
شظايا الواقع هواجس الرهان الروائي_ قراءة في أدب واسيني الأعرج ، الباحثة توهامي إيمان، سنة ثانيا دكتورا علوم، جامعة محمد خيضر بسكرة، بحث نشر بكتاب أعمال مؤتمر الرواية العربية في الألفية الثالثة ومشكل القراءة في الوطن العربي: الجزائر العاصمة 21-22|08|2016 ، ص 157. (للتحميل يرجى الضغط هنا)
تمهيد
الكتابة إدراك للذات في تكونها و تمثل لقوتها الروحية أثناء سبر أغوارها الداخلية، و وعي بمعطيات الوجود بمختلف ملابساته و تبين لتمثله في الذات الإنسانية، و تحقيق لها كواقعة معرفية من خلال مظهريتها عبر تفاعلها مع متعلقات واقعها بين هدوئه و تقلبه. هنا يتجلى الواقع المتشظي في أدب واسيني الأعرج كجمرة مشكلا صورا شعرية مغلفة ببعد ضبابي و معبقة بمشاعر التوق و الخلاص، بفاعلية التمثيل الاستيعاري في خلق اللاممكن و اللاواقع تتأصل وفقها حساسية إبداعية روائية مغايرة الإحساس، لتندمج في الواقع جاعلة منه بؤرة دلالات متجددة، ليكون المتخيل السردي للأعرج مشروعا حضاريا ينبو عن أدبيات ما قبل الألفية الثالثة، إذ يعد تشُكلا أدبيا جديدا يمحت من واقع اللامتجانس رؤاه و طروحاته الفلسفية، يعيد صياغته بإبداعية تمثلية تهكمية تكثف شاعريته ببلاغة الطرح في بناه الذهنية الدرامية، تستنفر كل الطاقات الإبداعية لرسم بلاغة الارتداد المتشظي و المشوه لواقع مطموس الملامح بمواقفه الإنسانية المختلفة، لتكون حكاية الذات رهان التحقق المجسد في أدبيات الأعرج.
يكتب الأعرج عن الواقع الفاقد لوجوده المباشر متحولا إلى حالة رمزية، ليس الواقع بحرفيته بل هاجسه و رهانه، بل هو الصورة التي تعد حالة تدفق لما هو هاجس داخلي يسعى إلى الخارجي.لكون الصورة هي ما نصنع من ملابسات المحسوس الفاقد لوجوده العيني بل وجوده الذهني، لتكون صوره المقدمة نظرة خاصة للحياة و ما يشوبها من تعقيدات، ذلك” أن النص الروائي صنعة لغوية و ليس نسخا محايدا للواقع”[1]، فزئبقية التخييل أن نصنع عالما واقعيا و ليس بالواقع في شيء منه، بل يتداخل فيه و لا يتعارض معه بل هو الرؤية المعكوسة له، لذلك يكون متشظيا بأبشع صوره في عالم التخييل، فالأعرج في اعتماده على صناعة الوجود يسعى أن يترك شيئا جميلا يتحول إلى قيمة فنية أو قيمة حضارية. ليكون أدب الأعرج تحت وطأة مسائلة الكتابة الروائية في مجازفتها نحو المجهول بعيدا عن هواجس الواقع؟، أم أنها تتعايش معه و تواكب كل متغيراته؟.
تطرح فنية الكتابة الروائية عند الأعرج نفسها في الفترة المعاصرة عبر انفتاحها على التشكلات الواقعية المختلفة عنها، في سعى التجربة السردية عند الروائي تجديد آلياتها الإجرائية للإجابة عن سؤال كيف نقص قصة أو نكتب رواية، في ظل واقع متقلب في معطياته و متغير في رؤاه و قناعاته ؟، إذ تنبثق من خلالها قضية الوعي الكتابي لولوج الحداثة و تجسيدها للتماشي مع مقتضيات العصر الحديث، تخلق جمالية ذوقية روائية جديدة تولد معها ذوقية تلقوية ذات حساسية فنية عالية تتلمس داخلها هواجسها، فكيف تُشكل الرواية الجزائرية المعاصرة من خلال نموذجها واسيني الأعرج في المشهد الإبداعي العربي بوحا للمعطى الواقعي بفلسفتها الإبداعية و الفنية
حساسية التشكل شظايا الواقع في أدبيات واسيني الأعرج
_ يتمزق الواقع على جغرافية الجسد الإنساني لذا كان الوعي بالإنسان و الإنسانية بضياع مكانته و قيمته و فقدان مقومات وجوده، هو الهاجس الروائي الذي نلفيه في الخط الدرامي الذي بنى عليه واسيني الأعرج متخيله السردي، سواء في تلونات الشخصيات التي يختارها أو في بناء تيارها الأيديولوجي الذي تنتمي إليه، لتكون الإنسانية قضية البحث في الوجود بمختلف تمظهراته الصيغية، و هروبا من التوترات التي تهدد هذا الوجود و تقصيه إلى العدمية، ليؤسس هنا للموت الوجودي للإنسان في ظل مرارة واقعية، فالهاجس الروائي الأساسي الذي حمله الأعرج على عاتقه هو الدفاع عن القيم الإنسانية التي تلاشت وجوديا.
من هنا اختلق أبطال المتخيل الواسيني وضعيات جسدية تخييلية تماثل الوضعيات الحقيقية، ” لكنها تأسست على إعادة إنتاج الفعل الواقعي بصورة جديدة”[2]، تجد مقاصدها الدلالية في حيلة التصنع التظاهري لتماثل جميع شتات الوجود السرابي في تتبع صوره النموذجية، تقول ساردة مملكة الفراش(مايا)” لكي أنسى أن الحياة المادية اليومية كانت قاتلة و كنت مجبرة على عيشها، و حياة افتراضية لم أجدها إلا في الكتب و مع فاوست. و كنت سعيدة بها جدا”[3]، يشير هذا المقطع إلى تلذذية البطلة بالواقع الافتراضي البديل الذي وجدته في قصصها التي تطالعها هربا من أزمات الواقع الحقيقي، فاللاواقعية هي الرهان الوحيد الذي تعيش به الساردة في انسلاخ الجسد منه نحو الافتراضية. فبالنسبة لذوات الأعرج الساردة رهان الحاضر المعيش هو الاستمرار في العيش، و بذل الجهد لصناعة إنسانية وجود جميل حتى ولو كان على مستوى الإيهامية و الإفتراظية، لأن الذات المعبرْ عنها سرديا تفرض الحياة الواقعية عليها نوعا من حالة التآكل و الإنسحاببة التامة.
_حساسية تشكل الواقع في رواية “أحلام مريم الوديعة” تجلت في التشويه و المسخ الذي يطال كل صوت عقلاني حر و مفكر ، لتزداد صورة التشويه كثافة بتعاظم الكلمة دلاليا من جراء فعل الهتك، و المسخ للإنسان/الجسد و الهوية، فنجد أن واسيني الأعرج رصد الجسد عبر فضاءات متعددة كاشفا عن أبعاد التشويه، سواء على المستوى الجسدي أو على المستوى الأيديولوجي أو على المستوى النفسي وما ينجر عنه من أثار و أبعاد، ما يجعل رواية “أحلام مريم الوديعة” تمثل خصوصية التجربة الجزائرية في صوغ النموذج الجسدي في أبعاده التشويهية المختلفة، يقول السارد الرواية: <<أحبك أكثر، لكن الجرح كبير يا مريم و يغيب سعادتي، لقد نجحوا في كسري >>.[4] هنا << يصبح الجسد إشارة للنقد السياسي، فيتحول الجسد إلى ذاكرة مثخنة بالجراح وقد حوله الحكام إلى نزهة، نستشف منها أن الاستبداد السياسي يمارس ماسوشية عجيبة على الأبدان، لأن الجسد مأوى الأفكار التي تقلق، مأوى المؤامرات في نظر العساكر و السلطة، يصبح الجسد خاضعا للرقابة في كل لحظة، ويخضع للجمركة الفكرية .>>[5].
