الكتابـة المسرحيـة العربيـة من زمن البدايات إلى سؤال التحول
قراءة في المسارات والمنعطفات
Arabic Playwriting from its Beginnings to the Question of its Transformation:
A Reading in the twists and turns
د. عبد العالي السراج مركز المولى إسماعيل للدراسات والأبحاث في اللغة و الآداب والفنون –مكناس-المغرب-
Serraj abdelali : Centre Moulay Ismail for Studies and Research in Language and Arts in Meknes, Morocco.
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 55 الصفحة 47.
ملخص:ظلت الكتابة المسرحية النصية العربية عبر تاريخها ، تتأرجح بين الخضوع لسلطة النموذج الغربي في كتابة النص المسرحي، وبين الانفلات من سلطة هذا النموذج الى محاولة إضفاء نوع من النسبية والتحول من أجل خلق التجاوز وتحقيق المغايرة. بين هذا الخضوع والانفلات، عرفت الكتابة النصية المسرحية العربية على طول مسارها التاريخي سلسلة من التحولات ،وجهت هذه الكتابة نحو اختيارات جمالية جديدة بوعي تجربي جديد ،وفق استراتيجيات فنية لم تكن ترجمة لهواجس جمالية فقط أو تقلبات في الحساسيات الفنية، وإنما هي استجابة إبداعية لقناعات عميقة ظلت تمور بها توجهات هذه الكتابة في تفاعلها مع محيطها الثقافي و الاجتماعي و السياسي.
لفهم سياقات هذا التحول ،تأتي هذه الورقة التي سنحاول من خلالها رصد وتتبع وقراءة مسارات هذه الكتابة في زمنها وممكناتها الفكرية والإبداعية، لكتابة المعنى الجديد لهذه الممكنات بنموذج مغاير في الرؤية والرؤيا والانزياحات والمرجعيات.
الكلمات الافتتاحية : الاقتباس- التأصيل – التجريب – سلطة النموذج – الكتابة المسرحية النصية – نكسة67
Abstract:
Throughout the history, the Arabic scriptural writing has oscillated between the submission to the authority of the Western model in the writing of drama, and the escape from the power of this model to try to impart a kind of relativity and transformation, in order to create transcendence and achieve contradiction. The length of its historical course is a series of transformations. This writing was directed towards new aesthetic choices with new experiential awareness, in accordance with artistic strategies that were not only a translation of aesthetic concerns or fluctuations in artistic sensibilities, but also an innovative response to deep convictions in its interaction with its cultural, social and political environment.
To understand the contexts of this transformation, this paper will attempt to monitor, trace and read the paths of this genre of writing in its time and intellectual and creative potentials, to write a new meaning of these possibilities with a different model of vision, displacement and reference.
Opening words : citation – rooting – experimentation – model authority – script writing – the setback of 67
إشارات البدء،مرت الكتابة النصية المسرحية العربية عبر مسارها الإبداعي المتطور بعدة مراحل أساسية، أفرزت مستويات متباينة في شكل هذه الكتابة، وفي مرجعياتها، وفي خصوصياتها و وظيفتها، هذه المراحل المتقاربة أو المتباعدة في نوعية طروحاتها الفكرية والموضوعية، يمكن اختصارها في محطتين أساسيتين، تشكلان بما تنطوي عليه من تقابل وتضاد متنا مسرحيا ملفتا.
نؤرخ للمحطة الأولى، بنص “البخيل” لمارون النقاش (1847)، وفيها ساد شكل الكتابة المسرحية المتشبعة بوصل متمركز بالنموذج الغربي، تأخذ شكله، وتنقل ثوابته، وتروج لعناصره ترجمة، واقتباسا، واستنباتا، لملء الفراغ الموجود في الكتابة المسرحية العربية، وتحويل هذا الفراغ إلى وجود مستورد من وجود أو جواب سابق له في الكتابة، هو النص الغربي بكل ما يزخر به من مدارس وتجارب.
وعندما نبحث عن الأسباب الحقيقية، التي جعلت هذه الكتابة تظهر بهذه العمليات، فإننا سنجدها محكومة بمجموعة من الاعتبارات، ظلت تقبط على أنفاس هذه الكتابة، وتوجهها نحو إعادة ما قيل، وما كتب، مما كان يضيع كل سمات الإبداع المبتكر في كتابة النص المسرحي ، هذه الاعتبارات نختصرها فيما يلي:
– حداثة عهد هذه الكتابة بالنشوء والتكون.
– افتقارها إلى متطلبات الخلق الفني.
– غياب وعي تام بضوابط وشروط الكتابة.
– العجز التام عن استكمال شرط التأليف المسرحي إبداعا وسؤالا واختلافا.
بموجب هذه الاعتبارات، ظلت كل محأولات البداية تفتقد إمكانات تحيين بنياتها، وتفعيل متخيلها الدرامي أثناء إنجاز النص المسرحي، مما جعلها بعيدة عن الاكتمال ومفتقرة إلى كثير من الدعائم الفنية والمعرفية، سواء على مستوى الرؤية، أو على مستوى البناء الفني، لذلك يصعب الحديث عن نزعة تجريبية محضة أو واعية خلال هذه المرحلة التي تنعت عادة ب”المسرح الأورعربي”، لأن الجهود المسرحية العربية على مستوى بناء النصوص، تمت في إطار التبعية للمسرح الغربي، ومن داخل القواعد الأرسطية للكتابة الدرامية، ولأن المؤلفون- كذلك-، لم يكونوا ذوي تجربة فنية، تمتلك أرضية معرفية ووعيا جماليا يسمح بتصنيف نصوصهم تصنيفا تجريبيا طليعيا.
