
المقاربة الأمنية في توجيه السياسات العامة و دورها في صناعة التطرف و الارهاب
The security approach in guiding public policies and their role in the industry of extremism and terrorism
أ م د .محمد نور البصراتى- أستاذ العلوم السياسية المساعد
كلية السياسة و الاقتصاد – جامعة بنى سويف – مصر
Dr. Mohamed Nour Elbosraty Assistant Professor of Political Science Faculty of Politics and Economics Beni Suef University
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية العدد 26 الصفحة 11.
Abstract:
The political system in each country, which determines how public policy is, and thus determines the role of individuals and official institutions and non-formal in identifying problems and response , and stops satisfaction People on the success of those policies in meeting the needs of society, and public policy are not always confined to what implemented by the government of work and legislate from the rules, regulations and laws, but also on what neglected or refrain from door legislation.
Increased rates of poverty and illiteracy and ignorance and marginalization and human rights abuses and squandering the principles of citizenship, all data lead to dissatisfaction, which turns turn to protest, and that the system was not able to accommodate those protests and to deal with the requirements and modify public policies towards its citizens, they could turn the protests into extremism in ideas and terrorism in the act, and therefore public policies are not far from its role in the radicalization industry and terrorism.
Keywords : Policies – Extremism – Terrorism
ملخص :
إن النظام السياسي في كل دولة هو الذي يحدد كيفية رسم السياسة العامة ، و بالتالي يحدد دور الأفراد و المؤسسات الرسمية و الغير رسمية في تحديد المشاكل ومواجهتها ، ويتوقف الرضا الشعبي على نجاح تلك السياسات في تلبية احتياجات المجتمع ، و السياسات العامة ليست محصورة دائماً على ما ينفذه النظام من أعمال وما يشرعه من لوائح وأنظمة وقوانين , بل تشمل أيضاً على ما يهمله أو يمتنع عن فعلة أو تشريعه.
فزيادة معدلات الفقر و الامية و الجهل و التهميش و انتهاكات حقوق الانسان و اهدار مبادئ المواطنة ، كلها معطيات تؤدى لعدم الرضا الذى يتحول بدوره الى احتجاج ، وان لم يكن النظام قادرا على استيعاب تلك الاحتجاجات و التعاطي مع متطلباتها وتعديل سياساته العامة تجاه مواطنيه ، فإنها قد تتحول تلك الاحتجاجات الى تطرف في الافكار و إرهاب في الفعل ، و بالتالي فالسياسات العامة ليست بعيدة عن التأثير في صناعة التطرف و الارهاب .
الكلمات المفتاحية : السياسات العامة – التطرف – الارهاب .
مقدمة :
تعتبر السياسات العامة أداة شديدة الأهمية تعتمدها السلطات العامة لحلّ معضلة اقتصادية أو اجتماعية معينة أو الحصول على نتيجة يرغب فيها المجتمع، ويتعذر بلوغها بشكل تلقائي من دون تدخّل الحكومة. وتتطلب عمليّات صياغة السياسات العامّة وتنفيذها بشكل فعّال على أرض الواقع وتقييم تأثيراتها المباشرة والثانوية في الأفق المنظور وعلى المدى البعيد توفر مجموعة من الشروط السياسية، والمؤهلات المؤسساتية، والقدرات الفنية، والجهود التواصلية بهدف تحقيق الفائدة القصوى للمواطنين[1].
و لا شك أن المتتبع لما يجرى على الساحة السياسية و الاجتماع ية من أبحاث ومؤتمرات وندوات ، في تلك الفترة يجدها لا تخلى من الحديث عن التطرف و الارهاب ، ودور الحكومات في الدول المتقدمة و النامية في محاربة تلك الظواهر، بل وتخصيص المؤسسات الدولية لجزء كبير من جهدها و مواردها من أجل وضع اليات لمكافحة الارهاب ، ولكن الى أي مدى ساهمت تلك النشاطات في وضع مفهوم للإرهاب؟ ، ولماذا يختلف ذلك المفهوم من حكومة لأخرى ، ولماذا تخول الحكومات لنفسها تحديد مفهوم الإرهاب وذلك بما يتماشى مع سياساتها ويعزز من قدرتها على استخدام ذلك المفهوم في دعم وجودها في السلطة وربما للقضاء على معارضيها ، و السؤال المهم أين يصنع الارهاب؟ ، وما هي ظروف صناعته، وما هي الادوات المساهمة في صناعته ، وما هي تمويلات صناعته ، ومن هم العناصر الاكثر انخراطاً في مثل هذه الظواهر ، وهل التوجهات الدينية بما تحتويها من خطاب و اليات و مناهج هي المسئولة عن صناعة التطرف و الارهاب ، وهل دعوة الحكومات لتجديد الخطاب الديني هي العامل الحاسم في مكافحة التطرف و الارهاب ؟ أم ان الدول لا تدخر جهداً في مكافحة الارهاب على الرغم من أن سياستها العامة هي المسئول الأول عن صناعة التطرف و الارهاب ، وأن المقاربة الامنية في توجيه السياسات العامة فقط دون الاستناد الى مقاربات أخرى قد تكون مسئولة عن نشر التطرف و الارهاب، والدراسة تتجه الى محاولة التعرف على مفهوم الارهاب من وجهة نظر بعض الدول .
وتأتى أهمية الدراسة في وقت ينظر فيه لسمات ظاهرتى التطرف و الارهاب انهما يرتبطان شرطياً بالحركات الاسلامية عموماً و الحركات المتشددة خصوصاً ، وان العنصر الرئيسي في صناعة التطرف و الارهاب هو الفهم الخاطئ للدين و الخطاب الديني ،و ان المعالجة اللازمة لتلك الظواهر لا تتخذ الطريق الصحيح ، حيث تغفل مدخلات صناعة تلك الظواهر( التطرف و الارهاب) و تهتم بالمخرجات فقط .
الفرضية الأساسية للدراسة : تقوم على اعتبار ان عامل التأثير و المحدد الاهم لدى جماعات العنف والتطرف بكل تياراته ، يتأثر بالسيسيولوجيا قبل الايديولوجيا ، وهي إن كانت تستطيع ان توظف الموروث و العقيدة الدينية كرأسمال رمزي بما يحمل من فائض قيمة تاريخي ، إلا ان هذا الموروث ، والمتمثل بنصوص أو طقوس والموجود منذ مئات السنين ، لن يكتسب طاقة وحركة فاعلة ولن يتحول إلى ايديولوجيا، إلا في إطار اجتماعي- سياسي واقع ، ولذا يمكن القول أن المغذيات الحقيقية للعنف والتطرف موجودة في الواقع الذي يعيش فيه الانسان ككائن مفكر وفاعل.
وهو واقع يؤول فيه اختلالات العدالة الاجتماع ية والاستبداد والتهميش السياسي ، كمدخلات سياسية واجتماعية محورية، لصناعة العنف و التطرف ، والعكس صحيح ففي حالات الدمج والمشاركة و الاعتدال و العدالة الاجتماع ية تتكون المخرجات من انتماء و استقرار و نمو وتحتسب المحصلة على أساس مؤشرات سياسية واجتماعية وممارسات قابلة للقياس.
