التحايل على القانون في القانون الدولي الخاص الفلسطيني “دراسة تحليلية”
Circumventing the law in Palestinian private international law
محمد خالد عوده، محامٍ، وباحث ماجستير قانون خاص، جامعة الأزهر بغزة
Mohammed Khaled Ouda, Lawyer and master’s degree student in Private law Al_ Azhar University Gaza.
مقال نشر في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 45 الصفحة 79.
ملخصإن ضابط الإسناد هو الأداة التي تحدد القانون الواجب التطبيق في نطاق منازعات القانون الدولي الخاص، وإن إرادة الأفراد بالغالب هي التي تعمل على تحديد ضابط الإسناد، فقد يعمد هؤلاء إلى التحايل على القانون لتغيير القانون واجب التطبيق على المنازعة ليوافق مبتغاه. ولذلك استقرت مبادئ القانون الدولي الخاص على الأخذ بالدفع بالتحايل على القانون كمانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي حماية لضوابط الإسناد، وهذا ما تبنته بعض التشريعات صراحةً.
الكلمات المفتاحية: التحايل على القانون، القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، ضابط الإسناد.
Abstract
The Rules of Choice of Law ( règles de rattachement) is the instrument that decides the law applicable to private international law disputes, and it is the will of individuals that determines the Rules of Choice of Law in most situations, since they can circumvent the law to alter the law applicable to the dispute in order to achieve its objective. Therefore, the principles of private international law agreed on the use of the law as a barrier to the application of foreign law in order to maintain the Rules of Choice of Law, and this is what has been expressly implemented by some laws.
key words: Circumventing the law, Private international law, Conflict of laws, The fiducials officer.
مقدمة.
أولًا: موضوع البحث.
مما لا شك فيه أن قاعدة الإسناد هي من أهم موضوعات القانون الدولي الخاص، والتي بدورها تسترشد بضابط اسناد، أو أكثر، وإن هدف المشرع الوطني من وضعها، هو إرشاد القاضي إلى القانون الأجنبي واجب التطبيق على النزاع المشتمل على عنصرٍ أجنبي، بحيث إذا انتهت إلى تطبيق قانونٍ أجنبي، يتعين على القاضي عندها تطبيق أحكامه. ولكن قد يعمد بعض الأطراف إلى تغيير هذا الضابط، وهو بالأصل مشروع، إلا أنه قد يحدث بشكلٍ متعمد واحتيالي للتهرب من أحكام القانون واجب التطبيق الحقيقي، لتحقيق نتائج غير مشروعة، فيُصار لقانون آخر ليحكم النزاع، وهو قانون غير القانون المراد حقيقةً، فقد يكون مثلا إن قانون جنسية الزوج لا يسمح بالطلاق، فيعمد هذا الزوج إلى تغيير جنسيته، فيكتسب جنسية دولة أجنبية تسمح له بالطلاق، فيكون هذا التغيير بُغية التخلص من أحكام القانون الحقيقي ونقل الاختصاص منه إلى قانون آخر يجنبه تطبيق قواعد تضر به، وهذا التغيير يكون كما سبق وأن ذكرنا، بشكل غير بريء وبطريق الاحتيال. وقد درج الفقه على تسمية هذا السلوك غير البريء بـ “التحايل على القانون”. والتحايل أو الغش كقاعدة عامة في كافة فروع القانون الخاص، يُفسد كل شيء، فيؤثر هذا التحايل على ضابط الإسناد الجديد ويفسده، فنجد أن من مصلحة الطرف الآخر في المنازعة التمسك بهذا الدفع ألا وهو “التحايل على القانون” كمانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي، وهو محل دراستنا الراهنة.
ونجد أن القانون المدني الفلسطيني رقم 4 لسنة 2012، قد نظم مسائل تنازع القوانين تحت عنوان “التطبيق المكاني للقانون” في المواد (14-37) منه، إلا أنه لم يتطرق إلى احكام الدفع بالغش نحو القانون في تلك المواد، مثله مثل نظيره المصري واللبناني والسوري..، عدا القانون الدولي الخاص التونسي الذي انفرد من بين التشريعات عربية وأفرد نصًا خاصًا لتكريس الدفع بالتحايل والذي ذكر هذا الدفع بشكل صريح، حيث جاء في نص المادة (30) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسي([1]) بأنه ” يتكون التحايل على القانون بالتغيير المصطنع لأحد عناصر إسناد الوضعية القانونية الواقعية، بنية تجنب تطبيق القانون التونسي أو الأجنبي الذي تعينه قاعدة التنازع المختصة، وإذا توفرت شروط التحايل على القانون، فلا عبرة لتغير عنصر الإسناد”.
وعلى الرغم من ذلك إلا أنه يمكن للقضاء الفلسطيني تطبيق أحكام نظرية التحايل على القانون إستنادًا لقواعد القانون الدولي الخاص، وذلك بموجب نص الإحالة الوارد في المادة (35) من القانون المدني الفلسطيني والتي تنص على أنه “تتبع مبادئ القانون الدولي الخاص في حالات تنازع القوانين فيما لم يرد بشأنها نص في المواد السابقة من هذا الفصل” ويقابلها نص المادة (34) من القانون المدني المصري ([2]). فهذا النص يحيل مسألة التحايل على القانون، إلى مبادئ القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعًا، والتي تتسم بسمات الدقة والوضوح والتخصيص، مما يجعلها هادية لتحديد القانون الواجب تطبيقه. والتي قام الفقه والقضاء بدورهما بإرساء مبادئه وأحكامه.
ثانيًا: أهمية البحث.
لا ريب بأن الهدف الأسمى من سن التشريعات، هو أن يكون الجميع تحت طائلة القانون دون تمييز وفقًا لمبدأ المساواة أمام القانون، وقد بعمد البعض إلى الإلتفاف حول القانون باستخدام الحيل، مما يؤدي إلى زعزعة الثقة من قبل المستهدفين، فكان لا بد للمشرع من أن يحمي نفسه، وأن يتصدى لمحاولات الغش والتحايل، ومن هذه المحاولات التحايل على القانون في نطاق القانون الدولي الخاص، ولتحقيق الاستقرار القانوني للمراكز القانونية، نجد أهمية بحث نظرية الدفع بالتحايل على القانون.
ثالثا: مشكلة البحث.
تتمثل مشكلة البحث في سؤال أساسي يمثل الفكرة العامة للبحث وهو، كيف يكون التحايل على القانون مانعًا من تطبيق القانون الأجنبي؟
ويتفرع عن هذا السؤال المركزي عدة أسئلة فرعية أخرى وهي:
- ما المقصود بالتحايل على القانون؟ وما هو نطاقه؟
- ما هو الأساس الذي يقوم عليه الدفع بالتحايل على القانون؟
- بماذا يتميز الدفع بالتحايل على القانون عن الدفع بالنظام العام؟
- ما هي عناصر الدفع بالتحايل على القانون؟
- ما هي الآثار المترتبة على هذا الدفع؟
خامسًا: منهجية البحث.
لقد اتبع الباحث في هذه الدراسة، منهجية الأسلوب الوصفي التحليلي، الذي يعتمد على تجميع المادة العلمية معتمدا على التحليل والتفصيل.
سادسًا: هيكلية البحث.