إذ تبرز أبعاد التشويه بالتركيز على أنماط الجسد المختلفة و مظاهر التشويه الموجود في نسيج الرواية من حرق و سلخ و مسخ و قطع، بالوقوف عند الجسد بوصفه علامة تحمل دلالات التحرر من خطاب الاضطهاد ليتحول العمل الروائي إلى الجسد، ” لنقل أن جيلنا سيحرر الثقافة العربية، من ركامات سبويه و ابن جني و الزمخشري و الفيروز أبادي ، و أبو فرج الأصفهاني”[6]، فيصبح الجسد هو الرواية نفسها منذ انطلاق عملية السرد لكي يوصل رسالة مبطنة بين ثنايا هذه الأخيرة، تنهض اللغة بنقلها عبر حضورها في كل جزء من أجزائها . يطرح من خلالها الأعرج مشكلة العصر و التي تمثلت في البحث عن حرية التعبير أو الديمقراطية، و في علاقة الحاكم بالمحكوم بين المحاباة و الضدية يقول السارد الرواية:<<لساني كان قد انسحب إلى أغوار الحلق، لم أقل شيئا لم أقل كلمة >>[7]._ لتصل حالة المسخ و التحول من الإنسانية إلى الحيوانية بهدف طمس ملامح الهوية ” يتكور على نفسه يتحول إلى فكرون ملون، يتكور مثل قطعة ثلج كبيرة”[8]، لتكون صورة من الصور التركيبية لحالات الفقد و الضياع و التيه و الانتفاء و الامحاء[9].
_بينما الشذرات الواقعية في رواية ” أصابع لوليتا” تجلت في التخبط الإنساني جراء الواقع المشوش محيلا إياه إلى الانهزامية و الانكسارية، يقول الراوي” الإحساس بالفراغ و اللاجدوى مؤذيان إلى أقصى الحدود. ما يجعلنا عشاقا حقيقيين هي نشوتنا بأننا أصبحنا جزءا من ضرورات الآخر. المشكل أننا نعيش حالة من اللاتوازن حتى في حميمياتنا”[10]، ما يجعل منه يضع حدا لحياته عبر الانتحار، لتكون المشاكل النفسية لغة العصر اليومية بين قدرة الذات على تحملها و بين ضعفها، ليناقش من خلالها الأعرج البنية النفسية المهتزة عند الإنسان العربي في ضياع القناعات و انعدام المسلمات و موت اليقينيات، مما ورثناه من قيم و عادات شكلت الحصن المنيع الذي نستند إليه و بانهياره سار الإنسان إلى العدمية في فهم حاضره الملوث بقناعات زائفة. يقول بطل الرواية يونس مارينا عن روايته ” عرش الشيطان: ” قبل لحظات تذكرت كلام إمام مسجد دوسلدوف الذي أعطاها كمثال غريب للتغريب و الكفر بالقيم. و بيع النفس للشيطان الرجيم”[11]، أحدث الأعرج من خلالها مفارقة جوهرية للجمال الحامل للخراب و الدمار من خلال “لوليتا” الجسد الأنثوي الجميل بمظهريته الخارجية، بينما باطنها الداخلي إرهابي الفكر” تدحرجت القبلة في فراغات الثلج كالعصفور الجريح، و ما كادت ترفع رأسها من جديد نحوه و تعيد الحركة نفسها بقبلة أخرى، حتى لمع بريق يعمي البصر انفجرت بكلها فتطاير جسدها الهش في كل اتجاه. مشكلا حرائق صغيرة ظلت مشتعلة في مكانها على كتل الثلج[12]“، هذه الرؤية تحيلنا إلى فكرة صراع الجوهر و الخارج و الشكل و المضمون، لكون لوليتا تمثل انشطار الإنسان بين رؤاه الخاصة و رؤيا محيطه الثقافي و في انجرافه نحو أفكار هدامة، ما يؤدي به إلى اختيار الموت كنهاية لعشوائيته الخانقة، هذا ما تشترك فيه رواية “سيدة المقام” التي رصدت التحولات الكبرى حين هزت البنية الفكرية للمجتمع الجزائري، بعد اختراق مقولات مذهبية فكرية مختلفة أنشأت نفسها ، تمردا عن المرجعيات الأصولية منها مقولات دينية بين تشددها و انغلاقها، و تيارات فلسفية من العدمية و العبثية تقول الذات السارد” الصمت يلف الأرصفة و لا تسمع إلا خيوط التليفون العارية و الكهرباء و هي تئن في الزاوية، داخل هذه المدينة التي لم تعد لنا. خسرت روحها و إشراقها”[13]، تتحول المدينة إلى أيقونة إشارية رمزية للبناء الحضاري في تعالقيته مع الوجود الإنساني المخلخل، إشارة إلى المرجعيات المهتزة التي لا تمت بصلة إلى الواقع، مثل تيمة “الورق الأصفر”، إشارة إلى تهالك الخطابات الثقافية الحديثة التي تعد أشد خطرا على قناعات الفرد العربي المعاصر.
_ ينبثق الواقع بكل متغيراته الحضارية على المسرحية الإشارية للجسد باعتباره النواة التواصلية مع معطيات الكون، لتكون نوة أو لوليتا أو ليلى أو مريم الجسد النموذجي الجامع لبطلات الأعرج، رمزا للحضارة في رقيها و انفتاحها و تعددية رؤاها رمزا للفن و الشعر و الموسيقي و الكتابة ” الغريب أني كلما قرأتك شعرت برغبة في الحياة و عدم التسليم في حقي و لو بشبر واحد أفهم إحساسك جيدا[14]“، في مقصدية دلالية من الأعرج على التجدد و الانبعاث و العطاء الإنساني، بفسحة المشاعر النبيلة و الأحاسيس المرهفة التي مازالت تؤسس لإنسانية الإنسان المفقودة، فتظفي لونا مغايرا لقيمة وجودنا و تحي الشعور بجمال الوجود و الكون رغم بشاعة الواقع” نعم أحتاج ذلك لأستمر في إنسانيتنا، علينا أن نؤمن أولا. و بعدها تأتي الأشياء من تلقاء نفسها ربما بقليل أو بكثير من المقاومة[15]“، تستقطر من هذه الإشارية المقصدية ثنائية تنفذ إحداهما من الأخرى القبح من الجمال و الجمال من القبح، المنتشرة بدلالتها في الصور السردية التي ينبني عليها متخيل الأعرج السردي ” تستقر الابتسامة متعبة في محاجر العيون، شيء ما في ابتسامتك لا يستقيم. و في اعوجاجه حمالك. أشعر دائما حين تضحك عيناك بسخرية لطيفة، بهالة ما تطوف سر هذه الابتسامة”[16].
