التناص الحواري وأبعاده الدلالية في الخطاب الروائي عند عبد الملك مرتاض
رباعية الدم والنار” أنموذجا”
Dialogical Intertextuality and Its Semantic Dimensions In The Narrative Discourse Of Abdolmalek Mortadh, Blood and Fire’s tetralogy
د. مامون عبد الوهاب. جامعة طاهري محمد – بشار- الجزائر
Dr. MAMOUN Abdelouahab. University of TAHRI Mohammed – Bechar – Algeria
مقال منشور في مجلة جيل الدراسات الادبية والفكرية العدد 69 الصفحة 41.
ملخص:
جاءت هذه الورقة البحثية لتسليط الضوء على مختلف حالات الامتزاج والتداخل لنصوص من التراث الإنساني عامة، والتراث العربي على وجه الخصوص بالسرد الروائي، ودلك من خلال تقنية التناص وفاعليته الإبداعية في عملية خلق الفرادة ضمن تجربة الكتابة السردية عموما والجزائرية على وجه الخصوص.
وقد ارتكزنا في هذا البحث من الناحية المنهجية على التصورات النظرية والآراء النقدية لكل من المنظر الروسي ميخائيل باختين والناقدة البلغارية جوليا كريستيفا وغيرها ممن طوروا مفهوم الحوارية ثم تطبيق ذلك على خطاب عبد الملك مرتاض الروائي في رباعية “الدم والنار” من أجل استنباط الأثر الجمالي بدلالاته ومعانيه الخفية والمتعددة.
كلمات مفتاحية: رباعية الدم والنار؛ الحوارية؛ الخطاب؛ التناص؛ السرد؛ الرواية.
Abstract:
This research paper is presented as a model for highlighting the many intermarriages of religious texts, and arab heritage in particular with narrative discourse and that is through the technique of intertextuality and his creative effectiveness in the process of creating uniqueness within the experience of narrative writing in general and algerian in particular.
This research is methodologically drawn on theoretical perceptions and to each of Russian theorician Mikhail Bakhtine, the bulgarian critic Julia Kristiva and others who developed the concept of dialogism applying this to the narrative discourse of Abdolmalek Mortadh in order to extract the aesthetic effect with its hidden and multiple connotations.
Keywords: Blood and Fire’s tetralogy; Dialogism; Discourse; Intertetuality; Narration; Novel..
مقدمة:
تتنازع النصوص السردية الروائية جملة من الإشكالات ومجموعة من الصعوبات، لا من حيث التلقي ولا من حيث التأويل، وهذا راجع لا محالة للخاصية الفسيفسائية التي تميز هذه البنية ككثرة الشخصيات وتنوعها ثم تداخل الأحداث وتشعبها، مرورا باللعبة الزمنية المتأرجحة بين الماضي والحاضر ثم المستقبل، إضافة إلى البنية المكانية وتلونها وتعددها، وصولا لتنوع أشكال الكلام وتعدده داخل الساحة الروائية، وأخيرا تباين الوحدات اللغوية المتعددة اللغات ذات الرموز والدلالات المختلفة فيما بينها وتفاعلها الجاد والخلاق.
بناءً على هذا وذاك فإن النص السردي الروائي يشكل الأرضية الخصبة لتنازع مختلف الأفكار وتناقضها، وهو الملجأ الوحيد لكثرة الأحداث وتعددها، وصراع الشخصيات فيما بينها، ومن ثمَّ تغدو الرواية الجنس الجامع الذي يحتوي كل أشكال وأنواع الحياة البشرية، فهي إسقاط مباشر للواقع المعاش لمجتمع ما بصورة فنية وجمالية.
الشيء الذي يقف عليه القارئ وهو بصدد قراءة رباعية المبدع “عبد الملك مرتاض” الموسومة برباعية “الدم والنار” والتي تتكون من أربع روايات هي كالتالي: “دماء ودموع”، “نار ونور”، “حيزية” و”صوت الكهف” الصادرة عن دار البصائر، الجزائر، وقد حاولنا ونحن بصدد قراءة هذه الرباعية الوصول لوصف دقيق وسليم لبنيتها اللغوية بغية الوقوف على ظاهرة التمظهرات الحوارية، تلك الظاهرة الفنية التي امتازت بها الروايات الحديثة، خاصة الجزائرية منها وذلك من خلال استحضار النص القرآني المقدس بأساليب وآليات مختلفة، إضافة إلى تقاطع النص السردي مع التراث العربي الفصيح، وعليه جاء البحث إجابة على الإشكال التالي:
- ما المقصود بظاهرة التناصية، وكيف اشتغلت في النصوص السردية لتحقيق ميزة الحوارية الفنية؟
- إلى أي مدى تحققت في الرباعية خاصية تفاعل الخطابات، وما مدى اشتغال آلية الحوارية فيها؟
للإجابة على التساؤلات الراهنة كان من الضروري الوقوف على مفهوم التناصية لغة واصطلاحا، خاصة عند مؤسسها الأول جوليا كريستيفا Julia Kréstiva ، ثم إبراز أوجه التقارب بينها وبين الحوارية الباختينية، ومحاولة قراءة النص السردي للرباعية في سبيل الكشف عن مدى تفاعله مع كل من النص القرآني المقدس وأوجه استحضاره له، ثم تفاعله مع النصوص التراثية الفصيحة.
وبالتالي فإن الهدف الرئيسي من وراء هذا البحث هو إظهار مدى تَأَثُّر الكاتب عبد الملك مرتاض بالنصوص التراثية بمختلف أنواعها ثم إبراز مدى تَبَنِّيهِ لأساليب حداثية كالتجريب في الكتابة السردية بالرغم من أن الرباعية تُعَدُّ من بين أوائل أعماله الأدبية.
1.التناص:
لا ريب في أن جنس الرواية -بحكم اشتماله على شتى الأجناس التعبيرية- يظل ذلك الجنس المضياف والمنفتح، فيه من المرونة ما يكفي لامتصاص واستقطاب كل الأنواع الأدبية، ثم احتضانها بشكل يجعلها تتعايش عن طريق طمس كل الفوارق ليتجسد المجتمع الحواري للرواية، وقد صدق قول القائل بأن هذه العملية التناصية هي: “أقرب ما تكون إلى إجراء التفاعلات الكيماوية بين عدة عناصر لإنتاج عنصر جديد[1]“، وعليه فانه من الأهمية بمكان بد من الوقوف على هذا المصطلح ومفهومه قبل الخوض في لُبِّ موضوع التناص.
1.1.التناص لغة:
التناص في اللغة العربية: من نَصَّ، نَصَّ الشيء: أي رَفَعَهُ وأَظْهَرَهُ، تقول: نَصَصْتُ الحَدِيثَ أي رَفَعْتُهُ إلى صاحبه[2]، ويعرفه بن منظور بقوله: “نَصَصْتُ الشَّيْءَ: إذا جَعَلْتُ بعضه على بعض، ومنها يَنُصُّهُ أي يستخرج رأيه ويظهره، ومنه قول الفقهاء: نَصُّ القرآن ونَصُّ السنة، أي ما دل ظاهر لفظها عليه من الأحكام”.[3]
كما أن مصدر اللفظة على وزن تَفَاعُل، ما يشي بالمُشَارَكَة والمُفَاعَلَة، ومن ثم فلفظة تَنَاص تجمع بين الرَّفْعِ والإِظْهَار والمُشَارَكَة والتَّفَاعُل.