سنتناول دراسة الدفع بالتحايل على القانون في مبحثين وخاتمة، لكل مبحث مطلبين، وذلك على النحو التالي:
المبحث الأول: ماهية التحايل على القانون.
المطلب الأول: تعريف نظرية التحايل على القانون وأساسها.
المطلب الثاني: نطاق اعمال نظرية التحايل على القانون وعلاقتها بالنظام العام.
المبحث الثاني: احكام الدفع بالتحايل على القانون.
المطلب الأول: عناصر الدفع بالتحايل على القانون.
المطلب الثاني: آثار الدفع بالتحايل على القانون.
الخاتمة.
المبحث الأول
ماهية التحايل على القانون
تمهيد وتقسيم:
بدايةً ولكي نتمكن من الولوج إلى ماهية نظرية التحايل على القانون لا بد لنا استحضار النشأة التأريخية لهذه النظرية التي ستنير لنا الطريف لمعرفة تفاصيل هذه النظرية.
ففي الأصل؛ إن فكرة تغيير ضابط الإسناد هي فكرة مشروعة، فالأفراد يمكنهم تغيير ضابط الاسناد بتغيير جنسياتهم، أو محل إقامتهم، أو موقع المال المتنازع عليه محل إبرام تصرفاتهم إذا كان مالًا منقولًا ([3]).
وفكرة ” التحايل على القانون كسبب لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي” قد لمعت عام 1876م، عندما عرضت قضية “الأميرة دوبوفرمون” “Princesse de Bauffremont ” على القضاء الفرنسي ([4]). وتتلخص وقائع هذه القضية المشهورة في أن أميرة بلجيكية الأصل تزوجت بالأمير الفرنسي دوبوفرمون و استقرت معه في فرنسا و اكتسبت الجنسية الفرنسية، و على إثر خلاف نشب بينهما حاولت الأميرة الفرنسية بلجيكية الأصل الحصول على الطلاق، وحيث إن القانون الفرنسي آنذاك كان يمنع الطلاق فقد لجأت الأميرة إلى التجنس بجنسية إحدى الدويلات الألمانية التي يجيز قانونها الطلاق، و تمكنت بعد ذلك من الطلاق من زوجها الأول الأمير دوبوفرمون و تزوجت بأمير روماني يدعى “بيبسكو” “Bibesco ” في برلين ومن ثم استقرت معه في فرنسا، وعندها قرر الأمير الفرنسي – زوجها الأول – إقامة دعوى يطالب فيها بإعلان بطلان الزواج الثاني لكون الطلاق لا يعتبر صحيحاً، لأنه تم بعد تغيير الجنسية، وفعلا تم إقامة الدعوى بمراحلها إلى أن وصلت محكمة النقض الفرنسية التي قررت في قرارها الصادر بتاريخ 18/03/1878 عدم الاعتراف بالتطليق الذي تم بالخارج و إعلان بطلان الزواج الثاني على أساس أن الطلاق لم يتم إلا بعد تغيير الزوجة لجنسيتها، و هو ما يشكل غشاً نحو القانون([5]).
وعلى الرغم من توجيه سهام النقد على ما قضت به محكمة النقض الفرنسية، وأنه كان ينبغي عليها إعمال قاعدة الاسناد الجديد، حتى ولو كان للأفراد دورًا في احداثه، إلا أنه لم يحول دون استمرار محكمة النقض الفرنسة بالاعتداد بنظرية التحايل على القانون في مجال العلاقات الدولية ذات الطابع الخاص الأجنبي ([6])، وهذا ما سنتحدث عنه تفصيلًا وسنبين الآراء المؤيدة والمخالفة لهذه النظرية، وسنبين حجة كلٍ منهما، وهذا عند الحديث عن الأساس القانوني للنظرية.
ومن أجل بيان ماهية نظرية التحايل على القانون، لا بد لنا من تعريف نظرية التحايل على القانون وبيان أساسها، وذلك في مطلب أول، ومن ثم معرفة نطاق نظرية التحايل على القانون وعلاقتها بالنظام العام، في مطلب ثاني، وذلك على النحو التالي:
المطلب الأول
تعريف نظرية التحايل على القانون وأساسها
وسندرس هذا المطلب في فرعين، الأول لتعريف النظرية، والثاني لبيان نطاقها، كالتالي:
الفرع الأول
تعريف التحايل على القانون
سبق وأن بينا في مقدمة هذا البحث أن بعض أطراف النزاع المشوب بعنصر أجنبي، له قاعدة اسناد، توجه القاضي نحو تطبيق القانون الأجنبي واجب التطبيق، وأن أطراف هذا النزاع قد يقوم بطريق الحيلة، إلى تغيير هذا الضابط تحقيقًا لمآربه، وهو ما استقر عليه اصطلاح “التحايل على القانون”، وقد أشرنا إلى خلو القانون الدولي الخاص الفلسطيني من تنظيم أحكام التحايل على القانون، إلا أنه وإن كان الأمر كذلك فلا يوجد ما يمنع القضاء الفلسطيني من تطبيق أحكام التحايل على القانون، سيما وأن مبدأ التحايل على القانون أصبح من مبادئ القانون الدولي الخاص المستقرة والتي أوجب القانون المدني الفلسطيني إتباعها في حالات تنازع القوانين فيما لم يرد بشأنها نص عملًا بنص المادة (35) منه.
وإن المشرع الفلسطيني في خطاه هذه قد حذا حذو التشريعات العربية المقارنة، حاشا المشرع التونسي الذي تميز بصياغة على قدر عال من الوضوح والدقة إذ حدد أحكام التحايل على القانون من حيث تبيان شروطه وجزائه ([7])، وقد عرفته المادة (30) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسي بأنه “التغيير المصطنع لأحد عناصر إسناد الوضعية القانونية الواقعية، بنية تجنب تطبيق القانون التونسي أو الأجنبي الذي تعينه قاعدة التنازع المختصة، وإذا توفرت شروط التحايل على القانون، فلا عبرة لتغير عنصر الإسناد”.
وقد اجتهد الفقه في تعريفه فعرفه البعض أنه: “الغش الذي يتخذه الأشخاص الخاضعون لقواعد قانونية آمرة أو ناهية لتجنب هذه القواعد، والوصول إلى تطبيق قواعد قانونية أخرى يتوقف تطبيقها على إرادتهم، مع الانحراف عن معناها الحقيقي”([8]).
وعرفه جانب من الفقه بأنه: “تدبير إرادي لوسائل تؤدي إلى الخلاص من قانون دولة، لتصبح العلاقة من اختصاص قانون دولة أخرى، أكثر تحقيقا للنتائج المتوخاة”([9]).
كما عرفه جانب آخر بأنه: “قيام أحد أطراف العلاقة بتغيير أحد الضوابط التي يتحدد بمقتضاه القانون الواجب التطبيق بشكل متعمد، بقصد التهرب من أحكام القانون الواجب التطبيق أصلا” ([10]).
وتشمل التعريفات السابقة على عدة عناصر لازمة لكي يحقق التحايل آثاره، من وجود وسيلة، مقصودة الهدف، تؤدي إلى نتيجة تغيير القانون واجب التطبيق حقيقةً. فإذا ما توافر حسن النية فلا نكون بصدد الغش المقصود، سيما وأننا قد علمنا أن تغيير ضابط الإسناد هو مشروع من حيث الأصل، كما أنه لا مجال لإعمال نظرية التحايل لآثارها إذا لم تحقق الحيلة الغرض المتوخى منه ألا وهو تغير ضابط الاسناد.