_ تشكل قضية الخلوة المحور الأساسي للتعبير عن الانعزالية و العزوفية في أدب الأعرج و هذا هروبا من الواقع و ما يشوبه من كبت و انغلاقية خاصة في رواية ” أنثى السراب”، ما جعل المصير التراجيدي الفاجع هو النهاية المحتومة في نهايات الأعرج لشخصياته المحورية البطلة ” طبعا لم أتساءل ماذا سأفعل بعزلتي. كل شيء صاف في ذهني و لا يوجد أي ارتباك في قراري النهائي. أعرف جيدا لماذا انزويت في السكريتوريروم، بعد أن وصلت إلى نقطة اللارجوع. النقطة الفاصلة بين جبن الحياة و بهاء الجنون”[17]، سواء ذكورية أو أنثوية بتعرضها للقتل بسبب الممارسات الاضطهادية من كبت لحرية التعبير و حق الوجود الهووي الذاتي ” تخيل !أشعر بالعالم كله يناصبني العداء، بكنائسه و جوامعه اليهودية و مساجده، رجاله و نسائه، عساكره و مدنييه، ملائكته و شياطينه، مومساته و نبياته و كافريه … ألتفت صوبي فلا أسمع إلا الصرخات المتتالية و ضجيج تكسر الأشياء و الارتطامات المتتالية و كأن بنايات عالية تتهاوى عند رجلي. لا أدري لماذا كل هذا العمى الكلي. الحروب عمياء و يرتكب الناس فيها أبشع الجرائم”[18]، أو بانتحارها و هذا ناتج عن حالة الانشطار و حياة الانفصام الحادة التي يتعرض لها الإنسان العربي بسبب هروبه من واقعه المأزوم و الخسارات العاطفية، ” كأن الزمن توقف نهائيا لولا تلك الحركة الخفية للعقارب المضمرة، التي تصلني برتابة مقلقة و تحسسني باحتمالات انفجار سيحدث في أي لحظة، و في أي مكان، بما في ذلك جسدي أو رأسي المتعب، كل شيء يحمل قوة الصمت العنيف التي بداخلي”[19]، ما يجعل “البناء الدرامي و الدينامية السردية و الوجودية لهذه الشخصيات، كما يوجد في نصوص روائية عربية أخرى، حيث تصطلى بنار كل التمزقات و الانهيارات الكبرى”.[20]
_ فمن روايته “البيت الأندلسي” إلى “مملكة الفراشة” رؤى استشرافية لمستقبل الوجود العربي الذي يغلفه غبار الدمار، ليكون الرهان الروائي المطروح في رواية الأعرج الأخيرة ” حكاية العربي الأخير” خاتمة المشهد العربي بين متخيله و واقعه، هو مواكبة التغيرات الراهنة المترسخة في ذات المبدع عميقا، رواية كتبت في مخاض الأمة العربية في الربيع العربي المزعوم من الثورات و الصراعات الداخلية ، فتجلى فعل الرهان كحدث تواصلي انفعالي بين الأنا الواعية المتمثلة في الروائي كذات متلقية فمبدعة والآخر الواقع و إفرازاته كمثير تحفيزي على الإنتاج التمثلي. لقضايا التقتيل و حياة التشرد و الهجرة بسبب فقدان الوطن فقدان المنبت. _ففاعلية صوغ هذه العلاقة الاندماجية و التواصلية، جاءت في صناعة واقع محتمل الحدوث بسردية تمهوية متعالية الترميز في متابعة الأجواء الانهزامية و الانكسارية عبر انعكاسات التداعي[21]، و الاسترجاع و الارتداد للواقع المتجلي من خلال تقديم الأعرج لتجارب إنسانية متنوعة و متلونة بظلال الواقع المأساوي للواقع المعيش ” ترك أرضه و جنته الأندلسية و مدينته: غرناطة الجريحة في منفاه ظل و فيا لأحجاره القديمة الممتلئة بالأنين و التمزقات و الانهيارات التي دغدغت طويلا المدينة”[22]. هنا يكتمل البناء الكلي للصورة الشاملة للواقع المشتت في جميع أبعاده الإنسانية الأكثر حساسية، و هذا التشكل الفسيفسائي جاء نتيجة نزيف الذات العربية و تفكك خطابها المتشظي، في بحثها اللاهث وراء الخلاص الروحي.
- الاستراتجية التصويرية للواقع المتشظي
- _من انعكاسات الواقع المتشظي إقامة مسائلة في ثنايا الابداع الروائي لواسيني الأعرج و أسلوب تقديمه لموضوعاته بحساسية عالية التركيز، ترتكز على الإيهامية في تأسيس لقناعات شخصية تصنع حقيقة سرابية يستأنس لها المتلقي، و يتلذذ بعوالمها بعيدا عن الواقع السوداوي، بطرح تخييلي للقضايا الواقعية بلغة عالية الترميز و التشفير ” كنت مدركا للشطط الذي ينتظرني مع دون كيشوت و طبيعة مهمتي في ظروف أقل ما يقال عنها أنها تسير عكس التيار الذي كنت أسبح فيه. علي أن أتخيل نفسي في شوارع العاصمة أتجول مع أجنبي”[23]، باعتبار محمولها الفلسفي و رؤاها الأيديولوجية المعقدة، إذ أن خطاب الأعرج الفني مبني على الإفتراظية الوهمية في خلق صراعات على الورق بين شخصيات ذات ملفوظات دلالية، مثل ما نجده في روايتي ” أنثى السراب” بين بطلتها ليلى و ظلها الورقي مريم “أدركت أن الحمل كان ثقيلا حولني بلمسة لغوية سحرية إلى أيقونة سماها مريم أفرحتني وقتها أوانها جميلة … أكلني و أفرغني من الداخل اكتشفت فجأة أني كنت أنا المرأة الورقية الميتة، وكانت مريم سيدة الحياة كلها” [24]، و ” أحلام مريم الوديعة” بين بطلها و الضابط سفيان الجزويتي، لتكون كل الشخصيات الإشكالية ذات سمات إشارية لإشكالات الواقع و انغلاقيته في دائرة الصراع اللامتناهي و القاتل، ما يجعل الشخصيات تلتبس بسمات التوتر و التيه، فالفعل الهروبي من شظايا الواقع المتلظي بنار الثورات و الأزمات و المؤامرات و الدسائس، ما يجعل الخطاب السردي تتصاعد في مساره البنائي دلالات الفناء و الانسحاق الداخلي و التمزق الروحي ما يكشف صراعا وجوديا[25].
- من السمات الإشارية التي نستأقر من خلالها أثار الألفية الثالثة بمتغيراتها الجذرية الإحساس بعدمية الزمن و اندثاره و هذا ما نلمسه في بنية الخط الزمني الموظف في المتخيل السردي، الذي يتميز بالعبثية الإسقاطية لحالات الضياع و التيه الوجودي، فقدان الشعور باللحظة الزمنية و تشابه المسار الخطي للزمن ما أفقد الأشياء بريقها و قيمتها و أكسبها الرتابة و الروتينية، ليؤصل الأعرج لموت الإنسان زمنيا أو الطرح الوجودي الجديد، سريالية الزمن أي الامتداد السرمدي للأشياء ما يفقدها هويتها، ليكون الموت الزمني سمة من سمات عبثية الوجود كرد فعل على واقع متشظي “ تسألني ماذا أفعل الآن؟ لا شيء. أو على الأقل لا شيء يستحق الذكر. أقرأ بعض الكتب في غيابك أملأ هذا الخواء الذي يقهرني دائما. و من قال إن الخواء سهل. أنه الفترة الوحيدة التي نسمع فيها تكسر كل الأشياء الثمينة في دواخلنا و حولنا”[26]، فالإشعاعية الدلالية تحيل على الفراغ و السكونية و الثبوتية فالجمود، سواء على الصعيد الفزويولوجي بتهدم الجسد و انهياره أو على الصعيد الفكري الخمولية و الاتكالية على المرجعية الثقافية القديمة.
كما تميزت البنية الخطية للزمن السردي بالتقطع و القفز الارتدادي بين المستقبل و الماضي فالحاضر، كلحظة وهمية معيشة على مستوى الزمن السردي ” فجأة بدا لي الزمن ذلك الزمن قريبا من قلبي و من عيني، و كأن يدا قوية وضعته أمامي بنبضه، و خوفه، و رعشاته المتتالية، و موسيقاه الدفينة“[27] ، ذلك كله لتشخيص التحولات التي غلفت المناخ العربي [28]، ما جعله في معظم الأحيان يستند إلى آلية التذكر في بناء المتخيل الذي يعد تجميع شتات الذاكرة المثقلة بالهموم، لتكون روايات الأعرج استغراقات زمنية متكسرة و مبعثرة في شكل ومضات ضوئية، تنير مناطق مجهولة في الذاكرة ما يجعل المشاهد السردية عبارة عن فلاش باك، تطفو على سطح المخيلة ممثلة التقارب بين الذات و واقعها المأزوم ما يدل على أن الأعرج يحفر عميقا في النفس الإنسانية،_في هذه التقنية يتجلى تيار الوعي كسمة للتداعيات النفسية غير منظمة، ما يكشف عن التأسيس لبنية التداخل و التفكك السردي، مما يعطي صفة الدرامية المؤثرة[29]_، راسما بها عمق المعاناة التي تعيشها شخصياته المحورية.
- _ من التقريرية الإحالية إلى الإشارية الرمزية لعبثية الوجود الإنساني بإخراجه بصورة مشوشة مضطربة فاقدة الإحساس بالأنا الوجودي و الأنا الافتراضي:
” أريد أن أسترجع هويتي المسروقة هل فهمت يا سينو. لا أريد شيء آخر غير هذه الهوية المبهمة. أرفض أن تلبس مريم وجهي و تسرق ملامحي وتعيش بجسدي كل شهواتها و جنونها “[30].
