التكنولوجيا الرقمية وتأثيرها في حياة الفرد والمجتمع
Digital technology and its impact on the life of the individual and society.
ط/د. عويسي سكينة، ط/د. البشير غربي (جامعة قاصدي مرباح، الجزائر)
Aouissi Sakina – Bachir Gharbi (University of Kasdi Merbah, Algeria)
بحث منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 51 الصفحة 11.
ملخص:
تعتبر التكنولوجيا الرقمية ليس فقط نقل المعلومات ومعالجتها وتخزينها لأوسع عدد من الافراد والمؤسسات، وإنما الفرز المتواصل بين من يولد المعلومات (الابتكار) ويملك القدرة على استغلالها (المهارات) وبين من هو مستهلك لها بمهارات محدودة، فهذه التكنولوجيا مست مختلف المجالات وأصبح لها الدور الفعال في تسيير مختلف الموارد، بل ولها تأثير على الفرد والمجتمع وهذا ما هدفت له الدراسة الحالية والمتمثلة في التعرف على أثر التكنولوجيا الرقمية على الفرد وكذا تأثيرها على المجتمع.
الكلمات المفتاحية: التكنولوجيا الرقمية – الفرد والمجتمع.
Abstract:
Digital technology is not only the transfer, processing and storage of information to the widest number of individuals and institutions, but the continuous sorting between those who generate information (innovation) and have the ability to exploit it (skills) and those who consume it with limited skills. Managing various resources, and even having an impact on the individual and society, and this is what the current study aimed for, which is to identify the impact of digital technology on the individual as well as its impact on society.
Keywords: digital technology – the individual and society.
مقدمة:
إن تقدم ورفاه أي دولة من دول العالم هو مدى قدرة الدولة على مواكبة التطور التكنولوجي و التنظيمي في مختلف مجالاته وتطبيقاته، لأن التكنولوجيا الرقمية تعتبر من مسلمات تحقيق التنمية الإدارية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فهي بعدا جديدًا في حياة الإنسان؛ وذلك بأنها غزت كل مجالات الحياة وهي الشاملة لكل الأجهزة من عتاد وبرمجيات التي تقوم بمعالجة المعطيات بعد ترميزها أو تشفيرها إلى إشارات، بحيث أن كل هذه التطورات الحديثة الساعة في هذا المجال يعود بالنفع على أفراد المجتمع، لكن هذا يرجع للاستخدام الأمثل لتقنيات التكنولوجيا واستثمارها في كل ما من شأنه يحقق النجاح للدولة، وذلك لما لها من خصائص في عدة أمور منها توفير الوقت والجهد في الاستخدام وهذا لأنها تعتمد على الحاسب الآلي، لان كل ما هو رقمي تسارع انتشاره على مدى الأعوام العشرين الماضية وهو مستمر في النمو بشكل كبير، بحيث ان التطورات الجديدة التي تلامس حياتنا بشتى الطرق وفي مختلف الأحيان بطرق عميقة، بينما توجد العديد من الفرص والتطلعات التي ترتبط بالرقمنة فهي تؤثر بشكل كبير على الفرد والمجتمع.
إشكالية الدراسة:
ومن خلال ما سبق وتطرقنا له يمكننا أن نطرح التساؤل التالي: ما أثر التكنولوجيا الرقمية في حياة الفرد والمجتمع؟
أهمية الدراسة:
تأخذ الدراسة أهميتها من أهمية موضوعها المتناول والمتمثل في التكنولوجيا الرقمية وأثرها على الفرد والمجتمع، وذلك من خلال الدور الذي تؤديه في مختلف المجالات منها مجال التربية والتعليم، والمجال الاقتصادي، والمجال السياسي وغيرهم، وتوفير تقنيات جديدة لمواكبة تطورات العصر الحالي لمستخدمي هذه الأجهزة كجهاز الكمبيوتر ومختلف الأجهزة الأخرى.
أهداف الدراسة:
1-تفعيل وسائل الرقمنة في الأوساط لمعرفة ضرورة استخدامها في الوقت الراهن.