2.1.التناص اصطلاحا
1.2.1.التناص عند ميخائيل باختين:
يعد المنظر الروسي ميخائيل باختين MIKHAIL Bakhtine أول من أسس لمفهوم التناص دون التصريح بتسميته، فَكَانَ أَنْ اصْطَلَحَ مصطلح الحوارية Dialogisme مقابل مصطلح التناص الذي ظهر فيما بعد على يد البلغارية جوليا كريستيفاJULIA Kréstiva. ويشير تودوروف Todorovإلى جوهر التناص عند ميخائيل باختين بالقول: “لا يوجد تعبير لا تربطه علاقة بتعبيرات أخرى، وهذه العلاقة جوهرية تماما. لذا فإن النظرية العامة للتعبير هي –في منظور باختين –انعطافة لا يمكن تفاديها كي نصل إلى دراسة هذا المظهر من مظاهر المسألة. والمصطلح الذي يستخدمه للدلالة على العلاقة بين أي تعبير والتعبيرات الأخرى هو مصطلح الحواريةDialogism[4]، بمعنى أن باختين ينطلق من فكرة مفادها أن لا أحد بإمكانه الاستغناء عن تعبيرات الآخرين في تشكيله لتعبيره الخاص.
ومن ثم فان الروائي يوظف تعابير من سبقوه أو من عاصروه، في حين تُوَظَّفُ تعابيره من قبل الآخرين، فهو يتأرجح هاهنا بين التأثر والتأثير الذي يَصِلُ به في نهاية المطاف إلى ذلك التفاعل اللغوي الخَالِقُ لحوارية اللغة، وقد استدل باختين في هذه المسألة بسيدنا آدم عليه السلام أول الخلق وأبو البشرية، في إشارة منه إلى كونه الوحيد الذي سَلِمَ من هذا التبادل الكلامي والأخذ من كلام الغير، يقول بهذا الصدد:”آدم الذي توجه بالكلمة الأولى إلى عالم بكر لم يفتر عليه، آدم هذا هو الوحيد الذي كان بإمكانه فعلا تفادي هذا التوجه المتبادل مع كلمة الآخر في الموضوع الواحد حتى النهاية. أما الكلمة الإنسانية التاريخية المشخصة فلم تعط هذا: فهي لا تستطيع أن تنأى بنفسها عن هذا إلا افتعالا وإلى درجة معينة ليس إلا”.[5]
2.2.1.التناص عند جوليا كريستيفا:
يرى معظم النقاد الغربيون أمثال ليون سومفيل نسبة مصطلح “التناص” إلى الناقدة البلغارية جوليا كريستيفا ولا يرجعونه إلى باختين، “(…) ليس مصطلح التناصية عند باختين، وينبغي أن ننسب المصطلح لكريستيفا”[6]، كما يمكن الاستشهاد بقول رولان بارث Roland Barthes: “نحن مدينون لجوليا كريستيفا بالمفاهيم النظرية الأساسية، التي يتضمنها تعريفها للنص: وهي الممارسة الدالةpratique signifiante، الإنتاجية productivité، التدليلsignifiance، النص الظاهر phéno – texte، النص المولدgéno – texte ، التناصintertexte“[7].
غير أنه وفي مقابل هذا الإجماع على نسبة المصطلح لكريستيفا، فإنه لا يمكن إنكار فضل باختين على تلميذته جوليا كريستيفا في تأسيسها لهذا المصطلح، وعَزْوِ بَوَادِرَ نُشُوئِهِ وولادته له، والذي يظهر “في كثير من كتاباتها النقدية المنشورة على صفحات المجلات بين عامي 1966 و1967، وفي كتابها (نص الرواية) وفي تقديمها لكتاب (شعرية دوستويفسكي) لمخائيل باختين”.[8]
ومن باب الوفاء ورد الجميل من كريستيفا لباختين وبعد أن أخذت منه مفهوم الحوارية وطورته، وأعادت صياغته وصَكَّتْ مصطلحا جديدا، قامت بعرض أفكار باختين في كتابها “سيميوتيك” في بداية مقالتها “النص المغلق” دون إضافة شيء إلى مفهوم الحوارية، سوى البعد السوسيو فرويدي.[9]
يرتبط مفهوم التناص عند كريستيفا، كما سبق وأن نَوَّهَ “رولان بارث” لذلك، بمفهوم “الإنتاجية النصية” القائمة على نشأة النص من خلال تداخله مع نصوص سابقة، فتُعَرِّفُهَا كريستيفا بقولها “ترحال للنصوص، وتداخل نصي، ففي فضاء نص معين تتقاطع وتتنافى ملفوظات عديدة مقتطفة في نصوص أخرى”.[10]
كما يرتبط أيضا التناص عندها بالخطاب الشفوي، وهي تعني بالذات التناص في الرواية وأسلوب استحضار الخطاب الشفوي فيها أكثر من الكتابي، إذ “يتميز التناص في الرواية باستحضار كبير للخطاب الشفوي، وهو أكثر ما تشير إليه “كريستيفا” بقولها إن الرواية عملية نسخ لتواصل شفوي أكثر منه كتابة”[11]، وهذا يتفق وما ذهب إليه باختين في تحديده لماهية التهجين إذ يقول: “بأن الكلام واللغات، إجمالا، يتغيران تاريخيا عن طريق التهجين ومزج مختلف “اللغات” المتعايشة داخل الهجنة نفسها، واللغة القومية نفسها، وعن طريق تشعب المجموعة اللغوية نفسها أو لعدة مجموعات سواء في الماضي التاريخي للغات، أو في ماضيها الإيحائي”.[12]
2.الأجناس المتخللة في الخطاب الروائي
تتعدد التعابير المعتمدة من طرف الكاتب داخل الرواية دون أن تنمحي أصولها أو آثار منبعها، فيتأرجح المؤلف في الأخذ بين ما هو أدبي وغير أدبي، ويصطلح باختين على هذه الأجناس المقحمة في جنس الرواية مصطلح: الأجناس المتخللة أو الأجناس الدخيلة genres intercalaires، والتي يحق لها كلها المساهمة في البناء الكلي للرواية، مع فرادتها واستقلاليتها الذاتية، حيث يقول في هذا الصدد: “تسمح الرواية بدخول أجناس مختلفة، فنية (كالقصص الاستطرادية، والتمثيلات الغنائية، والقصائد والمشاهد الدرامية الخ)، وخارجة عن الفن (كالأجناس الحياتية اليومية والبلاغية والعلمية والدينية وغيرها) في قوامها. فمن حيث المبدأ يمكن لأي جنس أن يدخل في تركيب الرواية، ومن حيث الواقع فمن العسير جدا العثور على جنس لم يدخل الرواية في وقت ما، وعند كاتب ما، وتحتفظ الأجناس المدخلة إلى الرواية عادة بمدونتها البنائية، واستقلالها الذاتي وفرادتها اللغوية والأسلوبية”.[13]
ومن جهة أخرى يرى الناقد الروسي ميخائيل باختين أن أهداف ومقاصد الأجناس المتخللة تتباين ضمن النسيج العام والكلي للرواية، فهي تتأرجح بين استحضار المؤلف لها خدمة لغايات في نفسه وإشباعا لنواياه، وبين استحضاره لها بشكل عفوي لا يكاد القصد فيها يَبِينُ، “إن الأجناس التي تدخل الرواية يمكن أن تكون ذات قصدية مباشرة، كما يمكن أن تكون موضوعية شيئية بالكامل، أي محرومة حرمانا تاما من مقاصد المؤلف ( أي أن الكلمة لا تقول هذه الأجناس، بل تعرضها فقط كأشياء)، إلا أن هذه الأجناس تعكس في أكثر الأحيان مقاصد المؤلف بقدر أو بآخر، وإن كانت بعض لحظاتها يمكن أن تظل بعيدة بشكل أو بآخر عن المعنى الأخير للعمل الأدبي”.[14]
والمتتبع لدراسة باختين لأعمال الروائي الروسي دوستويفسكي Dostoivsky يجد بأنه يتطرق لمسألة التَّعَالُق القائم بين اللغات، والتي اصطلح عليها اسم “التهجين” ليظل في كثير من حيثياته المصطلح الأقرب للتناص، ذلك المصطلح الذي صَكَّتْهُ جوليا كريستيفا بعده، ثم أجادت وأفادت في العديد من حيثياته ومضانه، والتهجين كما قال باختين يتجلى ضمن تقنية المزج بين لغتين اجتماعيتين في نطاق القول الواحد، إنه اللقاء والمواجهة التي تحدث في فضاء هذا القول بين وعيين لغويين مختلفين تفصل بينهما حقبة تاريخية أو تباين اجتماعي أو كلاهما معاً. لذلك جعل باختين تقنية التهجين من بين الإضاءات المُتَبَادَلَة بين اللغات، بمعنى أن الكلمة تُفْهَم وتُدْرَك وتَتَبَنَّى معناها الذي أريد لها أن تحمله على ضوء الكلمة الغيرية، فيحدث ذلك التفاعل الذي تنشأ على أساسه الحوارية.