يجسد هذا المشهد السردي استفاقة الساردة (ليلى) و التي تحققت في تناقض داخلها و خارجها الجسدي لحظة الوعي بأنآها الجسدي المغيب قصدا، بين صورتها الحقيقية ليلى الجسد الواقعي و صورتها كمريم العشيقة الجسد الوهمي،كما يعكس هذا المشهد البرزخية الضائعة التي يعيشها جسد ليلى، في سعيها للبحث عن جسدها المفقود المغيب و التباس هويتها الجسدية بهوية ورقية، التي أدخلتها في هذا الواقع الوهم الذي أدلجها فيه سينو عبر لعبة اللغة الروائية باسم مستعار مريم” إن هذه المكونات التي تنصرف إليها المرأة لتحقيق جسدية جسمها وفق نسق تريده أن يكون لها، تعني أن الجسد لا فرار بغير مكونات الخارج المرئي و الملموس و المشموم، يدخل في عملية انطلاق الجسد بفاعلية كبيرة شطر عوالم المرئي و الظهور و التحقق و الحضور”[31].
- _ من الاستراتجية التمثلية للواقع المتشظي اشتغال التخيلية على استحضار التاريخ كمرآة يُنظر من خلالها لحال الواقع المنكوب، مرآة تَكسر الحاضر فيها نقدًا له و لمعطياته التي تشوبها الصراعات ، فرواية “الأمير” تعكس رؤيا واسيني الأعرج للواقع الحضاري في صراع الأديان و حوار الحضارات، فهو القائل في إحدى حواراته الأدبية: “إذا كانت الأديان لا تصلح لسعادة الإنسان، فلماذا هي تصلح”، مؤسسا من خلال الرواية لقناعات جديدة في الدور الوظيفي للدين و من يتمثل الدين كهوية يقارب به الآخر، فصراع الأنا العربي في ثقافته الإسلامية و الآخر الغربي في ثقافته المسيحية اللاهوتية، عاكسا الممارسات الازدواجية في بنى الخطاب الديني بين القناعات الشخصية في استعمال الدين خطابا سلطويا لتمرير الخطابات الثاوية، مثل ما أظهرته روايته ” سيدة المقام” من تدمير لكل معطى معرفي الممثلا في حراس النوايا الرمز الإحالي للجماعات الإسلامية، كذلك رواية ” أصابع لوليتا” التي تنفذ منها الرؤية الذهنية المختزنة في مقاربة الآخر و الحكم عليه دون معايشته، كونها رواية بنيت على فكرة الحركة الإسلامية الموجودة في فرنسا، نتيجة الإقصاء و التهميش في التعامل مع المختلف و المغاير ثقافيا، رواية استشرف من خلالها الأعرج الواقع الثقافي الفرنسي و الممثل في الهجومات على صحيفة “شارلي إيبدو” من خلال قراءة استطلاعية للواقع الملغم .
- _ يبنى الواقع الإنساني على المرتكزات و الثوابت التي تشده عميقا نحو التجذر و الأصولية، لذا تغيب الرؤية المحورية في متخيل الأعرج على مستوى الآليات التقنية في الكتابة الإبداعية، حيث تتبادل الأدوار و يأخذ الفرع مكان الأصل في اشتغال الأعرج في معظم رواياته على تحطيم فكرة المركز/المتن، و الهامش/ الفرع، نجد الهامش يحتل المساحة الأكبر في روايتي ” مملكة الفراشة” و ” أنثى السراب” و “ أصابع لوليتا“، لذا نجد ملمحا آخر لإقصاء دور المركزية في تحطيم هيمنة المركزية المحورية الذكورية في عملية السرد الروائي إذ تنتقل أدوار البطولة من السارد الضمني إلى المركزية الأنثوية. هنا يتجلى الرهان الروائي في تمثيلية إلتوائية الواقع و زيف النوايا، بتكسير النمطية السردية في تتابع الأحداث مثل الاعتيادية السردية ( مقدمة_ عرض_خاتمة_)، و في علاقة الأحداث ببعضها البعض، فالأسلوب الإلتوائي الدائري هي السمة الغالبة على البنية السردية لمعظم روايات الأعرج، ” لتهجس بعنف التحول الذي يركب مصائر الشخصيات و الفضاءات، و الأزمنة المسكونة بالتوتر و الدينامية. تحول ينبع من أعماق التمثيلية للوعي الجمعي و المحكي اليومي، كيما يستدرج المخيلية إلى التورط في عوالم ما يستشرف بالحكي، و يمزج مصيرها بمهاويه، و يستفز الذهن للخوض في لعبة التماثل و التماس، بين ماضي الذات بهمومها و آمالها، و مسرى حياة الشخصيات و وظائف أفعالها”[32].
- _ما يجعل هذه البنى السردية تشكل فيما بينها برزخا بليغا من الصور الروائية المتواشجة للواقع العشوائي و المشوه، مسقطة بظلالها النحتية من الحزن و الموت و الطمس و الضياع و الانفصام، لونا يشوب كل الرؤى السردية المنبثقة طالت مرحلة بأكملها و جيلا برمته أثقلته أثارها ” هل الحب و الخوف و الموت و الحروب و المنافي و التعصب الديني وووو بعيدة عني”[33]، لتكون هوس الذاكرة الموجعة بأنينها على المجد و القوة و العزة، و طموح التحرر من الكبت الخانق، فشظايا الواقع ولدت عنف المتخيل من دمار و الخراب.
- انبثاق رماد الواقع من احتراق الذات المبدعة:
تلون الواقع بهاجس التجربة الذاتية لواسيني الأعرج التي عاني فيها صراعا من أجل الحياة الحق المشروع ” فقد كانت الحياة رهاني المستحيل و كانت حقول القمح و عباد الشمس مستحيلة”[34] ، بشتى أنواع التهديدات و الإكراهات من الملاحقات و المنع إلى كتم الكلمة وصولا إلى محاولات الاغتيال، ليكون الموت هاجسا يلاحق إياه أنى كان، رائحة يشتمها في كل من يتلبس مظاهرها، خاصة من الجماعات الدينية أو السلطة بمختلف تجلياتها، باعتباره يمثل الصوت الحر المفكر و الواعي بأخطر القضايا الحساسة، التي تشكل حساسية قيمية عالية المستوى.
فالمتتبع للخط الأيديولوجي الذي يتبناه واسيني الأعرج يجده متنوع المشارب الفكرية بغناها الثقافي غير عادي، ما يجعله في كل رواياته قافزا على حدود المنطق و العقل و اليقينيات التي سلم بها الفكر العربي، لا يمتلك الأعرج مشروعا ثقافيا محدد الهوية يمكن تلمسه بصورة واضحة، بل طروحاته الفلسفية لقيم العرب الموروثة التي تشكل هويتها الثقافية بصورة مغايرة، إما بتكفيرها و إما الانتقاص منها و إما السخرية منها ما يدفعنا إلى تتبعها ” أشتهي لو كنت أسن القوانين، أن أغير نظام هذه الكذبة التي نعوم فيها جميعا،(…) ليتفق الاثنان، المرأة و الرجل معا، على احترام الرباط الذي سيصبح مقدسا، لكن شرط احترام كل البنود، و ربما كان من أهمها حرية تحديد مدة الزواج، خمس سنوات مثلا؟(..)، و لتوضع في خاتمة العقد جملة مكتوبة بشكل نافر و مميز: عقد قابل للتجديد..[35]” فسمة التكفير و التشكيك هو ما جعله يلج الصدامات العاصفة مع الثقافات التي يحاورها فكريا، هذه التجربة الذاتية جعلته يخط سير حياته في جل إبداعه مؤرخا لحقبته الشخصية، عالمه الخاص بحدود هويته المتقلبة المزاج، فهو يعد من كتاب السيرة الذاتية في أدق خلجاتها صفاءا و عطاءا و خوفا و انكسارا.
