
مقال نشر بالعدد الأول من مجلة جيل العلوم الإنسانية والإجتماعية ص 51 للباحثة أميمة سميح الزين/ باحثة في حقوق الإنسان والبيئة – جامعة آريس الأمريكية، لبنان.
للاطلاع على العدد الكامل اضغط على غلاف المجلة:
ملخص:
يعتبر الماء أهم عنصر لاستمرار حياة الكائنات الحية بعد الهواء، لذا فإن أغلب الحضارات القديمة قامت على ضفاف الأنهار مثل الحضارة الفرعونية وحضارة بلا ما بين النهرين، أن أول مكان ولدت فيه حياة هو أكثر الأماكن خصوبة على وجه الأرض فبدءوا بالزراعة كأي حضارة ، ومن ثم بدأت الحضارة تزدهر وتنتشر فشكل الماء حالة استقطاب للأفراد وللجماعات مهدت لإقامة المجتمع وإرساء أسسه من خلال إقامة التجمعات السكانية بالقرب من الموارد المائية الطبيعية، لتشمل كل مجالات الحياة في النقل والزراعة والصناعة وتربية الحيوانات وغيرها.
الكلمات المفتاحية:الماء، الحضارة، الإنسان.
مقدمة
الحضارة في مفهومها العام هي ثمرة كل جهد يقوم به الإنسان لتحسين ظروف حياته سواء كان المجهود المبذول للوصول إلى تلك الثمرة مقصوداً أم غير مقصود، وسواء أكانت الثمرة مادية أم معنوية(1). و يذهب البعض إلى اعتبار الحضارة أسلوبا معيشيا يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه بل قد تعني تعامله هو كإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية التي تدور حوله وشعوره الإنساني تجاهها. كذلك يمكن القول أن الحضارة هي الميراث الثقافي والتاريخي ومقدار النقد العلمي والتقني الذي تمتع به شعب معين في حقبة من التاريخ، والحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة. فما علاقة الحضارة الإنسانية بالماء؟ وما هي الروابط بينهما؟ وكيف كان الماء من الأسباب المباشرة في ازدهار كما تقهقر الحضارات في الزمن القديم ؟ ولماذا الحضارة الإنسانية ترعرعت على ضفاف المجاري المائية؟ وهل كان التغير المناخي سبباً من أسباب الجفاف وانهيار الحضارة الإنسانية؟ وما موقف الحضارة المعاصرة من أزمة ندرة الماء مع التنمية المستدامة؟
إن دراسة هذه الإشكالية تتطلب التطرق إلى المحاور التالية:
المحور الأول: تعريف مفهوم الحضارة.
المحور الثاني: الماء أصل الحضارة.
المحور الثالث: دور الماء وأثره على الحضارات الإنسانية.
المحور الرابع: تأثير هذه الحضارات على حياة الإنسان.
الخاتمة.
أهمية البحث :
عندما كانت هناك رحلات استكشافية إلى الفضاء كان في مقدمة أهداف هذه الرحلات العثور على الماء في الفضاء الخارجي، منذ نهاية خمسينات القرن الماضي، وذلك لأن العثور على الماء يعني العثور على كائنات أخرى على هذه الكواكب.إذ يعتبر العلماء الماء جهاز إنذار مبكر حيث إنه يكشف وجود الحياة في أي بقعة، كما أنه أيضا من الممكن أن يصبح دليلا على اضطراب الحياة(2). لذلك فإن أهمية هذا البحث تكمن في تسليط الضوء على دور الماء في نشوء المجتمعات الإنسانية سواء في العصور البدائية والقديمة أم في الزمن المعاصر مع أزمة ندرة الماء ،وذلك عبر استقراء دور الماء في نشوء الحضارات الإنسانية وازدهارها كما تقهقرها واضمحلالها.
منهجية البحث ومصادره:
نتبع في هذا البحث المنهج الإستقرائي والتحليلي المعتمد على الأبحاث والرسائل والكتب التاريخية والدراسات التحليلية ذات الصلة حيث إن هذا البحث يعتمد على قراءة استقرائية وتحليلية للأحداث التاريخية لجهة علاقة الحضارات الإنسانية ودور الماء في استمرارية التطور النوعي للحضارة الإنسانية في المجتمعات البشرية.
المحور الأول: تعريف مفهوم الحضارة
الحضارة هي أرفع تجمّع ثقافي للبشر وهي أشمل مستوى للهوية الثقافية لا يفوقه من حيث تحديده للهوية الثقافية إلا الذي يميّز الإنسان عن غيره من الأنواع الأخرى، ويمكن تحديدها أو تعريفها بكل العناصر الموضوعية مثل اللغة والتاريخ والدين والعادات والتمايز الذاتي للبشر(3).