ومشكلة الدراسة تدور حول اهتمام الدول بآليات مكافحة التطرف و الارهاب من منظور أمنى ، دون النظر الى كيفية الوقاية من التطرف أو تقييم سياساتها العامة التي قد تكون في بعض الاحيان بيئة حاضنة لصناعة التطرف و الارهاب ،فالإخفاق في طرح المشكلة بالشكل الصحيح و المناسب مع تفاعلاتها ودراستها علمياً واختزالها في شعار “مكافحة الإرهاب” ليس إلا وقود للمزيد من التشدد و التطرف و الارهاب .
وتقسم الدراسة في ثلاث محاور :
الأول : السياسات العامة و التطرف بين المفهوم و الابعاد .
الثاني – مقاربات توجيه السياسات العامة.
الثالث : مؤشر التوجه الأمني السياسات العامة تجاه صنع التطرف و الارهاب .
أولاً : السياسات العامة و التطرف بين المفهوم و الابعاد .
السياسة العامة :
تتعدد تعريفات السياسة العامة لتشمل كافة نواحي القرارات التي تصدر عن الحكومة ، أو التي تصرح بها من أجل اتمام مطالب مجتمعية ،وتتسم السياسة العامة التي يقررها و ينفذها النظام السياسي بالتنوع و الشمول الذي يمس كافة جوانب الحياة في المجتمع .
- السياسة العامة هي قدرة الحكومة فياستخدام الموارد المتاحة في الدولة بكفاءة لصالح المواطنين .
- السياسة العامة هي المخرجات التي تخص نظام سياسي معين في دولة ما .
- السياسة العامة عبارة عن الخطط و الأهداف الموكلة للجهاز الإداري في تنفيذها بمعنى ترجمة تلك الاهداف إلى واقع عملي ، وهذا الجهاز يطلق عليه لفظ الحكومة .
- السياسة العامة أو السياسة الحكومية هي ما تقوم به الحكومة أو تعتزم القيام به لحل مشكلة عامة تواجه المجتمع لتوفير حاجات يتطلبها المجتمع أو لتحقيق أهداف ينشدها المجتمع ومن اجل ذلك تقوم الحكومة بعدة اجراءات لحماية ورعاية وخدمة الصالح العام [2] .
كل هذه المفاهيم توضح لنا ان مخرجات السياسة العامة تكون مسئولية النظام في المقام الأول ، ومدى قدرته على تحويل الاهداف الى اجراءات يرضى عنها الشعب .
وصنع السياسات العامة لحل مشاكل المجتمع هي عملية سياسية في المقام الأول ، تتميز بالصعوبة و التعقيد و تختلف طبيعة وإجراءات صنع السياسة العامة من دولة إلى أخرى تبعا للنظام السياسي ودور الأجهزة الحكومية و غير الحكومية في كل منها[3]، وبمعنى اقرب للوضوح يمكن القول أن السياسة العامة هي نتاج تفاعل ديناميكي معقد يتم في إطار نظام فكري بيئي سياسي محدد تشترك فيه عناصر معينة رسمية وغير رسمية يحددها النظام السياسي ، ومن أهم هذه العناصر: دستور الحكم في الدولة الأيديولوجية أو الفلسفة السياسية للسلطة الحاكمة ، السلطة التشريعية ، السلطة التنفيذية ،السلطة القضائية، الأحزاب السياسية، جماعات المصالح، الصحافة و الرأي العام، الإمكانات و الموارد المتاحة وطبيعة الظروف العامة للبلد[4]
و صنع السياسة العامة ليس عملية سهلة، بل هي على درجة من الصعوبة و التعقيد، فهي عملية حركية بالغة الحساسية ، تشمل على العديد من المتغيرات و المؤثرات و عوامل الضغط التي يؤدي تداخلها و تفاعلها المستمران إلى إنتاج سلسة من ردود الفعل التي تنصرف بدورها إلى كل جوانب العمل داخل النظام السياسي.
و بمعنى آخر أن النظام السياسي في كل دولة هو الذي يحدد كيفية رسم السياسة العامة ، و بالتالي يحدد دور الأفراد و الجماعات غير الرسمية في تحديد المشاكل وطرحها على الحكومة و في استخلاص الحلول البديلة والاختيار من بينها. و يعين القنوات التي يمكن عن طريقها للأفراد و الجماعات إحداث تأثير في إجراءات العمل الحكومي وفي أصحاب سلطة اتخاذ القرار السياسي الرسمي مما يترتب عليه تبني حلولا يقترحونها كسياسة عامة.
وتنطوي عملية صنع السياسة العامة على عدة خصائص، وتمر بمراحل مختلفة في طبيعتها و حدتها و تعقيدها من دولة لأخرى وفقا لعوامل كثيرة أهمها النظام السياسي و نظام الحكم في كل منه[5] ، وتتسم عملية صنع السياسة العامة بالاتي :
- معقدة: لأنها مترابطة بواسطة أنشطة من الاتصالات والتغذية العكسية.
- عملية ديناميكية : صنع السياسة هي عملية فعالة ومستمرة وتتطلب مدخلات مستمرة للموارد والدوافع وتتغير مع الوقت أو الزمن.
- ذات مكونات متنوعة : مثل المؤسسات السياسية , أو الثقافة السياسية ,النخبة المدنية ، والنخبة العسكرية ونجد دورها في الدول المتأخرة ديمقراطياً.
- لها إسهامات مختلفة : من خلال تأثيرها على البني الفوقية باتجاه العمل لرسم السياسة العامة…ويقصد بالمساهمات المختلفة لصنع السياسة العامة هي فعالية البرلمان مثلا والرأي العام, جماعات الضغط والمصالح.
- موجهه نحو المستقبل : وهذه أهم خاصية لعملية صنع السياسة (المستقبل)
- تنجز عن طريق الأجهزة الحكومية : الفرق بين صنع السياسة الخاصة وصنع السياسة العامة تكمن في أن الأخيرة تنجزها الأجهزة الحكومية.
- تتضمن تحقيق الاهداف بأفضل الوسائل الممكنة.
وينقسم تخطيط و تنفيذ السياسة العامة الى ثلاث حالات : الأول ى وتشمل الخطط و الاجراءات العامة التي تمس المجتمع بالكامل ، بينما الحالة الثانيةوهى الخطط و الاجراءات التي تتخذها الحكومة تجاه مشكلة معينة تخص قطاع محدد من المجتمع ، وتأتى الحالة الثالثة لتشمل الخطط التي تتخذها الحكومة لمواجهة مخاطر طارئة وقدرتها على ادارة تلك المخاطر[6]، و بالتالي عند تقييم السياسات العامة يجب ان ترصد قدرة الحكومة على التعامل مع الثلاث حالات السابقة .
ويمكن القول أن المواطن لا يعنيه كثيراً تغيير الحكومات أو إجراء تعديل عليها ، فهذه مسألة ثانوية قد تشغله بعض الوقت ، ولكنها لا تحقق له أهدافه التي يتطلع اليها من أجل ايجاد حلول لمشاكله اليومية ، و السياسات التي تتطلب إحداث التغيير المخطط[7].