غير أن –هذا الكلام- لا ينفي بتاتا أهمية هذه المرحلة في تطور الكتابة الدرامية العربية، وفي تأصيلها كذلك، إذ طرحت نصوصها أسئلة عديدة تنحو منحى التأصيل والتحديث، ومهدت الطريق لبروز تجارب جديدة أكثر تأصيلا، وأبعد غورا وعمقا نحو التحديث والتجاوز، وفي الحرص على تطويع النموذج العربي وصياغته وفق مفردات الواقع العربي ومنظومته الثقافية، دون تبعية مطلقة لهذا النموذج.
المحطة الثانية من المسار الإبداعي للكتابة النصية المسرحية العربية، نحددها انطلاقا من أواخر الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، وفيها عرفت هذه الكتابة تحولات على قدر كبير من الأهمية، ولعلى الأساس في هذا التحول هو الميل الغالب لدى المبدعين المسرحيين العرب نحو التجريب، وتفجير الأشكال التقليدية في الكتابة الدرامية، وكذا الأسس، والأصول، والخلفيات الفكرية والفنية والمرجعيات التي ظلت مرتكزة عليها.
وقد تبلور هذا النزوع نحو التجاوز والتجريب، في ظل سياق مجموعة من العوامل، يتقاطع فيها الذاتي بالموضوعي والثقافي بالسياسي، لعل أبرزها هزيمة 1967، هذا الحدث الذي طبع الكتابة المسرحية العربية بميزات خاصة، أهمها خلخلة مفهوم الكتابة في حد ذاته، فأغلب المسرحيين العرب اقتنعوا بان الزمن الجديد، هو زمن التساؤل والشك في السائد، وإعادة النظر والتفكير في مختلف المقولات الفنية والفكرية السائدة، وفيما تكريس من أفكار ويقينيات ومواضعات في مجالات الفكر والسياسة، وعليه تحول النص المسرحي أيضا، إلى مختبر لتجريب صيغ فنية جديدة، تلائم طبيعة التحول الذي طبع المرحلة في شكل تعبيراتها وتحولاتها.
لقد أسست السبعينيات من القرن الماضي لكتابة مغايرة، تميزت بحلقات مستمرة من التدمير المنظم، وشرعت تجعل المحتمل في المغايرة يتحكم في الإبداعية النصية المسرحية العربية، برؤية جديدة لا تتبع شكلا موجودا سلفا، ولكنها تكتب مغايرا بخبرات وتجارب تأخذ شكلها المكتوب من حساسيات وهزات الواقع الجديد، وكذلك من وعي الكاتب ومن اختياره للموضوع، أو من تأسيسه لعلاقات جديدة مع المتلقي، تستمد مقوماتها من التراث السردي العربي الكلاسي بما ينطوي عليه من جماليات، ومن الاطلاع كذلك على تنويعات الكتابة المسرحية المستحدثة في الغرب.
وربما لأول مرة، يحضر التجريب بهذا الوعي الجمالي والمعرفي المشدود بقوة إلى تنويع المرجعيات، وإلى خلق المغايرة والتجاور، من خلال تفجير الأسئلة، والدخول في حوارات قلقة مع كل كتابة كائنة بدلالاتها الموجودة في النص الكائن سلفا، ولعل ما أفرزه هذا التجريب باختلاف التجارب فيه، وباختلاف المنطلقات والأهداف، وباختلاف الخصوصيات والتنأولات الإبداعية -كذلك- على مستوى تكون النص ودلالاته، أنه أعطانا نصوصا مسرحية تجريبية، صارت تقول قولها ببنائها الخاص، وفق شروط الكتابة الدرامية المغايرة، التي وجدت فاعليتها في رهان الهدم المنهجي لأصول الكتابة الموروثة، وذلك من خلال إعادة النظر في مجموع جماليات منظومة القيم الاتفاقية، التي كان يراهن عليها التحقق النصي لهذا النوع من الكتابة.
ولعل، الطفرة التأسيسية التي حققتها هذه النصوص بالنسبة لسيرورة مشروع الكتابة المسرحية العربية ككل، قد تمثلت أساسا في إبراز الانعطافات الممكنة لتحول سيرروة هذا المشروع من مدارات الثبات إلى مدارات التحول، ومن التقليد إلى التجاوز، كما أرهصت إلى جنوح الكتابة صوب امتلاك أسئلتها النظرية، والفنية الخاصة، التي طرحتها من داخل تجربتها التي ظلت مأخوذة بشهوة التجديد والتحديث، وتأكيد مبدأ البحث كنواة أساسية للتجريب.
هذه-إذن- بعض الإشارات العامة سنوسع النظر فيها، من خلال إعادة قراءة مسار الكتابة المسرحية العربية من زمن البدايات إلى سؤال التحول، وذلك وفق القضايا التالية:
– الكتابة المسرحية العربية وسلطة الاقتباس.
– الكتابة المسرحية العربية والبحث عن شكل للكتابة.
– الكتابة المسرحية العربية ومغامرة التجريب.