كما أن الحضارة هي الدرجة العليا من تباين الوجود الإنساني، وهي ذلك الشيء القادر على إلغاء التناقضات القائمة ما بين المجموعات البشرية ذات الانتماء العرقي والثقافي المختلف، وكذلك بين الشعوب المتطورة وغير المتطورة وبين ماهية السلطة والحاجة إلى نظام عام وهي تتضمن في داخلها الأبعاد التاريخية للواقع وهي التي تعالج قضية الاستخلاف والتعاقب(4).
ونختم هذه التعريفات بتعريف “وول ديورانت” صاحب قصة الحضارة حيث يبين أن الحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي وتتكون من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، والعلوم والفنون. و تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمن الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها(5).
لقد اكتشفت الجماعات البشرية منذ فجر التاريخ أنّها كانت موزعة بين اتجاهين أساسيين:
– أولهما: انغلاقها على نفسها حفاظاً على كيانها المادي والمعنوي.
– ثانيهما: انفتاحها على بعضها البعض لسدّ حاجاتها غير الموجودة عندها أساساً.
من هنا نستطيع القول إن الحضارة هي الجهد الذي يُقدَّم لخدمة الإنسان في كل نواحي حياته، هي التقدم في المدنية والثقافة معاً، فالثقافة هي التقدم في الأفكار النظرية مثل القانون والسياسة والاجتماع والأخلاق وغيرها، وبالتالي يستطيع الإنسان أن يفكر تفكيراً سليماً، أما المدنية فهي التقدم والرقى في العلوم التي تقوم على التجربة والملاحظة مثل الطب والهندسة والزراعة وغيرها ،وقد سميت بالمدنيَّة لأنها ترتبط بالمدينة، وتحقق استقرار الناس فيها عن طريق امتلاك وسائل هذا الاستقرار، فالمدنية تهدف إلى سيطرة الإنسان على الكون من حوله، وإخضاع ظروف البيئة إليه. ولابد للإنسان من الثقافة والمدنية معًا، لكي يستقيم فكر الأفراد وسلوكياتهم، وتتحسن حياتهم، لذلك فإن الدولة التي تهتم بالتقدم المادي على حساب التقدم في مجال القيم والأخلاق، دولة مدنيَّة، وليست متحضرة، ومن هنا فإن تقدم الدول الغربية في العصر الحديث يعد مدنية وليس حضارة، لأن الغرب اهتم بالتقدم المادي على حساب القيم والمبادئ والأخلاق، أما الإسلام الذي كرَّم الإنسان وأعلى من شأنه، فقد جاء بحضارة سامية، تسهم في تيسير حياة الإنسان.
المحور الثاني: الماء أصل الحضارة
هناك مقولة شعبية شائعة تقول “أن أصل الحياة يعود إلى الماء”. كما إن الماء وبحق موغل في تاريخ الحضارات القديمة، وقطرات الماء الساقطة من السماء إلى الأرض على شكل مطر، والذي يسبب إنماء وإرواء الأرض كان لها مغزى كبير وعميق في التفكير الإنساني. فهذه القطرات تمثل في الأساطير الدينية القديمة المني الذي يطلقها الذكر، والمتمثل في السماء الواهبة، لتخصيب الأنثى /الأرض المستلمة.هذه العملية الحياتية هي في عمق فلسفة الأديان والحضارات، ولها دور كبير جداً في فكر الإنسان وتأملاته.
لطالما كان الماء أصل الحضارة، ومهد النمو والازدهار، حيث نشأت التجمعات البشرية وازدهرت على مقربة من مصادر المياه، واقترنت حياتها ونموها باستمرار توافره، وتكونت الحضارات منذ الأزمنة السحيقة بالقرب من ضفاف الأنهار وأحواض المياه العذبة مسببة ازدهار الحياة.
إن الماء يعتبر أهم عنصر لاستمرار حياة الكائنات الحية بعد الهواء، لذا شكلت المياه في المسيرة الإنسانية عاملاً مهماً في ظهور الحضارات وتقدمها، لما لها من حالة استقطاب للأفراد وللجماعات مهدت لإقامة المجتمع وإرساء أسسه وإيجاد اللبنة الأولى لقيامه من خلال إقامة التجمعات السكانية بالقرب من الموارد المائية الطبيعية، ولم تتوقف حاجة الإنسان للمياه عند حدود الاستخدام الشخصي بما تمثله من حجر الزاوية مع الهواء في بقاء الحياة وسلامة الصحة ولا عند أهمية الاستقطاب والتجمع، بل تعدته لتشمل كل مجالات الحياة في النقل والزراعة والصناعة وتربية الحيوانات وغيرها وبقدر ما تشكله المياه من نقاط التقاء وتواصل بين المجتمعات والحضارات، فقد كان لها دور بالغ الأهمية ومنذ الأزل في تحديد استقرار التجمعات البشرية وكانت إحدى عوامل الصراع الذي بدأ مع بداية الخليقة لكنه لم يصل في أحواله إلى ما نحن عليه الآن، ومستقبلاً ستكون مصدرا للصراعات والمساجلات والحروب فالماء سر الحياة وهو سر التكوين وبداية الخليقة كما تذكر لنا جميع الأساطير إن الماء هو الوجود ومنه انبثق كل شيء.