ونحن نميل إلى التعريف الذي أورده المشرع التونسي ونختاره؛ لأن كل التعريفات السابقة تحدثت عن شروط التحايل والهدف الذي يتغياه، ولكن المشرع التونسي أضاف في تعريفه الجزاء المترتب على تحقق التحايل ألا وهو استبعاد عنصر الإسناد الجديد ويبقي على القديم.
ومن الأمثلة على ذلك:
- قيام شخص أمريكي الجنسية يبلغ من العمر 19 عاماً بإبرام عقد في أمريكا مع فلسطيني يقيم في أمريكا، بحيث يرتب العقد آثارًا في فلسطين للتذرع بنقص الأهلية وفقاً للقانون الأمريكي الذي يحدد سن الرشد بسن 21 عامًا مثلا؛ بغية تطبيق نص المادة (15) من القانون المدني الفلسطيني واعتبار العقد مشوب بعيب من عيوب الإرادة بغية التحلل من هذا الالتزام.
- لو فرضنا أن الزواج بين أبناء العم من الدرجة الأولى محظور وفقاً لقانون دولة ما، واللذان يريدان الزواج هما أبناء عم من هذه الدولة فيقومان بعقد الزواج في دولة كفلسطين، وتكون قاعدة الإسناد لدولتهما هي التي تحدد القانون الواجب التطبيق على الزواج على أنها قانون مكان إبرام الزواج مثلاً، فيكون هذا الزواج خاضعاً للقانون الفلسطيني بسبب تغيير الأطراف لظروف تؤدي إلى تغيير ضابط الإسناد.
الفرع الثاني
أساس نظرية الغش نحو القانون
قلنا سابقًا؛ أن الأصل في تغيير ضابط الإسناد هو المشروعية؛ استنادًا لمشروعية الوسيلة في التغيير، وهذا ما حدا بجانبٍ من الفقه إلى إنكار وجود فكرة التحايل على القانون أصلا معللين رأيهم كما سبق وأن قلنا؛ بأن سلوك الشخص في تغيير ضابط الإسناد هو من الحقوق التي يمنحها إياه التشريع، وعليه فكيف يتم ترتيب جزاء على فعل ليس ممنوعًا أصلًا بالقانون؟، فتغيير الجنسية أو الموطن على سبيل المثال هو من حق كل إنسان، وبالتالي فإن إكتساب هذه الجنسية صحيح ومنتج لآثاره حتى لو قصد من وراءه نقل الاختصاص القضائي من قانون دولة إلى قانون دولة أخرى، فضلًا عن ذلك أن أمر بحث القاضي لمسألة الغش أمر ينطوي على صعوبة من الناحية العملية ([11]).
بينما ذهب الرأي الراجح في الفقه، إلى ضرورة ملاحقة الغش أينما وجد، طالما أن الغاية المقصودة هو الإفلات من الخضوع لأحكام القانون واجب التطبيق ([12]). وللقاضي السلطة التقديرية في استخلاص مسألة توافر الاحتيال من عدمه.
وقد اختلف الذين أخذو بفكرة التحايل على القانون في أساسه، فمنهم من أرجعه إلى نظرية الصورية في القانون المدني، ومنهم من أرجعه إلى نظرية التعسف في استخدام الحق، ورأى البعض إرجاعه إلى النظام العام، ومنهم من ربطه بنظرية الغش بوجه عام، وسنحاول بحث هذه الاتجاهات تباعًا:
الاتجاه الأول: تأسيس نظرية التحايل على القانون على نظرية الصورية.
لقد حاول أصحاب هذا الاتجاه، تأسيس نظرية التحايل على القانون على أساس الصورية المعروفة في الفقه والتقنين المدني، إلا أن هذا الاتجاه تعرض لنقد لاذع، فالفرق بين النظريتين واضح: فالصورية تفترض وجود عقد ظاهر غير حقيقي وعقد مستتر، فإرادة الطرفين الظاهرة غير مطابقة لإرادتهما المستترة الحقيقية، بينما الدفع بالتحايل على القانون يقوم الطرف الغاش بتصرف ظاهر حقيقي، ولكن بغرض غير مشروع، أي أن الإرادة الظاهرة إرادة حقيقية لا تستر إرادة أخرى([13]).
الاتجاه الثاني: تأسيس نظرية التحايل على القانون إلى نظرية التعسف في استعمال الحق.
ذهب جانب من الفقه إلى القول بأن نظرية الغش لا تعدو أن تكون صورة من صور النظرية العامة في التعسف في استعمال الحق ([14]). ذلك أن الأفراد الذين يريدون الالتجاء إلى إحدى قواعد القانون الدولي الخاص دون أي غرض سوى الإستفادة من تشريع أجنبي يخرجون الحق المخول لهم عن غرضه، بمعنى يسيئون استعماله لأن سوء إستعمال الحقوق او التعسف في استعمالها يحصل إذا استعمل الحق بشكل غير طبيعي بان صرف عن الغرض الاجتماعي الذي وضع من اجله.
وقد رُفض هذا الاتجاه من قبل فريق آخر، ذلك أن اعمال المبادئ العامة في التعسف في استعمال الحق قد يؤدي بالقاضي إلى الحكم بالتعويض للخصم المضرور من جراء التعسف على أساس المسؤولية التقصيرية، في حين أن نظرية التحايل على القانون تهدف أساسًا، إلى استبعاد أحكام القانون المختص بناءً على ضابط الإسناد المفتعل وتطبيق القانون الذي كان مختصا بحكم النزاع أصلا والذي سعى الخصم إلى التهرب من أحكامه بتغيير ضابط الإسناد([15])، كما أن من يتعسف في استعمال حقه يتعسف في استعمال مصلحة فردية، بينما الغاش نحو القانون يسيء إلى مصلحة عامة يمثلها القانون([16]). وأراد البعض إرجاعها إلى المسئولية التقصيرية، والتعسف في استعمال الحق هو صورة من صور المسئولية التقصيرية، وأراد البعض إلحاقها بإساءة استعمال السلطة والواقع أن إساءة استعمال السلطة تقوم في القانون الإداري مقام نظرية التعسف في استعمال الحق في القانون المدني ([17]).
الاتجاه الثالث: تأسيس نظرية التحايل على القانون بفكرة النظام العام.
ويذهب جانب آخر من الفقه (ومنهم بارتان) إلى أن الدفع بالتحايل ليس سوى تطبيق من تطبيقات النظام العام، إذ يرى بارتان أنه ليس هناك نظرية قائمة على حده بشأن التحايل على القانون، بل إن المبدأ الخاص بذلك هو تطبيق للنظرية العامة المتعلقة بالنظام العام، وإن بين البلاد التي تسمح بحصول التحايل والبلد الذي يؤدي التحايل إلى عدم تطبيق تشريعه عدم اتحاد قانوني، بينما فكرة الإشتراك القانوني تعني وجود اشتراك حقيقي في الخلفية الاجتماعية والتاريخية بين النظام القانوني في دولة القاضي والقانون الأجنبي ([18]).
