
البيان الختامي للمؤتمر الدولي الثامن حول التنوع الثقافي: طرابلس | لبنان 21-23- مايو 2015
نظم الإتحاد العالمي للمؤسسات العلمية UNSCIN بمدينة طرابلس، لبنان أيام 21- 23 مايو 2015، مؤتمر مركز جيل البحث العلمي الثامن حول التنوع الثقافي، بالشراكة الفخرية لجامعة القدس المفتوحة بفلسطين وبالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس ولبنان الشمال وبلدية طرابلس .
ولقد شارك بالمؤتمر الذي تزامن مع اليوم العالمي للتنوع الثقافي الذي يصادف 21 مايو من كل سنة أساتذة وباحثون من عدة دول عربية وهي كل من: الأردن، الجزائر، العراق، السودان، تونس، فلسطين، لبنان، وليبيا.
و لقد توزعت أوراق أبحاث المؤتمر على تسع جلسات علمية أكاديمية توقفت عند أهم التحديات التي تواجه التنوع الثقافي في ظل التوترات التي يشهدها العالم، و دارت حول ستة محاور هي:
- التنوع الثقافي والتعايش السلمي.
- التربية على احترام وصون التنوع الثقافي.
- التنوع الثقافي والتنمية المستدامة.
- التنوع الثقافي وحقوق الإنسان.
- دور التنوع الثقافي في ازدهار القدرات الإبداعية.
- دور وسائل الإعلام في خلق حوار بناء ومتجدد بين الثقافات.
هذا وقد تم التحضير لتوصيات المؤتمر منذ أكثر من شهر بتخصيص صفحة على موقع مركز جيل البحث العلمي مفتوحة لكل المشاركين بالمؤتمر لإيصال اقتراحاتهم إلى اللجنة العلمية للمركز، ولقد تشكلت لجنة صياغة التوصيات من الأساتذة:
د. سرور طالبي المل (الأمينة العامة للإتحاد ورئيسة مركز جيل البحث العلمي والمؤتمر)
أ.د. يوسف ذياب عواد (مدير جامعة القدس المفتوحة فرع نابلس، فلسطين: ورئيس اللجنة العلمية للمؤتمر)
أ.م.د. صالح نهير راهي و أ.م.د. مجيد خيرالله راهي كلية التربية بجامعة واسط (العراق)
أ. م . د . محمّد ضياء الدّين خليل إبراهيم كليّة الإمام الأعظم الجامعة / قسم اللّغـة العربيّـة – بغداد (العراق)
د. إيناس محمد عليان عليمات كلية الملكة رانيا للطفولة /الجامعة الهاشمية (الأردن)
د. محمد أحمد الدوماني – جامعة المرقب (ليبيا)
م . د. قيصر كاظم عاجل الأسدي – جامعة القادسية / كلية التربية (العراق)
م. د حيدر صاحب شاكر – كلية التربية / جامعة سامراء (العراق)
د. عثمان حسن عثمان (جهاز تنظيم شئون السودانيين بالخارج ـ الخرطوم (السودان)
د. ميسون مرازيق / أستاذ مساعد في جامعة جرش (الأردن)
أ. أسماء خوالدية (كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة برقّادة، القيروان.(تونس)
أ. زويتي سارة جامعة الشاذلي بن جديد – الطارف (الجزائر)
أ. فتيحة ذيب جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2 (الجزائر)
وقد خلصت هذه اللجنة إلى مجموعة من النتائج هي:
- الاختلاف واقع يعيشه كل اجتماع بشري، إذ لا مجتمع يخلو في الأصل من تنوّع وتعدّد ولا أمة تعرى من الانقسام والفرقة.
- إن التنوع الثقافي ثروة ينبغي ألا تكون مصدرا للنزاع والتوتر ونبذ الآخر، بل سبيلا الى توسيع الأرضية المشتركة ودعم فرص التوافق والتلاقي وتقليل الفوارق وحلّ النزاعات بالطرق السلمية الحوارية.
- من المؤكد أن الإنسان عاجز عن العيش بشكل منعزل كونه بحاجة إلى التعايش داخل المجتمع من خلال روح الترابط والتضامن والتآزر، وهذا يجعله قابلا للتغير بشكل مستمر والدليل على ذلك قدرته على خلق مجتمعات متنوعةَ الأشكال شديدةَ التعقيد والتعدد، وشديدةَ الترابط والانسجام في نفس الوقت.
- يتضح من تاريخ العلاقات بين الحضارات، أن التقدم والتطور في المجتمعات الإنسانية رهين التنوع الثقافي الذي يجعل الحضارة حية ،من خلال التواصل والتفاعل المثمر.
- إن تحقيق التعايش الاجتماعي عامل أساسي لتوفير الأمن والاستقرار في المجتمع، وإذا ما فقدت حالة السلم والوئام الداخلي أو ضعفت فإن النتيجة الطبيعية لذلك تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار .
