
المصطلح التعليمي الغـــــــــــربي بحث في إشكالية نقله إلى العربية
foreign educational term research on the problematic transfer to Arabic language
د. السعيد خنيش جامعة عبد الرحمن ميرة بجاية ( الجزائر)
kheniche said University of Abd errahman Mira Bejaia Algeria
مقال نشر في مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 52 الصفحة 23.
الملخص:
يطرح الواقع التعليمي التعلمي مجموعة واسعة من الإشكالات منها ما يرتبط بالجانب العملي الميداني مثل مشكلات التعليم التواصلية ومجموع ما تطرحة المواقف التعليمية. وأخرى نظرية تتمثل كل ما يتعلق بالبحوث النظرية العلمية المؤسسة للنظريات والمفاهيم التعليمية، ولعل من أهمها قضية المصطلح التعليمي التي بدأت بوادر تأثيرها تظهر على الفعل التكويني والتعليمي، هنا نشير إلى أن للإصلاحات التربوية الأخيرة الفضل في المساعدة لبروز هذه القضية الديداكتيكية التي بوضوح في إشكالية نقل المصطلح الديداكتيكي من والى العربية.
الكلمات المفتاحية: المصطلح، المصطلح التعليمي، الترجمة.
Abstract
The reality of education learning process arises a large set of problems related to learning communication and educational the attitudes others are theorical which appears it all what is related to scientific theorical research wich creats scientific concepts and theories perhaps the most important issue is the term educational where the signs of their impact started on the actions of education and formation. Here we can say that thangs to the last reformson education there were the apparence of didactics issue wich is clearly the problem of to ansmiting didactics term from in to Arabic.
Term. Didactics term. translation
كثيرا ما تذكر قضايا وإشكاليات مختلفة متباينة عند الحديث عن المصطلح في العلوم اللغوية، أهمها إشكالية ترجمة المصطلح وتعدد الترجمات، فإشارات الباحثين المتخصصين والطلبة الباحثين كثيرة إلى هذه القضية، لذا نجد المكتبات الجامعية حافلة بالدراسات والبحوث التي أحس أصحابها بهذه المشكلة فكتبوا محاولين اقتراح حلول، ومن ابرز نتائج بحوثهم هو اتفاقهم على أن تعدد المصطلح لمفهوم واحد يشكل عائقا أمام الفهم السليم والسريع في آن للمضامين اللغوية الحديثة، ونحن المشتغلون في البحث والتدريس في التعليم العالي نجد ما ذهبوا إليه واقعا حقيقيا.
إن ما يسري على العلوم اللغوية فيما يخص ترجمة المصطلح اللساني الحديث وتذبذب فعل الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية قد لحق أيضا مجال التعليميات ومعجمها المصطلحي، ملاحظتنا كانت بفعل التخصص والاحتكاك الفعلي بهذا الإشكال في مجال التعليمية، حيث نجده في بداية بروزه على ساحة البحث في التعليميات، ذلك لعدة اعتبارات أهمها الاهتمام الضعيف ببحوث التعليم وقضاياه في المؤسسات الجامعية، الذي سببه اختيار التوجه للتكوين في اللغويات أكثر من التعليميات في أقسام اللغة العربية.
منحتنا فرصة ممارسة التعليم والاحتكاك بالعملية التعليمية وبعناصرها المختلفة في تخصص تعليمية اللغة العربية الإحساس بمشكلة في بدايات ظهورها مثلما سبق وأشرنا، حيث لم نجد إشارات سابقة لهذه المشكلة الاصطلاحية في التعليم، على خلاف وجودها الواضح في اللسانيات والترجمة وفي الأدب والدراسات الأدبية والنقدية الحديثة، فإشكالية نقل المصطلح الديداكتيكي الموضوع باللغة الأجنبية فرنسية كانت أم إنجليزية أصبح أمرا ليس بالهين يستدعي حرصا واضحا في جانبه المنهجي واللغوي، إذ نجد الأمر واقع وحقيقي. يفرض النظر العلمي فيه لاعتبارين أساسان:
الأول: تفاديا لما حدث ويحدث من صعوبة في فهم المضامين التعليمية والتكوينية، لأن المستهدف في التعليم هو تكوين المعمين والأساتذة.
أما الاعتبار الثاني: هو الوقوف في طريق تعدد المصطلح غير الصحيح ومنع اللبس في المفاهيم الإشكالية المطروحة في البحث العلمي الأكاديمي الجامعي إلى ميدان التعليم لأنه ميدان الممارسة لا التنظير فهو تطبيقي لا تقعيدي.
بناء على تقدم فإن مشكلة الدراسة تتحدد على نحو النظر والقراءة في آليات ترجمة المصطلح الديداكتيكي وآليات وضعه لإبراز فصول إشكالية المصطلح إلى العربية، ونلخص كل هذا في التساؤل الأتي: إلى أي مدى تسهم الترجمة في نقل المصطلح الديداكتيكي الأجنبي إلى العربية بشكل صحيح؟. للإجابة على التساؤل الإشكالي والمحوري نتصور تصورا نظريا عن فرضيات نحيط من خلالها بهذا الطرح وعلى الشكل التالي:
- تلعب الترجمة دورا أساسيا في نقل المصطلح الأجنبي إلى العربية في التعليمية دون أي أثر سلبي على المفاهيم الأصلية؟
- بفعل الترجمة ننقل المعجم الديداكتيكي إلى العربية بتعدد في الترجمات لمفهوم واحد.
- إسهام الترجمة في وضع المصطلح الديداكتيكي العربي مشوه بتعدد الترجمات واختلافها.
نعالج موضوع بحثنا هذا وفق مناقشة منهجية تبرز في المضمون المعرفي المركب وفق المحاور الآتية:
- الديداكتيك والمعجم الاصطلاحي الديداكتيكي.
- صناعة المصطلح الديداكتيكي.
- الترجمة آلية لنقل المصطلح ووضعة في التعليميات العربية.