المحور الثالث: أثر الماء على حضارة الإنسان
الحضارات التي بقيت في ذاكرة التاريخ وخلدت في أنصع صفحاته هي الحضارات التي اهتمت بالإنسان فكراً وصحةً ومعاشاً، ولعل الأوابد الأثرية الباقية إلى يومنا هذا من حضارات تشير إلى أن الاهتمام الكبير لدى من بنوا تلك الحضارات كان منصباً على تأمين حياة رغدة للإنسان من خلال تأمين المرافق العامة له، وأن الحضارات انحصرت في الأماكن التي توجد فيها الجعافرة(6)والحمى والعيون والآبار، ولهذا السبب انحصرت الزراعة في الأماكن التي توجد فيها هذه الموارد المائية(7).
للماء دور حيوي في تقدم حياة الإنسان وبقائه وتطور وجوده وتطور حضارته. فقد نهضت الحضارات الأولى في وديان الأنهار الكبيرة، في وادي النيل في مصر وشمالي السودان(8)، ووادي دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين(9)، ووادي السند في الهند وباكستان، ووادي هوانج في الصين وغيرها. وأنشأت كل هذه الحضارات أنظمة ري كثيرة طورت الأرض وجعلتها منتجة. وقد انهارت الحضارات حينما نضبت موارد المياه أوعندما أساء الناس استخدام هذه الموارد، فقد شق الرومان القدماء قنوات لجر الماء، وأنشؤوا القنوات والخزانات المائية في أرجاء إمبراطوريتهم، فأحالوا المناطق على طول ساحل الشمال الإفريقي إلى حضارة مزدهرة تطورت خلالها الحياة وازدهرت. وبعد ذهابهم طويت مشاريعهم المائية. وفي الوقت الراهن صارت بعض هذه المناطق أماكن صحراوية تصعب فيها الحياة(10).
فأينما كانت حضارة تجد بجانبها نهرا ، فالنهر يعني الماء الذي يعني الحياة، فإذا توافر الماء بكثرة استطاع الإنسان أن يستخدمه في كل شيء ، للشرب ، الزراعة ، البناء وغير ذلك، أيضا أستخدم النهر كوسيلة مواصلات جيدة تنقلت الجماعات عبره إلى أماكن بعيدة تتوافر فيها المواد الخام أو أي مواد أخرى غير متوفرة لديها.
توصل الباحثون من دراسة الوثائق الأدبية والنصوص السومرية والسامية فيما يخص التكوين إلى أن المياه الأزلية كانت أصل الوجود ورمز الحضارات، اعتقد السومريون أن البحر هو الأم التي ولدت السماء والأرض وهذا يد ل على أن المياه المصدر الأول للوجود وهو مصدر الحياة ومنبع الخير والبركة.لذلك الحضارة السومرية نعتت الماء بشتى أوصاف التعظيم والتقديس وعبرت عنها برموز وصور مختلفة على الأختام والألواح الحجرية وواجهات المعابد وقد اتخذت شعاراً لوادي الرافدين.كما أن الساميون اتخذوا الإناء الفوار شعاراً لهم 2000 سنة قبل الميلاد ينبع منه مجريان رئيسان لدجلة والفرات، أماعند الأشوريين فقد تم تحوير شعار الإناء الفوار بحيث يلائم الظروف الطبيعية المحيطة بالوطن الأشوري في المناطق الشمالية من العراق والمتكونة من مناطق جبلية مرتفعة تعتمد على الأمطار في زراعتها، لقد حل القرص المجنح الذي يرجع تأريخه إلى أوائل الألف الأول قبل الميلاد محل الإناء الفوار حيث ينبع المجريان من إناءين يقعان في السماء على جانبي القرص المجنح وهو رمز انصباب مياه الأمطار على الأرض وإروائها فالري والحضارة وحماية تقدم الحياة سلسلة مترابطة فحيثما وجد الماء ازدهرت الحضارة وتقدمت أساليب الحياة (11).
