
التحوّل الدلالي في الاستعارة:عوامله ،شروطه، ووظائفه
Semantic transformation in metaphor : Factors , Condition , And its Functions
أ. عبدالرزاق الفراوزي، أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، باحث في سلك الدكتوراه، جامعة محمد الخامس، الرباط.
LAFRAOUZI ABDERRAZZAK , Professor component of the Regional Center for Education and Training Professions, Researcher in the PhD. Mohammed V University , Rabat . Morocco .
مقال منشور في حمل من هنا: مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 59 الصفحة 87 .
ملخص المقالة:
تأسست فكرة هذه المقالة على اعتبارين:
- الاعتبار الأول، مفاده أن اللغة ظاهرة اجتماعية يسري عليها ما يسري على باقي الظواهر الاجتماعية من تغيرات وتطورات وتحولات.
- الاعتبار الثاني، يرى في الاستعارة نموذجا لغويا تتمظهر فيه هذه التحولات بشكل واضح.
وبناء عليه، هدفت هذه المقالة إلى الوقوف على مجمل العوامل المسهمة في التحولات الدلالية التي تعتري الاستعارة، وكذا شروطها ومقتضياتها، لنخلص إلى نتيجة عنوانها: الاستعارة تحول دلالي، تبث الحياة في اللغة، وتثري معانيها، وتجدّد تركيباتها، وتقوم بوظائف أساس، سواء على المستوى الدلالي أم التداولي، ومن بين هذه الوظائف: الوظيفة التجسيدية، الوظيفة الجمالية، الوظيفة الحجاجية.
Abstract of the article :
The idea of this article has been founded on two considerations :
The first consideration views that language is a social phenomen that undergoes developement transformations and changes as other social phenomen a do .
The second consideration sees that the metaphor is a linguistic model in which these changes are cleary manifested.
Building on these two consideration in the article , we have noticed the overall factors leading to the semantic changes that grip the metaphor , and also its conditions and requirements,coming to an end that « the metaphor is a semantic transformation » which vivids language, enriches its meanings and innovates its structures . The metaphor also does basic functions either on the semantic or pragmatic level ; such functions in clude rhetorical, personifed, artistic and argumentative functions .
الكلمات المفتاحية: الاستعارة، التحول الدلالي.Key words : metaphor , Semantic transformation
توطئــــــــــــــة:تعدُّ التّحوّلات والتَّغيّرات التي تعتري دلالات الألفاظ والتراكيب من أهم قضايا الدراسات اللغوية القديمة والحديثة على السواء، وهي حقيقة جوهرية في اللغة، وخاصية من خصائصها، وفي اللغة العربية شواهد كثيرة تدعم ذلك،وقد تنبّه إليها الباحثون العرب، ووردت في ثنايا أبحاثهم المعجمية ومصنّفاتهم النقدية والبلاغية…
ونظراً لتشعّب هذا الموضوع، فإنّنا سنقتصر على دراسة التحوّلات الدلالية في الاستعارة، لكونها تشكل نموذجاً أساسياً لتغيّر المعاني وتحوّلها، وسنقف عند العوامل المُسهمة فيه، وننظر في الشروط التي اشترطها البلاغيون العرب لقبول هذه التحوّلات، كما سنسعى إلى بيان الوظائف التي تؤديها داخل النّص.
1-عوامل التَّحوُّل الدلالي في الاستعارة.
اجتهد الدارسون بمختلف تخصّصاتهم في رصد العوامل التي تسهم في التحولات الدلالية للألفاظ والتراكيب، نجملها في ستّة عوامل كما أوردها عبد الواحد وافي: إحداها عوامل اجتماعية خالصة تتمثل في حضارة الأمّة، ونظمها، وعاداتها وتقاليدها، وعقائدها، ومظاهر نشاطها العلمي والعقلي، وثقافتها العامة، واتجاهاتها الفكرية، ومناحي وجدانها ونزوعها وهلم جراً؛ وثانيتها: تأثر اللغة بلغات أخرى؛ وثالثها: عوامل أدبية تتمثّل فيما تنتجه قرائح النّاطقين باللّغة، وما تَبذُله معاهد التّعليم والمجامع اللغوية وما إليها من سبيل حمايتها والارتقاء بها؛ ورابعتها: انتقال الأمة من السّلف إلى الخلف؛ وخامستها: عوامل طبيعية تتمثل في الظواهر الجغرافية والفيزيولوجية وما إليها، وسادستها: عوامل لغوية ترجع إلى طبيعة اللغة نفسها وطبيعة أصواتها وقواعدها ومتنها[1]، ولعل هذه العوامل في مجملها، هي ما يدفع مستعملي اللغة-بشكل مقصود أو غير مقصود- إلى استحداث ألفاظ جديدة وإبداع معاني أخرى، يتواصل بها الأفراد، ويعبّرون من خلالها عن حاجاتهم الوجدانية، ورؤاهم الوجودية، وتجاربهم الشخصية والجماعية، وتستجيب في نفس الآن لطبيعة المرحلة التاريخية التي يحيون فيها، بسياقاتها السياسية والاجتماعية والثقافية.
لقد كانت، إذن؛ الحاجة المجتمعية والفردية أهم البواعث وراء تطوّر معاني الألفاظ والتراكيب وتحويل دلالتها، وكان أسلوب الاستعارة إحدى الأساليب المناسبة للتعبير عن هذه الحاجات النفسية والثقافية والاجتماعية؛ لدوره في فتح أفق تداولي جديد، تتحقق معه العملية التواصلية، ولقدرته على تفسير الظواهر الثقافية والأنساق المعرفية، لإمكاناته اللغوية المتنوعة التي تُسهم في رفع اللغة من درجتها التواصلية العادية إلى درجة الكثافة التعبيرية والتصويرية الدقيقة.
وقد عبّر كثير من الباحثين العرب والغربيين عن دوافع هذا التحول الدلالي، سواء من حيث دوره في الاتساع في الكلام أم من حيث التكثيف فيه، فقد عقد له سيبويه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قَنبَر(ت180ه) باباً سمّاه(باب استعمال الفعل في اللفظ لا في المعنى لاتساعهم في الكلام والإيجاز والاختصار)، وأورد شواهد على ذلك، نذكر منها قوله تعالى: “الَّذينِ يَاكُلونَ الرّبَا لاَ يَقُومُونَ إَلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ[2]،فمعنى الأكل يتسع دلالياً ليشمل كل المعاني التي ينجز عليها استنفاذ المال من أكل وشرب ولباس ولهو وغيرها من أوجه صرف الأموال..،وبدوره أشار ابن جني(ت392ه) إلى ذلك، وهو يتحدّث عن دوافع التعبير بالمجاز: “وإنّما يقع المجاز، ويُعدَل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة، وهي: الاتساع والتوكيد والتشبيه[3]،كما عبّر جوزيف فندريسj .vandryes عن هذا الأمر بقوله: ترجع أحياناً التّغيّرات المختلفة التي تصيب الكلمات من حيث المعنى إلى ثلاثة أنواع: التضييق والاتساع والانتقال، فهناك تضييق عند الخروج من معنى عام إلى معنى خاص، وهناك اتّساع في الحالة العكسية عند الخروج من معنى خاص إلى معنى عام، وهناك انتقال عندما يتعادل المعنيان أو إذا كان لا يختلفان من جهة العموم والخصوص[4].
بيد أنّ هذه التحولات الدلالية التي يعرفها القول الاستعاري، لم تكن متروكة للعفوية والارتجالية، بل لقد كانت مشروطة بشروط، ظلّت موضع نقاش وخلاف بين الدارسين قديماً وحديثاً.