وعلى الرغم من ذلك إلا أن فكرة النظام العام تختلف اختلافا أساسيا عن فكرة التحايل على القانون، فاستبعاد القانون الأجنبي باسم النظام العام يقوم على تعارض مضمون هذا القانون مع الأسس الجوهرية في دولة القاضي، أما استبعاد القانون الأجنبي بناء على الدفع بالغش فهو يرجع إلى عنصر النية في استعمال قاعدة الإسناد ([19]).
علاوة على ذلك فإن أهم ما يفترق به الدفع بالتحايل أو الغش نحو القانون عن الدفع بالنظام العام، هو مجال إعمال كل منهما. ذلك أن مجال إعمال الدفع بالنظام العام هو مرحلة إنشاء العلاقة أو المركز القانوني في دولة القاضي، أما بالنسبة للمراكز القانونية التي تم إنشاؤها في الخارج، فإن أثر النظام العام يكون مخففا أو منعدمًا، بمعنى أن القاضي الوطني قد يعترف بعلاقة أو مركز قانوني نشأ في الخارج بالرغم من أنه لم يكن يسمح بنشوئه في دولته، أما الدفع بالتحايل فإن مجال إعماله عادة يكون، في مرحلة الاحتجاج بالمركز القانوني الذي تم نشوئه في الخارج ([20]).
الاتجاه الرابع: تأسيس نظرية التحايل على القانون بنظرية الغش بنحو عام.
يذهب جانب من الفقه الحديث إلى الاعتراف بالكيان المستقل لنظرية التحايل على القانون، ذلك أن الدفع بالتحايل لا يقف عند حد الإطار الضيق لنظرية التعسف في استعمال الحق وهو لا يرتبط من جهة أخرى بفكرة النظام العام، وإنما هو تطبيق لمبدأ عام، وهو أن الغش يفسد كل شيء.
ويرى أستاذنا الدكتور سالم الدحدوح ترجيح هذا التأسيس؛ لاتفاقه مع المنطق والقانون وأحكام الشريعة الإسلامية، باعتباره أن النية مناط العمل والتكليف، مصداقًا؛ لحديث النبي محمد صل الله عليه وسلم “إنما الأعمال بالنيات، ولكل إمرئ ما نوى” ولقوله صل الله عليه وسلم “من غشنا فليس منا”([21]).
ونحن بدورنا نؤيد هذا الرأي وندعمه؛ ذلك أن الغش أو التحايل على القانون يقوم على فكرة أساسية وضميرية في الوقت ذاته، وهي أن يقوم أحد أطراف العلاقة التي يشوبها عنصر أجنبي بارتكاب فعل مادي بنية التحايل على قاعدة الإسناد الوطنية، ويكون هذا الفعل مشروعاً في أغلب الأحوال المتصورة، حيث لا يشكل الفعل المادي وحده مخالفةً للقانون، ما لم يقترن هذا الفعل بنية الاحتيال والتضليل، فيكون _ وبحق _ أن الغش يفسد كل شيء جزاءً وفاقًا.
المطلب الثاني
نطاق نظرية التحايل القانون
انقسمت الآراء في تحديد نطاق نظرية التحايل على القانون إلى جانبين، جانب يرى أن نطاقها هو حماية القانون الوطن، بينما يرى الفريق الآخر امتداد نطاقها لحماية القانون واجب التطبيق أجنبي كان أم وطني، وسنبين هذه الآراء في فرعين كالتالي:
الفرع الأول
حماية القانون الوطني
اتجهت احكام القضاء الفرنسي في البداية الى تطبيق نظرية الغش نحو القانون على الاحوال التي يتهرب فيها الشخص من أحكام القانون الفرنسي، وقد أيد جانبٌ من الفقه الفرنسي هذا الاتجاه، ذلك أنهم وجدوا أن التهرب من الأحكام الآمرة في قانون القاضي هو الذي يمس المصالح العامة في دولة القاضي ومن ثم يبرر أعمال نظرية التحايل ([22]).
الفرع الثاني
حماية القانون المختص وطنيًا كان أم اجنبيًا
ويرى جانب من الفقه الحديث أن الدفع بالتحايل على القانون يستند إلى اعتبارات خلقية يستوي في نشأتها أن يكون التحايل قد قصد به التهرب من أحكام قانون القاضي أو التهرب من أحكام قانون أجنبي، ذلك أن التحايل على أحكام القانون الأجنبي لا يعدو أن يكون غشا في القانون الوطني نفسه (قانون القاضي)، إذ أن مؤدى الغش هو الإفلات من أحكام القانون المختص وفقا لقاعدة الإسناد الوطنية، وقد يكون هذا القانون هو قانون القاضي أو قانون أجنبي، كما أن أساس نظرية الغش نحو القانون يكمن في نظرهم في ضرورة مطاردة الغش أيا كانت الغاية منه ([23]).
وتأسيسًا على فكرة اعتبار أن الغش هو الغش في جميع حالاته؛ فإن إعمال الدفع بالغش، لا يقتصر على مسائل الأحوال الشخصية بل يمتد إلى المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية، وتمتد إلى كافة التصرفات القانونية ([24]).
المبحث الثاني
أحكام الدفع بالتحايل على القانون
وبعد أن فرغنا في المبحث الأول المتعلق بماهية نظرية التحايل على القانون، من خلال بيان تعريف هذه النظرية، والأساس الذي تقوم عليه، ونطاق إعمالها، فإننا بهذا المبحث سنسلط الضوء على أحكام الدفع بالتحايل على القانون، من خلال بيان عناصره التي لا بد أن تتوافر لكي يجد هذا الدفع صداه، كما ونوضح أثر هذا الدفع وما يرتبه من جزاء، وذلك في مطلبين على النحو التالي:
المطلب الأول: عناصر الدفع بالتحايل على القانون.
المطلب الثاني: آثار الدفع بالتحايل على القانون.
المطلب الأول
عناصر الدفع بالتحايل على القانون
سبق لنا وأن بينا، أن التحايل على القانون هو التحايل الذي يقع من أحد الأطراف في علاقة مشوبة بعنصر أجنبي اتجاه ضابط الإسناد بتغيير ظرف الإسناد بنية التهرب من تطبيق أحكام قاعدة الإسناد الوطنية. وعليه، يتبين أن للدفع بالتحايل على القانون شرطان الأول قيام أطراف العلاقة بتغيير ظرف الإسناد، وهذا هو العنصر المادي الذي، وثانيهما توافر نيّة التهرّب من تطبيق أحكام قاعدة الإسناد الوطنية وهذا هو العنصر المعنوي، وسنقوم ببيانهما من خلال فرعين:
الفرع الأول
العنصر المادي للدفع بالتحايل على القانون
يجمع الفقه ([25]) على ضرورة تحقق العنصر المادي للتحايل وذلك بإجراء تغيير إرادي فعلي وحقيقي في ضابط الإسناد، إرادي بمعنى أن يكون تغيير الضابط بإرادة الشخص وليس مفروضاً عليه كأن يتم تغيير الجنسية ليس بإرادة الفرد وإنما نتيجة ضم اقليم الدولة لسيادة دولة أخرى، فذلك لا يعتبر غشاً نحو القانون([26]).
كما لا بد في التغيير أيضا؛ أن يكون حقيقيًا، بمعنى أن تغيير ضابط الإسناد يجب أن يؤدي إلى انتقال الاختصاص التشريعي، فإذا ما تم تغييره بشكل صوري فإنه لا يجوز التمسك به، بل يجب أن يكون التغيير حقيقياً ([27]).