** التطرف :
التطرف يقصد به في الغالب الخروج عما اعتاده وألفه الناس من أفكار وسلوكيات وأحوال، ولا يقتصر التطرف على المجال الديني فحسب ، بل قد يطال كل المجالات، السياسي والاقتصاد ي و الاجتماع ي وحتى الرياضي منها[8]، وفي تقرير نشره مرصد الأزهر عن أسباب التطرف ، أوضح التقرير أن غياب العدل والإحساس بالقهر وعدم المساواة في الحقوق، وانعدام العدالة الاجتماع ية، والبطالة، و انتشار الفقر، وانعدام مقومات الحياة، كلها محبطات يتعرض لها الشاب ، فيخرج الشاب لهذه الأسباب وغيرها ناقمًا على مجتمعه كارهًا لمن حوله فيؤدى به إلى البحث عن طريقة للتشفي والانتقام ممن كان سببًا في وضعه المتدهور، فلا يجد أفضل من الجماعات المتطرفة التي توهمه بالجنة وتحببه في أفكارها وتغدق عليه من أموالها لينفذ مخططاتهم في تكفير الحكومات والمجتمعات[9].
** الإرهاب :
هو أي عمل يهدف إلى ترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف لا تجيزها القوانين المحلية أو الدولية[10]، وانطلاقاً من التعريف أعلاه يمكننا التوسع في مفهوم الإرهاب من خلال التعرف على أنواعه الرئيسية، والأشكال التي يتخذها في كل منها….
- الإرهاب الفردي: وهو فعل يرتكبه الفرد لأسباب عديدة .
- الإرهاب الجماعي الغير المنظم: تقوم به مجموعات غير منظمة لتحقيق مآرب خاصة
- الإرهاب الجماعي المنظم: تقوم به جماعات منظمة تمولها وتشرف عليها مؤسسات أو هيئات أو دول معلنة أو غير معلنة .
- الإرهاب الدولي :
وهو الذي تمارسه مجموعات عابرة للحدود تنتشر في عدة دول ، أو دولة واحدة أو أكثر عن طريق تسخير إمكانياتها لتحقيق أهداف غير قانونية.
ثانياً–مقاربات توجيه السياسات العامة :
تتعدد المقاربات و المحاور التي توجه السياسات العامة بين اقتصادي و اجتماعي و أمنى لتلبية الاحتياجات والطموحات و العمل على ضمان رضا المواطنين ، والاعتماد على مقاربة واحدة واهمال المقاربات الاخرى في توجيه السياسات العامة قد ينشأ خلل في مخرجات تلك السياسات العامة، ونظراً لان الانظمة العربية غالباً ما تستحوذ فيها السلطة التنفيذية على جميع السلطات ، فيصبح صنع السياسات العامة مرتكز في يد تلك السلطة التنفيذية ، دون اعتبارات صنع السياسة العامة التي يشترك فيها السلطات الرسمية و المكونات غير الرسمية داخل النظام السياسي كالأحزاب و المجتمع المدني و النخب …الخ .
وتأتى المقاربة الامنية لتكون عامل مكمل للمقاربات الاخرى دون اهمال باقي المقاربات ، وتمثل هذه المقاربة في بعض الاحيان أحد المفاتيح الذهنية المحورية لصناعة الارهاب والتطرف في العالم العربي ، وللأسف يقع البعض في الفخ حين يحصر حديثه وتحليله في “النص الديني” ونقد الموروث الفقهي في إطار مكافحة الإرهاب وتقصي أسبابه ، ويتغاضى تماماً ، أو يقلل من حجم وأهمية الشروط الموضوعية المنتجة له ، والمغذيات السوسيولوجية التي توّلده ، وفي مقدمتها السياسات العامة وما تحويها من عوامل الاستبداد السياسي والاقصاء والتهميش الاجتماع ي وأزمة الشرعية السياسية المتنامية في الدول والمجتمعات العربية .
و التطرف و الارهاب عموماً يعدا في جوهرهما نشاطاً يستخدم مؤيدوه العنف نتيجة اليأس من سياسات عامة ، وهو نشاط يخرج عن السيطرة بسبب عوامل عدة من أهمها : التمييز السياسي، و التهميش، فالجماعات التي تعانى من الاقصاء و الاستبعاد من المجال السياسي ، ومن وحشية القمع الأمني وعنفه لمدى طويل، لا تجد منفذاً لها الا من خلال الانشطة العنيفة ، التي تعبر عن جام غضبها المكبوت تجاه الخصم، وتجاه المجتمع على حد سواء ، حيث يشترك هذا المجتمع من وجهة نظرهم في المسئولية عما هم عليه، بسبب صمته وتراخيه ، عن دعمهم و التصدي لعنف النظام القائم تجاههم .
ثالثاً–مؤشر التوجه الأمني للسياسات العامة تجاه صنع التطرف و الإرهاب :
هناك عدة مؤشرات للسياسات العامة تسهم في تعزيز الاحباط وتساعد على توسيع الفجوة بين الشعب والنظام ، فاليأس من اقدام نظم الحكم على وضع سياسات اصلاحية في الشأن السياسي والاقتصاد ي و الاجتماع ي قد يؤدى الى تنامى روح العداء والسخط على المجتمع و مؤسساته ، ومن ثم فتلك السياسات قد تكون الدافع الرئيسي للتطرف و الارهاب ، وعلى سبيل المثال :-
- انتهاكات حقوق الانسان و الحريات العامة :
تشريعات مقيدة للحريات : سنت الدولة تشريعات استثنائية تعطى غطاء لانتهاكات حقوق الانسان والحريات العامة وذلك تحت ذريعة حماية أمن الدولة ، فمصر ظلت أكثر من 30 عاماً يحكمها قانون للطوارئ وهو قانون يرسخ للاستبداد ، حيث انه كان يجعل منه دستورا ثانيا يوفر للسلطة حصانة إزاء انتهاكات حقوق الإنسان وتهميش الدستور الأصلي والقانون ، فالضمانات التي يتحدث عنها القانون لحماية حق المعتقل لم تكن تطبق في الواقع ، بل ان أكثر عمليات التعذيب تمت تحت طائلة الطوارئ ، وقد استخدم قانون الطوارئ وغيره من القوانين المقيدة للحريات المدنية والسياسية في سياق استفادة النظام لقطع السبيل أمام مشاركة فعالة في إدارة الشؤون العامة للبلاد، وكأداة ردع في مواجهة المعارضين السياسيين ممن ينتهجون منهجا سلميا في العمل السياسي ، ونتيجة سياسات النظام في استخدام العنف ضد المعارضين و التعتيم على مرتكبي جرائم التعذيب ومساندتهم ذاد حجم سخط الشعب تجاه الشرطة[11]، مما كان له الاثر الاكبر في التطرف في الفعل من حيث حرق و اقتحام معظم أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز إبان ثورة 25 يناير 2011 .