الديداكتيك والمعجم الاصطلاحي الديداكتيكي:
قبل التحري في مفهوم الديداكتيك نشير باختصار إلى تركيبة مصطلح الديداكتيك وأصوله اللغوية، فهو من أصل غربي إغريقي DIDACTIKOS من الأصل DIDASKEIN بدلالة تكوين[1] وبالفرنسية didactique، وفي حدود هذه المصطلحات نجد ما هو متفق عليه مثل التسميات المتعددة والموظفة بشكل تلقائي لا يحب له حساب في التآليف اللغوية والديداكتيكية، لكن عندما يتعلق الأمر بالبحث العلمي التخصصي فإننا نصادف تعاريف تشكل مفاهيم مختلفة تجمع في كثير من الأحيان خلطا بين مفاهيم أساسية في التعليم وعلوم التعليم فنعطي المفهوم نفسه للتكوين والتعليم والتربية، إجحاف في منهج اشتغال الديداكيتيك أو التعليميات، ونرى في المصطلح الأخير الأنسب للدلالة على الديداكتيك حين نترجمها مقترنة بالتعليم بصفة عامة. وفي الآن نفسه نجد تعدد المصطلحات التي يحاولوا بها الباحثون والمهتمون بمحاور التعليم اعتمادها ولنا منها: علوم التعليم، تعليمية اللغات، تعليميات عامة وتعليميات خاصة، تعليمية المعارف، علم تعليم اللغة. كلها مصطلحات نرى فيها أنها تتضمن جزءا من الأجزاء الكثيرة في ميدان التعليم، حيث لا يمكن أن نجعل من الجزء للدلالة على الكل في حالة بناء المفاهيم الديقيقة التي تحمل شحنات دلالية خاصة ومحددة. ولهذا سنأخذ في الاعتبار مصطلح تعليميات للدلالة المباشرة على العلم الذي يتناول التعليم وفروعه بالدراسة والتحليل والتمحيص، لذلك فإنه من بين التعريفات التي نرصدها تعبر فيما نحن نرى فيه يمثل التعليم ومجموع قضاياه بالدراسة العلمية الموضوعية التعريف الذي يقدمه دومارسي « العلم الذي يهتم بتنظيم عمليات التدريس وكيفية إنجازها»[2]. ومن خلال هذا الطرح فإن عمليات تنظيم عمليات التدريس تستدعي جهودا من جوانب مختلفة لتكون التعليمية بذلك الدراسة العلمية لجوانب العملية التعليمية التربوية والبيداغويجية عموما، ونشير في هذا الصدد إلى أن التعليمية قد أقامت لنفسها مكانا إلى جانب العلوم الإنسانية والاجتماعية على أن تكون مستقلة بمجموع نظرياتها ومناهج البحث فيها دون إلغاء الإضافة التي تقدمها النظريات اللغوية والاجتماعية للتعليمية، حيث نعتبر ميدان التعليم حيز النظري والتطبيقي في الآن نفسه. ولهذا « فإن مؤلفي أسس الفعل الديداكتيكي يعيدون النظر في استعمال مصطلح الديداكتيك فهو يحيل على ميتودولوجيا عامة استنتاجية موضوعها هو الفعل التعليمي التعلمي، لكن انطلاقا من مذهب فلسفي معين له تصوراته عن الطفولة والتربية والتعليم، لذلك فضلوا استعمال ديداكسولوجياDIDAXOLOGIE للدلالة على النزوع العلمي للبحث الديداكتيكي»[3] ويعرف دي كورتي الديداكسولوجيا أنها « ميتودولوجيا عامة ذات طابع علمي تهتم بالفعل التعليمي التعلمي وتوظف في ذلك المعارف والفرضيات التي تثبت صحتها بالبحث الميداني والامبريقي في مجال العلوم الاجتماعية والسيكولوجية والتربوية في اتجاه بناء نظري متماسك من المفاهيم والتصورات القابلة للتحقق»[4]. تتأكد فكرة أن الأبحاث في التعليمية هي أبحاث لا بد أن تكون تطبيقية ميدانية بأشكالها المختلفة ذلك لان الأمر يتعلق بميدان الممارسة التعليمية التي تأخذ من المؤسسة التعليمية عينة للنظر قراءة وتحليلا ومعالجة للمشكلات التي تفرزها العملية التعليمية التعلمية وكل ما يحيط بها داخل وخارج المؤسسة اعتبارا منا أن المؤسسة ودورها الاجتماعي يعلقان دورها بتضافر عناصر اجتماعية وبيداغوجية وثقافية مجتمعة لأجل ذلك.
آثرنا الحديث عن أهمية ما تشتغل عليه التعليمية تطبيقيا لما يتداول بين الباحثين في اللغة والأدب على أن التعليمية ميدان لا طائل منه ولا حاجة لهم به، اعتقادا منهم أن تلك التي يسمونها خبرة لديهم تغنيهم عن نظريات التعليم ومجموع ما يحقق من دراسات تطبيقية مسحية تشخيصية للواقع التعليمي بعناصره الكثيرة، لنؤكد على أن التعليم الارتجالي لم يعد له مكان في عالم التكنولوجيا والاقتصاد والمعرفة السريعة بالإضافة إلى أهم شيء على الإطلاق صدام الحضارات وصراع السيطرة على النطاقات الثقافية، حيث يفرض التكوين في التعليم إلى التخطيط الاستراتيجي الذي يأخذ بعين الاعتبار كل معطيات الواقع الاجتماعي الثقافي والنفسي والحضاري والاقتصادي ضمن إطار كلي شامل لبناء خطط تكفل تطوير تعليمي وتنموي اجتماعيين، حيث لا يتحقق ذلك إلا من خلال قوة الأبحاث الميدانية وصدقيتها واستثمارها أنجع استثمارها والسهر على تطبيق نتائجها، إن أغلب المنظومات التعليمية التعليمية والتربوية المتطورة في العالم تبني خططها التعليمية على ما تفرزه تلك البحوث الميدانية من نتائج واقعية.
المصطلح الديداكتيكي:
إن ما سرى على المصطلح اللساني من إشكالية نقله من اللغات الأجنبية إلى العربية انتقل إلى المصطلح الديداكتيكي دون الانتباه إلى ذلك لدى الباحثين في التعليم وقضاياه ويعود السبب حسبنا إلى مجموعة الاعتبارات الفرضية لنا منها ما يلي:
- المعالجات السطحية بالأبحاث التعليمية والمعجم التعليمي.
- ضعف البحث في علوم التعليم ما أضعف التمحيص والتدقيق في المعجم التعليمي بقبول أي لغة تتمثل هذا المعجم.
- لم يكن الاهتمام بالتعليم وبقضاياه مسندا إلى أهله، فنجد المتخصصين في الأدب واللغة يتهتمون بقضايا اللغة ولو في خضم التعليم دون الإلمام بقضايا التعليم والمعجم التعليمي الذي لا يقل خطورة من العملية التعليمية التي يشرفون عليها، فلكل علم معجمه وأصوله ومناهجه التي تستدعي نخبة تعي عناصره، تاريخ وأصوله، يستطيعون استشراف مستقبله.