2-شروط التحول الدلالي في الاستعارة:
قامت تعريفات البلاغيين العرب القدامى للاستعارة بشكل عام، على أساس أنّها تجاوز في التعبير بالدلالة اللغوية المتواضع عليها إلى التّعبير بدلالة ثانية مستعارة، حيث يتجاوز المتكلم الدلالة الأولية أو الأصلية التي تربط الوحدات اللغوية إلى دلالة أخرى ثانية أو فرعية، بغاية الاتساع في القول والمبالغة فيه والافتنان به، وبذلك عُدَّت الاستعارة انتقال دلالي، تتحوّل بواسطته الدلالة الأصلية للكلمة إلى دلالة أخرى، لأغراض محددة؛ ترتبط بمقصدية المتكلم، وسياق الكلام، ومقام المتلقي، وقد كان الحرص على جعل التحوّل الدلالي حقاً من حقوق الجماعة، خاضعاً لأعرافها ومواضعاتها، لذلك لم يكن لِيصحَّ هذا التّحول، إلاّ إذا قام على علاقة منطقية تربط بين طرفيها- المستعار منه والمستعار له-،فبحث النقاد والبلاغيون عن التناسب العقلي والمنطقي الذي يجمع بين هذين الطرفين، وحرصوا على التأكُّد من المعنى والصفات المشتركة بينهما حرصهم على التشبيه وضوابطه، وقالوا: “إنّما تصح الاستعارة وتحسن على وجه من المناسبة وطرف من الشبه والمقاربة”[5]فاشترط الجاحظ(ت255ه) وجود تناسب بين دلالتي اللفظتين المتعايرتين، والأمر صريح في تعريفه للاستعارة، التي حدّها بقوله: “الاستعارة تسمية الشيء باسم غيره، إذا قام مقامه”[6]فكانت عبارة “إذا قام مقامه “شرطا لازماً بحيث لا يتم قبول التحوّل الدلالي إلاّ بوجود هذه العلاقة التي عبّر عنها ابن قتيبة الدينوري(ت276ه) بتسميات أخرى،هي: السببية والمجاورة والمشاكلة، “فالعرب تستعير الكلمة فتضعها مكان الكلمة إذا كان المسمى بها بسبب من الأخرى أو مُجاورا لها أو مُشاكلاً .فيقولون للنبات: نوءٌ لأنّه يكون عن النوء عندهم”[7]والأمر ذاته نجده عند أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي(ت370ه)، الذي عدّد جملة من الشروط لقبول التَّحوُّل الدلالي في الاستعارة، إذ قرّر أنّ العرب تستعير المعنى، بناء على القرب الدلالي، والمشابهة، والمناسبة، والسببية، لتكون بذلك “اللفظة المستعارة حينئذ لائقة بالشيء الذي استعيرت له، وملائمة لمعناه”[8]،وعلى هذا الأساس، وجّه الآمدي انتقادات كثيرة إلى كلِّ من خالف الأعراف اللغوية، نذكر على سبيل التمثيل رأيه في استعارة “الدّهر” الذي صوره أبو تمام وفقا لرؤيته الفنية، لا في ضوء ما جاء في التراث الشعري، فصار هذا الدّهر بالنسبة إليه أخرق، وذا طول وعرض وما إلى ذلك، وهو ما لم يستسغه الآمدي الذي كان يرى أنَّ “الدهر” لا ينبغي أن يُذمَّ، ولا أن يُصوّر بالغفلة أو الانكسار، وكذلك استعارة “الحلم” الذي وُصف حسب الآمدي بالثقل والرزانة، إلا أن أبا تمام كان له رأي آخر، حيث يقول:
رقيقُ حَواشِي الحلْم لَوْ أنّ حِلْمه بكفّيك مَا مَارَيْتَ فِي أنّه بُرْدُ
فرأى الآمدي أنّ هذه الصورة التي رسمها أبو تمام، خلخلت مفهوم الشعر ونظامه، فراح يصف الشاعر بالحمق والخبل والجهل، لأنّه حوّل معنى اللفظ من دلالته القديمة المألوفة والمتداولة إلى دلالة جديدة فردية ومعزولة، خالقاً بهذا الاستعمال فجوة دلالية، لها أبعادها الثقافية والفكرية والاجتماعية.
ولم يخرج القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني(ت392ه) بدوره عن هذا التّوجه العام، والأمر واضح من خلال تعريفه للاستعارة: “وإنّما الاستعارة ما اكْتُفيَ فيها بالاسم المستعار عن الأصل، ونقلت العبارة فجعلت في مكان غيرها، ومَلاكُها تقريبُ الشَّبه، ومناسبة المستعار له للمستعار منه، وامتزاجُ اللفظ بالمعنى، حتّى لا يوجدَ بينهما منافرة، ولا يتبين في أَحدِهِما إعراض عن الآخر[9]وقد وقف القاضي الجرجاني(ت في كتابه “الوساطة” عند كثير من أشعار المتنبّي التي وظّف فيها الاستعارة بتحويلات دلالية تخالف ما درجت عليه الجماعة اللغوية، نذكر منها على سبيل التمثيل، قوله:
مَسَرّةٌ فِي قُلوبِ الطِّيبِ مَفْرِقُها وحَسْرَةٌ في قُلوبِ البَيْضِ واليَلَبِ
وقوله:
تجَمَّعَتْ في فُؤَادِهِ هِمَـــــــــمٌ مِلء فُؤادِ الزَّمانِ إِحْداهـــــــــــــــا
حيث نظر النُّقّادُ، فيما يروي القاضي عبد العزيز الجرجاني، بعين الشكِّ ومنطق التّقبيح لهذا التّوظيف الدلالي، ذلك أنّهم قالوا: جعل للطِيب والبيْضِ واليَلَبِ قلوباً وللزَّمانِ فُؤاداً، وهذه الاستعارة لم تجرِ على شبَهٍ قريب ولا بعيدٍ[10].
لم يكن الأمر، إذن؛ اختيارا فرديا، على نحو يبعد المجاز بشكل عام والاستعارة بشكل خاص عن حدود العرف اللغوي، وضوابط الاستعمال الجماعي، لذلك لم يتم قبول الانتقال الدلالي وتحوله في الاستعارة إلاّ بشرطين أساسيين:
- أن تكون علاقة أو مناسبة تربط بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه.
ب-الالتزام بإتباع أساليب الجماعة اللغوية في توظيف أسلوب الاستعارة.
بيد أنّ هذين الشرطين لم يكونا محطَّ إجماع لدى البلاغيين العرب وغيرهم،فإذا عدنا إلى الجاحظ ونظرنا إلى تصوراته الفكرية في عمومها وفي سياقاتها، فإننا نجده قد تعامل مع الاستعارة باعتبارها تحوُّلاً دلالياً، وأن شرط “إذا قام مقامها” ليس تضييقا على حرية الاستعمال كما دأبت على ذلك الدراسات، بل له ارتباط وثيق بالمناسبة التي هي بمثابة المقياس الفني في صحة الاستعارة، وهذا الأمر فيه إشارة من الجاحظ بأن الاستعارة ليست مجرد تبديل لغوي لمواضع الكلمات، ولكنّه يتعلّق بقصد المتكلم الذي يُعبِّر عن المعنى المراد منه التأثير في السامع، واستمالته بحسب المقام التخاطبي، حيث المدار على التأثير والإقناع: “ومدار الأمر على إفهام كلِّ قوم بمقدار طاقتهم، والحملِ عليهم على أقدار منازلهم”[11]فالإفهام يقتضي حسن اختيار الألفاظ، ومناسبتها لمقتضيات المقام، كما يتطلب ضبط خصائص الصياغة الجميلة المنتجة للقول وفق معايير البلاغة.أمّا عبد القاهر الجرجاني فقد تجاوز هذين الشرطين، ووسَّع من إطار علاقة المشابهة بين طرفي الاستعارة، وانتقد فكرة المتداول من الكلام العربي، بحيث رأى أنه من الجهل أن “لا تكون الفضيلة إلا في استعارة قد تُعورِفت في كلام العرب، وكفى بذلك جهلا”[12] ليجعل التحول الدلالي في الاستعارة يتجاوز مسألة العرف اللغوي والمواضعة الجماعية، ليصبح حقّا من حقوق الفرد المبدع، مستوعباً بذلك أشعار أبي تمام وأبي الطيب المتنبي وغيرهما، التي تم التعامل معها من طرف النقاد بأنها استعارات فردية معزولة، وبأنها تنحو منحى يبتعد عن المألوف من الكلام العربي، ولم يقف عبد القاهر الجرجاني عند موقفه هذا المُعْلي من شأن البُعد في الشبه، بل يذهب إلى تأكيد ذلك بقوله: “إذا استقريت التشبيهات، وجدت التباعُد بين الشيئين كلما كان أشدَّ، كانت إلى النفوس أعجب، وكانت النفوسُ لها أطرب، وكان مكانُها إلى أن تحدث الأرْيَحِيَّة أقرب، وذلك أنّ موضع الاستحسان، ومكان الاستطراف، والمثيرَ للدَّفينِ من الارتياح، والمُتألِّفَ للنَّافر من المسرةِ، والمؤلِّفَ لأطراف البهجة، أنّك ترى بها الشيئين مثلين متباينين، ومؤتلفين مختلفين[13].