3.الأبعاد الحوارية في العلاقات التناصية:
إن التناص كما أسلفنا الذكر، من بين أهم الآليات الإجرائية لفهم النصوص الأدبية، وهو يعد كذلك وسيلة إجرائية تعتمدها لسانيات النص بغية الكشف عن علاقات التَّثَاقُفْ بين المجتمعات الإنسانية، وحوار الحضارات في مختلف مجالات الفكر والإبداع كالأدب على وجه الخصوص.
وبالتالي فهو أداة مثلى ووسيلة ناجحة في دراسة النصوص الأدبية، ومقاربتها مقاربة فنية تهدف إلى الكشف عن بنياتها اللغوية العميقة واكتشاف نواتها الخصبة التي تَنْبَثِقُ منها شعرية العمل الأدبي، وكذا اكتشاف مواطن الجمال والإبداع فيه، أو كما صرح بذلك الشكلانيين الروس Formalistes Russes، فحسبهم الأدب ليس دراسة الأدب في حد ذاته، وإنما هو الكشف عن الأدبية فيه “la littérarité“.
ومن خلال ذلك يَتَيَسَّرُ تلمس دلالات النص عن طريق سبر أغواره وإدراك التفاعلات الخارجية والداخلية التي تحكمه، لأن النص من وجهة نظر الشكلانيين الروس ما هو سوى شبكة من التفاعلات ونسق من الأنظمة الخفية والجلية التي تنصهر على امتداده، حيث تستدعي قارئا واعيا حذقا ذي معرفة قبلية وخلفية معرفية واسعة تؤهله لكي يستدعي تلك الصور الخفية، ومن ثم يتحَسَّسُ الأصوات الصادرة منها ويصغي إليها بتمعن قصد بلوغ مصادرها وأصولها بغية إدراك الدلالات الجديدة التي منحها لها الكاتب.
واعتبارا لما سبق فان الرواية تعد من بين أهم الأجناس الأدبية التي تتحاور مع أجناس أخرى غير جنسها في علاقات تفاعلية تتأرجح بين التأثير والتأثر ضمن دائرة التناص، وتتميز بالقدر الكبيرة والفعالة على استيعاب وضَمِّ أكبر عدد من هذه الأجناس، لكي تدخل معها في علاقة تفاعلية وحوارية حسب السياق الزمكاني ونمط الحديث المترتب عن ذلك، لأن التناص من منظور الناقد عبد الملك مرتاض ما هو سوى “إلا حدوث علاقة تفاعلية بين نص سابق، ونص حاضر، لإنتاج نص لاحق”[15]
ولعل من بين أهم ما يلفت انتباه القارئ وهو بصدد القراءة الواعية لرباعية “الدم والنار”، هو استحضارها لجملة من الأجناس الأدبية وغير أدبية في كيانها السردي، فقد يصادف تفاعل النص السردي وحواريته مع النص القرآني والحديث النبوي الشريف وكذا التاريخ العربي والإسلامي، ثم تتعاقب الأجناس داخل الفضاء الروائي من الشعر والحكاية والأمثال والحكم والتراث الشعبي والصوفي …إلخ، وفي هذا البحث سنكتفي باستعراض أبعاد التناص الحواري مع القرآن الكريم والتراث العربي الفصيح خاصة.
1.3.التناص الحواري مع القرآن الكريم:
القرآن الكريم هو كلام الله المقدس، المعجز في لفظه ومعناه، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، المتعبد بتلاوته، وهو منهل الأدباء والشعراء العرب على مر العصور والأزمان، وهو قدوتنا ومنهجنا في تسيير وتدبير مناحي حياتنا الدينية والدنيوية.
وتوظيف النص القرآني في الأعمال الأدبية عامة والروائية على وجه الخصوص، يختلف من كاتب لآخر، فمنهم من ينقل النص حرفيا دون زيادة أو نقصان، ومنهم من يكتفي بنقل ألفاظه إلى النص السردي، ومنهم كذلك من يتمثل بصوره وظلاله ويكتفي بنقل معانيه فقط. وقد ورد في رواية “نار ونور”، الرواية الأولى من رباعية “الدم والنار”، ذلك الحوار الذي دار بين قدور وابن أخته سعيد، حول مقتل أب سعيد الغامض بالنسبة إليه، المدعو دحمان، فيخبره خاله قدور بأن أباه قد استشهد في سبيل هذا الوطن، فيرد عليه سعيد قائلا: “رحم الله أبي! ولا بد أن أثأر له، الثأر حق و هو قصاص، و العين بالعين و النفس بالنفس… قتلوا أبي، ولا بد أن أقوله منهم…”[16]، نجد بأن الكاتب قد وظف ألفاظ الآية الكريمة: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٤٥﴾ (سورة المائدة، الآية: 45)، ليجد الشخصية سعيد منفذا لتبرير الثأر والانتقام من قتلة أبيه.