2-توضيح الأثر الذي تؤديه التكنولوجيا الرقمية في حياة الفرد.
3-إقامة الندوات العلمية التي من شأنها ان توضح وتعرف المجتمع عن هذه التقنيات وايجابياتها وسلبياتها.
أولا: التكنولوجيا الرقمية:
1-مفهوم التكنولوجيا الرقمية:
للتكنولوجيا الرقمية عدة تعاريف يمكن حصرها فيما يلي:
– تعريف التكنولوجيا الرقمية على انها: “كل الأجهزة الإلكترونية عتاد وبرمجيات، التي تقوم بمعالجة المعطيات بعد ترميزها أو تشفيرها إلى إشارات اثنية (0،1)، وغالبا ما تكون هذه الأجهزة حواسيب”.
– وتعرف أيضا: “تكنولوجيا المعلومات هي الحصول على المعلومات الصوتية، والمصورة، والرقمية، والتي تكون في نص مدون وتجهيزها واختزانها وبثها، وذلك باستخدام مجموعة من المعدات الميكرو الكترونية الحاسبة والاتصالية عن بعد”.
– وهناك من يرى أنها: “ليس فقط نقل المعلومات ومعالجتها وتخزينها وتسييرها لأوسع عدد من الأفراد والمؤسسات، وإنما الفرز المتواصل بين من يولد المعلومات (الابتكار) ويملك القدرة على استغلالها (المهارات)، وبين من هو مستهلك لها بمهارات محدودة”. (مصطفى، عائشة،2019، ص 195)
2-مراحل تطور التكنولوجيا الرقمية:
مرت التكنولوجيا الرقمية بتنقلات نوعية عديدة ومترابطة، يمكن إيجازها في خمس مراحل أساسية وهي:
المرحلة الأولى: هذه المرحلة تميزت بظهور التجمعات البشرية، نتيجة لبداية التفاهم الإنساني باستخدام الإشارات، إلى جانب أهمية ارتقاء هذا التفاهم حينما بدأ الإنسان باستخدام اللغة.
المرحلة الثانية: تميزت هذه المرحلة باختراع أقدم طريقة للكتابة في العالم، وهي الكتابة السومرية، لكن الكتابة لم تكن كافية وحدها لحل مشكلة الاتصال.
المرحلة الثالثة: تميزت بظهور الطباعة في منتصف القرن 15، ويعتبر “يوحنا جوتنبرج” هو أول من فكر في اختراع الطباعة بالحروف المعدنية المنفصلة واتم طباعة الكتاب المقدس باللغة اللاتينية.
المرحلة الرابعة: في هذه المرحلة شهد القرن 19 ظهور عدد كبير من وسائل الاتصال، استجابة لعلاج المشكلات الناجمة عن الثورة الصناعية، فأصبحت الأساليب التقليدية للاتصال لا تلبي التطورات الضخمة التي شهدها المجتمع الصناعي، مما أدى إلى ظهور العديد من المخترعات الجديدة نتيجة استغلال الطاقة الكهربائية، حيث تم اختراع التلغراف عام 1837، والهاتف عام 1876.
المرحلة الخامسة: تميزت هذه المرحلة بتفجر المعلومات وثورة الاتصال من خلال استخدام الحاسب الرقمي في تخزين واسترجاع ما أنتجه الفكر البشري بأسرع وقت ممكن، كما تمثلت هذه المرحلة في استخدام الأقمار الصناعية لنقل المعلومات والبيانات والصور عبر الدول والقارات. (مصطفى، عائشة،2019، ص 196)
3-خصائص التكنولوجيا الرقمية:
تميزت التكنولوجيا الرقمية بجملة من الخصائص نوجزها فيما يلي:
– التكنولوجيا الرقمية الأسلوب الأكثر فاعلية وكفاءة لتسيير العمل من حيث التخطيط، التنفيذ، الرقابة.
-تساهم التكنولوجيا الرقمية في تعجيل الخطى باتجاه تحقيق استمرار الممارسات.
– تتمتع التكنولوجيا بخاصية القدرة على تحسين الفاعلية التشغيلية.