أما نهر النيل فكان له تأثير عظيم على الحياة في مصر، منذ عهد القدماء المصريين ، وخاصة فيما يتعلق بالزراعة والمعتقدات الدينية. واعتمدت الحضارة المصرية على نهر النيل في الطعام والانتقال والعبادة، فحضارة قدماء المصريين أو كما تسمى أحيانا حضارة وادي النيل هي حضارة نشأت بطول نهر النيل بشمال شرق إفريقيا منذ سنة3000 ق.م. إلى سنة30 ق.م.وهي أطول حضارة مكوثاً بالعالم القديم ويقصد بالحضارة المصرية القديمة من الناحية الجغرافية تلك الحضارة التي نبعت بالوادي ودلتا النيل حيث كان يعيش المصريون القدماء(12).لكن أصل الحضارة الفرعونية جاء من السودان إذ نبتت على ضفتي نهر النيل في شمال السودان و انسابت مع مياه النيل من جنوب الوادي إلى مصر، حيث أن الحضارة الفرعونية في السودان سبقت الحضارة المصرية إذ كانت هناك مواجهات بين ممالك النوبة والمصريين والشاهد على ذلك القلاع التي شيدها المصريون ما بين الشلال الأول والثالث لنهر النيل(13).
أما في المنحى الآخر فالضوء مسلط عبر الزمن على مدينة عربية جزائرية تعود في تاريخها إلى الجذور الفنيقية في شمال القارة الإفريقية، تعتبر من أقدم المستوطنات الفينيقية في حوض البحر الأبيض المتوسط، ترجع إلى ما قبل الألف الأول قبل الميلاد وهي فترة الفينيقيين في العالم، مدينة “هبون” توفرت فيها جميع المقومات التي ساعدت على خلق مجتمع اجتماعي واقتصادي وثقافي منذ وقتٍ مبكر، ولعب توفر المياه العذبة بشكلٍ دائم وموقعها على الساحل مباشرةً مع امتلاك موقع ميناء مناسب للملاحة البحرية دورا كبيرا في انفتاحها على عالم البحر الأبيض المتوسط، كما ساعد ذلك أيضاً على تنامي العلاقات التجارية البحرية والبرية مع جميع الشعوب البرية والبحرية فتطورت مناحي الحياة وازدهرت، فأصبحت المدينة وسيطة بين عالم البحر والعالم البري الداخلي وخاصة منطقة جبال الأوراس ومنطقة تبسة، كما ترافق ذلك كله مع تطور وتنامي النهضة العمرانية في المدينة وتوسعها بشكلٍ يتناسب وبصورة مستمرة مع جميع التحولات الاجتماعية التي فرضها هذا الازدهار فأرست قواعد التفاهم والتعايش مع القادمين الجدد حيث أضحى حق الحياة في ذلك الزمن مفهوماً ربما يتطابق اليوم مع حق التعايش والحق بمستوى من الرفاه الاجتماعي لكن كل على طريقة زمانه.
إن المياه سواء كانت على شكل غيول(14) أو آبار أو ينابيع هي مصدر الحياة وديمومتها ومما يذكره التاريخ أن المدن عندما لا يتوفر فيها الماء الكافي للري والارتواء، فإنها لا تلبث أن تضمحل وتنتهي(15)،والأمثلة على ذلك كثيرة. فمدينة العمار في صحراء راجاستان بالهند، كانت تعد إحدى المحطات الهامة على طريق القوافل، لكنها هجرت وفقدت أهميتها نتيجة لنقص الماء. وحضارة سبا خير شاهد فعندما انهار سد مأرب انهارت حضارة سبأ.
أما المنطقة الوسطى من جزيرة العرب أكرمها الله بتلك الجبال والتي لولاها لكانت اليمن جزء من صحراء الربع الخالي وهو ما ساعد أبناء اليمن على إقامة حضارتهم في تلك المنطقة حيث يقع خط تقسيم المياه في هذه الجبال وتنحدر المياه عبر عدد من الوديان شرقاً وغرباً وجنوباً(16) وهذه تصب جميعها في البحر الأحمر، أو تصب في خليج عدن والبحر العربي. ولقد كانت هذه الوديان المركز الرئيس لتواجد الإنسان العربي الأول الذي حولها إلي مدرجات وأراضي زراعية وقرى معلقة على سفوح الجبال الخضراء وفي بطون الأدوية في مشهد بديع يمزج خضرة المدرجات الزراعية على منحدرات الجبال مع وديان تحمل بين جنباتها مزارع وحقول فازدهرت حياة الإنسان وسادها الرفاه.