في موضع آخر من الرواية يستشعر القارئ محاكاة الأسلوب القرآني، إما من حيث النغمة أو من حيث الأسلوب، في تناص حواري رائع ينم عن المقدرة اللغوية الهائلة، والمهارة التي يتمتع بها الكاتب عبد الملك مرتاض في تطويع اللغة واللعب بالألفاظ بغير إخلال بالمعنى، هذه المحاكاة القرآنية لا يشعر بها سوى من كان حاملا لكتاب الله عز وجل، أو على أقل تقدير قد اطلع عليه كلية، ومن تلك المواضيع:
“أما ذلك فسترينه في حينه، ولكل أجل كتاب “[17]، “ولكل عمل رجال“[18]، “إن موعدنا غدا، وليس الغد منا ببعيد“[19]، “وكان الله قد جعل لكل أجل كتاب، ولكل شيء حساب، وكان الله قد جعل بعد كل عسر يسرا“[20]، والكاتب في هذا المقطع السردي يتناص مع قول المولى عز وجل في محكم التنزيل: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴿٣٨﴾ (سورة الرعد، الآية: 38)، وكذلك قوله عز وجل: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴿٧﴾ (سورة الطلاق، الآية: 07). في إشارة رائعة منه إلى أنه سيأتي يوم وتشرق فيه شمس الحرية وتشع بنورها على أرضها وأهلها، وضاءا وهاجا، وتقبل فيه السعادة ساحرة باسمة على أهلها، فتسعد القلوب المكدومة وتنعش النفوس الحزينة، إيذانا بالحب والحرية والسلام.
ورواية “حيزية” كذلك زاخرة بهذا الأسلوب المحاكي للقرآن الكريم، إما أسلوبا أو لفظا، وفيما يلي بعض من تلك الأمثلة: “وتفيض عيناكِ من الدمع”[21]، تحاكي ألفاظ المولى عز وجل في قوله تعالى:
﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴿٨٣﴾ (سورة المائدة، الآية: 85).
“ألست حافظا القرآن(…)، أم أنت لست إلا حمارا يحمل أسفارا”[22]، تحاكي قول المولى جل وعلا: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّـهِ ۚ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥﴾ (سورة الجمعة، الآية: 05).
“وما خامرك منذ حين لم يكن إلا من أمر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الحركة من الناس”[23]، تحاكي نغمة وأسلوب القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿٤﴾ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿٥﴾ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿٦﴾ (سورة الناس، الآية: 04-06).
أما استدعاء النص القرآني كاملا، بتركيبته وبدلالاته ضمن الحيز السردي والحواري في الرواية كان كثير الاستعمال في رباعية “الدم والنار”، ولعل توظيف آي القرآن الكريم صراحة من لدن الكاتب جاء إما للاستشهاد بها، ولتبرير الرأي والفكرة المطروحة وليكون دعامة لها ولأفكار وآراء الشخصيات.
وقد يمثل الاقتباس المباشر من آي القرآن الكريم “الدرجة العليا لهذا الحضور النصي، حيث يعلن النص الغائب عن نفسه في النص الحاضر، فيصبح هذا الحضور بين النصين مندمجاً، حتى يغدوان كتلة واحدة غير متشظية، وإلا فإن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تجميع، لا مسوغ له، ولا رابط يربط بين أجزائه؛ ليؤدي دلالة مكثفة لعمل واحد، مكون من نصوص سابقة عليه أو معاصرة له”.[24]
كما أن هذا الاقتباس المباشر من آي القرآن الكريم جاء به الكاتب ابتغاء الوصف الدقيق للحال والوضع الذي تحيا فيه شخصياته الروائية، ومن ثم إسقاطها على الشخصيات التي جاء ذكرها في القرآن الكريم، إما عن طريق التماثل والتطابق، أو عن طريق المحاكاة الساخرة لخلق جو من المفارقة الفنية، وبالتالي فإن هذا الاقتباس المباشر من القرآن الكريم كان يدور في فلك المشابهة تارة والاختلاف تارة أخرى.
من أمثلة ذلك ما جاء على لسان الفحل في رواية “حيزية”: “ولولا دفع الناس بعضاهم ببعض لفسدت الأرض”[25]، ويؤكد بعدها بأن ذلك من القرآن الكريم: “القرآن صريح في هذا“[26]، وهو قول المولى عز وجل: ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴿٤٠﴾ (سورة الحج، الآية: 40)، وبالتالي فلا جرم من أن يستشهد الفحل بالقرآن الكريم، وهو ذو ثقافة دينية واسعة، لأنه تلقى العلم والفقه والقرآن منذ الصبا في زاوية العامل عند الشيخ الكامل.
“ويجعلون لله ما يكرهون”[27]، اقتبسها الكاتب من قول الله سبحانه وتعالى وضمنها في سرده من قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّـهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَىٰ ۖ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ ﴿٦٢﴾ (سورة النحل، الآية: 62)، وجعلها تتماهى مع النص السردي حتى لا يكاد القارئ يشعر بأنها مقتبسة من كلام الله عز وجل.
“إياك نعبد و إياك نستعين”[28]، اقتبسها الكاتب من فاتحة الكتاب حيث يقول الله عز وجل: بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴿١﴾ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ﴿٣﴾ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٤﴾ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿٥﴾ (سورة الفاتحة، الآية: 01-05).
“قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا“[29]، اقتبسها الكاتب من كلام الله جل وعلا من قوله: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴿٥١﴾ (سورة التوبة، الآية: 51).
وأخيرا وليس آخرا قوله في نفس الرواية: “وإذا جاء آجالهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون”[30]، اقتبسها من قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴿٣٤﴾ (سورة الأعراف، الآية: 34).
إن هذا الاقتباس الحرفي والمكثف في الرباعية إنما يصدق الرأي الذي طرح سالفا، وهو تأثر الكاتب بالقرآن الكريم بحكم تكوينه الأولي حيث تلقى في الكتاتيب، وبالتالي كانت فصاحة القرآن الكريم وجزالة ألفاظه ورونق سحره ولا زالت المعين الصافي والمورد الدائم لمعظم الكتاب والروائيين، إما باتخاذ سبيل المحاكاة لأسلوبه وكذا توظيف الصور البيانية والألفاظ القرآنية تارة، وإما الاقتباس المباشر لآيات المولى عز وجل وتضمينها في نصوصهم السردية أو إجرائها على ألسنة شخصيات الرواية تارة أخرى، ولعل في ذلك إشارة إلى ابتغاء السُّمُوِ والرُّقِيِّ بالكتابة الروائية وخوض مهمة التجريب عن طريق التفاعل القصدي وغير القصدي بالكلام القرآني المقدس.
كما يبدو للقارئ الحذق والواعي أن التناص مع آيات القرآن الكريم والإحالة إلى نصوصه وقصصه يجعل من حضوره ومشاهدته شيء من الواقعية النسبية يستحيل بها من عضو مشاهد إلى إنسان مشارك يتمتع بكل الصفات والمميزات التي يتمتع بها الإنسان الحقيقي في ظل الوقائع والأحداث التاريخية التي تحدث ضمن الأجواء القديمة الفواحة بعبق التراث، وبالتالي فالإحالة تأتي أحيانا “… لنقل القارئ من جو الواقع المعيش إلى أجواء تراثية قديمة يجد الكاتب أن التعبير القرآني خير وسيلة لتحقيقها بما ينسجم والوضع الذي تحياه الشخصية واللغة التي تفصح بها عن أفكارها”.[31]
2.3.الألوان الأدبية وانصهارها ضمن النسيج الروائي:
تتمظهر ضمن النسيج الروائي العديد من الأنواع والأجناس الأدبية والتعبيرية، وتدخل ضمن بناءها المعماري لتشكل حيز لا بأس به في الساحة السردية الروائية إلى جانب كل من السرد والوصف والحوار، فتمتزج مع عناصر القصة الأخرى كالأزمنة والفضاءات المكانية والشخصيات لتساير بذلك السياق القصصي والنص على حد سواء، فتطبعه بخاصية الوعي اللساني واللمسة الخاصة به إذا ما تبنى سياقاته التاريخية والاجتماعية الأصلية الخاصة به.