وخلال ادارة المرحلة الانتقالية بقيادة المجلس العسكري ظهرت محاولات وضع ضوابط للتظاهر ، ولكن واجه مشروع القانون عدة اعتراضات أرجأت من ظهوره للعلن ، وخلال حكم الرئيس محمد مرسى شرع النظام السياسي في إصدار تشريع ينظم التظاهر ، ولكن لم تمهل الاحداث له الظهور الى النور، و بعد 3 / 7 / 2013 قامت السلطة بإصدار قانون ينظم الحق في التظاهر[12]، ويمنع نهائياً الاعتصام ، هو ما أطلق عليه قانون تقييد التظاهر ، وقد استخدمته السلطة في محاكمة نشطاء كانوا يتظاهرون ضد السياسات العامة للنظام السياسي ،وكذلك أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قانون للإرهاب[13] ، يحمل مواد فضفاضة يجوز استخدامها بالشكل الذى يتوافق مع أهواء السلطة ضد معارضيها ، وما هو الا اعادة صياغة لقانون الطوارئ، وتلى ذلك أن اصدار قانون أخر للكيانات الارهابية[14].
وفي سياق متصل انتشر مصطلح الاختفاء القسري ضد بعض المعارضين ، فقد اعلن نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان ” عبد الغفار شكر ” ان المجلس قد تلقى بلاغات عن 311 مواطنا يرى أقاربهم أنهم تعرضوا للاختفاء القسري وقد أوضحت وزارة الداخلية مصير 238 حالة من إجمالي 266 حالة أرسلت لوزارة الداخلية ، وأفادت الوزارة أنه لا يمكنها تحديد مصير 44 شخصا لم يٌلق القبض عليهم[15]، ولوحظ أن هناك فجوة زمنية بين تغيب بعض الحالات والتاريخ الذى حددته وزارة الداخلية لظهورهم تراوحت بين بضعة أشهر وبضعة أيام[16].
وفيما يخص معاملة السجناء ، فقد رصد تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان عن الفترة من 30 يونيو 2013 الى نهاية عام 2014 ، أن التكدس في أماكن الاحتجاز وفقا لما أعلنته وزارة الداخلية وصل في الأقسام إلى 400 %، و في السجون إلى 160 % ، وقد ذكر المجلس في تقريره أن ذلك يجعل الحياة داخل هذه الأماكن بالغة الصعوبة ، وظاهرة الوفاة داخل أماكن الاحتجاز– كانت قد اختفت تماما ، ولكنها تعود مرة ثانية ، صحيح أنه لا يوجد ما يثبت أن أى من هؤلاء قد مات نتيجة التعذيب إلا أنه أيضا لا يوجد ما يثبت عكس ذلك ، وبطبيعة الحال فإن مشكلة التكدس داخل أماكن الاحتجاز ما زالت قائمة[17]، وفي تقرير المجلس عن عام 2015 أوضح المجلس أن نسبة التكدس تجاوزت في مراكز الاحتجاز الأول ية كأقسام الشرطة ومديريات الأمن 300% ، وفي السجون وصلت قرابة 150% .
وقد ذكر تقرير المجلس القومي لحقوق الانسان أن التوسع في الحبس الاحتياطي لفترات طويلة للمشتبه فيهم ، يهدد أمان المواطنين ، لأنه سيكون فيهم من تبرأ ساحته، فيصبح الحبس الاحتياطي في هذه الحالة عقوبة على جرم لم يرتكب، وهو مؤشر لظلم ابرياء ، ويطالب المجلس بوضع حد أقصى مقبول للحبس الاحتياطي ، كما يطالب بإخلاء سبيل الحالات الإنسانية و الصحية من كبار السن و المرضى ، و كذلك الطلبة الذين لم يتورطوا في أعمال عنف.
- حظر تداول المعلومات :
عقب ثورة 25 يناير 2011، تكرر مشهد شبه يومي أمام الوزارات والهيئات والدواوين والشركات الحكومية والبنوك، حيث كان ينظّم الموظفون فيها وقفات احتجاجية، وقد أمسكوا بأيديهم آلاف الوثائق المدموغة بعبارة “سري جداً” ، فلقد سمحت الحالة السياسية المضطربة آنذاك لهؤلاء الموظفين بالوصول إلى وثائق كثيرة: ميزانيات، قوائم مالية، قروض لرجال أعمال بمليارات الدولارات، عقود تخصيص أراضٍ وموارد، عقود اتفاقيات تجارية واقتصادية وسياسية وقعتها الدولة مع أشخاص ودول، من بينها مثلاً اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل، تقارير رقابية تتضمن مخالفات ضخمة بمليارات الدولارات، معلومات وبيانات صادمة للشعب ، كل هذه الاتفاقيات و المعلومات أو التقارير كان يحظر معرفتها بدعوى الاعتبارات الامنية .
- تجاهل التشريعات الداعمة لحرية تداول المعلومات :
- دستور 2012 ذكرت المادة 47 منه ” الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق، والإفصاح عنها، وتداولها، حق تكفله الدولة لكل مواطن؛ بما لا يمس حرمة الحياة الخاصة، وحقوق الآخرين، ولا يتعارض مع الأمن القومي. وينظم القانون قواعد إيداع الوثائق العامة وحفظها، وطريقة الحصول على المعلومات، والتظلم من رفض إعطائها، وما قد يترتب على هذا الرفض من مساءلة، الا ان القانون لم يصدر.
- دستور 2014، أكدت المادة 68 منه على حرية تداول المعلومات، ونصت على أن المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية. كما وضعت عقوبات على حجب المعلومات، إلا أنها شددت على مراعاة “الأمن القومي”. ولكن إلى الآن…( تاريخ تحرير الدراسة 2019 ) ، لم يرَ قانون “حرية تداول المعلومات” النور.
بل ان التشريعات التي تجرم نشر المعلومات مازالت هى السارية ، ومثال على ذلك ما ذهبت إليه المادة 4 من القانون رقم 28 لسنة 1982 والتي تنص على حبس وتغريم مَن يفشي معلومات اطلع عليها بحكم عمله في الإحصاء أو التعداد، وقانون العاملين المدنيين في الدولة الذي يحظر أن يفضي أي موظف بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو غير ذلك من طرق النشر.
- حظر النشر على الرأي العام :
في الخمس أعوام الاخيرة من 2013 : 2018اتجهت السياسات العامة للنظام تجاه حجب المعلومات الى معدلات غير مسبوقة في تاريخ النظام السياسي المصري- حتى في ظل قانون الطوارئ أيام حكم مبارك – حيث وصل معدل حجب المعلومات و حظر النشر عن الرأي العام في قضايا كانت منظورة أمام القضاء الى عدد كبير من القضايا ، كمثال[18] : –
- – حظر النشر في قضية اغتيال المقدم محمد مبروك من قطاع الأمن الوطني2013.
- – حظر النشر في القضية المعروفة إعلاميا بـالقضية «250 أمن دولة»2013 .
- – حظر النشر في اغتيال اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة أثناء اقتحام كرداسة 2013
- – حظر النشر في قضية التخابر المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى 2014 .