إنّ الجرجاني بهذه الرؤية العميقة، ينظر إلى الاستعارة باعتبارها حركة عميقة للمعاني والدلالات، ترصد مواقع الألفاظ وطرق صياغتها وكيفية ترتيبها وتعالقها، بناء على معطيات السياق وما يفرضه من نمط واختيارات في القول، ليجعل بذلك من الاستعمال مرجعاً له دوره في تغيّر مدلولات الألفاظ.
وقد تأسست هذه الرؤية على تجاوز مبدأ النّقل الذي ينهض على المناسبة والتقارب الجزئي بين المتشابهين، إلى المطابقة بين المستعار منه والمستعار له، لتصل إلى درجة ينتفي معها الاختلاف والتمايز بينهما. ذلك أنّ موضوع الاستعارة هو: “أنّك تثبت بها معنى لا يعرف السّامع ذلك المعنى من اللفظ، ولكنّه يعرفه من معنى اللفظ[14]ويشرح عبد القاهر الجرجاني ذلك بقوله: “بيان هذا أنّا نعلم أنّك لا تقول:(رأيت أسدا)، إلاّ وغرضك أن تثبت للرجل أنّه مساو للأسد في شجاعته، وجرأته، وشدّة بطشه، وإقدامه، وفي أن الذعر لا يخامره، والخوفَ لا يعرض له. ثم تعلم أنّ السّامع إذا عقل هذا المعنى، لم يعقله من لفظ “أسد” ولكنه يعقله من معناه، وهو أنّه يعلم أنّه لا معنى لجعله “أسدا” مع العلم بأنّه رجل، إلاّ أنّك أردت أنّه بلغ من شدّة مشابهته للأسد ومساواته مبلغا يتوهّم معه أنّه أسد بالحقيقة[15]ومن هنا نستطيع أن نتبين أن التحول الدلالي في الاستعارة كما ورد عند الجرجاني مرتبط بالمعاني، بحيث يتم أخذ اللفظ الدال(أسد) وإجراؤه على المدلول الذي وقع تحويله (الشجاعة)، من أجل جعل ما ليس بواقعٍ واقعاً في التقدير والاعتقاد، ويفسّر الولاَّلي هذا الأمر بقوله: “إنّ المتكلم لم ينقل اللفظ إلى غير معناه وإنّما استعمله في معناه بعد أن تصرّف في تلك المعاني، وصيّر بعضها نفس غيرها، وبعد تصيير المعنى معنى آخر جيء باللفظ أو أطلق على معناه بالجعل ولو لم يكن معناه في الأصل، وجعل ما ليس بواقع واقعا في التقدير والاعتقاد المبني على مناسبة المشابهة أمر عقلي”[16]ولم تكن عملية التحول الدلالي لإضفاء نوع من الزّينة على الكلام، بل لأداء وظائف محدّدة، تتحقق معها العملية التخاطبية.
3-وظائف التحول الدلالي في الاستعارة
إذا كانت الألفاظ في دلالتها الحقيقية (المعجمية) لا تتعدى وظيفتي الإنباء والإبانة اللغويتين، فإنّ الاستعارة وما تحدثه من توتر لغوي ينقل المعنى من خاصيته الإشارية إلى خاصية أخرى “نابعة من خاصيتها السيمانطيقية، وهي قدرتها على التحول على مستوى المدلول، لكي يصبح بدوره علامة من نوع آخر تشير إلى مدلول آخر فيما يعرف بالتحول الدلالي في أنماط المجاز المختلفة…وهذا التحول الدلالي هو الذي ينقل النص اللغوي من وظيفة الإنباء الاجتماعية بجعله يحقق وظائف أخرى أدبية[17]فعن طريق التعبيرات الاستعارية وما تحدثه من تحولات دلالية، تنشأ حالة من النشوة الأدبية تصل بالنص إلى ذروة التسامي الأدبي، وتجعل منه قيمة معرفية وصورة فنية معبرة عن مكنونات الذات الإنسانية بأبعادها الوجودية، لذلك عُدّت الاستعارة فعالية إنسانية، تعكس الانتماء الوجداني والفكري للإنسان، وتختزن رؤيته للوجود وللعالم الذي يحيا فيه.
وقد نهض هذا التصور، على أساس تجاوز الرؤية التي ترى الاستعارة أنّها لا تضيف شيئا إلى التعبير الحرفي، وإنّما تشرح المعنى– باعتباره معطى ثابتاً- وتُحسِّنه وتَعرِضُه في مَعرضٍ مقبولٍ. ذلك أنّ التصورات الدلالية الحديثة جعلت للاستعارة قيمة أساسية، بما تمثِّله من ابتكار دلاليٍّ، وخَلْقٍ تلقائيٍّ للمعاني الجديدة، فهي ليست بحلية زائدة وظيفتها انفعالية للخطاب، وهذا ما أشار إليه بول ريكور Paul Ricoeur:إنّ الاستعارة ليست تزويقاً لفظياً للخطاب، بل لها أكثر من قيمة انفعالية، لأنها تعطينا معلومات جديدة، وبوجيز العبارة، تخبرنا الاستعارة شيئاً جديداً عن الواقع[18]ومن الوظائف التي تنهض بها التحولات الدلالية في الاستعارة، نذكر: الوظيفة البيانية، والوظيفة التجسيدية، والوظيفة الجمالية، والوظيفة الحجاجية.
2-1- الوظيفة البيانية للتحول الدلالي في الاستعارة.
إنَّ التوجه في بيان غرض نقل الدلالة من لفظ إلى لفظ( نقل دلالة الشجاعة والإقدام التي يتحلى بها الأسد–المستعار منه-وجعلها من مميزات المستعار له)،أو استحداث دلالة جديدة للفظ(إضفاء صفات غير متداولة على بعض الموصوفات)[19]،لم يكن له في أصل الوضع الأول، لتحقيق الفائدة والغرض من القول الاستعاري الذي يستجيب للسياق والمقام، هو جوهر العملية الاستعارية وروحها عند البلاغيين العرب، وهو متناسب مع ما أورده أبو هلال العسكري من شواهد قرآنية تؤكد ذلك، بقوله: “والشاهد على أن للاستعارة المصيبة من الموقع ما ليس للحقيقة أن قول الله تعالى:( يَومَ يُكْشفُ عَنْ سَاقٍ)[20] أبلغ وأحسن وأدخل مما قصد له من قوله لو قال: يوم يكشف عن شدة الأمر، وإن كان المعنيان واحدا، ألا ترى أنك تقول لمن تحتاج إلى الجد في أمره: شمِّر عن ساقك فيه، وأشدد حيازمك له. فيكونُ هذا القول أوكد في نفسه من قولك: جدّ في أمرك[21]ويمكن أن نستشهد كذلك بقوله تعالى:(فَاصْدَعْ بِما تُومَر)[22]فكلمة الصدع لها مدلولان: مدلول حقيقي (التقطيع)[23]وهو الأصل في وضعها، أما مدلولها الثاني، وهو مدلول مجازي يُحيل إلى التبليغ جهراً لا سرّاً، وهو الذي أفهمنا المعنى الحقيقي في أحسن بيان، وأجمل صورة، لأن الصّدع بالأمر لا بد له من تأثير وإقناع.