- للتعايش الاجتماعي مقومات وهي العدل والمساواة وضمان الحقوق والمصالح المشروعة لفئات المجتمع الذي يعيش نوعاً من التنوع والتعدد في انتماءاته العرقية أو الدينية أو المذهبية أو ما شاكل ذلك .
- العولمة وجه من أوجه الغطاء الذي يوحي في ظاهره بالتقارب المحمود، و لكنه في جوهره يحمل بذور السيطرة للوصول إلى الأحادية القطبية التي تتحكم في العالم وفق معايير اقتصادية و اجتماعية وسياسية.
أما فيما يخص نظرة الإسلام للتنوع الثقافي فلقد أكد الباحثون على ما يلي:
- يؤمن الإسلام بالتنوع والتعددية الثقافية كونها إرادة ربانية جاءت لحكمة بالغة الأثر لا يعرف كنهها إلا الله جلَّ وعلا.
- يقر الإسلام بالتعايش وهو يشتمل على أداء الحقوق المستحقة, والتزام الواجبات المترتبة, وتحقيق العدل, واعتماد الشريعة مرجعاً لمقومات وأسس وضوابط هذا التعايش.
- يرمي الإسلام إلى ترسيخ اعتقاد الإنسان بكرامته أيًّا كان دينه أو جنسه أو عرقه أو لونه أو معتقده وهذه الكرامة توجب لكل إنسان حق الاحترام والرعاية.
- يدعو الإسلام إلى التعاون في كل ما هو مشترك إنساني نافع, من أجل تحيق هدف رئيس, وهو: ضمان الحياة الأفضل للمجتمع بكل مذاهبه المتعددة, وتوفير الأمن والاستقرار, وصرف الفساد عن الأرض.
- رسَّخ الإسلام من أجل تعزيز التسامح في قلوب المسلمين أنَّ الأنبياء إخوة، لا تفاضلَ بينهم مِنْ حيث الرسالة، ومن حيث الإيمان بهم، كما أكد على أنَّ الديانات السماوية تستقي من مَعينٍ واحد، وأنَّ أمكنة العبادات على اختلافها محترمةٌ وأنْ لا إكراه في الدين، فالعقيدة ينبغي أنْ يستقبلها القلب والعقل بشكلٍ واضح، وبشكل جليٍّ.
- لقد رسَّخ الإسلام من أجل التسامح أنْ ينظر المسلم إلى غيره على أنَّهم بشر، يجادلهم بالتي هي أحسن وأنْ لا عداوة بين المسلمين وبينهم لمجرَّد كونِهم غير مسلمين.
- لقد انفتح المسلمون أيام عطائهم الحضاري وازدهارهم الثقافي على معارف وعلوم وثقافات، وحرصوا على أن يفهموها ويستوعبوها ويستفيدوا منها.
واستنادا إلى هذه النتائج، توصلت اللجنة العلمية للمؤتمر إلى صياغة جملة من التوصيات، نوردها فيما يلي:
توصيات مؤتمر ” التنوع الثقافي” :
توصيات عامة:
- لا يجب التقليل من جهود الآخر بحجة التشبث بالتراث والحفاظ على الهوية، لأن الحضارات قائمة على التضايف النسَّقي القائم على الحركة والتفاعل ، ولأنها في النهاية تصب في قالب واحد هدفه خدمة الإنسانية.
- يجب إعادة صياغة طبيعة التواصل الاجتماعي ليصبح أكثر انبعاثا وانفتاحا، تحقيقا للتفاهم والتّفهم والتّفاعل بالتأثر والتأثير مع الغير المختلف ثقافيا، كما يجب الاعتراف به ومحبّته والرّكون إليه كما هو في إطار مشروع اجتماعيّ مجتمعيّ يتضمن الجميع ويخاطبهم ويسمح لهم بالتجاوز دون أن يدمجهم في تكوين ثقافي واحد .
- إن المجتمع العربي مطالب بتخطي التحديات الكائنة في إدارة التنوع الثقافي لتحقيق التعايش السلمي بين مكوناته، ولا يتأتى ذلك إلا بإرساء قاعدة من القيم المشتركة التي تتقيد بها كل الجماعات التي يضمها الوطن، ويأتي الحوار في أولويات تلك القيم، بوصفه الشرط الضروري لإرساء مبادئ التعايش القائمة على الحرية، والتعبير عن الذات، والمشاركة السياسية، والتبادل السلمي للسلطة عبر الوسائل الديمقراطية، والتخلى عن الهيمنة وفرض الرؤية الأحادية، وإزالة واقع الغبن الواقع على بعض المجموعات الثقافية، وكفالة الحقوق بإقامة دولة المواطنة التي تكفل للجميع الحقوق المدنية، والسياسية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية.
- إنَّ التعايش بين المذاهب الإسلامية ضرورة ملحة في العصر الحاضر, في ظل المتغيرات التي يعيشها المجتمع الإسلامي اليوم,بل هو واجب شرعي قبل أن يكون أمراً حياتياً ملحاً.