كل هذا أدى إلى عدم الانتباه إلى هذه القضية المحورية في البحث الديداكتيكي الحديث، في حين نرصد في أكثر من موضع ذلك التنوع والتباين في استخدام هذا المصطلح للإحالة إلى مضامين معرفية أساسية وثانوية في التعليم والتدريس والبيداغوجيا والتربية والتكوين. هذا الذي حملنا إلى أن نثير هذا الموضوع والإشكالية إيمانا منا أن المصطلح يلعب دورا هاما في بناء صرح أي علم من العلوم دوره كدور الجانب الابيستسمولوجي والاستشرافي لأي علم من العلوم على اختلاف نحاورها وقيمتها الإنسانية.
انطلاقا من هذا نحاول أن نخرج هذه الإشكالية المحورية إلى سطح الدراسات الديداكتيكية علنا نسم في إبراز دواعيها وأسبابها الحقيقية، حيت نتخذ من فرضية الترجمة السلبية والترجمة المباشرة للمصطلح الديداكتيكي إلى العربية من قبل المتخصصين دون أن نهمل تأثيرات العوامل الأخرى الثانوية في ذلك.
بالنظر المنهجي إلى المصطلح الديداكتيكي في معاجم التعليم والتربية والبيداغوجيا نجد أن أكثر هذه المعاجم اعتمدت طرائق مألوفة في عرض المصطلح الأجنبي وذلك من خلال الترجمة إلى العربية باعتماد الترجمة المباشرة دون الاشارة إلى المصطلح الأجنبي متعدد الأصول، كأن يذكر المصطلح الأجنبي وتبرز إلى جانبه الأصول الأولى في اللاتنية لنضع القارئ أمام صورة كاملة لبناء المصطلح وظهوره. نقول بهذا، واعتقادا منا أن المصطلح يخضع خلال عملية وضعه للمصطلح ينظر إلى تجاذبات تاريخية ابستيمولوجية وصولا إلى الاتفاق على نموذج مصطلحي واحد أو أكثر ليتمثل مفهوم معين، فكم من مصطلح في أصله غير ديداكتيكي له من حظ الاستعمال القسط الكبير حتى يبدو أنه مصطلح ديداكتيكي أصلي في حين بعد البحث في علوم تأثيل المصطلح نكتشف أنه من مجال آخر انتقل بشكل أو بآخر إلى مجل التعليم ومن هذه المصطلحات نحصي من الأمثلة مصطلح إستراتيجية الذي يندرج ضمن مفردات معجم العسكر والحرب ويعني خطة وتخطيط للدفاع والهجوم .
إن الحديث عن قضية المصطلح في الديداكيتيك وضعا في المعاجم العربية واستعمالا بعد نقله إلى العربية يوصلنا إلى أن نكون إزاء تساؤل مهم وقاعدي، ما معايير وآليات ترجمة المعاجم المتخصصة من اللغات الأجنبية إلى العربية؟ وهذا إذا سلمنا بتداخل هذه المجالات. وقبل تتبع مراحل وضع المصطلح الديداكتيكي من الأجدر أن نعرض إلى وضع المصطلح من خلال النظر في الآليات المعتمدة لوضع المصطلح بما فيه الديداكتيكي منه .
آليات صناعة المصطلح:
لا نختلف إذا قلنا إن وضع المصطلح الديداكتيكي لا يختلف عن وضعها في العلوم الأخرى الإنسانية واللغوية والطبيعية، وذلك لعدة اعتبارات لنا منها ما يلي:
- المصطلح الديداكتيكي لا يختلف في تمثيله للمعارف التعليمية عما تقدمه المصطلحات في المجالات والتخصصات الأخرى.
- يجمع المنطلق اللغوي في وضع المصطلح كل عمليات وضع المصطلح فهي الوحيدة الذي يوزع إليها في بناء لغة التخصص أو المصطلح المتخصص وعلى هذا تتشابه عمليات الوضع.
- التخصص الذي تفرضه المعرفة المتخصصة على المصطلح لا يعني استقلالية مصطلحات الديداكتيك عن الأخرى في مجالات أخرى فهي في تلاقي مستمر ما يجعل المصطلح تصنعه عدة مجالات وبذلك اعتماد الآليات نفسها والطرائق نفسها خلال العملية.
نميز مجموعة من الآليات الكثيرة اعتمادا في عملية وضع المصطلحات المتخصصة دون الدخول إلى ميدان المعجميات الحديثة وقضايا توظيف المصطلحات، لكن من هذه الآليات ما كان أساسيا في العمل المعجمي في مراحل أولى من البحث المعجمي الحديث وبناء معاجم متخصصة حديثة لغوية كانت أو تربوية تعليمية وحتى في العلوم الاجتماعية. تختلف طرف بناء المعاجم اللغوية القديمة عن تلك الحديثة، حيث تقوم الحديثة أساسا وباهتمام واضح على تقديم المصطلح بلغة الهدف والأساسية مع ترجمة إلى لغة مختارة أو أكثر من لغة، كما تضاف تعاريف منتقاة من مراجع ومصادر مختلفة بلغات مختلفة، وهذا ما يظهر في معاجم التربية والتعليم، يعود هذا حسبنا إلى القيمة التعليمية التي يود أصحاب المعاجم الحفاظ عليها حتى في إقامة معاجم متخصصة تحسبا لأي قراءة غير متخصصة حيث يسعون إلى الحفاظ على الفهم السليم الصحيح لما تحمله المعاجم من معان ودلالات بشكل جلي.
نعرض إلى أهم هذه الآليات آخذينا بعين الاعتبار ما يسهم في النظر الممعن في إشكالية نقل المصطلح الديداكتيكي إلى العربية، إضافة إلى الاشتقاق الذي يعتبر« عملية استخراج لفظ من لف أو صيغة من صيغة أخرى، والقياس هو الأساس الذي تبنى عليه العملية وهو المبرر الذي تستند هذه العملية الاشتقاقية كي يصبح المشتق مقبولا به»[5]، بأنواعه المختلفة، وكذا التعريب الذي نعني به « نقل اللفظ ومعناه من اللغة الأجنبية إلى اللغة التركية كما هو دون إحداث أي تغيير فيه( الدخيل) أو مع إحداث بعض التغيير فيه»[6] بمعنى «نقل معنى نص من لغة أجنبية إلى اللغة العربية»[7] ، فان ما نراه في صلب ما نحن باحثين فيه النقل من اللغة الأجنبية على اختلافها إلى اللغة العربية، هذه العملية التي تتمثلها جليا آليتين محوريتين ألا وهما الاقتراض اللغوي والترجمة. حيث سنحاول التركيز على الترجمة مثالا لما نذهب إليه.