ويشترط أيضاً أن يكون التغيير مشروعاً، إذ لو كانت الطريقة المستخدمة في التغير غير مشروعة، فإذا ما أقدم شخص على تغيير جنسيته بالتزوير للتهرب من تطبيق القانون الواجب التطبيق بموجب قاعدة الإسناد، فإن ذلك يكون سبباً كافياً للقاضي لعدم تطبيق القانون الجديد، من غير حاجة لإثبات الغش نحو القانون.
كما لا بد أن يكون هذا التغيير ممكنًا في حد ذاته، وبذلك لا يتكون التحايل إذا كان عنصر الإسناد ثابتًا لا يقبل التغيير مثلما هو الأمر في العقارات ([28]).
ويسمى هذا العنصر بالعنصر المادي لسببين ([29]): أولهما انه يقوم على إجراء مادي ظاهر من قبل أحد الأطراف، وهو تغيير ضابط الاسناد، والثاني: أنه مقابل للعنصر المعنوي الذي يمثل الشرط الثاني وهو الهروب من القانون المختص.
وقد جسد القضاء التونسي الركن المادي للتحايل في إحدى أقضيته بأن اعتبر سفر الشخص من تونس التي يحظر قانونها تعدد الزوجات، إلى مصر التي يبيح قانونها ذلك بمثابة تحايل على القانون، فقد تمثل العنصر المادي للتحايل في تسليط فعل مادي على عنصر الإسناد الواقعي وهو مكان إبرام الزواج وذلك بنقله من دولة إلى أخرى أي من تونس إلى مصر، ويتسلط التحايل على قاعدة الإسناد التي تخضع الشروط الشكلية للزواج إلى قانون مكان إبرامه، ففي تونس لا ينعقد الزواج إلا بعد إدلاء الزوج بشهادة تثبت أنه في حل من كل رابطة زوجية أخرى إذا كان من بلد يسمح بتعدد الزوجات، فالسفر من تونس لبلد أخرى لا تشترط ذلك لإيجاد عنصر إسناد جديد ما هو إلا تحايل على قواعد الاسناد([30]).
وثار التساؤل حول ما إذا كان تغيير الدين أو الطائفة الدينية هو بحد ذاته ركن او شرط مادي للتحايل على القانون:
الحقيقة أنه في بعض الدول العربية والإسلامية التي تتعدد فيها الطوائف، مثل سوريا ولبنان ومصر تلعب الديانة دورًا كبيرًا في تحديد الشريعة الطائفية الواجبة التطبيق خاصة في مسائل الأحوال الشخصية، فالديانة أو الطائفة في مسائل التنازع الشخصي الداخلي تلعب تقريبًا نفس الدور الذي تلعبه الجنسية في نطاق التنازع الدولي للقوانين، ومن ثم فإن تغيير الطائفة بهدف الاستفادة من الشرائع السائدة في الطائفة الجديدة بصورة مزيفة وأنانية، لا يجب أن يكون بمنأى عن الدفع بالتحايل عن الدفع بالتحايل على القانون الطائفي([31])، وبهذا قضت محكمة التمييز العراقية، حيث اعتبرت أن اعتناق المميز للدين الإسلامي بعد وقت يسير من استحصال مطلقته المسيحية على حكم بالنفقة، لا يخلو أن يكون بقصد التهرب من النفقة ([32]).
أما قضاء محكمة النقض المصرية فقد استقر على أن تغيير الديانة إلى الإسلام لا يعتبر بأي حال من الأحوال صورة من صور الغش؛ لأن بحث القاضي للبواعث والنوايا من وراء الدخول في الإسلام فيه مخالفة صارخة لقطعيات الدين الإسلامي الحنيف التي لا تجيز بث الشك في إسلام أحد، فالعبرة بالإسلام بالظاهر وتترك إلى الله السرائر، ولا ريب أن قطعيات الشريعة الإسلامية هي من دعائم النظام العام التي لا يجوز مخالفتها ([33]).
الفرع الثاني
العنصر المعنوي للتحايل على القانون
يبقى الأصل في تغيير ضابط الإسناد المشروعية، إلى أن يشوب التحايل قصد السالك إلى تغيير هذا الضابط، فيقع هذا التغيير في تخوم عدم النفاذ، اعتدادًا بقاعدة “الغش يفسد كل شيء”، فيشترط هنا لأعمال الدفع بالتحايل على القانون اتجاه نية الأفراد إلى تجنب القانون المختص أصلا بحكم العلاقة، ذلك أن فكرة الغش نحو القانون لا تتحقق إلا إذا كانت نية الأفراد قد انصرفت إلى تحقيق هدف لم يكن في الإمكان الوصول إليه وفقا للقانون واجب التطبيق أصلا.
وقد كرست المادة (30) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسي هذا الشرط من خلال تأكيده أن يكون تغيير عنصر الإسناد “مصطنعًا” بنية “تجنب” تطبيق القانون الذي تعينه قاعدة التنازع، فيجب على القاضي التأكد من توفر نية التهرب من نظام قانوني معين لأنه لا يحقق الغاية التي يرمي إليها المتحايل مما يجعله يبحث عن اللجوء إلى نظام قانوني آخر أكثر لينا ويسمح له بالوصول إلى ما يصبو إليه ([34]).
وتعتبر مسألة النية من الأمور الباطنية، والتي يصعب على القاضي الكشف عنها الأمر الذي حدا بالبعض أن يتردد في التسليم بفكرة التحايل أو الغش ([35])، إلا أنه قد ثبت يقينا أنه بالإمكان الكشف عن الباعث في كثير من الأحيان، وخير دليل على ذلك قضية الأميرة “بوفرمون” ([36]).
ولقاضي الموضوع السلطة التقديرية في سبيل بحث التحايل أو حسن النية في تغيير الضابط، ولها في ذلك استخلاصه من خلال ملابسات وواقعات النزاع المطروح أمامه، ففي قضية زواج المصري بزوجة ثانية تونسية في خارج تونس التي تحظر التعدد مثلًا لا يكون في حد ذاته مؤشرًا على وجود التحايل، وإنما يمكن اثباته من ملابسات ووقائع الدعوى التي تقطع أن غاية إبرامه في الخارج هي الزواج بثانية تونسية تقيم بتونس ([37])، وتفلت مسألة التقدير بالتالي من رقابة محكمة القانون ([38])، ويرى البعض أن مسألة الأثر المترتب على وجود هذه النية كما استخلصها قاضي الموضوع، أي من حيثُ عدّ ذلك بمثابة تحايل، تخضع لرقابة محكمة القانون ([39]).
ومن القرائن التي يمكن أن تشير إلى تحقق نية التحايل التقارب الزمني بين الإجراء المادي _أي تغيير ضابط_، وبين القيام بالتصرف المراد إخضاعه للقانون الجديد، ومثالها أن يتجنس شخص بجنسية جديدة ويقوم فور تجنسه بالحصول على التطليق الذي لم يكن قانون جنسيته الأولى يسمح به، مما يفهم منه أن تغيير الجنسية ما كان إلا للوصول إلى الطلاق. ففي قضية الأميرة “دي بوفرمون” كان من السهل استظهار نية التحايل، فقد تتابعت الأحداث بصورة تكشف عن حقيقة نواياها، فبمجرد إكتسابها الجنسية الألمانية سارعت بالحصول على الطلاق من القضاء الألماني، ثم تزوجت بآخر وهي أمور تكشف عن مقصدها من تغيير جنسيتها وذلك بالتهرب من أحكام القانون المختص أصلا بحكم العلاقة.