- ضرورة نشر الوسطية والاعتدال عقيدة وشريعة وتطبيقها عمليا والحث عليها والترغيب فيها وبيان ما ورد فيها من النصوص وبيان حقوق ولاة الأمر وحقوق العلماء وحقوق الوطن وحقوق المسلمين وغير المسلمين مع ضرب الأمثلة العملية سواء من سيرة الرسول (ص) أو من تاريخ الأمة الإسلامية الطويل .
- ضرورة تشجيع البرامج واللقاءات والفعاليات ذات النفس الوحدوي بغية تعزيز كلمة المسلمين ورصِّ صفوفهم، وحظر نشر أو بثِّ خطاب التخوين والتكفير والتبديع.
في مجال التنمية المستدامة:
- الاهتمام بدور القطاع الخاص في تعزيز التنوع الثقافي وتشجيع هذا الدور والعمل على تهيئة مجالات الحوار بين القطاع العام والخاص .
- إشراك كل قطاعات المجتمع المدني على نحو وثيق في رسم سياسات ثقافية ترمي الى حماية وتعزيز التنوع الثقافي .
- يجب أن تركز الدول النامية وهي تسعى إلى جعل العولمة أكثر عدالة على أن يكون لديها رؤيتها الخاصة وخططها واستراتيجيتها الاقتصادية الخاصة التي تنبع من واقع احتياجاتها لكي تبني اقتصادياتها ذاتيًّا، وفي نفس الوقت لا تنعزل عن النظام العالمي، وذلك بالاستفادة من مزايا هذا النظام وتعديل أوضاعها بما يزيد من فائدتها من المتغيرات الاقتصادية الدولية، ويتيح لها أن تحافظ على قدراتها ومواردها الاقتصادية ويحافظ لها على هويتها الثقافية.
- يجب التفاعل الإيجابي مع العولمة على أساس التكافؤ والأخذ والعطاء، والتحول من مجرد نقل المعرفة إلى تطويرها؛ لأن الإبداع يبدأ بالانفتاح على الآخر ، لعلنا نقود رحلة التفوق والتقدم من جديد .
في مجال التربية:
- ضرورة إقرار مواد إلزامية في جميع المراحل الدراسية بمختلف تخصصاتها تعنى بمحاربة الفكر الضال ومحاربة الغلو والتطرف وترسخ الولاء للعقيدة الصحيحة وللوطن وولاة أمره ولزوم الجماعة .
- تجفيف منابع الغلو والتطرف وسد حاجات التلاميذ العلمية والعملية حتى لا يستغلون استغلالا سيئا وتستغل حاجاتهم للعمل وللمادة والذي يؤدي إلى نقص مستواهم التعليمي .
- تعزيز السلوك الأمني الصحيح، ودعوة التلاميذ إلى الحفاظ على أمن الوطن، ومقدّراته، ومكتسباته.
- إبراز الفكر الوسطي المعتدل، وتقبل الاختلاف والتنوع الثقافي .
- إشاعة روح المحبّة والتعاون بين التلاميذ ، وتحذيرهم من الاختلافات التي تسبب الفرقة، والبغضاء، والتشاحن.
- وضع استراتيجية تربوية فكرية من قبل المختصين تعمل على تحصين الأجيال من التحزب وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والفرقة.
وفي الأخير أكدت لجنة صياغة التوصيات على ما يلي:
- إجراء المزيد من الدراسات لتفسير مشكلة عدم تقبل التنوع الثقافي والتركيز على أهمية الوعي في مكافحة العنف المجتمعي وهنا يأتي دور المؤسسات العلمية في تشكيل وعي يحارب العنف وثقافة التطرف وضرورة تظافر كافة الجهود لحل المشكلات التي تعاني منها المجتمعات العربية،كالديون، والبطالة، وارتفاع الاسعار، ومشكلات الصحة وهي من الأسباب التي دفعت كثير من الشباب الى عدم تقبل التنوع الاجتماعي ثم التطرف .
- كما يوصي كل الأساتذة المشاركين في فعاليات هذا المؤتمر بضرورة عقد مؤتمرات متخصصة ودورات تدريبية في مناطق متعددة من الوطن العربي.
- رفع توصيات هذا المؤتمر إلى الجهات المعنية ونشرها على نطاق واسع من خلال الصحافة والإعلام، ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي.
- وفي الأخير يدعو الاتحاد العالمي للمؤسسات العلمية ومركز جيل البحث العلمي جميع المشاركين في هذا المؤتمر وأعضائهم ومتتبعيهم، للمساهمة في نشر ثقافة التعايش السلمي وتقبل الآخر من خلال نشر التوعية بين الأوساط المعنية، ومواصلة البحث ونشر المقالات والدراسات المتخصصة، و بناءًا على توصية لجنة الصياغة بالمؤتمر ستنشر أعمال هذا المؤتمر ضمن سلسلة أعمال المؤتمرات الصادرة عن مركز جيل البحث العلمي.