_برزت ملامح التجربة الذاتية في أكثر من رواية كان الأعرج بطلها بامتياز متلبسا دور السارد ” المستشفى واسع، و أنا صغير يمتد بداخلي كالظل الأبيض (..) و أنا(..) الرجل الصغير المفرغ من داخلة مازلت أتمرس وسط هذه المساحة المقلقة ينتابني حزن عميق، حزن الذي لا يمتلك أي جواب لدهشته”[36]، تتمظهر الأنا الواعية هنا بثقل التجربة التي سكنت اللاشعور لتتحول إلى هاجس إبداعي، فتجربة الخوف و القلق و الارتباك النفسي و الحزن تتحول إلى خزان ذهني يمحت منه الأعرج في كل متخيله السردي، و حاضرة بصورة مكثفة في جمله السردية يستشعرها القارئ و يتلمس منها مشاهد حياة الأعرج” كانت الأصوات قاتلة تأتيني من بعيد شعرت بداخلي يرحل بكامله موت العزلة صعب“[37] ليشده ببراعته إلى عيشها بأدق تفاصيلها من خلال ايقاعية الحروف الصوتية، لتضفي جوا من الهمس و الهسهسة في إشارة إلى الانكسارية و التأزم جراء الخيانة و الخوف .
فتتنوع تجليات هذه التجربة في أهم مظاهرها في فكرة الصراع إلى حد الموت بين المبدع و من يناهض أيديولوجيته، باعتباره يسير عكس التيار السائد بمختلف تلوناته سياسية أو دينية أو عقائدية ثقافية كانت ” و في يوم وجدت عند مدخل البيت طردا فتحته بدون تفكير و إذا به قنينة عطر يوضع على جسد الأموات عادة. و كفن أبيض عليه بقع الدم و ورقة مكتوب عليها جملة واحدة انتظر دورك أيها الطاغوت”[38]، و من بين تجليتها نجد التغريب الروحي و الوجودي الذي يعيشه المبدع لفقدان أواصر التواصل،بينه و بين منظومته الاجتماعية التي ينتمي إليها ” أشعر أني لست مواطنا على الإطلاق، لا أنتمي إلى هذا البلد، كل ما يحيط بي يدفعني إلى الانتحار أو العودة إلى البيت، و أغلق على نفسي حتى أندثر مثل الريح”[39]، فالملفوظات السيميائية التالية ( لست مواطنا، الانتحار، أندثر)، مؤشرات دلالية على حالة الاغتراب التي تعيشها الذات الساردة، في إشارة إلى الأعرج ما يجعله ينفصل عن الأنا الجمعي بصورة لاشعورية لشعوره بالفرادانية و التهميش و التلاشي و الاستبداد.
خلال محطات استقراء متخيل الأعرج نلفي تلك الإشارية التي لا يَفقه خطابها الأيديولوجي المحدد الدلالة سوى النخبوية مختلفة في أبعاده الإحالية، فالملفوظات اللغوية التالية ( حراس النوايا، بني كلبون، الكلاب، الذئاب) سماتها الإشارية ترمز إلى السلطة السياسية في انتقاد تهكمي، فالبشاعة الدلالية التي تنفذ منها تعكس القرف النفسي و الثقافي الذي يشعر به الأعرج اتجاه النظام السياسي، فالذات المبدعة لا تعترف بشرعية الأنظمة الوضعية لأنها فاقد للمصداقية، من خلال رفضه لمنطق سنها للقوانين و الشرائع التي تمحي روح الإنسانية فينا ، بينما الملفوظات الإشارية التالية ( القتلة) التي تحيل إلى عالم الموت و الاغتيال، و هذا دليل على أثرها العميق الحفر في ذات المبدع، ( شمعة الأولياء الصالحين، الإحراج ، القلق) سمات دلالية للمعتقدات الطائفية و الخرافات التي يؤمن بها الإنسان العربي لحد يتبارك بها ليستمر في الحياة، و لغة للاستهجان و الرفض لكونه مثقف يتعالى بوعيه عن هذه الأعراف البالية. ( خانوا الدم و الخوف و الدهشة) بين خيانة التاريخ و خيانة القيم الحرية و التفكير وخيانة الحياة، يكتب الأعرج شعور من طعن في الظهر و قتل بصمت، لغياب الوفاء و الصدق و تلوث النوايا في ظل غلبة الأطماع و المصالح، فالخيانة عند الأعرج هي محي الحقيقة و تزيفيها و لأنه ينبس بها في مخياله ببراعته الإشارية فقد كان لأثرها الوقع الكبير في نفسه، فالروائي ليس قاضيا أو واعظا إنما يتقن لعبة التمرير تمرير الخطابات بتقنية التشفير.
بينما هاجس الترحل و الترحيل فقد ألفيناه في الدوال اللغوية التالية ( العابرون، دون كيشوت) المنفى و اللامستقر و الضياع التي عاشها الكاتب في سنوات الجمر كانت رفيق خطه السردي، لكونه يشبه ضمنيا نفسه بالكتاب الكبار للوجودية و تيار العبثية في الحياة و الرحالة الذين لا يستقرون في مكان، بحثا عن محطات جديدة يتجددون فيها فكريا لما ينهلونه من تجاربها الفكرية تمثل لهم كشفا إبداعيا جديدا، يحمل لذة الاكتشاف و خوف مغامرة المجهول، و حياة الخوف من المجهول و القادم دون إنذار تنهض به الدوال التالية ( أشياء مخيفة تتراقص بعنف الدم، عينيه المخيفتان) ما يدل على أن الذات تمر بأزمة نفسية حادة لشدة الوضع القاسي الذي تعايشه، أما الحلم بالأصل في محافظة عليه و تلمس الجذر للامتداد عبره فقد تكفلت به الدوال اللغوية التالية ( الورثة)، فقدان الهوية و ضياعها بين قيم الشرق و قيم الغرب بين الأنا الجمعي و الأنا الفردي ( لا هوية لي؟،). لتكون محطات كثير عبر فيها الأعرج عن التأرجحية التي عاني منها في سنوات عمره، فقد كتب جزءا من حياته و لو هرب من الآخر بحيلة خلق العوالم الفنتازية يزاوج داخلها بين الواقع و الإيهام.
الإشعاع الدلالي لشظايا الواقع عبر العناوين:
هنالك سمات إحالية للواقع المرير تشع بدلاتها عبر المتخيل السردي لواسيني الأعرج، و هذا ما تهتم السيميائيات به في استنطاق دلالة العنوان، باعتباره العلامة الأيقونية التي تحيل على مضمون المتخيل السردي بصورة ما من صوره، لتلفيه سيمياء الثقافة من ناحية تفكيك العلامة الإشارية المدرة للصور الذهنية، إذ تعتمد سيميائيات الثقافة في استنطاق خطابها الدلالي على البعد التواصلي للعلامة العنوانية من خلال المرجع الذي تنتمي إليه أي المشهد العربي العام ، فالمشترك الدلالي العام لجغرافية الجسد الواقعي الممزق و المأزوم، تُستقطر من الشبكة اللغوية الموظفة في تراكيب الجمل السردية، لتكون أهم السمات الإشارية على الواقع منبعثة من جملة عناوين روايات الأعرج التي يختارها بدقة، فالعنوان السمة التعريفية لموضوع الناص العام بدقة و تكثيف دلالي، يُنظر لدلالة العنونة من تراكيب دوالها اللغوية في علاقة المسند بالمسند بين حامل الدلالة الأساسية للإشعاع الواقعي، و بين حامل الدلالة الفرعية المكملة للتأثير الواقعي في ذات المبدع عبر متخيله السردي فــ” الصلة بين العنوان والنص صلة رحمية عضوية، ودراسة العنوان تمثّل في أهمّ جوانبها دراسة النّص كلّ النص، فالعنوان هو النص المكثّف، أو هو نصّ قصير يختزل نصَّاً طويلاً[40]“.
تشكل العنونة في المتخيل السردي تحديا يمتحن فيه المتلقي لدلالتها نفسه، من حيث كفاءته المرجعية الملمة بمرجعيات فكرية و ذهنية منفتحة على مناهج تأويلية تستنطق العنونة، في ارتباطها بالمتن السردي أو باعتمادها لعبة المراوغة و الإحالة المرجعية لمحتوى النص النثري، فلا يمكن اعتماد الدلالة المطابقة أو الترابط المنطقي بين الرواية و عنوانها، إلا أن كثير من العناوين تشكل إحالة إلى واقع سياسي أو تاريخي أو حدث ثقافي في رمزية لاستحضار الواقع المعيش بين ماضيه لإسقاطه على حاضره[41].