وبدوره جعل عبد القاهر الجرجاني(ت471ه) من الوظيفة البيانية للاستعارة مُرتكزاً في أبحاثه، يقول في ذلك: “ومن الفضيلة الجامعة فيها-أي الاستعارة- أنّها تُبرز هذا البيان أبداً في صورة مستجدّة تزيد قَدره نُبْلاً، وتوجب له بعد الفضل فضلاً، وإنّك لتجد اللفظة الواحدة قد اكتسبت بها فوائد، حتّى تراها مكرّرة في مواضعَ، ولها في كل واحد من تلك المواضع شأنٌ مفردٌ، وشرفٌ منفردٌ، وفضيلة مرموقة، وخِلابَة موموقة[24].
ويضيف عبد القاهر الجرجاني بطريقة فيها تأكيد لبيانية التحول الدلالي في الاستعارة “ومن خصائصها التي تُذكر بها، وهي عنوان مناقبها، أنّها تعطيك الكثير من المعاني باليسير من اللفظ، حتّى تُخرجَ من الصدَفة الواحدة عدّةً من الدرر، وتجني من الغصن الواحد أنواعاً من التّمر”[25].
ولعل الانشغال بالمعنى والفهم والبيان يعد أحد الأسباب الرئيسة لاهتمام عبد القاهر الجرجاني وقبله الجاحظ بالاستعارة، كما أنّ نفس الانشغال- أي البحث عن المعنى- شكّل مركز اهتمام الدارسين المحدثين الغربيين، بحيث قامت أبحاثهم في الاستعارة على أساس الثورة على التصورات التقليدية الفلسفية منها واللسانية، ومحاولة بناء تصور جديد يقوم على فهم جديد لطبيعة المعرفة المرتبطة بالقول الاستعاري، نذكر في هذا المقام، ما أورده أرمسترونغ ريتشاردزRichards،حيث يقول: “عندما نسأل كيف تعمل اللغة، فإننا في الواقع نسأل كيف يعمل الفكر والشعور وكلّ أنماط النّشاط الذهني، كيف نتعلم أن نعيش وكيف يمكن أن ننقل ذلك الشيء العظيم، أعني ملكة الاستعارة، إلى الآخرين، وهو عظيم لأنّه في حقيقة الأمر، الملكة التي نحيا به على الرغم مما يقوله أرسطو”[26]،ويزكي هذا التوجّه الجديد لأهمية الاستعارة وموقعها في بنية اللغة ما نقرأه في تصدير جورج لايكوفLakoff ومارك جونسون Johnson M.لكتابهما: “أن جل التصورات الفلسفية التقليدية لا تسند إلى الاستعارة سوى دور صغير، أو لا تسند إليها أي دور، في فهم العالم وفهم أنفسنا، وقد كان جورج لايكوف كشف براهين لغوية تبين أن الاستعارة منتشرة في اللغة والفكر اليوميين، وهي براهين لا توافق أي نظرية أنجلو أمريكية حول المعنى، سواء في اللسانيات أو في الفلسفة، فقد اعتبرت الاستعارة، في كلا الحقلين مسألة هامشية[27].
2-2-الوظيفة التجسيدية والتّشخيصية للتحول الدلالي في الاستعارة
يعد الجاحظ من الأوائل الذين أشاروا إلى مسألة التجسيد وهو يبحث في البيان وأصناف الدلالات، وقد أورد أمثلة تشتمل على البعد التجسيدي، حيث تُبثُّ الحياة في أشياء جامدة وأخرى غير عاقلة، استقاها من النثر والشعر العربيين، منها على سبيل المثال، قول الراعي النّميري( ت97ه):
إنَّ السَّمَاءَ وإنَّ الرّيحَ شاهِدةٌ والأرضُ تشْهدُ والأيّام ُوالبلدُ
ومن النُّقَّاد الذين تناولوا البعد التجسيدي في الاستعارة نجد ابن قتيبة الدينوري(ت276ه)، الذي اهتم بتنزيه المجاز عن الكذب، والرَّدِّ على منكري المجاز في القرآن، حيث يقول: “ولو كان المجاز كذبا، وكل فعل ينسب إلى غير الحيوان باطلا، كان أكثر كلامنا فاسدا[28]، ذلك أنه ليس الكذب والضلال في نطق الجماد، وغير العاقل،“ وما في نطق جهنم، ونطق السماء والأرض من العجب؟ والله تبارك وتعالى ينطق الجلود، والأيدي والأرجل، ويسخر الجبال والأرض، والطير بالتسبيح[29]، فإنطاق الله سبحانه وتعالى الأشياء وإن كان حقيقة من وجهة نظر ابن قتيبة الدينوري، ومن سار في فلكه، إلاّ أنّه دافع عن الأسلوب المجازي باعتباره أسلوباً عربياً، فالعرب إذا أرادت تعظيم مَهْلك رجل عظيم، تقول: “أظلمت الشّمسُ له، وكسَف القمرُ لفقده، وبَكتْهُ الرِّيح والبرق والسماء والأرض… وليس ذلك بكذب، لأنهم جميعا متواطئون عليه، والسامع له يعرف مذهب القائل فيه[30]،وبدوره وقف علي بن عيسى الرماني(ت386ه) في كثير من تحليلاته عند التحولات الدلالية للاستعارة على قاعدة التشخيص والتجسيم الحسّي، نمثّل لذلك ببعض ما أورده في كتابه “النكث في إعجاز القرآن”، يقول:”…وقال الله تعالى:(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذينَ يَخوضونَ في آيَاتِنا فَأَعْرِض عَنْهُم حتَّى يخوضُوا في حديثٍ غَيْرِهِ)[31]،كل خوض ذمّه الله تعالى في القرآن فلفظه مستعار من خوض الماء، وحقيقته: يذكرون آياتنا، والاستعارة أبلغ لإخراجه إلى ما لا تقع عليه المشاهدة من الملابسة، لأنّه لا تظهر ملابسة المعاني لهم كما تظهر ملابسة الماء لهم، وقال تعالى:(فَدَلاَّهُما بِغُرورٍ)[32]وحقيقة صيّرهما إلى الخطيئة بغرور، والاستعارة أبلغ لإخراجه إلى ما يحس من التدلي من علو إلى سُفل، وقال تعالى:(لاَ يَزالُ بُنْيانُهُم الَّذي بَنَوْا ريبَةً في قُلُوبِهِم)[33]،وقال تعالى:(أَفَمَنْ أُّسِّسَ بُنْيانُهُ عَلى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ)[34]،كلّ هذا مستعار، وأصل البنيان إنّما هو للحيطان وما أشبهها، وحقيقة اعتقادهم الذي عملوا عليه، والاستعارة أبلغ لما فيها من البيان بما يحسُّ ويُتصوَّر”[35]،ويجدر بنا أن نشير، في هذا المقام، إلى أن الرماني قد عدّد من النماذج الاستعارية القائمة على قاعدة التشخيص والتجسيم، حتّى قال عنه الصاوي بأنه:”أستاذ مدرسة التجسيم والتصوير الحسّي التي تدور حولها رحى النقد الحديث[36]،وبدوره أشار عبد القاهر الجرجاني(ت471ه) إلى أنّ الشعر الجاهلي فيه استعارات من هذا النّوع، مورداً قول امرئ القيس:
فَقُلْتُ لهُ لمّا تَمَطّى بِصُلْبِه وأَرْدَفَ أَعْجازا وناءَ بِكَلْكَلِ
حيث تحوّلت دلالة الليل باعتباره قسيماً للنهار، ليتجسّد كائناً حِسّياً متحركاً،فكان أن تعامل عبد القاهر الجرجاني مع هذا النوع من الاستعارات تعامل الأديب الباحث عن البيان والفن والجمال، حيث قال عنها: “فإنّك لترى بها الجمادَ حيّاً ناطقاً، والأعْجم فصيحاً، والأجسام الخُرْسَ مُبينةً، والمعاني الخفيّة باديةً جليّةً…إن شئت أرتك المعاني اللطيفة التي هي من خبايا العقل، كأنّها قد جُسِّمت حتى رأتها العيون، وإن شئت لطّفتِ الأوصاف الجسمانية حتى تعود روحانية لا تنالها إلا الظنون[37].