– تقليص المكان، فالتكنولوجيا الرقمية تجعل كل الأماكن متجاورة وتسمح كل الحدود الجغرافية، وتغيير مفهوم الزمان والمكان.
– تقليص الوقت، حيث تتيح وسائل التخزين التي تستوعب حجما هائلا من المعلومات المخزنة والتي يمكن الوصول إليها بيسر وسهولة.
– اقتسام المهام الفكرية مع الآلة، نتيجة حدوث التفاعل والحوار بين الباحث والنظام.(عائشة، مصطفي، 2019، ص 196)
3-أهمية التكنولوجيا الرقمية:
للتكنولوجيا الرقمية أهمية كبيرة في الحياة الاجتماعية يمكن حصرها في العناصر الآتية:
– جعل العالم قرية صغيرة، يستطيع أفرادها الاتصال فيما بينهم بسهولة.
– سهولة تبادل المعلومات ونقلها في أي وقت ومكان وبأقصى سرعة، ودون جهود وبأقل تكلفة ممكنة.
– سهولة الوصول إلى المعلومات والمعرفة الموجودة في أي مكان بالعالم في نفس اللحظة.
– الانتشار الواسع واللامحدود للمعلومات بين دول العالم.
– سرعة الأداء وسهولة الاستخدام والاستعمال. (مرجع سابق، ص197).
4-أهداف التكنولوجيا الرقمية:
إن المعلومات هي أساس أي تقدم وهي السبيل الوحيد للوصول إلى مجتمع أفضل، وأصبح الاهتمام بالمعلومات إنتاجا وتداولاً من الأمور التي لا يمكن الاستغناء عنها في دفع وتيرة النمو والتقدم، ومع تزايد الوعي بأهمية المعلومات في جميع مجالات الحياة، فإن رقمتنها تهدف إلى:
1-إتاحة مصادر المعلومات التقليدية على نطاق واسع وتشمل:
– إتاحة 24 ساعة / 7 أيام.
– إتاحة دون التقيد بالموقع الجغرافي.
– إنتاج أشكال مختلفة من الملفات للمصدر الواحد.
– توصيل المعلومات للمستفيد دون التدخل البشري.
– تطوير الخدمات التقليدية.
– المشاركة في الموارد.
2-صيانة وحفظ المجموعات ضد التلف والكوارث والفقد.
3-الربح المادي من خلال بيع المنتج الرقمي على أقراص مليزرة أو إتاحة على الشبكة، ولا يقصد بالربح هنا الاتجار بقدر ما هو الحصول على عائد مادي، يغطي هامشا من التكلفة لضمان استمرار العمليات.
5-عمليات التكنولوجيا الرقمية:
ترتبط عمليات الرقمنة بنوعية الوثائق التي ستمر قمنتها، وهي تختلف من مشروع إلى آخر حسب ما إذا كانت هذه العمليات ستتم داخل المؤسسة أو باللجوء إلى شركات مختصة، وتتمثل هذه العمليات فيما يلي:
1-إجراءات ما قبل بدء العمليات، للتعرف الدقيق على طبيعة المحتوى، والذي يترتب عليه بالتبعية تحديد الإجراءات والأساليب في تحويله، ومن العوامل المؤثرة في هذا الصدد:
– الشكل: نصوص أو صور أو فيديو… إلخ.
– الحالة المادية.
– الحجم.
– ألوان المحتوى ومدى أهميتها.
2-إنشاء قاعدة بيانات متابعة عبر المراحل المختلفة.
3-تجهيز المصادر وتشمل: اختيار المصادر وسحبها من الفوف، وفحص التكرارات، وتخصيص رقم مسلسل للمتابعة، والصيانة المادية إذا لزم الأمر.
4-إنشاء التسجيلة الببليوجرافية والميتاداتا.
5-المسح الضوئي والتحويل. (لخضر، 2008، ص 106)
6-مميزات التكنولوجيا الرقمية:
– الذكاء الاصطناعي: ما يميز التكنولوجيا الرقمية هو تطوير المعرفة وتقوية فرص تكوين الموارد البشرية من أجل الشمولية والتحكم في عملية الإنتاج.