ولعل ميخائيل باختين توصل من خلال أبحاثه ودراساته التي قام بها على الرواية إلى فكرة مؤداها أن الرواية لا تكتمل النمو ولا تظهر في صورتها الكاملة إلا إذا جمعت بين دفتيها أشكال وأنواع أخرى من الأجناس الأدبية، وبالتالي يتحقق عنصر الانفتاح الأدبي على ما جاورها وعاصرها، أو ربما على ما سبقها فينتج عن ذلك فضاء سردي ثاني يتسم بالتجدد والتفاعل المستمر، لأن الجنس الأدبي “يولد مرة ثانية، ويتجدد في كل مرحلة من مراحل التطور الأدبي، وفي كل عمل فردي، إن الجنس الأدبي يحيا في الحاضر ولكنه يتذكر ماضيه وأصله”[32].
وعليه يمكن وصف العمل الأدبي باللوحة الفنية التي تتنوع ألوانها وأشكالها لتطرح للوجود صورة رائعة تُزَاوِجُ بين الماضي والحاضر، وتَعْرِضُ من خلال الذاكرة الفنية ذلك الحنين إلى الماضي الممزوج بلمسات الحاضر لضمان الوحدة الزمنية الفنية والاستمرارية عبر استشراف الغد المتطور.
الرواية كنظيراتها من الأجناس الأدبية تأخذ من هنا وهناك وتستفيد من المعارف الأخرى لتصنع لنفسها فضاءاتها الفنية، وبالتالي فهي تزاوج بين الحاضر والماضي والقديم والحديث لتخلق بينهم التفاعل الدائم والحي لتحقيق الصناعة الروائية، ومن ثم يتحقق المبدأ الحواري الذي ينادي به باختين من تعدد الأصوات والأساليب والمواقف الفكرية وتباين الرؤى والتوجهات الأيديولوجية، وكذا كثرة الشخصيات والرواة والسراد، بمعنى أن الأبطال الذين يقودون الأحداث ضمن الرواية ليسوا مجرد شخصيات من ورق يتحكم فيها الكاتب، بل تتعدى ذلك لتحمل لنا قيم دلالية بتعابيرها وبانفعالاتها التي لا تتحكم فيها الفردية، بل تتعدى ذلك إلى خاصية الاجتماعية، بمعنى أنها تصبح ذات طابع اجتماعي تحدده مجموعة من العلاقات الحوارية، وكل الألفاظ والكلمات التي يتلفظ بها الأبطال تتأسس على مرجعية مسبقة، أي على ملفوضات أخرى مما لا يمكن عزله عن الكيان الاجتماعي.
واللغة في حد ذاتها من المنظور الباختيني “نصف غريبة، لأنها لا تصبح كلمة المتكلم إلا حين يملكها، هذا في لغة محايدة وعديمة الشخصية، (فالمتكلم لا يأخذ من القاموس) بل من شفاه الآخرين، في سياقات الآخرين، وفي خدمة مقاصد الآخرين، ومن هنا يترتب على المرء أن يأخذ الكلمة ويجعلها كلمته”[33]، وبالتالي فان الرواية من هذا المنظور تغدو شكلا من أشكال التعبيرات التي يستخدمها الإنسان والتي تنموا وتتطور للتعبير عن رغباته، والبوح بها عن معاناته، وتعرية ذاته، وأعماقه الدفينة، في مسيرة الحياة، بحثا عن الذات الإنسانية والسمو بها نحو الأفضل.
يبدو أن ميلاد الكلمة الروائية يتمخض عن تزاوج حوار الثقافات وإعادة تشكيلها ضمن تعددية اللغات مع اللغة الوحيدة وشخصياتها التي تتوزع ضمن منظور الشخصية الواحدة، وتمتد فيها لتشكل مرجعيتها الأساس التي عليها تقوم الرواية، وخلال ذاتها تنصهر فيها مواد مختلفة؛ من علم النفس والاجتماع والتاريخ، وما إلى ذلك، أي كل العلوم حديثها وقديمها “لهذا كله تكون الرواية الجنس الأدبي الأكثر شبابا بين الأجناس الأدبية الأخرى، تأخذ كل ما هو جديد، وتلتقط الجديد الذي لم يتكون، وتنبئ بجديد لا يراه غيرها، معلنة أنها تخاطب المستقبل قبل أن تحاور الحاضر الذي تتغير فيه”[34]، فالرواية تسمح إذن باستيعاب جميع الأنواع و الأجناس التعبيرية، سواء كانت أدبية كالقصص والأشعار والقصائد أو غير أدبية كالمقاربات النفسية والنصوص التراثية والبلاغية والعلمية والدينية، وما إلى ذلك، وبالتالي فإن الدور الذي تلعبه هذه الأجناس المتخللة كما نوه لذلك ميخائيل باختين في كتابه الخطاب الروائي “دور كبير لدرجة أن الرواية يمكن أن تبدو كأنها مجردة من الإمكانيات الأولى في المقاربة اللفظية للواقع، ومتطلبة لتشييد الأولى لذلك الواقع بواسطة أجناس تعبيرية أخرى”.[35]
يبدو أن الروائي وهو يتعامل مع هذه النصوص ويحاورها بأساليب لغوية وأسلوبية جديدة يحقق الغاية الفنية الجديدة التي تنادي بها الرواية الحديثة، وينتج عن ذلك خلق عالم روائي جديد يتعامل مع أصواته ولغاته المتعددة لا تعفي كلية نوايا الآخرين، ولا تلغي الرؤى والعوالم التي تتجلى من خلالها هذه التعددية، لكن يجعلها الكاتب تمشي بالتوازي مع تلك النوايا لتقدم نواياه الخاصة، وهنا تتجلى بوضوح كامل الخاصية النوعية للجنس الروائي الحديث وتميزه.