- – حظر النشر في التسريبات المنسوبة إلى شخصيات عامة وقيادات بالدولة 2014 .
- – حظر النشر في واقعة ضبط اللواء أحمد شرف، رئيس هيئة موانئ بورسعيد برشوة
- – حظر النشر في الحادث الإرهابي الذى تعرض له كمين شرطة بمنطقة الضبعة 2014 .
- – حظر النشر في قضية أحداث كنيسة الوراق 2014 .
- – حظر النشر في قضية تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح مرسى 2014.
- – حظر النشر في قضية اغتيال النائب العام هشام بركات2015.
- – حظر النشر في واقعة الرشوة الجنسية لرئيس محكمة جنح مستأنف مدينة نصر 2015
- – حظر النشر في مقتل الصحفية شيماء الصباغ 2015 .
- – حظر النشر في مقتل المحامي كريم حمدي إثر التعذيب في قسم شرطة المطرية 2015.
- – حظر النشر في قضية تورط أعضاء بهيئات قضائية، وضباط شرطة، في اتجار بالآثار2015 .
- – حظر النشر في قضية أنصار بيت المقدس (محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق و تفجير مديرية امن القاهرة و القليوبية) 2015 .
- – حظر النشر في اختطاف أيمن الدسوقي، ضابط أمن الموانئ بمعبر رفح بشمال سيناء 2015 .
- – حظر النشر في قضية رشوة وفساد مسئولي وزارة الزراعة 2015 .
- – حظر النشر في مقتل الفوج السياحي المكسيكي بالصحراء الغربية2015 .
- – حظر النشر في القضية 75 لسنة 2016 المتعلقة بتقرير رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الخاص بالفساد.
- – حظر النشر في قضيه معتقلي 25 ابريل معتقلي الارض 2016 .
- – حظر النشر في القضية رقم 4016 لسنة 2016 الخاصة باقتحام نقابه الصحفين و القبض على صحفيين من داخلها 2016.
- – حظر النشر في القضية رقم 16958 لسنة 2016 إداري حلوان ، الخاصة بضبط سكرتير تحقيق ومحام بتزوير أحكام قضائية.
- – حظر النشر في قضية حرق احراز نيابة الهرم 2016 .
- – حظر النشر في قضية رشوة مجلس الدولة 2017 .
- – حظر النشر في قضية ترشح سامى عنان للانتخابات الرئاسية 2018 .
- التمييز السلبى تجاه المواطنين:
يعد التمييز بين المواطنين واحد من أهم العوامل التي تهدد استقرار المجتمع ، لما قد ينتج عنه من احباط وتنامى عدم الانتماء لمؤسسات الدولة وبالتالي سينتج عنه تطرف في الفعل ضد المجتمع و النظام ، وهناك عدة مؤشرات للتمييز السلبى ضد المصريين ، نذكر منها على سبيل المثال :
- التمييز بين متهمي قضية التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية :
تعتبر القضية رقم 173 لسنة 2011 و المتهم فيها عدد من الجمعيات الاهلية بتلقي تمويلات اجنبية على خلاف أحكام القانون ، والتي يرى النظام الحاكم في ذلك الوقت انها قد تهدد الامن القومي للبلاد، حيث اتهمت النيابة العامة ٤٣ ناشطا من بينهم ١٩ أمريكيا يوجد سبعة منهم في مصر، ولجأ بعضهم إلى سفارة بلدهم، بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية بدون ترخيص، وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج بما يخل بسيادة الدولة المصرية.
وقد غادر عدد من المتهمين الأجانب و الذين يحملون الجنسية الأمريكية مساء يوم 1 مارس 2012 على متن طائرة عسكرية امريكية[19]، بعد موافقة دائرة التظلمات بمحكمة استئناف القاهرة على رفع أسمائهم من قوائم الممنوعين من السفر ، دون غيرهم من المتهمين المصريين ، وفجرت تلك القضية مسألة استقلال القضاء[20]، و التمييز بين المتهمين على أساس الجنسية ، وهو ما أدى لتنامى الشعور بالتمييز السلبى ضد المتهمين المصريين .
- التمييز بين متهمي الشغب في مباريات كرة القدم :
على خلفية أحداث الشغب التي شهدها ستاد برج العرب في 27 يوليو 2017 عند اقامة مباراة بين فريقي الزمالك وأهلي طرابلس، وجهت نيابة العامرية ثان لـ 235 من شباب “وايت نايتس” المصريين في القضية رقم ٩٩٢٤لسنة ٢٠١٧ جنح العامرية ثاني عدة اتهامات ، واحالتهم للنيابة العسكرية بعد أحداث تلفيات فيستاد برج العرب على اعتبار ان الاستاد يخضع للقوات المسلحة [21]، وقد حددت محكمة الجنايات العسكرية جلسة 8 أغسطس 2017 لنظر القضية[22]، الا انه من المفارقات ان يقوم مشجعي نادى الفيصلي الأردني بإحداث شغب في ستاد الاسكندرية عقب انتهاء مباراة بين الفيصلي الأردني والترجي التونسي يوم 6 / 8 / 2017 ، ويتم القبض عليهم ، ولكن تصدر قرارات بالإفراج عن جميع مشجعي الفيصلي الأردني ، واعادتهم سالمين الى بلادهم ، ومن ثم ” وجه على العايد، السفير الأردني في مصر، الشكر إلى الجهات الأمنية بعدما تم الإفراج عن جميع مشجعي نادي الفيصلي الأردني، الذين تم إلقاء القبض عليهم على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها مباراة الفيصلي والترجي التونسي ” دون احالتهم للنيابة[23] ، وقد أوردت صحيفة السبيل الأردنية” أن سبب الافراج عن جماهير الأردن في الإسكندرية بعد الشغب الذي أحدثوه في نهائي البطولة العربية يرجع الى تدخل قيادات عليا في البلدين[24]، وهو ما أدى الى شحن مجتمعي ضد تلك السياسات التمييزية التي تتخذها الحكومة .
- حجب مواقع الكترونية اخبارية :
حجبت السلطات المصرية عددا من المواقع الإلكترونية لتضمنها محتوى “يدعم الإرهاب والتطرف ويتعمد نشر الأكاذيب”[25]، حسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية.
وشمل القرار 21 موقعا، أبرزها المواقع الإلكترونية لقناة الجزيرة ووكالة الأنباء القطرية وصحف الشرق والعرب والراية والوطن القطرية، فضلا عن عدد من المواقع المصرية، مثل بوابة القاهرة ومدى مصر والمصريون[26]
ورحبت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري بقرار السلطات المصرية ، وقال اللواء يحيى كدواني – وكيل اللجنة – لـ بي بي سي إن “قرار حجب هذه المواقع تأخر كثيرا نظرا لأنها تبث محتوى يضر بالأمن القومي والسلام الاجتماع ي”. وأضاف أن بعض هذه المواقع تبث ما وصفها بسموم في “أدمغة متابعيها” وأن المصلحة العامة تقتضي هذا الاجراء الاحترازي في “دولة تواجه الإرهاب والفكر المتطرف.[27]
وقد ذكر ” د صلاح فوزى ، إنه وقفا للقانون 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ، يحق للدولة مراقبة لصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن الطباعة، وذلك حفاظا على الأمن القومي ” [28].