– التفاعلية: فمستعمل التكنولوجيا الرقمية يمكن أن يكون مستقبلا ومرسلا في آن واحد، أي يستطيعون تبادل الأدوار، هذا ما يؤدي إلى خلق نوع من التفاعل بين الأنشطة.
– اللاتزامنية: أي إمكانية استعمال الرسالة في أي قت يناسب المستخدم.
– اللامركزية: وهي خاصية تسمح باستقلالية التكنولوجيا الرقمية، فالإنترنت مثلا تتمتع بالاستمرارية في عملها، فلا يمكن لأي جهة على مستوى العالم أن تعطلها.
– قابلية التوصيل: وتعني إمكانية الربط بين الأجهزة الاتصالية المتنوعة.
– قابلية التحرك والحركية: أي أنه يمكن للمستخدم أن يستفيد من خدمات الإنترنت أثناء تنقلاته، من خلال وسائل الاتصال مثل: الحاسب الآلي النقال، الهاتف المحمول … إلخ.
-قابلية التحويل: كتحويل الرسالة المرئية إلى رسالة مسموعة أو مطبوعة أ مقروءة.
– اللاجماهرية: أي إمكانية توجيه الرسالة إلى فرد واحد أو جماعة معينة.
– الشيوع والانتشار: وهو قابلية هذه التقنيات للتوسيع لتشمل مساحات غير محدودة من العالم. (أوماحي،2019، ص197).
7-مجالات التكنولوجيا الرقمية:
من أهم المجالات التي تحتويها التكنولوجيا الرقمية هي:
المجال الاجتماعي:
أحدثت التكنولوجيا الرقمية تغيرات في السلوكيات الاجتماعية للناس، وتتمثل هذه التغيرات في: التجارة الإلكترونية، التعليم والتدريب الإلكتروني …، وبظهور الشبكات الاجتماعية التقنية أصبح الناس يلعبون أدوارا وعلاقات متنوعة مع بعضهم البعض، ومع نظم وشبكات المعلومات الإلكترونية أيضا.
مجال التعليم والتدريب: وذلك من خلال:
– برمجيات مساندة للتعليم والتعلم:
فالهدف منها زيادة إنتاجية المعلم والطالب على حد سواء.
– نظم المعلومات التربوية: فهي تساعد على صياغة ووضع السياسات التربوية والتخطيط التربوي في مجال التعليم.
– تأهيل وتطوير قدرات القوى العاملة في المؤسسات المختلفة: وذلك بتخطيط برامج تدريبية عالمية تمس كل احتياجات المورد البشري في المؤسسة، للتحكم في الأداء ورفع الكفاءة والجودة، عن طريق استعمال أحدث أنواع التكنولوجيا الرقمية المتساندة وظيفيا.
المجال الاقتصادي والمالي:
– إقامة النماذج الاقتصادية لتحليل أداء النظم الاقتصادية وتقسيم الاستراتيجيات.
– تحويل الأموال إلكترونيا، الهدف منه سرعة الخدمة وتقليل العمل الورقي للعمليات بين البنوك.
– التصميم بمساعدة الحاسوب، سرعة تعديل وتعدد تجارب التصميم وتوفير جهد ما بعد التصميم من خلال قيام النظام الآلي بتحديد قوائم المكونات والمواد الداخلة فيه. (أوماحي، 2019، ص 197)
8-مزايا التكنولوجيا الرقمية:
– سهولة تصفح الوثيقة (Facilite de consultation):
إن محركات البحث تمكن في خلال بعض الثواني، البحث داخل النصوص الموجودة في عدة آلاف من الصفحات عن التنصيص أو الفقرة المراد البحث عنها، أو استخراج بطريقة منتظمة كل الجمل التي على سبيل المثال قد استعمل فيها المؤلف أحد أو عدة كلمات مفضلة لديه، كذلك فإن الرقمنة تمكن مسيري الفهارس بتصنيف كل الأعمال المرقمنة حسب النوع، الشكل والفئة بسهولة كبيرة.