الاقتراض اللغوي والترجمة :
يقترن الاقتراض اللغوي بمفاهيم أخرى لها من التداخل معه القسط الكبير من المشاركة في تفعيل الاقتراض اللغوي. حيث نعتبر الاقتراض اللغوي من آليات نطور المعجم اللغوي لأي لغة من اللغات وذلك لما يحمله من فائدة توسيع المعجم في تخصصاته المختلفة، إذ لا يتجرد من أي قواعد خاصة بلغة من اللغات، ذلك أنه عبارة عن إدخال أي مفردة من مفردات لغة معينة في قاموس لغة أخرى، ههنا يتبادر التساؤل الآتي هل هو نفسه التعريب بالنسبة للغة العربية؟ ذا الذي نعتبره ليس تعريبا بشكل أساسي لكن التعريب شكل من أشكال الاقتراض. يقول حلمي خليل في الاقتراض أنه « قانون عام عرفته كل اللغات قديما وحديثا، عرفته العربية في العصر الجاهلي والعصر العباسي وفي العصر الحديث كما عرفته اللغات الأخرى التي اتصلت بالعربية، واقترضت منها آلاف الكلمات مثل الفارسية والتركية بل وبعض اللغات الأوروبية الحديثة فيما يتصل بالحضارة الإسلامية وعلومها وبعض الفلسفات الإسلامية وغيرها»[8]، والاقتراض يأتي على اللغة في مستوياتها المختلفة مجتمعة فالمفردة في الأخير هي اجتماع هذه الخصائص المتباينة، فنجد المفردات غير العربية والمنقولة إلى العربية حيث « يجري عليها من الأحكام ما يجري على تلك (أي الألفاظ العربية) فتتوارد عليها علامات الإعراب إلا في بعض الأحوال وتعرف بآل، ويضاف إليها.
تثنى وتجمع وتذكر وتؤنث وفوق ذلك كله تصرف أهل اللغة في الكلمة المعربة وأعمالهم مباضع الاشتقاق في بنيتها»[9].
إن ما يدفعنا إلى الابتداء الحديث عن الاقتراض هو أن نجعل منه محطة أولى تسبق الترجمة الصريحة للمصطلحات اعتبارا منا أن نقل المصطلح الديداكتيكي الأجنبي إلى العربية يخض في الحقيقة إلى كثير من المراحل وحتى الطرائق، ففي عربيتنا الثرية معجميا وبنظامها المتعدد المداخل والمخارج تخضع عملية ترجمة المصطلح من الأجنبية إلى العربية إلى عديد الآليات والأدوات منها النحت والمجاز والاقتراض وصولا إلى الترجمة كآلية الأكثر اعتمادا بداية من القرن الواحد العشرين بشكل جلي وأكثر تنظيما من خلال الانتظام في مؤسسات ومخابر تأخذ على عاقتها عملية نقل المصطلح إلى العربية في مختلف المجالات بما فيها التعليمية أو الديداكتيك. يدخل الاقتراض كعنصر فاعل دون أن تتداخل مع الترجمة حيث تختلف العمليتان في الإجراء وتتفقان في الهدف، إذ نقل المصطلح الأجنبي وإيجاد معنى يتمثله في اللغة العربية هدف كل منهما كما ستحقق أهداف ثانوية أخرى لا تقل أهمية عن الهدف الرئيسي مثل توسيع المعجم اللغوي العربي من جناب و المعجم المتخصص من جانب آخر، أما الاختلاف الجوهري بينهما يكمن في أن الاقتراض يخضع بشكل مباشر لنظام اللغة العربية أي اللغة الهدف أما الترجمة فهي على أشكال عدة تخرج معظمها عن نظام اللغة ويستباح شكلها من خلال الترجمة المباشرة مثلا أو ترجمة المصطلح والكلمة والمفردة إلى العربية حفاظا على الوضع الصوتي الأجنبي وعدم مراعاة نظام الصوت للغة المنقول إليها.
بناء على هذا سنحاول في العنصر الموالي أن نبرز أهمية الترجمة في نقل المصطلح الأجنبي والديداكتيكي منه أنموذجا في ذلك مع إبراز إشكالية تعدد الترجمات للمصطلح الواحد في الديداكتيك على غرار وقع في معجم المصطلحات المتخصصة في مجالي اللسانيات الحديثة والنقد الأدبي المعاصر، حيث برزت جراء ذلك القراءات المختلفة لمفاهيم المصطلحات، وقد اخترنا لذلك نماذج من المصطلحات الديداكتيكية المتعددة والتي وظفت لأجل غاية مفهومية واحدة دون أن نشير إلى الأسباب والدواعي التي حملت إلى هذا النوع من التوظيف دون آخر.
الترجمة آلية لنقل المصطلح ووضعة في التعليميات العربية:
تلعب الترجمة دورا بالغ الأهمية في نقل مضامين العلوم الحديثة البارزة في شمال البحر الأبيض المتوسط بما فيها الإنسانية والاجتماعية، وبحكم القرابة الجغرافية والعلاقات التاريخية القديمة بين بلدان أوروبا وخاصة منها الجنوبية فإن معظم الترجمات كانت من اللغة الفرنسية بشكل كبير مقارنة بما نقل من الانجليزية والاسبانية وذلك لاعتبارات كثير من أهمها تبعات الاستعمار الفرنسي لإفريقيا وبقاء لغته على السنة المستعمرين، وعلى غرار هذا الاعتبار نجد أن تلك العلاقات القديمة بين الشمال والجنوب سرع من عمليات انتقال العلوم على اختلاف مجالاتها أهمها الطبيعية والدقيقة إضافة إلى العلوم اللغوية والتعليمية.