إذن كانت الأودية والغيول التي تجري فيها هي عصب الحياة حيث سكنها الإنسان اليمني منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا وعليها أقام حضارته وبنا مدرجاته وقراه وخلال هذه الفترة استطاع الإنسان اليمني أن يعمل ما يسمى بعصرنا الحالي التنمية المستدامة من خلال الاستغلال الأمثل للبيئة والموارد المحيطة به فالكثير من هذه الغيول في أودية اليمن المشهورة اتجهت نحو النضوب سواء في فصول الأمطار أم في فصول الجفاف بل أن بعض الأودية والذي كان معروفاً عنها استمرارية جريانها طوال أيام العام اليوم أصبحت تتجه نحو الجفاف والنضوب رويداً رويداً ومن تلك الأودية وادي بنا الذي يعتبر من أهم أودية اليمن من ناحية كمية المياه المتدفقة وبالتالي تتحول تلك الجنان الخضراء والقرى المعلقة على سفوح الجبال والوديان إلى أرض جافة ومزارع قاحلة وبيئة مدمرة وإنسان يبحث عن ملجأ يذهب إليه، في عالم حول الحبوب إلى وقود واستخدم القمح كسلعة حرب و كطريقة للاحتراب على مصادر المياه وبالتالي سوف ينطبق عليهم مثل أجدادهم “تفرق لقوم أيادي سبأ”.
المحور الرابع: علاقة الطبيعة والحضارة مع الإنسان
ربط الكثير من المؤرخين عصر الاضمحلال الأول بالثورات والاضطرابات وسقوط الدولة، وهو شيء واقع وربما صحيح بالفعل ولكن ما السبب وراء كل هذا؟
إن أفضل إجابة على هكذا تساؤل هو الرجوع إلى دراسة الدكتور فكري حسن عالم المصريات المصري بناء على نظرية تجيب على هذا السؤال بسؤال آخر واضح وبسيط: لماذا تنهار حضارة وهي في ذروتها؟!
إذا عدنا إلى الحضارة المصرية القديمة على سبيل المثال، فإن هناك رأي يقول أن ثمة حدث أكبر وأخطر أسهم في هذا الأمر ، وهو وجود حالة جفاف كارثي أدى للانهيار ولكن لابد من برهان هذه النظرية.
اختار د.فكري حسن مكانا يعتقد أنه كان يطل على النيل ويستخدم كمرفأ أيام المملكة ولكنه لم يعد كذلك بسبب انحراف مجرى النهر. وقرر د. فكري أن يحفر هذا الموقع على عمق معين لاستخراج عينة من التربة ترجع إلى تاريخ الاضمحلال الأول وانهيار المملكة القديمة ليتم تحليل العينة و يبرهن على صحة نظريته من عدمها، فإما حدث جفاف مريع وإما لا.
لكن لم تدل العينة على حدوث جفاف فقط بل أثبتت وجود جفاف كارثي ليس لمدة عام أو عامين بل لمدة جيل كامل!! فما سبب هذا الجفاف؟
أرجع علماء المناخ ذلك إلى تغير مفاجئ في المناخ العالمي وتغير اتجاه الرياح، فبدلاً من الرياح الحارة التي كانت تهب على القارة الإفريقية وتسبب الأمطار في أثيوبيا ثم فيضان النيل هبت رياح باردة مما أدي لانحصار مياه النيل و عدم حدوث فيضان. ذلك التغير المناخي الذي أدى لجفاف كارثي كان بمثابة ثورة اجتماعية وفكرية للشعب المصري، حيث كان الشعب يعتقد أن الفرعون هو إله أو ابن الإله ويستطيع أن يمدهم بالمياه و يتحكم بالطبيعة وهناك ميثاق بينه وبين الشعب على هذا.
ولكن الواقع جعل هذه الفكرة تتغير في الدولة الوسطى وبدأ الاهتمام بأعمال البناء وخاصةً السدود والخزانات وغيره، هذا التغير المناخي الذي أطاح بتلك الحضارة حدث دون أي إخلال بالتوازن البيئي(17).
إن سوء استغلال الإنسان لبيئته المائية قد ينتج عنه استنزاف الموارد المائية العذبة أو تلويث مجاريها ومسطحاتها، ومسؤولية الحفاظ على المياه ليست قاصرة على الحكومات بمفردها، فالحفاظ على المياه يعتبر مسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع والحكومات، لأن ذلك يعتبر جزء من الحفاظ على حياة الفرد وحياة الكائنات الحية المسخرة له، فلا بقاء لهذه الكائنات بدون الماء، كما أنه لا بقاء للبيئة كلها في ظل عدم توفر الماء الصالح للاستخدام.
لذلك لابد من مشاركة جميع أفراد المجتمع في علاج هذه المشكلة، وذلك عن طريق تربيتهم تربية مائية تركز على إنماء الوعي المائي وتنمية المهارات والاتجاهات والسلوكيات السليمة لدى المواطنين، انطلاقاً من إمكانية إعداد الفرد المتفهم لموارده المائية، والمدرك لظروفها، والواعي بما يواجهها من مشكلات وما يتهددها من أخطار والقادر على المساهمة الإيجابية في التغلب على المشاكل المائية.
