرنسية التي تعتبر سباقة إلى اقتحام هذا المجال، مع أنها لم تتوسع في إجراءات التدقيق إلا بالقدر الذي لا يمس اختصاصات المجلس الأعلى للحسابات ، ومن الأمثلة على ذلك العمليات الرقابية التي باشرتها المفتشة العامة للمالية الفرنسية بجزيرة كورسيكا سنة 1998، والتي شملت مجموعة من المؤسسات والمقاولات العمومية، وكان الهدف منها هو تشخيص دقيق ومفصل لكيفية صرف الأموال العمومية معتمدة في ذلك بشكل كبير على تقنيات التدقيق بهدف تقديم الاقتراحات والتوصيات للجهات المعنية باتخاذ القرارات الهامة لتجاوز الصعوبات[31]. كما كانت للإصلاحات التي عرفتها هياكل الدولة في فرنسا دورا هاما في تعزيز التقنيات الرقابية الحديثة ، والتي جاءت استجابة لتقرير المفتشية العامة للمالية سنة 2009، من خلال مجموعة من التوصيات التي أخذها بعين اعتبارها المرسوم الصادر في يونيو 2011، ومن أهم تلك الإصلاحات دعوة جميع الوزارات إلى إحداث لجان وزارية للتدقيق الداخلي على مستوى جميع الوزارات، والتي يترأسها الوزير المعني وشخصيات أخرى قد تكون من خارج الوزارة. خاتمة وكخلاصة يمكن القول أن التدقيق تقنية رقابية وقائية وزجرية، تم اعتمادها من اجل خلق أجهزة إدارية فعالة وذات مصداقية في علاقتها بالمواطن، فضلا عن ترسيخ المبادئ الدستورية المتمثلة في الحكامة، والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، و ترشيد النفقات العمومية والحفاظ على المال العام من الهذر، إلا أن الممارسة العملية للتدقيق على المالية العمومية ماتزال تعاني من مجموعة الصعوبات والاكراهات، مما يتطلب تجاوزها من خلال تفعيل وتعزيز الدور الرقابي للأجهزة الرقابية الممارسة له، من خلال مجموعة من الاجرءات الهامة المتمثلة على الخصوص فيما يلي : -تعزيز الموارد البشرية للأجهزة العليا للرقابة المالية من خلال توظيف الكفاءات وذوي الخبرات في مجال الرقابة المالية. -تمتيع المجلس الأعلى والمفتشية العامة بالاستقلال العضوي والوظيفي ، مما يؤدي إلى تفعيل عملية التدقيق التي تمارسها. -الاستفادة من التجارب الدولية التي عرفت نجاحا كبيرا في التدقيق المالي، وذلك من خلال تبادل الخبرات والزيارات. -تعزيز التنسيق الرقابي بين جميع الأجهزة الرقابية، نظرا لتعدد الأجهزة الرقابية وتشتت الجهود الرقابة تبعا لذلك. ويتبين من خلال ما سبق ذكره، أن عملية التدقيق، تشمل جميع موظفي المصالح العمومية المتصرفين في الأحوال العامة، كما يمتد كل إدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والهيئات المستفيدة من المساعدات المالية. ومن جانب أخر يمكن التأكيد على أن التقنيات الرقابية الجديدة وخاصة التدقيق، لم يتم تكييفها داخل الأجهزة الإدارية بمعزل عن التأثيرات والعوامل الاقتصادية والاجتماعية، ولا عن تأثيرات مناهج وطرق التدبير المعتمدة في القطاع الخاص. والجدير بالملاحظة أيضا، مما يتطلب ملائمة التدقيق والتقنيات الرقابية الحديثة مع متطلبات التدبير العمومي في هذه المرحلة، والمرتكز على تأهيل الاقتصاد الوطني وإصلاح الإدارة العمومية وضبط العلاقة مع المقاولات العمومية، وصولا إلى إحداث آليات شفافة وعقلانية وديمقراطية في تدبير الشأن العام، فضلا عن تجاوز مظاهر المحدودية التي يواجهها العمل الرقابي الكلاسيكي. كما تم التوصل من خلال هده الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات المتمثلة في كون أن التدقيق لازال يعاني مجموعة من الصعوبات والمعوقات، أهمها مرتبط بالأجهزة الرقابية التي تمارس هده التقنية الرقابية، مما يؤدي الى غياب الفعالية والنجاعة في تدقيق ومراقبة الهيات الإدارية والمؤسسات العامة، ومن ثم كان لابد من البحث على الآليات التي تمكن تلك الأجهزة من تجاوز تلك الصعوبات لتحسين أدائها وتسهيل سير عملها ويمكن إجمال تلك الآليات فيما يلي : -ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري خاصة وان الأجهزة المكلفة بممارسة التدقيق لاتزال تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية أمام ضخامة المهام الموكولة لها. – تمتيع الأجهزة الرقابية وأعضائها بالاستقلالية وعدم تبعيتها للجهات والسلطات الإدارية العليا التي قد تؤثر في عملها أثناء قيامها بعملية التدقيق داخل الوحدات الإدارية،على اعتبار أن استقلالية تلك الأجهزة تؤدي الى تحقيق الفعالية الرقابية وفعالية الأداء لدى الأجهزة الإدارية . -التنسيق بين مختلف الأجهزة العليا للرقابة لتجنب تشتت العمل الرقابي. هذه بعض التوصيات والاقتراحات التي تمكن الأجهزة الرقابية الممارسة للتدقيق من تحقيق الفعالية في التدبير المالي والإداري لدى الأجهزة الإدارية والمؤسسات العمومية . قائمة المراجع المراجع بالعربية- امينة الهادف، التدبير العمومي المحلي وإشكالية التحديث، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة محمد الخامس، كلية الحقوق الرباط، السنة 2011/2012.