فالعلاقة الإسنادية بين عناوين المدونات الروائية متكاملة من رواية ” حرائق الأجساد نثار الأجساد المحروقة”، فالمسند الدلالي حرائق الأجساد ينشر بثقله الدلالي على واقع ممارساتي في حق الذات العربية، التي ينعكس دلاليا على المسند إليه نثار الأجساد، بها يرتسم المشهد التصويري للتلاشي الوجودي، لتستمر انبثاقية الواقع في مشهدية عبر رواية “سوناتا أشباح القدس”، لتعزف سوناتا معزوفتها الإيقاعية بصدى موسيقي من عمق الذات المعذبة، مستمدة ألحانها من توجعاتهم و ألامهم لتعكس أنفاسهم المتقطعة و المختنقة في درجات علو صوتها و امتدادية إيقاعيته في ثنايا الرؤى التخيلية للأعرج، لتظم بدلالتها الانكسارية العلاقة التواشجية للدليل اللغوي أشباح، كأن الصوت ينبثق من روح شفافة يخترق صمتها و موتها و ضعفها في انعدام القدرة على التعبير عن نفسها، ليوصل اللحن الحزين المنفجر منها من سكونيتها و همسها، لتكون الموسيقى المتألمة التي عزفها الأعرج تعبيرا عن أرواح الذات العربية سكنت القدس كنوع من الخلاص و التطهير من العذابات، فالصوت المعزوف صوت الشعب الفلسطيني الذي ضاقت روحه بوضعه، أعلن عنها الأعرج للتذكير و مراجعة النفس يعكس من خلالها تشتت الجسد العربي و انسلاخه من بعضه البعض.
تعريج الواقع على رواية ” رماد الشرق” تجلى في تصدر مصطلح الرماد التركيب النحوي ليثير بدلاليته إلى رموز الفناء و الخراب فالسكونية، التي غلفت بضلاليتها على الشرق الدليل اللغوي الذي دخل معه في علاقة اسنادية وصفية تعريفية للرماد، باعتبار الشرق الدلالة الإسنادية في وقوع محمول الدليل اللغوي للرماد عليها” لا يا جاز؟. لا يا حبيبي. العرب لحم المدافع، و كانوا في حاجة إلى أناس يرمونهم في الأتون. و لكن القيادة لم تمنح أبدا لا لفيصل و لا لناصر و لا لغيرهما، كان أللنبي هو سيد الحرب و مسيرها و .. عندما بدأ العرب يتفطنون. كان كل شيء قد انتهي أو كاد ينتهي …كاد..”[42] ،وصولا إلى رواية “حكاية العربي الأخير” تعكس في قراءتنا الدلالية للتركيب النحوي للعنونة التي بين يدينا إلى النهاية و الفناء، إذ أن العربي الأخير إشارة إلى الذات الراوية الناجي الأخير و العلامة الأخيرة للوجود العربي في زمن تكالبت كل القوى كل اهالاك الوجود العربي و إفنائه، ما عزز التغائية هذه الدلالة ارتباطها العلائقي النحوي بالدليل اللغوي الحكاية، يحضر من خلالها عنصر السرد و الحكي سرد واقع عربي مضى وجوده بكل تخبطاته و نقل إخباري لحاضرهم المحتضر، فالأخير عنصر المقاومة في استمرارية الحياة و الوجود و الامتداد فيه.
لتبقي مسيرة الواقع في انبثاقيتها عبر العناوين مشكلة مشتركها الدلالي مرة في انعكاسيته عبر أثير مدلولها و مرة في نقلها لهواجسه، بينما العناوين الأخرى تطل في شبقها الدلالي باعتبارها المنبع الذي ينحت منه المبدع تابلو الواقع في مدوناته الروائية، فالشاهد على تهالك العالم العربي بعين الساهر المعرج على ربوعه، التي تأثث حضوره الجغرافي في تعالقيته مع البعد الفضائي العالمي، عبر توزع الأبعاد و تقاطبها مع بعضها البعض في رواية “ضمير الغائب _ الشاهد الأخير على اغتيال مدن البحر” ، التقاطب الدلالي بين محمولات الدوال اللغوية مبني على علاقة المفارقة التي يقيمها الأعرج، في التركيب الإسنادي للجملة الاسمية بين مسندها و سندها الضمير، الذي في دلالته إشارة للصحو و الاستفاقة و الكشف والجلاء و العودة إلى الوعي بتبصر الأمور و تحسس مجاهيلها، لتنتفي هذه الدلالية الايجابية في العلاقة الإسنادية مع الدليل اللغوي الغائب ببعده السلبي، يمحي الوضوح و البحث عن الحقيقة و الكشف عن ستائرها مولجا إياها إلى عالم الفناء و العدم، مشيرا بذلك إلى فترة زمنية مغيبة من سجل تاريخ العرب التي تحاول أيادٍ طمس معالمه و تزيفه هويته، ليكون قلم الأعرج الوعي الذي يذكر العرب دوما بما يحاولون نسيانه و إدخاله عالم الغياب كمحاولة للهروب منه، من جهة أخرى تربط الفترة المغيبة بلفظ صريح ففي الإسنادية التركيبية اغتيال مدن البحر مشيرا بها إلى اغتيال صوت الحر الناطق بالحقيقة، فالضمير الشاهد هنا عكس واقع تشوبه المغالطات و تحريف الحقائق، ما يجعل الفرد العربي يسائل قيمه و عاداته و تاريخه ، متخبط في بحثه عن الحقيقة بين قيم الشك و اليقين.
لتكون أزمة البحث عن الهوية في ظل الاختناق الوجودي المعلن عنه في الروايات السابقة مستمرة مع رواية “ مملكة الفراشة” تركيب إسنادي يكمل بعضه البعض، لكن تغلب عليه الدلالة السلبية في العلاقة التعاقدية التي أقامها الأعرج بين لفظة مملكة في إشارة إلى الحصن المنيع القوي الذي يحتمي به الإنسان من كل شيء يهدد و جوده و كيانه، و يشكل به معالم وجوده و محطات حياته فالحصن يؤمن خوفه، إذ بالمملكة تقع في مستويات دلالية مختلفة حضارية و سياسية و ثقافية و أهمها النفسية، لما تحتله من مقومات واضحة و محددة لحدودها و مقيم لدعائمها، لكن مملكة الأعرج في عكسها للواقع المتهالك ارتبطت بالفراشة لتدل على انهيارها، لتنشر هذه الأخيرة دلالتها الإشعاعية من الجمال و الألوان الزاهية الربيعية، تحمل معها الرقة و الهشاشة و الضعف، في إشارة إلى فقدان الأشياء الجميلة في واقعها اليومي و غياب ألوان الحياة من الفرح و السرور و النجاح و الأمل ، ليغلب عليها اللون الرمادي و الاخفقات، فالفراشة تتميز بالعمر بالقصير و تحترق مع أول قنديل نور تحط عليه، لذا فحياة الإنسان الناجحة و لحظات الفرح عمرها أقصر من حدس اللحظة التي قد يدركها، ليصل به الأمر أن يُفقد إحساس الجمال و السعادة نكهته و ذوقه و لونه، فضعف الإنسان و هشاشته في فقدان القدرة على المقاومة وعلى التجديد اجبراه على الاجترار و التلاشي بسرعة. فبين الفرح و التشاؤم يقبع الوجود الإنساني. لذا جاءت دلالية الفراشة لتطرح أسئلة كبرى عن الكون، والحياة والموت، والذات والوجود والعدم. إنها مملكة مسكونة بالحيرة و التساؤل، والرغبة في الكشف من خلال التأمل و الوقوف أمام الأشياء التي تبدو عابرة و النفاذ إلى صوتها الداخلي، فالغربة و الحسرة و الرحيل هي الضلال التي تشكل عالم مملكة الفراشة بل عالم الإنسان العربي بعين الأعرج الروائية.