2-3- الوظيفة الجمالية للتحول الدلالي في الاستعارة
لم تكن الوظيفة البيانية والتشخيصية للتحول الدلالي في الاستعارة، في الدراسات النقدية والبلاغية، بمعزل عن البعد الجمالي، وما يحدثه من إمتاع للأذهان، وإرضاء للنفوس، بل نجد تداخلا بين هذه الأبعاد، الأمر الذي تترتب عليه مواقف وقيم ، تترجم إلى سلوكات وأفعال وممارسات، في تناغم تام مع مبدأ “الفهم والإفهام”، لذلك تم توظيف أسلوب الاستعارة لاستنهاض الهمم، وزرع المواقف والقيم، وعلى هذا الأساس أمكننا الحديث عن فلسفة الوجدان التي تجد صداها في التراث العربي، فالناظر في أعمال الجاحظ سيقف عند أعمال أدبية راقية، تحمل صورا فنية وقيما جمالية ومعرفية مختلفة، لذلك نجده ألحّ على فكرة الجمال، وأبرز مظاهره، اعتبارا لقوة البعد الجمالي لدى الإنسان، يقول الجاحظ وهو يؤسس لمبادئ الحسن والجمال في الكلام: “وأحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهرِ لفظِه، وكان الله عزّ وجلّ قد ألبسه من الجلالة، وغشَّاهُ من نور الحكمة على حسب نيّة صاحبه وتقوى قائله، فإذا كان المعنى شريفاً واللفظُ بليغاً، وكان صحيح الطّبع بعيداً من الاستكراه، ومُنزّهاً عن الاختلال مصوناً عن التّكلّف، صنع في القلوب صنيع الغيث في التربة الكريمة[38]أمّا أبو هلال العسكري(ت 395ه)، فيقول في الصناعتين: “والنّفس تقبل اللَّطيف، وتنْبو عن الغليظ، وتقْلق من الجَاسي البَشِع، وجميعُ جوارح البدنِ وحواسّهِ تَسْكن إلى ما يوافقه، وتَنْفِرُ عمّا يضادّه ويخالفه، والعين تأْلف الحسن، وتقْذَى بالقبيح؛ والأنْف يرتاح للطيب، ويَنْغَر للمُنْتَن؛ والفم يلتذُّ بالحلو ويمجُّ المُرَّ؛ والسّمعُ يَتَشوّف للصّواب الرّائع، وينْزوي عن الجهير الهائل؛ واليد تنعم باللّين وتتأذّى بالخَشِن؛ والفهم يأنس من الكلام بالمعروف، ويسكُنُ إلى المألوف، ويصغَى إلى الصَّواب، ويهرُبُ من المُحال، ويَنْقَبِض عن الوَخِمِ، ويتَأَخّرُ عن الجافي الغليظِ، ولا يقبلُ الكلامُ المُضطربُ إلاَّ الفهمُ المضطربُ، والرويّةُ الفاسدةُ”[39].
ويضيف عبد القاهر الجرجاني قولا فصلاً في نص بليغ، يُجْمِلُ فيه رؤيته للجمال الذي تُحدثه الاستعارة باعتبارها أصلا كبيرا من أصول الكلام: “وإنّ من الكلام ما هو كما هو شريف في جوهره كالذهب الإبريز الذي تختلف عليه الصُّوَر وتتعاقب عليه الصِّناعات، وجُلُّ المُعَوَّل في شرفه على ذاته، وإن كان التّصوير قد يزيد في قيمته ويرفع من قدره، ومنه ما هو كالمصنوعات العجيبة من موادَّ غير شريفة فلها- مادامت الصُّورةُ محفوظةً عليها لم تنتقض، وأثر الصّنعة باقياً معها لم يبطل- قيمةٌ تغلو، ومنزلة تعلو، وللرغبات إليها انصبابٌ، وللنّفوس بها إعجاب”[40].
فانطلاقا من هذا النصوص وغيرها، نستطيع أن نتبيّن الوعي المتقدّم بالأسس الجمالية في القول كما صاغها الدارسون العرب، كما يمكننا تبيُّن أثر التحول الدلالي في الاستعارة، وما يحدثه من فائدة معرفية ومزايا فنية وجمالية، تجعل الفكرة مؤثرة مقنعة، وتظهر الصورة الفنية في مظهر حسن تعشقه النفوس، وتميل إليه القلوب، وتقتنع بها العقول، ولذلك لم يكن أمر الاستعارة بمثابة حلية زائدة عن حاجة الكلام أو بمثابة تزيين وتنميق له، ولكنها “المبدأ الحاضر أبدا في اللغة”[41]،إنّها فعالية وجودية، يستطيع من خلالها الشاعر أو غيره التعبير عن رؤيته الوجودية ومواقفه الإنسانية العاطفية والعقلية، فهي “وسيلة كبرى للتّعبير عن العالم الدّاخلي للشاعر، واكتشاف خصوصية انفعاله، وتفرّد تجربته وأصالة موقفه ورؤياه، كلّ ذلك في ظلّ العلاقة التي توثِّقها الاستعارة بين اللغة والشعر”[42]لهذا نجد عبد القاهر الجرجاني على سبيل التمثيل، قد ربط في تحليله للاستعارات في الشعر-خاصة شعر أبي تمام والمتنبي- ربطاً وثيقاً بين البُعدين النفسي(الانفعالي) والعقلي(الذهني) والمعطى الجمالي، هذا الربط الذي تحتفي به الدراسات الأدبية والنقدية المعاصرة، وتجعله ديدنَها، وهذا ما اهتم به أيضاً جان كوهن بشكل كبير في كتابه” بنية اللغة الشعرية”، حيث ربط الوظيفة الشعرية للاستعارة بالإيحاء والتعبير عن العواطف والوجدان، يقول في ذلك: “الاستعارة الشعرية هي انتقال من اللغة ذات اللغة المطابقة إلى اللغة الإيحائية، انتقال يتحقق بفضل استدارة كلام معين يفقد معناه على مستوى اللغة الأولى لأجل العثور عليه في المستوى الثاني”[43].