ومن ثم فإن هذا الامر يفسر من وجهتي نظر : الأول ى و ترى ان وجهة نظر النظام هو الحفاظ على الامن القومي وضرورة منع الشائعات التي قد تهدد الاستقرار ، بينما الوجهة الاخرى ترى ان تلك المبررات فضفاضة ، نظراً لان هناك قضاء يتولى الحجب بناءاً على مبررات مقنعة ، لا أن يترك الامر طبقاً لما يتماشى مع متطلبات السلطة استناداً على مصالحها.
- الخلل في السياسات المالية بالموازنة لصالح المقاربة الامنية .
يأتي الخلل في توجيه السياسات المالية للدولة لتلبية احتياجات السياسات العامة من خلال رصد عدة مؤشرات تأتى على رأسها الخلل في الموازنة العامة للدولة ، حيث ان الدستور المصري قد حدد نسب الانفاق على الصحة بحد ادنى 3% من الناتج القومي ، و التعليم بحد ادنى 4% من الناتج القومي و التعليم الجامعي بحد ادنى 2% من الناتج القومي [29]، وكل هذه النسب التي نص عليها الدستور لم تطبق منذ اقرار العمل بالدستور ، بينما يأخذ مؤشر الانفاق على الامن منحنى مرتفع في كل موازنة عامة للدولة ، وتشير الموازنة العامة للدولة 2017 / 2018 الى تخصيص نحو 26 مليارا و150 مليون جنيه ، مقابل 24.4 مليار جنيه للعام 2016/2017 ، وذلك بزيادة قدرها مليار و 750 مليون جنيه .
وهذه المؤشرات التي تأخذ من المقاربة الامنية العامل الرئيسي في توجيه السياسات العامة دون اعتماد برامج فعالة للسياسات العامة في المجالات السياسية و الاقتصاد ية و الاجتماع ية فإنها سيترتب عليها بالضرورة أثار اجتماعية و اقتصادية سلبية تجاه المجتمع مثل :
الفقر : نجد ان معدلات الفقر ازدادت خلال السنوات الخمس الاخيرة دون معالجة حقيقية للسيطرة عليها ، حيث ان نسب الفقر طبقاً للإحصاءات الرسمية للدولة وصلت عام 2012 / 2013 الى 26.3 % من إجمالي عدد السكان ، وارتفعت عام 2015 الى 27.8% ، ووصلت عام 2017 / 2018 الى 32.5 % [30]، وكان البنك الدولي قد أعلن في مايو 2019 إن ما يقرب من 60% من سكان مصر إما فقراء أو عرضة له ، وأن عدم المساواة آخذ في الازدياد[31]،وهو ما يدلل على خلل في توجهات السياسة العامة تجاه تحسين الاحوال الاقتصاد ية وان رفع الدعم وزيادة معدلات الانفاق على التوجهات الامنية ليس الا بيئة حاضنة للتطرف والارهاب .
- الفساد :كشف تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2014 الذى يغطى 177 دولة بشأن انتشار الفساد ، أن السودان يقبع في المراكز الأخيرة في السنوات القليلة السابقة على التقرير، منافسا للصومال وأفغانستان اللتين لا تتوفر بهما أي أنظمة ثابتة ، ووفقا للمؤشر الذي يعتمد على معايير اقتصادية معترف بها دوليا، دون أي توجهات سياسية ، فإن السودان جاء في المركز الثالث قبل الأخير وتحديدا في المركز 173، وأوضح التقرير أن السودان الذي لم يتغير موقعه بين الدول الأكثر فسادا ، تدهور أكثر في العام 2014، مقارنة بعام 2013 ، وجاءت بعض الدول العربية متقدمة على السودان، رغم أعمال العنف التي تجري في هذه البلدان، مثل العراق الذي حل في المركز 170، وليبيا في المركز 166، واليمن في المركز 161، وسوريا في المركز 159، إلا أن هذه الدول أيضا دخلت جميعها بين الدول العشر الأكثر فسادا في العالم[32] ، وفي عام 2015 ذكر مؤشر مدركات الفساد الذى غطى عدد 169 دولة ، أن 6 دول عربية من الدول العشر الاكثر فساداً في المؤشر، بل وربطت المنظمة بين النخب الحاكمة المسيطرة على دول الربيع العربي في الـ30 عامًا الأخيرة وبين انتشار الفساد ، و التي ذكرت إن تلك النخب واصلت اختطاف هذه الدول والسيطرة على مقدراتها، وتغيير إرادة شعوبها عبر تزوير انتخاباتها وتقويض التداول السلمي للسلطة فيها ، و العمل على توريث السلطة ، وبين تغييب الشفافية في المعاملات الحكومية خاصة صفقات الأسلحة ونفقات المؤسستين العسكرية والأمنية [33].
وفي مصر أعلن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ، إنه من الصعب حصر حجم تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية ، مضيفا: « ولكننا من خلال التقارير الرقابية التي يشرف عليها أعضاء الجهاز يمكننا أن نقول بأن تلك تكلفة الفساد تجاوزت خلال عام 2015 الـ600 مليار جنيه[34].
- البطالة : تُعد مشكلة البطالة من المشكلات المعقّدة التي تواجه الدول العربية ، إذ يصل عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي حوالي 22 مليون عاطل من إجمالي قوى عاملة يبلغ نحو120 مليون عامل، يضاف إليهم ما لا يقل عن 3 ملايين عامل سنوياً ، وأكد تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية حول اتجاهات الاستخدام العالمية للعام 2014 ، أن الارتفاع في معدلات البطالة حول العالم ، خصوصاً الشباب يعود إلى الزيادة الملحوظة في معدلات البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، والتي تسجل ثاني أعلى نسبة بطالة في العالم، مقدراً هذه النسبة بـ 11.5% في العام 2013 ، في حين أن المتوسط العالمي يبلغ حوالي 6%[35]، و لمشكلة البطالة آثار سياسية وامنية في الوطن العربي من خلال تأثيرها على الاستقرار الأمني و الاقتصاد ي و ايضاً السياسي، فالبطالة تصيب الفرد باليأس والإحباط، ويسهل بسبب ذلك على الجماعات ذات الانشطة المتطرفة أو الانشطة الإجرامية تجنيد الشباب للقيام بأعمال تهدد أمن المجتمع[36] ، هذا فضلاً عن الثورات الشعبية التي شهدتها عدد من الدول العربية ، كما أن الفرد العاطل عن العمل يشعر بالإقصاء والتهميش من قبل دولته مما يُضعف شعوره بالانتماء والوطنية ، والفئات العاطلة عن العمل التي لم تعد تؤمن بالوعود والآمال المعطاة لها ، قد تتمرد على المجتمع. كما أنه ولا شك توجد علاقة بين الجريمة والبطالة، وبالتالي فكلما زادت معدلات البطالة زادت معدلات التطرف و الارهاب.