بينما العنونة الروائية في “جملكية أرابيكا” تصرخ دلالتها الإشعاعية بنبرة تهكمية يُسقط بها الأعرج الواقع العربي في ثوبه السياسي المتقطع العلاقة بين حاكمه و محكومه، فجملكية اسم مسخ به الأعرج أنظمة الحكم التي تسود العالم العربي، وما يشوبها من تداخل في سياساتها التنظيمية، بلهجة ينتقد بها غياب الديمقراطية أو تطبيقها المشوه على أرابيا، المدينة العربية التي تعد لا جمهورية الهوية و لا مملكة الطابع اسم مقتطع من تركيبين ليشوه به الأعرج ما في الواقع السياسي من تخبط، الذي يشوبه هوس الحكم المطلق دون حسيب و رقيب دون تدخل و لا انتقاد، الذي شغل الحكام العرب، في إحكام قبضتهم الحديدة على البلاد العربية ما جعل ظلال الظلم و الجبروت و الطغيان و القسوة تنفذ بسمومها، إلى كل ذات عربية تلون صفاء حياتها و تخيم على نقاء فكرها ” إنها روايات صورت لنا واقعا سياسيا و تاريخيا من عنونة اليومي و نقلته إلى الخيال في صياغات فنية و جمالية، و طرائق سرد تخيلية بغرض إقناع القارئ و إمتاعه”[43]، بغوايته في اكتشاف مكنونها الإحالي و إقناعه بصدق سرابيته الإيهامية.
فالعناوين في اجتماعية مشتركها الدلالي تقيم محورا دلاليا تتقاطبه دلالتان أساسيتان تسيطران على الخط الروائي للأعرج الموت و الحياة، العدم و الوجود و الاضطراب و الخراب، لتتشكل صورة السكونية و الجمود في ذهن القارئ كفعل زمني سرمدي لا ينقطع، و واقع ثابت لا يتغير ولا يتزحزح،” مهمة صعبة و حساسة و معقدة كذلك المدن الكبرى تغيرت رأسا على عقب. تشهد الآن انقلابات كبرى كيف يمكن لمس ما كان سائدا في القرن السادس عشر”[44]، لتكون الرسالة الخطابية متمثلة، في ضرورة وجود استفاقة عاقلة و راشدة و حكيمة تغير الوضع الراهن طارحة معها البديل الأمثل.” وهكذا يتجلّى لنا من خلال تطوافنا في منطقة العنوان/النّص أن النّص مفردة مكثّفة، ولذلك فإننا حاولنا استنطاق النص الطويل من خلال جسد العنوان بإعادة تشكيله وفق صياغة ثانية ومن خلال دلالته المنسجمة مع جسد النص كلّه، فاتّضح لنا أخيراً أننا لم نغادر منطقة العنوان/النص” [45].
عنونة روائية تشير إلى إحاليةٍ دلالية مختلفة من الرفض الاجتماعي لما هو جديد أو غريب، إلى حياة الفقر و القهر في واقع يصعب العيش فيه، و بحث عن سبل التكيف معه و التعود عليه، كما بدت للعنونة ارتباطات وثيقة بالحالات النفسية و الوجدانية العربية المهتزة، و العنونة الأخرى سماتها الإشارية تجسد حالة من الوعي و المعرفة و إثبات الوجود الحقيقي للأرواح المعطوبة، ما نلمحه في بعض العنونة إشارة قصدية نحو الارتباط المكاني مثل (رماد الشرق و سوناتا أشباح القدس)، للخصوصية التي تتسم بها دلالية بعض الأمكنة على غيرها من أحداثٍ ارتبطت بها، ما يمكن القول عنها ” قدرتها على أن تجسد الأمكنة الواقعية، أو إعادة خلقها أو تشكيلها وفق رؤية فنية[46]“.
إن هذه العناوين الروائية هي محاولة إنتاج تصور يدل على استيعاب الأعرج لواقعه، و إدراكه لمشاكله الكبرى و حركة التغير التي طرأت عليه و مواكبته لطفراته الاهتزازية، توظيف تركيبي لدوال العنوانين تنبثق معها توالد رؤى جديدة، جعلتنا ندرك مدى شمولية نظرة الأعرج لصورة الألفية الثالثة، إن توظيف الأعرج للعناوين كان توظيفا فعالا يخدم الرؤية التي يسعى الكاتب إلى بثها عبر ثنايا متخيله السردي، توظيفا انسحب من سطح الدلالة الاستقرائية إلى عمق التحليل التفكيكي، ليكون متخيله الروائي بين عناوينه و متنه فعل يؤسس لوجود إنساني ، لتنتج لنا العناوين في اجتماعيتها الدلالية الإشعاعية الإسقاطية الواقعية، الجسد العربي الموزع في روايات الأعرج بالصورة التالية:
- الخاتمة
نختم هذه الورقة البحثية التي تستجلي الواقع التراجيدي للعالم العربي، الذي يعيش تشتتا و امتهان قضى على إنسانية الإنسان في المقام الأول، بنقاط وجب النظر فيها بعمق، ليخصص لها المجال للتحليل و التفسير لإيجاد الحلول، لأنها إشكالات أرقت فكر الأديب المرهف الحس في دفاعه عن الإنسان فينا ومنها:
- نطق الأعرج في أدبياته بالمسكوت في ثقافة روضت نفسها على كتمان ذاتها، معتمدا في ذلك الوصف الدقيق و الجريء، ليعري العناصر المكونة للمنظومة الفكرية العربية التي مازلت تقارب نفسها بقيم خطاب المرجعية.
- تجلت انبثقات الواقع المتخيل في جمل الأعرج السردية المستخلصة من تجربته الخاصة، التي عانى فيها ويلات تُهدد وجوده في الحياة كإنسان حر مفكر و عقلاني واعي بمصيره و قضايا أمته، ويلات حاولت خنق الكلمة الحر المتأملة في الذات و الكون لتدرجها عالم الصمت، لتتحول تجربة الخوف و الملاحقة إلى هاجس إبداعي يعكس واقع الأعرج المأساوي.
- مثل الأعرج لخطابات التحرر من خلال محاكمة الذات لتاريخه و للحقيقة، مما يدفعه إلى إثبات و جوده و كينونته خارج إطار الماضي، أي الثوابت و الركائز الثقافية و الأيديولوجية. ما يجعله يعيش صراعا مع التاريخ و المجتمع بكل قيمه الموروثة، ما يكشف مأساوية هذا الصراع بين الهوية و الأصل، ما يجعله يعيش حالة ضياع و تأزم بين السائد و المتغير.
- رصد واسيني الأعرج عبر متخيله السردي القيم الدلالية التي تنشر بظلالها في خطاب العنف من السياسية، في اضطهاد المثقف الساعي للتغير و إحلال لغة المنطق و العدل باعتباره خطرا يهدد أمن السلطة، و الاجتماعية في قهرها التي تحد من إمكانيات الفرد في تحقيق وجوده بمجموع العادات و التقاليد التي تحول الحياة إلى جحيم واقعي، لا يبقى للجسد فيه سوى الصراخ بألم و صمت و النفسي الذي يولد شرخا في الذات و انكسار ،كاشفا التسلط الإرهابي بالتهويل و المساومة على الحقوق و الحريات، ليؤسس لدلالة الحضور و الغياب، العدم و الوجود، على مستوى الوحدات السردية وفق منطق الحاكم المتسلط و المحكوم المظلوم.
- المؤشرات الإحالية التي اعتمدها الأعرج تفضي إلى الحقيقة الإيهامية، ففي محاولة خلقه للواقع بكل تلظي نيرانه و شطاطاته، هذا ما تجلى في خطابه الروائي ذي النغمة اليقينية الواقعية، ما ساهم في بناء أثر دلالي لزمن تغيرت فيه الأوضاع المدن و ملامح الوجوه و المسلمات، فضاء يحيل إلى الموت و بذالك تكون رؤاه التخيلية هي ثنائية الموت و الحياة، بمثابة الثنائية التلفظية و الالتزامية الإجرائية في المكون الخطابي يتحدد بعلاقة عامل التواصل و القراءة التحليلية و فنية البلاغة السردية عند واسيني الأعرج.
- فهرسة البحث:
- عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، الجزء الأول، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، مصر، ط1،2013، ص 400
- ينظر،سعيد جابر، من السردية إلى التخيلية،بحث في الأنساق الدلالية في السرد العربي، دارالأمان، منشورات الضفاف، منشورات الاختلاف، الرباط، المغرب،الجزائر، الجزائر، ط1، 2013 ، ص107.