2-4- الوظيفة الحجاجية للتحول الدلالي في الاستعارة
تعدُّ قراءة الاستعارة من زاوية نظرية الحجاج المعاصرة إحدى أهم القراءات التي أسهمت في تجاوز التصور التقليدي الذي كان يرى فيها مجرد محسِّن بلاغي، وظيفته تزيينية، إلى اعتبارها حجة تقوم على بَنْيَنة الواقع، وإعادة رسم مشاهده، انطلاقاً من ابتكار تشابهات غير جاهزة في الواقع، ومن تمَّ؛ لم تعد الاستعارة شكلاً بلاغياً أو أسلوبياً بالمعنى التقليدي، بل أضحت أهم آليات الحجاج في جميع الخطابات؛ بما فيها الخطاب الشعري، الذي يهدف بدوره إلى إقناع المتلقي، وحمله على الانتقال من المعنى الحرفي للكلام إلى المعنى الثاني المستفاد من السّياق ومناسبة القول، ولذلك فهي تقوم مقام الحجة، وتعوضها تبعاً لحال المخاطِب ومقاصده من الخطاب، فَتعبِّر عن حاله، وعن أحاسيسه وأفكاره التي يود إيصالها إلى المتلقي، فهي نوع خاص من الاستدلال البرهاني العقلي المُنْبثف من رؤية فكرية تنشأ في النص، وتتفاعل مع مقتضياته الأسلوبية والحجاجية. ولهذا قال بيرلمان Perlmen:”إنّ أي تصور للاستعارة لا يلقي الضوء على أهميتها في الحجاج لا يمكن أن يحظى بقبولنا”[44]فقد أصبحت، كما يقول أبو بكر العزاوي: “من الوسائل اللغوية التي يستعملها المتكلم للوصول إلى أهدافه الحجاجية، بل إنّها من الوسائل التي يعتمدها بشكل كبير جدا، ما دمنا نسلم بفرضية الطابع المجازي للغة الطبيعية، وما دمنا نعتبر الاستعارة إحدى الخصائص الجوهرية للسان البشري”[45].
وإذا أردنا النَّبش عن الوظيفة الحجاجية للاستعارة في التراث العربي، فلا بد أن نقف عند عبد القاهر الجرجاني الذي وظف آليات حجاجية لوصف الاستعارة، لأنه أول من أدخل مفهوم “الادعاء” بمقتضياته التداولية، وأول من استخدم مفهوم “التعارض” كما يذهب إلى ذلك طه عبد الرحمان، حيث يُقرُّ أنّ عبد القاهر الجرجاني هو المؤصل للنظرية الحجاجية في الاستعارة، متأثراً في ذلك بأساليب الحجاج التي عرفها المجال التداولي الإسلامي العربي آنذاك، ولعل مفاهيم مثل:”الادعاء” و”الدعوى” و”الاثبات” و”الشاهد” و”الاعتراض” و”الاستدلال” و”القياس” من الأدوات المفهومية والإجرائية التي وظفها الجرجاني في درسه البلاغي عموماً، والاستعاري خصوصاً، الأمر الذي يقتضي الوقوف عليها لفهم أفكاره ورؤاه، لهذا نجد طه عبد الرحمان، يقول:”وما لم نتبين هذه البنية الحجاجية للادعاء الاستعاري عند الجرجاني، ولم نقف على وجوه اشتغالها في خطابه، فلا يبعد أن تستغلق علينا أحكامه ونتائجه استغلاقا، وأن نصير إلى ضرب إنتاجه بعضه ببعض ضربا[46]، لهذا حاول الباحث الوقوف عند هذه المفاهيم، خاصة مفهومي “الادعاء” و”التعارض” ليؤسس لنظريته التعارضية للاستعارة التي ترى أنّ[47]:
أ- القول الاستعاري قول حواري، وحواريته صفة ذاتية له؛
ب- القول الاستعاري قول حجاجي، وحجاجيته من الصنف التفاعلي؛
ج- القول الاستعاري قول عملي، وصفته العملية تلازم ظاهره البياني والتخييلي.
لقد قدّم طه عبد الرحمن قراءة جديدة للمشروع البلاغي-الذي أسسه عبد القاهر الجرجاني- وبخاصة في شقّه المتعلق بالاستعارة، مزاوجاً بين الآليات المنهجية والمعرفية التراثية، وبين مستجدات الثقافة الغربية، وموظّفاً” التداولية” منهجا لدراسة “الخطاب العربي الإسلامي”، فصاغ من خلال ذلك ضوابط وقواعد للتخاطب، يؤكد ذلك قوله:” وقد استفدنا بدورنا من الجانب التداولي في الدرس الفلسفي والكلامي، وساهمنا في وضع قواعد تداولية لهذا الخطاب الفكري، وخرجنا فيه بنتائج بلغت من التخصيص والتدقيق درجة لا يمكن أن يؤدي إليها المنهج التاريخي الذي غلب على الدرس التراثي الإسلامي العربي”[48]، وقد ربط طه عبد الرحمن هذا المنهج بما يسميه ب” المجال التداولي”[49]،الذي يعدُّ أحد الركائز الأساس التي نهضت عليها دراساته، من أجل الكشف عن بنية النص التراثي بلاغيا كان أم أصوليا، فجاءت دعوته في التدليل والتوجيه والفهم والاستنباط من خلال الأخذ بالأساليب العربية داخل مجالها التداولي .
وقد انطلق طه عبد الرحمن في تناوله لموضوع الاستعارة من مسلمة يرى من خلالها أنّ الدراسات البلاغية اقتبست من المنطق بعض أدواته المفهومية، من مثل: مفهوم “الخبر”، ومفهوم “الصدق والكذب”، ومفهوم “الحقيقة والمجاز”، كما اقتبست منه بعض المبادئ من مثل: “مبدأ مطابقة الحكم للواقع أو عدم مطابقته”، و”مبدأ اللزوم”، ولعل الغرض الذي يرمي إليه الباحث من خلال استحضار مبحث المنطق كما يقول: “هو الوقوف على بعض وجوه استخدام الدوال المنطقية في تحليل الخطاب الاستعاري، وأن نتتبع حدود هذا الاستخدام في صياغة خصائص الاستعارة، ثم نبين كيف يلزمنا طلب نظرية ذات طابع حجاجي تكون أوفى بهذه الخصائص”[50].
وبعد دراسته لخصائص القول الاستعاري، وبيان عدم قدرة الدوال الصورية ومبادئها المنطقية في القدرة على مقاربة الخطاب الاستعاري، أنشأ نظرية حجاجية قادرة على تفسير الاستعارة وتحليلها بناء على خصائصها، نظرية يقول عنها طه عبد الرحمان: “ظفرنا سماتها الأولى عند إمام البلاغيين عبد القاهر الجرجاني، وعملنا على استكمال عناصرها في سياق ما أسميناه، النظرية التعارضية للاستعارة”[51]وحدد طه عبد الرحمان للاستعارة خاصيتين أساسيتين، هما[52]:
-خاصية التباين:
التباين هو الأمر الذي يحصل بين جنس( المستعار أو المستعار منه)، وجنس(المستعار)،ومن الأمثلة التي يقترحها طه عبد الرحمان ويشرحها: “ضحكت الشمس“، فالضحك يحيل على معنى “الإشراق” الذي يدخل في جنس الإنسان، وهو مباين لجنس المستعار له:” الشمس”، وعلى هذا الأساس يصبح من المُتعذَّر كما يقول طه عبد الرحمان إصدار الحكم على القول الاستعاري بالصدق أو الكذب، ومن ثم يصبح المنطق بآلياته الصورية قاصرا على تفسير القول الاستعاري وتحليله.