– سهولة الوصول إليها من طرف الجمهور وترقيتها (Accessibilite au public et promotion):
إن استعمال نظم التخزين الآلية ذات الإمكانيات الكبيرة يجعل الرصيد المرقمن سهل البلوغ 24 ساعة على 24 ساعة بعدد قليل من المستخدمين (العمال). وهكذا فإن الرقمنة توفر إذا الإتاحة عن بعد للوصول إلى وثائق كانت صعبة المنال من طرف مجموعة من الأشخاص في نفس الوقت، وهكذا فهي تضمن ترقية هذه الوثائق.
– البحث (La recherche):
كذلك من مزايا الرقمنة أن هذه التكنولوجيا تعطي أكثر نجاعة لعملية البحث الوثائقي، حيث أنها توفر إمكانية البحث في الفهارس المحلية وغير المحلية وخلق نسيج من الارتباطات بحيث يمكن التنقل من الوثيقة التي تم تصفحها إلى الوثائق ذات العلاقة بها. كذلك بواسطة هذه التكنولوجيا يمكن القيام بالبحوث متعددة المعايير، البحث في النص الكامل.
– إمكانية استعمال جميع وظائف النشر (قص، نسخ، لصق) La possibilité d’utiliser toutes les fonction d’édition(couper-copier-coller)
من خلال عملية رقمنة الوثائق يمكن تحليل عدد كبير منها أو استخراجها، وهكذا يمكن للباحث جمع على شاشة الحاسوب عدد كبير من النصوص والصور مستخرجة من مصادر مختلفة. وبإمكانه كذلك من صفحة إلى أخرى في نفس الوثيقة، والقيام بتكبير الصفحة، وهكذا الوثائق الرقمية تصبح سهلة الدراسة، والنسخ، أو الاستشهاد بها في البحوث العلمية.
– إعداد الإنتاج (La reproduction):
كذلك تتيح تكنولوجية الرقمنة إمكانية انجاز نسخ من المعلومات التي تم رقمنتها باستعمال إما الشكل(Format) الذي خزنت به أو شكل آخر مع الحفاظ على النوعية. كذلك تمكن الرقمنة من إعادة إنتاج الوثيقة كما هي دون احداث أي ضرر بالوثيقة الأصلية وذلك عن طريق استعمال وظيفة ” نسخ / لصق Copier/coller، هذه الوظيفة لا تيق فقط على النصوص المكتوبة بل تتعدى ذلك إلى الصورة والصوت التي يمكن إعادة إنتاجها وطباعتها بسهولة كبيرة.
– الوقاية وحفظ الوثائق الاصلية (Préservation et conservation des documents originaux):
إن الرقمنة هي قبل كل شيء تكنولوجيا تحسن إتاحة الوثائق، وإن النسخ الرقمية تسهل الحفاظ على الوثيقة الأصلية وذلك بتقليل استعمالها وتداولها وبذلك تقليل من عوامل التلف. وفي الوقت الحاضر لا يمكن رقمنة كل أنواع الوثائق بجودة كبيرة، ولذلك يجب الحفاظ على النسخة الاصلية إلى اليوم أين تصبح هذه التكنولوجيا قادرة على إحداث تطورات نوعية جد عالية في انتاج الوثائق الرقمية.
9-عيوب التكنولوجيا الرقمية:
تتمثل عيوبها فيما يلي:
– ارتفاع الاستثمار القاعدي (Investissement initial onéreux):
يتمثل هذا العيب في كون أن العتاد الواجب توفره عند القيام بمشروع الرقمنة له سعر مرتفع جدا، وهو أهم عائق بالنسبة لكل الأشخاص المهتمين بهذه التكنولوجيا، وإلى جانب السعر فهو يتطلب عند الاستعمال أشخاص متكونين على استعماله ولهم كفاءات عالية لكي تكون هناك نتائج مرضية.
– عوائق الترتيب (Contraintes de rangement):
إن الوسائط المستعملة لتخزين المعلومات الرقمية يجب أن تحفظ داخل محيط نظيف جدا ومستقر من ناحية الأحوال الجوية. وتهيئة المحيط باحترام هذه الشروط يتطلب هو كذلك استثمار كبير.