- واسيني الأعرج، “مملكة الفراشة”، مجللة دبي الثقافية، دار الصدى للصحافة و النشر و التوزيع، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2013، ص 93.
- أحمد يوسف، يتم النص، الجينالوجيا الضائعة، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، 2000، ص 223.
- واسيني الأعرج، ” أحلام مريم الوديعة”، دار الفضاء الحر، بيروت، لبنان، ط 1، 2001، ص 149.
- واسيني الأعرج ، أحلام مريم الوديعة، دار الفضاء الحر، بيروت، لبنان، ط1، 2001، ص 47.
- واسيني الأعرج، أحلام مريم الوديعة، ص 54.
- ينظر، عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، الجزء الأول، ص346.
- واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، مجلة دبي الثقافية، دار الصدى، الإمارات العربية المتحدة، ط 1، 2012، ص 51.
- واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، ص 28.
- واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا، ص 450.
- واسيني الأعرج، رواية ” سيدة المقام”، 181.
- واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، ص 37،38.
- واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا، ص 28.
- واسيني الأعرج، أنثى السراب، دار الآداب للنشر و التوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص 14.
- واسيني الأعرج، “أنثى السراب”، ص 205.
- واسيني الأعرج، “أنثى السراب”، 14.
- عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، الجزء الأول، ص77.
- ينظر، المرجع نفسه ، ص77.
- واسيني الأعرج، حارسة الظلال، دون كيشوت في الجزائر، ورد للطباعة و النشر، سوريا، دمشق، ط2، 2006، ص 21.
- واسيني الأعرج، حارسة الظلال، ص 29.
- واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص50.
- ينظر، شرف الدين ماجدولين، الصورة السردية في الرواية و القصة و السينما، منشورات الإختلاف، الجزائر، الجزائر،ط1، 20010، ص 18.
- واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص 78.
- ينظر،عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، ص213
- ينظر،مخلوف عامر، الرواية و التحولات في الجزائر، دراسة نقدية في مضمون الرواية المكتوبة بالعربية، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، سوريا، ط2000، ص 50.
- واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص 15.
- رسول محمد رسول، الجسد في الرواية العربية، منشورات قلم، هيئة أبو ضبي الثقافية، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2010، ص21.
- شرف الدين مجدولين، الصورة السردية، ص21.
- واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، ص 26.
- واسيني الأعرج،” شرفات بحر الشمال” دار الآداب بيروت ،لبنان، ط 2012، ص 67.
- واسيني الأعرج، “أنثى السراب”، ص 33.
- واسيني الأعرج، “سيدة المقام”، ص7.
- واسني الأعرج، “أحلام مريم الوديعة”، ص 221.
- واسيني الأعرج، “حارسة الظلال”، ص 36.
- واسيني الأعرج، “سيدة المقام، ص 225.
- خليل موسى، قراءات في الشعر العربي الحديث و المعاصر، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، سورياـ ط 2008، ص 1،2.
- ينظر،بسام قطوس موسى، سيمياء العنوان، وزارة الثقافة، عمان، الأردن، ط1، 2001، ص 118، 119.
- واسيني الأعرج، رماد الشرق، خريف نيويورك الأخير،الجزء الأول، منشورات الجمل، بغداد، العراق، ط1، 2010، ص 337.
- عادل فريجات، مرايا الرواية، دراسة تطبيقية في الفن الروائي، اتحاد كتاب العربي، ط 2000، ص 21.
- واسيني الأعرج، “حارسة الظلال”، ص29.
- خليل موسى، قراءات في الشعر العربي الحديث و المعاصر، ص 10.
- بسام موسى، سيمياء العنوان، ص 133.
[1] عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، الجزء الأول، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، مصر، ط1،2013، ص 400.
[2] ينظر،سعيد جابر، من السردية إلى التخيلية،بحث في الأنساق الدلالية في السرد العربي، دارالأمان، منشورات الضفاف، منشورات الاختلاف، الرباط، المغرب،الجزائر، الجزائر، ط1، 2013 ، ص107.
[3] واسيني الأعرج، “مملكة الفراشة”، مجللة دبي الثقافية، دار الصدى للصحافة و النشر و التوزيع، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2013، ص 93.
[5] أحمد يوسف، يتم النص، الجينالوجيا الضائعة، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، 2000، ص 223.
[6] واسيني الأعرج، ” أحلام مريم الوديعة”، دار الفضاء الحر، بيروت، لبنان، ط 1، 2001، ص 149.
[7] واسيني الأعرج ، أحلام مريم الوديعة، دار الفضاء الحر، بيروت، لبنان، ط1، 2001، ص 47.
[8] واسيني الأعرج، أحلام مريم الوديعة، ص 54.
[9] ينظر، عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، الجزء الأول، ص346.
[10] واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، مجلة دبي الثقافية، دار الصدى، الإمارات العربية المتحدة، ط 1، 2012، ص 51.
[11] واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، ص 28.
[12] واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا، ص 450.
[13] واسيني الأعرج، رواية ” سيدة المقام”، 181.
[14]واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، ص 37،38.
[15] واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا، ص 28.
[16] واسيني الأعرج، ” أحلام مريم الوديعة” ص 129.
[17] واسيني الأعرج، أنثى السراب، دار الآداب للنشر و التوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 2010، ص 14.
[18] واسيني الأعرج، “أنثى السراب”، ص 205.
[19] واسيني الأعرج، “أنثى السراب”، 14.
[20] عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، الجزء الأول، ص77.
[21] ينظر، المرجع نفسه ، ص77.
[22] واسيني الأعرج، حارسة الظلال، دون كيشوت في الجزائر، ورد للطباعة و النشر، سوريا، دمشق، ط2، 2006، ص 21.
[23] واسيني الأعرج، حارسة الظلال، ص 29.
[24] واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص50.
[25]ينظر، شرف الدين ماجدولين، الصورة السردية في الرواية و القصة و السينما، منشورات الإختلاف، الجزائر، الجزائر،ط1، 20010، ص 18.
[26] واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص 156.
[27] واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص 78.
[28] ينظر،عبد الرحمان غانمي، الخطاب الروائي العربي، ص213
[29] ينظر،مخلوف عامر، الرواية و التحولات في الجزائر، دراسة نقدية في مضمون الرواية المكتوبة بالعربية، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، سوريا، ط2000، ص 50.
[30] واسيني الأعرج، أنثى السراب، ص 15.
[31] رسول محمد رسول، الجسد في الرواية العربية، منشورات قلم، هيئة أبو ضبي الثقافية، الإمارات العربية المتحدة، ط1، 2010، ص21.
[32] شرف الدين مجدولين، الصورة السردية، ص21.
[33] واسيني الأعرج، “أصابع لوليتا”، ص 26.
[34] واسيني الأعرج،” شرفات بحر الشمال” دار الآداب بيروت ،لبنان، ط 2012، ص 67.
[35] واسيني الأعرج، “أنثى السراب”، ص 33.
[36] واسيني الأعرج، “سيدة المقام”، ص7.
[37] واسني الأعرج، “أحلام مريم الوديعة”، ص 221.
[38] واسيني الأعرج، “حارسة الظلال”، ص 36.
[39] واسيني الأعرج، “سيدة المقام، ص 225.
[40] خليل موسى، قراءات في الشعر العربي الحديث و المعاصر، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق، سورياـ ط 2008، ص 1،2.
[41] ينظر،بسام قطوس موسى، سيمياء العنوان، وزارة الثقافة، عمان، الأردن، ط1، 2001، ص 118، 119.
[42] واسيني الأعرج، رماد الشرق، خريف نيويورك الأخير،الجزء الأول، منشورات الجمل، بغداد، العراق، ط1، 2010، ص 337.
[43] عادل فريجات، مرايا الرواية، دراسة تطبيقية في الفن الروائي، اتحاد كتاب العربي، ط 2000، ص 21.
[44] واسيني الأعرج، “حارسة الظلال”، ص29.
[45] خليل موسى، قراءات في الشعر العربي الحديث و المعاصر، ص 10.
[46] بسام موسى، سيمياء العنوان، ص 133.