– خاصية تحصيل الفائدة:
بحيث تكون فائدة القول الاستعاري أقوى من القول الحقيقي، وهذا الأمر نجده عند كثير من البلاغيين العرب والغربيين على السواء، فالاستعارة أبلغ من الحقيقة وأكثر فائدة وقدرة على التصوير والتأثير وتقريب المعنى، ومن الأمثلة التي وظفها طه عبد الرحمان نورد مثال: “ضحكت الشمس” التي يعتبرها أقوى فائدة من العبارة الشارحة لها: “أشرقت الشمس”. وانطلاقا من الخاصيتين السالفتي الذكر، يرى طه عبد الرحمان أن القول الاستعاري لا يمكن دراسته وفهمه بناء على منطلقات الدوال الصورية، ومبادئ المنطق:( مبدأ التبعية، مبدأ استقلال الجزء، مبدأ ثبات الدلالة، مبدأ التوازي التركيبي الدلالي)، لهذا يقول: “وعلى هذا يلزمنا ترك طريق الدوال الصورية ومبادئها المنطقية، وطلب طريق تخاطبي حجاجي يقرُّ بحقيقة الالتباس والتعارض في الاستعارة”[53]وهو بذلك يقدّم تصوّرا جديدا لتناول علاقات المعنى وتحولات الدلالة، وما تؤديه من وظائف، في سياق تداولها في إطار تخاطبي، لتبرز للاستعارة بعدها الاجتماعي والثقافي، وهذا ما منحها ميزتها التفضيلية في فكر الجرجاني حينما جعلها من مقتضيات النّظم، فالتحوّل الدّلالي لا يتأتّى للّفظة معزولة عن السّياق، ذلك أنّ للألفاظ قابلية للدخول في علاقات تركيبية مكونة جملا ونصوصا، الأمر الذي يكسبها دلالات جديدة، بتعدد السياقات النّصيّة وتغيّر الاستعمالات التخاطبية. وعلى هذا الأساس نستطيع أن نقول أن الاستعارة تشكل جوهر اللغة الإنسانية عامة، وإحدى ميزات اللغة العربية، تهدف كما يشير إلى ذلك طه عبدالرحمان من منطلق حجاجيتها وقدرتها الخلاقة إلى التأثير في المتلقي ودفعه إلى الإذعان للقول، وهذا الاستنتاج هو ما اشتغل عليه عبد القاهر الجرجاني خاصة عند النظر في الاستعارات القرآنية التي تعامل معها باعتبارها بنيات لغوية ذات وظيفة عملية وحجاجية تنسجم مع الغاية الكبرى من الخطاب القرآني الذي يهدف إلى إقناع النّاس بتشريعاته وقوانينه ورؤيته الوجودية للأشياء ولطبيعة العلاقات الإنسانية، التي يجب أن تسود عالم الأرض لتحقيق فكرة الاستخلاف المُؤَسِّس للعدالة.
على سبيل الختم
الاستعارة تحول دلالي، تبثُّ الحياة في اللغة، من خلال حركة امتدادية بين تركيباتها التي تخضع إلى تحولات متجددة تبعا لسياقاتها ومقاماتها، ويقترن هذا التحوّل بمعطيات ثقافية واجتماعية وتاريخية، بحيث يمكّنُ “من خلخلة الأعراف بواسطة اقتراح تشابهات غير ملحوظة للوهلة الأولى”، لذلك يسهم توظيفها في التواصل إلى تكسير النمطية في التعبير. بالإضافة إلى ذلك؛ فالاستعارة خاصية من خصائص اللغة اليومية المتداولة، كما هي خاصية من خصائص العمل الإبداعي، بما تخلقه من ثراء لغويٍّ، وما ترسمه من أبعاد فنية وجمالية، تُسهم في الاستجابة لخصوصيات النص في مستوياته المعرفية والحجاجية والجمالية، اعتباراً لكون “النّص هو ميدان الكشف عن الاستعارة، والاستعارة هي قوة خلق وإبداع في النّص، تؤدي وظيفتها داخل التجربة الإبداعية كاملة، أي داخل النّص حيث تؤدي أغراضاً لا يمكن أن تؤديها العبارة الحقيقية إذا جاءت في نفس موضع الاستعارة النّظم أي من النّص، وأعمُّ أفعالها أنّها تشكّل مواقف نفسية، ورؤى إنسانية يطلبها السّياق أو الموقف المراد التّعبير عنه في النّص”. وعلى هذا الأساس، يمكننا القول أن التحولات الدلالية التي تعرفها الاستعارة، بما تنشئه من علاقات جديدة بين الألفاظ والمعاني، وبما تحققه من تواصل بين المرسل والمتلقي، وبما تخلقه من شبكة دلالية موسّعة، هي ما يعطيها قوتها الحجاجية والمعرفية، وبعدها البياني، ورمزيتها التصويرية والجمالية.
قائمة المصادر والمراجع:
القرآن الكريم.
- أحمد بن فارس: “معجم مقاييس اللغة”، تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون، دار الفكر للنشر والتوزيع، 1979.
- أبو بكر العزاوي : اللغة والحجاج، مؤسسة رحاب الحديثة، بيروت، لبنان، 2009.
- أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي: مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح،ج4، ضمن كتاب “شروح التلخيص”، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان.
- أحمد عبد السيد الصاوي: “فن الاستعارة”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الاسكندرية.
- أحمد عبد السيد الصاوي: “مفهوم الاستعارة في بحوث اللغويين والنقاد والبلاغيين”، منشأة المعارف الاسكندرية، 1988.
- توفيق حمدي: “موقف عبد القاهر من الاستعارة”، مقال ضمن “عبد القاهر الجرجاني، أعمال ندوة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس، 1998.
- الحسن بن بشر الآمدي:”الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري”،تحقيق السيد أحمد صقر، دار المعارف.
- الحسن بن عبد الله، أبو هلال العسكري: “الصناعتين: الكتابة والشعر”، تحقيق محمد علي البجاوي ومحمد أبو ابراهيم فضل،ط1، 1371ه/1952م.
- سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد، مدخل إلى السيميوطيقا، ج1، ط2، الدارالبيضاء، دار قرطبة.
- طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء، ط1، 1998.
- طه عبد الرحمن: تجديد المنهج في تقويم التراث الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط 1.
- عبد الله بن مسلم بن قتيبة: “تأويل مشكل القرآن، شرحه ونشره السيد أحمد صقر.المكتبة العلمية.
- عبدالإله سليم: بنيات المشابهة في اللغة العربية، مقاربة معرفية، دار توبقال للنشر، الدارالبيضاء، المغرب، ط1، 2001ـ
- علي عبد الواحد وافي: اللغة والمجتمع، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، ط4، 1983.
- عبد القاهر الجرجاني: “دلائل الإعجاز في علم المعاني”، تقديم وشرح ياسين الأيّوبي، المكتبة العصرية، 2011م، 1432ه.
- عبد القاهر الجرحاني: أسرار البلاغة، قراءة وتعليق محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، ط1، 1991.
- عثمان بن جني: الخصائص، تحقيق محمد علي النّجّار، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط5 ،2010 .
- علي بن عبد العزيز الجرجاني: الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البَجاوي، المكتبة العصرية ط 1،2006م- 1427ه.
- عمرو بن بحر، الجاحظ: “البيان والتبيين”، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون ،مطبعة المدني، ط7، 1998.
- ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني والخطابي وعبد القاهر الجرجاني، تحقيق محمد خلف الله أحمد ومحمد زغلول سلام، دار المعارف بمصر، القاهرة، (د.ت).
– بول ريكور: نظرية التأويل –الخطاب وفائض المعنى- ،ترجمة سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط2، 2006.
– جان كوهن: بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، الدارالبيضاء، دار توبقال،1986.
- جورج لا يكوف ومارك جونسون: الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال للنشر، الدارالبيضاء.
- جوزيف فندريس: اللغة، تعريب: عبد الحميد الدواخلي ومحمد القصاص، مطبعة لجنة البيان العربي.
– ريتشاردز : فلسفة البلاغة ، ترجمة سعيد الغانمي وناصر حلاوي، افريقيا الشرق، 2002.
– مجلة المناظرة ، العدد 4،شوال1411ـ مايو،1991، الرباط.
– ch Perlman et Olbrechts tyteca:”Traité de l’argumentation. la nouvelle Rhétoriques”.Paris .presses universitaires de France.1958.
[1]– علي عبد الواحد وافي: اللغة والمجتمع، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، ط4، 1983ص 11.
[2]– سورة البقرة، الآية: 275.
[3]– عثمان بن جني: الخصائص، تحقيق محمد علي النّجّار، الهيئة المصرية العامة للكتاب،ج2، ط5 ، 2010 ، ص444.