وفي دراسة أعدَّها «برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»؛ تحمل عنوان « رحلة إلى التطرف في أفريقيا.. العوامل والحوافز ونقطة التحول للتجنيد».. لقراءة الأسباب الاجتماع ية والسيكولوجية والتعليمية التي تدفع الشخص للانضمام إلى تنظيم متطرف، توصل الباحثون من خلال مقابلات مباشرة مع «متطرفين» أفارقة، سبق لهم الانخراط في تنظيمات إرهابية، إلى عدة نتائج؛ من أهمها أن الفقر و التهميش و الحرمان من الحقوق الاجتماع ية وانتهاكات حقوق الانسان و القهر و التعذيب يدفعان إلى الولوج في دروب التطرف والعنف والتمرد ، وتدنِّي المستوى التعليمي ، وسوء الأحوال الاقتصاد ية ، كلها من أهم العوامل التي تلعب عليها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب مجندين جُدُد[37].
خاتمة الدراسة :
تظل السياسات العامة محكومة بعدة أبعاد يأتي في مقدمتها طبيعة النظام السياسي الحاكم ، هل هو قائم على التشاور و التعاون بين مكوناته الرسمية و الغير رسمية في رسم السياسة العامة للدولة ؟ ، ام ان صنع السياسات العامة يأخذ منحى أخر من سيطرة السلطة الرسمية عامة و السلطة التنفيذية خاصة على تلك الصناعة و التي ترى انها الاقدر وحدها على وضع السياسات العامة بصورة تضمن لها السيطرة و تؤمن بقاؤها؟، و سواء كانت الصورة الأول ى أو الثانية ، فتعد مخرجات السياسات العامة نابعة من تغذية عكسية قام بها النظام الحاكم ، ومن ثم فالمسؤول عن الرضا الشعبي عن السياسات العامة هو النظام السياسي الذى يملك المدخلات .
ومازالت الدول العربية ومنها مصر تفتقد آليات حقيقية لتقييم السياسات العامة، فهناك بعض الدول التي تسيطر على مراكز استطلاعات الرأي و تحتكر البيانات وتصدرها بما يتماشى مع نهج النظام الحاكم من أجل تصدير صورة مغايرة عن الواقع ، وتسعى الكثير من الدول العربية في تحسين الوضع الاقتصاد ي و الاجتماع ي لمواطنيها عن طريق وضع برامج تعزز من الرضا الاقتصاد ي، ولكنها تفتقر او ترفض وضع سياسات عامة يسمح فيها بالحريات وتوسيع نطاق المعارضة، لما قد يمثل ذلك من تهديد لبقاء النظام الحاكم ، ويرى النظام السياسي ان التوسع في مثل تلك السياسات قد يهدد الامن القومي للدولة ، وتصبح الاشكالية بين اولويات المجتمع وما يراه النظام السياسي من اولويات، لذا فقد توصلت الدراسة لعدة نتائج ابرزها :
- إن السياسات العامة ليست محصورة دائماً على ما تنفذه الحكومة من أعمال وما تشرعه من لوائح وأنظمة وقوانين , بل تشمل أيضاً على ما تهمله أو تمتنع عن فعلة أو تشريعه ، سواء كان ذلك الامتناع عن قصد أو دون ذلك .
- ان التناقض بين ما تحض عليه التشريعات و المواثيق التي يصدرها النظام السياسي من مبادئ وما تدعو اليه من قيم للعدالة و الانسانية ، وبين ما تنم عنه سلوكياته الفعلية و التي ترقى به الى مستوى التنكر العام واهمال مثل تلك القيم ، هذا التناقض مدعاة لظهور بعض الاحتجاجات التي تؤدى الى الغلو في الفعل ومن ثم ممارسة التطرف و الارهاب .
- إن المغذيات الحقيقية للعنف والتطرف و الارهاب موجودة في البيئة التي يحيا فيها الانسان ككائن مفكر وفاعل، وهو واقع يؤول فيه القهر والاستبداد والتهميش السياسي و الاجتماع ي كمدخلات سياسية واجتماعية محورية ، إلى التشدد والتطرف والعنف بطبيعة الحال ، والعكس صحيح في إطار جدلية التوليد والتغذية : فالدمج والاعتدال مقابل الإقصاء والتشدد، وبحسب نوع وشًدة المدخلات ( قهر أو اقصاء أو محاولات إدماج ومشاركة) ، تتكون المخرجات( تشدد أو اعتدال أو عنف مضاد..).
- تندرج سياسات الدولة من قهر للمواطنيينو التضييق على حرية الرأي والتعبير وتدنى مستويات العدالة ، ضمن المكونات البنيوية لتطرف المجتمع .
- مازالت هناك فجوة في الاتفاق حول اولويات السياسة العامة بين رؤية السلطةو المتفاعلات غير الرسمية للنظام ، كالنخب و الاحزاب و المجتمع المدني و جماعات المصالح .
- تؤدى السياسات العامة القائمة على المقاربة الامنية فقطدون معالجة الاتجاهات السياسية والاقتصاد ية اللازمة لفاعلية السياسات العامة الى احتجاج عنيف يصاحبه التطرف في الفعل و الارهاب نحو المجتمع .
توصيات الدراسة :
- إن السياسات العامة التي تسعى لتطبيق الديمقراطية بشكلها السليم ، وعلى قاعدة الحرية للجميع والتداول السلمى للسلطة ، سوف تقلل من فرص اللجوء إلى العنف لتحقيق الأهداف السياسية ، وستحد من أي ظواهر متطرفة .
- مازال مجال تقييم السياسات العامة في كثير من الدول العربية قاصراً ولم يرقى الى مراحل المعالجات ، ومن ثم يجب ان تنشأ الدول العربية جهاز مستقل عن الحكومة يهتم بتقييم السياسات العامة و ينشر تقريره على الرأي العام .
- ان المقاربات الامنية لمعالجة التطرف و الارهاب ليست وحدها القادرة للتصدي لتلك الظواهر ، و ان كانت تستطيع ان تقلل من أثارها ، الا انها لا تستطيع ان تقضى عليها ، وبالتالي تحتاج المقاربة الامنية عدة مقاربات أخرى بالتوازي معها تستطيع ان تحاصر تلك الظواهر.
- ان البنية الاساسية للسياسات العامة تتطلب في المقام الأول معالجة مفرخات التطرف والارهاب، كالتهميش و الحرمان وانعدام المساواة وعدم وجود برامج تنمية مستدامة حقيقية و بالتالي التركيز على المقاربات الاقتصاد ية و الاجتماع ية دون اهمالها لمصلحة المقاربة الامنية في توجيه السياسات العامة .