الكتابة المسرحية العربية وسلطة الاقتباس
إذا كانت عمليات النقل، والترجمة، والتقليد، شكلت الملامح الأولى لتشكل الكتابة المسرحية العربية في بداياتها الأولى، فإن الاقتباس يعد محطة أساسية من عمر هذه الكتابة، وكثيرهم النقاد الذين وقفوا عند هذه القضية، وبحثوا لها عن مبررات ليصوغوا حضورها في هذه البدايات، وهي المسوغات نفسها التي برروا بها هذا التقليد، والنقل، والترجمة، وفي ذلك يقول أحمد دحروش(أن الحاجة لهذه العمليات كانت ضرورية إلى التقليد وإلى مجاراة الغرب، الذي فرض على البلاد العربية سيطرته سياسيا واقتصاديا، وثقافيا، لذلك عاش المسرح طفيليا على مسرحيات الغرب، سنوات طويلة يترجمها ويقتبسها ويغالي أحيانا في التصرف فيها إرضاء لرغبة الجمهور).([1])
لقد اقترنت حركة الاقتباس عن الغرب بالحركة المسرحية بصفة عامة، ويرجع بعض الدارسين شيوع هذه الظاهرة في المسرح العربي إلى أسباب ترتبط بالأزمة، والضعف، والخلل ، الذي ساد بدايات الممارسة المسرحية، وهو الرأي الذي عبر عنه محمد أديب السلاوي قائلا في وصف هذه الظاهرة في تاريخ المسرح المغربي (إن أغلب المسرحيين المغاربة، يلجؤون إلى الاقتباس لأنهم يفتقرون إلى متطلبات الخلق الفني، ويعجزون عن استكمال شروط التأليف المسرحي لذلك نلاحظ أن حركتنا المسرحية قد نشطت في ميدان الاقتباس زمنا طويلا). ([2])
لقد عملت هذه الأسباب وغيرها، على توجيه المسرحيين العرب نحو المسرح الغربي، والعمل على تقبل نصوصه كنماذج مكتملة البناء والهيأة والإبداع، وذلك لغياب التأليف المسرحي، لأنه ظاهرة طارئة على بدايات المسرح العربي، ومن وجهات نظر مختلفة أحيانا ومتقاربة أحيانا أخرى يبرر النقاد اللجوء إلى هذا الاقتباس المهيمن بمبررات، يريدون بها الكشف عن جدوى الفعالية الكامنة في هذه العملية، باعتبارها نتيجة حتمية لوضع ثقافي معين، وهو ما أكده د. محمد الكغاط حين قال (إن الاقتباس كنافذة نطل فيها على آداب الأمم الأخرى، لا يمكن أن يثير جدلا أو معارضة، ولكنه يصبح ظاهرة تستحق الدرس عندما يطغى على الساحة المسرحية فيعوض عن التأليف، ويقوم بديلا عنه). ([3])
وما يمكن أن نستخلصه من ظاهرة الاقتباس المظاهر التالية:«
1- أن عملية الاقتباس تكمن في البدايات الأولى للمثاقفة مع الغرب كوسيلة فنية.
2- أنه يمثل بداية التفاعل مع ثقافات الأمم والشعوب الأخرى.
3- أنه يفصح عن النقص في التكوين وشح في التأليف.
4- إنه تعريب لمعاني النصوص وتحويلها إلى خصوصيات الثقافة العربية.
5- إنه محاكاة للكتابة المكتملة في بنيتها عند الغرب.» ([4])
وإذا جاز لنا، أن نرجع كل هذه المظاهر إلى أن المسرح فن جديد على البيئة العربية، لذلك ظل الاقتباس بهذه المظاهر يمارس هيمنته على كثير من المسرحيين العرب، لأنه عندهم يمثل مخرج نجاة للكتابة التي تريد حياة أخرى تتكئ في نبضها على حياة سابقة في نص سابق الذي هو النص الغربي، فإن ما ينبغي التأكيد عليه هنا هو أن الاقتباس – بالرغم من اختلاف آراء النقاد فيه – قد نوع مسارات الكتابة المسرحية العربية، ونوع مرجعياتها، وأتاح لها التعرف على المدارس والتيارات والتجارب المسرحية العالمية، ومن هذه المسارات ومن هذا الانفتاح، تعددت مسارات وأشكال هذا الاقتباس، إذا لم تعد وظيفته واحدة ومرجعيته واحدة ولم يعد له منحى واحدا بل، أفرز مناحي متعددة نلخصها في منحيين اثنين لا يلتقيان.
المنحى الأول: كانت فيه الكتابة المسرحية العربية تحافظ على النص الأصلي بنية ورؤية.
المنحى الثاني: عمل على جعل الاقتباس مختبر لتجريب فعلي الإثبات والنفي، أي فعل إثبات الذات وهي تسعى للتحرر من هيمنة النص المرجع- أي النص الغربي-، وتنفي الحكم المطلق للخطابات التي تريد أن تجعل الكتابة المسرحية العربية استنساخا لما كتبه الآخرون، والإثبات هنا هو ما كان يسميه النقاد بتأصيل الكتابة المسرحية العربية لغة وشكلا أو قالبا مسرحيا عربيا خالصا.
الكتابة المسرحية العربية والبحث عن شكل للكتابة
انطلقت الكتابة المسرحية العربية في بداياتها الأولى، مسايرة للنموذج الغربي كمضمون اتخذ شكله ومضمونه في النصوص المقتبسة، وقد كانت رهانات هذه المسايرة محكومة بشروط البدايات، أي استنبات البذرة الأولى للمعرفة المسرحية في الثقافة العربية حتى يتمكن النص المسرحي من بناء كيانه في هذه الثقافة.