يبني الكاتب عبد الملك مرتاض الشكل الفني للرباعية على تداخل متشابك للأجناس الأدبية لأنه يتقن الصناعة اللغوية وقلمه السَّيَّال بالكلمة الشعرية له قدرة هائلة على الارتقاء بالكتابة الروائية إلى المستوى الفني الجمالي والإبداعي الذي يبرهن فيه على عمليات المخاض والولادة الوهمية لأساليب وتعابير راقية، ثم القدرة على صناعة الكلمة الروائية الجادة والجديدة المعلنة على نشوء المذهب الفني المرتاضي (إن صح التعبير) في الرواية ككتابة إبداعية، لذلك نجد بأن الناقد المشرقي المعاصر عبد السلام محمد الشاذلي يظهر إعجابه بكتاباته وعلو مستواه الفني إذ يقول بأنه صاحب “صياغة لغوية لا ترحم، أقل الأقل من الهنات، حتى مع ما أباحه علماء اللغة أحيانا، بل نراه لا يستعمل إلا الفصحى العالية ما أمكن ذلك، أو حذلقة، وهو يشعرنا بذلك لأنه قد تذوق العربية من بطون أمهاتها(…) يشعرنا بما يبذله من جهد لغوي في هذه الصياغة(…) ولكن عناية عبد الملك مرتاض في هذا المجال لا يضارعها عناية أخرى(…) وهو حرص مشحون بحب شبه غريزي تراه يلتزم مع لغته دائما الواجب، وهو التزام جد جميل ورائع في كل ما سطر من بحث أو دبج من قصة”.[36]
3.3.التناص الحواري مع التراث الفصيح:
يستطيع القارئ لرباعية “الدم والنار” أن يتحسس طابع الفصاحة في اللغة من خلال صياغة التعابير واختيار الألفاظ المعجمية من التراث العالي الفصيح، إنه يستمد فصاحة لغته من ذلك الإرث الثقافي القديم الذي خطه لنا علماؤنا العرب القدامى في أمهات الكتب والمعاجم العربية العتيقة، ويمكن أن نمثل لذلك بهذه النماذج اللغوية العالية النسج والفصيحة الكلمات: “وازداد بك حب ابتسام حتى لم يصبح الحب معه شيئا سهل الاحتمال وأي صبر مع تباريح الغرام وأي تجلد يطيقه الفتى مع رسيس الهوى”[37]، “كائنات كأنها نساء جميلات، ولكنها أجمل جمالا، وكالغلمان، ولكنها أنضر وجوها، وكالجواري ولكنها أعدل قدودا”[38]، “تملأ الفضاء ضجيجا وعجيجا”[39]، “متلذذا بجسمها الغض البض”[40]، “والمرآة الكليلة البصر”[41]
فالقارئ وهو يصطدم بمثل هذه التعابير والكلمات والصياغة الفصيحة، وما أكثرها في هذه الرباعية، يلفي نفسه يغوص في معجم فني ونادر الاستعمال نوع ما، خاصة في الكتابات الروائية الجزائرية وفي لغتها المعاصرة كلها، فنجد مثلا ألفاظ من مثل (متجلبب، عبوس، واجم، موئلا، قتام، سلطان الكرى، مضاضة، السهاد، أعدل قدودا، يتهدج، رضابها العسلي، المديدة، القشيب، يتمرمر، عجيجا، الغَضّ، البَضّ، الكليلة، يتلبذ…)، إنها ألفاظ وتعابير لا يمكن أن يطالعنا عليها إلا كاتب متمكن ومتمرس من ناصية اللغة ومتبحر في لسان العرب، كالروائي الكاتب عبد الملك مرتاض.
ويعد النص الأدبي كما يحدده النقد الأدبي المعاصر نصا ليس قائما بذاته بل يستند إلى مرجعيات ونصوص أخرى يستقي منها مشروعيته ومقتضيات وجوده ومبرراته، مرورا بمرحلة التأثر إلى مرحلة التفاعل وهذه المرحلة تتلو مرحلة استثمار الأنواع الأدبية، تنظم كل هذه التناصات الى مجرى السرد لتحقق في النص الروائي تعددية الأصوات والأساليب والأدوار خارج وحدة الشكل الرتيب والجامد،[42] فروايات رباعية الدم والنار، تعتبر علامة متميزة في بنيتها السردية وصيغ اشتغال المتخيل واللغة والذاكرة من خلال استدعائها نصوصا أخرى لتكثيف النسيج السردي ودمج المقصديات المتخفية ضمن المقصدية العامة للكاتب، وبالتالي تتحقق الصناعة السردية الحديثة وتمثل عنصرا أساسيا في تجليات الحوارية، ومن ذلك اعتماد عبد الملك مرتض على لغة ذات طبيعة إيحائية ورامزة تتيح للقارئ المتلقي عبر صيغ التشبيه والاستعارة الولوج إلى الباطن واختراق الذات المستورة، وهذا ما تتميز به جمله من المقاطع السردية في رباعيه الدم والنار لعبد الملك مرتاض نورد منها على سبيل المثال: “وأن ابتساما في كل ذلك لم تغب عنك، وأن الأشباح لتلح عليك بشعة كأنها أغوال، وأن ضجرك بالأرق الذي أصبح يلح عليك لا يتضاعف، هل أنت مجنون؟ ما وراء هذه الكائنات التي تتأوبك كلما حبك الليل؟ ولماذا لم تشعر إلا وأنت تصرخ بملء صوتك، كأنك تنادي إنسان يعقل ويدرك ما يقول: أيتها الأشباح الحمراء، أيتها الخواطر الشاردة، أيها الليل الآخر، أيها الظلام الأعمى، أيها الكون الغريب، أيها النوم الفار من وجهي، أقبل علي..! أقبل! ويحك… مالك تفر مني؟ ما صنعت لك …!؟ (…) ولكن النوم لا يقبل عليك ولكن الهموم تزداد إلحاحا فكأنما كانت تريد أن تمضك.“[43]
وهذا أحمد الذي استولى عليه الأرق وطار النوم من عينيه بسبب شغله الشاغل وتذكره ابتسام، والحقيقة أن ابتسام ما هي سوى رمز للحرية والأرض الجزائر الطاهرة: “إذن تستشهد ابتسام فقد تكاثرت الدماء وقد حفظت الدموع غزار(…) من أعين المجاهدين الذين كانوا يرون في هذه المجاهدة رمز الفتاة الجزائرية المناضلة المثالية العظيمة”[44]، “وأنت أيها الصوت الغريب، من أين مصدرك؟”[45]، “وتنظرون إلى الكهف الذي ينتشر من حوله النور… وتتأملون وجهه، زينب ال….وهي تسرح شعرها الطويل الطويل، وتلامس ملائتها الحرية الخضراء التي يغازلها نسيم الغابة، وهي ترفرف فوق بنايات الربوة العالية…وتنظرون إلى زينب ال… أصبحت الآن حقيقة”[46]، إنه الصوت الذي جاء من بعيد والذي يمثل صدى الثورة على المعمر الفرنسي الغاصب لأرض الوطن، وزينب هي القيمة ورمز الشرف واللغة والدين والوطن والحق والعدل والسلام والكهف ورمز لقيمة الشرف والحرية.