هذه المشكلات يمكن أن تتلخص بالوعي المائي، وقد يكون الوعي المائي مصطلحا ومفهوما جديدا علينا لكن دراسات علمية حديثة تحدثت كثيراً عن هذا المفهوم وأعطت تعريفاً خاصاً به فهو إدراك الفرد للمشكلة المائية كإحدى المشكلات البيئية من حيث حجمها وأسبابها وأبعادها وكيفية مواجهتها، وتأثير الإنسان فيها وتأثره بها، والشعور بالمسؤولية تجاهها وهذا يفرض على الأجيال الحالية والقادمة المزيد من الاهتمام بالمياه العذبة بوجه خاص وذلك بعد تفاقم أزمة المياه على المستوى المحلي والعالمي.
اليوم وفي العقد الثاني من الألفية الثالثة وفي زمن الحضارة والتمدن والرقي لا زال الماء أصل الحياة والحضارة، فالرفاه ودرجة التحضر الإنساني تتحددان بحصة الفرد اليومية من المياه العذبة التي تعد مرتفعة في البلدان المتقدمة قياساً مع الدول النامية وغيرها من الدول الفقيرة، فالماء هو أحد أكثر الحدود وضوحاً التي أصبحت تفصل اليوم بين أغنياء العالم وفقرائه، فمعدل استهلاك الفرد للمياه في أمريكا الشمالية يقدر بحوالي 400 لتر في اليوم وقد يصل إلى 600 لتر، وفي أوروبا 200 لتر في اليوم، أما في بعض الدول النامية والدول الفقيرة فلا يتجاوز متوسط معدل استهلاك الفرد اليومي من المياه 10 لترات(18).كما يقاس مستوى حضارة أي مجتمع بشري بعدد ساعات التغذية بالتيار الكهربائي حيث الماء كان ولا يزال له الفضل الأكبر في توليد هذه الطاقة التي أصبحت اليوم من ضرورات حقوق الإنسان كما إن إجهاض رغبات الناس في التمتع بنعمة الكهرباء يعد انتهاكا صارخاً لمفاهيم حقوق الإنسان التي كفلتها الدساتير وأقرتها المواثيق والاتفاقيات الدولية،لجهة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية والإنسانية والحياتية على الفرد والمجتمع، كما كان للماء الأثر الأكبر في تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي وذلك عندما تم استعمال طاقة البخار المائي في الصناعة(19).
أما التنمية المستدامة التي ينادي بها اليوم المجتمع الدولي ومنذ مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية الذي انعقد في ريودي جانيرو بالبرازيل في شهر يونيو من العام 1992 والذي حظي بدعاية كبيرة في ذلك الوقت ،حيث أطلق عليه في حينها اسم قمة الأرض و شاركت فيه كل دول العالم تقريباً على مستوى الرؤساء وكبار القادة أصبحت من الركائز الأساسية للحضارة المعاصرة. لكن وبالرغم من أن المصطلح قد يكون جديداً إلا أن التنمية المستدامة لا تمثل ظاهرة أو اهتماماً جديداً بل هي مطلب قديم، إذ كانت التنمية تركز على قضايا الرفاه الاجتماعي في الخمسينات وعلى تجاوز مشكلات التنمية في الستينات ثم على الحد من الفقر وتلبية الحاجات الأساسية في السبعينات ثم ظهر مفهوم ومصطلح التنمية المستدامة كرد طبيعي على التخوف الناجم عن تدهور البيئة الناتج عن الأسلوب التقليدي للتنمية الذي يقوم على التنامي السريع للإنتاج دون اعتبار للآثار السلبية التي يخلفها هذا التنامي على الإنسان وعلى الموارد الطبيعية وعلى البيئة. وبما أن الماء أهم ركائزها حيث بما هي عملية تطوير الأرض والمدن والمجتمعات والأعمال الإنتاجية تلبية لاحتياجات الحاضر، من دون استنزاف الموارد الطبيعية، وبما يضمن استمرار تجددها حتى تستطيع تلبية احتياجات الأجيال المقبلة، فإن هذه التنمية المستدامة تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة لجميع الناس من دون زيادة استخدام الموارد الطبيعية إلى ما يتجاوز قدرة كوكب الأرض على التحمل، ويتم تطبيق التنمية المستدامة في ثلاثة مجالات رئيسة،هي: النمو الاقتصادي، وحفظ الموارد الطبيعية والبيئية، والتنمية الاجتماعية. ومن أهم التحديات التي تواجه تطبيق التنمية المستدامة هي خلق التوازن بين استمرار النمو، والمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئية التي يتطلبها ذلك.