هذه البدايات الملتبسة بصعوبة البدايات، حفزت الوعي العربي لدى المبدعين المسرحيين على تملك مبادرة الفعل الحداثي، وتبني الفكرة القائلة بأن الشكل المسرحي الغربي في الكتابة ليس هو النموذج الأوحد، والمطلق، وأن الكتابة الحقيقية للتاريخ المسرحي العربي هو خلق أفق جديد وتصورات جديدة للتأليف المسرحي، تخرج الكتابة المسرحية العربية من ثبوتيتها وانغلاقيتها واتباعيتها.
إن الوعي، بضرورة البحث بالسؤال عن أشكال الكتابة الممكنة التي ستساعد على بناء الرؤية الجديدة، في النوع المحتمل إنجازه في عملية إعادة بناء الكتابة الكائنة هو الذي دفع المسرحيين العرب إلى طرح قضية إيجاد قالب مسرحي عربي بهوية عربية بعد أن أدركوا أن التغيير ممكن، وأن التجديد وارد في سياقاتهم التاريخية والسياسية والاجتماعية وهو ما بلورته قناعاتهم التالية:«
1- أن النص المسرحي ليس معطى ثابتا واحدا في الزمان.
2- أن هذا النص محكوم بتاريخيته المتغيرة والمتنامية.
3- أن هذا النص في تبدله وتغيره لابد أن يكون مرآة تتعاقب كل اللحظات التي تنبثق من علاقاته الجديدة مع الوقع الجديد».([5])
لقد كان هاجس البحث عن قالب مسرحي عربي بهذه القناعات، موجها أساسيا للبحث عن إمكانات تحقيق هذا القالب، وبناء المواصفات التي ينبغي أن يتسم بها، وهو ما طرح لدى المسرحيين العرب مجموعة من الإشكالات/الأسئلة من قبيل (ما هي السبل التي ينبغي لنا أن نسلكها من أجل تحقيق هذا الهدف؟ ومن أين يجب أن ننطلق لإدراكه؟ هل نبحث عن قواعد جديدة للكتابة المسرحية ونحن نحاول استنبات هذا الفن في تربتنا؟ أم ننطلق من القالب أو القوالب الأخرى لنستلهم منها قالبنا الخاص؟ أم نعود إلى تراثنا الشعبي ونزرع فيه روحا جديدة لعله يتطور إلى مسرح في ظروفنا الراهنة بعد أن فاتته هذه الفرصة من قبل؟ وما هي هذه الروح الجديدة؟ أهي التقنية الغربية أم شيء آخر علينا أن نهتدي إليه). ([6])
هذه الأسئلة وغيرها كانت منطلقا حقيقيا لمجموعة من الإجابات النظرية والتطبيقية قادت المسرحيين العرب إلى تبني السبل التالية:
– اعتماد قوالب جديدة للكتابة المسرحية رغبة في اكتساب تفرد فني وخصوصية مسرحية.
– اعتماد قالب مسرحي عربي خاص يتأسس على التراث ويخرج الكتابة المسرحية من دائرة التقليد إلى دائرة المشاركة، إلى جانب القوالب المسرحية العربية.
– الانفتاح على التجارب المسرحية العالمية، والاستفادة منها في عملية تفعيل اللغة والرؤية أثناء كتابة النص المسرحي بنية أو موضوعا.
لقد كان المسرحيون العرب يسعون من خلال هذه المعطيات، إلى البحث عن كتابة درامية تكون صورة لهويتهم، وهو الفعل الذي حفزهم على تحويل الكتابة الموجودة إلى كتابة من نوع آخر وتجريبا آخر، تدعمه أشكال التراث العربي بصيغ درامية لها هويتها العربية، وهو ما دافع عنه توفيق الحكيم، ويوسف إدريس، وعلي الراعي، وعز الدين المدني وعبد الكريم برشيد… وغيرهم من الأسماء التي قدمت وجهات نظر مختلفة، في مشاريعها حول شكل الثقافة التي بإمكانها تحقيق هذه الكتابة البديلة، وبإمكانها إنجاز هذا القالب المبحوث عنه، الذي لم يكن يعني لديهم في محأولاتهم النظرية والتطبيقية، سوى تأصيل الكتابة المسرحية العربية، والعمل على إعطائها قوتها الدلالية وإمكانية ترسيخها، وعوامل ديمومتها، واستمراريتها -في الثقافة العربية- بعيدا عن التركيبات والتصورات المسبقة التي فرضتها الكتابة الغربية بقواعدها الأرسطية، ولعل عبد الفتاح قلعة جي كان دقيق التوضيح لكنه هذه المحأولات جميعها في قوله: (مازلنا نتابع رحلة الخلاص من الغربة المسرحية، والبحث عن مسرح أصيل، بخطوات عملية تتمثل في إظهار نصوص مسرحية، تجلو مشروعا آخر في المسرح العربي تتحدد ضوابطه من خلال تحليل وتفكيك بعض النصوص التراثية، وألوان الحياة العربية وإعادة تركيبها بعيدا عن التصورات المسبقة التي تفرضها تقنيات المسرح الأرسطي أو المضاد غير الأرسطي، متوخين الوصول إلى تصور غير نهائي لمسرح عربي يساهم في تأسيس نظرية ثقافية عربية معاصرة).([7])