يبدو أن الأسلوب الشاعري الذي يعتمده الكاتب يحيل القارئ إلى الجنس التعبيري المسمى بالشعر، وهو يختفي ويتوارى بين طيات السرد، لكن تتكشف عن ذلك ومضات وإضاءات ضمنها عبد الملك مرتاض على شكل تشبيه ريح الخريف العاصفة المزمجرة، في كل اتجاه بعجوز المتنبي، والخنساء وهي تنوح على ابنها، وهند وهي تنتحب في بدر: “تنتحبك عجوز المتنبي حيث كانت تلطم كالخنساء حين كانت تبكي صخرا، كهند حين كانت تندب حظها العاثر في بدر، ريح تعوي بأصوات منكرة”[47]
هذا المقطع يحيلنا إلى الأبيات الشعرية التي أنشدها امرؤ القيس في معلقته المشهورة:
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ ….. عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي |
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ……. وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ |
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي… بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ |
فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ…….. بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ[48] |
إن هذه العناصر المنتشرة بين ثنايا النص السردي الروائي من شأنها أن تلبس لغة النص رداء التجديد والتجريب شكلا ووظيفة في مقابل رتابة اللغة ووحدة النغمة التي تنحدر بالنص إلى الطابع المألوف والميزة المعيارية، والملاحظ من خلال ما سبق أن الكاتب استحضر في متنه الروائي العديد من النصوص الغائبة مع تغيير كلي أو جزئي، أو في بعض الأحيان دون تغيير، أدى ذلك إلى التأسيس لعلاقة حوارية تقوم على المشابهة أحيانا، وعلى المطابقة أحيانا أخرى، وحضور النصوص الغائبة في متن النص الروائي ألبسه رداء الفنية تارة والجمالية تارة أخرى، ويتجلى ذلك من خلال تعدد الصور وتعدد اللغات كذلك.
خاتمة
يظهر التناص الحواري وجمالياته في الخطاب الروائي عند الأديب والكاتب الجزائري عبد الملك مرتاض في مدى أصالته وسعة اطلاعه وتنوع قراءاته ثم رسوخ قدمه خاصة ما كان متعلقا بالتراث الأدبي الفصيح كالشعر والتراث العربي الفصيح مثلا، ثم بالتراث الإسلامي كالقرآن الكريم الذي اعتمد في تعامله معه بطريقة امتصاص دواله وتشرب معانيها وإعادة بعثها من جديد في خطابه الروائي تارة، إضافة إلى اعتماد تقنية الاقتباس المباشر والاستشهاد بآياته الكريمة تارة أخرى ابتغاء شحن الخطاب الروائي بطاقة لا تُسْتَنْفَذْ وإضفاء هالة من القداسة عليه.
ولعل هذا التناص الحواري الحاصل بين كل من التراث الإسلامي والتراث العربي القديم والنص السردي المرتاضي يؤدي بالقارئ لا محالة إلى الوعي الجيد بحاضره وقراءته لماضيه واستشرافه لمستقبله. علاوة على أنه كان للأدب الفصيح نصيب في رباعية الكاتب حيث جعل من خطابه الروائي فضاء خصبا لاستثمار كل إمكاناته، وعليه جاءت لغة الرباعية لغة راقية تشي بشساعة مورده التراثي وتنوع معجمه اللغوي، محاولا بذلك الارتقاء بكتاباته الروائية والسمو بها وتجاوز التعابير الدارجة واللغة السوقية سوى النزر القليل منها وذلك عند اقتضاء الحال والمقام.
أظهر الكاتب عبد الملك مرتض في رباعيته بتوظيفه للعلاقات التناصية-القرآنية – قدرته المتميزة في استنطاق النص الديني المقتبس وذلك بتفجير طاقاته الكامنة وامتصاصها وإخراجها في شكل تراكيب لغوية، ضمن سياقات سردية وفلسفية وفكرية جديدة، تنسجم مع االأغراض والدوافع التي حفزته إلى هذه التناصات الاقتباسية المباشرة ثم الضمنية.
في كثير من الأحيان يعيد الكاتب عبد الملك مرتاض تشكيل البنية القرآنية المتكاملة بغرض خلق دلالات خاصة، ولكنه يعمل بجدارة وذكاء على تحميلها دلالات تتناغم مع النص القرآني، كما أن الاقتباسات المباشرة تنتشر في كل الروايات الأربع المكونة لرباعية الدم والنار لا لشيء سوى ليؤكد للقارئ المتلقي أنه ملم بالمعجم القرآني وحافظ ودارس لكتاب الله عز وجل.
تعدّ تقنية التناص من أبرز التقنيات الفنية التي اعتمد عليها كتاب و شعراء الأدب العربي الحديث، فأقبلوا عليها بوصفها نوعا من تمازج النصوص وتداخلها ثم تفاعلها فيما بينها حيث يمنح النص ثراء وغنا، ويحمل بين سطوره دلالات وإيحاءات جديدة قد يعجز اللسان المباشر عن تأديتها. والتناص القرآني يتجلى بوضوح في كتابات عبد الملك مرتاض خاصة في الرباعية التي بين أيدينا، وهو ليس بالأمر الهين والسهل، مما يدل على عبقريته الفذة وتوجهه الديني. فقد تضمنت نصوصه السردية حشداً ليس باليسير من المفردات ذات البعد الديني ومصطلحات استخدمها القرآن الكريم. وهذا يجعل من القارئ يتجه إلى القول بأن الكاتب ذو ثقافة دينية واسعة. فقد قام باقتراض دلالات المفردات المتناصة بغرض منح خطابه السردي قيمة فنية ذات تأثير عميق في نفس المتلقي بعد أن يمنحها رؤيته الخاصة.
وعليه يمكن القول بأن رباعية ‘الدم والنار‘ للروائي والمبدع الجزائري عبد الملك مرتاض بالرغم من أنها من بواكير كتاباته، إلا أنها تتسم بالحداثة وتشتمل على خاصية التجريب في الرواية، ولعل ذلك راجع لرسوخ قدم الكاتب في ميداني اللغة والكتابة وكذا ضلوعه في تقنيات الكتابة الروائية الحديثة وإلمامه بأهم النظريات والاتجاهات العلمية في هذا المجال.
– قائمة المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم.
أولا: مصدر الدراسة
- عبد الملك مرتاض، حيزية، دار البصائر للنشر والتوزيع، دط، الجزائر، دت.
- عبد الملك مرتاض، دماء ودموع، دار البصائر للنشر والتوزيع، دط، الجزائر، دت.
- عبد الملك مرتاض، صوت الكهف، دار البصائر للنشر والتوزيع، دط، الجزائر، دت.
- عبد الملك مرتاض، نار ونور، دار البصائر للنشر والتوزيع، دط، الجزائر، دت.
ثانيا: قائمة المراجع
- ابن منظور، لسان العرب، ج15، دار صادر، ط1، بيروت، لبنان، 2003.
- أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، مؤسسة الرسالة، ط2، 1986.
- امرؤ القيس، الديوان، دار المعارف، دط، دت.
- تزيفيتان تزيفيطان تودوروف، ميخائيل باختين، المبدأ الحواري، ترجمة فخري صالح، ط4, رؤية للنشر والتوزيع، 2012.
- جوليا كريستيفا، علم النص، ترجمة فريد الزاهي، دار توبيقال، ط1، الدار بيضاء، 1991.
- حسن محمد حمادة، تداخل النصوص في الرواية العربية ( بحث في نماذج مختارة )، الهيئة المصرية العامة للكتاب، د ط، مصر، 1998.
- حسين العمري، إشكالية التناص، مسرحيات سعد االله ونّوس أنموذجاً، ط 1، دار الكندي للنـشر والتوزيـع، اربد، الأردن، 2007م.
- سعيد علوش، عنف المتخيل الروائي في أعمال أميل حبيبي، مركز الاتحاد القومي، بيروت، لبنان، د ط، د ت.