– كلفة التحضير (Couts de la préparation):
كل وثيقة يجب أن تحضر لعملية الرقمنة، وإلى جانب التحضير المادي المطلوب للوثيقة، فإن المحتوى هو كذلك يجب ان يصنف ويكشف، وان المصادر النصية يجب هي كذلك إدخالها في قاعدة البيانات بواسطة أشخاص متخصصين. (لخضر، 2008، ص 107-110)
ثانيا: أثر الرقمنة في حياة الفرد:
إن الثورة العلمية المتمثلة في التكنولوجيا الحديثة، أثرت كثيرا في حياة الإنسان وأصبحت مقياسا للتقدم الذي وصلت إليه العقول البشرية الفذة، فهي تتيح للأفراد مثلا تجاوز عائق المسافة المطلوبة لعملية الاتصال، أي أنها تتيح للفرد أن يدخل في علاقة مع أي شخص كان وفي أي مكان، دون أي إحساس بصعوبة الاتصال المباشر، لان عالم الاتصال اليوم يتجاوز حدود وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية حيث تشكل الأقمار الصناعية والانترنت إحدى أهم جوانبه.
– الأسرة:
لو قارنا الأسرة القديمة والحديثة، للفت انتباهنا في مجال التأثيث المنزلي فنجد عند الأسرة القديمة التي كانت تعتمد في تأثيثها على أثاث تقليدي من اللوح والخشب والبلاط، وغيرها من الأثاث المزركش الجميل، أما عند الأسرة الحديثة التي تعتمد على تأثيثها بأحدث التكنولوجيات الرقمية، كما يلفت الفرق الموجود بينها إذ تتميز الأسرة القديمة بنوع من الدفء وحنان الجدة وحكاياتها الجميلة، على غرار الاسرة الحديثة التي تتميز بنوع من الجفاء، إذ حلت الأجهزة التكنولوجية محل حكايات الجدة، وأصبح التلفزيون هو الحاكي والاسرة ملتفون حوله، وإن لم يكن لكل فرد في الاسرة جهاز تلفزيون وهوائي فضائي خاص به، وأصبحت القنوات التلفزيونية هي المسيطرة على الجو العائلي الدافئ. (رأفت، مها، 2014، ص 9)
إلا أنه أصبح من الضروري توفير كل متطلبات التكنولوجيا في كل بيت وفي كل مؤسسة من وسائل حديثة ذات جودة لتلبية احتياجات العصر، ليحقق أعلى قدر من الكفاءة لدى العنصر البشري في كل الأسر وهذا بدوره يعود بالفائدة على الدولة ككل.
ثالثا: أثر الرقمنة في حياة المجتمع:
إن الحديث عن مجتمع رقمي يجرنا للحديث عن قاطني هذا المجتمع، فقد جرت لأكثر من عقدين من الزمن، مناقشة وبحث نشوء مجموعة سكانية عالمية مميزة من الشباب الذين أبصروا النور في العصر الرقمي وترعرعوا على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حياتهم اليومية، ويشار إلى هؤلاء السكان الموصولين بالشبكات بالمواطنين الرقميين.
وضمن هذا السياق، يؤكد نيغرو بونتي “أن المؤشرات الرقمية تقول بان الأطفال الذين يستعملون النت، يطورون مهارات جديدة بدلا من إضاعة مهاراتهم الاجتماعية العادية، حيث إن المسافات المتباعدة أضحت قريبة، وصورة العالم للأطفال أصبحت ترسم من خلال لمسة فأرة التشغيل، لذلك فالأجيال الجديدة والتشكلات الاجتماعية والاقتصادية الصغيرة الجديدة هي أثمن موارد للمجتمعات في الكون الرقمي الجديد وهم أداة وعملية تؤثر بفاعلية في التغير على المدى البعيد. (خضر، 2014، ص 84)
فهي تؤثر كذلك في السلوكيات الاجتماعية للناس في إحداث تغيرات عليها مثل التغيير الذي يحدث في التجارة الإلكترونية بحيث أصبح البيع والشراء عن بعد مع توفير خدمة التوصيل على المكان الذي يريد الإنسان هذا ما سهل العملية على التجار في اقتناء مختلف المواد، والتغيير كذلك في التعليم والتدريب الإلكتروني وذلك عبر خدمة الزووم تقنية تكنولوجية رقمية سهلت عملية التعلم على الأساتذة وحتى المدربين في توفير الوقت والجهد وخاصة في ظل الظروف التي تعيشها البلاد (جائحة كورونا) التي مست مختلف المجالات وأرغمت كل العاملين على تطبيق مختلف الوسائل والتقنيات الحديثة كل حسب مجاله.