هذا يعني، أن المسرحيين العرب المنشغلين بالبحث عن قالب مسرحي عربي، كانوا يضعون أفق توقعهم في مسير المسرح العربي وسياقاته، ضمن شكل وجوده أولا، وضمن إضافاتهم وتجربتهم وتجديدهم ثانيا، وهذا دليل قوي على وجود طموح حقيقي يحكم رؤية هؤلاء وهم يريدون إنجاز مسرحهم الخاص، ولعل أهم طموح كان يسكن هذه الرؤية، هو إعطاء الكتابة المسرحية شكلها وموضوعها الخاص وأصالتها الممكنة في أفقها الممكن، بعيدا عن كل أشكال الاقتباس والتقليد، لتقديم خطابها في التجديد، وتعرض مغايرها الفني والإبداعي داخل التجريب المسرحي، برؤية لا تقصى التواصل مع الآخر بل، تستفيد وتنفتح وتأخذ منه دون استلاب، حتى لا يخلق شبيها له أو يكتب كتابة دون خصوصية للذات العربية ويوضح بول شاوول ذلك حينما طرح إمكانيات تحقيق هذا القالب المسرحي دون تعصب ودون انغلاق على الذات، إذ يقول (يجب الانفتاح على المسرح العالمي للاستفادة منه لتطوير المسرح العربي) [ويتساءل قائلا] (هل هناك إبداع أم لا؟ هل هناك تجارب مسرحية عظيمة أم لا؟ الباقي سجال وكلام. إن المشكلة في رأينا تتجاوز المسرح وهويته، لتطال مجمل التجليات الثقافية والحضارية والعلمية، فالمسرح ظاهرة من بين ظواهر ثقافية وعلمية واجتماعية واقتصادية وسياسية، وتطوره في اتجاه التجاوز والإبداع مرتبط بإيقاع الظواهر الأخرى، لكن مجمل هذه الأسئلة والأجوبة لا يلغي سؤالنا الأول أو لا يحول دون البحث في المسرح العربي عن تجربة خاصة به من ضمن إبداعاته). ([8])
انطلاقا من هذه المعطيات، صار التجديد في الكتابة المسرحية العربية دعوة إلى البحث عن الممكن الفكري والإبداعي، أو ممارسة القراءة الضدية لكل كتابة موجودة، وهي بكل تأكيد ودعوة إلى تجديد المعرفة بأصول الكتابة وقواعدها، ودعوى إلى تبني التجريب كمنقذ من ظلال الاتباعية، وكخيار جمالي يوجه الكتابة الكائنة نحو الممكن، ويقودها نحو الإمكانات التي يتم بها تأسيس كتابة مغايرة، تتجاوز الاقتباس الذي وصل إلى الباب المسدود، وتتجاوز التراكم الذي عرفت به الكتابة التقليدية. هذا طبعا ما سيحدث وذلك تحت تأثير مجموعة من الأحداث والتحولات التي كانت فاعلا حقيقيا في إحداث رجة عميقة في الإبداعية العربية بشكل عام والمسرح منها بشكل خاص، أهم هذه الأحداث هزيمة 1967.
الكتابة المسرحية العربية ومغامرة التجريب
عاشت البلاد العربية على امتداد الستينات من القرن الماضي تطاحنا سياسيا مريرا، وتوترا اجتماعيا حادا، انتهى بإرساء سياسة القمع والتجويع والتهميش، وفي ظل ما كابدته الجماهير العربية من قهر وظلم وإحباط ستأتي نكسة 1967 بتحولاتها وإحباطاتها، لتعمق الجراح وتزيد من هول المأساة (التي كشفت عن هشاشة الواقع السياسي، وتعدد الأقنعة، التي كانت تخفي حقيقة الصراع وخواء الشعارات، التي أفضت إلى الهزيمة العسكرية وإلى سقوط الزعامات المزيفة، وإلى تكسر الأدب المؤسساتي الذي كانت له علاقة وطيدة بخدمة الفراغ، والنفخ فيه، ورسم صورة مشوشة ومضنية عنه).([9])
لقد أحدثت هزيمة67، خلخلة عميقة للكثير من القناعات والثوابت، التي ظلت متحكمة في الذهنية العربية، كما كشفت عن الواقع العربي المهزوم على كافة المستويات واستمرار تواجد الخلل في بنياته الأساسية، وأبانت عن فشل الإبداع ضمن فشل الهياكل الاجتماعية والسياسة العربية، مما استدعى ضرورة إعادة التفكير والنظر في محتوى الأطروحات والأدوات والخطابات الرائجة، من خلال معاودة طرح العديد من الأسئلة، بخصوص علاقة السياسي بالثقافي كأفق لتجاوز الفشل، وبلورة مشروع فكري للتفكير في حداثة ثقافية قادرة على الاندماج ضمن النسيج الاجتماعي، وقادرة على تحقيق التواصل مع الجماهير العربية التي ظلت متطلعة إلى التعبير والحرية بعد أن أحست بنوع من خيبة الأمل من قبل الأنظمة الحاكمة.
سيضطلع بهذه المهمة، جيل بأكمله من الكتاب-أطلق على نفسه جيل68- وجد أن مجتمعه لا يستجيب لتطلع الأغلبية نحو العدالة والتقدم والتوازن، لذلك تولدت لديه رغبة جادة في التساؤل والنقاش وإعادة النظر، والتقييم من منطلق تصورات جديدة للواقع والحياة، ورؤية مغايرة للثقافة والفن، تقوم على خلفية الإحساس بالهزيمة والشعور بفقدان الذات، وعدم الثقة بالأسس المادية والمعنوية التي يستند إليها الواقع، الشيء الذي جعل هذا الجيل يعلن الثورة على كل ما هو تقليدي وكلاسي، فتأكد الشعر الحر الذي أحدث انقلابه بإبداعه في الشكل وفي البنية العميقة ببلاغته ومجازاته داخل الصورة الشعرية، وظهرت قصيدة النثر هي الأخرى مستجيبة للظروف الجديدة، ومتحررة من القيود العروضية حتى تتيح للشاعر فضاءات أوسع للإبداع عبر إيقاعات أكثر مرونة وأكثر حركية، وقابلت هذه الثورة في الشعر، ثورة أخرى في الرواية التي اتجهت نحو تجريب أساليب فنية مختلفة- تؤلف في مجموعها ما عرف بالرواية الجديدة -بحثا عن بنية جديدة للتعبير عن الواقع العربي المرتج، وثورة أخرى في القصة القصيرة التي عداها النقاد- أنداك – بعثا جديدا.