وتستند التنمية المستدامة على ركائز عدة، أهمها «المياه» و«الغذاء» و«الصحة» و«المأوى» و«الطاقة» وتعتبر المياه العنصر الأساسي لأن جميع الركائز الأخرى تعتمد عليها ولا تقوم من دونها. فمن خلال ضمان الإمدادات الكافية من المياه ورفع كفاءة استخدامها وإدارة مواردها بفعالية، تتحقق التنمية الزراعية والصناعية والحضارية.
الخاتمة :
وتبقى إمدادات المياه على كوكبنا ثابتة، لكن نجد أن الإنسان قادر على تعديل دورة هذه الإمدادات الثابتة، إن الزيادة السكانية والتوسع العمراني وارتفاع مستويات المعيشة والنمو الاقتصادي والصناعي كلها عناصر أسهمت في زيادة الضغوط على بيئتنا الطبيعية.ويمكن لنشاطاتنا أن تؤدي إلى اختلالات في المعادلة المائية وتؤثر بالتالي على كمية ونوعية موارد المياه الطبيعية المتاحة للأجيال الحالية والمستقبلية.
وقد ازدادت كميات المياه المستخدمة في البيوت والصناعة والزراعة. لكن كمية المياه على كوكبنا محدودة فوجه الخطورة هنا أن عدداً أكبر من السكان لن يستخدم فقط كميات أكبر من المياه، لكنه سيلقي إلى الأرض أيضاً بكميات أكبر من مياه الصرف، ويؤدي الصرف المنزلي والزراعي والصناعي، بما في ذلك الاستخدام المكثف للمبيدات والمخصبات، إلى تحميل إمدادات المياه بكميات كبيرة من الكيماويات والبكتيريا الخطرة التي تهدد الحياة بالوجه العام. وبالإضافة إلى ذلك تؤدي أنظمة الري البائسة إلى زيادة معدلات التبخر وملوحة الأرض كما وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى تشكيل المزيد من الضغوط على الموارد المائية الحالية وإذا استمرت الاتجاهات الراهنة على حالها، فإن هذا سيلحق عواقب بالغة السلبية بمجاري الأنهار وأسطح البحيرات وخزانات المياه الجوفية والبيئة ككل، ومن هنا من الأهمية أن نعرف الكثير عن مواردنا المائية لحمايتها وحماية الحياة والحق في الحياة بالوجه المطلق.
لذا فمن أهم الحلول التي يمكن اعتمادها لحماية الحضارة الإنسانية وضمان استمرارية تقدمها بل أصبح من الضروري التوجه إلى التخطيط المستدام الذي يهدف إلى تحقيق استدامة استخدام الموارد الطبيعية بالشكل الأنسب والتفكير في حق الأجيال القادمة من هذه الموارد الآخذة في النفاذ إذا لم يحسن استخدامها، من هذا المنطلق لم تعد الحماية والحفاظ على الموارد الحضارية والثقافية أمراً كافياً، بل اتجه التفكير إلى تحقيق استدامة هذه الموارد على المدى البعيد والاستفادة منها من الناحية الاقتصادية كذلك، وذلك لأنها تشكل ثروة قومية لجميع الأجيال الحالية واللاحقة، وهي ملك لهم جميعاً تقع عليهم مسؤولية حمايتها والحفاظ عليها والحفاظ على الموارد الحضارية والثقافية، إذن لا بد من اتباع سياسات واستراتيجيات خاصة يمكن تصنيفها على النحو التالي:
الناحية القانونية والتشريعية :
1. إصدار قانون يوضح مفهوم التراث الحضاري ومدلولاته ويحدده، وذلك باعتبار أن حمايته والحفاظ عليه منفعة عامة، مما يخول للجهات المختصة أخذ الإجراءات التي تراها مناسبة وفق القانون للحفاظ على الموارد الحضارية والثقافية من أعمال التخريب والإهمال وإعطاء حق التصرف بها للقطاع العام بهدف تحقيق المنفعة العامة بعيداً عن المصالح الشخصية.
2. إعادة النظر في القوانين والتشريعات الخاصة بما يتناسب مع الحفاظ على الموارد الثقافية والحضارية.
الناحية الاقتصادية :
1. قيام أجهزة الحكم المحلي بعمل خطط تهدف إلى الإنعاش الاقتصادي في مختلف جوانبه. 2. العمل على تشجيع المهن اليدوية والتقليدية التراثية من خلال تخفيض الضرائب والرسوم .
3. تنفيذ برامج دعائية.
4.تخصيص ميزانية سنوية من الميزانية العامة للدولة، لتوفير التمويل المالي بإصدار طابع بريدي قومي يخصص ريعه لميزانية الحفاظ على الموارد الثقافية والحضارية.