وهذا ما أقره حكم محكمة التمييز العراقية الذي سبق الإشارة إليه، حيث اعتبر أن اعتناق المميز للدين الإسلامي بعد وقت يسير من استحصال مطلقته المسيحية على حكم بالنفقة، لا يخلو أن يكون بقصد التهرب من النفقة ([40]).
المطلب الثاني
آثار الدفع بالتحايل على القانون
وجدنا أن التحايل على القانون يتحقق بتغيير أحد أطراف العلاقة إرادياً لضابط الإسناد بقصد التحايل على ضابط الإسناد في القواعد الوطنية وهذا التغيير قد يتم إما عن طريق إتيان واقعة مادية كتغيير مكان إبرام العقد، أو بإتيان عمل قانوني من شأنه أن يؤثر في تغيير ضابط الإسناد كتغيير الجنسية مثلاً. ويثور التساؤل هنا حول أثر تطبيق نظرية التحايل على القانون فيما إذا كان يتناول النتيجة التي ابتغاها المتحايل على القانون، والمتمثلة بقصده التهرب من أحكام قاعدة الإسناد الوطنية، أو فيما إذا كان يتناول النتيجة والسبب فيتدخل في الوسيلة التي غيرت ضابط الإسناد بإبطال الجنسية التي اتخذها المتحايل بنية التحايل على ضابط الإسناد في قاعدة الإسناد الوطنية مثلًا،و سنتناول في هذا المطلب الأثر السلبي للتحايل على القانون الذي يقضي باستبعاد تطبيق القانون الأجنبي حيث سيناقش هذا الأثر مسألة فيما إذا كان استبعاد تطبيق القانون الأجنبي يقتصر على النتيجة فقط أو يتسع ليشمل السبب أيضا وذلك في الفرع الأول، ومن ثم سنتناول الأثر الإيجابي بتطبيق القانون الذي قصد المتحايل التهرب من أحكامه في الفرع الثاني.
الفرع الأول
الأثر السلبي للتحايل على القانون
ويقصد به استبعاد القانون الذي تم التحايل لصالحه، فوفقاً لهذا الأثر يتم استبعاد القانون الذي تم الغش بقصد تطبيقه، واللجوء لتطبيق القانون الذي تحدده قاعدة الإسناد فيما لو لم يتم التحايل عليها.
وقد اختلف الفقهاء فيما يتعلق بهذا الأثر إلى فريقين:
وقبل الخوض في بيان آراء الفقهاء في أثر التحايل على القانون، نوضح بأن أثر الغش لا يمكن أن يكون هو البطلان؛ لأنه لا يمكن لأي دولة أن تقرر ما إذا كان التصرف صحيحًا أو غير صحيح في الدولة التي تم إجراؤه فيها، وغاية ما تملك الدولة أن تعتبره غير نافذ في اقليمها ([41]). وهذا ما نراه مقصودا في المادة (30) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسية والتي عبرت عن أثر الغش بلفظ “.. فلا عبرة لتغير عنصر الإسناد”، وذلك عند تحقق التحايل.
أولًا: من يرى بأن هذا الاستبعاد يشمل النتيجة وهي “تطبيق القانون الأجنبي” فقط دون الوسيلة وهي “الأفعال التي أدت الى تغيير ضابط الاسناد”، ذلك أن الوسيلة في الأصل مشروعة ما دامت من حق الشخص وغير مخالفة للنظام العام أو الآداب، وبما أن دولة أخرى قررتها فيعترف فيها دون ترتيب نتيجة نقل الاختصاص إلى قانون آخر، وهذا هو التوجه الغالب في الفقه ([42])، والظاهر عند البعض أن محكمة النقض الفرنسية قد اعتدت بهذا الرأي ضمنًا، فقد اقتصر حكمها في قضية “بوفرمون” على بطلان التطليق فقط دون الحكم ببطلان جنسيتها الألمانية ([43]). ويوجه الانتقاد إلى هذا الرأي باعتبار أنه سينشئ مراكز قانونية متناقضة، فالغاش يبقى خاضعًا للقانون الذي تهرب من أحكامه بالنسبة للنتائج التي أراد تحقيقها بتغييره لضابط الاسناد ([44]).
ثانيًا: من يرى أن استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي تم التوصل إليه بالتحايل على ضابط الإسناد يشمل النتيجة والوسيلة معاً، حيث يرى هذا الفريق أن جزاء الغش يشمل الغاية و الوسيلة([45])، ففي قضية “بوفرمون” مثلاً يجب ألا يقتصر أثر الغش على عدم نفاذ الطلاق و الزواج الثاني الذي أبرمته وفقاً لقانون جنسيتها الجديدة، وإنما يجب أن يمتد أيضا إلى الوسيلة التي استعملتها وهي تجنسها بالجنسية الألمانية، فتبقى بذلك فرنسية ليس فقط بالنسبة لتنازع القوانين وإنما أيضا بالنسبة لجميع المجالات الأخرى، فإذا تم التحايل على ضابط الإسناد من خلال تغيير الجنسية مثلا وحتى لو كان هذا التغيير مشروعاً من حيث الأصل إلا أنه يحكم ببطلانه؛ لأن القصد من وراءه غير مشروع وهو التحايل على القانون فلا يعترف القانون وفقا لهذا الرأي بالجنسية الجديدة.
والانتقاد الذي يوجه إلى هذا الرأي، أن الحكم في صحة هذه الوسيلة من عدمها هو للقانون الذي رتب هذا المركز القانوني وليس لقانون القاضي.
ويرى الباحث أن الأثر السلبي للدفع بالغش نحو القانون يقتصر على استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي أراد المتحايل أن يلجأ إلى تطبيق أحكامه كنتيجة لغشه نحو ضابط الإسناد في قاعدة الإسناد الوطنية، دون أن يتناول السبب الذي أتاه المتحايل غاشاً في قواعد القانون الدولي الخاص، ذلك أن السبب في حد ذاته مشروع ابتداءً، ومن ثم فإنه وفي الحالات المتصورة قانوناً وفي تغيير الجنسية كمثال ليس للقاضي من سلطة في اعتبار الجنسية التي يتمتع بها الغاش نحو القانون بنية تغيير ضابط الإسناد باطلة أو غير قانونية، إذ أن السلطة في ترتيب هذا المركز القانوني تعود لقانون آخر غير قانون القاضي، وهو الذي يقرر الأوضاع التي تمنح بموجبها الجنسية أو المراكز القانونية، وهو أيضا الذي يحدد كيفية بطلانها أو سحبها، وليس قاضي الموضوع الذي ينظر النزاع.