ما حدث مع الشعر والرواية والقصة القصيرة، طال كذلك المسرح، فإذا كان الدارسون يعتبرون هزيمة67 اللحظة التاريخية التي تفجرت فيها الأسئلة القوية والقلقة، في كل الأجناس الأدبية، التي انفتح أفق التجريب فيها على صيغ وأشكال تعبيرية مغايرة، فإنها بالنسبة للمسرحيين العرب اللحظة التي كشفت لهم عمق وتعقد الواقع، كما أظهرت إجاباتهم التمزق الفظيع للذات العربية من جهة، وهشاشة الخطاب المسرحي وتلاشيه من جهة ثانية، فتولد السؤال حول شكل المسرح الموجود وتكاثرت الأسئلة حول الجدوى من المضامين الرائجة، لذلك لم يجد المسرحيين العرب بدا من الانخراط في موجة إثبات الذات، والبحث للمسرح العربي عن المفقود وهو بنيته الدالة عن انكسارات وهشاشة الواقع العربي، ورفض بنيته الموجودة، كي ينفتح خطابه على كل أفق إبداعي ينخرط به في صيرورة الواقع والتاريخ، وهذا التحويل الإرادي لهذا المسرح بهذا الطموح سيجعله يطل بمتخيله على الجديد في الإبداع كي يصير هذا الجديد أساس الإبداع.
وبما أنه، لا يمكن لنا عزل تحول الفعل الإبداعي المسرحي عن الأحداث السياسية، وجدلية الصيرورة الاجتماعية والاقتصادية، فإنه لا يمكن لنا أيضا أن نتغافل عن فعل المثقافة مع الآخر/الغرب، الذي كان وراء تحقيق كثير من الانزياحات عن ثوابت المسرح العربي، حيث وجد المسرحيون العرب في اكتشاف تجارب المسرح الجديد في الغرب وفي الاطلاع على أطروحاتها الجديدة، وتصوراتها الحديثة، حول مفهوم العملية المسرحية، وأدواتها وخلفياتها، وفي فعل قراءة نظريات الدراما الجديدة وفهمها، ما يسعفهم على تحقيق رغبتهم نحو التجاوز والتجديد، واخترق الأفاق الجديدة والدخول في مغامرة التجريب.
كل هذه العوامل مجتمعة، كانت وراء تحفيز المبدعين المسرحين العرب على تجريب المتخيل الدرامي لكتابة ما لم يكتبه الرواد، وتجريب المعرفة التي أخذوها عن الغرب لبروة كتابة جديدة دعمتها التنظيرات التي ساندت بمفاهيمها وجود هذا الجديد وفي هذا يقول د. عبد الكريم برشيد (المطلوب في كل كتابة أن تكون ذات رؤية مركبة، أن تكون رؤيتها الباطنية جديدة، ومغايرة، وأن تفجر قضية أو قضايا، وأن تخلخل كل المفاهيم العتيقة والبالية) ([10]) لأن (المسرح الذي لا يعيش الأسئلة الوجودية الكبرى ولا يتمتع برحابة الرؤية، ولا يوظف اشتغال المتخيل بأسلوب شاعري في إنشاء الكتابة الدرامية المثقفة في النص الدرامي هو مسرح لا يستطيع أن يعيش بعد لحظة ولادته الأولى، ولا يتمكن من الانتقال من لحظة صرخة الأولى أمام دهشة الحياة إلى معرفة الحياة).[11]
في هذا الكلام-إذن- رفض منطقي للتراكمات الكمية التي ولدت بها الكتابة المسرحية العربية، والدعوة إلى معاينة الرؤية الجديدة المتجددة في النوع المحتمل إنجازه في عملية التأسيس للنص البديل أو الكتابة البديلة، التي فرضتها الشروط الموضوعية التالية:«
– أن كتابة الاقتباس استهلكت نفسها حتى النخاع، وبذلك كان لابد أن تنتهي إلى الباب المسدود.
– أن التراكم الكمي للكتابة التقليدية كان لابد أن ينتهي إلى إفراز تغير كيفي وقد تجسد هذا التغير في ظهور المسرحية الجديدة.
– ظهور جمهور جديد لم يجد ذاته في المسرح التقليدي فراح يسأل عن مسرح مغاير، مسرح يعكس قضاياه ويجسد اهتماماته ويحاول أن يجيب عن بعض أسئلته القلقلة.
– أن ثورة المسرح الغربي لم يكن ممكن لها أن تمر في صمت، وهي على بعد خطوات منا، وبذلك دخلت مفاهيم جديدة وأسماء وتجارب وتوجيهات لها قيمتها ولها وزنها.