الناحية الاجتماعية :
1.العمل على نشر التوعية الشعبية وتعريف المجتمع بمفهوم المحافظة على التراث الحضاري للمدينة وأهميته على مختلف المستويات التعليمية والفكرية.
2. تشجيع المؤسسات التي تعنى بالاهتمام والمحافظة على التراث البيئي والحضاري ونشر الوعي الشعبي وتدريب الأفراد على طرق توثيق وصيانة العناصر التاريخية والأثرية والثقافية للحضارة.
3. تشجيع المؤسسات التي تعنى بالاهتمام والمحافظة على التراث الثقافي والحضاري في مختلف المجالات مثل إجراء الدراسات والأبحاث، وجمع التبرعات، ونشر الوعي الشعبي، وتنظيم المعارض والندوات، وتدريب الأفراد على طرق توثيق وصيانة العناصر الحضارية.
الهوامش:
(1): د كتور خضراوي( محمود رمضان عبدالعزيز)/ الثقافة ماء الحضارات وروحها/مقالة نشرت فى 16 مارس 2011 بواسطة katara .
(2):وذلك كما هو الحال في بعض مناطق من كندا حيث تم العثور على ضفادع بشرية مشوهة نتيجة تلوث المياهsciences et vie أكتوبر 1993.
(3):الإسلام والغرب (آفاق الصدام): صموئيل هانتيغتون، ترجمة: مجدي شرشر. ص64.
(24):الإسلام الثابت الحضاري والمتغيرات السياسية: ألكسي مالاشينكو، ترجمة: د.ممتاز الشيخ. المقدمة.
قصة الحضارة – الجزء الأول: وول ديورانت. ص 34 .
(5):جمع جعفر، والجعفر هو النهر الصغير، فوق الجدول وقبل الجدول وقبل النهر عامةً أو النهر الملآن.المصدر: قاموس المعاني/ htt/www.almaany.com
(6):الماء في الفكر الإسلامي والأدب العربي»، إصدار جديد أعده الدبلوماسي والكاتب السفير الدكتور حمد محمد بورحمة، للمفكر محمد بن عبد العزيز بن (7):عبدالله المنشور تحت عنوان «الماء في الفكر الإسلامي والأدب العربي» كما جاء في مقدمة المختار على لسان بورحمة، المقدمة ص7 – الكويت -2011.
(8):ظهرت الحضارة المصرية القديمة على ضفاف النيل، ودامت حوالي 3000 سنة تقع مصر القديمة في حوض البحر الأبيض المتوسط الشرقي، وقد وفرت كميات الطمي الناتجة عن الفيضانات المنتظمة لنهر النيل أراضي خصبة صالحة للزراعة مما جعلها قبلة لمجموعة من الأجناس البشرية التي توحدت على يد الفرعون مينا/موسوعة حضارة العالم.
(9):سميت كذلك حضارة بلاد الرافدين حيث نشأت شمال شرق حوض البحر المتوسط على نهري دجلة والفرات، فسميت باسم بلاد الرافدين أي نهري دجلة والفرات موسوعة حضارة العالم/مرجع سابق.
(10): برومل)ن.س)/ صيانة التراث الحضاري/ ترجمة صادق عبدالحميد الراوي و طالب عبدالمير مهدي/ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس/2002/ص47.
(11):دور المياه في نشوء الحضارات – النبأ العدد 53 شوال 1421 كانون الثاني 2001.
(12): المرجع السابق صفحة 57.
(13): صحيفة GHI السويسرية /شارلي بونيه/ أصل الحضارة الفرعونية في السودان ترجمة: طه يوسف حسن – جنيف – سويسر اسود انيز أونلاين.كوم sudaneseonline.com 28/06/205.
(14): الغيول كلمة عربية فصحى لا زالت تستخدم في اليمن/ عند الهمداني في “الإكليل” وعند ياقوت الغيل هو النهر والغيل هو الماء الذي يجري على وجه الأرض، وهو العين التي تنبع من الأرض والغيل في اليمن هو الماء الجاري الذي ينبثق من العيون وينحدر في الأودية،
(15): ياقوت الحموي، معجم البلدان، المجلد الخامس، ص 393، دار صادر، بيروت، 1990.
(16): ومن أهم هذه الوديان: وادي مور – حرض- زبيد – سهام- ووادي رسيان وادي تبن ووادي بناء ووادي حضرموت.
(17): تحليل لدراسة د فكري حسن-التغير المناخي و الانهيار الحضاري- الكاتب: أحمد سعد بتاريخ 13 أبريل- غزة، 2010.
(18): تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية ، 2006.ص56.
(19):تم إنتاج أول محرك بخاري تجاري عام 1698م. وفي ذلك العام سجل توماس سافري، ضابط الجيش من كورنوول، براءة اختراع محرك ضخ يستخدم البخار.