[1] تقييم السياسات تعتبر حلقة مفقودة في العالم العربي ، 11 / 3 / 2014 على الرابط http://carnegie-mec.org/2014/03/11/ar-pub-54909
[2]مقدمة عن السياسة العامة ، محمد محمد حسان ، 14 / 12 / 2014 http://mhassan037.blogspot.com.eg/2014/12/blog-post_22.html ، تم الاطلاع في 6/ 7 / 2016
[3]خيري عبد القوي ، دراسة السياسة العامة، الكويت، ذات السلاسل، ط1 ، 1988 ، ص45
[4]دندان عبد الغنى ، السياسة العامة بين الخبرة العملية و الواقع النظري ، 17/3/2009 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=165951 ، تم الاطلاع في 4/2/2016
[5]مجيده الزعبى ، تحليل السياسة ، https://www.scribd.com/doc/84696544/- ، تم الاطلاع في 7/ 7 / 2016 .
[6]كمال المنوفي ” اصول نظم السياسة المقارنة “، ط1، الكويت ، شركة الربيعان للنشر والتوزيع ، 1987، ص 132 .
[7]حسين رمزي كاظم ، قراءات في قضايا الادارة العامة ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 2005 ، ص 28 .
[8]التطرف والإرهاب… نظرة في الحلول والأسباب ، شريف السليماني ، 30/ 2 / 2015 . http://www.maghress.com/andaluspress/60102 ،تم الاطلاع في 4/ 6 / 2016
[9]تقرير مرصد الازهر ….. http://www.youm7.com/story/2015/11/16/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A – ، تم الاطلاع بتاريخ 2/7/2016 .
[10]حول تعريف الارهاب http://arabobservatory.com/?page_id=3364 تم الاطلاع في 4 / 6 / 2016
[11]لواء عاصم جنيدي ، أداء جهاز الشرطة في ( ثورة 25 يناير – قراءة أولية ورؤية مستقبلية ) ، مركز الدراسات السياسية و الاستراتيجية بالأهرام ، القاهرة ، 2011 ، ص 158 .
[12]للمزيد راجع …. قانون تنظيم الحق في التظاهر رقم 107 لسنة 2013 ، و الصادر في نوفمبر 2013 .
[13]للمزيد راجع …. قانون مكافحة الارهاب ، و الصادر في 15 أغسطس 2015 بالجريدة الرسمية .
[14]للمزيد راجع …. قانون الكيانات الارهابية رقم 8 لسنة 2015 ، و الصادر في فبراير 2015 .
[15]تقييم أداء المجلس القومي لحقوق الانسان، بتاريخ 29/8/2016 على الرابط http://parlmany.youm7.com/News/7/118484/%D8%AA%D9%82%D9%8
[16]عبد الغفار شكر ، جريمة الاختفاء القسري ، بتاريخ 3 /9/2016 على الرابط http://www.ahram.org.eg/NewsQ/549141.aspx
[17]التقرير السنوي العاشر للمجلس القومي لحقوق الانسان ، القاهرة 2015 ، ص 34 .
[18] لمزيد من التفاصيل راجع بيان إحصائي من التجمع الحر من اجل الديمقراطية و السلام بمرات حظر النشر منذ 30 يونيو 2013 الي 30 يونيو 2016 . http://zahrteltahrir.net/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86
وكذلك راجع بالتفاصيل.. مصر تعيش زمن “حظر النشر، جريدة المصريون، بتاريخ 2 يناير 2017 . https://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8
– راجع قرار المدعى العام العسكري بحظر النشر في أخبار قضية سامى عنان، على الرابط https://www.youm7.com/story/2018/1/23/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%B9%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-
[19]المتهمون في قضية “التمويل الأجنبي” يغادرون القاهرة على متن طائرة عسكرية أمريكية وصلت إلى مصر قادمة من قبرص ، بتاريخ 1 مارس 2012 على الرابط https://www.alarabiya.net/articles/2012/03/01/197905.html
[20]على الدين هلال ، السلطة القضائية بين توسع الدور و اهتزاز المكانة في الصراع من أجل نظام سياسي جديد ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة ، 2013، ص 434 .
[21]إحالة مشاغبي “وايت نايتس” الى النيابة العسكرية في أحداث برج العرب ، بتاريخ 27 / 7 / 2017 ، على الرابط http://www.superkora.football/News/1/28733/%D8%A5%D8%AD%D8%A7%
[22]8 أغسطس.. أولى جلسات محاكمة 235 من مشجعي الزمالك عسكريا، بتاريخ 2 / 8 / 2017 ، على الرابط http://www.vetogate.com/2809786
[23] سفير الأردن يشكر الجهات الأمنية في مصر بعد الإفراج عن جماهير الفيصلي، بتاريخ 7 / 8 / 2017 ، على الرابط http://www.almasryalyoum.com/news/details/1173431
[24]الخارجية الأردنية .. توجيهات عليا وراء الإفراج عن جماهير الفيصلي في الإسكندرية، بتاريخ 7 / 8 / 2017 ، على الرابط http://www.superkora.football/News/1/31369/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A
[25]مصر.. حجب 21 موقعا إلكترونيا ، بتاريخ 24 / 5 / 2017 ، على الرابط www.nrttv.com/Ar/Detail.aspx?Jimare=48194-
[26]مصر تحجب 21 موقعا إلكترونيا بدعوى “الإرهاب” و”نشر الأكاذيب، على الرابط http://ara.reuters.com/article/ME_TOPNEWS_MORE/idARAKBN18K30X
[27]مصر تحجب مواقع إلكترونية إخبارية “لدعمها الإرهاب” ، بتاريخ 25 / 5 / 2017 ، على الرابط http://www.bbc.com/arabic/middleeast-40045922
[28]مواقع التطرف في قبضة الدولة .. 25 / 5/ 2017 على الرابط http://www.youm7.com/story/2017/5/25/%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-
[29]راجع المواد 18 ، 19 ، 21 من الدستور المصري 2014
[30]معدل الفقر في مصر يرتفع إلى 32.5 في المئة من عدد السكان ، على الرابط بتاريخ 30/ 7 / 2019 http://www.bbc.com/arabic/business-49167506
[31]البنك الدولي: 60% من سكان مصر إما فقراء أو أكثر احتياجًا ، على الرابط https://www.masrawy.com/news/news_economy/details/2019/5/1/1560529/-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-67
[32]الفساد في الوطن العربي – أسبابه وعلاجه ، على الرابط http://elaph.com/Web/opinion/2014/12/965028.html ، تم الاطلاع في 11/ 12/ 2014 .
[33]الفساد في العالم العربي : 21 دولة سقطت في اختبار مؤشر الشفافية الدولية ، على الرابط http://altagreer.com/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-
[34]تصريح رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات عن الفساد ، على الرابط http://www.youm7.com/story/2015/12/23/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3- ، تم الاطلاع في 2 / 2 / 2016.
[35]اتحاد المصارف العربية – إدارة الدراسات والبحوث ، على الرابط http://www.uabonline.org/en/research/economic/1575160415761591157516041577160116101575/
[36]الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبطالة في الوطن العربي ، على الرابط www.arabgeographers.net/vb/attachments/attachments/arab574/
[37]لتهميش والحرمان أقوى دوافع التطرف ، دراسة للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة . على الرابط
https://www.scientificamerican.com/arabic/articles/news/marginalization-and-deprivation-are-the-strongest-drivers-of-extremism/