– أن حرب حزيران بما حملته من مرارة الهزيمة والخيبة، كان لابد أن تفرز رؤية جديدة وأن تعطي كتابة مغايرة، كتابة عنيفة تقف من الواقع موقف الرفض الغائب”.([12])
بهذه المعطيات الموضوعية، صار التجديد في الكتابة المسرحية العربية دعوة إلى البحث عن الممكن الفكري والإبداعي، وممارسة القراءة النقدية لكل كتابة رائجة لا فكر فيها ولا سؤال ولا خطاب، ومن الأسماء التي رسخت هذا التوجه التجريبي الجديد بالتأليف المسرحي نجد سعد الله ونوس، وعز الدين المدني، ويسري الجندي، وصلاح عبد الصبور والسيد حافظ وعبد الكريم برشيد ومحمد الكغاط، ومحمد مسكين ويوسف فاضل إضافة إلى علامات أخرى مضيئة في تاريخ الكتابة المسرحية العربية.
لقد أصبحت الكتابة البديلة مع هؤلاء سفر إبداعي يتم في الإمكان والممكن، وأصبح الإبداع المسرحي غير مقصود لذاته، ولكنه صار موضوع تفكير في القضايا والإشكال، التي أوجد لها هؤلاء المبدعون تغييرا داخل النصوص، وجعلوا من هذا التغيير معطى أساسيا يقع في رؤيتها وذلك وفق شروط الاختلاف الذي يلغي المطابقة والتشابه بين التجارب.
إن الكتابة البديلة -مع هؤلاء- هي كتابة المعنى الجديد لمسرح عربي جديد في مسافات توقع جديدة، ومن خصائص هذه الحيوية الجديدة في هذه الكتابة البديلة:«
1- إنها كتابة صعبة وشاقة، فهي لا تريح القارئ – المتفرج ولكنه تتعبه..إنها كتابة صدامية تعتمد على الاستفزاز والتحريض… هذه الكتابة لا تملى ولا تلقن ولكنها تكتفي بالتلميح.
2- إنها كتابة تأسيس- إن طموحها أكبر من أن تكون مجرد نصوص مسرحية ولا شيء سوى ذلك- وبهذا فقد فتحت باب الاجتهاد على مصراعيه وذلك من أجل تطوير أدوات الكتابة المسرحية.
3- كما أنها أيضا كتابة تجريب، وهي بهذا مثل كل الأجناس الأدبية والفنية الأخرى- تستجيب للدعوة العلمية القائمة على التجريب المخبري والميداني.
4- إنها كتابة غير مدرسية، بمعنى ليست استمرار للكتابة- النموذج الموديل- وهي بالمقابل محاولة جادة لإيجاد نموذج جديد ومغاير في الكتابة المسرحية… إن هذه الكتابة بالأساس هي كتابة تمرد فهي تحاول أن تبني انطلاقا من ممارسة عملية الهدم.
5- هي كتابة بالعلامات يحضر فيها الرمز الأسطوري والتاريخي وتغلفها أجواء الأحلام، والحكايات، والأساطير، وبهذا فقد تداخلت الأزمنة والأمكنة وفقدت اللحظات تراتبيتها الواقعية، وأصبح للذاكرة سلطة استحضار وتجسيده، وتشخيصه من جديد.
6- إنها كتابة متحررة من كل- أوجل- القيود الأرسطية فهي غير ملتزمة بالوحدات الثلاث، وحدة الزمن، والمكان، والموضوع، كما أنها غير ملتزمة بالحدود الوهمية بين الكوميديا والتراجيديا، أما من حيث الحدث فهي لا تلتزم بثلاثية الخط المسرحي التقليدي: البداية، الوسط، النهاية، فكل مسرحية لها بناؤها المعماري الخاص، وهو البناء الذي ينسجم مع طبيعة مضمونها ورؤيتها.
7- إنها كتابة غير منغلقة على ذاتها، فهي متفاعلة مع الكتابات العالمية الكبرى، تتمثل بريخت وبيرنديللو ويونسكو وبيكت وبيترفايس…كل هذا من غير أن تنسى كتابات الجاحظ والهمداني والحريري وابن المقفع وأشعار ابن الرومي وامرئ القسي وعنترة… وحكايات شهرزاد وملاحم الرواة والمداحين في الأسواق ،وبهذا تكون هذه الكتابة معاصرة لأنها أصيلة وهي أصيلة لأنها معاصرة.
8- إن هذه الكتابة تحمل تنظيرها داخلها، فهي تزاوج بين ممارسة الكتابة الإبداعية والكتابة النظرية» ([13])
إن أهم ما أفرزه هذا التوجه الجديد في الكتابة باختلاف التجارب فيه، وباختلاف المنطلقات والأهداف وأشكال البناء الأدبي في التأليف المسرحي، أنه استطاع أن يؤسس لمجموعة من التجارب المسرحية التي تروم الدفع بكل طروحاتها، وأسئلتها، واختياراتها، وعطاءاتها، نحو زمن جدين في زمن الكتابة المسرحية العربية، وبتفاعل ثقافات هذه التجارب مارست الكتابة البديلة لدى هذه التجارب، فعل التجريب، فكانت هذه التجارب وهذه الكتابة انخراطا في التيارات المسرحية العالمية، وانخراطا في فعل قراءة التراث وقراءة المسرح وقراءة الواقع في المسرح برؤية فلسفية، تقرب التجربة الإبداعية من بناء مسرح منفتح على العالم وعلى الذات وعلى التحولات، وذلك وفق تركيبات فنية جديدة- في الكتابة- بدلالات عميقة دالة على فهم حقيقي وواع بأهداف التجريب ومعانيه الحقيقية.