- عبد السلام محمد الشاذلي، حول قضايا التغريب والتجريب في الأدب العربي المعاصر. دار الحداثة للطباعة و النشر والتوزيع، دط، 1985.
- عصام واصل، التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر – أحمد العوضي أنموذجا- ط1، دار غيداء، عمان، 2011م.
- فيصل دراج، نظرية الرواية والرواية العربية، المركز الثقافي العربي، دط، الدار البيضاء،
- ليون سومفيل، دراسات في نص التناصية، ترجمة: محمد خير البقاعي، مركز الإنماء الحضاري، دط، حلب، سوريا، 1998.تبع
- ميخائيل باختين، الخطاب الروائي، ترجمة محمد برادة، صفحة، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة، ط1، 1987.
- ميخائيل باختين، الكلمة في الرواية، ترجمة يوسف خلاف، منشورات وزارة الثقافة، ط1، 1988.[1]
- نهلة فيصل الأحمد، التفاعل النصي و التناصية (النظرية والمنهج)، مؤسسة اليمامة الصحفية، دط، 2002.
- ثانيا: قائمة المقالات
- عبد الملك مرتاض، “فكرة السرقات الأدبية ونظرية التناص”، مجلة علاقات، الجـزء الأول، المجلـد الأول، ماي 1991.
- محمد الشوابكية، توظيف التناص في متاهة الأعراب في ناطحات السرابـ،، مؤتة للبحوث والدراسات، م 01، ع 02، 1995.
- محمد وهابي، “مفهوم التناص عند جوليا كريستيفا”، مجلة علامات، جدة، ج54- م14، شوال 1425 هـ – ديسمبر 2004.
[1] – حسين العمري، إشكالية التناص، مسرحيات سعد االله ونّوس أنموذجاً، ط 1، دار الكندي للنـشر والتوزيـع، اربد، الأردن، 2007م، ص15.
[2] – أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، مؤسسة الرسالة، ط2، 1986، صفحة: 843.
[3] – ابن منظور، لسان العرب، ج15، دار صادر، بيروت، لبنان، ط1، لبنان، 2003، صفحة: 442.
[4] – تزيفيتان تودوروف، (ميخائيل باختين، المبدأ الحواري)، ترجمة: فخري صالح، ط4، رؤية للنشر والتوزيع، 2012، صفحة: 121.
[5] – ميخائيل باختين، الكلمة في الرواية، ترجمة: يوسف خلاف، منشورات وزارة الثقافة، ط1، 1988، صفحة: 33.
[6] – ليون سومفيل، دراسات في نص والتناصية، ترجمة: محمد خير البقاعي، مركز الإنماء الحضاري، د ط، حلب، 1998، صفحة: 61.
[7] – حسن محمد حمادة، تداخل النصوص في الرواية العربية ( بحث في نماذج مختارة )، الهيئة المصرية العامة للكتاب، د ط، مصر، 1998، صفحة: 24.
[8] – ليون سومفيل، المرجع السابق، صفحة: 59 – 60.
[9] – ينظر: ليون سومفيل، الرجع نفسه، صفحة: 61.
[10] – جوليا كريستيفا، علم النص، ترجمة فريد الزاهي، دار توبيقال، ط1، الدار بيضاء، 1991، صفحة: 21.
[11] – محمد وهابي، “مفهوم التناص عند جوليا كريستيفا”، مجلة علامات، جدة، ج54- م14، شوال 1425 هـ – ديسمبر 2004، صفحة: 292.
[12] – ميخائيل باختين، الخطاب الروائي، ترجمة: محمد برادة، صفحة، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، ط1، القاهرة، ط1، 1987، صفحة: 120.
[13] – ميخائيل باختين، المرجع نفسه، صفحة: 93.
[14] – ميخائيل باختين، المرجع نفسه، صفحة: 94.
[15] – عبد الملك مرتاض، فكرة السرقات الأدبية ونظرية التناص، مجلة علاقات، الجـزء الأول، المجلـد الأول، ماي 1991، ص 87.
[16] – عبد الملك مرتاض، نار ونور، دار البصائر للنشر والتوزيع، د ط، الجزائر، د ت، صفحة: 49.
[17] – عبد الملك مرتاض، المصدر نفسه، صفحة: 125.
[18] – المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
[19] – المصدر نفسه، صفحة: 184.
[20] – المصدر نفسه، صفحة: 192.
[21] – عبد الملك مرتاض، حيزية، دار البصائر للنشر والتوزيع، د ط، الجزائر، د ت، صفحة: 15.
[22] – المصدر نفسه، صفحة: 126.
[23] – المصدر نفسه، صفحة: 129.
[24] – عصام واصل، التناص التراثي في الشعر العربي المعاصر – أحمد العوضي أنموذجا- ط1، دار غيداء، عمان، 2011م، ص 79-78.
[25] – المصدر نفسه، صفحة: 44.
[26] – المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
[27] – المصدر نفسه، صفحة: 59.
[28] – المصدر نفسه، صفحة: 102.
[29] – المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
[30] – المصدر نفسه، صفحة: 129 – 130.
[31] – محمد الشوابكية، توظيف التناص في متاهة الأعراب في ناطحات السرابـ،، مؤتة للبحوث والدراسات، م 01، ع 02، 1995، ص 16.
[32] – نهلة فيصل الأحمد، التفاعل النصي والتناصية(النظرية والمنهج)، مؤسسة اليمامة الصحفية، د ط، 2002، صفحة: 106.
[33] – ميخائيل باختين، الكلمة في الرواية، صفحة: 52، 53.
[34] – فيصل دراج، نظرية الرواية والرواية العربية، المركز الثقافي العربي، دط، الدار البيضاء، 1999، صفحة: 81 – 82.
[35] – ميخائيل باختين، الخطاب الروائي، صفحة: 88 – 89.
[36] – عبد السلام محمد الشاذلي، حول قضايا التغريب والتجريب في الأدب العربي المعاصر. دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، دط، 1985، صفحة: 11 – 12.
[37] – عبد الملك مرتاض، دماء ودموع، دار البصائر للنشر والتوزيع، دط، الجزائر، دت، صفحة: 37.
[38] – عبد الملك مرتاض، حيزية، صفحة: 117.
[39] – عبد الملك مرتاض، صوت الكهف، دار البصائر للنشر والتوزيع، دط، الجزائر، دت، صفحة: 09.
[40] – المصدر نفسه، الصفحة: 15.
[41] – المصدر نفسه، الصفحة: 25.
[42] – ينظر: سعيد علوش، عنف المتخيل الروائي في أعمال أميل حبيبي، مركز الاتحاد القومي، بيروت، لبنان، د ط، د ت، ص 83.
[43] – عبد الملك مرتاض، دماء ودموع، صفحة: 66.
[44] – المصدر نفسه، الصفحة: 287.
[45] – عبد الملك مرتاض، صوت الكهف، صفحة: 05.
[46] – المصدر نفسه، الصفحة: 175.
[47] – عبد الملك مرتاض، حيزية، صفحة: 09.
[48] – امرؤ القيس، الديوان، دار المعارف، د ط، د ت، صفحة: 18 – 19.