[4]– جوزيف فندريس: اللغة، تعريب: عبد الحميد الدواخلي ومحمد القصاص، مطبعة لجنة البيان العربي، ص 256.
[5]– علي بن عبد العزيز الجرجاني: الوساطة بين المتنبي وخصومه، تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البَجاوي، المكتبة العصرية ط 1،2006م- 1427ه. ص 356.
[6]– عمرو بن بحر الجاحظ :”البيان والتبيين” تحقيق عبد السلام هارون، نشر مكتبة الخانجي، القاهرة، ج1،ط7، ص153.
[7]– عبد الله بن قتيبة: “تأويل مشكل القرآن، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، المكتبة العلمية، ص 135-136.
[8]– الحسن بن بشر الآمدي: “الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري”، تحقيق السيد أحمد صقر، دار المعارف،ج1، ط4 ،ص 266.
[9]– علي بن عبد العزيز الجرجاني: “الوساطة بين المتنبي وخصومه”، تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، المكتبة العصرية، صيدا- بيروت، ط1، 1427ه 2006م، ص45.
[10]– علي بن عبد العزيز الجرجاني : الوساطة بين المتنبي وخصومه”، تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي، المكتبة العصرية صيدا بيروت ط1، 1427ه 2006م ، ص 356.
[11]– الجاحظ: “البيان والتبيين”، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون ، مطبعة المدني، القاهرة، ج1، ط7، 1998، ص93.
[12]-عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز في علم المعاني، شرح وتقديم ياسين الأيوبي، المكتبة العصرية، صيدا-بيروت، 1432ه/2011م. ص 262.
[13]– عبد القاهر الجرجاني:دلائل الإعجاز في علم المعاني، شرح وتقديم ياسين الأيوبي، المكتبة العصرية، صيدا-بيروت 1432ه/2011م، ص 130.
[14]– عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز في علم المعاني، شرح وتقديم ياسين الأيوبي، المكتبة العصرية، صيدا- بيروت،2011،ص401.
[15]-عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز في علم المعاني، شرح وتقديم ياسين الأيوبي، المكتبة العصرية، صيدا- بيروت،2011،ص401.
[16]– أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي: مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح ، ضمن كتاب “شروح التلخيص”، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، ج4، ص 59.
[17] – سيزا قاسم ونصر حامد أبو زيد، مدخل إلى السيميوطيقا، الدار البيضاء، دار قرطبة، ج1، ط2،ص102.
[18]– بول ريكور : نظرية التأويل – الخطاب وفائض المعنى- ،ترجمة سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، ط2، 2006،ص 95.
[19]– من مثل: الصفات التي أطلقها أبو تمام على الدهر والحلم والموت والزمان والماء وغيرها…
يقول أبو تمام: رقيق حواشي الحلم لو أن حلمه بكفيك ما ماريت في أنّه برد
ويقول أيضاً: لا تسقني ماء الملام فإننــــــــــــــــي صب قد استعذبت ماء بكائي
[20]– سورة القلم، الآية: 42.
[21]– أبو هلال الحسن العسكري: كتاب الصناعتين، الكتابة والشّعر، تحقيق محمد علي البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، ط1، 1371ه- 1952،ص268.
[22]– سورة الحِجر، الآية :94.
[23]– “يقال صَدعْتُه فانْصَدع وتصدَّعَ وصَدَعْتُ الفلاةَ: قطعتها”، أحمد بن فارس: “معجم مقاييس اللغة”، تحقيق وضبط عبد السلام محمد هارون، مادة (صدع)، ج3.دار الفكر للنشر والتوزيع، 1979.
[24]– عبد القاهر الجرحاني: أسرار البلاغة ، قراءة وتعليق محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، ط1، 1991،ص42 .
[25]-عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة ، قراءة وتعليق محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، ط1، 1991، ص43.
[26]– ريتشاردز: فلسفة البلاغة، ترجمة سعيد الغانمي وناصر حلاوي، افريقيا الشرق، المغرب،2002، ص 96.
[27]– جورج لا يكوف ومارك جونسون : الاستعارات التي نحيا بها، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال للنشر،الدارالبيضاء،ط2، 2009،ص15.
[28]-ابن قتيبة:”تأويل مشكل القرآن”، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، المكتبة العلمية. ص132.
[29]– ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن”، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، المكتبة العلمية ، ص113.
[30]-ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن”، شرحه ونشره السيد أحمد صقر، المكتبة العلمية ،صص167-168.
[31] – سورة الأنعام، الآية:68.
[32] – سورة الأعراف، الآية :21.
[35] – ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني والخطابي وعبد القاهر الجرجاني، تحقيق محمد خلف الله أحمد ومحمد زغلول سلام، دار المعارف بمصر، القاهرة، (د.ت)،ط3، ص91.
[36]– أحمد عبد السيد الصاوي: “مفهوم الاستعارة في بحوث اللغويين والنقاد والبلاغيين”، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1988ص140.
[37]– عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة ، تعليق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، جدة،ط1،1991 ،ص 43.
[38]– عمرو بن بحر الجاحظ: البيان والتبيين ،تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ج1، ط7، 1998، ص83.
[39]– الحسن بن عبد الله، أبو هلال العسكري: “الصناعتين: الكتابة والشعر”، تحقيق محمد علي البجاوي ومحمد أبو ابراهيم فضل،دار إحياء الكتب العربية،ط1، 1371ه/1952م، ص 57.
[40]-عبد القاهر الجرجاني: أسرار البلاغة، تعليق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، جدة،ط1،1991 ،ص26
[41]– ريتشاردز : فلسفة البلاغة، ترجمة سعيد الغانمي وناصر حلاوي، افريقيا الشرق، المغرب،2002، ص93.
[42]– أحمد عبد السيد الصاوي:” فن الاستعارة”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الاسكندرية، ص ص 118-119.
[43]– جان كوهن : بنية اللغة الشعرية، ترجمة محمد الولي ومحمد العمري، الدارالبيضاء، دار توبقال، 1986، ص206.
[44]– ch Perlman et Olbrechts tyteca , Traité de l’argumentation.la nouvelle Rhétoriques.Paris.presses universitaires de France.1958.P535
[45]– أبو بكر العزاوي: اللغة والحجاج، مؤسسة رحاب الحديثة، بيروت، لبنان، 2009، ص107.
[46]– طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء،ط1، 1998،ص309.
[47]– طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط1، 1998، ص310.
[48] – طه عبد الرحمن : تجديد المنهج في تقويم التراث الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط 1، ص 243.
[49] – يحدد طه عبد الرحمن المجال التداولي في ثلاثة محددات: اللغة والعقيدة والمعرفة، ويشرح هذه الثلاثية بقوله: “فاستعمال اللغة إذن أن تكون مبينة، واستعمال العقيدة أن تكون راسخة، واستعمال المعرفة اْن تكون نافعة… واستكمال اللغة، إذن، أن تكون مبلّغة، واستكمال العقيدة أن تكون مقومة، واستكمال المعرفة أن تكون محققة” طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث، الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط 1، ص 248.
[50] – طه عبد الرحمان: “الاستعارة بين حساب المنطق ونظرية الحجاج” ،مجلة المناظرة ، العدد 4، مايو1991 م، ص 53.
[51] – طه عبد الرحمان: “الاستعارة بين حساب المنطق ونظرية الحجاج” ،مجلة المناظرة ، العدد 4، مايو1991 م، ص54.
[52] – لمزيد من التفصيل، يرجى العودة إلى كتاب طه عبد الرحمن” اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء، ط1، 1998، ص 207 فما فوق.
[53] – طه عبد الرحمن: اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، المركز الثقافي العربي، الدارالبيضاء، ط1، 1998، ص304.