محاولة في التركيب:
حاولنا طي هذا الدراسة، قراءة مسار الكتابة النصية المسرحية العربية من زمن البدايات إلى سؤال التحول، و ذلك وفق القضايا التالية :
- الكتابة المسرحية العربية و سلطة الاقتباس، حيث أكدنا أن الاقتباس يشكل محطة أساسية من عمر هذه الكتابة، وأنه ظل يمارس هيمنته على الكثير من المسرحيين العرب، لأن الحاجة إليه كانت ضرورية لغياب التأليف المسرحي، كما أشرنا إلى أنه بالرغم من اختلاف أراء النقاد فيه، فإنه –أي الاقتباس- استطاع أن ينوع مسارات الكتابة المسرحية العربية، وينوع مرجعياتها، كما اتاح لها التعرف على المدارس والتيارات و التجارب المسرحية العالمية.
- الكتابة المسرحية العربية والبحث عن شكل للكتابة، إذ أكدنا أن الكتابة المسرحية العربية إذا كانت قد انطلقت في بداياتها الأولى مسايرة للنموذج الغربي في الكتابة، فإن هذه البدايات حفزت المسرحيين العرب على البحث عن نموذج آخر للكتابة، ليس هو النموذج الغربي- لأنه ليس النموذج الأوحد و المطلق- و وصلنا إلى أن عملية البحث هاته، كانت دافعا أساسيا حقيقيا للمسرحيين العرب إلى طرح قضية إيجاد قالب مسرحي عربي بهوية عربية.
- الكتابة المسرحية و مغامرة التجريب، حيث أشرنا إلى أن الكتابة المسرحية العربية -و تحت تأثير مجموعة من العوامل- عرفت تحولات على قدر كبير من الأهمية، و لعل الأساس في هذا التحول هو الميل الغالب لدى المسرحيين العرب نحو التجريب.
مصادر البحث ومراجعه:
[1]- أحمد دحروش: “خمس سنوات في المسرح” مطبعة مصر القاهرة- 1963
2- السباعي سميرة: ” تواثب ومتغيرات قراءة المسرح المغربي من الاتباعية إلى الإبداعية” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه تحت إشراف د.عبد الرحمن بن زيدان، السنة الجامعية. 2004-2005. كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس
3- بول شاوول:” المسرح العربي الحديث 1976/1989″ رياض الريس للكتب والنشر- لندن –
4- عبد الرحمن بن زيدان:”قضايا التنظير للمسرح العربي من البداية إلى الامتداد” منشورات اتحاد كتاب العرب دمشق- 1992
5 – عبد الرحمن بن زيدان:” المسرح الذي لا يعيش الأسئلة الوجودية لا ينتقل من لحظة صرخته الأولى “حوار أجراه عيسى الكمحي- جريدة الصباح- 18 مارس 2003 ع:913.
6 – عبد الكريم برشيد: “الكتابة بالحبر المغربي في كتابات الدكتور عبد الرحمن بن زيدان” مطبعة رانو.البيضاء.ط1. 2003
7- عبد الكريم برشيد:” كتاباتنا المسرحية بين التجريب والتأسيس” جريدة أنوال الثقافي- السبت 17 يناير
1987
8-عبد الفتاح قلعة جي: “من مقدمته للمسرحية عرس حلبي” وزارة الثقافة السورية دمشق -1984- ضمن سلسلة مسرحيات عربية.
9 – محمد أديب السلاوي:” المسرح المغربي من أين وإلى أين”. وزارة الثقافة دمشق 1975.
10 – محمد الكغاط:” المسرح وفضاءاته”، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع ط1، س،1996 .
[1]– أحمد دحروش: “خمس سنوات في المسرح” مطبعة مصر القاهرة- 1963، ص 124.
[2]– محمد أديب السلاوي:” المسرح المغربي من أين وإلى أين”. وزارة الثقافة دمشق 1975 ص111.
[3] – د. محمد الكغاط:” المسرح وفضاءاته”، البوكيلي للطباعة والنشر والتوزيع ط1، س،1996 .ص19.
[4] – د. السباعي سميرة: ” تواثب ومتغيرات قراءة المسرح المغربي من الاتباعية إلى الإبداعية” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه تحت إشراف د.عبد الرحمن بن زيدان، السنة الجامعية. 2004-2005. كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس ص: 43
[5]– المرجع نفسه ص 47.
[6] – د. محمد الكغاط “المسرح وفضاءاته” ص119.
[7] -عبد الفتاح قلعة جي: “من مقدمته للمسرحية عرس حلبي” وزارة الثقافة السورية دمشق -1984- ضمن سلسلة مسرحيات عربية ص5.
[8]– بول شاوول:” المسرح العربي الحديث 1976/1989″ رياض الريس للكتب والنشر- لندن – ص 131.
[9]– د. عبد الرحمن بن زيدان:”قضايا التنظير للمسرح العربي من البداية إلى الامتداد” منشورات اتحاد كتاب العرب دمشق- 1992 ص16.
[10]– د. عبد الكريم برشيد: “الكتابة بالحبر المغربي في كتابات الدكتور عبد الرحمن بن زيدان” مطبعة رانو.البيضاء.ط1. 2003 ص:50.
[11] – د. عبد الرحمن بن زيدان:” المسرح الذي لا يعيش الأسئلة الوجودية لا ينتقل من لحظة صرخته الأولى “حوار أجراه عيسى الكمحي- جريدة الصباح- 18 مارس 2003 ع:913.
[12]– د. عبد الكريم برشيد:” كتاباتنا المسرحية بين التجريب والتأسيس” جريدة أنوال الثقافي- السبت 17 يناير 1987 ص6.
[13] – المرجع نفسه، ص6.