الفرع الثاني
الأثر الايجابي للتحايل على القانون
يترتب على الأثر السلبي للدفع بالتحايل على القانون، استبعاد القانون الذي تم التحايل لصالحه فيحدث فراغ قانوني مؤقت، فيأتي دور الأثر الإيجابي بتطبيق القانون الأصلي الذي تم التحايل ضده، ووجود هذا الأثر مترتب على وجود الأثر السلبي، بل هو من مستلزمات وجوده، فلو وجد الأثر السلبي دون الإيجابي لقررت محكمة الموضوع بعد ثبوت واقعة الغش نحو القانون استبعاد تطبيق القانون الأجنبي وفقا للأثر السلبي ومن ثم توقفت دون معرفة أو تحديد القانون واجب التطبيق، لذلك كان لزاماً أن يتقرر تطبيق القانون المتحايل عليه لكي يوجد قانون يحكم المسألة، وإلا لأصبحت الفكرة من أساسها مستحيلة التطبيق([46]). وهذا ما كان في قضية “بوفرمون” فالمحكمة في حينه قد استبعدت القانون الألماني الذي يجيز التطليق، وأحلت محله القانون الأصلي واجب التطبيق حقيقةً وهو القانون الفرنسي.
إذن فللغش نحو القانون أثر سلبي ينطوي على استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي قصد المتحايل تطبيقه بالغش نحو القانون، وأثر إيجابي يتمثل بتطبيق القانون الأصلي الذي نصت عليه قاعدة الإسناد في الوقت ذاته، وأن الأثر الإيجابي ما هو إلا نتيجة مترتبة على الأثر السلبي للغش نحو القانون.
الخاتمة:
من خلال هذه الدراسة المتواضعة يتبين أن من دور القضاء أن يقف سدًا منيعًا أمام قيام الأطراف بالتحايل على ضابط الإسناد، وان الوسيلة إلى ذلك هو الدفع بالتحايل على القانون، فهو مانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي، وضرورة قانونية مُلِحة، وأمرٌ لازمٌ لاستقرار المراكز القانونية من الاحتيال والتلاعب، وحماية لضوابط الإسناد الحقيقية مرعية النفاذ، وخلصنا في هذه الدراسة الى عدة نتائج وتوصيات كالتالي:
أولًا: النتائج.
- لم يعالج المشرع الفلسطيني مسألة التحايل على القانون، وعلى غرار كافة التشريعات العربية عدا المشرع التونسي، في حين نص في المادة (35) من القانون المدني الفلسطيني على اتباع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لم يرد عليه نص في القانون، وهذا على الرغم من أنه ترك المجال مفتوحاً لاتباع مبادئ القانون الدولي الخاص في هذا الخصوص. إلا أنه يترك مسألة واقعية تعاني فراغًا تشريعيًا من ناحية، وتخلق إشكالا في إعطاء المحكمة حرية في اختيار مبدأ من مبادئ القانون الدولي الخاص دون تحديد من ناحيةٍ أخرى. مما يخلق إشكاليات عديدة خصوصاً وأن القانون الدولي الخاص من موضوعات القانون الجدلية.
- إن احتمالية حدوث التحايل على القانون هي إحتمالية ضئيلة، إلا أنها محققة الحدوث ولا يوجد ما يمنع حدوثها في واقعنا الفلسطيني، بل إنها في العديد من البلدان أصبحت واقعًا لا فكاك منه.
- إن لنظرية التحايل على القانون كيان مستقل، ذلك أن الدفع بالتحايل لا يقف عند حد الإطار الضيق لنظرية التعسف في استعمال الحق وهو لا يرتبط من جهة أخرى بفكرة النظام العام، وإنما هو تطبيق لمبدأ عام، وهو أن الغش يفسد كل شيء، وهذا ما يتفق مع المنطق والقانون وأحكام الشريعة الإسلامية، باعتبار أن النية مناط العمل والتكليف.
- إن الدفع بالتحايل على القانون يرمي لحماية القانون واجب التطبيق أجنبيًا كان أم وطنيًا، لا يقتصر على مسائل الأحوال الشخصية بل يمتد إلى المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية، وتمتد إلى كافة التصرفات القانونية، وهو كذلك لا يقتصر على مسائل الأحوال الشخصية بل يمتد إلى المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية، وتمتد إلى كافة التصرفات القانونية.
- لا بد من توافر نية التحايل على قاعدة الإسناد، حتى تأتي نظرية الدفع بالتحايل على القانون أُكُلها، ذلك أن الأصل مشروعية تغيير ضابط الإسناد.
- إن أثر التحايل هو اعتبار نتيجة التحايل غير نافذة في إقليم الدولة، ولا يمكن أن يكون هو البطلان؛ لأنه لا يمكن لأي دولة أن تقرر ما إذا كان التصرف صحيحًا أو غير صحيح في الدولة التي تم إجراؤه فيها.
- الهدف من إعمال نظرية الدفع بالتحايل على القانون، تطبيق القانون الأصلي الذي نصت عليه قاعدة الإسناد.
ثانيًا: التوصيات.
- يوصي الباحث بضرورة عقد مؤتمرات علمية متخصصة في مجال القانون الدولي الخاص بغية الزيادة من الوعي القانوني لدى القضاة، وإيفادهم بدورات تدريبية متخصصة والاستعانة بالسوابق القضائية المقارنة؛ كون أن هذه المسائل تعتبر من النوازل القانونية محتملة التحقق في واقعنا الفلسطيني.
- يرى الباحث بضرورة معالجة نظرية الدفع بالتحايل على القانون، وذلك من خلال النص صراحة عليها في التشريع الفلسطيني أسوة بالمشرع التونسي؛ كي لا يكون إعمال هذه النظرية من عدمه خاضعًا للاجتهاد لدى القضاء.
قائمة المصادر والمراجع:
أولا: الكتب باللغة العربية.
- إطوبان، عزيز، القانون الدولي الخاص القسم الثاني تنازع القوانين، (بدون دار ومكان نشر)، 2017.
- البستاني، سعيد، القانون الدولي الخاص، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، لبنان، 2004.
- بلقاسم، اعراب، القانون الدولي الخاص الجزائري تنازع القوانين، دار هومة، الجزائر، طبعة 2002.
- حداد، حفيظة ، الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب الأول، المبادئ العامة في تنازع القوانين، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،2005.
- خربوط، مجد الدين، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، حلب، 2008.
- الدحدوح، سالم، الوجيز في تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في ظل التشريعات المطبقة في فلسطين (دراسة تحليلية مقارنة)، الطبعة الثانية، غزة، 2017.
- الديب، فؤاد، القانون الدولي الخاص 2، منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2018.
- زمزم، عبد المنعم، الوسيط في القانون الدولي الخاص، دار الثقافة العربية، (بدون مكان نشر)، 2015م.
- سليمان، علي، مذكرات في القانون الدولي الخاص، الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، (بدون سنة نشر).
- الشاذلي لطفي، والغزواني مالك، مجلة القانون الدولي الخاص عربية – فرنسية – إنقليزية معلق عليها، (بدون رقم طبعة ودار نشر)، تونس، 2008.
- صادق، هشام، دروس في القانون الدولي الخاص، ط.1، الدار الجامعية للطباعة والنشر، لبنان، (بدون سنة نشر).
- العبودي، عباس، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية دراسة مقارنة طبقًا لأحكام القانون الدولي الخاص المقارن واحكام القانون العراقي، مكتبة السنهوري، (بدون مدينة وسنة نشر).
- غصوب، عبده دروس في القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2008.
- الهداوي، حسن، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني دراسة مقارنة، مكتبة دار الثقافة، عمان، (بدون سنة نشر).