نماذج المصطلحات الديداكتيكية وترجماتها قراءة وتحليل:
المقاربة بالأهداف PEDAGOGIEO PAR OBJECTIFS:
مصطلح PEDAGOGIE PAR OOBJECTIF ضمن تخصص التعليمية يعني المقاربة الحديثة التي تتخذ من الأهداف القاعدة الإجرائية التي يجب أن تنبني عليها التعلمات لدى المتعلم تحت قيادة وتوجيه المعلم. وردت بالمصطلح الأجنبي بمسمى PEDAGOGIE PAR OBJECTIF بالفرنسية وبالانجليزية. نقلها إلى العربية كثير من المهتمين بالتعليم والبيداغوجيا والتربية بإعتبار مصطلح يدخل في المراحل التعليمية، حيث أخذ قسطا كبيرا من الاهتمام والدراسة بخاصة بعدما تم استبدالها بالمقاربة بالكفاءات في منظومتنا التعليمية. لقد ترجمه أوزي في معجمه المعجم الموسوعي لعلوم التربية بالتدريس بالأهداف[10] نسبة إلى أهداف العملية التعليمية المتنوعة منها البيداغوجي والتربوي والتعليمي[11]، وقد سبق استعمال مصطلح بيداغوجيا الأهداف كما سبق أن اشرنا إليه بالفرنسية جون بيار كوك في قاموسهdictionnaire didactique du français [12] حيث ذكره بمصطلحات عديدة منها le français sur objectif spécifique، وبهذا فإن من بين إفرازات الاختلافات في وضع المصطلح الأول باللغة الأصلية ترجمة متعددة باللغة العربية، علما أن المطلع مضلل قبل ذلك من الترجمة في شقها المعجمي المقابل في حالة وضع مصطلح واحد فقط في اللغة المنقول منها.
يربط أحمد اوزي التدريس بالأهداف بمجموعة من المصطلحات الأساسية في علوم التربية والتعليم وهي الأهداف التربوية والأهداف التعليمية حيث يظهر لنا أن بيداغوجيا الأهداف مرتبطة بالأهداف التربوية بشكل مباشر في حين نجد تعاريف لبيداغوجيا الأهداف بمنحى آخر حيث تتلخص في أنها النظرة إلى العملية التعليمية التي تتأسس على أهداف تربوية وتعليمية إذ توجه المحتويات إلى الوصول بالمتعلم إلى تحقيق أهداف مختلفة بدءا بالإجرائية انتهاء بالغايات والمرامي. في الوقت الذي نبرز فيه واقعية إشكالية ترجمة المصطلح الديداكتيكي والاختلافات بين المترجمين في كيفية نقله إلى العربية نصادف كذلك إشكالا حقيقيا لا ينفصل عن الأول فيما يرتبط بالمصطلح الديداكتيكي والمتمثل في المفاهيم المختلفة التي توضع للمصطلحات في حال أن الترجمة سليمة وواحدة، فقد نجد أكثر من تعريف لمصطلح واحد. لا يسعنا المقال لان نعير هذه الفكرة الاهتمام، لكن نصر على أن تعدد التعريفات للمصطلح الواحد حتى في لغاته الأصلية يشكل منطلقا آخر لتعدد المصطلح للمفهوم الأصلي للمصطلح الديداكتيكي في اللغة الأصلية.
الكفاءة COMPETENCE:
يعتبر هذا المصطلح من أم المصطلحات الديداكتيكية التي لاقت الاهتمام بالدراسة والقراءة والتحليل حيث ارتبطت بتحول في منظومات التعليم في أوروبا وبلدان المغرب العربي عامة وخاصة بالجزائر، فمفهوم الكفاءة قاعدة في المقاربة بالكفاءة APPROCHE PAR COMPETENCE المعتمدة في التعليم بداية من سنة 2004 في الجزائر.
رصدت لهذا المصطلح مجموعة من التعريفات المتقاربة في مضامينها في الحقيقة لكن أهمها من خلال الأسبقية والإحاطة بالمفهوم نجد ما ذهب إليه XAVIER REGERSE في كتابه LA PEDAGOGIE DE L’INTEGRATRION الذي يعتبر الكفاءة مجموعة واسعة من المعارف ومعارف الأداء مسخرة لحل مشكلات تعليمية في وضعيات. ولم يرد تعريف صريح للكفاءة عند أحمد اوزي بل أشار إليها في خضم حديثه عن المقاربة بالكفاءات في قوله« تتميز الممارسة التربوية عبر الكفايات إلى استثمار مؤهلات المتعلمين واحترام اختلافاتهم في المنظورات الفكرية التي يفسرون ويتدبرون بها وقائع محيطهم الطبيعي والاجتماعي»[13]، إنه يلمح إلى أن الكفاءة أو كما يطلق هو عليها الكفاية هو التوظيف لمؤهلات المتعلمين واحترام مؤهلاتهم. نعتبر تعريفه هذا للكفاءة قاصرا إلى حد كبير باعتبار أن الكفاءة هي مقدرة المتعلم على استثمار معرفته القبلية والآنية لأجل التكيف مع التعلمات في وضعيات تعليمية تعلمية.
نورد هذا التعريف لنستجلي الترجمة التي اعتمدت في معجم من معاجم التعليم و التربية من جهة و من جهة أخرى نؤكد فكرة إشكالية ترجمة معجم الديداكتيك، حيث نلحظ أن المصطلح الموظف هو الكفاية وليس الكفاءة للدلالة على مفهوم الكفاءة وهذا ما نعترض عليه معتبرين أن الكفاءة تحيل إلى الأداء العالي في حين الكفاية تتعلق بالحد الأدنى من الأداء وهذا ما يتنافى مع مفهوم الكفاءة ضمن منظومة المقاربة بالكفاءات التي احتضنت مفهوم الكفاءة وجعلت منها القاعدة المنهجية والمعرفية والبيداغوجية لبناء استراتيجياتها المكونة للمقاربة ومدى فعاليتها.