نتائج الدراسة:
جاءت نتائج الدراسة لتشمل مجالات عدة كان لدور الرقمنة في تحسينها لتعود بالفائدة على الفرد والمجتمع وهي كالآتي:
– رقمنة الإدارة كأسلوب لتحسين الخدمة العمومية في الجزائر.
– رقمنة الشباك الإلكتروني الموحد للوثائق البيو مترية كآلية لتحسين الخدمة العمومية.
– تطوير الرقمنة كآلية لمرحلة كوفيد19 والتي كان لها الأثر الكبير في حل عدة مشاكل في عدة مجالات سواء كان في الجامعة أو البنوك أو الإدارة أو المؤسسات العمومية أو المدارس.
– كما أن الرقمنة كان لها الدور في تطوير وتمكين مهارات التربية والتعليم وهذا ما تحققه من نتائج في بعض المستويات.
خاتمة:
أثر التقنيات المتطورة أصبح أكثر وضوحا في عملية نمو المجتمعات، وذلك من خلال استعمال التكنولوجيا الرقمية المختلفة لأغراض كثيرة منها العمل على رفع مستوى التنمية بالأخص تنمية الموارد البشرية، سواء كانت فردية أو جماعية، فالتقنيات والوسائل التي تحتويها التكنولوجيا الرقمية لها أثر بالغ الأهمية على أفراد المجتمع في مختلف المجالات والجوانب سواء التعليم، أو التجارة، أو الاقتصاد، أو السياسة … وغيرها.
اقتراحات:
1-ضرورة زيادة تفعيل مختلف الوسائل والتقنيات التي توفرها التكنولوجيا الرقمية في مختلف الجوانب والمجالات.
2-نشر الوعي لدى أفراد المجتمع للاستخدام الأمثل لمختلف وسائل التكنولوجيا الحديثة لتحقيق تنمية بشرية متطورة.
3-الاهتمام بكل ما هو جديد في هذا المجال، لأنه يتوفر على عديد من الوسائل يتسنى لكل فرد سواء كان باحث أو أستاذ أو مدرب الاطلاع عليها ومعرفة محتواها وما يمكنه أن يستفيد منها.
4-ضرورة التزام الأولياء بمراقبة أبنائهم مستخدمي هذه التكنولوجيا وتحديد المحتوى الذي يطلعون عليه مع تحديد الوقت لذلك.
قائمة المراجع:
– أوماحي عائشة، مصطفى بوادي، (2019)، دور التكنولوجيا الرقمية في تنمية الموارد البشرية (الواقع والمأمول)، دفاتر السياسة والقانون.
– بومالي أمينة، (2017)، أثر تكنولوجيات الاتصال الحديثة على الاتصال الشخصي في المجتمع الجزائري، المجلة العلمية لجامعة الجزائر3 ، العدد09.
– سيد إدريس يوسف، (2021)، دور الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في التعريف بالتراث الثقافي وتنميته.
– سارة غزلان، (2017)، التعلم الرقمي، التربية والمهارات في العصر الرقمي، لمحة عامة حول الندوة الاستشارية المعنية بالتعلم الرقمي التي عقدت كجزء من برنامج معهد كورشام للقيادة الفكرية.
– رأفت محمد العوضي، مها توفيق شبيطة، (2014)، تأثير استخدام الوسائط الاجتماعية والمواقع الشخصية الإلكترونية على الحوار الأسري من وجهة نظر الأباء.
– ياس خضر البياتي، (2014)، أمم صاعدة وامم مندهشة، ط1، دار البداية، عمان.