ثالثًا: الكتب الأجنبية.
Pierre MYAER, op. cit., Nْ269, P279.
Réné SAVATIER, cours de droit International privé, paris.
– Vor aussi: Pierre MAYER, droit international privé, 5ème, édition, éditions, Montchrestien, E.J.A, paris, France, 1994.
رابعًا: التشريعات.
- تونس، مجلة القانون الدولي الخاص الصادرة بموجب قانون عدد 97 لسنة 1998 ،27 نوفمبر 1998م.
- مصر، القانون المدني رقم 131 لسنة 1948م،16 يوليو 1948م.
- فلسطين، غزة، القانون المدني رقم 4 لسنة 2012م،26/07/2012م.
خامسًا: القرارات القضائية.
- قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز العراقية في القضية رقم 1951 اضبارة رقم 7، جلسة 31/12/1951م، حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني دراسة مقارنة، مكتبة دار الثقافة، عمان،(بدون سنة نشر).
- الطعن المصري رقم 28 لسنة 33 قضائية، جلسة 19/1/1966م، (غير منشور).
- الطعن المصري رقم 37 لسنة 32 قضائية، جلسة18/10/1966م، (غير منشور).
- حكم جناحي عدد 9672، المحكمة الابتدائية بسوسة، جلسة 24 نوفمبر 2001، الشاذلي لطفي والغزواني مالك، مجلة القانون الدولي الخاص عربية – فرنسية – إنقليزية معلق عليها، (بدون رقم طبعة ودار نشر)، تونس، 2008.ذ
([1]) الصادرة بموجب قانون عدد 97 لسنة 1998، مؤرخ في 27 نوفمبر 1998.
([2]) وهو القانون رقم 131 لسنة 1948م، 16 يوليو 1948م.
([3]) ينظر في هذا المعنى الدحدوح، سالم، الوجيز في تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية في ظل التشريعات المطبقة في فلسطين (دراسة تحليلية مقارنة) ، الطبعة الثانية، غزة، 2017، ص104.
([4]) بلقاسم، إعراب، القانون الدولي الخاص الجزائري تنازع القوانين، دار هومة، الجزائر، طبعة 2002، ص 188.
([5]) الهداوي، حسن، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين المبادئ العامة والحلول الوضعية في القانون الأردني دراسة مقارنة، مكتبة دار الثقافة، عمان، 1997، ص196، الهامش رقم 1.
Vor aussi: Pierre MAYER, droit international privé, 5ème, édition, éditions, Montchrestien, E.J.A, paris, France, 1994, Nْ268,P178 et s.
([6]) الدحدوح، سالم، المرجع السابق، ص105.
([7]) الشاذلي لطفي والغزواني مالك، مجلة القانون الدولي الخاص عربية – فرنسية – إنقليزية معلق عليها، (بدون رقم طبعة ودار نشر)، تونس، 2008، ص438.
Réné SAVATIER, cours de droit International privé, paris, Nْ 324. ([8])
([9]) الهداوي حسن، مرجع سابق ص196.
([10]( بلقاسم، إعراب، القانون الدولي الخاص الجزائري تنازع القوانين، دار هومة، الجزائر، طبعة 2002، ص187.
([11]) العبودي، عباس، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية دراسة مقارنة طبقًا لأحكام القانون الدولي الخاص المقارن وأحكام القانون العراقي، مكتبة السنهوري، (بدون مدينة وسنة نشر)، ص221.
([12]) الدحدوح، حماد، مرجع سابق، ص 109.
([13]) سليمان، علي، مذكرات في القانون الدولي الخاص، الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، (بدون سنة نشر)، ص161.
([14]) ينظر في هذا المعنى عباس العبودي، مرجع سابق، ص222.
(([15]خربوط، مجد الدين، القانون الدولي الخاص تنازع القوانين، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية، حلب، 2008، ص 175.
([16])سليمان، علي، مرجع سابق، ص161.
([18]) ينظر في هذا المعنى الهداوي، حسن، مرجع سابق، ص198.
([19]( صادق، هشام، دروس في القانون الدولي الخاص، ط.1، الدار الجامعية للطباعة والنشر، لبنان، (بدون سنة نشر)، ص161.
([20]) خربوط، مجد الدين، مرجع سابق، ص 176.
([21]) الدحدوح، سالم، مرجع سابق، ص118.
([22]) ينظر في هذا المعنى خربوط، مجد الدين ص174.
([23]) ينظر في هذا المعنى إطوبان، عزيز، القانون الدولي الخاص القسم الثاني تنازع القوانين، (بدون دار ومكان نشر)، 2017، ص55.
([24])الدحدوح، سالم، مرجع سابق، ص108.
Pierre MYAER, op. cit., Nْ269, P279. ([25])
([26]) البستاني سعيد، القانون الدولي الخاص، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، لبنان، 2004، ص187.
([27]) حداد حفيظة، الموجز في القانون الدولي الخاص ، الكتاب الأول ، المبادئ العامة في تنازع القوانين، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان،2005، ص316.
([28]) الشاذلي لطفي و والغزواني مالك، مرجع سابق، ص439.
([29]) زمزم، عبد المنعم، الوسيط في القانون الدولي الخاص، دار الثقافة العربية، (بدون مكان نشر)، 2015م، ص188.
([30]) حكم جناحي عدد 9672، المحكمة الابتدائية بسوسة، جلسة 24 نوفمبر 2001، الشاذلي لطفي والغزواني مالك، مرجع سابق، ص442 وما بعدها.
([31]) غصوب عبده، دروس في القانون الدولي الخاص، الطبعة الأولى، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2008، ص185.
([32]( قرار الهيئة العامة في القضية رقم 1951 اضبارة رقم 7، جلسة 31/12/1951م، الهداوي، حسن، مرجع سابق، الهامش رقم 3، ص201.
([33]) ينظر الطعن رقم 37 لسنة 32 قضائية، جلسة18/10/1966م. والطعن الطعن رقم 28لسنة 33 قضائية، جلسة 19/1/1966م (غير منشور).
([34]) الشاذلي لطفي والغزواني مالك، مرجع سابق، ص 440.
([36])بلقاسم، اعراب، مرجع سابق، ص192.
([37]) الشاذلي لطفي والغزواني مالك، مرجع سابق، ص 440 وما بعدها.
([38])خربوط، مجد الدين مرجع سابق، ص180.
([39])الديب، فؤاد، القانون الدولي الخاص 2، منشورات الجامعة الافتراضية السورية، الجمهورية العربية السورية، 2018، ص 82.
([40]( ينظر صفحة 13، الهامش 4.
([41](بلقاسم، إعراب، مرجع سابق، ص197. وينظر في هذا المعنى أيضًا عباس العبودي، مرجع سابق، ص225.
([42])خربوط، مجد الدين، مرجع سابق، 182.
([43])سليمان، علي، مرجع سابق، ص165، مجد الدين خربوط، مرجع سابق، 182.
([44]( ينظر في هذا المعنى بلقاسم، إعراب، مرجع سابق، ص 198.
([45]) ينظر في هذا المعنى سليمان، علي ،مرجع سابق، ص 165.
(([46] ينظر في هذا المعنى خربوط، مجد الدين ، مرجع سابق، ص183 ومابعدها.