يهمنا في كل هذا ما تخلفه الترجمة المتعددة للمصطلح الديداكتيكي من جانبين الأول الترجمة للمصطلح قالبا لغويا وللمصطلح مفهوميا لان الترجمة في الأخير لن تكون للغة وحدها لكن للغة في سياقات معينة. فلو نتأمل في مجموعة التعريفات التي وضعت للكفاءة ضمن إطار المقاربة بالكفاءات لاكتشفنا مدى أهمية الأخذ بعين الاعتبار بكثير المعطيات اللغوية وأخرى الخارجة عن اللغة مجتمعة دون الفصل بينهان فتعريف بيار جيلي للكفاءة هو « منظومة من المعارف المفاهيمية والإجرائية المنتظمة في أشكال عملية تمكن ضمن فئة من الوضعيات من التعرف على مهمة – مشكلة وحلها بفعالية»[14]، ويعرفها أيضا فيليب بيرنو:« إن الكفاية كما يتصورها بيرنو تتجاوز الذكاء العملي، وتتأسس على خطاطات schémes قياسية واستكشافية تساعد على الكشف وتحديد نمط المشكلة وحلها »[15]. إن هذه التعريفات وأخرى كثيرة تبين مدى التباين الواقع بين الترجمات الموضوعة للمصطلحات الديداكتيكية حين أخذت الأقلام العربية من باحثين في التعليم والمتخصصين في المعجمية والترجمة، بل كما سبق وأشرنا إلى أن الأمر تجاوز المصطلح إلى المفهوم بحد ذاته، ذا الذي سيشكل عائقا كبيرا أما الفهم الصحيح للمضامين التعليمية من جهة ومن جهة أخرى إرساء أرضية معرفية هشة يبني عليها طلبتنا والمهتمون بالتعليم ومن مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية تحليلاتهم بعد قراءاتهم المغلوطة التي كانت نتيجة ما قدم على شكل المصطلح والمفاهيم المرصودة له، علما أن التعليم أساس كل عمليات القراءة والتحليل وبناء الاستراتيجيات العملية.
التعليمية La didactique:
يقترن مصطلح التعليمية بكل المفاهيم والعناصر المعرفية واللغوية التي لها صلة مباشرة بعملتي التعليم والتعلم، وكذا بأطراف العملية التعليمية التعليمية. كما أنها تتجاوز ذلك الى كل ما يحيط العملية التواصلية الدائرة بين المعلم والمتعلم في مختلف المراحل التعليمية من موقف تعليمي وما يحويه من خصائص وميزات مادية وأدبية من جانب، ومن جانب ثان كل علاقات التعليم الخارجية والداخلية التي تدخل بشكل أو آخر في بناء الفعل التعليمي عموما .
إن التعريفات الحديثة للتعليمية حملت في طياتها خلطا بين مفهوم التعليمية والبيداغوجيا واللسانيات التطبيقية ، إضافة إلى اللبس الذي تقع فيه الكتابات التنظيرية الكثيرة من خلال المفاهيم المبنية قوالبها اللغوية على ترجمة المصطلح الأجنبي didactique ، حيث إن هذا المصطلح الأخير كان محط أنظار التعليميين للعربية وبالعربية ، فكانت حوصلة فحصهم للتعليمية بمفهومها العام الذي يتلخص في أنه العلم الذي يعنى بقضايا العملية التعليمية والموقف التعليمي والمعلم والمتعلم والمادة التعليمية وعلاقات هذه العناصر الاساسة في التعليم كمجال متخصص منفصل عن الدراسات الإنسانية والاجتماعية بما فيها اللغوية دون أن نعي بذلك الانقطاع عنها في سبيل التكامل المعرفي النظري التطبيقي، هو ترجمة المصطلح إلى أكثر من مبتدع لغوي، فمنهم من ترجمه تعليمية وتعليميات[16]، ونجد آخرين من يعتبره تعليمية اللغات[17]، ونرصد أيضا من يضع لها المقابل تعليم اللغة، ونلفي من يعرب المصطلح الفرنسي ليكون الديداكتيك وأكثر الكتابات التي يظهر فيها المصطلح المعرب الدراسات التعليمية المعجمية مثلما يظهر لدى أحمد أوزي، حيث يشير بعد ذلك الى الديداكتيك« بعد 1960 أصبح لصيقا بميدان التدريس دون تحديد دقيق لوظيفته » [18].
إن هذه الترجمات اللغوية التي تختلف خلال نقل المصطلح الأجنبي إلى العربية تقع فيما يسمى التشتت الاصطلاحي، وهذا ما يؤدي في أكثر من موضع وظيفي إلى تباين الدلالة، علما أن المنطق التداولي خلاف الوضع اللغوي. فحين نستعمل مصطلح تعليميات اللغات ترجمة للمصطلح الأجنبي سنكون إزاء تحديد مفهوم تعليمية اللغات ترجمة للمصطلح الأجنبي كذلك la didactique des langues . كما سوف لن يختلف الأمر كثيرا عن ترجمة تعليمية المواد أو تعليمية المعارف la didactique des connaissances . الصورة نفسها تنطبق على التعليمية الخاصة والعامة. إن خطورة الأمر حسبنا لا يكمن في الترجمة اللغوية في حد ذاتها لكن، في الكل التعليمي أو ما نطلق عليه مسمى النظرية التعليمية في كليتها. التي تتضمن عناصر تعليمية كثيرة منها تعليم اللغات وتعليم المواد والمعارف ، وتعليم الكبار وتعليم الصغار وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، وكثيرة هي المفاهيم التي ضمن العملية التعليمية التي يجب أن يحسب لها ألف حساب ليس خلال عملية نقل المفاهيم التعليمية الأجنبية إلى العربية ، لكن قبل التفكير في النقل أي ما نعنيه هو الفهم الحقيق السليم للمضمون المعرفي الاصطلاحي للمصطلح التعليمي الأجنبي في لغته الأصلية.
ما دام الحديث عن الترجمة متعلق باللغة العربية والنقل من اللغات الأجنبية إلى العربية، نرى من اللازم أن نستحضر ما يذهب إلية المنظر اللساني الجزائري الراحل عبد الرحمن الحاج صالح مؤسس النظرية الخليلية الحديثة، حين يلح على إخضاع الترجمات الأجنبية خلال نقلها للقاعدة النحوية القياسية العربية، ليكون المقابل التعليميات المبني قياسا على اللسانيات والرياضيات والصوتيات مثلما يشير إليه الأستاذ يوسف مقران في محاضراته التعليمية في المدرسة العليا للأساتذة الجزائر. يقول عبد الرحمن الحاج صالح« تفضل الكلمة المولدة التي أعتمد في وضعها على سنن كلام العرب في اشتقاقاتهم وطرق توليدهم، وتترك التي لم يعرفها العرب كزيادة اللواحق غير المعروفة في لغة العرب واستعمال وزن أو بناء لم تستعمله إطلاقا أو استعملته في الأصل لمعنى بعيد كل البعد عن المقصود. وذلك مثل صوتم وأسلوبية ومعلوماتية وغيرها. ولهذا يتجنب الاقتباس للأبنية الأجنبية أو التي لها مؤدى بعيدا عما هو مقصود( لم يستعمل المصدر الصناعي- المختوم ب: ية- أصلا للدلالة على الصناعة أو العلم بل على الصفة وكون الشيء على هيئة وكيفية مدلولا عليها باسم جنس هو هذا المصدر، أما العلوم فان العلماء تعودوا أن يضيفوا لفظة علم إلى الموضوع الخاص واختصروا ذلك بأن استعملوا ياء النسب وصيغة الجمع المؤنث السالم مثل علم الطبيعة = الطبيعيات/ علم الرياضة = الرياضيات/ أو على صيغة جمع التكثير: المناظر (= البصريات)»[19].