- احميدوش مدني، المحاكم المالية في المغرب دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة، مطبعة فضالة، المحمدية، طبعة 2003 .
- المختار نظيم، وظيفة التدقيق في حماية العام ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام م، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، سطات، السنة 2012/2013.
- القانون رقم 95.17 المتعلق بشركات المساهمة، الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.96.124 صادر في 14 ربيع الآخر 1417 الموافق 30اغسطس 1996،الجريدة الرسمية 4422 بتاريخ 1996.10.17.
- أمنة حطان، أسس الإصلاح الإداري في المغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط اكدال، السنة 2008/2009.
- توفيق منصوري، التدقيق والاستشارة في الجماعات الترابية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال ، الرباط السنة الدراسية 2003/2004.
- سعيد العزوزي، المفتشيات العامة في النظامين الإداريين المغربي والفرنسي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول، وجدة السنة 2018/ 2019.
- شكوكي خاطر، “خصوصيات نظام المراقبة المالية العليا في جمهور مصر العربية”، منشورات المجلة المغربية للتدقيق والتنمية، سلسلة التدبير الاستراتيجي العدد 10 / 1999.
- عبد الحق عقلة، القانون الإداري، الجزء الأول، دار القلم الرباط، مطبعة 2002.
- كريمة الكنوني، التدقيق والاستشارة بالوحدات الترابية، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة عبد الملك السعدي، كلية الحقوق، طنجة، السنة 2013/2014.
- محمد حركات، التخطيط الاستراتيجي والمنافسة ورهانات الجودة الكلية بالمقاولات المغربية، مطبعة فضالة،المحمدية،طبعة1997.
- محمد سكلي، التدبير المالي العمومي ومتطلبات الحكامة المالية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط أكدال، السنة 2012-2013.
- محمد مجدي، دور المجالس الجهوية للحسابات في تطور إدارة الجماعات، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، السنة2008/20007.
- محمد عثمان عبد الرزاق، أصول التدقيق والرقابة الداخلية، مطبعة الوصل، بيروت، طبعة 2011.
- COLLIN (C) et Vallin (G), Audit et contrôle interne, Aspects financiers, 3éme édition, Dalloz.
- Driss khoudri, le guide d’audit communal, l’autil de management local, editions maghrebines , Casablanca,1erédition, 1998
- Renaudin(F), les inspections générales dans le system administrative français, thèse soutenue à Paris pantheon,annéé2002/2003.
[10]–Driss khoudri, le guide d’audit communal, l’autil de management local, editions maghrébines, Casablanca,1erédition, 1998, p.180.
[12]– COLLIN (C) et Vallin (G), Audit et contrôle interne, Aspects financiers,3éme édition, Dalloz, p .213.
[13]– سعيد سالم دور التدقيق في التدبير المالي، مرجع سابق، ص. 18 [13]- محمد مجدي، دور المجالس الجهوية للحسابات في تطور إدارة الجماعات، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، السنة2008/20007،ص.27. [16]– محمد عثمان عبد الرزاق، أصول التدقيق والرقابة الداخلية، مطبعة الوصل، بيروت، طبعة 2011، ص.18. [17]– توفيق منصوري، التدقيق والاستشارة في الجماعات الترابية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس كلية الحقوق أكدال ، الرباط السنة الدراسية 2003/2004، ص. 69.[18]Colin (C) et valin (G ), audit et controle interne. Op.cit.,P . 120.
[19]– محمد سكلي، التدبير المالي العمومي، مرجع سابق، ص.386. [20]– سعيد العزوزي، المفتشيات العامة في النظامين الإداريين المغربي والفرنسي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول، وجدة السنة 2018/ 2019، ص.189. [21]– شكوكي خاطر، “خصوصيات نظام المراقبة المالية العليا في جمهور مصر العربية”، منشورات المجلة المغربية للتدقيق والتنمية، سلسلة التدبير الاستراتيجي العدد 10 / 1999،ص.23. [22]– عبد الحق عقلة، القانون الإداري، الجزء الأول، دار القلم الرباط، مطبعة 2002، ص.81. [23]– كريمة الكنوني، التدقيق والاستشارة، مرجع سابق، ص.67. [26] -سعيد العزوزي، المفتشيات العامة في النظامين الإداريين المغربي والفرنسي، مرجع سابق،ص.176.[31]-Renaudin(F), les inspections generals dans le system administrative français, thèse soutenue à Paris pantheon,annéé2002/2003 , p.370.