دور منظمات المجتمع المدني في تطوير المنظومة العربية لحقوق الإنسان
مركز جيل البحث العلمي نموذجا
توطئة:
من الثابت أن لكل أمة حضارتها وثقافتها وتقاليدها وعاداتها وأعرافها ونظمها التي قد تختلف عن أمة أخرى. لذلك فإن التغاير الثقافي أو الديني، أمر ثابت لا يمكن إنكاره، كما أن مفهوم حقوق الإنسان مقيد في المكان وفي الزمان بعدة عوامل تاريخية، سياسية اقتصادية، اجتماعية ثقافية وحتى دينية، ومن ثم، فإن المحتوى الحقيقي لهذه الحقوق يقبل عدة تأويلات كما تختلف سبل تحقيقها.
ولقد أدركت منظمة الأمم المتحدة خصوصية كل منطقة جغرافية بحيث ناشدت الجمعية العامة عام 1977 المجموعات الإقليمية في إطار هذه المنظمة الدولية لاستصدار مواثيق إقليمية لحقوق الإنسان، باعتبار أن هذه المواثيق تدعم حركة حقوق الإنسان على صعيد العالم، عن طريق غرسها في البيئة الثقافية والمؤسسات الإقليمية، ما يوفر لها درجة أعلى من الفعالية في الدفاع عن حقوق الإنسان في الدول المنظمة إلى المجموعات الإقليمية.
ولقد لعبت الأنظمة الإقليمية ومازالت تلعب دورا لا يستهان به في مجال تعزيز كفالة واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على الصعيد الإقليمي، وفي تحقيق تلاؤم وتطبيق الحماية العالمية لحقوق الإنسان في النطاق الإقليمي الاجتماعي والتاريخي والثقافي والإنساني والإيديولوجي والعقائدي الخاص بكل منطقة على حدة.
أما على مستوى الوطن العربي فلقد تعززت حقوق الإنسان مؤخرا باعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان من قبل القمة العربية السادسة عشرة التي استضافتها تونس في شهر مايو/أيار 2004.
غير أن هذا الميثاق قد أخد وقتا قياسيا حتى وضع بحيث استغرق ذلك ثلاثة وثلاثين سنة، ولم يدخل حيز التنفيذ إلا في عام 2008، أي بعد مرور أربع سنوات من تاريخ صدوره، وذلك بعد مصادقة سبع دول عربية عليه، أما حاليا فقد انضمت إليه إثنى عشر دولة عربية فقط.
ولقد كان للمنظمات غير الحكومية ومراكز الدراسات العربية دورا فعالا في وضع نص الميثاق منذ أولى مراحل وضع مشروعه. فمنظمات المجتمع المدني العربية بدأت مند عام 1960 بالمطالبة باعتماد وثيقة عربية تعني بحماية حقوق الإنسان العربي.
كما برز دور المنظمات غير الحكومية بحدة في مسار تحديث هذا الميثاق والمطالبة بإيجاد وتفعيل آليات لتنفيذه، ومنحها دورا أثناء الإجراءات أمام لجنة حقوق الإنسان العربية، التي لا تتلقى تقارير عن وضع حقوق الإنسان في الوطن العربي إلا من طرف الدول الأعضاء فيها، وفق ما نصت عليه المادة 48 من هذا الميثاق.
مركز جيل البحث العلمي:
منبرا أكاديميا لإيجاد حلول علمية وعملية لترقية حقوق الإنسان في الوطن العربي
تأسس مركز جيل البحث العلمي عام 2012 من قبل مجموعة من الباحثين العرب من أجل:
– نشر الثقافة القانونية و تعزيز مبادئها و قيمها بما لا يتنافى والثقافة الإسلامية الأصيلة؛
– تشجيع الدراسات و البحوث العلمية و تنظيم مؤتمرات و ندوات محلية و دولية وورش تدريبية في مختلف مجالات القانون؛
– تنشيط حركة الكتابة والإسهام في إثراء المكتبات بالدراسات والبحوث العلمية تتلمس قضايا العصر ومتطلبات الواقع في العالم الإسلامي؛
– إيجاد أرضية مشتركة للحوار وتبادل الخبرات والأبحاث العلمية بين مختلف المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث بما يخدم توطيد العلاقات المتينة بين الشعوب ونخبهم.
وخلال سنة من العمل الدءوب نضم المركز مسابقتين ومؤتمرا دوليا وعدة تظاهرات علمية، أهمها:
- مسابقة جيل حقوق الإنسان 2013: التي نٌظمت احتفالا بالعيد 64 لإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من أجل تشجيع البحث والكتابة في مواضيع تلتمس قضايا حقوق الإنسان المعاصرة؛
- ندوة تفاعليه حول تفعيل الميثاق العربي وضرورة تأسيس محكمة عربية لحقوق الإنسان، التي تمخض عنها مجموعة من التوصيات؛
- المؤتمر الدولي المشترك الأول حول وضع حقوق الإنسان في ظل التغيرات العربية الراهنة ببيروت أبريل 2013، الذي تضمن جملة من المحاور من أهمها: مستقبل حقوق الإنسان في الوطن العربي حيث ناقش خلاله المشاركين من 11 دولة عربية و54 مؤسسة أكاديمية آليات تعزيز حماية حقوق الإنسان في الوطن العربي وتوصلوا إلى مجموعة من التوصيات، سنورد أهمها إضافة إلى توصيات أخرى:
توصيات واقتراحات:
انطلاقا من المادة 50 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان التي تضمن إمكانية تعديله باعتماد بروتوكولات إضافية من جهة، ومن أجل ضمان احترام كافة حقوق المواطن العربي الأساسية من جهة أخرى؛ على كل الدول العربية أن توحد جهودها من أجل العمل على إيجاد وتفعيل آليات لتنفيذه، وذاك من خلال:
1. تشجيع الدول العربية التي لم تصادق عليه بعد بتسريع إجراءات المصادقة وحث كل الدول العربية على نشره والعمل بأحكامه؛ 2. دعم دور لجنة حقوق الإنسان العربية؛ مع ضرورة منح المنظمات غير الحكومية دورا أمامها؛ 3. ضرورة إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان مشكلة من خبراء وقضاة مستقلين عن حكوماتهم يتم اختيارهم حسب كفاءتهم العلمية، فالفعالية القانونية للميثاق العربي ترتبط ارتباطا وثيقا بوجود نظاما إقليميا للحماية؛ 4. ضرورة منح المنظمات غير الحكومية دورا أثناء الإجراءات أمام المحكمة العربية لحقوق الإنسان؛ 5. الدعوة إلى إنشاء مراكز أبحاث عربية محايدة مستقلة تعنى بإيجاد حلول علمية وعملية مستمرة لكل المستجدات التي تطرأ على الساحة العربية من أجل حماية وترقية وضع حقوق الإنسان في الوطن العربي؛ 6. تشجيع الدراسات والأبحاث العلمية في مجال حقوق الإنسان، ولهذه الغاية يضع المركز مجلته: “مجلة جيل حقوق الإنسان”، الصادرة عن قسم حقوق الإنسان، تحت تصرف كل باحث، سواء لنشر أبحاثه ونتائج دراساته العلمية فيها أو للاطلاع على ما توصل إليه غيره. 7. العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان بكل الوسائل المشروعة مما لا يتنافى مع ثقافتنا العربية الإسلامية الأصيلة.