إن حاجتنا إلى الاستدلال على ما هو واقع في قضية ترجمة المصطلح التعليمي الغربي يفرض علينا أن نشير إلى مجموعة واسعة من المصطلحات التي استوقفنا قسرا، والتزامنا بحدود المنهجية الأكاديمية للورقة البحثية يفرض علينا ذكرها دون مقاربها بالتحليل مثلما سبق وفعلنا مع المصطلحات النماذج وهي على النحو الأتي:
جدول رقم 01: إحصاء المصطلحات التعليمية الغربية الأكثر تمثيلا لإشكالية النقل إلى العربية
المصطلح الغربي بلغته الأصلية | الترجمة المتعددة للمصطلح بالعربية للمصطلح |
1science de l’éducation | علوم التعليم/ علوم التربية |
2 taxonomie | صنافة/ تصنيف/ شكل/ هيكل |
3soutien | دعم/تعزيز |
4interview | استجواب/ استبيان |
5évaluation | تقويم/تقييم |
6examen | امتحان/ اختبار |
7conseiller pedagogique | مستشار تربوي/ مستشار بيداغوجي |
8compétence | كفاية/ كفاءة |
9alphabète | أمي/ فاشل |
10administration éducative | إدارة تربوية/ إدارة بيداغوجية |
11analyse de contenu | تحليل المحتوى/ تحليل النص |
12auto-évaluation | التقويم الذاتي/ التقييم الذاتي |
13didactique | التعليمية/علوم التعليم/ تعليمية اللغات… |
14éducation | التربية/ التعليم |
إن الحاجة إلى الترجمة في مجال التعليم حقيقية وواقية، لان تطور التعليم في مساراته المختلفة والتحول السريع الذي تشهده مجال بحث التعليميات عامة يستدعي تطورا في المقابل في المعجم المصطلحي المؤطر للقواعد الاصطلاحية، من أجل الحفاظ على المقود من الدلالات المتخصصة من جانب، ومأسسة فكر خاص بالتعليمية كعلم قائم بذاته من جانب ثان. لذلك تضع الجهود الباحثة في آليات الترجمة والنقل من لغة إلى أخرى مجموعة واسعة من الشروط التي تحدد اطر النقل الصحيح، ولعل أهمهما – في إطار ما يسهم في بحثنا هذا هو« أن لا يبقى الإنتاج المصطلحي من اختصاص اللغويين إذ جل ما أنتجوه ظل حبس الخزائن والمكتبات، بل يجب أن يتعدى هذا إلى المستعملين العلميين والتقنين، لدرايتهم بالأنماط المختلفة لعمليات الابتكار والاكتشاف في الحقول العلمية والتقنية، حيث يضعون المصطلحات اللائقة للأداء والأدوات ويقرنونها بالمسميات، ثم يروجونها مع عمليات التسويق، وهكذا يكتب النجاح للمصطلح المنتج بالنقل والتداول والحياة »[20]. فترجمة المصطلح المتخصص في الواقع هو نقل للعلم من بيئة ولغة محددتين مغلف بغلاف فلسفة والثقافة أهل وواضعي المصطلح.، لأجل ذلك سنعتبر أن نقل المصطلح الديداكتيكي مسألة تطبيقية إجرائية تتقاسم أطرافها ثلة من التخصصات وتتضافر في سبيل فاعليتها بإبراز المضامين بوضوح وتدقيق المعاني فاعلين يقرؤون المصطلح التعليمي من زوايا مختلفة ، فعالم النفس ينظر إلى التعليم خلاف علام الاجتماع والبيداغوجي ينظر إليه من منظار ليس لغوي. ذا الذي يدفعنا إلى القول – ومن وجهة نظرنا – أن الترجمة فعل مخبري ينجح بنجاح التكامل بين التخصصات ممثلين في الباحثين والطلبة وغيرهم من المهتمين المعنيين فيما نقصده. طبعا غير مقصيين للجهود الفردية هنا وهناك، لكن يبقى أن نلح على أهمية العمل الترجمي الجماعي المخبري على الفردانية فيه.
حاولنا من خلال هذه الورقة البحثية أن نحمل بإشكالية حديثة الملمس إلى سطح الساحة التعليمية وتسليط الضوء عليها لننبه الباحثين في علوم التربية والتعليم والبيداغوجيا إلى أنه على غرار الأهمية العلمية والمعرفية التي تلعبها الترجمة في إرساء مفاهيم التعليم بمفهومه الواسع إلى أن مجموعة واسعة من العوامل تحول دون أن تقوم بهذا الدور على أحسن صورة لأسباب مختلفة:
- القائمون على الترجمة إلى العربية في ميدان التعليم ليسوا من المختصين المتمكنين من حيثيات التعليم بمختلف خباياه.
- المتخصصون في التعليم تنقصهم الكفاءة اللازمة في الترجمة.
- تتطلب ترجمة المفاهيم الديداكتيكية من اللغات الأجنبية إلى العربية التمكن من القراءة بأكثر من اللغة العربية حيث يستدعي فهم المفاهيم الديداكتيكية أصلا في لغاتها الأصلية مع اعتبار السياقات الخاصة بتلك اللغة ثم يلي ذلك فعل الترجمة مع شروط أساسية أخرى يجب أن تتوفر في المترجم.
خاتمة:
يجب أن نتوخى الحذر عندما نهم بالنظر في قضية لغوية بحثية ترتبط ارتباطا وثيقا بفعل الترجمة، حيث الفعل وحده منعزلا يشكل محورا ذا عناصر كثيرة وأبعاد متنباينة، فما بالنا عندما يتعلق الأمر بالعلاقات البينية مع علوم أخرى، ثم إن القائم على ترجمة الإنشاء ليس كمن يشرف على نقل تلك المعاني المتخصصة في ميادين متعلقة بتجربة إنسانية علمية محددة، تأخذ على عاتقها شرح علم إنساني منهجي، حيث تؤطر مفاهيمه مجموعة واسعة من المصطلحات المتناقلة بين المجالات المختلفة التي يصعب تحديد مصادرها، مثلما لمجال الديداكتيك من دور في صياغة منحى التكامل المعرفي بين العلوم فهو ذلك المجال الذي تلتقي فيه معطيات العلوم ومصطلحاتها.
على الرغم من صعوبة الخوض في هذا الموضوع في اتجاه ما صيغ في الإشكالية، إلا أننا سعينا في هذه الورقة البحثية أن نبرز للمهتمين أهمية الطرح المتمركز حول إشكالية ترجمة المصطلح الديداكتيكي من اللغات الأجنبية إلى العربية، لنصل في الأخير إلى ثلة من النتائج المزيج بين النظرية والإجرائية الملخصة في النقاط الآتية:
نتائج عامة:
- الترجمة تجربة إنسانية تستهدف تحقيق الاحتكاك الإنساني عامة قبل المعرفي المتخصص.
- الترجمة آلية محورية تدفع إلى التكامل المعرفي في أشكاله المختلفة
- فعل ترجمة الأعمال العلمية ونتائج الدراسات اللغوية تتحكم فيها عوامل ليست لغوية فقط بل معرفية وثقافية قبل ذلك.
نتائج تطبيقية:
- تتأكد لدينا إشكالية صعوبة نقل المصطلح الديداكتيكي من خلال ما تبرزه معاجم وقواميس التعليم والتربية والبيداغوجيا من توظيف متعدد للمصطلحات مقترنا بمفاهيم متعددة لمصطلح واحد من جهة ثانية.
- تبرز عينات المصطلحات المتداولة في دراسات التعليم وفروعه مصطلحات بجذر لغوي واحد لكن بحروف زيادة مختلفة أو تحويرات للجذر اللغوي بأشكاله متباينة لتوظف للدلالة على مفهوم واحد.
- تقر دراسات كثيرة خاصة منها اللغوية أن فعل الترجمة لا يستقيم حاله إلا أدركنا كيف نحافظ على المعاني السياقية من خلال قالب لغوي واضح مختصر لا يخل بنظام اللغة المترجم إليها.
- المصطلح الديداكتيكي يخضع للآليات نفسها التي تعتمد في ترجمة أي مصطلح ضمن أي مجال.
- إشكالية نقل المصطلح الديداكتيكي حديثة مقارنة بما وقعت فيه الدراسات اللغوية والأدبية.
- نبرز من خلال طرحنا هذا أنه من بين أهم الأسباب التي تحول دون الفهم السليم للمضامين المعرفية التعليمية المصطلح ومجموع الإشكاليات المتمحورة حوله وأهمها دلالاته بعد نقله إلى العربية كما أبرزناه مع مصطلح الكفاءة والكفاية.
وبهذا نأمل قد فتحنا بات التحقيق في موضوع تتقاطع من خلاله مجالات معرفية متنوعة ومتباينة، وهذا دليل آخر على أن الترجمة علم قائم بذاته لما له من أهمية علمية وثقافية ومنهجية إجرائية، فالمصطلح الديداكتيكي يتمثل جانبا مهما من العلوم الإنسانية، فالاهتمام به من جوانب مختلفة المعجمية منها والنحوية والمعرفية والتأويلية يلعب دورا محددا لقيمة المعرفة المنقولة عن طريقه. لذا فإننا أمام تحدي مراجعة المصطلح الديداكتيكي ضمن منظومة بناء المعاجم المتخصصة لأجل الإسهام في تنظيم المعجم الديداكتيكي الذي على عاتقه نقل علوم التعليم التي تتطور يوم بعد يوم وبشكل سريع حيث تتدفق المعرفة المتنوعة المعددة من مجالات مختلفة لتصب في التعليم وعملياته لتكون محورا من محاور المعجم الديداكتيكي في الأخير في متناول الباحث والقارئ والطالب في مجال التعليمية.
[1]– Hachette, Le dictionnaire du Français, Ed. ENAG, Alger, 1992, p.494.
[2] – L. Cornu. A. Vernou, la didactique en question, C .N. D.P. Hachette. 1992, paris, p 18-19.
[3] – عبد الحق منصف، رهانات البيداغوجيا المعاصرة، دراسة في قضايا التعليم والثقافة المدرسية، إفريقيا الشرق، المغرب، 2007، ص 185.
[4] – L. Cornu. A. Vernou, la didactique en question , p 19.
[5] – عزت محمد جاد، نظرية المصطلح النقدي، مجامع الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجمهورية العربية المصرية، 2002، ص54.
[6] – مصطفى محسن، التعريب والتنمية، سلسلة شراع، ع 56، طنجة ، 1999، ص66.
[7] – المرجع نفسه، ص66.
[8] – حلمي خليل، دراسات في اللغة والمعاجم، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، لبنان، 1998، ص401.
[9] – عبد الكريم مجاهد، علم اللسان العربي فقه اللغة العربية، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2009، الأردن، ص 275.
[10] – أحمد اوزي، المعجم الموسوعي لعلوم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، 2006، ص52.
[11] – المرجع نفسه، ص52.
[12] – jean pierre cuq, dictionnaire de didactique du français, paris, 2003, p 192.
[13]– أحمد أوزي، المعجم الموسوعي في علوم التربية، ص216.
[14] – P.Gillet et autres, construire la formation, outils pour les formateurs et les enseignants, CEPEC ED ,paris, 1994,p38
[15] – بوتكلاي لحسن، مفهوم الكفايات وبناؤها عند فليب بيرنو مجلة علوم التربية، ع25، 2003، ص 22.
[16] – عمار ساسين اللسان العربي وقضايا العصرن دار المعارف، بوفاريك البليدة، الجزائر، دت، ص 80.
[17] – نسيمة ربيعة جعفري، الخطأ اللغوي في المدرسة الاساسية الجزائرية، مشكلاته وحلوله، دراسة نفسية لسانية تربوية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2003، ص 128.
[18] – أحمد أوزي، المرجع السابق، ص 140.
[19] – عبد الرحمن الحاج صالح، اقتراح مقاييس لاختيار الألفاظ ضمن ( كلمات الوفود المشاركة في المؤتمر الخامس للتعريب المنعقد في عمان ، مجلة اللسان العربي، ع 27، الرباط،1986، ص 70.
[20] – محمد طبي، تقنيات وضع المصطلح العلمي والتقني، أهمية الترجمة وشروط إحيائها، المجلس الاعلى للغة العربية، الجزلئر2004، ص120.